حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
غادة السمّان / شاعرة الحب والحرية - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: لغـــــــة وأدب (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=78) +--- الموضوع: غادة السمّان / شاعرة الحب والحرية (/showthread.php?tid=14234) |
غادة السمّان / شاعرة الحب والحرية - ابن سوريا - 10-25-2006 بعد الشكر للعزيز زيوس، اليوم. هذه مختارات من أشعار الأديبة السورية العظيمة "غادة السمّان". إذ أني أحس اليوم أني معتكفٌ في صومعة روعتها وجمالها وحرفها المعطاء الجزل. (f) غادة السمّان / شاعرة الحب والحرية - ابن سوريا - 10-25-2006 هاتف ليلي آه صوتك صوتك ! يأتيني مشحوناً بحنانك وتتفجر الحياة حتى في سماعة الهاتف القارسة. آه صوتك صوتك ! _ ويتوقف المساء حابساً أنفاسه _ كيف تستطيع أسلاك الهاتف الرقيقة أن تحمل كل قوافل الحب ومواكبه وأعياده الساعية بيني وبينك مع كل همسة شوق ؟! كيف تحمل أسلاك الهاتف الدقيقة هذا الزلزال كله وطوفان الفرح وارتعاشات اللهفة ومطر الهمس المضيء المتساقط في هذه الأمسية النادرة ؟! آه صوتك صوتك ! صوتك القادم من عصور الحب المنقرضة صوتك نسمة النقاء والمحبة في مدينة الثرثرة وأبواق السيارات الضحكة والنكات الثقيلة كالأسنان الاصطناعية مدينة بطاقات الدعوات إلى الحفلات وورقات النعوة وشركات التأمين مدينة المقاهي والتسكع والكلاب المرفهة وزيت الشعر والتثاؤب والشتائم وحبوب منع الحمل والسمك المتعفن على الشاطئ ... آه صوتك صوتك ! صوتك الليلي الهامس طوق نجاة في مستنقع الانهيار. آه صوتك صوتك ! مسكون باللهفة كعناق يعلقني بين الالتهاب والجنون على أسوار قلعة الليل... وأعاني سكرات الحياة وأنا افتقدك وأعاني سكرات الحياة وأنا أحبك أكثر. آه صوتك صوتك ! ترميه من سماعة الهاتف على طرف ليلي الشتائي مثل خيط من اللآليء يقود إلى غابة ... وأركض في الغابة اعرف انك مختبئ خلف الأشجار واسمع ضحكتك المتخابثة وحين ألمس طرف وجهك توقظني السماعة القارسة. آه صوتك صوتك ! وأدخل من جديد مدار حبك كيف تستطيع همساتك وحدها ان تزرع تحت جلدي ما لم تزرعه صرخات الرجال الراكضين خلفي بمحاريثهم ؟! آه صوتك صوتك ! وهذا الليل الشتائي يصير شفافاً ورقيقاً وفي الخارج خلف النافذة لابد ان ضباباً مضيئاً يتصاعد من زوايا العتمة كما في قلبي آه صوتك صوتك ! وكل ذلك الثراء والزخم الشاب تطمرني به وأشتهي أن أقطف لك كلمات وكلمات من أشجار البلاغة ولكن ... كل الكلمات رثة وحبك جديد جديد ... الكلمات كأزياء نصف مهترئة تخرج من صناديق اللغة المليئة بالعتق وحبك نضر وشرس وشمسي وعبثاً أدخل في عنقه لجام الألفاظ المحددة ! آه صوتك صوتك ! يولد منك الفرد والضوء والفراشات الملونة والطيور داخل أمواج المساء الهارب لقد احكمت على نفسي إغلاق قوقعتي فكيف تسلل صوتك الي ودخل منقارك الذهبي حتى نخاع عظامي ؟! آه صوتك صوتك ! واتوق إلى احتضانك لكنني مقيدة إلى كرسي الزمان والمكطان بأسلاك هاتف ومطعونة بسماعته ! آه صوتك صوتك ! وانصت إلى قلبي ... يا للمعجزة : انه يدق ! غادة السمّان / شاعرة الحب والحرية - ابن سوريا - 10-25-2006 أنت تركض كل لحظة فوق جبيبني مثل عقرب صغير أسود آه السعني اشتهي سمومك كلها انزف ظلماتك داخلي لأضيء ... وحينما يأتيني صوتك تمتلك جسدي رعدة خفية كدت أنساها آه صوتك صوتك صوتك الهامس الحار صوتك الشلال الذي يغسلني وأنا اقف تحته عارية من الماضي والمستقبل وقد شرعت أبوابي حتى آخرها ... إدخل !!! كالمخالب تنشب كلماتك في ذاكرتي ... كالسجناء نلتقي وعيوننا معلقة على الزمن الهارب _ العائم مثل طائرة ورقية يلهو بها طفل لا مبال _ كشجرة لبلاب جهنمية تنمو أيامنا حول أعصابي ... وتأتيني يا حبيبي تطالعني مهيباً لا يقاوم كسمكة القرش وأبحث بنفسي عن أسنانك كي أوسدها قلبي وأنام بطمأنينة الأطفال ... والمحتضرين .. غادة السمّان / شاعرة الحب والحرية - ابن سوريا - 10-25-2006 حوار مع رجل لا يُحصى من كتاب الابدية لحظة حب - أما زلتِ تحبينني؟ * لو كان حبي حنجرة لعمّ القارات نشيد الفرح لشيللر كما لحّنه بيتهوفن، ولتنهدت رئة الليل خلسةً على ارصفة الفوضى الباهرة. - ولكن حبكِ صار سوراً، واغتلتِ الحوار! * كيف احاورك والاصوات موصدة؟ انا بحاجة للانفراد بذاكرتي، لغاية في نفس "يعقوبة"، اتأمل ذكريات السنة القادمة، والعالم المبني للمجهول، وحين تمطر داخل محبرتي، اكتب زمننا الآتي بالأثير فوق الريح. - هل أحببتني ذات يوم، ذات أبدية دامت لحظة حب؟ * لا لوسامتك أحببتك، لا لنهريْ العسل واللبن في شفتيك، لا للجمر اللاهث في مواطئ قدميك، لا للموسيقى "التام تام" التي تقرع طبولها داخل دورتي الدموية حين تمسك بيدي فأغرق في ذلك العناق الملتبس الملّقب بالمصافحة. أحببتك لأني حين أخطو الى عينيك أمشي في غابات السر. - ما الذي شدَّكِ إليّ؟ * أحببت ازدواج شخصيتك. لم تكن لتتستر على حقيقة بدهية هي أننا جميعاً "الدكتور جيكل" و "المستر هايد" في آن وبدرجات متفاوتة، ثم انني لست افضل منك، وفي اعماقي قبيلة نساء يتعايشن بصعوبة! لعلي احببتك لأنك الغموض، لأنني لا اعرف من أنت، اعرف من ليس انت! احببتك لأنك الركض المستمر خلف شارات الاستفهام المشعة، لأنك الزلزال لا التثاؤب، لأنك رجل لا يُحصى، لأن الثلج لا يستطيع ان ينسى آثار خطاك حتى بعد ذوبانه، لأنك حقول تستعصي على الحصاد. لقد حلّق بي حبك ذات يوم وأصبت بدوار المرتفعات. ماساتي أنني لا ابوح بحبي الا بعد ان ينقضي. - هل تحقدين عليّ؟ * ها هي ايامنا تنمو وتزدهر بعد الفراق، وتتبدى مفاتنها عبر ثياب الذكريات. حبي لك لؤلؤة تقرّ بأنها كانت حبة رمل، قبل ان تغزل حولها ضياءك القمري. قبل حبك/ الطعنة، كان حرفي حبة رمل في صدفة منسية قرب قاع البحر. النسيان خيانة عظمى! - ألا تكرهينني؟ * ارتكبت الحياة والحرف ولم أعاقر الكراهية، لكنني اتقنت فن اللامبالاة. ثمة لحظات أركل فيها الكرة الارضية بقدمي ككرة قدم ولا أبالي، اراقبها تتدحرج على السلالم المظلمة لتدخل في مرمى الفتور. أقوم بدور حارس المرمى وأنا اتثاءب! - أكرر: ألا تكرهينني احياناً؟ * أكرهك دائماً لأنني احبك. ففي كل حب كبير مقدار هائل من الكراهية. - لماذا؟ * ربما كي يقدر المرء على ان يتعايش مع نفسه ونرجسيته، وربما من اجل بقائه، فلا حياة بلا حد أدنى من الحرص على الذات.. والحب تشجيع على نهب الحبيب لنا. - لماذا هجرتني؟ * لأنني احببتك كما انت بكل نجومك وثقوبك، وأحببتَ انتَ ما سأكون عليه بعد ان تُدْخِل تعديلاتك على تضاريسي الروحية، وتُدخلني في قوالب مزاجك، لقد احببتَ فيّ امرأة أخرى تريد ان تصنعها من "موادي الأولية" وعناصري. لقد زرعت مخبريك في شبكتي العصبية، ووضعت عداداً على دقات قلبي، وصرت تحصي عليّ اصواتي وأمواتي ومصابيح روحي وتذكاراتي. - وماذا في ذلك؟ ألم تكوني حبيبتي؟ * كنتَ مثل أحمق يحاول تعليم السنونو استعمال البوصلة، او يحلم بلعب دور مهندس الصوت داخل صدفة بحرية، او دور قائد الاوركسترا لسيمفونية الموج الجامح. الحب عندك مرادف للقفص لا الأجنحة! - وهل يدهشك ذلك؟ انا رجل شرقي حتى رؤوس شاربي وخنجري. * لم يعد ثمة ما يدهشني، حتى اذا جاءت فراشة ولسعتني كعقرب، كل شيء صار يبدو لي مألوفاً! - ولكنكِ أحببتِ أبجديتك أكثر من حبك لي... لماذا لا تعترفين بذلك؟ * الكتابة طوق نجاة، وحبك بحر الاخطبوط وسمك القرش. الكتابة مظلة ، وحبك عواصف مفاجئة. الكتابة آخر قوس قزح في جعبتي، وحبك سماء معبدة بالأسفلت. - ولكنك تقترفين أحياناً كتابة ما وراء الخطوط الحمر والاسلاك الشائكة المحرم تجاوزها. * ثمة فارق بين الكتابة بماء الذهب والكتابة بماء الروح! - ألا تخافين؟ * حين سقطتُ سهواً على هذا الكوكب، اكتشفتُ أن حقوقي لا تتعدى حق الأكل والشرب والإنجاب والموت، فقررت ان اضيف اليها حقي في الطيران، أكتبُ ... أكتبُ، وآخر الليل تتحول الورقة البيضاء فجأة على حقل شاسع من الثلج وأنا أنزف وحيدة في وسطها... ريثما أفرك القلم السحري ويأتي جنيُ الكتابة من القمم ليسامرني. - ألا تخافين الوحدة؟ * أخاف الرضوخ للخوف منها، لست مهجورة، لكنني هاجرة لكل من حولي ريثما اجد ابجدية تقنعني. - ألا تخافين الموت وحشةً؟ * لقد جربت الموت ولم يضايقني كثيرا.. ألا ترى انني سجينة داخل جثتي؟ وحده الموت يطلق سراحي، صلتي بموتي شبه ودية لا تخلو من الفضول من طرفي. اكرر: حين اموت، اوصيك ان تكتب على قبري :"هنا ترقد امرأة ماتت غرقاً في محبرة غادة السمّان / شاعرة الحب والحرية - ابن سوريا - 10-25-2006 أحبك أيها الغريب أيها المشرد بين القارات كسنونو اطلق الرصاص على الربيع ورفض كل يد تحتويه ورفض حتى غصنه وسكن في الريح وانطلق في الكون مثل كوكب يرفض حتى مداره ... أحبك أيها العريب وحتى حين تأتي إلي برقتك الشرسة العذبة وتستقر داخل كفي بوداعة طفل فإني لا أطبق يدي عليك وانما اعاود اطلاقك للريح واعاود رحلة عشقي لجناحيك _ وجناحاك المجهول والغرابة ... احبك وأطفح بالامتنان لك فقد حولتني من مسمار في تابوت الرتابة إلى فراشة شفافة مسكونة بالتوقد قبلك كنت أنام جيدا معك صرت أحلم جيدا قبلك كنت اشرب ولا أثمل معك صرت أثمل ولا اشرب معك نبتت اجنحتي وتطرزت أيامي بخيوط الشهوة الخراء وغسلتني امطار العنف والحنان المضيئة وأبحرت في مدارات اللاشرعية إلى كوكب التفاح الجهنمي والثلج الملتهب الملون كحريق في غابة !.. احبك أيها الغريب بضراوة السعادة وبرقة الحزن ... فأنا أعرف جيدا أن من يحب عصفورا على الشجرة يكتشف مدى قدرته على العطاء والتوهج ... لكنه أيضا يكتشف مدى قدرته على الحزن حين ترحل الشجرة بطائرها ! وأعرف أن رحيلك محتوم كما حبك محتوم ! وأعرف أنني ذات ليلة سأبكي طويلا بقدر ما أضحك الآن وأن سعادتي اليوم هي حزني الآتي ولكنني أفضل الرقص على حد شفرتك على النوم الرتيب كمومياء ترقد في صندوقها عصورا بلا حركة ! خذني اليك أيها الغريب يا من صدره نقاء صحراء شاسعة ... وعباءته الليل ... وصوته حكايا الأساطير ضمني اليك أنا كاهنة المغامرة وسيدة الفرح _ الحزن توأم ولنطر بعيدا عن مدينتهم وشوارعهم وكرنفالاتهم وغابة المهرجين والحمقى والطيور المحنطة ولننطلق معا مثل سهم ناري لا ينطفىء ها هو ذئب الفراق قابع في انتظار سقوطنا بين أنيابه إذا سقطت لن أشكو أو أتلو فعل الندامة ... المهم انني عرفت نشوة أن أطير اغامر ... وأطير وبك رفضت قدر ديدان الأرض !.. غادة السمّان / شاعرة الحب والحرية - ابن سوريا - 10-26-2006 يوم التقينا لأول مرة سألني : - ما اسمك ؟ - ما الفرق ؟ سمني ما شئت . - اسمك ؟ -ليس من صنعي .من اختيار أبي وتسجيل دائرة الاحصاء . أريد أن أمنحك حقيقتي . فليكن لي اسم نختاره معاً. - كم عمرك ؟ - النفسي أم الزمني؟ -أين ولدت؟ - لم أولد بعد .. خيل لي ذلك عدة مرات.. تملل شتمني بقسوة اذ قال لي : أنت مثقفة ! ! . ( من كتابات غير ملتزمة ) غادة السمّان / شاعرة الحب والحرية - ابن سوريا - 10-26-2006 رافعة علم نزواتي بلا حدود تحت الثلج الأسود لهذا النهار المسعور .. أعاهد الشيطان بأن لا أحب بصدق أبدا ... تحت المطر المسموم لهذا النهار المسعور أقف حاملة خطيئة الصدق كقتيل يحمل جثة قاتلة .. واصرخ تحت مسامير الرعد التي تصلبني : غفران أيها الشيطان ! أعدني إلى حظيرتك إلى النسيان والخدر واللامبالاة والضحك والفرح الأرعن ... واغفر لي أن عصيتك وأحببت بصدق وخرجت عن سراطك غير المستقيم وضعت في متاهة الحب الحقيقي !.. في الشوارع النازفة مطرا لهذا النهار المسعور أدور وأندف وأتساقط وأنتحب ندما على خطيئتي الكبرى خطيئة الحب الصادق .. فلتجرف المياه الموحلة الراكضة إلى المجارير ذاكرتي معها !.. ليغفر لي سيدي الشيطان الذي أطعمته دائما ومنحني سنوات من الجنون والشبق والفوضى ... وها أنا لأول مرة أخرج عن طاعته وأمنح بصدق واخلاص كجدول ... وها هي عجلات القسوة تدوسني أنا التي جئت حقل الحب عارية من أسلحتي ومن أظافري ومخالبي وأسناني المدببة وفي فمي صلاة ولمسة حنان .. عمدوني بماء النار وركضوا خلفي بالحصى كركض الأطفال خلف مجانين القرى .. من تحت خرائب الفرح لهذا النهار المسعور يطلع جسدي من جديد ويتكون .. ومن رماد الخيبة اتشكل ثانية وأنمو ... كل الذين ظنوا أنهم دفنوني واستراحوا يجهلون أنني أنهض دوما من رمادي وأركض كاهنة للشر الملون مضمخة بعطر دمي وجرحي شاهرة أظافري السود وجمر عيوني في وجه الليل والغربة والوحشة راجعة إلى حظيرة الشيطان الرحيم مؤدية لطاعته رقصة الشهوة المسعورة رافعة علم نزواتي بلا حدود مغتصبة أجمل الملاحين إلى جزري حيث مغاور اللوتس الأسود واللاعودة !... أرمي برأسي على فخذ الشيطان وأصرخ : خذني وامسح جرحي النازف بلسانك الثعباني وعمده باللعنة سبع مرات واغمد اصابعك السكاكين في صدري واستخرج قلبي المجرم بالحب الصادق واغمسه في مستنقعات اللامسؤولية سبع ليال وجففه تحت النجوم السود ولتمر به الساحرات منشدات حوله صرخات الشؤم ولتخرج الضفادع والحراذين والأفاعي والسحالي من أوكارها لتعمده بالسم والنقيق ليصير قلبا صالحا للعيش في هذا العالم غير الصالح ! وبعدها سأخرج من هيكلك حاملة على جسدي بكل فخر لعنات الرجال الذين خنتهم والذين سأخونهم !... والذين غدرت بهم والذين سأغدر بهم دونما ندم دونما ندم ودون أي حس بالإثم ساتابع رقصة الحياة الغجرية أنا الطاعنة المطعونة المشرعة عمرها لما يأتي رافعة علم نزواتي بلا حدود وبلا ندم بلا ندم في أيام مقبلة لا ريب بينما احيل قلوب الرجال حقولا للانتظار والنزوات المجنونة .. والدمع الأسود يتفجر من وقع خطاي كينابيع اللعنة واللذة الحادة كطعنات سكاكين تفرقع كالسياط على جدران معبدي أنا كاهنة الشر الملون في أيام كهذه مقبلة بلا ريب حين يمر اسمك في خاطري لن تدمع عيني ولا قلبي ولكنني سأشهق كسمكة أخرجوها من الماء وكوردة برية زرعوها فوق اسفلت شارع مزدحم !.. ها أنا أنساك ... أدمر هيكل الذكرى علي وعليك .. وأترك جثة الذاكرة مشلوحة لصقور الزمن تنهشها وتأتي عليها .. وأصنع من سواد عينيك حبرا لسطوري المتوحشة مرة كان حبك وكان حبك شراع مركب الفرح العتيق ورحيلا من نهر الظلمات والدم إلى جزر الدهشة وصحو مطر النجوم مرة حبك كان عبارة " ممنوع المرور " في وجه قاطرة الحزن حبك رغيفي في قحط التكرار والسأم ... كان حبنا وعلا جميلا كالحرية راكضا كسهم افريقي ملون لكنه حين دخل غابة اشكوك والنزق علق قرناه في أغصان الحزن الكثيفة ورغم كل المرارة التي ما يزال طعمها في فمي كالدم إثر لكمة متفجرة كانت هنالك لحظات في حبنا لحظات مضيئة عانقنا فيها الطفولة والفرح الفرح الفرح ومرت أيام ... صار بيتنا الزلزال واستحال حبنا إلى " هاراكيري " يومية ورسائلنا إلى مجزرة وصار حوارنا جلدا متبادلا بصواعق اللؤم وصار صوتك يخرج إلي من الهاتف مثل لسان أفعى تسكن سماعته !.. يلدغني واغفر ... على أمل أن تشاركني ثقل الليل على صدري ... وثقل الكرة الأرضية فوق رأسي ... واذكر أيامنا : مقهى وديعا أكل البحر أطراف أعمدته ... يهزه صفير قطارات الوداع المتلاحقة حين جاء صفير قطارنا كان لامفر ودعنا المقهى بصمت ودعنا الدرج العتيق بصمت ورحلنا عن ذلك الربيع البحري وفرغت الصدفة من لؤلؤتها وشرارتها وملأها الرمل والضجر والثرثرة الدامعة أتمدد على سريري وأتوهم أنني نمت وحين يغرق في النوم قناعي يستيقظ قلبي العاري يهرب مني راكضا في الشوارع كزعيق سيارة الاسعاف يركض قلبي العاري معولا مطلقا ساقي البكاء للريح ويغلق سكان الحي نوافذهم ويشتمون صوت العاصفة ... إنهم لا يعرفون أن العاصفة هي غبار القلوب المنطفئة ... إن العاصفة هي صوت قلب لم يثأر له !.. إن العاصفة هي صوت بكاء قلب بدأ ينسى ينسى ينسى وهو لا يريد أن ينسى لا تقل لي " ماضينا " معا و " مستقبلنا " ... ها أنا أنساك ... وحبيبي اسمه " الآن " " البارحة " و " الغد " كلمتان أطلقت عليهما الرصاص ولن أهاجر إلى الماضي لأعيش بك فالمهجر إلى الماضي كمحاولة الآقامة في قارة الاتلنطيد التي ابتلعها البحر منذ دهور ... والهجرة إلى المستقبل موعد غرامي فوق سهول القمر في " بحر الهدوء " عام 2020 ! الآن أو أبدا ... وها أنا أنساك ... غادة السمّان / شاعرة الحب والحرية - ابن سوريا - 10-26-2006 معك عرفت أن الأرض مسطحة !... يا غريب ... لاتصدقني حين أقول لك انني نسيتك ... وان صدرك لم يعد وكري وان عينيك لم تعدا أفقي وان غضبك لم يعد مقصلتي ... فقلبي مايزال كرة ذهبية تتدحرج على سلالم مزاجك وساحات الصحو والمطر في أيامك ... ولا تصدقني حين أقول لك : انتهينا .. وأرمي في وجهك كنوزي التي خزنتها كبخيل : رسائلك وموسيقاك وعقدا من الياسمين الجاف وقارورة عطر فارغة وشمعة نصف منتهية .. لأنني بعد أن تمضي ألملمها عن الأرض بشفتي وأغسلها بنبيذ أساي .. وأستحيل قصبة مثقوبة .. تصفر فيها رياح الندم .. مع كل فجر أعد نفسي للفراق كعروس تزف إلى حبيبها المرصود لها ... وبأحزاني أطعن وجه النهار وأعد نفسي للفراق وأقول لك انتهينا ... لكن حقل الجمر في وادي حبنا مايزال يغلي تحت الرماد ... وشوقي اليك ما يزال مثل طيور البحيرات يهب نحو ضفافك قبلك ! كثيرون .. ولا أحد بعدك ؟ انت !.. قبلك كنت امرأة تتثاءب بينما يقبلها رجل ... وتتابع برامج التلفزيون بينما يحتضنها ... قبلك كنت أحتضر ضجرا مثل نقطة داخل دائرة !.. معك استحال جسدي من صحراء قاحلة إلى عنقود من ضوء ... وصار قلبي غزالا وصارت أصابعي خمس فراشات .. معك وحدك انصهرت رقصت تناثرت استحلت جنية أسطورية عارية تركب حصانا عربيا أصيلا يعدو بها إلى فجر الفرح .. مخلفا مقبرة الماضي خلفه .. معك عرفت سكاكين الانتظار والهاتف الذي يجيء ولا يجيء ( الهاتف الذي ينشر الحب في المدينة كالزكام ) .. معك عرفت أغاني جنيات الشك والخوف من الزمن وكنت قبلك لامبالية كطاحونة هواء وشاردة كسمكة .. معك عرفت أن الأرض مسطحة لأنها ممدودة على طول جسدك وسريرك وتنتهي عند أصابع قدميك معك عرفت أن الأرض لا تدور .. وإنما تتكوم أمامي كقط وديع لاهث ... وحينما تبتسم تستحيل الأرض حلما شفافا وتعوم كالزورق فوق بحيرات قوس قزح ... معك عرفت كيف تستطيع الموسيقى أن تكون حفارة تفجر كل لوعة القلب المرهق .. معك صار جلدي القلق ووسادتي الوساوس ... من سقف الصمت يتدلى صوتك العاتب كالمصباح الشرس .. آه لا تعتب يا غريب .. ليس صحيحا أنني تسيتك .. لكنني كرهت أن أغسل فراقنا المختوم بالدمع وبقايا الكحل وألفه بكفن كلمات الوداع التقليدية لذا أشعلت فيه نيران الكبرياء ورميت برماده في البحر حفنة من الصمت واللامبالاة ... وها هو حبي ينهض من رماده ليحبك من جديد ... كيف تصدقني يا غريب حين أقول لك انني نسيت ؟.. وانني صرت استعرض أيامنا الماضية بحياد عالم آثار أمام رف في المتحف ؟.. كل تلك اللحظات المضيئة كالشموع هل يمكن أن تنطفئ إذا حاصرتها رياح الحزن ؟ كل تلك الأيام الجميلة مثل سرب من الأحصنة البرية انطلقت إلى الأبد في حقول ذكرياتنا .. وستظل تركض تركض داخل عيوننا وتمنع ذاكرتنا من النوم عما كان ... كيف تجرؤ على أن تصدقني حين أقول لك أن شرنقة النسيان نبتت حول تلك اللؤلؤة الوحشية السوداء التي كان اسمها حبنا ؟.. هل نسيت ارتجافي بين يديك مثل عصفور لم يتعلم الطيران بعد ؟.. وساعات الهمس ؟.. ومسحوق الجنون وسحابات انين المتعة ؟.. كيف تنسى ؟ وكيف تجرؤ على أن تصدقني حين أقول لك أنني نسيت ؟ وكيف كيف أغفر لك أنك صدقتني حين قلت لك أنني نسيت ؟... غادة السمّان / شاعرة الحب والحرية - ابن سوريا - 10-26-2006 ولأني أحب صار كل ما ألمسه بيدي يستحيل ضوءاً ولأني أحبك أحب رجال العالم كله وأحب أطفاله وأشجاره وبحاره وكائناته وصياديه وأسماكه ومجرميه وجرحاه وأصابع الأساتذة الملوثة بالطباشير ونوافذ المستشفيات العارية من الستائر ... لأني أحبك عاد الجنون يسكنني والفرح يشتعل في قارات روحي المنطفئة لأني أحبك عادت الألوان إلى الدنيا بعد أن كانت سوداء ورمادية كالأفلام القديمة الصامتة والمهترئة ... عاد الغناء إلى الحناجر والحقول وعاد قلبي إلى الركض في الغابات مغنياً ولاهثاً كغزال صغير متمرد .. في شخصيتك ذات الأبعاد اللامتناهية رجل جديد لكل يوم ولي معك في كل يوم حب جديد وباستمرار أخونك معك وأمارس لذة الخيانة بك. كل شيء صار اسمك صار صوتك وحتى حينما أحاول الهرب منك إلى براري النوم ويتصادف أن يكون ساعدي قرب أذني أنصت لتكات ساعتي فهي تردد اسمك ثانية بثانية .. ولم (أقع ) في الحب لقد مشيت اليه بخطى ثابتة مفتوحة العينين حتى أقصى مداهما اني ( واقفة) في الحب لا (واقعة) في الحب أريدك بكامل وعيي ( أو بما تبقى منه بعد أن عرفتك !) قررت أن أحبك فعل ارادة لا فعل هزيمة وها انا أجتاز نفسك المسيجة بكل وعيي ( أو جنوني ) وأعرف سلفاً في أي كوكب أضرم النار وأية عاصفة أطلق من صندوق الآثام ... وأتوق اليك تضيع حدودي في حدودك ونعوم معا فوق غيمة شفافة وأناديك : يا أنا ... وترحل داخل جسدي كالألعاب النارية وحين تمضي أروح أحصي فوق جسدي آثار لمساتك وأعدها بفرح كسارق يحصي غنائمه مبارك كل جسد ضممته اليك مباركة كل امرأة أحببتها قبلي مباركة الشفاه التي قبلتها والبطون التي حضنت أطفالك مبارك كل ما تحلم به وكل ما تنساه غادة السمّان / شاعرة الحب والحرية - العلماني - 10-26-2006 عشقي الأدبي الأول، لسنين طويلة ... (f) مع "غادة السمان" غادرت الأدب القديم وبدأت الاهتمام بالحديث. فكان حرفها لي درباً ومعبراً ورفيقاً وأنيساً وجليساً وسمر "كانون" وقيلولة "آب". معها استحالت الصفحات إلى أحاسيس مرهفة ومشاعر دافئة وأفكار تأخذك وتطوح بك وتحطك من علٍ ثم تبعثك من جديد. إيه يا "طارق"، "ذاك عهد من حياتي قد مضى" ذكرتنيه - ويحك - الآن، فأي نار قد استثرت؟ قد أعود، هنا أو في مكان آخر، كي أفي "أم حازم" بعض حقوقها علي. واسلم لي العلماني |