نادي الفكر العربي
فجيعة أخرى - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: لغـــــــة وأدب (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=78)
+--- الموضوع: فجيعة أخرى (/showthread.php?tid=2755)

الصفحات: 1 2 3 4 5 6


فجيعة أخرى - jafar_ali60 - 10-13-2008


لم أفق بعد ، ولم أستوعب بعد أنني فقدت أمي ـ هنا لا تليق الأوصاف ـ فليس هناك وصف أكبر وأعمق من كلمة أم ، اليوم إكتملت دائرة الموت وانا أتلهف لقراءة مقال الغالي " محمد طمليه" ، فجعت حين رأيت أن عزرائيل هو الذي كتب مقاله وإختطف إنسان لم ينل حقه من نزيفه اليومي

وهكذا بكل بساطة مات محمد طمليه

ولا عزاء للقلم


فجيعة أخرى - jafar_ali60 - 10-13-2008

9/9/2008)

* لست حزيناً الى هذا الحد. كل ما في الأمر أنني غدوت وحيداً بلا عائلة.. ووحيدا بلا أقارب.. ووحيدا بلا مأوى.

لست حزيناً الى هذا الحد, بل ان خسارتي سخيفة مقارنة مع خسارات الآخرين:

لقد خسرت »مجرد حياة« كانت عبئاً منذ ان قيل ان المولود ذكر, فزغردت امرأة زفت البشرى الى أبي في »الحاكورة«. واطلق احدهم رصاصة في الهواء, واكل رجال الحي لحما طبخته جدتي.

المولود ذكر, وباعتباره كذلك, فإن من العيب عليه ان يحابي دمعة خائنة ظل يمسكها طوال العمر. ومن العيب عليه ان يستسلم لوهن طارىء. ومن العيب عليه ان يسأل: أين أذهب?

لا تحزن, فثمة شاغر في الزحام, وثمة عتمة سوف لا يزعج سكانها الاصليين نزيل اضافي بلا ملامح, ثمة ضجيج سوف لا يفقد ايقاعه الرتيب باضافة نغمة نشاز ناجمة عن خطوات تائهة في ليلة ماطرة, وثمة فراغ يتسع للمزيد من الغبار الرخيص.

انا لا ألوم احدا, قد الوم نفسي لأنني لم ادرك, منذ البداية ان الحياة كذبة كبيرة.. او انها حيلة غير متقنة انطلت علينا بعلمنا.

سأنهض الآن, وسأحاول ان ابدو متماسكا, واذ سألني احدهم: أين تمضي? سأبتسم فقط...





محمد طمليه


فجيعة أخرى - حمزة الصمادي - 10-13-2008

استاذ جعفر

امتأكد من الخبر؟؟

الموضوع عليه تعتيم والا شو؟؟؟

هو الكاتب الساخر

سخر منا ومن وضعنا والان يسخر من الموت بابتسامه..........

اتعلم منذ ان اصيب بالسرطان وانا اتجهز لمثل هذا الخبر؟؟؟

ولكن لا ادري





فجيعة أخرى - jafar_ali60 - 10-13-2008


للأسف يا عزيزي حمزة ، الخبر صحيح ،

ولأن قامته أشمخ، ولأنه تجرع الفقر والعزة في مخيمات اللاجئين ، ولأن وجعه كان أكبر من الأرصدة ، فقد عاش بشموخ وكتب ما لم تكتبه الاوائل

وهذا هو الخبر

http://www.alarabalyawm.net/pages.php?news_id=120969


فجيعة أخرى - jafar_ali60 - 10-13-2008


(13/8/2007)

* وهكذا, ماتت أمي, فاجتمعنا نحن الأبناء لمناقشة الأمور وترتيب الأوضاع بعد رحيل امرأة صارمة كانت تدير حياتنا بأسلوب غير متمدن ويخلو من الشفافية: اجتمعنا في الغرفة التي كانت تنام فيها, وكان ثمّة ساعة دائرية على الحائط أمامي, فقررت أن أحصل على هذه الساعة, وأخذتها بالفعل.

وها قد مرت خمسة شهور على وفاة أمي, والساعة معلقة على حائط في بيتي الذي أقيم فيه بعيداَ عن العائلة, وإنني أستعين بهذه الساعة لمعرفة ما تبقى لي من وقت في حياة عشتها طولاَ وعرضاَ وغصباَ, وأنتظر أن تفرغ »البطارية«, وتفرغ »بطاريتي«..

* أتذكر أن لصاَ تسلل ذات ليلة ماطرة الى بيت فاخر لأثرياء كانوا قد ذهبوا في اجازة, والمكان خال, والحاجيات ثمينة ومتاحة, ولكن اللص حمل ساعة حائط فقط, وعاد بها الى بيته الذي تفصله عن بيت العائلة خمسون سنة, وها هو يستعين بالساعة لمعرفة الوقت الذي مرّ في حياة لم يعشها أصلاَ.0


محمد طمليه


فجيعة أخرى - jafar_ali60 - 10-13-2008


وهذه مقالته قبل الكفن ببدرٍ واحد ، بل هي الأخيرة ، ليلة العيد .


30/9/2008

محمد طمليه

* سأكتب عن الرونق والنظافة والنقاء والسماء عندما تكون في منتهى الزرقة. عن الهواء الطلق والماء الجيد. عن موجة منضبطة تستجيب اذا نودي الى مد او جزر في غير اوقات الدوام. عن زهرة برية لا يوجد لها اسم: عن اصابع الأطفال قبل ان تحمل سكيناً.

وقبل ان يتلوث الإبهام بإصفرار التدخين:

كانت »الحنفية« الوحيدة في الحي موجودة في بيتنا وبنات الجيران يأتين لأخذ الماء.

احداهن ابتسمت لي: اريد ان اكتب عن تلك الابتسامة.. الابتسامة الوحيدة التي حظيت بها وسط صفع مستمر, وركل دائم..

من منا يتذكر اول مرة تمادى فيها فخرج حبواً بعد العتبة, وأول مرة نام فيها خارج المنزل?

* من منا?

** اريد ان اكتب عن ذلك.


فجيعة أخرى - هاله - 10-14-2008

تحت أعواد المشانق


تدافعٌ في مهرجان انتخابي يودي بحياة العشرات...

هذا حديث عن الانتخابات: اعطني مرّة لم يحدث فيها تزوير وبطش. لكأن الحطابين يخرجون كل صباح الى الغابة الجرداء لاقتلاع شجر في البال لصناعة »صناديق اقتراع«, وتوابيت, و»أعواد مشانق«: اعطني مرّة لم يمت فيها احد.

وفي الغابة الجرداء وحوش: وحيتان برمائية, وغرباء يتدخلون في ما يُسمى »شأن داخلي«: هل يوجد في أي بلد عربي »شأن داخلي«? لا يوجد »شأن« اصلاً.

وهناك فرق بين ان »نُصوّت«, وبين ان »ندبّ الصوت«, ونحن »نصوّت« فقط. والأنكى أنهم يعتبرونه »عرساً ديمقراطياً: »عريسنا زين الشباب«. والعريس يتكرر هو نفسه في كل الزيجات, ونحن من المحيط الى الخليج حريم في »بيت طاعة« كبير.

و »بطاقات الدعوة« للعرس توُضع في »صناديق الاقتراع«. ثم يُولم للجميع, فيأكل الناس وعداً بمستقبل على شكل »شرائح في الفرن«, او »اسياخ« تحمل »فراريج« متكاتفة تدور امام النار في »شّواية دجاج«, وكلها تدور بذات الاتجاه الى ان تتحّمر جراء الصفع, فتؤكل لحماً, وتُرمى عظماً.

في ذمة الخلود يا ابن المخيم

:rose:


فجيعة أخرى - jafar_ali60 - 10-14-2008



محمد كعوش

"صديقي الغائب"..




14/10/2008

كان "الغائب" استثنائياً رافضاً للعادي ومتمرداً على المألوف لا يحب الرثاء ولا يتعاطى العزاء, لذلك يجب ان يكون الحديث عنه استثنائياً كي نرضي روحه ونحترم تجربته وابداعه وهو الذي هيمن على الكتابة الساخرة, كما يفهمها ذلك الناقد الروسي الذي قال: "الكوميديا هي ذروة التراجيديا"...

محمد طمليه كان احد اعمدة "العرب اليوم" وهو اليوم فقيدها, وقد اخترت أن اتحدث عنه باسم "الغائب" وهو عنوان رواية لفرانز كافكا, الذي كان احد افضل كتاب الألمانية ورحل شاباً وهو يحمل لقب رائد الكتابة الكابوسية, والذي كان يرعبه الفرح لأن حياته مليئة بالحزن والمعاناة...

أكتب عن "الغائب" محمد طمليه الذي غادرنا وهو يحمل كل اسباب الغياب, بعد مسيرة قصيرة غنية بالتجربة والمعاناة متميزة بفلسفتها وعمقها وابداعها, اكتب عنه ليس لرثائه أو تكريمه كما جرت العادة في تكريم المبدعين الكبار بعد رحيلهم, فهو حالة استثنائية, لذلك ساقول ما لم اقله بوجوده أو له, وما لم يسمعه في "العرب اليوم" أو خارجها في الساحة الثقافية..

لقد تابعت مسيرته منذ الحرف الاول حتى آخر كلمة قالها أو كتبها, فاكتشفت ان هذا المبدع الذي حمل "القلق الوجودي" كان شريكاً لمبدعين عالميين فعاشهم حياة وابداعاً وتمرداً ورفضاً لكل ما هو عادي ومألوف وروتيني... فهو مزيج من مبدعين عاشوا حياتهم الرافضة المتمردة الحزينة الطافحة بالعذاب والمعاناة والطفولة البائسة التي كللها الابداع في اسمى صوره...

اراه يقترب كثيراً باسلوبه الساخر ونقده اللاذع وتكثيف فكرته بالتفاصيل الدقيقة واختياره للكلمات ورشاقة الاسلوب وقوة النقد وحدته من انطون تشيخوف, اهم كتاب الرواية والقصص القصيرة والمسرحيات الساخرة الاجتماعية في روسيا. كما ارى فيه نزق وعبقرية وشاعرية وتمرد ورفض "آرثر رامبو" أهم شعراء فرنسا على الاطلاق, وهو الشاعر الذي تخلص من كل القيود الاجتماعية والروابط الشخصية المقدسة...

ومحمد طمليه لم يكن بعيداً عن رفض وتمرد وشاعرية الشاعر الاسباني الكبير لوركا, ولا بعيداً عن اجواء روايات وكتابات جون شتاينبك الذي عبر عن سخط ومعاناة العذاب الجسدي والروحي للطبقة العاملة في امريكا خلال فترة الكساد الاقتصادي في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي, والتي عبر عن شيء من قتامتها في روايته "عناقيد الغضب"...

صدقوني ان الكاتب الغائب هو مزيج من كل هؤلاء, وقد اختار الرحيل على طريقتهم فقد جمعهم التميز والمعاناة وربما المرض ووقت الرحيل واختيارهم الغياب في عنفوان الشباب تماماً كما هو فقيدنا طمليه تماماً...

المحزن ان زميلنا وصديقنا محمد طمليه لم يكمل مسيرته وتوقف في منتصف الطريق, فقد مات وهو يبتسم للموت, ولأنه كان مؤمناً بأن المشوار قصير ولا متسع لوقت اضافي اقدم على الحياة بجرأة, وكان يعتقد ان النوم وقت مقتطع فآثر طول السهر, ولكنه اكتشف متأخراً ان الوقت قد داهمه قبل ان يفرغ ما في نفسه ومخيلته من افكار وابداع وجمال ولوعة...

ففي زيارته الاخيرة, أو آخر زيارة له لـ "العرب اليوم" قال لي: لست خائفاً, ولكنني حزين, لأن ليس لدي الوقت الكافي لاكمال ما بدأت, اريد ان اكتب روايتي الجميلة...

ولكن الراحل الجميل قد "غاب" قبل ان يقول كلمته الأخيرة وقبل ان يكتب روايته ويروي حكايته التي تشكلت في ذروة التراجيديا... له الرحمة...وفي البدء كانت الكلمة... وستظل...


فجيعة أخرى - jafar_ali60 - 10-14-2008



طاهر العدوان

في وداع محمد طمليه




14/10/2008

يغيّب الموت محمد طمليه الكاتب والاديب والانسان الذي له اسمه ومكانته بين قراء "العرب اليوم" الذين احبهم, وحرص في اقسى لحظات مرضه وصراعه مع السرطان ان يخرج اليهم مع مطلع كل نهار بأجمل نص, في مقالته الموجزة المتفردة في اسلوبها وموضوعاتها, وتحسب احياناً انك امام ملخص لرواية كاملة في سطور قليلة واحياناً اخرى تراه يشيّد امامك مسرحاً فكرياً غنياً بشخوصه وموسيقاه الخاصة التي تلامس انبل ما في الانسان من مشاعر عن الحياة والناس.

في شخصية محمد طمليه صراع دائم مع كل ما يرمز الى الفقر, كان اميناً لماضيه, من ولادته وطفولته في الكرك الى ايام زياراته الى والده في بغداد, حيث اظهر وفاء للمكان, وحنينا دائما لطفولة قاسية في خضمّ حياة يعرف انها عاجزة عن ان تصل به الى طور الشيخوخة.

على التخوم الفاصلة بين نقيضين عاش طمليه حياته القصيرة وكأنه في صراع مع وحدانية متطرفة تكرس عزوبية يلفها الشقاء بمواجهة البحث عن "لها في طبيعة الحال" حيث اشغل بها قرّاءه وكأنها عالمه الوحيد الحقيقي .. وصراع آخر مع والدته حيث استحضرها في كتاباته الى جانب "ابو العبد" و"ام العبد" وغير ذلك من سلسلة ابطال نصوصه الذين لم تفارقهم روح السخرية العميقة من كل شيء بمدلولات اجتماعية وسياسية وانسانية.

لم يكن محمد طمليه منشغلاً برواية حكايات الآخرين, كان يروي للقراء حكاية ذاته وهمسات روحه وانشغالات فكره وعواطفه, لكن ما يميزه انه امتلك القدرة في تحويل مقالته بلغتها البسيطة والمعقدة في آن, الى مجموعة من الصور التي تتسلل الى خيال القارئ وبما يكفي لكي يشعر بان الحياة الدنيوية ليست الا مجرد هذه التفاصيل الصغيرة والهامشية, من حبال الغسيل على الاسطح الى الجلوس على رصيف مقهى فارغ يراقب المارة باحثا عمّا يشغله ويشغلهم.

ما هي الحياة وما هو الموت, اسئلة ينشغل بها الاحياء كما انشغل بها الراحل محمد طمليه في كتاباته الاخيرة فيما كان ينتظر بجَلَد غير عادي لحظة العبور الحتمي الى اليقين.

لا نملك في يوم رحيله غير كلمات الحزن والوداع, وما يعزّي اسرة "العرب اليوم" وقراء الصحيفة بفقدانه انه كان له وسيبقى مكان محفوظ في مسيرتها, وله من الوفاء منا ومن زملائه ومحبيه ما يكفي لتكون ذكراه ماثلة في الساحة الادبية والصحافية الاردنية, وسنذكره دائماً علماً من اعلام النص الادبي الساخر, ومن كتاب العمود الصحافي المتميز وخير ما نفعله في هذا الوقت الدعاء لله بان يتغمده بواسع رحمته.0







فجيعة أخرى - jafar_ali60 - 10-14-2008


ماذا أضاف محمد طمليه إلى الأدب الساخر؟













14/10/2008

العرب اليوم - آيه الخوالدة

تميز الراحل محمد طمليه وأبدع في مجال الأدب الساخر الذي يعتبر من أكثر الكتابات الأدبية نجاحا, كونها مطلوبة من الجماهير والنخب الثقافية والسياسية, وكُتابها متنوعون من دون تقليد, وكل واحد منهم تمكن من ابتكار قاموسه وضحكته الخاصة. يخاطب قلب القارئ, وبوساطة الابتسامة يورطه في تبني وجهة نظره.

يصعب على المبدع ان يجمع ما بين الحزن والفرح, إلا أن طمليه تمكن من جمع أكثر من ذلك فقد قارب ما بين الأمل والخيبة وما بين الروح الساخرة الناقمة والروح الفرحة الحزينة. كتب للجميع ولم ينس أحدا, كتب عن أمه التي فارقته مبكرا وعن إخوته وجارته أم العبد ولم ينس ذكر الممرضين والأطباء الذين اشرفوا على علاجه. كتب عن الرونق والنظافة والنقاء والسماء والهواء الطلق والماء الجيد وعن موجة منضبطة تستجيب إذا نودي إلى مد وجزر في غير أوقات الدوام.

يرى الكاتب والصحافي طلعت شناعة بان:"محمد طمليه يعتبر نفسه غير ساخر, إلا انه كاتب لدرجة مؤلمة جدا, وأنا على معرفة به منذ عشرين عاما, إذ تزاملنا في رابطة الكتاب, وكنا أعضاء في لجنة القصة وزملاء في صحيفة الدستور. هو كاتب ساخر بطريقة مختلفة عما هو سائد في معظم الذين يدعون أنهم ساخرون, يكتب الجملة الأدبية الراقية وينتقد الواقع بشدة وبطريقة لاذعة وقاسية جدا, إذ يكاد أحيانا أن يحمل المطرقة بين يديه ويدق رأس هذا الواقع الذي يظن بأنه سلبي".

ويضيف شناعة:"مشكلة محمد طمليه انه بعثر حياته بالصعلكة التي كان يراها تميزه عن الآخرين, لكن هذه الصعلكة سلبت منه أشياء كثيرة أهمها الصحة, ويعتبر طمليه قيمة أدبية لا تعوض ولا تتكرر, تركت بصمتها الواضحة. وشهدت فشل جميع من حاولوا أن يقلدوه بإتباع نفس سلوكياته, من دون أن يملكوا من موهبته شيئا. تأثر طمليه كثيرا بالأدب الروسي, إذ كان يستقي معظم مقالاته من أحداث وردت في تلك الروايات. كما تميز بلغته الجيدة وأسلوبه القصصي القصير في الكتابة, إذ لم تتعد مقالاته يوما عن المئة كلمة. إذ كانت تأتيه الأفكار مباغتة ويسرد فيها شرائح المجتمع جميعها ويستجد أفكاره من أحداث الشارع. كما لم يكن يهتم بالأضواء ولم يكن إعلاميا يسعى إلى الشهرة, فمن أصعب المهمات التقاط صورة له كونه لم يكن ليهدأ ويبقى في مكان واحد".

بينما أكد الكاتب والصحافي يوسف غيشان أن محمد طمليه لم يقدم إضافات للكتابة الأردنية الساخرة:"بل قام بتأسيس تلك الكتابة الأردنية الساخرة, إذ منذ زاويته (شاهد عيان) في الدستور ظهر مصطلح (كاتب ساخر 1983) وحمله طمليه وحيدا حتى بداية التسعينيات لحين السماح ببعض الديمقراطية ونشوء كتاب ساخرين من تحت عباءة طمليه..كنت أنا احدهم".

ويضيف غيشان :"طبعا نعرف أن الكتابة الأردنية الساخرة موجودة قبل طمليه في كتابات هاشم السبع منذ الخمسينيات وفي مقالات ملحس وفخري قعوار ومؤنس الرزاز وغيرهم..... لكن لم يتخصص بالكتابة الساخرة بشكل كامل ويحمل لقب الكاتب الساخر سوى طمليه اولا. إذ أن طمليه ابتكر أسلوبا عبقريا في التلاعب بالكلمات والجمل, لم يستطع اي منا تقليده أو الاقتراب منه, وهذا ما (أجبرنا) على ابتكار قاموس خاص بكل واحد منا, ربما لأننا عجزنا عن نسخ لغة طمليه, لكنه كان "فأل خير" علينا جميعا, إذ رغم بعض التداخلات والتشابكات القليلة,إلا أن كل كاتب أردني ساخر يحمل بصمته الخاصة, ويعود الفضل إلى لغة طمليه التي يصعب تقليدها".

ويوافق الكاتب احمد أبو خليل ما صرح به يوسف غيشان عن كون محمد طمليه أول من أسس الأدب الساخر, حيث يقول:"محمد طمليه حالة خاصة من الإبداع, فهو لم يضف إلى الأدب الساخر بقدر ما أسس هذا النوع من الكتابة, فقد ابتكر شيئا خاصا به لم يستطع احد أن يقلده. لقد كان يرفض أن يسمي كتاباته "ساخرة" وربما يكون محقا, إنما هو من دون شك أسس صنفا خاصا من الكتابة الأدبية, والمادة الصحافية التي يكتبها مختلفة تماما عن البقية".

ويضيف أبو خليل:"يقبل الناس على قراءة كتاباته كونها تعالج شؤون الفرد الشخصية بشكل رئيسي, إذ يدور بلغته الخاصة عن كل ما يمكن أن يواجه الفرد في حياته الاجتماعية اليومية. وينفرد عن غيره من الكُتاب بأنه يفصح عما في داخله بكل صراحة وان كان هذا الشيء خاصا جدا, ولهذا يقبل الناس على قراءة ما يجدونه صعب الإفصاح عنه, كما أن طمليه يقدم كل هذا بطريقة ذكية تصل إلى القلب مباشرة".

يرى الكاتب والصحافي احمد حسن الزعبي بان:"محمد طمليه شق طريقه الخاص به والمختلف عن بقية الكتاب الساخرين, وهو الذي يصر إلى الان بأنه ليس كاتبا ساخرا, وانه بقمة الجدية. تتسم مقالاته بمرارة التجربة التي يمر بها مع المرض, والفلسفة والبعد الإنساني, وقد تأثرت تلك المقالات بحالة الفقر التي كان يعيشها".

ويضيف الزعبي:"امتلك طمليه لغة ساحرة ساخرة في نفس الوقت, وأضاف الكثير إلى الكتابة الساخرة العربية, إذ أن له أسلوبا خاصا في دخول الحكايات والمواقف بفلسفة خاصة به, لا احد يستطيع أن يجاريه فيها".

أما فيما يتعلق بإقبال الناس الشديد على قراءة مقالاته, يقول الزعبي:"تحتوي مقالاته على صور رائعة وفلسفة تحاكي الإنسان البسيط, مفارقات جميلة من واقع الحياة, قصيرة ومؤلمة كوخز الإبرة. جمال يأسر القارئ, فيوميا هناك قصة تروي معاناته مع المرض".

الجدير ذكره أن محمد طمليه احتل عام 1983 أول زاوية ساخرة بعنوان "شاهد عيان" في صحيفة الدستور الأردنية, ومن إصداراته القصصية: جولة عرق ,1980 الخيبة ,1981 ملاحظات على قضية أساسية ,1981 المتحمسون الأوغاد ,1984 يحدث لي دون سائر الناس 2004 بالتعاون مع الرسام عماد حجاج, وإليها بطبيعة الحال .2007