حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$archive_pages - Line: 2 - File: printthread.php(287) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(287) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 287 eval
/printthread.php 117 printthread_multipage
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: المدونــــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=83)
+--- الموضوع: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول (/showthread.php?tid=6939)

الصفحات: 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17


RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 09-24-2009

إنّ الـحـاكـم الـعـربـيّ لـيـس حـالـة ً اسـتـثـنـائـيــّـة ً فـريـدة .

و لا فـلـتـة ً مـن فـلـتـات الـزمـان .. و لا قـضـاء ً و قـدرا ً

و لا مـؤامـرة ً حــُـبـكـت فـي لـيـل ِ تـاريـخـنـا الـمـظـلـم .

إن َ هـذا الـحـاكـم نـتـاج ُ شـعـب ٍ عـربـيّ هـو بـحـدّ ذاتــه

حـالـة ً اسـتـثـنـائـيـة فـريـدة .. و مـؤامـرة حـَـبـَـكـت نـفـسـهـا

بـنـفـسـهـا , و لـنـفـسـهـا . دون خـيـوط ٍ و لا عـُـقـد ٍ و لا خـطـط .

إنّ خـروج هـذا الـحـاكـم .. مـن صـُـلـب هـذا الـشـعـب , و مـن ثــمّ

قـدرتــه بـبـسـاطـة ٍ عـجـيـبـة عـلـى اسـتـعـبـاد نـفـس الـشـعـب

و اسـتـطـاعـتـه بـسـهـولـة أكـثـر غـرابـة , أن يـبـقـى حـتـى اّخـر لحظة

فـي حـيـّـاتـه سـيــّـدا ً أوحـداً , اّمـراً نـاهـيـا ً . لا تــؤثــّـر فـيه

و لا بـمـوقـعـه .. لا مـتـغـيـّرات دولـيّـة و لا مـحـلـيـّـة .. و لا

كـوارث إنـسـانـيـّـة و لا طـبـيـعـيـّـة .. و حـتـى و هـو فـي

أقـصـى لـحـظـات ضـعـفـه يـبـقـى ثـابـتـا ً كـالـطـود لا يـتـزحـزح .

واثـق بـأنّ ثــورات لـن تـقـوم . و جـيـاع لـن يـقـضـّـوا مـضـجـعـه

و مـظـلـومـيـن لـن يـرفـعـوا الـسـيـف فـي وجـه الـظـلـم و الـظـالـم .

إن كـل هـذا يـثـبـت بـشـكـل لا مـجـال لـلـشـك فـيـه أن الـشـعـب

الـعـربـي هـو الـفـلـتــة الـعـجـيـبـة , و هـو الـمـؤامـرة الأكـيـدة

و هــو قـضـاء ٌ و قــدرٌ قــد يـكـون حــَـلَّ عـلـى هـذه الأرض

كـمـكـافـأة لـِـمـَـن قــُـدّر لـهـم أن يـولـدوا بـيـنـنـا لـيـُـصـبـحـوا حـكـّـامـاً .


أو ربـمـا كـان عـقـابـاً لـهـم . فـلا أعـتـقـد أنـنـا نـصـلـح بـحـالـتـنـا هـذه لأن نـكـونَ


مـكـافـأة . بـأي حـال مـن الأحـوال . .. هـذا .. و إلـى أن يـثـبـت الـعـكـس .


ــ يـُـخـيــّـل إلـيّ أحـيـانـاً و بــثـقـة مـفـاجـئـة أنـي سـأعـيـش

حـتـى ذاك الـيـوم الـذي سـأتـنـفــّـس فـيـه هـواء الـحـريـّـة

الـنـقـيّ . الـخـالـي مـن أيّ شـائـبـة . أنـا و كـل أبـنـاء هـذا

الـشـعـب الـعـربـي الـمـخـنـوق مـن الـمـحـيـط إلـى الـخـلـيـج .

دون ظـلـم و لا فـقـر و لا تـعـصـّـب و لا طـائـفـيـّة و لا خـوف

و لا قـهـر . و لا اسـتـعـبـاد و لا عـنـصـريـّـة و لا نـصـب

بـاسـم الـشـعـب و باسم الحاكم و باسم الله .

لـكـنـي مـا أن أبـلـغ " الـنـشـوة " فـي الـفـكـرة ذاتـهـا , حـتـى

أعـود إلـى رشـدي لأدرك أنّ مـا مـن إنـسـان ٍ عـاش لـخـمـسـة

اّلاف عـام ... أو تــزيــد .

تـحـضـرنـي الاّن قـصــّـة كـنـت قـد اسـتـشـهـدت بـهـا فـي مـقـال

قـديـم و لا بـأس مـن إعـادتـهـا هـنـا فـكـل مـقـامـاتـنـا و مـقـالاتـنـا

تـوصـل إلـى نـفـس الـعـِـبـَـر :

يــُـقـال أن رجـل عـربـي اسـمـه " جـبـر " سـافـر إلـى بـلاد

بـعـيـدة لـيـزور قـريـب لـه كـان قـد أرسـل لـه دعـوة .

و هـنـاك خـرج يـتـمـشـّـى مـع قـريـبـه عـلـى أطـراف بـلـدة صـغـيـرة

خـضـراء جـمـيـلـة . و مَـرّا فـي طـريـقـهـما قـرب مـقـبـرة الـبـلـدة

فـنـظـر جـبـر إلـى شـاهـدة أحـد الـقـبـور و لـفـت انـتـبـاهـه مـا كـُـتـب

عـلـيـهـا : ( هـنـا يـرقـد فـلان .. ولـد سـنـة ألـف و تـسـعـمـائـة

و مـات سـنـة ألـف و تـسـعـمـائـة و سـتــّـيـن .. عـاش خـمـس

سـنـوات فـقـط ) .. ظـن ّ جـبـر أن فـي الأمـر خـطـأ كـتـابـيّ .

لـكـنـه قـرأ عـلـى شـاهـدة الـقـبـر الاّخـر : ( هـنـا يـرقـد فـلان

ولـد سـنـة ألـف و تـسـعـمـائـة و خـمـسـة و مـات سـنـة ألـف

و تـسـعـمـائـة و سـبـعـيـن .. عـاش عـشـر سـنـوات فـقـط )

و تـكـرّر الأمـر عـلـى الـقـبـور الأخـرى فـاسـتـغـرب جـبـر

و سـأل قـريـبـه عـن سـبـب هـذا الـتـنـاقـض .. فـأخـبـره

الـرجـل بـأنّ الـنـاس هـنـا يـحـسـبـون أعـمـارهـم بــِـعـدد الـسـنـوات

الـتـي عـاشـوهـا ســُـعـداء مـسـروريـن .. أمـا سـنـوات الـحـزن

و الـقـهـر و الـتـعـب فـلا يـحـسـبـوهـا مـن أعـمـارهـم أبـداً .

فــتــنــهــّـد جـبـر و قـال لـقـريـبـه : إذن خــُـذ وصــيــّـتــي

حـيـن أمـوت اكـتـبـوا عـلـى قـبـري :

(هــُـنـا يــرقــد جــبــر .. مــِـن ْ بــطــن أمــّـه لـلـقـبـر ) .

و فـي روايــة ٍ أخــرى لأخي جبران :

( مـن كـس أمـّـه لـلـقـبـر ).






جــو غـانـم


RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 09-28-2009

جذور الأزمات والحروب العبثية

GMT 01500 2009 الإثنين 28 سبتمبر



الحياة اللندنية

عرفان نظام الدين

مرة أخرى تعود الى الواجهة المشاهد الدامية والمرعبة للحروب الشعبية والأزمات المستعصية في الدول العربية والإسلامية وتزداد الشروخ عمقاً داخل الوطن الواحد والأمة الواحدة وحتى داخل الفريق الواحد والطائفة الواحدة والحزب الواحد.

فبعد أحداث نيجيريا الدامية وغيرها من الأحداث من المحيط الى الخليج وفي معظم الأقطار الإسلامية برزت أحداث دامية أخرى في اليمن ثم في قطاع غزة من دون أن ننسى السودان وباكستان وأفغانستان والعراق من تفجيرات واغتيالات ودمار واقتتال.

وأعود هنا الى الحديث عن دور الأزمات وصواعق التفجير بحسب وعدي في مقال سابق يحمل عنوان «صواعق التفجير واحدة عربياً وإسلامياً» فالواقع مختلف عن كل ما يقال ويعلن من الأطراف المتناحرة، والحقائق لا تتطابق مع الأبعاد والخلفيات والأسباب الحقيقية والتراكمات السابقة المجملة خلال عقود طويلة، فقد تعلمنا دائماً أن نبحث في كل حرب وأزمة وحدث عن الأسباب المباشرة والأسباب غير المباشرة، ففي أحداث اليمن مثلاً المباشر هو تمرد جماعة الحوثي وردات فعلهم على تعامل الحكومة معهم أما الأسباب غير المباشرة فهي كثيرة تعود الى التاريخ وشكل النظام والأبعاد الاقليمية والطائفية وغياب المشاركة والمحاسبة اضافة الى الأسباب الاقتصادية من تنمية وبطالة وفقر وتوزيع غير عادل للثروات وأسباب أخرى سأفصلها بشكل عام ينطبق على كل الأوضاع العربية والإسلامية.

وفي قطاع غزة، وفي رفح بالذات، لا تنحصر القضية بتمرد مجموعة منسوبة لـ «القاعدة» ولا بإعلانها قيام امارة إسلامية «مستقلة» بقوة السلاح واتهامها «حماس» بالتفرد والانحراف وحتى بالعلمانية، لكن الجذور تعود الى المأساة الفلسطينية بشكل عام وحرمان وظلم لأكثر من 62 عاماً وصولاً الى الصراعات الفلسطينية – الفلسطينية التي توجت بانقلاب حركة «حماس» على السلطة الوطنية وتفردها بحكم غزة. فمن أخذ بالسيف بالسيف يؤخذ ومن انقلب على غيره سينقلب آخرون ضده، ومن ينادي بمبادئ معينة لا بد أن يأتي غيره وينادي بمبادئ أكثر تطرفاً وتشدداً في ظل غياب الأمن وغطاء الشرعية وموضع الحق وشكله ووجهته وحقيقته وأحقية من يدعي أنه يملك ناصيته. فما جرى ويجري في غزة تراجيديا مضاعفة ومركبة لا يمكن لأي عاقل أن يصدق مجرياتها وحيثياتها. إخوة دم وسلاح وقضية يتحاربون ويتقاتلون ويتبادلون الاتهامات ويكفرون بعضهم بعضاً ويخوضون معارك عبثية يستخدم بها السلاح بشكل وحشي يتفوق على وحشية العدو قساوة... لأن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة...!

مسلسل الدم والعنف هذا يكاد لا ينتهي، ولن تتوقف حمامات الدم ما دامت الأمور تدار بمثل هذه الخفة، والقيادات، على اختلاف انتماءاتها واتجاهاتها تتحلى بمثل هذه العقلية المغلقة والموصوفة بالعدائية واللامبالاة وعدم الالتفات الى آلام الناس وأنين الأطفال وأوجاع الفقر والجوع والخوف والتشرد ومحنة خيبات الأمل... وضياع الحق والأمل بغد لا دمع فيه ولا دمار ولا قتال.

كل هذا يجري في ظل احتلال غاصب وظالم يقضم الأرض ويلتهم الحق ويصب الزيت على النار ويتفرج ويشمت ويضحك على مهازل تحمل اسم سلطة وهمية وحكومة تصريف أعمال وحكومة أمر واقع وامارة اسلامية في بلدة من قطاع من وطن محاصر ومقهور ومهدد في مصيره وكيانه وحاضره ومستقبله وشعب نصفه مشرد في ديار الشتات ونصفه الآخر يرزح تحت نير الاحتلال والظلم والفقر والضياع.

وما جرى في غزة واليمن جزء من كل، كما أشرت، نشهد يومياً مآسيه في عالمنا العربي والإسلامي من دون أن نرى بادرة أو ملامح أفق للحل، أو على الأقل لوضع اليد على موضع الداء وأصل العلل، تمهيداً لوضع الحلول ووصف الدواء والبدء بالعلاج وصولاً الى الشفاء المؤجل حتى اشعار آخر.

البعض يعلق كل مخازينا ومصائبنا وبلوانا على الاستعمار، وهذا جزء من الحقيقة لكن الحقيقة الكاملة نصنعها بأيدينا عبر الحروب العبثية واستيراد المبادئ من الغرب تارة ومن الشرق تارة أخرى وتطبيق أسوأ ما فيها مع القبول بدور الأداة والمفعول به دائماً من دون أن نأخذ المبادرة لمعرفة وسائل رد المطامع الأجنبية وتصفية رواسب الاستعمار لا بالشعارات والهتافات والمظاهرات وحرق الأعلام بل بالوحدة والبناء والعلم وتوحيد الصفوف. فالاستعمار لم يخرج من بلد إلا وترك فيه ألف صاعق تفجير أخذها أصحاب البلد وتقاسموها ليعبثوا به ويدقوا الأسافين في بنيانه. وما خرائط سايكس بيكو الخبيثة لتقسيم العالم العربي سوى صورة واحدة من صور المآسي والمضحكات المبكيات والتناقضات العربية. فمن جهة نهاجمها ونلعن أصحابها، ومن جهة ثانية نتمسك بحدودها ونشن حروباً للحفاظ ليها ورفض تجاوز خطوة واحدة مما رسمه الاستعمار البغيض.

والبعض الآخر يضع كل موبقاته وأفعاله المشينة ومبررات استمراره في السلطة وعدم شرعية قراراته ومواقفه على إسرائيل، وهذا صحيح جزئياً فإسرائيل قامت لتمنع وحدة العرب وتقطع أوصالهم وتهدد مصيرهم كل يوم وترسم خططاً للهيمنة على مقدراتهم وتهويد فلسطين والسيطرة على القدس والمسجد الأقصى المبارك لغايات في نفس الصهاينة، ولكن ماذا فعل العرب خلال 62 عاماً من الصراع؟... هل وحدوا صفوفهم وتخلوا عن مصالحهم الذاتية وأعدوا للحرب ما استطاعوا من قوة؟ هل اعتصموا بحبل الله جميعاً ولم يتفرقوا شيعاً وأحزاباً وطوائف وعشائر وكيانات لا حول لها ولا قوة؟

قبل أسابيع طرح أحد الكتاب الأجانب إشكالية مهمة تضع اليد على جزء من موطن العلة والداء وهي انحسار الشعور الوطني وغياب الوطنية والمواطنية لدى العرب واتجاههم الى التقوقع داخل شرنقة ملكيتهم الخاصة يحمونها ويجملونها ويحافظون على نظافتها ويعتبرون كل ما هو خارجها ملكاً سائباً لا علاقة لهم به فيرمون نفاياتهم فيه ويهمون في تشويه معالمه.

وهذا وصف بليغ لواقع مؤسف، والمؤسف أكثر اننا جميعاً نعرفه وندرك سلبياته، وحذرنا منه مرات ومرات من دون أن نسمع رداً أو نلمس اهتماماً كأنه لا حياة لمن ننادي. وأذكر للمناسبة أنني ركزت على هذه النقطة بالذات مع غيرها من النقاط في كتاب أصدرته بعد حرب الخليج (الغزو العراقي للكويت عام 1990) تنطبق على الواقع الحالي بكل تداعياته وآلامه وعنوانه: «حرب الخليج وجذور المحنة العربية».

فما جرى لم يكن وليد ساعته ولم يأت من العدم بل يعود الى جذور حقيقية عميقة للمحنة الأليمة وأسباب الانهيار وأبعاد الحالة الهدمية الراهنة. فنحن نقف أمام حالة انفصام في الشخصية العربية وصراع داخلي في نفس كل إنسان عربي وهو يرى ويتابع ويسمع ويتألم من دون أن يعطى الفرصة لفرض إرادته أو ليتمكن من المشاركة في الحل... أو على الأقل ليملك الحق بأن يرى في الأفق بارقة أمل عندما يجد من يطرح العلاج ويصف الدواء ويطرح التساؤلات المشروعة:

هل ما جرى ويجري جاء نتيجة تراكمات سابقة عانى منها العرب طوال العقود الماضية بسبب تغييب العقل وتحكيم الغرائز؟ أم بسبب الفردية والديكتاتورية والتسلط والتعصب؟ وهل تقع المسؤولية على الأنظمة والسلطات المستبدة، أم على الجماهير التي أهملت حقوقها ونسيت واجباتها وتخلت عن دورها في البناء والإصلاح والمساهمة في النشاطات الاجتماعية والفكرية والأبحاث العلمية والاستثمار الصحيح في المشاريع المنتجة؟

وهل ما نشهده ناجم عن السياسات الخاطئة واستشراء الفساد والهدر والتكاسل والتخاذل والتهاون والقبول بانتهاكات حقوق الإنسان والتمادي في الظلم والتحول الى الفردية والبحث عن لقمة عيش بلا كرامة أو الى وحش استهلاكي لا ينتج ولا يسمح له بالعمل المنتج؟ أم بسبب غياب الحكمة والتخطيط السليم والإعداد الجيد والمدروس للمستقبل مادياً وبشرياً وثقافياً واجتماعياً وعلمياً وتعليمياً واقتصادياً؟ أم بسبب الفقر والأمية والتخلف الفكري والسياسي وعدم حساب أي اعتبار لقيمة الإنسان واحترام آدميته وحقوقه وقدرته على العطاء وتهجيره من الغربة في الأوطان الى التغرب والهجرة في بلاد الله الواسعة تطبيقاً لمبدأ «الفقر في الوطن غربة والمال في الغربة وطن»؟ أم بسبب تدهور الأوضاع المعيشية وسيطرة المادة على عقول الجماهير وأخلاقياتها وممارساتها؟

أم أن كل ما جرى ويجري سببه عدم استيعاب الصدمات الحضارية وضياع العربي والمسلم بين ماضيه وحاضره ومستقبله وتخليه عن قيمه ومبادئه وأسس حضارته وتمسكه بالقشور بدلاً من الجوهر وبالفروع بدلاً من الأصل وانتفاء الانتماء الى الأرض والوطن والأمة الواحدة؟

هذه الأسئلة وغيرها لا بد من فتح باب حوار شامل حولها يشارك فيه رجال الفكر والسياسة والإعلام وأهل الاختصاص، كل في مجاله لمعالجة جذور هذه المحن التي نعيشها وتنهي دوامة الحروب والدمار والكراهية والأحقاد وشرور العنف والتطرف والإرهاب.

إنه حوار مطلوب الآن وبشكل ملح وعاجل لأن سيف التفتيت يضرب كل مفاصل الأمة ولم يعد يشفي غليله بها بل تسلل مع «حصان طروادة» أو بالأحرى «أحصنة طروادة» تحمل هويات عربية واسلامية لتفتيت وتقسيم الكيانات العربية من الداخل وتحويل الأوطان الى كانتونات طائفية وعرقية ومذهبية وقبلية وحزبية مبعثرة تحمل بذور الفناء وتفتح شهية المطامع لزرع مزيد من الفتن والحروب العبثية التي لا تنتهي، ومن يجري جردة حسابات لتطور الأحداث وتسلسلها يدرك جيداً حجم الأخطار على الحاضر والمستقبل...

وأي حل لا يبدأ بالحوار البناء لا جدوى منه على أساس المصارحة والمواجهة البناءة الصريحة لدفن علة الهروب من الواقع بكل ما يحمله من أمور كبيرة وصغيرة من حكم وسياسة وادارة وفساد وهدر وإعلام وثقافة وفكر وتربية وتعليم وحقوق وواجبات. فنحن نعيش الآن في عصر النعامة حيث يدفن كل واحد منا رأسه في التراب. فلا الدولة تواجه المواطن وتصارحه بالحقائق، حتى ولو كانت مرة، ولا المواطن يجابه المسؤولين بالواقع وينبه الى الأخطاء، ولا الإعلام قادر، أو مسموح له بالقدرة على ممارسة هذه المصارحة، ولهذا يهرب الجميع من المواجهة الى جلد الذات تارة والى الهجوم وتوجيه الاتهامات المبطنة تارة أخرى.

وحتى نكون موضوعيين يجب أن نبدأ بأنفسنا ليسأل كل واحد منا نفسه أولاً: هل أنت مستعد للتضحية من أجل الوطن والمواطن الآخر؟

وماذا قدمت أنت من تضحيات قبل أن تطالب غيرك بمثلها؟ وهل فكرت يوماً بوضع مصلحة وطنك وأمتك وإخوانك فوق مصالحك الخاصة؟ وهل أنت على استعداد للتنازل عن امتيازاتك أو بعضها أو عن جزء مما تملك لتحقيق مصلحة عامة؟

انها أسئلة مشروعة وملحة تحتاج الى ردود شافية لعلنا نقطع أول ميل من مسيرة الألف ميل بحثاً عن الحقائق وسعياً وراء حلول لعلل تنهش جسد الدول العربية والإسلامية وتنهكها بالحروب الدامية والخلافات وتقض مضاجعها بصواعق التفجير المزروعة في كل شبر من أراضيها.


RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 10-02-2009

القتلة في موقع الضحايا ؟!

GMT 11500 2009 الجمعة 2 أكتوبر



النهار اللبنانية

راجح الخوري

كيف يمكن الادارة الاميركية ان تظن لوهلة، ان في وسعها ان تتقدم ولو خطوة الى الامام في طريق التسوية السلمية في الشرق الاوسط، عندما يصل الانحياز في مواقفها الى اسرائيل الى درجة التزوير الفاضح للحقائق والوقوف الاعمى مع الجلاد ضد الضحية؟
كان مثيرا للسخط ان يقرأ العرب وغير العرب من الذين تابعوا فصول المذبحة الاسرائيلية ضد قطاع غزة، تعليق مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لحقوق الانسان مايكل بوزنر على تقرير القاضي الافريقي الجنوبي ريتشارد غولدستون، المعروف كواحد من ابرز الحقوقيين في العالم، والذي ترأس لجنة الامم المتحدة لتقصي الحقائق حول حرب غزة، فلقد كان تعليقا معيبا على الاقل لانه وصف تقرير غولدستون بانه "معيب جدا".
ومن المعروف ان غولدستون دعا الى احالة تقريره على المحكمة الجنائية الدولية، انطلاقا من الخلاصات التي توصل اليها وتؤكد حصول "جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية" ارتكبتها اسرائيل وحركة "حماس" في خلال الحرب الفوسفورية المدمرة التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة.


❐ ❐ ❐

توصية غولدستون لاقت ترحيبا اجماعيا في مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان فأيدتها دول عدم الانحياز والدول العربية والمجموعة الافريقية ومنظمة المؤتمر الاسلامي، ورفضها مندوب اسرائيل الذي وصف التقرير بانه "مخز ومنحاز".
لكن الخزي والانحياز سرعان ما برزا في موقف بوزنر، الذي لم يتوانَ عن التنديد، بالقاضي غولدستون وتقريره، رافضا "المساواة على الصعيد الاخلاقي بين اسرائيل الدولة الديموقراطية التي من حقها الدفاع عن النفس وحركة "حماس" التي ردت على انسحاب اسرائيل من غزة بترهيب المدنيين في جنوب اسرائيل"!
هكذا بالحرف ومن دون ان يرف جفن للديبلوماسية الاميركية و"لسانها" المكلف الحديث عن حقوق الانسان، والذي لم يتردد في الاشارة الى المعيار الاخلاقي في تلك الحرب - المجزرة، ومن منطلق ادانة الضحايا والتعاطف مع القتلة والسفاحين.
لا ندري في الواقع لماذا وجد بوزنر ان التقرير "معيب جدا" من دون ان يقدم اي تفاصيل، فقد قفز الى القول ان واشنطن تختلف مع المنهج الذي اتبع في اعداد التقرير ومع كثير من توصياته، بما يوحي فعلا ان واشنطن كانت في الاصل تعارض قيام مثل هذا التحقيق!


❐ ❐ ❐

واذا كانت تصريحات بوزنر ستثير المزيد من مشاعر الاستياء والكراهية ضد السياسة الاميركية في العالم العربي، فان موقف وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون سيعمّق هذه المشاعر لانها اعلنت ان واشنطن لن تتوانى عن قطع الطريق على التقرير بحيث لا يتحول من مجلس حقوق الانسان الى المحكمة الجنائية الدولية عبر مجلس الامن، حيث يمكن اسقاطه باستعمال حق الفيتو الذي لوّحت به واشنطن ضمنا!
ولا ندري لماذا ترتفع اصوات في داخل اسرائيل اقل انحيازا الى مقترفي المجازر ضد اهالي غزة، من الانحياز الاميركي. ففي حين دعت تسيبي ليفني الى "قيام اسرائيل بفحص نفسها لانها ليست في حاجة الى انتظار تقرير غولدستون لتفعل ذلك"، طالب رئيس مركز هرتسيليا البروفسور اورييل رايخمان، الحكومة بعدم اشاحة النظر عن تقرير غولدستون لانه "سيطاردنا في كل مكان. في الجامعات ومراكز حقوق الانسان وفي المحافل الدولية وسيكون سلاحا قادرا على إلحاق الاذى الشديد بصورة اسرائيل".


❐ ❐ ❐

وفي سياق تداعيات مذبحة غزة، كان يمكن اعتقال وزير الدفاع ايهود باراك في لندن، لولا اقدام الحكومة البريطانية على اعطائه الحماية الديبلوماسية، وهو ما دفع اسرائيل الى تشكيل لجنة تحقيق رسمية في ممارسات الحرب على غزة، وذلك لقطع الطريق على ملاحقة القادة الاسرائيليين في الخارج، لان القانون الدولي واتفاق جنيف يجيزان محاكمة مجرمي الحرب في حال غياب اجراءات قضائية نزيهة في بلدانهم.
ربما يأتي هذا في اطار المناورة الاسرائيلية، لكن محور المسألة هنا ان الكلام الاميركي ضد التقرير شكّل موقفا مطابقا تماما لبيان وزارة الدفاع الاسرائيلية، الذي قال ان غولدستون "قلب الحقائق وساوى بين ارهابيين متعطشين الى الدماء وضحاياهم الذين يستخدمون حقهم في الدفاع عن انفسهم". وهكذا عندما يصبح القتلة ضحايا في نظر تل ابيب وواشنطن، فمن اين ستعبر التسوية السلمية الى المنطقة؟


❐ ❐ ❐

انه سؤال جوهري يفترض ان يُطرح في مطابخ السياسات والحلول في واشنطن. لكن ما هو اهم من الاسئلة تلك الخلاصة العميقة التي وردت في كلام القاضي غولدستون وهو يقدم تقريره حيث قال: "ان ثقافة الافلات من العقاب تسود المنطقة منذ وقت طويل(...). وان الغياب الراهن للعدالة يقضي على اي أمل في عملية السلام ويعزز المناخ الذي يسهّل العنف".
المؤسف حقا ان ادارة باراك اوباما التي تجتهد لابرام التسوية لم تتوقف مليا امام هذه الخلاصة المهمة التي قدمها القاضي غولدستون.


RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 10-06-2009

لقاء التيّارين: احتمالات التفاهم عديدة والفجوة مع حزب اللّه كانت أكبر

ثمة تشابه كبير في سِيَر نواب تكتل التغيير والإصلاح وكتلة لبنان أولاً (بلال جاويش)ثمة تشابه كبير في سِيَر نواب تكتل التغيير والإصلاح وكتلة لبنان أولاً (بلال جاويش)
الكلام على تفاهم تيار المستقبل والتيار الوطني الحر يريح كثيرين، ويزعج كثيرين أيضاً. هذا التفاهم المفترض يبدو في نظر البعض واقعياً وحتمياً لتشابه المعنيين به، وفي المقابل يجده آخرون مستحيلاً لأسباب تتعلق بثوابت المعنيين به سياسياً واجتماعياً واقتصادياً

غسان سعود
يبدو أن العونيين والحريريين متفقون في هذه المرحلة على إشاعة أجواء تفاؤل بحتمية التفاهم بينهما. فغداة كل اجتماع عقد أخيراً بين الرئيس المكلف سعد الحريري والعماد ميشال عون، تبارى الاثنان في تأكيد الانسجام في النظرة إلى كثير من القضايا، والاتفاق على عناوين سياسية واقتصادية وإدارية (تتعلق بإدارة شؤون الحكم). ورغم تحفّظ الطرفين على الدخول في تفاصيل التفاهم المفترض قبل استكماله، فإن ثمة ضبابية في شأن ما يمكن أن يتفقا عليه، ويبدو واضحاً، سواء في تيار المستقبل أو في التيار الوطني الحر أو لدى من يتابع أخبارهما، أن ثمة وجهتي نظر:

■ أولاً: استحالة التفاهم

أصحاب هذه النظرية يرون أن التيار الوطني الحر بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان وورقة التفاهم مع حزب الله جعل من مواجهة تيار المستقبل قضيته المركزية، وعمد إلى تعبئة جمهوره تحت 4 عناوين هي: 1ـــــ ضرب تيار المستقبل للتمثيل المسيحي في الدولة عبر التنفيذ المبتور لاتفاق الطائف، وضرورة إجراء إصلاحات دستورية تعيد إلى الشراكة معناها وإلى المناصفة طعمها. 2ـــــ سير تيار المستقبل في خطة غربية وعربية لتوطين الفلسطينيين اللاجئين إلى لبنان. 3ـــــ مسؤولية تيار المستقبل عموماً والرئيس رفيق الحريري خصوصاً عن الدين العام، وضرورة محاكمة نواب المستقبل والمحيطين بهم. 4ـــــ تحالف تيار المستقبل مع أمراء الحرب، وتوفيره دعماً مالياً ومعنوياً منقطع النظير لهؤلاء بهدف ضرب حالة عون المسيحية، وبالتالي استمرار نهج رفيق الحريري خلال الحرب كداعم خفي للأحزاب المتقاتلة كي يحكم لاحقاً فوق أنقاض المتقاتلين.
وفي هذا السياق، لم يترك العونيون شجرة نخيل واحدة على طول الشاطئ البيروتي إلا صوّروها كرمز لتسلّل «الثقافة» السعودية إلى لبنان من البوابة الحريرية (علماً بأن بعض النخيل قرب الروشة عمره من عمر جدّ سعد الحريري)، ولم يتركوا نقل موظف مسيحي من مكان إلى آخر إلا جعلوا منه فضيحة عظمى، ولم يترددوا في حشد «الأدلة» ليؤكدوا أن تيار المستقبل ليس إلا الوجه الجميل من فتح الإسلام.
في المقابل، وجد تيار المستقبل، بعد انفراط عقد التحالف الرباعي وقيام تفاهم 6 شباط (بين الوطني الحر وحزب الله)، نفسه أمام تعقيدات طائفية لا تسمح له بأن يقول لحزب الله وحركة أمل ما يفكر فيه صراحة، فجعل أيضاً من مواجهة عون قضية مركزية لديه، واستحدث لهذه الغاية عناوين أضافها إلى خطابه السياسي، أبرزها: 1ـــــ توفير عون الغطاء لسلاح حزب الله، وقدرة الأكثرية على انتزاع هذا السلاح من قبضة السيد حسن نصر الله فور سير عون معهم. 2ـــــ انفتاح عون على سوريا في لحظة دولية تفرض عزل سوريا لا العكس، وتحوّله في نظر إعلام «المستقبل» وسياسييه إلى عميل سوري تجب محاصرته. 3ـــــ إصرار عون على الاقتطاع من صلاحيات «أهل السنّة» في الحكم عبر إعطائه بعض بنود الطائف تفسيرات كيفية، ومناداته بإدخال تعديلات على بنود أخرى.
إتفاق عون والحريري السياسي أسهل بكثير من تفاهمهما الاقتصادي

«الجنرال» يستنهض جمهوره لمواجهة المد المستقبلي ـــ السنّي و«الشيخ» يدق عشية كل استحقاق نفير خطر عودة المارونية السياسية

وعلى الطريقة العونية، اجتهد الحريريون في نشر صور عون مصافحاً الرئيس السوري بشار الأسد للدلالة على الخطر الذي يمثّله عون محلياً نتيجة ارتهانه للخارج، ولم تخلُ مقابلة لنائب حريريّ من الإشارة إلى تغطية عون لسلاح حزب الله وتوفيره المبررات لبقاء هذا السلاح حتى تحرير ما بعد بعد الجنوب.
ويشار هنا، عشية «تفاهم التيار الوطني الحر وتيار المستقبل على كثير من القضايا»، إلى أن الطرفين لا يظهران أيّ تغيير، سواء في استنهاض الجنرال جمهوره على مبدأ مواجهة المد المستقبلي ـــــ السنّي أو دق سعد الحريري عشية كل استحقاق بطريقة غير مباشرة نفير خطر عودة المارونية السياسية ممثّلة بعون. وفي التفاصيل، ثمة شياطين كما يقال. فقد أخذ التناقض مداه بين الحزبين في أوراق اعتمادهما التي قدّماها للشعب اللبناني عشية الانتخابات.
ففي برنامج الوطني الحر للحكم، لا يذكر القطاع الخاص إلا عبر إشارات هامشية جداً، فيما تبدو خلاصة برنامج تيار المستقبل الاقتصادي والاجتماعي أقرب إلى «الدولة في خدمة القطاع الخاص». ومقابل استفاضة الوطني الحر في تشخيصه لمشاكل القطاعات الإنتاجية والأهداف التي يسعى لتحقيقها في هذه القطاعات بعيداً عن الخصخصة، وخطواته لتحقيق هذه الأهداف، يتبيّن في برنامج المستقبل أن خلفية الاهتمام بالزراعة والصناعة والتجارة وحتى السياحة هي «إزالة المعوقات أمام نشاط القطاع الخاص وخفض كلفة ممارسته لنشاطه». وفي موضوع تحفيز النمو وخلق فرص عمل جديدة، يعطي الوطني الحر أولوية لإصلاح القطاع الزراعي، أما تيار المستقبل فيعطي الأولوية لجذب الاستثمارات.
ويرى أكثر من متابع أن اتفاق عون والحريري السياسي، على صعوباته، قد يكون أسهل بكثير من تفاهمهما الاقتصادي، كما يوحي عون أخيراً، لأن الجنرال، رغم كرهه لعبارة دولة الرعاية، يطرح منذ نحو ثلاثة أعوام مفاهيم اقتصادية واجتماعية أقرب إلى «دولة الرعايا» التي يؤمن تيار المستقبل بأن عهدها قد ولّى. فالتيار يطالب اليوم بتوفير رعاية صحية شبه مجانية لكل اللبنانيين، وبفرض التعليم الإلزامي والمجاني على كل اللبنانيين حتى سن الخامسة عشرة، وإنشاء صندوق بطالة. وفي السياق ذاته، يؤمن الوطني الحر بضرورة إنشاء وزارة تصميم، فيما يرى تيار المستقبل أن هذه الأفكار تنتمي إلى عهد بائد، ولا مبرر للنقاش فيها. كذلك فإن الوطني الحر مع حماية قطاعي الزراعة والصناعة وفرض رسوم حمائية، أما المستقبل فمع التحرير الكلي للأسواق. وأيضاً، فإن العونيين يؤيّدون النظام الضريبي المباشر التصاعدي الذي يستهدف أصحاب الثروات، أما الحريريون فيؤيّدون الضريبة على الاستهلاك التي تساوي بين الأغنياء والفقراء. فضلاً عن أن الوطني الحر يقدم في برنامجه أفكاراً كثيرة للحد من الهجرة وتسهيل عودة اللبنانيين لأسباب ديموغرافية ـــــ طائفية، أما تيار المستقبل فهو المسؤول عن تكريس اقتصاد التحويلات لبنانياً. والأهم، المستقبل يعدّ الخصخصة أيديولوجياً مُنزلة، أما العونيون فأظهروا في الممارسة، وخصوصاً في وزارة الاتصالات، أنهم مع إعطاء دور أكبر للوزارات، وأنهم مستعدون لخوض مواجهات جدّية على طاولة مجلس الوزراء لمنع الاتجار بأملاك الدولة.
كل هذه النقاط، إضافة إلى صعوبة سكوت العونيين عن شوق الحريريين الدائم إلى استغلال صناديق الدولة، تُصعّب التفاهم المنتظر، وتجعله، كما يقول البعض، مستحيلاً، بسبب تطلّبه تنازلات كبيرة على صعيد الثوابت الجديدة، في ظل غياب البديل. ويشير أحد المتشائمين في هذا السياق إلى أن العونيين نجحوا في هضم التفاهم مع حزب الله، رغم تعارضه مع بعض ثوابتهم المفترضة، لإيجادهم بالسرعة المطلوبة «عدواً» جديداً، ولم يتردد بعض العونيين في القول إن تفاهم 6 شباط هو الرد على «اجتياح 5 شباط».

■ ثانياً: حتمية التفاهم

أصحاب هذه النظرية يقولون إن عون فشل في استقطاب المسيحيين على مبدأ معاداة تيار المستقبل، فلم يقتنع المسيحيون بأن زرع بعض النخيل على المنارة يشير إلى نيّة الحريري أسلمة لبنان، ولم يصدّقوا أن الحريريين يلهثون وراء توطين الفلسطينيين، ولم يقتنعوا بأن تيار المستقبل يتحمّل وحده مسؤولية الأزمة الاقتصادية، وأن حلفاء عون كنبيه بري مثلاً هم أبرياء من أزمة الدين العام ولا تجوز محاسبتهم، وطبعاً لم يفهموا كيف أن حزب الله أكثر علمانية من تيار المستقبل.
في المقابل، يتابع هؤلاء، فشل الحريري أيضاً في أن يجعل من استعداء عون أساساً في بنائه لحيثيّته. فالسنّة لم يقتنعوا بأن زعامة عون المارونية هي التي تهدد نفوذهم في السلطة لا الشيعية السياسية، ولم يفهموا كيف أن ميشال عون سوري تفترض مخاصمته أما نبيه بري وأصدقاؤه فسياديّون يفترض التعاطي معهم بندية، علماً بأن أصحاب هذه النظرية ما زالوا في طور البحث عن نقاط تواكب الإيجابية التي تنبعث من لقاءات عون والحريري الأخيرة. ويمكن جمع أفكارهم المشتتة ضمن أربعة عناوين أساسية:
■ وجود قاعدة كبيرة لدى كلّ من التيار الوطني الحر وتيار المستقبل تتألف مما يعرف بالطبقة الوسطى، ووجود هموم مشتركة لدى هؤلاء لا يمكن مواكبتها إلا بتوحيد جهود عون والحريري، مع الأخذ في الاعتبار أن القول إن ركيزة العونيين هي البورجوازية الاقتصادية وإن تيار المستقبل هو تيار المال والثروة ليس دقيقاً، إذ تؤكد التجربة أن عصبية تيار المستقبل الأساسية تكمن في الأطراف والمناطق الفقيرة مثل عكار وباب التبانة وإقليم الخروب وشبعا وعرسال، فيما حاز التيار الوطني الحر أكبر نسبة أصوات مسيحية في قضاء عكار وأقل نسبة أصوات في الأشرفية، حيث يتركز حضور البورجوازية المسيحية التقليدية.
■ وجود تشابه كبير في سِير نواب تكتل التغيير والإصلاح وكتلة لبنان أولاً، وتنوّع متعدد الأشكال في بنية هاتين الكتلتين لا مثيل له في الكتل الأخرى. ويشار هنا إلى بروز علاقات شخصية حديثة بين بعض نواب التغيير والإصلاح ونواب من كتلة لبنان أولاً.
■ تشابه التحريك العوني والحريري الحذر لقضايا مثل العلمانية والدولة المدنية وفصل الدين عن الدولة، وتشاركهما في المقاربة ذاتها تقريباً لحساسية رفع هذه الشعارات في ظل واقعيهما المذهبي، وواقع البلاد، وامتلاكهما بالتالي جزءاً من مشروع مشترك يمكن البناء عليه لقيام الدولة القوية.
■ اعتزاز تيار المستقبل والتيار الوطني الحر بأنه لا ماضي ميليشيوياً لهما، وأن خزانهما الشعبي هو الجامعات، إضافة إلى تشابه معدّل أعمار مؤيّديهما، وبالتالي وجود مساحة مشتركة إضافية يمكن التعويل عليها.
ويضيف المعتقدون بحتمية التفاهم أن النقاش الاقتصادي، والبحث في تفاصيل برنامجي التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، سابقين لأوانهما جداً، وهما ليسا مشكلة أمام تقارب الوطني الحر والمستقبل، لأن جمهورَي الحزبين يتصرّفان بلامبالاة تجاه الحلول الاقتصادية للأزمة، والدليل أن عون انتقل عشية التفاهم مع حزب الله من يمين ليبرالية تيار المستقبل (الواضحة في برنامجه الانتخابي عام 2005) إلى يسار اليسار اللبناني (وذلك واضح في برنامجه الانتخابي الأخير)، ولم يخرج صوت عوني واحد يسائل عماد التيار أو يسأل عن ظروف هذا الانتقال من يمين اليمين إلى يسار اليسار، اقتصادياً.
في النتيجة، أمام عون والحريري عمل كبير لينجزاه إذا قررا التقدم في تقاربهما، وصولاً إلى التفاهم على نقاط مشتركة، وإذا أصرّ الحريري على تأليف حكومة انسجام سياسي واقتصادي. عمل لا يبدو صعباً إذا قارنّا بين الهوّة التي كانت تفصل التيار الوطني الحر عن حزب الله قبل 4 أعوام.

عون ــ الحريري: اللقاء السادس ينتظر «نتيجة سعيدة»

الاجتماع السادس خلال مئة يوم بين رئيس تجمّع الإصلاح والتغيير النائب ميشال عون ورئيس الحكومة المكلَّف سعد الحريري في منزل الأخير في وسط بيروت ظهر أمس، كان استكمالاً لما بدأه الاثنان في خلوتهما الخميس الماضي. عون يحاول إقناع الحريري بفتح صفحة جديدة من أجل التعاون، والحريري يسعى إلى إظهار أنه لا مشكلة شخصية مع عون، وخصوصاً أنه يدرك أن موقف الأخير من الحكومة سيكون له الأثر الكبير على موقف المعارضة الإجمالي.
وقد تكتّم قطبا اللقاء على إعلان أية معلومات جدية بشأن لقائهما الثنائي الذي استمر ساعتين، باستثناء تصريح عون بعد الاجتماع، الذي أشار فيه إلى استئنافه والحريري الحوارات في المواضيع التي أثاراها في المرة السابقة، واتفاقهما على نقاط عديدة، في انتظار نقاط أخرى تحتاج إلى البحث. وأكد عون أن ثمة لقاءات لاحقة، متمنياً الوصول إلى «نتيجة سعيدة». ورداً على سؤال، قال عون إن الاتفاق سيعلن كاملاً، لا بأجزائه، ملمّحاً إلى احتمال أن يكون اللقاء المقبل أوسع، أو مع غيره من قيادات المعارضة، عبر القول إن «اللقاء المقبل لن يكون على جهة واحدة، فهناك نوع من التداخل في اللقاءات. واللقاء معي يستوجب لقاءً مع آخرين لكي يتمكن الرئيس المكلف من أن يجمع الكل في تشكيلة واحدة».
ورداً على سؤال آخر بشأن استعداده للتنازل عن وزارة الاتصالات أو عن توزير الخاسرين أو عن عدد الوزراء الموارنة، أجاب الجنرال: «عندما تصدر هذه التعابير من جهتنا اسألونا عنها. لكن نحن لن نجيب عن أسئلة تصدر عن مخيلة الناس، فكل واحد يطرح السؤال على طريقته». ولفت عون أيضاً إلى أن «الوزارة لا تمثَّل من التيار الوطني الحر فقط أو من تكتل التغيير والإصلاح وكتلة المستقبل فقط. هناك أطراف آخرون، حتى ضمن كل كتلة سيتشاور معها رئيس الحكومة المكلّف، وانطلاقاً من ذلك حين تصل التشكيلة إلى صورتها النهائية ستعلن». «لكن ـــــ يتابع عون ـــــ يجب عدم استباق الأمور والقول إنه اتُّفق على نقطة معينة، فيما لا يزال لدى غيرنا مطالب، فهذا أمر فيه تناقض، ولا ينبغي أن نستمر في تبشير الناس بأمور إيجابية ثم نعود ونسحبها من التداول. لذلك يجب أن نقتصد بالكلام ونقول إن الحوار مستمر تمهيداً للتوصل إلى الحل النهائي». ورأى عون أن كل حكومة تقوم على برنامج أساسي وعلى تفاهم مسبق على المواضيع الأساسية، تكون حكومة قوية، «ليس فقط من خلال الأشخاص الموجودين فيها، لأنه قد يكون فيها أشخاص غير شعبيين، لكن وراءهم قوة سياسية تدعمهم شعبياً، وهذا المهم، إضافة إلى أن يكون فيها انسجام، فتكون كل الحكومة وراء رئيسها بموضوع معين، وحينها يقف وراءها كل الشعب اللبناني». وأكد عون أن الوصول إلى الانسجام يتحقق تباعاً.
لكنّ استمرار اللقاءات الإيجابية بين عون والحريري ليس وحده ما يحلّ المعضلات بين الموالاة والمعارضة. إذ يبدو أن المشكلة بين بري والحريري إلى تفاقم. وعلم أن الحريري لم يطلب حتى اللحظة أي موعد للقاء الرئيس بري أو معاونه السياسي النائب علي حسن خليل. وتتحدث المصادر عن فتور واضح في العلاقة بين عين التينة وقريطم، حيث يتعمد الحريري، على ما يبدو، عدم زيارة عين التينة أو حتى الاتصال بالرئيس بري. أما الأسباب، فهي «زعل» الحريري وعتبه على قرار الرئيس بري عدم تسمية الحريري في استشارات التكليف الثاني. وإذ ترفض مصادر الرئيس بري التعليق على هذا الفتور الواضح، تؤكد أنه في النهاية لا غنى للحريري عن التواصل مع رئيس المجلس النيابي، إن عاجلاً أو آجلا.
أما في ما يخص علاقة الحريري مع حزب الله، فإنّ الاجتماع الأخير بين الحريري والمعاون السياسي للسيد حسن نصر الله، الحاج حسين الخليل، كان ودياً وأخوياً، بحسب الأخير، ولم يجرِ التطرق إلى كل التفاصيل، لأن اللقاء جاء بعد انقطاع. ونفى الخليل ما تردد من معلومات تقول إن حزب الله طلب من الحريري تبديل أسماء الوزراء التي وردت في التشكيلة التي قدمها في التكليف الأول، إذ أكد الخليل أن النقاش لم يصل إلى مرحلة الأسماء بعد. كذلك رفض الخليل الإفصاح عمّا إذا كان قد ناقش موضوع الصيغة مع الحريري، وإن كان جازماً برفض أي صيغة لا تتطابق مع معايير حكومة الوحدة الوطنية.
ومن قصر بعبدا الذي زاره على رأس وفد الوفاء للمقاومة، أكد النائب محمد رعد «أن الأجواء عموماً في البلد إيجابية». وقال إن الوفد لمس لدى الرئيس ميشال سليمان «تفاؤلاً وإيجابية تجاه الوضع الحكومي. والأمور تحتاج إلى مزيد من المتابعة، عسى أن نلقى الثمار قريباً».
وكان الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، مايكل وليامز، قد نوه أمس بعد زيارته الحريري بالتقدم الذي أُحرز في موضوع تأليف الحكومة، مثنياً خصوصاً «على سياسة الحوار المفتوح التي تعتمدها مختلف الأطراف السياسية في البلد»، وأمل أن تكون جولة المشاورات الأخيرة مثمرة.

عدد الثلاثاء ٦ تشرين الأول ٢٠٠٩
مقالات أخرى للكاتب

* فريق عمل عوني ــ حريري يعدّ لتفاهم
* وراء كلّ نائب حلاق سابق أو حنان
* الأرثوذكس في الشام... انتخاب دون سياسة

إضافة تعليق جديد | إرسال إلى صديق | نسخة للطباعة
تابع دفن الشيخ زنكي ونزع الدبس عن الطحينه
أرسله طرابلسي (لم يتم التحقق) يوم ثلاثاء, 2009-10-06 03:53.

حيث ان أمرا كهذا لن يحصل في المستقبل المنظور فإن الحريري وعون بإمكانهما ان يناما مطمئنين.نستخلص من ذلك ان مايجمع الزعيمين اكبر بكثير مما يفرق بينهما.هذه الحقيقه لم
تخفى على من يطلق عليهم تسمية الكتاب الليبرالين في لبنان و دول الغرب الذين رأوا في تحالف عون مع حزب الله خروجا على مصلحة مؤيديه المسيحين.

اما خلاف الحريري وعون فمرده في الحقيقة الى محاولة من ينوبون في التفكير عن الحريري ويخططون له ان يشتروا دعم عون بثمن يراه الجنرال واركانه بخسا.تبقى مسألة ماورد في ادبيات الزعيمين السياسيه من نظريات ومواقف. في اعتقادي انه في بلد كلبنان لاتستأهل هذه الأدبيات الورق التي كتبت عليه وفي اية حال ما من احد يتذكرها او يذكرها غير المعلقين.اما المجموعة المستفيده فهي تعرف ماتريد وما تريده لا إعتراض لأي من الزعيمين عليه وما على الفقراء من الأتباع إلا الهوبرة والحوربه.
رد | إرسال إلى صديق
دفن الشيخ زنكي ونزع الدبس عن الطحينه
أرسله طرابلسي (لم يتم التحقق) يوم ثلاثاء, 2009-10-06 03:50.

تحية وشكرا للأستاذ سعود على مقالته بل قل بحشه الممتع والمفيد.في اعتقادي ان الكاتب اوجز الأمر حين قال بوجود قاعدة كبيرة لدى كل من التيار الحريري والتيار العوني تتألف مما يعرف بالطبقة الوسطى والهموم المشتركة بين اهلها.

كنت اتمنى ان يستخدم الأستاذ سعود كلمة اخرى عوضا عن كلمة طبقه.فلو كان في لبنان طبقة وسطى لكانت اوضاع البلد غير ماهي عليه اليوم.فالقاعدة الكبيره التي يرتكز اليها الزعيمين هي مجموعة من الأنتهازيين والوصوليين السابقين والجدد ممن خدموا ويخدمون كل من يتوسمون فيه مطية صالحة لتحقيق اهدافهم الخاصه والمشتركه.وسيان عندهم اكان المخدوم فلسطينيا او سوريا او فاشيا او اسرائيليا.

اما إشارته عن عصبية الحريري وعون في الأطراف والمناطق الفقيره فلا ت أثير لها على ما أبان سابقا.ذلك ان من يفتقرون الى المال في المناطق التي أشار اليها يفتقرون ايضا الى المقدرة على اتخاذ قرار مستقل فهم تابعون ورهن اشارة عدد قليل من افراد المجموعة إياها ممن يطلق عليهم تسمية المفاتيح الأنتخابيه ولو ان التسمية لاتفي حجم هيمنتهم على الفقراء في كل صغيرة وكبيره.

في بحث اجتماعي لها عن المجتمعات الفقيره تقول مضاوي الرشيد مامعناه ان هذه المجتمعات لاتنتج تغييرات سياسيه جذرية.فتغييرات كهذه وقف على مجتمعات تتنامى فيها المؤهلات والقدرات دون ان تجد لها مكانا تتصدر فيه صنع القرار.فعندما تشعر طبقة اجتماعية انها قادره فكريا ومؤهله ا جتماعيا و لكنها مهمشه سياسيا تبدأ بتنظيم نفسها وتحشد المجتمع خلفها لتحول السكون الى عاصفه.


RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 10-10-2009

ديمومة الأنظمة: بحث في أسباب المحنة العربيّة

يحلم زعماء العرب بالخلود. ينفقون الغالي والرخيص بحثاً عن عقاقير وأعشاب، ويستعينون بالمشعوذين للحصول على سرّ الخلود. كان مستشار أنور السادات، حسن التهامي (ذو الدور المشؤوم في العلاقة المبكرة مع إسرائيل)، يحضّر الأرواح ويشير على السادات للوقاية من الشرّ. وبعض منجمّي لبنان بنى قصوراً مقابل «تنبؤات» لهذا الحاكم أو ذاك. حياة واحدة من قمع شعوبهم لا تكفي، فيزيدون عليها بسلالات لتخلّد اسمهم. بعضهم حكمنا لعقود، والبعض الآخر لقرون من الزمن

أسعد أبو خليل*
الملك فهد بدأ باكراً في البحث عن الوقاية من المرض والاغتيال والمؤامرات. بلغه أمر ضاربة بالمندل، وأنها ماهرة. عجّل في استدعائها. باقي القصّة معروف: كيف أنها أشارت عليه باستحالة إصابته بصيبة العين إذا ما لازمه ابنه الطفل (آنذاك) عبد العزيز. لم يفارق جانبه في حياته، واستحدث له الملك وزارة الشؤون الوزاريّة كي يلازمه أينما حلّ. الخارجيّة البريطانيّة حاولت مرّة أن تعترض عندما أصرّ على أن يصطحب «عزّوز» إلى لقاء مع الملكة إليزابيت. ونعلم اليوم أن صدّام كان مثل «هملر» مأخوذاً بالسحرة والمشعوذين، وكيف كان مهووساً بأمنه الشخصي وبأمن ولديْه.
لكن ما سبب تعمير الأنظمة العربيّة وديمومتها؟ اللجوء إلى النظريّات الاستشراقيّة المُتجدِّدة عن «الاستبداد الشرقي» أو عن الاستثناء العربي أو عن تسلطيّة كامنة في الإسلام لا تفي بالغرض التحليلي، كما أنها باطلة من منظار علم الاجتماع. غرضها سياسي وهو تسويغ الدعم الغربي لأنظمة التسلّط العربيّة، ولرفع المسؤوليّة عن المُستعمِر. ويجب ألا نعزو سواد نظريّات الاستثناء العربي إلى الاستشراق الأميركي ــــ الإسرائيلي المبتذل (الذي لا يرتقي إلى مصاف الاستشراق الأوروبي الكلاسيكي الرصين والغزير العلم بصرف النظر عن مشاكله المنهجيّة والسياسيّة) فقط، بل هناك من يروّج في العالم العربي لفكر التنميط التعميمي عن العرب والإسلام: ما معنى الاستشهاد المُتكرِّر بكتاب عبد الله القصيمي «العرب ظاهرة صوتيّة»؟ وهل في الكتاب إلا خواطر وتعميمات إسقاطيّة فيها من إهانة العنصر العربي ما في الكتابات العنصريّة من إهانة العنصر الأفريقي؟ وكتاب عبد الرحمن الكواكبي «طبائع الاستبداد» خلافاً لابتذال الاستشراق يتقرّب من منهج علم الاجتماع الحديث لأن المؤلّف لا يحصره ببيئة أو بعنصر أو بشعب: على العكس، يحاول أن يتبع مبادئ علم السياسة السائدة آنذاك، وإن وسمت الكتاب نزعة نخبويّة من حيث إيلاء العلم والمعرفة أهميّة فائقة وكأنهما ضمان لانعدام الاستبداد (يقول الكواكبي إن الاستبداد والعلم «ضدان» ويصف «العوام» بـ«الجهل والغباوة» («طبائع الاستبداد» في «الأعمال الكاملة للكواكبي»، ص. 459) مع أن الاستبداد الألماني ساد في أمة متقدّمة في العلم والمعرفة.
يحتاج مروّجو تحليل استثناء «الاستبداد العربي» إلى مراجعة المؤلف الضخم لثيودور أدورنو الفذّ (وزملائه) عن «الشخصيّة التسلّطيّة» الذي بناه على دراسات ميدانيّة داخل الولايات المتحدة. تضمّنت الدراسة تسعة عناصر نفسيّة تجعل الشخص إذا كان حاملاً لها مطواعاً من ناحية الوقوع ضحيّة السيطرة التسلّطيّة. أي
نهاية الحرب الباردة وضعت حدّاً لآمال تغيير الأنظمة العربية عن طريق المؤامرات أو الانقلابات

إن منهج التحليل هو محض نفسي، وينطبق على كل المجتمعات، ولا يحصرها بواحد دون آخر، ولا ينزع نحو التعميم الثقافي والديني على طريقة كتاب «العقل العربي» أو كتابات الليبراليّين العرب السائرة على منهج رفائيل باتاي. وقد قامت القيامة في هذه البلاد عند صدور كتاب أدورنو عام 1950 لأن المجتمع الأميركي كان واقعاً تحت تأثير دعاية سياسيّة تؤكّد له أنه في منأى عن الوقوع ضحيّة لنظام تسلّطي. كان علماء الاجتماع الأميركيّون يصرّون على أن الاستبداد صفة للألمان أو الروس أو سواهم من غير الأميركيّين. خذلهم أدورنو، وسعوا لإثبات وجود أخطاء في الكتاب.
يجب البحث في الموضوع من منظار علم الاجتماع لنفسّر استمرار الحكّام العرب رازحين فوق صدور شعوبهم دون دعوات للضيافة. بتنا نحنُّ إلى عام 1949 عندما توالت ثلاثة انقلابات عسكريّة في سوريا وحدها. والانقلابات اليوم باتت معدومة إلا في موريتانيا. الأنظمة وجدت طريقة لتكون منيعة، ولتحصّن نفسها أمام المؤامرات. يجب في هذا الصدد التنويه بقدرات أجهزة الاستخبارات العربيّة التي تفشل في الفعاليّة ضد العدو لكنها تنجح في التسلّط وفي حماية الأنظمة من الخطر.
يمكن أولاً تصنيف ثلاثة أنواع من الأنظمة من حيث الديمومة: الصنف الأول هو صنف النظام المتوارث حيث تسود عائلات حاكمة. ويدخل لبنان جزئيّاً في هذا الصنف في بعض طوائفه (حيث تهيمن سيادة عائلات الزعماء، وبعضها ساد لقرون من الزمن). الصنف الثاني هو صنف الحكام المولودين من داخل نظام سابق، مثل تونس حيث وصل مدير الاستخبارات إلى الحكم من خلال انقلاب طبّي، أو مصر حيث خلف الحاكمُ حاكماً انتقاه، وهو بدوره كان مُنتقى (خطأ عبد الناصر الثاني الذي لا يُغتفر) من حاكم أسبق. الصنف الثالث هو صنف الأنظمة الجديدة التي تحاول أن تبني لنفسها سلالات جديدة، ويدخل فيها النظام السوري واليمني والليبي والعراقي (قبل 2003). وتنجح الأصناف الثلاثة في استحداث وسائل من أجل استقرار النظام وتوريث الحكم.
أما أسباب الاستمرار فهي متعدِّدة، ومنها:
أولاً، نهاية الحرب الباردة. كانت الحرب الباردة تسمح بمؤامرات تسهّل لأعمال انقلابيّة وتغيير للأنظمة. كان الانقلابيّون يستسهلون زيارة السفارة الأميركيّة أو السوفياتيّة في طلب المعونة لمؤامراتهم. كانت حدّة الحرب الباردة تفتح قابليّة القوتيْن العظمييْن أمام تغيير الأنظمة، إذا كان ذلك مضرّاً بمصلحة الخصم. كانت الحرب الباردة تشجّع أو تخطط لمؤامرات قلب الحكم.
ثانياً، إن الولايات المتحدة راضية تمام الرضى عن الأنظمة السائدة في العالم العربي، وهي تعتبر أن بقاء الأنظمة يساهم في الحفاظ على مصالحها. لهذا، فقد اكتشف وليد جنبلاط أنه حتى إدارة بوش لم تكن تسعى لقلب النظام في الشام. وهذا العامل قد يكون من أهم العوامل في تفسير أسباب استمرار الأنظمة العربيّة التي تتلقّى في معظمها مساعدات عسكريّة و (أو) ماليّة لضمان استمرارها. وقد ساهمت الأنظمة الغربيّة الديموقراطيّة في دعم الأنظمة التسلّطية عندما تتعرّض للقلاقل والهزّات (مثل السعوديّة أثناء انتفاضة الحرم أو الأردن في أيلول الأسود أو عُمان أثناء ثورة ظفار أو اليمن ضد الثورة في الشمال والجنوب اليوم).
ولا تسعى الولايات المتحدة إلى تغيير حتى تلك الأنظمة التي تختلف معها مثل السودان. فقد اكتشفت بعد حرب العراق (أو حتى قبل ذلك في وزارة الخارجيّة الأميركيّة قبل عهد بوش) أن تغيير الأنظمة العربيّة يجر الوبال غير المحسوب على مصالح أميركا، وإن منعتها المكابرة الإمبراطوريّة الأميركيّة من الاعتراف بذلك. ولا ننسى أن القوات الأميركيّة (المنتشرة في أكثر من 130 دولة حول العالم) موجودة بسلاحها وأجهزتها الاستخباريّة في العالم العربي (هناك قاعدة استخباراتيّة هائلة في دبي مثلاً وقد كُشف النقاب عنها صدفة في مداولات الكونغرس قبل ثلاثة أعوام عن قضيّة شركة «موانئ دبي» وما تبعها من مناقشة لدور دبي في حروب أميركا). والبحرين هي المقرّ الرسمي للأسطول الخامس، كما أن الولايات المتحدة أبقت عدداً غير محدّد من «المستشارين العسكريّين» بعد انسحاب قواتها الرسمي من السعوديّة. وعصابات الدحلان وقوى الأمن الداخلي في لبنان تلقى «رعاية» أميركيّة مباشرة.
ثالثاً، هذا النمو الهائل في البنية الاستخباراتيّة ــــ العسكريّة القمعيّة ساعد الأنظمة العربيّة في الاستمرار. كانت الاستخبارات العربيّة قبل عقود فقط تعتمد على مخبرين في الأحياء وعلى مراقبة الناس بصورة مفضوحة (وهي تراقب الناس من دون أن تموت همّاً). أصبحت أجهزة الاستخبارات من أكثر الأجهزة تطوّراً في الدولة. عندما زرت جامعة محمد الخامس في الرباط منتصف التسعينيات، لم أجد إلا حاسوبيْن أو ثلاثة، فيما كانت الأجهزة منتشرة في دائرة مراقبة الجوازات في مطار الرباط. والكومبيوتر دخل العالم العربي في الستينيات خارج الجامعات: في مبنى الاستخبارات الأردنيّة وفي وزارة الدفاع اللبناني. رفيق اعتقل في عمّان وعُذب في الثمانينيات دُهش من التنظيم الدقيق ومن تصنيف الملفّات: لكل تنظيم فلسطيني قسم خاص «يُعنى» به، ويُعنى بتعذيب ناشطيه. واستعانت أجهزة الاستخبارات العربيّة بالكفاءات الأكاديميّة. فاضل البرّاك أدار الاستخبارات العراقيّة بعدما حاز شهادات عليا (أذكر أن حنا بطاطو عندما زار العراق في الثمانينيات صادف صديقاً له أخبره أنه قرأ كتابه عن العراق. تعجّب بطاطو وسأله عن كيفيّة حصوله على كتاب ممنوع. أجابه أنه استعار نسخة فاضل البرّاك). أصبح لأجهزة الاستخبارات متخصّصون: واحد يتخصّص في التعذيب بالكهرباء، آخر ماهر في الضرب المبرح، وآخر امتهن قلع الأظافر، بالإضافة إلى متدرّبين في الطب يساهمون في التعذيب (كما ساهم أميركيّون أطباء وعلماء نفس في عمليّات التعذيب التي قامت بها الأجهزة الأميركيّة بعد 11 أيلول). وهذا التطوّر في أجهزة الاستخبارات، وإنشاء أجهزة استخبارات لتتجسّس على أجهزة الاستخبارات، وطّد أعمدة الحكم. كانت الانقلابات العسكريّة سهلة في الخمسينيات والستينيات: كانت تكفي بضع دبّابات للاستيلاء على مقرّ الإذاعة ووزارة الدفاع والقصر الجمهوري (ولم تكن قلاعاً حصينة كما هي اليوم). كانت قصور صدّام حسين مجمّعات هائلة، حتى لا يُعرف مكان إقامته فيها في لحظة ما. وقامت الأنظمة بحسن استخدام سلاح الجوّ لتقويض أية حركة انقلابيّة: نذكر التهديد المريع الذي أصدره حافظ الأسد ضد انقلاب مصطفى حمدون. أي إن شراء الأسلحة المتطوّرة باسم تحرير فلسطين ساهم في حماية الأنظمة، ولم يقدّم عوناً في الحروب ضد إسرائيل.
الرئيس العراقي الراحل صدّام حسين (أرشيف)الرئيس العراقي الراحل صدّام حسين (أرشيف)رابعاً، السيطرة العائليّة وعدم الوثوق إلا بأفراد العائلة ساعد في توطيد الحكم. أصبحوا كلّهم نموذجاً للحكم الشخبوطي: الأب يقود، والإخوة والأبناء يسيطرون على أجهزة الحكم. لو أن ميشيل فوكو أفرد فصلاً خاصاً عنّا في كتابه «راقب وعاقب». لم يعد الحاكم يثق إلا بالأبناء والأصهار وأبناء العموم. وقتل الأقارب لم يكن ممنوعاً: كما فعل صدّام مع عدد من أقربائه. المهم هو المحافظة على الحكم. لم يمنع الانشقاقات وعزل الإخوة وصراع الأشقّاء وانشقاق الأمراء الحمر في الستينيات، استمرار حكم آل سعود.
خامساً، تمرّس الحكّام في الحكم، وتمرّسوا في منع الانقلابات. وهذا يعود إلى دعم خارجي، بالإضافة إلى وصول عدد من الحكام العرب إلى الحكم من خلال انقلابات ومؤامرات. حافظ الأسد، مثلاً، شارك في أكثر من انقلاب ومن مؤامرة لقلب الحكم، كما أن صدّام حسين خبر التآمر وعمليّات الاغتيال في سنّ مبكرة. أصبح للحكّام خبرة وتمرّس في شؤون الانقلاب والمؤامرات.
سادساً، خوف العامّة من المجهول. لا يركن الشعب اليوم إلى وعود التغيير: الخيبات تراكمت، وتباعد الحلم. لعلّها حرب 1967، ولعلّه فشل عبد الناصر، ولعلّه سقوط الأيديولوجيّات... اعتاد الناس حكّامهم، ولعلّهم خافوا من الأسوأ: هذا يفسّر كيف فضّل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي (أرشيف)الرئيس التونسي زين العابدين بن علي (أرشيف)البعض في الشعب السوري حافظ الأسد على شقيقه، رفعت (وهو اليوم داعية ديموقراطي مدعوم سعوديّاً). والأنظمة تعمد إلى استغلال الخوف، وتحذّر من الويلات لو زال أربابها من الحكم.
سابعاً، التخويف الفقهي التقليدي من الفتنة. ويجب هنا التحذير من الذهاب بعيداً في الاعتماد على عامل الدين (الذي حذّر منه القدير ماكسيم رودنسون في مؤلّفه الخطير «الافتنان بالإسلام»، وسماه بـ«الثيولوجوسنترزم» أي التعصّب في الدراسات الاستشراقيّة لعزو كل الظواهر في أوساط المسلمين إلى الدين). لكن يمكن اعتبار بعض النظريّات الإسلاميّة السياسيّة المُحافظة، مثل الواردة في كتابات الغزالي، مُعينة لأنظمة التسلّط الديني. فالتحذير من «الفتنة» الذي شغل الغزالي كان عوناً للدعوة إلى طاعة الحاكم الظالم خوفاً من الفوضى والحرب الأهليّة. وفقهاء السلاطين في الدول العربيّة يقومون بتحديث نظريّات الفكر السياسي الداعم للحاكم مهما جار.
ثامناً، عائدات النفط والمساعدات الخارجيّة قللت من ضرورة الاستعانة بـ«القدرة الاستخراجيّة» التي تحدّث عنها نزيه أيّوبي في كتابه عن «التعظيم من الدولة العربيّة». أي إن الدولة العربيّة خفّفت من إمكان الثورة (ألم يكن شعار الثورة الأميركيّة «لا ضرائب من دون تمثيل»؟) عبر الاستعانة بعائدات النفط والمساعدات الخارجيّة للتخفيف من نقمة الشعب. هذا يساعد في دعم المواد الغذائيّة (التي أراد فريق الحريري أن «يحرّرها» بالكامل وهو لا يخشى الثورة لأن الطائفيّة والمذهبيّة تحميان الحكم من الثورة).
تاسعاً، مزاج من اليأس والخوف قلّل من إمكان المعارضة المسلّحة. فقد الشعب العربي الكثير من آماله ورغباته عبر عقود من الهزائم والخيبات والمؤامرات والقمع والأحلام المُبدّدة. وغنائيّة «الحلم العربي» أشبه بالبكائيّة واللحن فيها جنائزي لكنّه عبّر عن المزاج الشعبي المعاصر، الذي يتسم بالكثير من الكربلائيّة الكئيبة.
العنف والمجازر قد تكون العامل الأهم في استمرار الأنظمة ممّا ينقض نظريات الاستشراق

عاشراً، معادلة «سي رايت ملز» في كتابه «نخبة السلطة» عن وصفة «التسلية والخداع والثناء» للبقاء في الحكم، تنطبق على العالم العربي. يعتبر ميلز أن النخبة الحاكمة في أميركا أحكمت سيطرتها عبر مزيج من استغلال وسائل التسلية والخداع والثناء (وكان قدماء الإغريق يحتقرون «الثناء على الجماهير» وهي أصل معنى «الديماغوجيّة») لتطويع الجماهير وتخديرها. وكيف يمكن تفسير هذا الانفجار الهائل في الفضائيّات العربيّة وهي أفيون الشعوب بحق، وآفتها الكبرى تكمن في برامج الرياضة وفي المسلسلات وبرامج على نسق «سوبر ستار» التي تهدف إلى تعزيز النعرة القطريّة كما أدرجت وثيقة سُرِّبت عن العراق من وزارة الدفاع الأميركيّة. لكن حكّام العرب خلافاً لحكّام أميركا لا يمدحون شعوبهم. يكتفون بمديح الذات الملكيّة والجمهوريّة.
حادي عشر، سيادة الحقبة السعوديّة والحفاظ على الأنظمة الموالية لها (بالاتفاق مع أميركا وإسرائيل). أحكمت الولايات المتحدة سيطرتها في معظم العالم العربي عبر دعم نظام سياسي إقليمي يخضع لقيادة المملكة السعوديّة (تحت مُسمّى «معسكر الاعتدال» الذي يتضمّن في اعتداله قطع الرؤوس في الساحات العامّة ورجم العشّاق وجلد ضحايا الاغتصاب كما حدث أخيراً في السعوديّة). وتتدافع الأنظمة العربيّة اليوم للدفاع بعضها عن بعض: فحرب النظام اليمني ضد الحوثيّين تلقى دعماً أميركيّاً ــــ سعوديّاً، كما أن نظام حسني مبارك الأبدي أصدر بياناً شبه عسكري عن الحرب الدائرة في اليمن، وإن لم يكن هناك دليل على دعم إسرائيلي.
ثاني عشر، العنف المستشري والاستعانة بالمجازر للتخويف ولتقويض قوى المعارضة. قد يكون هذا العامل هو الأهم، وهو يناقض كل المزاعم الاستشراقيّة (المُجترّة اليوم في ما يُسمّى الليبراليّة العربيّة التي تدعو إلى الحريّة الفرديّة في ساعة، وتهتف بحياة شيوخ النفط في ساعة تالية، أو تؤلّف كتاباً في شعر الأمير خالد الفيصل كما فعل شاكر النابلسي الذي توصّل أخيراً إلى نظريّة مفادها أن قمع المرأة في السعوديّة من فعل المرأة نفسها، لا العائلة الحاكمة) عن الاستبداد الشرقي أو عن النزوع العربي نحو الاستكانة والخنوع. يمكن الملاحظة أن الأنظمة العربيّة في الجزائر وسوريا ولبنان والعراق ومصر وعمان واليمن والسودان ارتكبت عدداً هائلاً من المجازر ضد شعوبها من أجل توطيد حكمها. والمجازر هي دليل على عدم رضوخ الشعوب. لم تكن الأنظمة تحتاج لهذا القتل الجماعي وهذا السجن الجماعي لو كان هناك خنوع وقبول شعبي بالاستبداد. لا يمكن التقليل من حجم هذا القمع: فقد سجن النظام المصري 7588 شخصاً بتهمة الانتماء إلى الإخوان المسلمين في العام الماضي (حسب بيان لمحامي الإخوان). إن النظام الذي يحتاج إلى سجن 7588 شخصاً في سنة واحدة لا يستفيد من مناخ ملائم للاستبداد، أو من نزوع جيني لتقبّل القمع، على الإطلاق.
ثالث عشر، فعالية تنسيق القمع العربي. يمكن اعتبار اجتماع وزراء الداخليّة العرب من أهم الاجتماعات العربيّة الجامعة على الإطلاق. والأنظمة العربيّة تعارض كل مساعي التوحّد والاندماج لكنها تتعاون بفعالية أكيدة في مجال القمع العربي المشترك. ويجلس أشرف ريفي (مدير قوى الأمن اللبناني) في مجلس إدارة جامعة الأمير نايف «العربيّة» للعلوم الأمنيّة. لا ندري إذا كانت المواد المُقرّرة تشمل في ما تشمل، دروساً في كهربة الأعضاء التناسليّة وفي سلخ الجلد وقلع الأظافر. رابع عشر، يجب ألا نغفل عامل القمع الذاتي الذي حذّرنا منه فوكو (والفنان الفذّ علي فرزات): أي البحث عن مكامن التسلّط في كلّ مكان خارج الدولة، من العائلة إلى الذات إلى الدين الى التقاليد إلى القبيلة.
لا يمكن التطرق إلى مسألة استمرار الأنظمة دون الحديث عن طبيعة السيطرة الاستعماريّة التي لم تترك منطقة الشرق الأوسط لحظة واحدة. أصرّت الولايات المتحدة بعد الحرب العالميّة الثانية على السيطرة على الشرق الأوسط، وإحكام السيطرة على أميركا اللاتينيّة (لهذا لم تغفر أميركا لكوبا تمرّدها). أي إن العلاقة بين استمرار حكم الأنظمة وفق عوامل داخليّة والتدخّل الخارجي المباشر وغير المباشر هي علاقة جدليّة.
ويمكن أن نضيف أن النموذج العراقي في التغيير ساهم على عكس ما روّج المُستعمر الأميركي في تدعيم أنظمة التسلّط العربيّة، لأن نموذج التغيير بات مرتبطاً في الأذهان الشعبيّة بالعنف والفتنة والسيطرة الأجنبيّة والفساد وسيادة الميليشيات المسلّحة والرجوع القهقرى تاريخيّاً واجتماعيّاً من ناحية تقوية الروابط العشائريّة والسيطرة الإكليريكيّة (وما يعنيه ذلك من تراجع في وضع المرأة العربيّة، أي إن الليبراليّة العربيّة تدعم الأنظمة العربيّة والحروب التي تزيد من قمع المرأة لكن ليس هذا هو التناقض الوحيد الذي يعتري جسم الحركة الهزيل). يجب عدم النظر إلى ما ورد من تحليل كدعوة للمزيد من اليأس. على العكس، فإن تفنيد النظريّات الاستشراقيّة يجب أن يعوّل على قدرة التغلّب على عوامل سياسيّة واقتصاديّة مؤثِّرة في القمع العربي. أي إن قوة الضعفاء أهم من (انتظار) ضعف الأقوياء، على قول ماركس. لكن التغيير يتطلّب إهمال جهاز التحكّم من بعد لمدّة من الزمن، حتى لو فاتتكم مشاهدة مسلسل أو مسلسليْن.
ملاحظة: هذه المقالة مُستقاة من مُحاضرة ألقيتها في جامعة مونتانا قبل أيّام (وهي جزء من دراسة ستصدر في كتاب بالإنكليزيّة عن أسباب استمراريّة أنظمة التسلّط في العالم العربي).
* أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا (موقعه على الإنترنت:
angryarab.blogspot.com)

عدد السبت ١٠ تشرين الأول ٢٠٠٩


RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 10-11-2009

http://www.al-sharq.com/articles/more.php?id=164255

fahmi houwaidi


RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 10-12-2009

من يستعد لزلزال القدس؟

GMT 231500 2009 الأحد 11 أكتوبر



الحياة اللندنية


عرفان نظام الدين

يوماً بعد يوم تتكشف حقيقة المؤامرة الصهيونية الكبرى تجاه القدس الشريف وبصورة خاصة النيات الخبيثة المبيتة لهدم المسجد الأقصى المبارك تمهيداً لإقامة ما يسمى بهيكل سليمان على أنقاضه وفق خطة منهجية مدروسة ومبرمجة تستغل الوقت والتدرج وتعتمد على الدعايات السوداء أولاً لنسج روايات تاريخية زائفة عن المقدسات وغيرها ثم على تواكل العرب وترددهم وعدم اتخاذهم مواقف حازمة وفاعلة وقاطعة لوقف الإجراءات التعسفية والأعمال الإجرامية ومنع إتمام هذا المخطط الرهيب.

واليوم يبدو الاستحقاق الخطير ماثلاً للعيان، وما كان يبيت في السر صار علنياً يردده الصهاينة بكل وقاحة وصراحة ما يدفعنا لدق ناقوس الخطر والتحذير من قرب إقدام إسرائيل على عمل إجرامي كبير متحدية العالمين العربي والإسلامي والعالم بأسره وضاربة عرض الحائط بكل القرارات الشرعية الدولية وكل القيم والمبادئ والضوابط الأخلاقية والدينية والتاريخية والحضارية والتراثية.

فكل الدلائل تشير إلى ان «ساعة الصفر» لدى الصهاينة قد حانت، كما ان تصريحات ومواقف حكومة الليكود والصهاينة المتطرفين برئاسة بنيامين نتانياهو تصب في هذا الاتجاه وتمهد لتحوّل شامل يستهدف إكمال مؤامرة تهويد القدس العربية والبدء بمشاريع حفر وتنقيب وأعمال تؤدي إلى زعزعة أركان المسجد الأقصى المبارك وتعريضه للدمار لتمحو آثار مسجد سيدنا عمر بن الخطاب وقبة الصخرة المشرفة والحرم الشريف بكامله.

وما أعمال التنقيب وحفر الأنفاق سوى حلقة من سلسلة إجراءات خطيرة يقوم بها الصهاينة لتحقيق هذه الأهداف الإجرامية. فقد كشفت «مؤسسة الأقصى للوقف والتراث» عن شبكة جديدة من الأنفاق المتواصلة والمرتبطة تبنيها إسرائيل أسفل حي سلوان في القدس المحتلة بطول 600 متر ترتبط ببعضها لتصل إلى منطقة باب المغاربة وساحة البراق، الحائط الغربي للمسجد الأقصى.

وجاء الكشف بعد أيام من الإعلان عن نفق جديد أسفل سلوان بطول 120 متراً، يصل الأقصى، واتضح لاحقاً ان الحديث يدور عن أكثر من نفق، ما يشكل خطراً كبيراً على المسجد وبيوت الفلسطينيين في البلدة القديمة، إذ ان بعضها قد تصدّع نتيجة الحفريات.

كما كشف الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 1948 عن مؤتمر يجري الاستعداد له من أجل السعي إلى بناء الهيكل الثالث... والمؤسسة الاحتلالية تسير بأسلوب مجنون هستيري يجتمع فيه الدور الرسمي والشعبي من أجل تهويد القدس وبناء الهيكل الأسطوري الكاذب على حساب الأقصى.

وفي وقت متزامن أصدر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، إسحق أهارونوفيتش، أوامره لشرطة الاحتلال بزيادة وجود قواتها في المدينة المقدسة من أجل ما سمّاه «تعزيز السيادة الإسرائيلية في شرق القدس».

ولو ربطنا هذه التطورات بالإعلان عن بناء مستوطنات استعمارية جديدة في القدس وتوسيع المستوطنات القائمة ومصادرة المزيد من الأراضي في حي سلوان والأحياء العربية الأخرى ومواصلة التعدي على سكان القدس الأصيلين من مسيحيين ومسلمين، لأدركنا حجم المؤامرة الكبرى وتأكدت لنا حتمية الدعوة للحذر واليقظة والتنبه والمطالبة بالإسراع بقيام تحرك عربي حازم قبل فوات الأوان، خصوصاً ان نتانياهو وأركان حكومته العنصرية رفضوا كل الضغوط والمطالب الأميركية بتجميد الاستيطان وعملية التهويد والإصرار على بناء مستعمرة جديدة في حي الشيخ جراح المقدسي الشهير.

ومشكلة العرب والمسلمين أنهم لا يقرأون ولا يتابعون الأحداث والتطورات ثم يعملون على ربطها وتفسيرها بحسب تسلسلها، والأهم من كل ذلك أنهم لا يتخذون المواقف المبدئية الحاسمة والقرارات الوقائية التي تتمتع بالصدقية والجدية قبل ان تقع الواقعة أو «يقع الفأس في الرأس»، فيتحولون إلى «ظاهرة صوتية» تندد وتستنكر وتحتج وتغضب لتقتصر ردات الفعل على التظاهرات والبيانات ومهاجمة العالم بأسره وتحميله مسؤولية ما جرى ويجري من دون أن نفكر ولو للحظة بمسؤولياتنا وواجباتنا الوطنية والقومية والدينية والجهادية أو بالاعتراف بسلسلة الأخطاء والخطايا التي ارتكبناها، وما زلنا على امتداد التاريخ، بحق أنفسنا وأمتنا وقضايا مقدساتها.

ومن يريد ان يتذكر، لعل الذكرى تنفع وتجدي، يجد ان القصة قديمة وطويلة ومترابطة ومبرمجة ومتدرجة. فقد بدأت قبل نكبة 1948 بسيطرة اليهود على الجزء الشرقي من القدس وشروعهم ببناء مساكن وأحياء كاملة توجوها في الحرب بالسيطرة عليه ليشكل اللبنة الأولى في مخطط قضم المدينة المقدسة وضمها تمهيداً لإعلانها عاصمة أبدية لإسرائيل. فقسمت القدس بين شرقية وغربية وكان يفصل بينهما حاجز وهمي أطلق عليه اسم «بوابة مندلبوم».

وبعد التهويد التام لهذا الجزء ومصادرة ممتلكات العرب وهدم مقدساتهم الإسلامية والمسيحية، جاءت حرب حزيران (يونيو) 1967 الكارثية فسنحت الفرصة للصهاينة بالسيطرة على القدس الشريف وإطباق الطوق من حوله لتبدأ المرحلة الثالثة من التهويد وفق خطة خبيثة أوجزها بالمراحل التالية:

1- إجبار عدد كبير من أهل القدس الأصليين أباً عن جد على النزوح من مدينتهم المقدسة.

2- التضييق على الأهالي الذين صمدوا في أرضهم بشتى الوسائل من مصادرة ممتلكات والحصار المالي والاقتصادي والاعتقال والتعذيب ومنع البناء ووقف المشاريع وفرض ضرائب ورسوم مجحفة.

3- مصادرة الأراضي والممتلكات العائدة للنازحين وفق ما يسمى بقانون «الغائبين» وبناء مساكن ومتاجر تمنح أو تباع لإسرائيليين يهود.

4- تقديم إغراءات مالية لمالكي الأراضي والعقارات لحملهم على بيع ممتلكاتهم مباشرة أو عبر الاحتيال من طريق واجهات باسم شركات وهمية تعود في الأساس لجهات صهيونية، واعتماد سياسة الترهيب والترغيب في حالات أخرى بحيث يعاقب من يرفض البيع وتستخدم ضده كل وسائل الإكراه والابتزاز والتهديد.

5- تزوير الكثير من الصكوك والسندات العقارية وتحويل ملكيتها من أفراد وشركات ومؤسسات تعود لمواطنين عرب إلى جهات إسرائيلية.

6- قضم الأحياء العربية وتوسيع المستعمرات الصهيونية تدريجياً لإتمام مؤامرة التهويد التي وصلت خطورتها إلى حد التصفية الكاملة بعد ان تبين انه لم يبق من الأراضي والممتلكات العربية في القدس الشريف سوى 12 في المئة من حجمها الأصلي قبل الاحتلال.

7- البدء بالمسيحيين العرب أولاً لحملهم على الهجرة والنزوح ومصادرة ممتلكاتهم والتعرض لمقدساتهم والتضييق عليهم. ولدى الأمم المتحدة والجهات الدولية المختصة وثائق وشهادات لبطاركة ومطارنة ومواطنين تفضح هذه الأعمال وتحذر من ان عدد السكان المسيحيين في القدس قد انخفض وتقلص بنسبة 75 في المئة عما كان عليه قبل الاحتلال. وقد تزامن هذا التهويد ضد المسيحيين مع ضغوط على الفاتيكان لحمله على تحريف الإنجيل المقدس وشطب كل ما يشير إلى مسؤولية اليهود عن صلب السيد المسيح عليه السلام، وما يتعلق باليهود بشكل عام. وقد تحقق لإسرائيل ما تريد بعد صراع طويل لكنها لم تكتف بذلك بل أكملته بمصادرة معظم ممتلكات الكنائس المسيحية وبنت فوق أراض تابعة لها مستوطنات، كما احتالت على بعض رجال الدين لحملهم على بيع أراض خاصة بطوائفهم لشركات تبين في ما بعد أنها إسرائيلية.

8- بعد هذه التصفية الجسدية والمادية للمسيحيين من أبناء القدس الأصليين، التفتت الآلة الصهيونية الجهنمية إلى العرب المسلمين فاتخذت إجراءات تعسفية وعنصرية ضدهم لقطع شرايين الحياة عنهم ومنعت عنهم العمل والتجارة وبناء أو توسيع مساكنهم لحملهم على النزوح وخفض عدد أبناء القدس الأصليين الذين يبلغ تعدادهم أكثر من 350 ألف مواطن عربي. وانتقل المخطط من الأفراد إلى المقدسات فتم منع بناء المساجد. وهدم بعض المساجد الأخرى وتم تحديد عدد المصلين في المسجد الأقصى إلى ان اندلعت الشرارة الأولى بالإقدام على إحراق المسجد الأقصى المبارك في آب (أغسطس) 1969 وتبعتها شرارات أخرى تمثلت في الهجمات المتكررة للمتطرفين على المسجد ومحاولة الصلاة في الحرم الشريف وصولاً إلى عمليات الحفر والتنقيب وبناء الأنفاق التي أشرت إليها.

وهذا غيض من فيض والحبل على الجرار. والأسئلة الملحة المطروحة الآن هي: إلى متى الرضوخ والسكوت عما يجري؟ وهل سنظل ننتظر وننتظر ونشاهد القدس وهي تختفي من الوجود؟ وهل نحن بحاجة إلى مزيد من الدلائل والشواهد والإثباتات لنتأكد من ان الآتي أعظم وان الخطوة التالية ستكون، لا قدر الله، هدم المسجد الأقصى المبارك؟ وهل نحن بحاجة للتدقيق والتأكد من ان هدف الصهاينة النهائي هو هدم المسجد الذي بارك الله من حوله وبناء الهيكل المزعوم على أطلاله؟!

نعم إنها حقائق لا تحتاج الى اثبات كونها وقائع دامغة لا تنقصها البراهين. فماذا سيفعل العرب وبماذا سيرد المسلمون وقد ناهز عددهم البليون والمئة مليون إنسان؟

كيف يسكت هؤلاء وهم يعرفون ان الله عز وجل قد خص القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك بمعجزة الإسراء والمعراج وجعله سبحانه وتعالى قبلة الإسلام الأولى، فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين الذي نوه الله تعالى بقدره ومكانته في قوله عز وجل: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا، إنه هو السميع البصير» (سورة الإسراء – آية 1). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى».

وهناك المزيد من الآيات البينات والأحاديث النبوية الشريفة والوقائع والوثائق الإسلامية التي تؤكد الأهمية القدسية القصوى للقدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك سنعود إليها في مقال آخر، ولكن كل ما جرى ويجري يدفعنا إلى دق ناقوس الخطر والتحذير من مغبة التمادي في السكوت على الضيم واللامبالاة في مواجهة أخطار التهويد والتعرض للمؤسسات، فالقدس الشريف يرزح تحت نير احتلال بغيض يهدف إلى طمس هويتها. والأقصى في خطر أكيد، وعلينا ان نحذر من ان تنفيذ المخطط الصهيوني وتهديد المسجد الأقصى المبارك سينجم عنه زلزال مدمر يجتاح العالم كله ويهدد الأمن والاستقرار ويشعل نيران حروب وفتن واضطرابات وأعمال عنف وإرهاب تطال الجميع ولن ينجو منها أحد. فمن ذا الذي يستعد لمواجهة هذا الزلزال الرهيب؟ ومن يعمل ويتحرك لمنع وقوعه؟ ومن الذي سيتصدى للجرائم الصهيونية؟

إنها أسئلة مشروعة تتطلب الإجابة عليها الكثير من الجهد والعمل والجهاد والجدية والحزم والحسم... فهل من مجيب؟ اللهم فاشهد إني قد بلغت!!
**********************************************************
مارأيكم بسيناريو أن نستفيق يوما على هذا الخبر ...خبر عاجل : حدثت عدة انفجارات مدوية تحت المسجد الأقصى أدت لتدميره بالكامل وقد أعلن ناق باسم الحكومة الإسرائيلية بأن الحادث قد نجم عن تسلل جماعات يهودية متشددة الى الأنفاق تحت المسجد ووضعها متفجرات زنتها خمس أطنان داخل الأنفاق وذلك بعد أسرها لحراس هذه الأنفاق بالتعاون ورشوة قسم منهم ممن ينتمون الى نفس التيار الديني المتشدد وبأن الحكومة الاسرائيلية تدين هذا العمل الإرهابي !!!!
*****************************************************************


RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 10-19-2009

تخيلت حال العالم بدون عرب، وأنا أقرأ الخبر الذي نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» بالأمس بعنوان «الصومال: أسلحة ومتفجرات جوائز الفائزين بمسابقات حفظ القرآن والعلوم الشرعية» حيث قدمت إدارة مدينة كيسمايو الساحلية التابعة لحركة الشباب المجاهدين أسلحة ومتفجرات وقنابل مضادة للدبابات لتكريم الفائزين بمسابقات حفظ القرآن الكريم والعلوم الإسلامية التي أقيمت خلال شهر رمضان الماضي، وشارك فيها عدد كبير من الطلاب، وحصل الفائز بالمركز الأول على بندقية كلاشينكوف وعدة كاملة من الذخيرة، وقنبلتين يدويتين، وقذيفة مضادة للدبابات!! دفعني هذا الخبر العربي بامتياز إلى التفكير كيف سيكون حال العالم بدون عرب، فعلى الأرجح أن نشرات أخبار العالم ستكون باهتة، مملة، تفتقر إلى الإثارة، ولا توجد بها مثل هذه الأخبار التي تجعل الأصلع يشد بقايا شعره رغم معزة كل شعرة لديه، وستضطر قنوات العالم إلى اختصار مدة كل نشرة إخبارية إلى أقل من ربع مدتها الحالية، فأخبارنا كعرب في النشرات الإخبارية ضرورة قصوى، أشبه بطبق الأرز على مائدة الآسيوي، حيث لا وجبة بدونه، ولا نشرة أخبار مكتملة بدوننا.

وفي هذا السياق دعونا نتخيل ـ مجرد تخيل ـ ماذا سيكون عليه حال العالم بدون عرب؟ من المؤكد أن العالم كان سيحرم من الاستمتاع بذلك النشيد الجنائزي «بالروح بالدم» الذي يدير رؤوس الطغاة فيسيرون نحو نهاياتهم في صلف وغرور وجنون، كما سيفتقر إلى منظومة إبداعاتنا في نعوت الزعامة مثل: «الزعيم الخالد»، «الزعيم الأوحد»، و«الزعيم الأعظم»، وسيحرم اقتصاد العالم من أكبر كتلة استهلاكية على ظهر الكرة الأرضية، هذه الكتلة التي ترى أن الله خلق سكان العالم لخدمتنا، وليس علينا أن نعمل شيئا يمكن أن يعمله الآخرون من أجلنا.

أتذكر أمجاد العرب التليدة يوم كانوا مؤسسي حضارات، ومنارات معرفة، وحملة رسالة، وأتحسر على حاضر لا يشبه أمسه، ولا ينتمي إلى أصله، حاضر غرقت دواليبنا في رماله، فبقينا نراوح مكاننا، والركب قد ساروا، ونحن على قارعة الطريق نتأمل قوافل السائرين، ونقضي ليلنا الطويل في قضايا هامشية، نقطع بها زمننا الهامشي، ونحلم بالعزة، والرفعة، والنصر!

m.diyab@asharqalawsat.com

http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=540763&issueno=11283


RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 10-20-2009

أنا الذي أدعي أني أملك ذاكرة سياسية قوية، لم أعد أتذكر اسم أول وزير خارجية تركي زار سورية. ولا بالتحديد سنة الزيارة. كل ما أتذكر أني حرصت على حضور مؤتمره الصحافي. كنت بحكم تنقلي بين دمشق وبيروت، موجودا في العاصمة السورية لتغطية الزيارة، لحساب وكالة الأنباء التي أعمل فيها.

كان ذلك إِبَّانَ حكم حافظ الأسد، في أوائل السبعينات. ربما في عام 1971 أو 1972. بدا لي أن الرئيس السوري الجديد آنذاك راغب في تصفية تعقيدات علاقة ثنائية خطرة. فقد كان انفصال سورية عن تركيا العثمانية أليماً. شارك الضباط السوريون في الثورة العربية الكبرى على العثمانيين (1916). انتهت الثورة المدعومة من الغرب، خلال الحرب العالمية الأولى، بانفصال العرب نهائيا عن تركيا، بعد تاريخ مشترك دام أربعة قرون كاملة، بدأ بالفتح العثماني لسورية (1516).

تراوح الحكم العثماني للعرب بين اللين والشدة. كانت له ميزتان إيجابيتان: إنهاء فوضى حكم المماليك للعرب الذي استغرق نحو ستة قرون. الإبقاء على ولاية الشام (سورية. لبنان. الأردن. فلسطين) موحدة إداريا وسياسيا. غير أن قسوة الحكم تجلَّت، بشكل خاص، في سورية. وبشكل عام، في حرمان «الممالك العربية» من التواصل مع النهضة الأوروبية الحديثة التي قامت على التحرر الاجتماعي. الديمقراطية. التقنية الصناعية.

حمَّل العربُ الأتراكَ العثمانيين مسؤولية تخلفهم الحضاري. في المقابل، وللنكاية بالعرب الذين رفضوا التتريك، فقد ألغى الجنرال مصطفى كمال (أتاتورك) القائد العثماني الذي هزمته الثورة العربية، الإمبراطورية العثمانية (1924)، متجاهلا ذاكرة تركيا التاريخية، بما في ذلك الكتابة بالخط العربي! كانت النكاية الكمالية بالعرب شديدة. فقد تحرروا من استعمار متخلف، ليقعوا في استعمار أوروبي متفوق، مزقهم واستغلهم، وَوَطَّنَ اليهود في صميم وطنهم، فيما حافظ الأتراك، بقيادة أتاتورك، وبنضال رائع، على وحدة وطنهم.

تحملت سورية المعاصرة آلام الفراق العثماني/ العربي، بقدر ما تحملت قسوة حكم العثمانيين الأتراك. نعم، قامت بعد الفراق، علاقة ديبلوماسية طبيعية بين البلدين. لكنها كانت علاقة باردة، غير قادرة على حل تعقيدات الانفصال التاريخي، كمتاعب الأتراك والعرب الذين تخلفوا على طرفي الحدود، من دون اعتراف بحقوقهم في أملاكهم العقارية وأراضيهم الزراعية.

استغلت تركيا الكمالية ضعف سورية، وتمزيق الانتداب الفرنسي لها إلى دويلات كرتونية، للمطالبة هي أيضا «بحصتها»! طالبت تركيا بحلب ثاني أكبر المدن السورية. فرضت حدودها على منحدرات جبال طوروس الفاصلة جغرافيا بين البلدين، علما أن الحدود الطبيعية الدولية ترسم، عادةً، على ذرى الجبال. ثم ما لبثت أن تركزت المطالبة على لواء (محافظة أو إقليم) اسكندرون ذي الغالبية السكانية العربية، في أقصى الزاوية الشمالية الغربية من سورية. وهو بالإضافة إلى كونه امتدادا لساحل سورية الضيق، فقد كانت أهميته الاستراتيجية في اعتباره أقرب ميناء سوري إلى أوروبا. حَلَّت الكارثة بسورية، مع نُذُرِ الحرب العالمية الثانية. منحت حكومة اليهودي ليون بلوم الفرنسية اليسارية، سورية استقلالا ناقصا (1936). لكن عادت فسلخت لواء اسكندرون ووهبته إلى تركيا (1939)، إرضاءً لها كي لا تتحالف مع ألمانيا حليفتها في الحرب العالمية الأولى. كانت المنظمة الدولية (عصبة الأمم) شاهد الزور الأول آنذاك. أجرت استفتاء صُورياً ادعت فيه أن غالبية السكان تركية!

راحت الغالبية العربية تهاجر إلى سورية، منذ الأربعينات بأعداد كبيرة، في مقدمتها العرب العلويون والمسيحيون. أود أن أشير هنا إلى أن الكنائس العربية والشرقية أكدت، مع ضياع اسكندرون، نقل مقارِّ بطركياتها التاريخية من أنطاكية (عاصمة سورية الرومانية) إلى قلب العروبة، دمشق، وليس إلى لبنان المسيحي. في الداخل، ثار السوريون. أسقطوا الحكومة الصامتة على سلخ اسكندرون. واضطروا هاشم الأتاسي رئيس الجمهورية إلى الاستقالة (1940). مضت العلاقة الثنائية صعبة. ثم تفجرت في الخمسينات. انضمت تركيا الكمالية إلى حلف بغداد (تركيا. العراق. إيران) ضد الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة. ضغطت تركيا والعراق على سورية لضمها إلى الحلف. حشدت تركيا قوات ضخمة على الحدود. فرض رئيس وزرائها عدنان مندريس (لاحظ اسمه العربي) نفسه ضيفا ثقيلا على دمشق في منتصف الخمسينات. لكن سورية تحصنت بالوحدة العربية مع عبد الناصر الرافض للأحلاف.

كان حلف بغداد شؤما على أصحابه. مزق الانقلاب العسكري عراق نوري السعيد (1958). شنقت العسكرية الكمالية مندريس (1960) بتهمة الفساد. لكن العلاقة مع سورية ظلت متوترة، حتى بعد انفصالها عن مصر. لولا الضغط السوفييتي، لما استطاع السوريون الحصول من تركيا، على مياه كافيه لإقامة سدهم الضخم على الفرات (1966)، لسقاية حلب العطشى، ولري أراضيهم الشرقية الخصبة.

وهكذا، أدهشني المسؤولون الإعلاميون السوريون، وهم يحذرونني من أن أسال ضيفهم وزير الخارجية التركي، عما إذا كانت محادثاته مع دمشق الأسد تناولت قضية لواء اسكندرون. تجاهلت التحذير. سألت الوزير. امْتَقَعَ وجهه الأحمر بالغضب. رفض الإجابة. أنهى المؤتمر بسرعة وانصرف. لم يحدث لي مكروه. كنت أراهن على سماحة صدر نظام الأسد مع الصحافة، في مرحلته الليبرالية القصيرة، قبل صدامه مع عنف الإخوان المسلمين. ثم علمت أن المسؤولين أبلغوا الوزير التركي أن الصحافي السائل يمثل وكالة أنباء أجنبية.

على الرغم من حنكته وتعقله وحذره، لم يستطع الأسد إنهاء الجفاء المزمن مع تركيا الكمالية. إلى أن فوجئ (1996) بعقدها حلفا استراتيجيا خطيرا مع إسرائيل، بترتيب أميركي أوروبي. وضع الحلف سورية في كماشة عسكرية. فقد سمحت تركيا للطيران الإسرائيلي بإجراء تدريباته الجوية في سماء الأناضول، بمحاذاة المجال الجوي السوري.

رد الأسد على الاستفزازات التركية باكتشافه الورقة الكردية. منذ الستينات، كان عشرات ألوف الأكراد الأتراك قد تدفقوا على سورية. قوبلوا بغض نظر رسمي. وجدوا الأمان في حضن القرى الكردية المرشوشة على طول الحدود مع تركيا (810 كيلومترات). ثم أضيف لون «طائفي. نضالي» على ورقة اللعب. فقد آوت سورية أيضا متمردي حزب العمال الكردي، وزعيمه الماركسي العلوي عبد الله أوغالان.

في اللعبة الإقليمية بالقنبلة الكردية، سمح صدام لتركيا بانتهاك السيادة الترابية، بالتوغل أربعين كيلومترا داخل العراق، كلما أرادات ملاحقة متمردي أوغالان الذين وجدوا الملاذ لدى أشقائهم في جبال كردستان العراق. كان أوغالان قد تسبب في مقتل نحو 45 ألف كردي وتركي منذ منتصف الثمانينات. وهكذا أيضا، استغلت تركيا عداء صدام للأسد، لتوجيه تحذير إنذاري لسورية: الحرب أو طرد أوغالان وتحييد المتمردين (1998).

لم يعش الأسد الأب ليرى ابنه ووريثه يسحب الورقة التركية من الجيب الإسرائيلي. كان المرض قد أنهكه. لكن مَهَّدَ للابن الفرصة المناسبة: حَيَّدَ نشاط المتمردين الأكراد، طرد أوغالان الذي نجحت المخابرات التركية في اعتقاله، في بلد أفريقي، بالتعاون مع المخابرات الإسرائيلية والأميركية. توفى حافظ الأسد في عام 2000. ما زال لواء اسكندرون مرسوما بعناية على الخرائط السورية. لكن كيف تحول الفراق المؤلم والخصومة المتبادلة، إلى كلام. فعناق. فغرام؟! كيف سمحت تركيا أتاتورك لتركيا إردوغان (المتزوج من فتاة تركية سورية الأصل) بالاستدارة من أوروبا المسيحية، إلى البيئة الإقليمية العربية والإسلامية؟ كيف سحبت سورية الابن الورقة التركية من الجيب الإسرائيلي؟ كيف اختفى اللواء السليب، بمهارة ديبلوماسية سورية، من ملف العلاقة الثنائية؟ ذلك هو موضوع الحديث عن الغرام اللاهب في الثلاثاء المقبل.

http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=540885&issueno=11284


RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 11-07-2009

رسالة إنترنتية باسم نضال حسن تشبه الانتحاريين بالكاميكازي اليابانيين أثارت انتباه السلطات

نضال تأثر بالإصابات العقلية والنفسية التي شاهدها عندما كان يعمل طبيبا نفسيا
واشنطن: ماري بات فلاهرتي وويليام وان وكريستيان دافنبورت *
في الوقت الذي تسعى فيه السلطات لفهم ما حدث في فورد هود، تُرسم صورة مشوشة ومتناقضة لهذا الرجل الذي ولد لمهاجرين فلسطينيين. وقد حصل على تدريب طبي مع الجيش وقضى حياته المهنية يعمل لدى الجيش، ولكن يقال إنه تحوّل إلى شخص عنيف ضد زملائه في الجيش.

وقالت عمته نويل حسن في مقابلة أجريت معها من مدينة فولز تشيرتش، إنه تحمل مضايقات تعرض لها كمسلم لأعوام بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر(أيلول) وأنه سعى على مدى عدة أعوام إلى إعفائه من العمل في الجيش. وتضيف:«أعرف ذلك. يمكن لبعض الناس تحمله، ولا يمكن للبعض الآخر. لقد استمع إلى ذلك، وكان يريد أن يترك الجيش ولم يسمحوا له على الرغم من أنه عرض دفع مقابل التدريب الطبي الذي حصل عليه». ويقول جورج رايت، وهو متحدث باسم الجيش، إنه لا يستطيع أن يؤكد أن حسن طلب تسريحه من الخدمة في الجيش. وقضى حسن قرابة حياته المهنية في مركز وولتر ريد الطبي التابع للجيش في واشنطن يرعى ضحايا الصدمات، وكان يتحدث بصراحة عن معارضته الشديدة للحربين في العراق وأفغانستان. وتقول السلطات إن التقارير أفادت يوم الخميس بأن حسن، الذي تعرض لطلق ناري خلال أخذه إلى السجن، في حالة مستقرة داخل أحد المستشفيات. وتقول وكالة «الأسوشيتد برس» إن حسن جذب انتباه سلطات تطبيق القانون خلال الأشهر الأخيرة بعد رسالة عبر الإنترنت تحت اسم «نضال حسن» شبه فيها الانتحاريين الإسلاميين بطياري الكاميكاز اليابانيين. وجاء في الرسالة: «القول بأن هذا الجندي قام بالانتحار غير مناسب. ولكن المناسب هو أن نقول إنه بطل شجاع ضحى بحياته من أجل هدف نبيل».

ويقول من يعملون معه إنه يتجنب زميلاته، وأنه على الرغم من تدينه كان يقول في سجلات الجيش إنه ليس له ميول دينية. ويقول زميل من وقت طويل في وولتر ريد يقوم بتحويل المرضى إلى الأطباء النفسيين إن الزملاء كانوا يتجنبون إرسال أفراد الخدمة إلى حسن بسبب سلوكه الغريب وميله إلى الوحدة. يشار إلى أن حسن تخرج عام 1997 في فيرجينيا تك وذهب ليحصل على درجة الدكتوراه في الطب النفسي بجامعة الخدمات النظامية للعلوم الصحية في بيثيسدا. وفي الفترة من 2003 حتى الصيف الماضي، كان يعمل طبيبا مقيما وبعد ذلك زميلا في وولتر ريد، حيث عمل وسيطا بين الجنود الجرحى وطاقم الطب النفسي في المستشفى. وقد تأثر بالإصابات العقلية والنفسية التي شاهدها عندما كان يعمل طبيبا نفسا في وولتر ريد على مدى قرابة 8 أعوام، حسب ما تقوله عمته. وتضيف أنه في المناسبات القليلة التي تحدث فيها معه عن العمل كان يخبرها عن الجنود الذين أنهكهم ما رأوه. وأضاف أن أحد المرضى كان يعاني من حروق في وجهه لدرجة أن «وجهه كان ذات تقريبا». «قال لنا كيف أن ذلك يضايقه كثيرا».

وتشير إلى أن حسن «لم يكن له الكثير من الصداقات» و«لم يكن يكون صداقات سريعا». ولم تكن له صديقة ولم يكن متزوجا وكان يقول إن «الجيش هو حياته». وقال الطبيب النفساني في إحدى المرات إن «المسلمين يجب أن يقفوا ويقاتلوا المعتدي» وأنه يجب على الولايات المتحدة أن تكف عن الحرب في العراق وأفغانستان بالمقام الأول، حسب ما جاء في مقابلة مع الكولونيل تيري لي، وهو زميل في العمل، على «فوكس نيوز». وقضى مالك حسن معظم حياته في ولاية فيرجينيا وانتقل من منطقة روانوك في منتصف الثمانينات وأصبح صاحب مطعم ناجح في فينتون، وهي مدينة صغيرة على طريق السكة الحديدية بها 7800 ساكن وتقع شرق روانوك. وكان من بين نشاطاته التجارية «كابيتال» وهو مكان لتناول البيرة في ماركت ستريت ومحل البقالة «كوميونيتي» في إلم أفينيو ومطعم وحانة مونت أوليف. ومات الأب في عام 1998 عن 52 عاما بعد أزمة قلبية داخل المنزل. شارلز غارليك الذي يعيش في الجهة المقابلة من الشارع لعائلة حسن في فينتون، وصف نضال حسن بأنه هادئ ومتحفظ. وقال: «في كل مرة كنت أراه كان يحمل حقيبة كتب على كتفه. شقيق نضال الأصغر إياد ـ ولقبه إيدي ـ لعب كرة القدم مع ابن غارليك زكريا. لكن نضال الذي تخرج من ثانوية ويليام بيرد لم يكن اجتماعيا». أما والدة نضال، حنان، التي كانت تعرف باسم نورا فاشتهر عنها بأنها المحافظة على السلام في المطاعم التي تملكها الأسرة. وقد عانت من ألم في الكلية وماتت في عام 2001 في سن 49. ودفن الزوجان في كنيسة فولز. وقال أمير الزبيدي رئيس وإمام مركز الكوفة للمعرفة الإسلامية إن عائلة حسن كبيرة ولها جذور عميقة في وادي روانوكي. وقد عمل مالك مع أخيه جوزيه في ماونت اوليف، كان الاثنان يقومان بطهي العديد من الأطباق من بينها كباب الحملان ومحشى ورق العنب. لكن الوفاة المبكرة لمالك ونورا حسن تركت العائلة مشتتة. وأشارت عمته إلى أن نضال تطوع في الجيش بعد المدرسة الثانوية رغم اعتراض والديه ودرس في جامعة فيرجينيا وبرع في الكيمياء الحيوية. أما إياد حسن الذي يبلغ من العمر الآن 28 عاما، فتخرج من جامعة جورج ماسون ويعيش في ستيرلنغ. أما أخوهم الآخر، أنس، فقد درس في جامعة فيرجينيا وعاش في كينغستون قبل أن ينتقل إلى القدس للعمل كمحام. وأضافت:«كان نضال كواحد من أبنائي، يقضي الإجازات ووقت فراغه في منزلي». وقال فضل الله خان إمام المسجد السابق في المركز الإسلامي «برز نضال لأنه كان يحضر في بعض الأوقات بالزي العسكري». وقال خان:«آتي إلى المسجد مرة أو مرتين ليبحث عن فتاة مناسبة كي يتزوجها. ولا اعتقد أنه وجد الفتاة التي تناسبه لأنه وضع الكثير من الشروط فقد كان يرغب في الزواج من فتاة متدينة جدا وتصلي الفروض الخمسة». خلال سعيه للبحث عن شريكة حياته ملأ نضال استمارة في مكتب للتوفيق بين راغبي الزواج من المسلمين قال فيها إنه:«هادئ ومتحفظ حتى مع الأشخاص المألوفين لدي، وأنا مرح ومتدين وحسن المظهر».

وقال أرشاد قرشي رئيس هيئة الأمناء في مركز الجالية المسلمة في سيلفر سبرينغ:«كان هادئا ومتحفظا. ولا يمكنني القول إن أحدا كان يعرف عنه شيئا سوى أنه يؤدي الصلوات في المركز. فلم نره يحضر أي فعاليات سواء في مدرسة الأطفال أو الاحتفالات. ولم يخرج عن مساره ويختلط بالآخرين. وهناك الآلاف من الأفراد الذين يحضرون إلى هنا لتأدية الصلوات وهو واحد منهم». وقال زميل نضال في والتر ريد إن نضال لم يسمح بالتقاط صور له مع الفتيات العاملات في والتر ريد عندما كان الموظفون يقومون بالتقاط صور جماعية في كل موسم عيد ميلاد. وكان زملاؤه العمال دائما ما يضعون صورا فردية له على لوحة الإعلانات دون إذن منه.

وقال لي لشبكة فوكس نيوز إن نضال:«كان يأمل في أن يقوم الرئيس باراك أوباما بسحب القوات الأميركية. وعندما لم تسر الأمور بهذه الطريقة أصبح أكثر تألما وإحباطا من الصراع هناك. وأعلن عن آرائه بشأن التدخل الأميركي في العراق وأفغانستان».

وعندما تحدث بشأن قتال«المعتدين» قال إن زملاءه من الجنود يجب أن ينهضوا ويساعدوا القوات المسلحة في أفغانستان والعراق. وتقول عنه الملازم أول إليزابيث وايتسايد التي عالجها الطبيب النفسي في والتر ريد خلال التعافي من طلق ناري من إصابة لها في العراق إن نضال مؤدب ويتسم بالاحترام. وتذكر وايتسايد جدية نضال. فخلال تقييمه الأول لها حاولت أن تبدو مرحة فعندما سعل قالت له «يرحمك الله» فرد عليها نضال بالقول لقد سعلت ولم أعطس.

وقال النائب الجمهوري ماك كويل (النائب عن ولاية تكساس) للصحافيين بعد جلسة استماع بشأن إطلاق النار إن نضال تلقى تدريبا متقدما في الرماية. وعندما استدعى الجيش إياد حسن لنقل الأخبار من فورت هود يوم الثلاثاء قالت عمته إن شقيقه أغشي عليه عندما سمع بالأنباء. وقالت إن إياد علم في البداية أن شقيقه أصيب وهو يخضع لجراحة ثم أخبر فيما بعد انه توفي. وتشير عمته إلى أنه كان عاشقا لفريق ريد سكينز، وأنه كان تسليته الوحيدة، فلم يكن من هواة مشاهدة الأفلام، وقد عمل بجد خلال سنوات الدراسة وأغرق نفسه في عمله.

لم تكن عمته تدرك أنه سيقوم بذلك وقالت:«لم يتصل أو يخبر أحدا أو يرسل برسالة إليكترونية بأي أمر كهذا». وكانت رسالته الأخيرة لي مقتضبة قال لي فيها:«مرحبا عمتي. كيف حالك؟».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الاوسط»