حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: المدونــــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=83) +--- الموضوع: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول (/showthread.php?tid=6939) |
RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 08-12-2010 لا أحد يستطيع الجزم بما سيستجد في لبنان من الآن وحتى صدور القرار الظني، الذي من المفترض أن تصدره المحكمة الدولية في سبتمبر (أيلول) المقبل، ولذلك فإن كل الاحتمالات ستبقى واردة وممكنة الحدوث حتى بما في ذلك ما بقي زعيم حزب الله الشيخ حسن نصر الله يهدد ويلوح به منذ أن أشارت التسريبات الصحافية إلى أن المدعي العام الدولي سيوجه اتهاما مباشرا إلى أعضاء في هذا الحزب يُحِّملهم بموجبه مسؤولية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري قبل أربع سنوات ونيف. والخطير في الوضع اللبناني الذي لم يكن هشا وقابلا للتشظي في أي لحظة، منذ اجتياح حزب الله وتحالفه «الديكوري» لبيروت الغربية في مايو (أيار) من عام 2008، كما هو في هذه الأيام فالنفوس، إن ليس الميليشيات، سارعت إلى التمترس في خنادقها الطائفية بمجرد تهديد حسن نصر الله بأنه سيقلب أوضاع لبنان رأسا على عقب إن وجَّهت المحكمة الدولية اتهاما مباشرا لأعضاء في حزبه بارتكاب جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري، والغريب أن «سيد المقاومة» هو الوحيد من بين كل الزعامات اللبنانية الذي يؤكد أن هذه المحكمة قد اتخذت قرارا فعليا بهذا الخصوص. وبالطبع فإن الشيخ حسن نصر الله يواصل الإصرار على أن إسرائيل هي المسؤولة عن ارتكاب جريمة اغتيال الحريري لكنه يرفض رفضا قاطعا أن يأخذ بعين الاعتبار أن أعضاء حزبه الذين ذكرت التسريبات الصحافية، دون أن تسميهم أو تحدد عددهم، أن المدعي العام الدولي يتهمهم بتنفيذ عملية الاغتيال هذه ربما يكونون في عداد الذين استطاعت الاستخبارات الإسرائيلية تجنيدهم للعمل لحسابها ومن بين هؤلاء العميد السابق في الجيش اللبناني فايز كرم الذي يقال إنه المشرف على تنسيق الشؤون العسكرية والأمنية بين حزب الله وبين التيار الوطني الحر الذي يتزعمه الجنرال ميشال عون. واللافت أن حسن نصر الله ورغم هشاشة الوضع اللبناني وقابليته للتشظي لا يزال يتمسك بوهم تلك اللحظة المريضة عندما اجتاحت قواته بيروت الغربية في أيار عام 2008، حيث ظن أن الطائفة الشيعية، التي لا تؤيده كلها، والتي يفرض نفسه عليها بقوة السلاح والمال، غدت أُم الطوائف اللبنانية وباتت هي الأمر الناهي في هذا البلد المتنوع الذي هو عبارة عن لوحة طائفية وإثنية «فسيفسائية» قوامها نحو عشرين طائفة ومجموعة عرقية لكل واحدة منها خصوصيتها وتشكل كلها معا هذا المجتمع اللبناني المتميز والحيوي. لا شك في أن السيد حسن نصر الله يعرف ويعلم ربما حتى أكثر من غيره أن التوازن بين طوائف لبنان، إن ليس كلها فعلى الأقل الرئيسية منها، هو الذي يضمن استقرار هذا البلد وثبات وازدهار ديمقراطيته لكنه مثل كل الذين سبقوه في الإصابة بداء الغرور والنرجسية السياسية ودفعوا لبنان دفعا إلى الحروب الأهلية المدمرة لم يكن يضع هذه المعادلة الحساسة في حساباته لا «الاستراتيجية» ولا «التكتيكية» لا عندما أرسل مغاوير حزبه لاجتياح بيروت الغربية عام 2008، ولا عندما شعر بأن جمر المحكمة الدولية أخذ يلامس أصابع قدميه ويديه. في عام 1959، أصيب الرئيس اللبناني الأسبق كميل شمعون بعمى الألوان هذا نفسه، الذي يبدو أن إصابة عيني السيد حسن نصر الله به غدت بليغة بعد أن لامس جمر المحكمة الدولية أطراف أصابع قدميه ويديه، فحاول استغلال لحظة اعتقد فيها أن التوازن الطائفي قد اختل لمصلحة الطائفة «المارونية» التي هي طائفته لفرض هذه الطائفة على الطوائف الأخرى وكانت النتيجة تلك الحرب الأهلية البشعة التي اندلعت عام 1958 والتي لم تتوقف إلا بعد استعادة التوازن السابق وبعد أن تراجع صاحب هذه النزوة التي ألقت بهذا البلد الجميل بين ألسنة نيران الكراهية والحقد عن نزوته. ثم وفي بدايات سبعينات القرن الماضي أحست الزعامات السنية مدعومة بقوة المقاومة الفلسطينية الوافدة، التي وصفتها بأنها جيشها إذا كان الجيش اللبناني هو جيش «الموارنة»، أنها أصبحت قادرة على فرض نفسها على معادلة التوازن الطائفي اللبناني التقليدي وكانت النتيجة تلك الحروب الأهلية المدمرة التي تواصلت لنحو 15 عاما ودخلت كل مدينة وكل قرية بل كل شارع وبيت ولم تضع أوزارها إلا بعد تلك المبادرة السعودية الكريمة حيث انعقد مؤتمر الطائف الشهير وأعاد صياغة المعادلة الطائفية اللبنانية وفقا لشعار: «لا غالب ولا مغلوب» الذي كان صائب سلام، رحمه الله، قد أطلقه بعد توقف حرب عام 1959. قبل كل هذه الحروب وأولها الحرب الأهلية عام 1860 كان العامل الخارجي سببا رئيسيا في اهتزاز التوازن الطائفي وارتجاج المعادلة الطائفية، مما أدى إلى الصدام والمواجهة العسكرية، ففي عام 1958 كان العامل الخارجي الذي هو بريطانيا قد استدعى تدخل عامل خارجي آخر هو الرئيس جمال عبد الناصر الذي سارع لإسناد الطائفة السنية ضد كميل شمعون والطائفة المارونية، وفي بدايات سبعينات القرن الماضي كان العامل الخارجي هو المقاومة الفلسطينية التي رفعت شعار: «الطريق إلى فلسطين تمر بجونية» الذي استدعى بدوره تدخل عامل خارجي آخر هو إسرائيل وهو الولايات المتحدة لإسناد الطائفة المارونية، التي تعرضت تحت لافتة إنها «انعزالية» لمحاولات، ساهم فيها المرحوم كمال جنبلاط أيضا، لتحجيم وزنها في المعادلة الطائفية اللبنانية. والآن فإن ما يعرفه السيد حسن نصر الله، لكنه من قبيل المكابرة يرفض الاعتراف به، هو أن استقواء حزب الله بالعامل الخارجي الذي هو بصورة رئيسية إيران وسلاحها ومالها ودعوات مرشدها الأعلى وخبرات جنرالات حراس ثورتها سيستدعي حتما تدخلا خارجيا لإسناد الطائفتين الرئيستين أي الطائفة السنية والطائفة المارونية وهذا معناه، إن بقي «سيد المقاومة» يتصرف على أنه ولي الله ووكيل الولي الفقيه في لبنان، أن هذا البلد ذاهب إلى حرب أهلية جديدة لا محالة ستكون أكثر حروب لبنان عنفا ودموية وقد تستمر إلى ثلاثين عاما إذا كانت الحرب الأهلية التي سبقتها قد استمرت لنحو خمس عشرة سنة. إن المفترض أن السيد حسن نصر الله يعرف أن كل طائفة لبنانية سواء كانت كبيرة أم صغيرة لها امتداد نحو الخارج وهكذا فإذا كانت الطائفة الشيعية من خلال القوى المهيمنة عليها وهي حركة أمل وحزب الله تشعر الآن أن عمقها، وهو كذلك، يصل إلى خراسان، فإن عمق الطائفة السنية بالإضافة إلى كل الدول العربية الرئيسية يصل إلى ماليزيا وإندونيسيا في أقصى شرق آسيا وأن عمق الطائفة المارونية هو فرنسا وهو بحدود أيضا معينة معظم دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. إنها لعبة خطرة بالفعل، وعلى السيد حسن نصر الله أن يتذكر الماضي جيدا وأن يدرك وهو يتذكر هذا الماضي أن محاولات هيمنة إحدى طوائف هذا البلد على الطوائف الأخرى لا يمكن أن يكتب لها النجاح حتى وإن كان عاملها الخارجي بحجم إيران وبقوة رؤوس الجسور التي بناها حراس ثورتها في المنطقة العربية، فلبنان لا يمكن أن يبقى اللبنان التاريخي المعروف إذا أخلت طائفة من طوائفه بتوازنه الطائفي والمذهبي المتوازن على مدى تاريخ يعود لأكثر من ألف عام. RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 08-17-2010 أبعد من مسلسل تلفزيونيّ الثلاثاء, 17 أغسطس 2010 حازم صاغيّة يصحّ في لبنان تعريف سيغموند فرويد الشهير لـ «الحضارة»: إنّها قمع الغرائز. والغرائز التي ينبغي قمعها، هنا، هي تلك التي تزيّن لصاحبها أنّه يعيش وحده في الدنيا، يقول على الملأ قوله الداخليّ الحميم، ويمارس في صلاته بالآخرين المختلفين ما يمارسه حين يكون وحده أو مع مشابهيه. بمعنى آخر، ينطوي كلّ تعايش بين مختلفين على درجة من «الكذب» النافع الذي يُديم تعايشهم، بل يُديم بقاءهم ذاته، سامياً بهم إلى سويّة تسوويّة حافظة للنوع البشريّ ومحسّنةً لجودته وشروطه. فإذا حلّ محلّه «الصدق»، انتفى التعايش وهُدّد البقاء نفسه. ذاك أنّ صدقاً كهذا، مهما أطنبت الانشائيّات في مديحه، مضادّ للاجتماع الإنسانيّ، أنانيّ ومتعجرف، لا يرى صاحبُه إلاّ شخصه في هذا الكون الواسع، ولا يقبل رؤية مشتركة تطاول الحيّز المشترك بين مختلفين، بل يصرّ على رؤيته التي يقول بها بينه وبين أهله وربعه. في مسلسل «المسيح» التلفزيونيّ الإيرانيّ، الذي عُرض في لبنان ثم أوقف عرضه، شيء من هذا القبيل. ذاك أنّ أحد أطراف الشراكة المفترضة ناب عن الآخر في صورته إلى ذاته وفي روايته عنها. وهو، بنيابته هذه، كان يلغي الآخر الذي لا يملك أيّاً من احتمالات القيام بعمل مماثل. ولأنّ عملاً من هذا النوع غير مألوف بتاتاً في لبنان ذي الطوائف السبع عشرة، وذي الثقافات الفرعيّة السبع عشرة، دلّ الأمر إلى بُعدين متلازمين: أحدهما شعور المُلغي بقوّة فائضة تحمله على إسباغ الضعف الفائض على المُلغى. ولا يخفّف من هذا السلوك أيّ «تفاهم» مع الجنرال ميشال عون وتيّاره وجمهوره، إن لم نقل إنّ «التفاهم»، بإذعانه والتحاقه، يحضّ عليه!. والثاني، برّانيّة المُلغي الذي لم يفكّر لبنانَ مرّة بوصفه بلداً يقوم على التعايش بين مختلفين، وعلى مراعاة كلّ مختلف للمختلف الآخر. وواقع الحال أنّ تلك القوّة الفائضة لم تنجم، مهما قيل العكس، إلاّ عن تلك البرّانيّة. فليس سرّاً أنّ بندقيّة المقاومة تملك لوناً طائفيّاً معيّناً، وأنّ المقاومات السابقة، «الوطنيّة»، التي لم تملك مثل هذا اللون قد كُتب عليها الهلاك. لكنّ مسلسل «المسيح»، إلى هذا، يملك قيمة رمزيّة، وربّما فعليّة، أخطر. فليس جديداً في لبنان فرض سيناريوات وخطط سياسيّة على شرائح عريضة جدّاً من اللبنانيّين لا توافق على تلك السيناريوات والخطط. وليس جديداً، بالتالي، مطالبة جماعات بأكملها بدفع أكلاف لا تقلّ عن الحياة والموت من دون أن يكون لها رأي في ذلك. لكنّ الخوف الآن، وعلى هامش ذاك المسلسل ودلالاته، أن نكون باشرنا الانتقال من فرض السياسات إلى فرض العبادات. ذاك أنّ الطرق سالكة على خطوط الاستبداد لا تجد من يردعها، فيما النفس «الأمّارة بالسوء»، أمّارة أيضاً بعيوب أخرى، في عدادها قضم كلّ سلطة يمكن قضمها، في الدنيا كما في الدين. RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 08-18-2010 جاء الكاتب المصري صلاح عيسى من عائلة مصرية بسيطة مثل الأكثرية الساحقة من أبناء جيله. واسمحوا لي، على سبيل التصويب والاعتذار، أن أقول إن الجيل عند العرب أربعون عاما، بعدما كررت في هذه الزاوية النقل عن الغرب، بأنه ثلاثون عاما. وقد تنبهت إلى الخطأ عندما قرأت عند ابن خلدون تعريفه معنى الجيل، استنادا إلى القرآن الكريم: «حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً». أعتذر. في أي حال، جاء صلاح عيسى من عائلة بسيطة مثل جل العرب، إلا بعض الكتاب الذين يحاولون إغراءنا دائما بأنهم مخلوقات نادرة جاءت على صحون طائرة، فيما كان المريخ يرمي على الأرض ذهبا. وثمة اعتذار آخر وتصويب آخر لم يتسن لي قبل اليوم ولا حضرت مناسبته. وهو أنني من قراء صلاح عيسى منذ سنوات طويلة، وإن كانت مصادفة اللقاء لم تقع بعد. وعفوا على الاستطراد ولنعد إليه. فقد كان والده، مثل آباء معظم العرب في ذلك الجيل، رجلا متواضعا ووقورا وليس له سوى حلم بسيط واحد: العائلة وسكينتها. وليتولَّ إصلاح خلل هذه الدنيا وظلمها وعتيها وحقارتها، أحد آخر. وعندما لاحظ من بعيد، أن ابنه الجامعي يريد أن يغير العالم ويصحح دورة الأرض ويحرر الشعوب من الحاجة والجوع والطغاة، احتار كيف يوجه النصيحة إليه. واحتار. وازدادت حيرته. وذات يوم أمسك يد ابنه وقبلها وبكى. ولم يقل شيئا. لكن الابن - والأبناء مجانين - لم يفهم معنى قبلة الأب على يد الابن. تظاهر وذهب إلى السجن. ثم تظاهر ثم ذهب إلى السجن. وترك في المنزل أبا قبل يده من أجل أن يعفيه من مثل هذه التجربة: أن ينام الأب في المنزل وابنه في زنزانته. كم من الشبان ناموا سدى على بلاط السجون؛ ولم ينتصر إلا القهر والعبث والضياع. أجيال كثيرة طغت على آبائها بأنها لم تفهم أنهم يدركون عبث التعب في هذا الجزء من العالم. ففي اليوم التالي سوف تنزل الجماهير إلى الساحات للهتاف باسم الطغاة وبحياة الذين يقودونها إلى الموت والخراب والهزائم. وكان أصحاب الهزيمة يكلفون دائما صاحب المرادفات أن يعثر على تعبير مناسب، فيهمس: النكسة. وحده يملك براءة الاختراع. RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 08-24-2010 رفيق خامنئي في السجن لـ «الشرق الأوسط»: السلطة غيرت آية الله من تقي إلى قمعي هوشانغ أسدي يتذكر في كتابه «رسائل إلى معذبي» سنوات تعذيبه في السجن بعد الثورة الإسلامية لندن: راغدة بهنام «في ظل حكومة إسلامية، لن يذرف بريء دمعة واحدة»، يتذكر هوشانغ أسدي كلمات قالها له السيد علي خامنئي، باكيا، عندما عانقه قبل أن يفترقا في نهاية فترة احتجازهما في الزنزانة نفسها في سجن مشترك، أيام الشاه رضا بهلوي. بعد أقل من عشر سنوات، في عام 1984، وجد أسدي نفسه في سجن مشترك مجددا، هذه المرة في ظل الحكومة الإسلامية، يخضع لتعذيب ممنهج استمر نحو عامين. كان يذرف دموعا، ويتذكر وعد خامنئي له. يروي أسدي، وهو صحافي إيراني شيوعي، في كتاب مذكراته «رسائل إلى معذبي»، فصولا مروعة من التعذيب والإذلال تعرض لها خلال فترة 6 سنوات قضاها في السجن، سنتان منها تقريبا في سجن انفرادي. ويتذكر صداقته بخامنئي التي استمرت سنوات، ويصف كيف تغير هذا الرجل ليتحول عبر السنوات من رجل دين عرفه تقيا طيبا، ليصبح رأس السلطة التي لا تعرف لإسكات معارضيها إلا التعذيب والقتل. يقول أسدي لـ«الشرق الأوسط» إن «السلطة» هي التي غيرت خامنئي. ويؤكد أن الاتصال انقطع بينهما منذ ذلك الحين، رغم الصداقة الكبيرة التي جمعتهما في مرحلة معينة قبل وحتى بعد الثورة. يضيف: «نحن اليوم ننتمي إلى عالمين مختلفين. لا أرغب حتى في أن يعود الاتصال بيننا». على الرغم من مرور 25 عاما على انتهاء تجربته في السجن في ظل الجمهورية الإسلامية، ومغادرته إيران إلى منفاه في باريس في عام 2003، فإن الألم لا يزال حاضرا معه حتى في الذكرى. فقد تعرض لذبحة قلبية وهو يكتب مذكراته. وعلى الرغم من أن طبيبه طلب إليه التوقف عن الكتابة، فقد أصر على أن يكمل. يقول: «كتابة هذا الكتاب كانت صراعا مؤلما. كل فجر عندما أبدأ بالكتابة، كنت أعود إلى الجحيم». ولكن أسدي يؤكد أن كتابه ليس عن خامنئي والأخ حميد، بل عن التعذيب الذي لا يزال يمارس في بلدان كثيرة اليوم. يقول: «الكتاب هو بحث في موضوع يؤرق ضمير البشرية». ومن تجربته، يضيف: «كنت شابا يتوق للحرية، يشعر بوطنية عميقة، مغرما بالأدب. ظننت أن العالم يمكن أن يتغير. دعمت الثورة الإيرانية وأنا أؤمن بشدة بأن الديكتاتورية ستنتهي إلى الأبد، وبراعم الحرية ستتفتح». ويضيف: «ولكن فجأة وجدت نفسي في الجحيم... الأخ حميد ظن أنه يمثل الله على الأرض، ورآني على أني جاسوس وخائن وتجسيد للفساد والشر. كل ما افترضه عني كان علي أن اعترف به.. وفعلت تحت الجلد والحرمان من النوم والتعليق بحبل طوال أيام وليال والإيهام بأن زوجتي تخضع أيضا للتعذيب». يسرد في كتابه كيف ألقي القبض عليه في عام 1983، أي بعد نحو 4 سنوات من الثورة الإسلامية. رمي به في السجن الانفرادي لمدة 682 يوما. قضى أيامه هذه معزولا عن العالم، لا يشعر إلا بمعذبه، «الأخ حميد»، والصرصور في زنزانته. كان مطلوبا منه أن يعترف. ولكن بماذا؟ لم يكن يدري. اعترف بكل ما يعرف من دون جدوى. يتحدث كيف حوله جلاده من «شاب يؤمن بالمثاليات إلى أدنى شكل من أشكال الحياة على الأرض». وكيف أجبره معذبه على النباح كالكلب طلبا للكلام. شهران كاملان لم يذق فيها إلا طعم العذاب. كان يجلده «الأخ حميد»، على قفا قدميه حتى تتورما، وتسيل منهما الدماء.. عندما يتعب من الجلد، كان يعلقه من ذراعيه في السقف، حتى ألحق ضررا دائما بكتفيه. كان أحيانا يعلقه من قدميه حتى يتدلى رأسه إلى الأسفل ويلامس أنفه الأرض. أضجره أسدي مرة بطلبه الدخول إلى الحمام، فهدده «الأخ حميد» بأنه إذا ذهب للحمام سيطعمه غائطه. ظن أسدي أن الكلام مجرد تهويل.. إلى أن أتى له مساء بطاسة مليئة... قضى 9 أشهر في السجن، من دون أن يسمح له بإجراء مكالمة هاتفية أو يستقبل زوارا. وعندما سمح له أخيرا باستقبال الزوار، يروي رد فعل زوجته عندما رأته بعد تلك الأشهر الطويلة التي غيرت ملامحه، وكيف بدأت تصرخ «ماذا فعلتم بزوجي؟ أين هو؟ هذا ليس زوجي؟» كان قد خسر الكثير من الوزن، وأرخى لحيته، وتخلى عن نظارته بعد أن كسرها ليحاول الانتحار بها. حاول أسدي الانتحار مرات عدة داخل السجن، هربا من الألم. المرة الأولى ابتلع سائلا داخل قنينة ظن أنها سائل منظف، تبين له بعدها أن القنينة التي تركت في غرفة الاستجواب، تحوي كحولا. وفي المرة الثانية، كسر نظارتيه وقطع معصمه بطرف الزجاج، ولكنه سرعان ما استيقظ ليجد نفسه ملقى على سرير وقد علق له مصل. وجده الحارس قبل أن ينزف حتى الموت. تحت التعذيب، اعترف بأنه جاسوس بريطاني. وجاسوس روسي. وعميل مزدوج للسافاك اخترق الحزب الشيوعي.. اعترف بأن حزب تودا (الإيراني اليساري) الذي ينتمي إليه، حضر لعملية انقلاب (وهمية) ضد النظام الإسلامي، واختلق قصصا وتواريخ وأماكن... ولكن اعترافاته المختلقة، لم تكن كافية لمعذبه. ظل «الأخ حميد» ينشله من زنزانته في الليل، ويسير به إلى غرفة التعذيب ليلة بعد أخرى.. حتى قرروا إعفاءه من الإعدام، والحكم عليه بـ15 عاما في السجن، بعد أن كذب في جلسة محاكماته وقال إنه يكره ماضيه وإنه بات مكرسا لخدمة الخميني. ولاحقا صدر عفو بحق المعتقلين السياسيين وأطلق سراحه بعد 6 سنوات قضاها في السجن. لاحقا، عندما غادر إلى باريس، يروي أن شخصا أرسل إليه رسالة إلكترونية ملحقة بصورة السفير الإيراني في كازاخستان، مع سؤال: هل تعرف هذا الرجل؟ بالطبع يعرفه. فالسفير ليس إلا «الأخ حميد»! تلك التجربة التي عاشها في سجن الجمهورية الإسلامية، أعادت إلى ذهن أسدي وعد خامنئي له، وعلاقته به. كان لا يزال يعتبره صديقه حتى قبل فترة قصيرة. يتذكر في كتابه المرة الأولى التي رأى فيها خامنئي عندما رُمي به في زنزانة مشتركة بعد أن ألقي القبض عليه في خريف عام 1974. يقول: «رأيت رجلا، نحيلا للغاية، يلبس نظارات، وقد أرخى لحية سوداء طويلة. كان يجلس على تلة من بطانيات سوداء. لقد أدركت أنه رجل دين لأنه كان يرتدي عباءة صنعها من لباس السجن. وقف وابتسم ابتسامة لطيفة، مد يده وعرف عن نفسه: سيد علي خامنئي. أهلا». يروي كيف قضى أشهر سجنه في ظل حكم الشاه برفقة خامنئي، تشاركا خلالها قصصا حميمة وتحدثا في الفلسفة والشعر والأدب.. أخبره خامنئي الذي أصبح اليوم المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، كيف وقع في حب زوجته، وكيف تقدم لها وهما يجلسان تحت شجرة بالقرب من نبع، وأمامهما خرقة كبيرة ممدود عليها خبز وعدة أنواع من السلطات.. روى له قصصا عن ولديه مصطفى وأحمد، حتى شعر أسدي في فترة قصيرة أنه تعلق كثيرا بهذا الرجل، كما لم يتعلق بشخص بهذه السرعة من قبل. «بسرعة كبيرة، عاطفة غريبة تطورت بين هذا اليساري الشاب الساذج، وذاك الرجل التقي الذكي، في تلك الزنزانة الضيقة، وكان لها عواقب سياسية»، يروي أسدي في كتابه. حينها كان أسدي يبلغ الـ26 من العمر، بينما عمر خامنئي 37 عاما. يصف أسدي خامنئي على أنه رجل تقي للغاية، كان يبكي وهو يصلي من شدة ورعه. يقول: «كان يتوضأ في الحمام، بطريقة جدية ومهيبة. ولكن معظم وقته، وخصوصا في وقت المغيب، كان يقضيه واقفا أمام النافذة. كان يسمع القرآن بهدوء، يصلي، ومن ثم يبكي، ينتحب بصوت عال. كان يفقد نفسه كليا في الله. كان هناك شيء في هذه الروحانية يحاكي القلب». يتحدث أيضا عن جانب مرح في شخصية خامنئي. يقول إنه كان يحب النكات، وكان دائما يرحب بأي نكتة تطلق شريطة ألا تكون فظة. ويقول: «كان يحب النكات غير المهينة، كانت تجعله ينفجر من الضحك. ولكنه لم يكن يحب النكات الفظة ولو قليلا، والإيحاءات الجنسية هي التي كانت تفصل بين النكات البريئة والأخرى الفظة». ورغم أن أسدي يقول عن نفسه إنه ملحد، فإن خامنئي لم يكن يشعر بالنفور منه بسبب ذلك. بل يروي ما قاله له مرة خلال إحدى جلساتهم: «أنت مسلم. يمكنني أن أرى الله في قلبك. حتى عندما تتحدث عن الإلحاد، فإن نفسك يشتم منه رائحة الله». ويصف جانبا طيبا في شخصية آية الله، ويقول: «كلما كان يشعر بأنني غارق في البؤس، كان يناديني ويقول لي: (هوشانغ، قف، لنذهب ونتمش) وخلال هذه المشيات اليومية، كنا نمشي ذهابا وإيابا في الزنزانة الصغيرة حتى الإجهاد.. وكنا نقضي هذه الساعات الطويلة الباردة نتحدث مع بعضنا. كنت أتحدث عن طفولتي، عائلتي وعملي كصحافي. كان يتحدث معظم الأوقات عن عائلته». يروي مدى تعلق خامنئي حينها بالتدخين. يقول إن كل سجين كان يخصص له سيجارة واحدة يوميا، ولأنه ليس من المدخنين كان يتخلى عن سيجارته ويمررها لخامنئي. ويضيف: «كان يقسم السيجارتين إلى ستة أقسام، ثم يأخذ لذة كبيرة في إشعال كل قسم منفرد». لكنه يتحدث أيضا عن رجل تختلف رؤيته للدنيا تماما عن كل ما يعرف. يقول إن ما كان ينظر إليها على أنه نكتة وشيء مضحك حينها، أدرك في ما بعد، أنه كان جديا ويعكس ثقافتين ونظرتين للعالم مختلفتين كليا. من تلك الاختلافات، يروي كيف كان خامنئي يستحم في الحمامات المشتركة في السجن وهو يرتدي سرواله التحتي. عندما سأله عن السبب، قال له إنها «خطيئة أن يرى رجل الأعضاء التناسلية لرجل آخر». قال إنهما توصلا لحل فيما بعد؛ أن يتعهد أسدي بألا ينظر إليه عندما يحين وقت الاستحمام، وهو دقيقتان كانتا تخصصان أسبوعيا للمساجين. ثلاثة أشهر، تقاسم خلالها أسدي مع خامنئي الزنزانة نفسها، والتحفا بالبطانية نفسها، وتشاركا قصصهما الحميمة. يقول أسدي إنها كانت ثلاثة أشهر، ولكن بعمقها أقرب إلى ثلاث سنوات. افترقا بعدها ولكنهما بقيا على تواصل لسنوات تلت. يروي أسدي يوم افترقا، كيف كان خامنئي يبكي متأثرا. ويقول: «جاء أحد الحراس وأمرني بأن أحمل بطانيتي وأمشي. وهذا يعني أنهم ينقلونني. كنا دوما ما نتحدث عن أين سنلتقي بعد إطلاق سراحنا. عانقنا بعضنا وبكينا. شعرت بأن رفيقي في الزنزانة كان يرتجف. افترضت أنه برد الشتاء الذي يجعله يرتجف، فخلعت كنزتي وأصررت على أن يأخذها.. أخذها وارتداها. عانقنا بعضنا. شعرت بالدموع الحارة تسقط على خديه وفي صوته، وقال لي، ما يزال يدوي في أذني: في ظل حكومة إسلامية، لن تذرف دمعة واحدة من بريء». بقي أسدي على تواصل مع خامنئي بعد خروجه من السجن. كان دائما يحتفي به احتفاء خاصا، ويقبله ثلاث قبلات على خديه كلما رآه. يروي أسدي كيف اقترح، إرضاء لخامنئي، أن يساعد على تأسيس أول جريدة في الجمهورية الإسلامية، بعد أن رفض تولي منصب رئاسة التحرير فيها، كي لا يخدع نفسه. فهو شيوعي، ولن يصبح يوما إسلاميا، على الرغم من أنه أيد الثورة تأييدا كاملا. ولكنه قبل الثورة، كان يشغل منصب نائب رئيس التحرير في صحيفة «كيان»، أكبر الصحف الإيرانية حينها. وبسبب علاقته الوثيقة والخاصة بخامنئي، ظن أسدي أنه سيكون محصنا ضد حملة الاعتقالات التي شنتها الجمهورية الإسلامية حينها ضد رفاقها في الثورة، الشيوعيين. ولذلك فعندما ألقي القبض عليه في عام 1983، ظن أن من يعتقلوه هم السافاك (رجال مخابرات الشاه)، وليس الحرس الثوري الإيراني، وأن انقلابا ما بتدبير أميركي حصل ضد حكم الملالي. لكنه سرعان ما تأكد أن رجال الثورة هم الذين اعتقلوه.. وبدأ مع ذلك فصل جديد من حياته غيّر كل شيء. اليوم، بعد أن أصبح في المنفى في باريس، لا يزال يرفض التصديق أن هذا الرجل الذي لا يتذكره إلا تقيا، يبكي وهو يصلي، يمكنه أن يتحول إلى شخص مختلف لهذه الدرجة. يقول: «على الرغم من مرور سنوات كثيرة، وأنا مسجون في المنفى.. لم تغادر هذه العاطفة قلبي. عقلي يقبل ما يقال عن دوره في السياسة، ولكن قلبي يرفض الاتهامات». ويقارن في مكان آخر من الكتاب بين خامنئي ومهدي كروبي، أحد قادة الثورة الخضراء في إيران اليوم، الذي تشارك معه أيضا زنزانة جماعية في عام 1975 على أيام الشاه. ويقول في كروبي الذي لم يكن حينها قد أصبح إماما بعد، إنه لم يكن يتمتع بحساسية خامنئي خلال الاستحمام، وإنه «كان يشعر بالراحة بيننا». ويقول فيه: «كان لديه الشخصية نفسها التي يتمتع بها اليوم. أحيانا يبدو لي أنه لم يتغير قط. حامي المزاج وصريح، ولكن مباشر جدا ولطيف للغاية». يروي كيف كان كروبي يصر على أن يشرب كل سجين في الزنزانة رشفة من علبة حليب صغيرة وصف له الطبيب تناولها يوميا بسبب معاناته من القرحة في معدته. يقول إنه كان يصر على أن يأخذ الجميع رشفة، «بما فيهم اليساريون». ومن بين ما يرويه عن كروبي أيضا، قصة تجنب المساجين اختياره ليكون في فريقهم في لعبة كانوا يتسلون بها، لأنه كان دائما يدفعهم للخسارة. كانت اللعبة المؤلفة من فريقين، تقضي بأن يبحث اللاعبون عن بحصة مخبأة في يد أحد اللاعبين. يقول أسدي: «لقد فسرنا له مرات عديدة: ليس من المفترض بك أن تفتح اليد التي تخبأ بها البحصة إلا عندما يلمسها قائد الفريق الخصم ويقول لك أعطني البحصة. كان كروبي يهز رأسه على أنه فهم. ولكنه عندما تكون البحصة في يده، إذا سأله عضو في الفريق الخصم: سيد كروبي، هل لديك البحصة؟ يرد: نعم البحصة معي. ويفتح يده على الفور ليريهم إياها. إذا لم تكن معه. يقول: لا لم يعطوني إياها». يحمل أسدي معه هذه الذكريات إلى منفاه، ورغم كل ما حصل في إيران ولا يزال يحصل، فهو لا يزال متفائلا بمستقبل البلاد. يقول: «الحركة الخضراء ولدت من قلب الاضطهاد ولكنها مبينة على حوار الحرية.. ومؤيدوها هم ملايين الشباب في إيران. 70 في المائة من الشعب الإيراني ما دون الـ35 من العمر، بينما حكام النظام هم رجال دين عمرهم فوق الـ70.. ولهذا السبب اعتمدوا سياسة القتال حتى النفس الأخير». ويضيف: «أؤمن بأن نظاما ديمقراطيا مؤسساتيا سيولد في إيران». عندما أسأله إذا كان يرغب بتوجيه رسالة ما لخامنئي، يقول: «أرغب في تذكيره بالعناق المؤثر في نهاية فترة تعايشنا قبل ثورة عام 1979، ووعد الفراق الذي قطعه على نفسه: في ظل حكومة إسلامية، لن يذرف بريء دمعة واحدة». RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 08-27-2010 مفاعل برج أبي حيدر الجمعة, 27 أغسطس 2010 حسام عيتاني عندما حصر الأمين العام لـ «حزب الله» صفة «أشرف الناس» بجمهوره وحلفائه، مستخدماً صيغة أفعل التفضيل، أنشأ مشكلتين، معرفية وكيانية، ظهّرتهما اشتباكات برج أبي حيدر بين فرقتين من أولئك «الناس». فعنف التراشق بالرصاص والقاذفات الصاروخية، يشير إلى أن بين مسلحي «حزب الله» و «جمعية المشاريع الخيرية» المنضويين في تحالف واحد، فارق ما، ليس هو «الشرف» طالما انهما ينتميان إلى السوية عينها المشرّفة والمفضّلة على سائر خلق الله، الأقل شرفاً، بالتعريف. عليه يبرز السؤال: من هو الطرف الأكثر أو الأكبر شرفاً بين المقتتلين في أزقة تلك المنطقة البيروتية؟ هذا «معرفياً». أذا جاء الجواب أن الجانبين متعادلان في مرتبة الشرف، بحسب الحكم الصادر عن الأمين العام للحزب، تعين التمعن في فوارق أخرى بين تنظيمين مسلحين ينتميان إلى حركات «الإسلام السياسي» ويضمنان الخير والسعادة للإنسان في الدنيا والآخرة. استحالة الانقسام الأفقي بين شريف وأشرف، (لأن التنظيمين من فئة «أشرف الناس» أو طبقتهم) تترك المجال مفتوحاً للانقسام العمودي، أي ذاك الذي تحدده انتماءات أعضاء الجماعتين المسلحتين وارتباطاتهما الداخلية والخارجية وميولهما «الثقافية». هذا من الجانب الكياني او «الأنطولوجي». لذا يصبح الاحتراب فعل وجود أو تأكيد الصفة والميزة الوجودية. لكن كبار الشأن عند المتناحرين أكدوا «تفاهة» الحادث الذي أودى بحياة ثلاثة أشخاص وأصاب أكثر من عشرين آخرين بجروح ودمر عشرات السيارات والحق أضراراً جسيمة بمنازل ومحال تجارية ومسجد. وإذا أخذ المرء أقوال أصحاب الشأن في شأنهم، لبدا إدغام «التفاهة» بالوجود أمراً مبرراً وسليماً. فأن يلقى ثلاثة أو ثلاثمئة أو ثلاثة آلاف إنسان مصارعهم، لا يزيد في أعين المجتمعين عند مخابرات الجيش عن «تفاهة» من الأصلح تجاوزها وتناسيها بين أبناء الصف الواحد وهؤلاء يقتلون من بعضهم من يشاؤون أو يعفون عمن يستحق عفوهم. واشتباكات «حزب الله» و»جمعية المشاريع الخيرية» (والتناقض بين حيادية الأسماء وأداء مسمياتها مهمات وأدوار «غير محايدة»، من الثوابت في حياة سياسية ديدنها إضمار غير ما يعلن ويُشهر) وقعت في الوقت الذي كان الأمين العام للحزب يدعو إلى فرض قانون طوارئ وإقامة محاكم ميدانية للنظر العاجل في قضايا العملاء. غني عن البيان أن الحزب والجمعية المشغولان بقضايا كبرى مثل مستقبل الأمة وتحصينها من الاختراقات الإسرائيلية، لن يريا من الصواب في شيء إقامة هذا الضرب من المحاكم لردع مقاتليهما عن نشر الرعب بين البيوت. فأمن «المقاومة» يعلو على أمن البلاد، ولا علاقة بين انتشار مئات المسلحين في الشوارع خلال دقائق من ليلة ظلماء، وبين حفظ أمن «المقاومة» الذي يجب أن تداس كرامة المواطن ويذل ليلا ونهاراً في سبيله. وهذا درس من السابع من أيار (مايو) 2008، «اليوم المجيد» في تاريخ المقاومة الإسلامية على ما أفتى الأمين العام، يتكرر في آب (أغسطس) 2010، كما سبق أن طبق في أكثر من يوم ومناسبة، شهدت سفك دماء بلا معنى إلا «التفاهة» المتفشية. وإذا كانت الحملة الترويجية لبناء مفاعل نووي في لبنان، لا تزيد عن دعاية لانجازات الحكم في طهران، فإن مفاعل آخر أثبت ليلة المعارك البيروتية أنه يعمل بكامل قدراته هو مفاعل الاقتتال الطائفي الذي يصهر اللبنانيين ويطحن عظامهم وحيواتهم. اتخذ المفاعل هذا من برج أبي حيدر موقعاً له قبل أيام، ويرشحه غياب متفاقم للدولة وللمجتمع المدني لجولة واسعة على الأراضي اللبنانية. RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 09-07-2010 كانت أوسلو النجاح التفاوضي الوحيد. مرت على أوسلو 17 سنة، سجل فيها المفاوضون 4 إخفاقات مدوية، نجم عنها تعثر استكمال تنفيذ التسوية. وحروب صغيرة. وعمليات انتحارية. وغياب مفاوضين. وظهور مزايدين ومساومين آخرين. وجه الشبه كبير بين مفاوضات «أنا بوليس» ومفاوضات «أنا أوباما». كان جورج بوش كارثة على العرب: احتل العراق. منح شارون ضمانا بعدم اعتراض استيطان الضفة. لم يتدخل لإنقاذ مفاوضات أنا بوليس. انتهى سلام «أنا بوش» بحرب في غزة. نحن اليوم في عصر «أنا أوباما». يبدو الرئيس المثقف أكثر جدية. لكن في التطلع إلى الوراء، فالتشاؤم حقيقي. التشاؤم تعبير عن التحفظ. عن الخوف من فشل المفاوضات مرة أخرى. مع ذلك، ففي طيات هذا التشاؤم، يلوح أمل عربي بإمكانية التوصل إلى تسوية. هذا الأمل راجع إلى انقلاب في الموقف الإسرائيلي! من الزعل مع أميركا أوباما، إلى إقبال بنيامين نتنياهو على التفاوض «بلذة» ظاهرة. إلى الإعلان عن الاستعداد لتقديم «تنازلات مؤلمة». ما لبث أن فسرها شريكه اللدود إيهود باراك، بالتلويح بترك أحياء القدس العربية لربع مليون عربي مقدسي، ربما في إشارة، إلى جعلها عاصمة للدولة الفلسطينية. المشهد في واشنطن أكثر من صورة. في «أنا أوباما»، تم جمع الأطراف المعنية مباشرة بالنزاع. دلالة على الجدية: عباس. نتنياهو. هيلاري. ميتشل. غاب وزراء الخارجية المتشائمون الذين حضروا «أنا بوليس». حضر العرب، ربما الأقل تشاؤما، حضر رئيس مصر وعاهل الأردن الدولتين المرتبطتين بمعاهدة سلام مع إسرائيل. في أية مفاوضات دولية تضم أطرافا متعددة، لا بد من مرجعية متفق عليها سلفا، مرجعية تشكل قاعدة للتفاوض. في مفاوضات «أنا أوباما»، المرجعية في هذا السر الذي قلب الموقفين الأميركي / الإسرائيلي، من التباعد، إلى الظهور المشترك على مائدة المفاوضات. ما هو السر؟ الصحافة لا تملك مفتاحا يصل إلى أدلة ومستمسكات. في غزو العراق، مضت سنين قبل أن تعرف الصحافة أن بوش شن الحرب، بناء على معلومات مضللة عن امتلاك صدام أسلحة استراتيجية. الصحافة، اليوم، لا تمتلك سوى القياس. الاستنتاج. التحليل. المتابعة الدقيقة والربط الموضوعي بين الأحداث والظروف والمواقف، من دون تشنج. لعل الضيق بدأ يراود إدارة أوباما إزاء سياسات النظام الإيراني. منح أوباما إيران نحو سنتين للتوصل إلى تفاهم سلمي، يعترف بها دولة إقليمية كبرى، لها سيادتها. استقلالها. أمنها. مصالحها، على قدم المساواة مع تركيا. مصر. السعودية. وإسرائيل، في مقابل التزامها القانوني الدولي، من دون مغامرات. ومزايدات. واختراقات لعرب المشرق والخليج، تستند إلى غيبيات مذهبية. يبدو خامنئي ونجاد عازمين على بناء استقرارهما الداخلي على «تخويف» الإيرانيين والعرب من أميركا، مستغلين الانحياز الأميركي لإسرائيل. في كل يوم، هناك دق على الصدر. لاستفزاز أميركا علنا. تهديدات ضمنية للعرب ولإسرائيل. إعلانات عن اختراعات صاروخية. مواصلة للنشاط النووي. دفع الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين إلى الصدام مع إسرائيل، لكن من دون مشاركة إيرانية في المواجهة. من هنا، فالدلائل والمعلومات تشير إلى أن إدارة أوباما باتت أكثر اقتناعا ومسايرة لرؤية إسرائيل وحكومة نتنياهو بضرورة الإسراع في معالجة العقدة الإيرانية، قبل التوصل إلى امتلاك القنبلة. الأرجح أن التفاهم الثنائي تم على أساس منح إيران «سنة دبلوماسية» أخرى، للتوصل إلى تفاهم إقليمي معها، يلجم اختراقها للخليج والمشرق، ويضع نشاطها النووي، تحت إشراف ومراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن لماذا الانتظار سنة؟ لعل وعسى العقوبات تنجح. في الرؤية الأميركية، لردع إيران. أيضا، أميركا بحاجة إلى سنة، تستكمل فيها بناء قواعدها العسكرية في العراق، بالإضافة إلى قواعدها القائمة في أطراف الخليج. سنة أيضا كافية للانسحاب من حرب غير مجدية في أفغانستان وباكستان. كما هو مقرر في مخطط أوباما. غير أن الحسم مع إيران لن يكون مقنعا للعرب وللعالم، من دون الحسم مع إسرائيل. من هنا، فالسر يكمن في استدارة نتنياهو نحو التفاهم مع أوباما، حول التوصل مع الفلسطينيين إلى تسوية خلال سنة، بل نتنياهو نفسه هو الذي اقترحها مدة كافية. هذا التصور الأميركي، للمنطقة، خلال عام، يبدو حلما رومانسيا لمثقف كأوباما، ما زال يحمل في ذهنه مثاليات إنسانية، لعالم خال من الأسلحة النووية. لكن التاريخ القريب والبعيد يثبت أن المثقفين المثاليين كانوا ضحايا لخداع الساسة المحترفين. هل السياسي المحترف نتنياهو يخدع المثقف أوباما؟ هل ينفق سنة في المساومة مع عباس، انتظارا للسماح له بقصف إيران، بمشاركة أميركا؟ نجاد سارع إلى الإعلان الفوري عن «موت المفاوضات». هو يدرك أن نجاحها يهدد نظامه. تحركت حماس لنجدة إيران. ربما يتحرك حزب الله غدا. سورية صامتة. تعرف أن اتفاقا مع الفلسطينيين يضعف موقفها التفاوضي على استعادة الجولان. مع ذلك تحركت دمشق للتشديد على الإسلاميين المتزمتين، تأكيدا ذا معنى لإيران، بأن سورية دولة علمانية. حياة نتنياهو السياسية والحزبية. تربيته العائلية. زوجته. أبوه. ثقافته... كلها ضد موقفه التفاوضي اللين والمعلن. كان ضد مدريد. ضد أوسلو. ضد «تنازلات» باراك وشارون. ضد الانسحاب من غزة وجنوب لبنان. لكن نتنياهو كالنعجة «دوللي». في الحكم هو نسخة أخرى مختلفة: حاول استكمال تنفيذ أوسلو في اتفاق واي ريفر (1997) مع سلطة عرفات. انسحب من الخليل. كاد ينفذ انسحابين آخرين في الضفة، لولا «طوشة» المستوطنين وهوجة الليكود. نتنياهو اليوم في عصر «أنا أوباما»، كما كانت النعجة «دوللي» في عصر «أنا كلينتون». هل هو حقا جاد في تقديم «تنازلات مؤلمة»، لإرضاء أوباما، من أجل التوصل إلى حسم مع إيران؟ ائتلافه الحكومي الحالي قد لا يرضى بتسوية؟ هل يغيره باستنساخ دوللي «حكومية» مع تسيبي «كديما»، وعمال باراك، وحزب شاس، لتمرير التسوية في الكنيست؟ والعرب. هل يثقون بنتنياهو؟ ذهب العاهل الأردني عبد الله الثاني إلى واشنطن غاضبا على رئيس الحكومة الإسرائيلية. الرئيس مبارك له رأي سابق به: «نتنياهو لا يحترم كلمته. يفعل كل شيء لكي لا يقول شيئا». مع ذلك، تعهد مبارك في مقالة له في «نيويورك تايمز» باستضافة المفاوضات، مطالبا بتجميد الاستيطان. ملحا على المصالحة بين فتح وحماس. مقترحا إنزال قوات دولية مؤقتة في الضفة، لتجنب مرابطة قوات إسرائيلية في غور الأردن. سنة أخرى من الحيرة. «أنا أوباما» سر. نتنياهو لغز. الخاسر الوحيد، في حال فشل التسوية، هو العجوز محمود عباس. الفشل سوف يضع حدا لحياته السياسية. الآخرون سوف يستأنفون اللعبة الخطرة. ربما مفاوضات جديدة لإقامة دولة واحدة. بعد استحالة استيلاد «دوللي» فلسطينية، من رحم احتلال مهووس بالاستيطان. http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&issueno=11606&article=585650&state=true RE: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 09-14-2010 ميشيل كيلو: عـن «خيانـات» المثقفيـن! طباعة أرسل لصديق السفير 14/ 09/ 2010 لأسباب كثيرة، اتهم المثقفون، خلال تاريخ أوروبا الحديث، بالزئبقية والتذبذب بين الطبقات الاجتماعية ومواقفها وأيديولوجياتها ومصالحها. قال نقاد المثقفين، إن هؤلاء لا يمثلون طبقة اجتماعية ثابتة، ولا ينتسبون إلى أحد قطبي المجتمع الحديث: قوى رأس المال من جانب، والعمل من جانب آخر، لذلك تراهم وسطيين يتأرجحون بلا توقف بين هذين الطرفين المتصارعين، دون أن يثبتوا، في الغالب، على رأي أو موقف، أو يحددوا سمتاً واضحاً لحركتهم، فهم قريبون من العمال هنا ومن رأس المال هناك، وهم يبتعدون عن الاثنين وينعزلون دونما سبب واضح عن الصراع الاجتماعي والفكري، أو يخوضون صراعات مزيفة ومفتعلة، هي بديل ما كان عليهم فعله، لو كانوا من أصحاب الانتماء الطبقي الواضح. هذا الرأي أدى إلى نتيجتين مهمتين، فقد: ـ تعاملت الحركات العمالية مع المثقفين بالنبذ والاحتقار، ورفضت ضمهم إلى صفوفها باعتبارهم تكويناً مجتمعياً يتمتع باستقلال نسبي، حتى غدا لقب المثقف شتيمة، وصارت الثقافة ذميمة، وانتشر القبول بضرورة إخضاع الفكر والمعرفة (أي الثقافة) لضرورات التكتيك السياسي، ولوضع المثقف تحت سلطان الحزبي، بحجة أنه ليس للثقافة هوية طبقية ثورية، وأنها تضلل العمال وتنشر أيديولوجيا ضارة في صفوفهم، تبلبلهم وتشوش عواطفهم وأفكارهم، فلا مفر من نبذها والحذر منها، وتقييدها. ـ بنبذ المثقفين، انحطت قيمة الثقافة وانحدر دورها في حياة المجتمع وعلاقات أطرافه، وحدث تقــسيم عمل وضعها في جانب، وجعل العمال كقوة مجتمــعية صاعــدة في جانب مــقابل، مما أبعد الثقــافة عن قطاعات شعبية واسعة، ووضعها، دون رغبة من المثقفين بل وضد إرادتهم غالباً، في صف من اعتبروا أعداء الشعب من برجوازية وجهات رجعية ومحافظة. في أجواء كـهذه، انتشرت أسطــورة «خــيانات المثــقفين»، وراج الحديث عنهم كخصوم للقوى العاملة والمحرومة، وصارت الثقافة مسبة وتهمة، وظهر تمجيد العفوية على حســاب الوعــي، واعتبرت الأولى ـ العفوية ـ فطرة إنسانية سليمة تفضي إلى موقـف طبقي صحـيح، والثانية تشويها يضلل من يبتلى به. كما وضع الالـتزام في مرتبة أعلى بكثير من حرية الفكر، التي اعتبرت ضـربا من مرض برجوازي وغير إنساني. وعلى الرغم من أن قيادات الحركة العمالية الأوروبية كانوا في معظمهم من الطبقة الوسطى والمثقفين، فإنهم لم يفكروا بتغيير نظرة أتباعهم إلى حملة الثقافة، وقيل في تبرير هذه المفارقة إن من انضموا إلى الحركة العمالية تحولوا بفضل مواقفهم وانتماءاتهم وأيديولوجيتهم الطبقية إلى عمال، ولم يعودوا من طبقة المثقفين. بذلك تحول الرأسمالي ومالك المصانع من أمثال فريدريك إنجلز، صديق ماركس، إلى عامل، وصار لينين بدوره عاملاً بالاختيار. تلك حقبة كرست تقديس العامل وتخوين المثقف، الذي لم يعد لديه ما ينجيه غير تغيير جلده والانتساب إلى فردوس العمال. لم يكن مؤسسا ما سمي فيما بعد «الاشتراكية العلمية» عاملين، بل كانا من أبرز مثقفي عصرهما وربما التاريخ، ومع ذلك، تم تخوين المثقفين وإخراجهم من ملكوت التقدم والثورة باسم نظريتهما، التي قيل إنها ترتقي بمعتنقها إلى مستوى من وعي الواقع يضعه خارج وفوق شرطه الذاتي والموضوعي، يقيه التحول من عامل إلى مثقف، ويجعل منه كادراً، تقني ثورات وحركات اجتماعية، يختلف عن المثقف اختلاف الأرض عن السماء. هذه المفارقة الغريبة عاشت إلى زمن غير بعيد، شهد مهازل أوهمت العمال والفلاحين وبقية الكادحين أن جهلهم خير من ثقافة المثقف، فهو لا يحول بينهم وبين معرفة الواقع وتغيير مسار التاريخ، بينما المثقف تائه محتار، وانتهازي يتربص بالواقع قبل تحديد موقفه، ليسارع إلى الانخراط فيه وتغيير جلده، وينقلب من خصم لقوى العمل إلى نصير لها . [ [ [ [ تغيرت النظرة إلى المثقف، مع تبدل استراتيجيات الثورة والصراع في المجتمعات المتقدمة والحديثة، والقول بإمكانية الانتقال السلمي إلى الاشتراكية، منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، وفشل الثورات الاشتراكية والأحزاب الشيوعية في الغرب، وتهافت الاعتقاد بصحة وصواب نظرية الطبقتين المتصارعتين /المتجابهتين في كل مجتمع، واستبدالها بنظرية الطبقات الثلاث، التي اعتبرت الفئات البينية لاعباً لدوره أهمية هائلة في تقرير مصير الصراع الاجتماعي، كما ظهر في تجربة الفاشية في إيطاليا والنازية في ألمانيا، فلا بد إذن من كسبها أو تحييدها بكسب أو تحييد مثقفيها، ولا بديل لضم هؤلاء إلى الحركة العمالية، كي لا يذهبوا في الاتجاه الآخر ويصيروا ضدها، علماً بأن انقساماتها أضعفتها وقوّت حاجتها إلى حلفاء يعززون مواقعها. مع القول بإمكانية الانتقال السلمي إلى الاشتراكية، وانتقاد السياسات العمالية على يد مثقفي العمال العضويين أنفسهم (جرامشي مثلا). اقتربت الحركة العمالية من المثقفين، وأخذت ترى فيهم «إنتلجنسيا» تقدمية، إن انحازت إلى العمال مكنتهم من التخلص من بعض مظاهر ضعفهم، ومن اختراق الخصم بالأسلحة الثقافية/ المعرفية، التي لطالما أتقن استخدامها ضدهم. ... كما سقطت التحفظات على المثقفين، مع تعاظم الثورة العلمية / التقنية، واتضاح دور الفكر في كشف أسرار الواقع وتخليصه من أزماته وتجديده، وتعثر تجربة الاشتراكية السوفييتية وانكشاف طرق سحق المثقفين، وانتصار ثورة العالم الثالث على الاستعمار الغربي، التي لعب المثقفون الدور الأول فيها... أخيراً، مع اهتمام الدول المتقدمة بالثقافة والمثقفين، وصدور عشرات آلاف الكتب والدراسات بأقلامهم. استعاد المثقفون مكانتهم شيئاً فشيئاً، ووسعوا دائرة حضورهم ونفوذهم، وتحولوا إلى فرسان يخوضون معارك إنسانية ونبيلة بالنيابة عن إنسانية لم تتجهّز بعد للنزال الأخير، فهم يعدّون عقولها ونفوسها لانتصار عملي سيلي انتصاراتهم النظرية، وهم بالتالي طليعة ثورة يرتبط نجاحها بنجاحهم، تتكوّن من طور أول هم محاربوه، أسلحته ثقافية أساساً، يدك المثقف خلاله حصون العدو الأيديولوجية والفكرية، وطور ثانٍ ستكمل الطبقات العاملة فيه عمل المثقف، بالاستيلاء على السلطة وإنجاز الانقلاب الاجتماعي والسياسي الحاسم. في الطور الثاني، سيلعب المثقفون دوراً لا يقل أهمية عن دورهم في الطور الأول، فهم من يقود، إذن، عملية الثورة في طوريها، وعليهم يتوقف الاستيلاء على الحكم واستمرار الثورة ونجاحها. بذلك، انقلبت النظرة إلى المثقفين من النقيض إلى النقيض، وتحوّل المثقف إلى مناضل ثوري ورافعة للعمل السياسي والنضالي والفكري، تتوقف على نشاطه أقدار المجتمعات والدول، فهو الفاعل الرئيس في الشأن العام، وصاحب المشروع الثوري وحامله ومحققه، ومنتج فكر الانتصار، الذي يتوقف عليه كل أمر آخر. باكتشاف المثقف والاعتراف بدوره، صار صاحب الكلمة وخصم النظم، وخاصة المستبدة منها، والمدافع عن حقوق الشعب، وداعية المجتمع المدني، وخفت الحديث عن «خياناته»، بينما تبنّت النظم القائمة خطاب العمال السابق تجاهه، وأخذت تحرض الشعب عليه، خشية أن ينقلب الفكر، باحتلال وعي المواطنين، إلى قوة مادية يصعب قهرها. [ [ [ [ في الماضي، بالغ العاملون بأيديهم في احتقار المثقف واتهامه بالسلبية والهروب. وهم يبالغون اليوم في إيجابيته وقدرته، ويرون فيه قدوة ومرشداً يرتبط خلاصهم بدوره. هذا الانقلاب، يبرز أهمية الثقافة ودور وتأثير المثقف، ويرى فيه جهة فاعلة في الدفاع عن الإنسان وحقوقه، خاصة في المجتمعات المتأخرة، الغارقة في احتجاز سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي معقد ومزمن، أضعف كثيراً وجود ودور البرجوازية والعمال، فلم يبق من قوة يمكن أن تحمل التقدم وتخرج هذه المجتمعات من مأزقها التاريخي غير فئات المجتمع الوسطى، التي يحتل المثقف مكانا مهما فيها، وله دور كبير في تعيين وظائفها وتوسيع قدراتها! هل انتقلت العلاقة مع المثقف من الخــطأ إلى الــصواب؟ هل كان المثقف في الماضي خائناً فصار اليوم مخلّصاً؟ وهل كان يتأرجـح بين الطبقات فانحاز اليوم إلى الشعب، أم أنه يتأرجح اليوم أيضاً بين السلطة والمجتمع؟ أعتقد أن عندنا نمطين من المثقف: واحد يرى نفسه ودوره بدلالة السلطة، وآخر يعين دوره بدلالة المجتمع. وبينما يميل مثقف النمــط الأول إلى السلطة، ويلتحق بسدنتها، وينقلب إلى مطبل ومزمر عندها، فيكون مثقفاً من النمط الذي خان الشعب، يتبنى مثقف النمط الثاني حرية المواطن وحقوق الإنسان والمجتمع المدني، ويبني دوره في إطارها، فهو بشير زمن آت وصانع الطور الأول، الفكري/ المعرفي، من الثورة، وشريك فاعل في طورها الثاني، وجهة محورية في الشأن العام، رأسه مخبر المادة الفكرية/ المعرفية، الضرورية لطور الثورة الأول، الثقافي/ المعرفي/ الفكري، الذي لا صانع له غير المثقف. [u]بأي الدورين يجب أن يقوم المثقف العربي؟ هذا هو السؤال، الذي ستقرر الإجابة عليه ما إذا كنا جديرين بالحرية، أم مخلوقين لما نحن فيه من استعباد! [/u] الرد على: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 10-11-2010 عواصف قادمة في غياب الحلول! الحياة اللندنية GMT 000 2010 الإثنين 11 أكتوبر عرفان نظام الدين يخطئ من يظن أن الأزمات العربية الكبرى تقتصر على قضية الشرق الأوسط بكل تشعباتها وتعقيداتها ثم قضية العراق المستجدة التي تنذر بالويل والثبور وعظائم الأمور خلال العام المقبل. فهناك براكين نائمة مرشحة للاستيقاظ قريباً لتنشر حممها على امتداد المنطقة وتعطل اجواءها، وهناك عواصف كثيرة قادمة من كل حدب وصوب لتزيد «طين» أزمتنا «بلّة» كما يقول المثل وتلهي الأمة بحروب عبثية وحركات تمرد وانفصال وصولاً إلى المربع الأخير من مؤامرة تقسيم البلاد العربية وتفتيتها. هذه المقدمة السوداوية المتشائمة ليس الهدف منها زيادة هموم الناس والترويج للإحباط والاكتئاب واليأس في إطار ما درج على تسميته بمرض جلد الذات الذي برعنا به بل نريد أن نضع أيدينا على مواقع العلل النائمة والسرطانات الخبيثة التي تهدد الجسد العربي وأن ندق نواقيس الخطر لعل من بيده الحل والربط التنبه للمخاطر والتحرك لمواجهتها ودرء نتائجها المدمرة ومنع ما يمكن منعه من فصول متلاحقة للهدم والتخريب وإثارة الفتن. فحتى هذه الساعة لا تلوح في الأفق ملامح يقظة ولا يبدو أن هناك من يهتم للتحرك بل يمكن الجزم بأن الحلول غير متاحة وليست هناك جهود جدية لإيجادها أو على الأقل لمحاولة البحث عن مخارج قبل فوات الأوان، وهذا التخاذل ينطبق على أصحاب القضايا المباشرين في أوطانهم وعلى مستوى الأمة بقيادتها ومفكريها ومثقفيها وشعوبها. فالبراكين مهيأة للثورة والعواصف تتجه صوب قلب الأمة، والحلول غائبة أو مغيبة كأن الأمر لا يعنينا أو أن ما نشير إليه هو مجرد حديث عن أزمات صغيرة هامشية لا تقاس بالأزمات الكبرى والرئيسية التي نعيش مآسيها منذ أكثر من ٦٢ عاماً. وحسناً فعل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة والرئيس اللبناني ميشال سليمان عندما سارعوا إلى نزع فتيل الانفجار اللبناني الكبير وبذلوا جهوداً لتهدئة الأوضاع والتخفيف من التوتر الحاصل نتيجة للجدل حول المحكمة الخاصة بلبنان واحتمال صدور القرار الظني الخاص باتهام المتورطين في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما تردد عن توجيه التهم لأفراد في «حزب الله» بالمشاركة في عمليات الاغتيال. والأمل كل الأمل، بأن تسفر هذه الجهود عن تهدئة كاملة وشاملة وحقيقية لأن كل من يعرف خبايا أوضاع لبنان يدرك أن النار تحت الرماد وأن القضية ليست رمانة بل قلوب مليانة، وأن الخوف جدي وحقيقي من نشوب فتنة مذهبية بين السنة والشيعة في لبنان تشكل بداية لحروب طائفية ومذهبية شاملة على مستوى الأمتين العربية والإسلامية. فقد تم رد العاصفة موقتاً لكن خطر معاودتها الهجوم ما زال قائماً، والسؤال المطروح في لبنان اليوم هو عما إن كان الوضع سيتفجر أم لا، بل متى سيحدث ذلك... في تشرين (بفرعيه أكتوبر ونوفمبر) أم في بداية العام ٢٠١١؟ وحتى الآن يبدو الإيقاع مضبوطاً مع مد وجزر في الأجواء وترقب وانتظار لنتائج التحقيق الدولي لتحديد المصير ومعرفة حجم ردود الفعل، وهذا هو عين العقل لأن التسرع في الحكم على المحكمة والقرار لم يعد مفيداً بل لا بد من اللجوء إلى الحكمة والهدوء وقراءة التطورات بموضوعية ودقة للتأكد من سلامة التحقيق وعدم انحرافه عن مساراته وبعدها يكون لكل حادث حديث ويمكن تجاوز «القطوع» بأقل قدر ممكن من الخسائر ومن دون تحويل المواطنين الأبرياء إلى «كبش محرقة» بخاصة أن لهذه القضية أبعاداً إقليمية وحسابات مختلفة وتشعبات عربية ودولية. والخوف على لبنان نابع من الخوف على الأمة ككل لأننا تعودنا أن نأخذه كترمومتر لسخونة المنطقة وانعكاسات اوضاعه على الوضع العربي ككل، ولكن أزماته المستمرة والمتواصلة لن تجد لها حلولاً نهائية من دون حوار بناء وتنازلات متبادلة واتفاق نهائي على أبعاد التدخلات الخارجية من أية جهة جاءت وتوحيد المواقف العربـــــية تجاه العدو الإسرائـــــيلي بدلاً من ترك لبنان وحيداً في المواجهة وهو غير قادر على تــسيير أموره الخاصة فكيف بالتصدي لمثل هذه المعارك. فعمليات التهدئة والتخدير لم تعد تجدي بعدما وصلت إليه الأمور وما تعرض فيه لبنان نتيجة تحويله إلى ساحة للصراعات والتحديات والحسابات الخارجية وفق مقولة «حروب الآخرين على أرضه». وفي حال غياب الحلول الجذرية والنهائية يمكن توقع انفجارات متتالية بين الآونة والأخرى أسوة بما جرى خلال الخمسين سنة الماضية. ولكن عواصف لبنان ليست الوحيدة التي تهدد حاضر الأمة ومستقبلها فهناك عواصف كبرى قادمة لتهدد الأوضاع برمتها بدءاً بالعراق الذي ينتظر أن يشهد تصعيداً ضخماً خلال العام المقبل بعد انسحاب القوات الأميركية. فالفتنة المذهبية والطائفية والعرقية كانت نائمة ولعن الله من أيقظها والخوف كل الخوف على وحدة العراق وأمنه واستقراره، والقلق أكيد من نشوب الفتن تمهيداً لتنفيذ مؤامرة التفتيت وإشغاله بحروب لا تنتهي وإشعال حرائق يمتد لهيبها إلى دول المنطقة ولا سيما الجوار فيما إسرائيل تعربد وتهوّل وتتحدى وتهدد وتنفذ مخططاتها الجهنمية لضم الأراضي المحتلة ونسف كل الآمال بقيم دولة فلسطينية مستقلة وتحرير القدس الشريف وإنقاذ المسجد الأقصى المبارك. والعواصف الأخرى المنتظرة العام المقبل ترتكز في أفريقيا وفي السودان على وجه التحديد .. فمع استمرار أزمة دارفور والحرب الجهنمية الدائرة فيها منذ أكثر من عقد ينتظر السودانيون ومعهم العرب بقلق وترقب نتائج الاستفتاء المقرر إجراؤه في الجنوب لتقرير المصير بين الاستمرار في السودان الموحد وبين الانفصال فيما تشير معظم الدلائل والمعلومات الى أن مؤامرة التقسيم جدية وخطرة وأن خيار الانفصال هو الأرجح ما سيستدعي تحولات كبرى ونتائج وخيمة على السودان ونظامه ورئيسه المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية. ومع عدم إغفال عواصف الصحراء واحتمال تجدد النزاع بين المغرب والجزائر، احتمالات تجدد الحرب في اليمن من الجنوب إلى الشمال تبدو ملامح حرب المياه شاخصة للأنظار نتيجة للخلاف بين دول منابع النيل وتخفيض حقوق وحصص مصر والسودان إضافة إلى حروب الصومال وتأثيراتها المدمرة وتوقعات بتصعيد مفاجئ للإرهاب وأعمال العنف وحروب الخلافة في عدد من الدول العربية وآثار الأزمات الاقتصادية على البطالة والفقر. كل هذه العوامل مجتمعة تستدعي وقفة مع الذات لتدارك الأمور وإزالة حقول الألغام وتحصين الساحة العربية والاستعداد لمواجهة الأخطار وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان. فقد تعودنا أن نتصدى للنكبات والنكسات والأزمات بعد وقوعها أو بعد وقوع «الفأس في الرأس» كما يقول المثل العربي، ولهذا علينا أن نواصل دق نواقيس الخطر وإطلاق صفارات الإنذار لعل القيادات العربية تدرك المخاطر وتسارع إلى الحوار والبحث الجدي وتوحيد الصفوف بدلاً من انتظار عقد قمة عربية دورية تخرج بقرارات معلبة ولا تملك الجرأة على مواجهة العواصف والبراكين بحزم وحسم وجدية. إنه نداء ملح للحكماء العرب ليلتقوا ويعالجوا الأوضاع رزمة واحدة وبلا أي تأخير. الرد على: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 10-13-2010 فيلتمان ل"الحياة" : لسنا في سوق مع سورية والقلقون من المحكمة نفسهم عبثوا بالأدلة الثلاثاء, 12 أكتوبر 2010 J. Feltman واشنطن- جويس كرم أكد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان ل"الحياة" التزام ادارة باراك أوباما ب"سيادة واستقرار" لبنان، مشيرا أن بلاده "ليست في سوق" مع سورية، وشكك بصدقية هؤلاء الذين يطرحون تساؤلات حول المحكمة الخاصة معتبرا أنهم "نفس الأشخاص الذين عبثوا بالأدلة" اثر وقوع الاغتيال. وقال فيلتمان عشية توجهه في جولة الى المنطقة تشمل فرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر والمغرب، أن "استقرار وسيادة" لبنان هما "بغاية الأهمية" لدى واشنطن، وأن الادارة الأميركية تعمل "عن قصد لخفض الحرارة وحدة التشنج" في لبنان. وفي هذا الاطار استبعد أن تكون زيارة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد ترمي لهذا الهدف مشيرا " ان السؤال الذي أساله، هو لماذا الرئيس الايراني ينظم بعض الأنشطة أي مراقب في لبنان يدرك أنها قد تثير تشنجا، نحن عن قصد نقوم بخطوات لخفض الحرارة وخفض التشنج... الرئيس الايراني يقوم بالعكس." وأضاف فيلتمان "ان اجتماعات نجاد الرئاسية هي مسألة تقع ضمن العلاقات الثنائية، انما فيما يخص بخطواته التي تصعد حدة التشنج، فهي أيضا ترفع احتمال النزاع في لبنان" واستردف "أنا لا أعرف اذا كان سيكون هناك نزاع". وقال المسؤول الأميركي " آمل من نجاد أن يستخدم زيارته لشيئ مختلف، ان ايران تلعب برأينا دور مزعزع للاستقرار" فهي " ترسل أسلحة لحزب الله وفي تناقض مع القرارات الدولية تحت البند السابع" كما أنها " دعمت حزب الله حين وجه سلاحه باتجاه الشعب اللبناني (7 أيار 2008) هذه أمور مزعزعة للاستقرار." وقال فيلتمان " آمل أن يأخذ نجاد نهجا مختلفا كرئيس، وينقل سياسة ايران في اتجاه أفضل نحو لبنان الدولة وليس نحو حزب الله كدولة داخل الدولة." وعن الجدل في لبنان حول المحكمة الخاصة بلبنان قال فيلتمان "أعرف أن هناك قلق من البعض حول المحكمة الخاصة بلبنان انما هؤلاء هم نفس الأشخاص الذين وحسبما قرأت وسمعت حين كنت في لبنان لعبوا بالأدلة بعد اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري، هم حركوا الموكب وغسلوا السيارات وحاولوا ردم الحفرة أمام فندق سان جورج. هؤلاء هم الأشخاص نفسهم الذين يطرحون أسئلة حول المحكمة، ومن هنا أنا أسال نفسي: أين صدقيتهم ؟". وعن الحوار السوري-الأميركي والمخاوف من أية مقايضة على حساب لبنان، شجب فيلتمان هذه النظرية وقال "لسنا في سوق مع سورية، محادثاتنا تدور حول شعبة كبيرة من القضايا وجزء منها نأمل لحماية لبنان، السوريون قالوا أنهم يريدون علاقة أفضل مع الولايات المتحدة ، نحن نريد علاقة أفضل مع سورية انما للوصول لهذه الغاية ...لأجل علاقة أفضل بين سورية والولايات المتحدة، على سورية أن تفهم لا يمكن أن تذهب وتحجم مؤسسات الدولة اللبنانية، أوبصراحة أصدقاؤها في لبنان لا يمكن أن يحجمون مؤسسات الدولة." وأضاف "في محادثاتنا مع السوريين ، هم ينقلوا لنا مشكلاتهم من سياساتنا وتوقعاتهم من العلاقة ونحن نفعل بالمثل، هذه فرصة لنا للانخراط مع السوريين حول ما هو مهم بالنسبة لنا في المنطقة واستقرار وسيادة لبنان هم ضمن ذلك." كما أكد فيلتمان في مقابلة مع قناة "العربية"، "نحن لا نقايض على مصالح لبنان... ان دعمنا لاستقراره وسيادته ليس نزوة عابرة ." وأضاف "نحاول دعم سيادة لبنان من دون أن نحدث ضجيجا كبيرا حولها. " وفي انتقاد ضمني للنظام الايراني قال فيلتمان "أتمنى أن يتعلم نجاد من زيارته للبنان قيم الحرية، المجتمع المتعدد،وجذور المؤسسات الديموقراطية والانتخابات" وهي كما نوه " صورة مختلفة تلك التي أوصلت نجاد الى الحكم في ايران." ورفض فيلتمان في حديثه التلفزيوني وضع اللبنانيين بين خياري العدالة (المحكمة) أوالاستقرار مشددا على أن " لبنان يستحق الاثنين"، وأضاف " ليس لدينا معلومات حول المحكمة، يبدو أن حزب الله يريد تسييسها. " وعن أي مخاوف من الاطاحة بالمحكمة، قال " مجلس الأمن أنشأ المحكمة وكما كان هناك قرار J. Feltman منه بذلك يتطلب الغاؤها قرارا أيضا، وأن لا أرى هذا الأمر ممكن." وشدد فيلتمان أن " المحكمة ستنجز عملها ونحن على ثقة باستقلاليتها." وأشار فيلتمان الى أن عدم وجود قناة انخراط مع سورية في 7 أيار (مايو) 2008 "لم تساعد أحدا"، وأن "سورية يمكن أن تكون شريكا فاعلا في السلام. " غير أنه لفت بأن واشنطن أكدت "أن هناك حدود للمدى الذي يمكن أن تتقدم به علاقتنا الثنائية (السورية-الأميركية) اذا رأينا أن السوريين لا يلعبون دورا بناء في لبنان. " واذ رحب باستئناف العلاقات الديبلوماسية بين دمشق وبيروت قال " نحن نسمع بتأن عندما يقول السوريون أن من مصلحتهم الاستقرار في لبنان... الاستقرار من وجهة نظرنا هو ضمن مبدأ عدم التدخل من جيران لبنان بشؤونه الداخلية. " الرد على: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 10-30-2010 لماذا يتعثر مسار الإصلاح في العالم العربي؟ مروان المعشر السبـت 22 ذو القعـدة 1431 هـ 30 اكتوبر 2010 العدد 11659 جريدة الشرق الاوسط الصفحة: الــــــرأي يمثل الركود السياسي تحديا ملحّا بالنسبة إلى العالم العربي المحصور بين رحى اثنتين من القوى الرئيسية، مؤسسة سياسية متجذرة تفتقر إلى الضوابط والتوازنات، من جهة، والحركات الإسلامية التي هي في أغلبيتها متشددة ويُعد التزامها بالتنوع السياسي موضع شك في كثير من الأحيان، من جهة أخرى. كما تواجه الدول العربية عقبات أساسية ومتعددة تحول دون الشروع في عملية إصلاح شاملة ومتكاملة في المنطقة، تهدف إلى تحقيق التقدم على صعيدَي التنمية والحكم الرشيد. تتعدد أسباب قبوع العالم العربي في حالة الركود الراهنة بشقيها التنموي والإصلاحي وعلى مستوى الحوكمة. يستشهد البعض بتاريخ الدول العربية على صعيد الاستعمار، كما يشكل الصراع العربي - الإسرائيلي عائقا ومبررا لعدم المضي قدما. علاوة على ذلك، لم تعطِ الأحزاب القومية في العالم العربي، في فترة ما بعد الاستقلال، مسألة الإصلاح أي اهتمام، وركزت معظم اهتمامها على الصراع العربي - الإسرائيلي. ومنذ عام 1967 وانتصار إسرائيل على الدول العربية فَقَدَ الخطاب القومي صدقيته، وإثر ذلك راح الإسلام السياسي يكتسب زخما يوما بعد يوم. يواجه العالم العربي اليوم، وفقا لتقارير صادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وضعها باحثون عرب، ثلاثة تحديات تحول دون المباشرة في عملية الإصلاح السياسي: الأول هو الحكومات والتنوع السياسي، والثاني هو تمكين المرأة، ويتبلور الثالث في الفجوة المعرفية بين العالم العربي وبقية العالم. وإذا ما أرادت الدول العربية تحقيق التقدم، لا بد من أن تعتمد عملية مستدامة قد تمتد على عقود من الزمن. إضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك عملية إصلاح مستمرة وتدريجية وجدية من شأنها أن تضمن توافر جميع الدعائم اللازمة للديمقراطية. تسيطر على المشهد السياسي في الوطن العربي اليوم قوتان أساسيتان، وهما: إما المؤسسة السياسية المتجذرة التي تحكم من دون نظام للضوابط والتوازنات، وإما المعارضة الإسلامية التي تدعو إلى الإصلاح، لكنها أحيانا تكون مسلحة أو متشددة، ويُعد التزامها المستمر بالتنوع السياسي موضع شك في الكثير من الحالات. بيد أن المؤسسة السياسية تقاوم أي تغيير من شأنه أن يُفقدها بعض امتيازاتها، وبالتالي بات التغيير في العالم العربي اليوم منوطا إلى حد كبير بالإسلاميين، الذين يطرحون مجموعة التحديات الخاصة بهم. ناهيك بشعور شريحة واسعة من المجتمعات العربية بالقلق من فقدان التنوع السياسي في حال وصول الإسلاميين إلى السلطة واستلامهم مقاليد الحكم. أما قوى التغيير في العالم العربي التي تدعو إلى التعددية السياسية واستخدام الوسائل السلمية لتحقيق ذلك، فهي غير معبأة، وتميل إلى أن تكون نخبوية. ولذلك لم تتمكن إلى الآن من تعبئة مجموعات كبيرة من المؤيدين مما كان يمكن أن يؤدي إلى تغيير فعال. والمطلوب في هذه الحالة طبقة وسطى ناشطة، وتمتع المجتمع المدني بالحرية للعمل في العالم العربي، وإنشاء الأحزاب السياسية التي يمكنها أن تبدأ العمل على أرض الواقع، وتقدم بدائل إما للمؤسسات السياسية وإما للإسلاميين. في معظم الحالات، وقفت الحكومات ضد تطوير مثل هذه البيئة، ولذلك فإن قوانين الأحزاب السياسية مقيِّدة جدا في العالم العربي، ولا يمكن للمجتمع المدني أن يعمل من دون ضوء أخضر من الحكومة. ومن هنا فإن تطوير الطبقة الوسطى والمجتمع المدني لا يمكن أن يتم إلا بمرور الوقت، وهذه عملية لا بد أن تتم من الأسفل إلى الأعلى، وكذلك من الأعلى إلى الأسفل. وإذا لم تتم بهذه الطريقة فإن الهوة بين الحكومة والجمهور في العالم العربي ستزداد اتساعا. وقد قدمت بعض البلدان العربية نماذج ومبادرات كانت هامة بالنسبة إلى بقية المنطقة، فاستحدث المغرب في عام 2003 قانونا جديدا للأحوال الشخصية من أجل سد الفجوة القائمة بين الجنسين. وهناك دول مثل لبنان وتونس والأردن عملت على الجانب التعليمي من المشكلة، وعلى الحاجة إلى تحسين نوعية التعليم في العالم العربي. أما اليمن فقد عمل في مجال حقوق الإنسان وأدرك الحاجة إلى دفع فكرة منظمات المجتمع المدني التي تنشط في بيئة أكثر حرية. لكن يبقى من الصعب الإشارة إلى بلد نظر إلى كل هذه الجوانب مجتمعة، وأحرز تقدما جديا على جميع هذه الجبهات على نحو مطرد. من ناحية أخرى، تُعد التنمية الاقتصادية جزءا أساسيا من عملية الإصلاح السياسي في أي دولة، كما أن للتنمية الاقتصادية حدودها من دون إصلاح سياسي. ففي نهاية المطاف لا يمكن جذب الاستثمارات الأجنبية من دون وجود سلطة قضائية مستقلة، تضمن أن تتاح للناس محاكمة عادلة عندما تنشب النزاعات. كما أنه لا يمكن محاربة الفساد من دون وجود صحافة حرة، أو نظام قضائي مستقل، أو برلمان قوي. لذلك عندما يتم التحدث عن التنمية الاقتصادية في معزل عن الإصلاح السياسي فإن ذلك في حد ذاته لن يؤدي إلى حدوث تقدم مستدام على صعيد الإصلاح في العالم العربي. علاوة على ذلك، أدى الصراع العربي الإسرائيلي دورا رئيسيا في إبطاء وتيرة الإصلاح في الدول العربية، فقد تم توجيه الكثير من الموارد للصراع العربي - الإسرائيلي بعيدا عن التنمية والقضايا المحلية. لكن ذلك لم يسفر، بطبيعة الحال، عن إيجاد حل للصراع أو معالجة تلك القضايا الأخرى. كما تم استخدام الصراع العربي - الإسرائيلي كذريعة، فقد وجدت حكومات عربية كثيرة هذا مبررا مناسبا لعدم المضي قُدما في الإصلاح. وبالتالي فإذا كان صحيحا أن أي عملية إصلاح سياسي تواجه مصاعب حقيقية من دون حل للصراع العربي - الإسرائيلي، فإن الجانب الآخر من المعادلة صحيح أيضا، وهو أن العالم العربي لا يمكن أن ينتظر تسوية النزاع العربي - الإسرائيلي قبل أن يشرع في عملية إصلاح سياسي تدريجية وجدّية. هذان الأمران يجب أن يسيرا جنبا إلى جنب، وللأسف هذا أمر لا يحدث الآن. * نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولية.. ووزير خارجية الأردن السابق |