نادي الفكر العربي
"كــل الكتاب (المقدس) هو موحى به من الله" - مــا معنـــــاها ؟ - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: الحوار الديني (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=58)
+--- الموضوع: "كــل الكتاب (المقدس) هو موحى به من الله" - مــا معنـــــاها ؟ (/showthread.php?tid=14205)

الصفحات: 1 2 3 4 5 6 7


"كــل الكتاب (المقدس) هو موحى به من الله" - مــا معنـــــاها ؟ - seeknfind - 11-08-2006

[CENTER][SIZE=6]- 3 -



في أية مجالات يعمل روح الله (الروح القدس)، وكيف؟

يمكن لروح الله (الروح القدس) أن يعمل في كافة المجالات الكونية بلا حدود. فكما سبق وقلنا بأن يهوه الله أبدع وأنجز خلق الكون بكل ما فيه من خليقة مرئية وغير مرئية، كلها أتت إلى الوجود نتيجة عمل روحه. نفهم إذاً بأنه لا يبقى ما يسمى المستحيل أمامه. ولذلك فبعد خلق الإنسان المعقد الصنع، يبقى التأثير في دماغه بالمقارنة، أمراً بسيطاً جداً للخالق (باستخدامه كأداة استقبال) لينقل إليه أفكاره. لا بل يمكنه أيضاً ان يجعله يقوم بإنجازات تفوق الطبيعة التي حصَرَنا بحدودها منذ الخلق.

وكما نعلم جميعاً فإن كل المخلوقات (ملائكية أو بشرية أو حيوانية) أعطيت طبيعة معينة، وكل منها تختلف عن الأخرى، نتيجة قرار من الله أولاً، من ثم إنجازه لها بفعل روحه القدوس. فإذا أخذنا المخلوقات اللحمية مثلاً، نجد بأنها تتصرف بطريقة معينة ضمن حدود طبيعة مبرمجة فيها. يكفينا أن نتأمل مثلاً صغار الحيوانات عندما تلعب. أو أمهاتها التي تعاملها بتلك الرقة والحرص. أو دعونا نتأمل أيضاً قدراتها الفكرية وتوجهاتها وردات فعلها وتجاوباتها مع الظروف والبيئة. وماذا عن الإنسان الذي يتمتع بصفات "المحبة والعدل والحكمة والقدرة" بنسب معينة كان الله قد قرر مقدارها منذ البدء ليجعله مشابهاً لصورته هو (الصورة الأدبية أو الصفات). كل هذه كانت قد أعطيت لهذه المخلوقات بطرق مختلفة وتوجهات منوعة ونِسَب معينة نتيجة قرار وعمل روح الله فيها.

لماذا أتحدث هنا عن هذه المخلوقات وطبيعتها؟

حسناً! الأمر مفيد جداً ليساعد إدراكنا على فهم ماهية الروح القدس. فهذه المخلوقات تـُرِكت محصورة كلاً ضمن الطبيعة التي قررها الله لها. دعونا نسميها بالطبيعة المقياسية (Standard) لكل منها. لكن ذلك لا يعني بأن الله عاجز عن جعلها تتجاوز ذلك الـ "Standard" وإمكانيات طبيعتها في حالات معينة عندما تقتضي الحاجة. فمثلاً بإمكانه أن يفعـّـل بروحه القدوس خلايا أو مواد أو توجهات معينة في الدماغ ليجعل الحيوانات تتكلم إن أراد ذلك. ويمكنه أن يجعل الإنسان يركض بسرعة 100 أو 200 كم في الساعة إن شاء. ويمكنه أن يجعلنا نحب ونرغب في أكل الجيف المنتنة الكريهة الرائحة بدلاً أن نقرف منها. أو أن نرى الجمال قبحاً والقبح جمالاً. وطبعاً الإستثناءات وإمكانيات تجاوز الطبيعة لا حدود لها عندما يقرر الله فعلها في مخلوق معين. يكفي أن يقرر ذلك، من ثم يعمل بروحه القدوس لتوجيه ميولنا أو إمكانياتنا بالإتجاه الذي يريده.

لنأخذ على سبيل المثال ما حدث للملك نبوخذنصر. فبعد أن كان امبراطوراً عظيماً يرجف اسمه الأمم ويسيطر بعظمته على ملوكها، نجد أن الله قرر أن يتدخل بروحه في دماغه ليوجه دوافعه إلى ما يشبه الحيوانات البرية. وفعلاً حدث ذلك ودام سبع سنوات. في نهايتها قرر الله (بفعل روحه القدوس) السماح لدماغه أن يعمل بالطريقة المألوفة للإنسان، الـ "Standard". وأعاده إلى مجده وملكه كما كان:

" 4: 33 في تلك الساعة تم الامر على نبوخذنصر فطرد من بين الناس واكل العشب كالثيران وابتل جسمه بندى السماء حتى طال شعره مثل النسور واظفاره مثل الطيور
4: 34 وعند انتهاء الايام انا نبوخذنصر رفعت عيني الى السماء فرجع الي عقلي وباركت العلي وسبحت وحمدت الحي الى الابد الذي سلطانه سلطان ابدي وملكوته الى دور فدور
4: 35 وحسبت جميع سكان الارض كلا شيء وهو يفعل كما يشاء في جند السماء وسكان الارض ولا يوجد من يمنع يده او يقول له ماذا تفعل
4: 36 في ذلك الوقت رجع اليّ عقلي وعاد الي جلال مملكتي ومجدي وبهائي وطلبني مشيري وعظمائي وتثبتّ على مملكتي وازدادت لي عظمة كثيرة" – دانيال 4 : 33 – 36.
http://st-takla.org/pub_oldtest/27_dan.html


إذاً فالنقطة التي يمكننا أن نخرج بها هي أن أدمغتنا (أو طبيعتنا) كمخلوقات جرى صنعها بمقدرات معينة كان الله قد قرر وثبّت مقاديرها وتوجهاتها العامة مسبقاً لكل نوع أو صنف من المخلوقات. ومع ذلك، بقينا صالحين أن نكون كأجهزة استقبال في يد الخالق عندما ينوي التدخل ليستثني أو يتجاوز حدود المقياس ("Standard") الذي وضعه مسبقاً في طبيعتنا عندما تقتضي الحاجة.

ولكي نفهم أكثر كيفية عمل الروح القدس اللامتناهي التنويع والمجالات في تلك الحالات الإستثنائية التي يتجاوز فيها ما وضعه الله أصلاً فينا، ولكي تتكون في أذهاننا صورة أوضح وإلمام افضل لماهية الروح القدس وكيفية عمله، سنأخذ بعض الحالات أو الأمثلة المختلفة من الكتاب المقدس، مع بعض التعليق:


[B]- منح المهارات الحِــرَفيـــة:

إعطاء روح الحكمة (المهارة الحِرَفية) لبعض الأشخاص أيام موسى كي يتمكنوا من عمل ثياب الكهنوت ومعدات خيمة الإجتماع (السابقة للهيكل):

" 28: 3 وتـُكلـّمْ جميع حكماء القلوب الذين ملأتـُهم روح حكمة ان يصنعوا ثياب هرون لتقديسه ليكهن لي" – خروج 28 : 3.

" 35: 25 وكل النساء الحكيمات القلب غزلن باياديهن وجئن من الغزل بالاسمانجوني والارجوان والقرمز والبوص
35: 26 وكل النساء اللواتي انهضتهن قلوبهن بالحكمة (يعني عمل روح الله فيهنّ) غزلن شعر المعزى" – خروج 35 : 25 و 26.

" 35: 30 وقال موسى لبني اسرائيل انظروا قد دعا الرب بصلئيل بن اوري بن حور من سبط يهوذا باسمه
35: 31 وملأه من روح الله بالحكمة والفهم والمعرفة وكل صنعة
35: 32 ولاختراع مخترعات ليعمل في الذهب والفضة والنحاس
35: 33 ونقش حجارة للترصيع ونجارة الخشب ليعمل في كل صنعة من المخترعات
35: 34 وجعل في قلبه ان يُعلـّم هو واهولياب بن اخيساماك من سبط دان
35: 35 قد ملأهما حكمة قلب ليصنعا كل عمل النقاش والحائك الحاذق والطراز في الاسمانجوني والارجوان والقرمز والبوص وكل عمل النساج صانعي كل صنعة ومخترعي المخترعات" – خروج 35 : 30 – 35.
http://st-takla.org/pub_oldtest/02_exod.html


طبعاً ليس صعباً على الله أن يحوّل الشخص بشكل عجائبي من مجرد فلاح عادي إلى خبير في صنع الأدوات النحاسية أو الذهبية أو الفضية للهيكل. لكن ما عمله الله هو أنه استخدم أشخاصاً لديهم سابقاً بعض الخبرة في المهنة. وتدخل بروحه في أذهانهم ليزيد ولينشـّط ويفعـّل جوانب معينة فيها كي يتمكنوا من إنجاز أدوات الهيكل تماماً بالطريقة التي أرادها هو وقصدها.

كيف شعر هؤلاء الأشخاص عند تدخل روح الله في ذهنهم؟

في الواقع بعد تدخل روح الله، لا يشعر المرء دائماً بالحدود التي تفصل بين خبرته الشخصية وتلك التي تأتي من الروح القدس. هذا في الواقع ما حدث مع بصلئيل وأهوليآب وبقية الصنـّاع والصانعات.

والنتيــــجـة؟

حسناً! النتيجة هي أن هؤلاء الأشخاص هم فعلاً الذين عملوها بأيديهم، لكن الفضل يعود في النهاية ليهوه الله. ولذلك نقول بأنها موحاة من الله بروحه، حتى ولو لم يدركوا تماماً الحدود التي تفصل بين مقدراتهم المجردة، وتلك التي أتت إليهم من الروح القدس. فهم كانوا مجرد أدوات جرى استخدامها من قبل الخالق!



[B]- منح المقدرات أو القوة الجسدية:

حدث ذلك مع شمشون. فمع أنه كان رجلاً عادياً ككل الرجال، إلا أن يهوه الله قرر أن يستخدمه بشكل خاص، ويعمل فيه تجاوزات للطبيعة البشرية بجعل روحه يحركه ويمنحه قوة جسدية فوق الطبيعة البشرية. إلا أن الأمر كان مرتبطاً بحفاظ شمشون على كونه نذيراً لله. وكان رمز نذره الحفاظ على شعره طويلاً. وفعلاً أنجز شمشون ما تجاوز الطبيعة البشرية بكثير ما دام محافظاً على نذره ليهوه الله. لكنه عندما عرّض نذره للخطر، ويئس من إلحاحات زوجته إلى حد كره حياته، ترك مصيره بين يديها. الأمر الذي عملته هي بدون تردد بقص شعره. هذا أدّى طبعاً إلى خسارته لدعم روح الله (الروح القدس). وعاد ليصير إنساناً عادياً كبقية الرجال:

"14: 6 فحل عليه روح الرب فشقه كشق الجدي وليس في يده شيء ولم يخبر اباه وامه بما فعل" – قضاة 14 : 6.
http://st-takla.org/pub_oldtest/07_richt.html

"14: 19 وحل عليه روح الرب فنزل الى اشقلون وقتل منهم ثلاثين رجلا واخذ سلبهم واعطى الحلل لمظهري الاحجية وحمي غضبه وصعد الى بيت ابيه" – قضاة 14 : 19.

"15: 14 ولما جاء الى لحي صاح الفلسطينيين للقائه فحل عليه روح الرب فكان الحبلان اللذان على ذراعيه ككتان احرق بالنار فانحل الوثاق عن يديه" – قضاة 15 : 14.

"16: 3 فاضطجع شمشون الى نصف الليل ثم قام في نصف الليل واخذ مصراعي باب المدينة والقائمتين وقلعهما مع العارضة ووضعها على كتفيه وصعد بها الى راس الجبل الذي مقابل حبرون" – قضاة 16 : 3.

"16: 16 ولما كانت تضايقه بكلامها كل يوم والحت عليه ضاقت نفسه الى الموت
16: 17 فكشف لها كل قلبه وقال لها لم يعلُ موسى راسي لاني نذير الله من بطن امي فان حلقت تفارقني قوتي واضعف واصير كاحد الناس
16: 18 ولما رات دليلة انه قد اخبرها بكل ما بقلبه ارسلت فدعت اقطاب الفلسطينيين وقالت اصعدوا هذه المرة فانه قد كشف لي كل قلبه فصعد اليها اقطاب الفلسطينيين واصعدوا الفضة بيدهم
16: 19 وانامته على ركبتيها ودعت رجلا وحلقت سبع خصل راسه
16: 20 وقالت الفلسطينيون عليك يا شمشون فانتبه من نومه وقال اخرج حسب كل مرة وانتفض ولم يعلم ان الرب قد فارقه
16: 21 فاخذه الفلسطينيون وقلعوا عينيه ونزلوا به الى غزة واوثقوه بسلاسل نحاس وكان يطحن في بيت السجن" – قضاة 16 : 16 – 21.

"16: 28 فدعا شمشون الرب وقال يا سيدي الرب اذكرني وشددني يا الله هذه المرة فقط فانتقم نقمة واحدة عن عيني من الفلسطينيين
16: 29 وقبض شمشون على العمودين المتوسطين اللذين كان البيت قائما عليهما واستند عليهما الواحد بيمينه واخر بيساره
16: 30 وقال شمشون لتمت نفسي مع الفلسطينيين وانحنى بقوة فسقط البيت على الاقطاب وعلى كل الشعب الذي فيه فكان الموتى الذين اماتهم في موته اكثر من الذين اماتهم في حياته" – قضاة 16 : 28 – 30.



(يتبـــــــع ... )


(سنتابع في المداخلات القادمة ذكر بعض الأمثلة الأخرى من أجل إلمام أكثر بالأمر.)




"كــل الكتاب (المقدس) هو موحى به من الله" - مــا معنـــــاها ؟ - seeknfind - 11-17-2006

[CENTER][SIZE=6]- 4 -


تحياتي للجميع،

تجنباً لتسبيب الملل للقراء، سأحاول أن أقتصر على البعض فقط من الحالات الإضافية الأبرز لعمل روح الله. والواقع، الكتاب المقدس مليء بالأمثلة لذكرها (تقريباً في كل صفحة فيه). لكنني سأركز على بعض ما يمكن أن يوسع آفاق معرفتنا بشكل بارز. لذلك قد أحتاج مداخلة إضافية غير هذه، وبعد ذلك سيكون المجال مفتوحاً للزملاء الراغبين بالحوار أو الإستفسارات ليدخلوا. فلنتابع إذاً:



- التمكين من تحمـُّل المسؤوليات الإدارية:

" 11: 16 فقال الرب لموسى اجمع الي سبعين رجلا من شيوخ اسرائيل الذين تعلم انهم شيوخ الشعب وعرفاؤه واقبل بهم الى خيمة الاجتماع فيقفوا هناك معك
11: 17 فانزل انا واتكلم معك هناك وآخذ من الروح الذي عليك وأضع عليهم فيحملون معك ثقل الشعب فلا تحمل انت وحدك" – عدد 11 : 16 و 17.
http://st-takla.org/pub_oldtest/04_numer.html

من هذا الإقتباس نلاحظ أمرين:

- الأول هو إعطاء الله الكفاءة والقدرة الإضافية لبعض الرجال من أجل تحمل المسؤوليات الإدارية مع موسى بواسطة روحه القدوس.
- الثاني هو أن الروح القدس ليس شخصاً. إنه مجرد قوة يجري منحها للآخرين لزيادة مقدرتهم على فعل أمر ما. فالتعبير واضح ليثبت ذلك: "آخذ من الروح الذي عليك وأضع عليهم". فلو كان الروح القدس شخصاً، كيف سيأخذ الله منه ويوزع على الرجال السبعين الآخرين؟

هوذا مثال آخر:
" 34: 9 ويشوع بن نون كان قد امتلأ روح حكمة اذ وضع موسى عليه يديه فسمع له بنو اسرائيل وعملوا كما اوصى الرب موسى" – تثنية 34 : 9.
http://st-takla.org/pub_oldtest/05_deut.html

وفعلاً، مع أن الشعب كان معتاداً على قيادة موسى لمدة أربعين سنة ومتعلقاً به، نجد بأن يشوع تمكن أن يملأ الفراغ بشكل كامل بعد موت موسى. وكل ذلك كان نتيجة عمل روح الله في الشخصين بنفس الطريقة. فكلاهما كانا مجرد أدوات في يد الخالق ليستخدمهما من أجل إنجاز المقاصد التي تمجد إسمه:

" 1: 5 لا يقف انسان في وجهك كل ايام حياتك كما كنت مع موسى اكون معك لا اهملك ولا اترك" – يشوع 1 : 5.

" 4: 14 في ذلك اليوم عظم الرب يشوع في اعين جميع اسرائيل فهابوه كما هابوا موسى كل ايام حياته" – يشوع 4 : 14.
http://st-takla.org/pub_oldtest/06_josua.html


وما أجده بالمناسبة جدير بالذكر هو شحن شاول (أول ملك لإسرائيل، قبل داود تماماً) بالروح القدس، إلى حد تحويله تقريباً إلى رجل آخر:

" 10: 1 فاخذ صموئيل قنينة الدهن وصب على رأسه وقبله وقال اليس لان الرب قد مسحك على ميراثه رئيسا
10: 6 فيحل عليك روح الرب فتتنبأ معهم وتتحول الى رجل اخر
10: 9 وكان عندما ادار كتفه لكي يذهب من عند صموئيل ان الله اعطاه قلبا آخر واتت جميع هذه الايات في ذلك اليوم" – 1صموئيل 10 : 1 و 6 و 9.

" 11: 6 فحل روح الله على شاول عندما سمع هذا الكلام وحمي غضبه جدا" 1صموئيل 11 : 6.
http://st-takla.org/pub_oldtest/09_sam1.html

من هذه الأمثلة نلاحظ بأن يهوه الله يعمل بروحه القدوس ليمكـّن الشخص من الحكم وحمل المسؤوليات الثقيلة للقيادة. وهذا يعني طبعاً إعطاء الشخص شخصية خاصة تجري هيبتها واحترامها. بالإضافة إلى دعم الشخص بالإنجازات الخارقة (أحياناً) واللافتة للنظر. وطبعاً تدخل الله في هذه الناحية هو بقصد ترويج مصالحه الخاصة ومجد إسمه.

هذه النقطة ستقودنا إلى ما يشبهها، وحتى ما يتجاوزها:


- التزويد بالحكمــــة اللازمة:

فسليمان بن داود كان شاباً غضاً عندما استلم الملك بعد موت أبيه. والشيء الرائع الذي ظهر فيه هو أنه اعترف بحقيقة عجزه عن التمكن من إدارة الأمة لسبب صغر سنه وقلة خبرته. فطلب من الله "الحكمــة". لقد أدرك بأن الأمة ليست له هو وإنما ليهوه الله. وعرف بأنه هو مجرد إنسان عادي مثله مثل غيره من الناس. ولذلك أدرك ضرورة تدخل الله في أمر الإدارة باستخدامه إياه كوسيلة. واستجاب له الله كما نرى مما يلي:

"3: 9 فاعط عبدك قلبا فهيما لاحكم على شعبك واميز بين الخير والشر لانه من يقدر ان يحكم على شعبك العظيم هذا
3: 10 فحسن الكلام في عيني الرب لان سليمان سال هذا الامر
3: 11 فقال له الله من اجل انك قد سالت هذا الامر ولم تسال لنفسك اياما كثيرة ولا سالت لنفسك غنى ولا سالت انفس اعدائك بل سالت لنفسك تمييزا لتفهم الحكم
3: 12 هوذا قد فعلت حسب كلامك هوذا اعطيتك قلبا حكيما ومميزا حتى انه لم يكن مثلك قبلك ولا يقوم بعدك نظيرك
3: 13 وقد اعطيتك ايضا ما لم تساله غنى وكرامة حتى انه لا يكون رجل مثلك في الملوك كل ايامك" – 1ملوك 3 : 9 – 13.
http://st-takla.org/pub_oldtest/11_king1.html

ولا شك بأننا نذكر هيبته وأثرها على الشعب عندما ظهرت تلك الحكمة فيما يختص بالإمرأتين المتخاصمتين من أجل الإحتفاظ بالطفل الحي (1ملوك 3 : 16 – 28).

وطبعاً بفضل تلك الحكمة الإلهية الموهوبة ذاتها، تمكن من النطق بآلاف الأمثال والحِكـَم. كما أنه كتب بعض الأجزاء من الكتاب المقدس، والتي نعتبرها من مصدر إلهي، أو موحاة من الله بروحه.



- عمل الروح القدس بضبط العوامل الطبيعية:

لا شك بأن أبرز مثال على ذلك هو في فترة تكوين الأرض:

"1: 2 وكانت الارض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه" – تكوين 1 : 2.
http://st-takla.org/pub_oldtest/01_gen.html

من هذا العدد نلاحظ بأن الله استخدم الروح القدس ليضبط مياه الأرض ويوجهها ليجمعها إلى مكان معيّن من أجل تحضير اليابسة للسكن. هذا الإجراء يذكرنا بما عمله بواسطة موسى في ما بعد. إذ تدخل بروحه لتجاوز قوانين الطبيعة المعروفة، ووجه "الريح" لتشق مياه البحر الأحمر من أجل تسهيل العبور لشعبه على أرض يابسة:

"14: 21 ومد موسى يده على البحر فاجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل وجعل البحر يابسة وانشق الماء" – خروج 14 : 21.
http://st-takla.org/pub_oldtest/02_exod.html

هذه لم تكن المرة الوحيدة التي يستخدم الله روحه فيها برفقة كلمة "ريح":

"2: 2 وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين" – أعمال 2 : 2.
http://st-takla.org/pub_newtest/44_acts.html




- التدخل في الذهن لإعطاء صُوَر توضيحية:

هذا الأمر حدث مع داود. فقد كانت نواياه أن يبني بيتاً (هيكلاً) عظيماً لله. ولذلك كان يحتاج للتوضيحات والرسم النموذجي له ولأدواته. وهذا الأمر جرى تزويده به بواسطة الروح القدس. وبما أن مشيئة الله كانت أن يقوم ابنه سليمان بذلك المشروع العظيم، قام داود بتزويد ابنه بتلك الرسوم والنماذج التوضيحية التي تلقاها في ذهنه مباشرة من الله بواسطة روحه:

" 28: 12 ومثال كل ما كان عنده بالروح لديار بيت الرب ولجميع المخادع حواليه ولخزائن بيت الله وخزائن الاقداس" – 1 أخبار الأيام 28 : 12.
http://st-takla.org/pub_oldtest/13_chr1.html




- إنجاز العظائم والمعجزات حتى بأجسادنا البشرية:

هذه نقطة واسعة جداً، وفيها من الأمثلة والدعم ما هب ودب في روايات الكتاب المقدس. فالشفاء من الأمراض وفتح عيون العمي وآذان الصمّ، والشفاء من حالات الصرع أو الجنون، لا بل وحتى الإقامة من الموت. هذه كلها تشكل دليلاً على إنجازات الروح القدس اللانهائية في كل المجالات. ولواقع، ما دعاني لأجلب هذه النقطة لدعم الموضوع هو حادثة أخرى فريدة، بارزة جداً واستثنائية:

إنها حادثة حـبَـل مريم العذراء بدون رجل، نتيجة عمل الروح القدس فيها:

"1: 34 فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وانا لست اعرف رجلا
1: 35 فاجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله" – لوقا 1 : 34 و 35.
http://st-takla.org/pub_newtest/42_luk.html

هل لاحظتم كلمات الملاك لمريم، مما يدل على أن الروح القدس ليس شخصاً وإنما "قــوة"؟

"الروح القدس العلي تظللك".


سأكتفي اليوم بهذا القدر من الأمثلة، على أمل وضع الروتوشات الأخيرة في المرة القادمة من أجل فتح المجال للحوار الحر بعد ذلك.




(يتبـــــــع ... )


"كــل الكتاب (المقدس) هو موحى به من الله" - مــا معنـــــاها ؟ - العميد - 11-21-2006

أستاذ Seek&Find

يا حبذا لو تدخل في الموضوع مباشرة وتثبت لنا أن كل الكتاب المقدس موحى به من الله ، فلا داعي لهذا التطويل ، فإننا إعتدنا من المؤمنين بالكتاب المقدس عند الحديث عنه أن يقولوا لنا ( إنكم لا تفهمون معنى الوحي في المسيحية ، فهو يختلف عن معنى الوحي في الإسلام ) ، يا عزيزي مللنا من هذه العبارة ونعرف جيداً أن مفهوم الوحي عندكم يختلف ، ولن ننازعك على مفهوم الوحي عندكم ، فتفضل ضع ما تراه تعريفاً حسب ما تراه سيادتك وادخل - مشكوراً لا مأموراً - في لب الموضوع بدل أن تغيب طويلاً لتعود علينا بجزء بسيط من سلسلتك الطويلة لتخبرنا بأن الروح القدس يعمل في مجالات كثيرة ويمنح المهارات الحرفية والمقدرات الجسدية ، فهذه لا حاجة لنا بها ، وكلها لا تقدم ولا تؤخر ..

فنرجو وضع التعريف مباشرة دون مقدمات والشروع في إثبات أن كتابك موحى به من الله .

وتقبل تحيــــاتي
العميد




"كــل الكتاب (المقدس) هو موحى به من الله" - مــا معنـــــاها ؟ - seeknfind - 11-24-2006

[CENTER]- 5 -


تعالوا الآن أعزائي نبدأ هذا الجزء الأخير من جولتنا في مجالات الروح القدس باقتباس الكلمات التالية للرسول بولس (أو كاتب الرسالة إلى العبرانيين) :

" 1: 1 الله بعدما كلم الآباء بالانبياء قديما بانواع وطرق كثيرة
1: 2 كلمنا في هذه الايام الاخيرة في ابنه الذي جعله وارثا لكل شيء الذي به ايضا عمل العالمين" – عبرانيين 1 : 1 و 2.
http://st-takla.org/pub_newtest/58_heb.html

نلاحظ إشارة الكاتب هنا إلى استخدام الله قديماً لأنبيائه بطرق ووسائل وأساليب متنوعة ومتفاوتة وكثيرة، ("أنواع وطرق كثيرة"). ما معنى ذلك؟

حسناً، لقد لاحظنا من الأمثلة التي ذكرناها في المداخلات السابقة بعض طرق عمل الروح القدس التي لم تنحصر فقط في مجال الكتابة، وإنما تعدّت ذلك في مجالات أخرى. وكل تلك المجالات لتدخل الله بروحه القدوس يمكن أن نطلق عليها التسمية أو الإجراء "وحي من الله!) ولا شك بأن بعضها كان واضحاً ومباشراً جداً. فوضوح إنجازات الروح القدس، اضطر حتى عرافي فرعون أيام موسى إلى الإعتراف بالقول: "هذا إصبع الله!" (خروج 8 : 19). إلا أن عمل الروح القدس لا يظهر دائماً للعيان بذلك الوضوح، مع أنه موجود. فمع أن يهوه الله دعم موسى مثلاً بتلك العظائم أمام فرعون وبعده أثناء قيادته للعبرانيين في برية سيناء 40 سنة، نجد بأن البعض كانوا يظنون بأن موسى كان يعمل لترتيبات ومصالح شخصية. الأمر الذي أدى إلى تمرد لفيف كبير من الشعب عليه، طالبين التخلص منه ومن صلاحياته. وستستغربون ربما إن أخبرتكم بأن من بين أولئك البارزين الذين تمردوا على سلطة موسى كان أخوه هرون ذاته وأخته مريم:

(راجعوا سفر العدد الإصحاح 12 كله)
http://st-takla.org/pub_oldtest/04_numer.html

إذاً علينا أن ندرك بأن عمل الروح القدس قد لا يظهر للأعين أو الإدراكات البشرية كل الأوقات. فمثلاً عندما رمى هرون بعصاه أمام فرعون وتحولت تلك إلى حية، لم يكن لديه أدنى شك بأن المعجزة حدثت بروح الله. فالحية كانت أمام عينيه. أما عندما رأى موسى ممارساً السلطة، لم يدرك تماماً بأن الأمر كان دائماً بتوجيه روح الله. لقد كان إجراءاً داخل دماغ موسى، غير قادر هرون على رؤيته بعينيه. ولذلك نسبه هرون ومريم إلى مصالح شخصية لا علاقة لروح الله به! وهنا كانت المشكلة أو الوقوع في الشرك (الفخ).

طبعاً هذه المشكلة عانى منها كل أنبياء الله وخدامه، إن كان في الماضي أم في الحاضر. وحتى يسوع المسيح ذاته جرى نسب عجائبه إلى بعلزبول رئيس الشياطين. ورسله جرت مقاومتهم وحتى قتلهم، وأحياناً اضطهادهم بدوافع دينية مخلصة. فلماذا يحدث هذا الإلتباس؟

حسناً! إن عمل روح الله لا يظهر دائماً بنفس النسبة أو نفس الطريقة مع الجميع. فأحياناً يعطي الله روحه بطريقة ومقدار واتجاه ونسبة ما لأحد خدامه (ولنقل بنسبة 10 %)، بينما يعطي الآخر بنسبة أكبر بكثير (قد تكون 90 %). ولا شك بأن من لديه المقدار الأكبر، سيظهر للعيان أكثر. مع أن الإثنان يعملان بنفس الإخلاص بحسب مقدار ومجال الروح القدس فيهما. وكلاهما عزيزان على قلب الخالق بنفس المقدار. كل ما في الأمر، أن الله أعطى لكل منهما بحسب ظروفه، وبحسب قصده نحوهما لاستخدامهما كأداتين في مجالات معينة ومختلفة. ولذلك لا يجب أن نقول بأن من يعمل بالـ 90 % هو من إيحاء روح الله، بينما ذاك الذي يعمل بالـ 10 % لا علاقة له بروح الله! (قارن متى 25 : 14 – 30).

من ناحية ثانية، قد يعطي الله روحه لأحد بنسبة ربما 90 % في مجال الخطابة والتعليم الجماعي. بينما يعطى آخر أيضاً بنسبة 90 % في مجال آخر، كصنع العجائب مثلاً. فهل صانع العجائب أفضل من ذاك الذي يعلـّم؟

لا! فمع أن صانع المعجزات يكون واضحاً للعيون البشرية أكثر، ويمكن أن يبهت ويدهش الجموع أكثر، إلا أن كلا الشخصين يعملان بنفس الروح ولنفس رب العمل، الذي أعطى لكل واحد بحسب مشيئته. فكلاهما أدوات في يد الخالق، كي يحفظا ويحافظا على الأمانة التي سُلـِّمت لهما:

" 12: 7 ولكنه لكل واحد يعطى اظهار الروح للمنفعة
12: 8 فانه لواحد يعطى بالروح كلام حكمة ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد
12: 9 ولآخر ايمان بالروح الواحد ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد
12: 10 ولآخر عمل قوات ولآخر نبوة ولآخر تمييز الارواح ولآخر انواع السنة ولآخر ترجمة ألسِنة
12: 11 ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسما لكل واحد بمفرده كما يشاء" – 1كورنثوس 12 : 7 – 11.
http://st-takla.org/pub_newtest/46_kor1.html


وهنا يأتي دور تشديدنا على دور الروح القدس في مجالين بارزين آخرين، سيكونان في الواقع الأعمدة الأساسية لبحثنا كله من أوله إلى آخره. ما هما هذان الدوران؟

إنهما:

- روح القداسة.

و

- وعمل الروح في الأذهان البشرية للإيحاء.


فلنأخذ كل منهما على حدى!



- روح القداسة:

هذا في الواقع من أحلى وأجمل ما يمكن للروح القدس أن ينجزه. فالتسمية "الروح القدس في تلك القوة الإلهية المميزة. والحقيقة لم يجرِ إطلاق تلك التسمية عبثاً! فماذا يمكن أن نفهم من لعب روح الله ذلك الدور؟

دعونا نأخذ بعض الأمثلة:

سنعود سوية إلى الوراء إلى ما قبل حوالي 6000 سنة، عند انتهاء يهوه الله من خلق الإنسان (رجلاً وامرأة) في جنة عدن في إحدى بقاع أرضنا هذه. وهناك نلاحظ أمراً جميلاً قيل عنهما دالاً على تظليلهما بالروح القدس:

"1: 27 فخلق الله الانسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرا وانثى خلقهم
1: 28 وباركهم الله وقال لهم اثمروا واكثروا واملاوا الارض واخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الارض" – تكوين 1 : 27 و 28.
http://st-takla.org/pub_oldtest/01_gen.html

يضاف إلى ذلك عبارة ملفتة للنظر قيلت في الإصحاح الثاني والعدد 25 :

"2: 25 وكانا كلاهما عريانين ادم وامراته وهما لا يخجلان"

ماذا نفهم من ذلك؟

حسناً! فيهوه الله هو مجسم القداسة! إنه مصدرها! إنه القداسة كلها! فبما أنه صنع آدم وحواء بيديه مباشرة، لم يترك فيهما عيب. لقد خلقهما في حالة الكمال، ودعمهما بروحه كي يملأهما بتلك القداسة. والتعبير "على صورة الله خلقهما". فكان روح الله قد ملأهما بهدوء البال والسرور والسعادة المطلقة وسلام العقل والإكتفاء الإلهي الغير منقوص. حتى أنهما كانا ينظران إلى عريهما ببراءة.

[SIZE=5]نعم! عندما يتدخل يهوه الله من أجل تكوين مجتمع يحمل إسمه ويمثـّله

بعد تمرد آدم وحواء على الله خسرا أهم شيء في وجودهما وهو "الروح القدس – حالة السلام النفسية التي كانا يشعران بها في قلبيهما ومع الله. نعم، خسارة الروح القدس تعني بكلمة أخرى بأن الحياة لا معنى لها بعد ذلك!

ما حدث لآدم وحواء أدركه داود بوضوح بعد أن انفجرت نار الندامة في قلبه بسبب خطيته بقتل أوريا الحثي وأخذ زوجته. لقد شعر بأنه فعلاً ابتعد عن تلك القداسة، وصار يتوق للعيش فيها. وكانت تعابيره "روحك القدوس لا تنزعه مني" دليلاً صارخاً على إدراكه مدى أثر الروح القدس في الشخص:

"51: 7 طهرني بالزوفا فاطهر اغسلني فأبيضّ اكثر من الثلج
51: 8 اسمعني سرورا وفرحا فتبتهج عظام سحقتها
51: 9 استر وجهك عن خطاياي وامحُ كل آثامي
51: 10 قلبا نقيا اخلق في يا الله وروحا مستقيما جدد في داخلي
51: 11 لا تطرحني من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه مني
51: 12 رد لي بهجة خلاصك وبروح منتدبة اعضدني" – مزمور 51 : 7 – 12.
http://st-takla.org/pub_oldtest/19_psalm.html


ولربما تذكر داود النتائج الكارثية التي عانى منها شاول (سابقه في الملك) عندما خسر تلك القداسة الآتية من روح الله:

"16: 14 وذهب روح الرب من عند شاول وبغته روح رديء من قبل الرب" – 1صموئيل 16 : 14.
http://st-takla.org/pub_oldtest/09_sam1.html


الأمر ذاته أوضحه يسوع لتلاميذه عندما أعلن لهم بأن واحداً منهم خسر تلك القداسة (الطهارة). فالقضية لم تكن ليجري حلها بغسل الأرجل! لقد كانت متعلقة بالقلب بالذات:

"13: 10 قال له يسوع الذي قد اغتسل ليس له حاجة الا الى غسل رجليه بل هو طاهر كله وانتم طاهرون ولكن ليس كلكم
13: 11 لانه عرف مسلمه لذلك قال لستم كلكم طاهرين" – يوحنا 13 : 10 و 11.
http://st-takla.org/pub_newtest/43_john.html


كما أن الرسول بولس شدد على أهمية الحفاظ على العلاقة النقية بالله ببذل كل الجهود كي لا نقع في حالة تؤدي بنا إلى السير بعكس اتجاه ذلك النهر الجارف لروح الله القدوس:

"4: 30 ولا تحزنوا روح الله القدوس الذي به ختمتم ليوم الفداء" – أفسس 4 : 30.
http://st-takla.org/pub_newtest/49_ephes.html

بهذه الكلمات كان بولس يشير طبعاً إلى الأثر الروحي والدور الذي يلعبه الروح القدس في أفراد الجماعة المسيحية، وبالتالي يحفظ الجماعة ككل ضمن القداسة الإلهية لتجري مباركتها وتوجيهها وحفظها من الله ذاته بواسطة روحه.




( يتبـــــــع )


(المعذرة ! فالمداخلة على ما يظهر ستصير طويلة جداً إن كتبتها كلها. لذلك قسمتها إلى قسمين. على كل حال، هذه المرة سوف لا أطيل انتظاركم. سأعود لإضافة التتمة خلال اليومين القادمين إن شاء الله. )



"كــل الكتاب (المقدس) هو موحى به من الله" - مــا معنـــــاها ؟ - seeknfind - 11-28-2006

[CENTER]- 6 -


- عمل الروح القدس في الأذهان البشرية للإيحاء.

بهذه النقطة نصل أخيراً إلى جوهر الموضوع! ولذلك سنقوم بالبحث فيها في المجال الذي يتعلق بكتابة الكتاب المقدس ونقل أفكار الله إلى البشرية فيه.

تعالوا نأخذ أولاً كلمات يسوع المسيح لأتباعه عن طمأنة أتباعه بدعم الروح القدس لهم:

"12: 12 لان الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب ان تقولوه" – لوقا 12 : 12.

"21: 15 لاني انا اعطيكم فما وحكمة لا يقدر جميع معانديكم ان يقاوموها او يناقضوها" – لوقا 21 : 15.
http://st-takla.org/pub_newtest/42_luk.html

إذاً كانوا هم مجرد أدوات أمينة في يد الله ليجري استخدامهم ودفع رسالتهم إلى الأمام بالرغم من المقاومة العتيدة التي كانوا سيواجهونها. فلم يكن يلزمهم حمل السيوف وفتح البلدان الأخرى بالعنف وسفك الدم والإستيلاء على ممتلكات الآخرين. فرسالتهم كانت لتنتشر وتتوسع بالمحبة وبالطريقة السلمية، مدعومة بالروح القدس الذي كان سيعمل في أذهانهم وكلامهم، وفي قلوب بعض سامعيهم من الذين يختارهم الخالق. (يوحنا 6 : 44 ، أعمال 16 : 14) لا بل وكان بإمكانهم أيضاً توقع تدخل الله بروحه القدوس للتأثير في قلوب مسؤولي الدولة الإداريين من أجل عدم تعقيد الأمور أمام رسالتهم. فلا داعي لهم أن يقاوموا ترتيب الله الممثل بالحكام. (رومية 13 : 1 و 2 ، 1تيموثاوس 1 : 1 و 2)

وهنا أودّ لفت الإنتباه إلى إحدى العبارات البارزة أكثر بهذا الخصوص، تلك التي وعد بها يسوع المسيح تلاميذه قائلاً:

"14: 26 واما المعزي بكل ما قلته لكم" – يوحنا 14 : 26.

"16: 13 واما متى جاء ذاك روح الحق" – يوحنا 16 : 13.
http://st-takla.org/pub_newtest/43_john.html

نلاحظ هنا الأدوار العديدة الفعالة التي ذكرها يسوع المسيح للروح القدس، والتي كانت ستدعم الجماعة المسيحية الوشيكة بالتأثير في أذهانهم:

- المعزي
- المعلـّم
- المذكـّر
- المرشد للحق
- المتكلم بـ (الناقل لـ) كلام الله
- المخبر بأمور آتية

كل هذه بالإضافة إلى الإمكانيات التي سبق ورأيناها في المداخلات السابقة. فالحفاظ على القداسة للجماعة المسيحية كان سيأتي من روح الله. وروح الحكمة والفهم والإدراك والشعور بالمسؤولية والحماسة والمهارة في عمل الرب أيضاً منها. والكثير غيرها طبعاً.

كيف كان سيتم ذلك؟

حسناً! لقد استعمل يهوه الله وسائل عديدة ومختلفة لنقل أفكاره إلى ذهن خدامه، وبالتالي لتجري كتابتها لتشكـّل أخيراً كلمته الموحى بها. منها:

- الأحلام
- الرؤى
- الغيبات (Trance)
- الإيحاء المباشر إلى الذهن
- الملائكة
- توجيه بعض خدامه إلى كتب ومراجع تاريخية أو وثائق للنقل منها.
- التدخل المباشر في حياة البعض لجعل الأمور تسير بطريقة معينة.
- إعطاء الفهم لبعض خدامه لمعاني النبوات السابقة، وطريقة تطبيقها.
- تمييز الأرواح. (إعطاء القدرة لبعض خدامه على التمييز فيما إذا كانت كتابة معينة من مصدر إلهي أم لا).

ووسائل أخرى طبعاً ...

نلاحظ هنا إذاً بأن بعض الطرق التي استخدمها الله كانت مباشرة جداً. فأحلام فرعون مثلاً وتمكن يوسف من تفسيرها كان لا شك فيها بأنها من توجيه إلهي. وكذا الأمر بالنسبة للأحلام المذكورة في سفر دانيال (تلك التي لدانيال نفسه أو لنبوخذنصر امبراطور بابل). أيضاً الرؤى التي رآها الأنبياء كإشعياء وحزقيال ويوحنا وغيرهم، كانت ترفـَق أحياناً بعبارة "اكتب كذا وكذا" لتـُكتب حرفياً. كما أن إرسال الله لملائكته في بعض المناسبات كان توجيهاً مباشراً للكتابة. لكن الأمر لم يكن دائماً بتلك الطرق الواضحة المباشرة، ومع ذلك لها تماماً نفس الأهمية كغيرها. لقد كانت التوجيه الذهني لخدامه بواسطة روحه. فكيف كان يحدث ذلك؟ وهل كان كل الكتبة يشعرون بشكل مباشر بتدخل روح الله عندما كانوا يكتبون؟

حسناً، فكما سبق وقلنا بأن الروح القدس يعطي طاقات معيّنة في الذهن، أو يحرّض على أمر أو مهارة أو اندفاع معيّن، يشعر الشخص في هذه الحالة بالإتزان والجدّية وبالرغبة والتصميم على الكتابة. وغالباً لا يدرك الحدود التي تفصل بين رغباته الشخصية في الكتابة وتلك التي حرّضه عليها روح الله. فعمل الروح القدس يندمج في شخصيته ودوافعه ويصير جزءاً منه. وتصير الكتابات بالتالي من نتاج روح الله القدوس. بينما هو لم يكن سوى أداة سمحت لذلك الروح القدس بالعمل فيه بحرية!

أحياناً يكون الإيحاء للذهن مباشراً أكثر. فالكاتب يتمكن من استلام معلومات من الله مباشرة إلى ذهنه دون أن يكون له علم مسبق بها. هذا الأمر حدث مع موسى مثلاً عندما كتب عن أيام الخلق السبعة وما حدث فيها، بحسب الإصحاحات الإفتتاحية لسفر التكوين. فهو لم يكن موجوداً آنذاك ليرى تتابع خلق الله للموجودات، ولم ينقلها من كتاب تاريخي آخر. كما أن الحوادث المذكورة في سفر أيوب 1 : 6 – 12 لم يكن لموسى القدرة على رؤيتها، إذ أنها حدثت في السماء. ومع ذلك نجد بأن الله تدخل لينقلها إلى ذهنه كمعلومات أكيدة ليكتبها. نفس الأمر حدث لداود باستلامه صورة وخرائط بيت الرب (الهيكل) مع الآنية والعدة اللازمة له، ليعطيها أخيراً لابنه سليمان قبل أن يموت، من أجل جلبها إلى أرض الواقع والوجود.

طبعاً لا يملي الله غالباً كلماته الواحدة بعد الأخرة، كلمة كلمة وحرفاً حرفاً. إن ما يعمله الله هو جلب فكرة أو حادثة معينة إلى الذهن. يشعر الشخص بضرورة الكتابة عن ذلك الأمر. فيكتب ويعبّر بأسلوبه البشري وطريقته الخاصة. لا بل تظهر أحياناً كتاباته متأثرة بخلفيته أو أجوائه أو حتى مهنته. ومع ذلك، نصل في الأخير إلى كتابة الأمر الذي أراده الله، وتصل رسالته إلى شعبه. فالأفكار أو الحوادث تأتي بدفع روح الله، بينما الأسلوب والكلمات تأتي من الكاتب ذاته.

هذا طبعاً ما دعا الملك داود ليكتب قائلاً:

"23: 2 روح الرب تكلم بي وكلمته على لساني" – 2صموئيل 23 : 2.
http://st-takla.org/pub_oldtest/10_sam2.html


كما أن الرسول بطرس وجد من الضرورة التنويه بهذا الأمر. فنسب الفضل لروح الله في الكتابات المقدسة السابقة:

"1: 20 عالمين هذا اولا ان كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص
1: 21 لانه لم تات نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم اناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" – 2بطرس 1 : 20 و 21.
http://st-takla.org/pub_newtest/61_petr2.html


ماذا بالنسبة لتجميع أسفار الكتاب المقدس في واحد لتسمى أخيراً بـ "الكتاب المقدس"؟

حسناً! هنا أيضاً لم يتردد الله في التدخل بروحه ليشرف على الأمر. وكما سبق وفهمنا من كلمات الرسول بولس بأن الله يعطي البعض إمكانية "تمييز الأرواح" (1كورنثوس 12 : 10)، نجد بأنه تدخل في بعض الرجالات بروحه ليجعلهم يصنفون ويدمجون بعض الكتابات بين الكتب المعتبَرة "موحى بها من الله"، ويبعدون تلك التي اعتـُبـِرت "أبوكريفية".

جدير بالذكر بأن الله لم يحفظ كل كتابات خدامه الأمناء. فالبعض منها كانت رسائل أو كتابات شخصية لا تزيد ولا تنقص في قصد الله ولا تتعلق به. البعض منها أيضاً كانت كتابات تاريخية أو لتصف حوادث معينة لوقتهم أو مجتمعهم. لقد حفظ فقط ما يهمه ويرتبط بمقاصده، وما وجهه بروحه. ولذلك نجد الكتاب المقدس يشير أحياناً بأن حادثة معينة كـُتبتْ في السفر الفلاني أو الرسالة الفلانية، في الوقت الذي لا نجد ذلك المرجع بين أسفار الكتاب المقدس! لقد سمح فقط أحياناً باقتباس فكرة معينة من هنا ومن هناك لا أكثر. وعلى ما يظهر، لا يعتبر كامل ذلك المرجع لازماً أو صالحاً للحفظ ليبقى بين مجموعة كتبه.

من الذي قام بإجراء التصنيفات ليجري جمع وحفظ كتب معينة كموحى بها، ورفض أخرى ككتب أبوكريفية؟

لا شك بأنهم بشر! إلا أن هؤلاء البشر عملوا ذلك بتوجيه الروح القدس وضبطه للامور. وعلى ما يظهر كانت هنالك مجموعة معينة من الكتب المتوفرة أيام يسوع المسيح ورسله من الأسفار العبرانية (العهد القديم)، والتي جرى اعتبارها والإعتراف بها كموحى بها. إلا أن الكتاب المقدس لا يشير بالتحديد إلى عددها آنذاك. وطبعاً كانت كرازة يسوع المسيح ورسله مؤسسة عليها، معتبرين إياها "كلمة الله" الموحى بها. وهنا أتى دور كلمات الرسول بولس لتيموثاوس التي اقتبست منها عنوان شريطي هذا:

"3: 15 وانك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة ان تحكمك للخلاص بالايمان الذي في المسيح يسوع
3: 16 كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتاديب الذي في البر" – 2تيموثاوس 3 : 51 و 16.
http://st-takla.org/pub_newtest/55_timo2.html

إذاً كانت أسفار العهد القديم متوفرة ويجري تعليمها حتى للصغار في العمر. وتيموثاوس هنا يظهر بأنه استفاد من معرفتها منذ الطفولية بواسطة العائلة. تلك الكتب التي كانت تشير بنبواتها إلى الخلاص الذي تحقق أخيراً بيسوع المسيح.

كتب الرسول بولس تلك الكلمات سنة 65 ميلادية. بذلك الوقت كانت قد جرت كتابة بعض كتب العهد الجديد أيضاً بتوجيه الروح القدس. ولذلك لا شك بأن الرسول بولس كان يعلم جيداً بأن تلك الكتب الجديدة ستـُضـَمّ إلى مجموعة الكتب المقدسة التي يعتمد عليها خدام الله. ولذلك اعتبرها من الكتب الموحى بها أيضاً، إذ أنها هي أيضاً كـُتِبَت بتوجيه نفس الروح (الروح القدس)!

من بين تلك الكتب الجديرة بالذكر حتى ذلك الحين: الأناجيل الثلاثة، متى ومرقس ولوقا. سفر أعمال الرسل، رسالة يعقوب، ورسالتي بطرس. هذا بالإضافة طبعاً إلى معظم رسائل بولس ذاته التي نالت شهادته بأنها من روح الله، وشهادة بطرس الرسول لها أيضاً:

" 7: 40 ولكنها اكثر غبطة ان لبثت هكذا بحسب رايي واظن اني انا ايضا عندي روح الله" – 1كورنثوس 7 : 40.
http://st-takla.org/pub_newtest/46_kor1.html

وهنا شهادة بطرس ذاته لكتابات بولس ورسائله، معتبراً إياه في وحدة معه ومع الجماعة المسيحية الباكرة وإدارتها بالقول "أخونا الحبيب بولس":

" 3: 15 واحسبوا اناة ربنا خلاصا كما كتب اليكم اخونا الحبيب بولس ايضا بحسب الحكمة المعطاة له)
3: 16 كما في الرسائل كلها ايضا متكلما فيها عن هذه الامور التي فيها اشياء عسرة الفهم يحرفها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب ايضا لهلاك انفسهم" – 2بطرس 3 : 15 و 16.
http://st-takla.org/pub_newtest/61_petr2.html


بقي أن نذكر ضرورة انسجام كتابات العهد الجديد مع العهد القديم، والتصويب لهدف واحد (لأن الله واحد طبعاً). فهل صح هذا الأمر؟

لا شك في ذلك! فكل كتـّاب العهد الجديد أشاروا واقتبسوا من العهد القديم. وكان ذلك للهدف الواحد، ألا وهو تدبير الله لخلاص الجنس البشري من الخطية والموت بواسطة يسوع المسيح. والتهيئة لتأسيس ملكوت الله الذي سيجلب أخيراً المجد والتكريم لإسم إلهنا يهوه الله. من أجل ذلك نلاحظ قيام كتبة الأسفار اليونانية المسيحية (العهد الجديد) بحوالي 320 اقتباس من العهد القديم. وما يقارب 890 إشارة إلى نصوصه وحوادثه! فما رأيكم؟

كيف تمكن المسيحيون الأوائل للقرون المسيحية الباكرة أن يميزوا كتابات العهد الجديد ككتب موحى بها من الله بنفس قيمة تلك التي للعهد القديم؟

حسناً، كان عليهم أن يأخذوا عدة عوامل بعين الإعتبار. ولا شك بأن الحكم عليها كان سيبدأ بالدرجة الأولى بفحص محتواها بدقة. هوذا بعض المقاييس التي اعتمدوا ونعتمد عليها:

- أن تكون خالية من الخرافات.
- أن تكون خالية من ترويج المصالح الشيطانية.
- أن تكون خالية من التشجيع على عبادة المخلوق.
- أن تكون في انسجام كامل مع بقية أسفار الكتاب المقدس، لتشكل واحداً معها، ناسبة الفضل ليهوه الله كمصدر لها.
- كل كتاب يجب أن يكون نموذجاً إلهياً للـ "تمسك بصورة الكلام الصحيح" (2تيموثاوس 1 : 13). وبالتالي ينسجم كاملاً مع كلمات وتعاليم ونشاطات يسوع المسيح.
- أن يجري الإعتراف بالكاتب من قِبَل رسل المسيح الأوائل (للقرن الأول للميلاد)، شاهدين بالأمانة المسيحية لذلك العضو (الكاتب) بينهم.


وهذا الشرط الأخير كان ممكناً نتيجة منح يهوه الله بروحه هبة القدرة على "تمييز الأرواح" (يعني تمييز مصدر الكتابات إن كانت من الروح القدس أم لا) (1كورنثوس 12 : 10). وبفضل هذه الموهبة كان يمكن للرسل (ومن تلاهم) أن يرفضوا كتابات البعض ويبقوا على تلك التي كـُتِبَت من قبَل أشخاص مشهود لهم بينهم.



ماذا بالنسبة للترجمات التي يظهر بأن بعضها نقل النص ببعض المعاني التي لا تنطبق 100 % على الأصل؟

علينا أن لا نكون صارمين أكثر من اللازم. فهذه الظاهرة هي طبيعية جداً في النقل من لغة إلى أخرى. وبما أن إيحاء الكتاب المقدس كان يعني توجيه الله للشخص نحو "الفكرة" أو "الحادثة" ليكتبها بكلماته الخاصة وأسلوبه البشري، إذاً يحتمل النص في هذه الحالة (حالة الترجمة)، استعمال الكلمات أو التعابير التي يمكن أن تعبر عن المعنى المطلوب حتى ولو لم تكن 100 % حرفية. المهم في الأمر هو الحفاظ على ذكر الحادثة بالكلمات الأقرب إلى المعنى الأصلي. والذين بيننا ملمون باللغات، لا شك أنهم يدركون ما يعني ذلك، خاصة صعوبة الترجمة من اللغات القديمة إلى الحديثة.



هل فـُقِدت أجزاء من الكتاب المقدس عبر التاريخ خلال الـ 3500 سنة الماضية؟

ربما! لكن حتى ولو فقِدت، فما هو متوفر لدينا يكفينا للحصول على الأمور الأساسية لمقاصد الله. ولا شك بأنه لا يمكن ليهوه الله أن يسمح لجزء أساسي من كلمته الملهمة أن يبقى ضائعاً أو مخفياً إن كانت المعلومات الموجودة فيه ضرورية لشعبه.



هل يمكننا اليوم أن نثق بما لدينا من كتب لنعتبرها ملهمة أو موحى بها من الله؟

صحة ودقة الكتاب المقدس لا يشهد لها مجرد المتدينين. فعلماء الآثار والمتاحف أيضاً يشهدون لذلك بكل وضوح. كما وأن المخطوطات أو آلاف القطع الأثرية المتوفرة في المتاحف وأماكن الحفظ لا تترك مكاناً للشك. فالبعض منها ليس بعيداً عن القرن الأول للميلاد. ومقارنته بما لدينا حالياً يظهر تطابقاً مدهشاً للغاية. ولذلك فاتهام الكتاب المقدس بالتحريف، لا يعكس في الواقع سوى الجهل ونوايا العداء ورفض الوقائع. وبالتالي ينم عن عدم جدّية الشخص وعدم ميله للتجاوب مع المشيئة الإلهية ومقاصدها.



لماذا إذاً يرفض البعض حقائق الكتاب المقدس الواضحة فيه، بمن في ذلك طبعاً معظم المدّعين المسيحية؟

حسناً، فالعيب ليس في الكتاب المقدس ذاته! إنه فيهم هم. ولا ننسَ رفض القادة الدينيون اليهود ليسوع المسيح ورسالته بالرغم من انتظارهم إياه لمئات السنين. فمع أن أسفار الكتاب المقدس كانت بحوزتهم، إلا أنهم لم يسمحوا لروح الله القدوس بفتح أذهانهم أو قلوبهم. فبقوا أسرى تحت عبودية إله هذا الدهر، الشيطان إبليس:

"4: 4 الذين فيهم اله هذا الدهر ([COLOR=Blue]الشيطان إبليس لئلا تضيء لهم انارة انجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله" – 2كورنثوس 4 : 4.
http://st-takla.org/pub_newtest/47_kor2.html

طبعاً يحدث الأمر نفسه في وقتنا، إن كان من قِبَل المدّعين المسيحية أم غيرهم. ولذلك تقوم عينا الله بالجوَلان في كل الأرض باحثاً عن ذوي النيات الحسنة والقلوب المستعدة لقبول حقه، كي يرسل إليهم روحه ويفتح قلوبهم. أما الباقون فليستمروا في الضياع في ظلمة هذا العالم الذي يسيطر عليه الشيطان إبليس:

"16: 9 لان عيني الرب تجولان في كل الارض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه فقد حمقت في هذا حتى انه من الان تكون عليك حروب" – 2 أخبار الأيام 16 : 9.
http://st-takla.org/pub_oldtest/14_chr2.html


لماذا الإختلافات إذاً في فهم الحق الواحد للكتاب المقدس؟

الجواب غير معقد. فبما أن الله واحد، وهو أوحى بالروح الواحد بالكتاب المقدس، إذاً ففهم كلمته الملهمة يجب أن يكون واحداً أيضاً! الله منطقي، إذاً فهم كلمته يجب أن ينم عن المنطق! الله حق، إذاً فهم كلمته يجب أن يعكس الحق! فإلى أولئك الأشخاص الذين يختارهم، نجده يرسل روحه ليفتح قلوبهم ويجعلهم يفهمون كلمته. كلمة الحق التي أوحى بها الله، لا يمكن أن تـُفهَم إلا بمساعدة روح الله ذاته:

"2: 10 فاعلنه الله لنا نحن بروحه لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله
2: 11 لان من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه هكذا ايضا امور الله لا يعرفها احد الا روح الله" – 1كورنثوس 2 : 10 و 11.
http://st-takla.org/pub_newtest/46_kor1.html

والشعب الذي لا يملك روح الله لدعمه، لا يمكن أن يفهم أو يذعن لما ذكر الله في كلمته المقدسة!



النتيجة:

روح الله (أو الروح القدس) هو نهر جارف وتيار قوي باتجاه معين ليتمم قصد الله ومشيئته. فلا يمكن لأي مخلوق في الكون كله أن يوقفه، لا المخلوقات الأرضية، ولا حتى السماوية! كل من يحاول اعتراضه، يعرّض نفسه للهلاك المحتم!

إن إنتاج الكتاب المقدس هو من الأمور الصغيرة والبسيطة جداً لإمكانيات الروح القدس الكونية الهائلة بالمقارنة! وكما لاحظنا أعلاه، فمجالات الروح القدس لانهائية. إنها في الواقع كونية لامحدودة وليست أرضية فقط. ولذلك لا نعمل حسناً إن نسبنا السوء إلى الله أو إلى إنجازات روحه!

"12: 31 لذلك اقول لكم كل خطية وتجديف يغفر للناس واما التجديف على الروح فلن يغفر للناس
12: 32 ومن قال كلمة على ابن الانسان يغفر له واما من قال على الروح القدس فلن يغفر له لا في هذا العالم ولا في الاتي" - متى 12 : 31 و 32.
http://st-takla.org/pub_newtest/40_matt.html

ولا شك بأن الباحثين بإخلاص عن الحق بيننا، لا يناسبهم أن يعرفوا أخيراً بأن ما اختاروه من طريق روحي ليس إلا تضليلاً إبليسياً أعمى أذهانهم عن الله وروحه!







إخواني الأحباء،

أعتذر أولاً عن الإطالة في الموضوع! فالروح القدس موضوعه واسع جداً إلى حد يمكنني أن أملأ كتباً بالحديث عنه. والواقع عملت حقاً بعض الجهود لأختصر قدر الإمكان. ومع ذلك، رأيتم النتيجة.

أشكر لكم صبركم جميعاً وطول بالكم عليّ بعدم التدخل أثناء العرض. أقدّر كثيراً سماحكم لي بالجوَلان بروية في الموضوع دون اعتراض. الأمر الذي حقاً يزيد تقديري واحترامي لكم.

أما الآن، فيمكن لكم أعزائي التدخل والبحث في الموضوع. ولذلك أرجو أن يكون الحوار بناء والنقاط مفيدة للجميع.

شكراً لكم ثانية !


:redrose:


"كــل الكتاب (المقدس) هو موحى به من الله" - مــا معنـــــاها ؟ - العميد - 12-06-2006

الزميل الكريم

لقد أطلت الكلام فيما لا طائل من ورائه ولا يخدم الحوار ، لذلك يبدو أن الذين بدأوا الحوار هنا انفضوا عنه لهذا السبب ..

على كل حال ، وقبل أن ندخل في الموضوع ، أخبرني مشكوراً عن موقفك الشخصي من :
- الأسفار القانونية الثانية أو الأبوكريفا ( طوبيا ، يهوديت ، الحكمة ، سيراخ ، باروك ، المكابين الأول والثاني ، وتتمة أستير ودانيال ) هل تعتبرها قانونية موحى بها ( كلمة الله ) أم مزيفة ؟
- النسخة الماسورية العبرية .
- النسخة السبعينية .

وأرجو أن تراجع هذا الرابط هنا قبل أن ترد :
http://www.nadyelfikr.net/viewthread.php?f...68174#pid368174


تحياتي
العميد


"كــل الكتاب (المقدس) هو موحى به من الله" - مــا معنـــــاها ؟ - seeknfind - 12-08-2006

عائد إليك عزيزي العميد

سأحاول أن لا أتأخر كثيراً :redrose:


"كــل الكتاب (المقدس) هو موحى به من الله" - مــا معنـــــاها ؟ - seeknfind - 12-13-2006

تحياتي للجميع، وعذراً لتأخري من الزميل العميد.

تحياتي عزيزي العميد

اقتباس:  العميد   كتب/كتبت  
لقد أطلت الكلام فيما لا طائل من ورائه ولا يخدم الحوار ، لذلك يبدو أن الذين بدأوا الحوار هنا انفضوا عنه لهذا السبب ..
آسف للإطالة! لكن مع ذلك بقي عدد لا بأس به من القراء مهتاً ببقيته ومتابعاً. فبادئ الأمر كان عدد المتصفحين يتراوح بين الـ 60 والـ 90 . ليصل أخيراً إلى الـ 40. ولربما كان السبب ليس عدد مداخلاتي بل طولها. وأتفهم طبعاً ذلك! فأنا شخصياً أتجنب قراءة المداخلات الطويلة، إلا إذا كانت فعلاً خاصة جداً لأعمل لها استثناء. والواقع كان عليّ أن أختار: إما مداخلات طويلة وعددها قليل، من أجل السماح بالراغبين في التدخل. أو مداخلات قصيرة، لكن لأفرض على القراء الإنتظار أكثر بكثير.

آسف ثانية لإطالة الحديث! وأرجو عودة القراء إلى عادتهم وكتابة ردودهم للحوار إن رغبوا بذلك. كما وأكرر شكري لمتابعتكم وصبركم.


سؤالك الذي طرحته عليّ في مداخلتك الأخيرة جرى ذكره في مجرد أسطر قليلة، لكن الجواب عليه يتطلب الشرح الكثير. ولذلك ارتأيت أن أقسمه إلى مراحل، وعلى دفعات، كل مرة عن موضوع مختلف بحسب نقاط أسئلتك. اليوم سوف نأخذ موضوع الأسفار الأبوكريفية العبرانية:

اقتباس:  العميد   كتب/كتبت  
على كل حال ، وقبل أن ندخل في الموضوع ، أخبرني مشكوراً عن موقفك الشخصي من :
- الأسفار القانونية الثانية أو الأبوكريفا ( طوبيا ، يهوديت ، الحكمة ، سيراخ ، باروك ، المكابين الأول والثاني ، وتتمة أستير ودانيال ) هل تعتبرها قانونية موحى بها ( كلمة الله ) أم مزيفة ؟
الكلمة اليونانية أبوكريفوس (a•po'kry•phos) التي تعني حرفياً "مخفي بحرص" وردت ثلاث مرات في العهد الجديد (مرقس 4 : 22 ، لوقا 8 : 17 ، كولوسي 2 : 3) أما في ما يتعلق بالكتابات فقد أعطت معنى "التي لا تـُقرأ علناً"، أو المحجوبة عن الآخرين. لكن في ما بعد أعطت معنى "الكتابات المزيفة" أو "الغير قانونية". أما اليوم فهي تشير إلى الأسفار الإضافية التي قبلتها الكنيسة الكاثوليكية كجزء "قانوني" من كتابها المقدس بعد قرار مجمع ترنت (Trent) لعام 1546.

الوقت الدقيق لكتابة تلك الأسفار غير واضح أو أكيد. لكن الدلائل تشير إلى وقت ليس أبكر من القرن الثاني أو الثالث قبل الميلاد. بينما نلاحظ بأنه جرى الغلق (أو إنهاء) على الأسفار العبرانية (العهد القديم) بكتابات عزرا ونحميا وملاخي في القرن الخامس قبل الميلاد. ومع أن بعض تلك الأسفار (الأبوكريفية) يمكن أن تزود معلومات تاريخية ذات قيمة في بعض الحالات، لكنها لم تكن مشمولة أبداً في عداد كتب اليهود القانونية الموحى بها، ولا هي كذلك حتى في يومنا الحاضر.

ذكر المؤرخ اليهودي يوسيفوس للقرن الأول للميلاد النظرة في ما يختص بالأسفار القانونية المقدسة:

"ليس لدينا ربوات من الأسفار المتناقضة والمتضاربة. فأسفارنا، تلك المعتمَدة بحق، ليست سوى اثنين وعشرين (ما يقابل تقسيمنا العصري لها بـ 39)، وهي تحتوي سجل كل زمان. ومن بين هذه، خمسة هي أسفار موسى، التي تتضمن الشرائع والتاريخ التقليدي من بداية الإنسان حتى موت معطي الشريعة ... ومن موت موسى إلى أرتحشستا الذي خلف حشستا ملكاً لفارس، كتب الأنبياء الذين تلوا موسى تاريخ أحداث أزمنتهم الخاصة في ثلاثة عشر سفراً. والأسفار الأربعة الباقية تحتوي على تسابيح لله وقواعد سلوك لحياة البشر."

حذر بعد ذلك من وجود كتب أبوكريفية في أيامه مرفوضة من تصنيفها ضمن مجموعة الكتب القانونية العبرانية الموحى بها قائلاً:

"من أرتحشستا إلى وقتنا جرت كتابة التاريخ كاملاً، إلا أنه لم يجرِ اعتباره أبداً أهلاً بالثقة ليتساوى مع السجلات الباكرة، بسبب الإخفاق الدقيق في تتابع الأنبياء." - ( Against Apion, I, 38, 41 (8

وهكذا يـُظهِر يوسيفوس أن قانون الأسفار العبرانية كان قد حـُدِّد قبل القرن الأول للميلاد بزمن طويل.

نشأت بعض الإحتجاجات بسبب وجود بعض الكتابات الأبوكريفية ضمن بعض النسخ اليونانية الباكرة للترجمة السبعينية، والتي بدأ العمل بها سنة 280 ق. م. لكن بما أنه لا يوجد لدينا حالياً أي نسخة أصلية تعود إلى ذلك الوقت، لا يستطيع أحد أن يجزم باحتوائها على تلك الأسفار. بعضها، وربما حتى معظمها جرى قبوله بعد البدء بعمل الترجمة السبعبنية، ومن الواضح بأنها لم تكن أصلاً على قائمة الكتب التي اختارت هيئة الترجمة القيام بها. إذاً في أفضل الحالات يمكن تقييمها ككتب زائدة على العمل.

بالإضافة إلى ذلك، عندما أدخل يهود الإسكندرية تلك الكتب ليعتبروها من الكتابات القانونية الموسَّعة والمقدسة، فإن الإقتباس أعلاه من يوسيفوس يوضح بأنه لم يجرِ جلبها أبداً إلى نسخ أورشليم أو فلسطين القانونية، وفي أفضل الحالات جرى النظر إليها ككتب ثانوية ليست من مصدر إلهي. ولذلك جرى رفضها كلها كاملاًً في مجمع اليهود المعقود في جامنيا (Jamnia) لعام 90 ميلادي.

وطبعاً لدينا أسبابنا لنقبل بذلك الموقف اليهودي من تلك الكتابات والمدعومة بشهادة الرسول بولس لهم بأنهم (كيهود) "استـُؤمنوا على أقوال الله" (رومية 3 : 1 و 2).

ما هو أيضاً جدير بالإعتبار، أن الأسفار اليونانية (العهد الجديد) لم تشِر أبداً، وكتـّابها لم يقتبسوا إطلاقاً من أي كتاب من تلك الكتب الأبوكريفية. كما أن تلك الكتب ذاتها كان ينقصها الإقتباس من الأسفار العبرانية القانونية المقدسة. وهذا أمر لا يجب أن نتجاهله.

أيضاً ليس بلا ثقل موقف قادة علماء الكتاب المقدس "آباء الكنيسة" لعهد القرون المسيحية الباكرة، الذين بكليتهم أعطوا قيمة لتلك الكتابات أقل من بقية الأسفار القانونية المقدسة.

أوريجن (Origen) في باكر القرن الثالث الميلادي، بعد فحص دقيق، وصل إلى النتيجة بتمييزه الواضح لتلك الكتب عن الكتابات المقدسة القانونية الأخرى.

أيضاً أثناسيوس، سيريل الأورشليمي، غريغوري النازيانزوسي وأمفيلوسيوس (Athanasius, Cyril of Jerusalem, Gregory of Nazianzus, and Amphilocius) كلهم في القرن الرابع الميلادي، حضـّروا كتالوجات (جداول أو فهارس) بقائمة الكتب المقدسة المنسجمة مع الكتب العبرانية القانونية المقدسة، فإما تجاهلوا تلك الكتابات الأبوكريفية أو وضعوها في قائمة منفصلة ككتب ثانوية.

جيروم، الذي وُصِف بأنه "أفضل عالم عبراني" للكنيسة الباكرة، والذي أتمّ "الفولغات اللاتينية" سنة 405 م. أخذ موقفاً واضحاً جداً (definite stand) ضد تلك الكتب الأبوكريفية. وكان في الواقع هو أول من طبق التسمية "أبوكريفا" عليها ليعني بها عدم قانونيتها مع بقية الكتب المقدسة الموحى بها. ولذلك نراه يضع في مقدمة سفري صموئيل والملوك للفولغات قائمة بالأسفار التي تنسجم مع قانونية الأسفار العبرانية الموحى بها (التي تضم مجموعة الـ 39 سفراً بـ 22) ويقول:

"إذاً يوجد 22 سفراً ... وهذه المقدمة للأسفار المقدسة يجب أن تخدم كمدخل حصين (fortified approach) لكل الكتب التي نترجمها من العبرانية إلى اللاتينية، بحيث يمكننا أن نعرف بأن ما يتجاوزها يجب اعتباره أبوكريفياً."

وفي كتابته لسيدة بإسم لائيتا (Laeta) في ما يختص بتعليم ابنتها، نصحها جيروم قائلاً:

"دعيها تتجنب كل الكتب الأبوكريفية، وإذا رغبت يوماً ما في قراءتها، فليكن ذلك ليس من أجل الحق في تعاليمها، بل من أجل أكاذيبها المدهشة. دعيها تدرك بأنها لم تـُكتـَب حقاً بواسطة أولئك الذين جرى نسبها إليهم، وأنها تحتوي على الكثير من الأغلاط، وتتطلب مهارة فائقة من أجل إخراج الذهب من الطين." - Select Letters, CVII

أول مرة ظهرت النزعة بضم تلك الكتب إلى مجموعة الكتب المقدسة القانونية كانت بواسطة أوغسطين (Augustine) (354 – 430 م.) مع أنه اعترف فيما بعد باختلاف تلك الكتب عن الأسفار العبرانية القانونية المقدسة بوصفها "كتباً خارجية". بالرغم من ذلك، قامت الكنيسة الكاثوليكية باتباع مثال أوغسطين بضم تلك الكتب الخارجية إلى الكتب المقدسة القانونية بقرار مجمع قرطاجة سنة 397 م. إلا أنه لم يجرِ قبول الكنيسة الرومانية الكاثوليكية تماماً وبشكل نهائي لتلك الكتب الخارجية في قائمة فهارس كتبها إلا حتى وصلنا إلى مجمع (Trent) ترنت 1546 م. وذلك بسبب الآراء التي كانت لا تزال منقسمة بين رجالات الكنيسة الكاثوليكية ذاتها. ولذلك اعتبروا هذا الإجراء ضرورياً.

جدير بالذكر هنا هو ادّعاء الكنيسة الكاثوليكية بأنه تقع على عاتقها مسؤولية قرار ما إذا كان يجب قبول الكتاب الفلاني أو الفلاني بين أسفار الكتاب المقدس القانونية. ويشار إلى مجمع قرطاجة (397 م) حيث صيغت قائمة للأسفار. ولكن العكس هو الصحيح، لأن الأسفار القانونية، بما فيها قائمة الأسفار التي تؤلف الأسفار اليونانية المسيحية (العهد الجديد)، كان قد قـُـرِّر قبل ذلك الوقت، وذلك ليس بمرسوم أي مجمع، بل بتوجيه روح الله القدوس – الروح نفسه الذي أوحى بكتابة هذه الأسفار في المقام الأول. وشهادة منظمي القوائم غير الملهمين اللاحقين هي قيـّمة فقط عندما تعترف بقانون الكتاب المقدس، الذي سبق فأقرّه روح الله.

جان ويكلف (John Wycliffe) الكاهن الكاثوليكي والعالم الذي قام في القرن الرابع عشر بأول ترجمة للكتاب المقدس إلى الإنكليزية بمساعدة نيقولا هيرفورد (Nicholas of Hereford) لم يشمل الكتابات الأبوكريفية في أعماله، وقال في مقدمة ترجمته بأن كتابات كتلك "لا ثقة متينة بها" ("without authority of belief").

الكاردينال الدومينيكاني كاجتان (Cajetan)، أبرز لاهوتي لعصره (1469 – 1534) والمدعو بواسطة كليمنت السابع (Clement VII) "سراج الكنيسة" ("lamp of the Church") عمل أيضاً تمييزاً بين الكتب العبرانية القانونية المقدسة الصحيحة وهذه الكتابات الأبوكريفية، مشجعاً على اعتبار كتابات جيروم كمستند (as an authority).

أيضاً يلزم الملاحظة بأنه، في مجمع ترنت، لم يجرِ قبول كل الكتابات التي أقرها سابقاً مجمع قرطاجة. فقد أسقطت ثلاثة منها وهي: صلوات منسى، وعزرا (Esdras) الأول والثاني، (ليس عزرا (Ezra) الأول والثاني الموجودين في ترجمة دواي الكاثوليكية كتسميتين بدلاً من سفري عزرا ونحميا المعروفين). وبذلك جرى التخلص من هذه الكتب الثلاثة التي كانت تشكل جزءاً مقبولاً في الفولغات اللاتينية لمدة تزيد على الـ 1100 سنة التي مضت.



حسناً، هذا ما أظن بأنه كاف مبدئياً ليجيب على سؤالك المختص بالأسفار الأبوكريفية العبرانية. إن كنت ترغب بالتدخل، يمكنك ذلك قبل أن أتابع بقية جوانب أسئلتك أعلاه.

أفضل تمنياتي لك وللقراء.


"كــل الكتاب (المقدس) هو موحى به من الله" - مــا معنـــــاها ؟ - العميد - 12-13-2006

اقتباس:أوريجن (Origen) في باكر القرن الثالث الميلادي، بعد فحص دقيق، وصل إلى النتيجة بتمييزه الواضح لتلك الكتب عن الكتابات المقدسة القانونية الأخرى.

أيضاً أثناسيوس، سيريل الأورشليمي، غريغوري النازيانزوسي وأمفيلوسيوس (Athanasius, Cyril of Jerusalem, Gregory of Nazianzus, and Amphilocius) كلهم في القرن الرابع الميلادي، حضـّروا كتالوجات (جداول أو فهارس) بقائمة الكتب المقدسة المنسجمة مع الكتب العبرانية القانونية المقدسة، فإما تجاهلوا تلك الكتابات الأبوكريفية أو وضعوها في قائمة منفصلة ككتب ثانوية.

الزميل الكريم

فقط طلب بسيط ، وهو أن توثق كلامك أعلاه عن أوريجين وأثناسيوس وغريغوريوس النزيانيزي والباقين من كتبهم ..
وتفضل بالمتابعة مشكوراً.

تحياتي
العميد


"كــل الكتاب (المقدس) هو موحى به من الله" - مــا معنـــــاها ؟ - seeknfind - 12-13-2006

عزيزي العميد،

توثيق ما تطلب ليس صعباً إطلاقاً. يمكنك استعمال أحد محركات البحث الشهيرة وتكتب فيه إسم الشخص، من ثم تتبعه بالكلمة Apocrypha

أنا عملت ذلك ووجدت ما هب ودب من المواقع التي كلها تشهد وتدعم الفكرة التي ذكرتها لك في ردّي أعلاه.

إن وجدت صعوبة في إيجاد أحدهم يمكنك أن تخبرني.

مع تحياتي لك