حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
الهولى كراسة ( كتاب سلنتوحة المقدس ) - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: لغـــــــة وأدب (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=78) +--- الموضوع: الهولى كراسة ( كتاب سلنتوحة المقدس ) (/showthread.php?tid=1808) |
الهولى كراسة ( كتاب سلنتوحة المقدس ) - AhmedTarek - 01-08-2009 Arrayلم اعتقد اننى يمكننى التعليق على المدونة إلا عند رؤيتى لوردة نضال[/quote] و أنا كمان..:D رائع يا بهاء...... يقول طاغور إما أن تعيش الحياة أو تكتب عنها..... لكن كتابة بهذا الشكل لا تستوي بلا أن تشرب من كأس ذل الحياة حتى الثمالة.....لا تستوي بلا أن تغوص في أعماق الحياة المليئة غالباً بالقذارة. كلامك يمس بعضا من أقدس مكنونات ذاكرتي.. أكمل.. Arrayانه موضوع إنشائى .. وليس واقعى .. [/quote] C'mon, does it really matter?..!:D الهولى كراسة ( كتاب سلنتوحة المقدس ) - NADYA - 01-09-2009 ممممممممم يا سلام جميل جدا كم يعجبني قراءة ذكريات الآخرين تختزن مجموعة إنسان و أدوات آدمية وخاصة إن كانت بالدارجة المصرية تلك اللغة الشعبية التي تمثل عمق الشارع والأسطورة والهم والفرح و كل العبارات واصل يا سيد بهاء كلنا عيون صاغية متابعة الهولى كراسة ( كتاب سلنتوحة المقدس ) - سيستاني - 01-09-2009 Array كلنا عيون صاغية [/quote] نادية الله يهديك ، كيف استقامت معك هاته العبارة (عيون صاغية) :what: الحبيب ابن الحبيب بهاء الله تسجيل خشوع :D الهولى كراسة ( كتاب سلنتوحة المقدس ) - hamde - 01-09-2009 بهاء انت بهي وبهائي حقيقي التداعيات التي تسردها شيقة وطعمة وفيها لمسة صدق عميقة ويمكن ترقى الى درجات العرفان وياتيك اليقين (فاعبد ربك حتى ياتيك اليقين) شو رايك لو نطلبك ع شان تكون امام في مسجدنا لديك من الحكمة والصدق والعبر ما يجعلنا نستهدي بك فكر لعل الانوار الالهية تسخرك الهولى كراسة ( كتاب سلنتوحة المقدس ) - ugarit - 01-10-2009 وثائقي سلنتوحي رائع ... تابع يا صديقي تابع الهولى كراسة ( كتاب سلنتوحة المقدس ) - بهاء - 01-10-2009 وفى اليوم التالى وجدت نفسى ألعب مع تلك الفتاة الجميلة فى بستان من ورد وشجر , ونجرى تحت الشجر وانا اجرى كأنى طيارة حواليها وهى تضحك وتملأ الهواء سعادة وسحر حولى , والمدرسين والمشرفين بيلعبوا حولنا والناس كلها بتلعب وبتتضحك , حضنتها من ظهرها وغميت عينها وقولتها " انا مين ؟ " , وتتضحك وتقول " معرفش , يمكن عفريت " ... وتصرخ بضحك وتجرى ( عفريت عفريت , ألحقونى عفريت ) ولما امسكها تنهار من الضحك وتقع على الارض , وتشدنى معاها ... وأنام جنبها على الارض أتامل السماء فتمسك أيدى – أبصلها , ألاقى على وشها أبتسامة تخليني فى عالم تانى , ولا كأنها عصفورة تغرد وتتطير من حولى وانا اركض ورائها كطفل يتمنى لو انه يقدر يطير مع عصفورته الجميلة . وفجأة حسيت بالسقعة على الارض , فتكرمش وشى من البرودة وسألتها بأستغراب : - أنتى مش سقعانة ؟ انا سقعان قوى ؟ وبدأت افرك جسمى من البرودة , عشان أدفئ – لكنها لم ترد على وظلت تبتسم وتبحلق فى وشى وتتضحك ... - انا سقعان قوى. وفركت جسمى جامد , جامد , جامد جدا – وبدأت صورتها تتضيع وتختفى وتتلاشى كما يتلاشى الضباب مع نور الشمس , وتلاشى معه صورة المدرسين وبستان الورد وتلاشى معه النوم ... فيبدو او ان اللى حصل انى كنت بحلم ... لكن كان أجمل حلم شفته من فترة طويلة , حلم أحسست فيها فعلا بالسعادة والحب وبراءة الأطفال – تلك البراءة التى سرقت منى أو ضاعت وانا مش واخد بالى . ***
صحيت فى منتصف الليل ورفعت رقبتى اشوف ايه اللى حوليا ، لقيت سراير كتيرة فى عنبر النوم , كتيرة كتيرة – الظاهر ان امبارح من التعب دخلت انام ومخدتش بالى من كل الناس اللى فى العنبر . وحاولت ارجع أنام تانى او يمكن احلم تانى بالبستان الاخضر وتلك الساحرة الجميلة – لكن راح النوم من عينى ومقدرتش أنام تاني!قومت أتمشى شوية وأتفرج على العنبر , ولو حضرتك مفكرنى عيل هخاف من الظلمة وأرتعش و أفكر ان البعبع ممكن يطلعلى ، تبقى سيادتك غلطان , لان من سياسة الملجأ اننا ننام والنور والع . وأوعى تفكر ان الاجراء ده تم عشان العيال متخافش بالليل او يمكن ادراة الملجأ خايفة علينا ، اصل الحكاية ان العنبر طويل قوى , وفيه ما لا يقل عن 200 سرير , و 400 عيل – ودى قصة تانية هبقى اقولك عليها لما اخلص من القصة الاولى – وكان " مشرفين الليل " بيفضلوا سهرانين طول الليل يلعبوا دومنيو ويتسامورا , فكانوا بيفتحوا النور عشان العيل تعرف ان المشرف صاحى ويتخمدوا .. وأغلب الاحوال , المشرفين كانوا يناموا وينسوا النور مفتوح ! فقمت أتسحب على طراطيف صوابعى وبصوت هامس ورافع صوبعى الصغير ( ممكن اروح الحمام ؟ أستاذ ممكن أروح الحمام ؟ لو سمحت ممكن أروح الحمام ؟ ) لكن محدش عبرنى , الا صوت شخير يطير فى الهواء , زى الغربان . فقعدت اتفرج على المكان بلا خوف , وانا ماشى اتفرج على يمين وشمال العنبر (سراير على بتاعتها والاولاد اللى نائمين – وكانت اشكال متاحف , اللى حاطط ايده على رقبة الى جنبه , واللى نايم برجله على ظهر اللى قدامه ورقبته ساندها على اللى ورائه , واللى حاطط ايده فى مناخيره أو مناخير اللى جنبه او بيفلى رأس اللى نايم قدامه .. وانا عمال امشى واتفرج وعلى وشى نفس ابتسامة المعتوه ! ووصلت عند المشرفين , اللى كانوا منخرطين فى مبارة تظمير أنفية . وبخفة ودلع نطيت على المكتب عشان أطول الشباك واتفرج على الملجأ من بره – لانى لحد دلوقتى مكنتش شفت غير مبنى الادراة وعنبر النوم اللى انا فيه .. ونطيت على المكتب وبصيت من الشباك وكأن اول شئ يلفت نظرى هو " القمر " – فقد كان لوحده ومنور السماء كلها , لكن كان وحيد زيى من غير نجوم حواليه . الظاهر ان النجوم مشيو و سابوه لوحده ينور السماء . فحسيت أن القمر يحط وحدتى على وحدته ونسلى بعض ، وفضلت مبحلق فيه , وانا احس لاول مرة فى هذا السجن بالألفة وانى اخيرا شفت حد أعرفه قبل كده . فضلت مبحلق فى القمر وانا سرحان وبفكر ( يا ترى فين بابا وماما دلوقتى ؟ ... أخواتى دخلوا النار ولا لا ..أكيد اخوى الكبير دخل النار زى ما " ماما " قالت .. ياترى " بابا " دخل النار زى برضه ما " ماما " قالت .. طيب يا ترى " ماما " دخلت النار زى ما " بابا " و " أخواتى " و " أنا " كنا بنقول ؟ ). لكن قطع حبل أفكارى رجل شفته بيتحرك جوه أوضة منورة برضه - قريبة من باب الملجأ .. فأدريت على جنب شوية , وشفت هو بيعمل ايه ! لقيته بينادى على كلب أسود , والكلب راجع " يـ هو هو " وجرى ناحية الأوضة . وما كان من الراجل الا ان قفل الاوضة وساب النور – برضه مفتوح – الظاهر فى عيال نايمة عنده برضه . ولسة هرجع اتفرج على القمر تانى , وأتكلم مع صاحبى وكاسر وحدتى ، فاجأني صوت بيصرخ ورائى : - يحرق أهلك ! اترعبت واتشليت في مكانى وبسرعة الصاروخ لفيت وشى وانا خلاص هعيط عشان محدش يمسكنى وأغنى القصيدة على رأى ماما ( والله ما عملت حاجة , والله ما أنا , و المصحف ما انا ) وأتجنب اوضة الفران ,بس ملقتش حد . وسمعت صوت مرة تانية ثقيل ممزوج بالنوم " حلـــق عليــــــه " فحاولت ادور على مصدر الصوت فلقيته المشرف بيتكلم وهو نائم .. ( الله يخرب بيتك , قلبى كان هيقف ) ! نزلت من على المكتب ومشيت ناحيته , و قربت من وشه لقيته نائم سطيحة – لكن شئ لفت انتباهى , هو ان صدره بيطلع لفوق ويهبط تانى كان بالع بلونة جوه , بس اللى خلانى استغرب ( هى البالونة مش بتتفنخ ليه ؟ ) ففكرت ( طيب لو أحط ايدى على بطنه , يمكن أسد الخرم والبالونة تتنفخ ) وبعطبط وسذاجة طفل حطيت ايدى على بطنه .. لكن فجأة المشرف غير وضع جسمه ومال على جنبه فافتكرته صحى , فطلعت اجرى زى الرهوان على سريرى وانا عمال اجرى ابص يمين وشمال و ادور على سريرى ، لحد ما لقيت عيل نائم وجنبه مكان فاضى , نطيت على السرير وواحتميت بالغطاء – ورفعت عينى فوق الغطاء ملقتش حد ورايا , فقفلت عينى ورحت فى النوم . صحيت على صوت واحد بيشخر بصوت عالى - والصوت يزداد فى العلو , بيعلى اكثر وأكثر وأكثر ، افتكرت المشرف جه ينتقم منى عشان لعبت فى بطنه , لكن ده كان صوت سرينة الفطار ! ولقيت الواد اللى نايم جنبى بيصيحنى برجله – مش بأيده على فكرة , وبيقولى : قوم , قوم , يحرق أهلك قوم اطفح . ( أحب يا فندم اوضح لحضرتك حاجة لو يعنى أستغربت أزاى طفل صغير بيشتم كده , وبكل الصفاقة دى وبدون خوف من انى اروح اشتكى للمشرفة ، بس أكتشفت ان الشتيمة دى عادى جدا , اذ انى بعد ما سمعت الواد قليل الادب ده فكرت أروح اشتكى لميس" نعمة" . وفى نفس اللحظة اللى قررت أروح اقولها سمعتها بتصحى عيل وبتصرخ فيه ( قوم ...) ( يحرق أهلك قوم أطفح ) .. وهنا افتكرت اللى حصل مع اخوى اللى اكبر منى بشوية مع اخوى الكبير خالص , حيث ان الثانى قال للاول شتيمة قليلة الادب قوى . فما كان من الطرف الاول الا انه راح أشتكى لـ ماما , فراحت ماما تتضرب الطرف الثانى اللى هو اخوى الكبير – فأعترض وقال : ما انا بسمعك بتقوليها . فما كان من " ماما " الا ان مسكت الاثنين علمتهم معنى الشكوى والشتيمة .. على قفاهم طبعا ! فقولت فى سرى , وانا بضحك لما افتكرت منظر اخواتى وهما بيضربوا : - ( المسامح كريم , والشتيمة مش بتلزق ! ). من أجمل الاشياء اللى حبتها فى الملجأ ان , على عكس ما " ماما " حاولت تعلمنى انى لازم اغسل وشى وأيدى بالصابون بعد ما اصحى من النوم والبس لبس المدرسة قبل ما اقعد اكل – الملجأ كان العكس , فانت تصحى وتروح تأكل ولو عايز تلعبك متشين كورة قبل ما يطلعلك صاحب او حد يجيئ يزعقلك ويشد ودنك ويصرخ ( اغسل سنانك يا معفن ؟ او هتتأخر عن المدرسة وتبقى فاشل وتكنس الشارع او تشتغل صبى ميكانيكى ) .على فكرة ده كان البرنامج الاذاعى المحلى اللى كانت امى بتذعيه على قناتها كل يوم صبح دراسى , لحد ما أبوى طلقها و بقت بتشغل أذاعة القراءن الكريم . كنت سعيد انى خلصت من القرف ده , صحيت على مهلى ورحت أكل على مهلى ولا غسلت وشى ولا حتى أيدى ولا سنانى .. وكنت سعيد وقلبى فرحان انى بقيت رجل كبير ومعفن وان محدش هيعاملنى على انى طفل او اخذ أوامر من اى حد خالص ! وجت المشرفة " ميس نعمة " وقالت : - اسكتوا يا ولاد واسمعوا اللى هقولكم عليه . - كل واحد شاطر كده يروح يلم كل الحاجة اللى ادينهوله يوم الخميس , الشنطة اللى فيها الاقلام كلها والكراسات والكتب .. واللى هيخبى حاجة كده ولا كده , او هيقول انها ضاعت منها – هيشوف ايه اللى هيجراله . وفجأة اندفعت جيوش الكتاكيت فوق وتحت السراير , وراء الدولايب وفوقها وجنبها وكله عمال يجرى – تقولش بيهربوا من حريقة أو بومة نطت على المكان , بس لما شفت عيل بيمد ايده فى بنطلونه وبيطلع قلامة مخبيها ومكلبش عليها خايف حد يخطفها منه – فهمت هما بيجروا ليه ؟ ونسيت كل حاجة ووقفت منهار من الضحك فى نص العنبر من منظر العيال وهى بتحلق على بعضها , وتلاقى ثلاثة عيال محلقين على واحد ( والله دى قلامتى ! وهما يردوا عليه : هات يا واد القلامة أحسن لك ) . واللى ناطط فوق زميله الطفل وبيعض ايده ويقوله ( دى قلامتى ! ويصرخ : دى قلامتى! ويعضه فى ايديه : سيب قلامتى يا حرامى !) . واندفع النمل فوق وتحت المراتب , وعلى النجف والدولايب , وفى الحمامات – وفى كل مخبأ لعين , كل واحد مدكن حاجة ، وبيجرى عشان يلحقها . والشئ اللى لفت نظرى هو سرعة وقوة القفز الاطفال فى تسلق الدولايب والنجف والزحف تحت السراير وتحت اللحفة , الشئ اللى فكرنى بالألومبيات اللى كان بابا بيتفرج عليها – بس الفرق ان هنا مسموحلك تتضرب برجلك اللى جنبك , وتعضه , وتنط على رقبته تخنقه , او ترزعه يد فى عينه او بطنه او في اي مكان مكان يعجبك ! ولقيت " ميس نعمة " واقفة مبسوطة وفرحانة على الاخر ، الولية المجنونة مفكرها ألومبيات بجد ! وانهرت من الضحك وكاد قلبى يقف ، لكن وقفت تدريجيا عن الضحك لما شفت سرير واحد محدش قدر يلمسه او يعدى من فوق او تحته , كأنه جزيرة فى نص البحر, الموج ميقدرش يعدى من فوقها او حتى يقرب – يا دوبك بس يلمس أطرافها . وكان جالس على طرف السرير شاب ضخم الجسم , وحاجاته سايبها ورائها ومديلها ضهره . فهمت ليه محدش يقدر يلمس حاجاته , حتى لو مكنش شايفها ! لكن اللى مفهمتهوش (هو ليه زعلان ؟ ). وبينما انا عمال افكر ليه ، وعشان ايه ، ده عامل زى الحياطة وزعلان ؟ وطاحن نفسى فى التفكير ومركز قوى ، سمعت صفارة , ولفيت ناحية الصوت لأجد ميس نعمة بتصفر وسبحان الخالق فى ثانية جيش النمل ده كله أتلم ووقف أربع صفوف قدامها . وطبعا وقفت معاهم وانا ممعيش اى حاجة , لان ببساطة افتكرت ان محدش هيمد ايده على حاجة مش بتاعته , فلما وصلت للسرير بتاعى ملقتش حاجتى ( الظاهر أن العيال سرقوا حاجتى ) . ووقفت فى اخر صف يمكن الابله تزهق وتمشينى , وفضل الصف يمشى ويمشى ويمشى – وانا لاقى عيال بتقف على جنب وعيال بتخرج بره للحوش . وعيال تخرج للحوش تجرى وتلعب , وعيال تستنى , لحد ماقربت وكان فاضل واحد بينى وبين الابله , وشوية عيال ورائى .. فسمعت الواد بيقولها : - انا لقيت القلامة دى والكراسات والكتب مرمية على الارض ؟ فقولت أجيبهم لحضرتك عشان محدش يسرقهم . وبحنان بالغ وعبط أبلغ منه , قالته : - برفو يا " سطوحى " , شاطر من اليوم اللى جيت فيه هنا. وبصت على شمالها حيث يقف كثير من الاطفال – اللى منهم بيعيط واللى بيلعب فى مناخيره , واللى سرحان فى شعر اللى قدامه او بيلعب فى ترنج اللى جنبه وقالت بقرف : مش زى المعفنين دول , اللى بيضيعوا حاجاتهم! وسمعت صوت طفل باين عليه البؤس بيقولها : بس والله ... وعلى فجأة حدفته بالكراسة , وقالته : أخرس يا معفن , مش عايزة اسمع صوت ، معفن وهتعاملى دوشة كمان ! والغرابة ان محدش فتح بقه بعدها , ولا حتى صوت أعتراض – مجرد بس تسمع أنين كلاب , نفس الصوت اللى بتسمعه لما حد يضرب كلب فى بطنه وبينكمش ويقعد على جنب ويأن من الضرب لكن بصوت خافت وواطئ: - بس ده حرامى يا ابله... وهنا ألتفت الجميع ناحيتى , طابور اللى هيتعاقبوا وبقية الطابور اللى ورائى , واهم شخصية كانت طبعا " ميس نعمة " : - تعالى هنا! بنظرة غضب – نفس النظرة اللى امك بتبصهالك قبل ما تعضك او تتضرب بحاجة او تحدفك بنفس الحاجة , قالتى : - فين حاجاتك ؟ فقولتها : الحرامى ده سرقها . وشاورت على " سطوحى " . قالتى : انت شوفته ؟ قولت بثقة وبدون خوف : أيوه يا ميس انا شفته عمال يتنطنط على السراير ويخطف حاجة الولاد الصغيرين , ومن ضمنهم حاجتى ! فبصت لـ " سطوحى " وسألته : أنت سرقت الحاجة دى يا سطوحى ؟ فقال : لا يا أبله , دول ولاد مهملين بيحدفوا حاجاتهم على الارض , وانا عشان بحبك وبخاف على حاجة حضرتك قولت أجيبها وأسلمها . فبصتله بنفس الحنان البالغ وقالته : برافو يا سطوحى , اطلع انت العب فى الحوش . وأنت يا معفن – اللى هو انا طبعا يا فندم – تعالى هنا . وحاولت انى اشرح : بس يا ابلـ . .. ولقيتها مسكت كراسة ورمتها فى وشى بسرعة صاروخية وصرخت : أخرس يا كذاب , يا هباب البرك ! أنا هوريك استنى بس , ان مكنتش أقطع لسانك . وبدأت أعيط من الخوف والنحيب ملئ صوتى : بس والله يا ابله ده حرا مـــــ .... فحدفتى المرة دى بمجموعة كراسات فى دماغى , وصرخت : قولتك أخرس ! اقف هنا يا معفن , واستنى بس لما اخلص ! انا هوريك يا معفن , انا هوريك . واللى ورتهونى ميس " نعمة " أنها مشت العيال كلها اللى كانوا المفروض هيتعاقبوا معاى , وشيلت انا الليلة لوحدى .. قالتى : - تعالى هنا . قربت منها وافتكرت انها هتقولى زى فى المدرسة الخاصة ( عارف لو عملت كده تانى هقول لماما او بابا او عمك .. ) الا ان ثانى درس تعلمته من ميس " نعمة " : أنك لو غلطت , تتعاقب فوراً . وعقاب يخليك تنسى هو انت اصلا عملت ايه عشان تستحق ده كله ! (يوميها كنست العنبر , وسيئت كله , وفتحت الشبابيك وهويته ... ) ولما خلصت رحت للابله وانا تعبان وفاكر ان الموضوع انتهى ... لكن لاسف دى كانت البداية , بصتلى بقرف وقالتى : تتطلع تنظف مكتب المدير عشان عامل زى المزبلة ومكاتب المشرفين وتنكس المبنى الادراى وتسيئه كله . وبعد ما تخلص تتنكس الحوش وتتطلع مع عمك " جرجس " الزبالة , يا زبالة يا معفن . عشان المرة الجاية تتعلم فيها متكذبش ... ويوميها أنطحنت وانا عمال أسيئ واكنس ولا كأنى بقيت فراش الملجأ ... وقريب قوى هقول لحضرتك هما فراشين الملجأ بيعملوا ايه ! بس أحب اقولك ان صحيح انا كنت حرامى – قبل ما اجى الملجأ - ونفذت عمليات سرقة مسلحة على جيب ابواى وشنطة الهولى كراسة ( كتاب سلنتوحة المقدس ) - المعتزلي - 01-10-2009 أكثر من رائع فعلا... تساؤل بسيط، ابو كلاشينكوف ازاي ما كانش عارف أخو مراته؟! الهولى كراسة ( كتاب سلنتوحة المقدس ) - yamama - 01-12-2009 أجمل ما في روايتك أنها واقعية ,, وأن البوح فيها صادق إلى حد صادم .. مرة ثانية أقول لك إن في روايتك سردية شائقة وعالية المستوى والصور كثيفة ومعبرة ولا تخلو من شاعرية وطرافة أحيانا , , اكيد ساقول استمر فربما تكون كاتبا متميزا .. صدقا أتمنى لو أستطعت كتابة ذاتي كما تفعل أنت ,, الهولى كراسة ( كتاب سلنتوحة المقدس ) - hopeful - 01-12-2009 العزيز بهاء [size=3]
رائع ـ كما انت دائما ـ بالبساطة والتلقائية والاسلوب السهل وطريقتك في السرد تتميز بقدر كبير من التشويق واكثر ما شدني للمتابعة هو الصدق مع الذات والقدرة على التحرر من الماضي ـ وليعذرني من اسماها بالانشائية ـ اتمنى ان تتابع وكل الشكر لسماحك لنا بمشاركتك هذه الذكريات مع مودتي الهولى كراسة ( كتاب سلنتوحة المقدس ) - بهاء - 01-19-2009 لو بصيت على الناس وهى بتكلم القمر , لأفتكرت ان القمر ده أبوهم ولا امهم – وانت زعلان او فرحان , وانت بتشرب حشيش او بتشرب من هم الدنيا , وانت سكران بالخمرة او بالمسؤوليات اللى على قفاك , لو بتحب او حتى بتكره , هتلاقى نفسك بطريقة عجيبة ترفع عينك للقمر وتبص عليه وكأنه أبوك او من بقية أهلك عشان تشتكيله .. تحس ان القمر ده بقى " دكتور وحيد " وكل واحد مضايق ولا تعبان , يستنى الشمس تنزل والقمر يطلع , ويقعد يتكلم ويشتكى ويحكى للقمر ويفتكر انه بيكلم دكتور بجد .. كل واحد بيشتكى من الهم اللى فى قلبه , من الحزن والقرف اللى مالين صدره , بس يمكن محدش سال نفسه : مش يمكن القمر هو اللى زعلان , مش يمكن كل يوم طالع يشتكى لجماهير اللى واقفة مستنية ورافعة رأسها لفوق , وهو بينور عشان يشوفهم ؟ منور ومفكر ان الناس هتفهم انه مضايق من وضعه بليل , وايه الحكمة من انه ينور والناس كلها نائمة ؟ وانه بيعترض , والكلام ده مش هينفع .. وعمال يعكس فى نور الشمس على الارض , يمكن الناس تشوفه وتفهم ! والناس عمالة تبص على القمر والنجوم وتشتكى هى كمان وتقوله : أنا مضايق ومخنوق, اعمل ايه ؟ .. ياترى لو قتلت مديرى فى الشغل , مين هيجيى مكانه ؟ ... ايه احتمال ان العيال والولية مراتى يشربوا سم يأخذ أجلهم ؟ ... يا ترى محسن بيحبنى ولا لا ؟ .. هنسرق ايه بكرة ؟ .. والناس تكلم السماء , ولا حد يرد عليها .. والسماء تكلم الناس , ولا هما سامعين صوتها .. لا حد معبر حد , ولا حد فاهم حد .. حوار طرش . لكن يمكن لو طلعنا على القمر وبصينا على الارض – هنلاقى ناس كتير بتبص على السماء وبتتطلب حلول , بتبص واليأس ملئ قلبها , وكل واحد مفكر أنه الوحيد على الارض اللى تعبان .. لكن لو بص على البلكونة اللى جنبه أو اللى تحت او حتى اللى ورائه , هيلاقى أخوه الانسان اللى تعبان زيه . هيلاقى واحد بيتكلم نفس لغته , واحد تعبان زيه ونفسه يشيل من على قلبه ويرمى , هيلاقى اللى هيساعده ... بس نعمل ايه للناس اللى عايزة حلول خارقة للعادة نعمل ايه للناس اللى بتتكبر , وبدل ما تشكى همها – تكتمه وتنتظر معجزة تشيله من جوه , مع ان مفيش معجزات خلاص انتهى زمنها , والحل الان فى الانسان .. بس هنقول ايه البشر بيتكلموا بلسانهم , ومصرين يتكلموا مع السماء والقمر والنجوم وبينسوا انهم بيتكلموا بنورهم .. واحنا برضه مش عايزين نفهم ! اه يا قلبى , لو كنا بنفهم – كان ايه اللى صاحنا فى أنصاص الليالى ؟ *******
عشان كده يا سيدى لا تتعجب , انى خدت خبر سفر عمى وانه تخلى عنى من هنا , وقلبى انكسر وراءه هناك – هناك فى الملجأ حيث لا صاحب لى ولا اهل , حيث تعيش مع ناس غرب لا تعرفهم ولا يعرفوك , وكل اللى بتشاركهم فيه شوية حصص ملهاش اى لازمة ولا قيمة, بيقولوا عليها " حصص تعليمية " وشوية قلامة بيسرقوها منك , وألعاب اطفال عبيطة بتلعبها معاهم . لكن كان لى صاحب , واحد كنت اعرفه قبل ما ادخل الملجأ , واحد يعرفنى وانا كمان اعرفه – وده يبقى " القمر " صاحبى. فضلت على طول الثلاثة شهور أصحى بليل , اقعد اتفرج عليه وساعات كنت اتكلم معاه وأكلمه واشكيله من " الملجأ " , و " ميس نعمة " و " عمى " و و و .. وساعات كنت اصحى , ألاقيه صغير وساعات يكون نص نص وساعات يختفى تماما .. كنت بقول يمكن أتأخر او لاقى حد غيرى يصاحبه , وأفضل مضايق لحد تانى يوم واكون خايف الا يكون مشى وسابنى لوحدى هنا تانى ! بس تانى يوم رجع – هو رجع صغير قوى , بس مش مهم , المهم انه رجع وبكرة يكبر ... و فى يوم أختفى فيه القمر كعادته , وفضلت قاعد جنب الشباك وعمال اتفرج على العيال وهى نايمة والمشرفيين – وكانت المفأجاة انى لمحت واحد صاحى ... لمحت " أحمد كلاشينكوف " صاحى !! انا مكنش لى اى علاقة بيه ولا حتى كنت بكلمه , بس كان فى دماغى سؤال هيجننى ؟ ( ليه هو زعلان ؟ وهو جسمه كبير وعريض وممكن يضرب حتى ميس نعمة .... ؟ يمكن عشان باباه ومامته ماتوا ؟ ) ولأنى كنت عارف ان القمر مش هيطلع النهاردة , ومكنتش عارف انام – قولت أروح اسلم على " احمد " واحاول نبقى صحاب ! قربت منه وانا ماشى وسط العنبر , وعينى جاية فى عينه – لأنه كان الوحيد اللى صاحى وقاعد على السرير وانا الوحيد اللى صاحى وماشى قرب السرير . - مش جيلك نوم ولا ايه يا " أحمد " ؟ - وأنت مالك ؟ أستنى لحظة يا فندم : نسيت اقول لحضرتك ان فى الملجأ محدش يعرف اسم حد , الا ناس قليلة قوى – واغلبهم بيكونوا المشهورين . أنما المغمورين اللى زى حالتى , فمحدش يعرفنى وعشان كده تلاقى الناس كلها بتخاطبى بصيغة المجهول .. فمثلا " احمد " قرر انه يخاطبنى بصيغة " يلا " , اما ميس نعمة فهى بتخاطبنى بصيغة المجهول المعفن او المجهول اللى ضايعة كرامته , بتخصنى وحدى بلقب " الزبال " , وطبعا كل مشرف واخصائى ليه الالقاب بتاعته – مثلا استاذ أبو الفضل مدير الملجأ بينادى العيال بــ " الوسخ " ( الوسخ ده بيعمل ايه هنا ؟ ... انت يا وسخ روح على العنبر نائم ... العيال الأوساخ دى بتعمل ايه هنا ؟ ... فى تبرعات جت للأوساخ دول هنا ) . ومن هبلى وقلة عقلى كنت مفكر ان استاذ ابو الفضل بيقول الكلمة دى لانه بجد شامم ريحة حاجة مش كويسة , اصل الواد اللى كان بينام جنبى كانت ريحته معفنة بشكل , فبصراحة كنت عاذر " أبو الفضل " – فقررت فى مرة أنى استحمى واغير هدومى كلها , و فضلت أشم فى هدومى عشان أتاكد من خلوى من اى رائحة كريهة او مش ولابد . ولما أتاكدت رحت خبطت على مكتب " استاذ ابو الفضل " وقولته : - استاذ ابو الفضل , انا رائحتى حلوة ... ممكن متقوليش يا وسخ تانى ؟ تعالى شمنى بنفسك عشان تتأكد ! وأنا واقف مبتسم وأيدى وراء ظهرى من الادب , ومستنى أستاذ " أبو الفضل " يجيى يسلم على ويدينى وسام " النظافة " ويخطب ويردد اسمى وسط الطلبة على انى نموذج للنظافة يحتذى بيه , ويعلقوا صورتى فى وسط المدرسة , وكل هذه الاحلام اللى طارت – لما لقيت جذمة الاستاذ " ابو الفضل " بطير , وتخطئ الهدف بحوالى نص متر . أترعبت من الموقف , ولقيته بيستعد بالفردة الثانية ! يا ترى أعمل ايه ؟ وهو بيستعد , ولسة على وشك أن يحدفنى بالفردة الثانية – لمحت الباب اللى دخلت منه مفتوح , طلعت أجرى .. والحمد لله الجذمة لبست فى الباب , وسمعته بيصرخ ( مين اللى دخل الوسخ ده هنا ؟ ) غريبة , اللى جه فى بالى ( يا أستاذ أبو الفضل انا استحميت , وقولتك تعال شم بنفسك ... ؟ ) *******
بس لاسف بسبب هذا الموقف فهمت ايه اللى بيحصل فعلا فى الملجأ ؟ ليه كل ما أكلم حد يقول , غور فى داهية او روح ألعب مع العيال , اكتشفت ان محدش عايزك تكلمه او تيجى جنبه , يعنى بالعربى تخليك فى حالك وتخلينى فى حالى . أكتشفت ان ده قانون من قوانين الملجأ , واللى يأكل على ضرسه ينفع نفسه . فلما " احمد " قالى : وأنت مالك ؟ . فهمت اللى مفروض اعمله بالضبط , وهو ( ان ملكش دعوة بحد وملكش فيه , ولو حشرت مناخيرك فى حاجة – هيكسروا مناخيرك ويضربوك , ويطلعوك الغلطان . ولو رحت تشتكى , انت اللى هتتعاقب وهما يقفوا يتفرجوا عليك ويضحكوا ... ) لكن , وانا مدرك تماما للعواقب اللى ممكن تحصل بشجاعة نادر ان تجدها , بقلب أسد لا يعرف الخوف , كان سؤالى وتعجبى اقوى من كل شئ , أقوى من كل من فى الوجود- بس لاسف مش اكبر من ايده اللى هتنزل على قفاى .. لهذا قررت الانسحاب بشرف : - انا مليش فيه صحيح ... كنت مفكرك غيرهم .. تصبح على خير ! ومشيت وأنا زعلان حسيت انى خنت صداقتى مع " القمر " , حسيت ان اول ما " القمر " اختفى , اول ما صاحبى اختفى – بدأت ادور على واحد غيره , بس ربنا انتقم منى وقفلها فى وشى جزاء من نفس العمل ... نطيت على السرير و قفلت عينى , بدأت ابحث عن طريق فى الظلام , بدأت أبحث عن النور جوا متاهات الظلمة وعينى مقفولة .. وبدأت احلم , احلم انى على الشاطئ فى اسكندرية , انا واخواتى بنلعب فى المياه , وبابا ماسكنى من صدرى وبيقولى : عوم عوم , يا بهاء ارفع رقبتك وعوم , شغل ايديك ... يا بهاء شغل ايديك , يا بهاء يا بهاء يا بهاء وتلاشت الصور وراء بعضها , ولقيت نفسى صحيت – وسامع حد بينادى على بأسمى لأول مرة : - أنت يلا , انت يا زفت .. رفعت رأسى وبصيت ناحية الصوت , لقيته " احمد كلاشينكوف " . بصلى بقرف وقالى : - انت لسة صاحى ولا نمت ؟ قمت فركت عينى وانا بحاول اشوف كويس , وقولته : - كنت لسة هنام راح مشوح بأيديه وقالى : خلاص روح أتخمد , جتك ستين نيلة حطيت ايدى على بقى واتاوبت , وقولته : انا صحيت , عايز ايه ؟ قالى : انا مش جايلى نوم .. انت بتعمل ايه عشان تنام بالسرعة دى ؟ وهنا جاتلى الفرصة أنى اتكلم معاه واعرف حكايته أيه بالضبط الجدع ده – فقومت من على السرير ورحت قعدت على سريره . وعلى فكرة " احمد " كان بينام على سرير لوحده , فسريره كان واسع وممكن نقعد نتكلم عليه , ومحدش يوجع دماغنا او نشم ريحة وحشة ... قولته : لو اتكلمنا شوية يمكن تتعب وتنام , انا واخواتى كنا دائما نتكلم قبل ما ننام ... قالى , وعلى وجه الاستغراب : هما فين طيب ؟ مع ابوك وأمك ؟ قولته : أه , كلهم عندنا ربنا قالى وعلى وشه الحزن : انا كمان بابا وماما عند ربنا فأبتسمت بحزن وألم : يعنى طلعنا قرايب فابتسم " احمد " وضحك بمرارة وقال : ده يبقى الملجأ كله قرايبنا بقى , مش أنت بس وضحكنا سوا كأننا أصحاب من زمن طويل , ضحكته خلتنى أغير فكرتى عنه – فقد بدى لى أنسانا بيضحك ويهزر , أنسان ممكن تحبه ويحبك , تكون صديقه ويكون صاحبك .. بدأت أحس بالألفة , وانا بستعيد ذكرياتى مع أهلى وأخواتى ! وهو يحكيلى عن ذكرياته الجميلة فى شقة أبوه , وامه , والفطير اللى كانت بتعمله ... *******
و تمديت فى الاسئلة - يعنى ايه " كلاشينكوف " يا احمد ؟ - ده سلاح ممكن يقتل ناس كتيرة فى وقت قليل قوى وارتسمت على وشى نظرة ذهول وتعجب , وسألته : - يعنى ممكن أقتل بيه " ميس نعمة " ؟ وضحك احمد , وقالى : تقدر تقتل بيه ميس " نعمة " و استاذ " أبو الفضل " كمان .. - قولى يا احمد , هو باباك مات أزاى ؟ فأبتسم لكن المرارة ظهرت على شفته , ومال بجنبه على السرير وسند بيه وقالى : - انا بابا كان تاجر سلاح كبير , وكنا ساكنين فى فيلا كبيرة . وفى يوم هجم عليه الحرامية وسرقوا كل فلوسه وقتلوه ! - بجد ؟ - هو انا هكدب عليك ليه ؟ .... ايوه بجد - لا انا افتكرت بتهزر ... انا اسف , طيب ومامتك كانت فين ؟ قتلوها برضه ؟! - ايوه كانت معاه يوميها , والحرامية قتلوها بالرصاص - طيب وانت كنت فين ؟ - انا كنت فى النادى بلعب , وخالى جه أخذنى يوميها وقالى اللى حصل - هو انت كنت بتروح النادى لوحدك ؟ وهنا بدأ يضايق ويتعصب وقالى : انت بتسأل اسئلة كتيرة ليه ؟ - براحتك يا احمد , بس انا مكذبتش فى اى كلمة قولتهلك – لانى اعتبرتك صديقى وصاحبى , والصاحب عمره ما يكذب على صاحبه .. - انا مش بكذب , انا بقول الحقيقة , وأسال اى عيل فى الملجأ هنا هيقولك نفس الكلام .. - لا بتكذب , قولى : كنت بتروح النادى لوحدك ؟ - انا مش بكذب , وايوه كنت بروح لوحدى .. أرتحت يا غبى ؟ وبأبتسامة خبيثة علت على وشى , سألته : - طيب " خالك " عرف منين أنك فى النادى يا أستاذ " أحمد " ؟ وهنا أرتسم الذهول على وجه " احمد " , وتنح . لكن بضحكة وثقة نفس , وبعوجه قالى : - البواب قاله على مكانى يا غبى .. وما كان منى الا ان قمت من جانبه ومشيت ناحية سريرى ... لكن وانا ماشى ومديله ضهرى , لقيته بيقول : - غور فى داهية وانت غبى .. مش عارف بيعلموكوا ايه فى المدراس دى ! فوقفت وانا فى منتصف الطريق بين سريرى وسريره , وعينى على سريرى , وضهرى ليه وقولته : - مرة كنت فى البحر انا وماما وبابا وأخواتى , واحنا راجعيين من البحر عديت من جنب فيلا . وأنا ماشى من جنب السور كلب " هو هو " على , لدرجة انى اتفجعت ونطيت على بابا مسكت فيه ! وسألته : اذا كان دى جنينة الحيوان ؟ فضحك وقالى : لا يا عبيط , ده واحد غنى عايش هنا ! وبيحط كلاب حوالين الفيلا بتاعته عشان تحميه ومفيش حرامية تنط وتسرقهم .. ولما حاولت أبص على الكلاب من عند البوابة , لقيت البواب واقف فى وشى ... وهنا لفيت وبصيت لـ " أحمد " , لقيته بيضحك وبيقول : - يا غبى , الكلاب تعمل ايه قصاد الرصاص ؟ لكن بنفس الضحكة , قولته : - لو الحرامية قدروا يقتلوا الكلاب , وباباك ومامتك , ويسرقوا كل الفلوس ... أزاى سابوا البواب ؟ *******
وساد الصمت طويل , قطعه " ابن كلاشينكوف " بأنه قام من على سريره – بخطوات بطيئة ومشى ناحيتى وهو مبتسم , وقالى بسخرية : - أنت عارف انا حكيت القصة دى لكام واحد وصدقها ؟ - كام يا أحمد ؟ وضحك فى ألم ووجعة قلب وقالى : كتير , كتير .. وجه جنبى و حط ايده على كتفى ومشينا سوا ناحية الشباك- وانفجر من الضحك وقال : الظاهر ان قرايبنا هنا أغبياء ... ولما وصلنا ناحية الشباك – فى المكان اللى كنت بقعد فيه – قالى : أنت بتقف كل يوم بليل بتعمل ايه هنا ؟ .. قولته : نفس اللى انت بتعمله وأنت بتتفرج على , من على سريرك .. - انت كنت عارف انى صاحى يعنى ؟ ولم أرد عليه , هزيت رأسى بـمعنى نعم وانا أبتسم وحكى لى " أحمد "يوميها ما حدث فعلا مع والده ووالدته , وكيف ان أبوه وقع ضحية لعبة جهاز أمن , وان أبوه خله يحلف لينتقم من الناس دى واحد واحد – و هو تعبان لانه مش عارف ينتقم من مين ؟ وأزاى ؟ وهو ضعيف , قاعد فى ملجأ مش قادر يأكل نفسه ويشرب ؟ .. لكن شئ واحد حيرنى فى قصته – فسألته : - أزاى يا احمد باباك , معرفش أخو مامتك ؟ سكت شوية وقالى : - أبوى لما تتدين , أهل أمى تقريبا قاطعوه وفضلوا فى مشاكل بينه وبينهم . واللى زاد وغطى , انه سافر أكثر من ثلاثة سنين أختفى فى الصعيد ومكنش عارفين هو فين ! واحد بيجيى يطمئن علينا ويقول ان الشيخ " كلاشينكوف " بيسلم عليكم , وكان وده يكون معاكم لكن الجهاد رسالة أكبر مننا ومن نفسه ... لكن اللى حصل حصل بسبب اللى بلغه الخبر وكذب عليه , عمى عينه انها تشوف الحقيقة او على الأقل يديها الفرصة تشرحله ! عشان كده لازم أنتقم منهم , واقتلهم زى ما اقتلوا أمى وأبوى .. ونزلت الدمعة من عينه متذاكرا باباه ومامته , والهم اللى ابوه مات وسابه على صدره – فما كان منى الا انى طبطبت عليه , ودورت على كلمة أقولها أطيب بيها خاطره فلم أجد ... فى ذلك اليوم ظهر شئ لم اتوقعه تماما , شئ مكنش فى خيالى ولا حتى خطر على بالى , ان داخل ذلك الوحش العملاق – اللى لو رزعنى قفا هيلزقنى فى الارض , بداخل هذا الحيطة , درفة الدولاب العملاقة دى , عايش جوها انسان ضعيف غلبان , حتى من الهدوم عريان , شايل فى قلبه هموم كتيرة , والنصيبة انه بيبكى زى العيال .. لكن فى هذا اليوم كسبت صاحب حقيقى , فهمت ليه " القمر" مش بيرد على الناس ؟ ليه كل ما رفعت راسك للأعلى وتأملت السماء والقمر والسحاب مش هتلقى حل ؟ الحل هنا فى الارض , على يمينك او شمالك , ممكن قدامك او ورائك , مع اللى بيفهم لغتك وحاسس باللى انت حاسس بيه .. مع الانسان , مش مع القمر ! مع اللى بيتكلم بلسانه , مش بيبعتلك نوره . يمكن لو القمر هو كمان بص وراءه , كان لاقى نجوم وفضاء احسن من الارض – وكان سابها ومشى من زمان ! انا بصيت ورائى , وكسبت صاحب حقيقى , كسبت انسان بيتكلم لغتى ولو حكيتله على مشاكلى هيفهمنى .. وداعا أيها القمر , فلا حاجة لنا بك بعد الان ! ودخلت أنام , وراح " ابن كلاشينكوف " ينام هو كمان , وقبل ما اسلم عينى للظلمات مرة اخرى – لقيته بينادى على وبيقولى : - بهاء , لو قولت لحد الحكاية دى هقتلك ؟ أنت سامع ! ورحت فى النوم , ولم أرد عليه ولا حتى عبرته |