حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
كيف أصفها حبيبتي؟ - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: قضايا اجتماعيــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=60) +--- الموضوع: كيف أصفها حبيبتي؟ (/showthread.php?tid=19888) |
كيف أصفها حبيبتي؟ - بوعائشة - 03-10-2006 الحبيب كمبيوترجي (f) رحم الله جدك وأعادك إلى حيفا ونولك ما تتمنى (f) كيف أصفها حبيبتي؟ - كمبيوترجي - 03-11-2006 لم أتوقع أن ينال وصفي المتواضع لخيالات قصص الفطور إعجابكم بصراحة، لكنني مع ذلك كنت أنوي إكمال خيالاتي و إطلاق العنان لحنيني حتى أضع هنا أرشيفا بسيطا لذاكرة طفل رأى فلسطين في القصص و لمس ترابها في الأحلام... بلقيس يا صديقتي مهما تشاحنّا و اختلفنا ستبقين من الأعزاء على قلبي كثيرا (f) روزا (f) هيومان هناك جدران خاصة لكل زمان و مكان فلا غرابة (f) تحياتي لك يا باحثةً عن الحرية (أطعمنا إياها الله سوية :D ) (f) بسمة يا آنستي العزيزة كم أسعدتني كلماتك الرقيقة و أفرحتني سأكمل إن شاء الله و لم تخنّي الذاكرة (f) علماني صدقت، فحتى أنا الذي لم أرَ فلسطين إلا من بعيد أحس بإحساس آسر حين أسمع كلمة حيفا، لربما لأنها ارتبطت بأحباب الطفولة و أقراص الزعتر و فتّة الشاي و المخلمة (لمن لا يعرف المخلمة عليكم بها) و الكثير الكثير (f) ياريموتا الرائعة لكِ أحلى وردة (f) غورو أشكرك يا صديقي (f) العربية السعيدة لعلني أختلف معك بخصوص "عشق الوطن" لكنني أعرف أن الوطنية لا بد و أنها تشتعل في داخلك (f) بو عائشة كنت أتمنى أن أراك في دبي خلال الأيام المقبلة !!! لنا لقاء في حيفا إن شاء الله (f) سأحاول استنطاق ذاكرتي و أعود :wr: كيف أصفها حبيبتي؟ - mass - 03-11-2006 اقتباس:تتسارع بي الذكريات إلى تلك الأيام حيثُ كان جدي رحمه الله يُصارع سكرات الموت، أتذكر الأريكة التي كان يُجالِسُها منذ ساعات الفجر الأولى بعد وفاة حبيبته قبل سنة، فأذكر ذلك الهياج و تلك العصبية التي انتابتهُ يوما، سألتُهُ يومها و أنا طفلٌ صغير: "ما بكَ جدي؟" فإذا به يصرخ بأعلى صوته: "جندي يهودي!!! طلعوه برّه!!!" حتى أذا هدأ غافيا مستندا إلى مذياعهِ الأحمر المهترئ. بعد وهلة يَصحو متلمّساً أسفل الأريكة باحثا عن حذائه البالي من كثرة المسير من و إلى سوق الخضار، ثم يلتفتُ بتثاقل نحو باب منزلنا مناديا محبوبته "أم قاسم" التي توفيت قبل سنة قائلا: "إنتظروني، أنا جاي معاكم على حيفا!!!"، و فعلا لم يستطع الانتظار ليلتها، رحلت روحه بهدوء قبيل منتصف الليل مستقلّة كفوف القدر إلى حيفا (أم لعلني أسميها الجنة)، و لا زلتُ مؤمنا بأن روحهُ تنتظرني على تلك الشرفة البحرية منادية لي أن تعال و اشتمّ عبق البحر و ملوحتهُ معي. العزيز كومبيوترجي كلما هممت أن أكتب لك ردا في موضوعك الرائع ... تغالبني الدمعة لم أجـد سوى هذه الوردة لعلها تكون بديلا لوردتك الحزينة التي ذيلت كلماتك (f) كيف أصفها حبيبتي؟ - -ليلى- - 03-12-2006 اقتباس: كمبيوترجي كتب/كتبت السلام عليكم و رحمه الله و بركاته تحياتى لك كمبيوترجي ربما قصة بسيطة لكن عميقة جداااا رحم الله جدك و جدتك و دموع كل مبعد عن وطنه و اهله و دموع كل من له قلب ينبض بالرحمه على الخلائق اجمعين فى إنتظار باقى قصصك البسيطة :) :97::97::97: كيف أصفها حبيبتي؟ - كمبيوترجي - 03-20-2006 ماس يا صديقي أشكر لك مشاعرك الرقيقة (f) ملكة و عليكِ السلام و رحمة الله و بركاته لك أجمل وردة بمتاسبة عيدك، عيد الأم (f) كيف أصفها حبيبتي؟ - كمبيوترجي - 03-20-2006 أعود هنا لأعتصر ما استطعت لم شمله من ذكرياتي الباهتة البعيدة، عن قصة طفولة كقصص ألف ليلة و ليلة، قصة رضعتها مع كل رشفة حنان من ثديي أمي، قصة ترشفت حلاوتها مع كل كأس شاي شربته في الصباح مع جدي حمه الله، قصة وطن ... قصة فلسطين أمتعنا الله بك يا والدي العزيز، أراك جالسا ها هنالك على أريكة جدي رحمه الله تطالع التلفاز، وكالعادة هي أخبرا الوطن تفيقك من نومك المتثاقل، تستفيق مع كل ذكر لعبارة واحدة بسيطة، "الأراضي المحتلة" حتى أذا ورد ذكر "زعيم" من زعماء العرب، حينها تنطلق من جوفك كلمة مختنقة تقول "خونة"، ثم تبدأ تقول: "الله ينتقم منكم، ضيّعتونا يا كلاب!!! كنتم عند حيفا لما خنتونا!!!".... تحملني كلمة "حيفا" بعيدا إلى الوراء، أعود إلى ما بعد مولدي بكثير إلى ماضٍ لا زلت أحسُّ أنني عشته باللحظة و الثانية، أعود بالزمن إلى قريتي "بورين" إلى البرّيكيّة تحديدا، أجلسُ تحت شجرة الزيتون العتيقة منتظرا ذلك الطفل الصغير "يوسف" ليستفيق مع العصافير في الصباح الباكر، أراه يخرج راكضا مزهوّاً بخرقة بالية أسماها "شورت كرة القدم"، فأركض معه متنشقا رائحة رحيق الربيع و عبقه تتخلله نسمة باردة من هواء الربيع فتنتعش خواطري بأفكار زاهية تكاد تطغى على واقع الفلاح البسيط وتحيل بجمالها البرّيكيّة قصرا هائلا و الخرقة البالية حريرا ناعما، فأعود وأنتفض مستفيقا من خيال يطغى على خيال أجمل وأكمل رحلتي مع ذلك الصغير قاطعا القرية إلى تلك الأرض القاحلة عند أطراف البلدة، أراهُ يقف فجأةً مذهولا مدهوشا يملؤه الغضب!!! أنظر أمامي فأجد أمثاله و قد بدؤوا لعبتهم و نسوا "يوسف"!!! أناظره من جديد فأجد وجهه وقد امتلأ بدماء ذلك الحقد البريء ثم أراهُ ينطلق شاقا غبار تلك المعركة البريئة خاطفا الكرة رهينة بين يديه ثم ينطلق بها عائدا إلى أمه و الأطفال من خلفه يصرخون و يتوعدون، أما هو فأجدهُ حاضنا الكرة بين يديه يكادُ يبكي من شدة إحساسه بالظلم فأتحسّرُ على حاله و أحاول مواساته بصوت خفي أن "هذه مصيبة و ما ستمر به بعد سنوات قليلة أعظم و أجل يا صغيري" .... يصعد يوسف التلة الصغيرة مقتحما باب المنزل فإذا بها الأم جالسة بجانب التنور الصغير تداعب عجينة الفطور مغردة بأهازيج ذلك الزمان، يقفز يوسف بين أحضانها نافضا عنها الطحين راجيا إياها أن تحميه ممّن يريدون رهينته!!! أستفيق من حلمي لأجد ذلك الطفل الكبير و قد عاد معانقا الوسادة التي أتت بها أمي لتريحه من عناء التأهب أمام شاشة الأخبار المؤلمة، ثم تجلس أمامه لا هم لها سوى مناظرة بعلها بنظرة كلها حبٌّ و تعب، ثم شيئا فشيئا تخفت تلك النظرة إلى أن تطفأها جفونها الناعمة بإطباقة هادئة رقيقة.... تحملني الذكريات مرة أخرى إلى بيت جدي والد أمي رحمه الله أيضا، وتحديدا يوم وفاته قبل ثلاث سنوات ... لا زالت كلماته الأخيرة تجول في خواطري ملهبة أحاسيسي و قاتلة السكينة في صدري، "خذوني على فلسطين" يقولها رحمه الله باكيا كطفل رضيع، كانت الأمراض تطيح بقواه شيئا فشيئا طوال سنوات وهو دوما جالس على كرسيه أمام بستانه يشير إلينا لنقلم أطراف شجرة الليمون و يقول "لما نرجع على فلسطين بدي أخذكم على جَبَع عشان تاكلوا ليمون بحياتكم ما أكلتوا مثله"، لكنه جدي مات و ذهب ليأكل الليمون وحده تاركا إيانا مع تلك الليمونة المسكينة التي لم تعط ثمرا كالذي كانت تهبنا إياه إكراما لذلك الشيخ المريض.... أراني خارجا مع الجنازة من غرفته التي ملأتها صنوف الأدوية و أسطوانات الأكسجين التي كانت تعينه على الانتظار المرير، فأرى جدتي واقفة من خلفها أمي تخضنها و تبكي، ثم تنطلق صرخة من جدتي قائلة "لاحقتك يا حبيب قلبي ... ليش تركتني و رحت لحالك؟" فتنفر الدموع من عيني التي أعياها النعاس و التعب.... كأنها فلسطين صارت طقسا من طقوس الموت لأولئك الذين عاشوها و عرفوها، و كأن الموت يأتي ليحقق لهم تلك الأمنية، الأمنية بالعودة إلى حقول الزيتون و بيوت الطين!!! لا أريد الابتعاد عن أمي و أبي!!! لا أريد أن أتركهما نائمين على تلك الأريكة دون أن أناظرهما و أشبع منهما، أريد أن يكون حلمي عندما أموت أن أعيشها أمي و أتنشقه أبي، أريد أن يأتي الموت إلي فأقول له بكل ثقة "غدا ألقى الأحبّة"... ليتها الدموع لا تغدرني يوما عند ذكر فلسطين، ليتها الدموع تظلُّ نائمة مع النعاس في جوفي حتى أظل أكتب و أكتب كي لا يلحقني ركب النسيان الغادر.... يتبع ... أو لا يتبع :rose: كيف أصفها حبيبتي؟ - كمبيوترجي - 03-21-2006 كنت قد خرجت قبل حوالي الأسبوع في رحلة عمل إلى الإمارات العربية المتحدة، كم كان رائعا شعور ركوب الطائرة وتمايلها يمنة ويسرة على طول الطريق بعيدا عن الوطن، لكن كم كان صعبا ومريرا شعور الغربة والفراق!!! تذكرت حينها كلام والدي حين سألناه عن فلسطين .... بمجرد سماعه للسؤال أطرق محملقا في السقف لدقائق معدودات قبل أن يعود إلينا من وراء اللا وعي قائلا: "شو بدي أحكي لأحكي يابا؟؟؟"، أطرق بعدها هنيهات ثم تبسم: "حكيتلكو عن اليوم اللي أكلت فيه كتلة من أبوي عشان سركت الطابة من عمامكم و هم بيلعبوا؟؟" .... كنا ندعي أننا لم نسمعها من قبل على الرغم من أننا سمعناها آلاف المرات من رجل بلغ الستين من العمر، كانت تلك من الذكريات القليلة المشرقة في طفولة صديقنا "يوسف" قبل أن ينسفها شبح التشرد والدمار... تنتهي الأقصوصة بلحظات صمت مدقع، يضحك بعدها مقهقها ويقول: "الله يرحمك يا سليمان!!!" ويتنهد بحرارة بالغة. سليمان هو صديق طفولته الذي كان يشاركه الهروب من جموع الأطفال الغاضبين، قتل أثناء الاجتياح اليهودي للضفة الغربية ... لا تتوانى عيوني عن الذود ببضع دمعات حين سماع تلك القصة، كأنني عرفت سليمان و صادقته!!!! ما زالت صورة بورين التي زرعها والدي في داخلي باقية إلى اليوم، لن أنسى ذلك الطريق الترابي الذي يقطع البلدة تزركشه من اليمين والشمال بيوت الطين الصغيرة البسيطة، قد يطل بينها بيت من الحجر حيث كان ذلك ديوان البلدة، أراه بيتا صغيرا تعتريه جذور الشجيرات المتسلقة و تزينه ظلال شجرة الزيتون الكبيرة التي زرعها جدي "داود" عنده قبل حوالي المئتي سنة، ألاحظ درجه البسيط المرتفع قليلا عن الأرض تتوسطه بقايا بعر الشياه الذي تنفضه أحذية الرجال المارين من المكان أو تتدحرج بين دفاته حبات زيتون أخضر صغيرة لم تنضج بعد تتعانق و ذرات الغبار لتعكس أشع الشمس بأسلوب رائع هادئ ... تلك الشبابيك الخشبية الكبيرة توحي برفاهية الداخل التي تفاجئك بجلسة عربية بسيطة جدا، لا يميز المكان من الداخل سوى ذلك المذياع الخشبي المهترئ الذي تكاتف أهل البلدة للإتيان به آنذاك بالإضافة إلى مختار البلدة "أبو عمران" ذلك الرجل الطاعن في السن، تعتلي وجهه بسمة الرضى و القناعة، تخيم عليها تجعدات السنين و تشققات القدر.... يوم وفاة جدي (والد أبي) رحمه الله ما كان من والدي إلا أن اقتلع صورة "أبو عمار" وداس عليها مرة تلو مرة!!! كلما سألت نفسي عن السبب يقفز إلى مخيلتي صوت جدي وهو يخاطب تلك الصورة كل يوم قائلا: "ما حدا راح يرجعني على فلسطين غيرك يا بو عمار"!!! فأعلم أن الوعد لم يتحقق لجدي فلم يرد والدي أن يتعلق بصورة طوال عمره، بل فضّل التعلق بالأحلام، ينام كل ليلة على أريكته حالما بمستقبل كالماضي، متنشقا رائحة زيت الزيتون البكر، و متذوقا خبز التنور الساخن.... :rose: كيف أصفها حبيبتي؟ - ابن الشام - 04-07-2006 (f) دمت صديقاً لي، أكرم كيف أصفها حبيبتي؟ - كمبيوترجي - 04-17-2006 كم هي رائعة الرحلة التي تحملك بها القصص المتواصلة لماضي فلاحٍ بسيط ... وكم هي رائعة التفاصيل المتعبة التي يعتصرها ذلك الشائب المنحني من صميم ذاكرة حفرتها سنين التشرد وأيام الخوف والهلع .... بدأ الحاج أمتعنا الله به بالحديث عن منزل العائلة في "حارة السمرة" وهو ذلك الحي اليهودي الذي يربط بين بورين ونابلس وتمر منه الطريق المؤدية إلى طول كرم أم هي رام الله!!! ذاكرتي أضعف من أن تجاري ذاكرته!!! ... بدأ الحديث بين أبي وذلك الكهل بلعن صعوبة الحياة الحالية وارتفاع الأسعار ولهيب الأجور في زمان ليس بزمانهم!!! تقطّبت الحواجب نقمة على الحياة الصعبة وتكالبت الأيادي متكتفة من شدة القهر ... ثم أطلق أحدهما العبارة السحرية: "سقا الله أيام زمان"، حينها ارتخت الحواجب وتفلّتت الأيدي وارتسمت على الوجوه تلك الابتسامة المتكلفة، الملونة بالحزن والأسى ... "أتعرف حارة السمرة في نابلس؟" بدأ أبي الحديث، فرد ذلك الكهل مستغربا "كيف كنتم تعيشون هناك؟"، فما كان من والدي إلا البدء بوصف الحياة بين اليهود العرب حيث قال أنهم مختلفون تماما عن اليهود الصهاينة الذين احتلوا فلسطين، ثم تلى لنا قصصا عن أن يهود السمرة شاركوا مع العرب في الدفاع عن بلدتهم، وكيف أنهم ذادوا بأرواحهم دفاعا عن ثرى فلسطين الغالي ... ثم يطرق قليلا ويبدأ بوصف موقع البيت الواقع على تفرع الطرق الواصلة بين نابلس وبورين وطول كرم!!!! يقهقه قليلا ويقول "كنا مستأجرين البستان بثلاث دنانير شهريا" كان بستانا مساحته خمسة عشر دونما مليئا بأشجار المشمش والزيتون والتين والتوت، بدأ بوصف مواسم الثمار فسالت شفاهي لعابا باردا كأنني أشتم رائحة زهر التوت والمشمش، وكأنني أتلمس أوراق التين الخشنة التي لا زلت أحتفظ بورقة منها مخبئة في أحد دفاتري.... أذكر قصة أخرى من قصص طفولة الكبار، أحدهم يتحدث عن الطريق التي كان يسلكها مع والده من بلدتة جينين نحو رام الله لبيع رؤوس الماشية في مواسم الأعياد، يصف الطريق حتى أكاد أحس ملمس الحجارة تداعب قدمي الحافيتين، أتلمس الطريق التي يسلكها لأجدها محفوفة بأشجار الزيتون من كل حدب وصوب، يزاحمها بين الفينة والأخرى شجرة بلوط قديمة قدم الطريق الترابي، تسلكها البغال و"الحناطير" جيئة وذهابا على الطريق ... تجلسني الذكريات في "سوق الحلال" ساعات منذ طلوع الفجر حتى مغيب الشمس حتى تتفرق جموع البسطاء الباحثين عمّا يمكن مقايضته بحفنات بسيطة من المال ... عند المغيب ينظر الطفل الصغير إلى والده نظرة تساؤل صامتة تقول "أين المبات الليلة؟"، فإذا فهمها الأب يقول "وأمك وأخواتك يابا ... مين يكون عندهم في هالليل؟؟" فيقفل الأب و الابن عائدين إلى المنزل قاطعين الجبال الوعرة تدفعهم رجولة ونخوة الفلاح البسيط، حتى إذا مرا بقرية قريبة من المنزل يعرجان على بقالة بسيطة ليملأ الأب إزار الطفل بصنوف الحلوى ويقول "أسبقني عالبيت وزعهن على أمك وأخواتك"!!!! .... لا زالت نكهة تلك الحلوى تداعب ذاكرتي كلما تذكرت بائع الحليب الكهل الذي طالما ناولنا إياها كل صباح حينما كنا نستقبله لشراء الحليب!!! سقا الله أيامك يا حبيبتي يا فلسطين ... أيام عشتها في الذاكرة، لكنني تذوقت حلاوتها مع كل إفطار تناولته من يد جدتي رحمها الله كل صباح، مع كل رشفة من فنجان القهوة ناظرت جدي يرتشفه بيد مرتجفة ضعيفة ... رحمك الله يا جدي، ورحمك الله يا جدتي... :rose: كيف أصفها حبيبتي؟ - كمبيوترجي - 05-29-2006 سمعتُ قبل عدة أيام عن أقارب لي يعيشون في الإمارات العربية المتحةد، قصتهم المحزنة أثبتت سخرية القدر التي تتبع الفلسطيني في حلّه وترحاله ... شباب بعمر الزهور، ضاقت الدنيا على والدهم ففرّ خارجا من فلسطين، لكن المنيّة باغتته قبل أن تُعانق أنامل أطفاله الناعمة تجاعيد وجهه ... تركهم بلا أب، بلا وطن وبلا هوية! ترك أناملهم تنمو لتنحتها قسوة الغربة ... لا يستطيعون الحصول على عمل، والأنكى أن لا أحد يجرؤ على تشغيلهم خوفا من تلقي مخالفة تقصم الظهر! لماذا؟ لأنهم من فلسطين، من قطاع غزة بالتحديد... حبيبتي فلسطين، صار اسمك عارا لأبنائك وبناتك، صارت هويّتك هوية الضياع والانكسار عند الآخرين! ... :rose: سقا الله أيام الوطن، حين كان الجلوس على قارعة الطريق بين الأشجار متعة أيّ كان، وأنا الآن أصارع الخيال لأجد فيه آثار اخضرار :rose: |