حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
هدية لكم"محمود درويش"ذاكرة للنسيان" - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: لغـــــــة وأدب (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=78) +---- المنتدى: محمود درويش (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=23) +---- الموضوع: هدية لكم"محمود درويش"ذاكرة للنسيان" (/showthread.php?tid=3174) |
هدية لكم"محمود درويش"ذاكرة للنسيان" - بسمة - 02-19-2009 الأخ الإله ميثرا لك الصباح ممكن سؤال؟ هل أنت من تقوم بطباعة الكتاب صفحة صفحة؟ أم أن الكتاب أصلا بحوزك على ملف Word? (f) هدية لكم"محمود درويش"ذاكرة للنسيان" - الإله ميثرا - 02-23-2009 أولا لكي المساء وثانيا لو أملكه word لنسخته لكم أو وضعته على الفور شاريد وتابعي ما تبقى من النص مع تحياتي هدية لكم"محمود درويش"ذاكرة للنسيان" - الإله ميثرا - 02-23-2009 والقهوة لا تُشرَب على عجل.القهوة أخت الوقت تُحتسى على مهل ..على مهل. القهوة...صوت المذاق ....صوت للرائحة القهوة تأمل وتغلغل في النفس وفي الذكريات والقهوة عادة تلازمها بعد السيجارة عادة أخرى هي الجريدة. أين الجريدة؟الساعة السادسة صباحاً.وانا في عين الجحيم. ولكن الخبر هو مايُقرأ لا ما يُسمع، والواقع قبل تسجيل الواقع ليس واقعاُ تماماُ. اعرف باحثاُ في الشؤون الإسرائيلية لايكفُّ عن تكذيبب الشائعات القائلة إن بيروت محاصرة لأنه لا يقرأالحقيقة إلا إذا كانت مكتوبة باللغة العبرية.وبما أن الصحف العبرية لاتصل إليه،فإنه لا يعترف بأن بيروت محاصرة !!! ليس هذا ما يصيبني من حماقة،فالجريدة الصباحية هي إدمان، أين الجريدة؟ تصاعدت هيستريا الطائرات،لقدجُنَّت السماء.جُنَّت تماماً. يُنذر هذا الفجر بأن هذا اليوم هوآخر أيام الخليقة. فأين يضربون؟أين لايضربون؟ وهل تتسع منطقة المطار لكل هذه القذائف القادرة على قتل بحر؟ أفتح الراديو فأضطر للإستماع إلى الاعلانات التجاريةالسعيدة: ساعة سيتيزن لضبط الوقت....... سجائر ميريت"نكهة أكثر ونيكوتين أقل" تعال إلى مارلبورو تعال تعال إلى حيث المتعة. ولكن أين الماء؟ غنج متزايد من مذيعات مونت كارلو الخارجات للتو من الحمَّام أو غرف النوم المثيرة. قصفٌ شديد على بيروت.قصف شديد على بيروت؟ أهذا هو الخبر كأنه نبأ عن يوم عادي من أيام حرب عادية، عادية في نشرة الأخبار.أحوِّل إبرة الراديو إلى إذاعة لندن ، الفتور المميت ذاته في اصوات مذيعين يدخنون الغليون على مسمع من المستمعين. أصوات منقولة على موجة قصيرة مكبرةإلى موجة متوسطة تحولِّها إلى كاريكاتور خبيث:ويقول مراسلنا إنه يبدو للمراقبين الحذرين أن مايبدو مما يتضح عندما يتمكن المتحدث لولا صعوبة الاتصال بالوقائع لعلُّ في الأمر ما يدل على أن كلا المتحاربين يحاول عسى ولاسيما ناهيك عن غموض ما قديسفر عن طائرات مجهولة أسماء الطيارين تحلِّق إذا أردنا الدقة حيث حيث قد يتأكد بعض الناس يظهر في زي حسن. لغة عربية سليمة المعلومات تنتهي بلغة عربية سليمة العواطف لمحمد عبد الوهاب:يا تحبني يا تقوللي أروح لك يا تقوللي أروح منك فين............ هدية لكم"محمود درويش"ذاكرة للنسيان" - الإله ميثرا - 02-23-2009 صوات متشابهة الرتابة،رمل يصف بحراً،اصوات فصيحةو نزيهة تصف الموت كما تصف الأحوال الجوية،وكما لاتصف سباق الخيل والدراجات عمُّ ابحث؟افتح الباب عدة مرات ولا أعثر على الجريدة؟ لماذا اطلب الجريدة والنايات تتساقط من الجهات كلها،ألا تكفيني هذه القراءة؟ ليس ذلك تمامً. فالباحث عن الجريدة وسط الجحيم هارب من الموت وحيداُ إلى الموت الجماعي. باحث عن عينين إنسانيتين ،عن صمت مشترك،وعن كلام متبادل،باحث عن مشاركة ما في الموت،عن شاهد يشهد،وعن شاهد على جثة،عن مُبلْغٍ عن شقوط الحصان، عن لغة للصمت وللكلام،وعن إنتظار أقل ضجرلموت تأكًّد. فإن ما يقوله هذا الفولاذ،هذه الوحوش الفولاذية: هوأن أحداً لن يرى السكينة...ولن يحصي قتلانا.. كنت أكذب على نفسي،فليست فيُّ حاجة إلى البحث عن وصف ماهو حولي وما في داخلي. حقيقة الأمر أني كنت خائفا من الوقوع بين الأنقاض، فريسة أنين لا يصل.كان ذلك مؤلم، مؤلماًإلى حد التماهي مع الحادثة التي وقد حدثت، انا الآن هناك بين الأنقاض . أحسُّ بوجع الحيوان المهروس فيَّ وأصرخ من وجعي ولا يسمعني أحد. كان ذلك الألم الشبح القادم من إتجاه معاكس مما قد يحدث. بعض الذين يصابون بساقهم يواصلون الإحساس بالوجع في الساق حتى بعد بترها لسنين إنهم يمدُّون أيديهم لتحسس موضع الوجع في ساق لم يعد لها وجود، وقد يلاحقهم هذا الوجع الوهمي....الوجع الشبح إلى آخر العمر أما أنا فأشعر بوجع شديدجرَّاء إصابة لم تحدث...لقد طُحِنت ساقاي تحت الأنقاض وهذه ظنوني:قد لايقتلني الصاروخ بشكل خاطف دون أن أشعر. فقد ينهار عليَّ حائط على مهل على مهل في عذاب لاينتهي وإستغاثة لاتُبلِّغ مصيري إلى أحد قد يطحن ساقي أو ذراعي أو جمجمتي أو قد يربض على صدري، وأبقى حياً عدة أيام لا وقت فيها لأحد للبحث عن بقايا كائن. قد يختلط لحمي بالإسمنت والحديد والتراب فلايدلّ شيئ عليّ، وقد ينغرز زجاج نظارتي في عيني فأصاب بالعمى . وقد يتغلغل عمود من الحديد في خاصرتي. وقد أُنسى في زحام اللحم البشري الممعوس المفقود بين الأنقاض. ولكن لماذا أهتم بمصير جثتي وعنوانها إلى هذا الحد؟لا أعرف هدية لكم"محمود درويش"ذاكرة للنسيان" - الإله ميثرا - 02-23-2009 أريد جنازة حسنة التنظيم،يضعون فيها الجثمان السليم،لا المشوه،في تابوت خشبي ملفوف بعلَم واضح الألوان الأربعة، ولوكانت مقتبسة من بين شعر لا تدل ألفاظه على معانيه، محمول على أكتاف أصدقائي وأصدقاءي الأعداء. وأريد أكاليل من الورد الأحمر والورد الأصفر . لاأريد اللون الرمادي الرخيص ولا اريد اللون البنفسجي لأنه يذيع رائحة الموت واريد مذيعا قليل الثرثرة قليل البحة،قادراًعلى إدعاءحزن مقنع يتناوب مع أشرطة تحمل صوتي بعض الكلام. اريد جنازة هادئة واضحة وكبيرة ليكون الوداع جميلاً وعكس اللقاء. ما أجمل حظ الموتى في الجدد،في اليوم الأول من الوداع، حين يتبارى المودعون في مدائحهم.فرسان ليوم واحد لا نميمة لا شتيمة لاحسد.حسناً، وأنا بلا زوجة وبلا ولد.فذلك يوِّفر على بعض الأصدقاء... جهد التمثيل الطويل لدورحزين لاينتهي إلا بحنو الأرملة على المعزِّي. وذلك يوفرعلى الولد الوقوف على ابواب المؤسسات ذات البيروقراطية البدوية. حسَنُ أني وحيد...وحيد..وحيد،لذلك ستكون جنازتي مجانية وبلا حساب مجاملة، ينصرف بعدها المشيعون إلى شؤونهم اليومية. أريد جنازة وتابوتاًانيق الصنع أطل منه كما يريد توفيق الحكيم أن يطل على المشيعين.. أسترق النظرإلى طريقتهم في الوقوف وفي المشي وفي التأفف وفي تحويل اللعاب إلى دموع. وأستمع إلى التعليقات الساخرة:كان يحب النساء وكان يبذخ في إختيار الثياب. وكان سجاد بيته إلى الركبتين، وكان له قصر على الساحل الفرنسي الللازوردي وفيللا في إسبانيا وحساب سري في زيوريخ وكانت له طائرة سريةخاصة وخمس سيارات فخمة في مرآب بيته في بيروت، ولانعرف إن كان له يخت في اليونان. ولكن في بيته من أصداف البحر مايكفي لبناء مخيَّم. كان يكذب على النساء . مات الشاعر ومات شِعره معه . ماذا يبقى منه؟لقد إنتهت مرحلته وإنتهينا من خرافته. أخذ شِعره معه ورحل،كان طويل الأنف واللسان...... وسأستمع إلى ماهو أقسى عندما تتحرر المخيلة من كلِّ شيئ. سأبتسم في التابوت سأبذل جهدا لأقول: كفى ى ى .سأحاول العودة فلا أستطيع... هدية لكم"محمود درويش"ذاكرة للنسيان" - الإله ميثرا - 02-23-2009 أما أن أموت هنا،فلا،لاأريد الموت تحت الأنقاض. سادعي لنفسي أنني ذاهب إلى الشارع للبحث عن الجريدة، فالخوف عار عن في حُمَّى البطولة المتفشية من جميع الناس، من اولئك الذين لانعرف أسمائهم على خطوط الإشتباك، ومن أولئك البسطاءالذين إختاروا أن يبقوا في بيروت، إختاروا أن يكرِّسوا أيامهم للبحث عن تنكة ماء وسط مطر القذائف، إختاروا أن يمدوا لحظة التحدي والصمود إلى تاريخ، اختاروا ان يَدفعوا لحمهم في صراع مع الحديد المنفجر. البطولة هي هذا الجز المشطور من بيروت في هذا الصيف الحارق، هي بيروت الغربية.ليس من يموت هنا يموت بالمصادفة. الحي حي بالمصادفة،إذ لم يسلم شبر واحد من صاروخ. ولم يسلم موقع خطوة واحدة من إنفجار ولكني لاأريد الموت تحت الأنقاض. اريد الموت في الشارع.. إنتشر أمامي فجاة الدود الموصوف في إحدى الروايات: دود يرتِّب صفوفه وانواعه وألوانه،بنظام صارم،لإلتهام الجثة كأنه يسلخ اللحم كله عن العظام في دقائقزغارة واحدة .. غارتان ولايبقى منَّا غير الهيكل العظمي. دود يأتي من امجهول ومن التراب ومن الجثة نفسها. الجثة تأكل نفسها بجيش حسن التنظيم يطلع منها في لحظات. إنها صورة تفرغ الإنسان من بطولته ومن لحمه، وتدفع به في عراء المصير العبثي، في العبث المطلق ،في العدم الكامل. صورة تجرد الأناشيد من مديح الموت ومن الفرار إلى الفرار. أَمِن أجل التغلُّب على بشاعة هذه الحقيقة. فتح الخيال البشري ساكن الجثة فضاءً لخلاص الروح من العدم؟ أهذا ما يقترحه الدين والشعر من حل؟ربما..ربما. هدية لكم"محمود درويش"ذاكرة للنسيان" - الإله ميثرا - 02-23-2009 ولأنني أعرف سمير منذ الطفولة، لم أذهب إلى غيبوبته في المستشفى. لقد بترت الطائرات ساقيه وذراعه،بقرت بطنه وسملت عينيه، عندما كان يخلي المصابين في ميدان المدينة الرياضية.ماذا تبقى منه؟ أعني ماذا تبقى من وسامة كانت توقد الجمرتحت ثياب الفتيات؟ كنَّا معاً في المدرسة الثانوية في "كفرياسيف".لم يحضر الدروس كثيراً كان ساهيا وغائبا،يُؤثِر البحر واصطياد العصافير على الكتب، ولايشارك في شغب التلاميذ. فيه حَسَنُ يوسف خفرٌ بلا تقوى. عينان زرقاوان صافيتان من بحر عكا وأمه الحسناء الطاغية،شعر كستنائي مُجعَّد.وجبين واسع يطل على ما فوقنا كان بعيدا بعيدا وقوي البنية. ولم نعرف لماذا ابتعد عن المدرسة وعن العائلة وعن الوطن إلى أن أشعل حرب حزيران ،هكذا قالت الصحف الإسرائيلية بعناوين عريضة: إلقاء القيض على فدائي تسلل عبر الحدود لينسف حيفا.كان ذلك عشية حرب حزيران. وكان الأعلام الاسرائيلي منكباًعلى إعدادالذرائع لإعلان الحرب. لم نُصدِّق أن سمير فدائي فلسطيني،إذ لم يسبق أن إنخرط معنا في نشاط عام، إلا بعدما طالعتنا قامته المديدة في الصحف وهو يرسف في الأغلال . حدَّثني أبوه وهوابن عمي كيف كانت الشرطة تُسمِعه خلف جدران الزنزانةـأنين سمير تحت التعذيب المتواصل قطيع من الذئاب يستفرد بغزال أسير.لقد تحطَم والده تماماً وهو يستمع الى الموت البطيئ المتصاعد من جسد سمير ،المُرفَّه المدلل الأنيق الوسيم، ولكن أمه ذات الجمال الجهوري صمت أعصابها وتوازنها النفسي بما أيقظ في أمومتها من حاسة الزهو أمام تحوّل إبنها رجل يتحدى دولة هزمت دولاً، فرفعت أحزانها إلى كبرياء. حكموا على سمير بالسجن المؤبد وفي السجن إستطاع أن يُمثِّل دور المتعاون مع إدارة السجن ، متحملاإهانات زملائه الفدائيين،لينفِّذ خطته ويعمل في مطبخ السجن، حيث حصل على ما يحتاجه من ادوات حادة، وعكف شهراً على قطع قضبان الزنزانةإلى أن حانت ساعة الصفر وتمكن من تهريب بعض زملائه السجناء....... هدية لكم"محمود درويش"ذاكرة للنسيان" - الإله ميثرا - 02-23-2009 أصرَّ على أن يكون آخر الناجين، إلى أن انتبه الحراس إلى العملية وانتزعوه من قضبان النافذة ليحكموا عليه، مرة أخرى بالسجن المؤبد الثاني بعد محاولة أخرى حكم على سمير بالسجن المؤبد الثالث ، وهكذا كان على سمير أن يعيش ثلاثة أعماراخرى ليتم إطلاق سراحه. وفي عملية تبادل أسرى خرج"سمير"إلى نور الوطن العربي الكبير، فلم يصدق الفارق بين الفكرة وصورة الفكرة، ولم يصدق التنافر بين الحلم وأداة الحلم، فلجأ إلى مفاضلة السجناء التقليدية بين الحرية الخارجية الشكلية وبين الحرية الداخلية المجازية المنبعثة من تماسك اليقين وسلام النفس والارتباط بالخارج برباط المثال. لقد ألِفنا شكوى الخارجين من حريتهم الداخلية إلى حريتهم المشوهة، وألفنا خيبتهم من كل ما يخدش مخيلتهم عنا وتصورهم عن الخارج. قال لي سمير:حين إلتقيته بعد عشرين عاماً في دمشق:أهذا هو الوضع؟ ليس من اجل هذا دخلت،وليس من أجل هذا خرجت. ولكن ما فيه من وفاء لارتباط الاطار والفكرة حال دون ذهابه بالخيبة إلى منتهاها.. وإلى إستبدال الاطاروالأداة بما هوأكثر توازنا وانسجاما كان شديد الخيبة من المؤسسة وشديد الالتحام بها. ليس في وسع رجل مثلي قال أن يغيِّر جلده خوفا من ارهاب المؤسسة بل خوفا من انهيار احد عناصر التوازن فلأعتبِر نفسيسواء كنت في هذا التنظيم أو ذاك خادما لفكر فلسطين وشعبها، دون أن أقبل الانسياق في صراع التنظيمات وفي خداع تبعية بعضها، وهي لاتشملني إلى هذا النظام أو ذاك . كان يُسيج نفسه ويميزها بالجناح المطلق من الفكرة. كان يخشى أن يؤدي إلى تعديل في إطاره إلى الطعن في صدق تاريخه وفي حرارة تضحيته لأن الاعتراض في غياب الوطن والمجتمع وما يبلورانه من سلُّم قيم قابل للشك والتشكيك في حروب كلام لا تضبطها ضوابط أخلاقية ووطنية. ولم يسفر مثل هذا النوع من الحوار الوطني إلا عن إغتيال، ولم يبرأ من تراشق هذه التهم أحد منّا. ثم استقر سمير في بيروت ليواصل أسئلته الجارحةحول الحرية في السجن، والسجن في حرية قابلة للفساد وإلغاءنظام العقوبات، حتى لو تمكن أحد الناطقين باسم هذه الحريةمن تدمير بناية على ساكنيها لتصفية حساب مع عضوفي التنظيم دون أن يفقد عضويته في القيادة وحقه في تمثيل نظام عربي تمثيلا مدويا في القيادة!!! لعل المحاكمة التي تستحقها الثور ةهي أنها كانت خالية،وما زالت خالية، هدية لكم"محمود درويش"ذاكرة للنسيان" - الإله ميثرا - 02-23-2009 ومازالت خالية.............. من تقاليد محاكمة أعضاء القيادة على جرائمهم المدوية. واقتصرت المحاكمة على تتبع جنايات أخلاقية يرتكبها شهداء المستقبل خلال حكم بحثهم عن متع عابرة في سيجارة حشيش أوامرأة تغوي، قبل أن يتحولوا الى منصة للخطابة. كان يصعب على سمير وعلى امثاله الخارجين من السجون الاسرائيلية أن يدركوا كيف يقفز بعض ممثلي المخابرات على درجات سُلَّم القيادة بذريعة المحافظة على توازن تعبرعنه الثورة في علاقاتها بالدول. هل نحن جامعة الدول العربية؟ لم يتمكن من ادمان هذه التقاليد الملتبسة لأنه ينضج الى درجة الواقعية التي تتطليب استيعابها الأشواط التي قطعها الخطاب السياسي الفلسطيني في علاقته المعقدة بالقاعدة العربية والقمة العربية، حتى وجد هذا الخطاب نفسه أسيرها لاابنها المدلل، منذ انقسم السؤال الديمقراطي عن السؤال القومي وذهب كل واحدفي اتجاه معاكس، فاستمدت الوحدة الوطنية أحد مقوماتهامن تضامن الحكومات في المنظمة لا مع المنظمة!!! ولكن سمير المضرج بالأسئلة عن الحرية في السجن وعن السجن في الحرية، انخرط في موجة تساهل عام جرفتنا جميعا الى شاطئ القدرية ولأنني أعرفه منذ الطفولة،لم أذهب اليه في المستشفى،مستشفى البربير. لن تعرفه قالوا لي. وإذا كنت تحبه قالوا لي_صلِّي له أن يموت، لأن الموت راحته الوحيدة..فقد دخل في الكوما...دخل في الموت حيَّاً إذن،لم يُطلق سراحه. لقد لاحقوه حتى بيروت. استبدلوا احكام السجن المؤبد بالإعدام قصفاً بالطائرات. مات سمير.....مات حبق العائلة. هدية لكم"محمود درويش"ذاكرة للنسيان" - الإله ميثرا - 02-23-2009 لا اريد أن أموت مشوَّهاً بين الأنقاض، أتمنى أن أُقصَف على حين غفلة..في الشارع أتمنى أن أحترق تماماً...أن أتفحَّم، فلا يعثر دود الرواية إياه على وظيفته الخالدة فيَّ ... إذ ليس من عادة الدود أن يأكل الفحم. وهكذا،سأقول لنفسي إني أبحث عن جريدة..لأبرِّر سيري في شارع لا قطة فيه ولا كلب. لم آبه بما يحدث خارج الزجاج.قذائف.صواريخ.بوارج.طائرات.. تهبُّ عليَّ كما تهبُّ الرياح.... تنزل عليّ كما يهطل المطر .... تتحرك كما يتحرك الزلزال. لاتستطيع الإرادة البشرية أن تغعل حيالها شيئاً كأنه قدر لا يُرد. كلُّ ما تمخضَّ عنه الخيال البشري من إبداعات الشر الخارقة، وما بلَغته التكنولوجيا من تقدم،يجري امتحان فاعليتها في أجسادنا اليوم. أيكون هذا اليوم أطول يوم في التاريخ؟ لاأحد يغسل الموتى،فليغسل الميت نفسه بنفسه، أعني بدم فائض عن الماء. أجمع ثروتي المائية،واستخدم كل قطرةمنها بحرص فائق.لكل قطرةدور. أكاد أعدُّ قطرات الماء:خمسمائة قطرة لغسل الشعر... ألفان للجسد...مائة للفم....مائة للحلاقة...عشرون للأذنين.. خمسون لكل إبط...و....و....ولكل قطرة قطعة من الجسد. ما الماء؟من قال إن الماء لالون له ولا طعم ولا رائحة؟ماالماء؟.. كيمياوياً:يد أ.ياء.وال.اثنان.ألف .أهذا هو كل شيئ؟ ولكن ماهذه النشوة التي تفتح الجلد لتوصلنا إلى عيد هنالك.. في أرجاء الجسدوضواحيه فيقترب من طباع الفراش. الماء فرح الحواس وما يحيط بها من هواء.الماء هو الهواء المقَّطر المحسوس المغموس بالضوء. ولهذا حضَّ الأنبياء شعوبهم على حب الماء"وجعلنا من الماء كل شيئ حي" أتذكر رسالة ابن فضلان فأتقَّزز من ماء في وعاء كان يفسد جيشاً بأكمله. لقد قطع عنَّا ممثلوا نفايات الصليبيين الماء،بينما كان صلاح الدين الأيوبي يرسل الثلج والفواكه إلى أعدائه"لعل قلوبهم ترق"كما كان يقول. وأضحك فجأة من أغنية تقول"المية تروي العطشان"وأتساءل: كبف عرف المغّني هذا الاكتشاف المبهر؟ وفي تل الزعتر كان القتلة يصطادون الفلسطينيات على نبع الماء، على ماسورة الماء المكسورة،كما يصطاد الصيادون الغزلان العطشى. الماء القاتل.الماء المخلوط بدم العطشى الذين غامروا بحياتهم من أجل كوب ماء. الماء الذي أشعل حروب البدو في الزمن القديم. الماء الصالح لتحسين شروط التفاوض لدى مَن لم يلمس الماء انسانيتهم اليابسة. الماء الذي حرَّك ملوك العرب وحملَّهم مشقة الاتصال الهاتفي مع الرئيس الأمريكي لأجراء مقايضة رابحة:خُذْ الدم وهات الماء،خذ النفط وهات الماء.خذنا وهات الماء!!! ..وصوت الماء ضجيج عرس،أعلى أعلى من أصوات الطائرات. صوت الماء مرايا لعروق الارض الحية. صوت الماء هو الحرية. صوت الماء هو الانسانية. وما أن يُعلن البيت البيض في واشنطن عن عودة الماء الى بيروت الغربية حتى يهب المحاصرون الى حنفياتهم إلانحن...نحن سكان هذه البناية العالية_ العالية الى اعلى نداء العطش.فقد حاصرنا صاحبها قبل حصار بيروت بسنين، منذ انحلَّت السلطة فجُنَّ هو بسلطته:السلطة على الماء، ما إن يتشاجرمع أحد المسأجرين أو مع زوجته،أو مع حسابه في البنك، حتى يهب الى قطع الماء عنا جميعاً، لذلك ربَّى فينا الصبر على الماء ربى فينا مدائح الماء. وعلَّمنا ان نفرح بالماء حين يتدفق ساعة كما لم تفرح به قبائل داحس، وحوّلَنا الى حراس انابيب ،نتجسس منذ الفجر على صوت الماء المرتقب. وحين نسمع غرغرة الماء نعلن العيد ونجمع ما تهبنا رحمته من الاواني والقناني والصحون والكؤوس وفي جيوب المعاطف الجلدية، فالماء في هذه البناية كنز نُجللِّه بالطقوس،ونتحدث عن سيرته في سهراتنا لقد وحَّدنا الماء والحديث هنه وجعلنا عائلة واحدة. ولكن صاحب البناية يغار من شارون وينافسه في السادية. فحين تبتهج بيروت الغربية بالإفراج عن الماء ..... نكتفي بدور التضامن،لأن هذه البهجة لا تشملنا ولأنَّ الماء لا يصل الينا. نحن آخر الأسرى يا أبا ربيع. اغفر لنا ذنوباُ لم نرتكبها ياأبا ربيع. الدنيا حرب يا أبا ربيع. والعفو عند المقدرةيا أبا ربيع، وما مِن سميع وما من شفيع. إلى أن إضررت الى الاستعانة باللجان الشعبية المسلحة التي أفرجت عن الماء بقوة. فنسينا الحرب ونسينا الحصار من فرط ما فرحنا بالماء... |