نادي الفكر العربي
حكم الردة في الإسلام التعزير وليس القتل - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: الحوار الديني (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=58)
+--- الموضوع: حكم الردة في الإسلام التعزير وليس القتل (/showthread.php?tid=45129)

الصفحات: 1 2 3


الرد على: حكم الردة في الإسلام التعزير وليس القتل - ahmed ibrahim - 09-17-2011

‏‏(‏من بدل دينه فاقتلوه‏)‏ ‏
رواه الإمام البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏
من حديث ابن عباس رضي الله عنهما

إشكالية لا إكراه فى الدين - أو من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
==================================

يمكنكم الإطلاع على هذا الفيديو :-
=====================







RE: الرد على: حكم الردة في الإسلام التعزير وليس القتل - TERMINATOR3 - 09-17-2011

(09-17-2011, 07:37 PM)نظام الملك كتب:  الاخ العزيز TERMINATOR3

كلامك يخجلنى وادعو الله ان اكون مصيبا فيما اقول.

وهناك خيط رفيع يفصل بين الدولة الدينية وبين الدولة الاسلامية ، فالدولة الدينية تسعى لطاعة الله بتطبيق النصوص من منطلق الخوف من الله والتذمت فى طاعته وهم بهذا ينفون العدل والرحمة عن الله أما الدولة الاسلامية فتسعى الى الرحمة بالبشر معتمدة على أنه بسم الله الرحمن الرحيم.

وتقبل خالص المحبة والتقدير

اعذرنى صديقى ودعنى اختلف معك هنا فانا لبرالى الفكر مسيحى الديانة ارثوذكسى المذهب .
وكرأى شخصى خاص بى فانا ارى انه لتقدم مجتماعاتنا العربية يجب ان نخرج من دائرة الشعارات الجوفاء مثل الوحدة العربية والقومية المهلبية ..الخ
فمثل هذه الاشياء هى ما تؤخرنا وتدفعنا الى الخلف ، صدقنى انا لست ضد الاسلام بالرغم من كونى مسيحى ، فديانة غيرى لا تهمنى طالما انه يحيا فى حاله ولا يمسنى بشر فليفعل ما يشاء فاذا ما عرف الله باحدى الطرق اهلا وسهلا اما اذا اراد ان يعبد حجرا فهذا شأنه شانه يكون مسلما او بوذيا او يهوديا او لا دينيا فليفعل ما يشاء .. ويجب ان يكون هذا فكرنا جميعا فنركز على امور اخرى فانت عندما تقابل شخص جديد تحاول التعرف عليه فان اول سؤال تود ان تسأله له : ما هى ديانتك ؟
فنحن نتعامل مع الاخرين فى مجتمعنا العربى بتصنيف الدين وهو امر يجب ان نلغيه من حياتنا لنفكر فى امور اخرى اهم كمستقبلنا ومستقبل اولادنا ومستقبل بلادنا وتقدمها ورقيها .
يجب علينا ان نخرج بفكرنا الى افاق جديد نترك التحزب والانقسام فهى افكار هدامه فمثلا الموضوع هنا يتحدث عن الردة وبمفهوم الرده فانها العودة للوراء ويقصد بها اسلاميا فى بداية الامر هو الرجوع عن الاسلام والارتداد الى الجاهلية ، ولكن الان تغير الامر فلم يعد هناك من يعبد الاصنام بل هناك مسيحى ويهودى او حتى بدون معتقد هكذا صار الامر مساويا - الرده - اى التحول عن الاسلام الى اى دين اخر او بشمولية ترك الاسلام عموما ..

هل ترضى مثلا اذا كنت مسيحيا وصرت مسلما ان تقتل او يقطع احد اعضائك ؟!!!!

هذا امر متغلغل دخل فهم المسلمين يجب ان يراجعوا نفسهم فيه يجب ان يعلنوا هذا على الجميع اذا ارادوا ان تتغير الفكرة عنهم يجب ان يعلنوا انهم يغربلون افكارهم ويطرحون منها ما لا يتماشى مع التعايش السلمى مع الاخرين .
فليس كل المسلمون اسامة بن لادن ولكن عالميا فهم جميعا يلبسون جلباب اسامه بن لادن وعليهم ان يغيروا تلك الصورة قولا وفعلا .

بصدق اتمنى ان يعيش العالم كله فى سلام وان تصبح كلمات مثل كره وحقد وحرب من الكلمات الغير مستخدمه على المستوى العالمى .

اسف على الاطالة وارحب بك اخ وصديق



الرد على: حكم الردة في الإسلام التعزير وليس القتل - نظام الملك - 09-18-2011

اخى العزيز TERMINATOR3

يسعدنى ويشرفنى ان اكون أخ وصديق لك.

الشعارات تكون جوفاء لو لم نمارسها ونبث فيها الروح والشعارات تكون نقمة لو لم تحقق لنا ميزة نسبية على المستوى الانسانى. والعروبة شئ جيد لو تم فى مناخ سياسى واجتماعى يرقى بهذه العروبة ، فما اجمل ان نكون ضمن اسرة كبيرة

وبالطبع لو كنت مسيحيا وصرت مسلما فلن ارضى بان اقتل او يقطع احد اعضائى.

ولكننى ارى ان هناك لبس يقع فيه المسلمون يتعلق بالتفرقة بين الدين والدولة ، ففى اطار الدين فحرية العبادة مكفولة وفى اطار الدولة يتم اتخاذ تشريعات تحفظ قواعد الدولة وبنيانها وليس قواعد الدين وبنيانه.

وكل دولة تتخذ من التشريعات ما يلزم لحفظ الدولة ومنها تشريعات تصل الى الاعدام. ولكن فى اطار الدين اجد صعوبة فى اتخاذ مثل هذه التشريعات حيث انها تتنافى مع الدين نفسه.

فكيف اطلب من المسلم الراغب فى ترك الاسلام ان يظل على دينه رغم انه ينفى بقلبه شهادة لا إله الا الله ، هل اناقض نفسى ام اطلب منه ان يكون منافق يزيدنى خبالا.

والمسلمون اصبحوا لا يدركون معنى الاسلام وذلك لأنهم انفصلوا عن أهم مبدأ فى الخطاب السماوى لأهل الارض (حيث يقول الله يا بنى أدم) ، لقد ظن المسلمون انهم اتباع محمد صلى الله عليه وسلم هم فقط اصحاب الجنة واصحاب القرب من الله واصحاب الرضا من الله ولكننى ارى ان الاسلام هو اعم واشمل من هذا ، فهو كل فعل صالح يوافق صحيح الدين يعد نوعا او شكلا من اشكال الاسلام ، ولكن هناك بعض المسلمين يقولون لمن يلقى اليهم بالسلم لست مسلما يبتغون عرض الحياة الدنيا.

من يسعى الى معرفة الله لن يظلم احد وهو المطلوب سواء كان مسلما او مسيحيا او غير ذلك وهذا معنى ان يكون الدين كله لله كما اعتقد.

ومرحبا بك أخ وصديق.
(09-17-2011, 07:42 PM)ahmed ibrahim كتب:  ‏‏(‏من بدل دينه فاقتلوه‏)‏ ‏
رواه الإمام البخاري في ‏"‏صحيحه‏"‏
من حديث ابن عباس رضي الله عنهما

إشكالية لا إكراه فى الدين - أو من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
==================================

عزيزى احمد

اجد قصور فى ما يقوله الشيخ الحوينى حيث انه يتعارض مع هذه الآية

(إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا) سورة النساء

بل تطبيق هذا المنطق يزيد من مساحة المسلمين بالهوية وليس المسلمين بقلوبهم وعقولهم.




الرد على: حكم الردة في الإسلام التعزير وليس القتل - ahmed ibrahim - 09-18-2011

أنا أرى أن الحوينى يتحدث دون إلتفاف

وكلامه مقنع فى تلك القضية

والأحداث التى رويت عن الرسول والصحابة

تؤكد إقامة هذا الحد

ولعل فى حروب الردة فى عهد أبى بكر خير دليل !!!


الرد على: حكم الردة في الإسلام التعزير وليس القتل - نظام الملك - 09-18-2011

حروب الردة قامت بين المسلمين بقيادة أبي بكر من جهة والعرب المرتدين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان يقودهم عدد من مدعي النبوة كمسيلمة الكذاب والأسود العنسي وسجاح يساندهم عدد من مانعي الزكاة الذين لم يدعوا النبوه ولم ينكروا الإسلام... ولكنهم رفضوا أداء الزكاة.

وهكذا نرى ان المرتدون فريقين، أولهما قد سار وراء من أعلنوا نبوتهم وآمنوا بما يقولونه، وثانيهما بقي على إيمانه بأركان الدين الإسلامي بأن آمن بالله وشهد بنبوة محمد وأقام الصلاة، إلا أنه قد رفض تأدية فريضة الزكاة وعدّها ضريبة يدفعها مكرهاً،

والفريق الثانى هو الذى ينطبق عليه لفظ (بدل دينه). فهم قد بدلوا دينهم ولم يستبدلوه.



الرد على: حكم الردة في الإسلام التعزير وليس القتل - نظام الملك - 09-18-2011

حروب الردة قامت بين المسلمين بقيادة أبي بكر من جهة والعرب المرتدين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان يقودهم عدد من مدعي النبوة كمسيلمة الكذاب والأسود العنسي وسجاح يساندهم عدد من مانعي الزكاة الذين لم يدعوا النبوه ولم ينكروا الإسلام... ولكنهم رفضوا أداء الزكاة.

وهكذا نرى ان المرتدون فريقين، أولهما قد سار وراء من أعلنوا نبوتهم وآمنوا بما يقولونه، وثانيهما بقي على إيمانه بأركان الدين الإسلامي بأن آمن بالله وشهد بنبوة محمد وأقام الصلاة، إلا أنه قد رفض تأدية فريضة الزكاة وعدّها ضريبة يدفعها مكرهاً،

والفريق الثانى هو الذى ينطبق عليه لفظ (بدل دينه). فهم قد بدلوا دينهم ولم يستبدلوه.



الرد على: حكم الردة في الإسلام التعزير وليس القتل - ahmed ibrahim - 09-18-2011

فى كلتا الحالتين اسمهم مرتدين

واستقر الأمر على ابو بكر بجهادهم وقتالهم

بمجرد أنه علم أن
فئة إرتدوا واتبعوا من إدعوا النبوة
وفئة إمتنعت عن دفع الاموال

فالفئة الأولى لم يتناقش فيها احد

وأتفقوا على قتالهم

والفئة الثانية هى التى كانت محل جدال

واستقر الأمر فيما بينهم على قتالهم

وقال أبو بكر مقولته الشهيرة :- والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة

وكان هذا قبل اى هجوم يشنه المرتدون على الدولة الإسلامية

أما ما تذكره هنا

حدث بعدما علم المرتدون بأن أبو بكر يريد قتالهم

وهذا امر بديهى جدا ان أقاتل من ينوى قتالى

فتم تمويلهم ممن إدعوا النبوة

وحدثت الحرب




الرد على: حكم الردة في الإسلام التعزير وليس القتل - فارس اللواء - 09-18-2011

لنا عودة بإذن الله لطرح بقية الأجزاء


RE: حكم الردة في الإسلام التعزير وليس القتل - فارس اللواء - 09-19-2011

الجزء الثالث
الردة والحرية الفكرية
دراسة تأصيلية تجديدية في ضوء القرآن والسنة والمقاصد

خامساً (16): كليات حاكمة

1- قد يقول قائل: إذا تقرر أن آية "لا إكراه في الدين" محكمة غير منسوخة، وعامة غير مخصوصة، وإذا كان هذا واضحاً وصريحاً بلفظ الآية ومنطوقها، وبألفاظ ومنطوق ومقاصد عشرات الآيات القرآنية الأخرى، وإذا تقرر ما ذكرتَه من فقه الأحاديث الصحيحة المذكورة آنفاً، فلماذا كان للردة حد كما يُدَّعى في الرأي المشهور، وهذا كما لا يخفى إكراه على البقاء في الإسلام، وهو خلاف ما ثبت من إحكام مبدأ "لا إكراه في الدين"؟!

2/1

- والجواب ينطلق من التذكير ببعض (القواعد المنهجية) و(الكليات الأساسية) و(الثوابت الشرعية والعقلية):
1- إن الكليات القطعيات لا نسخ فيها (17).
2- إن الكليات المحْكمات هن أُم الكتاب وأُس الشريعة، وهي حاكمة على الجزئيات ومقدَّمة عليها؛ أي أنه يجب فهم الجزئي في إطار الكلي.
3- إن الكليات القطعيات لا تقيد ولا تخصص؛ وإلا لانتفت عنها صفة القطعية (18). وإذا ثبت أمر كلي قطعي فلا تؤثر فيه معارضة قضايا الأعيان ولا حكايات الأحوال ولا ما شابه ذلك؛ لأن القاعدة الكلية تستند إلى أدلة قطعية غير محتملة، بينما القضايا الجزئية المتعارضة معها ترِد عليها الاحتمالات والتأويلات وأحياناً الشكوك.
4- الإيمان عبارة عن إذعان النفس، ويستحيل أن يكون الإيمان بالإكراه كما أوضحنا سابقا، وإنما يكون بالبيان والبرهان.
5- لقد أكد القرآن اختصاص الباري وحده، في الآخرة، بحساب من يكون على خلاف عقيدة الإسلام: "وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ" [المؤمنون 117].
6- لقد بين الله سبحانه أن شأن العقائد أن لا تخضع للإكراه من أي نوع كان، حتى ذلك الذي يأتي من زاوية الحرص على المدعو والرغبة في إنقاذه: "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" [يوسف 103].
2/2- ونحن نعلم - كما أثبتنا وسنثبت- أن قاعدة "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" قطعية الثبوت والدلالة، فضلاً عن كليتها وعموم صيغتها.. كما نعلم بالعقل والتجربة أن الإكراه على الدين لا يجدي نفعاً ولا ينتج إلا ضرراً.
فإذا علمنا هذا وتمسكنا به ولم نحِد عنه، كان بإمكاننا أن نتعامل بشكل سليم مع الأخبار والآثار التي تفيد - في الرأي المشهور- قتل المرتد عن الإسلام، إذا لم يتب ويرجع عن ردته.
إن القول بأن القتل يكون للردة وحدها - لا لشيء معها أو سواها- يتنافى تنافياً واضحاً مع قاعدة "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" - إذ قتل آبي الرجوع إلى الإسلام إكراه له عليه- فتعين رد هذا الفهم وعدم التسليم به.. ومن ثم، وجب - إحساناً للتلقي والفهمِ عن الله ورسوله، وبناءً على جميع ما سبق وما سيأتي- أن تُفهَم الأخبار والآثار الدالة على قتل المرتد على أنها:
متعلقةٌ بما يقترن عادة مع الردة من الأفعال (الموجبة للعقوبة) و(الدالة على مفارقة الجماعة).
صحيح أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "من بدل دينه فاقتلوه" (19)، ولكنْ صحيحٌ أيضاً أنه قال: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة" (20).
وبالجمع بين هذين الحديثين - وجمع الأدلة، وحمل المطلق منها على المقيد، هو من عمل الراسخين في العلم- يظهر واضحاً أن (المبدل لدينه المستوجب للقتل) هو (التارك لدينه المفارق لجماعة المسلمين).

و(مفارقة الجماعة) - وهي إضافة من رسول الله (ص) لا يمكن أن تكون دون فائدة أو أثر في موجب الحكم- تعني التمرد والعصيان والمحاربة - مادياً أو أدبياً- وربما الانضمام إلى العدو المحارب.. فالمفارقة أعمال ظاهرة تسعى لهدم مقومات حياة المسلمين (21).
ومن ثم، فقتل المرتد - أو عقابه- حكم مختص بمن فاصل جماعة المسلمين، وفارقهم، وأتى بأقوال أو أفعال بقصد السعي في هدم المجتمع المسلم، وتقويض أركانه، والعمل بكل طريق على هدم مقوماته.
فقتل المرتد هنا ليس مبنياً على ما اعتنقه من اعتقاد جديد، وإنما هو مختص بأفعال إجرامية - مادية أو أدبية- تعمل بقصد هدم المجتمع المسلم، مما يدخل صاحبها في مفهوم (الخيانة العظمى) للدين والوطن (22). فمناط العقوبة في الردة ليس هو (الخروج من الإسلام)، ولا هو (محض النقض الشخصي للعلاقة الإيمانية بين العبد وربه)، وإنما مناطها هو (الخروج على الإسلام) - أي: قصدُ الإساءةِ إليه أو المساسِ بمقامه؛ بالسب أو القذف أو الاستهزاء- و(اقتران الردة بمناهضة فعلية أو قولية) يخشى معها النيل من الأمة الإسلامية أو من مقومات مجتمعها أو من نظام دولتها الممثل والمشخص لها.. مما يُلحِق ضرراً ما أتت العقوبة إلا لدرئه.. فالعقوبة ليست على (مجرد الردة)، وإنما هي على (المقترِن بها من صنوف الإجرام والتعدي مادياً أو معنوياً).

ثم إن قتل المرتد - فيما يبدو لنا- لمجرد ردته متعارض - تعارضاً بيناً لا فكاك منه- مع ما قررته السنة الصحيحة من كون العقوبات، حدوداً وتعزيراتٍ، مكفرات للذنوب - وبهذا يتضح فساد تعليل قتل المرتد بمجرد كفره بعد إسلامه-: إذ قتل المرتد لا يُكفِّر عنه جُرمَه؛ فالله تعالى "لا يغفر أن يشرك به" [النساء 116]؛ فليس من المعقول في دين الإسلام أن يرتد إنسان عن دين الله فيقتل حداً في الدنيا ليُعتَقَ من العذاب الأكبر يوم القيامة.. ومن ثم، وجب أن يكون قتله لمعنى زائدٍ عن مجرد كفره بعد إسلامه.

أما الدليل على أن "ما قررته السنة الصحيحة من كون العقوبات - حدوداً وتعزيراتٍ- مكفرات للذنوب" فهو حديث رسول الله (ص): عن عبادة بن الصامت (رضي الله عنه) قال: "كنا عند النبي (ص) في مجلس فقال: بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارة له، ومن أصابه من ذلك شيئاً فستره الله عليه، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه" (23).

فهذا حديث صحيح صريح في أن العقوبة في الدنيا على ذنب ما تسقط عن مرتكبها عقوبة الآخرة، سواءٌ كانت عقوبة الدنيا حداً أو تعزيراً؛ لأن آية الممتحنة - وكذلك هذا الحديث- اشتملت على: "ولا يعصينك في معروف"؛ والعصيان في المعروف ليس فيه حدٌ في الإسلام، وإنما فيه التعزير. فثبت المراد بحمد الله.

ثم إنَّا قد وجدنا رسول الله (ص)، في عقده لصلح الحديبية مع قريش - تلك المعاهدة السياسية التي سيستمر نفاذها عشر سنين- يوافق على اشتراط قريش عليه ترك كل من ارتد عن الإسلام ذاهباً إليهم دون ملاحقة منه ولا مطالبة:

عن أنس (رض) قال: ".. اشترطوا على النبي (ص): أن من جاء منكم لم نرده عليكم، ومن جاءكم منا رددتموه علينا. فقال الصحابة: يا رسول الله، أنكتب هذا؟! قال: نعم، إنه من ذهب منا إليهم: فأبعده الله، ومن جاءنا منهم: سيجعل الله له فرجاً ومخرجاً" (24).
وواضح أن هذا الشرط لا ينص على شكل معين للمجيء؛ وعليه فهو شامل لكل من خرج إلى معسكر قريش بشكل معلن حر أو فراراً وهرباً.. ولو ارتد امرئ عن الإسلام وأراد الخروج إلى قريش فحبسه النبي (ص): لاعتُبر النبي (ص) ناقضاً لهذا الشرط -.. فلو كان هناك حد شرعي يُقتَل أو يُعاقَب بمقتضاه كل من كفر بعد إيمان - لمجرد ذلك- لَمَا وافق رسول الله (ص) أصلاً على هذا الشرط ولَمَا رضي به.
ومن ثم، يجب - فيما يبدو لنا- التمييز والتفريق بين حالات (الخيانة والغدر) - وأشباهها من (المتاجرة بالارتداد) و(إساءة استخدامه) (25) و(التعسف في استعماله)- وبين حالات الردة التي تحركها، وتحكم مسيرتها، وترسم حدودها وغايتها، (قضية الاعتقاد).

إذن، وبناءً على جميع ما سبق، نقول: مَن اقتصر مجال الشك أو الإنكار عندهم على خصوص العقيدة دون فعل أو قول يهدم مقومات المجتمع، فهؤلاء: إن ستروا أمرهم، ففي الستر حماية لهم، حيث يتعاملون مع المجتمع بظاهر أمرهم، والله يتولى المغيب منهم.. وإن ظهر منهم شك أو جحود، وصرحوا بذلك و/أو كتبوا فيه الكتب والدراسات، فليدخل العلماء والمختصون معهم في حوار بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن؛ حوارٍ طويل ليس له أمد معين.. وإذا أرادوا إغلاق باب التحاور بينهم وبين العلماء، مكتفين بما استقروا عليه من اعتقاد جديد، فلا تثريب عليهم.. مع ضرورة ألا يترك العلماء أي شبهة دون دراسة - بل دراسات- تزيلها وتقرر الحقيقة فيها (26).

القرآن الكريم قاطعٌ في الاقتصار على العقاب الأخروي للردة - إذ العقاب الدنيوي عليها إكراه على الإيمان؛ وقد نفاه القرآن-.. والسنة - بإحسان الفهم لها- مبيِّنةٌ أن الارتداد - دون التورط بأية أمور أخرى تحمل معنى العدوان على الأمة وكيانها أو تهديد مواطنيها ومصالحها- لا عقاب عليه في حياتنا الدنيا، بل العقوبة أخروية فقط؛ لأنها لا تتعلق - في هذه الحالة- إلا بـ (حقٍ من حقوق الله الخالصة له).. ومن ثم، فهو سبحانه الذي يتولى - وحدَهُ لا غير- استيفاء حقه ذاك يوم القيامة (27).

3/1/1- ونقصد بـ (الخروج على الإسلام) (28): الاعتداءَ – المادي (29) أو المعنوي (30) - على الإسلام أو المسلمين بما يهدد أمن وسلامة (الأمةِ) أو (نظامِ دولتها) - اللذين يقومان أول ما يقومان على الرؤية الإسلامية- ويُخِل باستقرارهما الديني أو الاجتماعي أو السياسي.. فمِثلُ هذا (مستوجبٌ للقتل)؛ لأنه (تارك لدينه مفارق لجماعة المسلمين)؛ حمايةً للإسلام وأتباعه من الكائدين لهما والراغبين في تحطيمهما.

3/1/2- ولكن الأمر يختلف - ولا بد له أن يختلف- حينَ الحديثِ عن (مجرد إعلان الاختلاف مع ما أتى به الدين وطرح أفكار مغايرة له).. أي حينَ الحديثِ عن (الخروج من الإسلام) بمبعث شعور المرتد بعدم الاقتناع بالإسلام والاقتناع بغيره، فيدفعه ذلك إلى الخروج من الإسلام وإعلان ذلك الاختلاف.. فمثل هذا لا يُقتل، ولا يجوز لنا أن نقتله؛ لأنه (صاحب رأي وفكر)، علاجُهُ (الحوار وكشف الشبهات وإزالة الغشاوات) لا (النطع والسياف) (31). فالردة إذا كانت اختياراً فكريًّا، وصاحبها يعيش في الأمة وينتمي إليها ولا يخرج عليها أو يوالي أعداءها، فإنه يقر على جديد اعتقاده، ويُحاوَر - إن شاء المحاورة- إلى نهاية عمره، ويُدعى إلى الإسلام - بالتي هي أحسن- كما يُدعى الكافر الأصلي سواءً بسواء.

إن ارتداد امرئ ما - مادام لم يقرن ردته بما يقوض أساس الجماعة والمجتمع.. ومادام محترماً لهما ولِمَا يتفرع عنهما من نظم وشرائع- لا يعد خروجاً منه على الأمة ولا نظامها.. ومن ثم، لا يجوز لنا أن نمسه بسوء؛ إذ وضعه - بعد ارتداده- في المجتمع المسلم كوضع غير المسلم فيه.. إذ ما دامت حقوق المواطنة محفوظةً، ومبداً المواطنة متسعاً، للمختلِف عن الجماعة في الدين – أقصدُ غيرَ المسلم في المجتمع الإسلامي- مع كونه خارجاً عن حد الإسلام (32)، فلا يُعَدُّ ارتداد المرء عن دين الجماعة مانعاً إياه من ممارسة حياته بشكل طبيعي داخل المجتمع؛ بجامع التساوي بينهما في المركز القانوني - وهو مفارقتهما لحد الإسلام -.. فما ثبت لفريقٍ يَثبُت للآخَر ولا فرق.

إن جامع ورابط الدولة الإسلامية متسعٌ لمن كفر بعد إيمانه مادامت (الكلمة) - لا (السيف)- هي سلاحه في الخروج عن الإيمان الديني.. إن الردة عن الإسلام إذا لم تشق (الجامع السياسي) للرعية والأمة والدولة الإسلامية - أي إذا لم تسلك سبيل (الخروج والمفارقة السياسية)- فإن صدر الدولة الإسلامية متسع لها؛ لأن (الجامع السياسي) في دولة الإسلام الأولى - على عهد النبي (ص)- قد اتسع لأكثر من دين (33).

وكذلك كان الحال - على عهد النبي (ص)- مع المنافقين - الذين ارتدوا عن الإسلام بقلوبهم، مع إظهارهم الانخراط في جماعة المسلمين- ؛ فلأنهم قد حافظوا على (جامع الوحدة السياسية للأمة والدولة) - ولم ينضموا علانيةً لأعداء الإسلام- لم يقاتلهم أو يقتلهم رسول الله (ص) - حتى عندما كانت تظهر فلتات الألسنة التي تفضح النفاق وتنبئ عن كفر لا شك فيه.. وحتى مع معرفته (ص) بأعيان كثير منهم (34) وحتى مع فضح القرآن الكريم لتصرفات بعضهم وتعريفه لهم بالوصف لا بالاسم- ؛ لقد ظلوا في إطار الجامع السياسي، فظل النبي (ص) محافظاً على مقتضيات ذلك الجامع، ومنبهاً من هَمَّ فطالب بقتلهم على خطأ ذلك (35)؛ إذ هم يعيشون في إطار الأمة الإسلامية ومجتمعها ودولتها؛ لم يفارقوا الجماعة - الأمة- ولم يشنوا عليها حرباً ولم ينحازوا إلى عدوها انحيازاً عملياً ومادياً - وإن كانوا قد ارتدوا عن الإسلام بقلوبهم.. وارتدوا عن كامل الولاء والموالاة للأمة والجماعة بطاعتهم للأعداء "في بعض الأمر" [محمد 26] سراً-.. لقد وقفوا عند حدود (الخيار الفكري) ولم يفارقوا الأمة سياسياً مفارقةً بينة.

وما قصدنا إلى إثباته وتبيينه وتوضيحه وتجليته - من خلال المناقشات المطولة السابقة- هو أن الرسول (ص) قد عرف كثيراً من المنافقين، وعرف أنهم مرتدون كفروا بعد إسلامهم (36)، وواجهه رجل بالتجوير، وأنه يقسم قسمة لا يراد بها وجه الله؛ وهذه ردة صحيحة، فلم يقتله ولم يعاقبه.. فصح أنه لا قتل ولا عقاب على مرتد - لمجرد ردته- ؛ إذ لو كان هناك حد شرعي يُقتَل أو يُعاقَب بمقتضاه كل من كفر بعد إيمان لَمَا تردد رسول الله (ص) في تطبيق ذلك الحد وإنفاذه.

3/2- والقول الفصل في ذلك كله - فيما يبدو لنا- هو أن كل ما يتعلق بالقلب والضمير والعقل؛ أي: (الفكر النظري)- فإن الإسلام - فيما انتهى إليه اجتهادنا- يكفل له الحرية كيفما وقع (37). أما ما يتعلق بـ (العمل التطبيقي) و(الممارسة الفعلية) فيجب أن يبقى محكوماً بـ (التشريعات) و(النظم) السائدة في المجتمع - أي (التشريعات) و(النظم) الإسلامية ما دمنا نتحدث عن المجتمع المسلم؛ إذ ليس من العدل ولا من الحرية أن يُسمَح للأقلية بأن تنخر في النظم السائدة في المجتمع. هذا من (حريات التجاوز) التي لا يقرها العدل. إن الحرية في التصور الإسلامي بنتُ الحق؛ فإذا كان من حقك التعبير عن فكرك، ولا يجوز لأحد أن يمنعك من ذلك- فليس من حقك خرق سفينة المجتمع، ولا يجوز لأحد أن يسمح لك بفعل ذلك. الحرية تقف عند حد الحق؛ أي تقف من دون ما يمس الآخرين؛ اعتداءً على أيٍّ من حقوقهم، أو انتهاكاً لأيٍّ من الحُرَم والعِصَم التي تمس هذه الحقوق.. ومن ثم، فهي خاضعةٌ للقيود التي تستوجبها السلامة العامة أو الأمن العام أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق أو احترام حقوق الآخرين وسمعتهم وحرياتهم الأساسية.. فالحرية إذن ليست طليقة من كل قيد، وإنما هي مقيدة بحقوق الجماعة وحُرُمها وعِصَمها؛ أمناً ونظاماً وصحةً وأخلاقاً (38).

وخلاصة هذا كله أن الردة وإن كانت أفحشَ معصيةٍ - أعاذنا الله وإياكم منها- إلا أنها لا تستوجب العقاب ما لم يترتب عليها (إضرارٌ فعلي بأحد) أو (إخلالٌ عملي بنظام)؛ إذ لا يدخل في باب حرية التعبير عن الفكر والاعتقاد أي (ممارسة عملية) ضد الأوضاع التي تقررها الأمة – أو نظامُ الدولة الممثلُ والمشخصُ لها (39).

3/3- قد يسأل سائل: لماذا كل هذا الاحتفاء بحرية التعبير عن الفكر والاعتقاد؟! وما دليلك – فوق ما سبق ذكره- على صحة ما تذهب إليه؟

فأقول (40): لا يقع إيمانٌ بحقٍ إلا في مناخٍ من حرية الفكر؛ حتى نستطيع استبانةَ وتفَهُّمَ الحقِّ بمعالمه وأصوله ومقتضياته وما يُبتَنَى عليه. فنقتنعَ بصحته وسلامته.. فنؤمنَ به ونعتنقه عن رضا ورغبة.
إن التمكين لحرية التعبير عن الفكر والاعتقاد هو الطريق إلى الحق؛ إذ في البيئة الحرة وحدها يزدهر الإيمان.. ومن ثم، لا يمكن قيد حرية التعبير عن الفكر أو الاعتقاد بدعوى حماية الحق؛ إذ ذلك:

• تدميرٌ للطريق المؤدية إليه.
• ومنعٌ لفَتْنِ (أي: إبراز وإظهار وتمييز) الخبيث من الطيب.
• وحرمانٌ للحق من أتباعٍ يؤمنون به عن بينة وبصيرة، فيَفْدُونه بأرواحهم وما ملكت أيمانهم.
• وتوطئةٌ للإيمان على حرف؛ إن أصاب المؤمنَ خيرٌ اطمأن به، وإن أصابه غير ذلك ولى مدبراً.
إذن، حرية التعبير عن الفكر والاعتقاد هي جزء من (البيئة الحرة) التي (أرادها الإسلام) في الحياة الدنيا؛ ليَمِيزَ الخبيث من الطيب؛ فيحيا من حي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة.
وبناءً عليه، فإن من يرى رأياً يعتقد أن فيه خيراً للناس: له حق دعوتهم إليه، بل يكون آثماً إذا كتمه عنهم ولم يبلغه لهم ليبادلوه الرأي فيه، فإن كان خيراً أجابوه إليه، وإن كان شراً دلوه على ما فيه من شر؛ دليلاً بدليل، وإقناعاً بإقناع دون مصادرة ولا عقاب ولا تعذيب ولا إرهاب (41).
وغيرُ سديدٍ تخيُّلُ تعبيرِ المرتد عن أفكاره أمراً مسيئاً إلى الإسلام أو ناشراً للشكوك؛ إذ إتاحةُ الحرية له للتعبير تُنَشِّطُ من المواقف والحركات - مواقف الدفاع عن الإسلام وتجليةِ أنواره، وحركات إزالة ونفي ما التصق أو أُلصِق به- والمراجعات: ما به تزداد (الدورة الدموية الإسلامية) قوةً وحيوية، وما به تُحفَظ (الأوعية الدموية الإسلامية) من الانسداد، وما به يزداد إيمان المؤمن نوراً على نور، وما به يزول ارتياب المرتاب (42) وينمحي شك الشاك (43).

لقد بيَّن سبحانه النهج الذي يجب أن نسلكه إزاء الآراء المخالفة؛ ألم تر كيف يذكر الله الدعاوى والأفكار والشبهات - مهما كان فيها من إفك أو كفر أو وقاحة- ثم يقفِّي عليها - بالعبارة أو بالإشارة- بما يدحض باطلها - بالحجة والمنطق (44). لم يأمر الله تعالى في أي حالة منها بقطع ألسنة القائلين ولا بإيداعهم السجون ولا بإطاحة رؤوسهم ولا بإنزال العقاب والعذاب بهم. لم يأمر بأي من ذلك، وإنما فند الزيغ بالبرهان، وبعث عليه جنوداً من (حجج الحق) يتعقب بها (فلول باطله)؛ فمحى آية الليل وجعل آية النهار مبصرة.

إن التعددية في الإسلام إذن ليست خياراً سياسياً أو إنسانياً فحسب، بل هي فوق ذلك وقبله سنةٌ من سنن الله في الخلق والفكر والاجتماع الإنساني.. ثم إن الإسلاميين أنفسَهُم سيكونون هم الخاسرين - قبل غيرهم- إذا تم تقييد حرية التعبير عن الفكر والاعتقاد.. ومن مصلحتهم - قبل غيرهم كذلك- فتحُ أوسع أبواب الحرية أمام الجميع؛ إذ بالحرية سيكسبون الملايين، ولن يخسروا بحرية الفكر المخالف للإسلام إلا أفراداً قلائل قد يكون التخلص منهم مكسباً كبيراً – "من ذهب منا إليهم: فأبعده الله" (45). فمن خلال الحرية تتحقق مصلحة الإسلام.. إن الإسلام دائماً يطلب البرهان: (هاتوا برهانكم) [البقرة 111]، (هل عندكم من علم) [الأنعام 148]. أما الشرك والمشركون فهم من يقف مع مصادرة الفكر ويرفض الجدال والحوار والمناقشة – (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون) [فصلت 26]. إن الآراء الفكرية المخالفة لا تعالَج إلا بالدراسة الموضوعية، لا بتكميم الأفواه وكبت الحريات..

والذين يريدون تكميم أفواه خصومهم ليس من حقهم الشكوى إذا كمم خصومُهم أفواهَهُم!!
ثُمَّ إنَّ الحوار الموضوعي الجاد الصبور مع الجيل المستلَب حضارياً - من ضحايا التغريب الفكري والثقافي.. والذي رشحت على إيمان بعض أفراده بقع من الزندقة والشك والإلحاد - هو الطريق الوحيد لإطْلاعهم: على حقيقة الإسلام التي جهلوها، فتصوروه، أو صُوِّر لهم، خرافاتٍ وأساطير.. وعلى حقيقة تراث أمتنا الذي صُوِّر لهم أكفان موتى تعوق الحركة والتقدم والانعتاق.. وعلى ما يتميز به إسلامنا: من (عقلانية مؤمنة) تجعل التفكير والتفلسف فريضةً إلهية، ومن إيمان مؤسَّسٍ على معارف عالمي الغيب والشهادة؛ آياتِ الله في كتابه المسطور - القرآن الكريم- وكتابه المنظور - الكون الفسيح-.. ونحن إذا كنا نرفض - باسم الإسلام - كل ألوان الإكراه التي تخلع المسلم عن الإيمان الإسلامي، فإننا نرفض كذلك - وعلى ذات المستوى.. وباسم الإسلام أيضاً- كل ألوان الإكراه التي تتغيا إعادة إنسان ما إلى هذا الإيمان؛ فالإكراه على الباطل قبيح ومدان، والإكراه على الحق لا يجدي في تحصيله فتيلاً؛ لأن الإكراه لا يؤسِّسُ إيماناً، ولا يثمر سوى النفاق الذي هو أخطر وأضر من الكفر البواح. 3/4- ومما يزيد اجتهادنا هذا - في مسألة حد الردة وفي مسألة حرية التعبير عن الفكر والاعتقاد- قوةً ورجاحةً، أننا رأينا أفراداً من المسلمين، جهروا في وقت ما بـ (عقائد وأفكار وانتماءات) مخالفة للإسلام، وأخرج بعضهم كتباً ودراسات في هذا الشأن، ثم شاء الله تعالى لهم أن يعودوا عوداً قوياً إلى حظيرة الإسلام، وأن يصبح بعضهم من أفضل المناضلين عنه عن فهم وبصيرة؛ حيث تسلحوا بمقولات الضالين وأحاطوا بها وقت ضلالهم، فلما هداهم الله للرجوع إلى الحق، كانوا من أعظم المنافحين والمدافعين عنه، والداعين له.. ولو أنه استُعجِل عليهم بالقتل لما كان في ذلك أية مصلحة، بل لكان فيه ضرر من وجوه كثيرة.. فالأناة والرفق إذن فيهما كل خير. 4- مما سبق جميعه يتضح أنه في جميع الأحوال تبقى قاعدة "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" أصلاً سالماً مسلَّماً، لا يمكن نسخه ولا نقضه، ولا القبول بأي شيء ينفيه أو يقيده أو يخصصه، كلياً أو جزئياً.

الإشارات المرجعية للجزء الثالث

16 - الكليات الأساسية، الريسوني، ص (113- 114، 115، 116). ولا إكراه في الدين، العلواني، (ص 93، 94، 155، 159، 175، 190، 149، 150، 160، 111، 112، 113، 115- 116). وفي أصول النظام الجنائي الإسلامي، د/ محمد سليم العوا، (ص 183 - هامش). والجنايات - وعقوباتها في الإسلام- وحقوق الإنسان، د/ محمد بلتاجي، (ص 19، 20، 21، 24- 26). والتفسير الماركسي للإسلام، عمارة، (ص 28- 29). وجريمة الردة وعقوبة المرتد، د/ يوسف القرضاوي، (ص 35- 36). والحرية في الإسلام، عاصم حفني، (ص 12، 16). والردة : الخروج (من) أم الخروج (على) ؟، د/ كمال المصري، مقال منشور على موقع إسلام أون لاين (وقد استفدنا من هذا المقال بعض كلمات وعبارات لا غير. ولكن كاتبه - شكر الله له جهده- لم يُحكم التفريق بين الخروج من الإسلام والخروج عليه. وأحمد الله أني قد استوفيت بيان ذلك وتوضيحه وتجليته في بحثي هذا بما لا تجده في مكان آخر. فضلٌ من الله ونعمة). وحرية الفكر في الإسلام، الصعيدي، (ص 80). والحرية الدينية، الصعيدي، (ص 69، 83، 143، 129، 130- 131، 133، 78- 79). والإسلام والتعددية، د/ محمد عمارة، (ص 12- 13). والمحلى لابن حزم، 11/ 201- 227. والحوار الإسلامي العلماني، المستشار/ طارق البشري، (ص 98، 100، 102). و تفنيد دعوى حد الردة، جمال البنا، (ص 91، 48).

17 - لتوضيح ذلك وتفصيله، انظر: الكليات الأساسية، الريسوني، (ص 106- 116). الموافقات للشاطبي، (3/ 339، 365، 366).

18 - لتوضيح ذلك وتفصيله، انظر: الكليات الأساسية، الريسوني، ص (106- 116). الموافقات للشاطبي، (3/ 289).

19 - رواه البخاري (6922) والنسائي (4060) والترمذي (1458) عن عكرمة عن ابن عباس. ورواه النسائي (4065) عن أنس عن ابن عباس.

20 - رواه البخاري (6878) ومسلم (1676) والنسائي (4016)، واللفظ للأخيرين، وهو أصح ألفاظ هذا الحديث، وتفصيل ذلك لا يتسع له المقام.

21 - مادة (ف ر ق) في اللغة العربية، قد وجدنا معناها كالآتي:

(فَرِقَ): جَزِع واشتد خوفه.

و(الفَرِقُ) و(الفَرُق) من الرجال: شديدُ الفزع جبلةً.

و(فارقه) مفارقةً وفِراقاً: باعده وقطع ما بينه وبينه.

و(أفرقَ) الرجلُ غنمه: أضلها وأضاعها.

و(أفرقَ) فلاناً: جعله يخاف أو يجزع.

وأما مادة (ف ر ق) في القرآن الكريم، فقد وردت كالآتي :

(يفرَقون): يخافون [التوبة 61].

(فِراق): الفُرقة [الكهف 78].

(فِراق): الانقطاع التام - وهو في الآية: الموت- [القيامة 28].

(فارقوهن): اتركوهن وطلقوهن [الطلاق 2].

[ انظر: المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، 2/710- 711. ومعجم ألفاظ القرآن الكريم، مجمع اللغة العربية، 2/848- 850 ].

وبناءً على ذلك : يتضح تماماً أن وصفَ (مفارقةِ الجماعة): وصفٌ (تأسيسيٌ مُنشئ) منفصل عن - ومضاف إلى- (ترك الدين).. لا وصفٌ (كاشف) لـ (مجرد ترك الدين) - كما قال بعض كبار العلماء قديماً وحديثاً-.. إذ ليس كلُّ تاركٍ للدين مفارقاً للجماعة، كما أنه ليس كلُّ مفارقٍ للجماعة تاركاً للدين.

22 - ورعاية الوطن من مقاصد الإسلام.. وإنما قلتُ: "رعاية"؛ لأنها (حفظ) و(تنمية)؛ أي (حفظ) بـ (السلب) و(الإيجاب)، لا بـ (السلب) فقط.. وتفصيل ذلك لا يتسع له المقام.

23 - أخرجه البخاري (18، 6784).

24 - أخرجه مسلم (1784).

25 - ومن أمثلة إساءة استخدامه - كما يحدث في مصر في بعض الأحيان- : اعتناقُ المسيحي للإسلام بغرض طلاق امرأته - إذ المسيحية الأرثوذكسية تمنع الطلاق كما يقول بطاركتها- ثم الارتدادُ من فوره إلى مسيحيته بعد انقضاء وطره !!.. بيِّنٌ أنَّ هذا (تلاعبٌ بالأديان) يجب أن يُعاقب فاعله أشد العقاب.. أليس في هذا إهانةٌ لدين الإسلام واحتيالٌ على أحكام المسيحية وتلاعب بها ؟! وكأن الإسلام عنده - والعياذ بالله- (منديلُ حمَّام) يَرمِي به بعد أن يقضي منه حاجته !! ما أجدرَ أن ينَكَّل بالفاعل.. والله إنه بذلك لجدير!

26 - أما سياسة (تسميم الآبار) و(الدس في الخفاء) التي تتبعها الحملات التبشيرية - باستهدافها لعوام المسلمين من خلف ظهر دولهم؛ بنشر كتب التشكيك في الإسلام وعقائده وأحكامه بينهم- فإن ثبت على أحد أنه منهم أو ملتحق بهم أو متعاون معهم؛ فإن جزاءه القتل - أو العقاب- لا محالة؛ إذ هو يسعى لفتنة المسلمين عن دينهم - باستغفال دولهم؛ المنوط بها حفظ دين وتدين أفرادها؛ إذ لا يوجد فردٌ إلا ويسعى قدر طاقته للحفاظ على دينه وتدينه-. والفارق بَيِّن - لا يحتاج إلى إيضاح- بَيْنَ (فتحِ المجال للمساجلات والمناظرات والمواجهات والمبارزات الفكرية العلنية؛ ليؤمن بعدها من شاء الإيمان أو يكفر ويرتد من شاء الكفر والارتداد) و(محاولةِ تحويل عوام المسلمين عن دينهم؛ عن طريق التغرير بهم أو التلبيس والتدليس عليهم؛ باستغلال جهلَهم أو حاجتهم وفاقتهم وسوء أوضاعهم).

27 - سيأتي لذلك مزيد بيان تحت فقرة: سادساً.

28 - وقد ذكرنا المقصود به مِن قَبْلُ في إحكام وحصر، فانظره – غيرَ مأمور- تحت فقرة (قبل أن نبدأ) أولَ هذه الدراسة عن الردة.

29 - بالخروج على الأمة: إما بالبغي عليها والحرابة لها، وإما بالانضمام إلى صفوف الأعداء المحاربين لها.. أي: مفارقة الجماعة ومحاربة الأمة وخيانة الدولة - لا مجرد الإلحاد في الدين أو الرجوع عن الإسلام بعد الإيمان به.

30 - لقد أصاب البعضَ غبشٌ في الرؤية حول مسألة (الاعتداء المعنوي على الإسلام).. ولإزالة هذا الغبش نقول: إن الإسلام مقومٌ من مقومات المجتمع المسلم، و(التعدي المعنوي) على الإسلام في مثل هذا المجتمع - بالسب والقذف والاستهزاء.. وهو ما يمكن تسميته بـ (الحرابة الفكرية)- هو (هدم) لمقوم من مقوماته و(إيذاء) لمشاعر المؤمنين به.. ومقومات أي مجتمع في الدنيا (ثوابتٌ) لا يبيح (حرية هدمها)؛ وليس هذا ضِيقًا بالحرية، وإنما لأن العدوان عليها - أي على تلك المقومات الثوابت- هو عدوان على حرية الآخرين. إن الإسلام يحترم حرية الفكر لكل فرد من الناس مادامت محكومةً بحسن النية وشرف الوجهة.

31 - إن مناط الثواب والعقاب في الإسلام هو العقل والإرادة والحرية؛ إذ العقل هو مناط التكليف.. والاستطاعةُ شرطٌ فيه.. وركن الاستطاعة يقتضي (حرية الإنسان في اختيار فعله)؛ ليترتب عليه مسئوليته عنه.

32 - مفهوم أهل الذمة الفقهي مساوٍ - في جوهره- لمبدأ المواطنة القانوني.. وتفصيل ذلك لا يتسع له المقام.

33 - وقد جاء في صحيفة المدينة - ذلك الاتفاق الذي وقعه النبي (ص) مع اليهود- : "يهود أمة مع المؤمنين.. لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم.. وعلى اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم.. وبينهم النصرة على من حارب أهل هذه الصحيفة.. وبينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم.. وما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار فإن مرده إلى الله وإلى محمد رسول الله". [انظر : مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة، جمع وتحقيق د/ محمد حميد الله الحيدر آبادي، ص (39- 47). وقد حقق أستاذنا العلامة/ عبد الله بن يوسف الجديع ثبوت نصوص صحيفة المدينة هذه في جزء لم يُنشَر بعد].

34 - لقد أمر الله رسوله بجهاد الكفار والمنافقين "يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم" [التوبة 73] ؛ فكيف يأمر الله رسوله بجهاد المنافقين وهو لا يعلم أعيانهم - كما يدعي البعض؟! ولقد قال الله تعالى فيهم: "هم العدو فاحذرهم" [المنافقون 4]؛ فكيف ينص جل شأنه على ذلك ويحذر منهم كل هذا التحذير، ثم يقال بعد كل هذا أن النبي (ص) لا يعرفهم بأعيانهم؟! وكيف يخفى أمرهم على النبي (ص) وقد قال تعالى مخاطباً رسوله: "ولتعرفنهم في لحن القول" [محمد 30]؟! وكيف يخفى نفاق المنافقين على النبي (ص) وهم يعيشون بينه ويجالسونه؛ فتبدوا عليهم أمارات النفاق وإن حاولوا إخفاءها؛ لأن ما تنطوي عليه القلوب ظاهر لا محالة - ولو بعد حين- على الوجوه وفي الحركات والسكنات:

ومهما يكن عند امرئ من خليقةٍ وإن خالها تخفى على الناس تُعلَم

* وقد يدور في ذهن البعض - إذا ما سَلَّم بما سبق- تساؤل : كيف يأمر الله رسوله بجهاد المنافقين والغلظة عليهم وأنت تدعي أن المنافق - في الإسلام- لا يُتعرَّض له بسوء مادام محافظاً على مقتضيات الجامع السياسي؟! فأقول: لقد أمر الله بجهاد الكفار، فهل هذا يعني أن نرفع راية الجهاد والإغلاظ في وجه كل كافر مسالماً كان أم غير مسالم، أم أن الصواب - الذي يقتضيه فهم النصوص الجزئية في ضوء مقاصد الإسلام وثوابته وكلياته- أن تُرفَعَ في وجه كل كافر محارب لا غير؟.. وكذلك الشأن في المنافقين؛ فإنما يُجاهَد منهم ويُغلَّظ عليه: مَن اشتد كيده للمسلمين أو اشتدت وطأته عليهم وأذاه لهم – أي "أولوا الطول منهم" [التوبة 86] -.. فجهادنا ليس موجهاً لكل المنافقين، وإنما لـ "طائفةٍ منهم" [التوبة 83].. ثم إن كيفية المجاهدة والإغلاظ لم تعينها الآية؛ لتترك لنا فسحةً نستطيع من خلالها أن نتعامل مع من أمامنا - من الكفار المحاربين والمنافقين العتاة- بحسب حاله؛ تارةً بالعقاب، وتارةً بإظهار الحجة، وتارةً بتجنب الرفق بهم، وتارةً بالانتهار.. إلخ.. ولذلك وجدنا القرآن الكريم يأمر النبي (ص) بمنع (عتاة المنافقين) لا (كل المنافقين) - انظر: [التوبة 81- 84]؛ إذ لفظ الآيات وسياقها يدلان بما لا مجال للشك أو المجادلة فيه على أن المقصود بما سيأتي فيها من أحكام هم المخلفون الذين فرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله، والذين كرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم، والذين حاولوا تثبيط المجاهدين بقولهم "لا تنفروا في الحر".. فهم إذن ليسوا منافقين عاديين، وإنما من عتاة المنافقين- من الغزو معه طيلة حياتهم.. ويمنعه من الصلاة عليهم والدعاء لهم بعد مماتهم.

* وقد يعترض البعض أيضاً على ما نذهب إليه بقوله تعالى: "لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً. ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلاً" [الأحزاب 60- 61].. فها هو الله تعالى يتوعد المنافقين ويغري بقتلهم، فأين هذا مما تدعيه؟! فأقول: لئن لم ينتهوا عن ماذا؟ هذا هو مربط الفرس في فهم هذه الآيات.. والسياق التي وردت فيه يدل - بوضوح وبغير تكلف- على أن معناها : لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة عن إيذاء الله ورسوله والمؤمنين والمؤمنات لنغرينك بهم - راجع: [الأحزاب 57- 61] -.. ومن ثم، فلا حجة لك فيها؛ إذ إغراء النبي (ص) بقتلهم لم يكن على نفاقهم، وإنما على أذاهم وإيذائهم.

* والمقصود الذي نرمي إليه من وراء تلك المناقشة المطولة هو إثبات أن المنافق وإن كان مرتداً يقيناً فإنَّا لا نقتله ولا نقاتله ما دام مستمراً في مسالمته لنا – حتى وإن أفلت منه ما يدل على ارتداده وعدم إيمانه-.. فإنزال العقوبة بالمنافق إنما يدور على إظهاره العداء والقتال لا على مجرد ظهور ما يدل على كفره رغم إظهاره الإسلام.. فإذا كان ذلك كذلك، فإن المرتد الصريح عن الإسلام يجب أن يُعَامَل معاملة المنافق؛ أي أن يُسمَح له بما يُسمَح للمنافق؛ أي أن يعيش مواطناً غير منقوص الأهلية أو الحرية في دار الإسلام.

35 - عن جابر (رض) قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وكان من المهاجرين رجل لعاب، فكسع أنصارياً، فغضب الأنصاري غضباً شديداً حتى تداعوا، وقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما بال دعوى أهل الجاهلية؟ ثم قال: ما شأنهم. فأخبر بكسعة المهاجري الأنصاري، فقال النبي (ص): دعوها فإنها منتنة. وقال عبد الله بن أبي سلول: أقد تداعوا علينا، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق؟.. فقال (ص): دعه، لا يتحدث الناس أن محمداً كان يقتل أصحابه. [ رواه البخاري (3330، 4622) ومسلم (2584) ].

وعن عبد الله بن مسعود (رض) قال: لما قسم النبي (ص) قسمة حنين، قال رجل من الأنصار: ما أراد بها وجه الله، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فتغير وجهه ثم قال: رحمة الله على موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر. [ رواه البخاري (4080) ].

فها نحن - في كلا الحديثين- أمام منافق - ثبت نفاقه بما لا يدع مجالاً للشك- ومع ذلك اعتبره النبي (ص) من أصحابه؛ لأنه قد حافظ على الوحدة السياسية للأمة والدولة، وشارك في معاركها، وكان له - كغيره- نصيب من غنائمها.. واستعاذ (ص) بالله من أن تتسامع الأمم أن محمداً يقتل من حافظ على الوحدة السياسية للأمة - حتى ولو كان قد فارق الإيمان الديني بالنفاق.

36 - انظر: [ التوبة 65- 66، 74- 80 ] - [ محمد 25- 28 ].

37 - إذا أتى المسلم أو صرَّح بما يخرجه من دائرة الإسلام، نبهناه إلى ذلك - ولا يقوم بهذا إلا الراسخون في العلم- فإن أصر عليه وتمسك به - بعد توضيحنا له ما بمواقفه من مناقضةٍ قطعية للإسلام وأصوله وثوابته- أصبح مرتداً عن الإسلام؛ نعامله معاملةَ المسلم لغير المسلم، دون منعٍ أو مصادرةٍ لرأيه أو فكره - مع ضرورةِ ألا نترك شبهةً إلا ونفندها ونرد عليها بما يثبت زيفها وبطلانها- على التفصيل الذي أوضحناه وسنوضحه إن شاء الله.

38 - الحرية في الإسلام، إذن، (حريةٌ منضبطةٌ)؛ والأرض باتساعها وطولها وعرضها لها نهاية ولها حدود؛ غير أن مساحة الوسع في مربع الأرض يكاد يجعلها بلا حدود.. وكذلك الحرية في الإسلام - على ما أوضحناها وفصلناها.

39 - فإذا ارتد مرتد فلن نمسه بسوء إلا أن يقف منا موقف الخصم؛ يتمنى لنا الشر ويتربص بنا الدوائر.. ولن نشتبك معه إلا إذا وصل إلى مرحلة التخلي والتعري عن الشرف والعدالة في السلوك والسياسة - أي: في واقع الممارسة الفعلية.

40 - حقوق الإنسان، محمد الغزالي، (ص 60، 58). والإسلام وحرية الفكر، جمال البنا، (ص 107- 108، 72، 73، 110- 111، 96). وتفنيد دعوى حد الردة، جمال البنا، (ص 96). والحرية الدينية في الإسلام، الصعيدي، (ص 13). وحصاد قلم، د/ محمد عبد الله دراز، (ص 59). والتفسير الماركسي للإسلام، عمارة، (ص 9- 10، 11، 119- 120). والجنايات وعقوباتها، بلتاجي، (ص 23). والكليات الأساسية، الريسوني، (ص 116).41 - ثم إن العقل الدؤوبَ المكافحَ الباحثَ عن الحقائق والمتحري لها لن يؤوب من سياحاته القريبة والبعيدة إلا بما يدعم الإيمان - في العاجل أو الآجل- أو بما يحترم المؤمنين - على أقل تقدير.

42 - وقد حدث في مصر - عام 1937م- أن ارتد الأستاذ إسماعيل أدهم عن الإسلام مصدراً كتابه " لماذا أنا ملحد ؟!"؛ عارضاً فيه مبررات ردته ومدافعاً عما انتهى إليه من إلحاد.. فكتب العلامة محمد فريد وجدي " لماذا أنا مسلم ؟"؛ مفنداً فيه دعاوى إسماعيل أدهم، ومجلياً مزايا الإيمان والإسلام.. فكان سجالاً حضارياً فريداً تحققت فيه الحرية الفكرية كاملةً، وفي نفس الوقت، لم يضار الرجل - كما يدعو البعض الآن- ولم يُحِق بالإسلام ضرر - كما يتخيل البعض حدوث ذلك- ؛ إذ بقيت مصر إسلامية حتى الآن، وظل الناس على إيمانهم إلى اليوم!

43 - إن حفظ وتثبيت إيمان المؤمن إنما يكون بـ (المناعة) لا (المنع)؛ أي برفع (قدراته المناعية ومستوى وعيه الثقافي والإسلامي) لا بـ (منع الآخر من التعبير).

ثم إن منعه من طرح أفكاره في النور والعلن كثيراً ما يحفزه على نشرها وإشاعتها خفية وفي الظلام، وكثيراً ما يُكسبه من التعاطف والأهمية ما ليس هو أهلاً له شخصأ أو فكراً، وكثيراً ما يحوله في ظن بعض الناس من "مشوش فكرياً" إلى "شهيد للفكر والحرية"!

44 - انظر: البقرة 116 - آل عمران 181 - النساء 153 - المائدة 64، 73 - النحل 101 - سبأ 43 - يس 18 - الفرقان 5.. إلخ.

45 - جزء من حديث للنبي (ص) مر علينا قبل قليل. أخرجه مسلم (1784).



RE: حكم الردة في الإسلام التعزير وليس القتل - TERMINATOR3 - 09-21-2011

الزميل فارس اللواء
تحياتى

الزميل الفاضل ارجو ان توضح مقصدك بنقل تلك المقالات ، فالمسلمون فكرهم لا يتغير فى هذه الجزئية وتلك هى المشكلة فكل ما تنقل وما تحاول توضيحه هنا سيطير كما الدخان اتعرف لماذا ؟
لانه يجب تغيير العقول قبل هذا !!
فما فائدة هذا اذا كان مشايخ الفضائيات ينادون بعكس ما تنقله لنا !

لابد ان تتغير العقول ثم الافكار ومن ثم تتبدل العموميات الى خصوصيات ثقافية وهكذا ..