حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
زمن المثقف الأخير. - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: زمن المثقف الأخير. (/showthread.php?tid=15398) |
زمن المثقف الأخير. - بهجت - 08-28-2006 هذا الرفض للثقافة يكون طبيعيا في موروث عقدي يرى النقاش (المجادلة) و حرية التفكير (الشك و الإلحاد ) و الحوار ( مخاصمة الله ورسوله ) كلها أسس للثقافة و كلها من علامات الشرك و العياذ بالله ! . الأخوة الأعزاء و الزملاء المحترمون (f) بالمناسبة أين الزميلات ؟. بداية دعونا نرحب بالزميل مورجن السياسي البارع و الذي يشاركنا ثرثرتنا النخبوية للمرة الأولى ، أيضا أرحب بالعزيز وليد صاحب البيت و صاحب العطاء الثقافي المتوهج . اسمحوا لي أن أخصص هذه المداخلة للتعليق على المداخلات من جانب واحد فقط هو تعريف الثقافة و تحديد مفهومها و أبعادها . أؤكد أن هدفي ليس الإتفاق بل الإختلاف و التبادل الحر للأفكار و هذا ما أراه يتحقق ، أود أيضا التركيز أن هدفي من تعريف الثقافة و تحديد مفهومها ليس دراسة الثقافة لذاتها و لكن كمدخل للحوار حول المثقف و المثقف العربي تحديدا ،و في هذا المجال سأرحب بأي تعريف مخالف للثقافة يحقق هذا الهدف ، تعريف يصلح كمعيار لتحديد المثقف و تفيمه ، فلو تبنينا مفهوم الثقافات المجتمعية مثلا فكيف سنحدد المثقف ؟، ألن تكون النتيجة المنطقية أن يصبح الحاج عبده القللي الممثل القياسي للثقافة الشعبية الريفية فيبرع في الإستجمار و يقبم الصلوات في توقيتها و يرتدي الزعبوط و الدفية أكثر ثقافة من نجيب محفوظ و أن تكون سوزانا الكونجولية و التي تجيد الرقص الأفريقي فلا تتوقف عن هز صدرها و أردافها أكثر ثقافة من سيمون دي بوفوار ؟، و يكون تانج لي تونج الطباخ الصيني البارع هو لا مهاتير محمد أشهر مثقفي ماليزيا ، كما يكون أبو مصعب الزرقاوي مؤسس ثقافة الذبح الأصولية و ليس إدوارد سعيد هو رمز المثقفين العرب المعاصرين.لهذا هناك عادة تفرقة بين الثقافة culture( مفرد ) و الثقافات cultureS( جمع ) الأولى تعني ثقافة إنسانية مشتركة نخبوية بالطبيعة و الثانية تعني ثقافات مجتمعية متعددة شعبية بالتعريف .مع حفظ الألقاب و التقدير سوف أستعرض الآن ردود الزملاء حول تعريف الثقافة 1- نبيل نائف : (فالثقافة هي الأداة الأكثر فاعلية في التحكم في مسيرة تطور الإنسان الآن . وكذلك نشوء وتطور الحضارة البشرية بكافة أشكالها هو نتيجة استخدام الثقافة ) أتفق مع كل كلمة . 2- رحمة : يتخذ موقفا متشككا و معاديا للثقافة كمنتج إنساني عالمي من القيم و الأفكار و الممارسات الراقية المتحضرة و يراها مخادعة و معادية ، و يتبنى في مواجهتها مفهوم الهوية ، و يميز رحمة كونه واضح و يعرف ما يريده و لديه منطقه الخاص ، لهذا لا يمكن إحلاله بآخر من الإسلاميين الدوجمائيين ، فقط أتمنى أن (يرحمنا ) من اللغة الأيديولوجية التي تناسب السياسة لا الموضوعات الفكرية . 3- زياد : ( ( الثقافة ) تعبير مطاط جدا ، بالعربية و بالانجليزية ، يبدأ بالطابع الفني و الأدبي و الاجتماعي لحضارة معينة) ، هذه ملاحظة هامة جدا . 4- خالد : ( الثقافة هي معرفة، وذات علاقة متينة بالسلوك، فهي تهدف أولا وأخيرا إلى ثقف السلوك، أي تقويمه وفقا لوجهة النظر عن الحياة التي يتبناها صاحبها) .يذهب خالد في مفهومه للثقافة إلى المفهوم الأخلاقي ،و هذه إضافة أيضا هامة لأنها تعبر عن وجهة نظر خاصة . 5- آمون : ينفرد آمون كعادته بتعليقين مميزين هما ( لعل مقدمة ابن خلدون هي النموذج التراثي العربي الأوحد في التعامل النقدي مع "الثقافة" بمفهومها العريض ولكن دون ان يسميها ثقافة ، وعلى ما أتذكر استخدم ابن خلدون عبارات مثل "طبائع القوم" و "جملة مسالك القوم" أو شيء من هذا القبيل) فهو يشير إلى سبق أحرزه معلم كبير للبشرية و ( مثقف ) لامع هو ابن خلدون ، أيضا ( لكن المفردة "ثقافة" (ومشتقاتها) بالمعنى الذي يدور حوله موضوع هذا الشريط ، ليست أصيلة في اللغة العربية بل استدخلها سلامة موسى إلى العربية استدخالا كاجتهاد منه في ترجمة كلمة Culture ) هذه المعلومة أيضا معلومة توثيقية هامة لأنها تشير إلى حقيقة مهجورة هي دور سلامة موسى في نشر مفهوم الثقافة بين قراء العربية ، و كثير من كتب سلامة موسى تدور حول مفهومه للثقافة و منها كتاب خاص بعنوان ( التثقيف الذاتي ) و كتب أخرى تحدثت عن رؤية متميزة في اللغة و الأدب و الثقافة . 6- مالك : "ان الثقافه هي ما يبقى عندما يتم نسيان كل شيئ" تعبير بليغ و صادق أيضا ، أما تعريف المثقف فسأعود إليه لاحقا . 7- ليلين : مداخلة مميزة و لكنها لم تتعرض لمفهوم الثقافة و سنعود إليها لاحقا عن مناقشة مفهوم المثقف . 8- مورجن : كما تلاحظ فاختيار النموذج الإرشادي ( الباراديم ) للثقافة الذي أعمل عليه تم ليلائم هدف الدراسة و ليس دراسة الثقافات أو المفاضلة بينها ، يا عزيزي لقد ضربت أمثلة فقط لتحديد الإطار أو طبيعة النموذج الذي أتبناه ، مجرد أمثلة ، فالمثقف طبقا لهذا المفهوم ليس منتجا مصمتا أحاديا بل هو منتج شديد التنوع و لكن ضمن إطار بعينه ، فمن يفضل الرقص الشرقي او الإيقاعات الفلولكلورية كالكازاتشوك الروسية على الباليه ، من يفضل تمثال بنت البلد مثلا عن تمثال الملك داوود ، و من يفضل ألف ليلة و ليلة على روايات تولستوي ، ومن يفضل أشعار الأبنودي على أشعار وردذورث أو ت . س. إليوت لن يطرد من جنة المثقفين ( هي في الحقيقة جحيم ) ، و لكن من يرفض الفنون كلها كشيء حرام لن يكون منطقيا مثقفا وفقا لهذا المفهوم ، عزيزي .. إختيار النماذج الأوروبية كمنتجات ثقافية قياسية ليس لأنها الأفضل أو كونها الوحيدة ،و لكن لأن أوروبا هي مستودع الثقافات العالمية و مركزها خلال 200-400 سنة الأخيرة ،و هي الفترة التي انتجت كل المكونات المادية و الفكرية التي نعبش بها الآن ، خلال تلك الفترة أصبحت باقي الحضارات خاصة الحضارة العربية الإسلامية خاملة تماما بل أضحت ثقافة ميتة بالفعل ، لهذا أصبح الإحياء الثقافي يعني محاكاة الثقافة الغربية بشكل أو آخر .أريد أيضا التأكيد ان مفهوم الثقافة الآن و منذ منتصف القرن الماضي لم يعد مقتصرا على المنتجات الفنية و الذاتية المتميزة فقط بل يمتد أيضا و في العمق إلى الثقافة العلمية التي أضحت ضرورية للمثقف المعاصر ،و لعل أبرز العلامات في هذا المجال دعوة سنو منذ عام 1959 لجسر الهوة بين الثقافتين العلمية و الإنسانياتية humanities .أؤكد أيضا أني لم أحسم أي نقاش من أي نوع و سوف أتقبل أي تعريف آخر للثقافة يحقق إمكانية توفير قاعدة مناسبة لتحديد و تقييم المثقف . 9- وليد : لا أعتقد ان هناك إزدواج في المفاهيم بمعنى أن مفهوم يقوم بدور الآخر ، و لكنها مشكلة اصطلاحية ، ففي اللغة العربية و اللغات الأوروبية هناك كلمة واحدة ( الثقافة (CULTURE للدلالة على أشياء مختلفة تماما ،و لعل التفرقة بين ثقافة و ثقافات ( مفرد و جمع ) و هذا أيضا في اللغة الإنجليزية يتيح نوعا من التفرقة و لكنها لا تزيل الإلتباس تماما ، أما الحديث عن المثقف فسيكون له مداخلة خاصة منفصلة ، (الهجوم على نعت المثقف أو الثقافة إذا ليس هجوما على المعرفة - كدعوة لنقيضها - بل هو الهجوم على الثقافة المخالفة.) أتفق معك و لكن نسبيا فكثيرا ما يكون الهجوم على الثقافة رفضا لما تعنيه من حرية فكرية حتى في إطار نفس الثقافة المحلية ، هذا الرفض يكون طبيعيا في موروث عقدي يرى النقاش (المجادلة) و حرية التفكير (الشك ) و الحوار ( مخاصمة الله ورسوله ) كلها أسس للثقافة و كلها من علامات الشرك و العياذ بالله ! . للجميع كل احترام و كل المنى. زمن المثقف الأخير. - جقل - 08-28-2006 تحية الى الزميل بهجت صاحب الشريط و الزملاء المشاركين لدي بعض الملاحظات .... الثقافة : يبد لوهلة أولى أنه مفهوم مطلي بالزيت , يستعصي أن نمسك بتعريف جامع مانع له , و لا أظن أن هذا الإستعصاء ناجم عن كثافة الضباب الذي يلفه كمفهوم ,بقدر ما هو ناشىء عن "تعصب" المثقف نفسه لما يحمله من أفكار تجعله مدفوعا ليرى أن الثقافة هي ما يحوز عليه و ليس موجودا لدى الآخر , و هذا وجه آخر من وجوه الإختلاف حتى في ما يبدو من المسلمات ننطلق منها أو نبني فوقها.لذلك يمكن أن نعدد تعريفات للثقافة بقدر ما نملك من مثقفين , أو يتوجب علينا توسيع التعريف ليشمل كل الأفكار التي يمكن أن تعبر عنها اللغة بوضوح و يقبلها بعض الناس ,و هذا تعريف يضم تحته علم الفيزياء و الرياضيات و الفلسفة و الإعجاز العددي و جلب الغائب و فك المربوط.ولكن إذا كانت الثقافة بمثل هذا التنوع و الإتساع سيكون من الصعب على شخص واحد الإحاطة بكل هذه الموضوعات دفعة واحدة , ما يعني خلو الساحة من مثقف حاو .أو قد يقتصر المثقف على حقل واحد أو أكثر من حقول الثقافة . من الطبيعي أن لا يقبل الفيزيائي اي حوار من أي نوع مع ضارب الرمل , رغم أن أفكار الرجلين منتجات ذهنية تراكميه , هذا "التجافي الثقافي" , يؤسس لإفتراق قد يتحول الى تضاد ثم الى صراع الهدف منه إحلال ثقافة مكان أخرى , قد لا تكون الأسلحة المستخدمه في هذا الصراع الأفكار وحدها , فقد نال جوردانو برونو لقب "مهرطق" قبل أن يربط الى كومة من الحطب , و كذلك نال سيد قطب لقب "مخرب" قبل أن يشد من عنقه الى حبل من مسد,هذه الأحداث مربوطة "بزمكان", أو دعنا نسميها "لحظة ثقافية", يسود فيها "عرف" معين يتحدد تعريف الثقافة بمقتضاه أو لنقل أن الثقافة عندها تتحدد بتعريف "القوي" لها , و القوي هنا قد تعني القوة العسكرية أو الأكثرية الحاكمة . عندما ننتقي أفكارا بعينها و نرمي ما دونها ثم نسمي السلة التي ملأنا بها منتقياتنا "الثقافة", نكون قد اشعلنا فتيلا في كومة الحطب التي ربط فوقها جوردانو برونو , لا أظن أن هذه الممارسة مشروعة من وجهة نظر "ثقافية", فلا يحق لنا أن نحرق مثلا كل كتب السنة و الأحاديث النبوية , كما لا يحق لنا أن نفجر ثماثيل بوذا ,ففي هذا السلوك قهر قد لا تكون الأدلة "النظرية" كافيه لتبريره ,ومن الناحية الأخرى نكون قد فقدنا فرصة في جعل الأفكار تحتك ببعضها أطول فتره ممكنه لتعطي بعدها أكبر طاقة مختزنه , و نكون كذلك قد دفعنا الأمور لتسير في منحى محدد عن سبق تصور و تصميم و بالتالي فقدنا "الحياد" الواجب توفره في الرجل المشتغل على الأفكار. الثقافة "فيما أظن" هي "سجل" لجميع المنتجات الذهنية "قاطبة" و الطريقة التي تطورت فيها هذه الأفكار, فلا يكفي "مثلا" أن يحفظ هذا "السجل" أن الأرض كروية يجب أن يسجل وجهة نظر بطليموس و كوبر نيك و كبلر و هكذا, اما المثقف فهو الشخص "العارف" الحاوي لهذه الثقافة و المشتغل عليها بشكل نظري محايد,من هذا التعريف اعتقد أن عدد المثقفين نادر جدا.يوجد الكثير من العارفين أو القابضين عن جزء كبير أو صغير من تلك المعارف و لكن المنحازين الى جانب ما, بحكم تبنيه لهذا الجانب أو إتخاذه موقف منها , فهؤلاء قد يكونوا بمعنى ما "عقائديين", يفضلون فكرة على فكرة , و يعملون على ترويجها على حساب فكرة أخرى ,و لكن في الواقع هذا هو الشكل المتعارف عليه للمثقف و يمكن تحت هذا التعريف أن نعد حامد ابو زيد مثقف , و عمرو خالد مثقف. مودتي زمن المثقف الأخير. - بهجت - 08-30-2006 الأخوة الأعزاء .(f) بداية أرحب بالزميل اللامع جقل و بمداخلته المحيرة و الجميلة ،و أرحب بالأستاذ و المفكر ( الهادئ) و العميق معا فرعون مصر و أتمنى أن يعيد طرح مداخلته التي فقدت ، و أبدي امتناني لجميع الزملاء الذين يساهمون أو يتابعون هذا الشريط بكرمهم المعتاد . قبل أن أنتقل إلى فرعية جديدة ، لاحظت أن بعض الزملاء يتعاملون مع الثقافة العالمية / الغربية كما لو كانت كما واحدا وهذا غير صحيح ، فالثقافة الغربية هي ثقافة شديدة التنوع ، إن تاريخ الثقافة هو في نفس الوقت تاريخ الأفكار و الفلسفات و الآداب و الفنون ، لهذا أحببت أن أثبت هنا مجموعة من المراحل و المدارس التي مرت بها الثقافة الأوروبية العالمية و اكسبتها تنوعا فريدا ، هو تاريخ بمعنى واحد فقط .. التتابع الزمني ، و لكنه تاريخ حي متفاعل، هذه الثقافات لم تنسخ بعضها بعضا و لكنها تتعايش بشكل أو آخر ، شهدت نهايات القرن 20انبعاثا و تنوعا ثقافيا و فلسفيا كبيرا ، كما لو كانت كل القبور قد انفتحت و بعث الموتى جميعا .هذا التقسيم اجتهادي أيضا و هو في حاجة بالفعل لمزيد من التدقيق ، لهذا أتمنى ممن لديه اهتماما خاصا أن يصحح لنا ما يراه . تاريخ الثقافة الأوروبية . 1- عصر التنوير Enlightenment: يشير عصر التنوير إلى القرن الثامن عشر في أوروبا أو قد يمتد ليشمل القرن السابع عشر أيضا ( عصر العقل ) ، وهو يعني في تاريخ الثقافة الفترة التاريخية التي أعتمد فيها الإنسان على العقل من أجل إقامة أنظمة أخلاقية و منطقية ، و كانت هناك ثقة كبيرة أن تلك الأنظمة ستهب الإنسان رؤية حقيقية للعالم من حوله ، كانت اكتشافات اسحاق نيوتن أهم حافز كي يعتقد المثقفون أنه يمكن استخدام نفس التفكير المنهجي في جميع مجالات الأنشطة البشرية ، هذه الحركة هي التي أدت إلى قيام الثورة الفرنسية و الأمريكية و استقلال دول امريكا اللاتينية و مهدت السبيل لظهور الليبرالية و الإشتراكية ،تميزت هذه المرحلة بانتشار فن الباروك و الموسيقى الكلاسيكية و الفنون التفليدية الراقية ،وما زالت هذه المرحلة توحي بالكثير لكل الحركات الثقافية .أهم ملامح هذه المرحلة الثقافية هي : حقوق الإنسان ،العلم الجديد ، الديمقراطية ، ولعل أسماء مثل فرانسيس بيكون و إيمانويل كانط وجون لوك و رينيه ديكارت و اسحاق نيوتن و جاليليو و جون ميلتون و دافيد هيوم و بنيامين فرانكلين و توماس بين و.. الهندسة التحليلية و التفاضل و التكامل تبرق في سماء هذه المرحلة التأسيسية . 2- الموسوعيون Encyclopaedists: مؤسسة من حفاظ المعرفة المركزية غير الأكاديمية ، قامت بانتاج الموسوعات و القواميس واسعة الإنتشار ، و برز منها أسماء كبيرة مثل ديدرو و صمويل جونسون و فولتير . 3- الرومانسية ،وهي حركة ثقافية و فنية تأسست في نهاية القرن 18 في غرب أوروبا ، و في جانب منها كانت حركة احتجاجية ضد المعايير الأرستقراطية لعصر التنوير و أيضا محاولة تحرير الطبيعة من العقلنة التي فرضها عليها عصر العقل ،وفي الفنون و الأدب ركزت الحركة على العواطف القوية و التجارب العاطفية ، و ثمنت الحركة اللغة و العادات الشعبية ، كما رأت أن الماضي هو المدخل للمستقبل ، و تبنت الحركة كثيرا من عناصر و آداب القرون الوسطى ، وهذه الحركة ارتبطت بشكل مباشر بقيام الثورة الفرنسية ، كما ارتبطت الرومانسية بفكرة الوطنية بقوة خلال منادتها بتطوير اللغات القومية و تثمين العادات و التقاليد المحلية للشعوب ، هي إذا مدرسة فردية ذاتية حالمة ذات رؤى إنسانية برز منها توماس كارليل و الشاعر ووردزورث و كولردج و لورد بايرون و شيللي و كيتس و روسو و فيكتور هوجو و ستاندل و جوته و الكسندر بوشكين وفي أمريكا برز ايرفنج و ادجار ألن بو و رالف والدو ايمرسون وفي الموسيقى موزارت و هايدن و بيتهوفن . 4- الحداثة Modernism :هي تعبير يشمل مجموعة متنوعة الحركات السياسية و الفنية و الأدبية خاصة في مجال العمارة و الموسيقى و الأدب و التصاميم ظهرت في أوروبا في القرن 19 و حتى عام 1914 ،وهي مدرسة ترفض التقاليد الأسكولارية للمسيحية الأكاديمة و تسعى لتغيير الواقع الراهن ،و تعطي أهمية كبرى لقيم عليا مثل العقلانية و الموضوعية و التقدم و غيرها من القيم التي تمتد جذورها إلى عصر التنوير و الحركات الإيجابية و الواقعية التي سادت في القرن 19 ،و قد نشأت هذه المدرسة في باريس منتصف القرن 19 عندما وجدت أن الفنون و الآداب و طرق المعيشة قد أصبحت مستهلكة و متقادمة لا تلائم العصر ، تحولت الحداثة إلى حركة مراجعة شاملة لكل شيء من أجل خلق حياة إنسانية جديدة متطورة ، ومن أبرز رموزها نيتشه ، هنري برجسون ، سيجموند فرويد و وفي الأدب هناك أسماء لا يحصرها عد منها اليوت و جوزيف كونراد و كوكتو و فولكنر و جيمس جويس و فريدريك جارسيا لوركا و مارسيل بروست و .....، وفي الموسيقى هناك شوينبرج و سترافنسكي و في الفنون التشكيلية هناك بيكاسو و ماتيس و موندريان و ظهرت الحركات التكعيبية و السوريالية و الفافية ، هذه الحركة كانت بالغة التأثير حتى انها أثرت أفكار رجال مثل الإقتصادي كينز . 5- الوجودية Existentialism: هي حركة رفض القيم و المعايير الغربية ظهرت قبل و بعد الحرب العالمية الثانية و ارتبطت بأسماء كبيرة و مؤثرة مثل كيركجارد و مارتن هايدجر و جان بول سارتر ، ألبير كامو ، حنا أرندت و كلود ليفي شتراوس ، هيربرت مارك ، و قد تداخلت مع الثقافة الفاشية و الإشتراكية البازغة خلال الثلاثينات و الأربعينات من القرن 20 ،و بالرغم من وجود أسس مشتركة بين الوجودين إلا أن مواقفهم السياسة اختلفت فبعضهم مثل سارتر الملحد اتجه للشيوعية فترة طويلة من حياته بينما انضم هايدجر للحزب النازي ، إن جوهر الوجودية هو إعادة تأسيس الفردية في مواجهة المجتمعية القائمة على العداء للآخر و التهميش و الاغتراب و العبثية الفردية . 6- ما بعد الحداثة Post-modernism:وهو مصطلح من الصعب تعريفه و لكنه يستخدم للإشارة إلى نوع خاص من التفكير الثقافي الناقد للحداثة ، فهو يتشكك في حقيقة وجود القيم العليا التي قامت عليها الحداثة مثل التقدم و العقلانية ، هذا التعبير يستخدم للإشارة إلى الأفكار التي تناقش مرارا و التي تؤكد أن عصر الحداثة قد انتهى بالفعل ، و يتفق الجميع تقريبا أن أفكار ما بعد الحداثة كان لها تأثير كبير على الفلسفة و الفن و الأدب و تفسير التاريخ و العمارة منذ نهابة القرن 20 ،ومن أبرز ملامحها : التشكك الدائم في قيم الحداثة مثل العقلانية و التقدمية –الاعتقاد أن الإتصالات قامت على الفوضى الثقافية و الأساطير و الأوهام – الإعتقاد بأن التجربة ذاتية ولا يمكن نقلها موضوعيا بواسطة الآخر – السخرية و الذاتية و البداهة – قبول التماثل و الإعلام الجماعي و افتقاد الفردية – العولمة و اللامركزية و . منذ العام 1996 أصبح هذا التعبير مستهلكا كما لاحظ المفكر هال فوستر 7- البنيوية Structuralism : البنيوية هو مقترب تبناه مجموعة من الأكاديمين ترى أن أكثر الظواهر لا تحدث منفصلة و لكن نتيجة العلاقات بينها ،وتقوم البنيوية على استكشاف العلاقة بين العناصر الأساسية من نوع معين ،و هذه العلاقات هي التي تشكل الأساس الذي تنشأ عليه الأبنية المنطقية و اللغوية و الإجتماعية الأعلى ، و البنيوية ظهرت كعلم نفس أكاديمي في القرن 19 و لكنها اختفت لتعود بقوة في منتصف القرن 20 ، لتصبح واحدا من أهم المقتربات الأكاديمية لتحليل اللغة و الثقافة و المجتمع ، ومن أعلام هذه المدرسة فرديناند دي سوسير و كلود ليفي شتراوس الذي أطلق التسمية ، هذه الجهود أدت إلى انبثاق مدرسة البنيوية الفرنسية و التي جمعت مفكرين بوزن لاكان و بولانزاس ، 8- ما بعد البنيوية Post- structuralism : هو مصطلح تاريخي يستخدم لوصف التطور الثقافي في الفلسفة الأوروبية و النظرية النقدية التي ظهرت في فرنسا منتصف الستينات في القرن الماضي وقد ارتبط ظهورها بمظاهرات الطلبة و العمال في فرنسا عام 1968 ، وهناك جدل حاد حول طبيعة هذه المدرسة بل لو كانت هي مدرسة أصلا ، هذه المدرسة تنقد بشدة البنيوية ، فعلى عكس البتيوية التي ترى أن المعني منفصل عن الثقافة ، تؤكد هذه المدرسة أن الثقافة جزء متكامل من المعنى ،وهي تفكك العلاقة بين اللغة و الأشياء التي تعبر عنها اللغة و من أبرز رمزها جاك دريدا ومايكل فوكو و جوليا كريستيفا .. زمن المثقف الأخير. - خالد - 08-30-2006 العزيز بهجت، كما قد قلت في معرض الحديث عن الأصل اللغوي، فهو ليس مقصودا لذاته. إذ أنه قد يحسن بين يدي أي حوار أن تحرر المصطلحات، وذلك لمعرفة أننا نتكلم عن نفس المفهوم، ومنعا لحوار الطرشان. والمصطلح له علاقة ما ضرورية بالأصل اللغوي، وإلا لكان حزيرة وليس مصطلحا، من أجل ذلك انطلقت من الأصل اللغوي وبنيت عليه. زمن المثقف الأخير. - رحمة العاملي - 08-30-2006 حسنا بما ان التعقيب الاول ذهب مع الهاكر الله لا يبارك بجهاد المجانين ساحاول ان استعيد اهم النقاط سيدي الكريم بهجت(f) اذا كنت انا بحسب رأيك اتعامل مع الموضوع على طريقة (المختار الثقفي ) فانت تتعامل معه على طريقة (شحاتة المعسل) اظنك تعرفه حبيب القلوب ...الذي يزيل البقع والكروب يا سيدي انا لا يهمني الخوض بالتعريفات مع ان الاخوة والزملاء وفوا خذ وهات من الاخر ودعنا نتحاور على بساط احمدي(على بلاطة) بعد فلتات لسانك التي افصحت عن مقاصدك الاشكالية الاساسية في أنماط علاقات المثقف العربي بمعنى اوضح تأثير المثقف وتأتره لأنك تعرف تماما ان المثقف في التجربة العربية المعاصرة لم تفارقه السياسة والمجتمع كمواضيع وثيقة الصلة به يؤثر كل طرف في الآخر فاذا لم يكن المثقف على علاقة بالسياسة والمجتمع فهوم اما جاهل او متغافل فما هو مدى صحة ارتباط المثقف بالسياسة تأثيرا وتأثرا وما مدى صحة اليات دخول المثقف لمجتمعه بمعنى آخر منتجاتك الراقية ما مدى حضورها ووضوحها في مفاهيم مجتمعاتنا العربية ؟ لان كل طرحك اعلاه اقصد (الفلتات ) تنم عن امور ثلاثة فاما انك تسعى للبروز الذي قد يضفي عليك أحسن الأوصاف الفكرية سواء فهم المجتمع خطابك ام لم يفهمه او انك تهرب من الواقع إيثارا للسلامة أو عدم القدرة على المواجهة (ليس مواجهتي طبعا ) بل مواجهة مجتمعك او انك تعمل كموظف ضمن حكومات دول غربية كداعية لحكومات الغرب وثقافتها بحسن نية او سوء نية والكلام ليس لك شخصيا انما (لنوع ثقافي يشبهك تماما ) وليست دعوة ضد مثقفي ومفكري الغرب لانهم لا يعانون من هذه الاشكاليات وليس لديهم علاقات غير طبيعية مع مجتمعاتهم وعلى الاقل لديهم مؤسسات ثقافية مراقبة وناقدة وموالية محرضة في نفس الوقت ولكن ليس على مجتمعاتهم وهذا يدل على امور عند بعض المثقفين العرب يعني أن هناك علاقات غير طبيعية بين نوع معين من المثقفين ومجتمعاتهم وعلاقات غير طبيعية بين نوع من المثقفين وبين السياسة والمجتمع في بلدانهم الاصلية واذا امتلك المثقفون العرب مؤسسات ثقافية فغالبا ما تكون مهاجرة ودورها توظيفي محرض على مجتمعاتها (وما اكثر النماذج ) فاذا انتفت وظيفتها انتفى وجودها وهذا لا يعني اننا ندعو الى ادلجة المثقف وتحديد انتمائه لمفاهيم مجتمعه (منتجات غير راقية) ايجابا فليست بالضرورة أن تكون أهداف كل من المثقف والمجتمع متطابقة أو متوافقة بل قد تكون متعارضة ومتضاربة فالمثقف قد يكون له هدف يسعى لتحقيقه وهذا الهدف يصب في صالح المجتمع ومثقف أخر قد يكون له هدف يسعى لتحقيقه ولكنه لا يصب في صالح المجتمع والميزان في ذلك (صحة الهدف من عدمه ) هو مراعاة شخصية المجموع الاجتماعي للمجتمع فما هو منتج راق بنظرك يا سيدي الكريم بنظر المجموع الاجتماعي لا يساوي شيئا بل قد يكون مدعاة لاتهامك بالجنون وحتى تصدق ما عليك الا ان تذهب الى اي عينة من مجتمعك وقل لهم اننا قررنا كمثقفين متنورين ان نستبدل لكم منتج (الصلوات الخمسة) ب منتج اكثر رقيا وهو (رقصات مختارة من بحيرة البجع )وبدل القرآن والانجيل اخترنا لكم كتاب الجريمة والعقاب لدوستويفسكي وللحديث شجون زمن المثقف الأخير. - خالد - 08-30-2006 ليس من الصواب برأيي عزل مصطلح الثقافة لجعله خاصا بمنتجات قوم دون غيرهم، وتخصيصه بالغرب دون العالمين، وحصره في عصور الغرب المتعاقبة دون غيرها. الثقافة هي معرفة مكتسبة عن طريق الإخبار والتلقي والاستنباط، ذلك أنها تكون علما إن كان بالامكان تجريبها وملاحظة نتائجها. والثقافة هي معارف تعنى بالسلوك البشري والعقلية الانسانية وتنظيمهما، ولا علاقة لها بمادة الكون إلا بقدر علاقة هذه المادة بتشكيل السلوك والتأثير عليه. للثقافة عادة فكرة أساسية تشكل وجهة النظر عن الكون والانسان والحياة، ومنها تنبثق باقي المفاهيم وتتشكل باقي التصورات، وعلى أساس هذه المفاهيم يتحدد السلوك غالبا. الثقافة خاصة، ومتأثرة مباشرة بوجهة النظر عن الحياة، وتنسب إليها، ولا تنسب إلى الإنسان لأن في ذلك تعالي واحتكار. حين نسمي الثقافة الغربية بالثقافة الانسانية، والحضارة الغربية بالحضارة الانسانية، نسقط ضمنا وضرورة الصفة الانسانية غن باقي الثقافات والحضارات، وكأن من صنعها هو فصيلة من النعام أو الدجاج أو القرود على أحسن تقدير. الثقافة تنسب للفكرة الأساس غالبا، وقد تنسب لواضعيها أو لموطن تواجدها، على أن الأخيرين مضللين في أحيان كثيرة. نستطيع أن نقول بوجود الثقافة الشيوعية، وهي كل ثقافة كانت الأيدولوجية الشيوعية سببا في بحثها ووجودها، ونقول الثقافة العالمانية، وهي كل ثقافة كانت االأيدولوجيا العالمانية سببا في بحثها ووجودها، وأيضا نقول الثقافة الإسلامية وهي كل ثقافة كانت العقيدة الإسلامية سببا في بحثها ووجودها. الثقافة خاصة، وحين تتنازل أمة عن ثقافتها وتقبل ثقافة غيرها، فإنها بالضرورة تسقط كيانها وتنحل ضمن كيان الأمة الأخرى. الثقافة تولد الحضارة، ذلك أن الحضارة هي وجهة النظر المميزة عن الحياة التي تشكل المجتمع، ووجهة النظر هذه منتزعة من الثقافة لا من غيرها. فنقول الحضارة الإسلامية، الحضارة الشيوعية، الحضارة العالمانية(الغربية) والثقافة تلقي بكلها وكلكلها على بعض جوانب المدنية بما له علاقة بالسلوك الانساني وتنظيمه، كطراز الثياب وتصميم المدن والبيوت، إلخ... مراحل العصور الثقافية في الإسلام امتدت برأيي على النحو التالي: 1- مرحلة النبوة: انتهت بوفاة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم. 2- مرحلة الخلافة الراشدة: إنتهت بصلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية 3- مرحلة الملك العضوض: أ- الدولة الواحدة: انتهت بمقتل المتوكل على يد ابنه وقادة الأتراك ب- الدويلات المتفرقة: انتهت بدخول هولاكو بغداد 4- مرحلة الانحطاط: انتهت بهزيمة الدولة العثمانية عام 1918 5- مرحلة السقوط والانهزام: انتهت في وقت مبكر من سبعينات القرن العشرين 6- مرحلة إعادة النظر والاعتبار: ونحن لا نزال ضمنها، وقد تتمخض عن ترك لهذه الثقافة أو تبني لها بثوب قديم أو جديد، هذا مبكر لأوانه معرفته والحديث عنه، إلا أن الملاحظ أن موضوع إستعادة الهوية الثقافية الاسلامية له دور الصدارة في الأحاديث والمداولات بين الناس بعامتهم وخاصتهم، وإن أخذنا هذا النادي كعينة، لوجدنا أن الأحاديث التي تتناول الثقافة الاسلامية أو فروعها بالنقد أو النقض أو الدعوة تشغل أكثر من نصف مداولات النادي، مع استثناء ساحة الأديان. زمن المثقف الأخير. - بهجت - 08-30-2006 عندما تصبح كل الأيام متشابهة فمعنى ذلك أن الناس كفوا عن ملاحظة الأشياء الطيبة ،و أن الشمس تعبر إلى سماء أخرى . باولو كويللو ...................................... الأخوة الأعزاء .(f) كل المداخلات تقريبا تصلح كمقال مركزي في شريط كامل ، وهذا متوقع من الأسماء المشاركة و كلها من رموز النادي ، لهذا لن يمكننا أن نمر خفافا بأي منها ، خططت مسبقا أن أخصص هذه المداخلة لتعريف المثقف كما أراه مع عرض موجز جدا لآراء أخرى تدور حول نفس التعريف ،و لكن مداخلة العزيز جقل تطرح علينا قضية مركزية في ثقافة ما بعد الحداثة هي النسبوية Relativism الثقافية إذا صح التعبير ،لهذا سأخصص هذه المداخلة للتعليق عليها . جقل يرى أن لدينا ثقافات لا نهائية بعدد الأفكار التي آمن بها البعض سواء المعاصرون أو السابقون ، هذه الثقافات كما عرضها جقل .. هي أطر بينها قطيعة معرفية ، وفقا لهذه الفكرة فإن المناقشة العقلانية المثمرة مستحيلة ما لم يتقاسم المساهمون فيها إطارا ثقافيا مشتركا من الافتراضات الأساسية أو على الأقل ما لم يتفقوا على مثل هذا الإطار لكي تسير المناقشة بشكل مثمر . وهذا الإطار ليس مجرد شروطا أولية pre-requisite للمناقشة من قبيل الرغبة في الوصول إلى الصدق أو الحقيقة أو تفهم مشاكل و أهداف بعضنا البعض و لكنه يعني الاشتراك في مجموعة من المبادئ أو الافتراضات الأساسية conjecturesأي أن الثقافة هي إطار عقلي للمتحاورين ، و من هذا التصور يمكننا القول أنه من المستحيل منطقيا التفاهم المتبادل بين الثقافات المختلفة ، و طبقا لهذا التصور أيضا تكون الحقيقة أو الصدق فقط بالنسبة للإطار الواحد و لكنه يختلف من إطار إلى آخر ولا يمكن تعميمه بين الأطر الثقافية المختلفة وهذا يقودنا إلى ما يمكن أن نطلق عليه النسبوية Relativism.إن تلك الأطر يمكن أن تتقاطع في أجزاء منها و لكنها في الحالة القياسية تكون منفصلة تماما و يحول بينها ما يمكن أن نطلق عليه القطيعة المعرفية ( الإبستمولوجية Epistemology) ، إن هذه القطيعة نتيجة التمايز ليس فقط في اللغة أو معاني الكلمات و بعبارة أدق في الصور العقلية التي تستدعيها الكلمات من مخزون الذاكرة و لكن أيضا في المنهج العقلي . الإطار الثقافي في معناه المباشر يتألف من ثقافة سائدة يحيط بها ما يمكن أن نطلق عليه الاتجاهات العقلية mental attitudesالمتوافقة مع تلك الثقافة ، وهذه الاتجاهات هي التي تحدد لنا طريقة النظر إلى العالم و طريقة الحياة ، وفي العمق يمكن أن نفكر في الإطار ليس بوصفه يتألف فقط من ( ثقافة سائدة ) ،و لكنه أيضا و بشكل أهم يصبح كيانا سيكولوجيا و سوسيولوجيا و تبعا لهذا يمكن أن نرى الثقافة بشكلها الأشمل بمثابة رابطة قوية بين اتباعها المتحمسين ، كما هو الحال بين متبعي الأديان و المعتقدات السياسية و الإيديولوجية . و طبقا لهذا المفهوم ستكون المناقشة العقلية مستحيلة إذا كانت ستعبر الإطار و تتحدى مجاله ، و نحن نعبر عن هذه الظاهرة عندما نقول بعدم خضوع الإطار القديم و الجديد للمعايير نفسها (للمقايسة) أو ظاهرة اللامقايسة incommensurability. يمكننا أن نلخص هذا الموضوع بالتأكيد في مبدأ النسبوية و التعددية المنهجية و اللامقايسة بمعنى عدم قابلية الثقافات المتتالية للمقارنة و الخضوع للمعايير نفسها و الحكم عليها بنفس المقاييس .فلكل ثقافة دورها و سياقها و مجالها في تاريخ العالم ،و الحكم عليها يكون في إطار ظروفها و تحدياتها . هكذا يكون نموذج أرسطو للكون له نفس المصداقية لنموذج جاليليو أو نموذج أينشتين رباعي الأبعاد ، جقل أيضا يرى أن المثقف من يقف محايدا بين كل هذه الأطر و يقبلها جميعا و أن الأيديولوجي من يختار . لن أبسط تلك القضية أو استهين بها فلن يمكن أن نتفادى الحقيقة القائلة أن كل ثقافة مهما كانت عقلانية لابد أن تبدأ من مبادئ أو بديهيات ،وهذه بدورها يجب أن تكون مقبولة قبولا عقائديا ( دوجمائيا ) ، إن هذا يعني ببساطة ( مرعبة ) أن المناقشة العقلانية لابد أن تستند على مقدمات من المبادئ و البديهيات التي يجري التسليم بها من الجميع دون أن نخضعها للنقاش ، و هذا يبقى صحيحا مهما كان منهجنا في الحوار سواء كان التبرير أو البرهان و الإثبات أو الاشتقاق المنطقي ، ربما فقط استثني المناقشات النقدية في العلوم الطبيعية و الرياضية . إن نتائج هذه النظرية ستكون بالغة الخطورة لأنها تقودنا إلى التقرير بأن الحوار بين الثقافات ( الأطر ) المختلفة مهمة مستحيلة تماما و بالتالي فإن التصادم أو المواجهة بين هذه الأطر هو قدر إغريقي لا يمكن تفاديه رغم إدراكه مقدما ، و هذا أيضا يفسر ولو جزئيا صحة التنبؤات التي تحدثت عن حتمية صراع الحضارات أو صراع الثقافات ،و بالرغم من الجهود النظرية و العملية التي بذلت لتفادي هذا الصراع إلا أنه تفجر بالفعل بين المجتمعات ذات الثقافة الإسلامية الدوجمائية و المجتمعات التي تنتمي للثقافة الغربية العلمانية البرجماتية . هناك أيضا نتيجة أخطر هي الغاء مفهوم التقدم و التطور و التسليم بلا عقلانية العالم وفوضى التاريخ ،أي بكل عبثية ولا عقلانية ثقافة ما بعد الحداثة ، سأكتفي الآن بإعادة طرح القضية لتكون أمامكم جميعا ، ريثما أتمكن من إعداد ردا مناسبا مستلهما تراث العقلانية الخالد !. للجميع تقديري . زمن المثقف الأخير. - محارب النور - 08-30-2006 يجب ان تفهمي ان على الانسان ان يؤمن بالافكار وان الافكار تتغير ,لا يجب على الانسان ان يؤمن بالقيم المطلقة ,اذا امن بها فهذة كارثة ان العالم من حولنا يتغير ,الافكار مصطلح تدل على الفك والربط والاستنتاج اذن هي متغيرة وفي دينامكية مستمرة وليست ثابتة مثل الايمان بالقيم الثابتة ,هي متحولة ومتغيرة . __________________________________ هذا الحوار هو بين تلميذ المسيح رقم ثلاثة عشر ,مع ان من المعروف ان ثلاميذ السيد المسيح اثنا عشر ,ولكن التاريخ لم ينصفة ولم يكتبة او يسجلة ضمن القائمة ,لانة اسود ؟؟؟. قمة الكوميديا والضحك ولكن فلسفة عظيمة في الفيلم الذي يتكلم عن التلميذ الثالث عشر والمخفي والمكروة في التاريخ . اقتبست الحوار الذي دار بين التلميذ الثالث عشر مع امراة فقدت ايمانها ,فقال لها يجب ان تؤمني بالافكار وليس الثوابت والافكار تتغير لان العالم يتغير ,والافكار هي مفاهيم قابلة للتغير حسب الوعي الانساني الذي هو ايضا في تطور مستمر . ______________________________________ المثقف هو ميزان او حافظ التوازن للمجتمع هو الملاك الحارس له ,يقف في الوسط وان صحت كلمة مثقف من التثقيف فهو مشذب بوجع مجتمعة ويعرف مشاكلهم , المثقف برأي ممكن يكون رجل أمي لا يعرف القراة والكتابة ولكن يملك لغة عالية مثل شامان للقرية او ساحر في افريقا او رجل له خبرة في الحياة في اي قرية صغيرة ,المهم هو نتاج مجتمعة ويعرف مشاكلهم وينبة عليها ,من شروط يجب ان يكون له لغة قوية وبارع في الخطابة . ملاحظة الحوار اقتبستة من فيلم اسمة dogma يستحق المشاهدة يتكلم عن الاديان وضرورة التغير القيم التي نؤمن بها. محارب النور (f) زمن المثقف الأخير. - فرعون مصر - 08-30-2006 العزيز / بهجت ترددت فى اعادة كتابة المداخلة التى فقدت فى توقف المنتدى وهى عادة قديمة معى اذا قرأت ما كتبت بعد فترة ولم يشجعنى سوى طلبك هذا.......فشكرا أحيك على اختيارك الرائع لمواضيك وكم من المناسب ان تكون الثقافة شاغلنا لاننى اعتقد ان أزمتنا ازمة ثقافة وبالتالى حضارة. اعتقد انة يوجد أكثر من مستوى ثقافى داخل المجتمع الواحد ثلاث مستويات رئيسية أو ثلاث دوائر ثقافية وهى متداخلة ويؤثر بعضها فىالبعض وأن تفاوتت نسب الثأثير وأتجاهاتها ، فالدائرة الاولى وهى دائر الثقافة الشعبية وتمثل القاعدة العريضة وهى تمثل الموروث الشعبى وأساطيرة ودائرة معارفها بسيطة ومحلية ويشكل الدين والعادات والتقاليد محور هذة الثقافة وربما كان تعبيرات ابن خلدون "طبائع القوم" و "جملة مسالك القوم" أنسب لها من ان نطلق عليها ثقافة وهى لا تصلح للقيادة بل ليس فى صالحها ذلك ، وهى سهلة التأثر خاصا اذا كانت اللغة المستخدمة قريبة من هذة الثقافة . الدائرة الثانية هى ما يمكن ان نسميها ثقافة البرجوازية وهى الطبقة المتعلمة المتنورة التى تتمتع بقدر من المعارف والافكارالمتنوعة والتى تتبنى وتروج لافكار النخبة وللثقافة الكونية (ثقافة الحضارة السائدة) ، وهى الطبقة التى يقع عليها عبأ القيادة والتغير وهى همزة الوصل فى مجتمعاتها والجامع لثقافتها ومحور حركتة بل ان تفاعلها وحراكها مؤثر فى ثقافة النخبة وأفكارها فلا يمكن للنخب ان تنفصل عن مجتمعاتها ولا يمكنها التأثير الا عبر تبنى الطبقة البجوازية لافكارها، المشكلة ان هذة الطبقة البرجوازية أختفت أو ندرت وحلت محلها طبقة أخرى بثقافة مغايرة اقرب للثقافة الشعبية ، فى فترة المد القومى تولت هذة الطبقة الترويج لنشر الثقافة القومية والفكر القومى والاشتراكى بل والشيوعى ،والان وفى هذا المد الدينى تروج للفكر السلفى الاصولى وتماهت أكثر مع الثقافة الشعبية وكان ابتعادها ورفضها لثقافة الحضارة السائدة منطقى فى ظل المد الدينى الذى نظر اليها على انها ثقافة وحضارة الاخر المرفوض . الدائرة الثالثة هى دائرة النخبة والصفوة التى حملت مشعل الحضارة على مر العصور وكانت أفكارها وثقافتها هى محرك هذة الحضارات هذة النخب التى تستوعب الافكار والثقافة العالمية ليست منفصلة عن واقعها ولكنها لا تستطيع الاتصال بالثقافة الشعبية مباشرا وكانت الطبقة البرجوازية هى المبشر بثقافتها وناقلة ومروجة أفكارها ، ولا نستطيع ان نقول ان هذة النخبة نجت من هذا المد الدينى وان كان تأثيرها هنا أقوى واكبر أثرا وبدأنا نرى من هذة النخب من يغازل الشارع متخليا عن المنطق والثقافة والعقل أحيانا وبدا ان الشعوب تقود نخبها عندما نرى الثقافة الشعبية تقود بعض نخب ومثقفى الامة وتقود الشارع والامة كلها نحو الانتحار والفناء فعندما تتخلى النخب عن ثقافة الحضارة السائدة لصالح ثقافة حضارة بائدة فهو انتحار وليس محافظة على هوية وخصوصية، فاليابان لم تتخلى عن هويتها ولم تتخلى ايضا عن الثقافة والحضارة السائدة وهذة وظيفة الثلاث دوائر عندما تعمل معا بطريقة سليمة فليس المطلوب ان نقضى على الثقافة الشعبية وانما مطلوب ان لاندع الثقافة الشعبية تقضى على أوتقود ثقافة النخبة. ودمت وضيوفك بخير زمن المثقف الأخير. - Waleed - 08-30-2006 [quote] بهجت كتب/كتبت قبل أن أنتقل إلى فرعية جديدة ، لاحظت أن بعض الزملاء يتعاملون مع الثقافة العالمية / الغربية كما لو كانت كما واحدا وهذا غير صحيح ، فالثقافة الغربية هي ثقافة شديدة التنوع ، إن تاريخ الثقافة هو في نفس الوقت تاريخ الأفكار و الفلسفات و الآداب و الفنون ، . الزميل المحترم / بهجت مداخلتكم بعاليه - جنبا لجنب مع ما أثاره الزميل المحترم / جقل ثم تعليقكم عيه - تجسيد لقضية شديدة المركزية و التعقيد - بل و لا أبالغ إذا إدعيت كونها ترتبط بمصير العالم و مصيرنا على وجه الخصوص. و نظرا لعامل شدة التعقيد و التداخل على كافة المستويات فالقضية تحتوي كثيرا من الفخاخ الفكرية (Bugs) سواء على مستوى الفكر الغربي ذاته - و بالأخص قطعا على مستوى فكر مجتمعاتنا. و بالرغم مما قد يبدوا للوهلة الأولي - من كون هذه القضية مجرد فكر تجريدي متعالي على الواقع - كما قد يحلو للبعض وصف الفكر - إلا أن واقع الأمر يقرر كونها القضية المحورية الأولى للعالم الآن و الدافع الأول للصراعات المادية العالمية. و كافة العلوم و الأفكار العقلانية هي تجريد للواقع في ظاهرة ينفرد بها الجنس البشري. و بداية من مفهوم الثقافة العالمية / الغربية من حيث الأحادية أو التعددية: الإجابة على هذا السؤال - يحددها موقع صاحب الإجابة. فبالنسبة للمنتمي لتلك الحضارة الغربية - فالإجابة ستكون لصالح التعددية. أما بالنسبة للمنتمي لحضارة مجتمعاتنا فالإجابة ستكون لصالح الأحادية. فالثقافة / الثقافات الغربية - بمختلف توجهاتها بل و تناقضاتها أحيانا - مرت جميعا على سبب شرطي لوجودها - ألا وهو كما تفضلتم بذكره كمرحلة "التنوير". و يمكن تشبيه الأمر بعنق ضيق لزجاجة واسعة - أو بمدينة بها بشبكة معقدة من الطرق - لا يوجد لها سوى طريق واحد كمدخل لها - ثم بعد ذلك أسلك ما شئت من الطرق الداخلية بهذه المدينة. و على قدر شدة الإختلاف و الحيرة و التعقيد بداخل تلك المدينة بالنسبة لقائد السيارة - إلا أن الأمر يختلف لآخر يقف على باب تلك المدينة حيث لا يوجد سوى طريق واحد مؤدي له. أي و بإسلوب آخر - فجميع الثقافات الغربية يجمعها و يضمها إطار واحد وهو إطار (التنوير / العقلانية = العلم). هذا الإطار الأولي هو - و هو فقط - ما يمثل قطيعة معرفية مع ما قبله و بوجه خاص مع حضارتنا - أما ما بداخله من إختلافات - فلن يمثل لنا أي إختلاف من عدمه - و ليس لنا القدرة حتى على فهمه. و هذا الإطار لن تخرج عنه أيضا حتى الإتجاهات المعادية للعلوم - بل و الإتجاهات الفوضوية. ليس فقط لكون الفكر (الغربي) المعادي للعلوم أو الفوضوي يشترط وجود العلوم ليعاديها - بل أن واقع الأمر كون تلك الإتجاهات هي صدى فكري و فلسفي لنظريات علمية - فيزيائية غالبا - جديدة و شديدة الصعوبة بوجه عام - شاب تكوين هذا الصدى الفلسفي قصور في الفهم و الكثير من الغموض. واقع الأمر أن العلوم هي القائد الفعلي للحضارة الغربية بكامل جوانبها منذ فترة التنوير و للآن. و هي القائد الفعلي للحياة الثقافية و الفكرية الغربية حتى و إن و بدا غير ذلك. لقد كفت جميع مصادر المعرفة - سواء الدين أو الفلسفة - أن تقود الحياة الفكرية و الثقافية تماما في الحضارة الغربية و أصبحت في عداد التاريخ. إن إتجاهات مثل الفوضى و اللايقين في الثقافة الغربية - ظهرت كصدى - و كتعميم خاطئ لنظريات علمية فيزيائية مثل النسبية و فيزياء و ميكانيكا الكم - و شاب هذه الإتجاهات الخلط الطبيعي و المتوقع في أي مدخل تعميمي - بالإضافة للخلط التقليدي بين الذاتي و الموضوعي. و تفاصيل ذلك موضوع لحديث آخر قد لا يتسع وقت أو إهتمام متابع الشريط القيم الحالي له. و ما يهمنا فيه هو ما قد يتداخل مع القضية المثارة موضوع البحث. و ها قد قادنا تسلسل الأفكار للمصطلحات شديدة الخطورة و المراوغة - و هي: - نظرية الإطار. - نسبية الثقافة. - القطيعة المعرفية. - صدام الحضارات. [quote] جقل يرى أن لدينا ثقافات لا نهائية بعدد الأفكار التي آمن بها البعض سواء المعاصرون أو السابقون ، هذه الثقافات كما عرضها جقل .. هي أطر بينها قطيعة معرفية ، وفقا لهذه الفكرة فإن المناقشة العقلانية المثمرة مستحيلة ما لم يتقاسم المساهمون فيها إطارا ثقافيا مشتركا من الافتراضات الأساسية أو على الأقل ما لم يتفقوا على مثل هذا الإطار لكي تسير المناقشة بشكل مثمر . وهذا الإطار ليس مجرد شروطا أولية pre-requisite للمناقشة من قبيل الرغبة في الوصول إلى الصدق أو الحقيقة أو تفهم مشاكل و أهداف بعضنا البعض و لكنه يعني الاشتراك في مجموعة من المبادئ أو الافتراضات الأساسية conjecturesأي أن الثقافة هي إطار عقلي للمتحاورين ، و من هذا التصور يمكننا القول أنه من المستحيل منطقيا التفاهم المتبادل بين الثقافات المختلفة ، و طبقا لهذا التصور أيضا تكون الحقيقة أو الصدق فقط بالنسبة للإطار الواحد و لكنه يختلف من إطار إلى آخر ولا يمكن تعميمه بين الأطر الثقافية المختلفة وهذا يقودنا إلى ما يمكن أن نطلق عليه النسبوية Relativism. .. .. يمكننا أن نلخص هذا الموضوع بالتأكيد في مبدأ النسبوية و التعددية المنهجية و اللامقايسة بمعنى عدم قابلية الثقافات المتتالية للمقارنة و الخضوع للمعايير نفسها و الحكم عليها بنفس المقاييس .فلكل ثقافة دورها و سياقها و مجالها في تاريخ العالم ،و الحكم عليها يكون في إطار ظروفها و تحدياتها . هكذا يكون نموذج أرسطو للكون له نفس المصداقية لنموذج جاليليو أو نموذج أينشتين رباعي الأبعاد ، جقل أيضا يرى أن المثقف من يقف محايدا بين كل هذه الأطر و يقبلها جميعا و أن الأيديولوجي من يختار . لن أبسط تلك القضية أو استهين بها فلن يمكن أن نتفادى الحقيقة القائلة أن كل ثقافة مهما كانت عقلانية لابد أن تبدأ من مبادئ أو بديهيات ،وهذه بدورها يجب أن تكون مقبولة قبولا عقائديا ( دوجمائيا ) ، إن هذا يعني ببساطة ( مرعبة ) أن المناقشة العقلانية لابد أن تستند على مقدمات من المبادئ و البديهيات التي يجري التسليم بها من الجميع دون أن نخضعها للنقاش ، و هذا يبقى صحيحا مهما كان منهجنا في الحوار سواء كان التبرير أو البرهان و الإثبات أو الاشتقاق المنطقي ، ربما فقط استثني المناقشات النقدية في العلوم الطبيعية و الرياضية . لن ينكر عاقل حقيقة تأطر الثقافات و لا نظرية الإطار. و الملاحظ حتى لتجمع فكري محدود كنادي الفكر - سيجد مثاله على إستحالة التواصل بين الأطر الفكرية المختلفة. سيجد هذه القطيعة الفكرية بين أصحاب الديانات المختلفة (مسلمين / مسيحيين) و ستجدها بين أصحاب المذاهب المختلفة لذات الدين (سنة / شيعة) و ستجدها بين الدينيين / و الليبراليين .. إلخ. و لكن هل تتساوى كل الحالات السابقة للقطيعة الفكرية - و بصيغة مخالفة هل تمثل كلها قطيعة معرفية بالمعنى المتعارف عليه؟ و في حالة كونها قطيعة فكرية (المقصود إطار فكري محدد و مبادئ و مسلمات ثابتة و مخالفة للآخر مما يقطع بإستحالة التواصل و الحوار) أو حتى قطيعة معرفية (و فيها يتغير نوعية مصدر المعرفة من أساسه و ليس مضمونها فقط عن الآخر) - فهل يعني ذلك وجود فعلي لأطر أو جزر فكرية منعزلة بالفعل إنعزالا تاما عن بعضها البعض؟ بداية لن يمكننا أن نستخدم لفظ القطيعة المعرفية تاريخيا و لا حاليا على الصراعات الفكرية أو المادية المدمرة بين الحضارات المختلفة - ذات العقائد المختلفة - فكل هذه الحضارات تشترك في نوعية مصدر معرفتها الذي شابه و إمتزج به اليقين المطلق الغيبي سواء على مستوى المعارف المادية المباشرة أو القوانين الأخلاقية و الإجتماعية. و على مستوى التاريخ - و للآن - فلفظ قطيعة معرفية يمكن إستخدامه فقط حالة إعتماد نوعية مختلفة لمصدر المعارف و تباعا القوانين الأخلاقية و الإجتماعية. و هو ما حدث مع عصر التنوير تحديدا حين سقط النص كمصدر لليقين و سقط معه اليقين المطلق كلية - و تم إعتماد العلوم (التجريب و العالم الخارجي) كمصدر وحيد للمعرفية و لليقين النسبي. و هذه هو عنق الزجاجة الواسعة الذي تخطته الحضارة الغربية لتشكل مختلف أطيافها الحالية. و عودة لنفس التساؤل - هل تشكل كل هذه الأطر الفكرية المتناقضة - سواء بينها قطيعة معرفية من عدمه - هل تشكل جزرا منعزلة - و هل بالفعل يستحيل الحوار؟ و لأي مدى؟ واقع الأمر ينفي ذلك. و على مدى كامل التاريخ الإنساني. يحدث أحيانا أن نتمسك بأفكار و نصل في تسلسلها لنتائج تخالف الواقع - حينئذ - يجب أن نستقرئ الواقع. تطور الأفكار على مدار التاريخ - و مع إختلاف الحضارات - ينفي ذلك قطعا - و يدل على ما هو مشترك و على المستوى القاعدي لميكانيكيات الفكر الإنساني - لكافة البشر بغض النظر عن الأيديولوجيا و الدين و التوجه الثقافي. بل و على المستوى الفردي و لجميع أفراد مختلف الحضارات و الثقافات و الديانات - فكلنا و على مستوى أنشطة الحياة التحتية و المباشرة - نشترك و لأقصى حد في تقييمنا للأمور - فنرى الأبيض أبيض و الأحمر أحمر - و نعلم أن النبات يجب أن يشرب الماء و نعلم أن الشمس تشرق من الشرق - و نعلم أن (1+1=2) و نعلم أن (القضية و نقيضها لا يجتعان) و نعلم ... إلخ. مصدر المعرفة الإنسانية على مستواه الأساسي واحد. يحدث أن يشوبه شوائب أيديولوجية و عقائدية و ميتافيزيقية. لكن في النهاية نعلم جميعا أن الماء يتبخر حين تسخينه - بدون الرجوع لكتبنا السماوية. على العكس مما قد نعتقد - يوجد الكثير المشترك بين بني الإنسان - و على العكس مما قد نعتقد بأن هذا المشترك غير ذا أهمية نسبة للتناقضات الهائلة بين الأيديولوجيات و العقائد و الميتافيزيقيات - لكن هذا المشترك الذي قد نقلل من شأنه - يحمل في طياته صفات قاهرة للتفكير الإنساني بوصفه يعمل على أساس الفكر و قواعده Infrastructure. من الإنسان البدائي و حتى علماء الذرة. ستجد إختلافات و حروبا على قضايا عقائدية و أيديولوجية - لكنك لن تجدها أبدا على إختلاف في لون السماء أو الماء - أو على إختلاف من أين تشرق الشمس. هذا الأساس المشترك و البديهي هو بالضبط المسلمات و المبادئ التي بني عليها العلم الحديث / المنهج العلمي. و هو عنق الزجاجة الواسعة التي عبرتها الحضارة الغربية / العالمية لكي تؤسس ثقافتها الواسعة بكافة تباينها و حتى تناقضاتها. لا توجد جزر منعزلة إذا - و إن وجدت فهي حالة زمنية مؤقتة - مجرد صورة ثابتة لكائن متحرك. من الخطأ دراسة تلك الصورة بوصفها الحال الدائم لما كان و سيكون. يمكنك أن تطبق النسبية على ميول الأفراد للون الأزرق أو الأحمر - لكن لن يمكن تطبيقها على لون السماء هل هو أزرق أم أحمر. [quote] إن نتائج هذه النظرية ستكون بالغة الخطورة لأنها تقودنا إلى التقرير بأن الحوار بين الثقافات ( الأطر ) المختلفة مهمة مستحيلة تماما و بالتالي فإن التصادم أو المواجهة بين هذه الأطر هو قدر إغريقي لا يمكن تفاديه رغم إدراكه مقدما ، و هذا أيضا يفسر ولو جزئيا صحة التنبؤات التي تحدثت عن حتمية صراع الحضارات أو صراع الثقافات ،و بالرغم من الجهود النظرية و العملية التي بذلت لتفادي هذا الصراع إلا أنه تفجر بالفعل بين المجتمعات ذات الثقافة الإسلامية الدوجمائية و المجتمعات التي تنتمي للثقافة الغربية العلمانية البرجماتية . هناك أيضا نتيجة أخطر هي الغاء مفهوم التقدم و التطور و التسليم بلا عقلانية العالم وفوضى التاريخ ،أي بكل عبثية ولا عقلانية ثقافة ما بعد الحداثة و الآن هل ما نقصده بصدام الحضارات الحالي هو نفسه ما قصدناه حال دراستنا للصراع التاريخي بين الصليبية و الإسلام؟ إذا صدق هذا الطرح من جهتنا - فالواقع يؤكد عدم صحته من الجهة الأخرى. في الواقع لو كان الأمر كما إعتاد أن يكون تاريخيا - صراع مزيج من العقائد و المصالح - يدفع و يسخر قوى عسكرية تهدف لإقصاء الآخر و فناؤه - أو على الأقل إستعباده - لكان قد إنتهى منذ قرون و لما تحدثنا حديثنا هذا. نظرا للفارق بميزان القوى. فبغض النظر عن صراع المصالح الموجود حاليا - ليس بيننا و بين الغرب فقط - بل بين الغرب و الغرب و بين الشرق و الشرق و بين أي بلد و جيرانها - بل و أي شركة و منافسيها - و على مستوى الأسر و الأفراد - فهذا الصراع تعدى مرحلة أن يحسم بقوة السيف سواء على المستوى الفردي أو مستوى الدول. بغض النظر عن هذا الصراع الذي يمكن إعتباره صراعا صحيا في حدود - لن يوجد صراع مدفوع أيديولوجيا و عقائديا إلا من ناحيتنا. نعم يوجد صدام حضارات - بل و قد يصل لمدى مروع و هذا بإستقراء الواقع الحالي - لكن هل هو بين أيديولوجيتين متنافرتين؟ أم هو صراع داخلي و في داخلنا نحن تحديدا؟ هل هو صراع بين حضارتين - أم هو صراع نفسي داخلي - قبل أن يعبر عن نفسه عداءا للآخر - بل و للذات - داخل حضارة و ثقافة تتهاوى أمام أخرى وافدة؟؟ لك و لضيوفك كل إحترام ,, |