حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
فيصل القاسم - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: المدونــــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=83) +--- الموضوع: فيصل القاسم (/showthread.php?tid=34832) |
RE: فيصل القاسم - بسام الخوري - 05-02-2010 التاريخ صادق لأول مرة في التاريخ 2010-05-02 لطالما شكك الناس بمصداقية التاريخ، ولطالما وضعوا عشرات إشارات الاستفهام حول أحداثه وشخصياته. ولطالما سمعنا المؤرخين أنفسهم يشككون في رواية الأحداث التاريخية. فقد قال المؤرخ البريطاني الشهير هنري كار ذات مرة:" قبل أن تقرأ التاريخ، يجب أن تقرأ عن المؤرخ، وقبل أن تقرأ عن المؤرخ يجب أن تقرأ عن خلفيته السياسية والثقافية والاجتماعية". بعبارة أخرى، فإن كل مؤرخ يكتب التاريخ من وجهة نظر عقائدية مختلفة عن الآخرين. فإذا كان المؤرخ ذا خلفية ماركسية مثلاً فهو يميل إلى كتابة التاريخ على أنه ليس أكثر من صراع طبقي، بينما يميل الإسلامي إلى رؤية التاريخ على أنه مجرد قضاء وقدر. وهكذا دواليك. وقد نظر الشعراء بدورهم إلى التاريخ على أنه مجرد تلفيق لا أكثر ولا أقل. وقد قال الشاعر معروف الرصافي في هذا السياق:" وما كـُتب التاريخ فيما حوت إلا حديث ملفقُ- نظرنا في أمر الأقربين فرابنا، فكيف بأمر الغابرين نصدقُ". وهذان البيتان غاية في البلاغة، فنحن بالكاد نستطيع أن نفهم ما يجري حولنا الآن، فكيف لنا أن نصدق أو نفهم ما حدث لبعض الأقوام قبل مئات أو ألوف السنين؟ ويضيف الرصافي في السياق نفسه:" لا أقيم للتاريخ و زناً و لا أحسب له حساباً لأني رأيته بيت الكذب و مناخ الضلال". وحتى السياسيون يؤكدون بفعل خبرتهم ومؤامراتهم أن التاريخ يكتبه الأقوياء، فكل ما وصلنا عن العهود الغابرة عبارة عن روايات وضعها النافذون في ذلك الوقت، لأن الناس البسطاء لم يكن لديهم الوسيلة ولا القدرة لوضع مؤلفات تكشف طبيعة تلك الأوقات القديمة. ناهيك عن أن الأنظمة السياسية التي توالت على حكم هذا البلد أو ذاك كانت تمحو تاريخ النظام الذي سبقها، وتكتب تاريخاً جديداً يناسب تطلعاتها وأهواءها. وهلم جرّا. لكن رواية أو كتابة التاريخ ستتغير مرة وإلى الأبد، فمنذ ظهور العولمة الإعلامية ووسائل الاتصال الحديثة أصبحت وسائل التدوين والتأريخ بمتناول الجميع، بحيث لم تعد كتابة التاريخ مقصورة على المؤرخين، فكل من يستطيع القراءة والكتابة والبحث هذه الأيام يستطيع أن ينشئ لنفسه مدونة على الإنترنت ليدون فيها أحوال وأخبار منطقته لتكون شاهداً على ذلك العصر في قادم الأزمان. وإذا حاول بعض المؤرخين المأجورين أو المنحازين في يوم من الأيام تزوير التاريخ فسيجدون عشرات، إن لم نقل ملايين المدونين الذين ينافسونهم في كشف الحقيقة ووضع النقاط على الحروف. بعبارة أخرى، فإن عصر الإعلام المفتوح سهــّل المهمة حتى على المؤرخين أنفسهم، وجعلهم أكثر مصداقية. كيف؟ في المستقبل مثلاً يمكن لأي جهة محايدة ونزيهة أن تكــذّب هذا المؤرخ أو ذاك بناء على توفر كم هائل من المعلومات والمعطيات التاريخية المتاحة بسهولة، مما سيحدو بأي مؤرخ يحترم نفسه أن يتوخى الدقة في كتابة التاريخ إلى أقصى الحدود، لأن هناك من ينافسه على كشف الحقيقة. وبالتالي فإن تاريخ الوقت الحالي سيصل إلى الأجيال القادمة بكثير من الدقة والمصداقية أكثر من أي وقت مضى. لم تعد الكلمة المكتوبة على الورق هي المصدر الوحيد لرواية التاريخ في عصرنا الحالي، فهناك الآن الصحافة الإلكترونية بما تحتوي عليه من صور ملونة وتسجيلات موثقة بالصوت والصورة، ناهيك عن أن الأفلام وبرامج التلفزيون والإذاعة تشكل مصدراً مهماً لا غنى عنه في المستقبل لكل مؤرخ يريد أن يرسم صورة حقيقة لهذا العصر أو ذاك. زد على ذلك أن المؤرخين لم يعودوا ينتظرون عقوداً وعقوداً لكتابة لتاريخ، فالتاريخ في زماننا تتم كتابته لحظة بلحظة، فبفضل تقنيات الاتصال والسموات المفتوحة فإن الحروب يتم نقلها على الهواء مباشرة بالصوت والصورة، أي أن تاريخ المعارك يتم تدوينه لحظة وقوعه ساخناً، مما يؤكد مصداقيته، ويحول دون التلاعب بوقائعه وأحداثه لاحقاً عندما يخلد المؤرخون لتدوينه أو تفسيره. قد يقول البعض إن وجود العديد من المصادر لرواية التاريخ في العصر الإلكتروني والفضائي قد يعقد الأمور، ويجعل الصورة التاريخية أكثر غموضاً وفهماً. صحيح أن الرؤى التدوينية قد تتعدد، لكن ذلك يشكل مصدر قوة ومصداقية للتاريخ وليس مصدر إبهام وغموض. فوسائل التدقيق والتمحيص العلمي غدت متوافرة بأفضل المواصفات، وبذلك ليس من الصعب أبداً على المؤرخين والمدققين أن يغربلوا المعلومات والمعطيات التاريخية كي يستنتجوا الرواية الأصح. لأول مرة في تاريخ كتابة التاريخ يستطيع المؤرخون والمدونون أن يلجأوا إلى عملية تقاطع المعلومات كي يصلوا إلى حقيقة هذا الحدث التاريخي أو ذاك. وهو أسلوب تتبعه عادة أجهزة المخابرات في العالم للتأكد من صحة معلومة، حيث يجمعوا أكبر كم من المعلومات، ومن ثم يجرون عليها نوعاً من التقاطع والمقارنة والقياس، وهي طريقة ناجعة لمعرفة الحقيقة والتأكد من صحتها. صحيح أن أمريكا مثلاً مارست تعتيماً إعلامياً على غزوها للعراق، ومنعت وسائل الإعلام من تغطية الساحة العراقية، إما بقصفها أو تخويفها. لكن المنع والقمع الأمريكي لم يحل دون الوصول إلى الحقيقة، فقد تمكن الصحفيون والجنود بطرقهم الخاصة وبمساعدة وسائل الاتصال الحديثة أن يكشفوا حقيقة الغزو الأمريكي وفظائعه في بلاد الرافدين. ويكفي أن صحفية أمريكية استطاعت بهاتفها الجوال أن تصور أكوام الأكياس السوداء التي تحتوي على جثامين الجنود الأمريكيين الذين سقطوا صرعى في العراق. ناهيك عن أن البعض تمكن من كشف عمليات التعذيب الرهيبة في السجون الأمريكية في العراق. ولا ننسى أن حركات المقاومة تصور عملياتها ضد الاحتلال وترسلها إلى فضائيات متخصصة في فضح المحتلين الأمريكيين خارج البلاد. ولا ننسى أن الأمر وصل بأمريكا إلى سن قانون لمعاقبة بعض الفضائيات العربية لأنها دوّنت وحشيتها لتصبح وثائق تاريخية معتمدة رغماً عن أنفها. لم يعد التاريخ ألعوبة في أيدي الأقوياء وكتبتهم المأجورين بل غدا من صنع البشرية جمعاء، فلن يكون بمقدور المتسلطين من اليوم فصاعداً أن يصوروا لنا الساقطين والفاجرين والزنادقة على أنهم شرفاء وأبطال، أو أن يشطبوا سجل الطيبين من صفحات التاريخ، فالتاريخ من الآن فصاعداً سيكون أقرب إلى الصدق منه إلى التلفيق. By: د. فيصل القاسم 2010 © Al Sharq . All Rights Reserved RE: فيصل القاسم - بسام الخوري - 05-04-2010 اقرأها حتى أخرها (راااائعة) > > > > د. فيصل القاسم > > > مهما طالت سنين الغربة بالمغتربين، فإنهم يظلون يعتقدون أن غربتهم عن أوطانهم مؤقتة، ولا بد من العودة إلى مرابع الصبا والشباب يوماً ما للاستمتاع بالحياة، وكأنما أعوام الغربة جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب. > لاشك أنه شعور وطني جميل، لكنه أقرب إلى الكذب على النفس وتعليلها بالآمال الزائفة منه إلى الحقيقة. فكم من المغتربين قضوا نحبهم > في بلاد الغربة وهم يرنون للعودة إلى قراهم وبلداتهم القديمة! وكم منهم ظل يؤجل العودة إلى مسقط الرأس حتى غزا الشيب رأسه دون أن يعود في النهاية، ودون أن يستمتع بحياة الاغتراب! وكم منهم قاسى وعانى الأمرّين، وحرم نفسه من ملذات الحياة خارج الوطن كي يوفر الدريهمات التي جمعها كي يتمتع بها بعد العودة إلى دياره، ثم طالت به الغربة وانقضت السنون، وهو مستمر في تقتيره ومعاناته وانتظاره، على أمل التمتع مستقبلاًً في ربوع الوطن، كما لو أنه قادر على تعويض الزمان! > وكم من المغتربين عادوا فعلاً بعد طول غياب، لكن لا ليستمتعوا بما جنوه من أرزاق في ديار الغربة، بل لينتقلوا إلى رحمة ربهم بعد عودتهم إلى بلادهم بقليل، وكأن الموت كان ذلك المستقبل الذي كانوا يرنون إليه! لقد رهنوا القسم الأكبر من حياتهم لمستقبل ربما يأتي، وربما لا يأتي أبداً، وهو الاحتمال الأرجح! > لقد عرفت أناساً كثيرين تركوا بلدانهم وشدوا الرحال إلى بلاد الغربة لتحسين أحوالهم المعيشية. وكم كنت أتعجب من أولئك الذين كانوا يعيشون عيشة البؤساء > لسنوات وسنوات بعيداً عن أوطانهم، رغم يسر الحال نسبياً، وذلك بحجة أن الأموال التي جمعوها في بلدان الاغتراب يجب أن لا تمسها الأيدي لأنها مرصودة للعيش و الاستمتاع في الوطن. لقد شاهدت أشخاصاً يعيشون في بيوت معدمة، ولو سألتهم لماذا لا يغيرون أثاث المنزل المهترئ فأجابوك بأننا مغتربون، وهذا البلد ليس بلدنا، فلماذا نضيّع فيه فلوسنا، وكأنهم سيعيشون أكثر من عمر وأكثر من حياة! > ولا يقتصر الأمر على المغتربين البسطاء، بل يطال أيضاً الأغنياء منهم. فكم > أضحكني أحد الأثرياء قبل فترة عندما قال إنه لا يستمتع كثيراً بفيلته الفخمة وحديقته الغنــّاء في بلاد الغربة، رغم أنها قطعة من الجنة، والسبب هو أنه يوفر بهجته واستمتاعه للفيلا والحديقة اللتين سيبنيهما في بلده بعد العودة، على مبدأ أن المــُلك الذي ليس في بلدك لا هو لك ولا لولدك!! وقد عرفت مغترباً أمضى زهرة شبابه في أمريكا اللاتينية، ولما عاد إلى الوطن بنا قصراً منيفاً، لكنه فارق الحياة قبل أن ينتهي تأثيث القصر بيوم!! > كم يذكــّرني بعض المغتربين > الذين يؤجلون سعادتم إلى المستقبل، كم يذكــّرونني بسذاجتي أيام الصغر، فذات مرة كنت استمع إلى أغنية كنا نحبها كثيرا أنا وأخوتي في ذلك الوقت، فلما سمعتها في الراديو ذات يوم، قمت على الفور بإطفاء الراديو حتى يأتي أشقائي ويستمعون معي إليها، ظناً مني أن الأغنية ستبقى تنتظرنا داخل الراديو حتى نفتحه ثانية. ولما عاد أخي أسرعت إلى المذياع كي نسمع الأغنية سوية، فإذا بنشرة أخبار. > إن حال الكثير من المغتربين أشبه بحال ذلك المخلوق الذي وضعوا له على عرنين > أنفه شيئاً من دسم الزبدة، فتصور أن رائحة الزبدة تأتي إليه من بعيد أمامه، فأخذ يسعى إلى مصدرها، وهو غير مدرك أنها تفوح من رأس أنفه، فيتوه في تجواله وتفتيشه، لأنه يتقصى عن شيء لا وجود له في العالم الخارجي، بل هو قريب منه. وهكذا حال المغتربين الذين يهرولون باتجاه المستقبل الذي ينتظرهم في أرض الوطن، فيتصورون أن السعادة هي أمامهم وليس حولهم. > كم كان المفكر والمؤرخ البريطاني الشهير توماس كارلايل مصيباً عندما قال: ” لا يصح أبداً أن ننشغل بما يقع بعيداً عن نظرنا وعن متناول أيدينا، بل يجب أن نهتم فقط بما هو موجود بين أيدينا > بالفعل”. > لقد كان السير ويليام أوسلير ينصح طلابه بأن يضغطوا في رؤوسهم على زر يقوم بإغلاق باب المستقبل بإحكام، على اعتبار أن الأيام الآتية لم تولد بعد، فلماذا تشغل نفسك بها وبهمومها. إن المستقبل، حسب رأيه، هو اليوم، فليس هناك غد، وخلاص الإنسان هو الآن، الحاضر، لهذا كان ينصح طلابه بأن يدعوا الله كي يرزقهم خبز يومهم هذا. فخبز اليوم هو الخبز الوحيد الذي بوسعك تناوله. > أما الشاعر الروماني هوراس فكان يقول قبل ثلاثين عاماً قبل الميلاد: “سعيد وحده ذلك الإنسان الذي يحيا يومه ويمكنه القول بثقة: أيها الغد فلتفعل ما يحلو لك، فقد عشت يومي”. > إن من أكثر الأشياء مدعاة للرثاء في الطبيعة الإنسانية أننا جميعاً نميل أحياناً للتوقف عن الحياة، ونحلم بامتلاك حديقة ورود سحرية في المستقبل- بدلاً من الاستمتاع بالزهور المتفتحة وراء نوافذنا اليوم. لماذا نكون حمقى هكذا، يتساءل ديل كارنيغي؟ أوليس الحياة في نسيج كل يوم وكل ساعة؟ > إن حال بعض المغتربين لأشبه بحال ذلك المتقاعد الذي كان يؤجل الكثير من مشاريعه حتى التقاعد. وعندما يحين التقاعد ينظر إلى حياته، فإذا بها وقد افتقدها تماماً وولت وانتهت. > إن معظم الناس يندمون على ما فاتهم ويقلقون على ما يخبئه لهم المستقبل، وذلك بدلاً من الاهتمام بالحاضر والعيش فيه. ويقول دانتي في هذا السياق:” فكــّر في أن هذا اليوم الذي تحياه لن يأتي مرة أخرى. إن الحياة تنقضي وتمر بسرعة مذهلة. إننا في سباق مع الزمن. إن اليوم ملكنا وهو ملكية غالية > جداً. إنها الملكية الوحيدة الأكيدة بالنسبة لنا”. > لقد نظم الأديب الهندي الشهير كاليداسا قصيدة يجب على كل المغتربين وضعها على حيطان منازلهم. تقول القصيدة: “تحية للفجر، انظر لهذا اليوم! إنه الحياة، إنه روح الحياة في زمنه القصير. كل الحقائق الخاصة بوجود الإنسان: سعادة التقدم في العمر، مجد الموقف، روعة الجمال. إن الأمس هو مجرد حلم انقضى، والغد هو مجرد رؤيا، لكن إذا عشنا يومنا بصورة جيدة، فسوف نجعل من الأمس رؤيا للسعادة، وكل غد رؤيا مليئة بالأمل. > فلتول اليوم اهتمامك إذن، فهكذا تؤدي تحية الفجر”. > لمَ لا يسأل المغتربون عن أوطانهم السؤال التالي ويجيبون عليه، لعلهم يغيرون نظرتهم إلى الحياة في الغربة: هل أقوم بتأجيل الحياة في بلاد الاغتراب من أجل الاستمتاع بمستقبل هـُلامي في بلادي، أو من أجل التشوق إلى حديقة زهور سحرية في الأفق البعيد؟ > كم أجد نفسي مجبراً على أن أردد مع عمر الخيام في رائعته (رباعيات): لا تشغل البال بماضي الزمان ولا > بآتي العيش قبل الأوان، واغنم من الحاضر لذاته فليس في طبع الليالي الأمان. RE: فيصل القاسم - بسام الخوري - 05-09-2010 انظروا على ماذا يحاسبون حكامهم! 2010-05-09 "المستقبل السياسي لـغوردون براون رئيس الوزراء ورئيس حزب العمال البريطاني الحاكم في خطر". "حملة براون الانتخابية على كف عفريت". "لقد ارتكبت خطأً فادحاً يا براون". "كيف لك أن تقترف مثل هذا الفعل الشنيع؟" "لقد سقطت يا براون سقوطاً مريعاً". لا شك أن القارئ لهذه العناوين الواردة في وسائل الإعلام البريطانية على مدى الأيام القليلة الماضية سيظن، دون أدنى شك، أن رئيس الوزراء البريطاني قد اقترف جريمة نكراء، وإلا لما جاءت التعليقات بهذه القسوة والشدة. لكن الحقيقة ليست بهذا الهول الإعلامي أبداً. فلا يذهب بكم التفكير بعيداً جداً. إن الجريمة التي ارتكبها براون أسخف من سخيفة بمقاييسنا العربية الغراء، ولا تستحق حتى التعليق أو الذكر العابر، فما بالك أن تصبح مانشيتات للصحف الشعبية والرصينة على حد سواء في بريطانيا. هاكم تفاصيل القصة التي هزت بلاد الإنجليز قبل التعليق عليها. كان رئيس الوزراء البريطاني زعيم حزب العمال يتحدث أثناء حملته الانتخابية إلى سيدة بريطانية تدعى جيليان دوفي وهي متقاعدة تبلغ من العمر خمسة وستين عاماً. وما أن انتهى من الحديث إليها، وركب السيارة مع مرافقيه حتى وصف السيدة بأنها "متعصبة جداً"، ظناً منه أن لا أحد يستمع إلى تعليقه غير مرافقيه. لكن، ومن سوء حظه، كان المايكروفون اللاسلكي الذي كان يستخدمه خلال الحديث ما زال معلقاً على جاكيته، فقام صحفي بتسجيل العبارة القنبلة بالمقاييس البريطانية. وجاء تعليق براون بعد أن وجهت السيدة نقداً لسياساته في معالجة الدين العام وتلك المتعلقة بالهجرة. وبثت كافة وسائل الإعلام البريطانية التسجيل الصوتي ما اضطر رئيس الوزراء إلى تقديم اعتذاره على هذه الكلمات وزيارة منزل السيدة للاعتذار لها بشكل شخصي عن التصريح الذي مثل ضربة كبيرة لشعبيته قبل أيام من الانتخابات العامة. وبعد أن أمضى براون أربعين دقيقة في منزل السيدة قال في تصريح مقتضب للصحفيين إنه مثل المذنب التائب وإنه "أحيانا تنطق بأشياء لا تقصد أن تقولها، وأحيانا تقول أشياء بطريقة الخطأ، وأحيانا تقول أموراً ترغب في تصويبها بشكل سريع". وكان براون قد اعتذر عن تلك التصريحات في مقابلة على راديو بي بي سي حيث ظهر مرتبكاً ومحرجاً وقام بإخفاء وجهه بإحدى يديه عندما قام المذيع بتشغيل التسجيل الصوتي وهو ينتقد السيدة دوفي. ومن جانبها قالت السيدة دوفي، والتي تحولت بشكل مفاجئ إلى محور لاهتمام وسائل الإعلام التي توافدت على منزلها: "أنا منزعجة، فهو شخص متعلم، لماذا يتفوه بكلمات مثل هذه؟" وذكرت قبل لقائها الثاني مع براون بأنها ستمتنع عن الإدلاء بصوتها بعد الوصف النابي الذي أطلقه براون عليها. ومن جانبه قال الرجل الثاني في حزب المحافظين جورج اوزبورن عبر محطة سكاي نيوز: "اكتشفنا ما يعتقده رئيس الوزراء فعلاً". وتابع "أعتقد أن الأمر غني عن التعليق، وأنه سيتحتم على رئيس الوزراء تقديم الكثير من التوضيحات". لا شك أنكم تهرشون رؤوسكم تعجباً على سخافة هذا الحادث وعلى الضجة الإعلامية والسياسية التي رافقته في بريطانيا. ولا شك أنكم تتساءلون: هل هذه جريمة رهيبة كي يتعرض رئيس الوزراء المسكين لكل هذه الانتقادات والهجمات الإعلامية والسياسية والشعبية؟ أليست أمراً في غاية البساطة والسخافة. لا شك أنه أمر تافه جداً من وجهة النظر العربية. تصوروا، يا رعاكم الله، كيف قامت الدنيا ولم تقعد لمجرد أن رئيس الوزراء البريطاني علق تعليقاً بسيطاً على كلام إحدى الناخبات، فاستنفر الإعلام البريطاني والأوساط السياسية جمعاء، وخاصة المعارضة منها ليصبح تعليق رئيس الوزراء الخبر الرئيسي في كل نشرات الأخبار دون استثناء. لاحظوا كم كانت عادية كلمات براون بحق السيدة، فهو لم يصفها بكلمات نابية أبداً. فكيف لو مثلاً خاطبها بعبارات جارحة وجهاً لوجه، أو سلط عليها حراسه الخاصين كي يضربوها أو يشتموها كما يفعل أتفه مسؤول عربي يتعرض لانتقاد في الشارع. يا إلهي لربما زُلزلت الأرض زلزالها في بريطانيا. لم يقبل الشعب البريطاني أن يهين رئيسهم سيدة بريطانية حتى بكلمات لطيفة للغاية بالمقاييس العربية. لا بل إن براون لم يتهجم على السيدة بشكل مباشر للرد على انتقاداتها لحزبه، بل علق على كلامها سراً في سيارته، لكن حظه العاثر جعل أحد الصحفيين الخبثاء يسجل التعليق لينشره على الملأ. وبدورها لم تقبل السيدة تعليق رئيس الوزراء الذي اعتبرته مهيناً وغير مقبول. لاحظوا كيف تدافع الشعوب الحرة والحية عن كرامتها، فهي ترفض حتى الإساءات اللفظية البسيطة، فما بالك بالإهانات الجسدية، فتهب عن بكرة أبيها للثأر لكرامتها، مما جعل رأس الدولة ينحني ويذهب إلى منزل السيدة كي يعتذر لها شخصياً. آه كم تتعرض شعوبنا للإهانات اللفظية والجسدية بالجملة والمفرق ليس فقط من حكامها بل من أصغر وأتفه موظف دون أن تعبر عن شكواها، فشعوبنا تأكل الإهانة تلو الأخرى وتصمت كالحملان. ويكفي أن تزور دائرة حكومية في بعض الدول العربية لترى وتسمع كيف يقوم موظف يساوي كعب حذاء مهترئ بشتم المراجعين وتقريعهم ومسح كرامتهم بالأرض. آه لو رأيتم كيف تتم معاملة مستحقي المعونات الحكومية في بعض الدول العربية، فهم يتدافعون للحصول على مخصصاتهم الهزيلة كالأغنام، بينما يقوم الموظفون بإسماعهم ما لذ وطاب من الشتائم والإهانات حتى لو كان عمر الواحد منهم تجاوز السبعين من العمر. وحدث ولا حرج عن الجرائم المادية والجسدية التي يرتكبها حكامنا الأشاوس في حق شعوبهم، فكم من الناس ماتوا تحت التعذيب بمعرفة الحاكمين وبتشجيع منهم دون أن يكون بمقدور ذويهم حتى السؤال عنهم، فكل من يسأل عن سجين سياسي سيلحق به في بعض الدول العربية. ومن المضحك أننا نحن العرب أكثر شعوب المعمورة تشدقاً بالكرامة، مع العلم أن أصغر مسؤول عربي يمكن أن يدوس بنعاله كرامة الناس، بينما قلما تسمع شخصاً بريطانياً يتحدث عن الكرامة، لكنه مستعد عندما تتعرض كرامته للإهانة حتى من أكبر رأس في الدولة أن يرد الصاع صاعين، كما فعلت السيدة دوفي. ليت الشعوب العربية الغفيرة، عفواً الغفورة تقرأ جيداً واقعة السيدة البريطانية مع رئيس الوزراء، لعلها تبدأ بالدفاع عن حقوقها شيئاً فشيئاً في وجه حكام يتفننون في إهانة شعوبهم ودوس كراماتها بمناسبة ومن دون مناسبة دون أن تتجرأ تلك الشعوب التي استمرأت الذل والهوان على مجرد التعبير عن استيائها ولو همساً. عاشت الشعوب الحرة والحية. وسحقاً للشعوب الذليلة والمستكينة! By: د. فيصل القاسم 2010 © Al Sharq . All Rights Reserved RE: فيصل القاسم - بسام الخوري - 05-17-2010 ما أشطرنا في محاربة الاستثمار والمستثمرين! 2010-05-16 روى لي مستثمر عربي ذهب ذات يوم إلى دولة أفريقية بغية الاستثمار. وكان يظن قبل توجهه إلى أفريقيا أن دول القارة السوداء لا تقل تخلفاً وتنفيراً للمستثمرين الأجانب عن الدول العربية. لكنه تفاجأ أيما مفاجأة عندما وصل إلى البلاد وبدأ مشاوراته مع بعض رجال الأعمال المحليين. فهم لم يرحبوا به ترحيباً عظيماً فحسب، بل سهـّلوا له الطريق إلى القصر الرئاسي بسرعة البرق كي يقابل رئيس الجمهورية. وروى لي المستثمر العربي كيف استقبله الرئيس كما لو كان زعيماً، حيث رتبوا له استقبالاً فخماً، فقد وصلت إلى الفندق الذي يسكن فيه سيارة فارهة للغاية يرافقها عدد كبير من السيارات الأخرى، مما جعل المستثمر يشعر ببعض الارتباك والخجل ظناً منه أن هذا الاستقبال يمكن أن يكون لشخص آخر أكبر مقاماً، لكنه تأكد بعد لحظات أن موكب السيارات الذي وصل إلى الفندق جاء خصيصاً من القصر الجمهوري لاصطحابه إلى مكتب الرئيس. وقد وجد صاحبنا على باب القصر ما يشبه الوفد الرسمي كان بانتظاره للترحيب به. وتوالت مراسم الترحاب حتى وجد نفسه وجهاً لوجه أمام السيد الرئيس الذي كان واقفاً في بهو المكتب بانتظار الضيف الكبير. لقد كان ذلك الرئيس الأفريقي الذي استقبل المستثمر العربي ودوداً للغاية، فرحب بالضيف ترحيباً عظيماً، ثم راح يقدم له الإغراء تلو الآخر كي يسهـّل له الاستثمار في بلده، فأخبره أولاً بأنه سيمنحه قطعة أرض كبيرة مجانية كي يقيم مصنعه عليها، وسيوفر لها كل المستلزمات من طرق وصرف صحي، لا بل إنه وعده بأن يجعل المنطقة المحيطة بالمصنع منطقة جميلة مزروعة بأنواع طيبة من الأشجار. ثم قال للمستثمر إنه لن يدفع أي ضرائب للدولة لمدة خمسة عشر عاماً، وأن بمقدوره أن يُدخل ما يشاء من مواد أولية عبر الموانئ البحرية والجوية والبرية دون أن يعترض سبيله أحد، وإذا شعر المستثمر بأن هناك من ينافسه في مجاله فإن الرئيس سيصدر قراراً يخوّل فيه المستثمر العربي باحتكار صنع المنتجات التي ينتجها مصنعه دون أي منافسة له داخلية أو خارجية. وبدوره لم يصدّق المستثمر العرب الإغراءات التي قدمها الرئيس. لماذا لأنه قادم من عالم عربي تتفنن فيه بعض الحكومات العربية في تنفير المستثمرين وتحويل حياتهم إلى جحيم. لا أعتقد أن هناك دولة في العالم تنافس بعض البلدان العربية في محاربة المستثمرين العرب والأجانب الذين يحاولون الاستثمار في هذا البلد العربي أو ذاك. فلو أصغيت لبعض الذين شدوا الرحال إلى بعض الدول العربية للاستثمار في بعض المجالات لسمعت قصصا يشيب لها الولدان لما فيها من غرابة وتفنن شيطاني في سد الأبواب أمام المستثمرين والاستثمارات. وكأن هناك خطة مدروسة في بعض الدول العربية بمحاربة الاستثمار وإبقاء البلاد والعباد في حالة تخلف وفقر مدقعين. لا أعتقد أن المستثمرين الذي يأتون إلى بعض الدول العربية يحلمون بخمسة بالمائة من الترحاب والتسهيلات التي حظي بها المستثمر العربي الذي ذهب إلى أفريقيا. فغالباً ما يصل المستثمرون إلى بعض المطارات العربية دون أن يجدوا أحداً في استقبالهم. وحسبهم أن ينجوا من براثن موظفي الجمارك وحمالي المطارات الذي يحاولون ابتزازهم من اللحظة التي تطأ فيها أقدامهم أرض البلاد. وكما يقول المثل: المكتوب يـُقرأ من عنوانه، فالمعاملة التي يلاقيها المستثمرون في المطارات ما هي سوى مقبـّلات للمعاملة التي تنتظرهم داخل البلاد، حيث يتلقفهم بعض النصابين والمحتالين والمرتزقة الذين يستأثرون بالأرض وما عليها. فبينما قدّم الرئيس الأفريقي للمستثمر العربي المذكور آنفاً خدمات مجانية عظيمة لتشجيعه على الاستثمار، يبدأ القائمون على الاستثمار ومحتكروه في بعض الدول العربية بابتزاز المستثمرين الأجانب والعرب. وبدلاً من منحهم تسهيلات، يطلبون من المستثمرين على الفور أن يحددوا لهم النسبة التي سيعطونهم إياها من الأرباح، هذا إذا لم يفرضوا عليهم شرطاً مرعباً وهو أن يقبل المستثمرون بأن يشاركهم حيتان الاستثمار المحليون في أموالهم، كأن يقولوا لهم مثلاً عليكم أن تكتبوا لنا جزءاً من رأس المال باسمنا، ونحن نقوم بتسهيل الأمور لكم. وليتهم يسهـّلون الأمور فعلاً. فما أن يبدأ المستثمرون بشراء الأرض التي سيقيمون عليها استثماراتهم حتى يواجهوا ألف مشكلة وعقبة. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتمكن مستثمر أجنبي أن يستثمر في العديد من الدول العربية دون أن يمر عبر الوكلاء المحددين للاستثمار. وهم في الغالب المقربون من هذا الزعيم أو ذاك. فهم يحددون للمستثمر مجال الاستثمار، وهم الذين يخضعونه لمصالحهم الخاصة. لاحظوا الفرق بين رجال الأعمال الأفارقة وبعض رجال الأعمال العرب المحتكرين للاستثمارات في هذا البلد أو ذاك. الأفارقة اصطحبوا المستثمر العربي إلى مكتب الرئاسة كي يسهـّل له الاستثمار في البلد، أما العرب فهم ليسوا أكثر من وحوش كاسرة لا يهمهم تنمية البلاد والعباد بقدر ما يهمهم تنمية استثماراتهم الخاصة وتنمية أرصدتهم في البنوك الأجنبية. ولا عجب فمثل هؤلاء المستثمرين أو بالأحرى مصاصي الدماء لا يمتون للوطنية بصلة، فأموالهم تحوّل في العادة إلى الخارج، ولتذهب مصالح البلاد في ستين ألف داهية. فالمستثمر الوطني هو الذي يسهـّل ويشجع الاستثمار الأجنبي في بلده، لا الذي يصطاد المستثمرين العرب والأجانب كي يسلبهم أموالهم ويدمر استثماراتهم. ذات يوم أراد أحد كبار المستثمرين أن يبني منشأة سياحية في مكان عربي ما، فتكالبت عليه معظم الوزارات لتجعله يلعن الساعة التي فكر فيها بالقدوم للاستثمار في بلد عربي. فهذا الوزير يقول له إن هذه الأرض ملك عام، ولا تستطيع أن تبني فوقها منشأة سياحية، مع العلم بأن المستثمر دفع ثمنها أضعافاً مضاعفة، ناهيك عن المبالغ التي راحت إلى جيوب السماسرة. ثم يأتيه وزير آخر ليخبره بأن الأرض أثرية. ثم يأتيه رئيس البلدية ليزيد الطين بلة، ثم تأتي الشرطة لتهدده بأنه إذا وضع كيساً من الأسمنت في تلك الأرض فإنه سيذهب إلى أقبيتهم "الجميلة" كي يقضي هناك عدداً من السنين تحت الأرض. ثم يتدخل الجيران محاولين ابتزاز المستثمر كل على طريقته، فمنهم من يعده بتسهيل الأمور عند الوزارة الفلانية لو دفع المبلغ المرقوم، وآخر يغريه بالتوسط له عند المستثمر الفلاني أيضاً مقابل الدفع مسبقاً. وهكذا دواليك. وحدث ولا حرج عن الصعوبات والعقبات والمنغصات التي تواجه المستثمر فيما لو نجح بعد إفراغ جيوبه في شراء الأرض. فلا يمكنه أن يحصل على آليات من دوائر الدولة إلا بعد أن يرشي البواب قبل رئيس البلدية، ناهيك عن تخصيص مبالغ محددة لرئيس المنطقة ومن لف لفه من رجال الشرطة وأشباههم. كل بمقدار في بعض البلدان العربية، فلا تحلم أن تحصل على أي موافقة دون أن ترصف الطريق إليها بالكاش أو غيره. ولا داعي لذكر العقبات التي تضعها بعض الدول في وجه الاستثمار الأجنبي بحجة الحفاظ على الاقتصاد الوطني، وهي حجج لم تعد تقنع تلاميذ المدارس. فأكبر عدو للاقتصاد الوطني هي بعض الحكومات ولصوصها المتدثرون بلباس حكومي ووطني زائف. كيف يمكن أن نصف البلدان العربية التي تحارب الاستثمار والمستثمرين المحليين والأجانب؟ أليست هذه هي الخيانة الوطنية بعينها؟ هل هناك خيانة للأوطان والشعوب أحقر وأسفل من هذه الخيانة؟؟؟ By: د. فيصل القاسم 2010 © Al Sharq . All Rights Reserved RE: فيصل القاسم - بسام الخوري - 05-21-2010 كنت أتمنى أن يفي بوعده د. فيصل القاسم مقدم البرنامج الحواري «الاتجاه المعاكس» بقناة «الجزيرة» وذلك بأن يشارك في الجلسة الختامية التي عقدها منتدى الإعلام العربي في دبي لمناقشة محاور ونتائج دراسة علمية أجريتها عن «سلوك مقاطعة المتحدثين في البرامج الحوارية التلفزيونية». وسبب رغبتي الملحة لمشاركته زاد خصوصا عندما اتهمه مدير الجلسة د. عبد الخالق عبد الله بأنه «تهرب من المواجهة.. ولم يبد سببا مقنعا لاعتذاره المفاجئ عن المشاركة» حيث أعلن عن اسمه في المطبوعات والتصريحات الصحافية. وقال د. عبد الخالق إن القاسم هو «أكثر شخص معني بهذه الجلسة» لأن برنامجه كثيرا ما يوجه إليه انتقادات، منها أنه يقاطع ضيوفه ولا يمهلهم وقتا كافيا للتعبير عن آرائهم. كنت أتمنى أن يعلق د. القاسم على النتيجة التي توصلنا إليها، أنا وزميلي رئيس قسم الإعلام بجامعة الكويت د. يوسف الفيلكاوي، وهي أن 25 في المائة من مقدمي البرامج الحوارية العرب يقاطعون ضيوفهم بطريقة غير لائقة وفي الوقت غير المناسب، إذ يفترض أنهم كمحترفين قد تدربوا على عدم الوقوع في هذا الخطأ. ولماذا لا يتحلى 40 في المائة من المذيعين بآداب الحوار أي يفتقرون إلى اللباقة أثناء المقاطعة. الإعلامي الذكي تركي الدخيل، صاحب برنامج «إضاءات» بقناة «العربية»، كان مشاركا وبرر المقاطعات بأنها تعتمد على طبيعة الحوار، وأنه لا يستطيع الانتظار لمدة طويلة حتى يقاطع، وهو ما نتفق معه. أما مقدم برنامج «القاهرة اليوم» على قناة «أوربت» عمرو أديب فبرر سبب المقاطعة بأن «الضيف العربي صعب جدا».. ولا يجيب عن السؤال مباشرة مقارنة بالضيوف الغربيين. أما مقدم برنامج «كلام الناس» في قناة «LBC» اللبنانية مارسيل غانم فيرى أن المقاطعة ضرورية للمحاور. شخصيا أرى أن مقاطعة المتحدث أداة فعالة في أي حوار، وخصوصا التلفزيوني والإذاعي، لأن هذا النوع «المحمود» من المقاطعة يستطيع من خلاله المرء تصحيح ما قد يسمعه من معلومات خاطئة قبل استرسال محدثه، أو تنبيه المتكلم إلى أنه خرج عن صلب الموضوع، وتكون المقاطعة مهمة في حالة عدم فهم ما يرمي إليه المتحدث، كما يلجأ إليها أحيانا في حالة احتكار المتحدث للحديث. وربما يحتاج المذيع أو صاحب المجلس أن يقاطع المتحدث إذا خرج عن حدود الأدب وصار يشتم هذا ويسب ذاك. ولأن أكثر سبب للمقاطعة - بحسب الدراسة - هو الرغبة في طرح سؤال (بنسبة 42%) فإن المتحدث يجب أن يراعي مسألة في غاية الأهمية وهي ألا يقاطع الآخرين بسؤاله إلا حينما «تكتمل فكرة المتحدث» أو في لحظة صمته أو عندما «يفرغ كلية» من حديثه، ليكون أكثر استعدادا للاستماع. وعندما سئل المذيع الأميركي لاري كينغ، صاحب البرنامج الحواري الأشهر في العالم بقناة «CNN»، عن سبب نجاحه، قال إنه يعود لسبب بسيط، وهو أنه «منصت جيد ويعرف متى يطرح السؤال المناسب». وللأسف الشديد نلاحظ سلوكا شائعا في مجتمعنا العربي وهو أن المتحاورين يقاطعون محدثهم فور تذكرهم لأي فكرة، متناسين أن الحوار الجماعي هو مثل الوقوف في طابور ينتظر كل شخص فيه دوره، فمن نلحظ من إيماءاته رغبة ملحة بالتحدث، لا بد أن نعطيه الأولوية في التحدث، وذلك حتى تكون حواراتنا مريحة لنا وللمستمعين. ولو أن كل شخص شرع بمقاطعته أو مداخلته فور ورودها إلى ذهنه فستكون حواراتنا صاخبة بل مزعجة. ولأن البرامج التلفزيونية تقدم نموذجا يوميا للمشاهد العربي بجميع فئاته، فإنه حري بمقدمي هذه البرامج، الذين يؤدون دورا مهما في المجتمع، أن يراعوا مسألة آداب الحوار والمقاطعة حتى لا تصبح برامجنا الحوارية كما سماها الكاتب الراحل د. أحمد الربعي «صراع الديكة على الفضائيات»! m.nughaimish@asharqalawsat.com RE: فيصل القاسم - بسام الخوري - 05-23-2010 ديموقراطية الوحوش وفرائس الديموقراطية 2010-05-23 لا أحد يستطيع أن ينكر أبدا أن الحكومات الأوروبية والأمريكية تمارس أعلى درجات الديموقراطية مع مواطنيها داخل بلدانها. وهذا واضح للعيان في حالات كثيرة. ولا شك أن العديد منا سمع عن الجهود الجبارة التي تبذلها تلك الحكومات لإنقاذ حياة مواطن غربي اختطف في بلد ما أو تعرض لمكروه. فترى السفارات الغربية تتأهب بكل طاقمها من أجل هذه المهمة وتمارس ضغوطا كبيرة على المسؤولين في أي بلد كي يتدخلوا من أجل ذلك. ولا تتردد الحكومة الأمريكية أحيانا في إرسال الوحدات العسكرية والطائرات للمساعدة في تخليص مواطن ضل طريقه في الجبال أو الغابات والأدغال، لا بل هي مستعدة أحيانا أن تغامر عسكريا لإنقاذ أرواح مواطنيها المحتجزين في أي مكان من العالم. وقد شاهدنا كيف ضحى الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر ذات مرة بمستقبله السياسي عندما غامر وأرسل طائرات حربية لتخليص الرهائن الأمريكيين الذين كانوا محتجزين في طهران. وقد فشلت العملية. لكنها كانت عملية جديرة بالمحاولة بالنسبة لهم مهما كانت النتيجة. وقد شاهدنا أيضا كيف تعامل الأمريكيون مع مواطنهم جون ريد واكر، الذي كان يعمل مع حركة طالبان والقاعدة بقيادة أسامة بن لادن. فبينما تم شحن رفاقه من الأفغان والعرب والأجانب الآخرين، الذين تم القبض عليهم، في أقفاص للحيوانات إلى معسكر غوانتانامو في كوبا بطريقة بشعة للغاية، قامت القوات الأمريكية في أفغانستان بعزل المواطن الأمريكي عن الآخرين ثم أرسلته إلى ألمانيا كي يتلقى العلاج أولا وبعد ذلك أرسلوه إلى المحاكم المدنية في أمريكا لا إلى المحاكم العسكرية التي أمر بإنشائها الرئيس بوش لمحاكمة المتورطين من الأجانب في الاعتداءات على واشنطن ونيويورك. ولم تتم مصادرة جواز سفره. وكان له كل الحق في الاستعانة بمحامين كي يدافعوا عنه أمام المحاكم الأمريكية، بينما لا أحد يعرف عما يجري لزملائه الأجانب في غوانتانامو. انظر كيف اختلفت المعاملة جوهريا بالنسبة للمواطن الأمريكي. وهذا طبعا ليس شيئا سلبيا، بل على العكس من ذلك، يدل على احترام الدولة الأمريكية لمواطنيها حتى لو لم تحترم الأجانب. فهي دولة مواطنوها أولا وأخيرا، فهم الذين انتخبوها وهم الذين يدفعون الضرائب لتسييرها. صحيح أن المستعمر البريطاني مثلا مارس أبشع أنواع العنصرية في تعامله مع الشعوب التي استعمرها. وصحيح أيضا أن شاعرا إنكليزيا متطرفا مثل روديارد كيبلنغ شاعر الإمبراطورية كان يعتبر كلبه أطهر من العبيد الأفارقة الذين كانوا يخدمون في منزله في إحدى المستعمرات البريطانية في القارة السوداء. ولا أحد يستطيع أن ينكر حقارة الاستعمار الغربي من فرنسي وبرتغالي وهولندي في تعامله مع شعوب البلدان التي استعمرها. فقد كان هذا الاستعمار أسفل من السفالة ذاتها، وكلنا يتذكر همجية ونذالة وبشاعة المستعمرين من خلال كتب التاريخ. لكن يجب ألا ننسى أيضا أن هذا المستعمر اللعين كان غاية في اللطف مع مواطنيه داخل بلاده وبالتالي وطنيا إلى أبعد الحدود، فقد كان يستعبد الآخرين ويمتهن كراماتهم وينهب خيراتهم لا لشيء إلا لإسعاد مواطنيه في الداخل وتحسين أوضاعهم. المهم أن الخيرات التي كان يجنيها المستعمر من مستعمراته كانت تعود في نهاية المطاف إلى بلاده. وهذا هو بيت القصيد. فالوطن عندهم أهم من كل الدنيا. وإذا نظرنا إلى واقع العلاقات الدولية الحالية، نرى أنها لا تختلف بأي حال من الأحوال عما كان عليه الوضع أيام الاستعمار القديم. فالغرب الديموقراطي حتى النخاع يتصرف الآن مع بقية دول العالم بنفس الطريقة البشعة التي كان يتصرف بها المستعمر مع مستعمراته، حتى إن البعض يرى في التعامل الأمريكي الحالي مع العرب نموذجا أسوأ بكثير من تعامل الاستعمار البريطاني مع الهند مثلا. فقد ضربت أمريكا مثلا صارخا في الاستخفاف بكرامة الشعوب الأخرى. ولعلنا نرى كيف أن الإدارة الأمريكية تعامل العرب والمسلمين كأتباع إن لم نقل كأنعام وعبيد، ضاربة عرض الحائط بكل القيم الديموقراطية التي تمارسها في الداخل. فلم يتردد المخطط الاستراتيجي الأمريكي الشهير بريجنسكي ذات مرة في وصفنا ووصف بعض المناطق الآسيوية بأننا ننتمي إلى فئة البرابرة. وكي لا نذهب بعيدا بإمكاننا أن نلقي نظرة سريعة على الطريقة السافلة التي تتعامل بها الدولة العبرية مع "المواطنين" العرب داخلها. فبالرغم من أنهم يحملون جنسيتها وجواز سفرها إلا أنهم لا يتمتعون بالمواطنة الكاملة. لاحظوا عنصرية الديموقراطية الغربية ومنها الإسرائيلية طبعا. وعلى هذا الأساس يمكن القول إن الديموقراطيات الغربية العتيدة يمكن أن تتصرف مع الغير وخارج حدود أوطانها كأبشع الديكتاتوريات المقيتة والمنحطة. وقد يتساءل البعض حائرين من هذه الازدواجية الصارخة في طريقة التعامل الغربي مع الداخل والخارج. كيف يمكن أن يكون الرئيس الأمريكي أو رئيس الوزراء البريطاني وأمثالهما من القادة الغربيين، كيف يمكن أن يكونوا ديموقراطيين ومتسامحين مع مواطنيهم إلى أقصى درجة ويطبقون المعايير الديموقراطية بحذافيرها من احترام للحريات ومراعاة للحقوق، بينما يدوسون في الوقت نفسه على كرامات وحريات وحقوق الشعوب الأخرى بطريقة مهينة للغاية دون أي تردد أو وخز للضمير؟ لماذا يخشى الزعيم الغربي من مجرد دعوى قضائية بسيطة قد يرفعها مواطن ضد الحكومة، بينما يضرب عرض الحائط بكل الاحتجاجات الدولية الشعبية منها والرسمية ضد سياسة بلده؟ لماذا يلتزم القائد الغربي بأبسط قواعد التصرف مع مواطنيه، بينما ينتهك كل القوانين والأعراف والقيم والنواميس الدولية الأخرى حينما يتعلق الأمر ببلدان وأقوام أخرى؟ لقد حاولت ونقبت كثيرا كي أجد جوابا شافيا لهذه الأحجية أو المعضلة الأخلاقية المعقدة، ولعلني نجحت في إيجاد الحل. لقد توصلت إلى نتيجة مفادها أن الزعيم الغربي يتعامل مع شعبه بنفس الطريقة التي يتعامل بها الوحش المفترس في الغابة مع الحيوانات الأخرى. لا شك أنكم شاهدتم كيف يتعامل الأسد والنمر والفهد والضبع والذئب وغيرها من الحيوانات الكاسرة مع بقية الحيوانات. فالضباع مستعدة أن تصطاد الغزال وحمار الوحش والجواميس وغيرها من الحيوانات كي تأكل وتُطعم أبناءها. إنه لمنظر عجيب أن ترى النمر يمزق أشلاء الأرانب والغزلان ثم بعد لحظات قليلة تراه يداعب أبناءه الصغار بحنو وعطف ودماثة عز نظيرها. وكذلك الأمر بالنسبة للبوة، فهي تطارد الحيوانات الضعيفة بشراسة وهمجية لا مثيل لهما، لكنها تعود بعد قليل إلى صغارها وهي تحمل الفريسة بكل تواضع وحنان كي تسد رمقهم. فالحيوانات المفترسة تبدو في غاية الديموقراطية والتسامح مع المقربين منها من الحيوانات الضارية الأخرى، لكنها في غاية التسلط والديكتاتورية والعدوان والقمع والبطش مع الحيوانات المغلوبة على أمرها. وهكذا الأمر بالنسبة للديموقراطيات الغربية. فهي "بالفطرة الديموقراطية" نعامة مع شعوبها وعلى الشعوب الأخرى أسود. بعبارة أخرى فإن الديموقراطية تبقى شأنا داخليا صرفا في مجتمعي الإنسان والحيوان. ولا ديموقراطية أبدا في العلاقات الخارجية أو الدولية. وهذا ما لم نفهمه نحن العرب حتى الآن. لهذا ترانا نسير عكس التيار حكاما وشعوبا. فالزعيم العربي في بعض الأحيان أكثر ديموقراطية مع الأجانب ألف مرة مما هو مع شعبه، فهو يتواضع ويتسامح ويلين مع الغير حتى لو باع الوطن أحيانا. أما مع شعبه فهو أشرس الشرسين، يبطش ويقمع ويضطهد ويصادر ويدوس الأخضر واليابس. وحتى نحن الشعب العربي نبدو أحيانا أكثر كرما ولطفا وكياسة مع الأجنبي مما نحن مع بعضنا البعض. وليتنا نتعلم نحن العرب أصول الديموقراطية من الحيوانات الكاسرة، فنهتم ببعضنا البعض وندافع عن مصالحنا الخاصة حتى لو تجنينا على الآخرين. لكن واأسفاه! فنحن كواسر على بعضنا وأرانب مع الغير على عكس كل النواميس الإنسانية والحيوانية. By: د. فيصل القاسم 2010 © Al Sharq . All Rights Reserved RE: فيصل القاسم - بسام الخوري - 05-23-2010 صحفي سوري يدافع عن فلحوط ويهاجم فيصل القاسم طباعة أرسل لصديق عدنان عبد الرزاق : سيريا أوول 23/ 05/ 2010 وقع فيصل القاسم معد ومقدم برنامج الاتجاه المعاكس في شر أسلوب الصراخ والتقويل وإعادة تشكيل العداء الذي امتهنه منذ انطلاقة محطة الجزيرة، إذ لم تعد الغوغائية واللعب على مشاعرالمواطن - حسب إعتقاده والجزيرة - لتنطلي على المتلقي الذي ملَّ الانحياز ونبش جمر الأحقاد والطائفية والأصولية من تحت الرماد ، وإن انطلت في سنوات انطلاقة الجزيرة الأولى بحكم تلهف وتلقف المتفرج العربي لكل ماهو غير مألوف ولكل من يكون لسان حاله ....في سنوات القحط الإعلامي .. فيصل القاسم وفي حلقة برنامجه الرتيب الأخيرة خرج عن المهنية - كما حالته دوماً - ووقع في المشاركة للإساءة للحكام العرب ومنهم السيد الرئيس بشار الأسد، من خلال صمته على الأقل وعدم التدخل للمقاطعة ، ليس لأن ضيفه في استوديو قطر الصحافي " أبو فراس الحمداني " أساء للرئيس الأسد فقط ، بل ولأن الحلقة متخصصة في " اتحاد الصحفيين العرب بين التبعية والاستقلال " وزج الرؤساء فيها خروج عن الموضوع. ضيف القاسم الجمداني قال" هل يستطيع أي صحفي في سوريا أن ينتقد رئيس الدولة أو ينتقد الحزب الحاكم أو ينتقد الحرس القديم أو ينتقد حالة الفساد أو ينتقد المحسوبية أو ينتقد عائلة بشار الأسد اللي مسيطرة على كل الاقتصاد على الاتصالات وعلى التجارة وكل شيء ممكن.." ولم يك استهداف الرؤساء من الصحافي العراقي عابراً، بل تكرر مراراً وإنما لدول دون الأخرى، إذ صب ما أُملي عليه على الرئيس الأسد " فلحوط 25 سنة نقيب الصحفيين في سوريا، ما أعرف شنو المواصفات التي يحملها بحيث عائلة الأسد مكيفة به.." وعلى أمير قطر والرئيس التونسي زين العابدين بن علي فقط.. قد يكون من حق أي ضيف تلفزيزني أن يعبر عن رأيه، ونحن هنا لسنا محامين ولا منظري إعلام، إنما المهنية- بحسب إعتقادنا - أن يلتزم الضيف بموضوع الحلقة، وإن شذ فمن دوروحق المقدم أن يصوب ويعيد الحوار لسياقه الطبيعي، لأن الخروج عن موضوع الحلقة أربك الضيف الثاني صابر فلحوط الذي شارك عبر "D T L" من دمشق ووضعه في موضع لا يشتهيه، لأن فلحوط جاء ليُحاور حول العلاقة بين الاتحاد والحكومات العربية- أوضاع الصحفيين العرب وحرية الصحافة- جدوى الاتحاد والعلاقة بين الصحفيين واتحاداتهم- حول الشفافية والديمقراطية والحرية داخل الاتحادات، ولم يأت ليدافع عن الرئيس التونسي وبقائه في السلطة . أعتقد أن من المهنية تدخل القاسم لإعادة سياق الحلقة إلى طبيعته، كأن يسأل عن مفهوم الحرية والحيادية النسبي في أي وسيلة إعلامية في العالم، لأن الحرية في ال CNN قد تكون لا حرية من وجهة نظر المستهدف، كما أن الحيادية التي تدعيها ال BBC قد تكون انحيازاً من وجهة نظر ال CNBC لأن لا أحداً يصدر وسيلة إعلامية ابتغاء مرضية الله، أو أن يسأل ضيفه " المستورد" عن الحريات الإعلامية حيث يعيش والدور التضليلي الذي تنتهجه وسائل إعلام الغرب والشمال لحرف قضايا العرب عن حقيقتها. نأسف إن أخذنا دور الأستذة لكن ما يعتمده فيصل القاسم وأغلب من في الجزيرة من أساليب إعلامية إنما تزيد من واقعنا العربي السئ أصلاً سوءاً وتزيد من حالات الإنقسام والشرذمة، وهذا ما نعتقده غير هدف قطر وغير نهج ال BBC التي خرجتهم عدنان عبد الرزاق : سيريا أوول العنوان الاصلي :أبو فراس الحمداني جرَّ الجزيرة للاتجاه المعاكس RE: فيصل القاسم - بسام الخوري - 05-30-2010 تبـّاً لمثقفين يرفعون المجرور وأكاديميين ينصبون الفاعل! 2010-05-30 كتبت قبل فترة مقالاً هجائياً بحق الحكام العرب بعنوان "متى يتعلم الحكام العرب اللغة العربية؟" وبعدها بمدة كتبت مقالاً نقدياًً بحق مدرسي اللغة العربية بعنوان "مدرسو اللغة العربية ألد أعدائها"، فثارت ثائرة بعضهم دون أن يعلموا أن مقالي إياه هو أول الغيث، فالخير للأمام إن شاء الله. واليوم لا بد من فضح بعض مثقفينا وكتابنا المزعومين الذين يضربون بالنحو عرض الحائط، ولا يكلفون أنفسهم عناء تعلم أبسط قواعد اللغة. ولنتساءل أولاً : هل يمكن أن يكون المثقف مثقفاً، والأكاديمي أكاديمياً إذا كان يرفع المنصوب ويجر الفاعل وينصب المجرور؟ أليست اللغة وعاء الفكر؟ متى يعلم المثقف أو الإعلامي أو الأكاديمي العربي أن الحديث بلغة عربية هزيلة نحواً وصرفاً يقلل كثيراً جداً من قيمة المتحدث، لا بل يجعله مهزلة أمام جمهوره ؟ صحيح أن معظم حكامنا يتقنون لغة الضاد كما أتقن أنا اللغة الهيروغليفية، لكن ذلك يجب أن لا يكون بأي حال من الأحوال عذراً للمثقفين والأكاديميين والمتحدثين العرب الذين يظهرون في وسائل الإعلام، أو يلقون محاضرات أو يشاركون في مؤتمرات. حضرت قبل فترة محاضرة لفنانة تشكيلية عربية. وقد قامت بتقديمها للحضور أكاديمية عربية تحمل شهادة الدكتوراه، وتدّرس في إحدى الجامعات العربية. وكم شعرت بالإحراج وأنا أستمع إلى تلك الدكتورة وهي تقترف مجازر لغوية أثناء تقديمها للفنانة التشكيلية. فقد نظرت في وجوه بعض الحضور وقد امتلأت سخرية وتهكماً على تلك الدكتورة وهي تتفنن بالإساءة إلى اللغة العربية، فمرة ترفع المبتدأ وتنصب الخبر، ومرة تجر المبتدأ والخبر معاً، ومرة تجر الخبر وتنصب المبتدأ. ومرة تنصب المجرور. ومرة تجر الفاعل، ومرة تكسر الفعل المضارع، ومرة تضم الفعل الماضي بخفة متناهية دون أن يرمش لها جفن خجلاً أو تردداً، ناهيك عن لفظ بعض الكلمات كما لو كانت سنسكريتية. فقد كانت "الدكتورة" تطحن اللغة العربية بثقة واسترسال عز نظيره. يا الله ألا تعرف تلك الدكتورة أن أحرف الجر تجر الكلمة التي تليها إلا عندما تكون ممنوعة من الصرف فتـُجر بالفتح عوضاً عن الكسر؟ ألا تعرف أن "إن وأخواتها" تنصب الاسم، وترفع الخبر؟ ألا تعرف قاعدة "كان وأخواتها" البسيطة جداً التي ترفع المبتدأ وتنصب الخبر، أي عكس قاعدة إن وأخواتها؟ ألا تعرف أن الفعل الماضي يكون دائماً مفتوحاً، والمضارع مضموماً، والأمر ساكناً؟ إن هذه القواعد البسيطة لا يستغرق تعلمها منا أكثر من سويعات. لكن مع ذلك، فلا يتجشم مثقفونا عناء تعلمها كي يحترموا ذواتهم، ويجنبوا أنفسهم سخرية المستمعين. ألم يقل أحد الطلاب أو الطالبات لمدرستهم إياها إنك جاهلة بأبسط قواعد اللغة يا دكتورة؟ ألا تخجلين من نفسك؟ كيف تقبلين أن تعلمي الطلاب بلغة عربية مضحكة؟ ألا تعلمين أن المعلومات المقدمة بلغة جيدة تصل إلى المتلقين بطريقة أفضل بكثير؟ ألا تعلمين أن الأفكار الجيدة لا بد أن تـُقال بلغة حسنة، وإلا فقدت الكثير من قيمتها وهيبتها؟ وقبل فترة استمعت إلى محاضرة لرئيس مكتبة عربية شهيرة جداً، فراح ذلك "الفطحل" يتحدث في محاضرة له بلغة عربية ليست ركيكة فحسب بل مفعمة بالأخطاء اللغوية الرهيبة جداً، مثله في ذلك مثل الدكتورة آنفة الذكر. فتساءلت: كيف يريد منا ذلك البروفسور الذي تواجهنا صوره في معظم التلفزيونات والصحف والمجلات أن نحترمه إذا كان غير متقن لأبجديات اللغة؟ كيف يكتب مقالاته التي ينشرها في الصحافة العربية؟ ألا يخجل أن يصحح له المدققون اللغويون كل كلمة يكتبها؟ تباً لك أيها البروفسور المزعوم! وفي السياق ذاته، حضرت منذ مدة مؤتمراً شارك فيه "نخبة" من المثقفين والكتاب والإعلاميين والخبراء، فواجهت المشكلة ذاتها إلى حد أن أحد المفكرين خرج غاضباً من الجلسة مطالباً المشاركين أن يحترموا اللغة العربية، فهذا خبير استراتيجي "عظيم" لا يميز المنصوب من المجرور، ولا الفاعل من المفعول، ناهيك عن أنه كان يرفع معظم الكلمات بخفة عجيبة، وكأنه كان يحاول إقناعنا بأن كل الكلمات العربية يمكن أن تكون مضمومة. ثم لحق به كاتب عربي مشهور فراح ينصب ويجر ويرفع على هواه. وكم تمنيت لو أنه لفظ رقماً واحداً من الأرقام التي استشهد بها في المؤتمر بطريقة صحيحة، فكان يؤنث المؤنث، ويذكــّر المُذكر على عكس القاعدة اللغوية، كأن يقول مثلاً: جاء خمس رجال، وجاءت خمسة نساء، والعكس صحيح طبعاً. وحدث ولا حرج عن تفننه في التبشيع بالممنوع من الصرف، فكل الكلمات عنده يمكن جرها بالكسرة، وكل الكلمات يمكن تنوينها بغض النظر عن كونها ممنوعة من الصرف أو لا. هل سمعتم يوماً كاتباً أو أكاديمياً أو إعلامياً بريطانياً أو أميركياً يستخدم are محل is أو am أو ينسى إضافةing للفعل المضارع؟ بالطبع لا، فهذه قواعد بسيطة جداً لا يمكن أن ينتهكها حتى تلاميذ المدارس في الغرب، فما بالك بالمثقفين والأكاديميين. أما عندنا فيمكن أن ترى أكاديمياً أو كاتباً عربياً يخطئ في تشكيل جملة بسيطة للغاية من قبيل: "ذهب الطالب إلى المدرسة"، فبدلاً من رفع الطالب، يكسره أو يفتحه. أما المدرسة فتكون محظوظة لو لم تتعرض للنصب. كله عند العرب صابون لغوياً. وذات مرة حضرت مؤتمراً، فقام مقدم الحفل بتقديم سيدة عربية تحمل عشرات الألقاب والمهمات، لكنها عندما بدأت بالحديث استغرب الكثيرون تدني مستواها اللغوي إلى حد أنني اعتقدت للحظات أنها كانت تقدم لنا مجموعة من الأخطاء اللغوية الفادحة لا أكثر ولا أقل. وكم شعر الجمهور بالغبطة عندما تعثرت خطاها وهي تنزل من المنصة فسقطت على الأرض، فهمس الجالس إلى جانبي ساخراًً: هذا جزاؤك على الإجرام بحق أحرف الجر أيتها الأمية!. والغريب في الأمر أن "المثقفين والأكاديميين" الذين يرتكبون جرائم بشعة بحق اللغة العربية يتباهون في الآن ذاته وهم يتحدثون أمام الجمهور بلغاتهم الأجنبية وخاصة الانجليزية، فينطقونها دون أية أخطاء لفظية أو قواعدية. وكم أشعر بحزن شديد عندما أقابل في بعض الندوات كوادر وقيادات عليا من مختلف المجالات وهم يعتذرون عن تدني مستوى لغتهم العربية، ثم يطلبون منك أن تستمع إليهم وهم يتحدثون لغة أجنبية. لو كنت مكان الجامعات العربية لأجريت امتحان لغة عربية لكل الأساتذة الجدد في كل الاختصاصات نظراً لأميتهم اللغوية. أما بخصوص الأساتذة القدامى فعليهم بدورهم أن يخضعوا لامتحان لغة حتى لو اشتعل شعرهم شيباً. وكل من يرسب عليه التوقف عن التدريس حتى يتعلم أبجديات اللغة. لقد أثبتت دراسة أكاديمية حديثة بأن ضيوف البرامج الحوارية في التلفزيونات العربية يكونون أكثر تأثيراً وإقناعاً عندما يستخدمون اللغة العربية الفصحى. كما أثبتت أيضاً أن المشاهدين يفضلون المتحدثين الفصحاء أكثر من المتحدثين الذين يستخدمون العامية أو اللغة العربية المكسرة، حتى لو لم يكن أولئك المشاهدون يعرفون قواعد اللغة العربية، لا بل إنهم يحترمون مستخدمي الفصحى كثيراً، بينما يميلون إلى الاستخفاف بالضيوف الذين يلحنون، ويستهزئون بهم. سحقاً لمثقفين وأكاديميين يجهلون ألف باء اللغة العربية! والله عيب عليكم! استحوا على شيبتكم! By: د. فيصل القاسم 2010 © Al Sharq . All Rights Reserved RE: فيصل القاسم - بسام الخوري - 06-06-2010 الغضب العالمي من إسرائيل مجرد هواء ساخن! 2010-06-06 لو كانت إسرائيل تعلم أن العالم سيتذكر كل مجازرها وفظائعها لربما توقفت عن اقتراف المزيد منذ زمن بعيد، لكنها تعرف جيداً أنها قادرة على تكرار الجريمة تلو الأخرى دون أدنى عواقب بالرهان على نعمة النسيان أولاً، وثانياً بالاعتماد على أذرعها السياسية والإعلامية الرهيبة التي تصوغ الرأي العام في عواصم القرار في أوروبا وأميركا. من منكم يتذكر ما حدث لقطاع غزة قبل مدة بسيطة جداً كي لا نغوص في تاريخ الإرهاب الصهيوني الممتد على مدى أكثر من نصف قرن؟ لقد قتلت إسرائيل مئات الأبرياء، وسوّت أجزاء من أراضي القطاع بالأرض، لا بل إن نيرانها وصلت إلى مراكز الأمم المتحدة ذاتها فدمرتها عن بكرة أبيها بحجة أنها تؤوي مقاتلين من حماس، ناهيك عن إغراق سماء القطاع بالدخان الفوسفوري الأبيض الرهيب الممنوع دولياً الذي أذى الزرع والضرع والحجر والبشر. وكلنا يعرف كيف تبخـّر تقرير "غولدستون" الشهير الذي ظن بعضنا وقتها من شدة احتفاء بعض الإعلام العربي به بأنه سيقضي على إسرائيل إلى غير رجعة. لكنه غدا عصفاً مأكولاً، ناهيك عن أن غزة تعيش حصاراً رهيباً بعد كل مآسيها التي سببها العدوان الإسرائيلي. وقبل العدوان على غزة كادت إسرائيل أن تحوّل أجزاء من لبنان إلى أكياس من الرمل كما توّعد أحد خاماتها. وقبل مدة اغتالت المخابرات الإسرائيلية أحد قادة حركة حماس في دبي، فتم فضحها بالصوت والصورة، لكن ماذا بعد، فالذي ضرب ضرب، والذي هرب هرب، كما يقول المثل الشعبي. وها هي الآن تقتل العديد من نشطاء "أسطول الحرية" الذين كانوا يحاولون كسر الحصار المفروض على غزة. صحيح أن وقوع قتلى أتراك في الحادث الأخير ربما يوّسع دائرة الغضب من إسرائيل، لكنه سيطويه النسيان في القريب العاجل، كما طوى قبله جرائم إسرائيلية أكبر وأخطر بكثير، وستعود حليمة إلى عادتها القديمة بأسرع مما نتصور. وإذا فشل النسيان في محو الجرائم الإسرائيلية من الذاكرة العالمية، فإن آلة الدعاية الصهيونية الرهيبة تتكفل في طمس ما تبقى منها بلمح البصر. المتابع للإعلام العربي ربما يعتقد هذه الأيام أن العالم أجمع يشتعل غضباً من إسرائيل. لكن الصورة ليست بهذا الشكل أبداً. فالإعلام العربي يبقى عربي التأثير حتى لو وصل إلى أقاصي الدنيا. ناهيك عن أن إعلامنا يعمل وللأسف بمبدأ "وعظ المؤمنين أصلاً". أي أنه يخاطب جمهوراً لا يساوره أدنى شك حول همجية إسرائيل وفاشيتها الرهيبة. بعبارة أخرى فجمهورنا ليس بحاجة لمزيد من الشحن والتحريض ضد إسرائيل لأنه تربى منذ نعومة أظفاره على كره الكيان الغاصب. وبالتالي من الخطأ الفادح الاعتقاد أن العالم كله بات يناصب تل أبيب العداء، ويريد الانتقام منها. هذا غير صحيح بالمطلق. فالجريمة الإسرائيلية لم تحظ بنفس الأهمية الإخبارية في الدول الغربية التي يحسب لرأيها العام حساباً. فالصورة هناك تـُـقدم بطريقة تجعل الملايين من أبناء تلك البلدان يباركون الجريمة الإسرائيلية بحق نشطاء "أسطول الحرية"، هذا إذا لم يظهر أولئك النشطاء في إعلام أميركا وأوروبا على أنهم ثلة من "الإرهابيين" الذين اخترقوا المياه الإقليمية الإسرائيلية لإيصال الزاد "لإرهابيي" غزة. فعندما تسمع نائب الرئيس الأميركي بايدن وهو يبارك التصرف الإسرائيلي الهمجي بحق قوافل الإغاثة يجب أن ندرك فوراً بأن رأي بايدن هو رأي الأغلبية العظمى من الأميركيين والأوربيين إزاء حادث "أسطول الحرية". وبالتالي فإن الإسرائيليين يدركون جيداً أن كل هذه "الهيصة" غير الأميركية والأوروبية حول تعرضهم لقافلة الحرية مجرد هواء ساخن لا أكثر ولا أقل كي لا نقول كلاماً أكثر سخرية. إذا كانت هناك بضعة مواقع إلكترونية ومجموعة من الفضائيات تحاول فضح التصرف الإسرائيلي الأخير، فإن إسرائيل محمية بأكثر من اثنين وعشرين ألف موقع إلكتروني تعمل دون كلل أو ملل بطريقة إعلامية غاية في المكر والدهاء لإبقاء صورة الدولة العبرية بيضاء في أعين الملايين إن لم نقل المليارات من البشر، ناهيك عن أن أهم الصحف في الغرب في الجيب الإسرائيلي، بالإضافة طبعاً إلى مئات القنوات الأرضية والفضائية الجبارة التي ما زالت تقدم إسرائيل منذ احتلالها لفلسطين على أنها الدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. قد يجادل البعض بأن الصورة أعلاه ليست بتلك القتامة التي قدمتها، فالرأي العام الأوربي قد تغير إلى حد كبير، وأيضاً الرأي العام الأميركي ولو بدرجة أقل فيما يخص نظرته لإسرائيل. وهذا أيضاً صحيح. ولا يسعنا هنا إلا أن نشد على أيدي المتضامنين الأوروبيين مع قضايانا، هذا فضلاً عن أن الغالبية العظمى من الشارع الأوروبي باتت تعتقد أن إسرائيل هي أكبر خطر على السلام العالمي كما أوضح استفتاء أجراه الاتحاد الأوروبي قبل سنوات. لكن السؤال المطروح، ما قيمة رأي السواد الأعظم من الأوروبيين؟ هل تغيرت التصرفات الإسرائيلية بعد ذلك الاستفتاء الأوروبي القنبلة الذي فضح الكيان الصهيوني؟ بالطبع لا. ناهيك عن أن قادة أوروبا وإعلامها الموجه صهيونياً استطاع أن يدفن نتائج ذلك الاستفتاء بسرعة البرق لحماية إسرائيل من أية عواقب شعبية. وأتذكر أن رئيس الاتحاد الأوروبي وقتها عمل المستحيل كي يحوّل الأنظار بعيداً عن ذلك الاستفتاء، هذا إذا لم تكن الجهة التي قامت بالاستفتاء قد ذهبت في ستين ألف داهية على فعلتها الشنيعة طبعاً على أيدي اللوبيات الصهيونية الرهيبة في الغرب. نحن نبالغ كثيراً في أهمية الرأي العام الغربي دون أن ندري أنه يبقى بلا قيمة تـُذكر عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، فإسرائيل تحمي نفسها من خلال أذرعها الاقتصادية والسياسية والإعلامية الجبارة داخل أوروبا وأميركا، وبذلك تبقى مواقف الشعوب الغربية التي نراهن عليها مجرد هراء. أما الشعوب الغربية نفسها فهي ليست أكثر من قطيع "غوييم" حسب التوصيف الصهيوني لها تـُقاد في الاتجاه الذي تريده إسرائيل. وكي لا يشعر بعض العرب بالنشوة جراء هذا الصراخ التركي ضد إسرائيل أو جراء استدعاء بعض الدول سفراءها من الدولة العبرية أو حتى قطع علاقاتها مع تل أبيب احتجاجاً على قتل بعض نشطاء "أسطول الحرية"، أود أن أذكــّر بأن عشرات الدول قطعت علاقاتها مع إسرائيل بعد حرب أكتوبر. وقد كان الموقف العالمي من إسرائيل وقتها في صالحنا أكثر من الآن بعشرات المرات، لكن إسرائيل استطاعت خلال سنوات قليلة استعادة زمام المبادرة، بينما بددنا نحن العرب فرصاً ذهبية للنيل من عدوتنا الأولى. لهذا يجب ألا نشعر الآن بالانتصار لمجرد أن نيكاراغوا قطعت علاقاتها مع إسرائيل أو لأن جنوب إفريقيا استدعت السفير الإسرائيلي. إنه، وللأسف، مجرد جعجعة صوتية أيها السادة. إياكم أن تظنوا أن وضع إسرائيل الآن مع العالم كوضع نظام "الأبارتايد" العنصري في جنوب إفريقيا قبيل انهياره. فشرفاء العالم الآن لا يواجهون إسرائيل بل حماتها وأربابها، وأعني بذلك أميركا وأوروبا، وميزان القوى يبقى مختلاً بشكل رهيب لصالح الدولة العبرية وداعميها. لقد قالتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بالفم المليان إن من حق إسرائيل أن تفعل ما تريد، وما على العالم إلا أن يضبط ردود فعله على التصرفات الإسرائيلية. ليس بالهواء الساخن تـُردع إسرائيل! لا يفلّ الحديد إلا الحديد! حتى ذلك الحين، تصبحون على مزيد من الإرهاب الإسرائيلي! By: د. فيصل القاسم 2010 © Al Sharq . All Rights Reserved RE: فيصل القاسم - بسام الخوري - 06-27-2010 عندما تكون الشعوب أسمى من رجال الدين! 2010-06-27 تناقلت وسائل الإعلام خبراً مفاده أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أسقط إمام الجمعة في مدينة إربد الأردنية. حدث ذلك عندما راح الإمام يقدح بالمذهب الشيعي لينتقل بعد ذلك للسخرية من السيد حسن نصر الله متسائلاًً: "أتطلبون من زعيم حزب الله أن يحرر لكم فلسطين بعد كل ما قلته عن الشيعة؟". لقد ظن إمام الجمعة أن المصلين سيصفقون له، لكنهم سرعان ما أطلقوا العنان لأصواتهم استنكاراً واحتجاجاً على ما تفوه به الإمام الذي لم يسعفه الوقت لإكمال خطبته، لا بل إن بعضهم راح يشتم إمام مسجد الزهراء بشدة. وانتهت الصلاة ليتجدد الصراخ على الإمام الذي سُمع صوته لاحقاً مستنجداً في مكبر الصوت بعد الخطبة، مما حدا بالشرطة الأردنية للحضور على الفور لتخليص الإمام من غضب المصلين الذين لم يعجبهم هذا الهجوم على السيد حسن نصر الله ولا على مذهبه، فما كان منهم إلا تلقين ذلك الإمام الذي حاول النبش في المزابل درساً لن ينساه أبداً شتماً ولطماً. صحيح أن ليس كل المصلين يتمتعون بهذا الفهم السياسي والديني الرائع، وبالتالي ربما ينساقون بشكل أعمى وراء بعض الشيوخ والأئمة المتصهينين الذين يعتاشون على التفرقة بين بني المسلمين وتحريض مذهب أو طائفة على أخرى، وينشرون الفتنة التي يزعمون أنها أشد من القتل ثم يمارسونها "عمــّال على بطــّال". يا الله ما أسهل التحريض ضد الآخرين في العالم العربي، خاصة عندما يكونون من أبناء الوطن الواحد، لا لشيء إلا لأنهم ينتمون إلى مذهب أو طائفة أخرى، فما بالك أن ينتموا إلى دين مختلف. على العكس من ذلك نرى البلدان الغربية تسن قوانين صارمة للتصدي للتفرقة الاجتماعية بأنواعها كافة. فقبل سنوات فقدت الوزيرة البريطانية آن وينترتون منصبها كمتحدثة باسم رئيس حزب المحافظين لشؤون الزراعة بسبب نكتة سخيفة. فقد تهكمت الوزيرة أثناء تناولها الغداء مع مجموعة من الأصدقاء والصحفيين في أحد الأندية الرياضية على الجالية الباكستانية في بريطانيا. وكانت النكتة على الشكل التالي: "هل تعلمون لماذا رمى شخص انجليزي مهاجراً باكستانياً من نافذة القطار وهو مسرع، لأن كل عشرة باكستانيين في بريطانيا يساوون بنساً (فلساً) واحداً ههههههه". لم تكن تدرك سعادة الوزيرة أن تلك النكتة السمجة ستطردها من الحكومة. فبعد ساعات فقط من وصول النكتة إلى وسائل الإعلام كان رئيس حزب المحافظين إيان دنكين سميث وقتها على الهاتف ليخبر الوزيرة بأنها مطرودة من حكومة الظل التي يرأسها. وقد برر سميث قراره السريع والحاسم بأنه يُمنع منعاً باتاً التلاعب بالنسيج العرقي والاجتماعي في بريطانيا. أو بعبارة أخرى فإن الوحدة الوطنية في البلاد خط أحمر لا يجوز لأحد تجاوزه مهما علا شأنه، وأن أي مس به سيعرّض صاحبه لأقسى العقوبات. وقد سنت الحكومة البريطانية وغيرها من الدول الأوروبية قوانين صارمة جداً لمكافحة العنصرية والطائفية والتحزب العرقي والديني، بحيث غدا النيل من الأعراق والطوائف والإثنيات والديانات في البلاد جريمة يُعاقب مرتكبها عقاباً أليماً. إن الشحن الطائفي والعرقي والإثني والمناطقي والديني ممنوع منعاً باتاً في الغرب، وأن أي محاولة لشق الصف الوطني أو إضعاف التلاحم الاجتماعي جريمة لا تغتفر في الأقاليم الغربية. إن الوحدة الوطنية في أوروبا وأمريكا شيء مقدس والويل كل الويل لمن يحاول التلاعب بها. لكن في الوقت الذي تحافظ فيه الدول الغربية على نسيجها الوطني واللحمة الداخلية وتحميهما من التفكك بضراوة عز نظيرها نجد أن التلاعب بالوحدة الوطنية في العالم العربي أسهل من شرب الماء. فقد قام الغزو الأمريكي والبريطاني للعراق في المقام الأول على سياسة "فرق تسد" التي كما هو واضح حولت العراق إلى ملل ونحل وطوائف ومافيات متصارعة ومتناحرة بعد أن كان العراق يفخر بأنه لم يعرف التمييز بين عرق وآخر أو طائفة وأخرى على مدى أكثر من ثمانين عاماً. إن أوطاناً تسكن على هذا الصفيح الساخن الطائفي البغيض وهذا التنوع العرقي الكثير,لا بد لها من انتهاج سبيل قويم غير ذلك الطرح العليل من تأجيج النيران وإثارة النعرات، وإيجاد كافة السبل للم شمل الأوطان وتوحيدها وتعزيز لحمتها لا توتيرها وتجييشها الذي سيذهب بالجميع إلى الجحيم. ومن هنا كانت القوانين المتشددة في الغرب حيال هذا الموضوع الحيوي والهام الذي يجب أن يبقى حصيناً وبعيداً عن متناول العباد، بينما يقاربه بعض مشايخنا السخفاء بخفة عجيبة. إن الذي حدث في مسجد الزهراء في الأردن يجب أن يكون عبرة لكل من يصطاد في الماء العكر من المتأسلمين الذين يفرح الصهاينة وكل أعداء الإسلام بفتاواهم وأسافينهم التي يدقونها بين أبناء الدين الواحد بمناسبة ومن دون مناسبة. وليت بقية المصلين وكل من يستمع للخطباء أن يقف لهم دائماً بالمرصاد أياً كان مذهبهم أو طائفتهم، فلو قام إمام من مذهب معين بالتحريض على مذهب آخر لوجب على المستمعين إليه أن ينهالوا عليه بما انهال به منتظر الزيدي على الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش في تلك الواقعة التي سيخلدها التاريخ، أو على أقل تقدير كما فعل المصلون في مسجد الزهراء الأردني مع خطيبهم الذي استحق كل شتيمة وبصقة ولطمة من اللطمات التي وجهها إليه الحضور الكريم في تلك الصلاة المباركة. فهؤلاء المحرضون لا يردعهم إلا وعي المصلين وتصديهم الرائع لكل من تسول له نفسه التلاعب بمشاعر الناس وعقائدهم. لقد علق أحد المصلين في مسجد الزهراء متهكماً على الحدث قائلا : "هم يعتقدون أننا جهلة وأننا لا نستطيع التمييز بين الحق والباطل ! إنهم أغبياء حقاً". ويقصد بالأغبياء طبعاً أولئك الشيوخ الذين لا يهنأ لهم بال إلا بعد أن يفرغوا أحقادهم و خزعبلاتهم على أبناء المذاهب الأخرى، وكأنهم وكلاء الله على الأرض، ويمتلكون الحقيقة دون سواهم من بني البشر. متى تتصدى حكوماتنا لرجال الدين الذين يلعبون بالنار؟ لو كنت مكان الدول العربية لسننت قوانين قراقوشية تلجم خطباء المساجد والحسينيات الذين يحرضون ضد المذاهب والطوائف الأخرى، وتجعلهم يفكرون ألف مرة قبل إطلاق العنان لألسنتهم الشيطانية. شكراً للمصلين في مسجد الزهراء الأردني! وشكراً سلفاً لأي مصل في أي حسينية يتصدى بنفس الطريقة لأي خطيب يحاول النيل من الطوائف والمذاهب الأخرى! By: د. فيصل القاسم 2010 © Al Sharq . All Rights Reserved |