حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
المشكلة مع الله. - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: المشكلة مع الله. (/showthread.php?tid=36092) |
RE: المشكلة مع الله. - thunder75 - 01-30-2010 ممكن سؤال عالهامش يا بهجت وربما خارج الموضوع؟ أنا شخص أؤمن بنظرية الـ intelligent design ولا أؤمن بنظرية داروين على النحو الذي يراه الماديين ولا أؤمن بأن التطور يمكن أن يأخذ مساره دون وجود قوة خارجية ذكية تماما كما لا يمكن عمل أي تصميم ذكي بدون مصمم ذكي. ولا أؤمن كذلك بأن الصراع بين أنصار هذه النظرية ومعارضوها هو صراع مع العلم بقدر ما هو اختلاف في وجهات النظر. السؤال هو من هو برأيك الشخصي الذي اتخذ قرارا بتقسيم معظم الأحياء إلى أزواج ذكر وأنثى وجعل في كل جنس خاصية الانجذاب لدى الجنس الآخر وهي كلها أمور ومقدمات ترتب عليها عملية التزاوج وبالتالي حفظ النوع. هل هو ذات الكائن الذي لا يفهم كل المبرر من هذه العملية هل هي الصدفة في عمليات التطور التي أنتجت الزوجية بكل أهدافها ومراميها والنتائج المترتبة عليها RE: المشكلة مع الله. - بهجت - 01-30-2010 A god who let us prove his existence would be an idol. --Deitrich Bonhoeffer "إن الإله الذي يضع على عاتقنا إثبات وجوده سيكون مجرد وثن ".ديتريتش بينهوفر (01-30-2010, 04:10 PM)thunder75 كتب: ..............................ثندر . أعتقد انك طرحت سؤالك دون أن تقرأ الموضوع ، أو حتى المداخلة السابقة مباشرة . لا أطالبك بالإتفاق مع الطرح ،و لكن أليس من الأفضل أن تقرأ الطرح نفسه ، ثم تحدد ما تعترض عليه ، لقد قدمت نظرية الإختيار الطبيعي - و ليس الصدفة العمياء- في مقابل نظرية الخلق الخاص أو التصميم الذكي ، لهذا أتوقع أن تفند نظرية الإختيار الطبيعي و ليس وهم الصدفة . ستجد في الجزء المقتبس من المداخلة السابقة إجابة على سؤالك ، طبعا يمكنك أن تصر على رأيك طالما - تؤمن به- فنحن نعتقد ولا نؤمن بشيء ، نعتقد ان نظرية الإختيار الطبيعي تفسر تنوع الأحياء و سلوكها ،و الأهم تطورها ، أتمنى ان تقرأ الموضوع بتان - لو كان ذلك ممكنا - ثم تحدد ما تعترض عليه ، بناء على تطور الموضوع ، فلعلك تتفق معي - على سبيل الإستثناء- ألا جدوى من طرح القضايا من بداية جديدة نفترضها . (01-30-2010, 03:45 PM)بهجت كتب: " الداروينية هي قصة تحرير الإنسان من الوهم القائل بأن مصيره مرتبط بقوة أعلى منه " .فيليب جونسون . ثق أنه سيكون لدي استعداد لنقاش قوي للغاية و عقلاني ، فكثير من الأفكار الواردة هنا لدي تصوراتي الخاصة حيالها ، فقط أحب أن أشير إلى أن هذه ا الجدل لا علاقة له بآلهة الإبراهيمية الثلاث ، فتلك الآلهة عبرت عن نفسها بنصوص محددة ، لا يمكن أن ترقى لمناقشة قضية التصميم الذكي ، فهي تنتمي لرؤية بدائية للعالم دون ذلك بكثير ، و لعلك تابعت ما يكتبه الآخرون من نقد للآلهة الإبراهيمية بناء على المنطق المباشر البسيط دون حاجة لمحاجات علمية ، مناقشة قضية التصميم الذكي تليق بآلهة افترضها إنسان القرن 19 و 20 و ليس الآلهة البدائية القديمة ،و تلك الآلهة الحديثة لا دين لها ، بل هي مجرد فكرة في عقول بعض المثقفين في الغرب. RE: المشكلة مع الله. - بهجت - 02-01-2010 كيف نشأت الأديان و تطورت على أساس من الداروينية . هناك بالطبع نظريات أخرى تحدثت عن نشأة الأديان ، مثل المادية التاريخية ، التي ترى الدين اداة للقهر الطبقي ، وهي نظرية لا تخلو من قوة و جاذبية ،و لكن هل نشأ الدين بواسطة رجال الدين و تم توظيفه لاحقا بواسطة الشرائح المستغلة من أجل تدجين الجموع و استغلالها ، أم هو منتج سياسي من البداية ، سؤال لم يحسم تاريخيا بعد . خلال مداخلتين سأستعرض نشأة الدين من وجهة نظر تطورية ، مستهديا بأفكار داوكنز ، حيث ان الشريط مخصص له أساسا ،و لكني سأطرح ما أختلف معه عليه بشكل منفصل . سأرحب بكل فكر يمتلك الجرأة و الصدق ليثري قضية أراها هامة ، خاصة في ضوء انتفاضة الأصولية الدينية و عودة المقدس إلى الحياة السياسية . RE: المشكلة مع الله. - بهجت - 02-03-2010 " العقلانية هي العدو الأكبر للإيمان ". مارتن لوثر . " من تمنطق فقد تهرطق " .مبدأ شائع بين الفقهاء . أصل الدين .
يوجد في العالم حوالي 19 دينا رئيسيا ، تنقسم هذه الأديان بدورها إلى 270 مجموعة دينية كبيرة ، بالإضافة إلى العديد من الجماعات التي تؤمن بعقائد متفردة و غير شائعة . تتداول هذه الأديان المئات من قصص الخلق و التكوين ، و التي تتحدث عن نشأة الكون و ظهور الحياة . كل هذه الأديان – تقريبا - ظهرت بشكل تقليدي نتيجة ما يدعيه البعض من مشاهدة تجليلات إلهية لأرباب و ربات مختلفين ، هذه الآلهة مختلفة بل و متناقضة غالبا ، حتى الأديان المتشابهة مثل الأديان الإبراهيمية الثلاث ، فهذا التشابه سطحي فقط ،و لكن بمجرد أن نتعمق أبعد من الغلاف سنجد أشد أنواع التنافر و الإختلافات . هناك نوعان من المقتربات التي تتناول ظاهرة الأديان ، المقترب الأول يقوم على الإعتقاد الغيبي بأحد الأديان ، و بالتالي إنكار الأديان الأخرى ، أما المقترب الثاني فهو المقترب العلماني ، و هو يقوم على أساس تجاوز الإيمان الغيبي كلية كمعتقدات بدائية منافية للعقل ، و بالتالي محاولة تفسير ظاهرة الأديان وفقا لمجموعة مختلفة من النظريات ، وهناك بالفعل العديد من تلك النظريات بين أيدينا ، هذه النظريات تتفاوت من حيث الطبيعة و القدرة التفسيرية ، فمنها نظريات أنثروبيولوجية ، و أخرى تطورية ، و ثالثة بيولوجية ، و هناك نظريات تنطلق من التفسير الماركسي للتاريخ ( الجدلية التاريخية ) وهكذا . إختلاف تلك النظريات لا يعني تعارضها جميعا ، فبعضها نظريات متكاملة ، كما أن وجود هذا التنوع طبيعي و متوقع عند دراسة ظاهرة واسعة الإنتشار و معقدة مثل ظاهرة الدين ، و عدم حسم تلك النظريات في نظرية واحدة لا يعني صدق المقترب الأول ، فهو لا يقدم لنا نظرية واحدة متكاملة ، بل مجموعة متناقضة و مشوشة من الأساطير البدائية المعروفة المنشأ . في هذه المداخلة سأستعرض مجموعة من النظريات التي تتحدث عن ظهور الأديان ، و هناك كما ذكرنا نظريات متعددة تتحدث عن ذلك ، فعلى سبيل المثال هناك التفسير الطبقي ، هذا التفسير يقول أن الدين أداة تستخدمها الطبقات المستغلة لتطويع الجموع التي يجري استغلالها ، و لكنني في هذه المداخلة أتبنى المقترب التطوري لنشأة الأديان ، فالتفسير الدارويني يتسائل عن سبب ضعف الإنسان تجاه الدين ، و بالتالي يلجأ رجال السياسة إلى إستغرل هذا الضعف و توظيف الدين لصالحهم ، هذا أشبه بالموقف من الجنس أيضا ، فهو غريزة طبيعية ،و لكن هذا لا ينفي أنه يجري توظيفه كأداة طبقية . هذا التفسير الدارويني هو نفس المقترب الذي اتخذه ريتشارد داوكنز ، ولأننا – كتطوريين - نتبنى مقولة أن الجنس البشري هو أحد نتائج الإختيار الطبيعي ، أو على وجه الدقة أهم تلك النتائج ، لهذا نتسائل كيف دفع الإنتخاب الطبيعي باتجاه ظهور الأديان ؟. الطبيعة كما نعلم تعمل بآلية إقتصادية قاسية ، لهذا فهي لا تسمح بالإسراف ، فكيف تساهلت مع الدين رغم أنه أحد أشد أنواع الإسراف شيوعا ، الدين يلتهم موارد الإنسان و طاقته ووقته ، و يكون ذلك غالبا بدرجة عالية . نعتقد كتطوريين أن الجدوى من أي عمل توافقه الطبيعية هي زيادة القدرة على التأقلم و بالتالي البقاء جينيا ، فكيف يساعد الدين على ذلك ؟.هناك بعض النظريات التي يمكن الإسترشاد بها تفسير ظاهرة الدين على أساس تطوري . الإنتخاب الجماعي . الإنتخاب الجماعي هو فكرة تقول بأن الإختيار الطبيعي يتم بين الأجناس و الجماعات كما يتم بين الأفراد من كل نوع , و بالتالي فبقاء دين ما مثل المسيحية ، كان بسبب ما يبثه الدين في أتباعه من فضائل التعاون و الولاء للجماعاة ، وفقا لهذه النظرية نجد أن القبائل التي تعبد آلهة عدوانية ، سوف تنتصر على القبائل الأخرى ، التي تعبد آلهة مسالمة أو التي لا تعبد آلهة على الإطلاق ، و بالتالي سيكون لتلك القبائل القدرة على البقاء و التناسل و تخلف أجيالآ جديدة تحمل جيناتها العدوانية ، هذه القبيلة العدوانية سوف تسود و تنتشر ، أي تتوافق مع متطلبات الإنتخاب الطبيعي ،و لكنها في المقابل سوف تواجه من هم أشد عدوانية ، وهذه النظرية تفسر على سبيل المثال بقاء اليهودية كدين و كشعب حتى اليوم ، بسبب الميول العدوانية ليهوه رب اليهود ، بينما انقرض الشعب المصري القديم الذي عبد إلها متحضرا متسامحا و مسالما مثل آمون . الدين كناتج عرضي . هذه النظرية تبدوا ذات قدرة تفسيرية عالية ، كما أنها تنقب عميقا خلف الظواهر ، و هناك أيضا تنوع كبير بها ، النظرية تذهب إلى أن ظهور الدين وبقائه لم يكن مقصودا بذاته ،و لكنه ظهر كناتج عرضي ، أو كشيء مفيد أخطأ هدفه . هناك كثير من الناس قد يصلون إلى100% من السكان في بعض المناطق تؤمن و بحماس بمعتقدات ضارة ، بل و تتعارض تلك المعتقدات كلية مع أسس العلم و بديهيات المعرفة ، و بالتالي فمما يثير الحيرة أن يظهر الدين و يستمر بالرغم من آثاره الضارة ،و لكن هناك تفسير لذلك . الدين يتم تعلمه منذ الطفولة ، ضمن حزمة متنوعة من المعارف ، هذه المعارف هي التي ضمنت بقاء الإنسان القديم حيا إلى الآن ، و لهذا يتمسك بها الإنسان بشكل غريزي ، حتى لو لم تؤيد التجربة العملية بعضها . الإنسان يعرف بشكل غريزي أن المعتقدات الدوجمائية أقدر على المحافظة على حياته من التفكير العقلاني ، فهو قد لا يرى الأسد خارج المغارة ،و لكن الخبرة المكتسبة المنقولة إليه بالتلقين ،و التي يتقبلها بلا مناقشة و بشكل دوجمائي تخبره أن الأسد موجود في الخارج حتى لو لم يره ، المعتقدات هي مجموعة من معارف متنوعة ممزوجة في ضفيرة واحدة ، و بالتالي لا يمكن أن تنزع أحدها بسهولة حتى لو ثبت خطؤها ، فالخطا و الصواب ليسا معيارا للقبول، المعيار هو الخبرة التاريخية لأهمية المعتقدات في الحفاظ على الحياة . الإنتخاب الطبيعي يبني مخ الطفل على طاعة كل ما يسمعه من الكبار ،و التمسك به بقوة حتى نهاية العمر غالبا ، هذه الطاعة القائمة على الثقة أساسية من أجل البقاء ، في المقابل فإن تلك الطاعة تحمل للإنسان الأفكار الخاطئة و الضارة أيضا ، و بهذا الأسلوب يمكننا أن نتصور أنه في المناطق المختلفة توجد أنواع مختلفة من المعتقدات الإعتباطية ، هذه المعتقدات تبقى و تتوارث عبر الأجيال كمعتقدات صحيحية و مفيدة الرغم من إفتقادها لأي أساس واقعي ، و لكنها أيضا ستتطور طبقا لقانون الإنتخاب الطبيعي لتتغير بعد فترة . هناك كثير من العلماء يذكرون الأديان كناتج عرضي لعوامل نفسية طبيعية ، و نتيجة لعدم عقلانيتها ستبدوا غريبة و خاطئة لمن لم ينشأ داخلها ، و لكنها طبيعية تماما لمن نشأ كأحد اعضائها . التفكير القصدي ( الغائي ) . يرى العالم النفسي (باول بلوم) أن الأطفال لديهم ميل غريزي للدين ، و الأطفال يميلون للإعتقاد بأن لكل شيء غاية ، وهو ما يطلق عليه التفكير القصدي ، في المقابل فإن الإنتخاب الطبيعي ليس محسوسا بالحدس ، المبدأ القصدي يساعد الكائن الحي على البقاء ، فهو يسرع توقع تصرفات الكائنات الأخرى ، فعندما يقابل الإنسان نمرآ مثلآ ، هو لا يفكر بشكل علمي عن الأسباب التي تجعل النمر يهاجمه ، بينما هو مثلآ لا يهاجم النمر ،و لكنه غريزيا يتصرف كما لو كان النمر يفكر مثله ، و بالتالي يعتقد أن النمر سوف يهاجمه لأنه يريد قتله ،و هذا يدفعه سريعا إلى الفرار في لحظة خاطفة ، المبدأ القصدي ( الغائي ) هو آلية عقلية ، فهذا النوع من التفكير حافظ تاريخيا على حياة الإنسان ، و بالتالي هو متجذر في تكوين الإنسان لأنه مدعوم من الإختيار الطبيعي ، و من السهل تصور كيف يؤدي هذا التفكير الغائي إلى نشوء فكرة الله و ظهور الأديان . تفاسير أخرى ظهرت لتفسير الدين كناتج عرضي ، فيقول ( دينيت ) أن اللاعقلانية الدينية نشأت من تفكير لا عقلاني آخر ، هو رغبة الإنسان جينيا في الوقوع في الحب من أجل بقاء الحياة ، و ليس خافيا ان الإيمان الديني يشبه في أعراضه الكثير من أعراض الحب. هناك علماء آخرون مثل لويس ويلبرت يرون أن الإيمان اللاعقلاني كان ضرورة حياتية للإنسان القديم لأنه يجنب الإنسان التقلب النفسي ، و لنا أن نتصور ماذا سيكون مصير الإنسان الذي يغير رأيه عند مواجهة حيوان مفترس أو كيف يصطاد فريسته ؟. هناك أيضا أفكار أخرى تدور حول رغبة الإنسان في إخفاء الحقائق المؤلمة عن عقله الواعي ، كذلك عن ميل الإنسان لإغفال الحقائق التي تؤلمه و التحايل عليها . " العقلانية هي العدو الأكبر للإيمان ". مارتن لوثر . " من تمنطق فقد تهرطق " .مبدأ شائع بين الفقهاء . يرى كثيرون مثل ريتشارد داوكنز أن الدين كاللغة تطور بشكل عشوائي من بدايات غير محددة ،وهذا يفسر التنوع المدهش في الأديان ، و تشترك معظم الأديان في أنها تقدم للإنسان تعاليما غير عقلانية ،و لكنها جذابة على المستوى الشخصي ، مثل فكرة البعث و الحياة بعد الموت ، هذه الأفكار ستستمر لأنها تستجيب لرغبات الإنسان ، و النفس البشرية لديها درجة عالية و عالمية لتصديق أحلامها ،و التعامل معها كحقائق لا تقبل الخلاف . لا شك أن تعاليم الدين و مواصفاته التوهمية هي التي تهبه القدرة على الإستمرار ، و بالتالي استمرار تلك الظاهرة في التقاليد الثقافية للإنسان .الدين إ‘ذا يمتلك من الصفات المتوارثة ما يمكنه من البقاء ، بعض تلك القدرات نتيجة أن بعض الصفات تعمل في صالح بقاء الإنسان ،و لكن هناك عامل آخر هو التصميم الذكي ،و لكنه ليس تصميم أبدعه إله ما ، بل تصميم رجال الدين أنفسهم و أساليبهم في السيطرة على المؤمنين . إن العقلانية هي العدو الأساسي للدين ،و لهذا نجد مارتن لوثر يحذر دائما " إن العقلانية هي العدو الأكبر للإيمان ، ولا يمكن أن تساعد في الأمور الروحانية ،بل و تتنافى في معظم الأحيان مع الكتاب المقدس ، و تحتقر كل ما يصدر عن الإله . " ، و في قول آخر :" من أراد ان يكون مؤمنا ، فليقلع عيون عقله بعيدا "، و هناك قول آخر بان " العقلانية يجب تدميرها عند كل المؤمنين "، هناك أيضا عبارات مشابهة لدى المسلمين ، فجعفر الصادق رفض القياس و قال أن إبليس أول من قاس !، بينما يؤكد الفقهاء السنة ان من تمنطق فقد تهرطق . هذه العقلانية الضرورية لبقاء الدين قد لا تكون من تصميم كبار رجال الدين أنفسهم ،و لكنها قد تكون ترسخت نتيجة الإنتخاب الطبيعي ، فالأديان التي قبلت العقلانية فنيت و اختفت ، بينما نمت الأديان اللاعقلانية و ترسخت . لاحقا لتأسيس الأديان يصبح الدين منظما و مدروسا و مميزا عن الأديان الأخرى ، و بهذا يبدوا كما لو كان مصمما بشكل جيد من البداية ، هذه الحالة مماثلة لتطور الفنون و الموضة في الملابس و غيرها من الظواهر الإجتماعية . هناك أديان صممت من البداية كلية مثل السينتولوجي و المورمون ، و الديانة الخيرة ألفها رجل أمريكي يدعى جوزيف سميث ، هذا الرجل العبقري وصل لحد تأليف كتابا مقدسآ بشكل كامل و بلغة إنجليزية تعود للقرن 17 ، يتناول تاريخآ مزيفا لأمريكا ،و لكن هذه الديانة الأخيرة تطورت أيضا لتصبح إحدى الديانات الرئيسية المعترف بها في أمريكا ، حتى أن أحد المرشحين للرئاسة هناك كان ينتمي لتلك الديانة . لجأ العلماء إلى دراسة ظاهرة الدين في مجموعة من الجزر البدائية المتباعدة ،و قد وجد ظواهر متشابهة ، و الدراسة تعطينا فكرة واضحة على قدرات الإنسان النفسية و استعداده للتدين ، كذلك توضح التشابه بين تلك الأديان ، ليس هذا فقط بل و حتى تشابهها مع أديان قديمة كالمسيحية و الإسلام ، و هناك علماء في الدراسات اليهودية يقترحون أن المسيح كان واحدا من الشخصيات المؤثرة في فلسطين في زمنه ، و قد أحيط بالعديد من الأساطير ، كما حدث في حالات مماثلة تم دراستها في جزر المحيط ، و الأغلبية من تلك الطوائف اندثرت او اتحدت ،و ما نجح في البقاء من تلك الحالات تطورت بمرور القرون ، لتشكل النماذج التي نراها منتشرة في معظم مناطق العالم اليوم ، إن موت شخصية واسعة التأثير في عالم اليوم مثل مايكل جاكسون و ألفيس بريسلي و حسن البنا يعطينا نفس الإمكانية لظهور أديان جديدة تدور حول تلك الشخصيات . . RE: المشكلة مع الله. - بهجت - 02-07-2010 "Without religion, we'd have good people doing good things, and evil people doing evil things. But for good people to do evil things, that takes religion." Stephen Weinberg " بدون الدين سيقوم الأناس الطيبون بأفعال طيبة ،و يقوم الأشرار بالشرور ، و لكن كي يقوم الرجال الطيبون بالأفعال الشريرة لابد لنا من الدين ". ستيفن واينبرج . If God has spoken, why is the world not convinced?" - Percy Bysshe Shelley إذا كان الله قد تحدث ، فلم لم يقتنع العالم ؟ ".بيرسي شيللي " مشكلة الدين . تعصب الملحد ضد الدين . ما هي مشكلة الدين ،و ما هو سبب عداء معظم العلماء الشديد له ؟. يتردد هذا السؤال كثيرا من المتدينيين ، بل و حتى من قطاع يعلن نفسه ليبراليا ، ينادي بحق الجميع المتساوي في تبني الأفكار و العمل بها ، وهم ينتقدون نقد العقلانيين للمعتقدات الدينية كعمل ضد الحرية ، هناك أيضا من يصف الملحدين بالتعصب ، و أن الإلحاد هو أيضا دوجما ، هناك الكثير الذي يمكن أن يقال تبريرا لمواقف متناقضة ، و لهذا لابد بداية أن نؤكد بداية على بعض الحقائق . عداء الملحدين للدين لا يتعدى الكلمات ، هم لا يدعون أحدا لتفجير التجمعات البشرية أو قطع رؤوس المؤمنين ، أو رجم النساء أو تقطيع الأطراف ، هم لا يهدرون دماء المخالفين ،ولا يتوعدونهم بسلب اموالهم و احتراز نسائهم !، هذا بالطبع يختلف كلية عن عداء المتعصبين الدينيين للأفكار التنويرية و أصحابها ، الفرق بين الملحد و الأصولي هو الفرق بين ريتشارد داوكنز و أسامة بن لادن ، الأول سلاحه الكلمة و النظرية العلمية و المنطق العقلي ،و الثاني سلاحه التفجيرات الإنتحارية ، و التكفير و التحريض الإجرامي. نؤكد أيضا على حقيقة أن الإلحاد (atheism )هو موقف فكري حيال مشكلة محددة ، فهو يعني عدم الإعتقاد في وجود أي شخصية إلهية مخلدة ، و بالتالي ليس تطرفا على الإطلاق . المتطرفون يصرون أنهم على حق دائما ، لأنهم قرأوا الحقيقة المطلقة من كتاب مقدس ، و هم يعرفون تلك الحقيقة كبديهيات و دوجما و ليس عن طريق البرهان العقلاني ، وهم يعلنون بالتالي أنه لا يمكن أن يغيروا أفكارهم أو معتقداتهم .العلماني لا يؤمن بحقيقة سوى بعد ان يتعرف على براهينها العقلية ، و من يؤمن بنظرية التطور لا يفعل ذلك لأنها مقدسة ،و لكن لأنها تمتلك عددا لا حصر له من البراهين القوية ،و لا توجد أي نظرية منافسة تمتلك براهين علمية يعتد بها ، تلك الأدلة و البراهين العلمية متاحة للجميع و تخضع للفحص و النقد ، و عند وجود أخطاء في أي نظرية يقوم العلماء بتصحيحها و إصدار هذا التصحيح في كتاب جديد ، يكون بدوره متاحا للنقد ،ولكن هل توجد أي عقيدة دينية تراجع كتبها المقدسة و تصححها ؟.. بالطبع هذا مستحيل ، فالنقد العقلاني هو العدو الأكبر للأديان . هناك بعض الفلاسفة الهواة الذين يلوكون شعارات مثل أن الإيمان المطلق بالأدلة هو في ذاته دوجما ، هؤلاء يتجاهلون أن حياتنا كلها تقوم على التسليم بصدقية الحواس و الإعتماد على الأدلة في الإقناع ولو بأتفه الأشياء ، و أن التشكيك بأهمية الدليل أو بمعنى الحقيقة لا يزيد عن كونه مراوغة فلسفية بل و صبيانية ، هو استخدام المنطق للعمل ضد أسس المنطق ، إننا لا نكون متطرفين عندما نقول أن التطور حقيقة ، إلا بمقدار ما نكون متطرفين عندما نقول أن مصر تقع في شمال شرق إفريقيا ، بالطبع يمكن لبعض السفسطائيين التشكيك حتى في وجود إفريقيا ، و بهذا يمكنهم أيضا التشكيك و بنفس الأسلوب في التطور البيولوجي . الحماس للتطور. ما ينكره البعض على التطوريين و يرونه شكلآ من أشكال التعصب هو نوع من الحماس العاطفي ، نحن لا نؤمن بالتطور كعقيدة ، بل نعتقد فيه كحقيقة علمية ، و نعلم تماما متى سنغير تفكيرنا ، فبمجرد ظهور أدلة علمية حاسمة لصالح نظرية جديدة مختلفة ، سوف نفقد الثقة في فكرة الاختيار الطبيعي ، و سنعتقد في النظرية الجديدة التي تأتي بمسوغاتها أمام محكمة العقل و المنطق . إننا نحزن من تبلد بعض العقول الأصولية ، التي لا تناقش حتى الأدلة التي نقدمها ، بل تعرض عنها إذعانا لنصوص دينية مصمتة ، هناك من التطوريين من يغضب من أجل الأصولي الذي لن يرى أبدا جمال الطبيعة وروعتها ،ولا عظمة العلم و سموه ، وهما ما يملآن النفس بالجمال الذي تتضائل أمامه الأساطير الدينية المستهلكة و التي نعلم زيفها ، و يسعى رجال الدين إلى تأويلها لتلائم الحد الأدنى من التعقل الذي يمكن ألا يوصف بإختلال القوى العقلية . كل العلماء الكبار يخضعون لمبدأ التواضع العلمي ، وهم لهذا سيشكرون بحماس كل من يقدم لهم تصحيحا لأفكارهم العلمية و نظرياتهم ، حتى تلك الأثيرة على نفوسهم و التي قضوا سنوات طويلة يعتقدون فيها ،و هذا مالا يمكن أن يفعله رجل الدين أبدآ ، فرجل الدين يقضي كل عمره من أجل التشكيك في العلم ،و التقليل من شأن الملكات العقلية لأنها كافية بالإجهاز على الأفكار الدينية المتداولة ، أي تبوير تجارته الفاسدة التي لا يعرف سواها . العلماء يكرهون التطرف الديني لأنه يعمل ضد العلم ، بل يفسد كثيرا من العقول الواعدة ، و التي يمكن أن تعطي الكثير للبشرية لولا أن أفسدتها الأصولية الدينية . أعرف أكثر من حالة لطالب متفوق دمره العقل الأصولي داخله ، أحدهم تمكن من الحصول على الدرجات التي تؤهله لدخول كلية الطب ،و رغم أنه تمكن من النجاح في سنواته الدراسية الأولى ، إلا أنه يقرر فجأة أن يترك كلية الطب ، لأنها تعلمه أشياء تختلف عما يؤمن به كدين مرسل من السماء ، و أن يعمل في بيع العطور الرخيصة و المسابح و كتب الأدعية الدينية بجوار سور معسكرات الأمن المركزي ، بينما أخذت حالته تسوء و أصبح يبدوا كالمتسول ، لم يفقد العلم أحد رجاله بسبب خارجي ،و لكن بسبب داخلي نتيجة نشأة هذا الشاب الورعة و معتقداته الدينية ، ليس هذا الشاب مختلآ و لكنه صادق جدا مع نفسه ، لهذا تقبل الأفكار الدينية كشيء جاد ، و نتيجة استقامته رفض العلم الذي يتعارض مع النصوص الدينية التي يؤمن بها ، لقد دفع بتشرده الثمن الطبيعي لأفكاره التي تسريت إليه من عصور منقرضة ، و لم يلجأ كغيره من المتدينيين للتقية و الحياة بشخصيات مزدوجة ، الشخصية الحقيقية تراثية ، و هناك شخصية ( قناع ) يمارس بها المهن و الحياة العصرية . الخروج من العصر . هناك اعتقاد واسع بأن البشر متفقون على مجموعة من الأفكار و المعتقدات المنطقية ، و لكن هذا ليس صحيحا دائما ،فهناك نسبة محسوسة من البشرية تعيش خارج إطار المرجعية العقلانية للعصر ، هؤلاء من محتكري الحقيقة و أصحاب الأفكار المطلقة يمثلون خطرآ على أنفسهم و على البشرية ، هناك أناس يأخذون بالفعل معتقدهم الديني تماما خارج حدود روح العصر الأخلاقية و الإحترام المتبادل . هناك مسيحيون متشددون لديهم نفوذ هائل على السياسة الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط ، و هم يتخذون مواقفهم بناء على تفسيرهم لنصوص الإنجيل ، و يعتقدون أن لليهود الحق في فلسطين كلها ، هؤلاء يتوقون لرؤية سحابة عش الغراب النووية فوق المنطقة ، متصورين أنها ترجمة لأسطورة هرمجدون و نهاية العالم ،و بالتالي العودة المظفرة للمسيح المخلص ، هذه الأفكار ليست هامشية ،و لكنها منتشرة بين قطاع كبير من الأصوليين في أمريكا ،و غني عن القول ما هي المضاعفات الخطيرة لمثل هذا الإعتقاد ، هل لنا أن نتصور أنه يوجد في أمريكا أكثر من 70 مليونا يؤمنون بحماس بأن دمار العالم ليس شرآ بل الخير العميم ، فمعنى ذلك قرب عودة المخلص ! . الأفكار المطلقة . الأفكار المطلقة تنشأ عادة نتيجة الإيمان القوي بالأديان ، ورغم أن تلك الأفكار المطلقة ميتة منذ قرون طويلة إلا أنها تملأ عقول الكثيرين ، هذا لا يعني أن الدين أفيون للشعوب ، و ليس خطرآ بالضرورة ،و لكنه يمكن أن يكون كذلك . الدين يتحور بسهولة لو تحول إلى معتقدات أصولية مصمتة لا تقبل المساومة و التأويل ، ومن سوء الحظ أن معظم المتعصبين الدينيين في العالم يعيشون في العالم الإسلامي . القتل هو عقوبة همجية لعدم الإذعان للأديان ، هذا الحكم ظهر في العهد القديم ،و تمارسه بعض المجتمعات الإسلامية ، و برغم عدم إنسانية أو معقولية مثل تلك الأحكام ، فهناك من الفقهاء ( المعتدلين ) من يدافعون عن تلك الأحكام الهمجية بحماس ، هذا التعصب القانوني المقيت ليس محصورا في المجتمعات الإسلامية ، فحتى في القانون البريطاني هناك قانون يدين احتقار المسيحية ،و رغم أن العقوبة لا تتجاوز السجن لفترة صغيرة ، و أن آخر مرة طبق فيها هذا القانون كان عام 1922 ، إلا أنه من غير المقبول أن تتبنى أحد معاقل العقلانية في العالم قانونا يفرض معتقدا !. الطالبان الأمريكيون . الطالبان الأمريكيون تعبير يبدوا هزليا ،و لكنه ليس كذلك في الواقع فهناك العديد من القادة الدينيين كذلك الساسة من أصحاب القواعد المسيحية يطرحون أفكارا مشابهة لطالبان على مواقعهم الإلكترونية ، هناك من يتحدث أن جورج بوش لم ينتخب أمريكيا بل هو معين من الرب !، و سبق لأحد مستشاري ريجان أن صرح بألا ضرورة للحفاظ على البيئة لقرب موعد عودة المسيح و انتهاء العالم ، و قراءة تلك المواقع مفيدة لأنها توضح لنا ما سيؤول إليه الحال لو سلمنا السلطة السياسية للعهد القديم . هناك كتاب آخر مفيد يفضح أفكار اليمين المسيحي الأمريكي هو كتاب كيمبرلي بلاكر ( أصول التطرف .. اليمين المسيحي في أمريكا ) و الكتاب مترجم في مصر ( المشروع القومي للترجمة ) رقم 964 ، و أتمنى أن أعود مرة أخرى لهذا الموضوع بتوسع في شريط آخر. الحريات : يعارض المتدينون حق الإجهاض حتى في الغرب ، وهم يزعمون أن البويضة كائن حي ،و البعض أكثر معقولية و يقول أنها مشروع حياة ، حتى لو كان الجنين هو نتاج عملية إغتصاب ،أو كان الأب أو الأم أو كلاهما مصابا بمرض وراثي خطير ، و قد حدث أن قتل أحد المتهووسين في أمريكا طبيبا لأنه يقوم بعمليات الإجهاض . الإنسان العلماني سيكون موقفه مختلفا لأنه سيسأل سؤالآ واحدا ، هل تمتلك البويضة جهازا عصبيا كي تعاني ، الإجابة هي لا قطعا ،و لكن الأم لديها جهاز عصبي و يمكن أن تعاني الكثير جدا ، فلماذا تحرم من حقها في أن تقرر الإحتفاظ بالجنين من عدمه ؟، أيهما يملك حقا أكبر .. الأم العاقلة أم البويضة المخصبة التي لم يكتمل نموها ؟. الأعمال الإنتحارية . ما هي المرجعية القانونية للمتدين ؟، هل هو القانون الوضعي السائد في المجتمع ، أم القانون الديني ، سواء كانت عبارات من العهد القديم أو الفقه الإسلامي ، المتدين المتشدد سيفضل القانون الديني حتى لو خالف القانون الوضعي ،وهذا سيجعلنا نعيش في مجتمع يضع كل إنسان فيه ما يشاء من القوانين . يتحدث الإعلام الغربي عن حرب ضد الإرهاب ، كما لو كان هذا الإرهاب ناشيء من الشر المطلق ولا علاقة له بالدين ، وهذا وهم يعرف الجميع خداعه ، فالإرهاب الديني هو نتيجة فهم قطاع هام من المسلمين لدينهم ، هؤلاء يتبنون الأفكار الإرهابية كشيء طبيعي و صحي ضمن نسق المعتقد الذي يدينون به . هناك في الواقع خيط رفيع بين الأفكار الدينية المسالمة و الإرهابية ، و يمكن للإنسان المتدين أن ينزلق بسهولة إلى تبنى الفكر الإرهابي ، و بالرغم من خطورة الأعمال الإنتحارية حتى على المجتمعات الإسلامية نفسها ، فلم يسبق أن كفر أحد الفقهاء الإنتحاريين ، رغم أن هؤلاء الفقهاء يسارعون بتكفير أبسط الأشياء التي لا تروقهم ، الإستشهادي يعتقد أنه سينتقل مباشرة إلى الجنة في غمض عين ،و أن ألم التفجير لا يزيد عن لدغة بعوضة ، ثم يلاقي النبي و الصحابة و ينعم معهم بالجنة و الحور . إن الإيمان الديني بحد ذاته ليس متطرفا ، و لكن علينا أن نكون متيقظين بأنه بيئة مناسبة لتفريخ التطرف ، و أنه بالتالي يمكن أن يكون دعوة مفتوحة للعنف ، لهذا يجب أن تخضع المعتقدات الدينية التي يتم الترويج لها في المجتمع ، و أن تجرم الدعوة للعنف ، حتى لو كانت ذات خطاب ديني ، كما يجب ألا نسبغ الإحترام المجاني لكل رجال الدين و قادته ، فالإحترام الواجب يكون للسلوك و ليس للمعتقدات أو الخطاب المستخدم . المسيحية كالإسلام تعلم الطفل أن الإيمان بلا سؤال و لا نقاش هو الفضيلة ، ولو سلمنا بضرورة احترام كل المعتقدات الدينية ، فمن الواجب علينا أيضا عدم استثناء معتقدات أسامة بن لادن و الظواهري ، كذلك معتقدات شارون و نتنياهو و ليبرمان . هكذا نجد أنفسنا أمام تناقض واضح ، نظرا لتعارض المعتقدات الدينية للجميع . بمجرد أن يعلن إنسان عن شيء ما بأنه جزء من معتقده ، يلزم المجتمع الجميع إحترام هذا الشيء و عدم انتقاده ، و يستمر هذا الشيء ، إلى أن يفاجئنا أحد الإنتحاريين كما حدث يوم 11 سبتمبر ، أو كما حدث في لندن و نيروبي و .... ، وقتها ينبري رجال الدين ليؤكدوا أن ذلك ليس من الإسلام الحقيقي ، فلماذا إذا لم يوضحوا لنا قبل ذلك ما هو الإسلام الحقيقي ، و كيف يطالبوننا باحترام ما ينكرون بعد ذلك أنه من الإسلام ،ولو عارضنا ذلك تنهال علينا الإتهامات بعدم إحترام الدين ؟. RE: المشكلة مع الله. - بهجت - 02-11-2010 Death is nothing to us, since when we are, death has not come, and when death has come, we are not. Epicurus (341 BC - 270 BC), " الموت لا يعني لنا شيئا ، فعندما نكون لا يكون الموت ،و عندما يكون الموت لا نكون ". ابيقراط . هل الدين ضروري ؟.( 1 من 3 ) هناك كثير من المفكرين يتحدثون بحرارة عن أهمية الإيمان ، و لكنهم في نفس الوقت غير مؤمنين ، هؤلاء ليسوا منافقين ولا يبحثون عن تقية دينية ، يمكن أن نقول عنهم أنهم يؤمنون بالإيمان ، أو يعتقدون في ضرورة الدين للإنسان خاصة البسطاء ، و أنه بالتالي لا غنى عن الدين كي تستقيم حياة البشر ، و أن الإعتقاد في وجود الإله ضروري لملأ الفراغ ، وهم يرون أن الإنسان في حاجة سيكولوجية لإله يكون بمثابة الصديق أو الأخ الأكبر و الراعي و ... ،هذه الحاجة لابد من تلبيتها سواء كان هناك إله في العالم الواقعي أم لا ، و نحن في حياتنا العملية نشاهد أناسا يتحمسون لفكرة الإيمان ،و يمتعضون من الهجوم على الدين ، في حين يعترفون على حياء أنهم غير مؤمنين ، هناك ما يدعوا للدهشة عندما نجد أن هناك من لايفرق بين كون ( س) حقيقة ، و بين من الأفضل لنا أن نرى أن ( س) حقيقة !.هناك أيضا من يفضل الشعور الإنساني عن الحقيقة العقلية . في المقابل يعتقد الملحدون - كما عبر عنهم ريشارد داوكنز- أنه يمكن ملأ هذا الفراغ أو تلبية تلك الإحتياجات بأي شيء آخر ، كالعلم أو الفنون و الصداقة و الهيومانية و حب الحياة ذاتها ؟، هناك على الجانب الآخر من يقر بأن هذه البدائل ممكنة و قد تكون كافية ،و لكنها ليست متاحة للجميع كالدين ، فهو يتميز بوجود فائض منه كما أنه غير مكالف ،ولا يحتاج إلى ملكات عقلية عالية . من المفترض أن يشبع الدين تقليديا 4 أحتياجات أساسية هي : الشرح و التفسير ، الإرشاد الأخلاقي ، التسرية ، الإلهام . أما عن الشرح و التفسير فمن المسلم به أن العلم قد تجاوز الدين كلية في هذا المضمار ، فالدين يفسر الكون بشكل طفولي لا يصمد للمشاهدة و النقد العقلاني ، على الجانب الأخلاقي يقدم الدين نوعا من التوجيه و الإرشاد ، و لكنه ينتمي إلى مرحلة ما قبل التطور ، و تتفوق الأخلاق العلمانية كما نراها عن تلك الدينية ، و سبق أن تعرضت لقضية الأخلاق العلمانية في الشريط الخاص بالعلمانية ، الذي طرحته في نادي الفكر منذ شهر تقريبا ، كما طرح ريشارد داوكنز القضية ذاتها ،و لكن من رؤية مختلفة نوعا في كتابه ( وهم الإله ) ، و لن أتعرض لهذه القضية هنا مكتفيا بما طرحته سابقا ، أما رؤية داوكنز فيمكن الرجوع إليها في كتابه الشيق . هناك وظيفة للدين لا يمكن تجاوزها بسهولة ، هي ما يمكن أن نطلق عليه التسرية أو ( السلوى ) consolation ، و المقصود بذلك الهدوء و السكينة التي من المفترض أن يواجه بها المؤمن المصائب ،و في النهاية يواجه الموت، هذا الواجب تقليديا هو وظيفة الدين الأساسية ،و بالتالي فمن الصعوبة أن نجد بديلآ له ، فلم تعرف البشرية بديلآ آخر للدين كي يقدم التسرية للإنسان ، و من يريد أن يلغي الدين عليه أن يجد ما يقوله للمرضى و المحتضرين و الأرامل و اليتامى و المصابين و الخاسرين ... الخ . بداية علينا أن نؤكد أن الدين عندما يقدم التسرية للإنسان لا يعني ذلك أنه صحيح ، و حتى لو أدى عدم الإيمان إلى أخطر المشاكل النفسية و العصبية ، فهذا لا يقدم أدنى دليل على وجود الإله . هل يؤدي عدم الإيمان إلى تقليل إحساس الإنسان بالسعادة أو دفعه للأسى و الحزن ؟، لا توجد إحصائيات يعتد بها توضح العلاقة بين الإيمان و السعادة ،و لكن يمكننا أن نلاحظ أن هناك سعداء و تعساء بين الملحدين تعادل تقريبا تلك بين المؤمنين . إذا عرفنا التسرية بأنها الحد من الحزن و الإحباط العقلي ، إذا يمكننا أن نقسم التسرية إلى قسمين . 1- التسرية الجسدية المباشرة : كما تفعل الأم عندما تضم طفلها و تهدهده . 2- التسرية المعرفية . عندما نغير رؤية الإنسان للأمور بشكل يجعله يعيد إكتشاف الحقائق ، أو يراها بشكل جديد ، بما يقلل من ألمه و معاناته ، كأن تكتشف الأرملة أن زوجها مات بطلآ ، أو أنها تحمل جنينه في أحشائها ، أو عندما يرى الفيلسوف المعمر أنه لا شيء يستحق الحزن عنده عندما تأتي لحظته ، فهو قد غارد كل مراحل عمره سابقا ،و الان سيغادر المرحلة الأخيرة ، هناك أفكار فلسفية عديدة في هذا المجال ، و هناك شواهد تاريخية عديدة ، كان توماس جيفرسون يعلن لأصدقائه أنه سيواجه النهاية بلا خوف ولا أمل ، كذلك كان برتراند راسل ينظر للموت كشيء طبيعي تماما ، بأفكار مشابهة تحدث مارك توين الذي كان لا يرى فرق بين ان يموت الإنسان و ألا يولد ابتداء . RE: المشكلة مع الله. - بهجت - 02-13-2010 ( 2 من 3 ) “If I have to spend time in purgatory before going to one place or the other, I guess I'll be all right as long as there's a lending library”
" إذا كان من المحتم أن أمضي زمنا في المطهر ، قبل الذهاب إلى هذا المكان أو ذلك ، فسيكون كل شيء على ما يرام طالما كانت هناك مكتبة تبيح الإستعارة ."ستيفن كنج .Stephen King . يلاحظ بعض الأطباء و الممرضات الذين يستدعي عملهم التعامل مع كبار السن ممن شارفوا على الموت ، أن المتدينيين هم الأكثر خوفا من النهاية ، هذه الملاحظة يجب تدعيمها بإحصائيات ،و لكنها تبقى رغم ذلك ملاحظة موحية ، إنها تؤكد أن حديث البعض بحماس عن الأثر الطيب للدين في استقبال الموت هو مجرد كلام فارغ ، فالتدين لا يغير شيئا من شعور الإنسان حيال الموت . يؤمن الكاثوليك بأن أرواح الموتى ستمر بمجرد صعودها إلى السماء بالمطهر purgatory، وهو المكان الذي تذهب إليه أرواح من لا يستحقون الذهاب إلى النعيم مباشرة ، كما أن ذنوبهم أدنى من أن تحشرهم أبديا في الجحيم ، و في الإسلام شيء مشابه ، فكل إنسان سيذهب إلى الجحيم لفترة تطول أو تقصر حسب أعماله ، ثم يذهب بعد ذلك إلى النعيم طالما كان مؤمنا بالنبي محمد ، أما من لم يكن مؤمنا به فسيخلد في الجحيم . شهدت العصور الوسطى ظاهرة بيع رجال الدين الكاثوليك لصكوك الغفران ، من المفترض أن تقلل تلك الصكوك من فترة (محكومية) الروح في المطهر ، و تتصاعد أسعار تلك الصكوك مع طول الفترة المطلوب اختصارها من زمن المطهر . هذه الممارسة التي كانت أخطر صور النصب و التحايل في التاريخ قد توقفت نتيجة الثورة الإنسانية ضد الكنيسة ، و لكن فكرة تدخل رجال الدين في أمور الآخرة ،و قدرتهم على تقليل زمن المكوث في المطهر لم تختف كلية ، فحتى بداية القرن 20 ، كان البابا بيوس العاشر Pope Pius X قادرا في عام 1903 أن يحدد بلا خجل زمن المطهر المسموح بتخفيضه لكل رتبة دينية ، الكاردينال 200 يوم ، الآرشبيشوب 100 يوم ، البيشوب 50 يوم و هكذا . حتى في العصور الوسطى لم يكن المال وحده ضروريا لتخفيف العذاب الأخروي ،و لكن الصلاة أيضا تفعل ذلك ، هذه الصلاة يمكن شراؤها عن طريق الدفع المباشر في حياة الإنسان ، أما بعد الموت فيمكن شراء الصلاة خلال الأوقاف التي يمول ريعها شراء الصلوات الورعة ! ، و لعله من المفارقات المدهشة أن جامعاتي أوكسفورد وويكهام أنشأتا أساسا كمصدر للصلوات من أجل روح الكاهن ويكهام البيشوب الخاص بمانشستر في القرن الرابع عشر ، و الآن أشك أن روح الحبر الورع ستسعد لو علمت أن جامعتيه أصبحتا معملآ لتفريخ العلماء الملحدين ، و أن الصلوات لا تتصاعد منهما قط . كي يؤكد رجال الدين قضاياهم يتبنون عادة منطقا مغلوطا ، فالكاثوليك كي يبرهنوا على وجود المطهر ، يقولون أنه لو لم يكن هناك المطهر ، فما جدوى الصلاة من أجل روح الميت ، طالما يتحدد مصيرها عقب الموت مباشرة ؟، هذا ( المنطق ) أشبه بمن يدلل على أن هناك ساكن في المنزل لأن هناك بائع للصحف يمر بجواره ، منطق شكلي ضحل و لكنه شائع تماما بينهم ، وللغرابة هم لا يدركون تناقضه أبدا . هناك أيضا من يقول لو لم يكن هناك إله لأصبحت الحياة خاوية و بلا معنى ولا هدف و كئيبة و .... ، بنفس هذا المنطق ، يمكن أن يقول أحد الناس ، أن حياته ستكون كئيبة و بلا معنى لو فقد زوجته ،و لكن هذا لن يغير حقيقة أن زوجته متوفاة بالفعل ، أكثر من هذا لماذا لا نسأل أنفسنا ، طالما ربطنا كل شيء بممارساتنا و تصوراتنا نحن ، عما إذا كانت الحياة كئيبة بطبيعتها و أن الصلاة عديمة الجدوى . العقلية الدينية لم تتجاوز مرحلة الطفولة البشرية ، فالطفل يعتمد في سعاددته على عوامل خارجية هي الوالدين ،و بالتالي لا يعتقد أنه مسؤول عن أي شيء ، فهما من يلجأ إليه عند الحاجة و يشكو لهما ، بنفس المنطق فالمؤمن في حاجة دائما إلى قوة خارجية تكون مسؤولة عنه ،هذه القوة هي التي تقدم له يد العون و تساعده ، كما تمنع عنه الشرور ، في المقابل الإنسان الناضج يعلم أنه هو وحده المسؤول عن مصيره ،و أن عليه هو نفسه ستتوقف سعادته أو شقائه . RE: المشكلة مع الله. - بهجت - 02-14-2010 " إنها لن تعود مرة أخرى ، هذا ما يجعل الحياة سعيدة" . إميلي ديكنسون ( 3 من 3 ) الإلهام . هل يمكن أن يكون العلم مصدرآ لإلهام البشر ؟. يعيش الإنسان في زمن بالغ الصغر ، أشبه بمن يتصادف وجوده في مسار شعاع الليزر الذي يخترق الظلام ، فهو يقع في نقطة ضوء تائهة في بحر من الظلمات ؛ ظلام الماضي و ظلام المستقبل . مهما كان عمرنا قصيرا على هذه الأرض فنحن محظوظون إذ أتيحت لنا فرصة الوجود ، الفرصة النادرة أن نوجد في مسار هذا الشعاع المرئي ، هي فرصة بالغة الندرة لا تتجاوز واحد من مئات البلايين ، الفرصة أن تتضافر العوامل الوراثية و أن نكون نحن المادة التي تمكنت من الحياة ، فكم هي نعمة هائلة أن نكون في دائرة الوعي بالحياة . هل تعلم من هو أكثر البشر تقديرا للحياة ؟، إنه اللاديني على وجه الترجيح ، لأنه يعلم أن هناك حياة واحدة نحياها ، لذلك فهو يعمل على أن يحياها بعمق و في كل لحظة منها ، و ألا يبددها في السخافات أو أن يمل و يضجر و يركن للتخلف و العبادة . اللادينيون يرفضون الأوهام الغيبية أو الجزع حيال ما يكتنف الحياة من مآسي و مصاعب ، هم يرفضون التفكير السلبي الذي يترك كل شيء للقوى الغيبية ، فهم لا يعترفون بتلك القوى . تقول إميلي ديكنسون " إنها لن تعود مرة أخرى ، هذا ما يجعل الحياة سعيدة" . نهائية الحياة لم تسبب الجزع لهذه السيدة الشجاعة ،و لكنها تلهمها التحرر و السعادة ، هي تعلم أنه إذا كان على الإله أن يتنحى فهناك الكثيرون سوف يحلون مكانه ، العلم و البحث المضني عن الحقيقية ، و حب الحياة العميق ، الرفقة الطيبة و الحب . إن الجهود التي تبذلها المملكة الحيوانية لفهم الكون شيء مدهش ، أشبه ببناء نماذج متنوعة للعالم الخارجي داخل عقل الكائن الحي ، كل نوع من الحيوانات يبني ما يلائمه من نماذج كي يتأقلم مع البيئة التي يعيش فيها . أجدادنا قاموا ببناء نموذجا بسيطا للغاية كي يلائم حياتهم البسيطة ، حياة تناسب مستوطني مناطق السافانا الإفريقية ، حيث العالم مكون من 3 أبعاد فقط ، و الأحجام متوسطة و السرعات كذلك متوسطة . كمفاجأة غير متوقعة ؛ حدث نمو كبير في عقل الإنسان ، فلم يعد ذلك العقل النفعي الذي ينحصر نشاطه في الحفاظ على البقاءه ، بل ظهر العلم و ظهرت الفنون ،و بدأت رحلة جديدة غاية في الروعة و البهاء ، رحلة العقل الواعي في الوجود . نحن كبشر نعيش في منتصف متحف واسع عميق ،و لكننا لا نستطيع إدراك سوى جزء ضئيل منه لأننا لا نملك لإدراك الكون سوى حواسنا الخمس و جهازنا العصبي ، و كلها مهيأ فقط لإدراك جزء بسيط من الكون ، ذلك الجزء متوسط الحجم الذي يتحرك بسرعة متوسطة ، أي أننا مهيأون فقط كي نتلائم مع (العالم المتوسط) . نحن لا ندرك و بالتالي لا نتصور سوى الأبعاد التي تتراوح من عدد من الكيلومترات حتى عشر الملليمتر ، و لكننا لا نستطيع إدراك ما فوق أو دون ذلك ، فقط عندما تعلمنا الإستعانة بالمعدات و الحسابات المعقدة أمكننا أن نتجاوز حواسنا و أن نوسع مداركنا ، بدأنا ندرك أبعاد الكون الفسيح و الصغير للغاية في آن واحد . رغم ذلك فإن قدرتنا على التخيل و الإدراك تظل قاصرة بينما تمتد الأبعاد حولنا من الكوانتم إلى المسافات الكونية الرحيبة ، تلك المسافات التي لا تقدر سوى بملايين السنوات الضوئية . مع الأسف البالغ فخيالنا قاصر بأدواته الموروثة عن الأجداد عن تصور الأبعاد الغير متوسطة ، فنحن نتصور الإليكترون كرة صغيرة سالبة تدور حول مجموعة من الدوائر الأكبر تشمل البروتونات و النيوترونات التي تشكل النواة ، و لكن هذا مجرد نموذج للفهم و لا يعبر عن الواقع ، الإليكترون في الواقع لا يشبه أي شيء آخر ، بل حتى أن فكرة الشبه تلك لا تعني شيئا عندما نتحرك بعيدا عما نألفه ، إن خيالنا لا يملك بعد الأدوات و الملكات التي تجعله قادرا على تخيل – مجرد تخيل – الكوانتم ، فلا شيء هناك يتصرف كما ألفنا أن تتصرف المادة بناء على خبرتنا السابقة ، نحن أيضا لا يمكننا أن نتفهم طبيعة الأجسام عندما تتحرك بسرعة عالية جدا قريبا من سرعة الضوء ، حتى الفهم المشترك Common sense الذي أسعفنا في الماضي لبناء نموذج نعيش به لن يسعفنا في هذه الحالة ، أما سبب هذا القصور فلأن الفهم المشترك بدوره قد تطور خلال ظروف مختلفة كلية ، تطور في عالم لا يتحرك فيه شيء سريعا للغاية ولا بطيئا للغاية ،و حيث كل الأجسام متوسطة فلا شيء بالغ الكتلة ولا شيئ له وزن سالب . يكتب أحد العلماء هو البيولوجي هالدين J. B. S. Haldane " إعتقادي الآن أن العلم ليس فقط معقدا عما كنا نفترض ، بل هو أعقد مما يمكن أن نفترض .. إن هناك بين الأرض و السماء مايتجاوز كل ما حلمت به أو يمكن أن تحلم به الفلسفات جميعا " ، نحن لا ندرك تماما وضعنا الكوني ، بل نحن نتغافل عن لا معقوليته و نراه طبيعيا !، هل من ال (طبيعي) أن نعيش في بئر من الجاذبية العميقة و أسفل غلاف غازي على سطح كوكب يدور حول كرة من اللهب تبعد عنه 90 مليون ميل ، أليس هذا دليل أن هناك شيء محير في إدراكنا و مفهومنا لما هو طبيعي ؟. سبق أن طرحت ( بهجت ) موضوعا للحوار حول تعقيد العالم ، المدهش أن كل الزملاء عداي كانوا يرونه بسيطا ، و مازلت متحيرا كيف يرون الكون بسيطا رغم أننا لا ندرك طبيعته ،و لن يمكننا أن نفعل ذلك قط الان أو في المستقبل .. هؤلاء أكبر علماء البشرية يشاركونني فكرتي عن تعقيد الكون ، فلم يكن ممكنا أن أدرك بعضا من تعقيد الكون بدون تلك العقليات الفذة ،و بدون توجيهاتهم السديدة . إن تناقضات الفيزياء الحديثة دفعت أحد العلماء وهو دوجلاس آدمز أن يصدر كتابا يتناول تلك التعقيدات بأساوب هزلي ، و قد علق مفكر آخر على الكتاب بأنك لو لم تعرف كيف تضحك من تلك التناقضات ، فسيكون البكاء هو المتاح الباقي أمامك . يوافق الكثيرون على حقيقة أن الميكانيكا الكمية هي القمة الغامضة لعلوم القرن 20 ، وهذه الميكانيكا تقدم لنا تنبوءات هائلة بالعالم الحقيقي . هناك عالم شهير للغاية هو ريتشارد فينمان Richard Feynman الحائز على نوبل للفيزياء عام 1965 ، وهو يعلن أن النظرية الكمية يمكنها حساب عرض أمريكا الشمالية –كمثال- بدقة تصل إلى قطر شعرة في رأس إنسان ،وهذا يعني أن النظرية واقعية مثلها مثل أي شيء واقعي ملموس آخر ، رغم هذا فحتى عالم قدير مثل فاينمان يعلن أنه ( هناك بدائل مختلفة من النظرية و أنه يرجح الآتي ... ، إذا كنت تعتقد أنك تفهم نظرية الكم فأنت لا تفهمها ) ، هذه النظرية غامضة إلى الدرجة أن الفيزيائيين يتخيرون أحد تفسيراتها المتناقضة ، هناك عالم شهير آخر هو دافيد دويتش David Deutsch يتبنى تفسير العوالم المتعددة لنظرية الكم ،وهو يدعي فيها وجود عوالم متغيرة سريعة النمو ، هذه العوالم غير متواصلة سوى في لحظة إجراء التجربة ، هذه اللحظة ستكون بمثابة النافذة التي تتصل فيها تلك العوالم ،و لكننا عندما ننظر من النافذة إلى الحدث فلن يمكننا أبدآ التنبؤ بالعالم الذي جاء منه الحدث الذي نشاهده ، بل سنكون نحن أنفسنا قد أتينا من عوالم مختلفة ، في بعضها كنا نمتلك شاربا أخضر اللون ! . كثير من العلماء يمارسون العلوم كنوع من العشق ، و يرونها مصدرا رائعا للإلهام ، فيقول كارل ساجان ، وهو عالم كان مشهورا بمحاولاته الدؤوبة الإتصال بكائنات عاقلة من الفضاء الخارجي ، أنه يكتب كتابه ( (The Demon-Haunted World ليعبر فيه عن عشقه الدائم للعلم ، و هناك عديدون تحدثوا عن العلم و الكون بنفس ذلك الحس العاطفي . هذا الشغف بالعلم ليس مستغربا عندما ننظر لما حققه العلم و كيف غير نظرتنا للعالم و لأنفسنا ، هل كان أحد يستطيع أن يفسر كيف تجمعت تلك الذرات وبدلآ من أن تصبح كتلة صخرية صماء ، أصبحت كائنا حيا يتحرك و يطير و يركض و يتكاثر ، بل أيضا يفكر و يبدع الفنون و يقع في الحب و يكتب الأشعار ، لم يكن أي عقل يستطيع أن يفسر ذلك قبل عام 1859 ، عندما فسر داروين تلك المعجزة الكونية في كتابه الشهير أصل النواع ، لقد نزع داروين الغشاوة عن عيون البشرية لترى و تتعلم ،ولم يعرف العالم من قبل لحظة عبقرية مثل تلك اللحظة ، أو إنسانا أكثر كشفا للحقيقة . كيف نفسر الطريقة التي نرى بها العالم ،وكيف تكون بعض الأشياء بديهية ، بينما نجد صعوبة في فهم و تفسير بعض الأشياء الأخرى ، السبب ببساطة هو أن عقولنا نفسها أعضاء تطورية ، إن عقولنا تطورت في بيئة بعينها ، فكي يبقى الجنس البشري و يرتقي كان عليه أن يبحر في عالم ذو أبعاد متوسطة وسرعات متقاربة متوسطة أيضا ، إن عقولنا أصبحت ضيقة لأنه لم تكن هناك حاجة لتكون أوسع كي تلبي متطلبات أجدادنا من أجل البقاء . إن خبرتنا لا تعطينا القدرة كي نفهم ماهو خارج الوجود( المتوسط ) مالم نكن على قدر ما من التعليم الجيد ، لو كنا نعيش في بيئة ميكرونية غاية في الصغر لتغير كل شيء في إدراكنا ، و لما كنا قادرين أن نفهم الأشياء التي نفهمها الان ، و لكانت الأبعاد داخل الذرة بديهية لدينا . إن ما نراه ليس هو العالم الحقيقي و لكنه نموذج للعالم الحقيقي صممته حواسنا و عقولنا كي نستطيع التكيف مع العالم حولنا ، و تتوقف طبيعة النموذج على نوع الكائن ، فالنوذج الملائم للحيوان الذي يتحرك سيرا غير ذلك الطائر و بخلاف الحيوان الذي يسبح في الماء . أليس عالم بكل هذا الغموض و التنوع قدر على الإلهام ؟. RE: المشكلة مع الله. - بهجت - 02-14-2010 أشرت في المداخلة السابقة عن شريط طرحته لمناقشة تعقد العالم ، وهذه هي الوصلة الخاصة به . الموضوع : هل الكون معقد أم بسيط ؟, مجرد رؤية اضغط هتا . RE: المشكلة مع الله. - بهجت - 02-20-2010 " عندما يتبع الإنسان الحقيقة مغمض العينين ، ستتحول الحقيقة إلى زيف ،و يتحول الإنسان إلى مجرد متعصب ". إيضاح ضروري . يعتب علي بعض الزملاء أني طرحت قضية الإيمان بالخالق أو الرب كقضية للحوار ، و منطلقهم في هذا أني تحاشيت دائما أن أطرح أو أشارك في القضايا الدينية ، بل يذكرونني بما أردده من ألا جدوى من الحوارات الدينية ، وهم بالتالي يرون أن ذلك خطأ ، و أني بهذا أفعل تحديدا ما كنت أحذر منه ، أن نربط قضية العلمانية بقضية الإعتقاد الديني ، أو بوضوح قضية الإلحاد ، و أننا بهذا الربط نفقد تعاطف قطاع واسع من المؤمنين المستنيرين ، بل ربما يبدوا عرض قضية الإيمان بكل هذا الحسم متناقضا مع ما طرحت سابقا عن العلمانية الرخوة ، و كان هذا في موضوع العلمانية ، أحد الموضوعات العديدة التي لم تنل ما تستحق من مشاركات تتفاعل مع الجهد الإستثنائي المبذول فيها . هذا نقد أفهمه ، و لكني أيضا لا أريد أن أبقى دائما في إطار رسالة التنوير و العلمانية ، إني أحب الخير العام و لكن بالتأكيد ليس إلى الدرجة التي تجعلني أكرس نفسي تماما من أجلها ، لقد مضت عشر أعوام من القرن 21 و لم يعد مفهوما أن نظل صامتين عن ظاهرة الدين الغيبي ، فمن المحزن حقا أن يؤمن معظم الناس في منطقتنا بأشياء لم تؤكدها الحقائق العلمية ولا شاهد عليها ، بل على النقيض من ذلك هناك عشرات من الشواهد القوية تؤكد خطأها . إن المشكلة مع الإيمان هي الحقيقة ، الإيمان يتعارض مع الحقيقة ، ولو أصررنا على الإيمان فنحن نتخلى عن الحقيقة ، و الحقيقة هنا هي الحقيقة العلمية ، فطالما نتحدث عن الكون و الطبيعة لا توجد سوى حقيقة واحدة هي بالطبع الحقيقة العلمية ، إن الإيمان الحقيقي لا يكون سوى في وجود الدليل ، غير ذلك هو إيمان أو اعتقاد أعمى . هناك بالفعل تناقض هائل نواجهه نحن الذين أتيحت لهم فرصة المعرفة العلمية ، نحن نشاهد فوضى كاملة بل محنة و مأساة ، عندما يهمل الناس المعارف الحديثة التي تم إثباتها ،و يتمسكون بأساطير نشأت في الشرق الأوسط القديم منذ أكثر من 2500 أو 3000 عام . إننا نعرف الان كيف نشأت الأديان و كيف تطورت المعتقدات الغيبية ، لقد احتاج الإنسان للأديان المنظمة قديما كي يفهم العالم ،و كي يحصل على الراحة النفسية ، أي أن الناس يؤمنون لأسباب نفسية و ليس نتيجة محاجات عقلية ، هذا الإيمان يعيبه أنه غير قائم على الحقائق ، بل يتعارض معها ،وهذا ما يجب تغيره ، فالقبول بالإيمان الغيبي يقود البشرية إلى الطائفية و التقاتل الديني و الشر . لا يجب أن نسمح لأنفسنا و لأبنائنا أن نعيش في خصام مع الحقيقة ، فقط نعيش ضمن إطار النظام الموروث و الأساطير المتداولة ، إن وجود أعداد كبيرة من المتدينين لا يجب أن تحبطنا ، فكل النظم و الأفكار الشائعة الان و التي نقيم عليها المجتمعات البشرية أنتجها أفراد كانوا أقلية ضئيلة جدا في عصر ما . عندما نسير في الشارع غدا علينا أن نتذكر أن هناك أفراد أفسد الدين عقولهم ،و أنهم على استعداد لقتل الاخرين و قتل أنفسهم إرضاء لرب ما ، هؤلاء يؤمنون أنهم عند قتل الآخرين سيصعدون إلى السماء مباشرة كشهداء ،و سيشاركون نبيهم حياة مرفهة للغاية في جنات النعيم . إن الخطورة ليست محصورة في الإسلام على وجه التحديد ، فاليهودية و حتى المسيحية يمكن أن يكون لهما صور خطيرة بالفعل ، و علينا أن نتذكر أن الإيمان في أهم صوره هو الإعتقاد بلا دليل . إن دراستي للعلوم و متابعتي لها تجعلني أعتقد أن فكرة الخالق السماوي هي فكرة غير صحيحة ، بل و تتعارض مع حقائق العلم ، ربما أبسطها أنه لا توجد سماء يمكن أن يعيش فيها ذلك الخالق! . من المفترض بسبب التراكمات المعرفية و السمو في التفكير الإنساني لدى النخب البشرية الأرقى ، أن نكون الآن في عصر العقل ،و لكن الواقع يشهد إنتكاسة كبيرة و ملموسة في العقلانية ، خاصة بين المسلمين و اليهود . كمختصين في العلوم نمارس منطقا خاطئا يقول أن نبتعد عن مجال الدين ،و أن نترك المتدينين أحرارا ولا ننتقد معتقدات الآخرين ، و لكن هذا الموقف لم يعد مقبولآ مع غياب العقل عن الحياة العامة و سيادة الخرافة . لقد كنت اعتقد طويلآ ان العقل قد كسب معركته ضد الخرافة ،و لكني صدمت بمعنى الكلمة من مدى هشاشة العقل في منطقتنا العربية و بين المسلمين ، لهذا أشعر أن واجبي أن انتقد الدين الذي يتناقض مع كل ماهو عقلاني و طيب في الحياة . |