حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
فؤاد زكريا: رحل وحيداً - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +---- المنتدى: مشاعل على الطريق (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=92) +---- الموضوع: فؤاد زكريا: رحل وحيداً (/showthread.php?tid=36620) |
RE: فؤاد زكريا: رحل وحيداً - vodka - 03-17-2010 (03-17-2010, 12:02 AM)بسام الخوري كتب: لكنه نسي حرف وخرب الدنيا ان دل هذا على شيئ فانما يدل على ان ابو رياض يفلي كل حرف يكتب RE: فؤاد زكريا: رحل وحيداً - بهجت - 03-17-2010 (03-16-2010, 11:56 PM)هاله كتب:اقتباس:يا صديقي .. كل النساء و معظم الرجال في حاجة لإله لذلك اخترعوه يا صديقتي .. النساء يأتين بالبشرية و يردن حمايتها ، وهذه هي الوظيفة الإفتراضية للإله . معظم الرجال يريدون الخلود ، و تكرار التجربة بلا نهاية رغم أن تلك التجربة كانت مريرة . و قليل من الرجال مخلصون للحقيقة ، و لكن معظم هذا القليل ترتعش أقدامه في النهاية . فيخون الحقيقة من أجل ؛ نهر من خمر ، و بعض الغلمان ، و حشد من النساء مفرطات البدانة، و زمالة بدو القرن السابع في الحجاز في مستعمرتهم السماوية ثم أليس منعكن من دخول الجحيم معنا أفضل من منع المرأة من دخول مجلس الدولة في مصر . ................... بمثل هذه التعميمات الساذجة نتأمل بعض حقائق الحياة . وهذا يغفر لها . فلم أفهم أبدا ولع النساء بالآلهة ، حتى أصبحت أرى في وجود إله بجوار السيدة نوعا من الأناقة ، مثل البارفان أو الفستان الأنيق ، خاصة لو كان الإله ذلك الآري الجميل المعلق على صليبه المرصع بالماس الدقيق . و لكني لا أطيق الرجل الذي يمسك بذيل إلهه راجيا : لا تتركني يا عمو .. ......................... أتذكر أني كنت أسير بجوار فتاة في شارع كويبيشفا في موسكو الماركسية ، و لكني فوجئت بالفتاة تقبض على يدي و تمنعني من الحركة ، فتوقفنا قليلآ حتى مر زوج يسير خلفنا و تقدمنا في عبور الشارع ،و لما سألتها عن السبب ، فوجئت برد لم أصدق أذني وقتها ، قالت أنها رأت قطة سوداء تمر بعرض الشارع ،و هذا يعني افتراق أول من يعبر الشارع مباشرة ، لهذا جعلتنا نتخلف و تركت الاخرين يعبران اولآ !. ولما سألتها مداعبا : ألا تخشى أن يراها التمثال المنتصب لكارل ماركس أمامنا فيغضب ، فأجابتني بكل جدية " أرجوك لا تسخر .. أنت لا ديني .. هذه أشياء تحدث !". الرد على: فؤاد زكريا: رحل وحيداً - jafar_ali60 - 03-18-2010 يخرب بين جيرانك يا دكتور بسام وهلا يا حمراء ويا علماني هو سفر دائم ولاب نوب صغير بازرار صغيرة ، وما اعرف حكاية الفنادق مع الانارة فهي دوما خافتة والازرار صغيرة والاصبع كبير ، والتحبير سابق التفكير والخطأ أكبر تحياتي RE: الرد على: فؤاد زكريا: رحل وحيداً - العلماني - 03-18-2010 (03-16-2010, 06:51 PM)بهجت كتب: [quote='jafar_ali60' pid='420154' dateline='1268753423'] ألف شكر يا عزيزي بهجت، ولكن أجيبوني رعاكم الله على هذا السؤال: هل نفتح "ملفاً خاصاً" بالدكتور الراحل أم نفتح "ساحة عامة" نسميها "ساحة التنويريين العرب" نضع فيها كل ما نستطيعه من نتاج هؤلاء الكبار؟ أجيبوني كي نتوجه إلى معالي جناب "الفريق الركن طارق القداح" وأعضاء إدارة النادي الموقرة كي يمنوا علينا بتحقيق طلبنا. واسلموا لي العلماني RE: فؤاد زكريا: رحل وحيداً - ابن نجد - 03-18-2010 رحمة الله عليه اليقين الموضوعي. عبدالله بن بخيت في حياة كل إنسان منعطفات قليلة تأخذه إلى مصيره أو رؤيته الكبرى أو طريقته في التفكير. تجربة شخصية عابرة, حادثة مهمة, قصيدة أو كتاب الخ. كنت طالبا في الجامعة. في بداية الطريق. سألت أستاذي شكري عياد سؤالا مازلت أعتبره واحدا من أهم الأسئلة التي طرحتها في حياتي. لماذا كل المثقفين يساريون؟ كان سؤالا غير مألوف ومباغت. حتى أنا دهشت بعد أن طرحته. أتذكر سؤالي هذا وأحمد الله أني عرفت كيف أسأله. يبدو السؤال بسيطا وعاديا الآن ولكنه لم يكن كذلك في ذلك الزمان. كان العالم يتجه إلى اليسار. كل الكتاب الكبار والمفكرين والمثقفين والعالم الحر يتجهون إلى اليسار. كان اتجاها حتميا. المسألة مسألة وقت. اليسار هو الحل. قال شكري عياد بهدوئه المعهود. يا ابني المسألة موضة. فوجئت بالإجابة. كنت أنتظر محاضرة وشروحات وفتاوى. قالها ثم مضى. تركني أتحمل المسؤولية وحدي. صرت أقرأ الكتب والمجلات واسمع المحاضرات قلقا بهذا السؤال. هبط بيني وبين كل ما أقرأه ضباب من الشك. لم يعد العالم نقيا كما يجب أن يكون لمراهق يمتلئ قلبه بالمثاليات التي يقدمها اليسار. مضت عشر سنوات. كنت قد غادرت الجامعة ودخلت الحياة التي تركها شكري عياد. قرأت أثناءها كتبا كثيرة وتعرفت على بشر آخرين وخرجت من ضيق أفقي إلى عالم أوسع. ازدادت حصيلتي ومعرفتي ولكن السؤال مازال قائما وحائرا. توسع ذلك السؤال حتى أصبح يلتف على كل الموضات الفكرية والدينية. مسّ كل شيء يحيط بحياتي. صرت أقف بعيدا أمام الأفكار التي تنتظم جماعة من الجماعات. وأطرح عليها نفس السؤال. لم أعد في حاجة إلى شكري عياد ليقول لي إن المسألة موضة. السؤال جزء من القلق. جواب شكري على عفويته يثير القلق أكثر. يأخذ السؤال إلى منطقة أبعد وأعقد. إلى أي منظومة عقلية يمكن أن ينتسب مثل هذا السؤال. لا يمكن أن يكون وحيدا. لابد له من أرومة. لم تكن المناهج تعلمنا كيف نفكر. كيف نطرح الأسئلة ونبحث عن إجاباتها. ما هو السؤال الحقيقي وما هو السؤال الوهمي. في أواخر الثمانينيات تقريبا وقع في يدي كتاب. شعرت بأن العالم تغير بعد أن قرأته. نقلني من قلق الضعف إلى قوة القلق. عنوان الكتاب (التفكير العلمي)، مؤلفه المفكر المصري فؤاد زكريا. أزال عن عيني ضبابا كثيرا. عرفت كيف يمكن أن تطالع العالم وتتفحصه وتنظفه من أفخاخ المسلّمات المضللة. أخطر شيء على الإنسان أن يترك عقله ينقاد إلى مسلّمات الجماعة التي لمعتها الكثرة أو قوة الدعاية أو القدم أو السلطة. علمني كيف أنأى بنفسي عن أن تقع في هذا المسلك وأبحث عن اليقين الموضوعي. تعلمت الكثير من هذا الكتاب. ثلاث نقاط لا أنساها أبدا: انتشار الرأي ليس دلالة أكيدة على صحته. الثاني: امتلاك الرأي لقوة تحميه وتفرضه يجب أن يثير الشك فيه. الثالث: تقادم الرأي وانتسابه للسلف يمنحه سلطة ليس بالضرورة أنه يستحقها. فؤاد زكريا واحد من أهم الرجال الذين غرسوا بذور التفكير العلمي في الإنسان العربي . رحمه الله RE: فؤاد زكريا: رحل وحيداً - بسام الخوري - 03-18-2010 إفتتاح ركن للنوريين عفوا للتنويريين فكرة جيدة .. .مع الإبقاء على تبويب المنتدى كما هو لأنها ميزة رائعة بالبحث ... RE: فؤاد زكريا: رحل وحيداً - بسام الخوري - 03-21-2010 عن شقاء فؤاد زكريا بعقله الأحد, 21 مارس 2010 حسام عيتاني الأعوام الأخيرة من حياة فؤاد زكريا كانت، على الأرجح، الأصعب. ليس بسبب معاناته مع المرض فحسب، بل أيضاً لأنها عجت بكل ما كرهه الرجل وحاربه على امتداد عقود، من سيادة اللاعقلانية وتحكم الوعي الخرافي بالمجتمعات العربية وانهيار قيم الحداثة والعلمانية. ويكاد الموقف أن يصبح سوريالياً عندما يترافق مقال عن فؤاد زكريا «المحارب ضد الجهل والخرافة» مع خبر «ذبح ثلاثة عجول أمام طائرة لمصر للطيران» ارتطمت ارتطاماً طفيفاً أثناء رحلة لها، في الصفحة الأولى لموقع «الأهرام». فما عمل الرجل على اجتثاثه مخصصاً له عمراً من الكتابة والبحث والمحاضرات، يبدو راسخاً ويمد شبكته لتشمل قطاعاً مثل الطيران يفترض أن يكون العلم أساسه. وإذا رُصفت عناوين كتبه سواء التي وضعها أو تلك التي ترجم، إلى جانب عناوين أكثر المقالات التي نعته، لظهر الفارق بين السعي إلى إضفاء المعنى على الواقع وخواء الواقع الراهن من المضمون. ومن تاسوعات أفلوطين إلى برتراند راسل وهربرت ماركوز في الترجمة، ومن اسبينوزا ونيتشه وهيغل و «التفكير العلمي» إلى «خطاب الى العقل العربي» وصولاً إلى «كم عمر الغضب؟» و «آفاق الفلسفة» (وهو جمع لدراسات قديمة أعاد إصدارها عام 1988)، سعى زكريا إلى إيجاد الرابط بين الفكر الحديث والعوامل التي تحرك (أو لا تحرك) الجانبين النقدي والعلمي في العقل العربي المعاصر. ولعل زكريا في مؤلفه «كم عمر الغضب؟» الذي ضمّنه نقاشه كتاب محمد حسنين هيكل «خريف الغضب»، يشرح انتقائية كتاب مصريين وعرب كثر لا يترددون في القفز عن الحقائق والوقائع وتسليط الضوء على أجزاء منها والتغافل عن أخرى عندما تقتضي ذلك الأهواء السياسية أو سواها. وإذا كان الكتاب المذكور لا يتفق مع السوية الفلسفية العامة لفؤاد زكريا، إلا أنه يشير بوضوح إلى اهتمامه بتعرية التناقضات التي يجري تسويقها كروايات لتاريخ غير متفق على روايته وصياغته. وهو إذ ينتقد هيكل لرفضه رؤية الروابط الوثيقة بين عهدي جمال عبد الناصر وأنور السادات، يندد في الوقت ذاته بالردود التي صدرت عن مؤيدي السادات على هيكل والتي تنتمي في الصميم إلى ذات المدرسة الفكرية والسياسية التي أفرزت هيكل مشيراً إلى أن ردود الفعل على «خريف الغضب» مصدر مفيد «لتحليل أساليب التفكير المشوهة التي أصبحت سائدة في عالمنا العربي بعد أعوام طويلة من القمع». ومن دون إطالة واستطراد، وإذا قاربنا بعضاً من الأسئلة التي أرّقت كاتبنا الراحل، نعثر في مقدمة كتابه «التفكير العلمي» على الفقرة الآتية التي تتناول واحداً من التناقضات الفكرية عند العرب: «أننا لا نكف عن الزهو بماضينا العلمي اﻟﻤﺠيد ولكننا في حاضرنا نقاوم العلم أشد مقاومة. بل أن الأشخاص الذين يحرصون على تأكيد الدور الرائد الذي قام به العلماء المسلمون في العصر الزاهي للحضارة الإسلامية هم أنفسهم الذين يحاربون التفكير العلمي في أيامنا هذه. ففي أغلب الأحيان تأتي الدعوة إلى الدفاع عن العناصر اللاعقلية في حياتنا، والهجوم على أية محاولة لإقرار أبسط أصول التفكير المنطقي والعلمي المنظم وجعلها أساساً ثابتاً من أسس حياتنا- تأتي هذه الدعوة من أولئك الأشخاص الذين يحرصون، في شتى المناسبات، على التفاخر أمام الغربي - بأن علماء المسلمين سبقوهم إلى كثير من أساليب التفكير والنظريات العلمية التي لم تعرفها أوروبا إلا في وقت متأخر، وما كان لها أن تتوصل إليها لولا الجهود الرائدة للعلم الإسلامي الذي تأثر به الأوروبيون تأثراً لا شك فيه». ويتابع زكريا: «من الجلي أن هذا الموقف يعبر عن تناقض صارخ، إذ أن المفروض في من يزهو بإنجازاتنا العلمية الماضية أن يكون نصيراً للعلم، داعياً إلى الأخذ بأسبابه في الحاضر، حتى تتاح لنا العودة إلى تلك القمة التي بلغناها في عصر مضى. أما أن نتفاخر بعلم قديم ونستخف بالعلم الحديث أو نحاربه فهذا أمر يبدو مستعصياً على الفهم». ومن بين من تولوا الرد على طروحات زكريا في العلمانية والتفكير العلمي، الشيخ يوسف القرضاوي الذي خصص كتابه «وجهاً لوجه» للرد على «فؤاد زكريا وجماعة العلمانيين» رداً «علمياً»، حيث يفند في فصل يحمل عنوان «تحديد الهويات» آراء العلمانيين بعدما بيّن عدم أهليتهم لمناقشة الدين «بآراء اخترعتها أهواؤهم، أو نقلوها عن أساتذتهم الغربيين، وهي آراء لم يقم عليها برهان، ولا أنزل الله بها من سلطان، وهي آراء لا يخالفهم فيها علماء العصر وحدهم، بل هي آراء مخالفة لما أجمع عليه علماء الأمة في القديم والحديث»، حيث لا يمكن لمسلم وعربي أن يستفيد برأي من غربي أو مستشرق، ويختم ببيت الشعر التالي: «يقولون: هذا «عندنا» غير جائز فمن أنتمو، حتى يكون لكم «عندُ»؟ الإلغاء والإقصاء هما ما يرد به على زكريا، بعد حشره مع العلمانيين في جماعة هي، حكماً ومسبقاً، ضالة ضلالاً مبيناً. كما أن زكريا لم يجد نصيراً له بين اليساريين لتوجيهه نقداً قاسياً إلى جمودهم الفكري، ولا بين الإسلاميين الذين صنفوه في خانة العدو الشخصي لهم، على رغم أن العديد من كتاباته لا تشي بخروج عن أساسيات الدين كما زعم القرضاوي. جانب آخر ستشعر الثقافة العربية فيه بفداحة غياب زكريا هو الجانب المدقق المتشدد، إذا جاز القول، في إيفاء المصطلحات معانيها ووضعها في سياقاتها اللازمة. فكأستاذ في الفلسفة شغلت المفاهيم حيزاً واسعاً من اهتمامه، كان على زكريا أن يحرص على ألا تشطح العبارات وتخرج عن مضامينها، في وقت يبدو لقارئ المؤلفات العربية المعاصرة أن ثمة عداء مستحكماً بين الانضباط في النص والتأليف وبين سيلان أقلام لا تعرف كيف تتوقف عن تسويد الصفحات. لقد كان شقاء فؤاد زكريا عظيماً، حقاً، بعقله. http://www.daralhayat.com/portalarticlendah/121376 RE: فؤاد زكريا: رحل وحيداً - بهجت - 03-22-2010 أسـتاذي فـؤاد زكريـا بقلم: جابر عصفور لم أتلق العلم بشكل مباشر عن فؤاد زكريا الذي رحل في صمت, يليق به ولا يليق بنا, ولكنه كان أستاذا لي, تعلمت من كتبه ومواقفه والاقتراب منه, في سنوات عملي في جامعة الكويت ما لم أتعلمه من بعض أساتذتي المباشرين, وأعتقد أني أدين له بأربعة جوانب أساسية. أولها: النزعة العقلانية الصارمة, وهي نزعة تليق بالفلسفة النقدية التي ظل فؤاد زكريا منحازا إليها في كل ممارساته الفكرية, وأحسبني تعمقت فهم معاني الوعي النقدي بسببه, وتيقني من ضرورة وضع كل شيء موضع المساءلة, كي يأتي الاقتناع علي أسس راسخة, بعيدة عن الهوي أو الوقوع في شراك الإيديولوجية, خصوصا في بريقها التخيلي. وكانت عقلانية فؤاد زكريا قرينة تبني المنهج العلمي الذي رأي فيه طريقا إلي المستقبل الواعد, وترك فيه كتابا نادرا في الثقافة العربية الغالبة التي يغلب عليها العداء للعقل والعلم علي السواء. ومن المؤكد أن عقلانية فؤاد زكريا هي التي جعلت منه رمزا من رموز الاستنارة, والدولة المدنية علي السواء, فقد وصل, دائما, بين العقل والعلم في الكشف عن حقائق الأشياء, ومن ثم التصدي للسلفية الجامدة والاتباع السلبي في الفكر الديني المتخلف الذي ناصبه العداء, طوال إقامته في الكويت, فهناك ابتدع مصطلح إسلام النفط أو البترو إسلام الذي أفدته منه, ونقلته عنه, في دراستي( التي أثارت علي ثائر الكثيرين) عن إسلام النفط والحداثة. وقد وقفت فيها عند إسلام النفط بوصفه بنية فكرية ذات وظائف إيديولوجية, حاولت تحليل نظرتها القمعية إلي الحداثة الأدبية والفكرية بوجه عام. كنت أمضي في هذه الدراسة وغيرها من كتاباتي التنويرية في الطريق الذي سبقني إليه, ورادني فيه, فؤاد زكريا الذي كان يداعبني بقوله: أنت دارس للفلسفة بالفطرة ولكنك ضللت طريقك إلي قسم اللغة العربية. وكنت أقول له مشاكسا: لا تنس أن كل ناقد أدبي كبير لا وزن له إلا إذا كان منطويا علي رؤية فلسفية شاملة وعميقة. وكنت أضرب له المثل بجورج لوكاش وأمثاله من الذين كانت رؤاهم تضفي عمقا استثنائيا علي ممارساتهم النقدية في الآداب أو الفنون. وأتصور أن نزعة المساءلة التي اكتسبها فؤاد زكريا من الفلسفة النقدية هي التي جعلته يضع البنيوية موضع المساءلة, متأملا ما لها وما عليها, مقدما لنا, نحن الذين تأثرنا به, درسا لا ينسي في عدم الانبهار بشيء من الموضات إلا بعد وضعه موضع المساءلة النقدية بمعناها الفلسفي. وكانت سلاسة الكتابة عند فؤاد زكريا وقدرته علي تقديم أعقد المفاهيم بأسهل العبارات, صفة ورثها عن أستاذه زكي نجيب محمود علي وجه الخصوص, وأورثها لي في مجال الكتابة النقدية التي أتمثل فيها, دائما, قول محمد مندور: إن الفهم تملك للمفهوم. وقد كان فؤاد زكريا يتملك المفاهيم الفلسفية من أفلاطون إلي ماركيوز, مرورا باسبينوزا, علي نحو يجعلها طيعة لأسلوبه الذي كان ينفر من الحلي اللفظية والإسهاب والإطناب, مؤثرا عليها اللغة العارية الواضحة الحاسمة مثل حد الموسي. وقد اكتسبت من فؤاد زكريا, عندما زاملته في الكويت, صراحته التي لا تعرف المجاملة أو المناورة. ولا أنسي حلقة دراسية قمت بتنظيمها في آداب الكويت عن مناهج البحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية, وقد أسهم الأساتذة الكبار بأبحاث في مجالاتهم المختلفة, وتركت التعقيب الختامي لفؤاد زكريا الذي قرأ الاسهامات كلها, وقام بالتعقيب عليها, بعد وضعها جميعا موضع المساءلة, وكانت النتيجة تعقيبا من أعمق وأقسي ما سمعت من تعقيبات, إذ لم يجامل الرجل أحدا, وكشف عن العوار المنهجي في كل البحوث التي تتحدث عن المنهج, وقد كانت هذه الصراحة الفكرية قرينة صراحتة السياسية التي جعلته يتصدي للخزاعبلات الدينية التي رد إليها بعض المشايخ الانتصار العظيم الذي تحقق بالعلم والتخطيط والذكاء والإصرار, وليس بملائكة كانوا يحاربون إلي جانب الجنود, أو ببشارة أو أكثر لبعض مشايخ الغفلة في النوم, ولم تكن هذه الصراحة بعيدة عما كتبه ضد محمد حسنين هيكل الذي رد فؤاد زكريا علي كتابه خريف الغضب بكتابه اللامع كم عمر الغضب؟ الذي يكشف عن التحيزات السياسية لفؤاد زكريا وعلي رأسها الدولة المدنية الحديثة القائمة علي الفصل بين السلطات, والملازمة للديمقراطية السياسية والحرية الفكرية والإبداعية. أما ثالث ما تعلمته من فواد زكريا فهو في ممارسة الترجمة وأساليبها. وقد قدم نماذج رائعة, منها ترجمته الرائقة لكتاب هاوز التاريخ الاجتماعي للفن وكتاب ستولنيتز النقد الفني إلي جانب العديد من الترجمات الأخري في مجالات العلوم الإنسانية المختلفة. وقد أفدت من خبرته عن قرب, عندما قبلت سلسلة عالم المعرفة الكويتية التي كان يشرف عليها ترجمتي لكتاب عصر البنيوية. وقد دفعني إعجابي بترجمات فؤاد زكريا الي طلب أن يراجع هو الترجمة. فكنت أعطيه كل فصل أترجمه, وكنت ألاحظ, دائما, أنه يستبدل بكلمات أختارها كلمات يراها هو أسهل من غيرها, مبررا لي ذلك بان المترجم البارع هو الذي يترجم بلغة يفهمها الناس كأنها لغتهم, متهما إياي أن دراستي المتعمقة في التراث العربي تجعلني أختار, أحيانا, كلمات تراثية لمجرد أنها أعجبتني, سواء فهمها القاريء أو لم يفهمها, وكنت أجادله, ولكنه كان يدافع عن وجهة نظره بمطالبتي بأن أقرأ الفصل بنفسي مرة أخري بعد أسبوع, لكي أكون محايدا. وعندما كنت أراجع مراجعته كنت أنتهي إلي سلامة حجته, فقد كانت ترجمتي أيسر بعد تدخلاته, وحذف الكلمات, أو التراكيب, التي كان يراها صعبة علي القاريء. ولا أنسي له أنه, بعد أن انتهيت من الترجمة, وانتهي من المراجعة, طلب مني حذف فصلين عن البنيويين الماركسيين, فرفضت وسحبت الترجمة من عالم المعرفة, ولم يفسد ذلك الود بيننا فقد احترمت تحوطاته واحترم حرصي علي أمانة الترجمة. وكان ذلك يكشف عن قدرته علي تقبل الاختلاف معه, أو الاختلاف عنه. ورابع ما أفدته من فؤاد زكريا هو غرامه بالفنون, وبخاصة الموسيقي التي كان متعمقا فيها, وكتب عنها, ماضيا في طريق المرحوم حسين فوزي الذي علمنا كيف تتذوق الموسيقي في البرنامج الثاني, أيام أن كان البرنامج الثاني للثقافة الرفيعة حقا. وأضيف إلي ما سمعناه من حسين فوزي ما قرأناه ليحيي حقي. وما أكثر ما كنت أنضم إلي أصدقاء فؤاد زكريا الحميمين ليشرح لنا, في بيته في الكويت, أسرار هذا الموسيقار أو ذاك, خصوصا من المنتسبين الي المذاهب الموسيقية الحديثة. وكان الحديث يمتد بنا, ليبحر بنا هذا الفيلسوف العقلاني العظيم في آفاق لا حدود لها من المعرفة الموسوعية والذوق المرهف واليقظة العقلية والوعي النقدي والمتابعة اليقظة لكل جديد في العلوم الإنسانية والاجتماعية. ولذلك ظل, رحمه الله, عالما فذا, وفيلسوفا يؤمن بدور الفلسفة في تغيير الحياة, وضرورة ارتباطها بالواقع الذي سلط عليه عقليته الفلسفية كاشفا عن جوانب تخلفه, إلي أن ابتلي بجلطة المخ التي أبعدته عنا وأبعدتنا عنه. رحمه الله, وسامحنا علي بعدنا عنه, وعلي تنكر ثقافتنا المتخلفة له ولأمثاله من العظام الذين سنظل نستضيء بهم في الليالي المظلمة المقبلة, ولا سلاح في يدنا لمواجهتها سوي العقل النقدي وجرأة المساءلة والإعلام من شأن الفنون والآداب وحرية الإبداع وليس قمعه. RE: فؤاد زكريا: رحل وحيداً - عاشق الكلمه - 03-22-2010 مقدمه كتاب الإسلام والعلمانية وجها لوجه للشيخ يوسف القرضاوى , وهو موجه بالاساس للرد على افكار المرحوم الدكتور فؤاد زكريا ........ مقدمة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد … في صيف سنة 1985م، كنت في مدينة "بون" في ألمانيا الغربية للعلاج من ألم أصاب العمود الفقري، وكانت تأتيني ما بين حين وآخر، بعض الصحف العربية، ومنها صحيفة الأهرام القاهرية، وفي أحد الأيام، قرأت فيها مقالا للدكتور فؤاد زكريا، يذكر فيها ضرورة الحوار مع الدعاة إلى تحكيم الشريعة الإسلامية، نظرا لخطورة الموضوع، واتساع القاعدة، التي تنادى به، وعدم قيام حوار من هذا النوع، رغم أهميته لحاضر الأمة ومستقبلها. وكان أول ما لفت نظري، أنه جعل عنوان هذا الموضوع الكبير العميق، "المسألة الدينية في مصر المعاصرة"! والكتاب ـ كما يقولون ـ يقرأ من عنوانه، ففهمت أن هذه مكانة الدين في نفس الكاتب. الدين الذي هو روح الحياة، وحياة الروح، وجوهر الوجود الإنساني كله، لا يعدو أن يكون في تفكير كاتبنا غير مسألة من مسائل الحياة، التي تشغل الناس فترة من الزمن، مثل: تداخل خطوط التليفونات، أو انقطاع المياه عن الأدوار العليا في النهار، أو ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، ونحو ذلك .. ثم لاحظت أنه يسميها "الدينية"، وليست "الإسلامية". فالكتاب العلمانيون حريصون كل الحرص على إبعاد كلمة "الإسلام" من قاموسهم، ما استطاعوا، واستخدام كلمة "الدين"، وذلك لتثبيت المعنى الدخيل المستورد، وهو التفريق الحازم بين ما هو دين، وما ليس بدين، من شئون الحياة المختلفة، وهو معنى غريب على الفكر الإسلامي، والحياة الإسلامية. ومع هذا، غضضت الطرف عن العنوان، وبدأت أقرأ المقال الأول، وأنا أقول في نفسي: هذه بداية طيبة، فما أحوج أبناء مصر، وأبناء العروبة، وأبناء الإسلام، إلى أن يتحاوروا بالفكر، بدل أن يتقاذفوا بالتهم، أو يتقاتلوا بالسلاح. ولكن ما انتهى د. فؤاد زكريا من مقالاته، ومن التعقيب ـ بعد ذلك ـ على منتقديه، حتى شعرت بأن ظني قد خاب في جدية دعوة الدكتور للحوار، مع التيار الإسلامي، وذلك لجملة أسباب: 1. أن الكاتب لم يكن يحمل قلما للحوار، بل سيفا للهجوم، واستغل المساحة الكبيرة، المعطاة له في الصحيفة، للتشكيك في المسلمات الأولية عند الأمة الإسلامية، طوال أربعة عشر قرنا من الزمان، حتى اجترأ على التشكيك في أن الشريعة من عند الله! وزعم أن كل ما هو إلهي، ينقلب بشريا صرفا، بمجرد تفسيره وتطبيقه، ومعنى هذا أنه لا فائدة، ولا مبرر أن ينزل الله للناس كتابا، أو يلزمهم بشريعة، يبعث بها رسولا. 2. أنه لم يحاول أ، يتنازل عن شيء من أفكاره، ليقترب من دعاة الإسلام، بل كان أكبر همه أن يتنازلوا هم عن أفكارهم، بل عن عقيدتهم وشريعتهم ومنطلقاتهم الأساسية ليقتربوا منه، وليت شعري كيف يتم حوار على هذه الصورة. إن القرآن ذكر في جدال أهل الكتاب أدبين رئيسيين: الأول: أن يكون بالتي هي أحسن، فلو كان هناك أسلوبان، أحدهما: حسن، والآخر: أحسن منه، لوجب أن نستعمل الذي هو أحسن. الثاني: التذكير بنقاط الاتفاق، التي من شأنها أن تجمع، ولا تفرق. وفي هذا يقول الله تعالى: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن..) (وقولوا: آمنا بالذي أنزل إلينا، وأنزل إليكم، وإلهنا وإلهكم واحد، ونحن له مسلمون) (سورة العنكبوت: 46). هذه هي طريقة القرآن في الحوار، أما طريقة د. زكريا، فإنها تهدم ولا تبني، وتفرق ولا تجمع، وتباعد ولا تقرب. 1. أن الكاتب كان يلوي أعناق الحقائق ليا، ويتعسف في التفسير والتعليل، ولو كانت الحقائق ـ أمامه ـ في وضوح الشمس في ضحى صيف القاهرة، وكلامه عن الشريعة الإسلامية، وعن الصحوة الإسلامية ينطق بذلك بجلاء. 2. أنه حين رد عليه بعض المعلقين، قطع أوصال تعليقاتهم، وانتقى منها ما حلا له، فأبقاه، وحذف ما شاء، وقطع كلمات ناقديه عن سباقها وسياقها، ومنهم علماء ومستشارون وأساتذة جامعات. كما أن صحيفة الأهرام، لم تكن منصفة في الحكم بين طرفي الحوار، فأعطت كل الحرية للدكتور فؤاد زكريا، ولم تعط لناقديه مثل ما أعطت له، بل حولت ردودهم وانتقاداتهم إلى الكاتب نفسه، يأخذ منها ويدع، على طريقة (لا تقربوا الصلاة) حتى أن الداعية الإسلامي الكبير الشيخ محمد الغزالي بعث بمقالتين إلى "الأهرام" حول الموضوع، فلم تنشر أيا منهما، ولم تشر إليه، وغطت ذلك بأن دعته إلى المشاركة في ندوة أدارتها الأهرام داخلها، يتكلم فيها الشيخ نصف ساعة، ثم يلخص ما قاله في سطرين أو ثلاثة! وهذا ما جعلني أعلق على دعوة الحوار، التي أعلنها د. زكريا، أنها أشبه بسباق، يعدو فيه حصان واحد! وقد تبين لي ـ فيما بعد ـ أن هذه المقالات، التي جمعها صاحبها وأودعها ضمن كتاب له، خطط لها العلمانيون ضد الشريعة الإسلامية ودعاتها، فقد صدرت لهم عدة كتب، تهاجم الشريعة وفقهاءها قديما، والداعين إليها حديثا. كما فسحت لهم صحف معروفة صدورها، ليكتبوا في هذا الاتجاه ما شاءت لهم أهواؤهم، فضلا عن مجلاتهم الخاصة، التي تعبر عن اتجاههم بصراحة، حيث لم يسمح التيار الإسلامي، الذي يعبر عن القاعدة العريضة للأمة، أن تكون له مجلة تتحدث باسمه. وقد أشار إلى هذه المؤامرة المدبرة الكاتب المسلم اليقظ الأستاذ فهمي هويدي في مقالاته، التي تنشر في "الأهرام"، وفي عدد من الصحف العربية في الأردن والخليج، ونبه إلى أن هناك "تنظيمات متطرفة" للعلمانيين، ينبغي أن تدان، كما دينت تنظيمات دينية متطرفة، مثل التكفير والهجرة، وقال: إن الفرق بين الاثنين هو: أن الأولين "الدينيين" شباب مندفع، سلك طريقه على سبيل الخطأ، وأن الآخرين شيوخ مجربون ـ بعضهم محترفون ـ اتخذوا مواقعهم عمدا، ومع سبق الإصرار والترصد. قال: وليس في الأمر مبالغة، فنحن نستطيع أن نرصد ـ خلال العاملين الأخيرين، على سبيل المثال ـ فريقا من هؤلاء، فرغ جهده، ونذر نفسه، للنيل من الشريعة، وتسفيه التجربة الإسلامية، وتحقير التاريخ الإسلامي ورموزه "أهرام 2/9/1986م". ولما دعت اللجنة الثقافية في نقابة الأطباء بالقاهرة إلى عقد ندوة، يتحاور فيها الإسلاميون والعلمانيون، دعتني مع فضيلة أستاذنا الشيخ الغزالي لتمثيل الجانب الإسلامي، كما دعت عددا من دعاة العلمانية منهم: د. فرج فودة، ود. وحيد رأفت، ود. فؤاد زكريا، واعتذر أكثرهم، ولم يحضر منهم إلا الأخير، وقد رحبت بهذا الحوار، وهذه الندوة، حيث يلتقي الطرفان وجها لوجه، لمناقشة قضية، هي أخطر قضايا الساعة. وفي اليوم المحدد للندوة، شهدت قاعة "دار الحكمة" جمهورا، قل أن يتوافر لمحاضرة أو ندوة، ضاقت به الدار وما حولها، وجلس الناس على الأرض، وصعدوا إلى السطوح، ووقفوا في الشارع، وانصرف الكثيرون، حيث لم يجدوا لهم شبرا من الأرض. كانت الندوة أشبه باستفتاء شعبي على "الإسلام والعلمانية"، أيهما يختاره الشعب، وقال د. فؤاد زكريا، في بداية حديثه: إن العنوان يوحي بأن الإسلام في مواجهة العلمانية، وهذا يعني أن المعركة محسومة من أول الأمر لصالح الإسلام، وهو اعتراف صريح منه، بأنه عند المفاضلة بين الإسلام وغيره، فإن الكفة الراجحة ـ دائما ـ تكون هي كفة الإسلام. تكلم شيخنا الغزالي، ثم تكلم د. فؤاد زكريا، ثم تكلمت، ثم طلب الدكتور أن يعقب على كلامي، فأعطيت له الفرصة كاملة، فتكلم وأطال، وهو الوحيد الذي تكلم مرتين، برغم أن أكثر من في القاعة كانوا متضجرين من كلامه. وكان المفترض أن أرد على تعقيبه، لأنه يتعلق بكلامي، ولكن الوقت كان قد طال، فتركنا الحكم للجمهور، وهو قد حكم ـ فعلا ـ بما لم يرض د. فؤاد وجماعته. ثم تكلم الكاتب المسلم الغيور، الأستاذ عادل حسين، رئيس تحرير جريدة الشعب، حيث صحح بعض ما ذكره عنه د. زكريا، وألقى الضوء على بعض النقاط المهمة، وتكلمت إحدى الحاضرات من مؤيدات العلمانية، كلاما، فيه كثير من التجني والإسفاف والخروج عن أدب الحوار، وثار عليها الجمهور، ولكن المشرفين على الندوة: د. عصام العريان، ومن معه، كانوا في غاية الحزم والحكمة، وحسن التنظيم، فاستطاعوا أن يلزموا الجمهور باحترام النظام. وفي الختام عقب على الندوة، بكلمة معبرة جامعة، المستشار الجليل الأستاذ طارق البشري، وعقبها انصرف الحضور، بسلام. كانت هذه الندوة ندوة تاريخية مشهودة، تحدثت عنها جميع الصحف: القومية، والحزبية، والإسلامية .. اليومية، والأسبوعية، والشهرية، كل من وجهة نظره، ولخصها البعض تلخيصا حسنا، وتعمد بعضها أن يشوهها تشويها، مثل صحيفة "الأهالي" و"الوفد"، مما اضطر جريدة "الشعب" أن ترد عليهما، واضعة للأمور في نصابها. ولكن أعجب تعقيب على الندوة، كان هو الذي صدر عن أحد أطرافها، وهو د. فؤاد زكريا، الذي كتب في مجلة "المصور" عن الندوة، كلاما خلا من العلمية والإنصاف. اتهم فيه الجمهور، الذي شهد الندوة، وجلهم ـ إن لم يكن كلهم ـ من الشباب الجامعي المستنير، وفيهم كثير من الصفوة المثقفين، بل اتهم شيخنا الغزالي، واتهمني، بأننا كنا نخاطب العواطف، أكثر مما نخاطب العقول، وهو كلام باطل مخالف لواقع الندوة تماما، كما يشهد كل من حضرها، وفيهم كثير من رجال العلم والتربية وأساتذة الجامعات والقانون والقضاء. وقد لاحظ الكثيرون، ممن قرأ كلام الدكتور زكريا، أنه صب جام سخطه وغيظه علي أنا خاصة. وما كان لي من ذنب لدى د. فؤاد زكريا، إلا أني تكلمت بعده، فأتيت على شبهاته من القواعد، وأن الجماهير قابلت كلامه بالامتعاض، والاستهجان، وقابلت كلامي بالتجاوب والاستحسان. والحق أن هذا لم يكن لضعفه ولا لقوتي، بل لضعف الباطل الذي نصب نفسه للمحاماة عنه، ولقوة الحق الذي كرمني الله بالدفاع عنه. إن من سوء حظه أنه يدافع عن قضية خاسرة، يدافع عن "العلمانية" في مجتمع يؤمن بالإسلام. وقد اتهم الدكتور الإسلاميين بأنهم بكروا وملئوا مقاعد قاعة دار الحكمة. وهو يتوهم ـ أو يوهم ـ أن هذا كان بتخطيط وترتيب واتفاق! ويعلم الله أن شيئا من هذا لم يحدث، كل ما في الأمر أن الناس دعوا إلى ندوة في قضية تشغلهم فأجابوا. وهب أن الندوة كانت في قاعة المحاضرات الكبرى بجامعة القاهرة، بل هبها كانت في "استاد" القاهرة الدولي، وفتح الباب على مصراعيه للحضور، فأي الفريقين سيكون أكثر عددا، وأعز نفرا؟! إن أنصار الإسلام ـ ولا ريب ـ سيكونون هم الأكثرية العظمى. وستكون قلوب الجماهير الحاضرة وعقولها وآذانها مع التيار الإسلامي ودعاته. وهذا ما لا يجهله د. فؤاد زكريا، بل هو ما اعترف به بصريح العبارة، وتمحل أن يجد له تبريرا، فلم يوفق. أما ما قاله عني: أني استطعت أن أستحوذ على الجماهير بالتأثير العاطفي، فإن الذين شهدوا الندوة يعلمون علم اليقين أني كنت في المقام الأول عقلانيا وموضوعيا ومنطقيا إلى أبعد حد. ومن شاء فليحتكم إلى شريط الندوة المسجل بالصوت والصورة. كما زعم أني كنت أرفع صوتي وأخفضه، للتأثير على عواطف الجمهور. وأنا ـ بحمد الله ـ أرفع صوتي دائما ولا أخفضه. وأسأله تعالى أن يجعل صوتي دائما عاليا، وأن يجعل علوه بالحق وللحق. إن الدكتور الفيلسوف مغيظ محنق، لعدم تجاوب الجمهور معه، لأنه يؤذن في "مالطة" ـ كما يقولون. وأؤكد للدكتور أنه سيظل يؤذن في مالطة، إن جاز لنا أن نعبر عما يقوله بالأذان، لأنه ضد الأذان على خط مستقيم، ولكنهم يقولون: "الأمثال لا تغير". أجل، سيظل الدكتور بعيدا عن عقول الجماهير، وقلوبهم معا، لأنه يحدثهم بمفاهيم مستجلبة من ديار أخرى، ومن قوم آخرين، فهم لها رافضون وعنها معرضون، لأنها مناقضة لدينهم وشريعتهم، وقيمهم وتاريخهم، وواقعهم. ومن هنا اتجه تفكيري إلى أن أرد على دعاوى د. فؤاد زكريا خاصة، وعلى العلمانيين عامة، في كتاب يقرأ، لا في محاضرة تسمع، بعيدا عن تأثير قوة الصوت، وتشجيع الجمهور، وسيعلم الدكتور أننا ـ دائما ـ أصحاب الحجة الأقوى، والمنطق الأسد، سواء حاضرنا أم كتبنا، لأننا نعبر عن الحق، الذي قامت به السموات والأرض، والحق أحق أن يتبع، وأولى أن يستمع، والباطل مهما انتفش واستطال، فهو لابد زائل (وقل جاء الحق، وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا). وإنما اخترت د. فؤاد زكريا، للرد عليه من بين دعاة العلمانية في مصر، لأنه نشر مقالاته، في أوسع الصحف انتشارا، ولأنه الوحيد الذي اشترك ممثلا للجانب العلماني في الندوة التاريخية في دار الحكمة، ولأنه أكثر العلمانيين إبانة في فكرته، وأقدرهم على إيراد الشبهات، وسوقها في صورة البراهين، وأجرؤهم على مناقشة القضايا من جذورها، وإن كانت مجافية لأوضح المسلمات الدينية. فإذا هدمنا كل ما استند إليه، وما نمقه وزوقه من مقولات، فقد سقط كل العلمانيين، وسقطت مقولاتهم، وذهب زبدهم جفاء، وبقي ما ينفع الناس. وقد أدرت الحوار في هذا الكتاب، حول جملة أمور أساسية: 1. تحديد المواقع أو الهويات لكل من الطرفين المتحاورين، من أول الأمر، وأين يقف كل منهما؟ 2. تحديد المفاهيم الرئيسة في الحوار، وخصوصا المفهومين الكبيرين: الإسلام والعلمانية. 3. تحديد المعايير التي يجب أن يرجع إليها عند الخلاف، ويرتضيها الطرفان حكما بينهما. 4. تحرير موضع النزاع بين الفريقين، بحيث يعرف المتفق عليه، والمختلف فيه. 5. تتبع الشبهات المهمة، التي أثارها د. فؤاد زكريا خاصة، والعلمانيون عامة، لتفنيدها، والرد عليها، وخصوصا فيما يتعلق بمعركة التحرر الحقيقي للعالم الإسلامي اليوم، وهو التحرر من كل ألوان الاستعمار، وفي مقدمته الاستعمار الثقافي والتشريعي، لهذا خصصنا معركة تطبيق الشريعة بمزيد من الحديث. كذلك أفردنا حديثنا عن "الصحوة الإسلامية" وموقف الاستعمار والصهيونية منها، ورد مزاعم الدكتور حولها، وتركت أشياء أخرى مهمة في الرد على العلمانيين، سيتضمنها ـ إن شاء الله ـ الجزء الثالث من سلسلة "حتمية الحل الإسلامي" وهو قريب الصدور، بتوفيق الله. أسأل الله أن ينفع بهذا الكتاب، مؤلفه، وقارئه، وناشره، وموزعه، وطابعه، وكل من أسهم فيه، وأن يكون شعاعا على الطريق، يهدي ويضيء، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. يوسف القرضاوي لكي يثمر الحوار هناك أشياء أساسية، نحتاج ـ لكي يثمر الحوار ـ إلى تحديدها، بدقة ووضوح، حتى لا تلتبس الأمور، ولا تختلط الأوراق، ولا يكون الحوار جدلا بيزنطيا، لا يكشف عن غاية، ولا يهدي إلى طريق. من هذه الأمور: 1. تحديد المواقع، أو الهويات. 2. تحديد المفاهيم. 3. تحديد المعايير. 4. تحديد موضع النزاع. وسنفرد لكل منها حديثا خاصا به، ثم نرد على الشبهات الأساسية التي تعلق بها دعاة العلمانية. الدوحة غرة رجب 1407هـ رابط الكتاب من موقع الدكتور يوسف القرضاوى : http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=772&version=1&template_id=90&parent_id=1 RE: فؤاد زكريا: رحل وحيداً - بهجت - 03-22-2010 و إذا ما خلا الجبان بأرض .. طلب الطعن وحده و النزالا . فؤاد زكريا - " للأسف الشديد، لم أستطع القيام بتدوين هذه المناظرة كما جرت أحداثها، لأن التسجيل الذي كنت أحتفظ به، استعاره أحد الأشخاص مني ولم يقم بإعادته إليّ ثانية، فلم أتمكن بالتالي من تدوينها وكتابتها، وحاولت بعد ذلك أن أحصل على نسخة من هذا التسجيل لكنني لم أنجح في ذلك. وأنا أعتقد أن ما كتبه الشيخ يوسف القرضاوي عن هذه المناظرة كان به تشويه كبير لما حدث فيها، لكي يظهر نفسه ويعلن أنه هو المنتصر في هذه المناظرة، ويظهرني على أنني كنت متهافتا.. وما حدث في تلك المناظرة كان عكس ما تم الترويج له تماما، أنا أعتقد أنني استطعت الدفاع عن العلمانية والتنوير في تلك المناظرة بطريقة سببت الحرج الشديد لمناظري الشيخين محمد الغزالي ويوسف القرضاوي." |