حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$archive_pages - Line: 2 - File: printthread.php(287) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(287) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 287 eval
/printthread.php 117 printthread_multipage
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
مشرحة أبو إبراهيم : الجميع مدعوون... - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: لغـــــــة وأدب (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=78)
+--- الموضوع: مشرحة أبو إبراهيم : الجميع مدعوون... (/showthread.php?tid=45305)

الصفحات: 1 2 3 4 5


RE: مشرحة أبو إبراهيم : الجميع مدعوون... - coco - 10-07-2011


في قصة ( قصة حب ) يتناول الكاتب نوعا آخر من الأبطال , بطلا من طينة كل الناس من شعبنا , الإنسان الطيب المسالم المستكين لواقعه غير الحافل بالتناقضات التي يموج بها هذا الواقع أو التي يدركها إدراكا بسيطا , فهي في الخلفية من أحداث يومه تعمل دون أن يستطيع أن يدرك علاقتها بتناقضات أخري أو أن يستطيع ربطها بتناقضات أكبر , كذلك فإنه لا يستطيع أن يتصور الحل لمثل هذه التناقضات , لأنه لا يستطيع إدراك واقعه إدراكا كليا , هذا البطل أيضا يمكن أن نعده من النوع السلبي السابق ولكن في أدني درجاته , شخص حيادي لا يستطيع اتخاذ موقف تجاه ما يمر به من أحداث يومية أو حياتية هامة , ولأنه ليس لديه من القدرة علي النفاذ لجوهر تلك التناقضات فليس لديه الامكانية للوقوف في وجهها , هذا البطل يحاول أن يتغلب علي الصعوبات التي يلاقيها في أموره الشخصية بحيل عديدة .

بضربات سريعة يقدم لنا الكاتب حياة بطله ( ولد في طبقة فقيرة – نشأ في حي فقير في إحدي ضواحي العاصمة المكتظة – يتحدث للفتيات عن طريق النت وهذه صعبة بالنسبة لإنسان كادح وكان عليه أن يتجنبها – علاقته بالجنس الآخر غير واقعية , لجأ لعلاقة في العالم الافتراضي بما يحمل من إمكانية الكذب بالنسبة لظروفه الطبقية ويبرر ذلك بأنه من الممكن أن يعتبرها مزحة حين يواجهها في العالم الحقيقي – هناك مسافة ما بينه وبين من يتعلق بها برباط الحب , لم يوضح موقفها من حبه , هل تحس بعواطفه ؟ , وهل تبادله هذا الحب ؟ , في هذه النقطة يمكن أن نستشف أنه حب من طرف واحد , موقفه من الأحداث العامة ليس بالقدر الكافي من الوعي بالأزمة , ينصاع لنصائح والديه متجاوزا مرارة الأزمة , يحس بالغضب لسوء المرافق العامة دون أن يحرك ساكنا ) , تلك هي الملامح العامة التي يمكن أن نلقاها في أي شخص يعيش مشاكل الوطن هامشيا , ليس له دور فاعل في تجاوزها , يلجأ للروماسية الحالمة هروبا من أزمته وأزمة وطنه .

التحول الذي يصيب هذا البطل ولعدم إدراكه بمعالم الأزمة يأتي عبر ما رآه في الثورة من تساقط الشهداء والقمع المأساوي الذي يقوم النظام الفاسد لوأد الثورة , تتعانق ثورته الروماسية الحالمة المستكنة داخله بتغيير واقعه الشخصي والحياتي مع الثورة التي جاءت من خضم التناقضات العامة التي لا يستطيع إدراكها بطريقة كلية , هنا فإن الكاتب يبرز لنا في قصته ملامح تلك الحشود التي تكون وقودا للثورة مطالبة بعدالة إجتماعية مفقودة دون أن تدرك معالم هذه الحلول وكيفية تحقيقها واقعيا , يقول الكاتب في قصته ( كنا نحمل لافتات جريئة لم نتخيل يوماً أن نقدر على كتابتها.... وكنا نحلم بالغد.... سأخرج من ورشة عمي وأفتح ورشة جديدة، سأتزوج من أحبها، سأشتري سيارة، سأعوض والدي عما بذلاه في تربيتي وعما خسراه في حياتهما من عمل وكدح دون مردود.... حلمت وحلمت... وكدت أطير مع أحلامي ) , هؤلاء هم جل شباب ثوراتنا , ليس من الضروري الوعي بالثورة بالشكل الكامل , ولكنها مجرد إرادة للتغير الحياتي البسيط تتفق مع التغيير العام للنظام الخالق لهذه الحياة التي ليس فيها الحلم بالمستقبل المنشود .

تأتي النهاية لقصة كاتبنا بعد أن يصاب بطلق ناري من النظام الذي لم يدرك مدي عداوته له ومدي استغلاله له ومدي حبه للبقاء مكرسا سطوته عليه قاتلا كل أحلامه , في هذه اللحظة فقط يلتقي بحبيبته واقعيا بعد أن كانت بالنسبة له مجرد عالم افتراضي خيالي , هذه الحبيبية هنا تتماهي مع الوطن الذي خرج يبحث عنه من خلال المظاهرات , يلقاها في اللحظة التي يتحول فيها من ذلك الرومانسي الحالم إلي ذلك الثوري الذي يجب أن يتسلح بالوعي , لكي ينهي القصة بكلمات بسيطة عندما تسأله حبيبته : : هل وصلت المظاهرات إلى أبو رمانة ؟ , فيجيبها , كنت أمزح .

نعم , لم يعد هناك مزاح فالأمر جد .

أترك لكم العزيز ( أبو إبراهيم ) ممددا علي طاولة التشريح لكي تجهزوا عليه .
ونلتقي بعد الفاصل
كوكو





الرد على: مشرحة أبو إبراهيم : الجميع مدعوون... - نظام الملك - 10-07-2011

اعتقد يا سيدى كوكو ان عملية التشريح ستتحول الى عملية تعدين،

فنحن أمام منجم غنى بالذهب.

New97


RE: مشرحة أبو إبراهيم : الجميع مدعوون... - هاله - 10-08-2011

صباح الود و الورد

- أول ما يقابلنا في القصة بعد العنوان هو: التقيت بها. هذا اللقاء نعرف من هكذا بداية أنه علامة فارقة في حياته و مهمة لدرجة أنها أول ما خطر بباله حين بدأ يحكي. و أكاد أجزم لو أن الكاتب قال "التقينا" لفرطت القصة كلها. يعني ضربة معلم تحسب لك يا زميلنا أبو ابراهيم 2141521

- البطل كان يتكلم بصيغة الأنا طيلة الجزء الأكبر و الأول من القصة. حتى في تعبيره عن قعداته النتية (نسبة الى نت) معها اذ قال (وجدتها .. أجلس .. أتسامر معها .. حديثها الليلي ..الخ) كما أنه تكلم في بقية القصة عنها بصيغة الغائب مثل: كانت .. تلك الطبيبة .. الخ. انه مواطن هامشي في حاله و منطوي الى حد معتبر و منزوي عن الآخرين. ماشي في هذه الحياة باستراتيجية "الحيط الحيط و يلا الستر" كما يقال. و بقية ملامح الشخصية أوفاها الأستاذ كوكو شرحا.

-هذا البطل استعمل صيغة المتكلم الجماعي "نحن" لأول مرة في الخمس الأخير تقريبا من القصة و هي مرحلة المظاهرات: قامت ثورت"نا" شباب حارت"نا". و ك"نا" في كل يوم "ن"قترب من حدود العاصمة..كد"نا" "ن"صل .. "ن"حمل لافتات .. "ن"حلم" .."ن"قدر .. بلد"نا" الخ. هذا التحول اللغوي عوضا عن أنه انعكاس لتحول واقعي يبرره تماما و باقتدار فان له دلالات عميقة و هامة: التحام البطل بالجماعة و ادراك و تبلور الهوية الطبقية و التعرف على الذات و التعرف على الآخر (اللي ميتسماش) و التعرف على موطئ القدم من المعادلة القائمة و الصراع الاجتماعي الدائر. و عادة الأزمات و الظروف الاستثنائية هي التي تكشف الخفي في أعماق الشخصيات.

- يتكلم البطل بصيغة الأنا مرة أخرى خلال المظاهرات (متحدثا عن أحلامه) للدلالة على فكرة الخلاص الفردي عبر الخلاص الجماعي و كنتيجة له.

- في خضم المظاهرات يخبرنا أنه "يطير" مع أحلامه مع أننا طيلة عمره قبل المظاهرات لا نلمس عنده انفعالا حادا مميزا. بل كل ما هناك سرد هادئ لانسان هامشي بسيط. لكنه الآن صار يحلم .. و صار يطير.. و صار يحمل لافتات جريئة. أي صار فاعلا. و ودع الهامشية. وهذا تطور آخر ايجابي "داخلي" للشخصية يرافق التطور "الخارجي" و هو الانخراط في صفوف الثورة.

- "كنا نحمل لافتات جريئة لم نتخيل يوماً أن نقدر على كتابتها" المقابلة بين الماضي و الحاضر هنا تقول ان الحلم اصبح واقعا و أننا لسنا من كنا أمس. دلالة على تغير في وعي الذات و تحولها. و لأن تقييم هذا التحول كان ايجابيا (جرأة اللافتات و العزائم الأشد و الطيران فرحا الخ) فان هذا الوعي لا يعود الى الوراء. و بالتالي لا مسير له الا الى الأمام.

- "وكدت أطير مع أحلامي، وطرت مع ألم لامس أضلاعي". كدت أطير مقابل طرت. فعل لم يتحقق مقابل فعل أقوى تم تحققه. الطيران حلما مقابل الطيران قتلا! انه عنف النظام الدموي الذي يحصد أرواح البشر مع ما تحمل من آمال و أحلام بلا أية رحمة ان خرجوا عن هامشيتهم و ظهروا في المشهد السياسي الذي يحتكره و يستفرد به وحده لا شريك له.


يتبع


[صورة: images?q=tbn:ANd9GcQnY6QsEmMXcAkX5hsRgNo...BIneJ2yiNQ]




RE: مشرحة أبو إبراهيم : الجميع مدعوون... - * وردة * - 10-08-2011

(10-06-2011, 09:34 AM)هاله كتب:  أرفض و أستنكر و أشجب و أدين

1. يعني أهون عليك تتركيني وحدي أمام ثلاثة رجال و ربما أكثر؟

2. و شوفي كيف الأستاذ كوكو دبسني من أولها

اقتباس:وقصة ( أبو الريش ) أيضا
علي أن تكون العزيزة هالة مسئولة عنها 23

3. و تخليهم يقولوا ان النادي ذكوري حتى في الأدبية!

لا لا لا يا عزيزتي .. انا رايي كما قال باولو بن كويليو: خليك هنا خليك ... و بلاش تسحب كراسي.

- ولايهمك يا قلبي أنا معك ع طول الخط وراح نصير 2 مقابل 3 حتى ننعم بالديمقراطية في رحاب الأدبية
- ورغم اني لست خبيرة في النقد والتشريح لكني أحب تذوق النصوص بالإضافة إلى ان عندي مشكلة كبيرة في الاتصال هذه الفترة لذلك حاتكلم شوية وأكتفي بالتشجيع وبعض الإضافات إن كان هناك من مجال
- وياليت يا أستاذ كوكو بشويش على هاله يعني وما تدبسهاش خليها هي اللي تدبسك لأن السيدات أولاً 25
.
.

أعجبتي قصص الزميل أبو ابراهيم وأحب أن أعلق تعليق بسيط على القصة الثانية لأنها مؤثرة وحبكتها أقوى من القصة الأولى

وسأحاول أن أعود بعد فاصل قصير
[صورة: 5KE78763.jpg]



الرد على: مشرحة أبو إبراهيم : الجميع مدعوون... - * وردة * - 10-08-2011

تم حذف المشاركة بناء على طلب كاتبة المشاركة


المشرف


RE: مشرحة أبو إبراهيم : الجميع مدعوون... - هاله - 10-09-2011

شكرا عزيزتي وردة على تضامنك معي أولا و ثانيا أنا أيضا أمارس النقد كهواية .. و أهو بنستفيد من خبرات الأستاذ كوكو New97

تقولين

اقتباس:حيث نراه يحافظ على سير الأحداث واختياره للتعابير التي تساعده على التحكم الذاتي في عرض التسلسل اللفظي بأسلوب يعرض الفكرة الأساسية ويقود القارئ للتفاعل والتعاطف معها بدءاً بافتتاحيته الجذابة وحتى خاتمته المأساوية
هذا صحيح و أزيد عليه أنه خلال سرده للقصة يتنقل بين الماضي و الحاضر و يعود الى الماضي ثم الحاضر و هكذا مما يبقي القارئ متيقظا و متابعا و يبعد عنه أي احساس بالوقوع في فخ زمن واحد رتيب.

التعاطف فعلا كان قويا جدا. (و بيني و بينك بس) كدت اكتب للزميل ابو ابراهيم رسالة خاصة أرجوه فيها أن يخبرني عما حدث للمسكينة بعد أن مات البطل. كلمتين بس يطمنونا عالغالي.

كما أن قوله "آخر ما تلفظت به" قطع قلبي و تمسمرت عنده أتخيل المشهد مصدومة و ما بحطش منطق. أبو ابراهيم أمات البطل! سأدفعه الثمن و أبقيه على طاولة التشريح سنة بحالها!

جميلة رؤيتك لتعبير "فتاة من بلدي" و أضيف أنه يفيد أن البطل ليس مأخوذا و لا مستلبا و لا مسحورا بالآخر فعلى الشبكة توجد نساء من شتى أنحاء العالم.

"أحس أصحابي في العمل بتغير نظراتي وطريقتي في ضرب الحديد.." لله در المؤلف اذ انتبه لاختلاف ضربة الحديد.

تكملتي .. بعد النظرة الى حروف زميلنا أبو ابراهيم نأتي لنظرة اجتماعية:

- "بعثني أبي منذ سنواتي العشر لأعمل في ورشة عمي الحداد" هنا نرى ظاهرة عمالة الأطفال التي أنتجها الفقر الناتج عن سياسات افقار حكومية مرسومة و مدروسة. و هذا يدل على استفحال الفساد المستشري في بلد يحكمه حزب يدعي الاشتراكية منذ قرابة نصف قرن من جهة و يدعي الاسلام الذي ينظر يعتبر الراعي مسؤولا عن كل فرد في رعيته.

- "قوتي كانت للعمل". طبيعي أنه كفقير لا يملك الا قوة عمله ليعتاش من بيعها لذلك يحافظ عليها لتلك الدرجة و لا يبددها حتى في الدفاع عن النفس. هو اذن محكوم بابتلاع تطاول الآخر بسبب هذا الفقر. و مضطر أن يتحمل و أن يتنازل و أن يبتلع و يمشيها حتى يستطيع الحياة مع الفقر وسط غياب مساندة مدنية و قانونية. لا كرامة لفقير في اوساط الاستبداد و الفساد.

- "صرت أضرب الحيط أهده". استعمال مثل شعبي يدل على أن هذا البطل وليد بيئته و ثقافته و امتداد لهما. كما أن اللهجة العامية جاءت لتدعم بساطة السرد و بساطة البيئة و بساطة الكاتب و عفوية أسلوبه.

- "كان خيالها هناك يلاحقني في كل مكان" و "طيفك دا تمللي شاغلني .. مطرح ما أروح يقابلني" أعراض الحب و الانشغال بالمحبوب.

- "أنا أقطن في حي أبي رمانة الأنيق.... ولم لا ؟ كذبة بيضاء". لم نصادف البطل يعمد الى أي سلوك سلبي. لكن وضعه الطبقي جعله محكوما بالاحساس بالنقص فاضطر بمداراة تلك العورة الاجتماعية حتى لا يفقد حبه: لا أريد أن أخسرها". و هكذا يدين الكاتب الفقر -و طبقية المجتمع- الذي يشكل بيئة مريضة أخلاقيا و يدفع حتى بالانسان النقي الى تشوهات خلقية و أخلاقية.

- المشفى حيث الانسان بلا خدمات و لا قيمة و لا احترام و لا كرامة. و ان كان هذا المكان بالذات يأتيه الناس ليتعافوا فما بالك بسائر الوضع في البلد! و بالتالي فهذه الثورة لها مقدماتها المنطقية و الكافية جدا.

- "فوجئت بطفل مكسور الساق يقفز على ساق واحدة نازلاً الدرج وحاملاً صورته الشعاعية بيده" هذا هو حال الانسان و طاقاته المعطلة و اعاقته المدروسة لتعطيله عن التقدم و المشي و الجري.

- "فوجئت أن المصعد معطل" و الخدمات أو الانفراستركشر بحالة سيئة.

-
اقتباس:الإدارة تذكرت تغيير الديكور ونسيت وضع مقاعد للمرضى والمراجعين
سقط المواطن منسيا من حسابات الدولة.

- "فوجئت بالممرض يطلب من أطفال المهجع القيام من أسرتهم لاستلام الطعام من على بابه، ومن لم يقم فلا طعام له" الفساد و الظلم على مستوى المسؤولين و الادارات و مرافق الدولة.

- "قصف وضرب وقنص للشبان المسالمين، وكأنهم ذباب لا قيمة لحياتهم" انتباه البطل لظاهرة عنف الدولة غير المبرر تجاه مواطنيها العزل و قمعهم بشتى أشكال العنف "كأنهم ذباب". توحي بالاستنكار الصارخ للحط من قدر الانسان. و "المسالمين" ابراز لسلمية المظاهرات. التناقض بين السلمية و العنف انعكاس لتناقض المصالح بين هذا النظام و بين مواطنيه الذين يسحقهم و لا يحتمل لهم أي حضور سياسي حتى لو كان سلميا.

- "وعلمت أنني من صبيحة الغد سأكون بين شباب ضاحيتي أتظاهر" نلمس هنا تحول البطل من "انطوائي" الى "ثائر" و اشارة الى أن عنف النظام يرفع وتيرة السخط الشعبي و يضيف الى زخم الثورة وقودا و اشتعالا.

- "وكنا في كل يوم نقترب من حدود العاصمة.... وفي اليوم الثالث كدنا نصل إليها" كدنا .. فالعاصمة المرشومة بعيون الأمن و الاحتياطات الأمنية لم تشتعل بالثورة بعد. الكاتب أمين في تصوير واقعه.

- "وطرت مع ألم لامس أضلاعي" و انا طرت معه! الله يسامحك يا ابو ابراهيم عهالعملة.

- "ولكنني كنت أسمع من حولي يتصايحون لنقلي وحملي" ما عاد البطل وحيدا كما كان في بداية القصة بل أصبح جزءا من كل لا يتجزأ و العلاقة الثورية باتت تجمع الكل بالكل.

- "سمعتها تسأل : هل وصلت المظاهرات إلى أبو رمانة"؟؟ البال مشغول بالبطل و يتابع الأحداث رغم اختلاف المواقع و الأدوار. انه التعاطف مع الثورة يعبر الحدود و يتخطى المسافات.

- "جاوبتها وأنا أبتسم بآخر كلمتين لفظتهما : كنت أمزح" يموت البطل فقصة حبه محكومة بالموت منذ البداية بسبب الاستبداد و تبعاته الاجتماعية. موت البطل برصاص النظام يصور العلاقة الوجودية بين الشعب الثائر و ذلك النظام اذ لا حل للصراع الا بموت أحد الطرفين. و ان كان البطل مات فان آخر كلمتين تلفظ بهما تعنيان أن كل مضى كان مزحا و اضاعة وقت و هذا أوان الشد و الجد.

- "....." مات البطل و لكن الصراع لا زال مستمرا.


عذرا عزيزتي وردة .. لم أر حذف المشرف الا بعد ارسال ردي ... كنت مشغولة بالكتابة.

New97


RE: مشرحة أبو إبراهيم : الجميع مدعوون... - أبو إبراهيم - 10-09-2011

العزيز كوكو محق. فقد أحسست بشي من الخطأ وأنا أضع كادحاً على شاشة الكمبيوتر يتصفح الإنترنت.
ولكن هذه حقيقة عايشتها منذ نهاية التسعينات، حيث رأيت الكثير من الناس من الطبقة الكادحة يبذلون أقصى جهدهم وينجحون في اقتحام عالم الكمبيوتر والإنترنت. وهذا ما جعل الثورات العربية التي بدأت على الإنترنت شعبية.
العزيزة وردة، لحسن الحظ أنني قرأت مشاركتك قبل محوها....

شكراً لنقدك، وأعتقد أنك مخطئة بالتراجع عن رأيك. واعلمي أنني لست خبيراً لا بكتابة القصص ولا نقدها.... Smile
العزيزة هالة،

أعتذر عن "إماتة" البطل، ولكنني لم أجد طريقة أحيي بها الأبطال الحقيقيين في الشوارع غير إماتة البطل على الورق.

أعتذر إن ذرف أحدكم دمعة على هذا البطل الافتراضي، وليوجهها إلى كل الشباب الثائر الذي دفع حياته ثمناً للحرية المنشودة.


الرد على: مشرحة أبو إبراهيم : الجميع مدعوون... - * وردة * - 10-10-2011

الزملاء الأعزاء أعتذر عن هذه اللخبطة اللي سببها كلها من سوء الاتصال عندي وأتمنى أن تقدروا ما حصل معي وهو أني كنت أسابق وقت الاتصال لأكتب التعليق على القصة مابين الوورد وبين النادي ومن دون انتباه ضغطت على زر إضافة المشاركة بدلا من زر التعديل ولما أردت التعديل لم يسعفني الوقت المسموح لتعديل المشاركة مع بطء وسوء الاتصال .. ولما لم أرضَ بالحال راسلت المشرف لحذفها تماماً على أساس ان أعيد إضافة المشاركة بعد التعديل والضبط فلم أوفق فيما أردت وانحاست الدنيا حوسة وكمان طلعت مو حافظة النسخة ماقبل التعديل وما أدري كيف حصل اللي حصل ... Mellow أتمنى أن لاأوضع في مثل هذا الموقف مرة أخرى .. وهذه المشاركة أضعها بين أيديكم من جديد تقبلوها مع خالص الود والتقدير Rose_rouge
.
.

من منطلق تذوقي كقارئة يبدو لي هذا النص من بدايته لنهايته تجسيداً لمعاناة رآها الكاتب ومحاولة منه للتعبير عما يختلج في قلبه من حب لوطنه وتأثره بما يراه فيه من تلك المعاناة من فقر ومآسي أججتها رياح الثورة حتى صارت ملاحم ملموسة وليست مزاحاً أو حديثاً للتسامر .. فنراه يبدأ قصته بما يتناسب مع مشاعر الحب التي يريدها أن تظهر أولاً مستفتحاً ببحثه عن فتاة تناسب فكرته حيث هي كما يقول : " فتاة من بلدي " وستكون حبيبته التي تشاركه حبه ومشاعره من دون أن يركز على إبراز نقطة اختيار حبيبة ملهمة بقدر ما اهتم بتحديد هوية هذه الفتاة وأنها من بلده ليبرز الصلة بين فتاته وارتباطه ببلده ..

كما نجده يبتعد عن مسار الحب والتغزل قليلاً ليدعم الفكرة الأساسية من خلال تسليط الضوء على جانب من حياته والحديث عن ذاته وعمله ووصف قوته في هذا التعبير وما قبله : (قوتي كانت للعمل... لم أكن أختزنها للشجار أو ضرب الغير) والذي يعطي تصويراً لطريقة تفكير شباب الثورة وأحاسيسهم الصادقة وادخار قواهم للوقت المناسب الذي يحقق ما يطمحون إليه تجاه وطنهم والمطالبة بحقوقهم كما أن تتابع الأحداث بعد ذلك يعطي نفس المدلول ويؤكده وقد نلاحظ ذلك واضحاً في كلماته : ( أحس أصحابي في العمل بتغير نظراتي وطريقتي في ضرب الحديد.... كنت دائم التفكير بها... ) والتي أعتقد أنها توحي بما يجول في خاطر الشاب بعد تعلقه بتلك الفتاة التي ألهمته بالثورة وفتحت عينيه على مآسي المشفى ( كصورة مقتطعة ) من ألبوم الواقع الضخم والتي أثارته بعد أن دارت الأيام وآن الأوان وحانت ساعة الثورة ليندفع للانضمام لصفوف المتظاهرين فتنساب بعد ذلك تعبيراته مؤكدة مشاعره ولترفد حبه الحقيقي حيث نراه يحافظ على سير الأحداث واختياره للتعابير التي تساعده على التحكم الذاتي في عرض التسلسل اللفظي بأسلوب يعرض الفكرة الأساسية ويقود القارئ للتفاعل والتعاطف معها بدءاً بافتتاحيته الجذابة وحتى خاتمته المأساوية ويجسدها له في ثورة تشتعل بها الكلمات اشتعالاً يبلغ ذروته في قوله : ( فار التنور وفار الدم في رأسي ) إذ يقود بها القارئ ليرافقه إلى جو المعارك ويعيش معه تلك اللحظات من خلال براعته في تصوير التفاصيل التي تعكس الحدث بكل جوانبه حتى أنه جعله يلمس معه حرارة الدم ثم برودته في تسلسل شيق وبأسلوب رائع يدعم الدافع الأساسي أكثر من التركيز على فتاته الحبيبة التي افتتح حديثه بها وحالة الحب التي كتب النص باسمها .. ليعطي القارئ إشارات واضحة عن مدى تعلقه بهذه الثورة والآمال التي يبنيها عليها ويسعى لتحقيقها ثم يمنحه انطباعاً يجذبه ليتعاطف مع هذا الشاب حين يراه يضحي بحبه الغالي الذي لم تستكمل فصوله بعد ليفدي بلده بروحه ودمه وشبابه ويموت بين يدي حبيبته التي لم يُتح له أن يخبرها بمزحته ولم يُتح له أن يراها إلا عندما كان يلفظ أنفاسه وكأنما كان الأمر كله مزحة ...

------------------------------------------------------------------------------------------
العزيزة هالة :
قراءتك وتوضيحاتك أكثر من رائعة وسعيدة بأن تطرقت لتفاصيل ساهمت في تجلية المعاني وتفنيدها وخصوصاً ما كان بشأن الخاتمة ..
اقتباس:- "جاوبتها وأنا أبتسم بآخر كلمتين لفظتهما : كنت أمزح" يموت البطل فقصة حبه محكومة بالموت منذ البداية بسبب الاستبداد و تبعاته الاجتماعية. موت البطل برصاص النظام يصور العلاقة الوجودية بين الشعب الثائر و ذلك النظام اذ لا حل للصراع الا بموت أحد الطرفين. و ان كان البطل مات فان آخر كلمتين تلفظ بهما تعنيان أن كل مضى كان مزحا و اضاعة وقت و هذا أوان الشد و الجد.
- "....." مات البطل و لكن الصراع لا زال مستمرا.
وهنا نجد خاتمة القصة من أروع ما يكون وهي ما أعطتها القوة حيث تبقى في الذهن بعد الانتهاء من القراءة ولأنها تلخص الفكرة وتؤكدها تجعل القارئ يعاودها مرة بعد مرة وينشغل باله على الفتاة وهي الجزء الأول الآخر في هذه القصة ... لذلك أرى ما ترين ويستحق أبو ابراهيم ان يدفع الثمن في هذه المشرحة ... وعلى ذلك أوقع 25







RE: مشرحة أبو إبراهيم : الجميع مدعوون... - coco - 10-15-2011


اقتباس:- البطل كان يتكلم بصيغة الأنا طيلة الجزء الأكبر و الأول من القصة. حتى في تعبيره عن قعداته النتية (نسبة الى نت) معها اذ قال (وجدتها .. أجلس .. أتسامر معها .. حديثها الليلي ..الخ) كما أنه تكلم في بقية القصة عنها بصيغة الغائب مثل: كانت .. تلك الطبيبة .. الخ. انه مواطن هامشي في حاله و منطوي الى حد معتبر و منزوي عن الآخرين. ماشي في هذه الحياة باستراتيجية "الحيط الحيط و يلا الستر" كما يقال. و بقية ملامح الشخصية أوفاها الأستاذ كوكو شرحا.

-هذا البطل استعمل صيغة المتكلم الجماعي "نحن" لأول مرة في الخمس الأخير تقريبا من القصة و هي مرحلة المظاهرات: قامت ثورت"نا" شباب حارت"نا". و ك"نا" في كل يوم "ن"قترب من حدود العاصمة..كد"نا" "ن"صل .. "ن"حمل لافتات .. "ن"حلم" .."ن"قدر .. بلد"نا" الخ. هذا التحول اللغوي عوضا عن أنه انعكاس لتحول واقعي يبرره تماما و باقتدار فان له دلالات عميقة و هامة: التحام البطل بالجماعة و ادراك و تبلور الهوية الطبقية و التعرف على الذات و التعرف على الآخر (اللي ميتسماش) و التعرف على موطئ القدم من المعادلة القائمة و الصراع الاجتماعي الدائر. و عادة الأزمات و الظروف الاستثنائية هي التي تكشف الخفي في أعماق الشخصيات.

- يتكلم البطل بصيغة الأنا مرة أخرى خلال المظاهرات (متحدثا عن أحلامه) للدلالة على فكرة الخلاص الفردي عبر الخلاص الجماعي و كنتيجة له.

جميل جدااا هذا الملحظ عزيزتي هالة ويدل علي وعي جيد بفن السرد وآلياته 2141521 وكيفية ترجمة الرؤية في العمل القصصي بطريقة فنية حتي لو لم يفهمها القارئ العادي ولكنها سوف تعمل فيه بطريقة لاشعورية .

كوكو


RE: مشرحة أبو إبراهيم : الجميع مدعوون... - coco - 10-15-2011

القصة الثالثة : يوميات مستر سميث

أنا أكتب هذه الكلمات الآن، دون أن أعلم إن كانت ستصل إلى أحد يوماً ما...
عندما أنتهي سأرمي الورقة من النافذة، لعل الهواء يحملها بضعة كيلومترات، لتصل إلى من يقرؤها ويعرف حقيقة قصتي، مع أنني متأكد أن لا أحد سينصفني مما أنا فيه....

لم أعتد أبداً أن أذهب إلى البارات الأجنبية المنتشرة هنا وهناك في البلد، ولكن كانت قمة الحمرنة مني أن وافقت على دعوة صديقي معتز لي ذاك اليوم، خصوصاً أنه عرض أن يكون هو من يدفع في ذلك البار أسفل الفندق ذي النجمات الخمس....

عمري الآن يقارب الخمسين، عملت مهندس ميكانيك لعشرين عاماً في "معمل الصواريخ"!!! لا تخافوا أو تصابوا بالهلع أو لا تظنوا أنني عبقري زماني، ففي ذلك المعمل ولعقود عديدة لم ننتج إلا الصابون....

الصواريخ للاسم والذكرى فقط... إذ في بدايات المعمل حاول عامل أن يطحن بعض البارود فأحرق يديه وأصاب إحدى عينيه، فأرسلت إدارتنا من يسأل بعض صيادي البادية عن كيفية طحن البارود بكميات كبيرة!! وطبقنا طريقتهم لينتهى الأمر بكارثة عندما احترق المعمل وأصيب عشرات العمال وتوفي البعض للأسف....
ومن يومها صارت مهمة الجميع الأساسية هي صنع الصابون وبرش بعضه لتحويله إلى مسحوق غسيل لاستعمالات الحكومة، وبقي اسم المعمل الصاروخي ملتصقاً به....

في ذلك البار، وبعد جلسة قصيرة تعرفنا على شخص إنجليزي يدعى مستر سميث، كان أنيقاً محترماً، وقد وفر على صديقي معتز فاتورة البار وقام بدفع حسابنا جميعاً.
كان كلامه منمقاً، واغتنمت الفرصة كغيري من أصدقائي لأمرن لغتي الإنجليزية التي صدأت مع الزمن.

تحدثنا في كل شيئ، الحياة، العمل، العائلة، وعرف من حديثي مكان عملي.
لم ينصرف داني سميث، إلا بعد أن ترك لي بطاقته الشخصية وطلب مني أن أتصل به لنلتقي مجدداً قبل سفره.... ولم يوفرصديقي معتز مزحاته المعتادة والثقيلة بعض الأحيان، بقوله: "الله يوفق حتى نصفق..."

بقيت البطاقة ورقم هاتفه بحوزتي بضعة أيام، ثم قررت أن أتصل به، ولبيت دعوته إلى العشاء مع زوجتي وولدي اللذين كبرا بل بدأ الشيب يعلوهما وهما لا يزالان عازبين تحت سقفي....
اغتنمنا الفرصة جميعاً، وملأنا بطوننا مما لذ وطاب من ذلك المطعم الذي لن نستطيع أن ندوسه مجدداً، والجميع يحاول أن يتكلم الإنجليزية ليثبت أنه أفضل من غيره، وخصوصاً زوجتي صاحبة الأدب الإنجليزي التي لم تترك تفصيلاً هزلياً في حياتي الشخصية إلا وذكرته، وداني يضحك هازاً شاربيه القصيرين...

لم أنس أن أتشكر مستر سميث وأن أترك رقم هاتفي في حال عودته مجدداً للسياحة أو العمل...

مستر سميث كان شخصاً طلقاً مرحاً، بدا عليه الغنى، ولكنه كان قليلاً ما يتحدث عن نفسه.... عندما التقى بي للمرة الثالثة حدثني عن إنجلترا وإيرلندا، ثم انتقل بي إلى أوربا وبعض دول آسيا الشرقية... كانت ثقافته واسعة، وقدرته على الكلام تفوق قدرتي، مع العلم أن لي باعاً طويلاً في مسايرة الحديث...
كان يزور البلد بشكل دائم، وكان كل مرة يدعوني لتناول العشاء في الفندق الفخم الذي ينزل فيه، ولم أكن أتردد في قبول ذلك، لما كنت أراه من تسلية وفائدة وأكنه من إعجاب لشخصه.
عرض علي أن أسدي له بعض الخدمات مثل رسم بعض القطع الميكانيكية وغيره، وكان يدفع لي مبلغاً ممتازاً في كل مرة، رغم تأكيدي له أنني لا أهتم بالنقود كثيراً...
في الحقيقة كان هذا الظاهر، فقد كنت في أمس الحاجة لتلك النقود لأدفع أقساط الدين الذي كنت قد أخذته من ابن خالتي، ولأستطيع إدراك آخر الشهر بدون أن يزيد الدين...

لم يصدق داني سميث أننا لا ننتج إلا الصابون في معمل "الصواريخ" !! بل أصر أنني أخفي عنه الكثير عن عملي، ولكنه أكد أنه يحترم هذا الشيئ في شخصي، وأنني لا أفشي أسرار العمل بسهولة.... وبعد بضع لقاءات صار يسألني أسئلة دقيقة عن "مدى" الصواريخ التي نصنعها وعن مواد تصنيعها، وكان في نفس الوقت يطلب مني بعض الرسومات الميكانيكية لأمور أخرى عامة ويدفع لي دفعاً مجزياَ....

أذكر أنني في ليلة لم أنم الليل وأنا أفكر بأمر سميث وسر اهتمامه بأمر المعمل، وكيف سأستطيع إقناعه بأنني لا أعمل إلا في إصلاح آلات الصابون وتعليبه... ولكن غبائي وقلة تدبيري أوحيا لي بالعكس، فقررت أن أشتري كتاباً عن ميزات الصواريخ العسكرية، وبدأت أصف له من ذاك الكتاب ما شاء لي من الصواريخ وهو يبدي إعجابه بمعرفتي وخبرتي !

جمعت مبلغاً لا بأس به من خدماتي لداني.... وفيت كل ديوني، واشتريت لزوجتي الغسالة والبراد اللذين كانت تحلم بهما، ثم اشتريت سيارة مستعملة قديمة نوعاً ما ولكن لا بأس بها إذ كانت تخدمني في تنقلاتي.... لم أكن أتردد في شراء كتاب جديد عن الصواريخ وتقنياته، وكانت مصدراً ممتازاً للصواريخ التي كنت أصنعها في مخيلتي وأبيعها لمستر سميث....

بعد سنتين على معرفتي به، فوجئت بقرار إداري لنقلي من معمل الصابون، أقصد الصواريخ، إلى ورشة صيانة في مطار عسكري حقيقي هذه المرة ! وبما أنني لا أملك أي خبرة في هذا، كنت أقضي وقتي في تناول الشاي والقهوة مع هذا أو ذاك. وعندما أخبرت داني عن ذلك أبدى عدم اهتمامه بالطائرات، ولكنه طمأنني أنه ما زال يملك الكثير من الأسئلة حول خبرتي القديمة في الصواريخ....
لم يمض على عملي بضعة أشهر في المطار إلا ورأيت بضعة رجال يدخلون الورشة في المطار ويقتادونني معهم إلى مقر للأمن لم أعرف مكانه بسبب العصابة التي وضعوها على عيني....
كانت أول صفعة كافية لأقص عليهم كل قصة مستر سميث وزياراته من فترة لأخرى، وبقية تفاصيل قصتي.... ولكنهم أصروا أنني كنت أعطيه معلومات واسعة عن المطار وطائراته، وأنني تلقيت تدريباً على يديه حول تكنولوجيا الطائرات والتجسس قبل أن آتي بالحيلة إلى ذلك المطار... لم يكن هذا صحيحاً، واحتاج الأمر لبضعة أيام من الضرب والتهديد وأكثر من الصفعة الأولى لأوقع على هذه الإدانات التي كنت بريئاً منها....

بعد بضعة أسابيع من جملة اعترافات لا ناقة لي بها ولا جمل، أرسلت إلى محكمة عسكرية...
كانت كل معلومات الأمن في تلك المحكمة مقدمة من ضابط في الأمن يدعى الرائد حسين ولكنه تغيب عن كل الجلسات، ومن ضمنها رسوم بخط يدي لقطع ميكانيكية قد تدخل في الطائرات كنت صممتها تحت طلب مستر سميث !
في النهاية صدر قرار بإعدامي على أني جاسوس لمصالح أجنبية....

بعد يوم من صدور الحكم، اقتادني بضع عناصر أمن إلى مبنى قريب من حيث كنت مسجوناً، وما أن أدخلوني إحدى الغرف حتى صحت من المفاجأة " مستر سميث !! وأخيراً ظهرت لتبرئني...."
وكانت المفاجأة أكبر عندما رد علي مستر سميث بالعربية من وراء مكتبه ليطلب مني الجلوس، ثم ليسألني بكل برود "أهكذا تخون وطنك يا ولد ؟!".... كان جالساً على مكتب وعلى مكتبه كتبت عبارة "الرائد حسين"!!

هالني ما رأيت، وتمالكت نفسي وصرخت "أنت الرائد حسين"!! فرد علي بكل بساطة وعلى شفتيه بسمة مستهزئة "عقيد يا حمار ! الكشف عن جاسوس مثلك يرفعني إلى رتبة عقيد !!! ".....

لم ينتظر "سميث" أو "حسين" أن أرد، بل نادي فوراً على حاجبه وأخذوني مجدداً إلى زنزانتي....

أخبرني السجان أن إعدامي سيكون غداً صباحاً... وأعطاني ورقة وقلماً لأكتب رسالة لعائلتي...
فضلت أن أكتب قصتي عليها وأرميها من نافذة الزنزانة الصغيرة لعلها تصل إليكم كيلا تقعوا فيما وقعت فيه....

كوكو