حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
أشياء تُشبه اليوميات - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: المدونــــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=83) +--- الموضوع: أشياء تُشبه اليوميات (/showthread.php?tid=23728) |
أشياء تُشبه اليوميات - بسمة - 11-03-2005 هل من المكن نقل الموضوع إلى المدونات؟ وأكون لكم من الشاكرين:wr: أشياء تُشبه اليوميات - بسمة - 11-03-2005 * اقتباس:ألعاب العيد النارية*: مقطعٌ مجتزأ من حلم (كان) يراودني على هيئة رواية. اليوم أول أيام عيد الفطر، وهذا كان حالي صباحاً... كل عامٍ وأنتم بألف خير (f) الخميس 3-11-05 أشياء تُشبه اليوميات - بسمة - 11-09-2005 انتهى رمضان بسرعة لاحظها السواد الأعظم من الصائمين، وكما يقولون فُراق رمضان "عيد"، فارقنا رمضان وتركنا لعيد الفطر الذي فارقنا بدوره وإجازته بشكل خاطف سريع، وعدنا إلى روتين أيامنا، إلى ساعات الدوام الطويلة ذاتها، الوجوه والأوراق والمعاملات وووووو وذاتها! عدتُ إلى رتابة عملي قابعة خلف شاشة الكمبيوتر وأصابعي تتراقص برشاقة فوق لوحة مفاتيحه، عدتُ إلى رتابته وحُرمتُ الساعة والنصف التي كنت أقضيها وحدي مُنتظرة بدء الدوام الفعلي، تلك الساعة التي أتاحت لي فرصة بدء هذه "اليوميات" متأملة سير حياتي، وباعثة فيّ الحماس للكتابة، الآن أكتب بعد عودتي للمنزل مرهقة مشوشة التفكير، ولا أدري حقيقة إن كنتُ قادرة على مواظبة هذه اليوميات التي صارت قريبة إلى نفسي، ومُخلدة لذكرى أيامي، تلك الأيام التي سيأكلها النسيان إن لم أكتبها. لستُ وحدي من يشعر بضياع الأيام والأحداث إن لم نكتبها ونرويها، يقول الأروع "ماركيز" في بداية مذكراته: "الحياة ليست ما يعيشه أحدنا، وإنما هي ما يتذكره، وكيف يتذكره ليرويه". وتقول الشيء ذاته وبطريقة أخرى العميقة "إيزابيل الليندي":" أن حياتي تتجسد حين أرويها وذاكرتي تتثبت بالكتابة، وما لا أصوغه في كلمات وأدونه على الورق سيمحوه الزمن". أعشق الموسيقى، وأحب الاستماع إلى الغناء الأصيل، هل هذا شيء يستحق الكتابة عنه؟! "نعم"، أو على الأقل هذا ما أراه، شخصياً علاقتي بالموسيقى بدأت منذ زمن بعيد جداً، حين كنت في الصف الثالث الإبتدائي، كنت مازلت مقيمة في الكويت، وكانت عائلتي تقضي إجازة الصيف سنوياً في الأردن، وفي تلك السنة، أتى أحد أقاربنا ونام عندنا، لكنه في الليل، ألقَم المسجِّل شريط موسيقى، حملني حيث روعة البحر الذي تركته ورائي والذي أفتقده جداً، وأفتقد جلساتي معه وبوحي الخاص له، بقيت أستمع إلى الشريط، وفي اليوم التالي غادرنا، لكن تلك الطفلة التي كنتها، طلبت منه الشريط! عرفتُ بعدها أن الموسيقى مونامور، وأنها كانت معزوفة على آلة "الفلوت" وبقيت أستمع إليها، وأتمنى لو يكافئني الله بشريط موسيقى آخر وآخر ووو.... استقرت عائلتي بعدها بثلاثة أعوام في الأردن، وهنا مَحال التسجيلات كثيرة جداً، ومشواري من وإلى المدرسة سيراً على قدمي، أشتريتُ أشرطة من مصروفي، لكني بدأت الاستماع إلى الأغاني، ما أن صرت في الرابعة عشر من عمري، حفظتُ معظم أغاني عبد الحليم حافظ، أم كلثوم، حاولتُ استساغة فريد الأطرش لكني لم أنجح –وحتى الآن- أحببت أسمهان، وليلى مراد، وشادية، نجاة الصغيرة، ووردة الجزائرية، وفي السن نفسه، أي في الرابعة عشر من عمري أدمنت أغنية "عيناكِ" الذي أبدع في تلحينها وغنائها المطرب البحريني "خالد الشيخ"، والتي هي في الأصل قصيدة للمرحوم العملاق "نزار قباني"، أدمنتها –ولا أزال إذ أسمعها بشكل يومي ومنذ ذلك الوقت، حفظتها عن ظهر قلب ودهشة، وكتبت حولها التالي قبل عامين تقريباً والذي كان بعنوان "يوهان غوته وخالد الشيخ": أتساءل عن سحر الموسيقى، والكلمة..معاً!! أدمنتُ –وما أزال- قصيدة نزار قباني (عيناكِ) والذي قام بغنائها، المدهش خالد الشيخ. كيف يمكن للطفولة أن تتيح إدماناً من هذا النوع، بمثل هذا التكثيف والزخم في شفافية الأحاسيس... الاستماع لقصيدة بالفصحى وحفظها عن ظهر قلب، وممارسة الحياة والقفز بين نوتات موسيقاها المعقدة بحزنها؟! وكيف الآن أُصاب بذات الخِدر الذي كنت أشعره بطفولتي حين أسمع صوت خالد الشيخ يرنّمها، وكيف أُصاب بذات القشعريرة حين ألمس استبدال خشخشة الدّف بالصراخ فيها؟! في ذات السنة، التي أدمنتُ بها تلك الرائعة (عيناكِ)، أُهديت رائعة أخرى في عيد ميلادي الرابع عشر من صديقتي في المدرسة وكنّا وقتها في الصف الثامن الإبتدائي، والتي أحضرتها من معرض الكتاب والتي كانت رائعة يوهان جوته (آلام فرتر) والتي قرأنا –أنا وصديقتي- عنوانها (الأم فرتر) وأحضرناها على هذا الأساس، لأكتشف بعدها أنها ليست إلا، آلام العاشق فرتر والذي قضى نحبه عشقاً لـ شارلوت.. بسلاحٍ كانت هي آخر من حمله!! وهكذا، ارتبطت عندي أغنية عيناكِ بقراءتي لـ(آلام فرتر) الرواية التي فرض القائد الفرنسي نابليون بونبارت عقوبات على من يمسكه متلبّساً بقراءتها من جنوده، بينما هو ذاته حفظها عن ظهر قلب، حتى وصل به الحال لاستدعاء كاتبها "جوته" ومقابلته..!! عشر سنوات، وكلما استمعتُ لـ عيناكِ أذكر فلهلم، وفرتر ومحبوبته شارلوت..، وكلما أمسكت رواية آلام فرتر، لا بدّ أن أبحث عن شريط عيناكِ، لأقرأ باستمتاع... وبذات الروح التي كنتُ أقرأ بها وأنا طفلة قبل عشرة أعوام... دارت الأيام، كبرتُ بها فرس الغناء الجامحة عندي، وجمحت مجدداً فرس الموسيقى إذ صار عمر خيرت، ياني، كيني جي، إينا، ريتشارد كليدرمان، وغيرهم وغيرهم، أصدقائي، وروائعم زاد روحي الذي لا يمكن الاستغناء عنه، عشقي للموسيقى، لا ينفي تعلقي ببعض الأغاني، فمن وقت لآخر تأسرني أغنية، وأعلق بها فأجدني أردد كلماتها طيلة النهار، مثلاً أنا أسيرة أغنية "عاشقة وغلبانة" لصباح منذ أشهر، لكني أسمعها بصوت "فضل شاكر"، وعلقت بأغنية شبابية كان اسمها "توصى فيّ" للمغنية يارا، واليوم ومنذ الصباح أردد أغنية "وحياتي عندك" للمغنية صاحبة الحنجرة القوية الدافئة "ذكرى" رحمها الله... أضع الأغنية بين أيديكم، وكلي أمل أن تحلّقوا بها معي... [RAM]http://moroccan.salmiya.net/songs/thekra/ram/thekra76.ram[/RAM] دمتم بود عظيم :wr: أشياء تُشبه اليوميات - بسمة - 11-10-2005 بصير أحكي إني مش مستوعبة شي؟! وإني شاعرة بنزيف بأطرافي الأربعة؟ وإني مش متخيلة كيف بلحظات يسقط 67 شخص؟ وكيف بسقطوا بلحظات الفرحة الكبرى في عرس؟ ممكن أحكي إني شاعرة بالبتر، وعدم الفهم، والحزن، وللا منطقية واللا معقولية والعبث الأعظم؟ أحكي إني خايفة اننا هنا على اعتاب مرحلة جديدة؟ وإني من داخلي اصلي وأبكي وأدعي انها تكون المرة الأولى والأخيرة؟ أسأل عن ماهية مشاعر الناس القاتلة؟ هل فعلا بتكون مقتنعة انها بتتقرب إلى الله بس تقتل؟ وإنه الجنة بتستاهم والجحيم المستعر بيستنى المقتولين؟ احكي اني مصدومة وانا بتابع الشماتة في المنتديات على الأردن وشعبه؟ احكي انه حرقتي مش على شتم الاردن، بل على شتمنا نحن العرب لبعض وشماتتنا بنا وكرهنا لنا وفرحنا بسقوطنا المتتالي؟ اللي بعرفه اكتر من اي شيء الان، اني رح اسكت برغم انه راسي رح ينفجر وانا مش مستوعبة شي... أشياء تُشبه اليوميات - بسمة - 11-17-2005 كان صباح يوم شتاء ماطر، قلب أمي ينبض بقوة، تفرك يديها وعينيها معلقتين بـ "سعاد"، يلهج لسانها بالدعاء أن تدخل البيت قبل أن يراها أحد هكذا ويطمع بها. سعاد الواقفة تحت المطر بجسدها العاري تماماً الجميل الممتلئ البض السعيد بالمطر والغير عابئ بسياط الهواء البارد، لم تكن تسمع أمي التي كانت تتلو: "يا رب سترك، يا رب سترك يااااا رب سترك! سوف أعيد الكلام بهدوء أكثر... قبل تسعة أعوام، بدأت ورشة البناء، سيُبنى بيت بقرب بيتنا، ويقاربه في مساحته الكبيرة، قطعة الأرض التي يشتغلون ويضعون معداتهم الثقيلة عليها تُخبر بذلك. استمر البناء سنة أو يزيد قليلاً، أصابنا الفضول وقتها بمعرفة جيراننا الجدد، قامت أمي وجاراتنا بزيارة سيدة البيت الجديدة بعد يومين أو ثلاثة من سكنهم، ما زلت أذكر ذلك اليوم جداً، إذ عادت أمي بملامح وجه لا يُفسَّر تقلب كفاً على كف، بينما تغرق إحدى الجارات بالضحك، والثانية بالحوقلة، وبعد هدوئهن النسبي، عرفت أن من يسكن بجانبنا أم لا تستطيع الحراك بسبب سمنتها المفرطة واثنين من أبنائها وابنة وحيدة، وبأن أحد أبنائها "مأفون"، اسمه "حسني" ويبلغ من العمر 45 سنة بينما ابنتها سعاد ولدت متخلفة عقلياً وكانت في ذلك الوقت في آواخر الثلاثينيات من عمرها، وابنها الآخر عاقل ويشتغل في أحد البنوك يخرج من البيت صباحاً ويعود ساعة النوم وحسب! كلما رأيت أو سمعت أحداً من أفراد تلك العائلة، أتساءل عن حكمة "الجنون"، بقيت محتارة حتى قرأت ما سُئل به سيدنا عيسى: - "أي ذنب اقترفه هذا المسكين المسكون بالشياطين، حتى يكون مجنوناً؟ - لا ذنب اقترفه، بل ليتمجد اسم الله ." "ليتمجد اسم الله!؟" كم أثار بنفسي هذا الجواب ألف سؤال آخر... اعتدنا على سلوكهم اليومي الغريب، إذ يبدأ النهار عندهم مع شروق الشمس، سعاد، تحترف الصراخ الدائم بصوتها الجهوري جداً، وحسني يحترف شتمها، شتائم سيئة جداً لا تخطر على بال إنسي أو جني، تُجن الأم هي الأخرى في مكانها الذي لا تبارحه، وتشاركهما الصراخ بأن يصمتا! يتناغم صراخهم الثلاثي في كل فجر حتى شكّل ولسنوات طويلة معزوفة رعب حقيقية عند أختي الصغيرة "ديانا". نعم اعتدنا كل هذا ويزيد... بالأمس، حين دخلت البيت، وإذ أمي تقول لي: "إحزري من ماتت الليلة الماضية؟" وقبل أن أفكر أجابت بحياد: "سعاد"! لن أدعي أنني حزنت، كما أنني لم أفرح أبداً، كل ما شعرت به هو تلك البرودة التي يخلفها الحياد. ذلك الحياد الذي دُفنت فيه سعاد، لم يفتح لها بيت عزاء، وربما لم يحزن عليها أحد. حتى أنا لم أحزن عليها، بل حزنت أن أحداً لم يحزن عليها... عرفت بموت سعاد، أننا لا نحزن على الأشخاص، بل نحزن على ما قاموا به وما تركوه لنا من ذكريات وأحداث وربما هذا ما أحزنني... ولكن ما زلت أتساءل ما ذنب سعاد، أو تولد مع كل هذا العبث، وتموت فيه..! أحقاً ليتمجد اسم الله! أشياء تُشبه اليوميات - بسمة - 11-29-2005 ممتلئة بي جداً أشياء كثيرة أحتاج قولها، لكني لا أجد وقتاً أجالسني فيه وأكتب. ممتلئة بي حد الاختناق، وأحتاج بعضاً من هدوء وراحة، أحتاج أن أكتب. هل هذا صعب إلى هذا الحد؟ لا أدري.. أشياء تُشبه اليوميات - بسمة - 12-15-2005 غَنِّ لي أبي.. خُذني في صدرِكَ آوي رأسي وأَسكِِنهُ بين شهيقِكَ وزفيرِكَ، خُذني في صدرِكَ وإليهِ، أَعِدني طفلتكُ الأثيرة، واطلِق أصابعك تمسحُ خُصل شعري وتُهدّئ جنونَه، أُرشُقني بالضحكاتِ المكرورةِ العذبةِ، واقصص عليّ أوائل الحكايا ودعني أعبثُ بتفاصيلها أثناء إتمامي لها عليكَ، وسأغضُّ طرفي عن دهشة عينيكَ الصادحتين حبوراً وأملاً، خُذني في صدركَ وإليه وأعِدني طفلتكَ الأثيرة ودعني أقطفُ زهرةً بريئةً من مرج خدِّك الأرحم. خذني في صدركَ أبي، وغنِّ لي ودعني أركضُ، وأصهلُ، وأتكركرُ، وأشهقُ، وأموجُ، وأرقصُ أرقصُ أرقصُ أرقصُ في رخامة صوتِك أبي أعدني طفلتك الأثيرة... أرجوك أشياء تُشبه اليوميات - بسمة - 12-21-2005 الحُبّ علاقة من الصعب جداً تفسيرها، أو إسقاط الواقع والمنطق عليها أو إيجاد تبريرات لها أو مسوغات. الحبّ مشاعر تتواجد مع كل كائن حي، لا تقتصر على بني البشر، هي علاقة ومشاعر راسخة، وممتدة، ونافذه إلى كل كائن حي. وإلا لما وجدنا القطة تضع كامل الطعام أمام جرائها دون أن تلمسه متجاهلة جوعها، وتتسلل الآن ذكرى مرّ عليها أكثر من 15 عاماً ولا يمكنني نسيانها ما حييت، كنت وقتها في الصف السادس الإبتدائي، ومدرستي تبعد عن المنزل قرابة الكيلو متر، أقطعها مشياً على الأقدام، وكثيراً ما ما حاولت اختصار الطريق فأمشي في طرقٍ غير معبّدة، وفي أحد أيام عودتي من المدرسة، سلكت الطريق المُختصرة، واستوقفني منظر لا يمكن لعَطَب النسيان إصابتها أبداً: كلبة، تلاعب جراءها وتلحس فرواتهم، الواحد تلو الآخر، أُسِرتُ بالمشهد تماماً، سَرتْ القشعريرة في دمي وامتزجت مع دهشة جاذبة. أسقطتُ حقيبة المدرسة عن كتفيّ على الأرض، وأسندتُها بين قدمي، وبقيت كل حواسي مع الكلبة وجرائها، كانت الجراء تتقلب على الأرض، تمتد أذرعها على بعض ملاعبة متدربة مشاغبة، بينما الأم تقف فوقهم مثل خيمة راحمة واقية من قيظ الشمس وحرها. وبينما كنت كذلك: "مسحورة حد الخدر"، تنبّهت لي الأم/الكلبة، مضت ثوان تنظر إلي، ولم أعي نظراتها، الأم "المُحبّة" لجرائها، خافت عليهم مني، وقررت مهاجمتي، حين رأيت ركضها نحوي، كنت ما زلت مخدرة تماماً بمشهدها مع أطفالها، وأدركتُ نفسي –بحمد الله- قبل فوات الأوان، أطلقتُ قدميّ للريح، هاربة من ركضها خلفي، واضِعةً يديّ على أذنيّ كي لا يصلني نباحها المتوعِّدني والمُهدِّدني بشديد العقاب، وتاركة حقيبتي المدرسية على الأرض تعاني الوحدة! لم تصل إليّ، وربما أشفقت عليّ أو ربما اشتقات لجرائها (الحبيبة) وعادت إليهم. يا للذكريات كيف تفرض نفسها وحضورها بقوة، في حين الظن أنها قَصية بعيدة. كنت أتحدث عن المحبة ورسوخها فطرياً في الأرواح كل الأرواح، لأعرج بعدها وأسهب في الحديث عن محبتي لـ "عمّـان"... عمّان، هذه العاصمة التي أعرف (الآن) جيداً كم أحبها، كم تأملتها، كم استذكرتها، كم أهملت التفكير بها، كم تصالحت وإياها، وتخاصمنا لنتصالح مجدداً، كم صمتنا معاً وكم سكن الحياد مشاعرنا، وكم أعرف الآن مدد حبي لها وتعلقي بها. عمّان الآن العاصمة المُتخمة، الشّرهةُ للإسمنت والعمران، عمّان التي تودِّع كل يوم قطع الأرض الخالية، وتُورِثها للبناء، وتزحف خارج حدودها وتضمها إليها كي تطعمها للبنّائين مجدداً وتشهد على كلامي الآن "عبدون"، و"دير غبار" وغيرهما، تلك المناطق التي كان ارض بكر قبل 15 سنة، صارت الآن مختنقة بنفسها ومرصوصة عليها. أحبُّ عمّان كل يوم أكثر، عمّـان التي يصطدم أفقي بمبانيها، وتشتاق نفسي إلى شجرها الحُر، شجرها أصبح مسكيناً، إذ صار شجر شوارع، صارت تزرع الأشجار في أرصفة المباني للزينة! يااااه كم أشتاق أن أرى عرس الأرض في الشتاء، احتفال التراب بالمطر وابتلاله بها حد، وكيف تحبل الأرض بعده. وكما تضع كل ذات حمل حملها- تضع الأرض مع حنان شمس الربيع: العشب الأخضر وزهر الدحنون الأحمر والسوسنة التي لا تبخل بشذاها وعطرها على أحد، وكم أشتاق لرؤية النساء الخبيرات بالمعاشرة المتتالية للأرض وهن يبحثن عن أعشاب مفيدة، ويبحثن عن "العكوّب" ويقطفن "الخبيزة" البلدية التي تنبت في كثير من الأحيان وحدها. الآن كلما مررت على أرض خالية في عمان، أتساءل متى يحين دورها، وفي قرارة نفسي أتساءل، أهكذا تعمر العواصم؟ هل تتعمر عمان أم تأكل نفسها؟ ما أدريه بقوة: أنني أحبكِ عمّـان :h: أشياء تُشبه اليوميات - بسمة - 12-23-2005 شتاءٌ عصيٌ عن المطر! سوف نودِّع ديسمبر بعد أيام قليلة، أنظر من النافذة وأرى الأشجار مثلي تودّع ديسمبر، أتبادل النظرات معها، أشعرنا نفهم بعضنا جيداً ونتحدث بصمت: سنودِّع ديسمبر (فصلُ المطر) دون مطر وماء، ويتساءل الشتاء: هل من شتاءٍ مرَّ من هنا؟ كأنه "الصراطُ" يا الله! يومياً تُخدِّرنا النشرات الجوية التي تتوقعُ الريحَ والمطرَ. فيختبئ المطرُ حيث لا ندري وتُهَرْوِلُ الريحُ، تعصفُ بنا بآمال العطش فينا، وتبرِّدُ من الشمس المشرقة، فلا نرتَوي ولا ندفأ! اليوم وغداً، يقولون –مُجدّداً- بأن السماء سوف تُرَشْرِشُ خيرها على الأرض. وتسبحُ في حضنِ السماء غيوم بيضاء متفرقة متباعدة، أراها تسير من خلف نافذتي بهدوء كقطار سياحي متأنٍ يمنح راكبه ذاكرةً واسعةً خصبةً للمكان. نسألُ قطارَ الغيمِ (أنا، والأشجار، والأرض، وحتى حجر البنايات، وحبل الغسيل، وأعمدة الإنارة، والطائرة الورقية المحبوسة بين أسلاك الهاتف الخارجية، والـ والـ" هل ستمطرين؟ أرجوكِ، نرجوكِ، كوني الخير والماء، موسيقى السماء والأرض اليوم، كوني الرّواء، أنفضي عنا غبارنا، بلِّلي عطش الصيف فينا، سُدِّي شرخ الصيف فينا، سُدِّي عطشنا...!! 23/12/05 الجمعة(f) أشياء تُشبه اليوميات - بسمة - 01-12-2006 منذ ربع ساعة وأنا أحاول إيجاد مقدمة جيدة تسهّل علي البدء في الحديث، لكني كتبت وحذفت، ثم كتبت وحذفت مرة ثانية، ولستُ متأكدة بأن ما أكتبه الآن سيكون حظه أوفرَ من المحاولتين السابقتين أم لا. إذ كيف لا ترتبك الكلمات وتضطرب حين يكون الحديث حول "العلماني": الورّاق البليغ، راوي النوادر والحكايا، عاشق الشعر وحافظه، "فالُّ المحَزّ، ومُصيبُ المفصل"، الهادئ، المُتمهِّل، الجَزِل، مالِك البيان عن جدارة وتواضع حقيقي مُريح. تواضعه يريح من يحادثه ويثير في نفسه الغيرة والحسد الحميد –الغبطة- وبرغم ذلك أجدني أتعمد وأحذر أن لا أتكلم بالفُصحى في حضرته. متحصنة خلف عامِّيتي، مرتاحة لها آمِنة معها، مبتسمة راضية حين يقول لي العلماني أنني أشبه عمته في الحديث، أي أشبه العجائز :)، وهذا بالنسبة لي –اللَّففُ بالعامية -أفضل ألف مرة من التلعثم، أو الفأفأة، أوالتمتَمة، أو الخلط، أو اللحن في الفصحى. قلت "أتكلم؟" يا إلهي! هل سينفلتُ مني عقد الكلام وأصْلُ ما أريد، وأنساق خلف فوضويتي المسيطرة على كل شؤون حياتي؟ "المسنجر" هذا (المخلوق) الحقيقي النابض، الذي جعل من المسافات، والبلدان، واختلاف التواقيت والفصول محض "هامش غير هام"، أكرمني بسهرة غنية مع "العلماني"، تحدثنا فيها عن الكُتب، إذا لا أمتع من الاستماع إلى العلماني حين يشده الحديث حول الكتب وحكاياها وأخبار أهلها ونوادرهم وطرائفهم، وقتها تتلاشى جدران غرفتي وتظهر بدلاً منها أرففُ كتبٍ يصفها "العلماني" ويتحدث عنها بسلاسة مدهشة حتى أنني لا أبالغ لو قلت: ما قرأت يوماً اسم "العلماني" إلا وتصورته حاملاً مكتبة عامرة ضخمة فوق ظهره. الأمر الذي يُشعرني بالتقزُّم أمام عظيم علمه وواسع معرفته. ليلتها، سار بنا ركبُ الحديثِ إلى محطات كثيرة: تحدثنا حول "البيان والتبيين" للجاحظ، وبأنني أستمتع بقراءته هذه الأيام برغم خوفي السابق من قوة لغته. ولم يكن حديثنا حوله الحديث الأول، بل فعلنا ذلك سابقاً مما حدا بي لاقتناء الكتاب، يومها ذهبت للمكتبة –مكتبة دنديس، في وسط ابلد- وأنا أبحث متوقعة إيجاد كتاب ضخم، ولم يخطر ببالي أنني سأكون أمام أربعة مجلدات أخافني منظرها، وأخافَ ثمنها جيبَ نقودي الذي يشكو الخِفّة، تصفحتُ المجلدَ الأول، وقرأتُ جزءً يسيراً من مقدمة مُحَقّق الكتاب وشارِحه: "عبد السلام محمد هارون"، ودعوتُ الله أن يكون هذا هو التحقيق الذي أوصاني به "العلماني"، إذ تحكَّم بي يومها "إله الاتصال" وقطع اتصال المسنجر قبل أن يُعطني "العلماني" اسم المُحقق الأفضل للبيان والتبيين... غادرت المكتبة حاملةً المجلدات الأربع، خائفةً من تعليق أمي حين أدخل البيت بكتب جديدة، مُتوعِّدةً العلماني إن لم أفهم ما في الكتاب. إذا لست أدري متى تولّد عندي الخوف من قراءة "الكتب القديمة" وأشعر بأنها أبواب مغلقة أمامي عصيةٌ على استيعابي. وفي الوقت ذاته أشعر بغيرة حقيقية حين أسمع العلماني يتحدث عن: "البيان والتبيين"، "الأغاني"، "كتاب النوادر" وغيرها وغيرها من النفائس القديمة، وأشعر بضرورة قراءة هذه النوادر، وضرورة أكبر بكسرِ حاجز الخوف منها..! في سهرتنا تلك، أخبرت العلماني عن استمتاعي بقراءة الكتاب بشكل كبيرٍ جداً، وأنني أمارس من خلاله "هوايتي": البحث في المعاجم اللغوية، عن معانِ الكلمات العصية على فهمي، ولم أنكر أنني أجد صعوبة حقيقية فيما يخص الشعر. وبينما كان يطمئنني العلماني أن أمر فهم الشعر يسير مع مرور الوقت، طلب الإذن دقيقة... انتظرته، وحال عودته قال لي: عندي قط غريب، ثوري، يمشي ويحطم كل المزهريات في طريقه..! يتبع مع العلماني و"أبي هاجر"، "ماكس برواية أخرى... بالمناسبة أتسمح لي بوضع صورة "ماكس"؟:) (f) |