أنا أتحدث عن مرحلة من المراحل التي مرت بها فلسطين ، مرحلة أشد ظلامية من التطهير العرقي الذي مارسته العصابات الصهيونية في فلسطين ، وما زالت القدس تشهد على أكثر من 70 ألف شخص ذبحوا ذبحاً لأسباب عنصرية ودينية ، فضلاً عن كونه جاء ليرسل رسالة لأحد المتطرفين هنا بعد ردوده المقززة ، اذا كان المؤرخين الغرب يسمونه هكذا فما دخلي أنا ؟ شو رأيك أسميه الإحتلال الرأسمالي الأوروبي لفلسطين ؟

بخصوص الصراع مع الكيان الإسرائيلي فهو صراع على كافة الجبهات ، يدخل فيه الدين وتدخل فيه السياسة ويدخل فيه العرق كذلك ، ولا يمكن فصل أي عامل من هذه العوامل عند الحديث عن الصراع مع الكيان الإسرائيلي ، فاسرائيل نفسها تأسست على مبادئ دينية أصيلة واختيار المكان كان لأجل مبادئ دينية ، وإلا لرضو بدول أخرى عرضت عليهم ليعيشوا فيها ، فالصراع ليس طبقياً كما كانت الأحزاب الشيوعية تقول ، كما أنه ليس دينياً بحتاً ، كما أنه ليس سياسياً بحتاً ، إنما هو خليط بين كل هذه العوامل - باستثناء العامل الطبقي - ، ولذلك علينا أن نضع الأمور في نصابها الصحيح .

أما آخر جملة من ردك ، فأظنك تمزحين بها ولذلك لن أعلق عليها كالعادة .

نعود لأصل الموضوع الذي طرحه كاتبه ، والذي بناه على أصول خاطئة وقراءة غير صحيحة للواقع الخارجي والداخلي ، وهو الأمر الذي يعيبه على غيره ، لأن القضية لا يمكن تقزيمها بهذا الشكل ، فضلاً عن كون إسرائيل نفسها ليست راغبة في أي اتفاق سلام تضطر لدفع أي ثمن حقيقي مقابله ، فضلاً عن قصر هذه النظرة لكثير من المشاكل التي تعاني منها القضية .

فقبل كل شيء ، مشكلة فلسطين ليست الحصول على دولة في حدود 1967 ، وليست في السلام مع إسرائيل فقط ، بل مشكلة فلسطين مشكلة متعددة الرؤوس ، فإن وافقنا على الحل - الذي تطالب به حضرتك - فما هو رأيك في مشكلة اللاجئين ؟ هل يعقل أن تتم أي تسوية فلسطينية دون حل مشكلة اللاجئين الذين يعانون الأمرين - أكثر من أهل الضفة والقطاع - في الشتات العربي والعالمي ؟ ومشكلة الأسرى ؟ وعرب 48 ؟

ثانياً : لقد عودتنا إسرائيل أنها لن تكف عن طلب المزيد من التنازلات ، والتي ترتبط إرتباطاً طردياً مع ضعف الطرف المقابل ، ففي البداية كانت تطمح لدولة وفق قرار التقسيم ، وبعد ذلك كانت دولتها إلى ما قبل حدود 1967 ، والآن تريد دولة مسخ في غزة وبعض أجزاء الضفة الغربية مع الاحتفاظ بالأماكن الإستراتيجية في الضفة مع الإعتراف بالدولة وكذلك الإعتراف بيهودية الدولة - والذي عني عدم وجود أي حق لأي عربي فلسطيني بالبقاء داخل اسرائيل - ، ولذلك الحديث والإنطلاق من فكرة أن اسرائيل تريد فعلاً اتفاق سلام مع الفلسطينيين هو أمر خاطئ وغير صائب .

ثالثاً : كلامك ناتج عن نفسية تتعامل فقط مع الواقع كما هو ، وليس مع الواقع كما يجب أن يكون ، فعناصر أي دولة في العالم هي " الإقليم والشعب والسيادة " وبدون سلاح وبدون جيش وطني مدرب لا يوجد سيادة ، لأن افتراض وجود دولة منزوعة السلاح بجوار أقوى دولة في الشرق الأوسط وأكثرها عدوانية وعنصرية هو افتراض خيالي كمن يلقي أرنب إلى ذئب ويتوقع أن يعامله الذئب بكل رحمة .

رابعاً : إن مشكلة الشعب الفلسطيني ليست في وجود دولة من عدمه ، بل مشكلته مع إحتلال كامل تم تحت وضح النهار ، ولا يعقل - وفق التجارب الكونية والانسانية - أن يتساهل أي شعب مع محتله بأي حال من الأحوال ، قد يعقد هدنة أو اتفاقية سلام مؤقتة ، أما سلام دائم يفرط فيه بأرضه وأرض أجداده ، فهذا أمر لم ولن يكون .

خامساً : حل مشكلة الشعب الفلسطيني تكون من خلال قراءة كاملة لهذه المشكلة ودراسة ابعادها من كافة النواحي ، فيجب أولاً حل مشكلة اللاجئين ومشكلة الأمن ومشكلة السيادة والأسرى الفلسطينيين ، وبعد ذلك نتفاهم على الدولة التي يريدون منا أن نعترف بها ، هل هي تلك الدولة التي اعترف بها في قرار التقسيم ؟ أم التي اعترف بها بعد حرب 1948 ؟ أم بعد حرب 1967 أم ماذا بالضبط ؟ على أننا كذلك لن نعترف بها هي الأخرى ، فما ضاع حق ورائه مطالب .