التدخل العسكري ضد سوريا - نسخة قابلة للطباعة

التدخل الجوي الأمريكي المرتقب لن يغير شيئاً في ميزان القوى الفعلي، وهو بمساعدة -إسرائيلية استخباراتية- سيضرب مخالب الأسد القوية والمؤثرة -الصواريخ النوعية وكل أسلحة القوة- التي تعتبر تهديد إستراتيجي للدولة الإسرائيلية والتي يخشى إما تهريبها لحزب الله أو وصولها في أي لحظة من الحظات لجماعات جهادية قد تستخدمها ضد إسرائيل فعلياً .

يجب علينا أن ندرك بشكل جلي وواضح أن الإستبداد الداخلي والإستعمار الخارجي كلاهما وجهان لعلمة واحدة، ومن يستعين بإستعمار خارجي لينهي إستبداداً داخلياً أو يتخذ من الإستبداد الداخلي وسيلة لمواجهة الإستعمار الخارجي سيفشل فشلاً ذريعاً ومحققاً بناءً على إستقراء طبيعي لكل تجارب التاريخ القديمة والمعاصرة .

والثورة السورية أثبتت أن المشكلة ليست في السلاح النوعي فهو موجود، بل في الثوار أنفسهم، وعدم القدرة على تشكيل تصور موحد أولاً ووضع تكتيكات عسكرية فعالة ثانياً، فقبل أسابيع سيطر الثوار على مخازن أسلحة نوعية -صواريخ كورنيت وسباغوت وميلان وكونكورس- والتي بمقدورها أن تسحق دبابات النظام السوري وتشل تحركات مشاته وألويته لو أحسن استخدامها واستخدمت بشكل تكتيكي ناجح، كما أنهم حققوا نجاحات جيدة نسبياً بدون أن دعم خارجي، فالمشكلة أبداً لم تكن لا في السلاح ولا في غيره، بل في الثوار وهم الآن يدركون هذه النظرية ويسعون لتوحيد أنفسهم وتغيير تكتيكاتهم العسكرية .

وأمريكا ستغير ميزان القوة الحالي، أي أنها ستدعم الثوار بأسلحة مخلة للتوازن في حالة واحدة، وهي إيجاد بديل قوي ومؤثر عن النظام ويكون تابعاً لها وينفذ سياساتها في المنطقة، أما والثوار يشكلون بالفعل خطراً إستراتيجياً على كل المصالح الأمريكية وعلى إسرائيل نفسها وعلى المستعمرات الخليجية فتدخل أمريكا لصالحهم هو حلم ابليس في الجنة، لأنها لو أرادت انهاء الأزمة السورية والقضاء على النظام لفعلت ذلك منذ أول 24 ساعة من بداية الثورة، بل إنها لو وقفت مع الثوار بمثل حزم النظام الروسي مع النظام السوري لتغيرت المعادلات منذ الأشهر الأولى للثورة .

باختصار شديد الضربات الأمريكية المرتقبة ستضعف النظام السوري عسكرياً ولكنها ستخلخل أيضاً موقع الثوار الشعبي والعمقي العربي الإسلامي المتعاطف مع الثورة، لكنها لن تنهي النظام بالكامل بل ستبقى الاشتباكات والمعارك دائرة لأشهر قادمة، أشهر ستنهي النظام السوري وتقضي عليه ولكنها أيضاً ستنهك الثوار والدولة السورية الجديدة، ثورة سنصاب بها بهزيمتين، هزيمة المنتصر وهزيمة المهزوم .

يبدوا أننا في ظل كل هذه الأزمات والمصائب بحاجة للتأكيد فقط على البديهيات والتي يبدوا أننا نسيناها، التدخل الخارجي والإستبداد الداخلي كلاهما وجهان لعلمة واحدة، والطغاة جلابون للغزاة والغزاة جلابون للطغاة لا أقل ولا أكثر .