حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$archive_pages - Line: 2 - File: printthread.php(287) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(287) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 287 eval
/printthread.php 117 printthread_multipage
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3)
+--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57)
+--- الموضوع: العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية (/showthread.php?tid=18618)

الصفحات: 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12


العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية - Waleed - 04-29-2006

[CENTER][B]ما هو الدين

بسبب عدم إمكانية تتبع و تجريب السلسلة السببية التي تحكم العلاقات المادية لعدم قدرة الإنسان حينئذ على ذلك - إنقطعت هذه السلسلة عند فشل الإنسان في إستكمالها و إستبدل بها المخلوقات الميتافيزيقية بإستعمال علاقات الإنبثاق.
أضف لما سبق طبيعة الإنسان و ميله للتشخيص و الغائية - الآن قد خلقت عوالم متكاملة من المخلوقات المشخصة تدخلت بالعالم تفسيرا بل و تحكما. لقد خلق الإنسان الآلهة.


منذ إستطاع الإنسان إختراع اللغة و التواصل و التفكير - و بسبب عدم قدرته على فهم بعض الظواهر الطبيعية - ناهيك عن التأثير فيها - و بخاصة تلك الظواهر الخطيرة مثل الكوارث الطبيعية - فقد إبتكر آلاف من التفسيرات و المخلوقات الميتافيزيقية ليستكمل بها هذا القصور الذي لم يحتمله عقله - و يحب علماء التاريخ و الإنسانيات تقسيم هذا النشاط الميتافيزيقي لنوعان رئيسيان حسب الوظيفة:

1- الدين: و فيه فسر الإنسان ما لم يستطيع من الظواهر الطبيعية ( بأسلوب آخر: الحلقة التي لم يستطيع تتبعها بسلسلة السببية) بالمخلوقات الميتافيزيقية.
2- السحر: و هي مقلوب العملية السابقة أي محاولة الإنسان للتأثير بالطبيعة أو العالم الخارجي - بنفس المنطق السابق - الميتافيزيقا - و كمثال حين يسود الجفاف و رغب الإنسان البدائي في المطر - فإنه مارس السحر - في تمتمات أو رقصات أو أية طقوس أخرى - راغبا في التأثير على الطبيعة.
و بنفس المنطق السابق في الدين فإن عدم إمكانية تتبع سلسلة السببية في العلاقات المادية لظاهرة ما - سبب عجزه التام عن التعامل معها بنفس - مما أدى لإدخاله العلاقات السحرية (الإنبثاق) لتقطع السلسلة. راجيا أن يؤثر فيها هذه المرة.
و لبيان الفرق - فالإنسان الحديث يعلم السلسلة السببية لظاهرة المطر و حين يريد أن يستمطر فإنه يحترم السلسلة السببية - و يتدخل بمحاكاة الظروف التي تؤدي للمطر (مثل شحنات كهربائية من طائرات للسحب ... إلخ).
أما الإنسان البدائي - فيعلم أن السحاب يأتي بالمطر من المشاهدة و التجربة
- لكنه لا يعلم من أين يأتي أو كيف يتكون السحاب - فنسب ذلك للآلهة.
- لا يستطيع التدخل لإستجلاب المطر - فحاول ذلك بالسحر.

و يلاحظ أنه في كل مرة إستطاع الإنسان أن يحل اللغز في السلسلة السببية لظاهرة ما - و التي فسرها عندئذ بالميتافيزيقا - كانت الميتافيزيقا تترحل لنقطة أبعد في السلسلة السببية يقف عندها فكره مرة ثانية.
و كمثال توضيحي:
حين أعلم في المثال السابق أن السحاب هو سبب المطر - لكني لا أعلم من أين و كيف يأتي - فأنا أعزو ذلك للآلهة. لكني لو علمت بالملاحظة أن الريح تأتي بالسحاب - لكني لا أعلم كيف تتكون الرياح - فسأرحل الآلهة لمكان أعلى بالسلسلة لكي تبعث هي الرياح التي تسوق السحب التي بدورها تنزل المطر .. إلخ.

أي أن الميتافيزيقا الممثلة بالآلهة بدت و كأنها حجز مكانة (Place Holder) بالسلسلة السببية منتظرة التفسير الواقعي من العالم الخارجي كي يتم ترحيلها بمكان أبعد بنفس تلك السلسلة. و كأن التيقن بواسطة العالم الخارجي (التجريب) يطارد و يطرد تلك الآلهة الميتافيزيقية.

و للسبب السابق و لأسباب أخرى إجتماعية و إقتصادية و سياسية - فقد كانت الأديات البدائية كيان شديد المرونة و قابل للتغيير حسبما تقتضي الظروف الخارجية.
و إستمرت تلك المرونة إلى أن ظهر ما يسمى بالأديان السماوية أو الإبراهيمية أو العبرانية. و التي إعتبرت - و لها الحق في ذلك - أن الخاصية الديناميكية للأديان - سببت ضعف في اليقين العام للدين - فتغيير و تبديل الآلهة وظيفة و شكلا و حديثا - قد بين أن تلك الآلهة كانت مجرد وهما خالصا. إضافة أن تعددها أعطاها عدم مصداقية و قلة إحترام.
و قررت الأديان السماوية معالجة الأمر الجلل:
- وحدت الآلهة بإله واحد وضع نفسه بقمة السلسلة السببية.
- وضعت دستورا ثابتا لا يتغير (بوصفه كلام الله) و المتمثل بالكتب السماوية.

أما و قد خلصت الأديان السماوية من حل المشاكل المتعلقة الديناميكية و تعدد الآلهة - فقد وضعت النواميس و القوانين للبشر - و التفسيرات لما تراه من ظواهر طبيعية و إنسانية - و هذا بوصفها طبعا نهاية التاريخ و قمة الفكر.

و لكن مع الأسف تحول هذا العلاج الشافي الذي وضعته الأديان السماوية للفكر الإنساني وبالا عليه أشد وطأه من العيوب التي قصدت علاجه - و هذا ببساطة لأنه لم يوجد نهاية للتاريخ و للتطور الإنساني الفكري و المعرفي - كما خمنت الأديان السماوية - و تحول الثبات الفكري للأديان السماوية لأكبر عائق في طريق البشرية.

و هذا إلى أن ظهر طريق جديد للفكر و اليقين الإنساني بإستحياء - وهو العلوم.

و الآن ما هي العلوم؟ و ما علاقتها بالميتافيزيقا عامة و بالدين خاصة ؟



العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية - نبيل حاجي نائف - 04-29-2006


مرحباٌ أخي وليد إريد أن أضيف على موضوع الدين.
أن ما ذكرت عن عوامل نشوء الدين هو طبعاٌ صحيح , وهناك عوامل أخرى ساعدت في انتشار ونمو الأديان .
وهي العوامل الاجتماعية والنفسية .
فللدين دور ووظيفة اجتماعية لأن الدين كان يتضمن الأخلاق وتنظيم العلاقات الاجتماعية أيضاٌ.
وللدين وظيفة نفسية ذاتية , فهو يسعى إلى تخفيف المعانات نتيجة الحياة , وله دور هام جداٌ , وهو حل مشكلة الموت بشكل يرضي الرغبات الذاتية في الحياة الأبدية , وأن نفس الإنسان لن تفنى بموته وهي خالدة .

والإنسان الآن مثلما يرث خصائصه الفزيولوجية والبيولوجية عن طريق الجينات من أسلافه وهذه تحدد الكثير من خصائصه. كذلك يرث من مجتمعه غالبية أنماط استجاباته وتصرفاته , فهو يرث لغته ودينه وثقافته ...
وما يرثه غالباٌ ما يكون متوافق ومنسجم ومتكيف مع الأوضاع والظروف المادية والاجتماعية والفكرية الموجود فيها .
لذلك الموروث غالباٌ ما يكون هو الأفضل والمفيد له ولمجتمعه .
فالدين كانت له موجباته .
ولكن بعد تغير الأوضاع بشكل سريع وبالذات نشوء العلوم الدقيقة , ظهرت الكثير من تناقضات الدين مع الواقع , وهذا فرض عليه التطور لكي يلائم تلك الأوضاع أو الزوال .

ويجب أن نميز بين المفيد والصحيح , لأنه ليس ضرورياٌ أن يكون الصحيح هو المفيد .
فللدين والعقائد دور ووظيفة اجتماعية وفردية ذاتية هامة , فهو غالباٌ ما يحقق الكثير من الانسجام والتوافق والسعادة للأفراد ويساهم في تماسك ونمو المجتمع .
إي له موجباته الواقعية و إلا لما كان هذا الانتشار والنمو له ( فكل موجود له مكونات وجوده ) .
فالمهم لدى بالنسبة كل منا هو المفيد له أولاٌ والمفيد لأسرته وجماعته ومجتمعة , والصحيح يأتي لاحقاٌ .

وبما أن الأوضاع والظروف ليست ثابتة فهي في تغير وتطور بشكل سريع , وحدوث التغير تستدعي تغير في الاستجابات والتصرفات .
وهذا ما يقاوم في أغلب الحالات , لأن هذا التغير يمكن أن يكون للأسوأ أو للضار , فالمحافظة على الموجود له مبرراته .

إننا الآن في وضع تغيرات سريعة إن كانت مادية أو اجتماعية أو ثقافية , فنحن في مرحلة تطور سريعة تحدث هز للأسس الثقافية و العقائدية الموروثة .
والغالبة تسعى للمحافظة على الموجود , وهي تستطيع دوماٌ أن تجد المبررات له ( يمكن العودة إلى مقال الإيمانات الغايات والدوافع أولاٌ ) ونحن نشاهد كيف يبرر المفكرين والعلماء إي وضع أو فكرة وبشتى الطرق , ولكن هل هذا التبرير دقيق ؟
إن عدم صحة ما تدعيه الأديان ووجود تناقضات كبيرة فيها لا يؤدي بالضرورة إلى انتهائها .

المهم التفريق بين المفيد والصحيح

هذه ملاحظة سريعة على الموضوع الواسع .

مع تحياتي




العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية - Waleed - 04-30-2006

الزميل المحترم / نبيل حاجي نائف

تقديري و إحترامي ,,

يسعدني أن تلقي الضوء - على الزوايا التي لم يتناولها هذا الطرح. كما تسعدني دائما إضافاتك. فكما تفضلتم بالقول - فالموضوع متسع - يحتاج لكل رأي - يلقي الضوء على أي من زواياه.
اقتباس: مرحباٌ أخي وليد إريد أن أضيف على موضوع الدين.
أن ما ذكرت عن عوامل نشوء الدين هو طبعاٌ صحيح , وهناك عوامل أخرى ساعدت في انتشار ونمو الأديان .
وهي العوامل الاجتماعية والنفسية .
نعم أوافقك الرأي - لكن جاء إبتعادي عن تلك العوامل لعدة أسباب:
أولا: نظرا لتركيز الطرح الحالي على العوامل المعرفية كأساس - تبنى عليه باقي العوامل - و الذي أعتقده أن الفساد في البنية المعرفية لمجتمعنا هو المسبب الأول لما نحن فيه من أزمة حادة - أثرت تباعا على باقي منظومات المجتمع بما لم يدع هناك مجالا إلا لإظهار هذا الفساد المعرفي و تكريس التناقض لمحاولة حل هذه الإشكالية.
ثانيا: أما و قد صار التناقض الديني / العلمي عائقا في سبيل تقدمنا بل ووجودنا المعنوي و المادي نفسه - فالعوامل التي أدت لإنتشار و سيادة الدين لإشباع حاجاتنا النفسية و الإجتماعية كفيلة بأن تقوم بتعويض تلك الإحتياجات بوسائل أو بنيات فكرية أخرى.
اقتباس:فالدين كانت له موجباته .  
ولكن بعد تغير الأوضاع بشكل سريع وبالذات نشوء العلوم الدقيقة , ظهرت الكثير من تناقضات الدين مع الواقع , وهذا فرض عليه التطور لكي يلائم تلك الأوضاع أو الزوال .
لعلك لخصت في هذه الفقرة - الغرض من كامل هذا الطرح. فالوضع مأساوي - يشبه المريض بتلوث جروح يده - فإما أن يقطعها و يحتمل ألمها و الحياة دونها - أو هو فساد و تحلل باقي أنسجة جسده حتى الموت.
اقتباس:ويجب أن نميز بين المفيد والصحيح , لأنه ليس ضرورياٌ أن يكون الصحيح هو المفيد .
أوافقك الرأي على المدى القصير - لكن على المدى البعيد فالصحيح هو الباقي و هو المفيد.
لا يتوقع أحد أنه بإنهيار المرجعية المعرفية لمجتمعاتنا - سوف تسود الحياة الرغدة فورا - بل على العكس من ذلك ستسود حالة من الإنهيار التام لكافة منظومات المجتمع - لا أحد يعلم مداها و شدتها - في ما يشبه الفوضى التامة. و لعلنا كلنا سمعنا مصطلح الفوضى الخلاقة و إن كان قد أخذ سمعته السيئة من الشخصيات و الجهات التي أطلقته.
و لعلها ليست مصادفة أن تصبح القيم الأخلاقية الأولية للحضارات الليبرالية هي (الحق و الحرية) فالحق أحق أن يتبع حتى و إن رأيناه ضارا لنا على مستوى الحاضر - و الحرية ضرورة لشيوع الحق.
اقتباس:إن عدم صحة ما تدعيه الأديان ووجود تناقضات كبيرة فيها لا يؤدي بالضرورة إلى انتهائها .
يعزز صحة كلامك أن الدين المسيحي لم ينتهي تماما من الغرب - لكنه إنتهى كمرجعية للمجتمع الغربي و على كافة المستويات.
لكن يبقى السؤال: هل يمكن جمع كل الأديان بسلة واحدة؟ أم أن إختلافها في التعاليم و الأحكام و التفسيرات و مدى تداخل نصوصها مع كافة مجالات و منظومات المجتمع الحامل لها قد يجعل من البقاء المسالم و المحايد لبعضها ممكنا و للبعض الآخر مستحيلا؟



العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية - Waleed - 05-02-2006

[CENTER]ما هو العلم. و هل العلم نوع من الأيديولوجيا؟

في كل مرة إستطاع الإنسان أن يحل اللغز في السلسلة السببية لظاهرة ما - و التي فسرها عندئذ بالميتافيزيقا - كانت الميتافيزيقا تترحل لنقطة أبعد في السلسلة السببية يقف عندها فكره مرة ثانية.
أي أن الميتافيزيقا الممثلة بالآلهة بدت و كأنها حاجز مكانة (Place Holder) بالسلسلة السببية منتظرة التفسير الواقعي من العالم الخارجي كي يتم ترحيلها بمكان أبعد بنفس تلك السلسلة. و كأن التيقن بواسطة العالم الخارجي (التجريب) يطارد و يطرد تلك الآلهة الميتافيزيقية.


في إستحياء - و ببطء - بدأ الإنسان و لظروف الحاجة المادية التي لا تكفي لإشباعها الميتافيزيقا مهما بلغت قوة إعتقاد الفرد بها و قد أدرك هو ذلك - بدأ في دراسة الظواهر المادية تجريبيا مع إحترام السلسلة السببية.
دافع الحاجة المادي - و المادي فقط - كان أهم العوامل التي حثت الإنسان على إحترام العلاقات الواقعية المادية للعالم الخارجي.
لم يكن أبدا الصدام مع الميتافيزيقات القائمة من إهتمامات العلوم - بل إنصب إهتمامها بمواضيعها و قضاياها - متغاضية تماما عن التفاسير الدينية و الميتافيزيقية للظواهر مواضيع دراستها.
كما لم يوجد ما يسمى حينئذ بالمنهج العلمي - أي أن العلم لم يكن قد قنن بعد - ففي الواقع العكس هو الصحيح:
لم يحدث أنه تم وضع منهجا للعلوم أولا ثم سارت عليه - فالعلم فرض منهجه أو قانونه (فيما يسمى الآن بالمنهج العلمي) - الذي تم إستخراجه لا حقا ليؤثر على كامل الفكر الإنساني.
و ترجع عملية فرض العلوم لمنهجها الذي لم يوضع مسبقا - لعامل إحترام القوانين السببية للعالم الخارجي أي بإختصار إحترام المادة و الحواس الخمس + العقل أي إحترام الإنسان - و التي جرى العرف على إحتقارها و التقليل من شأنها لصالح المخلوقات الميتافيزيقية. إلا أن التجربة الإنسانية كان شأنها أن توضح و بالقوة أنه لا نتائج ترجى من هذه المخلوقات - و على العكس من ذلك فالنتائج فورية - سلبا أو إيجابا - من التجريب في العالم و الحواس الخمس.


و بالرغم من إستبعاد الميتافيزيقا و الدين من دائرة إهتمام العلوم ناهيك عن إستهدافها - و هذا لعدم وجودها من ضمن مواضيع العلوم أصلا و التي تهتم بالعالم الخارجي المادي فقط - إلا أنه حدث إصطدام هائل و قسري بين الطرفين - بدون تخطيط مسبق من العلوم (الفكر الجديد الوافد) - بل على الرغم من كون العلوم كمنهج وافد جديد حاولت قدر الإمكان تحاشي هذا الصدام.
كان الصدام إذا - سلمي أحيانا و دموي أحيانا - و إستهدف القائمون على حماية و خدمة الأديان (المؤسسات الدينية) و الحكومات الرجعية المتحالفة معها أحيانا و المستفيدة من هذه المؤسسات أضف لذلك شرائح المجتمع التي باتت مهددة بفقد مكانتها المتعالية (الإقطاعيون) - تحالف كل هؤلاء لإستهداف العلم و العلماء - في محاولة يائسة للبقاء و المحافظة على الوضع القائم.

لماذا إصطدم العلم بالدين - بالرغم من عدم وجود الميتافيزيقا ضمن دائرة إهتمام العلوم؟
ما هو هذا المنهج العلمي؟
لماذا إنتصر العلم على التحالف الديني / الطبقي ؟


يتبع ،،


العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية - نبيل حاجي نائف - 05-02-2006


مرحباٌ عزيزي وليد

طبعاٌ أنا معك في المنحى العام مع وجود اختلافات غير أساسية .


1 - لماذا اصطدم العلم بالدين - بالرغم من عدم وجود الميتافيزيقا ضمن دائرة اهتمام العلوم؟

في رأي الكثيرين من المفكرين هناك دوما صراع بين الأفكار أو العقائد أو المعارف وفي كافة المجالات , فهذا موجود حتى في العلوم .
فالأفكار أو العقائد أو النظريات تتصارع وينتصر بعضها على بعضها الآخر , وغالباٌ يكون الانتصار من نصيب الأفكار أو العقائد الأكثر انتشاراٌ أي التي يتبناها أو تعتمدها الأغلبية , وليس الأفكار والمعارف الأدق أو الأصح , وهذا له أسباب اجتماعية ونفسية و بيولوجية أو غريزية .
واصطدام المعارف العلمية بالمعارف الدينية شيء طبيعي .
مع أن الكثير من الأديان تؤكد دعمها ومصالحتها للعلم
ولكن عندما يقول العلم عكس أو ما لا ينسجم مع معارف تلك الأديان , عندها إما يرفض أو يشكك به وبالتالي يحدث الصراع الذي لا بد منه .
وكذلك المعارف العلمية تنقد وتصحح أو تصارع المعارف الدينية التي لا تتفق معها .


2 - ما هو هذا المنهج العلمي؟
راجع هذاالملف

http://www.nadyelfikr.net/viewthread.php?f...id=40&tid=38989

3 - لماذا انتصر العلم على التحالف الديني / الطبقي ؟

في رأي لم ينتصر حتى الآن في أغلب مناطق العالم .



العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية - Waleed - 05-04-2006

الزميل العزيز / نبيل حاجي نائف

تحياتي و إحترامي ,,

يسعدني دائما إتفاقنا على المستوى العام - كما يسعدني أيضا و بنفس القدر أن نختلف. ففي إعتقادي أن الإختلاف هو جوهر التقدم - و من المؤكد أنه حتى لو لم يتفق المختلفون - فالمستفيد دائما هو الطرف الثالث.

قرأت موضوعك عن المنهج العلمي:

المعارف العلمية والمنهج العلمي

و أوصي بالرجوع لهذا الموضوع قبل أن أبدأ في سرد وجهة نظري التي أراها متطابقة تقريبا معك.

بالنسبة للنقطتين 1 و 3:
أتفق معك في مجمل الحديث و إن كنت أختلف معك بنقطة أراها جوهرية - و هي أن السيادة الفكرية للعلوم حتمية في حالتنا هذه حال كون مجتمعاتنا ذات خلفيات دينية أقل دقة و عقلانية من العلوم - و لن ترجع السيادة الفكرية (للأكثر انتشاراٌ أي التي يتبناها أو تعتمدها الأغلبية) و إلا لما وجدت مشكلة حاليا - و لما إنتشر العلم من مبدأه في مجتمعات مسيحية - فالغلبة على المدى الزمني الطويل نسبيا للفكر الأكثر دقة بالفعل - و هذا كون حالة وجود هذا الفكر بجانب آخر أقل منه دقة و مناقض له هو وضع غير مستقر عقليا و غير قابل للإستمرار. و ضد الطبيعة البشرية. بالطبع على المدى الزمني الطويل.

لك كامل إحترامي ,,


العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية - Waleed - 05-04-2006

[CENTER]تابع: ما هو العلم. و هل العلم نوع من الأيديولوجيا؟

لماذا إصطدم العلم بالدين - بالرغم من عدم وجود الميتافيزيقا ضمن دائرة إهتمام العلوم؟

لعله من المفيد أولا أن نفرق بين الميتافيزيقا الفلسفية الخالصة (التي تم إنتاجها فلسفيا و بواسطة الفلاسفة) و بين الأديان.

فبالرغم من أن الأديان بعامة و السماوية منها بخاصة تقوم على فكرة ميتافيزيقية خالصة - و هي وجود كائن علوي / متسامي / لا مادي - خلق الكون (الإنسان و ما حوله) - بالرغم من ذلك إلا أنه يوجد إختلافات هامة بين الميتافيزيقا بالفلسفة و بينها في الأديان:

- بينما تم إنتاج الميتافيزيقا في الفلسفة على يد مفكرين (فلاسفة) ذوي عقليات منظمة و عالية المنطقية (مثل الفلاسفة اليونانون القدماء) قصدوا دائما الدقة الفكرية و المنطقية - تم إنتاج الميتافيزيقات الدينية بواسطة من هم ليسوا كذلك و في مجتمعات كانت متخلفة حتى عن سياق زمنها. و القصد لم يكن الفكر و لا الدقة - بل لأهداف أخلاقية إجتماعية.

- بينما إبتعدت الميتافيزيقات الفلسفية قدر الإمكان عن العالم المادي - نجد الكائنات الميتافيزيقية الدينية تختلط بالعالم المادي إختلاطا لا سبيل لفصله (يصل لدرجة أنها تأكل و تشرب مع الإنسان و تضاجعه أحيانا).

- بينما نعلم و يعلم منتجوا الميتافيزيقات الدينية أنه أولا و أخيرا منتج فكري إنساني و بالتالي فلا قداسة في نصوصه و ليس من الغرابة أن يخطئ - إدعى منتجوا الميتافيزيقات الدينية أنه منتج إلهي (أي منتج ميتافيزيقي متسامي) ذو نصوص مقدسة و لا يمكن أن يخطئ و بالتالي فهو غير قابل للنقد.

- كون الأديان هي فكر كان القصد منه أخلاقي إجتماعي جعله ينتج غابات من الأحكام المتعلقة بالحياة العامة للإنسان - و أيضا كونه يدعي الله مصدرا جعله ينتج غابة من التفسيرات للظواهر المادية من حولنا تتناسب - بالطبع - مع المجتمع الذي ظهرت به تلك الديانات.

كان إصطدام العلوم حتميا إذا مع الأديان بخاصة - و مع الميتافيزيقا بدرجة أقل و هذا للأسباب:

أولا: على المستوى القريب و كون الأديان لم تكتفي بقلبها الميتافيزيقي و أنتجت تفسيرات و أحكام تتعلق بالعالم المادي الخارجي مثل تفسيرات خلق و نشوء الإنسان و باقي المخلوقات و تفسيرات الفلك و الأجرام السماوية و الرياح و الأمطار و الحمل و الولادة ....إلى آخره من الظواهر الطبيعية التي شاهدها الإنسان حينئذ و لم يجد لها تفسيرا عند نقاط معينة (لم يستطع تتبع سلسلتها السببية) فكان أن تم حشو هذه الفجوات المعرفية لدى الإنسان بواسطة إقحام الكائنات الميتافيزيقية مباشرة في وسط العلاقات المادية.
كون الأديان موجودة أصلا بميدان العالم الخارجي بنظرياتها و تفسيراتها قد جعلها بالمرمى المباشر للعلوم التي تعتبر العالم الخارجي هو عالمها و ميدانها الوحيد - و الأكثر من ذلك - أن منهجها الصارم و التجريبي جعل تفسيراتها الواقعية لا يمكن أن تصمد أمامها التفسيرات التي تبين خطأها أو الميتافيزيقية المتعلقة بكائنات غريبة. و يمكن تمثيل ذلك كما لو كان إنسان في غرفة مظلمة و يسمع أصواتا يتخيلها وحوشا ضارية و بكشف الغرفة بضوء ساطع يجد أن ما ظنه وحشا هو مجرد قطة أو إنسان آخر يغط في نومه مصدرا صوتا غريبا ..إلخ.
فالصدام في هذه الحالة عنيف و قسري - و تبني اليقين العلمي عوضا عن الخرافي قسري أيضا - فببساطة لن يستمر الإنسان في المثال السابق في إعتقاده بأن من يصدر الصوت هو وحش بعد أن رأى القط في الضوء حتى و إن أراد هو ذلك - و أقصى ما يمكن أن يفعله على إستحياء هو أن يقرر أنه لا بد أن الوحش (اللامرئي) هو من أمر القط أن يصدر هذا الصوت (أي تم ترحيل الكائن الميتافيزيقي لنقطة أبعد من مكانته السابقة).
و ببساطة أكثر فالعلم يستخدم مصدر اليقين الإنساني على مستوياته التحتية غير القابلة للمناقشة إلا لغير العقلاء.
أما و أن الدين كمنظومة فكرية و طبقا لكونه يفترض أنه كلام الله فإنه يتبع القانون (الكل أو لا شئ - The whole or nothing) فعلى عكس العلوم - تهديد أي جزئية صغيرة به - يهدد كامل المنظومة - فلك أن تتخيل كم التهديد الذي يمثله أقل إكتشاف علمي على منظومة الدين.

ثانيا: و على المستوى الأعلى - أي القلب الميتافيزيقي للأديان - و بالرغم من كونه لا يقع نهائيا بميدان العلوم و لا حتى بدائرة إهتمامها بشكل مباشر - إلا أن منهج العلوم التجريبي الصارم مع تطوره - قد كشف هذا القلب الميتافيزيقي للدين - بل و كامل الميتافيزيقا - بوصفها مجرد إحتمال جائز منطقيا (في أفضل صوره) غير قابل للتحقق واقعيا.
أي و بأسلوب آخر - فإن وجوده مثل عدمه بالنسبة للعالم الواقعي المادي - لا يتداخل مع قوانين المادة نهائيا بعد تراجعه بكل الميادين - و مجرد إثبات وجوده هو من المستحيلات - فما الجدوى إذا من كل هذا؟
إن وجود الله علميا كإحتمال منطقي لا ينفيه العلم و لا يثبته - مساوي تماما لأي إحتمال يمكن أن يخطر على بال أي إنسان - مثل عدم وجود الله - مثل وجود عدة آلهة - مثل وجود إله واحد أيضا لكنه ليس هذا الله الذي تتحدث عنه الأديان .... و هكذا إلى مالا نهاية.

ثالثا: و على مستويات غير مباشرة - فالتقدم العلمي سبب تغيير في كافة المنظومات الإجتماعية بشكل كامل و تام فيما يعتبر إنقلابا (أو سمها قطيعة) تاما على المنظومات السابقة من إقتصاد إلى إجتماع .. إلخ وصولا للمنظومة الأخلاقية الجماعية و الأخلاق الفردية - بما أصبح معه الإستمرار بالأحكام الثابتة و التي خلفتها لنا الخلفيات الدينية و التي تناسبت مع منظومات المجتمعات آنذاك - أصبح مستحيلا.

و الآن لماذا فعل العلم كل ذلك؟ و هذا مع كونه أول من يقر بأن يقينه نسبي و غير مطلق؟
ما هو المنهج العلمي؟

يتبع ،،


العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية - نبيل حاجي نائف - 05-07-2006

مرحبا أخي وليد


كما تلاحظ يمكن إيجاد كم كبير من الأفكار والمعارف الدقيقة وفي مجالات كثيرة , يمكن أن تضيء هذا الموضوع الواسع والهام جداٌ .

طبعاٌ على المدى الطويل لا يصح إلا الصحيح .
ولكن يجب أن نلاحظ أن هذا لن يحصل إلا نادراٌ مع الشخص نفسه , فهو سوف يحصل للأجيال اللاحقة .
فتغيير العقائد والمبادئ التي يعتمدها الشخص ليس بالأمر السهل أبداٌ , فهي سوف تصمد أمام الكثير من الأفكار الأخرى حتى وإن كانت أدق منها بكثير .
لذلك أرى أنه من الصعب جداٌ تغيير الأفكار والعقائد والمبادئ التي يكتسبها الإنسان من مجتمعه , حتى إن كانت هذه الأفكار بعيد كثيراٌ عن الدقة وعن الواقع .

وبالنسبة لصدام العلم مع الدين . أضيف
إن كل دين أو أي منهج أو عقيدة فكرية هي بمثابة بنية أو منظومة ( أو كائن فكري ) تسعى للحفاظ على نفسها وعلى استمرارها عن طريق الانتشار في العقول , وهي سوف تصطدم بالبنيات المماثلة الأخرى التي تحتك بها والتي تسعى إلى إعاقتها .
وقد كانت غالبية الأديان إن لم يكن جميعها تعتمد منهج فكري يهرب أو يتحاشى قابلية التكذيب ( التي يمكن أن تنقضه ) وكان هذا يتم بطرق متعددة , وهذا لكي تصمد أمام الوقائع التي يمكن أن تكذبها .
فكانت غالباٌ تعلق الحكم أو تؤخره إلى زمن مفتوح وبذلك تتحاشى التكذيب أو النقد .


مع تحياتي ومودتي



العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية - Waleed - 05-08-2006

اقتباس:  نبيل حاجي نائف   كتب/كتبت  
طبعاٌ على المدى الطويل لا يصح إلا الصحيح .
ولكن يجب أن نلاحظ أن هذا لن يحصل إلا نادراٌ مع الشخص نفسه , فهو سوف يحصل للأجيال اللاحقة .  
فتغيير العقائد والمبادئ التي يعتمدها الشخص ليس بالأمر السهل أبداٌ , فهي سوف تصمد أمام الكثير من الأفكار الأخرى حتى وإن كانت أدق منها بكثير .  
لذلك أرى أنه من الصعب جداٌ تغيير الأفكار والعقائد والمبادئ التي يكتسبها الإنسان من مجتمعه , حتى إن كانت هذه الأفكار بعيد كثيراٌ عن الدقة وعن الواقع .  

الزميل المحترم / نبيل حاجي نائف

أوافقك تماما - فتغيير العقائد و البنى و الخلفيات الفكرية شديد الصعوبة على المستوى الفردي - بل و على مستوى الأجيال.

لكن يبقى الأمل في التغيير قائما - فمجرد الشك على المستوى الفردي في أفكار بعيدة عن الدقة و الواقع - هو خطوة على الطريق ستزداد مع أجياله القادمة و هكذا - كسلسلة من التغييرات الكمية ينتج عنها في النهاية التغيير الكيفي المطلوب.
اقتباس:إن كل دين أو أي منهج أو عقيدة فكرية هي بمثابة بنية أو منظومة ( أو كائن فكري ) تسعى للحفاظ على نفسها وعلى استمرارها عن طريق الانتشار في العقول , وهي سوف تصطدم بالبنيات المماثلة الأخرى التي تحتك بها والتي تسعى إلى إعاقتها .
نعم و هو الوضع القائم في مجتمعاتنا الآن.
المشكلة في أننا وصلنا لتعارض مصيري:
إما أن نستمر نحن كوجود بشري مادي و معنوي تاركين وراءنا هذا الكائن الفكري للتاريخ.
أو ينتصر هو - و لا يغرنك هذا الوضع - فالكائن الفكري سيموت في هذه الحالة أيضا لكن آخذا إيانا معه لغياهب التاريخ.
اقتباس:وقد كانت غالبية الأديان إن لم يكن جميعها تعتمد منهج فكري يهرب أو يتحاشى قابلية التكذيب ( التي يمكن أن تنقضه ) وكان هذا يتم بطرق متعددة , وهذا لكي تصمد أمام الوقائع التي يمكن أن تكذبها .
فكانت غالباٌ تعلق الحكم أو تؤخره إلى زمن مفتوح وبذلك تتحاشى التكذيب أو النقد .
مثل جميع الميتافيزيقات - يقبع المحور الفكري للأديان - في منطقة الظلام - حيث لا يمكن التحقق من صحته أو عدمه.
لكن تزيد الأديان في كم تفاسيرها للظواهر الطبيعية و الإنسانية بما يقع في المجال المباشر للنقد العلمي.
و للإلتفاف على هذا الوضع الشائك تم إبتكار ميكانيزمات عديدة مثل:
- كبت نصوص و سير في داخل دفتي الكتب نهائيا - و عدم التحدث عنها مطلقا و كأنها لم تكن.
- محاولات التفسير التأويلي و لي عنق النصوص.
- الهجوم المضاد - و هذا بمحاولات إدعاء العلم بدلا من معاداته التي أصبحت مستحيلة و هذا بإختراع مواضيع الإعجاز العلمي و الإشارات الكونية بالنصوص ...إلخ

و تبقى كل هذه الآليات كمحاولات مستميتة مدفوعة بالميل الطبيعي لدى المجتمعات بالمحافظة على الأوضاع و الأفكار القائمة أو بغريزة البقاء للكائن الفكري المحتضر.

إحترامي ,,


العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية - Waleed - 05-09-2006

[CENTER]تابع: ما هو العلم. و هل العلم نوع من الأيديولوجيا؟

ما هو المنهج العلمي؟

لعلها ليست مصادفة بمجتمعاتنا أن نسمع كلمة المنهج العلمي أو العلم فتتلون إنطباعاتنا النفسية بلون التشكك و الرفض و النظرة الفوقية لما نسمع و كأننا نمتلك الحكمة المطلقة (و نحن أول من نعلم أننا لا نملكها).
و لعلها ليست مصادفة أن يحك حكماؤنا جبهاتهم و هم يكشفون لنا أبعاد المؤامرة من هذه النظرية العلمية أو ذلك الإكتشاف الوافد من عالم الغرب و نحن نصفق لهم بإرتياح مصطنع.
و لعله من الأفضل و المريح نفسيا لنا أن نظل نعتقد أن العلم هو منتج أيديولوجي فكري لمجتمع مخالف لنا - كان - و نحب أن نعتقد و نؤمن أنه لازال - عدوا تاريخيا لنا.
أليس من الأفضل لإستقرارنا النفسي إعتباره منتج فكري أيديولوجي - في مقابل منتجنا الفكري - و قد يكون أي منهما هو الصحيح؟
الغرب المسيحي في مقابل الشرق المسلم - فلندع الأمر عند هذا الحد - و لنقيم مهرجانات التهريج بمواضيع مثل المناظرات الدينية.

و لكن - و يالتناقض الذي لا يدفعنا للتفكير - فلنريح نفسياتنا أكثر و ندعي أن كل هذه العلوم موجودة عندنا و نعلمها مسبقا - في واحدة من أكبر النكات التاريخية.

هل العلم حقا نوعا من الأيديولوجي؟

دعنا أولا نطرح الخلافات الأيديولوجية و الدينية لكافة المجتمعات و الشعوب جانبا - و لنسأل التساؤل الآتي:

ما هي نوعية المعلومات أو القضايا التي يمكن تمريرها ببساطة بين جميع الأفراد بغض النظر عن هوياتهم و دينهم و مجتمعهم - بدون إختلاف - بل و بدون القدرة على الإختلاف؟


و دعنا نعود للخلف قليلا في موضوعنا الحالي في:
ما هو اليقين و كيف يستقي الإنسان يقينه؟

كنا قد حددنا طرق تمرير الأفكار / اليقين بين البشر بالآلية:

1- لدي يقين بقضية ما.
2- أطرح القضية على فرد مختلف - أي أخرجها من داخلي (يقيني الشخصي) بأي وسيلة نشر - لكي أعرضها على الشخص الآخر في صورة موضوع / فكرة / أفكار محاولا إقناعه بها و تحويل هذا اليقين الشخصي الذي عرضته في صورة فكرة موضوعية - تحويله ليقين لدى هذا الشخص الآخر.
3- الشخص الآخر يفكر / يحلل القضية التي عرضتها - لكي يقبلها أو يرفضها.

في هذه الآلية تكون الفكرة ذاتية في الخطوة 1 ثم موضوعية في الخطوة 2 ثم تعود لتكون ذاتية في الخطوة 3

و الحالة الموضوعية للفكرة هي الحالة التي تكون فيها الفكرة موضوع خارجي قيد الإختبار و الحكم - قبل التمرير للغير هي ما يهمنا بالأمر كله.

و نعلم جميعا أنه توجد أفكار / قضايا يمكن تمريرها بسهولة بين البشر بغض النظر عن إنتماءاتهم - و في المقابل توجد أفكار / قضايا دون تمريرها الدماء. فهل لنا أن نحاول تحديد نوعيات هذه و تلك من القضايا؟
حسنا سوف يقوم المتلقي بتحليل أو غربلة القضية أو الفكرة لمطروحة عليه و هذا حسب تصنيف القضايا الذي كنا قد حددناه بنفس الموضع السابق كالآتي:

1- قضايا ذاتية اليقين: و هي قضايا تجريدية بالكامل و لا تحتاج للتجريب بالعالم الخارجي و هي القضايا المنطقية و الرياضية من أسهلها و إلى أعقدها شكلا. و في هذه الحالة فالمتلقي سوف يعمل ما عنده من قوانين موجودة مسبقا و كبنية تحتية للعقل الإنساني على هذه القضية للتيقن من صحتها أو عدمه.
و كمثال (1+1=2 سوف تعتبر قضية صحيحة) و (1+1=3 سوف تعتبر خاطئة) سواء كان المتلقي من الشرق أو الغرب - مسلم أم هندوسي. سوف تمر تلك النوعية من القضايا بين الذوات العاقلة بدون مشاكل. و لن يختلف الأمر في أعقد القضايا الرياضية و المنطقية سوف يحتاج المتلقي للخبرة الزائدة لتمكينه من تحليلها و تفكيكها لصورها البسيطة ثم الحكم عليها أيضا.
2- قضايا غير ذاتية اليقين تحتاج للتجريب / اليقين الخارجي: و فيها سوف يقوم المتلقي بتمريرها أولا و آليا على مصفاة المنطق لكي يتأكد من عدم تناقضها الذاتي - أي أنها ممكنة منطقيا - ثم إذا كانت كذلك يبدأ ببحثها خارجيا و تنقسم تبع هذا لثلاثة حالات فقط:
(أ) قضايا غير ممكنة منطقيا: و هي قضايا خارجية لكنها متناقضة ذاتيا و هنا فالقضية لا يلزم تجريبها خارجيا
و في هذه الحالة لن يتعب المتلقي نفسه بذلك لأن القضية لم تمر على مصفاة المنطق.
و كمثال (يوجد كلب أسود بالغرفة و لا يوجد أي كلاب بالغرفة) قضية متناقضة و مرفوضة مسبقا و لن تستدعي المتلقي لدخول الغرفة من الأساس.
(ب) قضايا ممكنة منطقيا و يمكن إختبارها بالعالم الخارجي: و هنا بعد أن مرت القضية بنجاح على مصفاة المنطق سوف يذهب المتلقي للتأكد من كلامي بنفسه - و قد يكون كلامي صحيحا - أو خاطئا.
و كمثال (يوجد كلب أسود بالغرفة) - (الجو بارد بالخارج) - (درجة غليان الماء 100 مئوية) - (المقذوفات تسير على شكل قطع ناقص) - و هكذا إلى أعقد القضايا مثل (الزمن يتباطأ حال زيادة السرعات لما يقترب و سرعة الضوء) كل هذه القضايا ممكنة منطقيا و قابلة للتجريب و التأكد بالعالم الخارجي سواء أبسطها و بواسطة أي فرد أو أعقدها و بواسطة إمكانات هائلة و معقدة - إلا أنها تظل ممكنة التجريب و هذا لكلا الإثبات و النفي خارجيا بلا أي حساسيات لدى المتلقي.
(ج) قضايا ممكنة منطقيا و لا يمكن إختبارها بالعالم الخارجي: و هنا و برغم أن القضايا ممكنة منطقيا إلا أنها تحمل في ذاتها إستحالة التيقن الخارجي - لكي تظل مجرد إحتمال.
و كمثال (الغرفة مليئة بكائنات غير مادية لا يمكن أن نراها) - (الغابة مليئة بأرواح الموتى من أسلافنا) - (حين نموت نذهب للجنة - للناحية الأخرى من الشاطئ - للجزيرة المقابلة - للسماء - نتلاشى - .... و إلى آخر تلك الإحتمالات) - (يوجد إله واحد خلق العالم - يوجد عدة آلهة - لا يوجد آلهة على الإطلاق .. إلخ).
جميع تلك القضايا لا يمكن التأكد من صحتها أو عدمه و هنا يسقط بيد المتلقي - فكيف يوافقني على كلامي أو لا يوافقني ؟؟
و يمكننا الرجوع للحوار الكوميدي أحيانا بين أتباع الديانات المختلفة - و الذي ينتهي عادة بالسب و القذف - إن لم يكن بالدم - بلا نتيجة ترجى منه.

و الآن - أين العلم من كل هذا؟؟
العلم لا يهتم إلا بالبنود:
البند (1) و تهتم به العلوم الصورية التجريدية (الرياضة و المنطق).
البند (2 - ب) و تهتم به العلوم التجريبية مثل الفيزياء و الكيمياء و البيولوجي .. إلخ.


العلم ببساطة و وضوح هو إستخدام طرق التيقن الإنساني و التي لا و لم يختلف عليها على مر التاريخ. و لا بإختلاف العقائد - و لا العادات و لا التقاليد و الأخلاق.
العلم هو منهج إستخدام البني شديدة التحتية للعقل الإنساني - من البدائي لشديد الحداثة - أي أن العلم قديم قدم الإنسانية - و ليس منتج مخترع.

المنهج العلمي هو منهجة و تقنين الطريقة التي طالما إعتمدها بنو البشر للتيقن بعد تصفيتها من الشوائب الميتافيزيقية و غير القابلة للحكم نهائيا بينهم.
و المنهج العلمي منتج غير مخترع - لكنه مجرد البنية التحتية لكامل العقل الإنساني بعد تصفيتها. و بالتالي طبعا فالمنهج العلمي و العلوم بالكامل لا تمثل أيديولوجي على وجه الإطلاق - و لا يمكن بحال إعتبارها منتج لحضارة معينة أو جنس بشري معين.
و رفض العلوم و المنهج العلمي (بإعتباره أيديولوجي) هو ببساطة رفض صريح للإنسانية بالكامل. و خروج من دائرة العقلاء للمفصومين.
و فرضية رفض المنهج العلمي في حقيقتها فرضية متناقضة ذاتيا و لا تستقيم - لأنه لن يستقيم بعد رفض الطرق التي يفكر بها الإنسان أصلا و يستطيع أن يحكم بها على أي قضية كانت - لن يستقيم أن يرفض أو يقبل أي شئ !!
إن رفض العلم و المنهج العلمي هي دعوة صريحة للجنون و الفوضى - و في الواقع فإن الداعي لها غير صادق و لا متوافق ذاتيا - هذا إن كان أصلا من العقلاء - لأنه يستخدم العلم في كل لحظة من حياته - و لا أقصد هنا إستخدام المنتجات التكنولوجية مثلا - فحتى لو عاش منعزلا بخيمة من صوف الجمل بصحراء قاحلة - فلو قالت له زوجته أنه يوجد ثلاث خراف تائهة فسيستخدم الرياضة ليعلم و يتيقن أن باقي خرافه سبعة (لأنه يعلم أن مجموعها عشرة) - ولو شك بكلام زوجته فسيخرج لعد خرافه بنفسه خارج الخيمة - و فضلا على ذلك فلو هبت ريح عاصفة فسيربط نفسه بالنخلة لعلمه (بالتجربة) أن خيمته العزيزة لن تحتمل الريح ... إلخ.
إن رفض المنهج العلمي هو رفض كل ما نعلمه و نتعامل به مع الواقع و مع أنفسنا و مع الآخرين - إنه تناقض مأساوي - و في حقيقته مجرد ثرثرة فارغة قائلها غير أمين مع نفسه.


و الآن هل مازالت مجرد مصادفة أن يحلو لنا إعتبار العلوم نوعا من الأيديولوجي؟
أم أنها مجرد حيلة نفسية لكي نستطيع أن نقول (مجرد القول) أننا نرفضه و نترفع عنه؟ واضعين رؤوسنا في الرمال في نفس الوقت الذي لا نستطيع فيه نهائيا أن نرفضه في الواقع؟


يتبع ،،