حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: المدونــــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=83) +--- الموضوع: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول (/showthread.php?tid=6939) |
كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 05-13-2008 "حزب الله" في المسار الأخير GMT 0:15:00 2008 الثلائاء 13 مايو الاتحاد الاماراتية -------------------------------------------------------------------------------- عبد الوهاب بدرخان أنْ نفهم ما يجري في لبنان، يعني ألا نصدّق أن اللاعبين الحقيقيين، تحديداً إيران وسوريا، يريدون تهدئة. ذهبوا إلى حد تشويه سمعة "المقاومة"، وتلويث شرعيتها، بدفعها إلى انتهاك الحرمات والتنكيل بالمواطنين وإسكات المؤسسات الإعلامية. تجاوزوا كل الضوابط مندفعين إلى نقطة اللاعودة، فلا يريدون الآن دولة ولا حكومة في لبنان، ويحبذون إزكاء الفتنة المذهبية وتحويل الشوارع خطوط تماس، توخياً للفوضى، وإذ لم يتعرضوا للجيش بعد، فلأنهم حَددوا له دوراً ينفذه أو يواجه خطر الانقسام والتشرذم. اقرأوا التوجهات الإيرانية- السورية في كلام حسن نصرالله، وهو بات يستخدم النفي توضيحاً للمقاصد، كان ينفي، مثلاً، استخدام سلاح "المقاومة" ضد الداخل اللبناني، وقبل أيام جدد مثل هذا التعهد، فإذا به يعطي إشارة الانطلاق لاستباحة بيروت. تحدث باحتقار عن خصومه المفترض أنهم مواطنوه:"لو أردنا القيام بانقلاب لاستيقظوا في السجون أو في البحر"، وعن الدولة والجيش: "لو أردنا انقلاباً لكان حصل منذ زمن"... إذاً فلا أثر في تفكيره للدولة، ولا للدستور والمؤسسات والقوانين، ولا لمواطنيه الذين لا يشاطرونه الرأي والموقف. عبثاً يُخاض الجدل في التفاصيل المباشرة للأزمة، أو حتى في الأسباب التي شكلت ذريعة لشن حرب رداً على "إعلان حرب" تبنته الحكومة ضد "حزب الله"، تراجعت الحكومة عن قرارين اتخذتهما، لكن تراجعها لم يكفِ، كما لو أن المطلوب منها أن تركع وتذلّ. أما قمة العبث، فنجدها في اشتراط الاستجابة للدعوة التي أطلقها رئيس المجلس إلى الحوار. فالذي يدفع بعناصره وبحلفائه ليعيثوا الفساد في بيروت، يأمر خصومه المستسلمين أن يمثلوا أمامه ليحاورهم. إنها اللعبة نفسها تُلعب بلا كلل، فلو كان حل الأزمة هو الهدف لأمكن حلها منذ زمن، بالسياسة طبعاً، لكن الهدف كان ولا يزال إطالة الأزمة ما دامت توظف في الصراع الإقليمي والدولي. هناك حرب هائمة في المنطقة، متأرجحة بين الخليج والشرق الأوسط، وها هي تفشي سرها الشائع في لبنان. تحرك "حزب الله" على سبيل الاحتياط واستباقاً لاستهدافه وحشره في الزاوية، خطأه أنه يضحي ببلده تأميناً لبقائه ودرءاً للخطر على سوريا وإيران، ولا شيء يضمن أن ينجح في هذه المهمة. خطأه أنه تورط، بل سيتورط أكثر، ولا يعلم ما إذا كانت سوريا وإيران ستتمكنان من حمايته. هذا الحزب الذي بنى مجداً مستحقاً في القتال مع إسرائيل، اختار تخريب وطنه كأنه يشارك بهذه الطريقة في احتفال إسرائيل بالذكرى الـ60 لإنشائها. أخذ لبنان واللبنانيين رهائن كما لو كان يخوض آخر معاركه، تتويجاً لمسيرته التي نالت التقدير والإعجاب عربياً وإسلامياً وحتى دولياً. قمة شرم الشيخ، بحضور جورج دبليو بوش، تبدو بالنسبة إلى السوريين والإيرانيين بالغة الخطورة، لأن بوش سيأتي من إسرائيل، ولأنها ستكون زيارته الأخيرة للمنطقة بل قبل أن يغادر منصبه، وأيضاً لأن القمة تنعقد في مناخ توتر وتأهب، وغداة وعيد أميركي بـ"صيف ساخن". والرد على هذا الوعيد بدأ في لبنان، وينبغي أن يستكمل "الانقلاب" فيه لتضمن سوريا وإيران، ولا سيما إيران، ورقة للمساومة في حال اضطرتا لمواجهة حرب على إحداهما، والأرجح على سوريا. لكن "حزب الله"، الذي تحول إلى ميليشيا، قد يتوصل إلى سيطرة ما مؤقتة على لبنان، إلا أنه لا يضمن اليوم التالي، فهو فشل في القراءة الواقعية لدوره في الداخل كمساهم حيوي في بناء السلم الأهلي. يختلف "حزب الله" عن سوريا، وعن إيران، بكونه جزءاً أساسياً من مكونات المجتمع اللبناني، كيف خانته ذكاؤه معرفته بحقائق البلد، فلم يدرك أن جماعة النظام السوري تمادت في الإساءات والانتهاكات لأنها ستنسحب في نهاية المطاف، وقد انسحبت. لماذا بدأ "حزب الله"، إذاً، من حيث انتهى السوريون على رغم أنه لن ينسحب، وبالتأكيد لن يستطيع مصادرة البلد أو تغيير روحه وصيغته؟ لا عجب، بعد ذلك أن يفشل "الانقلاب" طالما أنه بُني على أخطاء. كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 05-15-2008 أسئلة برسم المعارضة غسان شربل الحياة - 15/05/08// لنفترض أن زعيما بارزا في المعارضة اللبنانية وافق على استقبال صحافي محايد. ولنفترض ان الصحافي يسعى الى مساعدة قراء الصحيفة على معرفة خلفيات وحصيلة هذا الاسبوع القاتل الذي عاشه اللبنانيون. وهو بالمناسبة اسبوع أعاد الى الاذهان ذكريات الحروب السابقة وبعض ممارساتها الأشد هولاً. يمكن ان نتصور اسئلة من القماشة التالية: اذا كان يمكن اعتبار القرارين اللذين اتخذتهما حكومة الرئيس فؤاد السنيورة خطأ يتضمن سوء تقدير لحساسية الموضوع وخطورة التوقيت ألا يمكن اعتبار إقدام المعارضة على إطلاق الرصاصة الاولى في شوارع بيروت خطأ يعكس سوء تقدير لحساسية التركيبة اللبنانية، وهو ما يجعل من الخطأ خطيئة قاتلة؟. هل اتخذ قرار الإطباق على بيروت الغربية بالإجماع وماذا كان موقف الرئيس نبيه بري وموقف العماد ميشال عون؟. هل كان قرار الإطباق هو الخيار الوحيد المتاح للمعارضة، ولماذا لم ترد مثلا بتظاهرة مليونية وضغوط لا مكان فيها للسلاح خصوصا أن الحكومة غير قادرة اصلاً على وضع معظم قراراتها موضع التنفيذ، فكيف حين يتعلق الأمر بموضوع حساس اعتبرت المقاومة انه يمس شيئا يتعلق بسلاحها وسلامة المسؤولين فيها؟. هل اعتبرت المعارضة ان في استطاعتها محاصرة سعد الحريري في منزله في قريطم من دون ان تشعر الطائفة السنية بأنها محاصرة معه؟ وهل اعتبرت انها قادرة على محاصرة وليد جنبلاط في كليمنصو من دون ان تشعر الطائفة الدرزية بأنها محاصرة معه؟ وهل تعتقد ان بإمكانها محاصرة سمير جعجع في معراب من دون ان تعتبر الطائفة المارونية انها محاصرة معه على رغم تقديرنا لـ «الصديق وقت الضيق» العماد عون؟. هل اعتبرت المعارضة ان باستطاعتها كسر ارادة رموز الموالاة من دون كسر ارادة طوائف ومناطق؟ وهل كان إرجاء موعد الاطباق على معراب خوفا من اشتعال الحساسيات أم خوفا من تراجع شعبية عون اذ ان ابناء المنطقة سيعتبرون انه يشكل غطاء لعملية الاطباق هذه وهو ما لا طاقة له على احتماله؟. هل تعتبر المعارضة ان شعبية الحريري في ختام اسبوع الاضطرابات القاتل تراجعت عما كانت عليه قبل الطلقة الاولى، ام ان العملية حققت عكس ما رمت اليه؟ يمكن طرح السؤال نفسه بالنسبة الى جنبلاط. كيف تفسر المعارضة حالة الحرج التي ظهرت في تصريحات سليم الحص وعمر كرامي وطلال ارسلان وشخصيات اخرى معروفة بتأييدها للمقاومة؟. هل كان قرار توسيع عملية الاطباق الى الجبل حصيفا ام انه شكّل عمليا هدية لجنبلاط ولمعسكر 14 آذار كونه اظهر ان عملية كسر التوازن والارادات ستغرق البلاد في حرب شاملة وان للطوائف والمناطق قدرة استثنائية على المقاومة وبغض النظر عن افتقارها الى الترسانة الضرورية لخوض نزاع طويل؟. كيف تقوّم المعارضة انعكاسات هذا الاسبوع على رصيد المقاومة خارج الطائفة الشيعية وهل كان من الضروري وضع رصيد المقاومة في مواجهة مع رصيد رفيق الحريري لبنانيا وعربيا؟. هل يمكن القول ان المعارضة مستعدة للوصول في مجازفتها الحالية الى حد إطاحة الرئيس فؤاد السنيورة بالقوة والتسبب في تفكك الجيش اللبناني وانسحاب القوات الدولية من جنوب لبنان؟ وهل هي قادرة على مواجهة خطر اعلان لبنان دولة فاشلة او فرض العزلة العربية والدولية عليه؟. هل كان توقيت الطلقة الاولى وليد حسابات محلية ام انه مرتبط ايضا بالضعف الذي ينتاب ادارة اميركية تتأهب للرحيل، وهل تعتبر عملية الاطباق على بيروت دليلا على تصاعد مناخات المواجهة بين معسكر الممانعة ومعسكر الاعتدال في المنطقة؟. هل يمكن القول ان ما جرى لم يكن سوى بروفة لسيناريو الضربة القاضية الذي يمكن اللجوء اليه في جولة مقبلة وتوقيت اكثر ملاءمة؟ وهل يحتمل لبنان اسلوب الضربة القاضية، وماذا عن التجارب السابقة في هذا السياق؟. انها مجرد اسئلة يحلم الصحافي بطرحها خدمة للقراء. اقدر من يجيب عليها هو السيد حسن نصرالله. هل نستطيع الزعم بأنه اجاب حين تحدث في اطلالته الاخيرة عن مرحلة جديدة؟ يمكن للرئيس نبيه بري ان يجيب بثراء لغته وقدرته على ابتكار المعادلات وتأجيل الجلسات. يمكن للعماد عون ان يجازف بالإجابة فهو صاحب تاريخ في المجازفات. كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 05-17-2008 اللجنة الوزارية العربية تسأل: «حزب الله - ستان»... أم لبنان؟! سليم نصّار الحياة - 17/05/08// سُئل مرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الطريقة التي يستخدمها للتغلب على خصومه السياسيين، فأجاب: بواسطة الجودو... المصارعة اليابانية! ولما طلب الصحافي مزيداً من الايضاح، قال له بوتين: تعتمد رياضة الجودو تقنية دفاعية تختلف عن تقنية المصارعة العادية، أي أنها تستغل قوة الخصم واندفاعه المتهوِّر بحيث يفقد توازنه ويسقط على الأرض. في وصف الأزمة اللبنانية الحالية، أشار بعض المحللين إلى أن السيد حسن نصرالله، استخدم تقنية الجودو السياسي، لإسقاط حكومة فؤاد السنيورة، أي أنه وظّف القرار المتهور المتعلق بشبكة الاتصالات والعميد وفيق شقير لشن حملة إعلامية وأمنية بدأت بالتهديد في مؤتمره الصحافي، وانتهت بهجوم واسع قامت به فرقة «سرايا المقاومة» ضد جماعة سعد الحريري ووليد جنبلاط. وقد تشكلت فرقة «سريا المقاومة» منذ سنتين تقريباً بهدف توفير أمن المقاومة الإسلامية داخل لبنان، في حين بقيت عناصر «حزب الله» مستنفرة في مواقعها على الحدود. ويقدر عدد أفراد «سرايا المقاومة» بستة آلاف مقاتل، بينما يتراوح عدد أفراد «حزب الله» بين عشرة آلاف والعشرين ألفاً ما عدا قوات الاحتياط. في خطابه الناري اتهم السيد حسن نصرالله الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بالوقوف وراء اصدار القرار. وبحسب معلومات «حزب الله»، حاول فؤاد السنيورة وسعد الحريري تأجيل قضية شبكة الاتصالات وموضوع نقل العميد شقير من المطار. لكنّ اصرار جنبلاط وتهديده بسحب وزرائه من الحكومة، دفعا السنيورة إلى تبني القرار وارساله بصورة شكوى إلى مجلس الأمن. لهذا السبب طالب السيد نصرالله في كلمته بضرورة إلغاء القرارات غير الشرعية لـ «حكومة وليد جنبلاط» غير الشرعية. وكان بهذا التعريف يركز على ابراز دور جنبلاط المؤثر في قيادة سفينة الحكم وفي توجيه مسار الحكومة. النعوت المسيئة التي أطلقها نصرالله على جنبلاط، كانت موضع تساؤل لدى القيادات الدرزية التي تعتبر وريث كمال جنبلاط «ابن عمود السماء». وهي تعتقد بأن حملاته المتواصلة ضد إيران و «حزب الله» وسورية، لا تبرر تصنيفه في قائمة «الكذابين واللصوص والقتلة». ويرى أنصار جنبلاط أن التهجم عليه في المؤتمر الصحافي، ومحاصرة منزله في كليمنصو، واستهداف القرى المؤيدة له في الجبل: كل هذه الخطوات كانت مبرمجة سلفاً من أجل ارغامه على مغادرة البلاد أو الاستسلام الكامل. وربما شعر بدنو أجله اثناء الحصار فارتضى بتسليم الأمر إلى خصمه السياسي الأمير طلال ارسلان. ويقال في هذا الشأن إن «حزب الله» كان يهيئ لاحلال الأسير الدرزي سمير قنطار محله، عقب الإفراج عنه من السجن الاسرائيلي. وعندما تحدث السيد نصرالله في مناسبة ذكرى عاشوراء عن وجود اشلاء لجنود اسرائيليين جمعت خلال حرب صيف 2006، انما كان يشير الى احتمال نجاح الوساطات الأوروبية بهذا الخصوص. وكان من المتوقع اطلاق سراح سمير قنطار واستقباله بحشود ضخمة في بلدته «عبية»، حيث ينادى به زعيماً وطنياً مقاوماً بديلاً من وليد جنبلاط. في رأي الوزير مروان حمادة ان «حزب الله» سقط في فخ الذين صوروا له ان الدروز في جبل لبنان الجنوبي مستاؤون من موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ووزرائه. وبما ان الذي يسيطر على جبل لبنان تمكنه السيطرة على المتن والبقاع الغربي، لذلك توقعت قيادة «حزب الله» ان تؤدي مهاجمة معاقل الجنبلاطيين الى تأجيج الانتفاضة ضدهم. ومثل هذا التصور الخاطئ قاد الى تراجع المهاجمين أمام وحدة الجنبلاطيين والارسلانيين الذين تعاونوا على استبعاد ما وصفوه بـ «الخطر الخارجي». ونتج عن هذا التعاون الأمني الاجتماع الاستثنائي برئاسة شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن بحضور أكثر من ألفي شخصية دينية. وتنادى الكل الى العمل على وحدة الطائفة وتماسكها انطلاقاً من الايمان «بحفظ الاخوان» كعقيدة في كل زمان ومكان. والمعروف عن «بني معروف» أنهم وضعوا هذه الوصية في قائمة الوصايا السبع التي أطلقها زعيمهم الروحي حمزة بن علي (1020م). وأمام هذين الخيارين اكتشف طلال ارسلان انه من مصلحته تجيير التفويض الذي أولاه إياه وليد جنبلاط الى الجيش اللبناني. الملاحظ خلال هذه الأزمة ان الجيش النظامي اللبناني تعرض ايضاً لحملة تشكيك في استقلاليته وحياده، بخلاف دوره في نهر البارد. لذلك اتهمته جماعة 14 آذار بمؤازرة أنصار «حزب الله» و «أمل» على تنفيذ اقتحام مراكز «تيار المستقبل» عن طريق المساعدة على إخلائها. وكان من الطبيعي ان يثير هذا التصرف استنكار نواب الأكثرية الذين اقلقهم وقوف الجيش في موقع المتفرج، خصوصاً بعدما أظهرت شبكات التلفزيون صور عناصر «حزب الله» و «أمل» في بيروت الغربية وهي تقتلع الاعلام اللبنانية وتثبت مكانها اعلام الحزبين. تماماً مثلما فعلت «حماس» في انقلاب غزة. وبسبب القلق الناتج عن سلوك مغاوير الجيش صدرت عن غالبية الوزراء والنواب صيحات تطالب بضرورة إحياء نظام الميليشيات المسلحة لأن الجيش في نظرهم منحاز لـ «حزب الله». واشيع في هذا الوقت ان عدداً من الضباط المسيحيين قرر الاستقالة من الجيش احتجاجاً على سياسة التبعية والانحياز. ودحضاً لهذه الاشاعات أصدرت مديرية التوجيه في اليرزة بياناً نفت فيه هذه المزاعم، مشددة على تماسك الجيش في أداء دوره الوطني. يقول أحد كبار الضباط ان هناك انطباعاً خاطئاً لدى الرأي العام، بأن نسبة الشيعة داخل الجيش المؤلف من 60 ألف عنصر، هي الطاغية. وأكد أن هذه المغالطة تعود الى مرحلة بناء الجيش النظامي مطلع التسعينات عندما رفض المسيحيون الالتحاق بجيش يعتبرونه من صنع سورية. ومع تنامي دور «حزب الله» التحق عدد كبير من جنود الشيعة بصفوف الحزب، الأمر الذي سمح بازدياد نسبة عدد السنة. وانتهى الضابط الكبير الى الاعتراف بأن قيادة الأركان منحازة سياسياً لـ «حزب الله». وهذا ما دفع العماد سليمان الى مصارحة ديفيد ولش بأنه في حال ظهور حكومتين، فإن الجيش يقف على الحياد. وهذا معناه أن وحدة الانضباط قد تفرط أمام أول امتحان، مثلما حدث خلال حرب 1975-1989. في المؤتمر الصحافي الذي عقده السيد حسن نصرالله قبل الأحداث بيوم واحد، شدد على بعض نقاط الخلاف، فقال: هناك مشروعان يتصارعان، احدهما وطني مقاوم شريف... والآخر مشبوه وعميل. وكان بهذا الوصف يكرر رسم الصورة السياسية التي فجرت ثورة 1958، يوم اصطدم مشروع حلف بغداد بمشروع جمال عبدالناصر. وانتهى الأمر بعد نزاع استمر أكثر من أربعة أشهر ومقتل 600 نسمة، بالاتفاق على انتخاب رئيس محايد من المؤسسة العسكرية تحت شعار: «لا غالب ولا مغلوب». ويبدو أن التاريخ في لبنان يعيد نفسه بواسطة أشخاص آخرين ودول اقليمية أخرى. الصحف الأميركية استعجلت في رسم نتائج الاقتتال فكتبت جريدة «وول ستريت جورنال» بقلم برث ستيفنز تقول: «إن لبنان سيتحول الى «حزب الله - ستان» في حال استمرت سياسة بوش في مراعاة وضع سورية». ورد بعض الصحف المصرية ليؤكد صورة التماثل بين ما قام به «حزب الله» في لبنان وما فعلته حركة «حماس» في غزة، معتبراً أن الفريقين يحظيان بدعم ايران ومساندة سورية، ولهذا أقدما على افتعال انقلاب عسكري بهدف الاستيلاء على السلطة. ولكن السيد نصرالله رأى ان استخدام السلاح في بيروت والجبل كان بسبب الدفاع عن سلاح المقاومة في الجنوب. ورفض الاتهامات التي تزعم بأنه يريد السلطة، بينما هو يطلب الشراكة والحوار. ومهما اختلفت الآراء في تفسير الهجوم المسلح على بيروت الغربية وجبل لبنان، فإن صورة الانقلاب العسكري تبقى هي الطاغية على عناوين الأحداث. ويرى دوري شمعون ان فشل خطة الاستيلاء على جبل لبنان، اضافة الى انتشار المظاهر المذهبية في طرابلس وعكار، فرض على «حزب الله» تجميد تقدمه باتجاه المتن وجبيل وبيروت الشرقية. وربما ساهمت التصاريح التي أدلى بها زعماء السنة مثل الدكتور سليم الحص والرئيس عمر كرامي، في تسريع التطورات المؤدية الى التهدئة، خصوصاً أن معارك الأيام الأربعة أثبتت أنه من الصعب احراز أي نصر لأي فريق، حتى لو سانده الأسطول السادس أو عبدالناصر... شارون أو أحمدي نجاد... المارينز أو سورية. والسبب للذين يجهلون التركيبة اللبنانية، أن التنوع المذهبي جرد الوطن الصغير من جهاز العصب المركزي، بحيث يصعب كسر عموده الفقري. والدليل أن انحلال الجيش في حرب 1975 خلق بدائل من الميليشيات... واقفال منطقة السوليدير بهدف ارغام تجار بيروت على زيادة الضغط على السنيورة، وخلق بدائل ازدهار في الحمرا والمنطقة الشرقية. وفي ضوء هذا الواقع، وصلت اللجنة الوزارية العربية إلى لبنان لتكتشف أن الأمر الواقع الذي حاول «حزب الله» تثبيته، لا يختلف عن الأمر الواقع الذي أفرزته حرب 1958 وحرب 1975. أي لا غالب ولا مغلوب. يتذكر اللبنانيون صيف 1989 عندما وعدتهم اللجنة الوزارية العربية الثلاثية العليا بحلول مرضية لكل الأفرقاء. وكان مبعوث اللجنة في ذلك الحين الأخضر الإبراهيمي الممثل حالياً بأمين عام الجامعة العربية عمرو موسى. وبدلاً من انتقاء ثلاثة وزراء فقط (المغرب والسعودية والجزائر)، فقد تم توسيع المهمة باختيار ثمانية. ويأمل المواطنون أن تأتي النتائج على مستوى التوقعات، خصوصاً أن رئيس اللجنة هو خريج كلية الشويفات، وأنه عايش أكبر أزمات لبنان في السبعينات ورأى الصواريخ وهي تتساقط على ملاعب كلية شارل سعد. ويبدو أن الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، لم يتذكر جيداً أسباب تلك الحرب، بدليل إعلانه في مؤتمر القاهرة بأن الأزمة اللبنانية هي شأن لبناني. ويقال في تفسير هذا الاستنتاج أنه يسعى إلى تحييد إيران وسورية عن ساحة النزاع بحيث يتسنى له استخدام «الدوحة» منبراً للمصالحة مثلما كانت الطائف سنة 1989. ويتوقع اللبنانيون أيضا من الوزير العماني يوسف العلوي، دوراً في مستوى الدور الذي لعبه يوم كان سفيراً في لبنان. وهو يقرّ بأن بيروت كانت بالنسبة إلى مهمته أفضل جامعة ديبلوماسية تخرج منها. علماً بأن اقتراح الحل من حكومة تتمثل فيها المعارضة والموالاة بعشرة وعشرة وعشرة، تصعب ترجمته بأفضل من حل تقترحه جارة السلطنة إيران. أما بالنسبة إلى الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، فهو يدرك أبعاد الأزمة اللبنانية وخطورتها، بالمقارنة مع الحلول التي تبتكرها البحرين في سبيل الحفاظ على التوازن القائم بين الحكم والمعارضة. في حين يعرف وزير خارجية دولة الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد كم هو صعب أن تكون جاراً لدولة تستبيح فضاءك البحري والجوي والبري. وفي مطلق الأحوال، يبقى أن يأمل اللبنانيون بأن تكون أحداث الأيام الأربعة، درساً للذين لم يدرسوا تاريخ لبنان! * كاتب وصحافي لبناني كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 05-17-2008 بعض المصارحة الأخبار اللبنانية أنسي الحاج أعاد «حزب الله» رسم الخريطة السياسيّة الجغرافيّة بالقوّة لا بالحوار. وإذا جاء وقت الحوار نأمل أن لا يملي المنتصر حواره من فوق. عندئذٍ سيبدأ في الخسارة، ولو كانت غير مرئيّة في البداية. قلنا في كلمة سابقة إن الشيعة أضاعوا (أو ضُيّعت لهم) الفرصة في عزّ الحرمان ونتمنّى أن لا يعودوا ويضيّعوها وهم في ذروة القوّة. وهذا ما قصدناه. وخصوصاً الشيعة. التجبُّر غريب عنهم، ولا تليق المبالغة في استذكار الحرمان لتبرير الهيمنة والتسلّط. ولا نريد لهم أن تأخذهم نشوات الفوز إلى التيه والتحجّر ولا إلى الظنّ بالقدرة على «تربية» الآخرين. لقد سبق لجميع «الآخرين» أن مرّوا بهذه التجارب فصعدوا ثم هبطوا لأنّهم لم يعرفوا المحافظة على توازنهم الذاتي ولا على موقعهم في إطار مجموعة التوازنات. ونِعْم الهبوط، فهو شرط السلام الأهلي لأنّه يعيدنا إلى التواضع إن تعذّرت المحبّة. يجب أن يقول كلٌّ منّا، كل لحظة، أيّاً كانت قواه وقوى الحاضنين له: حذارِ أنْ أخلطَ بين القدرة، وهي عابرة، والعدل، وهو الرحمة للجميع. لا تجوز ممالأة «حزب الله». من مآخذنا على 14 آذار أن متعيّشين كثيرين يداهنون أثرياءها طمعاً بمالهم وبالمال السعودي. يجب أن لا يحمل الخوف ولا المنفعة أحداً على التملّق لـ«حزب الله»، وخصوصاً بعد عرض القوّة الأخير. ويجب أن لا يستدرج مزاج «حزب الله» الآخرين إلى الكذب عليه. كلّما اشتدّ العود تعاظمَ واجب المصارحة. نقول لـ«حزب الله» إن خروجه من ظلال المقاومة إلى وضح نهار السلطة ولو تحت شعار حماية السلاح يُرتّب عليه سماع أصوات العمق اللبناني لا صوت الحاشية المجامِلة. والعمق اللبناني خائف. كان أفضل للجميع لو واجه الحزب قراري الحكومة بأسلوب آخر. قراران لن تستطيع الحكومة تنفيذهما لماذا إقامة الدنيا لإحباطهما وهما محبطان تلقائيّاً؟ وليس في هذه الإشارة تنديد بضعف الحكومة فقط بل استهوال للفرق الذي وصلنا إليه بين سلطة «حزب الله» واضمحلال سلطة الدولة. وليس في هذا كلّه غير مدعاة للهلع. لا أحد يذعن طويلاً للخوف. الخوف من السلطان الفلسطيني ظلّ يتراكم حتّى أوصل اللبنانيين كلّهم، لا أهل الجنوب وحدهم، إلى الترحيب بالإسرائيلي. والخوف، بل الغضب، من القبضة السوريّة أدّى بعد استشهاد الحريري إلى أضخم انفجار شعبي عابر للمناطق في تاريخ لبنان. والخوف من «حزب الله» لن يكون مردوده أفضل بل سيكون أسوأ بكثير لأنّه خوف لبنانيّين من لبنانيّين. فلنتخيّل رفيق الحريري يردّ بكلمة متلفزة على الحوادث الأخيرة. الأرجح، في ذهننا نحن على الأقلّ، أنه كان سيأخذ الأمر بصدره. ودون تمنين. فلنراجع مواقفه. كنّا نتمنّى على سعد الحريري أن يجبر خواطر النائمين على جراحهم بخطاب يعلو على الجراح. يستنكر ويغفر. الشارع ليس في حاجة إلى حكّ جراحه بل إلى بلسمتها. ما أصاب بيروت أبلغ من أن نبكيه. والزعامة تستوجب الإنقاذ. والإنقاذ تضحية. صدمة بيروت السلبيّة تحتاج إلى صدمة إيجابيّة أكبر منها. صدمة لبنان كله لا بيروت. الجبل الجبّار والشمال الضحيّة الدائمة. ولا حاجة إلى تعداد سائر أشلاء هذا الجسد الذي يستبيحه الصراع الإيراني السوري من جهة، والسعودي الأميركي من جهة أخرى، ولا يحدّثنا أحد عن «العدوّ الإسرائيلي المشترك». لنقل بالأحرى «الحجّة الإسرائيلية المشتركة»، «المشجب الإسرائيلي المشترك»، «الحليف الإسرائيلي المشترك». غداً حين يتعاهد العرب، بمَن فيهم أبطال «الممانعة»(!؟)، مع إسرائيل، هل يتذكّر أحد من المسؤولين اللبنانيين أن عليه مطالبة العرب أيضاً، لا إسرائيل وحدها، بالتعويض على لبنان لقاء استعمالهم إيّاه طوال عقود حيناً كرهينة وحيناً كبديل وحيناً كملعب دماء؟ التعويض على شهدائه وعلى عقوله الممزَّقة بالحروب والترويع وعلى أراضيه المُفْرَغة بالهجرة؟ ومع ذلك على «حزب الله» لا أن يتفهّم مرارة سعد الحريري فقط بل أن يفهمها ويفهم أبعادها قبل فوات الأوان. وأن يبادر إلى مدّ الجسور. وأول جسر هو إنهاء الاعتصام في قلب بيروت. اعتصام فَقَدَ مبرّراته وبعد الحوادث الأخيرة لم يعد له أي معنى. كلّ ما يُفسَّر استفزازاً من أي فريق كان يجب إلغاؤه. لقد أخطأت الحكومة خلال سنواتها في تجاهل مطالب المعارضة كما أخطأت في عدم استثمار الوقت لتأسيس مشروع بناء دولة. اكتفت بالاتكال على دماء الشهداء. وما اتُهمت به عهود المارونيّة السياسيّة من غفلة واستئثار وترك الدولة مغانم للمفترسين لم تفعل سنوات حكومة 14 آذار أفضل منه. فراغ متآكل وانسداد آفاق في مواجهة مشروع سياسي ديني حديدي يواصل تقدّمه بلا هوادة. دعم دولي وعربي لا مثيل له لسلطة بلا مشروع سياسي. سلطة عمّدها دم الشهداء وتأييد قواعد شعبية ضخمة ووقعت في الانقسام الداخلي، أيّاً تكن تحريضاته السورية والإيرانية. وقعت ولم تعرف أن تقوم. لا أحد يُنزّه 8 آذار. ولكن لا أحد يستطيع أن يُنكر كون السلطة فوّتت فرصة تاريخيّة لإرساء مشروع بناء دولة لا يعود ممكناً في ظلّها رَهْن لبنان لسوريا وإيران ولا حتّى لأميركا، ولا ممكناً تلزيم حماية لبنان من إسرائيل لطائفة أو حزب، وقبلها إجبار طائفة أو حزب تحت وابل الاضطهاد على الاحتماء بإسرائيل. انتهت؟ مجرّد هدنة؟ ودوماً لغز وليد جنبلاط. رَفْضُه للقتال. حماقة استفزاز الدروز من خلال الاستقواء على جنبلاط. جهل التاريخ. جهل خصائص النسيج اللبناني المتعدّد. التوهّم أن القوّة، قوّة العدد، قوّة السلاح، قوّة الدعم، ترجّح الكفّة. القراءة في ذهن جنبلاط، اليوم خصوصاً، مصباح كاشف. وإذا قُيّض له المضيّ بموقفه اللاعنفي، حريّ بالجميع التأمّل فيه. حريّ بالمنتصرين أوّلاً، إذا سلّمنا بأن أحداً ينتصر ويستطيع أن يظلّ منتصراً في لبنان. نردّد ما نقوله دائماً: في بلد تستطيع جارتاه (وخصوصاً سوريا) أن تتجاذباه ساعة تريدان، يصبح وجود آباء عطوفين حكماء في مناصب المسؤولية سواء داخل الحكم وخارجه واجباً حيويّاً وحتميّاً. ليته كان بالإمكان وضع مثل هذا الشرط في قانون الانتخابات النيابيّة وفي رأس شروط وصول الرؤساء الثلاثة إلى كراسيهم. لبنان بحاجة إلى رحماء يقودونه لا إلى جبابرة يطحنون الجماجم. مجرد علاقة بين شخصين لا تقوم بغير مزايدة في التحابّ. العلاقات بين مكوّنات المجتمع تُساس بالنُبل والمروءة والتضحية والتنازل، والخوف على حياة الناس. وخصوصاً الخوف على حياة الناس. لا أحد بين الزعماء يخاف على حياة الناس. ... والآن، آخر ساعة، نجحت قطر. الحمد لله! وباسم الله الرحمن الرحيم، كما استهلَّ رئيس الوزراء القطري بيانه إلى اللبنانيين! ما السرّ الذي جعل دولة قطر تنجح ولا ينجح مسعى لبناني ـــــ لبناني؟ هل لأن قطر تُوفّق، بسحرها العجيب، بين صداقة سوريا وإسرائيل؟ وبين «القاعدة» الإسلامية والقاعدة الأميركية؟ وبين إيران والخليج؟ وهل المطلوب استنساخ هذا الوضع في لبنان؟ ومَن الطالب؟ نتمنّى أن يكون حظّ اتفاق الدوحة المقبل أفضل من حظّ اتفاق الطائف، وأن لا يكون الأمر مجرد «مناوبة» بين السعوديّة وقطر على خلافة النفوذ في «الساحة اللبنانيّة». كان الأفضل أن تأتي المبادرة من «حزب الله» فيصافح ويصالح ويعطي ويأخذ. كان الأفضل أن يُسارع الأقوى إلى التنازل عوض الاحتكام إلى الآخرين. من لقاءات سويسرا إلى مؤتمرات السعوديّة وفرنسا انتهاءً بقطر، ما هذا البلد الذي لا يكبر عقله إلّا في المهجر؟ وما هذه الحروب التي لا يقطف ثمارها إلّا الآخرون؟ فلننتظر صباح الغد علّنا نقرأ بعض حقيقة ما يحصل عبر تعليقات الصحف... الإسرائيلية! كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 05-18-2008 عيون واذان (لماذا أتوقف؟) جهاد الخازن الحياة - 18/05/08// أعلن اليوم انني قررت مقاطعة الكتابة السياسية العربية حتى آخر الصيف. لماذا أتوقف؟ لأنني أعترض على السياسة العربية كلها، من المحيط الى الخليج وبالعكس، ولا أريد أن أكون شاهد زور. لماذا آخر الصيف؟ لأنني سأعطي نفسي والأمة مهلة، فإذا خرجَتْ من حضيض اليأس والفشل أخرج معها، وإذا بقِيتْ أمدد المقاطعة. سأظل أكتب عن السياسة الدولية، وتحديداً عن أميركا واسرائيل، فهما بلدان ديموقراطيان، ولا يقتلان صحافيين إلا إذا كانوا من «الجزيرة» و «العربية»، أو عراقيين أو فلسطينيين. وسأكتفي من دنيا العرب بالمواضيع الاجتماعية والإنسانية والهاذرة في هروب مع القارئ من الواقع. ربما كان موقف «حزب الله» في بيروت هو تلك القشة الخرافية الأخيرة. كنت دائماً مع المقاومة، ومع السيد حسن نصر الله، ما جعل تأييدي نقطة تجاذب مع الأصدقاء في لندن (اشترطت يوماً على صديقة للعائلة أن تكتب على ورقة «الله ينصر السيد» لأعطيها مصحفاً فخم الطباعة بحروف من ذهب تلقيته هدية). ثم جاء العنف في بيروت، بسلاح يفترض أن يوجه فقط نحو اسرائيل، وهبطنا من مثالية المقاومة والتضحية والصمود الى درك العنف المذهبي، وتعرضت وسائل إعلامية لهجوم من المعارضة، بينما المفروض أن تعتدي الحكومة في العالم الثالث على الإعلام، وسمعنا أن الحزب السوري القومي أحرق مراكز صحف وتلفزيون، هل يشرِّف «حزب الله» أن يتحالف مع حزب فاشستي شعاره زوبعة تشبه الصليب المعقوف؟ أقول عن نفسي انه مضى عليّ في الغربة 33 سنة، ولم أعد أعرف إن كنت سأعود، وما فائدة الهوية اللبنانية إذا كنت ممنوعاً من ممارستها. أدين السياسة اللبنانية إزاء سورية، والسياسة السورية إزاء لبنان، ثم أعترض على كل شيء سياسي بين المحيط والخليج. في المغرب العربي أعترض على فشل المغرب والجزائر في تسوية الخلاف على الصحراء الغربية الذي أتابعه منذ 1975 وجلسة لي مع الملك الحسن الثاني في الرباط. وأدين دولاً طموح كل شاب وشابة فيها الهجرة ولو أكله سمك البحر على الطريق. وفي الشرق أعرف وزراء خارجية مجلس التعاون الستة، وأعرف أنه لا يوجد اثنان منهم على اتفاق في شأن إيران. أرفض موقفهم وأدين إيران، فهي تطوي النفس على أطماع فارسية قديمة، وتتعامل مع دول الخليج الصغرى بفوقية وصــلف وذلك الاستكبار الذي تتهم به أميركا. العراق كارثة الكوارث، وأدين السياسيين فيه كافة والطوائف والإثنيات والعرب والأكراد، خصوصاً الإرهابيين من أمثال القاعدة المجرمة. وأرفض اتفاق النفط قبل أن يصدر، وأي اتفاق بين الحكومة وسلطات الاحتلال يعطي الوجود العسكري الأميركي غطاء قانونياً. لماذا يستقبل زعماء عرب جورج بوش وديك تشيني في بلادنا؟ لماذا تسيبي ليفني؟ الرئيس الأميركي ونائبه مسؤولان عن موت مليون عراقي وتشريد خمسة ملايين آخرين داخل بلادهم وخارجها. هما دمّرا العراق في حرب على أساس كذب وقح وتزوير، ودماء الضحايا تستصرخ السماء طلباً للعدالة. ان الزيارة المنطقية الوحيدة لعصابة الحرب الأميركية (وتوني بلير) يجب أن تكون الى لاهاي للوقوف أمام محكمة جرائم الحرب الدولية. وهكذا فأنا ضد استقبال مجرمي الحرب في بلادنا. أدين مذابح دارفور وأعتبرها جريمة ضد الإنسانية. وأدين الحرب الأهلية في الصومال ووجود أطراف من الدنيا كلها باستثناء العرب. وأدين الاقتتال الطائفي في اليمن. ثم أدين بقاء معمر القذافي في حكم ليبيا أربعة عقود، فشعبها يستحق أفضل. العرب ينهضون ويسقطون مع مصر، وأعترض بالتالي على غياب القيادة المصرية عن العالم العربي. يفترض إذا قال رئيس مصر «يا عرب» أن ينزل مئة مليون عربي الى الشارع لا يسألونه لماذا دعاهم. اليوم السياسة المصرية غير مؤثرة، وغير فاعلة، وغير قائدة، وكل دولة عربية أصبحت دولة كبرى. أدين زعماء الفلسطينيين كلهم، فعلى أيديهم تحولت قضية العرب الأولى الى قضيتهم الأخيرة. أدين الانفصال في غزة، وأدين الأسباب التي جعلته ممكناً، ثم أدين استمرار الانقسام وتدمير القضية بأيدي أبنائها، وتقديم خدمات مجانية لإسرائيل. أتهم القيادات الفلسطينية بالجهل، وبغياب الحكمة والحنكة والرحمة، وأطالب بعزلها (إدانة إسرائيل تحصيل حاصل). أدين الإنسان العربي، جهلاً وتطرفاً وعجزاً عن مواكبة العصر، وإساءة الى دين سلام واعتدال، في زمن أصبحت الرجولة العربية الوحيدة هي الاعتداء على المرأة، وسوء معاملة العمال الأجانب خصوصاً الخادمات. أريد أن تتوقف الكرة الأرضية لأترجّل من عالمنا العربي، ثم أرى في نهاية الصيف هل أستمر في مقاطعة أمة يحرجني الانتماء اليها، أو تعود الأمة وأعود. ملاحظة: (كتبت هذه الزاوية الأسبوع الماضي ثم غيرت رأيي وأوقفت نشرها توقعاً لصيف ساخن قد لا أســتطيع تــجاهل الأحداث فيه. وفي حين انني سأواصل الكتابة السياسية، فإنني أنــشر هــذه الزاوية ليعرف الــقارئ رأيي في هذه الــسياسة وأصــحابها). كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 05-20-2008 حدود دولة حزب الله رفسنجاني اتصل بحافظ الأسد طالبا إعطاء حزب الله قناة تلفزيونية في لبنان.. فولدت المنار (الحلقة الأخيرة) مؤيدون لحزب الله يرتدون أساور تحمل صورا لحسن نصر الله وشعار الحزب (رويترز) لندن: منال لطفي إذا كان لحضور.. أو غياب شخص واحد، أن يغير مسار تاريخ حركة سياسية في بلد ما، فإن هذا يمكن ان ينطبق الى حد كبير على حضور ثم غياب مؤسس حركة أمل السيد موسى الصدر. تغييب موسى الصدر في أغسطس (اب) عام 1978، اي قبل نحو 6 اشهر من نجاح الثورة الإيرانية لم يكن تغييبا لفرد، بل كان تغييبا لطريقة في التفكير، وطريقة في النظر والرؤية. لم يؤثر غياب الصدر فقط على مصير حركة امل التي همشت بغيابه وبالتالي على مصير لبنان، بل اثر أيضا على مسار ومآل الثورة الإيرانية التي، وبعد عامين من نجاحها، سيطر عليها رجال الدين بينما تم تهميش الليبراليين والقوميين فيها. في الواقع كان هناك خط ربط دائما بين تحولات الثورة في إيران، وبين ما جرى في لبنان عبر سورية. فالحرب مع العراق، أضعفت التيار الليبرالي والقومي في الثورة الإيرانية لصالح التيار المحافظ ورجال الدين الذين رأوا ان خير وسيلة لحماية الجمهورية الإسلامية من الاعداء هي تصدير أفكار الثورة ونموذجها الى المنطقة. كان هناك مكانان نموذجيان من حيث المبدأ لتصدير أفكار الثورة الإيرانية، هما العراق ولبنان. فقائد الثورة الإيرانية آية الله الخميني كان في النجف خلال سنوات نفيه من إيران، كما أن إيرانيين من المقربين للخميني نشطوا في لبنان قبل سنوات من نجاح الثورة الإيرانية عام 1979. لكن العراق لم يكن أسهل الأهداف آنذاك لتصدير أفكار الثورة بسبب نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي دخل في حرب مع إيران الثورة، ما عنى أنه لا يمكن لإيران أن تنشر نموذج ثورتها لأنها ببساطة لم تكن تمتلك لا «الممر» ولا «المؤسسات» ولا «الناشطين بالداخل»، وأن كان هناك «متعاطفون» خرجوا أغلبهم من العراق وتوجهوا الى إيران على أمل اطاحة صدام يوما ما. لبنان كان ساعتها البلد الثاني الذي يمكن أن يكون أرضا خصبة لتقبل أفكار الثورة الإيرانية. فحركة المحرومين الذي قادها موسى الصدر تحركت مبكرا في لبنان تحت عنوان إزالة الحرمان الذي عانت منه الطائفة الشيعية. وخلال سنوات قليلة باتت حركة أمل واسعة النفوذ بسبب المؤسسات الاجتماعية والدينية والسياسية التي أسستها، وبسبب الكاريزما التي تمتع بها الصدر، وشخصيته المنفتحة لبنانيا وعربيا واقليميا ودوليا. فهو وان كان شيعيا، إلا أنه كان شيعيا لبنانيا عربيا بالأساس. لكن وفيما كانت هذه الصفات هي التي جعلت من موسى الصدر زعيما لا منافس له وسط الشيعة في لبنان، فإن نفس هذه الصفات أثارت شيئا من عدم الثقة به من قبل بعض المقربين من الخميني الذين لم يفهموا او لم يعجبوا ببعض تحركات الصدر ومن بينهما لقاء الصدر مع شاه إيران في السبعينات طلبا للعفو عن رجال دين حكم عليهم بالاعدام، وعلاقته التنظيمية الوثيقة بحركة «تحرير إيران» الليبرالية المنفتحة التي كان قادتها والناشطون فيها من ابرز المشاركين في ثورة اطاحة الشاه. عندما غيب موسى الصدر وجدت حركة أمل نفسها حائرة في طريقة التعامل مع الثورة الإيرانية وقائدها آية الله الخميني. وكما يقول المفكر اللبناني هاني فحص الذي كان خلال تلك السنوات ضابط ارتباط بين فتح وبين الثورة الإيرانية لـ«الشرق الأوسط»: «غيب الامام الصدر، وترك وراءه المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الذي كان حائرا في علاقته بالثورة، لا يريد المغامرة وعلاقته غير وثيقة بالامام الخميني، ومن هنا كان اصراره على استجلاء موقف السيد الخوئي من الثورة (علاقة حركة أمل مع الخميني كانت محصورة بأشخاص في لبنان، وعندما غاب موسى الصدر توجه قادة أمل الذين لم تكن لهم علاقة مع الخميني، الى الخوئي ليسألوا رأيه في الثورة الإيرانية والخميني وكان هذا موقفا طبيعيا لان الخوئي كان هو المرجع الشيعي)، خاصة بعد تعرض الخوئي لمضايقات من النظام العراقي واجباره له على استقبال فرح ديبا، ما ظهر معه وكأن الامام الخوئي معاد للثورة وللامام الخميني، واضطر للتصريح بأنه كان وما زال ضد نظام الشاه الفاسد.. ونحن نذكر ان السيد الخوئي قد رحب بمجيء السيد الخميني الى النجف بعد ما شكا نظام الشاه من ان الدولة التركية لم تستطع الزام الخميني بعدم ممارسة نشاطه ضد النظام الايراني وطلب اعادة نفيه الى النجف ليكون جزءا من الحوزة وانشغالاتها العلمية بعيدا عن السياسة. وترك الصدر وراءه كذلك حركة أمل التي كان من المفترض ان تندفع نحو الثورة.. وقد اندفعت الا ان هناك سدا وقف في وجهها وعقد علاقتها بايران». أما الأسباب التي أدت الى تصعيب العلاقات بين حركة أمل والخميني فيمكن تلخيصها، كما قال السيد على الأمين مفتي صور وجبل عامل لـ«الشرق الأوسط»، في الاحباط داخل أمل من الطريقة التي تعاملت بها إيران مع قضيتين حساستين بالنسبة لحركة أمل، وهما مسألة اختفاء السيد موسى الصدر، والخلافات بين أمل والتنظيمات الفلسطينية في لبنان. ويتابع الامين: «كان لديهم (حركة أمل) آمال كبيرة في أن القيادة الجديدة في ايران ستعمل على إنقاذ الإمام الصدر وإعادته الى لبنان من ليبيا، خصوصا أن قضية اختطافه وتغييبه كانت لا تزال حاضرة بقوة على الساحة اللبنانية، ولم يكن قد مضى عليها سوى بضعة أشهر، وقد توقعت حركة أمل أن تكون ايران الجديدة إلى جانبها في الصراع الدائر بينها وبين التنظيمات الفلسطينية والأحزاب اليسارية اللبنانية التي كانت تسيطر على الجنوب وكثير من المناطق اللبنانية، وكانت حركة امل وقتذاك تحمل لواء الدفاع عن الشرعية اللبنانية داعية الى بسط سلطة الدولة على كامل تراب الوطن اللبناني. ولكن الذي جرى من القيادة الإيرانية الجديدة كان مخالفا لكل تلك التوقعات والآمال التي عقدتها عليها حركة أمل وقواعدها الشعبية فبدأت تلك العلاقة العاطفية تتبدل وتراجع التأييد الشيعي لإيران، فهي لم تعمل شيئا لقضية الإمام الصدر ووقفت الى جانب التنظيمات الفلسطينية في لبنان وبدأ الخلاف السياسي والثقافي يظهر بين ما نشأت عليه حركة أمل والطائفة الشيعية اللبنانية من ثقافة وسياسة قائمتين على الارتباط بالمحيط العربي انسجاماً مع أصولهم العربية والتمسك بمشروع الدولة اللبنانية الواحدة والعيش المشترك الذي قام عليه لبنان، وبين ثقافة ايرانية جديدة قائمة على رفض الأنظمة والدول التي لا تقوم على أساس ديني.. وبدأت بعض المجموعات المحسوبة على ايران والمرتبطة بسفارتيها في بيروت والشام ترفع شعار الجمهورية الإسلامية في لبنان». ويقول مفتي صور وجبل عامل ان حركة أمل آنذاك رفضت هذه الشعارات، ورأوا أنه مخالف للثقافة السياسية والدينية في لبنان التي لم تعرف مبدأ ولاية الفقيه، ولم تسمع به من علماء الدين ومراجع الفقه في جبل عامل والنجف بالعراق، ولذلك وقفت حركة امل والطائفة الشيعية في وجه المشروع الإيراني. ادركت إيران أن حركة أمل، التي كان غالبية الناشطين فيها آنذاك من السياسيين وليس من رجال الدين، لا يمكن أن تكون أداة لها في مشروع تصدير الثورة خارج ايران، فبدأت ايران، كما يقول على الأمين، بالعمل على تشكيل حزب من رجال الدين، وساعدها في ذلك الوقت الاجتياح الاسرائيلي لبيروت عام 1982. فعن طريق ناشطين ورجال دين في الحوزة العلمية في النجف وبعض رجال الدين داخل حركة أمل، من بينهم الشيخان صبحي الطفيلي وعباس الموسوي اللذان خرجا من أمل، تم دعم مشروع انشاء حزب جديد باسم «حزب الله»، ولم يكن الكثير داخل حركة أمل على علم بهذه التحركات ومن بينهم الشيخ راغب حرب، الذي علم بفكرة إنشاء «حزب الله» عام 1983 عبر صبحي الطفيلي، كما قال فحص لـ«الشرق الأوسط». وساعد إيران على النجاح في احلال «حزب الله» محل أمل أنها بدأت في الترويج لمفهوم ان الناشطين في أمل غير مؤمنين او ملتزمين دينيا، وفي هذا الصدد يقول على الأمين: «مهدت ايران لذلك بتعبئة دينية في صفوف رجال الدين والحوزات والمعاهد الدينية التي سيطرت عليها بأن حركة أمل حركة غير دينية، وليس لها من شرعية لعدم ارتباطها بولاية الفقيه وشرعوا في تصنيف أتباعها والمنتسبين إليها الى مؤمنين وفاسقين وعلمانيين واحتكروا الصفة الدينية والشرعية لهم وساعدهم على ذلك إهمال حركة أمل للثقافة الدينية وعدم قيام المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بتنظيم السلك الديني وعدم احتضانه لرجال الدين فأخذتهم ايران وشكلت منهم النواة الكبرى لولادة حزب الله». لكن بدون «ممر سورية» لم يكن من الممكن لإيران تحويل «حزب الله» من مجرد فكرة الى كيان سياسي وعسكري واقتصادي وثقافي مستقل بذاته. ويقول عبد الحليم خدام، الذي كان مسؤول ملف لبنان في دمشق طوال سنوات عمله كنائب للرئيس السوري حافظ الأسد لـ«الشرق الأوسط» حول كيف ساهمت العلاقات الخاصة بين طهران ودمشق في توفير هذا «الممر الاستراتيجي»: «مجموعة من الإيرانيين أشرفوا على وضع خطط العمل والتدريب لحزب الله، وكان ايضا هناك مدربون لبنانيون دربوا في إيران وفي لبنان. فقد كانت هناك قوة عسكرية إيرانية جاءت الى لبنان عبر سورية، وقسم كان في سورية بعد اجتياح اسرائيل للبنان 1982. الايرانيون ساهموا في عملية تدريب واعداد حزب الله، بالاضافة الى ان قيادة حزب الله اخذت الاسس النظرية والعملية لتأسيس الحزب وتطويره من إيران، لكن قيادات حزب الله استطاعوا بإمكانيتهم الذاتية الخاصة ان ينتشروا وينشروا فكرهم بالاوساط اللبنانية الإسلامية الشيعية.. الايرانيون استفادوا من طبيعة علاقاتهم مع النظام في سورية، وبصورة خاصة مع الرئيس حافظ الأسد. كانوا يطلبوا منه بشكل دائم وملح ان يفتح ثغرة لمساعدة حزب الله. مثلا يريد الإيرانيون ان يرسلوا سلاحا، يصير هناك عشرون اتصال وكذا رسالة على مستويات مختلفة، وبالتالي كان الرئيس حافظ الاسد يستجيب». وليس من المبالغة القول ان كل المشاريع بين حزب الله وإيران كانت تنطلق عبر دمشق. فمثلا عندما أرادت إيران ان تدعم مطالب حزب الله لبناء محطة المنار، لم تتدخل بشكل مباشر بل عبر دمشق. ويروي عبد الحليم خدام القصة بقوله «كان هناك اتفاق بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة رفيق الحريري رحمه الله على اعطاء عدد من الرخص لانشاء محطات تلفزيونية، محطة لنبيه بري، ومحطة لرفيق الحريري، محطة ال بي سي، ومحطة للدولة اللبنانية، اي 4 او 5 محطات، وتم الاتفاق بينهم على أن لا يعطوا حزب الله محطة تلفزيونية، فتم اتصال من الرئيس الإيراني انذاك هاشمي رفسنجاني مباشرة بالرئيس حافظ الأسد وطلب انشاء محطة لحزب الله، وبالتالي طلبت سورية من المرحوم رفيق الحريري الموافقة على اعطاء حزب الله الترخيص وتسهيل الموضوع.. بناء المنار كان واحدة من الخطوات التي عززت استقلالية حزب الله على الساحة للبنانية». بناء «ايديولوجية» يقوم عليها «حزب الله» و«الممر السوري» لم يكونا وحدهما كافيين، كان لابد من بناء مؤسسات تتبع للحزب الجديد الناشئ. لم تكن الفكرة ان تعمل هذه المؤسسات للدعم المالي والعسكري والثقافي فقط. هذه المؤسسات كانت مؤسسات ترويج «ايديولوجي» ايضا. فعبرها ومن خلالها سواء كانت مدارس او مؤسسات اقتصادية او عسكرية او قنوات تلفزيونية او صحفا، اصبح «حزب الله» صاحب النفوذ الأكبر وسط شيعة لبنان. والى جانب «المنار» لعبت مؤسسات أخرى دورا كبيرا في تعزيز وجود «حزب الله» السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي. من بينها مؤسسة «الشهيد». وموسسة «الشهيد» هي بالاساس إيرانية وقد أنشأت لإعالة ومساعدة أسر ضحايا الحرب العراقية ـ الإيرانية. أما مؤسسة «الشهيد» اللبنانية فقد أنشئت على نفس نسق نظيرتها الإيرانية. ومنذ بداية عملها عام 1982، تمكنت مؤسسة «الشهيد» من سد احتياجات نحو 3000 أسرة لبنانية سقط لها قتل أو أكثر. وفي يوليو (تموز) 2007، فرضت وزارة الخزانة الاميركية عقوبات على أصول مؤسسة «الشهيد» الإيرانية، وفروعها في لبنان ومؤسسة «القرض الحسن» و«منظمة النية الحسنة الخيرية» التابعة للأخيرة والعاملة في الولايات المتحدة، كما جمدت أصولها، على اساس أنهم كلهم جزء من شبكة حزب الله. أما «منظمة النية الحسنة الخيرية»، فهي مكتب لجمع الأموال انشئت من قبل مؤسسة «الشهيد» في ديبورن ـ مشيغان بالولايات المتحدة الاميركية، فيما تقول وزارة الخزانة الاميركية أن مؤسسة «القرض الحسن» تعمل كغطاء لإدارة النشاطات المالية لحزب الله. وبحسب مسؤولين أميركيين فإن «القرض الحسن» يريدها احمد الشامي، وهو قائد بارز في «حزب الله» وقد خدم كعضو في مجلس شورى «حزب الله» وكرئيس لمنظمات عدة يسيطر عليها «حزب الله». وكان حسين رسلان، مسؤول العلاقات والمسؤول الاجتماعي المركزي بمؤسسة «الشهيد»، قد قال في 13 أغسطس عام 2006 لموقع «اسلام اون لاين» إن: المؤسسة تقدم الدعم لكل أسرة فقدت أحد أفرادها خلال الهجوم الإسرائيلي الأخير على لبنان بما في ذلك أبناء الطوائف الأخرى، وشدد على أن دور الدولة في هذا الإطار يعد «محدودا»، قياسا بالدور الذي تقوم به المؤسسة. وأكد رسلان أن المؤسسة تجسد فكرة الاكتفاء الذاتي؛ حيث إن لها مدارسها ومستشفياتها ومؤسساتها الاقتصادية والثقافية. وقال رسلان حول مؤسسة «الشهيد»: «انطلقت بفكرة للإمام الخميني، زعيم الثورة الإسلامية بإيران؛ حيث سعى هو في بداية الأمر إلى أن تكون هناك مؤسسة للشهيد بلبنان، وشدد على وجوب رعاية أسر الشهداء، وهو ما أمن لنا جزءا تمويليا من حصيلة الحقوق الشرعية، فالزكاة عندنا تقدر بخمس دخل المسلمين على مذهب آل البيت، والمرجع الإسلامي هو الذي يوزعها، فكان لنا منها نصيب لا بأس به». وحول الانشطة التعليمية والاستثمارية لمؤسسة الشهيد قال رسلان: «بدأنا بمدرسة واحدة هي الشاهد عام 1988 وكانت في بيروت، ثم تم إنشاء مؤسسة المهدي التعليمية، فقمنا بضم مدرسة الشاهد لها، وتركنا الملف التعليمي لمؤسسة الإمام المهدي، وكان ذلك عام 2002.. فكرنا باستثمار الأموال التي كانت تأتينا، وبدأنا ذلك تقريبا من تسعينيات القرن الماضي؛ حيث أنشأنا عددا من المؤسسات التي تعمل بالأغذية وتتاجر بالقطاع النفطي، ودورا للنشر، وعددا من المطابع، كما أنشأنا عددا من المستشفيات». اما مؤسسة «جهاد البناء»، والتي تعد الى جانب مؤسسة «الشهيد» من أهم مؤسسات «حزب الله» فإن نشأتها وأهدافها كما جاء على موقعها الانترنتي هي: «بفعل التداعيات الكبرى للعدوان الصهيوني على لبنان عام 1982، والاثار السلبية للحرب الداخلية، استفحل الحرمان في المناطق اللبنانية المنسية تاريخياً لاسيما في البقاع والجنوب والشمال فباتت تفتقر لأدنى مقومات الحياة... فكان لا بد من وقفة محسوبة ومدروسة للحد من الاخطار الناجمة عن تفاقم الفقر والعوز». وعلاقة جهاد البناء بحزب الله واضحة، فالى جانب التمويل، دائما على رأسها أعضاء في مجلس شورى «حزب الله». وقد فرضت وزارة الخزانة الاميركية عقوبات في يوليو (تموز) 2007 على قاسم عليق، وهو مدير «جهاد البناء» ومسؤول بارز في «حزب الله». في جنوب لبنان اليوم مدارس خاصة لـ«حزب الله»، تسير على النظام التربوي في ايران، ومن هذه المدارس (مدارس الامام الخميني) و(مدارس الامام المهدي) و(مدارس شاهد)، كما أن هناك معاهد تمريضية ومهنية كلها بدعم من إيران، ومستشفيات خاصة، حتى الادوية ادوية ايرانية. هناك وسائل اعلام خاصة بـ«حزب الله» مثل قناة «المنار» وراديو «النور» وجريدة «الانتقاد». أما في المجال الاجتماعي فهناك مؤسسات سميت بأسماء نظيرتها الإيرانية مثل مؤسسة «الشهيد» ومؤسسة «الجرحي» و«جهاد البناء» فضلا عن شرطة «حزب الله» او ما يسمى بانضباط، وهي شرطة مكلفة من قبل «حزب الله» بحفظ النظام والاداب في الشارع. فضلا عن شبكة السلكي، وبنوك خاصة، بالاضافة الى سلاح «حزب الله». كل هذه المظاهر، هي مظاهر اختلاف وربما استقلال، سياسي واقتصادي، لكن اساسا والاهم ثقافي. فهناك اليوم في لبنان اختلاف ثقافي كبير بين نموذجين. وفي هذا الصدد يقول مفتي صور وجبل عامل لـ«الشرق الأوسط»: «الصراع بدأ بين ثقافة جديدة مدعومة من ايران ومن رجال الدين الموالين لها وبين حركة أمل والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى اللذين كانا يمسكان بالقرار الرسمي الديني والسياسي وأدى ذلك الاختلاف في الرأي والرؤية والتوجه والمنهج فيما بعد إلى صراع مسلح سفكت فيه الدماء الغزيرة باسم الدين وقد حصل ذلك عندما كانت سورية موجودة في لبنان وكانت على علاقة جيدة مع ايران، وفي نهاية المطاف أصبح حزب الله الممثل لإيران موجودا في القرار السياسي والديني وقد تمكن من خلال ذلك أن يبسط نفوذه شيئاً فشيئاً ليصبح الشريك الأقوى داخل الطائفة الشيعية والسلطة اللبنانية وتراجعت حركة أمل والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى على المستويين الثقافي حتى غدا حزب الله مهيمناً على الثقافة الدينية والمسؤول السياسي الأول في الطائفة الشيعية، إضافة الى موقعه العسكري في المقاومة، وهذا ما جعل النفوذ الإيراني يقوى ويتسع في لبنان خصوصاً في المناطق ذات الأغلبية الشيعية في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية في بيروت ومستفيدين من ضعف الدولة اللبنانية ومن عدم بسط سلطتها على أراضيها رغم انتشار الجيش اللبناني في الجنوب وقوات الطوارئ الدولية وبفعل ذلك الغياب للدولة اللبنانية تحوَّل الجنوب الى ساحة حرب يدفع ثمنها الوطن اللبناني كله كما جرى في حرب تموز وليس ما يمنع من تجدد ذلك مرة أخرى لأن غياب الدولة لا يزال مستمراً رغم حضورها الشكلي وغير الفاعل وعدم امتلاكها قرار الحرب والسلم على أراضيها. ومما زاد الأمور تعقيداً تعطيل المؤسسات الدستورية وعدم انتخاب رئيس للجمهورية من دون حسيب ولا رقيب والكلُّ يعلم أن معظم أسباب التعطيل ناشئة من الارتباطات الخارجية لبعض أطراف المعارضة اللبنانية بايران التي تقع في رأيي المسؤولية عليها في الدرجة الأولى قبل سورية المستفيدة من النفوذ الإيراني عبر حزب الله». اختلاف النموذجين في لبنان يعني أن هناك قضايا كثيرة يجب أن يتحاور حولها الطرفان، كما يعني أن هناك احتمالا لانفصالهما وتقاسم النفوذ كلا في منطقته. أما الاحتمال الاسوأ فهو ان يزيل القوي الأقل قوة. http://www.asharqalawsat.com/details.asp?s...p;issueno=10766 كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 05-20-2008 خدام لـ :«الشرق الأوسط» تدخلت إيران لدعم حزب الله عبر سورية.. على الرغم من أن هذا كان ضد مصالح دمشق -------------------------------------------------------------------------------- الممر السوري.. بين طهران وحزب الله عندما عين محمد حسن أختري سفيرا لإيران في دمشق عام 1985، كانت العلاقات بين إيران وسورية قد دخلت بالفعل مرحلة من التنسيق الاستراتيجي، بفضل رجلين هما صدام حسين وموسى الصدر، وإن كان لكل منهما تأثير مختلف تماما. فعبر موسى الصدر وجماعته في حركة أمل، وبينهم إيرانيون بارزون مثل مصطفى جمران أول وزير دفاع في الحكومة الإيرانية بعد نجاح الثورة، عرف نظام الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ثورة آية الله الخميني وأفكاره، لدرجة أن ناشطين إيرانيين مقربين من الخميني كانوا يتحركون بجوازات سفر دبلوماسية سورية للتمويه، وذلك قبل نجاح الثورة في فبراير (شباط) 1979. بعد موسى الصدر، قدر لرجل آخر هو الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ان يلعب دورا في تعزيز العلاقات بين طهران ودمشق، بدون ان يدرك ساعتها تأثير قراراته على العراق وعلى المنطقة. فصدام دخل في حرب مع إيران بعد فترة قصيرة من الثورة. لم تكن وحدها طهران هي التي شعرت بالخطر، فالشعور بالخطر امتد من طهران الى دمشق، التي لم يكن النظام البعثي فيها قريبا من نظيره النظام البعثي العراقي. وقف نظام الرئيس السوري حافظ الأسد الى جانب إيران، أملا في اضعاف غريمة البعث العراقي، الذي شعرت دمشق بأنه تهديد لها، خصوصا إذا ما انتصر على إيران في الحرب. وعززت مخاوف دمشق من نوايا صدام حسين اتهامات وجهت لحافظ الأسد بإرسال جنود سوريين الى إيران لمحاربة الجيش العراقي. احد صناع القرار الاساسيين في سورية خلال هذه الفترة هو عبد الحليم خدام، النائب السابق للرئيس السوري الراحل حافظ الاسد، الذي يشرح لـ«الشرق الأوسط» الأسباب التي دفعت حافظ الأسد لقرار دعم إيران أمام العراق بقوله: «العلاقات بين سورية وايران نشأت بشكل جدي بعد الثورة الاسلامية في إيران، كانت العلاقات موجودة بين سورية وبين آية الله الخميني، عبر جماعة موسى الصدر. بعد الثورة انتقلت العلاقات لمستوى دولة مع دولة. في سبتمبر (ايلول) 1980 وقعت الحرب العراقية ـ الايرانية. صدرت حملة من العراق ضد سورية، واتهمت بغداد سورية بأنها أرسلت جنودا الى إيران حتى يحاربوا ضد الجيش العراقي. بسبب هذا الاستفزاز العراقي لسورية أخذنا موقفا، واعتبرنا أن هذا الموقف مقدمة لحرب اخرى بين العراق وسورية، وأن صدام حسين يعتقد بأن الحرب مع إيران ستنتهي في اسبوعين أو ثلاثة ليرجع ويحارب في سورية. وبصورة خاصة كان هناك مؤتمر في موسكو كان يحضره رئيس البرلمان العراقي آنذاك نعيم حداد. اجتمع حداد برئيس المجلس الوطني الفلسطيني المرحوم خالد الفاهوم وتناقش معه وقال له: نحن خالصين من ايران وراجعين عندكم لدمشق. هذا الامر بلا شك اعطانا اشارة سلبية بالنسبة للنظام في العراق. الاتصالات كانت موجودة بيينا وبين ايران، وأخذنا مواقف ادنا فيها الحرب، ورفضنا الانزلاق لدعم صدام حسين، مثلما انزلقت بعض الدول العربية، وعندما دخل صدام الكويت الكل ندم وقال الله يلعن هديك الساعة اللي اتورطنا فيها. في هذه الفترة تطورت العلاقات الإيرانية – السورية كثيرا. علاقات تحالف ليست مبنية فقط على مواجهة صدام حسين، بل مبنية على التعامل مع الوضع الاقليمي والوضع الدولي. كان هناك تنسيق في كل الأمور وكانت اللقاءات بين الجانب السوري والجانب الإيراني مستمرة. وتشكلت هيئة مشتركة بين البلدين من عضوية نائبي رئيسي الجمهورية، ووزيري الخارجية، وهذه الهيئة كانت تجتمع كل 3 شهور وتتابع العلاقات، والاوضاع الاقليمية والدولية وترفع مقترحات لمراكز القرار في البلدين». ربما يمكن القول، كما قال مسؤول إيراني بارز سابق لا يستطيع الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخطر المشترك هو المفتاح» لفهم طبيعة العلاقات الإيرانية ـ السورية. ومع خطر صدام حسين على نظام الخميني ونظام حافظ الأسد، ظهر خطر آخر دفع العلاقات الى مستوى جديد من التنسيق الاستراتيجي، هذا الخطر هو الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982، فمع هذا الخطر الذي يهدد النفوذ السوري في لبنان، ويهدد الجمهورية الوليدة في إيران، ظهرت الحاجة لتعزيز الخطوط الدفاعية للبلدين، بدءا من لبنان وبناء تنظيم سياسي لديه قدرات عسكرية يكون قادرا على التصدي لاسرائيل، ولاي قوى أخرى يمكن أن تهدد سورية أو إيران. آنذاك ومع أن قيادات حركة أمل كانت في غالبيتها من السياسيين أو رجال الدين غير المحبذين لفكرة انشاء حزب سياسي على أساس ديني، إلا أن هناك مجموعة داخل أمل لم تكن رافضة تماما لهذا النهج، وبالتالي عندما بدأت دوائر عدة داخل إيران وسورية ولبنان تفكر في ضرورة ايجاد تنظيم جديد حزبي ـ ديني ـ سياسي ـ مسلح، خرج هؤلاء من أمل ودعموا التوجه الجديد. ومن بين هؤلاء، كما يقول المفكر اللبناني البارز هاني فحص، كل من الشيخين صبحي الطفيلي وعباس الموسوي. بناء حزب الله كان المهمة الاهم والأصعب لايران في الخارج بعد الثورة، فهي كانت التجربة العملية الاولى على نجاح حظوظ تصدير أفكار الثورة للجوار الاقليمي. وبالتالي عندما جاءت فكرة انشاء حزب الله على يد على محتشمي «الأب الروحي» للحزب، الذي كان ساعتها سفيرا لإيران في دمشق، ثم وزيرا للداخلية أيام حكم الرئيس السابق محمد خاتمي، حملها الكثير بين أيديهم من اجل تنفيذها على ارض الواقع، إلا أن «الحمل الميداني» وقع على كاهل السفير الإيراني الذي خلف محتشمي في دمشق، وهو محمد حسن أختري، وذلك بسبب موقع دمشق ونفوذها في لبنان الذي جعلها ممرا لا غنى عنه لإرسال مقاتلين او مدربين أو أسلحة أو مال أو تعليمات. ويوضح عبد الحليم خدام، الذي كان لسنوات طويلة مسؤول ملف لبنان خلال حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد، والذي عاصر اختري خلال سنوات عمله سفيرا لإيران في دمشق، طبيعة المسؤوليات التي تولاها أختري بقوله «المهمة الاساسية التي كان يقوم بها اختري في المرحلة الاولى هي استكمال بناء حزب الله. اختري كان المشرف على بناء حزب الله، وتمويله، وتمرير الاسلحة له في لبنان عبر موافقة الحكومة السورية.. هو كان مشرفا سياسيا وماليا لتنمية حزب الله. مجموعة من الإيرانيين أشرفوا على وضع خطط العمل والتدريب لحزب الله، وكان هناك ايضا مدربون لبنانيون دربوا في إيران وفي لبنان. الايرانيون ساهموا في عملية تدريب واعداد حزب الله. بالاضافة الى ان قيادة حزب الله اخذت الاسس النظرية والعملية لتأسيس الحزب وتطويره من إيران. لكن قيادات حزب الله استطاعت بإمكانياتها الذاتية الخاصة ان تنتشر وتنشر فكرها بالاوساط اللبنانية الإسلامية الشيعية، وبالاضافة الى ان ممارساتها للمقاومة اعطت لها دعما معنويا كبيرا في الساحة اللبنانية. اختري كان يحضر التوجيهات من إيران. مثلا نفترض ان طهران تريد الاجتماع مع شخصية من حزب الله او اي شخصية لبنانية، كان الاتصال مع الجانب اللبناني الشعبي، سواء حزب الله او غير حزب الله من المجموعات التي لها صلة بإيران، يتم عبر السفير الإيراني في دمشق وليس عبر السفارة الإيرانية في بيروت». مع إنشاء حزب الله لم يكن هناك مكان بارز لحركة أمل في المقاومة بمعناها الجديد، اي المقاومة المسلحة بدلا من المقاومة السياسية المدنية الشاملة التي تبناها قادة من أمل، على رأسهم الشيخ محمد مهدي شمس الدين. وكما يقول هاني فحص الذي كان ضابط ارتباط بين فتح والثورة الإيرانية خلال تلك السنوات الحاسمة لـ«الشرق الأوسط»: «لقد كان من الطبيعي أن يتم هذا العمل موضوعيا على حساب حركة أمل التي ظهرت فيها قيادات مصرة على المقاومة ومتعاونة مع حزب الله قبل وبعد التشكيل، والقيادات الفلسطينية الميدانية، وقيادات دعت الى التروي ووافقت على طرح المقاومة المدنية الشاملة، الى ان حصل اتفاق أيار الاسرائيلي اللبناني، وحصلت متغيرات سياسية داخلية تعاطت معها حركة امل بطريقة جعلت المقاومة خيارا لها، من دونه تصبح ضعيفة وغير فاعلة. لاحقا.. كان لا بد من حصرية المقاومة وهكذا انحصرت في حزب الله. وهذا ما يفسر كثيرا من الاحداث اللبنانية ويفسر غياب الحركة الوطنية عن ساحة المقاومة بعدما اشتركت في تدشينها. وقد يفسر حرب المخيمات والحرب بين حركة أمل وحزب الله». لقد نشبت الحرب بين حزب الله وأمل خلال الحرب الأهلية اللبنانية في النصف الاول من ثمانينات القرن الماضي بعد فترة قصيرة من تأسيس حزب الله. وكانت مواجهة حاسمة شرسة ستغير شكل التوازنات في لبنان لصالح ايران وعلى حساب سورية، لكن حافظ الاسد ومن حوله، بحسب ما يقول خدام في شهادته لـ«الشرق الأوسط»، لم يدركوا ابعاد ونتائج تقوية حزب الله على حساب أمل. ويوضح خدام: «لماذا ضد مصالح سورية؟ لانه خلال هذه الفترة كانت حركة أمل موجودة في الساحة اللبنانية. حزب الله كان ما زال في طور النشأة وقد نما على حساب حركة أمل الحليفة لسورية. هذا الأمر لم نعطه أهمية في دمشق، لان طهران متحالفة مع دمشق.. القرار بدعم حزب الله وتنميته قرار إيراني. الايرانيون استفادوا من طبيعة علاقاتهم مع النظام في سورية، وبصورة خاصة مع الرئيس حافظ الأسد. كانوا يطلبوا منه بشكل دائم وملح ان يفتح ثغرة لمساعدة حزب الله. مثلا يريد الإيرانيون ان يرسلوا سلاحا، يصير هناك عشرون اتصال وكذا رسالة على مستويات مختلفة، وبالتالي كان الرئيس حافظ الاسد يستجيب. عندما بدأ الايرانيون يؤسسون حزب الله وارسلوا الحرس الثوري الى لبنان، لم يأخذ هذا الامر أبعاده الاستراتيجية بالنسبة للنظام في سورية.. ولم يؤخذ بعين الاعتبار ايضا ان إيران ستسعى للسيطرة على الطائفة الشيعية في لبنان، لانه لم تكن في لبنان تاريخيا مشكلة سنية ـ شيعية، ومثال على ذلك ان اربعة رؤوساء وزراء لبنانيين تحولوا الى المذهب الشيع بسبب قضايا تتعلق بالارث. اذا كان هناك شيء مذهبي او طائفي، لا يستطيع رئيس وزراء لبناني ان يسجل نفسه شيعيا في الاحوال المدنية. يعني لم يكن هناك انقسام بين المسلمين في لبنان. بدأ الانقسام بشكل واضح عندما دخلت إيران على الخط. تقدير المرجعية السياسية في سورية انذاك ان الايرانيين يريدون عمل مقاومة في لبنان ضد إسرائيل وهذا شيء جيد. لم يؤخذ بالاعتبار مسألة السيطرة الإيرانية على الشيعة في لبنان، لكن حزب الله بدأ يكبر، وبدأ يوسع قاعدته بسبب المساعدات المالية التي كانت تأتيه من إيران». ويتابع خدام: «انفجر القتال بين أمل وبين حزب الله، صحيح انه كانت هناك توترات، لكن كانت المفاجأة ان حزب الله هو الذي بدأ الحملة للسيطرة على المواقع الموجودة فيها حركة امل في البقاع والضاحية الجنوبية. صارت معارك عديدة وذهب ضحيتها عدد كبير من القتلى والجرحي، ثم المعركة الاخيرة كانت في الجنوب وساعدنا نحن عمليا حركة أمل، ودعمناها حتى تصمد لانه بدأت تهتز، لدى بعض المسؤولين عن الملف اللبناني في سورية، التصورات حول الاهداف الإيرانية في لبنان. لكن اهتزاز الصورة لم يكن موجودا عند الرئيس حافظ الاسد. وبالتالي عندما انفجر القتال صارت هناك وساطة إيرانية – سورية وتم وقف القتال وتحديد نفوذ كل طرف من الطرفين، لكن عمليا هذا التحديد لم يتم العمل به، لأن حزب الله بدأ يتوسع ليس عبر القتال، وإنما عبر الخدمات التي بدأ يقدمها للناس، خاصة للفقراء في لبنان. حزب الله أنشأ مؤسسات للاعمار والبناء ومؤسسات اقتصادية واجتماعية، هذا لعب دورا في تعزيز القاعدة الشيعية لحزب الله. في نفس الوقت كان هناك ضخ لإحياء العصبية الشيعية في لبنان، لأنه كلما نمت العصبية المذهبية يتحول الولاء من لبنان الى إيران. ووصل الوضع الى مرحلة أصبحت فيها إيران هي المرجعية السياسية والعقائدية لغالبية الشيعة في لبنان. الاستاذ نبيه بري كان مدركا لخطورة الامور، لكن فلتت الامور من يده». ولا بد أن طبيعة الناشطين والمنتمين لحزب الله لعبت دورا كبيرا في تعزيز وجوده وسيطرته على المناطق الشيعية في لبنان، فالغالبية العظمى من هؤلاء الناشطين كانوا من رجال الدين او الشباب المتدين، كانت طريقة كلامهم دينية بسيطة سهلة، والكثير منهم تعلم في حوزات دينية في لبنان والعراق وإيران ويعمل في السياسة من منظور المقاومة الدينية. ويوضح مفتي صور وجبل عامل السيد علي الأمين لـ«الشرق الأوسط» هذه النقطة بقوله: «بدأت ايران بالعمل على تشكيل حزب من خلال بعض الشباب المؤمن، وبعض رجال الدين أطلقوا عليه في ما بعد اسم (حزب الله). وقد مهدت ايران لذلك بتعبئة دينية في صفوف رجال الدين والحوزات والمعاهد الدينية، التي سيطرت عليها، وبقول إن حركة أمل حركة غير دينية وليس لها من شرعية لعدم ارتباطها بولاية الفقيه، وشرعوا في تصنيف أتباعها والمنتسبين إليها الى مؤمنين وفاسقين وعلمانيين، واحتكروا الصفة الدينية والشرعية لهم. وساعدهم على ذلك إهمال حركة أمل للثقافة الدينية وعدم قيام المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بتنظيم السلك الديني وعدم احتضانه لرجال الدين، فأخذتهم ايران وشكلت منهم النواة الكبرى لولادة حزب الله، حيث يشكلون مادة دعائية مؤثرة في جمهور الطائفة الشيعية، وبدأ الصراع بين ثقافة جديدة مدعومةٍ من ايران ومن رجال الدين الموالين لها وبين حركة أمل والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، اللذين كانا يمسكان بالقرار الرسمي الديني والسياسي. وأدى ذلك الاختلاف في الرأي والرؤية والتوجه والمنهج في ما بعد إلى صراع مسلح سفكت فيه الدماء الغزيرة باسم الدين، وقد حصل ذلك عندما كانت سورية موجودة في لبنان وكانت على علاقة جيدة مع ايران. وفي نهاية المطاف أصبح حزب الله الممثل لإيران موجودا في القرار السياسي والديني، وقد تمكن من خلال ذلك أن يبسط نفوذه شيئاً فشيئاً ليصبح الشريك الأقوى داخل الطائفة الشيعية والسلطة اللبنانية. وتراجعت حركة أمل والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى على المستويين الثقافي والسياسي، حتى غدا حزب الله مهيمناً على الثقافة الدينية والمسؤول السياسي الأول في الطائفة الشيعية». أثر بناء حزب الله تأثيرا مباشرا على الوجود الايراني في لبنان، فحركة امل وان كانت شيعية المذهب، الا انها لم تكن ايرانية النشأة. وفي هذا الصدد يقول خدام: «جماعة الخميني لم يكن لهم وجود في الساحة اللبنانية إلا إذا اعتبرنا وجود موسى الصدر هو وجود لجماعة الخميني. بهذا الاعتبار يمكن القول انه كان قريبا من الخميني، لكنه كان يتجنب أن يعطي الانطباع بأن له علاقة بإيران. وكانت علاقاته العربية علاقات قوية. ولم يكن آنذاك عمل إيران او مؤيدي الخميني في لبنان عملا منظما. لكن كان هناك أشخاص مقربون من الخميني في لبنان. فعندما نفي الخميني للعراق، كان هناك عدد كبير من اللبنانيين يدرسون في الحوزة العلمية بالنجف، وبالتالي تعرف لبنانيون على الخميني. لكنه لم تكن هناك في ذلك الوقت حركة في لبنان تعبر عن نفسها كامتداد للخميني. هذا التعبير لم يظهر الا بعد تأسيس حزب الله». لكن لماذا دعمت إيران حزب الله بدلا من أمل التي كان بها أيضا ناشطون ايرانيون مثل مصطفى جمران؟ يقول خدام «صحيح حركة أمل حركة شيعية، ففي الحركة ليس هناك غير الشيعة. لكن الفرق بين أمل وحزب الله هو أن حركة أمل أكثر انفتاحا على الطوائف الاخرى. ثقافيا هي أكثر انفتاحا، يعني ليس هناك ثقافة دينية متحكمة بقيادتها. قيادة أمل كلها سياسيون. قيادة حزب الله كلها مشايخ». طبيعة العلاقة بين أمل وحزب الله بعد انتهاء المواجهات المسلحة بينهما تغيرت من علاقة ندية، الى علاقة تقسيم ادوار بين طرف أقوى وطرف أضعف، او بين طرف يمتلك سلاحا وطرف لا يمتلك سلاحا. لكن لا يرى البعض داخل حركة أمل أن الحركة همشت تدريجيا على الساحة السياسية اللبنانية بسبب نشأة حزب الله واحتكاره للسلاح، وفي هذا الصدد يقول محمد بزي مسؤول العلاقات الخارجية بحركة أمل لـ«الشرق الأوسط»: «لا توجد في لبنان ساحة شيعية، وساحة مسيحية، وساحة سنية، وساحة درزية. يوجد وطن اسمه لبنان. هذا رأينا في حركة أمل. ربما أحد أهم عوامل تفكك وانهيار المجتمع اللبناني هو الولاءات المذهبية والطائفية. حركة أمل ليست ضعيفة على الاطلاق.. نحن كان لدينا في السابق اسلحة.. كنا طليعة المقاومين ضد الاحتلال الاسرائيلي في الفترة من عام 1978 حتى هذه الايام. لكن في ما يتعلق بالسلاح أكيد نحن لسنا في حال المقارنة مع حزب الله». ومع ان الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد لم ينظر بقلق كبير لتعزيز حزب الله على حساب حركة أمل، إلا ان هناك دوائر داخل سورية لم تكن مرتاحة، لدرجة ان العلاقات بين دمشق وحزب الله في الفترة الاولى لتأسيسه كانت مضطربة، مما ساهم أكثر في دفع عناصر حزب الله نحو إيران، باعتبارها الملاذ في ما يتعلق بالتدريب أو بالتمويل، فكانت علاقاتهم مع إيران منذ اليوم الأول علاقات مباشرة بدون الحاجة الى وساطة من دمشق. ويقول خدام حول التوترات بين سورية وحزب الله في بدايات تكون الحزب «في السنوات الاولى لم تكن العلاقات جيدة.. فقد نشبت مشكلة مع عناصر من القوات السورية في أحد أحياء بيروت، والقوة السورية الموجودة أخذت اجراء حاسما ضد حزب الله، وبالتالي كان هناك توتر في البداية. لكن هذا التوتر تراجع بعد هذا.. بسبب التوترات بين دمشق وحزب الله في السنوات الاولى، لم يكن هناك ثقل سوري لدعم حزب الله. كان هناك ممر سوري وليس ثقل سوري. بمعنى أن حزب الله استفاد من الممر السوري، وعبر هذا الممر السوري جاء دعم حزب الله من إيران». لاحقا وبسبب ظروف النشأة كانت الكثير من الاتصالات الحساسة بين سورية وحزب الله تتم عبر ايران، بينما القضايا اليومية يتم التنسيق فيها بين دمشق وحزب الله بشكل مباشر. ويعدد خدام نوعين من التنسيق بين حزب الله وسورية وهما: «التنسيق الميداني اليومي وكان يتم مع جهاز الأمن في لبنان، واحيانا كان يتم مع المرجعية السياسية المسؤولة عن الملف اللبناني في سورية. لم تكن كل الأمور تتم عبر إيران، كانت هناك خطوط مباشرة مع قيادة حزب الله بمراحل مختلفة، وأحيانا كنا نختلف اختلافا شديدا معهم. فمثلا يوم خطف طائرة تي دبليو حاولنا كثيرا في سورية العمل على الافراج عن الطائرة واطلاق سراح الرهائن. واختلفنا مع حزب الله اختلافا شديدا، ثم تحدثنا مع إيران. كان الرئيس الإيراني آنذاك هاشمي رفسنجاني في زيارة الى دمشق فطلبنا منه ان تمارس إيران ضغوطا على حزب الله ووعد الرجل، وبالفعل استدعى قيادة حزب الله وطلب منهم تسهيل الأمور، وبعد عدة اتصالات حلت مشكلة الرهائن. إذا عموما لم تكن الاتصالات بين حزب الله وسورية تتم بالضرورة عبر إيران.. لكن هناك أمورا كانت تتم بالتنسيق بيننا وبين إيران، وهناك امورا لم يكن حزب الله يستطيع أن يمررها مع سورية، فيلجأ لايران، وطهران تحكي معنا. لكن اذا أرادت سورية شيئا مباشرا من حزب الله تتصل به مباشرة، فتصير استجابات ومناقشات حول هذا يفيد او لا يفيد، وهذا ما بيصير وبيصير، وهذا يضر او لا يضر. لكن في المحصلة كان يستجيب حزب الله لما يطلب منهم». -------------------------------------------------------------------------------- الشرق الأوسط كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 05-23-2008 دولة «حزب الله»: «الأمر لنا» الطاعة أساس آيديولوجيته.. والأساطير والحديث عن ملائكة تساعد «المقاومين» تترسخ في عقول مؤيديه حزب الله يستعرض قواته في احياء ذكرى يوم القدس العام الماضي في الضاحية الجنوبية («الشرق الاوسط») بيروت: سناء الجاك بعد الانقلاب الذي نفذه حزب الله في بيروت والجبل الاسبوع الماضي، ظهرت تساؤلات كثيرة حول الحزب وسلاحه ودولته ومشروعه. وتساءل الكثيرون ما اذا كان هذا الانقلاب رد فعل شعبيا عفويا على قرارين صدرا عن مجلس الوزراء لم يعجبا قائد الحزب السيد حسن نصر الله، ام أنه محضر ومنظم كتنظيم الحزب وشعبه الضاحية الجنوبية، معقله. رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة يرفض ان يصدق ان ما جرى في بيروت ليس سوى ردة فعل عفوية، بل يؤكد انه كان مدبرا منذ شهور على الاقل وقد نفذ بدقة وبرمجة. ويضيف انه لم يكن يتوقع ان يوجه الحزب سلاحه الى الداخل مهما توفرت الذرائع. المراقبون للساحة اللبنانية يوافقون السنيورة على ان ما جرى لم يكن عفويا. فـ«بروفة» اقتحام بيروت كانت ترمي الى أبعد من ارغام الحكومة على التراجع عن قراريها. ويضيفون ان القيمين على «دولة حزب الله» لا يقدمون على اي خطوة تحت تأثير الانفعال أو الغضب. ولا يمكن لهؤلاء ان يتورطوا فيعرّضون سلاح الحزب «المقدس» الى النقاش في الدوحة وامام اعين اللجنة الوزارية العربية ليتم تناوله كمصدر خطر ليس على اللبنانيين فقط وانما على العالم العربي «السني»، وهم الذين كانوا يخوّنون من يطرح قضية السلاح من اللبنانيين على طاولة حوار داخلية. لكن الامر حصل ودخلت «دولة حزب الله»، مرحلة كسر محرماتها. وفي محاولة لفهم سلوك حزب الله هذا، لا بد من معرفة كيف يتكون مجتمع أو دولة حزب الله. جولة في غرب العاصمة اللبنانية وضاحيتها الجنوبية كافية لتكشف ان فرع «المقاومة الاسلامية في لبنان» فرض شعاراته ولافتاته في كل الاحياء. وكأنه يقول: الامر لنا ومن لا يعجبه أصبح يعرف أي مصير ينتظره. ففي غفلة عن الوعي الاجتماعي اللبناني تسربت «دولة حزب الله» الى الرأي العام الشيعي الذي لا يصدق ولا يناقش الا ما تلقنه اياه «الوحدات الاعلامية» لهذه الدولة. يكفي ان يلفظ اسم السنيورة مثلا امام اي «شيعي حزبوي» سواء كان استاذ جامعة او طبيباً او بائع خضار او مزارعاً او عامل بناء لتحصل على ردود فعل مستنسخة. كلهم يصنفون السنيورة عميلا للصهيونية العالمية وللادارة الاميركية. وكلهم يحملونه وحده دون سواه مسؤولية الويلات الاقتصادية في لبنان. كلهم يعتقدون ان المحكمة الدولية مسيّّّسة فقط لتنال من الحزب وسلاحه. كلهم يؤمنون ان الدولتين الوحيدتين اللتين دفعتا لإعادة اعمار لبنان بعد العدوان الاسرائيلي في يوليو (تموز) 2006، هما قطر وإيران. الاطلاع على كتاب الدين الذي يدرس في مؤسسات «حزب الله التعليمية يكشف جانبا من نشأة «الفكر الحزبوي». لا تطرق فيه الى الخلفاء الراشدين الدروس تقفز من سيرة النبي محمد (صلعم) الى الامام علي بن ابي طالب. الخلفاء الراشدون ترد سيرتهم في كتاب التاريخ. اما في درس الدين فيتلقن التلاميذ ان ابنة النبي (صلعم) واحدى زوجات الامام علي فاطمة الزهراء قتلت سحقا خلف الباب على يد عمر بن العاص. ويقول الكاتب والمفكر وابن الضاحية الجنوبية لقمان سليم ان «من يعرف الحزب وتركيبته يعرف جيدا انه لم يأت من الساحة العامة الى غرفة النوم وانما كان دائما في غرفة النوم وخرج الآن الى الساحة العامة. هدف حزب الله عندما انطلق لم يكن تحرير القدس. ولم يشغل بالهم موضوع مزارع شبعا. بدأوا مع جملة كتبت على حائط في الضاحية هي: «اختي، حجابك أغلى من دمي». هذا هو المفتاح الذي نضيعه اليوم. ومع تعاقب الأيام صارت عبارة «مبروك الحجاب» من يوميات النساء في «جمهور دولة الحزب». يقول الشيخ محمد علي الحاج، وهو أحد رجال الدين الشيعة: «اذا دققنا في تركيبة حزب الله وسمعناه يطالب بالمشاركة في السلطة، لا بد ان نفكر بتوجيه نصيحة الى جنبلاط وجعجع والحريري بأن يطالبوا الحزب بالمشاركة في الشورى». ويُروى في كواليس الحزب ان قريب احد الشهداء الذين سقطوا في «غزوة» بيروت والجبل، حاول عبثا معرفة كيف «استشهد» قريبه واين قتل. لم يسمح لأهله برؤية جثته. احضروا الجثة ودعوا العائلة الى الدفن. لم يستطع القريب حبس دموعه، امسك به عناصر الحزب واخذوه جانبا وقالوا له: «اصمت. ليس لدينا رجال يبكون» . وفي كواليس الحزب حكايات كثيرة تؤشر لأنه يسعى الى تمييز نفسه عن غيره بكل الوسائل المباحة والممنوعة، يحمل في دهاليزه الكثير من الهنات غير الهينات التي لا يسمح بتداولها، فهو بُني على اسس عقائدية دينية صرفة. يقول سليم: «التكليف الشرعي هو نتيجة البنية الدينية والتركيبة العقائدية... لا يمكن محاربة حزب الله كما تُحارب الاحزاب الشمولية الاخرى. يجب ابتكار اسلوب جديد لمحاربته». اما الحاج فيوضح انه «في ايديولوجية الحزب الطاعة تقع في المكان الاول. الطاعة تمنع امكان بروز اي انشقاق او تفكير وتحليل. هي الاساس، اما المرسوم التطبيقي للطاعة فهو التكليف الشرعي. حزب الله بنيته فاشية. والتكليف الشرعي صيغة مطاطة لا محتوى لها ويمكن ان يوضع في هذه الصيغة كل ما يريده الحزب. اما السلوك الحسن فهو سلوك صوري. السلوك الحقيقي فهو صم الآذان والانعزال في الطاعة». الحزب فرض تحية خاصة بين ناسه. لا يخاطب احدهم امرأة الا بعبارة «يا حاجّة». كرس مشهد الثياب ذاتها وطريقة ترك اللحية تنمو بالشكل ذاته. ثقافته اخترقت المأكل والملبس. سيطرت على الناس. الناس ليسوا مع الحزب بالعقل وانما باللباس والمأكل والنوم والزواج وكل وجوه الحياة. تقمص الناس هذا الشخص الجديد الذي لا يتعرى من شكله خوفا من الغربة بين الجماعة. تم ذلك من خلال الاستيلاء على المساجد وبناء الحسينيات والمدارس وفرق الكشافة وخزانات المياه المكتوب عليها «لا يوم كيومك يا ابا عبد الله». كذلك فرض سلوكيات خاصة على كوادره. وعلى عكس ما يعتقد العامة من ان امتيازات هذه الكوادر تبدأ بالسلطة المطلقة ولا تنتهي بتطبيق «الاجتهادات الشيعية الخاصة»، ومنها زواج المتعة. في هذا الموضوع تحديدا توضع الحدود، لا سيما اذا كان تطبيق هذا الاجتهاد مثار أزمات اجتماعية مسيئة الى السمعة. قد يبعد مسؤول حربي عن موقع القرار اذا لم يلتزم الحدود. لكن لا بأس بتنفيذه زواج متعة كـ«أمر مهمة» اذا دعت الضرورات الامنية او الاستخباراتية الى ذلك. وبمعزل عن الكوادر وحياتهم السرية للضرورات الامنية، يعيش مريدو الحزب بأمان ويموتون بأمان. علمّوهم ان «ابا الحسنين» الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه، سيكون حاضرا معهم في القبر لحظة الحساب وسيشفع لهم ويساعدهم في الاجابة عن اسئلة ملاكيّ القبر وبالتالي سيؤمن لهم دخولهم الجنة وبكل تأكيد. الاساطير ايضا تدخل على خط الثقافة الرافدة لـ«دولة حزب الله». برزت في حرب يوليو (تموز). وضعت الكتب عن بطولات اسطورية لأن الملائكة كانت تحارب مع المقاومين. قد تحدثك سيدة جامعية عن خوف الجنود الاسرائيليين من مقاتلين بلا رؤوس كانوا يهاجمونهم بالسيوف. هذه الكتب لاقت رواجا كبيرا في «دولة حزب الله». واليوم يروجون لحكايات مماثلة. يقولون ان الامام المهدي المنتظر ساعد المقاومين وحماهم خلال اقتحام بيروت. كما انقذ احد المقاتلين من براثن الاشتراكيين. حمله من بين ايديهم. الشيخ محمد علي الحاج يرفض تسخير الأئمة في هذا الاستقطاب. كذلك يرفض إغراق نصر الله في المنحى الديني الفقهي. يقول: «في خطابه السياسي نصر الله ليس منسجما مع التركيبة الدينية لرجال الدين الشيعة الذين درسوا في النجف. الحلم والتسامح صفتان ميزتا هؤلاء قبل المد الايراني. لكن استخدام نصر الله العنف اللفظي لا علاقة له بروحية الفقه الشيعي وأصوله». يتوقف سكان الضاحية العريقون عند الفتاوى التي صدرت لتبيح لعناصر الحزب في الثمانينات قتل مسلمين سنة ومسيحيين ومسلمين شيعة من خط مغاير. كذلك فتاوى سرقة البنوك في الحرب الاهلية وفتاوى تبييض الاموال. يقول أحدهم: «الانكى انهم يدفعون الخمس من هذه الاموال الى المراجع الدينية الشيعية وكأنهم يستحصلون على براءة ذمة». لكن موقف الذين يتجنبون النقد العلني لجملة ممارسات بقيت «سرية» في تاريخ «حزب الله»، لا يلغي نجاحه في تأسيس دولته. لا تقتصر هذه الدولة على مدارس الحزب ومؤسساته التعليمية والاستشفائية والاجتماعية والدينية. هناك مؤسسات مسيحية ومسلمة شبيهة على امتداد الاراضي اللبنانية. العنوان الاساسي هو «الفضيحة» في هيمنة «حزب الله» على المدارس الرسمية. يقول لقمان سليم: «هذه الهيمنة تعكس التناقض الصريح مع فكرة الدولة السيدة المستقلة. اكيد يجب ان تخضع مدارس الحزب ومدارس غيره من المذاهب لرقابة الدولة. لكن العكس هو ما يحصل. الحزب يضع يده على مدارس الدولة في مناطقه والتي يمولها المال العام. كذلك المستشفيات الحكومية. اصحاب الحاجة الى المدرسة الرسمية والمستشفى الرسمي يحتاجون الى تأشيرة سياسية من الحزب والا ينتظرون ويتعرضون الى الذل. ولا يمزح الحزب عندما يتعلق الامر بوضع اليد، فتسلطه واضح على موارد الدولة تحت عنوان الشبكة الاخطبوطية من المؤسسات والجمعيات. لا استطيع ان امنع ايران من ان تضخ اموالها الى الحزب لكني اطلب الى الدولة ان توقف من يستولي على مرافق هي مؤتمنة عليها». هناك احدى المحاولات الاحصائية التي تشير الى واقع شعبية «حزب الله». الاحصائية تقول ان حوالي 20% من الشيعة يشكلون نواة صلبة، افرادها مغسول دماغهم نهائيا عقائديا ومعيشيا. وهناك 50% من الشيعة يدغدغهم انتماؤهم الطائفي الى الحزب القوي والالهي والقادر على مواجهة اسرائيل والولايات المتحدة والداخل اللبناني، كذلك يفيدهم هذا الانتماء. وهناك حوالي 30% من الشيعة يحملون الهواجس ولا يؤيدون الحزب. منهم من يجهر بموقفه هذا ومنهم من يكتم اعتراضه على الحزب وسط محيط مؤيد منغلق. هذه الارقام تبدو معقولة. الحزب لا يستطيع ان يكون راعيا وابا لأكثر من 20% وحاضنا بشكل عام ومن دون التزام كامل لأكثر من 50%. بعد حرب يوليو (تموز) 2006 ارتفع منسوب الانبهار بالحزب. حصل تماثل بين الشيعة والحزب الذي اعطاهم فورا حفنة من المال، ليس بالصدفة ان ترافق ذلك مع نظرية ان الشيعة يتعرضون الى هجوم من الداخل المتواطئ مع الخارج العدو الصهيوني والاميركي، وان احداً لا يحمي الشيعة الا الحزب. وهكذا برزت فئة من الناس لا تشارك الحزب نمطه وايديولوجيته، لكنها معجبة بأمينه العام حسن نصر الله. الحزب بعد هذه الحرب ذهب بمشاريعه الى اماكن بعيدة. وصل الى اليسار الشيعي واستقطبه، كما استقطب الناس الذين لا يفرض عليهم وضعهم الاجتماعي الالتحاق به. ولا علاقة لهم بمدارسه ومؤسساته وموائده. وجدوا فيه ملاذا معنويا وعنصر تباهٍ. ما حصل ان الحزب استطاع ان يخلط بين مفهوم الانتماء بالولادة الى بيئته الاجتماعية. تمكن من تجسير العلاقة انطلاقا من الانتماء البيولوجي او المناطقي. لذا تم تقديم فروض الولاء للجماعة. وعوضا عن قطع حبل السرة وبلوغ سن الرشد عاد مريدو الحزب الى رحم الجماعة. ولكن الى متى ستستمر هذه النجومية وهل ستبقى الفرص متاحة لها في التركيبة اللبنانية والمعطيات الاقليمية والدولية؟ يجيب سليم: «ربما هناك ما لا يلتقطه رادار الناس الذين لا يدورون في فلك الحزب. هناك من يظن ان نصر الله يتناول الشاي مع المهدي المنتظر وغيره من اولياء الله الصالحين. وما يدعم فرص النجومية هو ان حصانة لبنان اصبحت اضعف مما كانت عليه غداة ثورة الارز في مارس (آذار) 2005. خسرنا جزءا منها وكانت لا تزال في مرحلة النمو. هذا احد اسباب قوة حزب الله. حتى اثبات العكس حزب الله سيواصل الضغط على الجسم اللبناني. وسيبقى سيف الخوف الذي يسلطه الحزب قائما». الحزب لم يعد بحاجة الى ممارسة العنف اليدوي على الناس. بعد كل ما فعله داخل المجتمع الشيعي وخارجه صار الناس يخافون منه سلفا. كذلك لم يعد يحتاج الى شراء ود جمهوره كما في السابق. فـ«البونات» التي كانت تمنحهم تسهيلات في الدفع على امتداد متاجر الغبيري وبرج البراجنة وحارة حريك غابت. ولكن الا يعترض الناس او يرفضون سيف الخوف المصلت عليهم وتؤدي سلوكيات الحزب الى ردة فعل عكسية لاسيما في صفوف الشيعة المعروفين اصلا بنزوعهم الى الثورة. يواجه هذا الطرح بمقولة «السلطة تولد السلطة» ما دام الحزب ممسكا بالشيعة. ولن يكون سهلا تنشيط الحالات الرافضة في الوسط الشيعي. وهنا علينا ان نتذكر ان الحزب لا يتهاون في نظامه الامني فقد تردد كلام عن اعدام اكثر من 30 شخصا من دون محاكمة لهم بتهمة التجسس خلال حرب صيف 2006. لكن الامن لا يتعارض مع مسحة ديموقراطية بعد التأكد من عدم تأثيرها. فـ«دولة حزب الله» تترك المعارضين لها، لا سيما اذا كانوا من المفكرين للمحافظة على مظهر ليبرالي يحسن صورتها. ما هو مستقبل حزب الله؟ المرحلة المقبلة قد تحمل الجواب. او يكون الجواب قد اعطيَ عندما استدرج الحزب الى الساحة اللبنانية الداخلية وابعد عن الساحة التي تعطيه زخمه بمواجهة اسرائيل. او ان الجواب يكمن في قرار ضمني لدى اسرائيل بعدم منح الحزب فرصة اي مواجهة مهما حاول استفزازها استدراجها لتتركه يواجه بعد انزلاقه الى استخدام سلاحه في الداخل. لكن انهيار حزب الله ليس امرا بسيطا. فهو يرفد 40 الف فرصة عمل وهو يؤمن التعليم لحوالي 100 الف تلميذ. وانهيار هذا الواقع يردنا الى ضياع البوصلة. طالما الدولة لا تقوم لها قيامة سيبقى حزب الله ولا بديل شيعي له. ويرى الكثيرون ان الخروج من حالة «حزب الله» لن يكون سليما الا عندما يواجه الشيعة الحزب وليس غيرهم. لكن ما ثمن هذه الخطوة وهل تمكن الحزب من استثمارها في السياسة؟ وما مدى احتمال ان يستسلم اهالي بيروت لهذا الاحتلال الذي وان انسحب ظاهريا لا يزال يملك القدرة على معاودة الكرة عندما يرتئي ذلك؟ للبحث صلة. «دولة حزب الله»، كما قال «فخامة» امينها العام لا تزال شابة، ولا تزال تنشب أظافرها في الجسد الوهن للدولة. وفي انتظار ان يتحقق الشق الداخلي من القرار 1595 ستبقى هذه الدولة تتصرف وفق قاعدة: «الامر لنا». كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 05-24-2008 تهاوي موازين القوى لقد كان هناك قدر كبير من الجدل في هذه الحملات الانتخابية حول العدو القادم للولايات المتحدة، والذي على الرئيس المقبل أن يتفضل بالحديث عنه. والحقيقة التي ربما يكتشفها الرئيس المقبل هي أن القليل من الدول تنتظر الجديد من الولايات المتحدة. وكم يؤلمنا أن نتذكر حدوث العديد من التحولات المفاجئة في موازين القوى لغير صالح الولايات المتحدة. وأنا مقتنع تماما بأن فشل السياسة الخارجية، الذي لازم هذه الإدارة، لا يتمثل في فشلها في العراق فقط، وإنما هو في حقيقة الأمر أكبر من ذلك بكثير. إن فشل إدارة بوش في توجيه أقوى محركات الاقتصاد العالمي، وهو الاقتصاد الأميركي، في سبيل إنتاج بديل يعتمد عليه بدلا من النفط، قد ساعد في زيادة الأسعار، واستفادة الدول المنتجة للنفط بدءا من روسيا، ومرورا بفنزويلا وانتهاء بإيران، وهذه الدول تقوم بتغيير معالم السياسة العالمية حسب منظورها. وإذا استمر تدفق الثروات إلى هذه الدول البترولية، فلا شك أن القوة سوف تتبع الثروة. وحسب شهادة غال لوفت، وهو خبير في الطاقة، الذي أدلى بشهادته أمام الكونغرس يوم الأربعاء الماضي، فإنه بوصول أسعار البترول إلى 200 دولار للبرميل «يمكن لدول أوبك شراء بنك أميركا بعائدات شهر واحد، وشراء شركة آبل للكومبيوتر بعائدات أسبوع واحد، وشراء شركة جنرال موتورز بعائدات 3 أيام». لكن ذلك ليس كل شيء، فقد تم نشر كتابين جديدين يصفان تحولين آخرين كبيرين في موازين القوى: «ذا بوست أميركان ورلد» وقد ألفه فريد زكريا محرر الـ«نيوزويك» الدولية، و«سوبركلاس»، الذي ألفه ديفيد روثكوبوف، وهو أستاذ زائر في منظمة «كارنيغه إنداومنت للسلام العالمي». وتتركز وجهة نظر زكريا في أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة ما زالت تمتلك الكثير من عوامل القوة، فإن الصين والهند والبرازيل وغيرها من الدول، تعزز مكانتها لتنافس أميركا من الناحية الاقتصادية، وغيرها من النواحي الأخرى. ويقول زكريا: «إن الهند اليوم تمتلك 18 قناة إخبارية خاصة بها. وما تنقله هذه القنوات مخالف تماما لما تذيعه القنوات الإخبارية في الغرب. وكذلك ستحذو حذوها دول أخرى حيث تركز اهتمامها على بلادها في وسائل الإعلام الخاصة بها». ويقول زكريا إن الولايات المتحدة امتلكت الكثير من المصادر الطبيعية، وكانت تعتمد على جامعاتها وأسواقها وتنوع المواهب البشرية لديها، لتعويض انخفاض معدل المدخرات أو غياب نظام الرعاية الصحية، أو أي خطة استراتيجية يمكن عن طريقها تحسين قدرتنا التنافسية. ويقول زكريا: «لقد كان ذلك عاديا عندما كان العديد من الدول لا تنتج كثيرا». ولكن الآن، فإن الوضع قد اختلف، فالدول الأخرى تعمل بجد وتدخر وتفكر. ويقول: «لقد تعلموا الدرس منا ويلعبون اللعبة التي كنا نجيدها. فإذا لم نصلح نظامنا السياسي ونبدأ في التفكير بشكل استراتيجي حول كيفية تحسين قدرتنا التنافسية، فإن الولايات المتحدة ستعرض مصالحها للخطر مع تعاظم قدرات الدول الأخرى». أما كتاب روثكوبوف فإنه يتناول ضعف تأثير الدول الكبرى في علاج المشكلات العالمية، ولذلك فإن هناك فجوة في القوة تظهر إلى الوجود. وغالبا ما كان يتم ملء هذه الفجوة عن طريق بعض القوى التي تعمل على المسرح العالمي وتؤثر في الناتج العالمي. ويقول روثكوبوف إن بعض القوى الجديدة تتمثل في الشركات والمؤسسات المالية، وبعض أفرادها مجرمون وإرهابيون وبعضهم يشتغلون بالإعلام أو قادة دينيون والقليل من أفراد هذه القوى مسؤولون سياسيون يمكن لهم إدراك حجم التأثير العالمي الذي يمكن أن يحدثوه. :2talk: ويقول روثكوبوف، إن على الرئيس الأميركي المقبل إدارة هذا الوضع الجديد وعليه إدارة الأفراد وشبكات العمل الجديدة التي تظهر. إن العجز المالي يضطرنا إلى الاختيار بين الرعاية الصحية العادلة والتعليم الجيد والبنية التحتية السليمة من ناحية، والإنفاق الدفاعي والعجز التجاري الذي يضطرنا إلى الاقتراض من منافسينا لدرجة محرجة نضطر فيها إلى عدم الوقوف بقوة عندما نحتاج إلى ذلك من ناحية أخرى. إن القاعدة الأولى عندما تواجه حفرة ما، أنك إذا وقعت فيها، فعليك التوقف عن الحفر. وإذا كانت أمامك ثلاث حفر فعليك ردمها جميعا. * خدمة «نيويورك تايمز» كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 05-25-2008 نستقبل الرئيس وننتظر الجمهورية غسان شربل الحياة - 25/05/08// يصاب بعض طلاب الكليات الحربية بأعراض ديغولية. يحلم الواحد منهم بدور البطل. بدور المنقذ. يعتقد بان عليه ان يصيخ السمع. ليلتقط رسالة مرمزة. نداء استغاثة من أعماق بلاده. دعوة الى إنقاذ السفينة وركابها. وفي العادة تزداد النجوم ولا يأتي النداء. ويتقاعد الضابط الحالم ناقماً على الزمان. من دون أن ننسى من يتوهم سماع استغاثة. ويتوهم انه المعتصم. فيتقدم وسط الحطام ليسرّع غرق السفينة. شرف للجنرال أن تستدعيه بلاده. أن تناديه. وتشير اليه بإصبعها. ان تختاره. تمحضه ثقتها. تعلق عليه الآلام والآمال. وتطالبه بأن يوقف انحدارها. وتفككها. واندحارها. ومن يقع عليه الخيار محظوظ وسيئ الحظ. محظوظ لأنه فاز بالكأس. سيئ الحظ لأن عليه أن يتجرعها. العماد ميشال سليمان غداً تختنق مفكرة القصر بطالبي المواعيد. يختنق مقسم الهاتف بالمتصلين. يغص القصر بالزوار بعد عصر من العزلة والنسيان وبعدما تراكم الغبار في مكتب الرئيس ولوّح العنكبوت بالإقامة في زواياه. غداً يأتي صادقون فاسألهم واستمع اليهم. وغداً يأتي مداحون ومعهم ورد الكلام وعسل الجوع الى الوليمة. هؤلاء مفسدو الجمهوريات والعهود. هذا يريد التسلل الى الحكومة. وذاك الى مجلس النواب. وثالث الى البطانة. المصفقون آفة العهود فلا تستمع اليهم. دعنا نصارحك. لست مرشح 14 آذار. كانوا يفضلون غيرك. يفضلون رجلاً من قاموسهم بمخاوفه ومطالبه ورغباته. ملامحك ليست مطابقة لملامحهم. ولست مرشح 8 آذار. كانوا يفضلون غيرك. يفضلون رئيساً أكثر التصاقاً ببرنامجهم. ملامحك ليست مطابقة لملامحهم. أنت مرشح الحاجة اليك. حاجة ولدت من عجز كل فريق عن إيصال مرشحه. وحاجة الجمهورية الى رجل يعرف ان لغة منتصف الطريق وحدها تبقي حلم الجمهورية حياً أو وارداً، وإن أرجأ الركام موعد تحقيق الأحلام. حاجة ولدت من ممارستك على خط الزلازل الذي افتتحه اغتيال رفيق الحريري. حاجة ولدت أيضاً من رصيد المؤسسة التي قدتها وهي تبقى آخر رموز الوحدة وإن نالت بعض الاختبارات من بريقها. لست مرشحهم لكنهم سلموا بالحاجة اليك. ولهذا لست مديناً لتردّ الجميل. ولست ضعيفاً أيضاً. انهم أقوياء. هذا صحيح. أقوياء في طوائفهم أو مناطقهم أو في بعض منها. يستندون الى عصبيات تفوق قوتها عزم المراهنين عليك. لكن تفويضك أوسع من تفويضهم. تفويض كل واحد منهم ينتهي عند خط التماس. عند حدود الطائفة أو المنطقة أو المذهب. انك صاحب التفويض العابر للطوائف والمناطق. انه تفويض الحاجة اليك لمنع المجازفات الدامية واستحكام جمهوريات الثأر والركام. انك محظوظ لأن بلادك نادتك واستدعتك. وسيئ الحظ لأن مهمتك لا تقل عن اعادة تأسيس البلاد. واعرف ان عليك أن تدحرج هذه الصخرة في بلد متهور ومنطقة موتورة. وأنك لست ديكتاتوراً يأمر فيطاع. وأن صلاحياتك متواضعة. لكنني أعرف أن حجم التفويض الممنوح لك أكبر من التفويض الممنوح لأي شخص آخر. وهذا التفويض يجعلك رمزاً ومؤسساً اذا لم تسمح للآخرين بأن يسارعوا الى تحجيم الرصيد الذي يشكله هذا التفويض. دعنا نصارحك. هذه ليست بلاداً. حوَّلها الانهيار من مجموعة طوائف الى مجموعة شظايا. تخاف وتراكم الخوف. تغضب. تحقد. تتسلح. وتنتظر لحظة الانطلاق والاحتكاك. مهمتك لا تقل عن اعادة تدريب هذه الشظايا المثقلة بالطموحات الفجة أو المخاوف المضخمة على التعايش معاً بعد التنازل عن الأحلام السرية التي لا طاقة للبلد على احتمالها. عليك أن تحرس الشظايا من يأسها وجنونها وجاذبية الهيمنة والطلاق والانتحار. العماد ميشال سليمان تنتخب اليوم وتؤدي اليمين. أعانك الله. مهمتك صعبة وشاقة وشبه مستحيلة. مهمتك لا تقل عن تأسيس جمهورية تتسع للسيد حسن نصر الله ونبيه بري وسعد الحريري ووليد جنبلاط وأمين الجميل وميشال عون وسمير جعجع. تتسع لهم بلا شهداء في حروب الداخل ومن دون ان يشعر أي فريق بالتهميش أو الاستضعاف أو التهديد، للونه أو وجوده. جاء الرئيس فأين الجمهورية؟ عليه أن يسترد الشظايا من الخوف والمجازفات. عليه أن يسترد حقوق الجمهورية وحقوق الدولة وكرامة الدستور. اذهب أيها الجنرال الى معركة العثور على الجمهورية. التفويض الداخلي واسع. والتفويض الإقليمي والدولي واسع. سلاحك حاجة المواطن الى يوم بلا خوف. الى جمهورية لا يستباح فيها أمن مواطن أو كرامة شبر. |