حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
أفكار في القمة . - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: أفكار في القمة . (/showthread.php?tid=727) |
أفكار في القمة . - بهجت - 04-06-2009 نظرية الإطار. جزء2 حتى اليوم كنت أسعى لأكون لوحة يخط الله عليها قوله . ................ إذا لم يكن بالإرادة ، فكيف السبيل إلى افتداء الإنسان . ( هنريك ابسن ) .......................... منتديات الحوار . عندما نحاول تطبيق نظرية الإطار المطروحة على منتديات الحوار أيضا كدراسة حالة ، فسنجد أن أمامنا إطارين على الأقل يمكن توزيع المتحاورين بينهما ، الإطار الأول هو الإطار الديني الدوجمائي ( النصي ) و الثاني هو الإطار العقلاني أو المنهجي . وهذا ليس ترجيحا لأحدهما على الآخر و لكنه تقرير لواقع . إن الإطار الديني يدور حول محورية الدين ، وهو يتعامل مع الدين برؤية شمولية و كمصدر للمعرفة وهذا ما يميزه بشكل جذري ، و بالتالي ستجد أن هذا الإطار يشمل حوالي 85 % من مرتادي المنتديات العربية ، سواء من الإسلاميين أو المسيحيين المتحمسين ، وفي السعودية و مصر تزيد هذه النسبة وقد تتجاوز 90 أو 95 % بسبب أصولية الثقافة العامة لدى المسلمين و المسيحيين ( في مصر ) على السواء ، أما الإطار الآخر فيشمل كل من يرى التجارب البشرية التي ينتظمها العلم بحقائقه و مناهجه هي بالأساس المرجعية المعرفية ( مصدر المعرفة و مرجعيتها ) و ليس الدين رغم أنه كثيرا ما يكون مؤمنا ، و يمكن وضع الغربيين مثلا في هذا الإطار ، فالمؤمن الذي ينتمي للحضارة الغربية هو أيضا ينتمي للحداثة العقلانية ، بمعنى أنه يقرأ الإيمان خلال ثقافة تحيل الدين إلى موضوع ذاتي عقيدي لا يترتب عليه نتائج عملية ، وهناك أيضا مجموعة متزايدة من المثقفين المصريين و العرب يمكن إدراجهم في هذا الإطار الحداثي ، هؤلاء الذين ينشأون على تقاليد فكرية عقلانية مستنيرة ، و يمكن تمييز كلا الإطارين في نادي الفكر العربي كغيره من المنتديات الحوارية بسهولة بالغة . عند مناقشة أي قضية سيلجأ الأصولي إلى البحث عن نص ديني يتناول القضية ولو بشكل تلفيقي وعندما يجد نصا دينيا من الدرجة الأولى مثل النص القرآني أو الحديث أو أقوال الائمة من آل البيت أو نوابهم مهما كان ضعيفا ، فسوف يورده معتقدا أن ذلك ينهي النقاش ، فالنص هو سقف الأصولي لأنه يفكر به و ليس فيه ، بينما العقلاني يعتمد على المنهج العلمي و ليس النصوص المقدسة ، بل هو بداية يرى أن ما لا يمكن نقده ليس علميا و بالتالي لا يقبل النصوص الدينية كأداة للحوار العقلاني ، فطالما لن يكون مقبولا إثبات أن القرآن أخطأ في تلك القضية أو أن المسيح أو محمد لم يكن يعرف تلك المعلومة أو لم يكن لديه معرفة طبية مناسبة ، فلن يكون مقبولآ الإستشهاد بالنصوص الدينية في جدل علمي قائم على النقد . هكذا نجد أن الخلاف بين المتحاورين لا يقتصر على موقف سيكولوجي يرفض الاعتراف بالخطأ ، ولكنه غالبا ما يمتد ليكون موقفا لا يدرك الرأي المخالف نهائيا بحكم القطيعة الثقافية ، هذه القطيعة نتيجة منطقية بسبب التفارق الكامل بين المرجعيات الثقافية ، ولا يجب أن نفاجئ بتلك الظاهرة فهي ليست نادرة الحدوث بل أكثر شيوعا مما نتصور ، بل تكاد أن تكون حتمية عندما ينتمي طرفي الحوار إلى تقاليد و مناهج فكرية مختلفة ، وهذا ما حدث تحديدا في قضايا من نوعية إرضاع الكبير و التداوي ببول الإبل و غيرها بلا حصر ، فكيف يتحاور من يكون بلا منهج سوى البحث عن نصوص مقدسة هنا و هناك ، دون إدراك أن تلك النصوص أصبحت تاريخية بحكم إطارها الفكري ، و بين من يتبنى المنهج العلمي و يسلم بالعقل و قوانيه بلا تحفظ . ..................................................... أهداف الحوار . إن الحوار الحقيقي لا يهدف إلى دفع المخالف إلى الارتداد عن معتقداته ، بل سيكون فوق الكفاية أن نشعر أننا أصبحنا نرى الأشياء في ضوء مستجدات لم تكن معروفة لنا حتى لو رأينا تلك الأشياء نفسها كما عهدناها بلا تغيير ، يكفي أننا نقترب أكثر من الصدق و الحقيقة حتى لو لم نصل إليها ، لهذا فتوقعاتنا من الحوار يجب أن تكون متواضعة . إن الوصول إلى نتائج اتفاقية محددة ليس هو الهدف الأساسي من الحوار الفكري ، فهذا سيكون سهلا - و أيضا مملا – عندما يكون المتحاورون متقاربين من البداية ، و لكن الهدف الأساسي من الحوار هو أن يستفيد المتحاورون من عرض خلافاتهم و يكتشف كل منهم نقاط الضعف في أفكاره هو ، وهذا ربما كان عسيرا عندما تكون الخلافات حادة ،و لكنه ممكن إذا توخى المتحاورون البحث عن الحقيقة أو الصدق ، و لكن شريطة أن يتوفر إطار ما يحتضن الحوار إذا أريد له أن يكون مثمرا ، و ليس من الضروري أن يكون هذا الإطار ضيقا بل من الأفضل أن يكون متسعا قدر الإمكان . .......................................... الإنتصار في الحوار . إن المناقشات العقلية الهامة دائما عسيرة ، و دائما ما تتداخل مع عناصر بشرية لا عقلانية من قبيل المشاكل الشخصية ،و أيضا من قبيل رغبة الإنسان البدائية في هزيمة الخصم و الظفر ،و هذا تحديدا ما يجب أن ينساه المحاور الجاد ، أما ما يجب أن يتعلمه فهو أن الانتصار في الحوار لا يعني شيئا له قيمة ، و لكن الهام هو أن ينجح الإنسان في عرض أفكاره و تفهم أفكار الآخرين بأيسر طريق . إن المناقشة العقلانية بهذا المفهوم أمر نادر الحدوث جدا في كل المجتمعات خاصة مجتمعاتنا العربية القائمة على تقاليد الدوجمائية و النصوص المقدسة . و لكن هذا النموذج العقلاني يظل مثلا أعلى يمكن أن نتعلم منه الاستمتاع بالحوار الذي يشعل فينا جذوة المعرفة و يستحثنا للإجادة . التعريف كأداة للحوار . هناك من يثير النظرية القائلة إننا يجب أن نتفق على مفرداتنا قبل المناقشة ،و ذلك عن طريق تعريف المصطلحات . رغم إقراري بمنطقية هذه الفكرة إلا أنني لا أوافق عليها لأسباب عملية ، فلو تمشينا مع هذا المطلب سنجد أنفسنا في مأزق جدلي تقليدي هو أننا بدلا من مناقشة معنى المصطلح تحت البحث سوف نستحدث مشكلة أخرى هي مناقشة تعريف هذا المصطلح ، و نحن نعرف أن مطلب التعريفات هو موضوع شائك إلى درجة هائلة لأنه يسلمنا إلى ارتداد لا نهائي infinite regress فكل تعريف يبنى على تعريف أو مجموعة تعريفات أخرى و هكذا ، ولن يكون أمامنا في النهاية سوى أن نسلم بما يسمى المصطلحات المبدئية أي المصطلحات غير المعرفة أو ذاتية التعريف ، وهذه التعريفات ليست أقل استشكالا من غالبية المصطلحات المعرفة . إننا لا يمكن أن نتفادى الحقيقة القائلة أن كل مناقشة عقلية لابد أن تبدأ من مبادئ أو بديهيات ،وهذه بدورها يجب أن تكون مقبولة قبولا عقائديا ( دوجمائيا ) ، هذا إذا حاولنا تفادى ارتدادا لا نهائيا . إن هذا يعني ببساطة ( مرعبة ) أن المناقشة العقلانية لابد أن تستند على مقدمات من المبادئ و البديهيات التي يجري التسليم بها من الجميع دون أن نخضعها للنقاش ، و هذا يبقى صحيحا مهما كان منهجنا في الحوار سواء كان التبرير أو البرهان و الإثبات أو الاشتقاق المنطقي ، ربما فقط استثني المناقشات النقدية في العلوم الطبيعية و الرياضية . إن هذا الشرط المبدئي ( ضرورة البدء من مسلمات ) ليس مجرد شرط نظري فقط بل هو ملموس بالفعل ، ولقد واجهت هذا الموقف تحديدا بشكل يائس مرات عدة ، خاصة عندما أشرع في الاستجابة لمداخلات زملاء من الإسلاميين عند مناقشة موضوع مثل تطبيق الشريعة الإسلامية ، فمع تقديري لهؤلاء الزملاء إلا أنني أدركت أننا نعمل في إطارين مختلفين تماما ،و أتذكر أنني قضيت ربما أكثر من ساعة خلال رياضتي الصباحية أفكر في حل لهذا المأزق ، وكيف أجعل أحدهم يدرك حقيقة أن مثل هذا الحوار بيننا في تلك القضية مستحيل دون أن أسبب له ضيقا أو ألما ؟.إن هذه الاستحالة هي استحالة منهجية و ليست بسبب أنني أدعي تفوق منطقي أو أصمه بالتخلف المنهجي ، و لكن بسبب وجود منهجين مختلفين تماما . المشكلة كانت حتى أعمق من ذلك لأني أدركت أن الزميل الإسلامي من المستحيل أن يقر بفكرة الإطار و اللامقايسة و النسباوية لأنها جميعا و ببساطة لا تعني شيئا في المفاهيم المتداولة داخل إطاره الفكري ،و النتيجة طبعا متوقعة ، فالأمر كله لم يختلف عن حوار الحضارات .. غير ممكن !. أفكار في القمة . - The Holy Man - 04-07-2009 مرحباً : الزميل بهجت لا أعرف إذا كنت قد انتهيت من طرح وجهة نظرك بالكامل فيما يختص بنظرية الأطر أم أن لديك كلام إضافي تقوله .... إذا لم يكن هناك المزيد فأحب أن اناقشك بهذا الموضوع أنتظر منك جواب أو إكمال وجهة نظرك إلى نهايتها ... تحياتي أفكار في القمة . - بهجت - 04-07-2009 نظرية الإطار. جزء3 قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ . فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (التوبة 5 ). قرآن كريم . إني على استعداد أن أموت من أجل حقك في التعبير عن رأيك الذي أخالفك إياه " فولتير- (علماني فرنسي ) < مثال معاصر . من المفضل في هذه المرحلة أن نضرب مثالا كنموذج واضح عن الأطر التي نعنيها ، و سيكون مثالا تجربيا عاصرناها جميعا . لعلنا نذكر الفتاوى التي أطلقها شيوخ الوهابية السعوديون و معهم الشيخ يوسف القرضاوي الذي يعرف بالاعتدال مقارنة بغيره من فقهاء التدين السياسي ، هذه الفتاوى ساهمت بشكل عملي في إذكاء الصراع في العراق و التحريض على العمليات الإرهابية ضد الشيعة تحت شعار مقاومة المحتل . نسأل أنفسنا أين الخطأ الذي جعل من رجال الدين أو بعضهم محرضين على الإرهاب المجاني ضد أبرياء بدعوى المقاومة ؟. هل المشكلة كامنة في أن هؤلاء الفقهاء الجهاديون لا يعبرون عن روح الإسلام أو أنهم مجرد رجال أشرار دافعهم الوحيد هو كراهية الشيعة ؟. الإجابة هي لا كبيرة على الأقل فيما يخص القرضاوي بسبب علاقته القوية بالإيرانيين ، إذا فالمشكلة أعمق كثيرا من كونها صراعا طائفيا ، إنها في رأيي كامنة في الخلل البنيوي الذي يميز الإطار الذي يفكر و يعيش فيه الأصوليون . سوف أخص بالحديث الآن الفتوى الشهيرة التي أجاز فيها القرضاوي قتل المدنيين الذين يقدمون خدمات للقوات الأمريكية في العراق و ما أحدثته من ردود فعل ، و نذكر أيضا المناظرة التلفزيونية في قناة الجزيرة وقتئذ التي قال فيها القرضاوي بالحرف :" ( مَن أراد أن يحاكمني فليحاكمني إلى أصول الإسلام التي أؤمن بها وأدعو إليها وأضمنها خطابي في كل..)، إن هذه العبارة الصغيرة توضح بشكل مكثف نظرية الإطار كلها ، فالقرضاوي كغيره من الفقهاء يفكر بالنص و ليس فيه و يرى الحياة في إطار محدد هو الإطار الديني النصي ،و لذلك هو متوافق تماما مع هذا الإطار . إن أفكار القرضاوي مفهومة و منطقية ليس فقط بالنسبة لمن يشاركه هذا الإطار من المعاصرين بل هي كذلك لمن كان يعيش في بغداد العباسية أو القيروان في عصر المرابطين ، فهذا الإطار لم يتغير في جوهره منذ القرن السابع أو الثامن الهجري ، وكل ما حدث أن أعيد طلاؤه . هذه الأفكار نفسها ستكون غير مفهومة البتة لمن ينتمي لإطار عقلاني معاصر يرى أن المرجعية التي يجب أن يلتزم بها الجميع هي القانون الاتفاقي الوضعي و أن ما يعول عليه هي التقاليد الثقافية التي لا ترى دورا لرجال الدين في الممارسات السياسية . إن مفكرا أوروبيا أو يابانيا لن يفهم كيف يدعو رجل دين إلى قتل حماة الدولة التي ينتمي إليها ( أمريكا تحمي قطر ) ويحرض ضد من يعاون الأمريكيين رغم أن شعب قطره كله تقريبا ضمن هؤلاء المعاونون ، و بالتالي سوف يزداد عجبه – و ليس اعجابه - عندما يجد أن هذا الفقيه مازال يعتبر نفسه مواطنا صالحا لم يخالف القانون ، و أن هذا الفقيه الجليل عندما يدافع عن موقفه يطالب أن يحاكم ليس وفقا لقانون دولته ، ولكن وفقا لنصوص أنتجها فقهاء منذ 1200 عام تجيز له التحريض على القتل طبقا لتقديره الفقهي !، هذا الأمر لا يمكن أبدا قياسه على أي فكر قانوني خارج الإطار الإسلامي الأصولي . هذه الحقيقة على بساطتها ووضوحها لا يفهمها ولا يقرها الأصوليون - أو حتى المعتدلون الذين ينتمون للإطار الديني - رغم أنها تبدوا بديهية لأي إنسان ينتمي لأطر حداثية مهما تنوعت هذه الأطر .إن من ينتمي لأطر غير دينية سيفهم -سواء وافق أو عارض ذلك- أن يعلن سياسي عراقي مثلا أنه سيقاتل من يتعاون مع القوات الأمريكية على أساس سياسي ( رغم أنه قد يرفض هذا الرأي السياسي) ، لأن الإطار العقلاني يقبل أن يقاتل الشعب الغزاة ومن يدعمهم على أسس من المصالح الوطنية و ليس نتيجة العقائد الدينية ، و يقبل هذا الإطار أيضا أن يقرر رجال السياسة قضايا الحرب و الصراع على أسس عقلانية ، و لكنه يرفض أن يقوم رجال الدين بذلك على أسس عقائدية ، لأن واجب رجال الدين ينحصر في الدعوة للسلام و الحب ،و ليس في شن الحروب و استحلال الدماء وركوب نساء الأعداء و استعباد أبنائهم !. أرجو أن نفكر بعمق في ذلك كله ، آملا ألا يتعجل أحد بالقول أن هؤلاء الفقهاء لا يعرفون الدين الإسلامي السمح على وجهه الصحيح ،أو أن مرجعيات الشيعة هي وحدها التي تعبر عن هذا الدين ، فهذا القول يكرره الفريقان منذ 1400 سنة إلى اليوم ولن يكفوا عن تكراره . إن الإطار الديني هو المشكلة ،ولو ناقشنا مشكلة العراق في إطار سياسي عقلاني لأمكن الوصول إلى حل توافقي يحوز رضاء الجميع ، فتلك قضية مدنية لا علاقة لها بالأحكام الفقهية التي لا تعرف شيئا عن العلاقات الدولية المعاصرة ولا قرارات الأمم المتحدة ولا التصفيات العرقية . سجن الإطار . يثير كثير من المفكرين العرب خطورة القبول بفكرة حتمية صراع الحضارات أو الثقافات و بالتالي استحالة الحوار المجدي بين الشعوب الإسلامية و بين باقي الجنس البشري . إن القبول بهذه النتيجة يعني أننا في بداية مرحلة جديدة من المواجهات العنيفة مع العالم كله ،و أيضا نهاية القدر الضئيل من التطور الذي أحرزناه خلال العقود الأخيرة . بالقطع أتفق مع هؤلاء المفكرين ،و لكني أخشى أنه حتى لو رفضنا نظرية الإطار و نتائجها فلن يؤدي ذلك إلى التغلب على مشكلة الحوار مع الآخر . إننا لن نتغلب على المشكلة بإنكارها بل بالبحث العميق المخلص عن حل . أرى أن هناك نوع من الحوار يمكن أن يمدنا بحل ، هو الحوار المستمد من مناقشات العلوم الطبيعية ، تلك هي المناقشات النقدية التي تحاول اختبار النظرية أو الرأي محور النقاش عن طريق ما إذا كانت عواقبها consequences أو أثارها المنطقية مقبولة أو غير مرغوبة ،وهذا يجعلنا قادرين على تمييز حوارا أو مناقشة كونها خاطئة أم صائبة . فالحوار الصائب هو الذي يتبع منهجا نقديا يقوم على المقارنة بين عواقب النظريات المختلفة و بالطبع يمكن أن نقول الأطر المختلفة ، و يحاول أن يكتشف أي النظريات لها عواقب نراها أفضل لنا ، هذا المنهج سيكون منهجا محايدا يعلو فوق الأطر المختلفة لأنه سيراها جميعا تقبل الخطأ و الصواب ، فهو منهج على وعي حقيقي بإمكان الخطأ الكامن في كافة النظريات و الأطر الثقافية ، و يسعى هذا المنهج أن يستبدل بكافة النظريات التي نناقشها نظريات أفضل ، أما المناقشات الفاسدة أو الخاطئة فهي تلك التي تبدأ من السؤال التقليدي وهو كيف يمكن أن نبرر أو نؤسس أطروحاتنا أو نظرياتنا ، فهذا المقترب يؤدي آليا إلى الدوجمائية أو الارتداد اللانهائي للتعريفات و المصطلحات موضع الحوار ، وهذا يقودنا مرة أخرى إلى مبدأ النسبوية المنادي بحتمية الأطر العقلية الخاضعة للامقايسة ، تلك الظاهرة التي تتراكم و تؤدي إلى صدام الحضارات . كم كنت أتمنى أن أعلن الآن بصوت ملؤه الظفر أننا نجحنا في اختراق أعقد مشكلة ثقافية تواجهنا اليوم ،و لكنني لا أريد أن أخدع أحدا بهذا الحل ، لأن هناك على الطريق عقبة نظرية لا يستهان بها فهناك من سيرى أن هذا المنهج النقدي الصائب الذي نجح في العلوم الطبيعة لن يصلح في مجال بشري مغاير فهو لن يتيح لنا التحرر أبدا من سجن الإطار ، ذلك أن حكمنا على العواقب بأنها الأفضل سيكون فقط من وجهة نظرنا نحن ، و لن يراها كذلك من ينتمي لإطار مخالف الذي يمكن أن يرى تلك العواقب نفسها من رؤية مختلفة و أنها سيئة !.، أي أن تلك الرؤية للعواقب ستكون جزءا أو امتدادا لإطارنا نحن ، أي سيكون لدينا نموذج جديد للتبرير الذاتي و ليس منهجا نقديا يعلو على الإطار . إن الالتزام بهذا المنهج الذي نفترضه وهو ( النقاش النقدي ) هو مهمة عسيرة جدا و رغم أنها ليست حلا جذريا لمشكلة الإطار لكنها جديرة بالمحاولة ، بل و يمكن أن تقدم لنا خطوة جيدة في اتجاه الحل ، لأنه لو حاولنا أن نحدد لنا أهدافا خارج الأطر المختلفة نتشارك فيها مع الآخرين مثل جعل العالم أكثر أمنا أو أن نحصل على فهم أفضل للعالم الذي نتشارك فيه ، كذلك لو سعينا للاتفاق مع الآخرين حول وضع قواعد منهجية و مقاييس جديدة للتفسير ، يمكننا أن نكون على عتبة جديدة للسلام بيننا و بين أنفسنا و مع العالم أيضا . بالطبع يمكننا ألا نفعل أي شيء من ذلك كله و أن نظل على التصاقنا بكل القيم و الأهداف و الأفكار التي نجترها داخل الإطار الديني الذي نفكر و نعيش فيه ،و بهذا لن نتعلم شيئا من أخطائنا ولا من الآخرين ولن نستكشف أفاقا جديدة ، و سيضيق علينا هذا الإطار باستمرار و سيتحول إلى سجن يزداد انغلاقه علينا حتى نختنق و نتعفن داخله . ................................. الزميل هولي مان .(f) أرحب دائما بتعليقك و كل الزملاء ، على أي من المداخلات . مودتي . أفكار في القمة . - بهجت - 04-10-2009 التناقض المعرفي . ................... ;إن الإنسان حيوان عاقل ، وهو إن لم يستخدم عقله بشكل واع منهجي ، فإنه يفعل ذلك بشكل غريزي و على طريقة الهواة. أ. م . بوشنسكي – الفلسفة المعاصرة في أوروبا . أعرض في هذه المداخلة نظرية هامة تتميز بقدرتها التفسيرية العالية ،و قد سبق أن طرحتها في شريط بعنوان التناقض المعرفي .. العلم و الشيطان . اضغط هنا و لكني هنا سأعرضها مركزة. مقدمــــة. ظلت نظرية التناقض المعرفي Cognitive Dissonance لليون فيستنجر Festinger ، بالغة الأهمية منذ إعلانها عام 1957 إلى الآن خاصة في مجال علم النفس الاجتماعي Social Psychology ، إن هذه النظرية و تطبيقاتها أتاحت لنا النظر عميقا داخل مجالات عدة كانت خافية علينا و صعبة الفهم و التفسير ، من تلك المجالات مثلا المحددات التي تحكم الأفكار والمعتقدات فلا تخرج عنها ، أو ما يطلق عليها نعوم تشوماسكي " حدود الأفكار التي لا يمكن التفكير خارجها " ، وأيضا تتيح لنا النظرية فهم ردود الأفعال الجماعية تجاه الأفكار التي لا تحظى بالقبول النفسي من الجماهير العريضة .. لماذا ينفر العرب مثلآ من فكرة المواطنة العلمانية رغم أنها مقررة في دساتيرهم غالبا ، و أيضا كيف تسعى المجتمعات لتغيير أفكارها لتلائم سلوكها و ليس العكس . طبقا لنظرية التناقض المعرفي ؛ فإن الإنسان يعاني من التناقض عندما يكون عليه المفاضلة بين معتقدين أو إجراءين لا يمكن التوفيق بينهما ، وتزداد تلك المعاناة كلما كان البديلان يحظيان بنفس الجاذبية في نفس الإنسان ، ومن الملاحظ في هذا المجال أنه عند حدوث إختلافات بين القناعات العقلية و السلوك الواقعي فإن الإتجاهات العقلية هي التي تتغير غالبا طبقا لمقتضيات السلوك . التغلب على التناقض. إننا عند التعامل مع عناصر المعرفة cognitions المتاحة نطرح أولا سؤالا لا شعوريا هو .. هل هذه العناصر ذات علاقة بعضها البعض أم لا ؟ ،و إذا كانت ذات علاقة فهل تلك العناصر متناغمة أم متعارضة؟ . في حالة اكتشافنا لوجود تعارض بين معارفنا المختلفة مثل تلك النظريات التي تفسر نشوء الكون و أصل الإنسان ، فإن ذلك يؤدي إلى قلق نفسي ،وهذا يدفع الإنسان إلى الإحساس بضرورة تقليل هذا التناقض ، و تحاشي المعلومات التي تزيده ، وفقا لنظرية التناقض المعرفي فالإنسان يميل إلى البحث عن التوافق بين معتقداته المختلفة ، و بالتالي فعندما تكون هناك تناقضات تفسد الإنسجام بينها ، يندفع الإنسان إلى تغيير بعض معتقداته و إتجاهاته و أحيانا سلوكه لتحقيق التوافق المنشود ، وهناك ثلاث أساليب يلجأ إليها الإنسان لتحقيق هذا التوافق سواء بشكل متعمد أو لا شعوريا و النوع الأخير هو الغالب ، وهذه الأساليب هي : 1 - تقليل أهمية المعتقدات التي تتناقض مع معتقداتنا الأصلية . reduce the importance of the dissonant beliefs 2- إضافة المزيد من المعتقدات المتوافقة مما يفوق وزن المعتقدات المتناقضة . add more consonant beliefs that outweigh the dissonant beliefs, 3- تعديل المعتقدات المتناقضة حتى تصبح غير متناقضة . change the dissonant beliefs so that they are no longer inconsistent. لتفسير ذلك يمكن أن نضرب مثلا بسيطا بالمدخن ، فالمدخن يعلم أن التدخين يعرضه لأمراض بعضها خطير ،و هذه المعرفة تتناقض مع حقيقة أنه يدخن بالفعل ، و كي يتغلب المدخن على هذا التناقض سيكون أمامه مسارين ، فيمكنه متحليا بالإرادة و المثابرة أن يقلع عن التدخين ، و لكن هناك مسار آخر للتغلب على ذلك التناقض بأن يلجأ المدخن إلى تقليل أهمية المعلومات التي تربط التدخين بأمراض القلب و السرطان مثلآ ، فهو يتشكك في الإحصائيات التي تؤكد هذه العلاقة و يراها غير حاسمة (إلغاء المعتقدات المتناقضة ) ، كذلك يمكنه أن يبالغ في تقدير اللذة التي يشعر بها في التدخين و أن التدخين يزيل توتره و يساعده على التركيز كما يساهم في تخفيض الوزن (إضافة المزيد من المعتقدات المتوافقة ) ، كما يقنع نفسه أن مخاطر التدخين لا تقارن بمخاطر حوادث السيارات ،و لأن تجنب الطرق مستحيل فالتدخين أيضا ضرورة وكلاهما متلازمات عصرية (تقليل أهمية المعتقدات المتناقضة) . ومن الجدير بالملاحظة أن الإنسان في هذه الحالة ( التناقض المعرفي ) يميل طبيعيا إلى تعديل اتجاهاته صوب المعتقدات التي تتناقض أقل ما يمكن مع معتقداته الأصلية ، حتى لو كانت لا تمتلك جاذبية كبيرة ، بمعنى أنه في حالة ظهور نظريات جديدة في مجال ما ، فإن الإنسان عادة يميل إلى تبنى النظريات و المفاهيم التي لا تختلف كثيرا عن معتقداته الأصلية بدلآ أن يختار الأفكار الأكثر حداثة و بالتالي الأشد بريقا و لكنها ستكون متناقضة بشكل أكبر مع معارفه السابقة ، فمثلآ عندما يكتشف المصري أن الحسين بن علي دفن في كربلاء بينما دفنت رأسه المقطوعة في دمشق ، فهذه المعلومة تتناقض مع وجود ضريح يزار للحسين في القاهرة ، و لهذا سيفضل هذا الإنسان نظرية تتحدث عن نقل رأس الحسين في نفس مكان ضريحه الحالي في القاهرة ، بدلآ من التسليم بأن ضريحه في مصر رمزي و لكنه خاو لا يحتوى على أي من جثمانه ، و هذه النتيجة تبدوا متناقضة مع النظريات السلوكية الأخرى التي ترى أن الإنسان يتجه إلى تغيير معتقداته صوب المعتقدات الأكثر جاذبية . تطبيقات . من أهم مميزات نظرية التناقض المعرفي عموميتها ،و بالتالي قابليتها للتطبيق في مجالات متعددة ، و بهذه العمومية ظلت النظرية فعالة و مؤثرة في العلوم الإجتماعية حتى اليوم ، هذا لا يعني أنها لم تواجه بالنقد المعتاد الذي تواجهه كل النظريات العلمية ،و لكن هذا النقد أدى إلى تطوير النظرية حتى أصبحت القاعدة التي بني عليها كثير من النماذج التطبيقية ، فمن الجدير بالملاحظة أن النظرية لم تترك بحالتها العامة ، و لكنها كانت الأساس لصياغة عدد من النماذج القياسية ( البراديم . paradigm ) التي تستخدم لفهم و تفسير ظواهر معرفية و سلوكية في مجالات و أنشطة متعددة ، ومن أهم نماذج تطبيق النظرية التي خضعت للتجارب الميدانية قضايا هامة مثل : 1- صدمة عدم تحقق المعتقدات الأساسية : و هذا التناقض واضح للغاية في ثقافتنا الإسلامية رغم أن الصدمة المفترضة تكون دون التوقعات نتيجة حالة من التبلد المعرفي ، هناك زخم من حالات صارخة تعبر عن الظاهرة مثل تناقض صورة الكون في المعتقدات التراثية مع صورته التي تتكشف لنا من منظور العلوم الحديثة ، وهناك أيضا التناقض بين الواقع المتخلف و التعالي الأجوف على الآخرين و عقائدهم . 2- أيضا تستخدم النظرية في فهم ما يحدث عندما يتخذ الأفراد و الجماعات قرارات هامة ، مثال لذلك الإنتقال الفجائي من النظم الإشتراكية و الشمولية إلى نظم ديمقراطية ليبرالية ، في هذه الحالة سوف تتضخم أهمية المعتقدات التي تتناقض مع خياراتنا، و تنكمش المعتقدات المتوافقة مع تلك الخيارات، و ذلك لصالح المعتقدات القديمة ،وهذا يفسر الحنين إلى الشمولية القديمة بين الشعوب العربية التي حققت قدرا من الإنفتاح مثل العراق و مصر . 3- التعامل مع الجهود المبذولة في أنشطة حيوية و تقدير جدواها . 4- تفسير ما يحدث للأفراد و الجماعات التي تقوم بأنشطة مناقضة لمعتقداتها و إتجاهتها الأصلية ، و يمكننا ان نلاحظ ذلك في مجتمعنا أيضا ، فالتخبط سيصبح متجذرا في الممارسات الديمقراطية في المجتمعات الأصولية التي لا تؤمن بالحريات الشخصية ، و ذلك عندما تجبر هذه المجتمعات على تبني النسق الغربي الليبرالي ، فالغربي مثلا لن يفهم كيف يتخلى المصري طوعا عن حريته السياسية و يجيرها لصالح مرشد الإخوان أو أمير الجماعة الإسلامية أو آباء الكنيسة القبطية ، و لكن هذا النموذج سيلقى ضوءا عميقا في صميم تلك الممارسات الغير عقلانية . خلال هذا الشريط سأعرض النموذج القياسي لعدم تحقق المعتقد ، تاركا النماذج الأخرى كي يدرسها من يريد التوسع في فهم النظرية . ]النموذج القياسي ( البراديم ) لعدم تحقق المعتقد . belief-disconfirmation paradigm يبرز التناقض بشكل كبير و ملموس في حالات بعينها ربما يكون أهمها ذلك الذي يحدث عندما يتعرض المؤمنون بعقيدة ما لمعلومات حاسمة تناقض معتقداتهم الأساسية ، في هذه الحالة سيكون من المنطقي أن يتخلى أولئك الناس عن معتقداتهم و بالتالي سيختفي التناقض و الإحساس بالتوتر والقلق الناتج عنه ،و لكن هذا لا يحدث عادة لأسباب متعددة ربما أهمها الحاجة إلى التوافق مع الجموع منخفضة الثقافة ، عندئذ سيؤدي التمسك بالمعتقد الأصلي إلى سوء فهم أو سوء تفسير عفوي أو متعمد لكل المعلومات الجديدة و المتناقضة مع تلك المعتقدات الموروثة والأثيرة لدى الإنسان ، و لن يكون نادرا أن يرفض الإنسان المصدوم في معتقده كل الحقائق المناقضة لهذا المعتقد مهما كانت صدقيتها بل و ربما ينكرها كلية ، و غالبا ما يصاحب ذلك كله طلب العون من أولئك الذين يتوافقون معه في معتقداته ، كذلك يحاول أولئك المصدمون إغراء الآخرين على إعتناق تلك المعتقدات التي تكشف زيفها أو حتى إجبارهم على ذلك !. في الخمسينات من القرن الماضي كانت هناك تجربة شهيرة تابعها عدد من كبار علماء الإجتماع منهم فيستنجر صاحب النظرية و آخرون ، هذه التجربة تناولت متابعة أعضاء طائفة دينية في أمريكا تؤمن بنبوءة لإمرأة مشعوذة تقول بأن هناك فيضان قادم سيغمر أمريكا بسبب ذنوبها و في توقيت حددته ، بطبيعة الحال إنقضى التوقيت ولم يحدث شيء ، لاحظ العلماء أن أفراد الطائفة الذين كانوا منفردين استسلموا للحقيقة و تخلوا عن أفكارهم السابقة ،و لكن من كانوا مجتمعين رفضوا التسليم بالحقيقة ،و نشروا نبوءة جديدة لنفس السيدة المشعوذة تفيد أن الرب قد أجل عقابه بسبب وجود تلك الجماعة حسنة النية ،متزامنا مع تلك الدراسة لاحظ المراقبون أن الجماعة التي كانت تبشر proselytize بعقيدتها بشكل معتدل قبل عدم تحققها ، إندمجت في نشاط تبشيري محموم بعد ذلك عكس أي توقعات . ربما كانت واقعة صلب السيد المسيح واحدة من أهم حوادث التاريخ و أشدها تأثيرا ،و على نفس المستوى كانت الواقعة من أبرز نماذج التناقض المعرفي في التاريخ كله ، كان التعذيب الوحشي و الألم الصاعق و الإحساس بالضياع السياسي ، مضافا إليه ما شعر به يسوع من الكراهية و العنف و الضعة التي يرسخ فيها البشر ، كل هذا إضافة إلى نبل يسوع و جلال مقاصده ، كان عاملا حاسما لتحول واقعة الصلب إلى زلزال عصف بالمشاعر الجياشة للبشرية كلها ، من جانب آخر سنجد أن تلك الواقعة تتناقض مع ما استقر من معتقدات منتسبي الأديان السامية الكبرى الثلاث . فاليهود الذين أدركوا ضعتهم و ضياعهم أمام طوفان المؤمنين بيسوع الناصري كمسيح منتظر ، لجأوا لكافة الحيل كي يتخلصوا من الجريمة ، فهم يشككون في كون يسوع الناصري هو نفسه المسيح الموعود ، متخذين من واقعة صلبه ذاتها دليلا على كذبه ، فهم يعتقدون أنه لو كان يسوع الناصري مسيحا ما قتل ، وتلك هي الحيلة الثانية وهي إضافة المزيد من المعتقدات المتوافقة ( الكذب و الهرطقة ) مما يفوق وزن المعتقدات المتناقضة ( قتل رجل أصبح إلها معبودا )، في المقابل رفض المسيحيون الأوائل فكرة صلب المسيح وموته كنهاية لمعبودهم الناصري ، وهكذا ظهرت نبوءة المسيح بعودته التي لم تتحقق ، فعندما نجح بطرس في إقناع يسوع الناصري أنه المسيح المنتظر ،و أن حتى الموت لن يقهره و أنه سيعود ليحكم العالم إلى الأبد ، كل ذلك مع عبادة أتباعه له، أدى إلى اقتناع يسوع برأي بطرس ، فأطلق نبوءته الشهيرة بأنه سيعود بينما سيكون هناك بعض معاصري صلبه أحياء ، و عندما مر 1000 عام دون ظهور المسيح ، انتظر الناس ال 1000 الثانية ،وهم الآن ينتظرون ال 1000 الثالثة بلا ملل ، و كلما مر الزمن بدون عودة المسيح زادت الثقة في عودته ، فهذا التناقض جزء من معضلة الإيمان و العقل البشري ، في المقابل كانت واقعة الصلب تحديا كبيرا لنظرية إنتصار الأنبياء في الإسلام الذي يعترف بيسوع كنبي و رسول ، كانت هزيمة المسيح و قتله مصلوبا الإستثناء الوحيد في القاعدة ، و واضح أنه سيكون هناك تناقض لا يمكن تجسيره بين الإنتصار الحتمي للأنبياء و هزيمة المسيح حتى رغم إنتصار رسالته ، وهنا يظهر الحل الثالث وهو تعديل المعتقدات المتناقضة حتى تصبح غير متناقضة ،و لهذا يقترح الإسلام حلا بديلا بل و يصر عليه كيقين و هو أنه رغم أن الصلب تم بالفعل و شاهده الناس ، و لكن لم يكن المسيح هو المصلوب بل شبه إلى القوم فقط أنهم صلبوه ، فهنا تدخل الله بقدرته و رفع المسيح إليه ، فالرب الذي أتى بالمسيح خلال المعجزة أنهى حياته بمعجزة أخرى !. ملائكة و شياطين و كائنات أخرى. و هناك عدة أساليب يلجأ إليها الإنسان لمواجهة هذا التناقض كما ذكرنا ، فهناك تقليل قيمة و عدد عناصر المعرفة التي تناقض الاعتقاد الأصلي أو المبدئي ، فالأساس المعرفي في الشرق الإسلامي هو الثقافة النصية التي تتبنى نظرية الخلق الخاص ،وتؤكد على وجود كائنات غير مادية مثل الملائكة و الشياطين و الجان ،و بالتالي فسوف نميل إلى تقليل أهمية المعرفة التي تناقض ذلك رغم صدقيتها ، ومنها العلوم الطبيعية التي لا تعترف بغير ما يقع تحت القياس ، و بالتالي ترفض التعامل مع مفردات لا يمكن تحديدها أو تعريفها بشكل موضوعي بعيدا عن ذات المتحدث مثل الملائكة و الشياطين ، هناك أيضا علوم الانثروبولوجيا التي تعالج بدقة نشوء الفكر الخرافي و الطوطمي ،وهي بالتالي تشرح بشكل منطقي و مقارن نشوء أفكار غيبية مثل الشياطين و الملائكة ، و هناك الميثولوجيا التي تتناول الأساطير و ارتباطها بالتعبير عن الفكر الجمعي للشعوب المنتجة لها ، كل تلك العلوم تتناقض مع أفكارنا التي نستقيها من المجتمع و النصوص الدينية مشكلة لنا تناقضات معرفية حادة ، لهذا سيكون هناك ممانعة جماعية لقبول تلك العلوم رغم صدقيتها العالية و أنها الأساس الذي تقوم عليه الحضارة المادية المعاصرة ، و ليس غريبا أن نسمع من الجماهير المذعورة عن محدودية و تناقض العلم و أن العلوم الإجتماعية و السيكولوجية مجرد أفكار لا دليل على صحتها بل مجرد وسوسة من الشياطين أنفسهم ! . أسلوب آخر لمواجهة التناقض المعرفي هو زيادة عدد وأهمية المعارف التي تؤكد المعتقد الأصلي كأن نروي القصص و الأحداث ( الواقعية ) التي تؤكد وجود الأرواح و الجان ، و ليس غريبا بالتالي أن تكون الكتب التي تتحدث عن الجن و العفاريت هي أكثر الكتب شيوعا في مصر ، وهناك حيلة لا شعورية أخرى هي أن نربط تلك المعارف الخرافية بما نعتقد أنه المقدس المطلق الذي يعفينا من النقاش و الجدل ، مثل الزميل الذي يقول أن الإيمان بالجن هو إيمان بالله !. أيضا هناك الحيلة اللاشعورية الثالثة و هي أن نغير المعارف الجديدة أو نحورها بحيث تصبح غير متناقضة مع معتقداتنا الأصلية ، وهذا ما يحاوله من يتحدث عن المعجزات العلمية و الكونية في الكتب السماوية ، فهو يقول مثلا أن الملائكة هم العلم النافع و أن الشياطين هم العلم الضار مثل إنتاج القنابل الذرية !.وهذه الحيل الترقيعية تشيع أكثر بين المهنيين و الجامعيين من أنصاف المثقفين . حسنا نحن أمام مجموعة من المعتقدات أو عناصر المعرفة بعضها لابد من تغيره ، هنا سنكون أمام عناصر معرفية أكثر مقاومة للتغيير من غيرها ، فالعناصر التي يؤدي تغييرها أو إلغائها إلى معاناة أكبر أو التي ستكون مرتبطة بغيرها من عناصر المعرفة الضرورية للإنسان مثل الدين ستكون أكثر ثباتا و أعصى على التغيير . حسنا لو طبقنا هذا المبدأ على نظرية التطور أو قضية وجود الملائكة و الشياطين ، سنجد أن الأمر يختلف من شخص لآخر ومن ثقافة لأخرى ؛ مبدئيا أود أن أقول أن الأمر كله ذاتي و لا يتوقف على محاجات عقلية ، و هو يتوقف بالأساس على إدراك الإنسان لنفسه self – perception ، فكل منا يريد أن يرى نفسه متحضرا منتميا للقيم التقدمية ،و أيضا إنسانا صالحا متوافقا مع الله و أوامره !، ولكن لو تعارضت الصورتان فهناك الأسبقيات ، فالإنسان الدينيhomo religious ( أي الإنسان ككائن يحيا حياة دينية ) سيتمسك بفكرة الخلق الخاص ووجود الملائكة و الشياطين التي يراها جزءا من دينه و بها – و بنظائرها – سيرضي الله و يدخل الجنة ، في حين أن الإنسان العلمي سيرفض مثل تلك المعتقدات تحت شعار قدسية الأمانة العلمية التي هي بالنسبة له دينه الخاص . المشكلة للأسف أكثر تعقيدا فلا يوجد في الواقع الإنسان الديني الخالص ولا العلمي الخالص ، فنحن جميعا مزيج منهما بدرجات متفاوتة ، و بمقدار اقترابنا من أحدهما نحدد موقفنا من نظريات مثل التطور أو معتقدات مثل وجود الجن و الشياطين و الملائكة و غيرها من المعارف الغيبية . رفض نظرية التطور . نعرف جميعا أن نظرية التطور أحدثت إنقلابا كاملآ في نظرتنا للعالم الذي نعيش فيه ، حتى أن فلاسفة المعرفة يقسمون الفكر إلى التطوري و ماقبل التطوري ، جائت نظرية التطور بمثابة أضخم صفعة وجهت لأساطير التوراة (نظرية الخلق الخاص) ، ومن المعروف أن التوراة نسخت أسطورة الخلق من الحضارة البابلية ، كما فعلت مع غيرها من الأساطير المصرية و البابلية و كثير من الأساطير التي كانت شائعة بين شعوب الشرق الأوسط القديمة ، ومن المعروف أيضا أن نظرية التطور كأي نظرية علمية لا تصدر في حالتها النهائية مرة واحدة ، و لكنها دائمة التطور على ضوء المعطيات العلمية الحديثة ، وتلك هي طبيعة المعرفة العلمية . هذا لا ينفي بأن ما يجري عليها من تعديلات و ما يوجه لها من نقد يكون في إطار ما حققته من نجاح وما قدمته للبشرية من نتائج ، أي أن كل ذلك دليل صحتها العامة ، في المقابل لم يكن ممكنا أن يتخلى الناس عن معتقداتهم بدون مقاومة ، حتى وصل الأمر أن بعض القساوسة الورعين أعلنوا أن الله وضع تلك الحفريات خصيصا في طريق داروين كي يختبر إيمانه ،و قد فشل داروين في الإختبار تماما ، ربما تبدوا هذه الأقوال نوعا من البلاهة المفرطة ، و لكن هناك بعض الأصوليين الأكثر حصافة يثيرون إعتراضات أكثر منطقية ولو شكليا ، فيقول أحد المؤمنين بنظرية الخلق ، لو وضعنا قردا أمام كي بورد لملايين السنين ، هل يمكنه أن يكتب قصيدة لشيكسبير ؟، في عالمنا الشرقي لم يكن متصورا أن يقبل أحد تلك النظرية العلمية ، و هكذا وجدنا بعض المدعين من فهلوية العلم أمثال مصطفى محمود و زغلول النجار يترجمون الإعتراضات التي وجهت لنظرية التطور من مصادرها الأجنبية و يعيدون إنتاجها في محاولة للإيحاء بسقوط النظرية و كذبها ، بل لم نعدم ( كاتبا ) يتحدث عن أن نظرية التطور مجرد مؤامرة يهودية ضد الأديان السماوية !، نحن هنا أيضا أمام حيل واضحة لتجاوز التناقض المعرفي بين نظرية التطور و المعتقدات التراثية حول الخلق الخاص ، الأسلوب الأول هو (تقليل أهمية المعتقدات المناقضة) بتضخيم الإعتراضات التي يثيرها بعض العلماء ضد نظرية التطور ، و ترتيب نتائجا خاطئة على تلك الإعتراضات ، فنجد من يتحدث بثقة عن (سقوط نظرية التطور النجسة !) ، هناك أيضا اليلة الثانية وهي (إضافة المزيد من المعتقدات المتوافقة ) مثل صاحب نظرية القرد و التي اقتبسها مصطفى محمود كما هي دون ان يذكر مصدرها ، و لكن ما يثير التعجب بالفعل أن هناك من يلجأ للحيلة الثالثة (تعديل المعتقدات المتناقضة حتى تصبح غير متناقضة ) فيقر أصحاب هذا الإتجاه بنظرية التطور لأنها تخطت مرحلة النظرية لتكون أساسا لتطبيقات تكنولوجية عديدة ، و لكنهم يستثنون الإنسان من العملية التطورية ! . أفكار في القمة . - بهجت - 04-13-2009 عن الحريـــــة ........................................... "إن تعسف الرأي العام أشد قسوة من تعسف القانون"جون ستيوارت مل. ................................................. لقد تعلمت الكثير من جون ستيوارت مل سواء من أفكاره حول الحرية ، أو كتاباته عن مبدأ النفعية ،وهو مبدأ بالغ التأثير في فلسفة العدل و في صياغة القوانين في العالم الأنجلوساكسوني ، و لكن أروع ما تعلمته من مل هو حياته المثالية المثمرة ، و تعتبر كتابات مل بحق إنجيل مذهب النفعية utilitarian gospel ،أما عن الحريات الليبرالية فما من مفكر عرض للحرية عن اقتناع و إيمان كما فعل جون ستيوارت مل في كتابه ( عن الحرية On Liberty)، وما من كتاب أصبح من أمهات الكتب مثل هذا الكتاب الذي دافع فيه صاحبه عن قيم الحرية بشكل عقلاني بالغ الإقناع . يقسم مل كتابه إلى خمسة فصول، فالأول تمهيد لفكرة الحرية و الثاني لحرية الفكر و المناقشة ثم فصل ثالث عن الفردية، و أما الرابع فعن سلطة المجتمع و الفرد و الخامس تطبيقات لمبادئه و آرائه، و خلال هذه المداخلة سأضع أهم أفكار مل في الفصول الأربع الأولى على هيئة نقاط بالغة الكثافة ،و بالتالي يجب قراءة كل من تلك النقاط بشكل مركز و التفكير فيها بعمق ، فلا ينتقل القارئ من فكرة إلى التي تليها سوى بعد أن يتمثل الفكرة جيدا و يتصور النتائج التي تترب على تطبيقها، بهذا فقط سنجني الكثير من مصاحبتنا لواحد من أروع العقول البشرية على مر العصور ، أروع مافي جون ستيوارت مل من وجهة نظري هو أنه يعتمد في بناء أفكاره على ما نعرفه بالمنطق المشترك common sense ، وهو ما لايحتاج إلى خلفية ثقافية واسعة بل إلى عقل منظم ،هذا العقل يمكن الحصول عليه لو (تعبنا عليه) قليلا . فكرة الحرية . 1- نشأ مفهوم الحرية نتيجة التقدم الذي أحرزته فصائل متطورة من بني الإنسان ( و ليس بشكل طبيعي ،و ليس لكل البشر ) ، و انبثق هذا المفهوم في البداية من أجل تقييد سلطة الحاكم من قبل المحكومين، و ظهرت بعد ذلك الأنظمة الديمقراطية، فأصبح القائمون على السلطة وكلاء عن الشعب، و تتمثل إرادتهم إرادة الأمة مدة إنابتهم عنها . 2- لا تمثل السلطة الإرادة العامة و لكن إرادة الأغلبية ، مما قد يمثل ضيما على الأقلية، لذا يجب تقييد سلطة الحاكم على المحكومين حتى لو كانت ديمقراطية . 3- إن أخطر ما يتعرض له الفرد هو استبداد المجتمع، الذي يسعى لإخضاع أفراده إلى تقاليد و عادات، قد يسندها العقل أو تقوم على الأهواء، وأظهر ما يكون ذلك في العقيدة الدينية . 4- أدت الصراعات التاريخية إلى تقرير الحريات الدينية، فالصراعات الدينية تعكر على المجتمع صفوه، و لكن هذا الحق ما زال مقيدا، فلا يسمح المجتمع عادة بنقد العقيدة و إن أجاز نقد المؤسسة الدينية، و هذا يعوق حرية الفكر و الضمير . 5- لا يجوز التعرض لحرية الفرد إلا لحماية الغير منه أو لإجباره على القيام بعمل ينفع به الآخرين مثل الدفاع عن الوطن أو أداء الشهادة في المحاكم، ولا يجوز إجبار الفرد انتهاج سلوك معين حتى لحمايته من الإضرار بنفسه و ماله، و لكن هذا لا ينطبق على الأطفال و المراهقين، و أيضا لا ينطبق على الشعوب المتخلفة، فهي أشبه بالقاصر الذي يحتاج إلى الرعاية و التوجيه . 6- لا يجوز منح الحرية قبل أن يصبح الشعب ناضجا و مدركا لصالحه، يعي حرية المناقشة و يعرف معنى المساواة ،و إلا وجبت عليه الطاعة المطلقة لحاكمه . 7- لا يجوز التدخل فيما يتصل بسلوك الفرد ولا يؤثر في سلوك الغير سوى طوعا، فهي المنطقة الحرام في حرية الإنسان و تشمل : حرية الضمير و العقيدة ، حرية الفرد في اختيار ما يوافق ذوقه و مزاجه، حرية الاجتماع للراشدين دون إكراه ولا تدليس . 8- يرى مل أن الناس نزاعين إلى فرض آرائهم وميولهم على الغير، مستخدمين في ذلك عناصر القوة، وهذا الاتجاه في تزايد مستمر، ولن يردعه سوى الضمير . حرية الرأي و المناقشة .. 1- لا يجوز لأية سلطة سواء بنفسها أو بتأييد الشعب أن تخرس فردا واحدا عن إبداء رأيه، فليس الإجماع دليلا على الصواب و ليست القلة دليلا على الخطأ، و حرمان الفرد من إبداء رأيه هو حرمان للمجتمع من الاستفادة منه، و حجب دواعي الرقي عن الإنسانية . 2- ليس هناك يقين مطلق، و من المألوف أن تنبذ الأجيال اللاحقة أفكار و معتقدات الأجيال السابقة، رغم يقين تلك الأجيال بأفكارها، وعلى الإنسان أن يهتدي بعقله هو، ولن تهديه التجربة بقدر ما تهديه المناقشة . 3- يسلم الناس عادة بمبدأ حرية الرأي دون أن يسلموا بتطبيقاتها، فيجيزون مناقشة المشكوك فيه دون المتفق عليه، وهناك من يرى تحصين بعض الآراء من النقد بداعي نفعه للناس، وفي هذا السياق يحرمون نقد العقيدة لما فيها نفع للناس، وهؤلاء أيضا ينسون أن المنفعة ليست لها العصمة أو الثبات .إن إدعاء العصمة معناه إجبار الغير على قبول ما نراه من أفكار و عقائد دون أن نسمع رأيه فيها ، فالحق يوجب أن نسمع الآراء المخالفة حتى العنيف أو القاسي منها . 4- إن التاريخ يؤكد لنا أن الإجماع ليس دائما دليلا على الصواب، فسقراط أعدم وهو أفضل أهل عصره و أكرمهم، و بدأت المسيحية كأقلية مضطهدة، بل أن كل الأفكار العظيمة التي ننعم بنتائجها الآن نادى بها غالبا متمردون على الأغلبية من معاصريهم . 5- يشهد التاريخ أن الباطل قد يقهر الحق و يقضي عليه مؤقتا، ومن السخف أن نظن أن للحق قوة ذاتية ليست للباطل، فالناس سواء في تعصبهم للحق أو للباطل، إلا أن الحق إذا أخمد فلا ينطفئ، بل يظل قائما متواريا، حتى تواتيه الفرصة للظهور . إن الاضطهاد لم ينته في العالم، و حتى لو خف اضطهاد السلطات في كثير من البلاد، إلا أن تعسف الرأي العام أشد قسوة من تعسف القانون . 6- لابد من تمحيص الرأي مهما بلغ صوابه ،و إلا غدا عقيدة ميتة، و الرأي المستنير يجب أن يقوم على العقل و التفسير المنطقي للمقدمات . 7- يرى البعض قصر حق المناقشة على المتميزين دون العامة، و لكن تلك الأفكار لا يمكن تطبيقها عمليا، إن تحريم المناقشة ولو على البعض سيؤدي إلى الجمود، و سيضفي الغموض عليها، و تبدأ في الأفول و الاضمحلال . 8- هذا لا يعني أن الحق لا يقوم مع الإجماع، بل إن أرقى المجتمعات هي تلك التي يصل فيها أكبر عدد من الحقائق إلى مرتبة اليقين، وما سبيل سوى حرية المناقشة للوصول إلى اليقين في كل ما يعن لنا من أفكار. 9- إن المناقشات المذهبية التي تستند على المنقول، و تستمد مادتها من الكتب المقدسة، و ترتفع بها فوق كل جدل، هي مجادلات عقيمة لا تكشف عن جديد . 10- يرى البعض من الأخلاقيين أن المبادئ الثابتة المقررة خاصة المرتبطة بالعقائد الدينية تعبر عن الحق الكامل، فإذا بشر الإنسان بغيرها كان ضالا مضلا، ولكن مل يرى أن عبارات الإنجيل غامضة ، أقرب إلى أسلوب الشعر منها إلى التشريع المحدد، ومن أراد أن يتخذ من المسيحية نظاما أخلاقيا لا بد من العودة للتوراة، وهي تقدم نظاما أخلاقا متكاملا و لكنه بدائي همجي، إن ما يعرف بالآداب المسيحية هي من وضع الكنيسة الكاثوليكية و ليست من وضع المسيح، إن أروع ما في تراث الإنسانية من مبادئ الأخلاق بشر بها رهط عرفوا المسيحية و أنكروها ورفضوا الإيمان بها . 11- إن الرأي الجماعي إما أن يكون صوابا يستلزم فهمه و إدراكه قيام رأي خاطئ يحاول نقضه، و إما أن يكون خطأ مما يستلزم وجود رأي آخر يصححه، أو يكون به بعض الصواب و بعض الخطأ يستلزم تكامله مع رأي آخر ، و لن نكشف عن الحق في تلك الحالات جميعا سوى بالمناقشة و الجدل . 12- تقوم الحياة السياسية على آراء متعارضة تتصارع حتى يكتب الفوز لإحداها، على هدي الجدل العقلي الحر النزيه . 13- يعرض مل أربع حجج للتدليل على ضرورة كفالة حرية الفكر و التعبير، وهي :إن إخماد الرأي قد يخمد حقا، و أن تكتمل الحقيقة بتكامل الآراء، و تأكيد الثقة في الرأي الصواب، إحياء الأفكار بمناقشتها و منعها من التحول إلى نصوص جامدة جوفاء . 14- لا يجوز الحجر على حرية المناقشة ولو تجاوزت حدود العرف و الآداب، لصعوبة تعيين هذا الحد الفاصل . الفرديـــــة. 1- يرى مل أن الحياة لن تستقيم ما لم تتأكد شخصية الفرد، فالفردية ركن جوهري للحضارة . 2- مما يعوق حرية الفرد أن يرى المجتمع أن ما تعارف عليه السواد الأعظم صالح لكل فرد في المجتمع، و كأن الناس ما خلقوا إلا كي يقلد كل منهم الآخر تقليد القردة . 3- لكل فرد أن يختار لحياته ما يرضيه وما يجعله متميزا عن غيره ، وما يتفق مع خصاله و سجاياه، ولا يميز الإنسان عن الحيوان سوى الذكاء و الفطنة، وهما في حاجة إلى مران، و الإنسان الذي يفتقدهما مجرد حيوان بهيم . 4- إذا نزع الإنسان إلى تقليد ، فإنه يفقد ملكة النقد و التفكير و تبلد ذهنه، أما الذي يختار لنفسه فإنه يلجأ إلى التفكير و التأمل و الاستفادة الواعية من تجارب الآخرين، لذا فهو يختار أفضل المتاح أمامه عن بصيرة . 5- يدافع مل حتى عن الرغبات و الأهواء الفردية طالما لا تضر الآخرين، وهو يراها دليل العواطف الزاخرة و الحيوية الجياشة و أنها صانعة الأبطال، ولو حاولنا وأد تلك العواطف فإننا نعوق تقدم المجتمع و انطلاقه . 6- يتعرض مل بالإنكار و التسخيف لأفكار كلفن ( وهي مشابهة لأفكار الإسلاميين ) التي تعتبر الإرادة و حرية الاختيار شرا كاملا، و توجب الطاعة التامة لله ممثلا في نصوص الدين ورجاله، فقد صاغ الله للناس حياتهم و شرع لهم واجباتهم و أعمالهم ،و كل خروج عن هذه الشرائع معصية ، وطالما كان الإنسان شريرا بطبعه، فلا خلاص له سوى بكبت عواطفه و أفكاره . على النقيض يرى مل أنه جدير بنا أن ننتفع بإطلاق الحرية بما تضفيه على الإنسان من تفتح و انطلاق، يكشفان عن المجهول، فتجدد الحياة على الأرض، فما من جديد في الحياة إلا وهو من عمل فرد . 7- إن الرأي العام هو العدو الأول للفردية، فهو يكبت كل خروج عن المألوف يستوي في ذلك الاستهتار و العبقرية، فبذلك تضعف العزائم و يميل المتميزون إلى إنكار تفوقهم، و يسود نموذج وسطي جامد ينتهي بانحلال المجتمع و خموله، إن الإصلاح و الحرية كلاهما مخالف لسلطان العادة التي تتحكم في الرأي العام، و لن تستطيع الحكومات الديمقراطية الارتفاع عن مستوى النموذج الوسطي في كل ما تقوم به من أعمال، لهذا يجب على المجتمع أن يترك الحرية الفردية للمواطنين، و ألا يتدخل أكثر من الضروري في حياة أفراده . سلطة المجتمع. 1- ما يخص الفرد وحده هو من حقوقه ، وما يخص المجتمع من حقوق المجتمع .ولا يجوز للمجتمع التدخل في شئون أفراده إلا فيما يتجاوز ذواتهم إلى ذوات الآخرين . 2- الفرد مطالب بأن يتحاشى الإضرار بمصالح الغير إما بنص القانون و إما بالتفاهم الضمني ، غير ذلك ينبغي أن يترك الفرد وشأنه يفعل مايريد ، ومن يريد إرشاد الغير عليه أن يفعل ذلك بالنصح و ليس بالعنف و الإرغام . 3- إن إهتمام المجتمع بشئون الفرد ( في غير المسائل المتعلقة بسلوكه مع الغير) اهتمام جزئي ليست له صفة مباشرة اطلاقا ، و علينا تقييد تدخل المجتمع في حياة الأفراد ، فغالبا مايسئ الجمهور التدخل سواء من حيث الكيفية أو اختيار موضع التدخل . 4- بالنسبة للمعاملات القائمة بين الناس ، يجب مراعاة قواعد عامة معلومة، حتى يكون الإنسان على بينة مما ينتظره من سواه ، أما في الشئون الخاصة فيجب أن يكون للفرد الحق المطلق في التصرف . 5- التعدي على حقوق الناس أو اصابتهم في نفوسهم و أموالهم ،و الالتجاء إلى الغش عند التعامل معهم ، بل مجرد الامتناع عن دفع الشر عنهم ، كل هذه الأمور جديرة بأن تعرض فاعلها للتوبيخ الأدبي ، أو الجزاء القانوني في الحالات الخطرة . 6- كلما كان هناك ضرر معين إما لأ حد الأفراد أو الجمهور ، فإن الحالة تخرج عن دائرة الحرية ، و تدخل في دائرة الآداب أو القانون . 7- من الخطأ اعتبار رأي الأغلبية قانونا ساريا على الأقلية ، إذا كان يتناول مسائل السلوك الشخصي المحض ، فإن الجمهور في تعرضه للشئون الشخصية قلما يفكر في أمر سوى شناعة الشذوذ عنه في الشعور أو التصرف ، كما أن رأي الأغلبية لا يعدوا أن يكون اعتقاد طائفة من الناس فيما هو نافع أو ضار لمصلحة غيرهم . 8- إن توسيع نطاق الرقابة الأدبية حتى تجور على أقدس حقوق الفرد في الحرية هو من أكثر ميول الجماهير انتشارا ،و علينا أن نطالب الحكومات و الجماهير التي تحاول فرض مثل تلك الرقابة ، بقصر اهتمامها بشئونها و عدم التدخل في شئون الغير . 9- إن الفكرة القائلة بأن من الواجب على الإنسان حمل غيره على إطاعة أوامر الدين هي الأصل في كل ما ارتكبه البشر من ألوان الاضطهاد الديني ، و إذا سلمنا بصحة هذه الفكرة سلمنا أيضا بمشروعية كل ما حدث من صنوف الإضطهاد . 10- يجب أن نحذر من التسليم بمبدأ إذا طبق علينا ثرنا في وجهه و اعتبرناه ظلما فادحا . أفكار في القمة . - بهجت - 04-21-2009 الزملاء المحترمون . بالطبع سيبقى الشريط ملكا للمشاركين . و لكني سأتوقف عن تحرير الشريط لفترة حتى أتمكن من إعداد موضوعا آخر ، ربما بعد انفضاض الجدل السياسي الساخن حاليا ،و يمكننا العودة لمناقشة أهدأ لموضوعات ثقافية . أفكار في القمة . - يجعله عامر - 04-21-2009 عزيزي بهجت (f) بالمناسبة يتزامن مولد سيدي حسن نصر الله مع مولد سيدنا الحسين صلى الله على جده ، ما رأيكم بفكرة الأنس بمن انشغل بكلام الوجد وأنشد محترقا ومحرقا للمهج : في القرب روح الروح ، حقًّا وفي اللقاء حياة لنفس في الغرام اطمأنتِ أنا ما حيلتي والعجز غاية قوتي وأمري جميعًا تحت حكم المشيئة ..فخلصني ..خلصني من أسر الطبيعة واهدني بنورك يا الله وصِلْ قطيعتي ، أنعم بتطهير الفؤاد من الهوى ، وجُدْ لي بتوفيق ومْنّ بتوبةِ إن كان جسمي عن جنابك قاطع فروحي نورٌ من جمالك فى البعد لوعات وفى القرب رحمة وفى الوصل راحات إذا الحب منيتى [من إنشاد شيخ ياسين] أغيابٌ إن انشغلنا بذلك ؟ أم تقديم شيء لها تحتاجه ؟ صباحكم صباح جميل(f) متخفش :D مش هقلب على قط قوط. أفكار في القمة . - بهجت - 04-23-2009 Array عزيزي بهجت (f) بالمناسبة يتزامن مولد سيدي حسن نصر الله مع مولد سيدنا الحسين صلى الله على جده ، ما رأيكم بفكرة الأنس بمن انشغل بكلام الوجد وأنشد محترقا ومحرقا للمهج : في القرب روح الروح ، حقًّا وفي اللقاء حياة لنفس في الغرام اطمأنتِ أنا ما حيلتي والعجز غاية قوتي وأمري جميعًا تحت حكم المشيئة ..فخلصني ..خلصني من أسر الطبيعة واهدني بنورك يا الله وصِلْ قطيعتي ، أنعم بتطهير الفؤاد من الهوى ، وجُدْ لي بتوفيق ومْنّ بتوبةِ إن كان جسمي عن جنابك قاطع فروحي نورٌ من جمالك فى البعد لوعات وفى القرب رحمة وفى الوصل راحات إذا الحب منيتى [من إنشاد شيخ ياسين] أغيابٌ إن انشغلنا بذلك ؟ أم تقديم شيء لها تحتاجه ؟ صباحكم صباح جميل(f) متخفش :D مش هقلب على قط قوط. [/quote] يجعله عامر . يا صديقي هل هي مرحلة صوفية جديدة ؟. و الله اعدتني لصحبة جميلة لعلها طالت . أشعار السادة المتصوفة قمة في الروعة و الثراء . ولو فتحت شريطا لذلك في ساحة الأدب أو الدين ستجدني هناك . وهل تجد من يقول (اول الطريق هو منتهاه ) سوى من جاش بالوحي المقدس قلبه ؟، ايه رأيك أستعد ؟. .................................. أوحت لي مداخلتك بفتح شريط في ساحة الأدب عن الشعر الصوفي لعرض نصوص منه . أنتظر مداخلتك خالص مودتي . أفكار في القمة . - محارب النور - 04-25-2009 احد الرذائل التفكير هو الانقياد للخوف والانقياد للخوف يولد الشر . هكذا تكلم بوذا ؟. وايضاً راسل يقول :ان الدين ولد من رحم الخوف , الخوف من الموت , الخوف من الحياة . رابط بسيط بين الفكرتين .. نجد انفسنا ضمن سياق نعيش في جوفة هنا في الشرق مبني على الخوف المزمن وتحصيل حاصل نعيش في شر مطلق من عنف وطائفية وارهاب واقتصاديات شبة ميتة وانقطاع معرفي مهول . محارب النور (f) أفكار في القمة . - The Holy Man - 04-26-2009 مرحباً للجميع : زميلنا بهجت آسف على التأخير في المداخلة ... حاولت أن أناقشك في طرحك لكني وجدت أن فكرتي لن تصل بشكل جيد فعمدت إلى طرح الموضوع كقالب واحد على طريقتي وأسلوبي والذي قد يكون غريباً في الشكل ولكنه سيوصل الفكرة بالتأكيد والرد المقصود على طرحك وربما توسعت فيما بعد .... الأطر المعرفية
من المفيد بداية التنويه أنني في هذه المداخلة سوف أتكلم عن الأطر المعرفية تحديداً ... رغم أن الأطر كلها معرفية إذا نظرنا إليها من زاوية الوعي الإنساني كون أن المعرفة هي إطار معين يسمح للإنسان بالتواصل مع الآخر والمحيط لكن واجب التنويه ...بداية لا بد من الإشارة إلى أن فكرة الأطر هي من الوضوح والبساطة بحيث أننا نعمل ضمنها لكن دون أن نشعر بها أو ننتبه لها وهي من التعقيد بحيث أننا لو حللناها لاستلزم الأمر منا دهراً ولن ننتهي ، فكما أن المعرفة لا حدود لها فأطرها لا حدود لها... فكل فكرة لها إطار ذاتي أو مضمنة ضمن إطار منتمي لإطار أكبر منه أو أوسع منه أو مشتق عن إطار أب وهذا الإطار الأب ممكن أن يكون مشتق عن إطار أب مشترك مع أطر أخرى أو متقاطع أو متداخل في بعض الخصائص والصفات . ومن المعلوم أننا عندما نقول خصائص وصفات فلكل منهما معنى مختلف عن الآخر فبينما صفة الإطار تميل إلى تحديد شكل معين في نظرتنا أو معرفتنا للإطار ذاته ويجب أن يكون لها عمل محدد واضح أو خفي فإن الخاصة ليس من الضروري أن يكون لها عمل واضح ولا تأثير واضح على التشكيل ... أي أنه ممكن أن يمتلك إطار معين خاصة ولكنها لا تسهم في التشكيل ظاهرة كانت أم خفية ... بينما لا يمكن لصفة أن لا تسهم في تشكيل الإطار ذاته أو التشكل منه بشكل ما أو على نحو ما .. وربما التبس علينا بعض الشيء التمييز بين الصفة والخاصة للإطار لكن من الضروري أن نفهم هذا الأمر كي نفهم حيثيات بعض الإشكاليات التي تبرز نتيجة تداخل الأطر أو تقاطعها أو عدمه أو اشتقاقها وتوريثها .... وإذا ابتعدنا قليلاً عن الخصائص والصفات لنوضح أكثر أن لا يوجد إطار معرفي مهما كان غير محتوى من قبل إطار أب وغير محتوي لإطار مشتق منه ... وهذا يرجعنا إلى إشكالية لا نهائية الأطر في الاتجاهين صعوداً ونزولاً -عمودياً وأفقياً – زمانياً مكانياً ... كما أنه لا يمكن لإطار معرفي معين أن لا يكون متداخلاً أو متقاطعاً مع إطار آخر لسبب بسيط لأن لا معرفة معينة مستقلة بحد ذاتها حتى تكون مؤطرة بإطار مستقل فعلاً وهنا تنتج لدينا إشكالية أخرى ولكنها موجودة هي الأطر الوليدة نتيجة تقاطع إطارين معرفيين أو أكثر وهي غير مستقلة أبداً عن الأطر المتقاطعة فهذه الأطر لا استقلالية لها عن التقاطع الحاصل فضلاً عن وجودها وهذا يقودنا إلى إشكالية باتجاه آخر هي إشكالية الخصائص والصفات المشكلة والمتشكلة للإطار الجديد الناتج عن تقاطع الأطر الأخرى فممكن أن نجد أن خاصة أو صفة متشكلة مستقلة تماماً عن مجموع الخصائص والصفات المتقاطعة التي أدت لهذه الخاصة أو الصفة ولكنها غير قائمة بذاتها ... وحتى لو سلمنا أن هذه الخاصة أو الصفة قائمة بذاتها فهذا لا يؤدي بالإطار الذي يملكها أو منبثقة عنه أن يكون مستقلاً وقد نوهنا لهذا سابقاً ... إن قدرتنا على فهم التداخل والتقاطع والاشتراك والتوريث والتشكيل يؤدي بنا إلى فهم طبيعة الإطار الذي نتكلم عنه ولكن هذا لا يؤدي بنا بالضرورة إلى معرفة نتيجة حتمية يؤدي إليها هذا الإطار أو ذاك ... لأننا قد قلنا سابقاً أن الخاصة أو الصفة ممكن أن تكون غير ظاهرة .. وهذا بالتحديد يطرح تساؤل ضخم هو مدى معرفتنا الحقيقية بالإطار المستهدف ومدى إلمامنا به .... أكثر من ذلك الأطر المعرفية تتمتع بمنبع ومصب واحد وهو الوعي الإنساني وقضية تناقض الأطر أمر مفروغ منه رغم احتوائها لبعضها مع اختلاف عملها . وهذا يؤدي بنا إلى ملاحظة أن التناقض ليس بالضرورة نتيجته ايجابية لإطار دون الآخر فممكن أن تكون نتيجة التناقض بين إطارين أو أكثر إيجابية لكل الأطر أو سلبية لكل الأطر أو متفاوتة التقييم بين الايجابية والسلبية فمن الوارد جداً أن يكون تناقض إطار أب مع إطار آخر سلبي لهذا الإطار ولكنه إيجابي لإطار مضمن ضمن الإطار الأب والعكس بالعكس ... ولهذا السبب نجد أن كثير من الأطر تتغير بالتشكيل والأهداف المرجوة منها ولكنها لا تفنى ... وقلما نجد أن إطار معرفي قد تعرض للفناء إذا لم يتعرض الوعي الحامل للفناء أو الاندثار فطالما أن الحامل (الوعي) موجود ومتبني لهذا الإطار طالما الإطار موجوداً مهما تناقض مع المحيط . ولا بد من التنويه إن تفاعل الأطر بين بعضها داخلي (في نفس الإطار) وخارجي (لنفس الإطار أو غيره) أمر وارد وينتج عنه إما أطر جديدة أو احتواء إطار لآخر أو احتواء مزدوج أو تغير في طبيعة الأطر دون التداخل أو تفاعل خارجي دون تغيير داخلي أو تداخل .... إن لكل إطار معرفي تشكيل معين يؤدي بالمضمون المعرفي إلى دوغمائية من نوع ما تزيد أو تنقص نتيجة طبيعة هذا التشكيل المنبثق عن المضمون المحتوى والذي قد يصبح مقولباً بهذا التشكيل رغم انبثاق الأخير عنه وتفاعله معه ... ولهذا نرى الأطر التي تحوي مفاهيم مطلقة تنتج أطر قريبة من المطلق تحكمها وتتحكم بسير نتائج هذه المفاهيم عندما تأخذ شكلها النهائي بحيث تصبح المفاهيم غير قابلة للتغيير نتيجة مشكلة في الإطار لا مشكلة في المفهوم بحد ذاته ... ومن المفيد أن نشير عندما نتكلم عن المطلق أن لا شيء مطلق بالمفهوم الفعلي ... لأن المطلق يؤدي بالمفهوم وبإطاره بشكل أو بآخر إلى الفناء والاندثار وإنما يوجد إطار يحوي بعض خصائص أو صفات المطلق التي تضفي شكل المطلق على الإطار .... إلى هنا سأكتفي بهذا الطرح المبسط لرؤيتي الشخصية والذي أعتقد أنه أوصل جزء مما أريد قوله ... شكراً للجميع |