حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
دفتر الغياب اليومي - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: لغـــــــة وأدب (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=78) +--- الموضوع: دفتر الغياب اليومي (/showthread.php?tid=33254) |
دفتر الغياب اليومي - تموز المديني - 11-25-2004 قص: [CENTER]المقص سيرك المكان يفتقد المهرج.. المهرج البهلوان الذي رمى بنفسه عدة مرات من أعلى الحبل الرفيع الذي يسير عليه.. قبل متر و اثنين من الارض يلتقطه حبل يربطه بخصره فيرتد عاليا ضاحكا بصخب.. هذه القفزة هي الاخيرة. كان في عرضه هذا يوزع قبلاته و غمزاته بشحنة عاطفية عالية، رقصه على الحبل و تمايله لإيهامنا بانه سيقع كان صادقا مليئا بالخوف الحقيقي الذي أطلق شهقة قوية من الحاضرين و النظارة و كأن ما يجري أمامنا ليس تهريجا و إنما هو القدر هو الحقيقة بأم عينها و سقط و لكن هذه المرة لم يرتد عاليا نحو السماء أحدهم حز الحبل بمقص فبقي معلقا على خيط رفيع يصل بين وسط المهرج وسرة الله . حين حملنا المهرج لداخل الكواليس بعيدا عن أعين الحياة و النظارة.. كان و جهه يحمل ابتسامة هادئة مطمئنة تتناقض موضوعيا مع الضحكة الواسعة العريضة التي رسمها على شفتيه اثناء حياته القصيرة التي قضاها في هذا السيرك الصغير بالطبع ليس من الضروري القول أننا وجدنا في جيب بنطاله الواسع مقصا صغيرا حادا.. :rose: دفتر الغياب اليومي - تموز المديني - 12-01-2004 روي: [CENTER]سيرة موت و حياة يوسف النجار[/CENTER] طاب له العمل... فتفصيل الأبواب الخشبية للبيوت، التي كان ينكب عليها طرقا و حفرا و تشذيبا وتلميعا، يعطيه إحساسا رائعا بأنه ركنا هاما من حياة هذه الأسر التي تعيش خلف أبوابه، كان يستمتع بملامسة هذه الكتل الخشبية الكبيرة التي كانت قبل فترة من الزمن أشجارا تدب بها الحياة، و ها هي من جديد تعود لتأخذ موقعها من الحياة بان تكون سترا و حاجزا يفصل بين حياة هذه الأسر عن بعضها البعض وعن الشارع الذي تلتقي فيه حيوات متنافرة متناقضة يمثل كل عابر فيه عالما قائما بحد ذاته قادم من خلف أبوابه الخشبية . المدينة توسعت و كبرت و امتدت الى المزارع المجاورة، صار الشغل أحسن و لكن أزمة صغيرة بدأت تعرقل عمله.. لقد ظهرت الأبواب الحديدية، مع ارتفاع سعر الخشب و ندرة الأشجار في البلاد بدأت صرعة الأبواب الحديدية، التي بدأ الحدادون بالتفنن بصنعها و صلابتها إضافة الى رخص سعرها، بالانتشار و الحلول مكان أبوابه الخشبية. كان لا بد له من ان يجدد في مهنته و يواكب الحياة المتسارعة نحو الحداثة، لكنه لا زال يهوى الخشب و العمل به.. و منشرته القديمة الواسعة المطلة على نهر المدينة والمحاطة بأجمل الأشجار والنباتات كانت ملفى له من ضجر المنزل و ازدحام الحارة و صخب المقاهي و أجاوئها الضيقة على النفس و الجسد. فكان أن فكر بصنع النوافذ، حيث لا زالت هناك أمامه فرصة لتطويع اشجاره اليابسة و تحويلها الى شبابيك خشبية تكون بمثابة أعين للمنزل و للحياة القابعة وراء الابواب الحديدية الجديدة، هذه الأعين لا زالت تصنع بالخشب هذه المادة القريبة الى روحه و يديه و عرق جبينه خصوصا حين تتساقط قطرات عرقه على القطع الخشبية المنهمك بصنعها. اخذ عمله الجديد منه كل وقته، كان يبقى حتى ساعات متأخرة من الليل منكبا على منشاره ومطرقته و مساميره يعزف أنغام الخشب الذي يحوله الى إطارات للنوافذ.. لم تكن هذه القطع الصغيرة تعادل في قوتها و جمالها القطع الكبيرة التي كان يصنع بها الأبواب الخشبية فيما مضى، لكن مع ذلك ظل مستمتعا بعمله مستلذا بكل تفصيل من تفاصليه الخشبية.. الى أن مضت الأيام وتغيرت الأحوال، ارتفاعات هائلة في سعر الاخشاب، حيث فقدت مواده الأولية الجيدة من ألواح الخشب بنوعيتها القديمة المصمتة و القوية و ظهر عوضا عنها الخشب الرخيص و المصنع و الذي لا يقاوم بطبيعة الحال عوامل الزمن و لا يكون قدمه و شيخوخته كمادة طبيعية وقورا حنونا كما الخشب الأصيل الذي كان يستعمله فيما مضى، بل كانت النوافذ المصنوعة بهذا الخشب الرخيص بحاجة لتبديل و اصلاح، ان أمكن اصلاحها، كل عدة أعوام.. هكذا الى أن غشى السوق ما يسمى بالألمنيوم، هذا المعدن الجديد القاسي و البارد الذي اجتاح البلاد كأنه طوفان دمر كل عوالم الخشب و حل محله ، هكذا صارت نوافذ الالمنيوم تحتل عيون المنازل وواجهاتها و كانت بطبيعة الحال أقل كلفة من النوافذ الخشبية و أشد متانة من الأنواع الجديدة الرخيصة من الخشب.. _يتبع جزء ثان و ثالث_ دفتر الغياب اليومي - تموز المديني - 12-02-2004 الجزء الثاني من: سيرة موت و حياة يوسف النجار شعر يوسف أن البساط يسحب من تحت قدميه، كان يقف ساعات طويلة في منشرته الكبيرة الفارغة يفكر بالأمر و يحزن كثيرا على انهيار عمله و قطع رزقه، كذلك تجتاحه مشاعر حزينة تجاه هذا الاحتلال التعسفي لعناصر جديدة قاسية وميتة لبيوت البشر وجسد العائلة و عالمها الحي.. أضحت هذه الحالة تؤرقه و هو المحروم من الإنجاب و يعيش مع زوجته في عالم بارد صامت و حزين لا أحد فيه راض عن الآخر.. وبذلك كان يشعر بالألم مضاعفا و هو يرى هذا الغزو الحديث لعوالم العائلة و الحياة الاجتماعية و الأسرية للمدينة بأكملها.. فكر طويلا الى أن وصل الى سؤال قد ينقذه من محنته و يعيد مجد منشرته و أيام عزها القديمة كان السؤال : هل يستطيع أن يكون نجار مفروشات؟؟ هل يدخل أعمق الى المنازل، يؤثث لها بخشبه الحنون موائدا و اسرّة و مقاعدا؟؟.. هل لديه الامكانيات على هذا التحول؟؟ بدأ بالتجريب، صنع مائدة خشبية بناء على نموذج رآه في السوق، نجحت التجربة، استطاع بيعها بسهولة، ثم كرر محاولاته فصنع الخزائن و الكراسي الخشبية و المقاعد.. الى أن استطاع إعادة الحياة الى منشرته و الأموال الى جيبه، كذلك أعاد علاقته الحميمية مع الخشب الذي صار يتعامل معه بمتعة أكبر وشغف الى تطويعه و تجميله قدر الإمكان، كانت مفروشاته تباع بسهولة، حتى أنه كان يعجز في أكثر الاحيان عن تلبية الطلبيات الكثيرة و التواصي المنهالة عليه، صارت حياة الزبائن اليومية جزءا من حياته، فهذا مستعجل بسبب زفافه و ذاك ايضا بسبب انتقاله الى منزل جديد و آخر يستعجل طاولته الخشبية لاقتراب امتحاناته و حاجته الماسة لطاولة يرسم عليها مشاريعه، هكذا وجد نفسه، هو المحروم من الأسرة الكاملة، أكثر اقترابا من أجواء العائلة بعد أن تجاوز أبواب المنازل و نوافذها الى داخل الحياة اليومية بكل ضجيجها و تعقيداتها .. الى أن جاء اليوم الذي اقتحم فيه البلاستيك البلاد أكثر من خمس مصانع للأثاث البلاستيكي أنشأت في عام واحد، البلاستيك لكل شيء للطاولات المقاعد الكراسي المطابخ.. حتى كراسي الحمام البسيطة صارت كلها من البلاستيك، هذه المادة البشعة التي جعلته يترحم بحسرة على الأبواب و النوافذ و المفروشات الخشبية، ياللهول أي جحيم أدخلناه لحياتنا اليومية؟؟ الكراسي البلاستيكية في كل مكان في المقاهي في المطاعم في البيوت في الحدائق.. البلاستيك احتل الحياة بل دمرها بهذه المادة الصناعية البشعة التي لا يمكن ان تقارن مع مادة الخشب بل هي أرخص منها سعرا وأفقر إحساسا، كان ثمن كرسي خشبي واحد يقوم بصنعه يعادل ثمن ستة كراسي بلاستيكة على الأقل، فمن ذا الذي في حالة الفقر هذه التي تعيشها البلاد لن يتهافت على المفروشات البلاستيكية ؟؟ _يتبع جزء ثالث و أخير_ دفتر الغياب اليومي - تموز المديني - 12-03-2004 جزء ثالث و أخير من: سيرة موت و حياة يوسف النجار عادت منشرته العتيقة الى وحدتها و سكينتها، بدأت أصابع الموت تزحف على جدرانها كما بدأت التجاعيد تغزو وجه يوسف و البياض يغزو شعره و الحرمان صار خبزه اليومي.. كان يجلس طويلا امام باب منشرته متأملا في مجرى النهر المجاور الذي بدأ يشح والذي بدأت تغزوه القذارة و مخلفات هذا الزمن العاطل و بينها الكثير من القوارير البلاستيكية ومخلفات هذه المواد من كراسي مهشمة او طاولات مكسرة تطفو على سطحه العكر .. حين ماتت زوجته، وكان الفقر والعوز أهم أسباب موتها، اعتراه احساس غريب، لأول مرة يشعر بوجودها !!.. هل الموت هو الذي اثبت حضورها أم غيابها؟؟ نظر لها طويلا و هي مسجاة في تابوتها.. تلمس التابوت طويلا.. أحس بالخشب الذي يضم جثتها .. هل يمكن ان يخترعوا توابيت بلاستيكة ؟؟ و ابتسم ابتسامة حزينة.. تابوت خشبي شغله عن موتها تماما.. ظلت فكرة التابوت الخشبي تؤرقه حتى بعد ان وارى زوجته تحت الثرى بأشهرعدة... هل يكون التابوت الخشبي هو موت الخشب ونهاية عصره الذهبي البراق؟؟.. في ذاك المساء كانت الشمس في غروبها تصبغ المدينة بلون الدم، ودّع بنظراته الذابلة آخر أشعتها، قام وئيدا نحو مخزن أخشابه أخرج لوحا خشبيا قديما و بدأ عمله... في الصباح الباكر كان التابوت جاهزا، ها هو يوسف النجار صانع الأبواب الخشبية الجميلة والقوية يصير صانع توابيت، طرد هذه الفكرة من رأسه.. وبعد ان أطال النظر لما صنعت يداه تطلع في أنحاء المنشرة المستطيلة الواسعة.. إنها تشبه التابوت هي الأخرى.. هل تكون هي تابوت حياته كلها؟؟ حياته التي قضاها مشقة و عذابا و لهاثا هربا من اجتياح العناصر الحديثة المصنعة للحياة كبدائل للخشب الذي كان حبه و هاجسه الأبدي؟؟ أيكون دون ان يدري قد قضى حياته كلها في تابوت خشبي يمارس هوسه و تعلقه الأعمى بهذه المادة التي منها نفسها نصنع النعوش؟؟؟ شعر بدوار في رأسه.. لم يلبث أن صار نار تشتعل.. عندها أحس يوسف النجار بحاجة للاستلقاء، توجه مباشرة نحو تابوته الخشبي الذي انتهى من صنعه للتو، تمدد فيه ناظرا بعمق الى سقف منشرته الخشبي.. أحس براحة أبدية و هو محاط بهذه المادة التي عمل بها طول حياته شم رائحة الخشب الطازج، أخذ نفسا عميقا مسترخيا بجسده داخل هذا القفص الخشبي، ملأت رئتيه ذرات من نثرات الخشب و أغمض عينيه طويلا. [CENTER]__انتهى__ :rose: دفتر الغياب اليومي - تموز المديني - 12-03-2004 طلب من عزيز من اجل الطباعة القصة السابقة كاملة على صفحة و احدة [CENTER][SIZE=4]سيرة موت و حياة يوسف النجار طاب له العمل... فتفصيل الأبواب الخشبية للبيوت، التي كان ينكب عليها طرقا و حفرا و تشذيبا وتلميعا، يعطيه إحساسا رائعا بأنه ركنا هاما من حياة هذه الأسر التي تعيش خلف أبوابه، كان يستمتع بملامسة هذه الكتل الخشبية الكبيرة التي كانت قبل فترة من الزمن أشجارا تدب بها الحياة، و ها هي من جديد تعود لتأخذ موقعها من الحياة بان تكون سترا و حاجزا يفصل بين حياة هذه الأسر عن بعضها البعض وعن الشارع الذي تلتقي فيه حيوات متنافرة متناقضة يمثل كل عابر فيه عالما قائما بحد ذاته قادم من خلف أبوابه الخشبية . المدينة توسعت و كبرت و امتدت الى المزارع المجاورة، صار الشغل أحسن و لكن أزمة صغيرة بدأت تعرقل عمله.. لقد ظهرت الأبواب الحديدية، مع ارتفاع سعر الخشب و ندرة الأشجار في البلاد بدأت صرعة الأبواب الحديدية، التي بدأ الحدادون بالتفنن بصنعها و صلابتها إضافة الى رخص سعرها، بالانتشار و الحلول مكان أبوابه الخشبية. كان لا بد له من ان يجدد في مهنته و يواكب الحياة المتسارعة نحو الحداثة، لكنه لا زال يهوى الخشب و العمل به.. و منشرته القديمة الواسعة المطلة على نهر المدينة والمحاطة بأجمل الأشجار والنباتات كانت ملفى له من ضجر المنزل و ازدحام الحارة و صخب المقاهي و أجاوئها الضيقة على النفس و الجسد. فكان أن فكر بصنع النوافذ، حيث لا زالت هناك أمامه فرصة لتطويع اشجاره اليابسة و تحويلها الى شبابيك خشبية تكون بمثابة أعين للمنزل و للحياة القابعة وراء الابواب الحديدية الجديدة، هذه الأعين لا زالت تصنع بالخشب هذه المادة القريبة الى روحه و يديه و عرق جبينه خصوصا حين تتساقط قطرات عرقه على القطع الخشبية المنهمك بصنعها. اخذ عمله الجديد منه كل وقته، كان يبقى حتى ساعات متأخرة من الليل منكبا على منشاره ومطرقته و مساميره يعزف أنغام الخشب الذي يحوله الى إطارات للنوافذ.. لم تكن هذه القطع الصغيرة تعادل في قوتها و جمالها القطع الكبيرة التي كان يصنع بها الأبواب الخشبية فيما مضى، لكن مع ذلك ظل مستمتعا بعمله مستلذا بكل تفصيل من تفاصليه الخشبية.. الى أن مضت الأيام وتغيرت الأحوال، ارتفاعات هائلة في سعر الاخشاب، حيث فقدت مواده الأولية الجيدة من ألواح الخشب بنوعيتها القديمة المصمتة و القوية و ظهر عوضا عنها الخشب الرخيص و المصنع و الذي لا يقاوم بطبيعة الحال عوامل الزمن و لا يكون قدمه و شيخوخته كمادة طبيعية وقورا حنونا كما الخشب الأصيل الذي كان يستعمله فيما مضى، بل كانت النوافذ المصنوعة بهذا الخشب الرخيص بحاجة لتبديل و اصلاح، ان أمكن اصلاحها، كل عدة أعوام.. هكذا الى أن غشى السوق ما يسمى بالألمنيوم، هذا المعدن الجديد القاسي و البارد الذي اجتاح البلاد كأنه طوفان دمر كل عوالم الخشب و حل محله ، هكذا صارت نوافذ الالمنيوم تحتل عيون المنازل وواجهاتها و كانت بطبيعة الحال أقل كلفة من النوافذ الخشبية و أشد متانة من الأنواع الجديدة الرخيصة من الخشب.. شعر يوسف أن البساط يسحب من تحت قدميه، كان يقف ساعات طويلة في منشرته الكبيرة الفارغة يفكر بالأمر و يحزن كثيرا على انهيار عمله و قطع رزقه، كذلك تجتاحه مشاعر حزينة تجاه هذا الاحتلال التعسفي لعناصر جديدة قاسية وميتة لبيوت البشر وجسد العائلة و عالمها الحي.. أضحت هذه الحالة تؤرقه و هو المحروم من الإنجاب و يعيش مع زوجته في عالم بارد صامت و حزين لا أحد فيه راض عن الآخر.. وبذلك كان يشعر بالألم مضاعفا و هو يرى هذا الغزو الحديث لعوالم العائلة و الحياة الاجتماعية و الأسرية للمدينة بأكملها.. فكر طويلا الى أن وصل الى سؤال قد ينقذه من محنته و يعيد مجد منشرته و أيام عزها القديمة كان السؤال : هل يستطيع أن يكون نجار مفروشات؟؟ هل يدخل أعمق الى المنازل، يؤثث لها بخشبه الحنون موائدا و اسرّة و مقاعدا؟؟.. هل لديه الامكانيات على هذا التحول؟؟ بدأ بالتجريب، صنع مائدة خشبية بناء على نموذج رآه في السوق، نجحت التجربة، استطاع بيعها بسهولة، ثم كرر محاولاته فصنع الخزائن و الكراسي الخشبية و المقاعد.. الى أن استطاع إعادة الحياة الى منشرته و الأموال الى جيبه، كذلك أعاد علاقته الحميمية مع الخشب الذي صار يتعامل معه بمتعة أكبر وشغف الى تطويعه و تجميله قدر الإمكان، كانت مفروشاته تباع بسهولة، حتى أنه كان يعجز في أكثر الاحيان عن تلبية الطلبيات الكثيرة و التواصي المنهالة عليه، صارت حياة الزبائن اليومية جزءا من حياته، فهذا مستعجل بسبب زفافه و ذاك ايضا بسبب انتقاله الى منزل جديد و آخر يستعجل طاولته الخشبية لاقتراب امتحاناته و حاجته الماسة لطاولة يرسم عليها مشاريعه، هكذا وجد نفسه، هو المحروم من الأسرة الكاملة، أكثر اقترابا من أجواء العائلة بعد أن تجاوز أبواب المنازل و نوافذها الى داخل الحياة اليومية بكل ضجيجها و تعقيداتها .. الى أن جاء اليوم الذي اقتحم فيه البلاستيك البلاد أكثر من خمس مصانع للأثاث البلاستيكي أنشأت في عام واحد، البلاستيك لكل شيء للطاولات المقاعد الكراسي المطابخ.. حتى كراسي الحمام البسيطة صارت كلها من البلاستيك، هذه المادة البشعة التي جعلته يترحم بحسرة على الأبواب و النوافذ و المفروشات الخشبية، ياللهول أي جحيم أدخلناه لحياتنا اليومية؟؟ الكراسي البلاستيكية في كل مكان في المقاهي في المطاعم في البيوت في الحدائق.. البلاستيك احتل الحياة بل دمرها بهذه المادة الصناعية البشعة التي لا يمكن ان تقارن مع مادة الخشب بل هي أرخص منها سعرا وأفقر إحساسا، كان ثمن كرسي خشبي واحد يقوم بصنعه يعادل ثمن ستة كراسي بلاستيكة على الأقل، فمن ذا الذي في حالة الفقر هذه التي تعيشها البلاد لن يتهافت على المفروشات البلاستيكية ؟؟ عادت منشرته العتيقة الى وحدتها و سكينتها، بدأت أصابع الموت تزحف على جدرانها كما بدأت التجاعيد تغزو وجه يوسف و البياض يغزو شعره و الحرمان صار خبزه اليومي.. كان يجلس طويلا امام باب منشرته متأملا في مجرى النهر المجاور الذي بدأ يشح والذي بدأت تغزوه القذارة و مخلفات هذا الزمن العاطل و بينها الكثير من القوارير البلاستيكية ومخلفات هذه المواد من كراسي مهشمة او طاولات مكسرة تطفو على سطحه العكر .. حين ماتت زوجته، وكان الفقر والعوز أهم أسباب موتها، اعتراه احساس غريب، لأول مرة يشعر بوجودها !!.. هل الموت هو الذي اثبت حضورها أم غيابها؟؟ نظر لها طويلا و هي مسجاة في تابوتها.. تلمس التابوت طويلا.. أحس بالخشب الذي يضم جثتها .. هل يمكن ان يخترعوا توابيت بلاستيكة ؟؟ و ابتسم ابتسامة حزينة.. تابوت خشبي شغله عن موتها تماما.. ظلت فكرة التابوت الخشبي تؤرقه حتى بعد ان وارى زوجته تحت الثرى بأشهرعدة... هل يكون التابوت الخشبي هو موت الخشب ونهاية عصره الذهبي البراق؟؟.. في ذاك المساء كانت الشمس في غروبها تصبغ المدينة بلون الدم، ودّع بنظراته الذابلة آخر أشعتها، قام وئيدا نحو مخزن أخشابه أخرج لوحا خشبيا قديما و بدأ عمله... في الصباح الباكر كان التابوت جاهزا، ها هو يوسف النجار صانع الأبواب الخشبية الجميلة والقوية يصير صانع توابيت، طرد هذه الفكرة من رأسه.. وبعد ان أطال النظر لما صنعت يداه تطلع في أنحاء المنشرة المستطيلة الواسعة.. إنها تشبه التابوت هي الأخرى.. هل تكون هي تابوت حياته كلها؟؟ حياته التي قضاها مشقة و عذابا و لهاثا هربا من اجتياح العناصر الحديثة المصنعة للحياة كبدائل للخشب الذي كان حبه و هاجسه الأبدي؟؟ أيكون دون ان يدري قد قضى حياته كلها في تابوت خشبي يمارس هوسه و تعلقه الأعمى بهذه المادة التي منها نفسها نصنع النعوش؟؟؟ شعر بدوار في رأسه.. لم يلبث أن صار نار تشتعل.. عندها أحس يوسف النجار بحاجة للاستلقاء، توجه مباشرة نحو تابوته الخشبي الذي انتهى من صنعه للتو، تمدد فيه ناظرا بعمق الى سقف منشرته الخشبي.. أحس براحة أبدية و هو محاط بهذه المادة التي عمل بها طول حياته شم رائحة الخشب الطازج، أخذ نفسا عميقا مسترخيا بجسده داخل هذا القفص الخشبي، ملأت رئتيه ذرات من نثرات الخشب و أغمض عينيه طويلا. :wr: دفتر الغياب اليومي - تموز المديني - 12-06-2004 تراتيل يومية: [CENTER]أقسم بالمرأة العظيم [CENTER]أقسم بها لأنها طاقة روحية تفيض و تنضح ولا قرار لماءها مهما شح لانها الأم الاولى و لأنها عشتار و إنانا و اورنينا و أفروديت و فينوس وأثينا لانها تعرف العلاقة بين الجسد والروح بكل بداهة و فطرية لانها تحمل في جسدها معنى الأرض و في أسرارها معنى السماء أقسم بالمرأة العظيم لانها مكورة الأبعاد دائرية الفكر شموليته لانها تنظر الى الأرض و تسعى الى ترتيبها و تحسينها لانها البيت و جسد البشرية بينما ينظر الرجل الى الفضاء ساعيا لغزوه و بسط سيطرته و حروبة عليه و نقل كل شرور الأرض إليه .................................. ................................ ............................. .........................[/CENTER] نص مفتوح للعبادة ويتبع_ :wr: دفتر الغياب اليومي - تموز المديني - 12-06-2004 [CENTER]......... ............ ............... أقسم بالمرأة العظيم لانها مكورة الابعاد دائرية الفكر شموليته لانها تنظر الى الأرض و تسعى الى ترتيبها و تحسينها لانها البيت و جسد البشرية بينما ينظر الرجل الى الفضاء ساعيا لغزوه و بسط سيطرته و حروبة عليه و نقل كل شرور الأرض اليه أقسم بالمرأة العظيم فهي التي تعطي.. وتعطي نكهة للحياة و طعما للجسد و افقا لكل هذا الشاقول الذي نحمله دون راية وهي التي تحمي و تضم و تعطف و تحن بينما نحن نتقاتل و نحقد و نفترس و نتملك وهي التي تحمل مقايس الجمال و النعومة و الألق و الخلق و بها تسقتر احلامنا و يستريح قلقنا و يستعر جسدنا و تطرى الى حد كبير قلوبنا[/CENTER] نص مفتوح للعبادة يتبع_ دفتر الغياب اليومي - تموز المديني - 12-07-2004 تراتيل يومية: [CENTER]أقسم بالمرأة العظيم لأنها الأرض و الوطن و البلاد و الشجرة و الخيمة و القميص و قبة المعبد و خادمته لأنها الجمال و الدلال و السلام و الاستقرار لأنها الخفة و الخفقة و الخفر و الخلوة الى الروح حين يعيها السفر لأنها مأوئ و ملجأ و درء من برد الخارج و من وحدة التوحش و التفرد و لأنها المنفى حين يعز الوطن و وطن حين تنأى المنافي لأنها أكثر بكثير من نصف المجتمع إنها الأصل و الجذر و بدء الزرع وهي السباقة في الحرث و البذر و الري و المستنكفة عند الحصاد لأن العطاء صفة من يعلو عن الصفات ..................... ................... .............. ..........[/CENTER] نص مفتوح للعبادة _يتبع_ (f) دفتر الغياب اليومي - تموز المديني - 12-08-2004 تراتيل يومية: [CENTER]أقسم بالمرأة العظيم و دون تاء التأنيث لأن العظمة من المعنى و تاؤها من أصل الكلام فيكون التذكير منها بانتقاص و تأنيثها تاء التمام و لا تمام لأبن انثى مهما عظمت ولا للإله تذكر* فتعدد في يهوذا و مسيح وإسلام [/CENTER] * من الذكورة نص مفتوح للعبادة :wr: دفتر الغياب اليومي - تموز المديني - 12-08-2004 تراتيل يومية : [CENTER][SIZE=4]أقسم بالمرأة العظيم خالق اليوم بلا دين إياها نعشق و نستقيم و منها الفرَج و الرحم و الثدي الأمين[/CENTER] نص مفتوح للعبادة :wr: _يتبع_ |