حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$archive_pages - Line: 2 - File: printthread.php(287) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(287) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 287 eval
/printthread.php 117 printthread_multipage
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: المدونــــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=83)
+--- الموضوع: كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول (/showthread.php?tid=6939)

الصفحات: 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17


كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 05-27-2008

دقيقة صمت؟ ... يستأهلون

GMT 0:15:00 2008 الثلائاء 27 مايو

الرأي العام الكويتية



--------------------------------------------------------------------------------


علي الرز

قرت أعينهم.
من قال ان الذين قضوا في بيروت والمناطق لم يفوزوا بشيء من اتفاق اللبنانيين على وزير بالزائد ونائب بالناقص؟
انظروا حجم التأثر على وجوه المسؤولين الذين كانوا «يضحكون من الالم». راقبوا لمحات «الوقار» التي شكلت سلوكا عاما في الحديث عن الاستقرار الامني. تابعوا بتأثر كيف وقف الجميع دقيقة صمت... دقيقة صمت... من اجل الذين استشهدوا وهم في طريقهم الى المخبز لشراء الخبز، او في طريقهم الى «الزاروب» الآخر هربا من قذائف الـ «بي سفن» التي افشلت المؤامرة الاميركية العربية المحلية في بيروت، او دهسا تحت اقدام الاشاوس حماة التظاهرة العمالية «المحتجة» على رفع الحد الادنى للاجور، او برصاص الكلاشنيكوف لانهم ارتكبوا «فعل الخيانة» بالسير في جنازة راحل في الطريق الجديدة.
قرت أعينهم. ستستقر روح من امضى عمره يدرس ويتخصص ويحصل على الدكتوراه ثم اراد نقل امه من رأس النبع الى البربير فحاصره المسلحون واطلقوا النار عليه وعلى أمه التي أبت الا ان ترحل معه بعدما ربته «كل شبر بندر». دقيقة صمت، اعلنت اول من امس، من البرلمان احتراما له ولمئة قتيل و300 جريح سقطوا في اجتياح مسلح للعاصمة ناهيك عن الشهداء الذين سقطوا على مدى سنوات وابوا الا ان يكونوا شهودا على الفتنة المخصبة التي لن تستقيم تجلياتها من دونهم.
«متنا وشفنا» تقديرا لا يماثله تقدير. وقف الجميع بوقار ولكن باستعجال ايضا، كأن الثواني الستين اشبه بمرايا ستين تعكس قبح الكثيرين وحقيقتهم. كأنها شاشات بلازما تعرض بسرعة مشاهد الذين سقطوا في «التصدي للمؤامرة» سواء بالرصاص او القذائف في الشوارع والبيوت او بالفؤوس والسكاكين والخناجر في التلال والمستشفيات... لذلك اختصرت الدقيقة بـ «ارادة لبنانية جامعة» الى 40 ثانية او اقل من دون اي اعتراض او نقطة نظام.
يا ليتهم كانوا معنا امس. لم يتوقع احد من الميتين انه سيصل الى مرحلة يحسده فيها الحي... يللا يستأهلون. لم يخل خطاب من التطرق الى الضحايا الابرياء... يستأهلون. لم تخل كلمة من الحديث عن ضرورة تجاوز الفتنة وفتح صفحة جديدة كي لا يتكرر سفك الدماء... ايضا يستأهلون. بل اكثر من ذلك، سيسمع شهداء تحرير بيروت من «القرار الحكومي الجائر» اناشيد وقصائد تخلد ذكراهم، وربما قيل فيهم انهم سقطوا على «مذبح» قيامة لبنان، او «ماتوا ليحيا لبنان»، او ربما فكرت مجموعة من اصدقائهم ومحبيهم باقامة نصب صغير او لوحة تذكارية او في اضعف الايمان احياء ذكرى سقوطهم بمهرجان او احتفالية تكون في الوقت نفسه مناسبة لتلاقي الذين افترقوا في السياسة والحديث عن الحصص في الحكومة والادارات واهمية حل المشاكل بالحوار... قيمتهم كبيرة «وما في شي من قيمتهم».
احتفالات واناشيد وفرق موسيقية عمت لبنان من شماله الى جنوبه وسجاد احمر وتصفيق وانتخابات واوراق بيض واعتراضات في النظام وغزل وهرج ومرج وقبلات وأحضان وحضور عربي ودولي غير مسبوق وكلمة لرئيس المجلس واخرى للرئيس الجديد واستقبالات في صالون البرلمان واجتماعات جانبية وفضائيات عادت الحياة الى برامجها الحوارية 24 ساعة على 24 وتحليلات بالاطنان وصحف تتبارى في العناوين واللقطات و«صور عا مد عينك والنظر»... ودقيقة صمت من اجل الذين دفعوا الثمن الحقيقي لـ «انضاج التسوية».
هذا هو لبنان الجديد- القديم. حيث الدم ماء او مشروب احتفاليات، وحيث القصاص موت بدل ان يكون حياة، وحيث الفجيعة جسر للمسؤولين بدل ان تكون جسرا للوطن، وحيث المجزرة دقيقة صمت بدل ان تكون منعطفا تاريخيا ودرسا انسانيا.
... ليتها كانت دقيقة كلام يحكي فيها الشهداء ويصمت الزعماء... ليتها كانت كلمة واحدة يقولها الشهداء عن الزعماء.






كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 05-31-2008

احكِ لي قصّة

GMT 8:45:00 2008 السبت 31 مايو

الأخبار اللبنانية



--------------------------------------------------------------------------------


أنسي الحاج


احكِ لي قصّة تُلهيني. أيّ شيء. ما أظلم هذا الجوّ!
لستُ خائفاً. ممَّ أخاف؟ الرصاصة أسرع من الموت. لا، أنا مصابٌ باحتقار الذات وفقدان الهويّة. سمعتُ ميشال سليمان وسمعت حسن نصر الله وسمعت فؤاد السنيورة فتغرّبت ثلاث مرّات. الأول بعينيه الحزينتين يَقْطر أسفاً. الثاني بصوته المجلجل يُشيع العواصف. الثالث بتهذيبه المبتسم يُحيّرك في أيّ بلد أنت. ما المشترك بين هؤلاء الرؤساء؟ (لا، ليس خطأً لغويّاً). لا شيء. ثلاثة رؤساء (لا، بالتأكيد، ليس خطأً لغويّاً) لكلّ منهم مناخه وناسه، ولا يجمع بين هؤلاء الناس رابط الدولة ولا رباط الوطن، بل تتقاسمهم هواجس القلق من البقاء والشوق إلى الهجرة أو عذاب العجز عنها. ناس، مع هذا، جاهزون لملء الفراغات. فراغ الانتساب، فراغ الحشد، فراغ الدم. فراغات تُؤلّف لبنان واللبنانيين. فراغات مُزيَّحة بأقلام الدُول، بأسنان الدول. فراغات مملوءة بأجساد تسكن قرى، مدناً، ضواحي، ويسكنها روح التشلُّع، تتشظّى بلا نهاية، تهيم كالوطاويط في النهار، تُوعَد بحقوقها كأن الحقوق صَدَقَة، توعد بالدولة كأن الدولة وعد، توعد بثواب واحد على كل مئة عقاب، أجساد هَجَرها كسل المتعة، عَسَلُ المَلَل الحلال، أجساد لم تعد سوى حمّالات أرواح مملوكة.

***

ثلاثة رؤساء يتبادلون مشاعر الانقهار بعضهم من بعض، وناسهم حواليهم ركّاب المراكب التي تتقاذفها الأمواج، بعضهم فوق بعض، وبين الدَّور والدور يقع بعضٌ منهم بين أشداق البحر.
ثلاثة، وسواهم من الذين كانوا أو الذين سيصبحون رؤساء، أو الذين هم بمثابتهم. وناسهم الذين رفض معظمهم الحرب قبل أيّام، بين مَن سلّم سلاحه ومَن احتفظ به ورفض استعماله. صار ثلاثة أرباع اللبنانيين، وللّه الحمد، ريمون إده. وعيٌ تأخّر ثلاثة وثلاثين عاماً. عمر المسيح. رقمٌ طَلْسَم. أو هو صدفة مثل حياتنا، على أنَّ الصدف أيضاً طلاسم.
ثلاثة أرباع اللبنانيين الذين حاربوا عام 1975 وما بعده رفضوا الدخول في الحرب هذه المرّة. البعض يقول بل أكثر من هذه النسبة. البعض يقول: لا تجرّبوهم مرّة ثانية. ونحن منهم. لذلك نناشد المسلَّح أن لا يدفع الأعزل أو «المسلّح الخفيف» دفعاً إلى التسلّح.
التباهي بالقوّة يستفزّ ولو كانت قوّة سلاح المقاومة. وسلاح المقاومة بات جانب منه، وإن عَبْر إيقاعه في الفخّ، سلاحاً داخليّاً. أراد وليد جنبلاط في الأحداث الأخيرة أن يتشبّه بغاندي. المرتابون به لا يعترفون له بذلك، بل على عادتهم يرون مواقفه مناورة ومراوغة. قد لا تكون طاهرة ولكنها أثمرت حَقْناً للدماء. الحريري وتيّاره كذلك، رغم بعض «التجاوزات». سمير جعجع أيضاً، وبدون أيّة غلطة. ماضي الحريري ماضٍ سلمي فلا جديد عليه، ولكن سلميّة جنبلاط وجعجع مدهشة وتستحق الحضانة لكي يواصلاها. واستفزازهما إلى غير ذلك ستقع مسؤوليته كاملة على الجهة المستفِزّة. ولا نريد اختباءً وراء الطوابير الخامسة، فلا طوابير تتجرّأ بدون موافقة أهل البيت حين يصبح حجمهم هو هذا.

****

وفي معرض كلام القهر، وعلى عادتنا المضحكة المبكية في إقامة المعادلات استظلالاً للجوّ الفولكلوري العام، لا بدّ من التوقّف مرّة جديدة أمام مقهور من نوع آخر، مقهور دائم منذ أواخر القرن الماضي، هو الجنرال ميشال عون. لم أصدّق ابتسامته وهو يترأس أحد اجتماعات كتلته بعد انتخاب الجنرال سليمان. كأنها ابتسامة من القلب. هذا الرجل، بصرف النظر عن توتّره الذي يكبسك في توجّس دائم وترقّب انفجارٍ ما، هو أكثر مَن كان يستحق الرئاسة.
هنيئاً لسليمان، ولكن عون كان يستحقّها لا لأنّه يشتهيها بشبق لا يتوافر للآخرين، بل لأنه، بعدما تراكمت جبال التحدّيات ضدّه وألوف الكامنين له يتربّصون ليشمتوا به وينقضّوا عليه ساعة يكبو، كان مجبراً أن يفعل شيئاً. إن شهوةً كهذه الشهوة المُطْلَقة للسلطة من المستحيل أن لا تنطوي، عند شخصيّة مركّبة كشخصية عون، على مشروع إصلاحي يُحيي شيئاً ما، في الإدارة، في المجتمع السياسي، في مفهوم الدولة، ربّما في العلائق بين الطوائف. الأمل أن ينسى عون جرح الكرسي بفعل انتصار على الذات يفاجئ محيطه القريب أوّلاً، وأن يُجيّر طاقاته صدْقاً إلى الحكم القائم، منكراً ذاته حيث النكران لا يضيع وحيث الذات تكبر بثمارها وتضحياتها لتغدو في حجم خلاص شعب.

****

ثلاثة كلٌّ في مناخ.
بالإمكان أن يودي بنا هذا إلى مزيد من التفسّخ. مثلما بالإمكان أن يُبنى عليه واقعيّاً فنقول: هذا هو لبنان، لنأخذ تناقضاته على سبيل التنوّع والتنوّع على سبيل الترافُد والإخصاب. ودعنا لا نعمل من قضية ولاية الفقيه معضلة نعبّئ النفوس بسببها. دعنا لا نفهم منها غير معنى الولاء الروحي ولا نستعجل إلى المضاعفات السياسيّة. طبعاً لا أحد يريد للبنان تبعيّة لإيران ولا لغيرها، ولا يكفي تطمين نصر الله إلى حكمة ولاية الفقيه وتأييدها للبنان التعدّد والتنوّع حتى تهدأ النفوس. المهمّ، في المبدأ وفي التطبيق، أن لا تكون جهة جبّارة كـ«حزب الله» على تعاهد مع جهة خارجيّة ولو صديقة يُلزمها ما يتعارض مع الصالح اللبناني العام، أو يُرْغم المجتمع اللبناني إرغاماً على شيء، أو يضعه بالترهيب أمام أمور واقعة. هذا هو المأمول. وهذا أضعف الإيمان. وهو ما يجب أن يعلنه «حزب الله» على رؤوس الأشهاد قطعاً لدابر الفتنة التي لم ينقطع دابرها بعد.

***

نتمنّاها صيفيّة صاخبة بالفرح،
وفي انتظارها، وعلى رجائها، احكِ لي قصّة تُلْهيني. أي شيء. ما أَظْلَم هذا الجوّ!
لستُ خائفاً. الرصاصة أسرع من الموت. لا، أنا مصابٌ باحتقار الذات وفقدان الهُويّة. هذا البلد الذي ودّعتُه بمقالٍ في حرب السنتين، لماذا لا يزال يسكنني؟
بلد عجيب، يسكنك أكثر من روحك، بلد رائع، لا نستطيع أن نتركه، لا يريد أن يتركنا، ولا نستطيع أن نعيش فيه!
بربّكَ احكِ لي قصّة، قصّة لا أفيق من خَدَرها!.






كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 06-01-2008

الإنسان العربي يعود إلى أسفل مثلث ماسلو!

GMT 23:15:00 2008 السبت 31 مايو

الشرق القطرية



--------------------------------------------------------------------------------


فيصل القاسم

كان هناك شخص يعيش مع أولاده التسعة وزوجته وحماته وأمه في بيت مُؤجر مؤلف من غرفة واحدة، وحمام داخلي مساحته متر بمتر، ومطبخه عبارة عن طاولة صغيرة. وكان دائماً يتذمر من عيشته التعيسة، فجاءه صاحب البيت ذات يوم، وطلب منه أن يربي له دجاجتين وديكاً في نفس المنزل الصغير مع العائلة، فثارت ثائرة المسكين، لكنه اضطر للرضوخ لطلب صاحب المنزل كي لا يطرده. وراحت العائلة تعاني من إزعاج الديك ووسخ الدجاجتين. وكي يزيد الطين بلة عاد صاحب البيت بعد فترة، وطلب من المستأجر أن يربي له عنزة في الغرفة ذاتها، فصارت الدجاجتان تلوثان الفراش بالأوساخ، وأصبح الديك يقاتل العنزة، بينما تثغو الأخيرة ليل نهار. ومما زاد في الطنبور نغماً أن صاحب البيت أمر المستأجر المسكين لاحقاً بأن يربي له عجلاً، فزادت محنته معاناة وألماً. لكن صاحب المنزل المتغطرس حن على المستأجر بعد طول معاناة وانتظار، فخلصه من الديك والدجاجتين والعنزة والعجل. فطار المستأجر من الفرح، وراح يحدث أصدقاءه عن بيته الفسيح المريح قائلاً: «من يوم ما راحوا هالحيوانات الملاعين، وإحنا عايشين مبسوطين مبحبحين»، مع العلم أن البيت بقي على حاله طبعاً.

وهكذا حكاية الحكومات العربية مع شعوبها، فما أن تتذمر الشعوب من وضعها المأساوي حتى تقدم الحكومات على إجراءات أكثر مأساوية وبطشاً وتنكيلاً، فيلهج لسان الشعوب فوراً بالبيت الشهير: «رُب يوم بكيت فيه، فلما صرت في غيره بكيت عليه».

بالأمس القريب كانت الشعوب تنادي بالتخلص من الظلم والطغيان واحترام حقوق الإنسان وتحقيق الديموقراطية، فجاءت أمريكا إلى العراق لتنقذ الأنظمة العربية من ورطتها أمام الشعوب المتملمة، وعندما وجدت الشعوب ما حل بالأشقاء العراقيين الذين كانوا يحلمون بالديموقراطية، لعنت الساعة التي نادت فيها بالمشاركة السياسية والحرية، وعادت لتسبح بحمد الحكام الذين بدوا، بالمقارنة مع الغازي الأمريكي الهمجي، حملاناً وديعة، فصاحت الشعوب بأعلى أصواتها: «الله يخلــّي لنا حكامنا الذين لا تعرف خيرهم حتى تجرب غيرهم».

وعندما وجد الحكام أنهم فعلاً أفضل من «مغول العصر» الذين قلبوا المنطقة أعلاها سافلها، راحوا يسحبون بعض «المكرمات» التي كانوا يتصدقون بها على الشعوب المسكينة، فأخذوا يرفعون الأسعار بشكل جنوني، ويسحبون الدعم عن أساسيات الحياة من صحة وتعليم ومواصلات وطاقة وخبز، مما جعل الشعوب تترحم على تلك الأيام الخوالي التي كانت تسرف وقتها في أكل الطعمية والفلافل والبطاطا والطماطم والخبز، وتستطيع أن تقود سياراتها المهترئة لمسافات أطول بسبب معقولية سعر المحروقات آنئذ.

أما الآن فقد أصبح الحصول على أساسيات الحياة الشغل الشاغل للسواد الأعظم من الشعب العربي، فالأغلبية منشغلة بالبحث عن ربطة خبز مجبولة بالرمل والقش، وليتر زيت من النوعية العاشرة، وكيلو طماطم نصفه عفن، ورطل أرز مخلوط بالحصى. كم تنطبق كلمات بيرم التونسي على يومنا هذا وهو يشتكي من رداءة السلع وارتفاع ثمنها:

الأكل والشرْبْ في أيدْ اللومَنجِيٌه

والطماعين اللي غلوا الملح والمَيٌهْ

والغشاشين اللي فاقوا ع الحرامية

الشاي بالمفتشر مخلوط ملوخية

والبن فيه الشعير تسعين في الميه

والعيش برملة وطينة يا مناخليه

واللحم معروض بدون أختام رسمية

والميه هيه اللبن ولا اللبن هيه

أفاعي متَسيبَةْ من غير رفاعية

ودنيا مترتبة ترتيب فلاتيه

لكن حتى هذه السلع الرديئة أصبحت صعبة المنال، مما جعل الناس يتوقفون عن المطالبة بالحرية ولا حتى بالبطيخ. لقد غدت لقمة العيش «اليابسة» أهم من أي شيء آخر.

لقد بدأ ملايين العرب يعودون عملياً إلى الدرك الأسفل من «مثلث ماسلو» الشهير الذي يقسّم حاجات الإنسان إلى خمسة مستويات، هي الحاجات العضوية كالماء والغذاء والمأوى والتدفئة وغيرها من الاحتياجات الجسدية، ثم السلامة والأمان، الحب والانتماء، الاحترام والتقدير، وفي النهاية تأتى قمة الهرم، وهي تحقيق الذات، وهي أن تشعر بأنك قد حققت غاية أهدافك فى الحياة، وأنك قد وصلت إلى قمة ما كنت تتمناه لنفسك.

ولا يمكن لأي مستوى أن يتحقق إلا إذا تحقق ما قبله، فعندما يحقق الناس احتياجاتهم الأساسية يسعون إلى تحقيق احتياجات ذات مستويات أعلى. فإذا كان الإنسان جائعاً، أو عطشان، أو أن جسده مختل كيميائياً، فإن كل طاقاته تتجه نحو إصلاح العلة، وبالتالي تظل باقي الاحتياجات الأخرى معطلة لصالح المعتل منها.

وتــُصنف الاحتياجات الدنيا تحت مسمى «احتياجات العوَّز»، بينما يُصنف المستوى الأعلى تحت «احتياجات النمو». بعبارة أخرى، فإن الحاجات الأعلى في هذا الهرم تدخل حيز اهتمام الإنسان فقط عندما يحقق الحاجات الأدنى منها تحقيقاً مُرْضياً، وبينما تسبب قوى النمو تحركاً باتجاه الأعلى في الهرم، تسبب القوى الانكفائية تحركا للحاجات الغلاّبة نحو الأسفل.

ولو طبقنا تقسيمات ماسلو على الإنسان العربي لوجدنا أنه عاد عملياً ليراوح في الدرك الأسفل من المثلث بعد أن غدا همه الأول والأخير إشباع الحاجات الأساسية من مأكل و مشرب وملبس وجنس، مع العلم أن الحاجة الأخيرة أصبح مشكوكاً في طلبها، خاصة أن طالبها يجب أن يكون قد حصل أولاً على الطاقة اللازمة لتأديتها. ولا داعي للإسهاب في الشرح.

كيف نتوقع من الشعوب العربية المعدمة أن ترتقي بأنفسها وبأوطانها إذا كانت، حسب التقارير الدولية، تنفق أكثر من تسعين في المائة من دخلها على حاجاتها العضوية فقط، أي الغذاء، بينما تنفق الشعوب المتقدمة عشرة في المائة فقط على الطعام، ويبقى لها حوالي تسعين في المائة من رواتبها لتطور نفسها ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً. بعبارة أخرى فإن ملايين العرب غدوا مجرد عبيد لبطونهم، هذا إذا استطاعوا أصلاً أن يملأوها جيداً وسط التحولات الاقتصادية المخيفة وشد الأحزمة والغلاء الرهيب وانحسار الموارد.

لقد قال السيد المسيح: «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان». وكان يقصد أن الإنسان ليس جسداً فقط، بل روح ونفس أيضاً. وهكذا يحتاج الإنسان، لكي يستمتع بحياته، إلى التوازن بين الاهتمامات الجسدية والاهتمامات الروحية. فلا ينشغل بحاجات الجسد من مأكل ومشرب وملبس وأشباع الغرائز فقط على حساب النفس والروح. لكن ماذا تفعل الشعوب العربية التي تريد أن تحيا بالخبز وحده، لكنها لا تجده أحياناً؟





كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 06-02-2008

الانتحاريون والمظلّة والفرصة
غسان شربل الحياة - 02/06/08//

الارتياح الذي أثاره انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية اللبنانية عكّره اول من امس حادثان مقلقان. الاول انفجار في مركز للجيش في الشمال أدى الى استشهاد مجند. والثاني محاولة انتحاري فلسطيني تفجير نفسه في آلية للجيش في الجنوب. ولا يقلل نجاح الجيش في قتل الانتحاري قبل تمكّنه من تحقيق هدفه من خطورة هذا الحادث، وهو اول عملية انتحارية على الاراضي اللبنانية منذ تلك التي أدت الى اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل ثلاثة اعوام.

لا يمكن عزل هذه الاطلالة الانتحارية عن التوقيت الذي جاءت فيه. جاءت بعد ايام من انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية. قائد الجيش الذي خاض حربا طويلة ضد المجموعة الارهابية التي تحصّنت في مخيم نهر البارد وقيل يومها إن برنامجها الاصلي كان يرمي الى اعلان «إمارة إسلامية» في جزء من شمال لبنان. ولنا ان نتخيل الآثار الكارثية التي كان يمكن ان تترتب على نجاح مثل هذه المحاولة في بلد متعدد الطوائف والمذاهب. ثم ان الحادث جاء بعد ايام من الاحداث الدامية التي شهدها لبنان وخلّفت جرحا عميقا في العلاقات الشيعية - السنية واعادت تسليط الضوء على جرح مذهبي آخر في شمال لبنان. ولم يتمكن الجيش اللبناني من منع هذه الاحداث وما رافقها من ممارسات.

من التسرع الجزم بأن الاطلالة الانتحارية وفي ضوء مناخات التوتر المذهبي التي خلفتها الاحداث الاخيرة تعني انزلاق لبنان سريعا الى العرقنة. لكن من الخطأ الجزم بأن العرقنة غير واردة اذا لم يستطع عهد سليمان توفير ما يحتاج إليه من مظلة داخلية وعربية واقليمية ودولية. فمن دون هذه المظلة سيظل التوتر قائما وإن كامناً وستظل الاطلالات الانتحارية متوقعة. صحيح ان المظلة لن تمنع شخصا قرر الانتحار لكنها ستقفل بالتأكيد الباب امام الرياح التي تسهل شيوع هذه الممارسات او توفر ارضية خصبة تساعد على حصولها.

لا مبالغة في القول إن انتخاب سليمان الذي اكد في خطاب القسم تعلقه بمنطق الدولة والتوازن يشكل فرصة لكل الاطراف الراغبة في ترميم الدولة اللبنانية وتجنيب هذا البلد مخاطر التحول ساحة مفتوحة لمغامرات دامية سواء جاءت من الداخل او الخارج. انه فرصة للأكثرية التي استحقت بعد الانتخابات السابقة الجلوس في مقاعد الحكم لكنها عجزت عن ان تحكم او منعت من القيام بهذه المهمة. فرصتها لإعادة الشراكة الوطنية مع من ساهموا في منعها من الحكم خصوصا بعدما تبين ان لا استقرار في غيابهم وبغض النظر عن صحة المواقف والممارسات.

وهي فرصة للمعارضة ايضا. فعلى المعارضة ان تسلم بدورها ان انتخاب رئيس توافقي يعطيها فرصة احياء الشراكة مع الفريق الآخر في الوطن وهو فريق لا تملك المعارضة حق تخوينه ولا تملك أي تفويض شعبي لفرض ارادتها عليه خصوصا بقوة السلاح. ان انتخاب رئيس وقف دائما الى جانب المقاومة يعطيها فرصة لمراجعة جدية لدورها وعلاقتها بالدولة ووظيفة سلاحها ذلك ان المقاومة قامت من اجل تحرير الارض ولا تملك تفويضا بإدارة الدولة او ممارسة الرقابة عليها او الاحتفاظ بسلاحها الى الأبد. في المقابل تدرك الدولة ان التعامل مع موضوع سلاح المقاومة لا يمكن ان يتم في مناخ انقسام داخلي وبتسرع كالذي شاب القرارين اللذين كانا السبب في تفجر الاحداث او الذريعة لتفجيرها.

سورية ايضا يمكن ان تعتبر وصول سليمان فرصة فهو صديق قديم لها. ان التعاطي ايجابا مع عهد سليمان سيوفر لسورية فرصة استعادة علاقات عربية ودولية خصوصا اذا تابعت تركيا رعايتها للمفاوضات السورية الاسرائيلية غير المباشرة. ولا بد هنا من الالتفات الى ان العلاقات الاستراتيجية بين سورية وايران لا تعني ابدا تطابق المصالح، والدليل تباين الحسابات في العراق وفي الموقف من اسرائيل والتفاوض معها من دون ان ننسى ان حسابات البلدين ليست متطابقة تماما في لبنان الذي يشهد تمدّدا واضحا للدور الايراني.

يشكل عهد سليمان فرصة لاظهار القدرة على ممارسة سياسات مسؤولة وبعيدة عن المجازفات داخليا واقليميا. واذا اختارت الاطراف الداخلية والاقليمية التعامل معه كفرصة للانتظار الايجابي وتغليب منطق منتصف الطريق فان هذا العهد سيتمتع بمظلة تلجم محاولات انضاج الملفات الاقليمية على لهيب النار اللبنانية. ان اي مشروع لإرغام عهد سليمان على التحول مجرد مراقب لعملية كسر التوازنات على الساحة اللبنانية سيفتح الباب واسعا امام الفتنة داخليا واقليميا وسيمهد الطريق امام قوافل الانتحاريين ولن يكون الرابح عربياً.



كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 06-02-2008

طوارئ النظام وطوارئ التغيير
عبد الحليم قنديل

02/06/2008

كالعادة، لحس مبارك وعده بالغاء حالة الطوارئ المفروضة في مصر منذ دخل قصر الرئاسة بالصدفة عقب اغتيال الرئيس السادات علي منصة العرض العسكري في 6 تشرين الأول (أكتوبر) 1981، وقرر مد الطوارئ الي نهاية أيار (مايو) 2010.
وليس في ما جري مفاجأة من أي نوع، الا للذين أدمنوا ـ كالعبيد ـ علي انتظار تحقق وعود الرئيس، رغم أن مبارك لم يصدق أبدا في وعد قطعه علي نفسه أو علي نظامه، فقد وعد أول عهده في الحكم بالبقاء لفترة رئاسية واحدة، واستمر الي الآن لخمس فترات رئاسية، ويستعد ـ لا قدر الله ـ للسادسة، وباستفتاءات مزورة في أربع مرات، وبانتخابات قبيحة في الخامسة، ووعد ـ أول حكمه ـ بأن الكفن ليس له جيوب ، في اشارة لمثل شعبي يعني أنه لا أحد يأخذ مالا الي قبره، ويؤكد علي أولوية الطهارة والقدوة، ثم انتهت مصر ـ بعد وعده ـ الي الكفن وجيب عائلته.
ووعد مبارك بعدم بيع القطاع العام في خطب جهيرة أواخر الثمانينيات، وانتهي الي بيع العام والخاص وأصول الثروة والدولة كلها، ووعد بعدم التوقيع علي اتفاقية الحظر الكامل للتجارب الذرية أوائل التسعينيات، وقال عبارته الشهيرة: لن أوقع الا اذا وقعت اسرائيل، ثم وقع بطريقة أسرع من لمح البصر، ودون أن توقع اسرائيل، ووعد بعدم الافراج عن الجاسوس الاسرائيلي عزام عزام احتراما لقرارات المحاكم، ثم أفرج عنه نزولا علي رغبة اسرائيل، ووعد بعدم توقيع اتفاق الكويز، ثم وقعه لأن اسرائيل تريده، وأعاد السفير المصري لتل أبيب، وأمد اسرائيل بالبترول، وبثروة الغاز الطبيعي بالمجان كنوع من الجزية السياسية.
فقد تعود مبارك علي الوفاء بالوعود اذا تعلق الأمر باسرائيل، وعلي الحنث بها ان كان الطرف الآخر هو الشعب المصري، فهو يعرف مصدر القوة التي يستند اليها حكمه، ويلزم حدود الأدب بصدد رعاته الأمريكيين والاسرائيليين، لكنه ـ بالمقابل ـ يحتقر الشعب المصري ويزدريه، فالشعب المصري ليس صاحب فضل عليه، فهو لم ينتخبه انتخابا حرا مباشرا في أي وقت، ثم إنه يبدو ـ في الشهور الأخيرة ـ راغبا في التمرد، ولذلك تري مبارك يلجأ دائما الي حيلة الوعد المؤجل، ويتحول في عمله السياسي الي ما يشبه دور عبد الفتاح القصري في فيلم ابن حميدو ، كان القصري ـ في دور المعلم حنفي ـ يخاف من زوجته المفرطة السمنة، ويكره خضوعه لها في الوقت نفسه، ويرد عليها أحيانا بتهديده الشهير كلمتي ما تنزلش الأرض ، وما ان تزجره الزوجة السمينة بنظرة عين، حتي ينكص القصري علي عقبيه، ويردد عبارته المنكسرة تنزل المرة دي! ، وسياسة عبد الفتاح القصري التي يعمل بها مبارك تفسر مصير وعوده، فهو يفي دائما بوعوده لأمريكا واسرائيل لأنها في مقام الأوامر المرتدة، ويحنث دائما بوعوده للشعب المصري، ويعامله كجماعة من السذج، ويتبع دائما سياسة وعد فأخلف ، وقد وعد الصحافيين المصريين بالغاء عقوبة الحبس قبل سنين، والنتيجة أن نظامه تخصص في ارهاب الصحافيين!
ومد حالة الطوارئ يبدو طبيعيا تماما، فمبارك والطوارئ توأمان ملتصقان، وأي جراحة لفصل أيهما سوف تنتهي بموت الثاني، فلا يستطيع مبارك حكم مصر لساعة واحدة بدون الطوارئ، ربما لأن حكمه ذاته هو حكم طوارئ، فليس من شرعية للنظام بأي معني، ليس من شرعية بانجاز التاريخ، فأفضل انجاز حققه مبارك هو أن جعل المصريين يكرهون مصر، وليس من شرعية بأصوات الناس، فقد أصدرت المحكمة الدستورية العليا ـ في استثناء نادر ـ قرارا تاريخيا في أواسط سنة 2000، كان القرار الذي تعثر كثيرا يخص الاشراف القضائي في الانتخابات والاستفتاءات، وكان المطلوب تفسير نص المادة 88 في الدستور قبل تزويره الأخير، والمادة المذكورة كانت تنص علي الاشراف القضائي الكامل، وجاء حكم المحكمة صريحا قاطعا في مؤداه ودلالته، فقد بدت المعادلة رياضية تماما، وأكدت المحكمة أن توافر الاشراف القضائي يعني وجود قاض علي رأس كل صندوق تصويت، وقد جرت استفتاءات الرئاسة في 1981 و 1987 و 1993 و 1999 بدون توافر الشرط الجوهري الذي قضت به المحكمة الدستورية، وجرت جولات الانتخابات البرلمانية في الفترة ذاتها بدون توافر الشرط نفسه، وهو ما يعني ـ بالحرف ـ أن كل الانتخابات والاستفتاءات التي جرت في العشرين سنة الأولي من حكم مبارك كانت غير شرعية حتي في الاجراءات.
وفي السبع سنوات الأخيرة صارت القصة أسوأ، فقد عمد مبارك الي تعديل في المادة 76 من الدستور المتعلقة باختيار الرئيس، وجعلها مفصلة علي مقاسه قبل اغتصابه الخامس للرئاسة في 7 أيلول (سبتمبر) 2005، ثم أعاد التعديل والتفصيل في المادة ذاتها، وفي 33 مادة أخري بينها نص المادة 88 المتعلقة بالاشراف القضائي، وانتهي لتفكيك مبدأ الاشراف نفسه، وأطاح بباب الحريات بتعديل استثنائي في نص المادة 179، وهكذا أطاح بالدستور نفسه بعد اعتياده علي مخالفته والعيش في الحرام الدستوري، وصار الوضع كله غير شرعي بما فيه نص الدستور، فقد كان واردا أن توصف الانتخابات والاستفتاءات المصرية بالتزوير المنهجي قبل تعديلات الانقلاب علي الدستور أوائل 2007، وبعدها لم يعد واردا الحديث عن انتخابات من أصله، فقد تحولت الانتخابات الي تعيينات بالأمر الاداري، وعلي طريقة ما جري في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري ومهازل انتخابات المحليات الأخيرة، والمحصلة: أن الدستور تحول الي دستور طوارئ، وكان طبيعيا ـ والأمر كذلك ـ أن تكون حالة الطوارئ هي الأصل لا الاستثناء، فقد سقطت الأقنعة كلها، وانتهينا الي دوس الدستور ودوس حقوق الناس.
وفوق الإخلاف الوعود، وطوارئ الاجراءات التي يتسم بها حكم مبارك الفاقد للشرعية، تبدو الطوارئ في حكم الضرورة لنظام علي حافة نهايته، ولا علاقة للضرورة ـ المذكورة ـ بحكايات الارهاب، فقد انتهت الحوادث التي قد يصح وصفها بالارهابية من زمن طويل، وكانت حادثة الأقصر ـ أواخر 1997 ـ علامة النهاية، بينما عمليات طابا و دهب ـ في السنوات الأخيرة ـ مجرد حوادث معزولة في شرق سيناء الفارغ من مضامين السيادة، ودعك من الحادث الملتبس الذي وقع شرق القاهرة مؤخرا ـ وبالعمد ـ لتسويغ مد الطوارئ! وجماعات العنف المصري ـ الجهاد والجماعة الاسلامية ـ انتهت الي مبادرات التوقف قبل سنين طويلة، فليس في مصر خطر ارهاب بالمعني المفهوم، وهذه ليست وجهة نظر نظام مبارك بالطبع، فالنظام يعتبر الشعب المصري نفسه شعبا ارهابيا. نائب بالحزب الوطني الحاكم قالها بوضوح دفاعا عن مد العمل بالطوارئ، قال بالنص ثمة قوي تحاول تعبئة الشارع ضد النظام ، وهنا مربط الفرس، فقد بدا مد حالة الطوارئ ردا مباشرا علي انتفاضة 6 ابريل، وبعد أن كشفت حوادث الانتفاضة المجيدة عن احتمالات تطور الأمور في مصر، فثمة نظام ذاهب بالمعني الاجتماعي والسياسي، نظام بلا قواعد اجتماعية تقريبا، وباقتصاد هش تضغط عليه بعنف زيادات أسعار الغذاء ومنتجات الطاقة دوليا، وبميزانية منهوبة منهكة مثقلة بديون داخلية وخارجية تفوق اجمالي الناتج القومي، وهو ما يعني أنه لم تعد من فرصة للنظام في مرونة التصرف بالاقتصاد، ولا في تجديد أو استعادة قاعدة رضا اجتماعي، وقد كانت علاوة الثلاثين بالمئة لموظفي الدولة وما تبقي من القطاع العام، كانت هذه العلاوة الشحيحة آخر طلقة اجتماعية في جيب مبارك، ولم تكد تمر أيام حتي صدرت قرارات رفع الأسعار في 5 ايار (مايو) الفائت، وبنسبة تفوق ضعف العلاوة الأخيرة لمبارك، وهكذا صار النظام بصدد انسداد أفق اقتصادي واجتماعي. أضف الي ذلك ما جري من انسداد سياسي، وانحسار في حدود الحكم الي صورة الرأس العائلي المعلق علي عصا أمنية متضخمة متورمة، وبما يشبه الرؤوس المعلقة علي أبواب المدن القديمة تذكيرا بالعبرة والعظة، وهو وضع رممي تزيد فيه المخاوف من حركة الناس، خاصة مع اتجاه المصريين لمغادرة محطة الركود التاريخي، واكتساب فنون الاحتجاج السلمي، وتصاعد ظاهرة الاضرابات والاعتصامات والمظاهرات السياسية ثم الاجتماعية، ثم لقاء موجتي الاحتجاج السياسي والاجتماعي في انتفاضة 6 نيسان (ابريل)، وهو ما يستدعي من النظام الذاهب تشددا أكثر في استخدامات حالة الطوارئ، فقانون الطوارئ يحظر التحركات الشعبية كلها، ويعتبر اجتماع خمسة أشخاص في الطريق العام تجمهرا يعاقب عليه القانون، ويطلق يد جهاز أمن الدولة في الاعتقالات المجانية، وقد كان ملفتا أن أوامر الاعتقال بدت محجوزة ـ في زمن طويل ـ لشباب التيار الاسلامي بجناحيه العنيف والسلمي، لكنها في الشهور الأخيرة ـ وبعد 6 نيسان (ابريل) بالذات ـ امتدت الي قادة حركة كفاية وشباب الفيس بوك وقيادات الغضب الاجتماعي، وهو ما نتوقع تصاعده في صيف القاهرة الساخن الممتد الي يوم يرحلون. وربما يكون في مد حالة الطوارئ ـ هذه المرة ـ فائدة ترجي، ليس للحكم فهو في وضع المريض الميئوس من شفائه، بل للمعارضة التي سقطت رهانات الاصلاحيين فيها، فلم تعد المعارضة بالقطعة ذات معني، ولم يعد من سبيل للاصلاح، وهو ما يوجب اعادة تعريف المعارض في مصر الآن، فليس معارضا ـ في ملتي واعتقادي ـ من يراهن علي امكان تغيير سلوك النظام، وان وجد شخص كهذا فهو واحد من اثنين، اما أنه لا يعيش في مصر أصلا، أو أنه يعيش فيها وليس عنده خبر، ويعرف الحق ويكتمه بالباطل أو بالخوف، فلا فرصة لالغاء الطوارئ بغير الغاء النظام نفسه، ومطلب تغيير النظام لم يعد في خانة الحد الأقصي، بل أصبح الحد الأدني لتعريف المعارض والمعارضة في مصر هو السعي لتغيير النظام لا تغيير السلوك، واستنادا لانتفاضة الناس وأساليب العصيان والمقاومة المدنية السلمية، وليس بألعاب السيرك في الانتخابات والبرلمانات، فقد مضي زمن الالتباس كله، مضي الزمن الذي حاورت فيه أحزاب منسوبة للمعارضة نظام مبارك مرتين، مرة في 1994، وأخري في 2004، وانتهي حوار الطرشان الي نتائج طبيعية جدا، زادت قبضة القمع وتكاثرت قوانين الاستثناء، وانتهت أحزاب المعارضة المحاورة الي أشباح وشواهد قبور، والبديل: اعلان طوارئ تغيير مقابل المد الثلاثيني لحالة الطوارئ.

ہ كاتب من مصر



كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 06-03-2008

اللعب على المكشوف في التحركات الأميركية الجديدة

GMT 0:15:00 2008 الثلائاء 3 يونيو

البيان الاماراتية



--------------------------------------------------------------------------------


نسرين مراد

التحرك الأميركي ـ الإسرائيلي باتجاه إحياء عملية السلام المتوقفة بين سوريا وإسرائيل جاء في وقت أحوج ما تكون فيه الإدارة الأميركية إلى ذلك. دغدغة أحلام القيادة والشعب السوريين باستعادة مرتفعات الجولان المحتلة عام 1967 يهدف إلى إغراء سوريا للنأي بنفسها عما تطلق عليه محور الشر الإيراني ـ السوري ـ الكوري الشمالي. إذا ما وصلت الأمور بالوعود الأميركية باستعادة الجولان أن تلامس الواقع، ولو إعلامياً، فلن تستطيع الدولة السورية الصبر طويلاً.

ذلك ما يعرض القيادة السورية لضغوط من الرأي العام الداخلي، باستعمال المعارضة السورية، والعربي عموماً. الهدف النهائي هو أحداث شرخ عميق في العلاقات الاستراتيجية بين سوريا وإيران. ذلك ما يزيد من حدة العزلة الإيرانية بهدف حملها على التفكير جدياً في التعاطي الإيجابي مع متطلبات الغرب عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

التحرك الأميركي بقدر ما هو واعد لسوريا إلا أنه يحمل علامات لا تقل شؤماً عن نتائج سوابقه من التحركات الأميركية على المسارات المصرية والفلسطينية والأردنية واللبنانية.

منذ البداية تقدمت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، السيدة «تسيبي ليفني» بباقة من المطالب بينت فيها صراحة أن إيران هي الهدف الرئيسي للتحركات الأميركية ـ الإسرائيلية «الجدية»الجديدة. المطالب بحد ذاتها مكشوفة واستفزازية حين تتدخل في علاقات الدولتين المستقلتين بعضهما ببعض. تأتي تلك المطالب على شكل إملاء من أطراف تتمتع بالقوة والتحكم والسيطرة موجهة لأطراف ضعيفة أو مستضعفة.

في هذا الصدد يبدو من المستغرب لو طالبت القيادة السورية بأن تفك إسرائيل ارتباطها بالولايات المتحدة كشرط للخوض في المفاوضات الثنائية. السؤال الماثل للمراقبين هو هل باستطاعة القيادة السورية الاستمرار في رفض جملة المطالب هذه مقابل عرض مغر على شكل بالون اختبار يرتفع قبالة أنظار القيادة السورية فوق مرتفعات الجولان المحتلة؟!.

الوضع السوري له ما يبرره في حال أقبلت القيادة السورية طوعاً أو كرهاً على مجاراة السياسة الأميركية. الأخيرة تتعامل مع العناصر اللاعبة في المنطقة كتعامل أسد الغابة مع «لثيران الملوّنة». ميدانياً سوريا محاطة بأعداء تقليديين وجدد على جل حدودها مع دول الجوار وبالذات إسرائيل. الاستمرار في التحالف مع إيران قد تفرضه طبيعة المبادئ والطموحات والأخوّة والصداقة المتبادلة، لكن المصلحة السورية الأكبر في النهاية تتطلب التركيز على استرداد السيادة على مرتفعات الجولان.

في لعبة الشطرنج السياسي قد يضطر أحد اللاعبين للتضحية ببيدق أو قطعة متوسطة أو حتى عالية الأهمية حلماً بتعزيز نقلات شطرنج أخرى، أو هكذا يبدو له. الإدارة الأميركية في لعبة الشطرنج السياسية هذه لا تتقيد بقواعد أو مبادئ معينة طالما أن بيدها عناصر القوة والسيطرة والتحكم. في ذلك على القيادتين السورية والإيرانية العمل بتقارب أكثر مع الواقع في كلتا حالتيهما، خاصةً إذا ما استمر الزخم الأميركي والدعم المساند له في التصاعد والتضخيم في المنطقة.

الوضع العربي العام لا يساعد، كالعادة، عند استفحال أزمة خاصة في مواجهة مع الإدارة الأميركية. جل الدول العربية المؤثرة أو اللاعبة في المنطقة لا يخدم مصالحها الوقوف ضد الإدارة الأميركية، خاصة إذا ما كان الأمر يختص بالتعامل مع الملف النووي الإيراني. الحشد الإعلامي ضد إيران مستمر على أشده في سبيل تأمين المزيد من الدعم ضد الطموحات النووية الإيرانية.

باتت إيران تُقارن بإسرائيل، العدو التقليدي لدول المنطقة. ليس من المستحسن أن تركن سوريا إلى الدعم العربي حتى لو اضطرت إلى الدخول في هكذا موقف!. هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن الوضع الإقليمي والعربي الجديد أكثر تعساً من سابقه في هذا الاتجاه. بعبارة أخرى يبدو الرهان على موقف عربي حاسم داعم لسوريا من قبيل تكرار الإسراف في الوهم.

في الوقت الذي تبدو فيه الإدارة الأميركية مهزومة في المنطقة وفي عدة نقاط، في العراق ولبنان وأفغانستان وحتى في فلسطين، إلا أنها لا تزال تحتفظ بجل أوراق اللعبة الرابحة. في الحالة السورية فالموقف يتجه نحو الضعف والهشاشة مع استمرار سيطرة المد الإعلامي المصاحب للتواجد العسكري الأميركي في المنطقة.

باتت هنالك العصا المرفوعة بالتوافق مع قدرة الإدارة الأميركية على «الإيهام الحقيقي» لقيادة السورية بأن مرتفعات الجولان قد تُسترجع إلى أحضان الدولة السورية. هذا رغماً عن تواجد المستوطنات وحالة الضم الرسمي النهائي للمرتفعات السورية المحتلة منذ عام 1981.

إضافة إلى ذلك تعتبر إسرائيل مرتفعات الجولان المحتلة ضرورة حيوية وأمنية استراتيجية لها بامتياز. في هذا البعد يمكن للقيادة السورية الاستفادة باستفاضة من الدرس الفلسطيني في التفاوض مع إسرائيل. كذلك فإن العلاقات السورية ـ الأميركية بحد ذاتها لن تتحول ولو بعصاً سحرية إلى علاقات ودية متبادلة.

بالرغم من السلبيات المحيطة بالواقع العربي إلا أن ذلك مدعاة لتفعيل ورفع مستوى التكاتف والتضامن وتفعيل العمل العربي المشترك. ذلك بهدف تقليل تبعات الوضع الراهن ولتحقيق ما أمكن من الحقوق العربية دون دفع أثمان باهظة جديدة. هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن التحرك الأميركي الجديد يؤثر على مجمل أوضاع دول المنطقة ولا يستهدف الجانب السوري فحسب.

هنالك احتمالات بتسخين الأوضاع في المنطقة في وجه إيران وسوريا والأحزاب والفئات المتحالفة معهما مثل المقاومتين الفلسطينية واللبنانية. بالرغم من التفاؤل المحيط بالاتفاق اللبناني إلا أن الوضع قابل للعب والعبث الأميركي والإسرائيلي به وإرجاعه إلى مربّع الصفر أو قريباً من ذلك. ذلك ما يتطلب من الأنظمة العربية مزيداً من النظر بواقعية وجدية وثمة قوة للتعامل مع المستجدات المحفوفة بالمخاطر، في حال نجحت المحاولات الأميركية ضد إيران أو أخفقت.




كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 06-05-2008

لبنانكم ليس صالحاً للسكن...

بمقدار ما نبتهج بالسلم الذي نذوقه، بمقدار ما نرتعب من سلم صنعه الخارج، وفرضه الخارج، وسيحميه الخارج من اي اهتزاز، الى ان يقرر هذا الخارج نفسه ان العناصر التي أملت السلم الذي هبط فجأة قد انتهت، وحان وقت النزال من جديد، او يقرّر الانتقال من هدنة هشة الى تسوية سياسية متينة الركائز.
بمقدار ما نشكر الخارج الذي علّق موت لبنان، نفجع برموز الداخل الذي استقال كليا من مهمته، وفتح احشاء البلد على العمليات الجراحية بمباضع غير لبنانية.
نتهلّل، طبعا، لاتفاق الدوحة، ونسرّ باختيار العماد ميشال سليمان رئيسا، بسبب ما تجلّى، في سحابة اسبوعين فقط، من بساطته وتواضعه وخلو خطابه من كل ادعاء او انتفاخ او وعود بالاعاجيب. يبدو اننا امام رئيس "عادي"، "طبيعي"، لا يطرح نفسه كائنا خارقا، ويدرك توازنات البلاد وحدود قدراته، وفي ذلك ما يريح.
لكنه ارتياح من بات يقنع بأقل من القليل. ارتياح من لا يطمح الى اكثر من فتح الطرق وازالة السواتر وسحب المسلحين من الازقة، وتمضية صيف بارد مع حكومة عاقلة.
لقد اكتشفنا، مرة اخرى، ان سقفنا يجب ان يكون شديد الانخفاض، اذا شئنا استمرار العيش في بلاد التوحش.
يكفي ان تجري الانتخابات بالحد الادنى من التزوير والبلطجة. يكفي ان نبدأ حوارا مفتوحا بلا نهاية حول مستقبل "حزب الله" وسلاحه. يكفي ان تكون الاغتيالات والعبوات قد توقفت، وتراجع الاحتقان في العلاقات اللبنانية – السورية. يكفي ان نعيد "ترقيع" البلد او لملمة أشلائه بالتي هي احسن. يكفي ان يحرّك السياح دورة الاقتصاد، فيعتاش الناس قليلا. يكفي ان نمضي اشهرا من غير هياج طائفي في الاذاعات ومنابر الاعلام.
لماذا هذا التواضع الشديد في الامنيات؟
لانه، في يقيننا ان جلّ اللبنانيين مرتاحون الى هذا النظام الطـــائــفــي الــذي يبقي لبنان مرتهنا للخارج الاقليمي والدولي.
فاللبنانيون يهجون الطائفية في مجالسهم المختلطة، لكنهم جاهزون لافتدائها بالارواح، اذا اختلّت ركائزها.
لقد كنا صبية، شلة من الحالمين، نريد ان نفصّل البلد على قياس اشواقنا، ولم نتعلّم حرفا من زياد الرحباني.
لم نتعلم ان النظام الطائفي (مجددا: هو اصل الارتباط بالخارج) اكثر رسوخا وشعبية وديمومة من شطحات العلمانيين.
اليوم، وبكثير من القرف، سنحني رؤوسنا امام رغبات "الجماهير" المفتونة بطوائفها، وامام طبقة سياسية صلبة، شرسة في الدفاع عن نظامها.
لن نخترع بلادا على ذوقنا، ولن نسكن في الاسطورة الرحبانية او في اناشيد الظفر والبهاء.
لن ننكر شهداءنا، ولن نتخذ سواهم ايقونات، فهم باقون في النور وفي ضمائر شبيبة لم تتلوّث، لكننا فقط سنكفّ عن التبشير بأن حياة جديدة ستولد من هذا الخراب، وسنقول:
ما دام النظام العربي، الرسمي والشعبي، هو ما هو،
وما دام النظام الطائفي اللبناني اكثر صلابة من جميع سواعدنا،
وما دامت الشعوب اللبنانية مرتاحة الى نظامها المجيد، ما خلا قبضة من الانقياء،
... فإن لبنانكم ليس صالحاً للسكن.

جورج ناصيف



كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 06-10-2008

سوريا لن تحسم خياراتها قريباً !

تبدو سوريا بشار الاسد اكثر ارتياحاً هذه الايام منها قبل سنوات ثلاث او أربع. ففي لبنان نجحت وبتنسيق تام مع "حليفتها الاستراتيجية" الجمهورية الاسلامية الايرانية وبواسطة الحلفاء اللبنانيين للإثنتين الذين يقودهم "حزب الله" الى الانتقال اولاً من مرحلة الخسارة والدفاع في الصراع مع اميركا وحلفائها عرب الاعتدال عبر لبنان – الساحة وبواسطة شعوبه الى مرحلة التوازن ثم الى مرحلة الهجوم. فالى مرحلة النجاح وان غير الكامل حتى الآن او الانتصار جزئياً الذي اطلقه العمل العسكري لحلفاء الدولتين المذكورتين في لبنان والذي كرسه "حوار الدوحة" لاحقاً وسيحاول منفذوه استكماله ميدانياً وسياسياً أولاً من خلال تأليف الحكومة الاولى في عهد الرئيس العماد ميشال سليمان ولاحقاً خلال التدخل في كل القضايا مستفيدين من قوتهم العسكرية والشعبية وتحالفهم الاقليمي ومن تعثّر اخصامهم الداخليين والحلفاء العرب والدوليين لهؤلاء الاخصام. ولعل ابرز اشارة الى نجاح سوريا بشار الاسد لبنانياً هو مسارعة قوى اوروبية عدة في مقدمها فرنسا نيكولا ساركوزي الى اعتماد لبنان جسراً للعبور اليها بل الى اعتماد "اتفاق الدوحة" الذي لم يتأكد بعد امكان نجاحه في معالجة القضايا التي نيطت به معالجتها لتحقيق هذا العبور.
وفي العراق خف الضغط الاميركي والدولي على سوريا بشار الاسد بعد تأكد المسؤولين في واشنطن واقرانهم في اوروبا والعالم ان المشكلة الاساسية في هذا البلد هي مع شعوبه ومع الجمهورية الاسلامية الايرانية التي تستطيع بتفاهم وإن جزئياً ومحدوداً مع هؤلاء المسؤولين ان تمكّن القوات الاميركية من مواصلة تسديد ضربات قاضية الى "تنظيم القاعدة". علماً ان ذلك لا يقلل ويجب الا يقلل من قدرة ما لسوريا على الايذاء في "العراق الاميركي" اذا جاز التعبير. وهي قدرة تبقى اكبر بكثير من القدرة على تحقيق المنافع سواء للعراقيين أو للاميركيين.
ومع اسرائيل واميركا نجحت سوريا بشار الاسد خلال الاعوام الثلاثة الماضية ورغم التوتر بل العداء الذي نشأ بين دمشق وواشنطن و الضربات العسكرية وان القليلة ولكن المنهجية التي وجهتها اسرائيل الى سوريا في تبديد الافكار التي كانت تراود الكثير في واشنطن والقدس وتل ابيب وفي لبنان 14 آذار ولدى عرب هذا اللبنان وعرب اميركا والتي كانت تدعو بشدة الى العمل لاسقاط النظام السوري باعتباره رأس المعاصي ومصدرها في لبنان والعراق والاراضي الفلسطينية المحتلة و"جامع مجد" الارهاب من طرفيه الشيعي والسني بالتحالف مع ايران الاسلامية وبالتعاون وإن ظرفياً مع جهات اسلامية اصولية سنية بالغة التطرف سواء انتمت الى "القاعدة" او الى من هم الى يمينها او يسارها. وكان سبب النجاح ان البديل من نظام بشار الاسد اصولي سلفي فوضوي عنفي مدمر ومخرب في حين ان التجربة معه دلت على استمرار تعقله وخصوصاً في موضوع احترام الاتفاقات السابقة وإن غير السياسية والتفاهمات غير المباشرة مع اسرائيل بواسطة اميركا والامم المتحدة وفي موضوع مواجهته الارهاب الاسلامي السني عندما يحتم الامر ذلك اي عندما يبلغ تهديده الداخل السوري.
ولعل السبب الابرز للارتياح الكبير الذي تشعر به سوريا الآن هو بدؤها مفاوضات رسمية لكن غير مباشرة مع اسرائيل برعاية تركيا واعلانها ذلك وابداؤها عزمها على الاستمرار فيها وتحويلها رسمية مباشرة اذا حققت نتائج واعدة. ويعد ذلك نجاحاً ليس لسوريا وحدها بل ايضاً لاسرائيل التي كانت واشنطن "منعتها" اذا جاز التعبير في السنوات الثلاث الماضية من التجاوب مع دعوات سورية للتفاوض وذلك خوفاً من استغلال دمشق الفرصة لتخفيف سلبية اميركا حيالها ولاحقاً للتفاهم مع الاخيرة على امور عدة أهمها لبنان. ولا يقلل من الارتياح المشار اليه ومن الاسباب التي ادت اليه استمرار الحذر الاميركي او التحفّظ الذي ظهر في مواقف كبار مسؤولي ادارة الرئيس جورج بوش المرحبة بالمفاوضات الاخيرة.
هل تصل المفاوضات السورية – الاسرائيلية الى خواتيمها قريباً؟ وهل يمكّن ذلك سوريا بشار الاسد من عودتها صاحبة دور اقليمي كبير ومهم في لبنان وخارجه طبعاً بعد استعادتها الجولان المحتل؟
لا يبدو للمراقبين من قرب ان المفاوضات ستنتهي قريباً الى نتائج ايجابية نهائية. واسباب ذلك كثيرة. منها الوضع السياسي المرتبك داخل اسرائيل وانشغال احزاب اسرائيل وقادتها وشعبها بالازمة الحكومية الناشبة والتي "ستحتد" اذا تخلى ايهود اولمرت عن رئاسة الوزراء بسبب"فساده" وسواء ادى تخليه الى انتخابات نيابية مبكرة او الى تأليف حكومة جديدة مع شخصية اخرى من حزبه "كاديما". وكل ذلك يضعف قادة اسرائيل ويجعلهم عاجزين عن التنازل وخصوصاً في ظل تنامي المتطرفين في الاوساط الشعبية. ومن الاسباب ايضاً قرب انتهاء ولاية الادارة الاميركية الحالية غير المتحمسة اصلاً للمفاوضات السورية – الاسرائيلية واستمرار انشغالها بقضيتين مهمتين جداً هما العراق وايران وكذلك بالصراع الفلسطيني – الاسرائيلي وحاجة الادارة الجديدة الى اشهر عدة للانطلاق الفعلي في التصدي للمشكلات الداخلية كما لمشكلات العالم. ومن الاسباب اخيراً وليس آخراً تروي سوريا بشار الاسد وعدم جهوزيتها لتسوية سريعة أو متسرعة مع اسرائيل والتي سيكون عليها في مقابلها "الدفع" من علاقتها بايران الاسلامية و"حزب الله" والاسلاميين الفلسطينيين. وهذا الأمر ليس سهلاً عليها لاعتبارات كثيرة معروفة. ولذلك فإنها قد تفضل الاستمرار في التفاوض وابداء "النيات الحسنة" من دون التنازل فعلياً عما تعتبره مصالحها المشروعة منها وغير المشروعة ريثما تتوصل اميركا والمجتمع الدولي من جهة وايران من جهة اخرى الى تسوية نهائية حول كل القضايا المختلف عليها او الى مواجهة عسكرية مباشرة تجنبان سوريا دخول مرحلة الخيار الصعب بين ايران وحلفائها في المنطقة وتحديداً اللبنانيين والفلسطينيين وبين اميركا والمجتمع الدولي.

ملاحظة: يوم السبت الماضي سقط حرف "واو" من اول السطر الـ 31 من المقطع الأول في الموقف فانقلب المعنى وصار مناقضاً للمقصود. عذراً.
سركيس نعوم



كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 06-11-2008

هل يخلو الشرق الأوسط من مسيحييه؟
أحمد دياب الحياة - 11/06/08//

شاءت المقادير أن تكون منطقة الشرق الأوسط مهبطاً للديانات التوحيدية الثلاث: اليهودية، المسيحية، الإسلام، وتعايش المؤمنون بهذه الديانات جنباً إلى جنب محافظين على تراثهم ومقدساتهم، ولم تخل المنطقة من أتباع لإحدى الديانات الثلاث على مر التاريخ، وإن كانت هناك غلبة للإسلام مقارنة باليهودية والمسيحية، والأخيرة حافظت على وجود مهم ومكانة معتبرة في المنطقة خلال الألفي عام الماضية، لكن هذا الوجود وتلك المكانة مرشحان للتغيير في الألفية الثالثة، فالوجود المسيحي في المنطقة يسير إلى مزيد من التناقص الحاد، وربما التلاشي في يوم من الأيام إذا استمر الوضع الحالي على ما هو عليه. فالإحصائيات تظهر مثلا أنه لم يعد في تركيا سوى 80 ألف مسيحي (1 في المئة من السكان) بعد أن كان عددهم في حدود مليونين (15 في المئة) عام 1920.

وفي إيران التي تضاعف عدد سكانها تقريباً منذ الثورة الإسلامية عام 1979، هبطت أعداد المسيحيين في البلاد من حوالى 300 ألف نسمة إلى حوالى 100 ألف فقط، أما في المشرق العربي فإن الصورة أوضح. ففي منتصف الخمسينات الماضية شكل المسيحيون نسبة تتراوح بين 15 و20 في المئة من جملة سكان دول عربية مشرقية عدة، وهم الآن لا يشكلون أكثر من 10 في المئة.

ففي سورية كانت نسبة المسيحيين تقارب ثلث عدد السكان في مطلع القرن العشرين، أما الآن فنسبتهم هي أقل من 10 في المئة، وفي لبنان كان المسيحيون يشكلون في عام 1932 نسبة 55 في المئة من السكان، أما الآن فهم أقل من 30 في المئة.

أما القدس فلم يعد فيها سوى 2 في المئة من المسيحيين بعد أن كانت نسبتهم 53 في المئة عام 1922، وحتى مدينة بيت لحم والناصرة، وهما أكثر المدن ارتباطا بالمسيحية على الأرض، وتمتعتا بأغلبية سكانية مسيحية على مدى ألفي عام تقريبا، لم يعد الأمر كذلك فيها الآن. فبيت لحم لم يعد فيها سوى 12 في المئة من المسيحيين بعد أن كانت نسبتهم بها 85 في المئة عام 1948، وكان المسيحيون يشكلون إجمالا حوالى 20 في المئة من سكان فلسطين آنذاك، لكن نسبتهم الآن لا تتجاوز 10 في المئة، أي نحو 65 ألف نسمة، يسكن أكثر من 51 ألفا منهم في الضفة، و10 آلاف في مدينة القدس المحتلة، بينما يعيش نحو 3500 مسيحي في قطاع غزة.

وفي مصـر، وللمرة الأولى منذ خمسينات القرن العشرين، يغادر المسيحيون الأقبـاط بـلدهم بأعـداد كبيـرة، وهم لا يتجاوزون الآن، وفقاً لتقديرات موثوقة نسبة 6 في المئة من السكان البالغ عددهم نحو 72 مليون نسمة بحسب تعداد 2006. وهذه النسبة تتدنى باستمرار، فمعدل الزيادة السنوية في مواليد الأقباط تبلغ حوالى 50 ألف نسمة، لكن الوفيات والهجرة والتحول إلى الإسلام (يتحول ما بين 40 إلى 50 ألف سنوياً) تجعل الانخفاض محتوماً.

أما في الأردن فيبلغ عدد المسيحيين نحو 160 ألفاً بنسبة 4 في المئة فقط من السكان البالغ عددهم حوالى 5.5 مليون نسمة.

وفي العراق، وطبقا لتعداد السكان الذي أجري عام 1977 كان عدد المسيحيين حوالى مليون و68 ألف نسمة، هبط في إحصاء عام 1987 إلى مليون وربع المليون نسمة، بنسبة 5 في المئة من الشعب العراقي، وعشية الغزو الأميركي عام 2003 بلغ عدد المسيحيين العراقيين حوالى 700 ألف شخص، أي حوالى 3 في المئة من جملة عدد السكان البالغ عددهم حوالى 25 مليون نسمة. وبعد مرور نحو 5 سنوات على الاحتلال يقدر عدد المسيحيين العراقيين الذين غادروا البلاد بحوالى 350 ألف نسمة.

وفي حال استمرار التناقص بهذه المعدلات، فليس هناك شك في أنه خلال عقد أو عقدين من الزمن، سيفقد المسيحيون الشرق أوسطيون كل أهمية حيوية أو تأثير سياسي، هذا التناقص الشديد يعزى في جانب أول إلى انخفاض معدل المواليد بين الأقليات المسيحية في الشرق الأوسط بسبب ارتفاع مستواها الاجتماعي والاقتصادي.

وفي جانب ثان إلى فشل مشاريع التنمية والنهضة في معظم دول المنطقة، وشعور المسيحيين وفئات اجتماعية أخرى بلا جدوى البقاء في هذه البقاع بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية فيها.

أما الجانب الثالث والأكثر أهمية فهو أن إقليم الشرق الأوسط يشكل بيئة طاردة بسبب الصراعات والحروب التي يشهدها على مدى نصف قرن تقريباً، خصوصاً بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948 التي كانت دافعاً قوياً في صعود تيار القومية العربية في الخمسينات والستينات الماضية الذي اعتبر المسيحيون العرب أن خطابه السياسي أقرب إلى الإسلام، ثم صعود التيار الإسلامي نفسه عقب هزيمة 1967 وقيام الثورة الإيرانية عام 1979، واشتعال الحرب العراقية – الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات، ثم الحصار الاقتصادي للعراق عقب غزوه للكويت عام 1990، وانتهاءً بالغزو الأميركي لأفغانستان أواخر عام 2001 والعراق عام 2003 في إطار ما تسميه واشنطن الحرب العالمية على الإرهاب عقب أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، تلك الحرب التي أججت العداء التاريخي بين الإسلام والغرب، وأطلقت موجة من التطرف والإرهاب لا تقتصر تداعياتها على الأقليات المسيحية فقط.

هذا إضافة إلى أن هناك تسابقاً محموماً من جانب الكنائس المسيحية الغربية على التبشير بين الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط، الأمر الذي يثير التيارات الإسلامية المتشددة ضدهم.

في المقابل يشكل الغرب بيئة إغراء وجاذبية للمهاجرين عموما بسبب تقدمه الاقتصادي وتوافر الحريات الدينية والمدنية، وفي هذا الشأن يفضل الغرب استقدام واستقطاب مهاجرين ينتمون إلى المسيحية بطوائفها المختلفة، خصوصا من الشباب، كي يساهموا في نموه الاقتصادي ويسد العجز في المواليد الذي يعاني منه الغرب الرأسمالي. فنسبة هجرة الشباب العرب المسلمين الذين يسافرون للدراسة في الغرب تقل عن 50 في المئة، في حين تزيد عن 70 في المئة بين الشباب العرب المسيحيين.

وفي مصر مثلا يحصل الشباب المسيحيون على 95 في المئة من تأشيرات الإقامة في الولايات المتحدة المعروفة بـ «اليانصيب» التي تمنحها السفارة الأميركية في القاهرة، فضلاً عن تمييز المسيحيين المصريين في مشروعات المعونة الأميركية. وحالياً هناك ترحيب باللاجئين العراقيين المسيحيين في معظم دول الغرب مقارنة بغيرهم من اللاجئين العراقيين، خصوصاً في الدول الاسكندنافية وألمانيا.

هذه المعادلة الصعبة بين شرق أوسط طارد وغرب جاذب، تجعل الهجرة طموحاًً لكثيرين، ومسؤولية الغرب عن إنتاج هذه المعادلة كبيرة. فهو الذي يشن حروبه وعدوانه على دول المنطقة بالأصالة عن نفسه كما في حروب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، ثم الحربين ضد العراق عامي 1991 و2003، والأخيرة أرغمت أكثر من 4 ملايين عراقي على النزوح الداخلي أو اللجوء للدول المجاورة والبعيدة، أو حروب الغرب بالوكالة، عبر إسرائيل، كما في حروب 1948و 1967 وحرب 1982 ضد لبنان أو حرب 2006 التي دفعت نحو ربع مليون لبناني إلى الهجرة خارج بلدهم كما يذكر البطريرك الماروني نصر الله صفير، وبسبب تلك الحرب وتداعياتها ما زال نحو 60 في المئة من الشباب اللبناني يحلمون بالهجرة إلى الخارج، خصوصاً المسيحيين منهم، وفي آذار (مارس) الماضي، حذر البطريرك صفير من أن «حضور المسيحيين في لبنان يدعو إلى القلق، فهناك إحصاءات تدل على أن ما يقارب المليون لبناني غادروا لبنان إلى بلدان الغرب، وهذه هجرة لا أمل بالعودة بعدها، فيما سواهم هاجر إلى البلدان العربية، وهناك أمل كبير بالعودة إلى لبنان».

وتساهم سياسات الطرد والترحيل أو الحصار والتجويع التي تنتهجها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في إجبار مئات الآلاف من الفلسطينيين، وبينهم عدد كبير من المسيحيين على الهجرة إلى الخارج، منذ النكبة عام 1948 وحتى الآن (هناك حوالى ربع مليون مسيحي فلسطيني في أميركا اللاتينية وحدها). ولا يزال أكثر من 30 في المئة من الشبان الفلسطينيين يحلمون بالهجرة إلى الخارج، خصوصا إلى دول الغرب، وخلال العامين الماضيين فقط هاجر من الأراضي الفلسطينية أكثر من 50 ألفاً حسبما ذكر رئيس الوزراء الفلسطيني سليمان فياض أخيراً.

إن خلو الشرق الأوسط من مسيحييه سيفقد المنطقة أحد العناصر الرئيسية في تقدمها الحضاري، وينسف أحد الجسور المهمة بين المنطقة والغرب في وقت هما أحوج ما يكونان فيه إلى مد الجسور وليس قطعها أو التفريط في أحدها، الأهم من كل ذلك أن الشرق الأوسط سيصبح منطقة موحشة تتصارع فيها وعليها أصوليتان: يهودية في إسرائيل وإسلامية في جوارها، كل منهما تعتبر هذا الصراع مباراة صفرية. لكن المشكلة الأكبر أن إسرائيل ستحاول استغلال هذا الصراع في تجديد دورها «الوظيفي» في المنطقة باعتبارها قلعة متقدمة في مواجهة ما يسمى «الإسلام الراديكالي» من أجل استمرار دعم الغرب لها.


كاتب مصري


كل يوم سأختار لكم مقال يعجبني ....لأعداء القص واللزق ممنوع الدخول - بسام الخوري - 06-12-2008

درس من فيتنام
غسان شربل الحياة - 12/06/08//

يوم يغادر جورج بوش البيت الأبيض سيبتهج كثيرون في الشرق الأوسط. غالب الظن ان اسامة بن لادن سيكون حياً في مغارة ما في مكان ما. ستراوده رغبة في توجيه رسالة تعلن الانتصار على الرجل الذي اطلق «الحرب على الإرهاب» رداً على «غزوتي نيويورك وواشنطن». أيمن الظواهري لن يضيع الفرصة. قدرته على الوصول الى الإعلام أكبر من رفيقه. قد يفضل عقد مؤتمر صحافي وتلقي الأسئلة عبر الانترنت. سيحتفي الرئيس محمود أحمدي نجاد بالمناسبة وسيسجل للتاريخ ان بوش «لم يجرؤ على مس شبر واحد من الأرض الايرانية المقدسة». سيتنفس الصعداء من اعتقدوا بأن اسماءهم كانت مدرجة في لائحة الأهداف التي وضعتها ادارة بوش. سيغتبط من اعتبروا ان التحالف مع بوش كان عبئاً ثقيلاً. سيرتاح من خيّبهم الرئيس الأميركي حين غادر ولم يف بوعده برؤية الدولة الفلسطينية تتحول واقعاً.

السياسيون والصحافيون والمعلقون لن يرحموا الرجل المغادر. ستنضح المقالات بالسخرية من الرئيس الذي توهم القدرة على إخضاع الشرق الأوسط لجراحات قسرية تنتهي بزرع الديموقراطية في حناياه. سيسجل كثيرون ان هذا الرجل ارتكب جريمة بحق المنطقة يوم غزا العراق متذرعاً باتهامات لم ينجح في إثباتها. وسيسود الاعتقاد بأن الشرق الأوسط سيكون أفضل بكثير في غياب هذا الرئيس الذي تصرف دائما كأنه جاء في مهمة ويصر على تنفيذها بغض النظر عن الأخطاء والأكلاف.

سيقول الخبراء ان ارتكابات هذا الرئيس أدت الى اختصار العصر الاميركي. ساهمت في تقليص مرحلة القوة العظمى الوحيدة التي تأمر فتطاع وتملك حق الترغيب والترهيب وممارسة التأديب ضد من يعصي أوامرها او يعترض طريقها. وسيتحدث هؤلاء عن عودة روسيا وصعود الصين والتوجه المتسارع نحو عالم متعدد الأقطاب.

لا نريد تنغيص افراح من يستعدون للاحتفال. والحقيقة ان تجربة بوش كانت كارثية في منطقتنا. ويمكن القول إننا سنعاني طويلاً من آثار مغامرته العراقية خصوصاً اذا استمرت السياسة الإيرانية الرامية الى جعل طهران صاحبة الكلمة الاولى في شؤون الاقليم بسياساته وثرواته وتوازناته. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يمكن اعتبار فشل بوش انتصاراً فعلياً لأهل المنطقة؟ وهل مشكلة الشرق الاوسط الوحيدة كانت تهور ادارة بوش واستمرار الانحياز الأميركي لمصلحة اسرائيل؟.

لنترك جورج بوش واحتفالات السخرية جانباً. تبدو صورة الشرق الاوسط صعبة ومقلقة وقاتمة في العقود المقبلة. الأرقام الحالية المتعلقة بالبطالة والأمية والفقر لا تحتاج الى التذكير بها. فشل الحكومات وغياب المشاركة وتعثر التنمية وشيوع الفساد كلها وقائع لا تحتاج الى أدلة. صعود التطرف ورفض الآخر وتجذر ثقافة الإلغاء والعنف ومشاعر الفتنة حقائق باتت حاضرة في يومياتنا. وكل شيء يشير الى ان المستقبل سيكون اشد قسوة.

تتوقع التقديرات ان يرتفع عدد سكان الشرق الاوسط والمغرب العربي الى 692 مليون نسمة في منتصف القرن الحالي وهذا يعني المزيد من الضغوط على موارد الغذاء والماء وحكماً مصادر الطاقة ما يهدد سكان المنطقة بالجوع. واستناداً الى الارقام نفسها سيصل عدد سكان مصر الى 121 مليون نسمة وايران الى مئة مليون وتركيا 86 مليوناً.

لست ساذجاً الى درجة مطالبة الحكومات العربية بالانشغال بهموم منتصف القرن وهي تنوء تحت اثقال الاعباء اليومية. لكن التجارب تقول ان المستقبل يصنع اليوم. واننا نحتاج الى عقدين بعد اصلاح التعليم لقطف الثمار. وان علينا ان نبدأ من المدرسة لنتمكن لاحقاً من مصالحة الجامعة مع العصر. وان الاستمرار في انتاج اجيال لا تملك المفاتيح يعني ان مدننا ستغرق اكثر في الجهل والتعصب والعنف والفقر. اصلاح التعليم وتحسين الادارة وتوسيع المشاركة واحترام الارقام وقبول الآخر كلها حروب لا بد من خوضها اذا اردنا تفادي التحول الى كتل بشرية مضطربة تعيش في ظل دول فاشلة.

افكر هنا في الانباء الواردة من فيتنام. انزلت هذه البلاد هزيمة ساحقة بالاستعمار الفرنسي. نجحت في اذلال الغطرسة الاميركية. واكتشفت بعد عقود من الانتصار طبيعة الحروب الاخرى التي يتعين عليها ان تكسبها. ادركت انها لا تستطيع النوم على حرير التاريخ وأمجاده. الأناشيد لا تطعم الجائعين. والأغاني لا توفر فرص العمل. ان كتاب هوشي منه لا يغني عن المصانع. وأوسمة الجنرال جياب لا تغني عن السياح. هكذا راحت تعيد النظر في قوانينها وفي مدارسها. انها تناضل اليوم من اجل اجتذاب المستثمرين خصوصاً من تلك البلاد التي انتصرت عليها. انه درس من فيتنام يجدر بأهل الشرق الاوسط تذكره وهم يستعدون للاحتفال بمغادرة بوش وفي غياب انتصار يشبه الانتصار الفيتنامي.