حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
زمن المثقف الأخير. - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: زمن المثقف الأخير. (/showthread.php?tid=15398) |
زمن المثقف الأخير. - Waleed - 09-07-2006 اقتباس: بهجت كتب/كتبتالزميل المحترم / بهجت فقد هذا المشترك الإنساني الحسي يستحيل حتى في الحضارات الغيبية مثل حضارتنا. و يجب علينا التفريق بين عدم وجود أو إكتشاف أو معرفة جزء من هذا المشترك الإنساني و بين فقده بعدها. من الممكن أن أعيش في كهف لم أخرج منه أبدا - حينها من حقي أن أنكر وجود الشمس - لكن لو خرجت و لو مرة لأراها ساطعة - لن يمكنني إنكارها أبدا - حتى و إن أردت. ففقد هذا المشترك الإنساني الحسي / المنطقي يمثل إنكار الواقع المرئي و إنكار المنطق - أي يمثل الفصام أو الموت ذاته. و هو وضع غير ممكن و ليس في طاقة الإنسان. و مجرد التشدق برفض قوانين الحس و التجربة و المنطق ثم إعلانه -لا يعني بالمرة إمكتنية تطبيقه - فحتى أعتى الفوضويون - و على مستوى حياته العادية - يعيش متبعا لقوانين الطبيعة بمنتهى الوفاء. وجود الأطر المصمتة بالفعل - ممكن - في حالة عزلتها التامة و عدم إختراقها بفكر أعلى منها (و ليس على نفس المستوى المعرفي). و في حالة إختراقها بهذا الفكر - فهذا الإختراق يمارس قهرا على العقل لا فرار منه. و لو ضربنا مثالا بإطار حضاري معزول تماما - يرى في ظاهرة طبيعية لا يستطيع تفسيرها (و الأمثلة بالآلاف) فعل الآلهة - ثم تخيل هذا الإطار الحضاري و قد بنى منظوماته المعرفية و الأخلاقية و غيرها - متمحورا حول تلك الآلهة التي فسر بها الظاهرة الطبيعية الغامضة. الإختلاط الفجائي لتلك الحضارة بأخرى ترى في تلك الظاهرة فعل الشياطين مثلا أو آلهة أخرى - لا يمثل أي ضغط في صالح هذه الأساطير أو تلك - حيث أنه و في الواقع - لا يمكن لأي من الجانبين إثبات وجهة نظره. و الكلمة العليا ستكون لعوامل مختلفة - مثل القوة الحربية أو الإقتصادية أو غيرها - في تحول هذه الحضارة أو تلك لتبني أساطير الأخرى. ثم لنفرض تعرض هذا الإطار الحضاري - لآخر (كالحضارة المعاصرة مثلا) - فما سيكون حالهم حال معرفتهم بأن هذه الظاهرة ما هي إلا نتيجة (تفاعل كيميائي - أو خداع بصر .. إلخ) و أن ما إعتبروه ظهور أو فعل الآلهة - كان مجرد أوهام - هذا و بتجربة أمام أفراد هذه الحضارة - و على المتضرر اللجوء لتجربة لكي يثبت العكس؟ في هذه الحالة من الإختراق القهري الحاد - سوف تتوالى عملية متسلسلة من الإنهيارات بدءا من المنظومة المعرفية إلى مالا نعلم من مدى - حتى يعود هذا المجتمع لحالة الإستقرار ثانية مكونا إطارا جديدا - لن يكون هو أبدا ما كان عليه. و إن كان من الممكن أن يحتفظ بالكثير من ملامحه و شكلياته. لن يمكن لهذا الإطار الإحتفاظ بنفسه و مواجهة هذا التهديد - إلا بمحاولة العودة للعزلة التامة - لو كانت ممكنة - و هذا بأي شكل كان - فمن الممكن طرد و إقصاء كل من يسول له نفسه الحديث عن هذه التجربة الأليمة - و من الممكن قتله كذلك و دفن كل ذكرى عن هذه الهزيمة و عزل الأجيال عنها. (هل يذكرنا ذلك بشئ؟). و عودة لإطارنا نحن الحضاري - موضوع الحديث - هل فعلا يمثل إطارا مصمتا؟ و هل لم يتم إختراقه؟ أزمة حضارتنا و هويتنا بل و وجودنا هي ناتج الإختراق / المقاومة و ليس العزلة. العزلة كانت ستكون أفضل الحلول لإستمرار إطارنا الحضاري - لكن واقع الظروف يملي إستحالة تلك العزلة. و لو دققنا النظر فسنجد مظاهر الإختراق و مقاومته تملأ كافة مجالات حياتنا - مما أصاب حياتنا العقلية بل و العملية بالشلل. فنحن إعترفنا بالعلوم بالفعل - حيث لا يمكننا إنكارها - و ندرسها لأطفالنا - لكن ستجد بجانب ذلك محاولات مستميتة إرادية أو لا إرادية - لمقاومته أو دحضه و إنكاره (بدون إمتلاك أية وسيلة لذلك) أو حتى إحتوائه. و هذا في محاولات مستميتة للإلتفاف على تناقضنا الحالي. ستجد طوفان الإعجازات العلمية - بجانب إنكار العلوم - بجانب تدريس العلوم - بجانب تكريس و إحياء كتب الخرافات الصفراء - ستجد تدريس الطب بجانب ترويج التداوي البدوي و البول... إلخ. ستجد المطالبة بالديموقراطية في نفس الفم مع المطالبة بالشريعة - ستجد كره الآخر من نفس الأشخاص المنبهرة به و بحضارته .. إلخ. و ستجد أخيرا موجة من إحياء موتى آلاف السنين الماضية - و موجات من سافكي دماء المخالفين - و ستجد الإنتحار و الموت و قد غدا هدفا بديلا للحياة . لم يكن هناك تهديدا بهذا العنف لهوية حضارتنا على مر تاريخها إلا الآن - فالحروب الصليبية و غيرها لم تمثل أبدا إختراقا لثقافتنا - بل مثلت تهديدا حربيا - لم يساوي الكثير حال التساوي في ميزان القوى - أما الآن فواقع التهديد ليس حربيا بل هو تهديد في أصل هوية إطارنا الثقافي ذاته. نحن مخترقون حتى النخاع. و لا و لن نملك لصد ذلك من سبيل و لا نملك حتى خيار العزلة. و جل ما نخشاه أن يكون التلاشي هو خيارنا الأوحد. اقتباس:هل تعتقد يا وليد أن هناك هذا المشترك الإنساني بين ثقافة تنتج الزرقاوي و ابن لادن و الزواربي الجزائري و الظواهري و أبو حمزة المصري و مقتدى الصدر و المثقاب الإسلامي و الأحزمة الناسفة الطاهرة و الذبح الأصولي للبشر على بركة الله كنماذج قياسية و رموزا و بين الثقافات الإنسانوية أو حتى البرجماتية في باقي أنحاء العالم كله ؟، طبقا لطرحك ربما لا ترى تلك الممارسات ثقافة و لكن مرضا عقليا ،وهذا ما أراه بالفعل ، نعم هناك بعض الثقافات لا تحقق الحد الأدنى من العقلانية و هي بالتالي ليست ثقافة بالمعنى الدقيق ، و الثقافة الأصولية الإسلامية تنتمي إلى ذلك النوع .لكل ثقافة أو إطار حضاري - أسلوبه في مقاومة الإختراق - قد يختلف تماما عن الأطر الأخرى - سلميا أو عنيفا سريعا أو بطيئا. ثقافة العنف لها جذور في التراث الإسلامي - و إحياؤه و المبالغة فيه ممكنة في أي وقت - حسبما يقتضي الأمر. و تنامي ثقافة العنف و الدم بمجتمعاتنا - هو من ضمن مظاهر إنهيار الإطار الثقافي لحضارتنا و ليس العكس - و هو بالتأكيد مظهر أصيل لعدم الإستقرار العقلي الذي منينا به تحت وطأة هذا التناقض غير المحتمل. و لو أمعنا النظر - فالعنف غير المبرر - ضد الآخر و ضد بعضنا البعض و ضد الذات - بجانب هذه الإحتقانات الطائفية المنذرة - كلها تحمل إنذارات الموت الجماعي و التدمير الذاتي المحقق. لك و لضيوفك كل إحترامي ,, زمن المثقف الأخير. - بهجت - 09-08-2006 الأخ المحترم خالد .(f) كل تقدير و اعتزاز بمشاركاتك . ثق ألا تحسس مطلقا من أي حوار موضوعي ، آخر ما أفكر فيه أن أكون دائما على صواب ، فحتى الصواب نسبي . اقتباس:أنت تقول أنها منتجات ثقافية للحداثة، ناسبا الثقافة للزمن، وهذا برأيي مغالطة لأن الزمن لا ينتج الثقافة، بل الانسان هو من ينتجها،ليس المقصود بالحداثة Modernism فترة زمنية بمعنى الأزمنة الحديثة ، و لكنها تعبير يشمل مجموعة متنوعة الحركات السياسية و الفنية و الأدبية خاصة في مجال العمارة و الموسيقى و الأدب و التصاميم ظهرت في أوروبا في القرن 19 و حتى عام 1914 ، وقد عرضتها بشكل موجز في تاريخ الثقافة الغربية . يا عزيزي لقد استخدمت المصطلحات طبقا للشائع في الجدل الغربي حيث توجد مفاتيح المصطلاحات الثقافية المتولدة من الحضارة الغربية المعاصرة ، فمن الطبيعي أن نبحث عن جذور المصطلحات الغربية في الغرب كما نبحث عن معاني الفقه بين الفقهاء المسلمين ، إن اللفظ المعرب أو المقابل العربي هو مجرد ترجمة لإسم المصطلح و هذا لا يعطينا الحق في إحلال معانيه بمعان جديدة ، من ذلك أيضا مصطلحات مثل الإنسانوية او العقلانية ، إن الحضارة العالمية هي حضارة غربية المنشأ ، ومنها نستمد المنتجات المادية و العلمية و الثقافية أيضا فكلها كم واحد . ...................................................... إعتذار . في المداخلة رقم 34 نسبت تعبير أن " المثقف هو الإنسان الملتزم الذي يقع خارج أبنية السلطة في المجتمع و يعبر عن رأيه بإسم مبادئ أخلاقية و قيم ثقافية عليا " إلى راسل جاكوبي و لكنه في الحقيقة هو للكاتب إيرك كام Eric Cahmفي كتابه ( قضية دريفوس في المجتمع و السياسة الفرنسية ) الصادر عام 1996 .و التعبير قد ورد في كتاب جاكوبي نقلا عنه لذا وجب التنويه و الاعتذار . للجميع كل تقدير . زمن المثقف الأخير. - داعية السلام مع الله - 09-08-2006 اقتباس: آمون كتب/كتبت [/i] والله يا أمون أنا لا أعتقد أبدا أن الحضارة الغربية هذه لها أصول إبراهيمية أبدا ... صحيح إن كل حضارة تقتبس من التي قبلها وتكون مشعلا للتي بعدها , وهكذا دواليك ( حلوة دواليك دي ) تتتابع الحضارات البشرية وتقتبس من بعضها كحامل المشعل الذي ينتهي دوره هنا حيث يقف العدّاء الآخر ينتظره ليتلقى منه الأمانة .. ولكن سؤالي ليس عن هذا , أنا عارف النقطة دي , لكن الذي يستوقف كل باحث : ازاي تقوم حضارة في بضعة عقود ( والعقد زي ما احنا عارفين عشر سنوات ) دون أي مقومات أو موروثات حضارية أو ثقافية سابقة اللهم إلا شذرات من الفنون وليس من حقول الفنون إلا الشعر ! يعني بالعربي كده إن العربي ساعتها كان ( فنجري بؤ أو فنجري حنك ) بتاع كلام يعني , شغلته وصنعته الكلام واللعب بالكلمة التي كانت ترفع أقواما وتضع آخرين في هذا المجتمع ... ولعل ذلك هو الذي جعل المؤرخين يصفون شعراء فرقة ( ألتروبادور ) في أوروبا بأنهم تأثروا بالعرب في مدخهم للطبيعة والنظر في الكون والالتصاق به .. حتى أنهم قالوا أن هذه الكلمة مقتبسة من كلمة ( الطرب ) العربية .. المهم .. نعم كل حضارة تستفيد من أختها الكبرى ولكن لابد للصغرى من مقومات لها الحد الأدنى لقيام حضارة يستطيع ابنائها فهم وهضم عصارة الموروث عن الحضارة السابقة ... واذا حدث هذا على أوسع نطاق في الحضارات : الرومانية والفارسية والبابلية والهندية والصينية , فإنه لم يحدث للعرب الفاتحين فضلا عن القاعدين ... ماذا كان حالهم في جزيرة العرب وكيف كان تصورهم للكون والعلم وهم في جزيرة منعزلة تماما عن ركب الحضارة .. ولكي تدخل هذه الأمة في ركب الحضارة : كان لابد من حدوث ( ثورة ) و ( طفرة ) فعلية وجذرية في تفكير هؤلاء الناس تقلبه 180 درجة ... هذه الثورة هي التي قام بها ذلك النبي الكريم عليه الصلاة والسلام المؤيد من قبل الله .... وهذه ليست دروشة وخيال ولكنها حقيقة تاريخية .. زمن المثقف الأخير. - بهجت - 09-08-2006 .خالد .. الداعية :97: اقتباس:الثقافة خاصة، وحين تتنازل أمة عن ثقافتها وتقبل ثقافة غيرها، فإنها بالضرورة تسقط كيانها وتنحل ضمن كيان الأمة الأخرى.خالدانتظرت حتى أسمع أكبر عدد من التعليقات حول هذه القضية ، فهي قضية ثقافية مطروحة دائما تحت مسميات عدة و مضمون واحد .. التبعية الثقافية . إن ما تطرحانه هو حقيقة بالفعل و لكنها ليست الحقيقة كلها بل جزء من حقيقة أكثر شمولا ، فنحن نعيش في ظل حضارة كونية مهيمنة ننقل عنها العلوم و التكنولوجيا و الأساليب و الممارسات و المنتجات و الخدمات لهذا سيكون منطقيا أن ننقل أيضا عنها الأفكار و المفاهيم و الفلسفات ، فالبيئة هي البيئة و التدفقات الثقافية لا تنقطع فالغرب ماثل أمامنا و في حياتنا منذ أن يوقظنا المذياع الغربي حتى ننام ونحن نشاهد التلفاز الغربي أيضا ، إننا في هذا لسنا منفردين بل نشارك العالم كله في التأثر بالثقافة المعولمة . بداية لابد ان يكون واضحا اننا لسنا في مجادلة دينية حول العقيدة الإسلامية ، فهي ليست مطروحة أصلا في هذا الشريط ، فالإسلام كدين شيء و كثقافة أصولية معاصرة شيء مختلف تماما ، فحتى لو كانت النصوص الدينية هي أساس الثقافة الإسلامية المعاصرة ، فهذا لا يعني ان تلك الثقافة الأصولية المتخلفة هي المعبر الأفضل و الوحيد و الحصري عن الإسلام الذي يجب ان يبقى عقيدة لا مشروعا سياسيا أو ممارسات مهنية . رغم التعاطف مع محاولات البحث عن ثقافة خاصة لا أجد أمامنا عمليا سوى تلك الثقافة الكونية لمجتمع العولمة أو أن نتحجر في ثقافة تراثية منعزلة لا تملك أي مقومات حقيقية للنمو ، إن الغرب ليس كلا واحدا و لكنه طيف واسع من الممارسات و الأفكار و علينا أن نحسن الإختيار ، إن الحضارة العالمية المعاصرة عبارة عن تفاعلات تاريخية هائلة و كأي تفاعل كبير له منتجات ثانوية غير مرغوبة ولا مقصودة و لكنها أيضا حتمية ، علينا أن نختار ما يناسبنا و ماهو مجدي ، و أن ننحي السلبيات جانبا ، فالحضارة الكونية لا تلزمنا بالصهيونية و الإستعمار و المثلية الجنسية و المخدرات و العبثية و الجريمة المنظمة و التفرقة العنصرية و تلوث البيئة و الظلم الإجتماعي و ..., كلها منتجات ثانوية للحضارة ، نفس الحضارة التي انتجت العلم و التكنولوجيا و الطعام و البضائع و نوعية الحياة الباعثة على السعادة و الخدمات المرفهة و الحرية و حقوق الإنسان و المساواة الحقيقية والفنون السماوية الراقية و كل ما يستحق ان يعيش الإنسان لأجله ، لا يمكن أن نرفض تلك الحضارة كي نظل مخلصين لثقافة متبيسة منذ قرون طوال ، إن الإلحاح على مقولة الهوية الثقافية مجرد عذر للتخلف ، فاليابان لم تفقد شيئا هاما من هويتها عندما تبنت كل القيم الحضارية بلا تحفظات ولا مماحكات و أصبحت عضوا في مجمع الثقافات الحضارية الأرقى ، إن الحضارة الكونية المعاصرة هي لا دينية ليس بمعنى رفض الأديان و لكن بمعنى قبولها جميعا على قدم المساواة كشأن شخصي ، فلم يعد من المعقول أو المقبول ان تستقل الأديان بثقافات خاصة بها كأن 300 عام من التنوير لم تكن ، إن القبول بالحضارة الإنسانية المعاصرة يعني أن هناك كثيرا يجب اسقاطه من تلك الهوية المزعومة ، فلم يعد مقبولا إحياء الماضي و العودة إلى الطرق التقليدية لتمكين الدين من أن يكون المرجعية المعرفية و أداة نقل عناصر المعلومات الرئيسية ، مع ما يصاحب ذلك من عودة الخطاب الثقافي السلفي و ظهور الرموز التراثية مثل الشياطين و الملائكة و التعامل معها كحقائق مادية ، لم يعد مقبولا التركيز الكبير على مجموعة القوانين الخاصة بثقافة ما (مثل الإسلام أو اليهودية ) باعتبارها وحدها المفصحة عن المشيئة الإلهية ، لم يعد مقبولا المحافظة على المعايير الدينية عن طريق التشريع ، و التأكيد على ضرورة جعل المعايير و القيم الدينية ملزمة بشكل جماعي و تجاوزها لاختيار الأفراد ، لم يعد مقبولا التعبئة السياسية في خدمة العقيدة الدينية ، و السعي إلى السيطرة المطلقة على إقليم محدود تسوده ثقافة محددة و عزله ثم السيطرة على التعددية الثقافية فيه ، كما حدث تحديدا في السعودية و إيران و يحدث في فلسطين و مصر حاليا ، لم يعد مقبولا تقسيم تقريبي للعالم إلى نحن وهم .. إلى فسطاط الإيمان و فسطاط الكفر و جند الله و جند الشيطان ، و الاستعانة بالتمايز الطائفي و الإقليمي داخل النسق السياسي العالمي ،و التأكيد على تضامن الجماعة ، لم يعد مقبولا فهم القداسة الدينية أنها تطبيق المتلازمات الدينية للبنى الاجتماعية الماضية على مختلف تقسيمات الحاضر ، مثل نظام الأسرة متعدد الزوجات و لم يعد مقبولا محاولة دفع النسق الديني و قيمه إلى مكان الصدارة بين المجالات الوظيفية المتعددة ،و بالتالي السعي إلى محو تمايز العديد من المجالات الوظيفية مثل الأسرة و السياسة و التعليم لصالح هيمنة النسق الديني كما هو حادث في المجتمعات الإسلامية التقليدية ، تلك ليست هوية ثقافية ذلك مجرد تخلف ثقافي و ردة حضارية .في المقابل هل لي ان أسأل بكل أمانة ما هي الثوابت الإسلامية و القومية التي يمكن أن نخسرها لو تحضرنا بحضارة هذا العصر و تثقفنا بأفضل قيمه و منتجاته ، ماذا سوف نخسر من تلك الثوابت لو أصبحنا جزءا من مستقبل الإنسانية الواعد و ليس من ماضيها المندثر ؟. لكما و للجميع كل تقدير , زمن المثقف الأخير. - بهجت - 09-09-2006 \"ليست لدي سوى رغبة واحدة أن أرى النور .. باسم الإنسانية التي عانت و لها الحق في السعادة \".. اميل زولا . [SIZE=4]ميلاد المثقف الإنساني . " المثقف ولد في باريس أثناء قضية دريفوس Dreyfusو مات في في نفس المدينة في نهاية القرن العشرن" ، هل يمكن أن تقرأ الأجيال القادمة هذه العبارة وهي تقلب المعاجم باحثة عن معنى كلمة المثقف ، عندما نشر الأديب الفرنسي الشهير اميل زولا مقاله التاريخي (إني أتهم ) من أجل رد الاعتبار لرجل أعدم كجاسوس فقط لكونه يهوديا ، لم يكن إميل زولا يمارس دوره الإنساني في كشف الحقيقة ،و لكنه كان يعلن أيضا ميلاد المثقف الحر المستقل الذي لايخضع سوى لسلطة الضمير، كان زولا يمارس إحساسا أنيقا و مكثفا بالشرف الإنساني ، لهذا لم يكن هناك ميلاد أروع للمثقف من قوله :" ليست لدي سوى رغبة واحدة أن أرى النور .. باسم الإنسانية التي عانت و لها الحق في السعادة ".هناك تعريفات أوسع للمثقف تجعل هذا الميلاد مضللا ،و لكن الأهم في رأيي ليس متى ظهرت الملامح الأولى للمثقف بل متى التأم المثقفون كجماعة و اكتسبوا الوعى بذاتهم و اسما دالا عليهم ، الميلاد الأسطوري الآخر للمثقف كان في أقصى شرق أوروبا في روسيا القيصرية ، فلم يعطنا الروس التعبير الموحي ( الإنتلجنسيا ) فقط و لكنهم قدموا للبشرية مجموعة متميزة من الشعراء و الروائيين و الفنانين الثوريين ، هذه الإنتلجنسيا ميزت نفسها بقوتها الأيديولوجية و باستقلالها عن المؤسسات الرسمية للدولة و عدائها لها ، و هناك من يرى أن ثورة 1905 هي الميلاد الحقيقي للمثقفين كنسق إجتماعي مميز بتقاليده و نضجه و عالمية أهدافه ، كان المثقف الروسي مثل روسيا ذاتها متسع بلا نهاية لا يحده سوى الأفق الكوني ، من منا يمكن أن يسمع تعبير مثقف دون أن تتداعى إلى ذهنه أسماء مثل تولستوي وبوشكين و دستويفسكي و جوجول و تشيكوف و مكسيم جوركي و ايفان تورجينيف و فلاديمير كوريلينكو و سيرجي اكساكوف و سالتيكوف- شتشدرين وماياكوفسكي و شولوخوف و باسترناك و .... ، هكذا ولد المفهوم الأسطوري للمثقف كإنسان مؤرق و ملتزم يقع خارج أبنية السلطة في المجتمع ، إنسان يعبر عن رأيه ليس بإسم شعب أو طبقة أو عقيدة ، و لكن بإسم مبادئ أخلاقية و قيم ثقافية عليا ، هذا التعبير يجب أن يكون حرا دون اعتبار للحقائق السوقية و القوى الرسمية و الشعبية ، منذ ذلك الميلاد المقدس ارتبط مصير الأحلام العظمى بمصير المثقفين ،فإذا كانت المبادئ السامية قد وجدت مأوى لها فهي بين المفكرين الأحرار ، أصبح هذا النموذج مقدسا حتى أن أحد المثاليين الكبار ( اليوتوبيين ) هو كوندورسيه وصف المثقف ككائن رسولي ، فقال عن طبقة الإنتليجنسيا " أنها تلك الطبقة التي تكرس نفسها لتعقب صور التعصب في أماكن اختفائها ، .. هؤلاء الذين أطلقوا صيحة الحرب : العقل ، التسامح ، الإنسانية " . لم يكن هذا النموذج المستقل مفضلا عند اليمين و اليسار على السواء ، فقليل من المثقفين كانوا محافظين يتعلقون بالدين أو التراث و الدولة ، ولم يكن مدهشا أن يقود المثقفون الكاثوليك الحركة المحافظة في الولايات المتحدة ، و المثقفون المحافظون كغيرهم من المثقفين يحتفون بالكتب و الفنون ،و لكنهم يهاجمون المثقفين العلمانيين بشدة و يرونهم أرواحا ضالة قلقلة مدمرة للحضارة و التقاليد ، هناك اعتقاد خاطئ أن اليسار يدعم الثقافة المستقلة ، فاليساريون بكافة أطيافهم من فوضيين و شيوعيين و يسار ديمقراطي كانوا ضد المثقفين و يرونهم نخبويين و متلاعبين بالعقول و يوتوبيين خياليين ، الفوضيون جميعا من باكونين الروسي إلى تشومسكي الأمريكي يعتقدون أن المثقف يفتقد الإنضباط و الغيرية و التواضع ، ولا يختلف الشيوعيون كثيرا عن هذا الموقف فهم يرون المثقف متهرب و متعاطف مع البرجوازية و أنه جائع للسلطة ولا يمكن الوثوق به ، أما الإشتراكيون فهم يرون المثقفين متشردين في حاجة للتعاون مع تنظيمات اشتراكية . بالرغم من عداء اليسار و اليمين على السواء فإن الصورة الكلاسيكية للمثقف المعزول المتمسك بأفكار عالمية ألهبت خيال الكثيرين و ألهمت أرواحهم عبر القرون ، و إلى اليوم هناك مثقفون في الغرب يرون أنفسهم في الموقف الكلاسيكي ذاته يواجهون مؤسسات قاهرة كالدولة أو الكنيسة ، و لكن الموقف لم يعد كذلك في الغرب ، فالمثقف لم يعد خطرا في أعين الناس وهو بالقطع لا يواجه أي خطر ، و لكن في أجزاء أخرى من العالم أن تكون مثقفا يعني أنك تبحث عن المخاطر و تسعى إلى الاغتيال ، هذا يحدث في الدول الإسلامية تحديدا في الجزائر و مصر و إيران و العراق و باكستان و لبنان و بنجلاديش و .....، فالإسلاميون يقتلون المثقفين تقربا إلى الله و يتواقحون عليهم مسعاة لمرضاته . [SIZE=4]المثقف المؤسسي . مثل أي أسطورة أخرى لم تكن الأيام كريمة مع نموذج المثقف المستقل الشجاع ، و هكذا شهد القرن العشرين هجرة المثقفين في الغرب من خارج السلطة إلى داخل مؤسسات نفس السلطة التي كانوا يعارضونها كاختصاصيين و مهنيين ،وشهد أيضا تحول في أفكار المثقفين إلى النقيض و أصبح مألوفا مهاجمة نموذج المثقف العالمي كحالم و غير واقعي و حتى مدمر وفوضوي ، فالمعايير العالمية تتزايد معرضتها كأداة للغرب الإمبريالي ،و متطلبات الإحتراف تعيد تحديد الاهتمامات الثقافية ، لم تعد طموحات الإنسان إلى الحرية و شوقه للعدالة هي ما يدفع المثقف إلى الكتابة و لكن المثقف أصبح يكتب كما هو متوقع منه و كما يكتب المثقفون الآخرون ، لم يتغير المثقف وحده و لكن تغير شكل النشر أيضا من المقالة التي تنضح بالحيوية و عفوية رواد المقاهي إلى الدراسات التي يكتبها أكاديميون ليقرأها زملاؤهم ، دراسات منضبطة تخضع لقواعد فنية و تراتيبية أكاديمية صارمة ، ففي العقود الأخيرة تزايد إحساس المثقفين بوصفهم جماعة مهنية لها مصالحها الخاصة ، و خلال سنوات قليلة تعمق باطراد إدراك المثقف بحقيقة انتقاله من هامش المجتمع إلى مركزه ، و تزايد إهتمامه بوضعه المؤسسي و المهني و التجاري ، وهناك قناعة عامة بين المثقفين اليوم أن ولائهم يجب أن يكون للمؤسسة و ليس لأفكار طوباوية عن مسؤولية المثقف تجاه البشرية ،و المثقفون اليوم يثيرون التساؤلات و الشكوك حول أي طرح باسم الإنسانية و القيم العالمية ، لم يعد متاحا ولا مقبولا من المثقف التدخل في الشأن العام باسم المبادئ العالمية و لكن المتاح هو الاهتمامات المحلية فقط ، إن المثقف العالمي على طريقة أندريه مالرو وسارتر و البير كامو أصبح نادرا أو هو قد تلاشى تماما . إن الحياة الثقافية أصبحت مؤسساتية ، هذه هي الحقيقة المحورية ،و كأي حقيقة أخرى لها سلبياتها و لها أيضا ايجابيات ، فتحول الثقافة إلى مهنة متخصصة يتوافق مع فكرة التقدم في التخصص و الإحترافية ، وهناك من يرى أن النمط المهني الجديد هو أكثر احترافا و مصداقية و خضوعا للمعاير الموضوعية الأكاديمية لذا هو أدعى للثقة ، هناك أيضا كتاب أدانوا نموذج سارتر ووصفوه بالمضطرب لأنه كان خارج المؤسسات الكبرى و أن هذا النمط كان يكتب في صحف عامة لقراء غير متفرغين من أواسط الناس ،و لكن النموذج الجديد متخصص يكتب لمتخصصين في صحف متخصصة ، هؤلاء الكتاب يثمنون عاليا الإحترافية و التراتبية الأكاديمية المنضبطه و العمل المؤسساتي ، لم يكن نادرا أن يتحمس البعض للإحترافية الثقافية و يرونها تؤدي إلى ظهور أعمال جادة في النقد و الثقافة فهي لا تختلط بمقالات الصحف و الأعمال التي تتوجه إلى جمهور واسع كما تؤدي إلى صدور أحكاما متزنة و محايدة بعيدا عن الشعبوية و تملق الجماهير ، إن المثقف المؤسساتي المنتمي لم يعد خائنا للثقافة ،و لكنه أصبح المثل الأعلى الذي يبشر به مفكرون كبار بوزن مانهايم و وولزر ، وكلاهما يقتبس على نطاق واسع ،فمنهايم يؤكد أن كل المعرفة موالية و خاصة و ليس لأيها قوة فائقة لمتلاك الحقيقة ، في هذا المناخ المهني لم يكن مفاجأة أيضا أن يهبط وولزر بتعريف المثقف ليكون مجرد :" القاضي المحلي الناقد الذي يحقق سلطته خلال النقاش مع زملائه " هكذا لم يعد المثقف بطلا إنسانيا بل مجرد ناقد متفوق محليا . للمداخلة تكملة في جزء ثان [SIZE=3] زمن المثقف الأخير. - خالد - 09-10-2006 الثقافة غير العلم، الحضارة غير المدنية... الثقافة تبحث في سلوك الإنسان وتنظيمه وكيفية حكمه على الأشياء، وهي تتأثر بوجهة النظر عن الحياة لزوما، وتشكل الحضارة التي هي وجهة نظر الأمة عن الحياة والزاوية التي تنظر منها للعالم وتحكم عليه. عليه فالثقافة خاصة وليست عامة، تبعا لوجهة النظر هذه. أما العلم فيبحث في مادة الكون وكيفية فهمها وتسخيرها وتيسير نتائجها للحياة بما يشكل المدنية، وهي الأشكال المادية المرافقة للتطور العلمي، والعلم لا يتعلق أبدا بوجهة النظر عن الحياة، فلا علاقة كون العالم الذي اكتشف النسبية يهودي بكون النظرية النسبية ترتدي نجمة داود، ولا أن من اكتشف حد كتل النجوم المسمى باسمه شاندرا سخار أنه بوذي أو هندوسي أن النجوم هذه تقدس البقر أو تشعل البخور لبوذا، ولا علاقة أن مكتشف نظرية عدم التحديد نصراني أو عالماني أن النظرية هذه تخص هؤلاء القوم. العلم عام، والثقافة خاصة، الحضارة خاصة والمدنية تتعلق بسلوك الانسان فهي خاصة، أو مجردة فهي عامة. زمن المثقف الأخير. - بهجت - 09-10-2006 المثقفون .. هؤلاء الذين أطلقوا صيحة الحرب : العقل ، التسامح ، الإنسانية . كوندورسيه المثقف المعارض إن مظلة المؤسسة في الغرب تمتد حتى تشمل الجميع بما في ذلك المثقف المعارض ، فلم تعد المعارضة تقع على عاتق النخب المستقلة و الرومانتيكية المتمردة ذات الأفق العالمي ، و لكنها تعتمد على المثقفين المحترفين الإختصاصين من داخل المؤسسة ، فمعارضتك النسق السائد في الغرب لا تعني أنك خارجه ، بل تعني فقط أنك تعتقد أو حتى تتوهم أنك خارجه ، كبار المثقفين المعارضين في الغرب هم من المؤسسة و يحتلون فيها مناصبا مرموقة . يقدم المرحوم إدوارد سعيد في عمله الأخير ( صورة المثقف ) فكرة متقدمة عن المثقف :" المثقف شخص يتيح له مكانه أن يثير علنا أسئلة مربكة ،و أن يواجه الأرثوذكسية و الجمود العقائدي .. و أن يبقى شخصا لا يمكن أن يتعاون بسهولة مع الحكومات و المؤسسات .. " ثم يؤكد :" أن المثقف أمامه دائما فرصة أن يختار إما أن يقف إلى جاتب الضعفاء ، الأقل تمثيلا ، المنسين ، و الذين يتم تجاهلهم ، و إما أن يقف إلى جانب الأكثر قوة " ، اختار إدوارد سعيد و تشومسكي و غيرهما من المعارضين الجدد جانب الضعفاء الذين لا يقرأون لهم !، رغم أن سعيد و غيره من المثقفين المعارضين يشكون دائما من التهميش و عدم التقدير إلا أن ذلك مجرد دلال لا أكثر ربما كان التهميش و المطاردة هو قدر المثقف العربي أو الإيراني و التركي و لكن ليس المثقف في الغرب ، فإدوارد سعيد و دريدا و نعوم تشومسكي و هنري لويس جيتس و فوكو و كورنيل وست وكاميل باجليا لا يعانون الفاقة و لا يطاردهم أحد بل يشغلون مناصبا مرموقة و يتناولون أعلى الأجور و لا يتوقفون عن السفر لحضور ندوات و إلقاء محاضرات و تلقي دعوات التكريم ، بل لبعضهم مديرو أعمال كالنجوم ينظمون لهم كل شيء [SIZE=4]نهاية المثقف الحر .هناك أيضا الجانب الآخر من التل ، إن الثقافة هي شيء أكبر كثيرا من أن تكون نسقا أكاديميا منضبطا ، الثقافة هي وعاء الحكمة و التمرد و الآمال العظام ، لهذا لا نملك لها سوى الرثاء الحار بينما تمتص البيروقراطية الروح من الحياة الثقافية في الغرب أو كادت ، و بدلا من الوضوح الذي هو صنو التنوير أصبحت الكتابات تميل إلى الغموض و الرطانة و المفهومات الضيقة .إن الطابع المؤسساتي للثقافة يعني أيضا أن كل مؤسسة قادرة على امتلاك مثقفيها ، فلم تعد الثقافة رسالة بل مهنة ، هناك مثقفون لكل الإتجاهات و المذاهب تقريبا .. لليمين الجديد ، لليمين المسيحي ، للأصولية الإسلامية ، للتنظيمات الإرهابية ، للحركات النسوية ، للبنيوية و ما بعد البنيوية ، .. الخ في المقابل فإن القضايا ذات الطبيعة الإنسانية تهمش كلية ، هذه القضية واضحة بشكل استثنائي عندما نقارن موقف المثقفين في الغرب من قضية فيتنام و موقفهم من الهمجية الصهيونية في فلسطين ، ففي الستينات شكل برتراند راسل و سارتر محاكمة شعبية لإدانة الجرائم الأمريكية في فيتنام ،وكان لهذه المحاكمة تأثيرا شعبيا جارفا انتهى بخسارة أمريكا لمعركة الرأي العام و خروجها من فيتنام ، بينما لم نسمع سوى أصواتا خافتة تدين التدخل الأمريكي في العراق و أصواتا أكثر خفوتا تدين السلوك الإسرائيلي في فلسطين و لبنان ، هناك كتاب شهير لكاتب معروف هو جوليان بندا ، الكتاب بعنوان صادم يعبر عن مضمونه ( خيانة المثقفين ) ، الكتاب مرثية للزمن الجميل و للمثقف الأخير ، فبندا متعلق بنموذج آفل للمثقف العالمي ، و يناشد المثقفين أن يظلوا على ولائهم للأفكار العالمية عن الحقيقة و العدالة ، و أن ينبذوا الولاء لجنس أو طبقة أو جماعة بعينها ، و يرى أنه من الخيانة أن يسقط المثقف في بئر الأهواء السياسة و بدلا عن تعميق الإحساس بالقيم العالمية يعمق إحساس الجماعات بنفسها و يعزلها عن الآخرين و يرى ذلك ( ذبح منتظم للأمم و الطبقات) ، إن مناظرا متحمسا للإحترافية مثل مانهايم وفي مشهد من تأنيب الضمير و الإدانة الذاتية يقرر بأسى أن غياب المثقف العالمي و الرؤية الإنسانية سيؤدي إلى أن يصبح الإنسان نفسه مجرد شيء مثل غيره من الأشياء ،وأن الإنسان سيفقد إرادته في تشكيل التاريخ و فهمه . لم يعد للمثقف العربي مكانا يقصده في باريس ، فسارتر لم يعد يناقش مقالاته الأخيرة في (الأزمنة الحديثة) مع أصدقائه في مقهاه المعتاد ،و لم يعد ممكنا أن تصادف جرتوود شتاين أو هيمنجواي و فلاديمير نابكوف و انت تتسكع باحثا عن فتاة ، لم يعد ممكنا أن تجد أفكارك في كتاب لهيربرت ماركوز أو مسرحية لجان أنوي ، إن الثقافة لم تعد متاحة على قارعة الطريق ، إنها لم تعد تلك الفتاة المتدفقة بالحلم و الحيوية ناشرة شعرها الذهبي المعطر بالياسمين فوق الجميع بلا تفرقة ،و لكنها الآن سيدة عجوز تقضي أوقاتا مضجرة في القاعات الأكاديمية الباردة و المتأنقة بلا معنى ، لم تعد تتذكرك تلك السيدة فقد أخبروها أنك مجرد همجي متعصب بلا ضمير ولا فائدة ترتجى ، ثقافة بيضاء لا تعرف خمرية الشمس ولا الضعفاء المهمشين ، وعندما تحاول ان تعبر إليها الأسوار الإصطلاحية و المفردات الجديدة سيمنعك الحراس بقسوة ، فلست مدعوا هذا المساء ولا أي مساء آخر . رغم هذا لن نخون الحرية لن نخون الثقافة سنعيدها إلى الطرقات مرة أخرى تحتضن نفس الحلم القديم بنفس الشوق النبيل للحرية و الحقيقة و العدل و الجمال بهذا فقط تتقدس الحياة . [SIZE=3] زمن المثقف الأخير. - بهجت - 09-10-2006 [SIZE=4]الثقافة هي أن تكون عضوا كامل العضوية في مجمع مقدس رحمة العاملي .(f) اقتباس:كتب رحمةرحمة العاملي . ارحمني .. أبوس راسك لأني شبعت خطبا و شعارات و عنتريات .. أبحث عن راحة دماغي في موضوع بعيد عن السياسة فخل السياسة خارجا ، لقد قلنا كل ما لدينا عن حزب الله و نحن على طرفي نقيض في قضية قرار حسن نصرالله فلا تخلط الأمور ، لا أحد مع إسرائيل في العالم كله و ليس في البلاد العربية فقط ، أما الموقف من حزب الله فلنا الحق في مساندة موقف الأكثرية النيابية ، لعبة إسرائيل و العدو و المحتل و باقي كراسة المحفوظات هي أدوات للإبتزاز نعرفها جيدا لهذا لا تبيعها هنا ، كم يدهشني يا رحوم أنك أصبحت ترى لبنانا كما نراه وطنا ،و أنت الذي كنت تراه و بقسوة الكاره مجرد نظام ومكان و خيمة مناكحة لا أكثر . اقتباس:كتب أيضا .أنت مدين للجورنالست بالاعتذار ، فلعلك تعلم أن ذكر الغائب بما يكره غيبة مذمومة دينيا و خلقيا و مخالف لنظام النادي ، وأما على المستوى الشخصي فيشرفني كثيرا ألا اختلف عن الجورنالست قيد أنملة !،حسنا هذه فرصة أخرى استغلها لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة . هناك من يعتقد أن الثقافة نوعا من الإلهام وهذا جهل بالثقافة ، إن الموهبة طبيعية و الثقافة مكتسبة ، نحن نتعلم الشعر من الشعراء و الثقافة من المثقفين كما نتعلم الدين من الفقهاء ، وفقا لمنطقك يمكنك أن تقول للفقيه جاحدا جهده أنت بلا قرآن ولا كتب السنن و المغازي و السير و بلا شيوخ ولا فقهاء لن تكون فقيها !، أو تقول للشاعر أنت بدون الشعراء و الأوزان و القوافي و العروض لن تكون شاعرا ، نعم بدون هؤلاء جميعا لن اكون مثقفا و لن يكون غيري كذلك ، الثقافة هي أن تكون عضوا كامل العضوية في مجمع مقدس ، أن تجلس إلى مائدة مستديرة بين كل من ينتج الأفكار المقدسة و ينطق بالمسكوت عنه ، حولك أنبياء و لصوص و قديسين و سفلة و فلاسفة و صعاليك ، رهبان و قتلة ، أباطرة و عبيد ، لا يجمعهم شيء سوى الأفكار و الألوان و الكلمات و الأشعار و الألحان.... ، إذا جلست إلى هذه الطاولة فلن تتركها أبدا و سيكون هؤلاء الذين تحدثت عنهم هم الرفاق و الأهل و الحل و الترحال ، ما أروع أن تجلس إلى سقراط و أفلاطون و أخناتون و محمد و موزارت و بوذا و اليسوع و مايكل أنجلو و كانط و هيجل وداروين و نابليون و المتنبي و شيكسبير و جوته و فان كوخ و كارل ماركس و ختشادوريان و غاندي و كفافيس و نلسون مانديللا و نجيب محفوظ و رفاييل و .... كلهم كبشر و على قدم المساواة ، صدقني أنني بدون هؤلاء جميعا لن أكون أبا صالح أو حتى رحمة العاملي بل لن أكون نفسي .. لن أكون شيئا ، هؤلاء لم يعلموني فقط الثقافة .. هؤلاء علموني الحياة و إليهم أدين بكل لحظة حقيقية عشتها ، بكل فكرة عبقرية كشفت حجب المجهول ، بكل مشاعر هزتني من الأعماق ، بكل نشوة صادقة فجرت بقلبي الضياء . كم كنت محظوظا أن عرفتهم منذ بواكير أيامي .. لهذا أبارك الحياة . متمنيا لك كل خير .:wr: زمن المثقف الأخير. - مالك - 09-11-2006 تحية لجميع الزملاء .:97: وصف المدرسه التاريخيه للتاريخ : الفلسفه في جانب اساسي منها لا تكتفي بوصف واقعها او فهمه انها تحاول التنبوء بمستقبله واحيانا تحاول تغييره.وفلسفات التاريخ التي بلغت مبلغ عضيم مع هيجل رمزت كثيرا للمستقبل .انها تدرس التاريخ بوصفه نتاج حركه الثقافه في المجتمع و بالتالى نتاجا لحركه العقل ذاته اذا اعتمدنا ان الثقافه انما هي في النهايه منتجات عقليه, وبما ان العقل الى حد قريب كان مطلقا و يمكن الوصول به الى نقطه الكمال , وبما ان العقل في تطور مستمر –استنادا الى قراءه التاريخ-فهو في اقتراب مستمر من حاله الكمال – العقل الكامل-فأن هذه النقطه نقطه الكمال هي هي تكون نهايه التاريخ –الحالي-وبدايه لتاريخ جديد تاريخ لكمال العقل. وماركس بوصفه هيجليا عاقا للهيجليه قال بنهايه التاريخ عندما توزع الثروه بعدل كامل وتشيع وسائل الانتاج في المجتمع –الشيوعيه الكامله-عندها ينتهي التاريخ لان العامل الاقتصادي الذي كان يكفل حركته انتهى بشيوعيه وعندها يبداء عداد جديد ايظا. وليس من الغريب ان علما السياسه الغربيون يقولون ايظا بنهايه التاريخ من ابرز الامثله "فوكوياما"امريكي من اصل ياباني الف كتابا بعنوان "نهايه التاريخ" . ليس مهما هنا ان اخذ موقفا من نهايه التاريخ الذي اطاح به عقل ما بعد الحداثه بقطعيه –وارفض وسمه بالعبثيه-لكني اريد العرض لقضيه مهمه في موضوعنا وهي اطوار نمو المجتمع او اطوار حركه الثقافه او اطوار تقدم العقل.فالمثال الماركسي –مثلا-يضع اطوارا يمر فيها المجتمع على شيء من الضروره او بعادلات رياضيه .وساد في علم الاجتماع نظريات تؤكد هذا المعنى ان ثمه اطوارا يمر فيها المجتمع رغم الاختلاف طريقه التقسيم. ومن هنا ايظا ساد في الاوساط الثقافيه العربيه دعوه لتقليد المجتمع الاروبي بوصفه طور متقدم سنصل اليه عاجلا اواجلا وحيث الفرق الوحيد هي الزمن.اريد ان اقول هنا ان نظريات ما بعد الحداثه لا تسلب الحركه عن التاريخ ولا تعلن فوضويته , انما هي تؤكد حركته لكن ليس الى نموذج يمكن التنبؤ به مقدما . فهو يعتمد على طبيعه الثقافه السائده في المجتمع الامكانات الماديه والبشريه ايظا.على الرغم من ان مجتمعات شرق اسيا كانت تمثل نوعا من التبشير لنظريه نهايه التاريخ لانها تطورت بطريقه مماثله تقريبا وبدائت اكثر اقترابا من النموذج الاروبي الان احداث سبتمر والتيارات الدينيه واليمينه التي عادت تضهر بقوه هناك اجهضت هذا الحلم. الخروج من نفق الزرقاوي : الزرقاوي كذلك يقول بنهايه التاريخ لكن الى تاريخ بلانهايه:yes: ان الحركات التي تشبه حركه الزرقاوي هي في النهايه تستمد مشروعيتها وقابليه قبولها عند الناس من بنيه فكريه او ايدولوجيه على وصف ادق , ان استمرار المثقفين في رفضها اطلاقا والبكاء على الامال الضائعه,ومحاكاة الفكر الغربي لن يفيد سيزيد الامر حده . ان تفكيك البنيه الفكريه التي يعتمدها هؤلاء ومعالجتها بشكل نقدي واقناع الناس بتاريخيتها وحده الكفيل بنزع المشروعيه عن هؤلاء وطردهم من حرم الدين. وغير ذلك سيظل تبادل اللعنات بالرجعيه من جهه والكفر من جهه امر مستمر. فائق الاحترام (f) زمن المثقف الأخير. - بهجت - 09-14-2006 إن كتابا واحدا لباولو كويلو يفوق عدد نسخ توزيعه كل ما يوزعه كتابنا العرب في 30-40 سنة . الشاعر الفلسطيني إبراهيم نصر الله الزملاء المحترمون .:97: العزيز مالك .سيكون لي رد تفصيلي على مداخلتك ، فقط سأخصص هذه المداخلة لعرض سريع عن البيانات الثقافية في العالم العربي ، راجيا من لديه بيانات احدث أو أكثر تفصيلا أن يعرضها مشكورا . يشكو المحافظون من أنصار الثقافة التقليدية أننا نبالغ في نقد الثقافة العربية الإسلامية الراهنة ، و يختلفون بعد ذلك في مبررات هذا النقد ، فالمتطرفون يؤكدون أن هذا النقد كفر و عداء لله ورسوله ، ما يدفع اليه سوى تباريح الهوى بكل ما هو استعماري صهيوني و لأن الناقدين في قلوبهم مرض و أنهم ألد الخصام و غير ذلك من قاموس البلاهة ، بينما يرى المعتدلون أن ذلك النقد هو نتيجة جهل العلمانيين بثقافة مجتمعهم و تعاميهم عن اليقظة الإسلامية البازغة ثم يستشهدون بكتاب ملفقين يقدمونهم نموذجا لتلك الثقافة ، كل هذا بينما يؤكد الحداثيون اتهامهم للثقافة السائدة و يوصمونها بكل الموبقات من جهل و عنف و تخلف ، و حتى نكون موضوعيين لماذا لا نحتكم للأرقام و الإحصائيات فهي لا تخطأ ، الأرقام و النسب المقارنة لغة عالمية لا تحابي أحدا بل هي معيار حضاري لكل شيء ، للإقتصاد و العلم و السياسة و أيضا للثقافة .هذه الأرقام و من أول سطر تواجهنا بحقيقة مزلزلة.. العرب قوم أميون بارداتهم فهم لا يقرءون و من لا يقرأ كمن لا يعرف القراءة سواء يسواء . تلك بكل المقاييس مصيبة كبرى ، دعني أخبرك ببعض الأرقام التي تكشف ثقافتنا المزيفة لعل البعض ممن لا يتوقفون عن الادعاء و يغضبون من رفضنا البات للواقع العربي الثقافي و المناخ الفكري السلفي السائد يفيقون. 1- يترجم العرب في العام حوالي 330 كتابا سنويا بما في ذلك الكتب العلمية و المهنية الخاصة ، أي ثلث ما يترجمه اليونانيون، و بهذا يبلغ معدل الكتب المترجمة حوالي0.8 كتاب لكل مليون نسمة من العرب سنويا بينما تصل النسبة إلى 519 كتاب لكل مليون في المجر و حوالي 920 كتاب لكل مليون في أسبانيا أي 1200 ضعفا مقارنة بالمتوسط العربي ( لاحظ 1200 ضعفا ) و نحن نعرف أن هناك الكثير من المعرفة تنشر بالأسبانية أصلا أي أن حاجة الأسبان للترجمة تقل عن حاجة العرب.، هذه الجقيقة تؤكد ما نردده دائما أن العرب لا يعرفون كيف يفكر العالم حتى لو عاشوا في الغرب ، فالثقافة لا تباع في السوبرماركت ولا تحصل عليها مع تأشيرةات الدخول إلى الدول الغربية . 2- هل تعلم أن جميع الكتب المترجمة إلى اللغة العربية منذ عهد المأمون لا تزيد عن 100.000كتاب وهي نفس ما تنتجه دولة مثل أسبانا في العام الواحد. 3- و أن 17 % من العناوين الصادرة سنويا في العالم العربي هي كتب دينية معظمها كتب شعبية ممتلئة بالخرافات بينما لا يزيد المعدل العالمي للكتب الدينية شاملا دولا متخلفة مثل الدول العربية أيضا عن 4 % مما يعني أن العقل العربي سلفي و يزداد تخلفا . 4- يقول الشاعر الفلسطيني إبراهيم نصر الله أن كتابا واحدا لباولو كويلو يفوق عدد نسخ توزيعه كل ما يوزعه كتابنا العرب في 30-40 سنة . 5- إن عدد الكتب الصادرة في العالم العربي تمثل 1 % من الإنتاج العالمي بينما لم تتجاوز عدد الكتب الأدبية و الفنية الصادرة عام 1996 عدد 1945 و هو ما يمثل فقط 0.8% من الإنتاج العالمي ، بينما يمثل العرب 5 % من سكان العالم . 6- حسنا و النتيجة أن عدد العلماء في إسرائيل يزيد عن عدد العلماء في كل العالم العربي ، ففي إسرائيل 11600 باحث علمي ينتجون 169 بحثا رئيسا بمعدل 37 بحث رئيس لكل مليون نسمة بينما في مصر وهي الأعلى عربيا 3800 باحث تقريبا ينتجون 1 بحث رئيس بمعدل 0.02 بحث رئيسي لكل مليون نسمة ، هكذا نلاحظ فارق النوعية الهائل لصالح العالم الإسرائيلي .و هذا الفارق يقاس بالإنتاج العلمي المعترف به و المنشور في مجلات علمية دولية محددة في كل نشاط . 7- هل نتحدث عن فضيحة الأمية في العالم العربي ،وهناك أكثر من 100 مليون أمي عربي بينما تغير مفهوم الأمية في دولة كاليابان لتكون كل من لا يجيد استخدام الكمبيوتر . 8- هناك في المتوسط 18 حاسوب لكل 1000 نسمة بينما المتوسط العالمي هو 78.3 حاسوب لكل 1000 نسمة ،و يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت حوالي 1.6 % فقط من السكان وهذا يعني أن العرب ما زالوا في بداية عهدهم بالإنترنت . نعم العرب أميون و لا يقرءون و لكنهم يعرفون كل شيء عن العالم ما شاء الله .فهناك من يكفر كتابا لم يقرأ لهم كتابا واحدا و من يخون مفكرين لا يعرف عنهم شيئا ،و من يقيم المثقفين وهو يستعيذ بالله من الثقافة ، هناك من يعتبر نفسه عارفا بالله لأنه قرأ درسا في الدين ، و هذا قدرنا أن نمضي حياتنا كلها بين أنصاف الأميين . و على رأي عمنا نزار جربوا أن تقرءْوا كتابا .. أن تكتبوا كتابا و العياذ بالله !. لا يجب أن نقلل من أهمية هذه الأرقام و دلالاتها ، فهي الترمومتر الذي نقيس به موقفنا الثقافي في عالم لا يحفل بالجهلة ولا بالأغبياء و الأدعياء ، نعم من الصعوبة وربما من التقريب الشديد أن نقيس ظاهرة مثل الثقافة بالأرقام ، فهذه الأرقام ستكون مجرد مرشد ،و لكنها مرشد دقيق ، ويمكن أن يترجم شعب ما 300 كتاب سنويا و يكون أعلى ثقافة من شعب يترجم 400 كتاب ، فهو ربما أقل ترجمة و لكنه قد يكون أفضل ثقافة لو كانت لغته هي لغة العلم ، و لكن من المستحيل أن يكون معدل الترجمة السنوي هو 0.8كتاب لكل مليون في خير أمة أخرجت للناس ، لأنها عندئذ تكون أجهل أمة أخرجت للناس . في حالتنا كعرب لابد أن تكون الكتب المترجمة متعددة و كثيرة ،وهذا لا يحدث لأننا نقتصر على الحد الأدنى من المعرفة التي لا تتعارض ولو مباشرة مع الخرافات التي نملأ بها حياتنا . إننا نعيش في أوضاع مقلوبة جدا لحد المهزلة ولو حاولت أن تصححها بحكم معرفتك أو تجربتك أو ثقافتك تعرض لك الجهلة بالتصحيح و التخوين و التكفير ، كما لو كانت الوطنية هي صنو الغفلة و التدين مرادف للجهل .إن الدين الإسلامي يوظف الآن و بشكل مغرض و وضيع من أجل محاربة الثقافة و الإبداع و العلم الحقيقي . في مقتبل حياتي كان الطلبة الأغبياء السذج يعتقدون أن التفكير يؤدي للجنون ،و أن الثقافة و كثرة القراءة تؤدي للكفر و العياذ بالله كما لو أن الجاهل هو وحده العاقل المؤمن . و كنت أعتقد أن هذه الأفكار انتهت مع انتشار وسائل الاتصال و أن العالم صار في حقيقته قرية كبيرة ،و لكني كنت واهم ففي حوار عرضي قريبا مع زميل مهندس يشغل منصبا مرموقا للغاية ردد نفس الأفكار على أنها دين ،و أن المسلم يطيع و لا يفكر و أن إبليس أول من قاس و أعمل عقله و أن من تمنطق فقد تهرطق ،و أن حسب المسلم القرآن الذي أحاط بكل شيء ولم يفرط في شيء !.وعندما تحدثت معه عن أفكار وردت في كتاب صدر في مجال قريب لعمله هو ( الكون في قشرة جوز ) للعبقري ( ستيفن هوكنج ) ، نظر إلى مستنكرا قائلا :" أقول لك قال الله وقال الرسول و أنت تقول ستيفن ما دري ايه !. هذه هي العقلية التي تعجبون لماذا لا تقرأ . إنها ثقافة الغباء و ثقافة الجهل و زمان المشايخ و التكفير لا زمن العلماء و التفكير . |