حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
بيان مركز الدراسات الإشتراكية ضد العنصرية (تعليقاً على الكاركاتير الدانيماركي) - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: بيان مركز الدراسات الإشتراكية ضد العنصرية (تعليقاً على الكاركاتير الدانيماركي) (/showthread.php?tid=20699) |
بيان مركز الدراسات الإشتراكية ضد العنصرية (تعليقاً على الكاركاتير الدانيماركي) - Beautiful Mind - 02-11-2006 لم يعجبك كلامي ... إذن إقرأي تلك المقالة فهي جيدة .. و هي أكثر موضوعية مما أكتب ! انه بيان اسلامي متمسح بالاشتراكية - رد على بيان ما يسمى ب-الاشتراكيين الثوريين- في مصر حول الرسوم الكاريكاتيرية لمحمد فارس محمود faris.mahmood@gmail.com الحوار المتمدن - العدد: 1459 - 2006 / 2 / 12 اطلعت بالامس (8 شباط من منبر الحوار المتمدن) على بيان الاشتراكيين الثوريين في مصر. لم اجد فيه ذرة من الاشتراكية ولا ذرة من الثورية. وجدت فيه تلال من الاسلام، من القومية، من معاداة كل ما في الغرب، لا اكثر. ان عنوان البيان "لا للعنصرية.. للنفاق"!. انه ينطلق من عنصرية "الاخرين"، قل الاوربيين في هذه الحالة، تجاه ما يسميهم بـ"المسلمين"، قل "نحن"!! و"نفاق" الدفاع عن حرية الراي والتعبير بوصفها "ابشع تبرير". بيد ان الطرف الاصلي في القضية، الاسلام السياسي وتياراته واهدافه، غائبة تماماً في هذا البيان (وعمم الامر، بطريقة اسلامية صرف تهدف الى نقل الصراع من صراع سياسي وحزبي الى صراع مجتمعات، باسم "الاسلام" و"المسلمين"، او بالاحرى اظهره كطرف مظلوم في هذه القضية هو الذي اقام الدنيا ولم يقعدها!!! أثمة عجب اكثر من هذا؟! ان قضية ليست بمسالة قط جعلت تيارات الاسلام السياسي منها قضية عالمية اليوم. احرقت، دمرت، حطمت، هددت، وقتلت تحت مبرر "الاعتداء على المقدسات" بهدف ارعاب الناس، بغرض فرض التراجع على حقوق البشرية ومكتسباتها الخاصة بحرية التعبير. انهم يصورون الامر على ان "الاسلام" و"المسلمين" قد تعرضوا للاهانة والعنصرية عبر هذه "الكاريكاتيرات الدنماركية" (لاحظ! الكاريكاتيرات الدنماركية!!!). ان نغمة العداء الشعبوية القومية-الاسلامية للغرب واضحة بهذا الصدد. انه يصور المسالة طبقاً لما تمليه عليه نظاراته الشعبوية في ان اعتداء لحق بالمسلمين جراء امر دنماركي وليس جراء كاريكاتير رسمه فرد يتمتع بحق التعبير. ولكن السؤال المطروح هنا من الذي اعطى الحق لهذه الجماعة ان تصنف المجتمعات في بلدان الشرق الاوسط وغيرها على انها بلدان "اسلامية"؟! لماذا يوشم جبين اناس هذه المنطقة بوشم "الاسلامية"؟! انه امر مفهوم ان يقوم اسلامي بهذا العمل. انه امر مفهوم ان يقوم قومي بختم وشم القومية على جبين العرب، الفرس، الترك وغيرها. ولكنه امر لايفهمه احد ان يلصق احد ما يدعي الاشتراكية والثورية نعت الاسلامية والقومية على جباه اناس هذه المنطقة!! انه مفهوم للاسلاميين ان يقولوا كذلك ويدعوا ويروجوا لذلك. لانه جزء من سعيهم لفصل اناس هذه المنطقة بهوية معينة يتعكزون عليها، ويرفعوها بوجه "الاخرين" حتى يحققوا مصالحهم السياسية الخاصة المحددة. القومية تسمي الاخوة دعاة "الاشتراكية الثورية" قوميين، والاسلامييين يسموهم اسلاميين، والطائفيين تصنفهم اما "شيعة" او "سنة" او.... على الاشتراكيين ان يعطونا تصويرهم المستقل، تصويرهم الانساني للبشر، ام يجتروا تصاوير الاسلاميين والقوميين والطائفيين وغيرهم؟! السؤال: هل يلهث هؤلاء السادة وراء هذا التصوير الكاذب، ام ينتقدوه، ويبينوا زيفه وطبيعة المصالح السياسي التي تقف ورائه؟! على العكس من هذا، دفعت القومية ولعقود البشرية في هذه المنطقة نحو الحروب تلو الحروب تحت يافطة "القومية" التي لم تكن سواء مشاريع الهيئات والطبقات الحاكمة وذاق مرارتها الابرياء. لقد اسكتونا بالنار والحديد وتنصلوا عن ابسط حقوقنا بالرفاه والحريات وذلك لمتطلبات "الحروب" و"العدو الاجنبي" و"الاستعمار" و"الامبريالية" وغيرها من ترهات. كانت هذه شعارات من اجل ارغامنا على السكوت عن حقوقنا البديهية. واليوم تسعى تيارات الاسلام السياسي لسلب حق الاخرين، في اوربا، حقهم بحجة "هويتنا الاسلامية" و"مقدساتنا الاسلامية" بعد ان حرمت اناس هذه المنطقة وبالنار والحديد منها!! انه لمعروف ان هذا امر طيف واسع من فصائل اليسار في العالم كله. ليس لهذا اليسار صلة بحقوق الانسان وحرياته. لايراها. لانه لايرى الهوية الانسانية للبشر، البشر كبشر بمعزل عن اي هوية. الهويات اقحمت علينا، نتاج تاريخ سياسي وضغط سياسي فرضته التيارات السياسية الاخرى على البشر. ماذا تنشد هويتنا الانسانية: الحريات، الرفاه، المساواة، الحقوق. وكلها امر مرتبطة بمعيشتنا وحياتنا اليومية. انها امور ملموسة. ولهذا، لايرى ان حرية الراي والتعبير الذي كسبته البشرية اثر عقود وقرون من النضالات الباسلة والبطولية هي حق مسلم به للافراد. هذا الحق الذي انتزعته البشرية من الطبقات الحاكمة واولها الدين، لا نقبل بان تستلب مرة اخرى تحت مبررات كاذبة سميت بـ" مشاعر المسلمين". ان المشاعر الحقيقة لمن يسموهم بـ" المسلمين" في بلدان مثل العراق وايران والسودان وغيرها يداس عليها وتسحق الف مرة ومرة يومياً من قبل الحكومات الدينية الاسلامية. حقوق المراة، حقوق الاطفال، حقوق الشباب، حق العمال في التنظيم وحياة معيشية لائقة يداس عليها الف مرة يومياً في البلدان المبتلاة بالاسلام. ان يرددوا كالببغاء، مثل الاسلاميين بالضبط، ان "مقدسات المسلمين" قد ثلمت فهو التفاهة بعينها!! ان مصلحة التيارات الاسلامية واضحة خلف هذا الادعاء. انه لايخرج عن اطار سعي هذه التيارات لتعميم افكارها وعقائدها، بصورة قسرية مفتعلة ومزيفة، على انها افكار وعقائد وبديهيات حياة البشر في بلدان مثل الشرق الاوسط. ان الهياج والضجيج الذي اقيم هو هياج تيارات سياسية معينة ذات مصلحة واهداف سياسية معينة. ليس لها ادنى ربط بالناس ومصالحهم، وبالاحرى تتناقض معها كلياً. ان هؤلاء الاشتراكيون متاخرين عن البشرية لا اقل من قرنين!!! قرنين من ازاحة البشرية المتقدمة للدين من حياتها، من تحجيم الدين وتدخله في حياة الناس. لماذا لايقول ان حقوق هذا الفرد قد ثلمت، لسبب بسيط ان الفرد غائب في اللائحة الفكرية والسياسية والعملية لليسار من امثال الاشتراكيين الثوريين، ولكن من السهولة رؤية الدين، القومية، الاستعمار والامبريالية وغيرها. طبقاً لمنظومتهم الفكرية والسياسية، وكسائر المنظومات الفكرية الرجعية الاخرى، الدين مقدس، العلم مقدس، الارض مقدسة، الطائفة مقدسة، محمد مقدس الا الانسان فهو رخيص القيمة!! يضع هؤلاء السادة "لكن" ما للحريات والحقوق. فلنرى. يقولون ان " حرية الرأي والتعبير والتي نؤمن بها بل ونناضل من أجلها لا يمكن الحديث عنها بمعزل عن سياقها السياسي والاجتماعي. المسلمون في أوروبا يعانون من أبشع أشكال العنصرية والتمييز. فهم يشكلون أفقر القطاعات. يعمل غالبيتهم بأدنى الأجور وبلا ضمانات اجتماعية أو صحية ويتعرضون بشكل يومي للإهانات العنصرية في عملهم وفي حياتهم اليومية وبالطبع في ثقافتهم وتقاليدهم وتراثهم الديني". ان هذا تصوير اسلامي للموضوع. تصوير هادف ومغرض يعلكه هؤلاء السادة ويبغون تقديمه طعماً للاخرين. ان كان الاسلام السياسي يريد ان يخدع العالم بان هناك ظلم عليهم بوصفهم "مسلمين" فانه لكي يدفع بقضيته للامام، كي يسعى لاقناع الاخرين بان حقوق المسلمين مهضومة؛ ولهذا ينبري للدفاع عنها عبر الالتفاف حول الاسلام والهوية الاسلامية وحشد الاخرين حول هذه الحقوق ومطالبة الغير بامتيازات استناداً لذلك. ان هذا تكتيك الاسلام السياسي! انه تكتيك واضح لكل اؤلئك الذين فهموا ماهية الاسلام السياسي في عصرنا. والا فانه امر لايحتاج الى تفكير عميق ان تعرف ان وضع العمال المهاجرين في العالم هي مزرية. انها اوضاع العمال المهاجرين وليس "المسلمين" كما يدعي البيان مغرضاً. ان الاسلام السياسي يصور الامر كالتالي: انظروا! ان هذا وضع "المسلمين"!! لا من اجل عيون العمال "المسلمين" ولا من اجل تحسين اوضاعهم! بل بهدف سياسي، حتى يفتعل قضية ويطالب بامتيازات استناداً لها. والا أيستلزم تفكير عميق كي يعرف المرء ان هذه اوضاع العمال المهاجرين المكسيكيين في امريكا، العمال الاسيويين في استراليا وكندا، العمال الالبانيين في ايطاليا، عمال جنوب شرق اسيا في دول الخليج، انها اوضاع العمال السودانيين في العراق والافغانيين في ايران، وفي كل مكان. انها اوضاع العمال المهاجرين. ان تباكي هؤلاء السادة ليس له ادنى صلة بالدفاع عن العمال المهاجرين. انه بالضد منهم. ان سبيل الدفاع عن العمال المهاجرين يتم عبر دعوة العمال للانضمام للمنظمات العمالية في البلدان التي يسكنونها، والتحول الى قسم طليعي وواعي في تسيير والدفع بنضالات هذه المنظمات وسائر تحرري المجتمع. على العكس من هذا، ان جعل العمال المهاجرين قسم من الاسلام والهوية الاسلامية هو مطلب وتكتيك وممارسة التيار الاسلامي، ونفسه يصب الماء في طاحونة الاسلام والعنصرية على السواء. كلاهما يستفاد من هذه الوضعية ويدفعان اليها، وان قبرهما، اي الاسلامية والعنصرية، يتم في اللحظة التي تقبر التصورات الانعزالية والغيتوية في المجتمع التي يغذيها التيار الاسلامي والقومي الرجعي والعنصري لكلا الطرفين. ذلك ان الاسلام اول الخاسرين في تحول العمال الى جزء طليعي وواعي من الحركة العمالية والاجتماعية لبلدان اوربا والعالم، ويسحب البساط من تحت اقدام التيارات العنصرية التي تستند في حملاتها الى وجود حركات (وليس افراد ذو شعر اسود او او غيره) سياسية اجتماعية غريبة عن المجتمع. ان الاشتراكيين الاسلاميين هؤلاء يجب ان يقلدوا وسام الاسلام والعنصرية في ان واحد. انهم اكثر اقسام المجتمع تخلفاً ورجعية من الناحية السياسية. ان جزء من نضال البشرية كان دوماً من اجل نيل حقوقها ومكاسبها هو ضد اؤلئك المحافظين الذين يتخندقوا في خندق الرجعية رغم ادعائاتهم اللفظية بالاشتراكية والتقدمية. ان اغلب فصائل يسار هذا العصر هي مساومة، محافظة، تغط اقدامها بمفاهيم ومقولات الرجعية على اختلاف تلاوينها. ولهذا تفرغ ايمانها بحرية التعبير والمعتقد بوضعها لهذه الـ"لكن"، و"ضرورة مراعاة عقائد المجتمع" و"ضرورة التحلي بالواقعية" التي لاتعني كلها سوى طأطأة الراس للحركات الاجتماعية الاخرى ورفع رايات التسليم والخضوع وتمكين اليمينية والرجعية وتطاولها على حياة البشر. ان هذه هي الرسالة التي يحملوها لمجتمعاتهم. اي رسالة بائسة يحملون؟! ان البيان يتحدث عن ان عنصرية الاستعمار واعلامه لايتوقفان عن "تصوير المقاومة كارهاب وربط الارهاب بالاسلام والمسلمين". انا لا اعرف في اي زمان اتخذت كلمة المقاومة هذه الصفة الايجابية اوتوماتيكياً. ولكنه خطا فادح. ليست كلمة مقاومة كلمة ايجابية بصورة اوتوماتيكية. ان ماهية المقاومة هي التي تحدد مدى ايجابيتها، وبالتالي، الموقف منها. ان ماهية مقاومة الزرقاوي وبن لادن هي ان "هذه المنطقة" و"مناطق المسلمين" "يجب ان تكون تحت تصرفنا وحكمنا"، اي انه صراع من اجل السلطة من اجل اقامة وفرض حكم اسلامي في المنطقة. يعني جعل النساء عبيد المجتمع، يعني تعدد الزوجات، يعني الرجم، يعني ولاية الامراء، يعني غياب الحريات السياسية والحقوق المدنية، يعني التراتبية وتقسيم البشر على اسس الصلة بمحمد، اذ ان السيد (جده رسول الله!) له حضوة اكثر مني ومنكم لانه وبسبب خارج عن ارادتي وارادته اصبح مقامه اعلى مني ومنك، و تقسيم البشر استنادا الى لون العمامة، فان كانت عمامتك سوداء فانت اكثر منزلة، واذا كانت بيضاء فاقل!!! تقسيم البشر على اساس حجة ام مجتهد ام ...، يعني قمع الكرد في العراق وغيرها تحت شعار "لاحدود في الاسلام"، يعني فرض التراجع على العلم واشاعة الخرافة، تسليم المجتمع بيد مجموعة من الامراء لايعرف من نصبهم بالضد من ارادة الناس، انها باختصار ايران وافغانستان بكل قيحهما! وسؤال اخير اود ان اساله هل ان هؤلاء السادة مستعدين ان يرسلوا ويربوا اطفالهم او يعيشوا في مثل هكذا مجتمع؟! من المؤكد كلا، ولكن لماذا يصيغون نمط حياة لاناس ذلك المجتمع بهذا الشكل؟!!! ان اناس ذلك المجتمع وهي التي خبرت معنى الحياة في ظل تطاول التيار الاسلامي وقساوتها ومصائبها وويلاتها، تبحث عن فرصة للنجاة من هذه الاوضاع، اوضاع البلدان المبتلاة بالاسلام. ولهذا ليس لدي اي تصور ايجابي عن كلمة المقاومة التي يتحدث عنها هؤلاء السادة. المسالة الاخرى التي يرى اصحاب البيان انه ظلم قد احاق بالاسلام وهي "ربط الارهاب بالاسلام"!! لا اتحدث هنا عن اؤلئك البشر الذين يؤمنون بالاسلام كعقيدة لهم ويصلون، ويصومون كامر شخصي لهم وليسوا على استعداد لالحاق ادنى اذى باحد وذلك للانسانية المتجذرة في الانسان والنظرة الانسانية للبشر، ولكن ان تنظر الى الاسلام كقران، كافكار وممارسة ستجد انه وبحق دين العنف. عنف مستتر وعنف سافر. بوسع المرء ان يجد عشرات النصوص التي تتحدث عن الحاق الاذى بالاخرين، بالقتل، هدر الدم وغيرها. ماذا يسمي المرء قتل بحدود 3 الاف انسان مدني بطائرة تخترق عمارة مدنية بعمل ارهابي قل نظيره، ماذا يسمي المرء الاعمال الارهابية للجماعات الاسلامية التي تطال المدنيين يومياً في العراق، ماذا يسمي فتوى الزرقاوي بقتل "الرافضة"!!! (وهي تسمية بعض فصائل السنة للشيعة!!)، ماذا يسمي اعمال قوات بدر وقتل السجناء بالدريل "الثاقب الكهربائي"، ناهيك عن ارهاب قتل بحدود 200 انسان في مسرح في روسيا، او الاستيلاء على مدرسة اطفال والتهديد بتفجيرها، تفجيرات لندن وبالي و...؟!! الم يصدر الزرقاوي فتوى بقتل المدنيين اذا اقتضى واجب الجهاد؟! ماذا يسمي كل هذا؟!! مقاومة؟!!! ام ارهاب؟!! لا اتحدث عن الارهاب اليومي الذي يمارس بحق الاطفال والنساء والتحررين والداعين للمساواة والمثليين وبمن تجبرهم ظروف الحياة على بيع الجسد في البلدان المبتلاة بالاسلام السياسي. وبالمناسبة، ان رسوم الكاريكاتير واقعية بكل معنى الكلمة. متفجرات في عمامة محمد، اليس هذا امر واقعي، احد اهم اسلحة الاسلام السياسي اليوم هو التفجير والسيارات المفخخة والقنابل وغيرها التي طالت المدنيين في اغلب الاحيان في بقاع واسعة من العالم. محمد وهو يقول للانتحاريين : "كفى، لم يبقى لدينا عذراوات بعد!!"، كل هذه الامور صحيحة وتجري يوميا في العراق وافغانستان ولندن، وامريكا واسبانيا وغيرها. الم تصدر الفتاوي باغراء المفجرين لانفسهم والانتحاريين بالعشاء مع محمد في الجنة وانتظار حور العيون للمجاهدين والشهداء هناك؟!! كل هذه تستند الى محمد والقران ومحمدي الاسلام السياسي اليوم، وما اكثرهم! وفي الختام يتحدث البيان عن الاطراف التي يواجهها ويعددها "العنصرية الاوربية والاستعمار الامريكي والتواطؤ والاستبداد المحلي" بوصفها محاور من معركة واحدة لايمكن الفصل بينها" ويختمه بالشعار "فلنتحد في نضالنا ضد العنصرية والاستعمار والاستبداد"!!!. انه يتحدث عن كل شيء الا عن الاسلام السياسي كقوة اساسية وطرف اساسي في خلق هذه الاوضاع الماساوية واشاعتها في العالم، في بث الرعب على الصعيد العالمي، في تعاظم قلق وخوف البشرية وبالاخص المدنيين الابرياء والعزل. من الواضح ان هذه الدعوة بالاتحاد موجههة للاسلام السياسي الذي هو الوحيد في طرف المعادلة وغائب عنها. ان هذا بيان حسن نصر الله وليس الاشتراكيين الثوريين! من الواضح ان هؤلاء السادة قد قرأوا ماركس ولينين بنظارات الزرقاوي وخميني وبن لادن وغيرهم. و تحياتي للإشتراكيين الثوريين ... بيان مركز الدراسات الإشتراكية ضد العنصرية (تعليقاً على الكاركاتير الدانيماركي) - Beautiful Mind - 02-11-2006 قرأت المقالة أكثر من مرة .. و أجدها معبرة عني بمثلما هي تعبر عن صاحبها. منتظر تعليقات (f) بيان مركز الدراسات الإشتراكية ضد العنصرية (تعليقاً على الكاركاتير الدانيماركي) - Beautiful Mind - 02-11-2006 و مع إنه شيوعي و ابن شيوعي لكن شوفي بيقول ايه .. شيوعي أصلي مش تقليد .. :rolleyes: ينبغي رد حراب تطاولات الاسلام السياسي على مكتسبات البشرية الى نحره ! - حول الضجيج المنافق للاسلام السياسي على رسم كاريكاتير فارس محمود faris.mahmood@gmail.com الحوار المتمدن - العدد: 1453 - 2006 / 2 / 6 تتصاعد اعمال الاحتجاج على نشر احد الصحف الدنماركية لعدة كاريكاتيرات، (12)، تصور فيها محمد كارهابي . السعودية وقطر تقاطعان المنتجات والبضائع الدنماركية، ليبيا تغلق سفارتها في كوبنهاكن، الاردن يدعو السفير الدنماركي للتعبير عن الغضب تجاه ماقامت به الجريدة، الصدر يطلب من البابا اعلان تبرؤه من الصور، الحزب الاسلامي العراقي، منظمة المؤتمر الاسلامي، الجامعة العربية وغيرها كلها مشغولة بهذا الحدث "الجلل"!! بوسع المرء ان يغض الطرف عن هذا ان توقف الامر عند هذا الحد. ولكن تمادي جماعات الاسلام السياسي وبشاعاتها، وكما خبرته البشرية جمعاء، ليس لها حدود. اذ، ورداً على هذا الموضوع، حولت بغداد وكركوك اليوم الى حمامات دم بكل معنى الكلمة. اذ قامت هذه الجماعات المتوحشة بتفجير 6 سيارات مفخخة امام كنائس صبيحة اليوم الاثنين ذهب ضحيتها العديد من الابرياء!!! ولا يعلم المرء ماهو الذنب الذي ارتكبه انسان يئن تحت وطأة الاوضاع في العراق وليس له ادنى ربط بالدنمارك ولا الكاريكاتيرات المنشورة الا لسبب تافه هو حسبانه قسراً"مسيحياً" والدنمارك "دولة مسيحية"!!! لا تفسير لهذا الفعل الدموي البشع سوى التعصب الاعمى المريض. لقد انتفض معسكر الرجعية لا بوجه الاف المصائب التي تحل على البشرية كل يوم في اصقاع العالم المختلفة، بل بوجه نشر صورة كاريكاتيرية لمحمد!!! لم ينتفضوا لماحصل في ابوغريب، ولا لاعمال القتل الجماعية التي تقام في العراق يومياً والذي يطال الابرياء بالدرجة الاولى، ولا للنفق المظلم الذي يمر به المجتمع من حيث انعدام الامان والرعب ، لا على سلب الحقوق الجاري على قدم وساق في ارجاء العالم المختلفة، لا على انتهاكات حقوق الانسان وسلب حرياته، لا على رفاه الانسان وسعادته وتمتعه بحياة لائقة. ليس لمثل هذه الامور مكان في اجندتهم. بل لو يتمعن المرء قليلا سيرى ان اكثر القوى معاداة للانسانية هي من رفعت عقيرتها صياحاً وصخباً! ان اكثر الدول والاطراف التي احالت حياة "مسلمي" بلدانها الى جحيم مابعده جحيم هي هذه القوى المحتجة اليوم. ان القاسم المشترك لكل هذه القوى هي معاداتها السافرة للانسان، دمويتها، قمعيتها، استبدادها، معاداتها للمراة، معاداتها للتمدن والحضارة، معاداتها للطفولة ولكرامة الانسان، قوى فرض الجوع والبطالة وانعدام الضمانات، قوى فرض التخلف والقساوة والبلادة والتحجر. ان ارتباط هذا الضجيج بهذه القوى من جهة وماهية هذه القوى من جهة اخرى، يدفع بكل انسان يملك ذرة من المنطق والعقل الى ان يحدد جهته بعيداً عن ضجيجها هذا. ان هذا افضل معيار يتخذه المرء لاعلان تخندقه في جانب يختلف كليا من هذه الدعوة. وطالما لم يرى الانسان في السعودية والعراق وليبيا والاردن وغيرها ولم يجني اي خير من هذه القوى، عليه ان لا يتطلع الى اي شيء من دعواهم وصخبهم وضجيجهم وغاياتهم السياسية المعروفة. ولكن السؤال المطروح هنا: وماهو الامر غير الواقعي في الكاريكاتير. ان الاسلام السياسي، حاله حال كل اديان الدنيا، وبالاحرى اكثرها، لهو فعلا دين السيف في عصر محمد ودين المفخخات والذبح في عصر الزرقاوي وملاعمر والصدر وغيره. انه دين القمع الدموي السافر بحق المعارضين (وحتى المعارضين الاسلاميين منهم!)، دين التكفير وهدر الدم. ان تاريخ المجتمعات الاسلامية هو، في جانب منه، تاريخ الحروب والغزوات، الضم والالحاق، سبي النساء، فرض الجزية بحد السيف. ان هذا هو التاريخ الواقعي للاسلام والاسلام السياسي. هل ان سفاكوا الدماء قلة في هذا التاريخ؟! بوسع المرء ان يورد عشرات الاسماء من الامراء والقادة الاسلاميين في عصرهم (والحجاج ليس الاواحدا منهم!) ويذكرها لدورها في احالة المجتمعات في عصرها الى حمامات دم يندى لها جبين البشرية. كل هذا جرى استنادا الى "الله" و"الدين" ومن قبل "خلفاء المسلمين"، خلفاء الله على الارض. انا اعلم ان التاريخ الاسلامي حاله حال اي تاريخ ديني مسيحي او يهودي او غيره بنى قلاعه بالدم والتركيع والاخضاع والرعب. ولكن موضوعي يتعلق بمسالة هي "الهيجان" الذي جرى اثر هذا الرسم الكاريكاتيري وهذا التصوير لمحمد. يجب ايقاف محمد ودينه على قدميه الواقعيتين. وحتى يتحقق لنا ذلك، يجب ازاحة تلك الافكار والتصورات التي زين بها التاريخ زوراً وغرست ابتداءً من ذاكرة الطفولة البريئة وتلك التصاوير التي سعوا لقسرها علينا سحقنا لنا وبعدم احترام لنا ولطفولتنا وحرمة طفولتنا. ان هذه الحركة هي حركة سياسية هادفة وواعية. ان الامر الذي يسعى الاسلام السياسي الى اخفائه هو ان هذه الصور لم تنشر اليوم. انه هذه الصور قد نشرت قبل 5 اشهر من الان (ايلول 2005) واعيد نشرها في صحيفة "فولكنسرانك" الهولندية في تشرين الثاني 2005! ولكن تم افتعال هذه القضية وبث بها الروح اليوم لاهداف سياسية محددة وضيقة.ان هذه الحركة تهدف الى فرض تراجع على امريكا والغرب عموماً. ولهذا تم نفخ هذا الموضوع اليوم. ولهذا حين تقول صحيفة "دي فيلت" الالمانية ان هذا الاحتجاج "كان يمكن ان يؤخذ على محمل اكثر جدية لو كانوا هم اقل نفاقاً"، فانها تعكس عين الحقيقة، نفاق تيارات الاسلام السياسي وهدفهم توظيف مسالة مر عليها وقت طويل نوعاً ما لاهداف اخرى. ان المسالة لا تتعلق بكرامة محمد والاسلاميين، بل بحاجات تيارات الاسلام السياسي، لااكثر. والا لماذا سكتوا كل هذه الفترة ان كان محمد و"مشاعر المسلمين" عزيزة الى هذا الحد؟!! ان هذه "الغضبة" هي ليست "غضبة" العالم الذي يسموه قسرا بـ"العالم والامة الاسلاميتين"، فاغلبية هذا العالم وهذه الامة ليس لها ربط بهذه القضية. انها منهمكة في تامين حياة افضل لها ولابناءها وانتزاع رفاهها وسعادتها من الحكومات والسلطات المتعكزة على الاسلام. انها حركة احزاب وتيارات سياسية معينة ذات اهداف معينة، حماية الاطار الايديولوجي-السياسي لحركتها من تطاول الاخرين. ان هذا التقديس والحديث عن المقدسات لايعني سوى تقديس اطر حركتهم السياسية لا اكثر. انها ليست مقدسات الناس، بل مقدسات حركة تسعى الى تعميم مقدساتها وايقوناتها ورموزها على الاخرين. ان هذا الاعتراض برز من النخب السياسية الحاكمة، من الحكومات، من الاحزاب، من الجوامع والمراكز الدينية، اي من الجهات ذات المصلحة المباشرة في رفع راية الاحتجاج هذه. لا اعتقد ان انسان عادي منهمك بالحياة اليومية وسبل تامينها في مصر والسودان والعراق قد اكترث كثيرا لهذا الخبر، وفي اقصى الحالات عبر عن عدم ارتياحه لسماع هذا. لا اكثر. انه امر يمكن فهمه ان تقوم السعودية او منظمة العالم الاسلامي او امام جامع بذلك. ان كل راسمالهم قد وضعوه هناك. فماذا يبقى لهم ان عفر هذا الراسمال في التراب؟! ماذا يبقى لهم ان تم التطاول على قدسية راسمالهم؟! عندها لن تطال هذه المقدسات فقط، بل ان المقدسات الدنيوية الاخرى كلها، وبالتالي نفس وجودهم، ستصبح عرضة للتطاول، ولهذا نراهم يقيمون الدنيا ولايقعدوها. هذا من جهة. من جهة اخرى، لا نستطيع ان نفهم هذا الموقف دون فهم الوضعية او السياق العالمي لهذا الصخب. ان الاسلام السياسي على اختلاف تياراته وبالاخص جناحه المتشدد المليتانت بصراع ضاري مع امريكا والغرب من اجل الحصول على حصة اكبر من السلطة على الصعيد العالمي، ينشد دوراً اكبر في رسم الخريطة السياسية العالمية وسلاحه هو سيفه وقرانه. ان هذا الصخب هو حركة من اجل ممارسة اكثر مايمكن من التراجع على امريكا وقوى الغرب عموماً. انه احد ميادين صراع. تمتد جبهات هذا الصراع من افغانستان، العراق، فرنسا والحجاب، كندا والسعي نحو فرض قانون احوال شخصية يستند الى الاسلام وغيرها. ولهذا، فان الاسلام السياسي المعادي للغرب الذي وجهت له ضربة جدية في افغانستان، ويضيق الخناق على اجنحة منه في العراق، يسعى لتعويض ذلك عبر شن هجمة عبر جبهات اخرى، بالامس كانت فرنسا واليوم الدنمارك. وبالاخص اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار المكاسب السياسية الاخيرة التي حققها والمتمثلة بتحقيق الاخوان المسلمين في مصر لتقدم يذكر في الانتخابات المصرية، اشتداد ساعد الاسلام السياسي اجمالاً في العراق وافغانستان وجموحه في فلسطين وايران وغيرها من جهة والضغوطات الرهيبة التي تواجهها امريكا ومشاريعها في المنطقة والعالم، وعلى هذا الاساس ترى نفسها في وضع يؤهلها لشن هجوم مضاد ضروري لها. ولهذا، نجده يسعى نحو تاليب الراي العام في المنطقة والعالم من اجل تجييشه في حربه ضد خصومه. انها معركة في صراع وحرب رجعية معادية للانسانية، للتحرر والمساواة والرفاه. انه صراع تدفع ثمنه البشرية المتمدنة اليوم. وعليه، ان الاساءة الى محمد ليست اصل القضية. انها ظاهر القضية لا اكثر. ان اصل القضية يكمن في هذا الصراع الاكثر اساسية وابعاداً. انه صراع يمس البشرية كلها اليوم. ان امر حرية الراي والتعبير، مساواة المراة، العلمانية، التمدن، الطفولة، نمط الحياة الذي نريد كلها تتاثر بعمق بهذا الصراع. وعليه، ان الوقوف بخندق صيانة مكتسبات البشرية، والتي جاء اغلبها عبر اعادة الاديان الى جحورها، يتطلب منا اكثر من اي وقت اخر الوقوف بوجه اطراف هذا الصراع، بوجه مساوماتهما، بل حتى بوجه رضوخ السلطات الحاكمة في الغرب امام مثل هذه التطاولات الفضة والصارخة وهي التي طأطأت الراس للاسلاميين وسائر الحركات الرجعية بالاطروحات العنصرية مثل "التعددية الثقافية" و"التنوع الثقافي" تحت مظلة "احترام تقاليد وعادات الشعوب" وغيرها. ان انتصار هجمة الاسلاميين هذه لا يعني ان الامر سيتوقف عند هذا الحد. ان سلب مكسب يعني جعل المكاسب الاخرى عرضة لخطر جدي. انه يعني حشد قوى الاسلام السياسي لتطاول اخر على مكتسبات البشرية. يعني ان يجعل الباب مفتوحاً لتطاولات وتطاولات، اي اعادة المجتمع البشري الى افغانستان او سعودية اخرى. ولهذا يجب احباط هذا المسعى بقوة. على الجماهير التحررية، العلمانية، الداعية للمساواة مهمة تاريخية كبيرة على عاتقها بهذا الصدد. بيان مركز الدراسات الإشتراكية ضد العنصرية (تعليقاً على الكاركاتير الدانيماركي) - Bilal Nabil - 02-11-2006 اقتباس: Beautiful Mind كتب/كتبت شيوعي من المؤسسين ، من رفاق الشهيد البطل فرج الله الحلو ... ممن كتبوا فكرهم بالرصاص قبل القلم. جورج حداد ghaddadbg@hotmail.com الحوار المتمدن - العدد: 1311 - 2005 / 9 / 8 (بمناسبة الذكرى السبعين لتقرير غيورغي ديميتروف في المؤتمر السابع للاممية الشيوعية "الكومنترن"، المنعقد سنة 1935، والذي دعا فيه الى اقامة الجبهة العمالية والشعبية الموحدة ضد الفاشية، تنظم الهيئات التالية: "المجلس المركزي لاتحاد المناضلين ضد الفاشية في بلغاريا"، "مؤسسة غيورغي ديميتروف" و"الحركة الوطنية غيورغي ديميتروف"، ندوة علمية عالمية تنعقد في صوفيا بتاريخ 1/10/2005 تحت عنوان: "الجبهة الموحدة في العالم المعاصر". وقد دعي لحضور الندوة 23 منظمة مناهضة للفاشية من مختلف بلدان العالم، 14 حزبا شيوعيا، 5 احزاب اشتراكية واشتراكية ـ دمقراطية وعدد من الضيوف المستقلين، منهم جورج حداد. وفيما يلي النص الاساسي لمداخلة جورج حداد، المقدمة الى هيئة ادارة الندوة:) العالم العربي والاسلامي ودعوة ديميتروف لاقامة الجبهة الموحدة ضد الفاشية تبرز في التاريخ العالمي شخصيات انسانية تطبع بطابعها المرحلة التاريخية التي توجد فيها، ويكون لاسهاماتها دور مميز في المراحل التاريخية اللاحقة. من هذه الشخصيات، وربما من ابرزها، الوطني البلغاري العظيم والمناضل الشيوعي الاممي الكبير: غيورغي ديميتروف. لقد برز ديميتروف على المسرح العالمي لاول مرة في محاكمة لايبزغ الشهيرة سنة 1933، التي اتهم فيها مع بعض رفاقه، باحراق الرايخستاغ الالماني. وبايمانه العميق بعدالة قضيته، وبوطنيته، وبثقافته وسعة اطلاعه واستناده الى العلم الماركسي ـ اللينيني، استطاع ديميتروف ان يحول المحكمة الالمانية ذاتها من ساحة مهزلة محاكمة فاشية ضد الشيوعية، الى ساحة معركة انسانية شاملة ضد الفاشية والامبريالية والرأسمالية. وفيما بعد برز ديميتروف، في المؤتمر السابع للكومنترن سنة 1935، بدعوته الى بناء الجبهة العمالية والشعبية الموحدة، على النطاق الوطني والعالمي، ضد الفاشية، التي تهدد الانسانية قاطبة. لقد فضح ديميتروف الارتباط العضوي بين الفاشية والرأسمالية، معتبرا ان الفاشية هي "القبضة الحديدية" للرأسمال الاحتكاري، وانها "تعمل لمصلحة الامبرياليين المتطرفين". وفي دعوته لاقامة الجبهة العمالية والشعبية الموحدة، الوطنية والعالمية، ضد الفاشية، دعا الى الربط العضوي بين النضال ضد الفاشية والرأسمالية، والنضال ضد الكولونيالية ولتحرير الشعوب المستعمرة. وبوصفه مناضلا حقيقيا، صلبا وواعيا، ضد الفاشية والكولونيالية والرأسمالية، حاز غيورغي ديميتروف مصداقية عالية جدا لدى الشيوعيين العرب، وعبرهم لدى مختلف القوى الدمقراطية والوطنية العربية، بمن في ذلك القوى الاسلامية الشريفة المناضلة التي كانت تمتلك شعبية عربية واسعة. وقد ساهم ذلك في مساعدة القوى العربية المناضلة ضد الامبريالية والصهيونية، ضد احتلال قوات الاستعمار البريطاني والفرنسي لللاراضي العربية، وضد الاغتصاب الصهيوني للاراضي الفلسطينية، على ان تفهم بشكل افضل طبيعة الصراع الدولي، وعلى ان تنحاز الى جانب المعسكر المعادي للفاشية، على قاعدة ان الكولونيالية هي شر راهن كبير، ولكن الفاشية هي شر اكبر، راهن ومستقلي. ويمكننا هنا القول ان التحول العربي ضد الفاشية كان له تأثير رئيسي في تحقيق تغيير كامل في مجرى الحرب العالمية الثانية. ولننظر الى ذلك عن قرب: ان العالم العربي والاسلامي، نظرا لموقعه الجغرافي المميز، ولثرواته الطبيعية الاستثنائية، ولخصائصه الثقافية والحضارية، كان ولا يزال يمثل اكبر تحد موضوعي لسياسة الاستعمار والامبريالية، ويشكل هدفا رئيسيا للغزوات الوحشية الاستعمارية. وفي ظروف نشوء النازية والفاشية كان العالم العربي بأسره تقريبا رازحا تحت نير الاستعمار الغربي، ولا سيما الانكليزي والفرنسي. الا ان الشعوب العربية والاسلامية الابية كانت تخوض نضالات مريرة متواصلة للتخلص من النير الاجنبي. وبمراجعة كتابات لينين، نجد انه كان يعطي اهتماما كبيرا لنضالات الشعوب الاسلامية، وكان يرى ان عبء النضال ضد الاستعمار يقع بالدرجة الاولى على عاتق تلك الشعوب. وللينين مئات الصفحات المكتوبة، من نداءات وغيرها، الموجهة والمكرسة بشكل خاص الى مسلمي اسيا والشرق. وهذا الموقف الثوري الاممي العظيم، من قبل لينين والبلاشفة، وجد انعكاسه في كسب ثقة الشعوب الاسلامية في اسيا الوسطى، التي كانت مستعمرة من قبل القيصرية، وانحيازها الى جانب الثورة الاشتراكية الروسية. ولكن في النصف الاول للقرن العشرين، حينما اطلق ديميتروف دعوته، كانت الفاشية "الكلاسيكية" تهدد العالم اجمع بالعبودية والحرب والابادة. وبعد ترسخ الحكم الفاشي في المانيا وايطاليا، بدأت الفاشية في توجيه دعايتها نحو البلدان العربية والاسلامية، بهدف كسبها الى جانب الفاشية على قاعدة الصراع المشترك ضد انكلترا وفرنسا الاستعماريتين وضد الصهيونية. ولا بد من التذكير ان الدعاية الفاشية حققت بعض النجاحات على هذا الصعيد. ومن الامثلة على ذلك: ـ تأسيس قسم عربي في اذاعة برلين، كان يبدأ نشراته بصيحة "حي العرب" (القريبة لفظيا من الصحة النازية "هايل هتلر")، وأشرف عليه صحفي عربي حقق شهرة كبيرة هو يونس البحري. وقد اكتسب هذا البرنامج في حينه شعبية كبيرة في الشارع العربي. ـ ان بعض "الضباط الاحرار"، الذين تزعمهم جمال عبدالناصر وقاموا فيما بعد بثورة 23 تموز 1952 واستلموا السلطة في مصر، ومنهم انور السادات، قد اقاموا في حينه اتصالات مع الالمان. وقد اعتقل الانكليز حينذاك انور السادات، وحققوا معه بهذا الخصوص. ـ ان الحاج امين الحسيني، مفتي القدس وزعيم الحركة الوطنية الفلسطينية عشية وخلال الحرب العالمية الثانية، زار برلين واستقبل شخصيا من قبل هتلر. ـ وزار برلين ايضا السياسي اللبناني المسيحي المشهور بيار الجميل، الذي اعجب بالحزب النازي، واسس "حزب الكتائب اللبنانية" تقليدا له، واخذ تسمية "الكتائب" ذاتها (فالانج) من تسمية "كتائب" (فالانج) فرنكو في اسبانيا . ـ تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، بزعامة المناضل والمفكر القومي البارز انطون سعادة، الذي تم اعدامه سنة 1949 من قبل السلطة اللبنانية العميلة للانكليز والاميركان. وقد انتشر هذا الحزب بكثافة في لبنان وسوريا وفلسطين والاردن، وهو يعد الى الان من ابرز الاحزاب الوطنية. وقد نشأ هذا الحزب بتأثير الحركة النازية في المانيا والفاشية في ايطاليا، واسمه ذاته "قومي ـ اجتماعي" (ناسيونال ـ سوسيال) مستوحى من اسم الحزب النازي "قومي ـ اشتراكي" (ناسيونال ـ سوسياليست). ـ ان الزعيم الوطني العراقي اللواء رشيد عالي الكيلاني كان على صلة بالالمان. وقد تزعم الكيلاني ثورة الضباط الوطنيين العراقيين ضد المستعمرين الانكليز في ايار 1941، واجبر رجال السلطة العميلة على الفرار. ولمواجهة هذه الثورة اضطر الانكليز لاستقدام قوات اضافية من الاردن وفلسطين. وبعد فشل الثورة، فر الكيلاني مؤقتا الى المانيا. وبناء على صلاته العربية والاسلامية، ضد الانكليز والفرنسيين والصهاينة الذين كانوا يخططون للسيطرة على فلسطين واغتصابها كليا، كان هتلر يأمل بتلقي مساعدة واسعة من قبل الشعوب العربية والاسلامية. وليس بدون مغزى خاص ان الحملة العسكرية الالمانية الرئيسية، خارج الحدود الاوروبية، بقيادة المارشال رومل، قد توجهت بالتحديد الى افريقيا الشمالية العربية. وكان هدف هذه الحملة احتلال المنطقة العربية حتى الخليج، ثم احتلال ايران، والوصول الى حوض بحر قزوين، ومن ثم مهاجمة الاتحاد السوفياتي من الخلف، من المناطق الدافئة في جمهوريات اسيا الوسطى الاسلامية. وكانت هذه الخطة تعتمد في نجاحها على تلقي الدعم من الشعوب العربية والاسلامية ضد الدول الغربية الاستعمارية وضد الصهيونية. ولو ان الفاشست حصلوا فعلا على هذا الدعم، لكان بامكان رومل ان يقوم بنزهة ممتعة من شمالي افريقيا الى بحر قزوين، ولكانت الجيوش الانكليزية والفرنسية الاستعمارية، والعصابات الصهيونية في فلسطين، وجدت نفسها معزولة تماما، ولسحقت سحقا كدمى خزفية بين مطرقة رومل وسندان الحركة الوطنية العربية المعادية للاستعمار والصهيونية. وكان من شأن ذلك، فيما لو حصل، تحقيق الاهداف الاولية المرسومة لحملة رومل، وتغيير مجرى الحرب كليا، ومجرى التاريخ العالمي المعاصر باسره. ولكن بالرغم من كل الوعود المعسولة التي أغدقها النازيون على العرب، فإنهم فشلوا في الحصول على الدعم العربي الضروري الذي سعوا اليه. وعلى عكس ما كان يتوقع، فإن قوات رومل هي التي وجدت نفسها معزولة تماما، الامر الذي مكن من تحقيق الانتصار عليها بسهولة نسبية في معركة العلمين بمصر. وربما يمكن القول انه لولا الانتصار على رومل في "العلمين" بمصر في شباط 1942، لما كان بالامكان الانتصار على فون باولوس في ستالينغراد في شباط 1943، وطبعا لما كان بالامكان تحقيق انزال النورماندي في حزيران 1944، وربما لما كان تحقق ابدا اقتحام برلين في ايار 1945، بل ان الاقرب الى المعقول ان الاساطيل النازية كانت ستتفرغ للقيام بنزهة عبر الاطلسي، لتجرب صواريخها المكتشفة حديثا في دك المدن الشاطئية الاميركية المكتظة، ومن ثم احتلال الولايات المتحدة الاميركية وتفكيكها كدولة موحدة وارجاعها عشرات ومئات السنين الى الوراء كي تعود ولايات متناحرة تتحكم فيها المافيات التي تتصارع فيما بينها على اسواق الخمور والمخدرات والدعارة والقمار، كما على الذهب والنفط والعمل العبودي الرخيص. وللتدليل على اهمية الموقف العربي عامة، والشعبي خاصة، في تلك المرحلة الحرجة من تاريخ العالم، يكتسب اهمية رمزية تطور الاوضاع في فلسطين: فخلال الحرب العالمية الاولى، كان للثورة العربية الكبرى على الاتراك دور حاسم في هزيمة تركيا. وبالرغم من ذلك فإن "صديقتنا!" بريطانيا وهبت فلسطين، من وراء ظهر شعبها العربي الاصيل ورغما عنه، الى حليفتها المافيا المالية الصهيونية العالمية، التي كانت تحتل المركز الاول في السوق المالية الانكليزية عامة، وفي تمويل المغامرات الاستعمارية للدولة الانكليزية، خاصة. وفي ظل الاحتلال البريطاني، بدأت عملية استعمارية دولية واسعة، لا تزال مستمرة الى اليوم، لجذب العصابات الصهيونية وجلبها الى فلسطين، وقتل وطرد وتشريد الفلاحين والمواطنين الفلسطينيين، واستبدالهم بالمستوطنين الصهاينة، المسعورين والمتوحشين، الذين وضعوا انفسهم كمرتزقة في خدمة المافيا الصهيونية والامبريالية العالميتين. وفي 1936 انفجر في فلسطين اضراب عام وعصيان مدني داما ستة اشهر ثم تحولا الى ثورة مسلحة ضد المحتلين الانكليز والصهاينة، دامت حتى اندلاع الحرب العالمية في 1939. وكان هناك احتمال كبير جدا ان تتحول الثورة الفلسطينية الى قاعدة لتدخل الماني واسع النطاق، خصوصا بعد استسلام فرنسا الاستعمارية التي كانت تحتل سوريا ولبنان، وبالتالي سيطرة حكومة فيشي، الحليفة لالمانيا، على سوريا ولبنان المحاذيين لفلسطين، حيث جاءت اللجنة الالمانية للمشاركة في ادارة البلدين الى جانب المفوض السامي الفرنسي. ولكن القوى الوطنية الفلسطينية قطعت الطريق على هذا الاحتمال، حينما اوقفت العمليات المسلحة ضد المحتلين الانكليز والغزاة اليهود الصهاينة. وقد توجه رأس حربة القوى الوطنية والدمقراطية والاسلامية الشريفة، العربية، ضد الفاشية. ومن جهة ثانية، فقد تطوع مئات الالوف من الشباب من مختلف البلدان العربية في صفوف القوات العسكرية لبريطانيا وفرنسا الحرة (بزعامة ديغول) للقتال ضد الفاشست، في الارض العربية، كما في اوروبا ذاتها. ويقول الزعيم الوطني الجزائري، رئيس الجمهورية الجزائرية الاسبق احمد بن بله ان غالبية قوات ـ ومن ثم غالبية ضحايا ـ "فرنسا الحرة"، التي كانت تقاتل الفاشست على الارض الفرنسية والايطالية، كانت تتشكل من الجزائريين والمغاربة. وبن بله نفسه كان يقاتل مع "فرنسا الحرة" على الارض الايطالية. ونذكر هنا ان بعض الكوادر الشيوعية العربية قد شاركت في "الفصائل الاممية" التي قاتلت ضد فرنكو في اسبانيا. كما برز المناضل الشيوعي اللبناني فؤاد قازان (عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني بعد عودته الى لبنان في نهاية الحرب العالمية الثانية) بوصفه احد قادة المقاومة السرية ضد المحتلين الالمان النازيين وحلفائهم في فرنسا. وربما لا نبالغ اذا قلنا ان العالم اجمع، ولا سيما اوروبا الغربية واميركا، هو مدين لهذا التحول في الموقف الوطني العربي لصالح التحالف مع ما سمي "المعسكر الدمقراطي". ولكن علينا هنا ان نتساءل: كيف "كافأت" اوروبا واميركا "الدمقراطيتين" الشعوب العربية والاسلامية على موقفها المعادي للفاشية؟! لا يفوتنا ان نذكر ان القيادات الاستعمارية الفرنسية والانكليزية، وعلى رأسها "الزعيمان القوميان" المعروفان عالميا: ديغول وتشرشل، لم تبخل في اغداق الوعود على العرب، بمنحهم الاستقلال، مقابل وقوفهم ضد الفاشية. فكيف ترجمت هذه الوعود على ارض الواقع؟ ـ ان هتلر لم يستطع ان يقتحم موسكو، بل على العكس فإن الشعوب السوفياتية، متحملة عذابات وتضحيات لا سابق لها ومقدمة عشرات الملايين من الضحايا من خيرة ابنائها، هي التي انتصرت على النازية، وانقذت البشرية من شرورها. وها اننا نرى بالعين المجردة كيف ان الشعوب السوفياتية، ومعها شعوب اوروبا الشرقية الاخرى، قد "كوفئت" على هذه المأثرة بأن تم التآمر لتدمير التجربة الاشتراكية واقتحام اوطانها واذلال جماهيرها بـ"علاج الصدمة" الرأسمالي ونشر الجوع والفقر والامراض والفساد والجريمة والانحلال في ربوعها، باسم "الدمقراطية" الغربية. بمثل هذا "الوفاء" و "العرفان" واكثر كانت مكافأة الشعوب العربية والاسلامية على موقفها التاريخي المعادي للفاشية. ويكفي ان نعطي بعض الامثلة: 1 ـ في 1939 قامت فرنسا الاستعمارية بنزع لواء الاسكندرون الخصيب من سوريا ومنحه لتركيا العنصرية الاتاتوركية (ومعلوم ان اللواء يضم بشكل خاص مدينة انطاكية المسيحية الشرقية العربية العريقة، التي تنسب اليها جميع الكنائس المسيحية الشرقية العربية القديمة. وحتى الان، واينما كانت مراكز البطريركيات، لا يزال اللقب الرسمي لجميع البطاركة المسيحيين المشرقيين العرب هو: بطريرك انطاكية وسائر المشرق). 2 ـ في 1943 اعتقل المستعمرون الفرنسيون رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والعديد من الشخصيات اللبنانية، واقتحموا البرلمان اللبناني وعلقوا الدستور، بسبب المطالبة بتحقيق وعود "فرنسا الحرة" بمنح الاستقلال للبنان مقابل الوقوف ضد المانيا النازية وحكومة فيشي. 3 ـ وفي 1945 شنت القوات "الفرنسية الحرة" هجوما غادرا على البرلمان السوري، الذي كان يطالب بتطبيق وعود الاستقلال، من اجل كسر ارادته الوطنية والدمقراطية المشروعة. وقد استشهد العشرات من رجال الحامية السورية، ودمر قسم من البرلمان. 4 ـ في 9 ايار 1945 خرج مئات الالوف من الجزائريين الى الشوارع للاحتفال بالنصر على الفاشية، الذي اعتبره الجزائريون مرادفا للحصول على الاستقلال الموعود من قبل "فرنسا الحرة". وقد طبق "الديغوليون" الاحرار وعدهم باستقلال الجزائر، بإطلاق نيران الرشاشات الثقيلة ومدفعية الميدان ضد الجماهير العزلاء، المشاركة في الاحتفالات، واوقعوا ما يزيد عن 45 ألف قتيل في يوم واحد، محولين الاحتفال العالمي بالنصر على الفاشية الى جنازة وطنية عامة للجزائريين والعرب والمسلمين. والمراجع الرسمية الفرنسية تعترف بكل خسة ان عدد القتلى هو "فقط!" 15 الفا. وهكذا حينما يحتفل العالم بيوم النصر على الفاشية، فإن الشعب العربي المسلم الجزائري يحتفل بذكرى عشرات الالوف من ابنائه وبناته واطفاله الابرياء القتلى، الذين لم يكن لهم اي ذنب سوى انهم صدقوا اكاذيب "الدمقراطية" و"الاشتراكية ـ الدمقراطية" الغربية. 5 ـ حتى الحرب العالمية الثانية لم يكن للغزو الصهيوني في فلسطين من شرعية سوى "شرعية" الاستعمار البريطاني، الذي اعطى المافيا الصهيونية العالمية حق اقامة "وطن قومي يهودي" بناء على "وعد بلفور" سنة 1917. ولكن بعد الانتصار على الفاشية وتأسيس مؤسسة "الشعوب الدمقراطية" المسماة "هيئة الامم المتحدة"، صدر عنها في 1947 "قرار تقسيم فلسطين" وانشاء دولة "اسرائيل" على انقاضها. وسيرا وراء اوهام التحالف مع "الدمقراطية" الغربية والاضاليل الصهيونية ارتكبت القيادة السوفياتية وقيادة الحركة الشيوعية العالمية الخطأ التاريخي المميت، المتمثل في الموافقة على اقامة الكيان العنصري الصهيوني المسمى "اسرائيل". ان قرار تقسيم فلسطين العربية تاريخيا، الصادر عن "الامم المتحدة"، اضفى طابعا "شرعيا" دوليا على الاغتصاب الاستعماري في فلسطين، واعطى تبريرا "شرعيا" لطرد شعب البلاد الاصلي، واستبداله بـ"شعب" دخيل ومصطنع، لا يملك اي شرعية تاريخية، سوى "شرعية" الادعاءات الدينية ـ الشوفينية الفارغة و"حق القوة" الاستعماري. وبناء على هذا القرار من اعلى هيئة شرعية دولية، قامت دولة "اسرائيل" على انقاض المجتمع العربي الفلسطيني، وذلك على اساس "عنصري ـ ديني"، ينطبق عليه تمام الانطباق مفهوم القومية لدى الهتلريين، الذين كانوا ـ في ما يشبه حرص الصهاينة اليوم على النقاء اليهودي لاسرائيل ـ يقيسون جماجم "الآريين الاقحاح" ويختبرون دماءهم وسائلهم المنوي، وهو ما يناقض على خط مستقيم كل منطق العداء للفاشية الذي دعا اليه ديميتروف. واذا كانت "ام الدمقراطية" تاريخيا، اي بريطانيا الاستعمارية، لعبت ـ منذ 1917 وحتى 1948 ـ دور "القابلة القانونية" لـ"الوطن القومي العنصري اليهودي" غير القابل تاريخيا للحياة الطبيعية، فإن "الدمقراطية الاكبر"، اي الولايات المتحدة الاميركية، التي اعترفت باسرائيل بعد 15 دقيقة فقط من اعلانها في 14 ايار 1948، تضطلع منذ ذلك التاريخ بدور "الام بالتبني" و"الحاضنة" الدائمة لاسرائيل العنصرية، التي لا يمكن ان تعيش يوما واحدا بدون حماية ومساعدة الفاشية العالمية الجديدة المتمثلة باميركا. وبالتبني الكامل والشامل لاسرائيل، فإن الولايات المتحدة الاميركية تعتقد انها يمكن لها ان "تعيد انتاج نفسها" على الارض العربية. ففيما مضى استطاع شراذم الغزاة العنصريين البيض ان يبيدوا السكان "الاميركيين" الاصليين، الذين سموهم جهلا وازدراء "الهنود الحمر"، ويؤسسوا على ارضهم المغتصبة دولة استعمارية ـ استيطانية لـ"شعب" دخيل سموها "الولايات المتحدة الاميركية". وللسخرية المرة للتاريخ البشري فقد بنا أولئك الغزاة المتوحشون "البيت الابيض" و"نصب الحرية" وغير ذلك من رموز "الدمقراطية الاميركية" فوق جماجم ضحاياهم من "الهنود الحمر" المساكين. وقد كان الشعار الابرز لتلك "الدمقراطية الاميركية" هو: "الهندي الافضل هو الهندي الميت". واليوم يريد احفاد اولئك الغزاة لـ"العالم الجديد" الذي لم يكن جديدا، ان يتجهوا في الاتجاه المعاكس ويعيدوا ـ مع طلائعهم الصهاينة ـ "اكتشاف" وغزو "العالم القديم"، بدءا من الوطن العربي الكبير، قلب "العالم القديم" ومهد الحضارات العالمية. ولكن القرن الـ20، قرن الثورة الاشتراكية والانتصار على الفاشية "الكلاسيكية"، وطبعا والقرن الـ21، هما غير القرون السالفة. ان الثمانية ملايين فلسطيني والثلاثماية مليون عربي والمليار ونصف المليار مسلم لا يوجد قوة في العالم يمكن ان تحكم عليهم بمصير كمصير الهنود الحمر. والشيء الوحيد المعقول تاريخيا ان القرن الـ21 سيكون قرن الانتصار على الفاشية الاميركية الجديدة. واليوم نلمس لمس اليد النتائج الكارثية لـ"شرعنة" الفاشية الصهيونية عبر الاعتراف بـ"شرعية" اسرائيل: لقد تم القضاء على الاتحاد السوفياتي العظيم والمنظومة الاشتراكية الحليفة له، وخرت الحركة الشيوعية العالمية على ركبتيها، نتيجة الطعن بالظهر والتآمر الامبريالي الغربي مع المافيا الصهيونية الدولية: سوروس، تشورني، بيريزوفسكي، خودوركوفسكي وشركاهم. ومع ذلك، وباسم قبضات اطفال الحجارة في فلسطين ولعنات امهات ملايين الشهداء الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين والعرب والمسلمين، يمكننا التأكيد ان الامة العربية الابية ومعها جميع الشعوب الاسلامية المناضلة والجماهير الشعبية المظلومة في العالم لن تخر على ركبتيها، وستتابع الكفاح ألف سنة وسنة من اجل القضية العربية العادلة، التي يتوقف على انتصارها تحرير جميع شعوب العالم من الفاشية الاميركية المعولمة ومن الغدر والنذالة والظلامية الصهيونية. ХХХ ان غيورغي ديميتروف العظيم هو رمز عالمي للكفاح ضد الفاشية لانه ممثل حقيقي لشعبه، إذ انه الوريث الروحي الاكبر لفاسيل ليفسكي وخريستو بوتيف واستمرار لمئات السنين من الكفاح البطولي للشعب البلغاري ضد الظلامية التركية، المتواصلة الى اليوم بشكل فاشية عسكرية ـ "اسلامية!" عميلة لاميركا. وهو ليس ذكرى وعبرة من الماضي وحسب، بل هو منارة للفقراء والمظلومين والشعوب المسحوقة، ومعلم للاجيال المناضلة، كفكر ثوري وتحرري متجدد في ايامنا هذه بالذات. ويكفي ان نشير انه بنفاذ بصيرته التاريخية استطاع ديميتروف ان يضع الاصبع على اثنين من اكبر الشرور التي تواجه المجتمع الانساني المعاصر: اولا ـ في الوقت الذي دعا فيه الى وحدة النضال والجبهة الموحدة مع الجماهير العمالية والشعبية كافة، ومع الشعوب المستعمرة، فهو قد فضح الخط الخياني لقيادة الاشتراكية ـ الدمقراطية القائم على التعاون الطبقي مع الرأسماية والامبريالية، ودور هذا الخط في التمهيد للانتصار المرحلي للفاشية "الكلاسيكية". واننا نرى اليوم ان خط التعاون مع الفاشية الاميركية الجديدة، تحت الشعارات الكاذبة لـ"الدمقراطية" و"مكافحة الارهاب" وما اشبه، كما كانت في السابق شعارات "العالم الحر" و"مكافحة الشيوعية والتوتاليتارية"، يقود الى انتصارات مرحلية للفاشية والصهيونية والامبريالية واعادة الرأسمالية في العالم اجمع. وثانيا ـ وبرؤية تاريخية استثنائية، وكأنه يعيش معنا في هذه اللحظة بالذات، كشف غيورغي ديميتروف التحول الحربائي في اشكال الفاشية، التي هي ظاهرة رأسمالية عالمية، وليست ظاهرة "قومية" المانية او ايطالية فقط. فهو يقول في مقابلة مع الصحفي الاميركي بيتمان (جريدة "اوتيتشيستفن فرونت"، العدد 852، 17 حزيران 1947): ان الفاشية تغير اشكالها، وان "الميول الفاشية في الولايات المتحدة هي مموهة بوصفها "أميركانيزم"، و"دفاع عن المؤسسات الحرة" و"محافظة على الدمقراطية" و"السلم"." وبذلك يلتقي ديميتروف مع الثائر الاميركي اللاتيني الشهير سيمون بوليفار، الذي يقول في 1827، قبل انشاء الولايات المتحدة الاميركية "ان قدر العالم ان تقوم الولايات الاميركية الشمالية بنشر الجوع فيه كالجراد، وذلك باسم الحرية" (اقتباس من كلمة خالد حدادة، الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني، الملقاة في اب 2005، في حفل تأبين الشهيد جورج حاوي، الامين العام الاسبق للحزب). وفي النصف الاول للقرن العشرين، حينما اطلق ديميتروف دعوته، كانت الفاشية "الكلاسيكية" تهدد العالم اجمع بالعبودية والحرب والابادة. واليوم، فإن خطر الفاشية الجديدة، التي يسميها ديميتروف "الاميركانيزم"، بمركـّـباتها العضوية، المختلفة في الشكل، المنسجمة والمتكاملة في الجوهر: الصليبية "المسيحية!" التي يحمل لواءها امثال جورج بوش، والصهيونية اليهودية، والبنلادينية "الاسلامية!"، يهدد جميع شعوب العالم ايضا. ولا يوجد ابدا اي شعب، خارج دائرة خطر هذا التنين المثلث الرؤوس. ومن السذاجة تماما اي اعتقاد بأن خطر الحرب الشاملة هو مستبعد، بوجود القطب الاميركي الاوحد. بل على العكس تماما، ان وجود الامبريالية الاميركية، كقوة عالمية شبه مطلقة اليدين، يجعل خطر الحرب العالمية اكبر. فالفاشية الصليبية الاميركية التي تعمل الان لابادة الشعب العراقي ولازالة العراق من الخريطة، والتي تقضي على عشرات ملايين الافارقة والروس والاوروبيين الشرقيين بالجوع والايدز والامراض والمخدرات، هي نفسها التي ـ بالتعاون مع الفاشية اليهودية "الصهيونية" ـ تقتل اطفال فلسطين وتحاول ابادة الشعب الفلسطيني ومحو فلسطين من الخريطة، وهي نفسها التي ـ بالتعاون مع الفاشية "الاسلامية!" البنلادينية ـ تضرب الاهداف المدنية وتقتل المواطنين المسالمين في نيويورك ولندن ومدريد. لقد سلحت اميركا القاعدة العسكرية الفاشية المسماة اسرائيل (حوالى 5 ملايين مستوطن) بالسلاح الذري الستراتيجي والتاكتيكي، وبالصواريخ ذات المديات المتعددة، وبكافة انواع اسلحة الدمار الشامل والاسلحة التقليدية، اكثر مما يملك الجيش الصيني نفسه، وحولتها الى قاعدة عدوان تهدد في وقت واحد جميع البلدان العربية والصين وروسيا والبلقان واوربا الغربية. وفي وقت ليس ببعيد سلحت اميركا ايضا (باشراف السيد رامسفيلد شخصيا) نظام صدام حسين بالاسلحة الكيماوية التي استخدمها ضد القوات الايرانية والمدنيين الاكراد ـ الذين يقوم قادتهم الان بلحس احذية المحتلين الاميركيين للعراق. بناء على هذه التجارب المريرة، ليس من المستبعد ان تقوم الفاشية الاميركية بتسليح عملائها "الاسلاميين!" ايضا بأسلحة الدمار الشامل التاكتيكية، لاستخدامها ضد الجماهير الشعبية الاوروبية والاميركية، اولا لتنفيذ النبوءات الشيطانية لمصاص الدماء الصهيوني هنتنغتون حول "صراع الحضارات"، وثانيا وهو الاهم، من اجل فرض حالة الرعب والهستيريا على شعوب اوروبا واميركا، بهدف اخضاعها لدكتاتورية الرأسمال الاحتكاري متعدد الجنسية، تماما على الطريقة الهتلرية حينما جرى إحراق الرايخستاغ. ان الحرب وتدمير المجتمعات البشرية، تماما كتدمير البيئة، هي خصائص ملازمة للرأسمالية والامبريالية والصهيونية، التي ـ كقانون طبيعي ـ تنتج حتما الفاشية كشكل وآلية لاجل تحقيق هذه "المهمة" التدميرية. وان الفاشية الاميركية الجديدة ليست خروجا على هذه القاعدة، بل هي تأكيد لها، اكثر فظاظة، واكثر لؤما وحقارة، واكثر خطورة. وهي، عبر اشعالها الحروب المحلية و"حرب الارهاب" وما يسمى "الحرب على الارهاب"، وهي الحروب التي تحمل كل مخاطر التحول الى حرب عالمية شاملة، تطمح الى فرض الهيمنة الحديدية للفاشية على شعوب العالم، والى التخلص من "فائض السكان" النسبي في حسابات اكلة لحوم البشر الامبرياليين، وفلاسفتهم و"انبيائهم" امثال هنتنغتون وبريجنسكي، الذين يدعون الى "صراع الحضارات"، والقس بات روبرتسون، الذي دعا مؤخرا بكل "دمقراطية" الى قتل الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، والذي هو احد اشهر دعاة اليمين الجمهوري المسيحي في اميركا، واقرب المقربين الى الفاشي الصليبي جورج بوش. وفي هذا الظرف التاريخي المفصلي تصبح حاجة ملحة بشكل لا مثيل له دعوة غيورغي ديميتروف الى اقامة جبهة عمالية وشعبية موحدة، على النطاقين الوطني والعالمي، ضد الفاشية الجديدة، "الاميركانيزم" حسب تعبير ديميتروف، وشركائها المكشوفين وغير المكشوفين الصهيونيين والبنلادينيين. جورج حداد (كاتب لبناني مستقل بيان مركز الدراسات الإشتراكية ضد العنصرية (تعليقاً على الكاركاتير الدانيماركي) - Bilal Nabil - 02-12-2006 المفارقات التاريخية الكبرى في الازمنة الحديثة وتحولات المشهد العربي ـ الاسلامي جورج حداد ghaddadbg@hotmail.com الحوار المتمدن - العدد: 1097 - 2005 / 2 / 2 تلقيت من احد المثقفين اليساريين العراقيين (الكثر جدا والحمد لله) رسالة (إيميل) خاصة، موقعة باسم: القارئ سامي اسماعيل الخزرجي، يرد فيها باقتضاب وإجمال على آرائي المعروضة في المقالات التي سبق ونشرت لي في موقع "الحوار المتمدن" (الذي لا ادري ما هي الحكمة من ترجمته بالانكليزية(modern discussion) التي تعني "المناقشة العصرية"). وقد رأيت ان ما ورد في رسالة السيد الخزرجي لا يعبر فقط عن آرائه الشخصية، بل هي تعرض بشكل مكثف الاراء المنتشرة حاليا لدى قطاع واسع من المساحة السياسية التي لا يزال يشغلها اليسار (لا سيما الشيوعي) العراقي، والعربي غير العراقي، في الحياة السياسية العربية. ونظرا للاهمية المصيرية للآراء المعروضة، رأيت من المناسب مناقشتها على الملأ، وأرى أنها تستأهل إجراء مناقشة عامة حولها. وفيما يلي اولا رسالة سامي الخزرجي، بنصها الحرفي: حضرة السيد جورج حداد المحترم، تحية طيبة وبعد، أود كمواطن عراقي أن أعبر لك عن تقديري وإعجابي بمقالاتك التي أقرأها في موقع "الحوار المتمدن"، وأود في هذه الرسالة إبداء بعض الملاحظات حول طروحاتك. إن الإستنتاج الذي خرجت به بعد قراءتي لمقالاتك، هو أنك شخص لا يزال يفكر بطريقة رومانسية ثورية، طريقة لا صلة لها بالواقع العربي/الإسلامي وأزمته الراهنة. والدليل على ذلك هو انك لا تزال تُحمّل الأحزاب المارونية مسؤولية كل ما حصل في لبنان، في حين أن المسؤولية الرئيسية - برأيي- تقع على الفريق اللبناني المقابل والمحيط العربي الإسلامي. إن الأزمة اللبنانية لا تختلف كثيراً عن الأزمة العراقية، وكلاهما إنعكاس لأزمة المجتمعات العربية الإسلامية، وهي الأزمة التي تتلخص في التالي: أولاً- أزمة الإسلام مع مفهوم الدولة الحديثة، هذا المفهوم الذي يقوم على أساس العلمانية والمواطنة، وليس على أساس الدين. ذلك أنه لا يمكن الحديث عن شئ إسمه دولة من دون مواطنة، أي ان كافة المواطنين يجب أن يكونوا متساوين في الحقوق والواجبات، وهذه المساواة لا يمكن تحقيقها من دون تبني العلمانية. الإسلام لا يزال يرفض مبدأ العلمانية، وبالتالي لا نستطيع لوم الموارنة وغيرهم في لبنان على إصرارهم على التمسك بالصيغة الطائفية، وذلك كضمانة لهم من أن لا يصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية ـ أهل ذمة - كما هو الحال مع أقباط مصر. ثانياً- أزمة التركيبة المجتمعية العربية مع مفهوم الدولة الحديثة، وهي التركيبة التي لا تزال تقوم على اساس العصبيات الدينية والطائفية والعشائرية...الخ، الأمر الذي يتعذر معه إنشاء دولة ومجتمع بالمعنى الحقيقي للكلمة. إن المسؤولية الأولى بهذا الخصوص تقع على العرب والمسلمين، ذلك ان العرب كانوا- ولا يزالون - أهل عصائب، هذه العصائب التي أخذت تأخذ شكلا طائفيا بعد الإسلام بعد أن كانت تأخذ شكلا عشائريا وقبليا فقط، قبله. الطائفية والقبلية هما وجهان لعملة واحدة، ألا وهي العصبية، أي نزعة الولاء المطلق والأعمى للجماعة التي ينحدر منها المرء. وها نحن في العراق، ورغم مرور اكثر من 80 سنة على إنشاء الكيان العراقي، إلا أننا لم نتمكن حتى الآن، بسبب الصراع العصبي بين الشيعة والسنة حول السلطة، من إنشاء دولة ومجتمع بالمعنى الحقيقي للكلمة، وهذا هو السبب الرئيسي وراء وقوع العراق تحت الإحتلال. كشخص يساري كنت أفكر بنفس طريقتك عند إندلاع الأزمة اللبنانية، وقد كنت أُؤيد بقوة موقف المقاومة الفلسطينية المتحالفة مع الحركة الوطنية اللبنانية، لكني الآن أعتبر هذا الموقف طفوليا وغير ناضج؛ ذلك أنه لو تمكن الطرف الآخر من هزيمة الطرف الماروني، فإن ذلك كان سيعني لا محالة التمهيد لإقامة الدولة الإسلامية في لبنان. وبهذا الخصوص أود أن أُذكرك بموقف المفكر التونسي، العفيف الأخضر، الذي كان يعيش في حينها في لبنان. لقد كان العفيف الأخضر يعيش في حينها في لبنان، إلا أنه ترك لبنان بسبب إختلافه مع الحركة الوطنية بزعامة كمال جنبلاط حيث انه بنظرته الثاقبة للأمور رأى إن سياسة تلك الحركة القصيرة النظر ستؤدي الى القضاء على الدولة الوحيدة في العالم العربي التي تتمتع ببعض مظاهر الديمقراطية والليبرالية. أعتقد ان الأزمة التي يعيشها العالم العربي الآن، يعطي الطرف الماروني التبرير والحق في الكثير، وليس كل، من مواقفه وطروحاته. أقول ذلك إستناداً الى تجربتنا في العراق، حيث يوجد إحتمال كبير جداً أن تصل القوى الإسلامية الى السلطة، هذه القوى التي بدأت تفرض سيطرتها على الشارع العراقي الآن، كما بدأت تعمل على أسلمة المجتمع العراقي تدريجياً. في الختام، تفضل بقبول وافر عبارات الإحترام والتقدير. مع أطيب التمنيات. القارئ: سامي إسماعيل الخزرجي Sam@zeelandnet.nl XXX وهذا هو ردي: الاخ المحترم سامي الخزرجي اولا علي ان اشكرك على اهتمامك بمقالاتي. وأعرب لك عن احترامي لوجهة نظرك، وإن كنت أخالفك الرأي فيما عرضته ردا علي. وقد رأيت من الضروري ان ارد عليك بالملاحظات التالية، فأرجو ان يتسع صدرك لذلك: الصوت والصدى 1 ـ مهما بدا من الطابع الشخصي والمعاناة الفردية، المعبر عنهما في مثل آرائك، فإنها في الحقيقة ليست آراءً فردية، بل هي للاسف الشديد تشمل قطاعا معينا من اليساريين القدماء، الذين صار من المناسب تسميتهم "يساريين سابقين" او "شيوعيين سابقين" الخ، بما يتخذ طابع تيار فعلي. وقد قوي هذا التيار الارتدادي، او الردّوي، واتسع جدا، بعد انهيار المنظومة السوفياتية وخاصة الاتحاد السوفياتي ذاته، الذي لا يمكن اختزاله في الانهيار السلطوي فقط، حيث ان الانهيار الاخير ما هو الا الخاتمة، او النتيجة المنطقية للانهيار الفكري والسياسي، المتمادي والمتفاقم على امتداد عشرات السنين. ولا يمكن "فهم" الآراء السلبية الصادرة عن هذا التيار "اليساري!!" العربي، بدون فهم منبعه الرئيسي، المتمثل في الانهيار السوفياتي، لا السلطوي والدولوي فحسب، بل اولا واساسا السياسي والفكري. وأول ما يجب لفت النظر اليه هو ان الدعاية المعادية، بمختلف اشكالها، تحاول ان تعزو هذا الانهيار الى ان الرأسمالية، ومن ثم الامبريالية والصهيونية (التي تقرن اقتصاديا باقتصاد السوق والملكية الخاصة و"الحرية التجارية"، وسياسيا بما يسمى "الدمقراطية") قد حققت "الانتصار" على الاشتراكية، التي تقرن بالاقتصاد الموجه والدكتاتورية. وإن "تحديد المفاهيم" حول هذه النقطة بالذات هو ذو اهمية قصوى، وطنية وسياسية راهنة، وليس اهمية نظرية "تاريخية" وحسب. ذلك ان هناك قسما من "اليسار"، ومن "الشيوعيين" بالاخص، يحاولون تمييع هذه المسألة، والتلطي خلف الغموض حولها، لتبرير التخلي عن المبادئ الاشتراكية والماركسية، والاخطر: لخيانة القضية الوطنية والقومية والالتحاق بالركب الاميركي، تحت مختلف الذرائع "السلمية" و"الدمقراطية" و"العلمانية" و"الحضارية". ثورة مضادة 2 ـ ولكنني شخصيا، ومن خلال معايشتي المباشرة لتجربة احد البلدان الاشتراكية السابقة وهو بلغاريا، منذ حوالي نصف قرن، وللحركة الشيوعية العربية منذ اكثر من نصف قرن، فأنا من القائلين بأن مثل هذا التفسير هو قسري، اعتباطي، وحيد الجانب وغير موضوعي، وأن تجربة قيام وانحراف وسقوط "الاشتراكية السوفياتية"، التي كلفت الانسانية المعذبة، انهارا من الدماء والدموع، وضياع الجهد الخلاق لاجيال واجيال من البشر، ولشعوب بأسرها، ـ هذه التجربة تحتاج الى "مراجعة تاريخية" شاملة ومعمقة، تتجاوز كثيرا "التعميمات البرقية" الموجزة، المبتسرة، المغرضة، المعادية والاحباطية، التي تفبركها المطابخ الفكرية للامبريالية الاميركانو ـ صهيونية "المنتصرة". واستطرادا، فأنا من القائلين ايضا بأن الانهيار السوفياتي انما تم لا بسبب "فشل الاشتراكية"، بل "بفضل" الخيانة المبدئية، والخيانة الحزبية، والخيانة الوطنية، من قبل الشريحة البيروقراطية شبه الطبقية التي ـ بنتيجة تشوهات النظام "الاشتراكي" السابق ـ كانت تحكم الاتحاد السوفياتي والمنظومة السوفياتية. ان السلبيات الناشئة عن الاخطاء والانحرافات والتشوهات في النظام "الاشتراكي السوفياتي" المنهار، لا تقارن بالسلبيات الكارثية للنظام الرأسمالي المتوحش والاجرامي، الذي عادت الآن شعوب "المنظومة السوفياتية" السابقة لمكابدته. واذا كان بالامكان اعتبار الاخطاء والانحرافات والتشوهات في "النظام الاشتراكي" السابق أمرا "طبيعيا"، فإن معالجتها الذاتية، في مدى تاريخي مقبول، كان من شأنها ايضا ان تكون امرا طبيعيا وضروريا. والجماهير العمالية والشعبية التي سبق وقامت بالثورة الاشتراكية، وبنت النظام الاشتراكي في اصعب الظروف واقساها، كانت قادرة ايضا على تصحيح الاخطاء والانحرافات، مهما كانت. اي ان الانهيار، في هذه الحالة، لم يكن امرا جبريا وقدرا محتوما. ولقد كان هناك "سبق تاريخي"، اذا صح التعبير، بين تجربة التغيير البناء، وبين الخيانة. لكن الخيانة كانت، للاسف، اسبق من التغيير البناء، واستبدلت التغيير بالانهيار والتدمير واعادة الرأسمالية. وقد امكن حدوث ذلك لأن الشريحة البيروقراطية شبه البرجوازية هي التي كانت في مواقع السلطة السياسية والاعلامية والامنية والعسكرية للدولة، وفي قيادة الاحزاب الشيوعية الحاكمة ذاتها. فحينما لم تعد تلك الشريحة قادرة على ان تستمر في الحكم والتسلط في النظام "الاشتراكي" كما كانت تفعل في السابق، واصبح من المفروض عليها ان تجري اصلاحات جذرية في النظام، لمصلحة "حزبها"، و"طبقتها العاملة" التي كانت تحكم بأسمها، و"شعبها" او "شعوبها" التي كانت تضع ثقتها فيها، فإن تلك الشريحة ـ ولاجل الاحتفاظ بمصالحها الطبقية الضيقة ـ رفضت التخلي عن مراكزها لصالح المعارضة الشريفة البناءة، وبالتالي رفضت التخلي عن مصالحها وتسليم مواقعها الامتيازية للجماهير الشعبية المقهورة، مفضلة الانتقال الى الخيانة الموصوفة، بهدف الاستمرار في تأمين تلك المصالح، ولم تتوان عن تسليم "القلعة" السوفياتية الجبارة (التي لم يستطع هتلر نفسه اخذها بالقوة) الى الصهيونية العالمية والاحتكارات الامبريالية العالمية. وبذلك فإن تلك الشريحة ألقت بـ"شعوبها"، عن سابق تصور وتصميم في وهاد الفوضى والنهب والسلب والجريمة المنظمة والتدهور الاقتصادي والخراب والجوع والموت البطيء. والصفة السياسية الوحيدة التي يمكن ان يوصف بها "التغيير" الذي جرى في المنظومة السوفياتية السابقة هو انه كان "انقلابا مضادا" او "ثورة مضادة" بامتياز، نظمتها وقادتها عصابة مرتبطة بالامبريالية والصهيونية، من خلال العمالة المباشرة او من خلال التلاقي العضوي للمصالح. وكان هذا التحول 180 درجة: اولا ـ شرطا حتميا لمعاقبة شعوب المنظومة السوفياتية السابقة، على خيارها السابق للاشتراكية ورغبتها في التغيير التاريخي نحو الافضل. وثانيا ـ مقدمات "ضرورية" لتأمين التراكم الاولي للرأسمال "المجدَّد"، ولاستعادة النظام الرأسمالي من مزبلة التاريخ، واعادة فرضه بالقوة على تلك الشعوب. وهذا يعني ان تلك الشريحة البيروقراطية شبه الطبقية البرجوازية (التي فرخت ونمت في احضان النظام "الاشتراكي" السابق، ضمن اشكال التمييز الذي كانت تتيحه السلطة السياسية واستمرار "الحق البرجوازي" في مرحلة الانتقال من الرأسمالية الى الاشتراكية) قد انتقلت من "الخيانة السرية" للاشتراكية، التي كانت تمارسها خفية في السابق، الى الخيانة العلنية لها، كي تتحول الى "طبقة برجوازية" مكشوفة، او جزء رئيسي من تلك الطبقة، في ظل النظام الرأسمالي "المستعاد" . وقد تم ذلك كله باسم: الحرية والدمقراطية و"حقوق الانسان" (اي انسان؟!)، وفي عملية واسعة جدا من التضليل الاعلامي والخداع للجماهير، التي أوهمت في البداية بأن ما يجري انما هو عملية التغيير المنتظرة نحو الافضل، نحو الاشتراكية الدمقراطية، والاشتراكية ذات الوجه الانساني، وما اشبه. وهذا ما يفسر جزئيا "السلبية" التي اتسمت بها ردة فعل الجماهير الشعبية ـ الضحية، في تلك البلدان، واقتصار المعارضة على اجيال المعمرين والشيوخ و"الشائبين"، الذين سبق وعرفوا الرأسمالية و"محاسنها" في المراحل الماضية. وبسبب ان علة وجودها او مصدر قوتها يكمن في الآلية السلطوية والممارسة البيروقراطية، فإن تلك الشريحة لم تستطع سوى المحافظة على حقارتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السابقة، حتى ضمن النظام الرأسمالي "الجديد"، الذي اشرفت هي نفسها، تحت مختلف المسميات السياسية التي ابتدعتها لنفسها، على اعادته الى بلدان المعسكر السوفياتي السابق. وبالتالي، فان هذه الشريحة ظلت منفصلة و"مغربة" عن قطاع الانتاج، الصناعي والزراعي، وظلت دائرة نشاطها (تماما كالطغمة المالية اليهودية العالمية)، مرتبطة بشكل وثيق بـ"اقتصاد الظل". ومن ثم فقد ظلت محصورة بشكل رئيسي في التوزيع، اي في قطاع المال والتجارة، بالاضافة طبعا الى قطاع الاتصالات والاعلام، المرتبط عضويا بالحراك السياسي والتركيبة البيروقراطية للدولة والمجتمع. وكي تبرئ نفسها من الخيانة، وتبرر الادعاء بأنها كانت "محقة تاريخيا"، عمدت هذه الشريحة الطبقية الطفيلية منذ البداية (مثلها مثل الاشتراكيين ـ الدمقراطيين المزيفين امثال سولانا وبلير وبيريز) الى الالتحاق اكثر فأكثر بركب الهمجية الجديدة، المعادية للانسانية جمعاء، ونعني بها العولمة الاميركية ـ الصهيونية. وهي الان تستخدم نفوذها "الرفاقي" السابق على الاحزاب الشيوعية في "الخارج"، ومنها الحزب الشيوعي العراقي والاحزاب الشيوعية العربية الاخرى اذا امكن، لدفعها ايضا للارتماء في احضان الغزاة الاميركيين، بحجة الاصلاح والدمقراطية وما اشبه من الاكاذيب التي تستخدم على طريقة "حق يراد به باطل". ومن زاوية نظر معينة، ليس من عجب ان نرى اليوم بعض اصحاب البراقع الايديولوجية، الذين ايدوا في السابق نقل "الاشتراكية" بالدبابة الاجنبية (السوفياتية) (التدخل السوفياتي في المجر وتشيكوسولفاكيا، وفي افغانستان)، يؤيدون اليوم نقل "الدمقراطية" بالدبابة الاجنبية (الاميركية هذه المرة) (الاحتلال الاميركي لافغانستان والعراق). وهذا ما يجعل هذه الشريحة "السوفياتية" سابقا، بكل عفشها السياسي و"الفكري" الانهزامي، تضطلع بدور عصا جديدة في عجلة التاريخ. ومن ثم فهي تمثل، بشكل عام، عقبة امام حركة التحرر الوطني والاجتماعي والانساني العالمي. كما تمثل، بشكل خاص، عقبة امام نهوض بلدانها ذاتها من جديد، حتى على قاعدة النظام الرأسمالي، القائم اساسا على الانتاج. وللاسف، مرة اخرى، انه ليس "الشيوعيون السابقون"، وبالاخص تلك الشريحة البيروقراطية، بل الطبقة الرأسمالية الجديدة في البلدان الاشتراكية السابقة، اي الطبقة المرتبطة اساسا بالانتاج على وجه التحديد، هي التي تضطلع اليوم، او هي المؤهلة لان تضطلع، بدور المحور الاجتماعي والوطني والقومي، للوقوف بوجه الغزو (الغزو بكل معنى الكلمة) الامبريالي والصهيوني الغربي. واذا ظلت مفاهيم وقيم الحرية والدمقراطية والعلمانية والمواطنة و"حقوق الانسان"، اشبه شيء بالمماسح و"ورق التواليت"، في ايدي الخونة والشيوعيين والاشتراكيين المزيفين، امثال غورباتشوف وتشيفارنادزه وشمعون بيريز وخافيير سولانا وطوني بلير، وتلامذتهم "النجباء" امثال "المناضل!" و"المثقف!"، "الشيوعي!"، "العراقي!" فخري كريم، فإن هذا سيفتح الطريق من جديد لربط قضية التحرر الوطني والنهضة القومية، بالدكتاتوريات والنزعات المتطرفة والدكتاتورية على مختلف اشكالها السياسية، القومية والدينية. المفارقات التاريخية 3 ـ انطلاقا مما تقدم، يبدو بوضوح عمق الخلاف الراهن مع التيار التحريفي، الذي عبرت رسالة الاخ الخزرجي عن بعض ملامحه. وهذا ما يحتم علينا إلقاء نظرة تحليلية على المفارقات الكبرى في الازمنة الحديثة، التي اصبحت تغيب عن نظر هذا التيار، كي يمكن النظر بواقعية تاريخية الى الواقع العربي ـ الاسلامي الراهن. ومن هذه المفارقات: ـ الرومانسية الثورية. ـ البراغماتية السياسية. ـ "الظاهرة" الاميركية. ـ الدور التاريخي للامة العربية. الرومانسية الثورية والواقع 4 ـ تصفني في رسالتك بأنني "شخص لا يزال يفكر بطريقة رومانسية ثورية، لا صلة لها بالواقع العربي/الاسلامي". من جهتي لا ادري كم انا يمكن اعتباري حقا من الرومانسيين الثوريين. ولكنني في المقابل لا ارى في ذلك اي غضاضة، بل انه ـ اذا كنت حقا كذلك ـ فهو شرف لي ولكل من يشاركني آرائي وهو في مثل وضعي وتجربتي. ولكن المسألة الاهم، التي تتجاوز مختلف الاشخاص، والتي ينبغي النظر فيها بكل جدية هي: هل ان الرومانسية الثورية بذاتها هي نقيصة او "تهمة"؟ واحاول فيما يلي ان اجيب، باسلوبي وعلى قدر استطاعتي، عن هذا السؤال الكبير والحساس: ـ ان تجربة الثورات وانظمة الحكم الاشتراكية، وكذلك تجربة الثورات التحررية وانظمة الحكم "الثورية"، "الوطنية" والتقدمية" في البلدان العربية وغيرها، قد وضعت الرومانسية الثورية في مواجهة تناقض تام او شبه تام مع "متعارضها": البراغماتية السياسية، واستطرادا الاجتماعية ـ الاقتصادية، والعسكرية. فلنناقش هذين المتعارضين: الرومانسية الثورية، والبراغماتية السياسية "الواقعية!". "الفجوة" الحضارية خلال المرحلة الاعلى، الامبريالية، للرأسمالية، نشأت الفجوة الكبيرة، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بين الجماهير والشعوب المظلومة الثائرة في الشرق، وبين الطبقات المالكة والبلدان الاستعمارية والامبريالية الغربية الظالمة التي قامت وتقوم الثورات ضدها. وهذه "الفجوة" هي ابرز معالم "الواقع" التاريخي المعاصر. وهي بالاساس "فجوة" مصطنعة، تتحمل الكولونيالية والامبريالية ذاتها المسؤولية عن نشوئها. ومن سخرية القدر ان الكولونياليين والامبرياليين الغربيين قد استغلوا الى الحد الاقصى هذه "الفجوة الحضارية" التي اوجدوها هم بالذات. ولا ننسى ان كل السياسة التوسعية الاستعمارية كانت تتم تحت شعارات الحضارة والتمدين والتثقيف والتعليم والتبشير. وقد استخدم الاستعمار الصهيوني لفلسطين والاراضي العربية هذه "الخدعة الحضارية" ذاتها، حيث انه يعرض المجتمع العربي كمجتمع قبلي متخلف استبدادي، بمواجهة اسرائيل "الاوروبية" المتمدنة والدمقراطية(!!). وقد تمحور حول هذه "الفجوة" بالذات الصراع بين المتخلفين والمتقدمين. فمن روسيا الى الصين الى فيتنام الى افريقيا الى البلدان العربية، شهد العالم ولا يزال يشهد، شعوبا وجماهير معدمة شبه امية تواجه اعظم وارقى الدول والجيوش الاوروبية والغربية. والمشهد الفلسطيني ـ الاسرائيلي، والعراقي ـ الاميركي، اليوم، يجسد بشكل نموذجي هذه التراجيديا الانسانية. وحتى في ظروف روسيا السوفياتية السابقة والاتحاد السوفياتي السابق، فإن الانتصار السياسي وقيام ما سمي النظام الاشتراكي او السوفياتي، لم يكن يعني بشكل اوتوماتيكي تحقيق اقتصاد متطور يفوق الرأسمالية في المتروبولات الرأسمالية المتقدمة، وهو الامر الذي كان يقتضي تحقيق تراكم للرأسمال (بالمعنى الانساني للثروة الاقتصادية) لا يمكن ان يتم الا بعد اجيال عديدة وفترة تاريخية كافية. وهنا ايضا كان يوجد "فجوة حضارية" (بالمعنى المادي المسطح، اي "الرأسمالي"، لـ"الحضارة!") بين التركيبة الاقتصادية/المجتمعية السوفياتية والتركيبة الاقتصادية/المجتمعية الرأسمالية الغربية، ولا سيما ان الرأسمالية الغربية كان لها "أفضلية" لا تستطيع الاشتراكية مجاراتها فيها، وهي انها ـ اي الرأسمالية الغربية ـ لم تكن ولا هي الان تغتني بـ"حسناتها" و"افضلياتها" ذاتها وحسب، بل انها تغتني اكثر، وبالدرجة الاولى، بـ"سيئاتها" و"نواقصها"، اي بما تقوم به من نهب وسلب للاطراف، وخصوصا للبلدان الشرقية المستعمرة وشبه المستعمرة، عبر تصدير الرساميل والقروض والتجارة الدولية وفرض عملات الدول الرأسمالية الكبرى، ولا سيما العملة الاميركية، كعملة "دولية" تسيطر من خلالها على اقتصادات جميع دول العالم "المتخلف"، الخ الخ. واذا تجردنا جدلا عن السلبيات الخاصة التي رافقت النظام السوفياتي، بدءا من الستالينية، فلا شك ان الجماهير العمالية والشعبية السوفياتية كانت عرضة لضغط معنوي ونفسي وسياسي كبير بسبب وجود هذه "الفجوة" بين الاقتصاد "الاشتراكي" واقتصاد البلدان الرأسمالية المتقدمة، وهي الفجوة الناشئة بالاساس عن التخلف الشديد لروسيا والبلدان الاشتراكية الاخرى، قبل قيام الثورة الاشتراكية في كل منها، بالمقارنة مع البلدان الرأسمالية المتقدمة ولا سيما المتروبولات. ـ فما الذي كان، ولا يزال، يقوم بـ"ردم" او تعويض هذه "الفجوة"، ويدفع الجماهير لتحمل التضحيات الجسام، خلال الثورات وحروب التحرير، بمواجهة دول وجيوش متقدمة اقوى منها بكثير، وكذلك ما الذي كان يدفع جماهير البلدان "الاشتراكية" لتحمل الحرمانات والضغوط المعنوية في نضالها لبناء المجتمعات الاشتراكية وتطوير اقتصادها الوطني "الاشتراكي"؟! برأيي، ان الرومانسية الثورية كانت هي العامل المحرك الرئيسي لجميع حركات النضال والتحرر والتغيير والتقدم، الاجتماعي والوطني والقومي، على مدى مئات السنين الماضية، وفي جميع البلدان بدون استثناء. ويكفي ان نسوق هنا بعض الامثلة التاريخية المعاشة: ـ عند قيام "كومونة باريس" في 1871، وهي اول تجربة ثورة شيوعية في التاريخ العالمي المعاصر، وصفها كارل ماركس ـ من خلال معايشته لها ـ بالقول "ان البروليتاريا الفرنسية كانت تقتحم السماء". وبعد سقوط "الكومونة"، عمدت القوى الرجعية المنتصرة الى الاعدام الفوري لاكثر من ثلاثين الف عامل باريسي اسير. حيث كانت "فرق الموت" تطوف الشوارع وتعتقل المواطنين العاديين، وتطلب منهم فتح ايديهم، فمن رأته ذا يدين مخشوشنتين من العمل استنتجت انه عامل. وبهذه "القرينة التجريمية" بالانتماء الطبقي كانت تعمد الى سوقه الى حائط الاعدام فورا، باعتبار انه "كومونار" (اي مشارك في الكومونة) حتى لو لم يكن فعلا كذلك، لمجرد الشك بأنه عامل. فما الذي كان يحرك هؤلاء العمال والفقراء الباريسيين، الذين لم يكونوا يملكون من حطام الدنيا سوى ايديهم العارية وقبضاتهم المخشوشنة؟! وما هي القوة الدافعة التي كانت تدفعهم "لاقتحام السماء"؟! هل هي حسابات "توازن القوى الستراتيجي"، غير الموجود اصلا، بينهم وبين القوة الاقتصادية/الاجتماعية والاخلاقية/الدينية والسياسية والعسكرية للطبقات المالكة المستبدة؟! ام ان تلك القوة الدافعة كانت تتمثل في: الايمان الانساني البسيط بعدالة قضية الانسان الكادح، امام جبروت الوحش الرأسمالي، الاستغلالي والاحتكاري؟! اي بكلمات اخرى ان تلك القوة لم تكن شيئا آخرا سوى: الرومانسية الثورية!! ـ خلال الحرب العالمية الاولى كان الجيش القيصري الروسي يعد 14 مليون جندي، كانوا في غالبيتهم الساحقة من العمال الفقراء والفلاحين الروس المعدمين والاميين (الذين كانت اوروبا تسخر منهم بلقب: موجيك) الذين ألبسوا على عجل لباس الجندية وزج بهم في أتون تلك الحرب الاستعمارية، بمواجهة قوات المحور الالماني المتفوقة، جيدة التدريب والتسليح. وقد ابيدت جماهير الجنود الروس كالذباب، بالطيران والغازات السامة والدبابات الحديثة، التي مزقتهم وسحقتهم بجنازيرها سحقا وعجنت اشلاءهم مع الوحول في الخنادق. ولم يكن زج الجنود الروس البؤساء في المعارك ـ المجازر، الخاسرة سلفا، سوى نتيجة منطقية للحسابات البراغماتية العنصرية، القائمة على التضحية بالدم الروسي الرخيص، لأجل توفير "الدماء الزرقاء" لقوات "التحالف" الانكليزية والفرنسية والاميركية. ان فلول هذه الجموع الروسية المهزومة والمسحوقة، سيئة التغذية، سيئة اللباس، سيئة التسليح (التي لم يتبق لها من "قيمة" او "قوة" تعتد بها، سوى الشعور الغريزي او الوعي الدفين بـ"انسانيتها") قد ارتدت الى بطرسبرج وموسكو وكل مدينة ودسكرة وقرية في الروسيا القيصرية، وقامت بالثورة الدمقراطية ضد الحكم القيصري في شباط 1917، ومن ثم بالثورة الاشتراكية العظمى في اكتوبر 1917. وهكذا حلت "العشرة الايام التي هزت العالم"(!)، حسب تعبير الصحفي الشيوعي الاميركي جون ريد. ايضا ما هي القوة الدافعة التي مكنت هؤلاء المعدمين من الامساك بزمام التاريخ العالمي، وتغيير وجهته، مرة والى الابد، في الامس والان وبعد الان؟! أليست هي ايضا الرومانسية الثورية؟! ـ بعد إعلان السلطة السوفياتية، غداة انتصار ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى في روسيا، وفي معمعان الصراع المستميت لتحرير شعوب الامبراطورية الروسية السابقة واقامة الاتحاد السوفياتي على انقاضها، تعرضت الدولة السوفياتية الوليدة لحرب التدخل الاستعماري، التي شاركت فيها جيوش 14 دولة اجنبية. ولو اجرينا اي موازنة عقلانية وبراغماتية بين قوة الجمهورية السوفياتية الفتية في 1918، وقوة الدول الاجنبية الـ14 التي هاجمتها، جنبا الى جنب قوة فلول القيصرية وما كان يسمى "الروس البيض"، لخرجنا باستنتاج سريع انه من الجنون واللامعقول مجرد طرح مثل هذه الموازنة. ومع ذلك، فقد انتصرت الرومانسية واللامعقولية، على "الواقع" العقلاني. ـ والشيء ذاته يقال عن الموازنة بين قوة هتلر وموسوليني والهيروهيتو لدى مهاجمة الاتحاد السوفياتي، بالمقارنة مع قوة الاخير. ومع ذلك فإن "الانصار" ـ اي قوات المقاومة الشعبية السوفياتية ـ والجيش الاحمر قد نجحوا في انقاذ الاتحاد السوفياتي واوروبا والعالم بأسره من الوحش النازي، وفي القضاء عليه في عقر داره. الاعجوبة السوفياتية ـ وقد فشلت حرب التدخل الاستعماري ضد الدولة السوفياتية، غداة الثورة، ولكنها اثخنت الدولة الثورية حديثة الولادة بالمزيد من الجراح والدمار والخراب المريع، فوق ما كانت قد خلفته الحرب العالمية والحرب الاهلية. ومع كل هذه التركة الثقيلة، لم تلبث الدولة السوفياتية الفتية ان تعرضت لحربين من نوع آخر: الاولى ـ الارهاب "الابيض"، والتخريب الاقتصادي الداخلي، من قبل الطبقات الاستغلالية الساقطة وانصار النظام القيصري السابق. والثانية ـ الحصار الاقتصادي الخارجي القاتل الذي فرضته الدول الاستعمارية على اختلافها على الدولة السوفياتية المثخنة بالجراح. وقد تسببت هاتين الحربين بانهيار اقتصادي شبه تام في تلك الدولة، وحدثت مجاعة مريعة حصدت الملايين، وعانى منها عشرات الملايين. ومع ذلك، ومن قلب هذا الدمار والاقتصاد المساوي العدم، والجوع والاوبئة والموت الجماعي، قامت اعجوبة بناء الاقتصاد السوفياتي، الذي اصبح بعد حوالى نصف قرن ثاني اكبر اقتصاد في العالم بعد الاقتصاد الاميركي؛ وفوق هذه القاعدة الاقتصادية تم ايضا بناء وتسليح وإطعام وتدريب الجيش الاحمر والقوات السوفياتية المسلحة، التي لولاها لسيطر هتلر لاحقا على كل اوروبا الغربية ومستعمراتها، بما فيها العربية. ولو أتيح لهتلر ان يحطم القوة السوفياتية، لأمكنه السيطرة على المصادر الهائلة للنفط والخامات والمياه والقمح والغذاء في الاتحاد السوفياتي، ولتمكن رومل حينذاك من القيام بما يشبه "النزهة" الى الخليج العربي ـ الفارسي والسيطرة على منابع النفط الرئيسية في العالم. وفي مثل هذا السياق المحتمل للاحداث ما الذي كان يقف في وجه هتلر من ان يقوم، بين الهزل والجد، بسحق الجيوش الاميركية "المدللة" الآتية من وراء المحيط، وبعزل الدولة الاميركية نفسها وتهديدها ومن ثم ضربها في عقر دارها. في مثل تلك الدولة "الاشتراكية" الجديدة المفلسة والمتخلفة، ماذا كانت القوة الدافعة لتلك الجموع، من انصاف الجياع، لابسي الاسمال وانصاف العراة، كي تعمل في اقسى الظروف الطبيعية، وحتى في اثناء الشتاءات الروسية القاسية، وبدرجات حرارة تصل الى الخمسين تحت الصفر، وتقوم بشق الطرقات ومد سكك الحديد، وحفر المناجم، وبناء الاحواض الاصطناعية ومحطات توليد الكهرباء والمعامل والمصانع والمزارع والمرافئ وصروح العلم والتعليم والمستشفيات الخ الخ، ومن ثم ان تجترح الاعجوبة الاقتصادية السوفياتية؟! هل كان عند تلك الجموع مشروع مارشال كما كان في اوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، او حريري وسوليدير وسنيورة، كما كان في لبنان بعد حربه المشؤومة؟! او هل كان عندها حسابات "الحوافز المادية" لخروشوف؟! او حسابات "اقتصاد السوق" و"الانفتاح الاقتصادي" و"التجارة الحرة" و"لوائح شروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي" و"العلاج بالصدمة" وما اشبه ذلك من الحسابات "الواقعية" البراغماتية لغورباتشوف؟! ام ان القوة الدافعة لتلك الجموع لم تكن ايضا سوى الرومانسية الثورية لدى الانسان "السوفياتي" العادي الذي ـ مثله مثل اي انسان آخر ـ كان يطمح لأن يلبس افضل، ويأكل افضل، ويكون له مسكن افضل، الخ الخ، ولكنه في الوقت نفسه كان يدرك تماما انه اولا ـ كإنسان ـ هو "شيء" جوهري مختلف، اعظم واثمن واهم من كل مأكل وملبس ومسكن، وانه اذا فقد هذا الجوهر الانساني، يتحول الى بهيمة، وينطبق عليه قول السيد المسيح "ماذا ينفع الانسان، لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟!". وبالرغم من كل نكران الجميل الذي يقابل به اليوم الشعب الروسي العظيم، وبقية شعوب الاتحاد السوفياتي السابق، بحجة الموقف النقدي من الستالينية والبيروقراطية، اللتين كانت الشعوب السوفياتية ذاتها اولى ضحاياهما، لا بد من التذكير ان الاقتصاد السوفياتي هو الذي اضطلع، ولعشرات السنين، بدور القاعدة الاقتصادية التي قدمت ما لا يحصى من المساعدات الاخوية لشعوب اوروبا الشرقية، وللبلدان المتحررة حديثا من الاستعمار القديم، وللتدريب والتسليح شبه المجاني لجيوش تلك البلدان، من اجل تعزيز استقلالها الوطني. ويمكن القول ان الاتحاد السوفياتي، وفي الحساب الاخير المواطن ـ الكادح السوفياتي، كان موضع استغلال وابتزاز على هذا الصعيد. ومثال البلدان العربية هو مثال صارخ. وللذين يعتقدون، عن حسن نية: "انه قد قضي الامر! وان الاشتراكية قد ذهبت الى الابد! وان دور روسيا السوفياتية قد انتهى!"، ارى من المناسب ان اقدم الملاحظة التالية: ان التاريخ ليس لعبة تسلية، وليس من شيء أساسي وجوهري يذهب سدى او يـُنسى! ان جماجم عشرات ملايين الهنود الحمر الذين قامت الولايات المتحدة الاميركية فوق عظامهم ستظل تمور تحت التراب، حتى تزعزع هذا الكيان الظالم. وان الانسان "الرومانسي"، الذي جسده السوفياتي الاول اذا صح هذا التعبير، هو الذي اجترح المعجزة السوفياتية، الاقتصادية وغير الاقتصادية. ولا يغير في هذه الحقيقة ان هذه الاعجوبة قد شوهتها، ثم دمرتها، فيما بعد "الواقعية" البراغماتية للسلطة "السوفياتية!!"، الستالينية وما بعدها!! وفي ظروف الانهيار السوفياتي الراهن، فإنه يبدو ظاهريا ان هذا الانسان السوفياتي "الرومانسي" العملاق قد غاب عن الساحة. ولكن الواقع ان هذا "الانسان التاريخي" قد غاب عن الروزنامة الراهنة، ولكنه لم يغب من التاريخ. ولهذا فهو حتما "لم يمت"، وهو لا يزال يقبع، "نائما" نوما عميقا، في "الضمير المستتر" لشعوب الاتحاد السوفياتي السابق، ولا سيما الشعب الروسي، هذا الشعب الاورو ـ آسيوي العظيم، الذي قدم اعظم ما قدم للانسانية في تاريخها المعاصر، بمأثرتيه: الثورة الاشتراكية والقضاء على النازية والعنصرية. وهذا "الانسان التاريخي" سيستيقظ حتما في لحظة تاريخية نوعية مفاجئة، لن تستطيع التقاطها اجهزة المخابرات الغربية، بكل كومبيوتراتها وتقنياتها المتطورة وجيوش جواسيسها، لسبب بسيط هو ان هذه الاجهزة نفسها ليست شيئا آخر سوى نتاج للحسابات "الواقعية" البراغماتية، المرتبطة بالحاضر والماضي، وهي غريبة تماما عن ان تفهم جوهر الانسان الحقيقي، لانها مشدودة الى المحافظة على "الستاتيكو" القائم، وعاجزة من ثم عن ان يكون لها اي دور حقيقي في سبر أغوار الانسان واستشراف المستقبل الانساني. من واقعنا العربي/الاسلامي ونأتي الى بعض امثلة من واقعنا العربي البائس والاسود: ـ في بعض قراءاتي لاحد الادباء المصريين، الذين عايشوا الاحتلال الانكليزي لمصر، وللاسف انه لا يخطر على بالي اسمه الان، انه كان يسمع كثيرا على لسان المواطنين العاديين المصريين عبارة "معليش"، ولم يستطع ان يلتقط معناها تماما. ويروي الكاتب انه في احد الايام وقعت امامه حادثة "عادية" و"بسيطة" وهي ان احد الجنود او الضباط الانكليز المحتلين ارتكب مظلمة، صفع او شيء من هذا القبيل، بحق مواطن مصري بسيط. فما كان من المواطن المغلوب على امره الا ان نظر مغتاظا الى الانكليزي وهو يدمدم: "معليش". ويقول الكاتب: في هذه اللحظة ادركت تماما معنى كلمة "معليش"!!، التي تضمر الرغبة في الانتقام، في اللحظة والشكل المناسبين، ضمن الامكانات الضعيفة والمفاهيم "المتخلفة"، ولكن بالارادة الحرة، لذلك المواطن البسيط! ـ واذا تجردنا عن الجانب الفقهي والديني واللاهوتي، الذي ليس هو موضوعنا من قريب او بعيد، واخذنا فقط الجانب "الواقعي" والحياتي المعاش: النفسي والسياسي والاقتصادي والعسكري الخ، في تحليل الصيحة الاسلامية الكلاسيكية، ونعني بها صيحة "الله اكبر!" (طبعا ليس صيحة امثال الدكتاتور المجرم و"المسلم" المنافق صدام حسين، بل صيحة المجاهدين الشرفاء والجماهير الشعبية الاسلامية المسحوقة) لوجدنا انها تكثف بشكل خاص تلك الرومانسية الثورية، التي تتولى بامتياز ردم "الفجوة" بين الامكانيات الهائلة لقوة الاعداء، على كل الاصعدة، بالحسابات الجامدة والبراغماتية الباردة، وبين الامكانيات المتواضعة للثوار والجماهير الشعبية العربية والاسلامية الفقيرة، ولكن الذين يمتلكون من قوة الارادة وروح التضحية ما يجعلهم قادرين على اجتراح المعجزات بابسط الامكانيات. وماذا يضير، في هذه الحالة، اذا كان بعض المجاهدين المؤمنين يعتقدون جازمين في قرارة نفوسهم ان جندا سماويا وجبريل وطيورا ابابيل تقاتل الى جانبهم ضد الامبريالية والصهيونية العالمية؟! ـ واخيرا وليس آخرا، مثال "واقعي" متكرر، نكاد نشاهده او نشاهد مثله كل يوم على الفضائيات العربية وغير العربية: أم فلسطينية تبكي ولدها الشهيد ذا الست او السبع او العشر سنوات، الذي أطلقت عليه الدبابة الاسرائيلية نيران رشاشاتها، مانعة رجال الاسعاف من الاقتراب من جثمانه المصاب، وتركته ينزف حتى الموت. وتندب تلك الام الثكلى ابنها الطفل الشهيد وهي، بين الدمعة الحرى والاخرى، تتفاخر: "يا نور عيني، كان يروح كل يوم "ليرمي" مع اترابه، قبل ان يذهب الى المدرسة، او بعد ان يعود منها" (اي انه كان يروح، فيما يشبه الفرض المدرسي اليومي، ليرمي بيده الطفولية الحجارة الصغيرة على الدبابات الاسرائيلية الهائلة، التي تقتحم كل يوم مخيم اللاجئين الذي يعيش فيه، ذلك المخيم البائس بكل المقاييس، الذي تعافه الحيوانات ذاتها، والذي يتكدس في امثاله ملايين اللاجئين الفلسطينيين منذ عشرات السنين). ان هذا الطفل الشهيد لا يختلف بشيء عن اي طفل فلسطيني وعراقي وعربي عادي. وان هذه الام التي كانت تبارك طفلها وهو يذهب لـ"الرمي"، ثم تتفاخر به شهيدا، هي ايضا لا تختلف بشيء عن اي ام فلسطينية وعراقية وعربية عادية. فما هي القوة التي كانت تدفع هذا الطفل الفلسطيني الشهيد ليذهب كل يوم ويمارس هذه الرياضة الروحية/الجسدية الخطرة، اي مطاردة الدبابات الاسرائيلية و"رمي" الحجارة عليها، معرضا نفسه، مع كل خطوة، للموت المؤكد على ايدي الصهاينة ـ هتلريي العصر؟! وما هي القوة الدافعة لأمه الثكلى، والارجح الارملة، والمعدمة، التي تحتار كيف ستطعم بقية اولادها الصغار، في المواجهة المصيرية مع الآلة الوحشية الجبارة، العسكرية والسياسية والمالية والاعلامية، لاميركا واسرائيل؟! هل هذه القوة هي قوة الحسابات البراغماتية، التي تسلحت بها انظمتنا العربية "الوطنية والتقدمية" بمواجهة اسرائيل، والتي بها افقرت شعوبنا، واستأسدت عليها، وطغت وبغت واستبدت، بمثل ما تفعل اسرائيل بالشعب الفلسطيني وربما اكثر؛ ونعني بها حسابات "التوازن الستراتيجي" وبقاء او عدم بقاء "السلطة الوطنية والتقدمية" و"انصاف آلهتها" ومارشالاتها، وقصورها ومنافعها وخيراتها المنظورة وغير المنظورة؟! ام ان هذه القوة هي الشعور المتراكم، في قرارة نفوس اطفالنا الابرياء انفسهم، بالحقد المقدس على الظلم اللاانساني، والشوق للانتقام لدم الاخوة والآباء والاقرباء والاصدقاء الذين سقطوا شهداء، والحلم بحياة افضل؟! وهو ما ينبع من صلب الرومانسية الثورية التي تحولت الى قوة كامنة فطرية حتى لدى اجيالنا الصاعدة. ان هذه الظاهرة تخرج عن قدرة استيعاب "انصاف آلهتنا"، الذين لم يعودوا يفقهون شيئا خارج الحسابات البراغماتية، التي لا يمكن، من الجهة المقابلة، ان تفهمها شعوبنا ولا حتى اطفالنا؟! وهنا نسال: ان الامبريالية العالمية الاميركانو ـ صهيونية تمتلك افظع جيوش العالم، وافتك و"ارقى" الاسلحة، وجيوشا جرارة من الخبراء والاعلاميين العملاء والمخططين الستراتيجيين، على كل الاصعدة، بأمرتهم اعقد الكومبيوترات وارقى التكنولوجيا العلمية والمعلوماتية. فهل هذه الجيوش والخبرات والتكنولوجيا هي الاقوى، ام هذا الطفل الشهيد البريء، الذي يروح "ليرمي" قبل وبعد ان يذهب الى المدرسة؟! في رأيي، واظن في رأيك ورأي اي وطني عاقل ايضا، ان تلك الجيوش والقوى الغاشمة انما هي قوة وحشية جبارة، تستطيع ان تقتل وتدمر على اوسع نطاق، ولكنها لا تستطيع ان تقدم اي شيء ايجابي للانسانية المعذبة، التي لا تحتاج الى المزيد من القتل والدمار والعذاب والظلم، بل الى التحرر من القوى الغاشمة والظالمة، ايا كانت، وعلى رأسها الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية. ولهذا، فإن هذه القوة هي محكومة بالهزيمة، لانها قوة رجعية تشد التاريخ الى الوراء، وتدافع، بكل "واقعية" براغماتية، عن واقع مرفوض انسانيا، وهو الى زوال تاريخيا. ولذلك فقد اصبحت فعلا "نمرا من ورق" يمكن ان يخيف الحكام والجنرالات المتسلطين، ولكنه لا يخيف حتى اطفالنا انفسهم. اما ذلك الطفل، ببريق الامل المظفر والفرح الصافي في عينيه العربيتين، وهو يصيب الدبابة الاسرائيلية بحجره، فهو الاقوى، لانه ـ وبدون ان يجري اي "حسابات" براغماتية لا يفهمها اصلا!! ـ هو الذي يدافع عن الوجود الكريم والمستقبل العتيد المرجو للانسانية المعذبة، كل الانسانية، وهو الذي يعبر موضوعيا عن الحتمية التاريخية لسقوط جميع انظمة الظلم والاستغلال والاستبداد والاحتلال والاستعمار والامبريالية!! هذه هي الرومانسية الثورية، بشكل خاص، والرومانسية الانسانية بشكل عام، كما افهمها انا على الاقل! وجهان للواقعية والسؤال هو: كيف امكن ويمكن لهذه الرومانسية "اللاعقلانية" و"اللاواقعية" ان تتفوق على الحسابات "العقلانية" و"الواقعية" للبراغماتية السياسية؟ لقد كان هذا السؤال مطروحا بشدة بالامس. اما الآن، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، واستفراد اميركا والامبريالية الاميركانو – صهيونية بمركز القطب العالمي الاوحد، فإن السؤال نفسه اصبح مطروحا بشدة لا مثيل لها في السابق. واعتقد ان مقاربة الجواب تكمن في التالي: ان الافكار، كل الافكار، من اكثرها واقعية الى اكثرها رومانسية وطوباوية، هي في الاساس ظاهرة نوعية معنوية، غير مشيأة، بمواجهة الظاهرة المادية الملموسة للاشياء. ولكن حين يصبح لأي فكرة "جمهورها"، الذي يتبناها ويعمل لتحقيقها، فإن هذه الفكرة تتحول الى "قوة مادية" تقاس بقوة حضور وفعل "الجمهور الخاص" المؤمن بتلك الفكرة. وتثبت التجربة التاريخية ان "الجمهور" (بمعنى الجماعة الفاعلة من الناس) هو "قوة مادية حية وعاقلة" تتفوق على "القوة المادية الميتة، السكونية، والغريزية، للطبيعة والاشياء والحيوانات". وبمقدار ما إن بعض الافكار والايديولوجيات، وفي مراحل تاريخية معينة، تعبر، مواربة او مباشرة، عن الضرورة التاريخية، بعكس "الوقائع" والمعطيات المادية التي تعاكس تلك الضرورة، فإن مثل هذه الافكار، متى تبنتها الجماهير الشعبية الواسعة، التي هي ـ في الحساب الاخير ـ صانعة التاريخ، تتحول الى "قوة مادية" واقعية، لا تستطيع ان تقف امامها اي قوة اخرى. وهذه، باختصار، هي "حكاية" (= رومان، بالفرنسية، التي تشتق منها عبارة: رومانسية) المسيحية مع الطغمة العليا اليهودية والامبراطورية الرومانية، و"حكاية" الاسلام مع الاريستوقراطية العشائرية في الجاهلية والامبراطوريتين الفارسية والبيزنطية، و"حكاية" الثورات الاشتراكية وحركات التحرير الوطني المعاصرة مع الامبراطوريات الرأسمالية، الكولونيالية والامبريالية، في العصور الحديثة. ولبعض "اليساريين" و"التقدميين" و"الدمقراطيين" وخاصة "الشيوعيين" الذين ينذهلون، وينبطحون، الان امام اميركا، نقول: ان اميركا، وبمقدار ما هي جزء من هذا العالم، فإن كل غنى وخبث الصهيونية، وكل عجائبية "يهوه" او اي عجائبية اخرى "يهودو ـ مسيحية" يتلطى خلفها جورج بوش وامثاله، وكل الجبروت الاقتصادي والعسكري للدولة الاميركية، لن تجعل من اميركا استثناء في التاريخ البشري، طالما ان البشر انفسهم، كل البشر لا الاميركيين والصهاينة فقط، هم الذين يصنعون التاريخ الفعلي، الواقعي، وإن بمعتقدات وهمية احيانا كثيرة، وبحوافز "رومانسية" في اغلب او في كل الاحيان. البراغماتية السياسية 5 ـ تعزى البراغماتية بشكل خاص الى الاميركيين. وربما كانت البراغماتية "اكتشافا" اميركيا، ولكنها ليست بأية حال "اختراعا" اميركيا. فهي ـ اي البراغماتية ـ كانت على الدوام الاساس الفكري والعملاني، المصلحي، لكل قوة قائمة وسلطة سائدة. واذا اخذنا اي مرحلة تاريخية على حدة، نجد انه يوجد دائما قوة قائمة وسلطة سائدة لهما الغلبة والتفوق، بالمنطق والمفاهيم البراغماتية. ولكن اذا نظرنا الى التاريخ في حركته الدائمة، الصاعدة، نجد ان القوى المتسلطة جميعا، وبالرغم من تفوقها بالحسابات الواقعية المادية المباشرة، تؤول الى الهزيمة والزوال، امام قوة الافكار والحركات "الرومانسية" اللاواقعية. ونكتفي بالوقوف عند المثالين الرئيسيين التاليين: أ ـ ان كل الامبراطوريات الجبارة الظالمة، التي قامت في التاريخ، كانت تمتلك كل مقومات القوة، حتى في لحظات زوالها بالذات، ومع ذلك فهي جميعا قد زالت، مفسحة المجال، بهذا الشكل او ذاك، للافكار الجديدة، و"الاحلام" واحيانا "الاوهام" كي تشق طريقها الى ارض الواقع. ب ـ ان القوى الثورية، الاشتراكية والتقدمية والدمقراطية والتحررية الوطنية، قد انتصرت، وجاءت الى السلطة، بقوة "الرومانسية الثورية"، ومن خارج الحسابات "الواقعية" المبتذلة للبراغماتية السياسية، بما فيها الحسابات البراغماتية لقيادات، او بعض قيادات، تلك القوى ذاتها. ولكن خلال وجودها في السلطة اخذت تلك القوى تنحرف عن جادة الصواب، وتنغمس في مستنقع البراغماتية والحسابات المادية "الواقعية". ونجد هنا ان كل الانحرافات، والارتكابات، والهزائم، التي وقعت في البلدان الاشتراكية، وفي ما كان او لا يزال يسمى انظمة الحكم الوطنية والتقدمية في البلدان العربية (بدءا من الستالينية و"نقيضها" الخروشوفية والغورباتشوفية، مرورا بالناصرية والقذافية والاسدية، وصولا الى الحكم الصدامي الاسود في العراق) كانت سببا جوهريا في ما آلت اليه بلدان المعسكر السوفياتي السابق، والبلدان العربية عامة، وذات الانظمة "الوطنية والتقدمية" خاصة. وقد حدث كل ذلك لان قيادات الاحزاب الشيوعية والوطنية والقومية والتقدمية الحاكمة، وبتأثير مغريات السلطة، قد تخلت عن النقاء الثوري الاولي، وما سميناه الرومانسية الثورية، وانغمست ـ وبالاصح غرقت ـ في منافع السلطة والحسابات البراغماتية المصلحية، التي انتجت انظمة الحكم الدكتاتورية الرهيبة، من جهة، وفتحت الطريق للخيانة المستورة والمكشوفة، من جهة اخرى. ولا بأس من التذكير ببعض الامثلة الواقعية، التي تكشف بلا رحمة درامية هذا المسار: # ان ابن ستالين، الذي كان ضابطا في الجيش الاحمر ووقع اسيرا لدى الالمان، قد اندفع للانتحار المتعمد في معسكر الاعتقال النازي، والقى بنفسه على السياج الشائك، مستفزا الحرس كي يطلقوا عليه النار. وهو فضل الموت على هذه الصورة، لأنه اخذ يعاني من "عقدة" معاملته المميزة بوصفه ابن الزعيم السوفياتي. وهذه التضحية تدل على رواسب وطنيته الروسية وقناعاته الشيوعية الاولية، وهذا فخر له. ولكن ذلك لا يغير بيان مركز الدراسات الإشتراكية ضد العنصرية (تعليقاً على الكاركاتير الدانيماركي) - Beautiful Mind - 02-12-2006 معلش يعني .. لو فيها إساءة أدب مني ... ؟ هو الموضوع بيتكلم عن ايه بالظبط ... ؟ :?: بدا لي أنك أنك تبرهن على قدرتك في لصق المواضيع .. لا مشاكل في اللصق و لكن ألصق ما له علاقة بالموضوع .. ما كل هذا الكلام عن الحركة الصهيونية و الإمبريالية العالمية و الإستعمار الأمريكي الفاشي الجديد و تاريخ الشيوعيون في المنطقة و .. و ... أيوة أيوة ... كلام جميل و كل حاجة .. بس أنا نسيت الموضوع الأصلي .. هوه كان عن الكاريكاتيرات تقريبا أو حاجة زي كده ؟ أنا مش فاكر بجد ... أرجو أن تمتعني برأيك في الموضوع. (للأسف أنا لا أصدق كل هذا الهجس اليساري عن الإمبريالية و لا كل الهجس الإسلامي عن الصهيونية :rolleyes: .. في أحيان كاثيرة أجد نقاط إلتقاء عديدة بين الأيدلوجيتين ) و سلام يا بلال. بيان مركز الدراسات الإشتراكية ضد العنصرية (تعليقاً على الكاركاتير الدانيماركي) - Logikal - 02-12-2006 [QUOTE]ان المشاعر الحقيقة لمن يسموهم بـ" المسلمين" في بلدان مثل العراق وايران والسودان وغيرها يداس عليها وتسحق الف مرة ومرة يومياً من قبل الحكومات الدينية الاسلامية. حقوق المراة، حقوق الاطفال، حقوق الشباب، حق العمال في التنظيم وحياة معيشية لائقة يداس عليها الف مرة يومياً في البلدان المبتلاة بالاسلام. ان يرددوا كالببغاء، مثل الاسلاميين بالضبط، ان "مقدسات المسلمين" قد ثلمت فهو التفاهة بعينها :9: بيان مركز الدراسات الإشتراكية ضد العنصرية (تعليقاً على الكاركاتير الدانيماركي) - Arabia Felix - 02-12-2006 صح وحياتكم.. مثال بسيط.. النساء في اليمن خرجن في تظاهرة جماهيرية.. كلها سوداء.. واصواتهم بترقع بلا إلله إلا الله.. هل فكرن يومياً أنهن أكثر من منداسات في قانون أحوالهن الشخصية (العائلة)!!! هل قرأن يوما القانون الذي يخاطبهن بـ: تزوج الصغيرة.. الزواج بولاية.. الولاية للعصبة من الذكور.. أن تكون صالحة للوطء.. القوامة للرجل.. لا تحل النفقة للزوجة إذا امتنعت عن الانتقال إلى مكان عمل زوجها.. وغيره وغيره مما يشيب له الولدان.. خرفان نحن يعني.. :rose: بيان مركز الدراسات الإشتراكية ضد العنصرية (تعليقاً على الكاركاتير الدانيماركي) - روزا لوكسمبرج - 02-12-2006 اقتباس: Beautiful Mind كتب/كتبت هذا على أساس أن كلامك غير مترابط ويناقض نفسه ولا يعكس إلا جهلاً مضحكاً!! أما ردي على "الشرشحة" اللي من نوعية باسلامة ياكتاكيت وهاهاهعععع و يابو السلاطين, فيبدو لي انها محاولة منك لإستفزازي, لا أعلم لماذا؟؟!! فأنت تصفق لي كلما تحدثت عن إضطهاد الأقباط, لكنك لا تخجل من إتهامي بلإزدواجية والإنتهازية السياسية إذا ما دافعت عن موقف مبدئي ضد العنصرية أياً كان مصدرها. عموماً, أنت من حقك أن تعبر عن نفسك بما يناسبك, فإذا كان الكلام من تلك العينة الظاهرة في مشاركتك الأخيرة, فلا بأس, لأن كل إناء ينضح بما فيه.. تحياتي للجميع ولي عودة روزا بيان مركز الدراسات الإشتراكية ضد العنصرية (تعليقاً على الكاركاتير الدانيماركي) - Beautiful Mind - 02-12-2006 اقتباس: روزا لوكسمبرج كتب/كتبت طب ليه كده بس ... هوه أنا عملت حاجة ؟ كلامي غير مترابط و يناقض نفسه و لا يعكس إلا جهلا مضحكا ... (كويس إنه بيضحك مش بيبكي). شكرا يا ستي على كل حاجة ... بس خلي بالك إن أنا مكلمتكيش بطريقة مش كويسة ... و بعدين طريقة الهروب من الكلام ديه مش حلوة .. ايه يعني إطلاق كلام في الهوا و اتهامات بلا دليل. تقدري ببساطة تتجاهلي مداخلاتي لو مش عارفه تردي أو مالكيش مزاج أما حكاية غير مترابط و و يناقض نفسه و الكلام عن الجهل فكده تبقى وسعت منك ... مرة تانية لو تعرفي تحددي لي فين هيه التناقضات و اللاترابط اللي بتقولي عليهم ابقي وريهوملي .. ثم إنني لم يحدث و صفقت لكي من قبل .. على العموم يصعب عليك أن تريني أصفق إلا بإستخدام أنيميشن .. مجرد أننا اتفقنا في موضوع أو إثنين لا يستدعي أن أصفق .. و لا إختلافنا أيضا يستدعي شيئا .. طبعا حين يكون المرء ماركسيا فإن تفسيره لكل ظواهر العالم مرده إلي المؤامرة الإمبريالية و الرأسمالية المتوحشة و ما إلي آخر هذة الترهات .. مفهوم .. أنت قدمت نفسك كماركسية و كماركسية تتكلمين ... لا مشاكل. و لكن في هذا الموضوع تتكلمين كهاجر أو مسلمة او ... واحد إخوانجي. برضه براحتك ... ياكش تقولي الشهادة و انا مالي. لكن من حقي أستغرب و أقولك إن ده مختلف عن الخط اللي قلتي إنه بيعبر عنك. المسألة ليست إنك حين تقولين كلاما يعجبني أصفق و العكس .. كلامي واضح و أنتي تتهربين لأنك لا تملكين ردا .. هكذا ببساطة .. برضه مفيش مشاكل .. لكن و أنت تتهربين لا تحاولي الأذية في الكلام. يعني بلاش حكاية "جهلا مضحكا" ... و "الشرشحة" و برضه بلاش كلام عن المبادئ قوي يعني .. علشان زي مابقولك كده (( يصعب على ماركسي صادق أن يتخذ موقفا كمساندة همج يتقاتلون من أجل كاريكاتير ... أمال لو كانوا عملوا تمثال كانوا عملوا ايه ؟!! :?: ثم إني لم أتهمك بالإزدواجية و لا الإنتهازية .. مش عشان عيب يعني لا سمح الله .. يعني أنا مش بكلم الأم تريزا مثلا و لا حاجة .. يعني لو انا شايف حاجة هاقولك صدقيني مش هاخاف منك .. مش تقوليلي " لا تخجل من اتهامي بالإنتهازية السياسية shame on you" و لا لما بتقولي " إتهامك الضمني لي بلإنتهازية السياسية ولن أرد عليه لأن إتهامك لا يرتقي لمستوى أن أجهد نفسي بالرد عليه " بتحسسيني إنك إله مثلا (منزهه يعني) .. غير وارد بالمرة إن تأتي منك العيبة ياسلام .. على فكرة الإتهامات سهلة جدا هيا حكاية .. اتهم و انا في مكاني كده و منغير تعب و ببلاش كمان. و لكني لم أقولها لأنني أعتقد إنني فاهم سبب موقفك .. و قلت ذلك و قلت السبب الذي فهمته. أما عن هاهع و يا بو السلاطين اللي إنتي شايفه إني كنت بستفزك بيهم (لا أعرف ما المستفز فيهم و لا دافعي لإستفزازك .. الإستفزاز الوحيد الذي حاولته هو دفعك للرد بدلا من الهروب) هو مشهد من مسرحية العيال كبرت ... لما أحمد ذكي كان بيكلم سعيد صالح علشان أبوهم هيسيب البيت فقاله إنه مش فاهم منه حاجة, زي ما قلتيلي كده. رديت عليكي بنفس الرد .. ماعجبكيش ... خسارة. على العموم يا ستي انا هاسيبلك الموضوع .. عشان برضه تبقي براحتك. و مش هاضيقك تاني كمان .. يلا هيصي. و لكي مني تلك (f) سلام. |