حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
تصــــدع العالم . - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: تصــــدع العالم . (/showthread.php?tid=7414) |
تصــــدع العالم . - بهجت - 02-04-2008 قرمطي . مرحبا بك . يا أخ قرمطي .. المادة العلمية المعروضة هي مادة موضوعية ، فليس لدي أي مفهوم خاص للدولة القومية خارج ما يعرفه المجتمع الدولي و يدرسه الساسة في العالم كله ، فقط ربما تبدوا بعض المفاهيم السياسية غير مألوفة لدينا نتيجة أن مفاتيحها موجودة في التاريخ الأوروبي ،و الإنسان يميل غريزيا إلى اسقاط الحاضر بكل متلازماته و أبنيته و نماذجه على الماضي ، كما يميل الأصوليون إلى العكس تماما . لو دققتا في نموذج الدولة القومية nation state بشكلها القياسي سنجد أنها شكل خاص من الدول أو الكيانات السياسية ، و قد نشأت بهدف توفير إقليم جغرافي ذي سيادة لقومية بذاتها ، و تستمد الدولة القومية مشروعيتها من دورها و ليس من أي مصادر غيبية أو مقدسة ، و الدولة القومية تعريفيا عبارة عن إقليم جغرافي تنطبق حدوده مع حدود إنتشار قومية إثنية أو ثقافية محددة ، وهذه الخاصية تميز الدولة القومية عن غيرها من الدول التي سبقتها تاريخيا كالإمبراطورياتempires مثل الإمبراطوريات الإسلامية التي ذكرتها أو الإمبراطوريات الرومانية و البيزنطية ،و حديثا كانت معظم أوروبا في القرن 18 مكونة من إمبراطوريات مثل الإمبراطورية البريطانية و النمساوية- الهنغارية و الروسية و العثمانية ، و هناك أيضا المدينة - الدولةCity-state ،و كانت شائعة في العصور القديمة و الوسيطة مثل أثينا و اسبرطة ثم جنوا و البندقية و... الخ ، كما أن هناك أيضا ما يسمى الدول دون القومية sub-national level و بقي منها حتى الآن بعض تلك الكيانات مثل ليختنشتين و موناكو و أندورا و سان مارينو و مدينة الفاتيكان ، و النموذج القياسي للدولة القومية هي التي يعيش فيها مواطنون يتقاسمون لغة و ثقافة و قيما مشتركة ، كما يقوم العالم الحديث على حق مثل تلك الدول في تقرير المصير و التسيير الذاتي ،و تقوم الدول على قوميات أو أيديولوجيات معلنة ، و لم يكن الحال نفسه في الدول التاريخية السابقة كما هو واضح ، و يستخدم تعبير الدولة القومية حاليا في العلوم السياسية لوصف الدول حتى لو لم تنطبق الحدود الجغرافية مع الإنتشار الجغرافي للقوميات ، وهناك حالات بعينها تنطبق تلك الحدود مع هامش بسيط من الهجرات من و إلى الدولة ، بينما هناك كثير من الدول لا يتوفر لها أي تجانس قومي أو ثقافي ،و لكنها تشكلت ضمن تسويات سياسية معينة كيوغسلافيا و تشيكوسلوفاكيا و كلاهما تفتت إلى دول قومية ، أما النقاش حول ما إذا كانت القومية أسبق أو تالية للدولة القومية فهذه القضية موضوع لجدل كبير بين المفكرين السياسيين أنفسهم . و ترتبط فكرة الدولة القومية بصعود نظام الدولة الحديثة ، و تسمى عادة بنظام و ستيفاليا نسبة إلى اتفاقية وستفاليا Westphalia عام 1648 م ،و التي أشرت إليها سابقا . قرمطي .. ثق أنه ليس هناك سفسطة من أي نوع ، فالشروط التي تحدثت عنها لقيام الدولة ( الحديثة ) هي شروط معروفة ،و يدرسها جميع دارسي العلوم السياسية ، و هناك إختلاف – كالعادة- بين المدارس المختلفة في تحديد بعض تلك الشروط ،و لكن هناك اتفاق تام على الشروط الأساسية ، كالحيز الجغرافي – السياسي geopolitical أو الحدود ، و السيادة ، و احتكار العنف ، و المركزية ، أما التفرقة بين العام و الخاص فهو شرط هام لبناء الدولة العصرية ، فالدين شان خاص و نقله إلى دائرة الإلزام العام يحل ببناء الدولة و يشوهها ، كذلك تحويل الملكيات العامة مثل الثروة النفطية إلى ملكية خاصة يؤدي لنفس النتيجة .أما عن الحاجة لدرجة معينة من النمو السياسي فنلمس كلنا أهمية هذا الشرط في المنطقة العربية التي تفتقد هذا النمو بشكل عام . إن نموذج الدولة القومية تم تعميمه على العالم كله حتى على المجتمعات التي لا تشارك الغرب تاريخه و جذوره و مستواه الحضاري كالمجتمعات الإفريقية و الإسلامية ، و لكن بعض من تلك المجتمعات تأقلمت و عدلت أوضاعها لتلائم نموذج الدولة القومية و بنسب مختلفة بالطبع ، بينما هناك مجتمعات فشلت في ذلك و يطلق عليها تعريف محدد هو الدول الفاشلة failed or collapsed states .، مثل هذه الدول هي التي لا تستطيع القيام بالواجبات الأساسية للدولة مثل التعليم و الأمن و السيطرة على أقاليم الدولة ،و يكون هذا الفشل عادة نتيجة العنف الطائفي كالعراق أو الفقر الشديد كالصومال و السودان ، هذا الفشل لا يكون لأسباب داخلية بالضرورة بل ربما يكون لأسباب خارجية ، وقد يكون ذلك خلال التدخل العسكري المباشر مثل التدخل الأمريكي في العراق، او عن طريق إشعال الصراعات الطائفية و المشاركة فيها مثل التدخلات الوهابية و الأصولية الشيعية في العراق و لبنان أيضا . تصــــدع العالم . - القرمطي - 02-06-2008 تحية طيبة الذي تقصده يا زميلي العزيز الدولة البرجوازية الحديثة والذي اغلب الاكاديميين يستخدون مرادف القومية للتعبير عنها ، انا اكره الهروب من واقعية النص، الدولة الحيثة دولة برجوازية بغض النظر عن موقفنا منه وتعبير القومية ما هو الا تعبير مصطنع فالدولة الامريكية لا تملك قومية تركز في التعبير عنها ولا تشخيصها او تميزها .. الدولة الفرنسية تمتد الى ما وراء( حدودها الطبيعية!!!) التاريخية .... فالدولة الحديثة هو الدولة البرجوازية واضمحلال هذه الدولة معناه اضمحلال المفهوم البرجوازي للدولة ... اما المسالة اليوغسلافية ، فالجميع يعرف بانه تجاوز تاريخي لا بد من تعديله اي انها من مخلفات الحرب الباردة ونحن نعرف بان بنهاية الحرب الباردة رسم خارطة اوروبا من جديد والدولة اليوغسلافية تدخل في هذا الاطار ...... والامر نفسه ينطبق على التشيك تصــــدع العالم . - بهجت - 02-11-2008 الأخ قرمطي . تحية طيبة . فضلت التريث في الرد قليلا حتى أعطي فرصة لنمو شريط آخر هو ( كيف يصنعون الأزمنة المعاصر؟) ، فكلا الشريطين مرتبطان بشكل ما . يا عزيزي .. دعنا ننظر للأمر بهدوء بعيدا عن الخطاب الإيديولوجي ، فالعالم يتغير ولم تعد الأدبيات الماركسية تعني الكثير إن كانت تعني شيئا في العالم الواقعي ، فالدولة لا يمكن مثلا وصفها بالبرجوازية طالما لا يوجد عمليا نموذج مغاير للدولة ، إن تعبير الدولة القومية ظهر قبل ظهور الولايات المتحدة بسنوات طويلة ، و علينا أن نعرف أن نموذج الدولة القومية هو نموذج قياسي standered ، و بالتالي فهناك الكثير من الحيود عنه كغيره من النماذج القياسية ، أما إذا كنت ترفض استخدام بعض التعبيرات الخاصة بالعلوم السياسية وفقا لقناعاتك فستكون وحيدا ترفض لغة يستخدمها الجميع . في العلوم السياسية كما وضحت يستخدم تعبير الدولة القومية لمعظم الدول ذات السيادة ، حتى تلك التي لا تنطبق حدودها السياسية مع الحدود العرقية ، فالبرتغال مثلا ينظر إليها كدولة قومية ، فالبرتغاليون كأمة يشغلون نفس الجيز الجغرافي منذ 900 سنة ، هذا بالرغم أن الشعب البرتغالي يستمد أصوله العرقية من شعوب مختلفة مثل الكلت و شعوب رومانية و جرمانية عديدة كالسيوبSuebi وVisigoths ، و أيضا رغم أن العرب احتلوا جنوب البرتغال لمدة 500 سنة كما امتلكت البرتغال إمبراطورية استعمارية كبيرة لمدة 500 سنة أخرى ، بصرف النظر عن كل هذا ينظر إلى البرتغال كدولة قومية nation state ، في المقابل هناك أيضا ايسلندا مثلا فهي تمتلك ثقافة و لغة خاصة بها و لا توجد هجرات كبيرة متبادلة بينها و بين جيرانها ، رغم هذا فالشعب يشترك في أصوله العرقية مع الشعوب الإسكندنافية الأخرى ، بالرغم من تلك الحقيقة فأيسلندا نموذج للدولة القومية ، بل نموذج قوي لها . اليابان أيضا نموذج قوي للدولة القومية رغم أنها تحتوي على أقليات عرقية عديدة و كبيرة مثل الكوريين و الصينيين و الفليبنيين و أقلية محلية قديمة هي الأينو ، بل أكثر من ذلك فدولة مثل سويسرا ينظر إليها أيضا كدولة قومية لها نفس الهوية الدولية و التاريخ القومي و حتى البطل القومي التقليدي ، رغم أنها عبارة عن كونفيدرالية مكونة من 4 كنتونات ، لكل منها لغتها القومية يمكننا أن نستمر في هذا السرد طويلا ، أكثر من ذلك فكثير من الصراعات نجمت عن عدم تطابق القوميات مع الحدود السياسية لأن كل قومية تعتبر أنها في حاجة إلى دولة كي تمارس حياتها الطبيعية ، لدينا مشكلة الأكراد مثلا ، و هناك أيضا بلجيكا التي تعتبر مثالا تقليديا للدولة القومية المتنازع عليها ، هذا لا يمنع من وجود دولا قومية لها أرض مستقلة في أوروبا مثل الدينمارك ، بل لعله من المثير للتأمل أن أمة بارزة في أوروبا مثل فرنسا لم تكن أبدا قومية واحدة ،و لكنها أمة صنعتها الدولة الفرنسية ، فعندما قامت الثورة الفرنسية عام 1789 كان هناك 12% فقط يتحدثون الفرنسية بفصاحة بينما كان هناك نصف الشعب فقط يتحدثون بعضا من الفرنسية ، و لم يكن الحال أفضل في ألمانيا .. تصــــدع العالم . - بهجت - 02-15-2008 كيف سيواجه العالم مشاكله ؟. هناك دراسات عديدة تستشرف مستقبل العالم في ضوء التحولات و المصاعب التي يواجهها النظام الدولي حاليا ، وربما يكون مفيدا أن نستعرض بعض تلك الأفكار . أولا : السيناريو المتشائم ( التخريب) The malign scenario. هو السيناريو الذي تتدهور فيه الأمور بحيث يتصاعد الإتجاه نحو زيادة الدول الفاشلة بشكل كبير ، و هي التي تبلغ حاليا في أدق التقديرات الدولية (10) دولة ، منها 3 دول عربية هي السودان و العراق و الصومال و هناك أيضا 6 دول إفريقية هي زيمبابوي و تشاد و ساحل العاج و جمهورية الكونغو الديمقراطية و غينيا ووسط إفريقيا بالإضافة إلى أفغانستان ، و هناك أيضا دول تحوطها مخاطر الفشل مثل لبنان و باكستان وسيريلانكا و بنجلاديش و اليمن وربما المزيد من الدول العربية ، هذه الزيادة تعني المزيد من المشاكل في التبادلات التجارية و التوقف عن خدمة الديون و الزيادة في المناطق التي توفر المأوى للإرهاب و إنتشار أسلحة التدمير الشامل و إمكانية وقوع تلك الأسلحة تحت سيطرة حكومات متعصبة كما هو حادث في إسرائيل أو جماعات متطرفة كما يمكن أن يحدث في باكستان ، و هذا الإتجاه سيزيد من المخاطر التي تهدد الدول المجاورة خاصة تلك التي تعاني من نفس المشاكل مثل حالة ( غزة - مصر ) و ( السودان - مصر ) ، كما تؤدي ظاهرة الفشل إلى زيادة كبيرة في الهجرة الدولية خاصة إلى الغرب ،و هذه الهجرة الجديدة ستؤدي تلقائيا إلى مصاعب للمهاجرين الموجودين بالفعل ، كما تهدد تلك الظاهرة الشعوب في الغرب بسبب إنتشار الإرهاب و الجريمة و بؤر الأمراض المستوطنة مثل إيبولا و سارس Ebola or Sars ، و تمثل غرب إفريقيا نموذجا تقليديا لكل ذلك ، كما ستسوء العلاقات بين أمريكا و أوروبا بسبب تباين السياسات خاصة مع وجود دول قريبة من مراكز الفشل الدولي مثل دول جنوب أوروبا المجاورة لمنطقة الشرق الأوسط ، هذا التوتر في العلاقات سيمنع وجود إجماع حول خطط إنقاذ للدول الفاشلة و النقص في تمويل تلك الخطط . ثانيا : السيناريو المتفائل ( التعمير)The benign scenario. لا يمكن استبعاد هذا البديل كلية ، فالفشل ليس بالضرورة مصير الدول التي كانت في دائرة الخطر في مرحلة ما ، و لدينا أمثلة على دول كانت في دائرة الخطر و لكنها عبرت تلك الدائرة بسلام مثل الأرجنتين و إندونسيا و تايلاند و حتى هناك دول إفريقية كانت تعد دولا فاشلة مثل أوغندا و موزمبيق تمكنت من تجاوز تلك الحالة ، ووفقا لهذا السيناريو سيمكن إيقاف التدهور في بعض الدول التي تواجه الخطر ، و سيمكن أيضا مساعدة بعض الدول الفاشلة لتعود مرة أخرى إلى النظام الدولي ، و لكن هذا السيناريو لن يمكن تحقيقه دون تعديلات حقيقية في النظام الدولي ، و دون توقف الدول الغنية خاصة الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي عن حماية منتجاتها الزراعية على حساب منتجات الدول الفقيرة في الجنوب ، و أيضا ضرورة توفير التمويل لمشروعات تنموية كبيرة ربما تصل إلى أكثر من تريليون دولار ، و السماح بعودة الحماية الجمركية لدول الجنوب ولمدة لا تقل عن 25 عام ، كما يجب وضع نظام أكثر إحكاما للسيطرة على السلاح النووي و الكيماوي لا يستثني أحدا مثل إسرائيل ، وفقا لهذا السيناريو سيمكن القضاء على الإرهاب خاصة الإسلامي ليس عن طريق القوة المجردة فقط بل أساسا عن طريق إزالة أسبابه المحورية ، و هذا يمكن تحقيقه خلال حل سريع للمشكلة الفلسطينية و الخروج من العراق و التفاهم بين الغرب و إيران و السيطرة على منابع الإرهاب في السعودية بالتعاون مع حكومتها . ثالثا : السيناريو الكولونيالي The recolonization scenario. طبقا لهذا السيناريو لن يمكن إيقاف التدهور المتزايد في النظام الدولي بدون سياسة تدخلية واسعة تمارسها دول الشمال الغنية ، من أجل وضع الدول الفاشلة على المسار الصحيح مرة أخرى ، و من نماذج هذا السيناريو السياسات التدخلية الحالية في كوسوفو ، سيراليون ، تشاد ، كوت دي فوار ،أفغانستان و العراق ، هذه السياسة كما هو واضح لها جوانبها الخطيرة ، فالكثيرون سيرونها عودة جديدة لكولونيالية القرن 19 ، خاصة مع افتقاد الثقة في مصداقية الغرب في منطقة ملتهبة بالمشاكل مثل الشرق الأوسط . هناك بالفعل تصورات تطرح الآن مثل ( مشاركة السيادة shared sovereignty) ، التي تتم عن طريق التفاوض مع السكان المحليين ، وهذه السياسة تمارسها الولايات المتحدة مع القبائل السنية في العراق ( صحوة العشائر ) ، هذا الإتجاه سيكون ارتدادا كبيرا عن فكرة السيادة للدول النامية و التي تبلورت خاصة بعد عام 1945 ، و معها سيظهر من جديد أشكال من التدخلات مثل الوصاية و الحماية ، هذا أيضا يستلزم استخدام القوة المسلحة بشكل جديد مختلف عن الحروب القديمة أو قوات حفظ السلام و المساعدات الإنسانية كما هو حادث في السودان و جنوب لبنان الآن . تصــــدع العالم . - قطقط - 02-15-2008 مافيش حاجة عن المهدى ؟ تصــــدع العالم . - بهجت - 02-16-2008 مافيش حاجة عن المهدى .............................................................. الأخ قطقط . ربما تبدوا مداخلتك ساخرة و حتى غريبة عن جدية الموضوع و منهجية الطرح و حتى ( سماجة الطرح ) ، و لكني سأتوقف عندها لأنها تعبر عن الوجه الآخر من التل .. الغيبوبة الفكرية و الأصوليات الدينية . هناك بالفعل عودة ملحة للخطاب القداسي إلى الحياة السياسية ، و هذه الظاهرة ليست مقتصرة على الشيعة كما يبدوا من تعليقك و لكنها شائعة بين متبعي الأديان السامية الثلاث ، و بالرغم من كثافة الخطاب الشيعي المقدس إلا أنه لم يكن بداية عودة المقدس إلى خطاب السياسة الدولية ، بل كانت البداية أقدم عهدا مع نشوء الدولة العبرية التي قامت على أساس وعد إله سامي قديم عبده اليهود ضمن آلهة عديدة ( ألوهيم ) يدعى إيل ، و سبق أن أفردت شريطا خاصا لظاهرة عودة الخطاب المقدس بعنوان (عودة (المقدس) ., حوار في السياسة الدولية) . هنـــــــــــــــــا من المؤلم أنه بينما يجد العالم حولنا بحثا عن مشاكله و طرحا للحلول ، نهرب في منطقتنا البائسة إلى الخرافات و الوعود الميتافيزيقية المعطلة للفكر ، فهناك اليهود الورعون الذين ينتظرون ظهور المسيح و هناك المسيحيون الأصوليون الذين ينتظرون عودته ، و الشيعة لا يرضون عن المهدي المنتظر بديلا ، و لكن الأصوليون السنة ينتظرون السفياني و المهدي و المسيح جميعا . إن البلاهة السائدة وصلت إلى الحد أنهم يقرأون بشارات الوصول الموعودة في مباريات كرة القدم أو ملامح هذا أو ذاك من الساسة المخرفين ، بل بعضهم يؤكد أن النبي محمد خاطبه مباشرة و أخبره أنه أرسل المهدي بالفعل و ربما حجزته الدوائر الجمركية في مطار ما ، و الجميع حولنا يعدون أنفسهم لإستقبال تلك الشخصيات الكرتونية ، فالبعض يبني قاعدة نووية صاروخية تكون تحت إمرة المهدي في إخضاع المخالفين متمنيا أن يموت بين يديه في حروبه التي لن تنتهي سوى بتدمير 6 مليار إنسان ، بينما في إسرائيل يعدون الهيكل الذي سيسكنه يهوه ليعيش وسط شعبه الوفي مرة أخرى ، و نعلم جميعا أن هذا الإله المسكين غادر مقره الرسمي مذعورا إلى السماء السابعة بعد أن حطمه البابليون قساة القلوب ، هؤلاء الناس لن يثنيهم ما نؤكده لهم "أنه لا يوجد أحد من أولئك المنتظرين موجود على قوائم الحجز في شركات الطيران العالمية" ،و لكن من يحفل بتذاكر الطائرات ؟. . تصــــدع العالم . - قطقط - 02-17-2008 الأخ بهجت كويس إنك أخذت المداخلة بجدية لأن الموضوع جدى فعلاً صدام حاول يتصدى للمد الشيعى ، والحوادث تقول إنهم إنتصروا أيضاً فى العراق ، وتحت يديهم ثروة بترولية كبيرة وموضوعهم جاهز وهم منتظرين هذه اللحظة من زمان ، لكن السنة ليست لديهم خطة إعادة الخلافة وموضوع إسرائيل أيضاً جدى ومهم أعتقد إنه بمجرد الإنسحاب الأمريكى سيظهر المهدى وسيدير المعركة ضد إسرائيل تصــــدع العالم . - بهجت - 02-17-2008 Array الأخ بهجت كويس إنك أخذت المداخلة بجدية لأن الموضوع جدى فعلاً صدام حاول يتصدى للمد الشيعى ، والحوادث تقول إنهم إنتصروا أيضاً فى العراق ، وتحت يديهم ثروة بترولية كبيرة وموضوعهم جاهز وهم منتظرين هذه اللحظة من زمان ، لكن السنة ليست لديهم خطة إعادة الخلافة وموضوع إسرائيل أيضاً جدى ومهم أعتقد إنه بمجرد الإنسحاب الأمريكى سيظهر المهدى وسيدير المعركة ضد إسرائيل [/quote] ..................... الأخ قطقط .:97: لا أميل إلى إطلاق التنبؤات السياسية البعيدة ، ودائما أنتقد أولئك المتنبئين الذين تحفل بهم الفضائيات العربية ، فهم يتعاملون مع السياسة كما لو كانت نوعا من الشعوذة ، إننا كبشر نميل بشكل يكاد يكون غريزيا إلى ما يسمى الإسقاط ، وهو يعني أننا نتصور أن التاريخ ينهج منهجا عقلانيا و أن المستقبل سيعكس الماضي القريب و يكون إمتدادا له ، ولكن هناك وجهات نظر أكثر تعقيدا عن المستقبل ، ترى أنه يسير في منحنيات تغير مسارها باستمرار و هذا رأي فيلسوف معروف هو ( فيتجنشتاين) ، وهذا هو ما أراه أيضا فالتاريخ كما أعتقد ليس سلسلة من الحتميات يمكننا التنبؤ بها ،و لكنه منتج بشري عصي على التوقع ، و ستجد أن السيناريوهات التي عرضتها في نهاية الشريط هي نوع من المسارات المنطقية في المدى المرئي و ليست ضربا من الإلهام و الحدس السياسي الذي يدعيه كتابنا ولا يتحقق قط . هناك بالفعل نوع من الهوس الديني في دوائر المحافظين الإيرانيين ، وهم يأخذون التنيؤات الدينية بقرب عودة المهدي المنتظر مأخذ الجد ، و عندما أسمع أحمدي نجاد أعتقد أنه مختل القوى العقلية و لا يصلح لتولي قيادة أسرته و ليس قيادة دولة بحجم إيران و ماضيها الحضاري المجيد ، هؤلاء الناس المتهوسون يمتلكون السلطة في طهران بالفعل و هم أيضا على وشك إمتلاك السلاح النووي ،و بالتالي فاحتمال الحرب النووية لن تكون بعيدة لو سارات الأمور في مساراتها الحالية ، بل لا أعرف كيف يمكن تجنب تلك الحرب لو استمر الإصلاحيون خارج السلطة ،و رفضت أمريكا إمتلاك إيران للسلاح النووي و هذا السلاح هو هدف ديني مقدس في إيران الآن ، رغم ذلك فالحرب يمكن تجنبها دائما ،و هناك شواهد تاريخية تؤكد أن الإيرانيين براجماتيون و يعرفون كيف يتوقفون في الدقائق الخمس الأخيرة ، أما أمريكا فكثيرا ما وصلت إلى تسويات مع أعدائها ،و لن يكون مفاجئا أن تسمح للإيرانيين بإمتلاك سلاح نووي محدود دون أن يعلنوا عنه في مقابل خدمات أمنية فعالة في العراق !. إسرائيل لن تجديها الآلهة كلها شيئا ، فالجغرافيا تخنقها و التاريخ يكرهها !.إن مشكلة إسرائيل لا أراها هامة أو معقدة كما يبدوا ، فدولة تراها بصعوبة على الخريطة لا يمكن ان تكون شيئا كبيرا ، هي فقط كبيرة طالما بقى العرب في غيبوبة ،و هي لن تطول كثيرا ،و قتها سترضي إسرائيل بدورها الطبيعي كدولة صغيرة ألقت بها الحظوظ المعاكسة في منطقة مضطربة :mellow: . تصــــدع العالم . - بهجت - 02-19-2009 أصدقائي الأعزاء . هذا مقال للدكتور عبد المنعم سعيد في صحيفة الشرق الأوسط عدد 18 فبراير 2009 ، و المقال له علاقة مباشرة بهذا الشريط الذي طرحته منذ فترة ، حيث يثريه خاصة في البيانات الإحصائية عن منطقة الشرق الأوسط ،و الموضوع مطروح لمناقشة الزملاء .. سواء الشريط كله أو المقال الأخير ..و لنا عودة . الدولة العربية الحديثة أولا؟! منذ فترة ليست بعيدة، كشفت دراسة «جماعة الرؤية الإستراتيجية» بتمويل من حزب العدالة والتنمية في تركيا، ووزارة الخارجية التركية، ووزارة الخارجية النرويجية، والمؤسسة القطرية، عن أن: [ كلفة النزاع في الشرق الأوسط خلال العشرين عاما الماضية بلغت 12 تريليون دولار. وقبل ذلك في عام 1995 نشر مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية في القاهرة دراسة عن الصراعات في الشرق الأوسط، تقول إن سكان المنطقة الذين يبلغون 8% من سكان العالم عرفوا 25% من صراعاته خلال الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، وبتكلفة تسليح فقط بلغت 1.5 تريليون دولار، وبعدد من الضحايا بلغوا ثلاثة ملايين نسمة، ومن اللاجئين والنازحين وصلوا إلى 14 مليون نسمة. مثل هذه الدراسات تحتاج إلى مزيد من الشرح لمفاهيمها والأسس التي قامت عليها، فضلا عن تقدير تكلفة الفرص البديلة التي كان ممكنا أن تغير من مصير المنطقة كلها؛ وطبقا لما جاء في الدراسة الأولى فإن تحقيق السلام في المنطقة بالتزامن مع تطبيق سياسات اقتصادية سليمة سوف يؤدي إلى نسبة نمو قد تصل إلى 8% سنويا لدى بعض الدول. وتعالوا نتخيل، ولو لحظة، كيف كان سيكون حال المنطقة والعالم العربي خاصة إذا ما نجح عدد من دوله في تحقيق هذا المعدل من النمو ولعقدين متتاليين؟! فساعتها ربما كنا قد حصلنا على ذلك الفارق ما بين الدول «النامية» والدول «المتقدمة». وربما كان اللافت للنظر في هذه الدراسات كلها أن الصراع العربي – الإسرائيلي – وهو الذي يقفز إلى الذهن فور الحديث عن نزاعات الشرق الأوسط - ليس أعلى الصراعات في المنطقة تكلفة سواء من حيث التكاليف المادية أو البشرية. وربما كانت الحرب العراقية - الإيرانية خلال الثمانينيات هي الأعلى في الكلفة، أما الحرب الأهلية في السودان فكانت الأكثر فداحة من حيث الضحايا، ومن يظن أن مقتل 1300 فلسطيني ومعهم 5000 جريح كان مجزرة في حرب غزة الأخيرة، فإن عليه أن يبحث عن كلمة أخرى ليصف بها مقتل 300 ألف من أهل دارفور، بجوار مئات الألوف من الجرحى ومعهم أكثر من مليون من اللاجئين. والخلاصة التي تهمنا من كل ذلك، هو أننا إزاء إقليم صراعي بامتياز ليس فقط بين العرب وجيرانهم من الفرس والإسرائيليين، بل أيضا بين الدول العربية ذاتها، وداخل كل دولة عربية على حدة، حيث كانت الحروب الأهلية في السودان ولبنان واليمن والجزائر والصومال والعراق هي الأعلى دموية وتكلفة. ومن المدهش أنه رغم هذه الحالة البائسة، فإن هناك قليلا من الدراسات التي حاولت البحث عن أسباب هذه الظاهرة، بل وأسباب الهروب من دراستها. ومن المؤكد أن هناك أسبابا كثيرة لهذه الحالة، ولكن واحدا منها يستحق التفكير وهو العجز الدائم للدولة العربية من ناحية عن إدارة الصراعات داخلها، ومن ناحية أخرى عجزها عن إدارة الصراعات الإقليمية المختلفة، بحيث يجري عليها ما جرى في أوروبا وآسيا وأمريكا الجنوبية حيث سكتت المدافع وانتهت الحروب والأزمات، ولم يبق هناك إلا العمل من أجل التنمية، والدخول في مجالات المنافسة العالمية المختلفة اقتصاديا وتكنولوجيا وحتى قيميا وثقافيا أيضا، فضلا عن السير على مسارات مختلفة للمشاركة السياسية في صنع القرار السياسي في البلاد. وهكذا فإن حجر الزاوية في مواجهة الصراعات الإقليمية، وتحقيق التنمية الداخلية، يوجد في الأساس داخل الدولة الحالية، وبالذات الدولة العربية التي تجاذبتها تيارات الاعتدال والراديكالية لكي تصل بها أحيانا إلى الحرب الأهلية أو حافتها، أو تستبدل الحرب بدرجات مختلفة من التحكم والاستبداد. مثل هذا الحل الأخير ليس طويل المدى أو له طبيعة أبدية، وعلى الأرجح فإنه سوف يكون عرضة للانفجار عندما تتلاقى عوامل الأزمات الإقليمية مع ظروف تراجع اقتصادية في لحظات من البؤس السياسي وغياب الحكمة. وإذا كان هناك سمة أساسية، بجوار الصراعات المختلفة، للمنطقة العربية، فهي ذلك التوتر الدائم الذي يجري ما بين الذين يحاولون الحفاظ على الأمر الواقع، والتقاليد القائمة، والدولة الموروثة من عهد الاستقلال، وبين هؤلاء الذين يريدون الثورة والفورة وقلب كل الأمور الإقليمية وحتى العالمية رأسا على عقب. وسواء حدث ذلك تحت راية الثورة العالمية كما حاول الماركسيون العرب، أو الثورة العربية كما حاول القوميون، أو الثورة الإسلامية كما تحاول جماعات أصولية وراديكالية إسلامية خلال السنوات الأخيرة، فإن التحدي كان راجعا في الأساس إلى عجز الدولة العربية القائمة عن القيام بمهامها في التنمية الداخلية وتحقيق الاستقرار الإقليمي. وفي أحيان كثيرة كانت الدولة العربية مضطرة إلى مجاراة القوى الراديكالية المختلفة في خطابها الثورى، لأنها ببساطة لم يكن لديها بديل فكري جاهز للتعامل مع أوضاع مركبة ومعقدة. لقد طالبنا في مقالات كثيرة سابقة بأنه ليس كافيا للدولة العربية أن تكون «معتدلة» أو ساعية نحو التنمية والسلام وسلامة شعوبها، وإنما لا بد وأن يتم ذلك من خلال عملية إصلاحية واسعة، قد تكون تدريجية، ولكنها في النهاية تسعى سعيا حثيثا لتغيير ما هو قائم، لأن ما هو قائم لم يعد ملائما لا للعصر، ولا للتغيرات الديموغرافية الجارية في البلدان العربية المختلفة. وببساطة فإنه لم يعد هناك بد من بناء الدولة العربية «الحديثة» والتي بدونها لن يوجد مجال إلا لتيارات رجعية أو مغرقة في محافظتها، أو لتيارات راديكالية من أنواع مختلفة قادت بلادها والمنطقة إلى التخلف والاحتلال الأجنبي والتقسيم والحروب الأهلية. وحتى تكون الأمور واضحة فإن الدولة «الحديثة» هي الدولة القادرة على جذب كل أطرافها إلى قلبها، وليس مهما هنا عما إذا كان التنظيم الإداري أو السياسي للدولة مركزيا أو فيدراليا، وإنما المهم أن تصل الدولة بمواصلاتها وأمنها وعملتها وعملياتها الإنتاجية وأسواقها الاستهلاكية إلى كل أطراف الدولة. ولمن يقرأ عن دولة مثل سويسرا فإنه سوف يظن أنها أكثر الدول المفككة في العالم، ولكنها في الحقيقة أشدها التحاما واندماجا واتحادا بسبب تلك العلاقة العضوية بين الكانتونات المختلفة في اللغة والتقاليد. وللأسف فإن كثيرا من الدول العربية تدور حول العاصمة أو عددا محدودا من الحواضر بعيدا عن عملية الاندماج الوطني، وتبقي في كل الأحوال الصحاري فاصلة بين المناطق والأقاليم، حيث تتكون «قوميات» محلية وعشائرية يتم استغلالها من عناصر راديكالية أو حتى من قبل قوى خارجية. وما تعانيه الصومال والسودان والعراق واليمن الآن كان راجعا في جوهره إلى عجز الدولة الوطنية عن «اختراق» جماعاتها وأقاليمها وعشائرها، بحيث أصبح جزءا من جماعة وطنية واحدة. ولعل جزءا من عملية الاختراق هذه قيام الدولة كلها على المؤسسات، وكما تحل البنوك محل الأفراد، في القيام بالعمليات المالية والاقتصادية، فإن المؤسسات القائمة على قواعد واضحة وعادلة هي التي تحل محل الأفراد والقبائل في تنظيم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية. فكرة المؤسسات هذه لا ترتبط بالدولة الديمقراطية بالضرورة، ولكنها تخلق المقدمة الطبيعية لها، وتنضج الشروط المهمة لوجودها حينما يسود القانون والمساواة تحت ظله، بحيث تدار الدولة وفق قواعد موضوعية وليست شخصانية. قد يكون كل ذلك عودة إلى البديهيات، ولكن ربما كانت العودة إلى البديهيات هي ما نحتاج إليه، بحيث إن التعليم وزيادة كفاءة الدولة التنفيذية، وقيام الدولة التنموية محل الدولة الأمنية السائدة، وباختصار قيام الدولة الحديثة العصرية، سوف يكون المقدمة الطبيعية لدول مستقرة تستطيع العمل من أجل إقليم مستقر. وبصراحة فإن تنامي، وتعاقب، الحركات الراديكالية والثورية في العالم العربي، والكوارث التي قادت إليها كما وضح في دول عربية شتى لم يكن راجعا فقط للحيوية التي تمتعت بها هذه الحركات، وقدرتها على طرح أحلام رومانسية، وإنما لأن الخيرين في الدولة العربية أبقوا أحوالها على حالها، وفي كثير من الأحيان تصوروا التغيير لا يزيد على أمور مالية أو اقتصادية يتم ترجمتها في مزيد من البنية الأساسية ذات الواجهات اللامعة. لقد آن الأوان لتغيير كل ذلك، أو انتظروا أزمات قادمة كثيرة!!. RE: تصــــدع العالم . - بهجت - 09-02-2009 مقال آخر للدكتور عبد المنعم سعيد له علاقة وثيقة بالموضوع المطروح . نظرة على خطر الدول العربية الفاشلة؟. عبد المنعم سعيد الشرق الأوسط – 2/9/2009 . للدول في العالم أوصاف متعددة، بعضها إيجابي مثل الدول الصناعية ـ الجديدة أو القديمة ـ والبازغة والنمور والفهود، والديمقراطيات الناشئة، وكلها تشير إلى حالة من العنفوان والقوة والتوجه نحو حالة من التقدم الاقتصادي أو السياسي. وخلال العقود القليلة الماضية انطبقت هذه الأوصاف على عدد من الدول في شرق وجنوب شرق آسيا، وأميركا الجنوبية، وشرق أوروبا، أو باختصار تلك الدول التي انطلقت نحو «اللحاق» بعالم المتقدمين في العالم بعد انتهاء الحرب الباردة. وضمن هذا الإطار كانت الصين والهند دائما حالة خاصة، فكلاهما يشهد حالة قوة من الاندفاع نحو التقدم، وبينما تحمي الديمقراطية واحدة منها، فإن سيطرة الحزب الشيوعي بدت وكأنها الحارس على أكبر عملية للتحول الرأسمالي في التاريخ!. ولكن للدول أوصافا أخرى سلبية، كان منها مؤخرا دول معسكر الشر، والدول المارقة، وتلك المناصرة للإرهاب، وكان لكل هذه الأوصاف والتسميات أثقال وانحيازات سياسية صكتها ظروف وأحوال. ما يهمنا هنا وصف جديد شاع مؤخرا ربما يكون له أهمية كبيرة بالنسبة لمنطقتنا وهو «الدول الفاشلة»، ويعني تلك الدول التي لا يمكنها السيطرة على أراضيها، وعادة ما تلجأ إلى استخدام القوة، وتعجز حكوماتها عن اتخاذ قرارات مهمة، بقدر ما تعجز عن التأثير في حياة الناس أو اتجاه الأحداث، أو تقديم الخدمات الأساسية لمواطنيها، مع انتشار الجريمة والفساد. مثل هذه «الدول» في الحقيقة لم تعد دولا بالمعنى الحقيقي للكلمة، حيث تمثل «الدولة» الوعاء الأساسي للتنظيم الاجتماعي، وتمثيل المجتمع إزاء العالم الخارجي، وعندما تفقد «الدولة» قدرتها على القيام بالوظيفتين فإنها تصبح بؤرة للفوضى الاجتماعية ومصدرا هائلا لتهديد ليس سكانها فحسب بل والدول الأخرى حينما تصبح قاعدة للجريمة المنظمة والإرهاب والقرصنة مؤخرا. الحالات الكلاسيكية للدولة الفاشلة معروفة، وكانت وما زالت أفغانستان حالة نقية لدولة فقدت فيها الحكومة سيطرتها على إقليمها وشعبها، وكان ذلك هو الحال منذ تخلصت «الدولة» من الاحتلال السوفياتي، واستمرت كذلك حتى جاء إليها الاحتلال الأميركي والغربي الذي لم يتمكن حتى الآن من إخراج أفغانستان من حالة الفشل إلى عالم الدول المستقرة. أما الحالة النقية الآن فهي الصومال التي تعددت داخلها «الدول» والحروب الأهلية، وأصبحت تعبيرا صافيا عن تلك الأوضاع التي سيطرت فيها «الطبيعة» ـ حيث حرب الجميع ضد الجميع ـ على علاقات البشر والجماعات. والمشكلة التي يواجهها العالم العربي الآن أن هناك دولا مرشحة بقوة للدخول إلى هذه المصفوفة من الدول، بكل ما يعنيه ذلك من نتائج إستراتيجية موجعة للدول التي لا تزال متماسكة وتقوم بوظائفها في حماية المجتمع من نفسه ومن الآخرين. وبدون الدخول في كثير من التفاصيل فإن هناك أربع دول عربية تعيش على حافة هذا الخطر وتكاد تسقط في الجب العميق لهذه الحالة المرعبة. وربما تبدو العراق حالة ظاهرة حيث يكاد يكون إقليم كردستان إقليما مستقلا، بينما الجنوب والوسط موضوع لحرب أهلية بشعة بين الشيعة والسنة، وفوق ذلك حكومة متواضعة السلطات، ولها قدرات ضعيفة على التحكم أو السيطرة أو حتى التوجيه لأقاليمها المختلفة. ولا يحمي العراق الآن إلا وجود توافق دولي وإقليمي على بقائها كدولة، مع حكومة تعبر عن تحالف سياسي ربما يكون هشا ولكنه تحالف على أية حال يبقي للدولة اسما وربما مستقبلا. ولبنان كانت دائما من الدول العربية الجالسة على حافة الفشل، وهي الدولة التي عرفت حربا أهلية دامت ستة عشر عاما، وفي العام الماضي لم يكن في لبنان لا رئيس للدولة ولا مجلس وزراء فاعل ولا برلمان يجتمع، ومع ذلك فإن قوة المجتمع اللبناني أعطت للدولة فرصة دائما بقدرته على أداء وظائف الدولة حتى مع استبعاد مؤسساتها التقليدية؛ وكان هناك دائما بين دول الجوار والعالم من يتقدم لإنقاذ لبنان من نفسها من خلال اتفاقية الطائف أو الدوحة أو ما شابه. ولكن إذا كانت العراق ولبنان فيهما من العناصر التي لا تجعل الفشل الكامل حتميا فإن الحال ليس كذلك بالنسبة لليمن والسودان. والأولى التي بدت منذ سنوات ليست بعيدة في طريقها إلى القوة عندما اتحد شمال البلاد مع جنوبها، وتمكن من التصدي والانتصار في الحرب الأهلية عندما حاول الجنوب الانفصال مرة أخرى، فإن التحديات الآن تكاد لا تعطي شكوكا كثيرة في اقتراب الفشل. التحدي الأول، ينطلق من تنظيم القاعدة الذي وجد في اليمن بيئة خصبة بعد الضربات الموجعة التي تعرض لها في العديد من أنحاء العالم لاسيما في العراق وأفغانستان. والثاني، من قبل جماعة الحوثيين في محافظة صعدة وجبالها. والثالث، ما يسمى بـ«الحراك الجنوبي» الذي يتمثل في مطالب شعبية بالانفصال عن اليمن الشمالي، ويلقى دعما من جانب تنظيم القاعدة والحوثيين رغم الاختلاف الأيديولوجى فيما بينهم. والرابع يأتي من داخل الحكومة المركزية ـ إذا جازت التسمية أصلا ـ نفسها والتي تبدو مرتبكة وغير قادرة على التعامل مع واقع كان معقدا من الأصل وبات فوق ذلك بالغ التعقيد. السودان كان دائما على حافة الدول الفاشلة بفعل الحرب الأهلية الممتدة، حتى ولو تقطعت أحيانا، منذ عام 1955، وعندما جاءه د. حسن الترابي وجماعته إلى الحكم بدأت الدولة في التفكك حتى عند مركزها في العاصمة عندما انفتحت البلاد على مصراعيها لكل أشكال الجماعات الثورية والإرهابية. وحتى عندما خرج الترابي من السلطة، ونجحت الحكومة السودانية في عقد اتفاق السلام مع الجنوب، فإن التطورات اللاحقة بين الشمال والجنوب، وفي دارفور، بدت وكأن السلطة السودانية المركزية تشرف على عملية دامية لتقسيم البلاد أكثر من كونها تشكل عاملا موحدا لأقاليمها المختلفة. وفي بعض الأحيان فإن الثروة تكون سببا في توحيد المجتمعات، ولكنها كما في الحالة السودانية تؤدي إلى تفريقها وانقسامها وتنازعها، ودخولها في حروب يعرف أولها ولكن غالبا لا تعرف نهايتها. هذه الحالات في اليمن والسودان، وبدرجة أقل في العراق ولبنان، تنطوي على أخطار استراتيجية كبيرة على الدول العربية جميعا، ولكن على مصر والمملكة العربية السعودية بصفة خاصة. ولا يحتاج الأمر إلا نظرة على الخرائط الجغرافية لتبيان سهولة انتقال الأخطار من دولة ـ إذا جاز التعبير ـ إلى دولة أخرى. وإذا كانت أمراض مثل إنفلونزا الطيور وأخيرا إنفلونزا الخنازير قد انتقلت بين دول العالم في سهولة ويسر وتوحد العالم لمقاومتها، فإنه لا يوجد الكثير الذي يحمي دولا في العالم من أخطار فشل دول أخرى. والأخطار في الحالتين معروفة، ومع قرب كل منهما وصلته بالحالة الفاشلة في الصومال فإن مثلثا للفشل لن يترك الأوضاع في جيبوتي وإريتريا على حالها، ومن ثم يتكون إقليم كامل تخرج منه أخطار الحروب الأهلية، والجريمة المنظمة، والانقسام العرقي والإثني بأشكاله المختلفة، وحركة السلاح والإرهاب على كافة أنواعه وأشكاله، وتجد فيه قواعد التطرف والغلو لها أرضا وموارد غير قليلة. المدهش في الأمر أنه رغم الوقائع والأحداث التي يجري رصدها في الصحف وتأتي على ذكرها الأنباء، فإن هناك حذرا بالغا في التعامل مع الموضوع في أبعاده الإستراتيجية، حيث هناك خجل من إطلاق وصف الدولة الفاشلة على دولة عضو في الجامعة العربية. ومع الخجل من تسمية الأمور بأسمائها جرى خدر الاعتقاد أن العقد من الجائز أن تحل نفسها بنفسها، أو أن بعضا من المسكنات في النهاية قد تكون مخرجا من الألم. ومع التجاهل التاريخي الذي جرى مع الصومال فإن هناك من يتصور أنه من الممكن التعامل مع الحالات المقبلة كما جرى التعامل مع الحالات السابقة. ولكن المسألة ليست كذلك هذه المرة، وعلى أي الأحوال فقد بدأ دفع فاتورة ترك الصومال لحالها من خلال عمليات القرصنة الجارية، والمؤكد أن السودان واليمن ليستا الصومال، حيث توجد كتل سكانية كبيرة، وموارد هائلة بالفعل، ومنافذ على دول عربية كبرى، وكما هي العادة أطماع دولية كبرى. والقضية في النهاية هي أن الخطر لا يمكن تجاهله وآن أوان التعامل معه بحكمة . |