حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$archive_pages - Line: 2 - File: printthread.php(287) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(287) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 287 eval
/printthread.php 117 printthread_multipage
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
كنت أعمى والآن أبصر .. - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: الحوار الديني (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=58)
+--- الموضوع: كنت أعمى والآن أبصر .. (/showthread.php?tid=22930)

الصفحات: 1 2 3 4 5 6 7 8


كنت أعمى والآن أبصر .. - Abanoob - 11-30-2005

كنت أعمى والآن أبصر ..

الحلقة السادسة :


الرب ينبئ أمي بأنني سأكون مبشراً لأسمه وسوف أعاني الكثير من أجل ذلك !!!

حكاية ( القلم و القربانه )!!!
قبل مغادرتي للدير تذكرت الرؤيا التي أراها السيد المسيح لوالدتي ( رحمها الله) وتفسير الآباء الرهبان لها :
فلقد حدث أن جاءت أمي لزيارتي في الدير في شهر يوليو1987 ( وفي اليوم الذي يوافق عيد ميلادي السابع والعشرون ) شاء الرب أن ينبئ أمي بهذا الأمر العظيم ، فحدث أثناء جلوسها في استراحة السيدات ، أن فوجئت بنفسها وهي تتغيب عن الوعي للحظات خاطفة ، ثم رأت شخص يتقدم منها وهو يمسك في يده ( قلم وقربانه ) ويقول لها : قومي يا ست وخذي ( القلم والقربانه ) دول وأعطيهم لأبنك صموئيل !!!!

وعندما أفاقت أمي ، ولم تجد الرجل الذي كان يتحدث معها ، تعجبت جداً من هذه الرؤيا وأسرعت بقصها على أحد الآباء الرهبان المباركون وكان أسمه أبونا شاروبيم ، فقال لها : أفرحي يا أمي ! ، فهذه رؤيا عظيمة جداً شاء الرب أن يعلنها لك !!

وهي تتعلق بمصير أبنك صموئيل ، ف " القلم : يرمز إلى ( البشارة ) وأما " القربانه " فهي ترمز إلى ( الألم ) المصاحب لهذه البشارة . وتفسير هذه الرؤيا هو الآتي :

الله يعلن لك بأن أبنك صموئيل هذا سوف يأتي عليه يوماً يصبح فيه مبشراً باسم المسيح !!!
وسوف يتألم كثيراً جداً بسبب هذه البشارة !!!

فتعجبت أمي من هذا التفسير وقالت بثقة عجيبة :
أنا كان قلبي حاسس من زمان أن أبني هذا الذي كان مكروهاً ومنبوذاً من المسيحيين بسبب محاربته لهم ، سوف يأتي عليه يوم ويلتقطه المسيح من أرض الضلال والتجديف ويجذبه إليه ، ثم يجعله مبشراً لأسمه بشجاعة ، لأن أبني طل عمره وهو راجل شجاع ، ولا يخاف من أحد !!

وهاأنتم كلكم قد رأيتم بأعينكم كيف استطاع أبني أن يتحدى كل هؤلاء المسلمون الجبابرة ، ويخرج عن طوعهم ويصير مسيحياً ، ثم أن ابني هذا كان ( بركة البيت ) وهو طفل صغير ، وأذكر أنني حلمت له حلم عجيب وهو لم يزل في الخمسة من عمره ، أن رأيته قد كبر وأصبح رجلاً ويقف وسط ساحة كبيرة جداً وحوله جماعة من شيوخ مسلمين وممسكون بأيديهم بسيوف وعصي وسكاكين ، وأبني واقف بينهم يدافع عن الإيمان المسيحي بطلاقة عجيبة ، ثم أخذوه وطرحوه أرضاً وربطوه بالحبال ، ثم ظهر شيخ كبير منهم يبدوا عليه أنه رئيسهم ، ثم أصدر على ابني حكم بالموت بطريقة صعبة ، وهي عبارة عن إلقائه على ظهره ثم تمر من فوقه خيولهم فتمزق أحشائه بحوافرها !!! فحاولت أن أموت بدلاً منه ، لكنهم رفضوا وأصروا أن يميتوه هو .. فقمت من نومي وأنا مذعورة ، ولا زلت أتذكر هذا الحلم العجيب .

وفي نفس هذه السنة أيضاً حلم أبني بأن هناك أناس قاموا بتعريته وربطوه ووضعوه داخل إناء كبير وعلى حواف الإناء شعلات نارية ، وهناك ديوك رومي متوحشة تنهش لحمه وهو يصرخ !!!

ثم قالت :
والآن وبعد كل هذه السنين هاهو الرب يفسر هذه الأحلام القديمة ، لأن أبني صار مهدداً بالموت من أجل المسيح ، فهل سيموت شهيد ؟

فقال لها أبونا شار وبيم : لا أعرف ، ولكن هذا أمر محتمل جداً ، لكن ليس الآن ، بل بعدما يتمم رسالته !!!

أما أنا فتعجبت جداً من تفسيرات هذا الأب الراهب القديس البسيط ، واستبعدت تماماً إمكانية تحقيها !!

وقلت في نفسي :
لربما تكون مجرد تهيؤات من أمي ، أو أن تكون هذه هي رغبتها الداخلية كأي أم مسيحية مجروحة في أبنها ( الذي كفر ) وتريد أن تراه وقد عاد للإيمان وصار مبشراً مسيحياً ومدافعاً عن الإيمان المسيحي بقوة وشجاعة ورجولة .

قلت هذا رغم علمي بأن أمي كانت مسيحية مؤمنة إيمان بسيط وعميق وقوي وكانت تؤمن بلاهوت المسيح إيمان راسخ غير مؤسس على العلم ، بل على الإيمان وحده المدعم بالمواقف الحياتية المتنوعة . وكانت لا تعرف شيء في الدنيا سوى المحبة والتضحية وإنكار الذات من أجل أولادها ، وكانت من فرط بساطتها يتعامل معها الرب عن طريق الأحلام والرؤيا و ( الإحساس عن بُعد ) ، وكانت كل ما تراه من أحلام أو تحس به ، غالباً ما يتم تحقيقه بحذافيره فيما بعد !!

ونظراً للمظالم الكثيرة التي تعرضت لها هذه الانسانة المسكينة في حياتها ، فقد دفعها ذلك لتلقي بكل أحمالها على الله ليحملها هو عنها ، وليعولها هي وأطفالها الصغار ، وكان لها إيمان عميق ودالة كبيرة عند ربنا ،إذ كانت تعتقد أن ربنا هو ( زوجها ) و( أبو ) أطفالها !! وكانت تبرر ذلك قائلاً :

ألم تقل يا رب في كتابك : أنك أبو اليتيم وزوج الأرملة ؟! وأطفالي أيتام ، وأنا أرملة !!!

وكانت على علاقة قوية جداً بالقديسة العذراء مريم ، وبالقديس بولس الرسول التي كانت تحبه بجنون وتسميه ( أستاذ المسيحية ، و فيلسوف ها ) بعد المسيح مباشرة .

وكانت تعجب جداً بدفاعه الحار عن المسيح ، وسعة صدره في إقناع غير المؤمنين . كما كانت تحب شخصية داود النبي محبة كبيرة ، وتتعلق بالمزامير بطريقة غير عادية ، وكثير من آيات المزامير كانت تبكيها !! وأذكر أنها بعدما ضعف بصرها ولم تعد قادرة على قراءة الكتاب المقدس ، كانت تطلب مني أقرأ لها من المزامير حتى تنام !!! وكانت تتشفع بكل القديسين على رأسهم القديسة العذراء مريم ، والقديس بولس الرسول ، والقديس مار جر جس .

كما كانت تتشفع بالملاك ميخائيل ، وتخاطبه في صلاتها قائلة : يا رئيس جند الرب ، تشفع لي عند المسيح ملك الملوك ورب الأرباب ..

ورغم فقرها الشديد إلا أنها كانت تستضيف الناس في بيتها بكل كرم ومحبة حتى لو اقترضت من الناس تكاليف هذه الضيافة !! لهذا فالرب أحبها وباركها وأعلن لها الكثير من الأمور المستقبلية .

وقد حدث لأمي وهي أرملة شابة أن التقت بالقديس العظيم البابا كيرلس السادس وصلى على رأسها وباركها بصليبه وقال لها بدون ما تشرح لقداسته أي شيء عن ظروفها الصعبة باعتبارها أرملة تعول سبعة أطفال في مراحل التعليم المختلفة : متخافيش يا ابنتي لأن ربنا ها يسترها معك !!

وكان أبونا القديس القس بولس شاكر يقول عن أمي أنها قديسة ، وشبهها بالقديسة مونيكا أم القديس أغسطينوس ، فقال أن دموعها هي التي جعلت المسيح يذهب ورائي حتى الكعبة !!!

وألقى عظة في كنيسة العذراء بالدقي عام 1987 عن إيمان أمي ودموعها ورجاؤها في المسيح .

وإجلالاً لدور هذه الأم المسيحية المؤمنة والشجاعة ، أذكر لكم هذا الحادث العجيب الذي يدل على شجاعتها الإيمانية المذهلة :

عندما سمعت أمي بأنني صرت أبناً بالتبني للشيخ النجار ، جن جنونها ، وعادت وفتحت بيتنا الذي كانت قد أغلقته لظروف قاهرة ، وراحت تفتش عني في الشوارع والطرقات وهي تبكي وتنتحب ، وكانت تقول : هذا ظلم ، كيف يأخذون طفل صغير من أمه ، وكيف يجعلونه مسلماً ، وهو لا يعرف شيء بعد عن الأديان ؟

وحدث أن رأتني مصادفة وأنا أسير في الشارع وكان عمري آنذاك 16 سنة ، فألقت بنفسها علي ، وقبلت يدي وقدمي في الشارع !! ، وتوسلت أمامي بدموع حارقة لكي أعود معها للبيت وقالت لي :

سامحني يا أبني لأني تركتك فترة وأغلقت البيت في وجهك ، لم أكن أعرف أن الثمن سيكون ضياعك مني ، لكن أنا رجعت لك الآن وفتحت لك البيت ، فتعال وعش معايا ، وأرجع لأمك ، أنظر إلى كسرة قلبي عليك ، أنظر إلى عيوني التي عميت من كثرة البكاء على ضياعك ، والتي ستموت بحسرتها عليك ، و أنا آسفة يا أبني عن كل ما حدث لك من (…) وأنس الماضي وتعال لي ، أنا سأكون خدامه تحت رجليك ..

ثم سألتني قائلة : هي فين الأوراق اللي عملها لك الناس الأشرار دول ؟!

ثم فتشت جيوبي فوجدت أوراق التبني ووثيقة أخرى تقول أنني ( مسلم ) ..
فأخذت كل هذه الأوراق التي بحوزتي !!!

وهنا جن جنوني ، وتصرفت معها بقسوة ووحشية لأن الشيطان كان قد تملكني وصرت في قبضته ، ورغم من قلة أدبي معها ، إلا أنها احتملتني ، وقالت لي :
أفعل أي شيء معي ، اقتلني ، لكن لا تسير في هذا الطريق المظلم ، أنا خائفة عليك لتموت عندهم وأنت كافر؟

فقلت لها بكل صفاقة وقلة حياء :
أنا لست كافر ، بل أنا على دين الحق ، لكن أنتي اللي كافرة !!!

فقالت المسكينة :
زي بعضه يا أبني ، كافرة ، كافرة ، لكن أنا أمك ، وأنت أبني ، ولازم ترجع لبيتك وتعيش معايا ومع أشقائك .

فقلت لها : أنت لست أمي !
أنا أمي هي (…) زوجة الشيخ النجار !!!

وعندما لم أجد فائدة من الحديث معها ، هممت بأن أتركها ، لكنها طوقتني بذراعيها وقالت لي :
أنا لن أتركك تهرب مني ، أنا ما صدقت لقيتك .

فدفعتها بعنف شيطاني ، وجريت منها ، فظللت تجري خلفي ( رغم كبر سنها وضعف بصرها ) وكانت تصرخ ورائي وتقول :
أرجع يا أبني ، حرام عليك تقضي علي ..

وكانت تصرخ وتلطم خدها ، وأخيراً سقطت على الأرض !!! ، وتجمع الناس من حولها وأشفقوا على حالها وأقاموها وتطوع أحدهم بإرجاعها لمنزلها . بينما أنا كنت اختفيت وسط الزحام ، ثم ذهبت إلى قسم شرطة شبرا لأشكوها للبوليس ، وأطالبها برد أوراقي لي !!!

( تخيلوا مدى ظلمي وشري وانحطاطي وسلوكي الإجرامي مع أمي وأنا مسلم )

وتخيلوا هذه الجريمة البشعة : أبن يشكو أمه في الشرطة ويطالب بالقبض عليها ‍‍‍!!!

وانظروا ماذا فعله بي الشيطان ، وكم كنت مجرم وسفيه ، وكم كان قلبي متحجر ،وكم كانت قسوتي ، فلقد أعمى المسلمون قلبي وحجروا مشاعري منذ صغر سني ..

وقام أحد ضباط المباحث باستدعاء أمي من منزلها لقسم الشرطة ، فجاءت أمي ووقفت أمام الضابط بكل شجاعة ولم تهاب الموقف ..

فقال لها الضابط : ابنك يا ست يتهمك بمحاولتك إرجاعه عن الإسلام ، ويقول أنك أخذت منه بعض أوراقه التي تثبت هويته الإسلامية ، وهو يطالبك الآن بإعادتها ، وعدم التعرض له في الطريق .

فقالت أمي للضابط بشجاعة مسيحية نادرة تذكرنا بأمهات زمان :
أي إسلام ؟! وأي أوراق ؟!

أن كل ما تم مع أبني من إجراءات ، هي باطلة ، لأن أبني كان طفل صغير ، ولا يزال حتى الآن صغير لأنه لم يبلغ سن الرشد بعد ، حتى يقدر أن يقرر مصيره بنفسه ، ثم أنا والدته والمسئولة عنه وولي أمره بعد وفاة والده ، وأعرف تماماً ظروفه ، ولماذا التجأ للغرباء ، وأنا لم أكن موجودة معه في المنزل عندما حدثت له كل هذه المآسي ، والله يجازي اللي كان السبب ، وكل ما حدث لأبني من تجاوزات كان في غيابي ، ولو كنت موجودة لكنت وفرت له الحماية وقطعت اليد التي امتدت له بالتعذيب والضرب والكي في جسده الصغير ، ثم أنا قد تركت كل شيء من أجله وعدت لبيتي ثانياً ، وقررت أن أتفرغ لرعايته ، ولا يمكن يكون هناك قانون يمنع ولد عن أمه الأرملة والتي عاشت شبابها كله من أجل رعاية أولادها ، ثم أن هذه الأوراق أنا مزقتها بيدي من غيظي ودوست عليها بقدمي من حرقة قلبي ، ويمكنكم الآن أن تسجنوني ، فأنا أعترف أنني أخذتها منه ومزقتها ، لأنها أوراق باطلة ، لأن هذا هو أبني الشرعي ، لكن الشيخ النجار منه لله سرق مني أبني ، وأستغل ظروفه الأسرية والنفسية استغلال سيئ و حتى لو أبني في نظر الحكومة قد صار مسلم ، فهو أيضاً سيبقى أبني ، ولو صار كافر فهو أبني ، ومهما تغيرون له أسمه وهويته الدينية ، فهو أبني من لحمي ودمي ، وسيظل أبني لآخر نفس من عمري ، ثم أنت يا حضرة الضابط ألم يكن لك أم تحبك ، وتخاف عليك ومستعدة أن تضحي بحياتها من أجلك ؟ فكيف تستكثر علي أيها الضابط أن أمارس حقي كأم تحاول حماية أبنها واستعادته من طريق تراه أنه لم يختاره بمحض إرادته ؟ بل الظروف القاسية هي التي فرضته عليه .

قالت هذا ثم انهارت باكية .

ووضع المسيح رحمة في قلب الضابط المسلم ، فتأثر بدموعها ، وقام عن مقعده وأجلسها ، وقال لها :

أنتي فعلاً أم عظيمة ، وأنا شخصياً أحمل لك كل احترام ، وأقدر مشاعرك ، ولكن يا أمي أنا هنا أطبق القانون ، والقانون يقول أن أبنك هذا أصبح مسلم ، وهو ابن بالتبني للشيخ النجار، ويحذر عليك محاولة اعتراض طريقه أو إرجاعه عن الإسلام .

ثم وجه كلامه لي قائلاً :
أما أنت فعليك أن تصالح أمك وتعتذر لها أمامي الآن ، فالله كرم الأم ، وهي ذو فضل كبير عليك والقرآن يقول لو أن أبيك وأمك طلبوا منك تشرك بالله فلا تطيعهما ، لكن تصاحبهما في الدنيا بالمعروف والإحسان ، ولا تقل لهما : ( أف ) . وعيب عليك أن تدفعها بيدك ، وعار عليك أن تتسبب في سقوطها في الشارع عندما كانت تجري خلفك ، وجريمة في حقك أن تشكوها وتجرجرها لأقسام الشرطة !!!

لكني من شدة قسوة قلبي رفضت الاعتذار لها !!!
وغادرت قسم الشرطة ناقماً عليها !! وقمت بعمل استخراج بدل فاقد للأوراق التي مزقتها

سامحيني يا أمي ، أنطقها بدموع وقلب منكسر وأتمني أن أراك الآن لأركع تحت أرجلك وأقبلهما ، لكن أين أنتِ الآن يا أمي ؟

ولعل الأخوة القراء يعرفون الآن لماذا أنا أقول لهم بشكل دائم : أني خاطئ ؟

فهذه هي جرائمي التي تطوق عنقي ، اعترف بها وأتذكرها وكأنها حدثت بالأمس ، ولعلهم يعرفون على الجانب الآخر كيف أن الرب من فيض كرمه ومحبته غفر ذنوبي وقبلني إليه رغم كل خطاياي المميتة .

وأعود إلى استكمال موضوع رؤيا أمي في الدير :
رفضت تصديق هذا الأمر الغريب ، لأنه كيف يصدق عاقل أن كلب مثلي يمكن له أن يصبح مبشراً مسيحياً ذات يوم ؟ لذلك قلت لأبينا الراهب القديس :

يا أبونا أنت باين عليك رجل طيب ، وبتقول كده عشان ترفع من روحي المعنوية ، لأنه كيف لي أن أصير مبشراً بالمسيحية وأنا مجرد جحش لا يفهم ؟ ثم أن حياتي يا أبونا هي كلها خطايا وتجديف في حق الله ، فكيف يتنازل ويجعلني من خدام أسمه؟ ثم أنا إنسان غبي وبطيء الفهم ولا أعرف شيء عن المسيحية بعد ، فكيف أصير مُعلم مسيحي ؟ لعل قداستك يعرف أنني لا زلت أجاهد حتى الآن لأصير مسيحياً وتعترف بي الكنيسة ضمن أولادها وأتباعها ، فكيف يمكن وأنا مجرد شخص تائب ومبتدئ في حياة الإيمان أن يختارني الرب لأكون مبشراً باسمه ؟ وهل معقول يا أبونا أن الله يختار نفاية الناس ليجعلهم خدام لأسمه المبارك ؟

ثم كيف يختارني المسيح لهذه المهمة بينما أنا نجس القلب وأقل من البهيم في المعرفة ؟

فقال أبونا القديس :
( شوف يا أبني ، جيد جداً أن ترى نفسك هكذا ، فهذا مؤشر حسن للنضج الروحي ، بل هو من أول درجات القداسة الحقيقية أن يعترف الإنسان بخطاياه ونقائصه ، ويشعر بعدم الاستحقاق ، فالرب يا أبني يرفع المتواضعين ويقاوم المتكبرين ، ثم لابد أن تعرف أن الله عنده كثير من العطايا الثمينة لأولاده ، وهو قد اختار جهلاء العالم ليخزي بهم الحكماء ، والمسيح يا صموئيل يستطيع كل شيء ولا يعسر عليه أمر ، وهو سوف يعلمك ويعدك لهذه الرسالة في الوقت الذي يراه مناسباً ، وأنا لم أقول أنك ستصبح مبشر الآن ، إنما بعدما يعدك الله بنفسه لهذه المهمة ، وأنت الآن في مرحلة هذا الإعداد ، ووقت فرزك للبشارة سوف يتحقق ذات يوم ، لكن ليس الآن ، وإن كان ليس ببعيد جداً ، ولربما يكون بعد سنة ، أو سنتين ، وأما بالنسبة لضعفك فالرب قادر على أن يقويك ويسندك ويؤهلك لهذا العمل . وثق يا أبني أنك سوف تصبح مبشر معروف ، وسوف تتحدث مع الناس عن مراحم الرب في حياتك ، وستكون لك رسالة كبيرة ، ولربما تتخطى حدود مصر لتصل إلى بلاد أخرى ، وسوف تدافع عن استقامة الإيمان بقوة وجراءة ، وسوف تعيش وترى بأم عينيك عمل الرب العجيب في حياتك .

كان أبونا الراهب القديس يتحدث بثقة عجيبة ، ولكنى بصراحة لم أكن أتخيل أبداً إمكانية تحقيق مثل هذا الأمر ، رغم أني كنت أشعر في قرارة نفسي بأن الله أحضر بي إلى هذا الدير وسمح ببقائي طوال هذه المدة لهدف بعيد المدى ضمن ترتيباته لإعدادي لخدمة أسمه ، وأحياناً كنت أرى هذا الهدف يلوح أمامي في الأفق البعيد ، ولكن بطريقة غير واضحة المعالم .

تذكرت ذلك وخاطبت ذاتي قائلاً : هل حقاً يا أيها النجس الشفتين والقلب ، أن السيد الرب سوف يجعلك مبشرا باسمه ذات يوماً ، كما قال بذلك أبونا الراهب القديس ؟!

وهل حقاً أنك سوف تتألم من أجل اسمك المبارك ؟ أنت الذي ترفهت على حساب مقاومتك لهذا الاسم ؟ فهذا لو حدث ، فسوف تكون معجزة فريدة من نوعها ، وسيكون شرف كبير لا تستحقه .

وتذكرت أيامي الأخيرة في الجامع عندما كنت ألقى الدروس الدينية على المصلين ، وكيف أنني خاطبت الله ذات مرة قائلاً له بتلقائية :
يا سلام يا رب لو يأتي علي يوم وألقى فيه دروس دينية على المسيحيين في الكنيسة [1]!!!
بدلاً من إلقائي الدروس على المسلمون في الجامع ؟؟!!!
وبدلاً ما الناس تناديني ب ( الشيخ محمد ) ، تناديني ب ( أبونا ) ، أو ( المبشر ) !!!

أول محاولة لإعلان إيماني المسيحي الوليد :
كنت وأنا في الجامع قد عاهدت السيد المسيح بأنني مجرد خروجي منه سوف أوشم يدي بالصلبان ، حتى يعرف كل من يقابلني من المسلمين أني صرت مسيحياً فيقتلوني وأموت شهيد !!!! ولكن بعد خروجي من الجامع توجهت للدير مباشرة ، ولم يكن هناك فرصة لوشم يدي .

خاصة والذين يقومون بعملية وشم الصلبان على الأيدي يجلسون على أبواب الكنائس في مناسبات أعياد القديسين ، فينتهزها الأقباط فرصة لوشم أيدي أطفالهم بالصلبان كعلامة على هويتهم المسيحية وسط بلد غالبيته من المسلمين المتعصبين . وحدث أن سمح لي الدير بالنزول أجازه لثلاثة أيام وكان هذا موافق لعيد القديسة العذراء ، فأخذت زوجتي وذهبنا سوياً إلى كنيسة القديسة العذراء مريم الأثرية بمنطقة ( مسطرد ) وكان بأسفل الكنيسة بئر به ماء لا ينضب ، يقول التقليد أن السيد المسيح والعائلة المقدسة قد شربوا منه فذهبت وشربت من هذا الماء المقدس ، وبعدها نزلت إلى المغارة التي جلس فيها المسيح مع أمه العذراء ، وعندما دخلتها شعرت برهبة كبيرة ، وبقشعريرة تسرى في جميع أنحاء جسدي ، ثم صممت بعدها على أن أوشم يدي بالصلبان ، وتعمدت أن يكون موضع الوشم شديد الوضوح حتى يراه الجميع فيعرف أني صرت مسيحي . فوشمت يدي اليمنى ليس بصليب واحد ، بل ثلاثة صلبان على ظهر كف يدي الأيمن ، وصليب كبير في الرسغ ، كما وشمت صورة المسيح وهو داخل الصليب ، وهذا الوشم الكثير على جلد يدي قد سبب لي الكثير من الألم الشديد ، لكني كنت فرحان جداً به ، ولم أتمالك دموعي من الفرحة وأنا أرى يدي أصبح بها الصليب رمزاً لإيماني المسيحي الوليد .

أما زوجتي فلما رأتني أتألم فخافت واكتفت بوشم صليب صغير في يدها اليمنى !!!

ثم رجعنا ثانياً للدير ، فلما شاهد الآباء يدي وبها كل هذه الصلبان ، قاموا بتوبيخي بشدة بسبب تسرعي في إعلان إيماني ، فبكيت أمامهم وقلت لهم :
أنا كنت مشتاق لأعلن إيماني بالمسيح بعد سنوات طويلة من الاغتراب عنه ، ولم أجد طريقة أخرى أعلن بها إيماني سوى وشم يدي بالصلبان !!!

فتفهموا موقفي وقالوا : يا أبني نحن نعرف صدق إيمانك ، ولكننا نخاف عليك لئلا يراك أحد من المسلمون الذين كانوا يعرفونك في الماضي ، فيرون الصلبان على يدك فيعرفون إنك صرت مسيحياً ، وقد يعذبونك بعنف لحملك على الارتداد ، ولربما لا تحتمل التعذيب ، فترتد وتعود ثانياً للإسلام ، لكن ليعطيك الرب حسب قلبك ، وما دمت أنت مشتاق لإعلان إيمانك بهذه السرعة فالرب سوف يقويك لو دخلت في هذه التجربة .

ثم قال أب راهب آخر :
يا بني نحن نخاف عليك لأنك لازلت في بداية الطريق ، ولا نعرف لماذا تتعجل الإعلان عن إيمانك بشكل واضح وصريح أمام الناس ، فلقد يؤدي ذلك إلى إيذائك .

فقلت له وأنا أبكي : يا أبونا أنا لا يهمني الإيذاء ، ولكن كل ما يهمني هو أن يعرف الجميع أني صرت مسيحي ، فلقد وعدت المسيح أنه بمجرد خروجي من الجامع سوف أدق صليب كبير في يدي إعلاناً عن إيماني المسيحي ، وهاأنا قد وفيت بوعدي للمسيح .

فربت على كتفي وقال لي : الرب يباركك يا أبني ويعطيك بحسب قلبك .

كان لدي اشتياق جارف للاستشهاد على اسم المسيح ، وكنت أحلم بأنني وقعت في يدي المسلمون وقاموا بتعذيبي حتى الموت لحملي على الارتداد ، فكنت أتخيل نفسي وأنا صامد أمامهم حتى الموت !!!

الجلباب الأسود الخشن ، والصليب الحديدي العجيب
كان أصعب شيء قبل مغادرتي للدير هو أن أخلع جلبابي الأسود الذي أعطاني إياه المرشد الروحي للآباء الرهبان قداسة الأب القمص ( م ) وهو راهب شيخ قديس ، بل وأقدم راهب في الدير . وهو الجلباب المبارك الذي ظللت ارتديه طوال فترة إقامتي بالدير ، وكان خشناً جداً ، وقديم للغاية ، لكني كنت أشعر وأنا أرتديه بأنني أرتدي زي ملوكي !!!

ثم نظرت إلى الصليب الثقيل الذي يلتف حول عنقي وقلت في نفسي : قد أخلع الجلباب لنزولي للعالم ، لكن لن أخلع هذا الصليب أبداً ..

صليب عجيب من أسلاك الكابلات الكهربائية الضخمة والمسامير الكبيرة !

وكان هذا الصليب العجيب يزن حوالي خمسة كيلو ! ، وقد قمت بصنعه بنفسي من مخلفات الحديد وأسلاك كابلات الكهرباء الضخمة ، ومن المسامير الحديدية الكبيرة !!

فلقد اهتديت إلى فكرة صنع هذا الصليب الثقيل من باب تأديب النفس وتعذيبها !!

وظللت أسبوع كامل أصنع فيه في سرية تامة ، وكان شائك جداً ويسبب لي الكثير من الألم ، خاصة وأنا كنت أنام به ، ولا أنزعه من حول عنقي أبداً حتى أنه سبب لي جروح حول عنقي وصدري ، لكني كنت أتلذذ بهذه الآلام ، واعتبرها نوعاً من التوبة والانسحاق وجلد الجسد !!!

الرب ينقذني من الغرور والشعور بالبر الذاتي
كان لي قانون روحي أسير بمقتضاه داخل الدير ، وهو عبارة عن عدد معين من الصلوات والأصوام ، والقراءات الكتابية والإيمانية والروحية والكنسية ، وعدد معين من المطانيات ( السجود للمسيح أثناء الصلاة) وهذا التدبير أو " القانون " يسلمه المرشد الروحي لأبنائه بحسب قامتهم الروحية ، وهو غالباً يأخذ بالتدرج من أسفل إلى أعلى ، وكان لكل راهب في الدير قانون روحي يسير بمقتضاه ، وكان أبي الروحي في الدير رجل قديس وبسيط جداً وكان أب روحي لكثيرين من الرهبان ، كما كان متخصص في توجيه وإرشاد طالبي الرهبنة ، وقد اعتبرني هذا الأب القديس أنني راهب !

فطبق علي الكثير من قوانين الرهبنة ، وخاصة في طريقة الصلاة اليومية لأنه كلفني بصلاة ( الأجبية ) كلها كل يوم ما عدا ( تحليل الكهنة ) فقط !!

وفي البداية استصعبت الأمر ، لكن مع تذكري لخطاياي ، ورغبتي في المصالحة مع الله ،والنمو في حياة النعمة والجهاد والتوبة ، بدأت لا أشعر بثقل هذا القانون ، بل واعتدت عليه مع الممارسة اليومية ، ثم بدأت أزيد عليه من عندي بدون الرجوع للمرشد الروحي ، فصرت أطيل الصلوات ، وأكثر من المطانيات والقراءات والأصوام السرية ..

وذات مرة كنت أصلي في الجبل خارج أسوار الدير بنحو خمسة كم ، واندمجت جداً في الصلاة حتى أنني لم أشعر بنفسي ، وكنت أردد هذه الآية المحببة لقلبي :
((( من أجل شقاء المساكين وتنهد البائسين ، أقوم الآن أصنع الخلاص علانية ، يقول الرب ))) ..

وظللت أردد هذه الآية عشرات المرات ، وفجأة شعرت بأن روحي تختطف مني ، ونسيت العالم بكل ما فيه ، وشعرت بأنني انتقلت إلى عالم آخر ، عالم أكثر سلاماً وهدوءاً ..

ظللت على هذا الحال حوالي ثلاث ساعات ، وبعدها تذكرت موعد عملي داخل الدير ، فاختتمت الصلاة وقلت :
ارحمني يا رب واقبلني إليك وخلصني من مضايقي ...
ففوجئت بالرمال أسفل قدمي وهي تتكلم وتقول لي : آمين !!!

فتعجبت جداً وظننت أنني أتهيأ سماع هذا الصوت ، لأنه كيف للرمال أن تتكلم ؟!!!!

فكررت العبارة ثانياً ، ففوجئت هذه المرة بالجبال والرمال يتكلمان سوياً ويقولان في صوت واحد : آمين !!!!

ففرحت وسجدت أرضاً ، وقلت بصوت عال : أنا بحبك خالص يا ربي يسوع المسيح !!!

فسمعت صوت عجيب أشبه بصوت الرياح أو خرير الماء المتدفق وهو يقول لي : وأنا أيضاً أحبك !!!

فخلعت نعلي من قدمي وضربت به وجهي تأثراً من محبة ورقة الرب معي أنا المجرم !!!، وقلت بدموع : سامحني يا ربي يسوع المسيح على كل خطاياي .

فسمعت نفس الصوت يقول : سامحتك وأحببتك واخترتك لتكون لي !!!

من هذه الحادثة وبدأت أشعر في نفسي أنني أصبحت شيء !!!
لأنه كيف يخاطبني الرب ؟

وكيف الرمال والجبال ينطقان ويقولان لي آمين على كل طلبة أطلبها ؟!
أليس كل هذا يعني أنني قد صرت قديس !!!

نعم فلقد انتهت مرحلة التوبة !!!
وجاءت مرحلة النمو والقداسة والبر !!!

هكذا حاول إبليس تضليلي ، فبدأت أعجب بنفسي وأنا أرتدي الجلباب الرهباني الأسود القديم ، وأعلق الصليب الشائك الثقيل على صدري ، ونسيت نفسي وخطاياها ، وظننت أنني أصبحت شيئاً ، بينما أنا في الحقيقة لا شيء ، إنما كانت محاولة من الشيطان لضربي وإسقاطي في خطية البر الذاتي .

بل وتجرأت وقلت : يا رب يسوع المسيح أنا نفسي يكون عندي قوة القديس بولس الرسول ، وغيرة القديس أثناسيوس الرسولي!!

وهما شخصيتان صار لهما مكانة خاصة جداً في قلبي من كثرة قراءاتي عنهما داخل الدير .

وفي نفس هذا اليوم أراد الرب أن ينقذني من الغرور ومن المجد الباطل ، كما أراد أن يعرفني حقيقة حجمي بشكل جيد كي لا أنسى نفسي ، فأراني رؤيا عجيبة :

رأيت نفسي أتسلق جبل عال جداً ، وأثناء تسلقي كان العرق يتصبب مني بغزارة والتعب يعييني ، فظننت أني أتسلق أعلى جبل في العالم !! ، ولكن بعدما بلغت قمة هذا الجبل ، فوجئت بأنه مجرد تل صغير ارتفاعه حوالي خمسون متر ، بينما رأيت جبال شاهقة قمتها في عنان السماء ، وتصل لداخل السحاب ، كما رأيتها تتلألأ بأنوار باهرة ، فوقفت مذهولاً من روعة مما أرى ، وقارنت هذه الجبال العالية بالتل الصغير الذي أقف فوقه ، فخجلت من نفسي لأني كنت قزم صغير بين عمالقة ، وأدركت على الفور أن هذا درس من الله لي في بداية إيماني أتعلم منه أن أعرف حجمي جيداً ولا أسمح لنفسي بأن ترتئي فوق ما ينبغي ، بل إلى التعقل .

وشاء الرب في هذا التوقيت العجيب من حياتي أن يحرك أحد الآباء الرهبان ناحيتي بقوة محبة عجيبة ، فكان يهتم بي روحياً ، ويأخذني إلى داخل قلا يته للصلاة معه ، وكانت صلاته تنقلني إلى عالم آخر ، وتمتد بالساعات وكان أبونا لا يصلي بالنطق فقط ، بل بالدموع التي كانت ترعبني وتجعلني أكره نفسي بسبب خطاياها وتدفعني دفع إلى التوبة والندم عن كل ما فات من عمري ..

وليمة رهبانية : إوز مطبوخ بريشه !!!
ومن المواقف الطريفة التي عايشتها داخل الدير هذا الموقف العجيب :
نظراً لأن الحياة الرهبانية في الصحراء مشيدة على مبدأ الزهد والتقشف والابتعاد عن الملذات بكافة أنواعها ، فكان الطعام الذي يعده الرهبان لأنفسهم وأتناول منه باعتباري مقيماً داخل الدير ، يتم تحضيره بطريقة عجيبة فالخضار يطبخ أغلب المرات بسيقانه ! وأحياناً بقشره !، وأما الأرز فهو عبارة عن عجين !

وكان أفضل طعام يمكن تذوقه داخل الدير هو الفول المدمس والذي كان يقدم صباح كل يوم ، فضلاً على أن الرهبان يمضون معظم أيام السنة في صوم ، وذات يوم وعلى ما أذكر كان يوم عيد الرسل ، فكر أحد الآباء الرهبان في التخلص من مزرعة الإوز المشرف عليها في الدير ، فدعي إلى عمل وليمة ترفيهية لكل الرهبان والعمال بالدير ، وقام بذبح كل إوز المزرعة ، وليته ما فعل !!! فلقد فوجئنا بأن الإوز تم طبخه وبه أغلب الريش الذي لم ينزع منه !!!

وبعد صوم الرسل الطويل هذا العام ، وانتظار الطعام ( الإفطاري) الشهي ، يفاجئ الجميع بأن الإوز ليس له أي طعم !!

فضحكت وقلت : الرهبان دول ها يجننوني معهم بتصرفاتهم !!

وقلت في نفسي لربما الأب الراهب تعمد ترك هذا الريش حتى ينفر الرهبان من أكل لحم الإوز لمزيد من التقشف ، ولم أستطع أكل شيء من هذه الوليمة واستبدلتها بالفول الصيامي !!

كانوا أناس طيبون جداً وبسطاء إلى أبعد الحدود ، وكان منهم راهب طيب القلب أسمه أبينا (ب) وكان يشفق جداً على حالي ، فيأتيني في الأيام التي ليست بها أصوام بعلب البولبيف والبيض ، ويطلب مني أن أعدهما لنفسي ، وكان يرفض أن يأكل معي ، لأنه لا يأكل مثل هذا الطعام المترفه !!!

ومع تكرار المرات كرهت نفسي وأصررت على تحمل نوع الأطعمة المطبوخة في مطبخ الدير وعدم طلب طعام بديل ، ومع الأيام اكتشفت روعة مذاق هذا الطعام البسيط ، وأدركت أن القداسة في المسيحية هي أن يحيا الإنسان حياة التجرد ، في المأكل والملبس ويموت عن مباهج العالم .

وهكذا بدأت أستسيغ هذا الطعام وأحبه ، وكنت أحياناً أتندر لو قُدم الفول ( بدون سوس ) أو العدس ( بدون طوب ) ، فأقول لأحد الرهبان مداعباً :

يا أبونا الطعام اليوم غير لذيذ ؟!
فيسألني : لماذا ؟

فأجيبه ضاحكاً :
لأنه خالي من السوس ، والطوب !!!

فما أحلى الفول بسوسه !!
وما أروع العدس بطوبه !!!

وذات يوم لم أتمالك نفسي من الضحك عندما حاول أحد الآباء الرهبان طبخ الملوخية !!!

فسألت أبونا وقلت له : ما أسم هذا الطعام الغريب يا أبونا ؟

فقال أبونا بزهو بالغ : هذه ملوخية يا ولد !!

فقلت له : يا أبونا من قال لك أنها ملوخية ؟! هل يوجد أحد يطبخ الملوخية بسيقانها يا أبونا ؟!

وهل يوجد أحد في الدنيا لا يخرط أوراق الملوخية ؟

وكان أبونا خفيف الدم ، فقال لي مداعباً : هذه هي الطريقة الرهبانية في طبخ الملوخية !!!

وعلى فكرة يا أخوة فكثير من الآباء الرهبان كانوا خفيفي الظل ومرحون جداً ، وأذكر منهم أبونا ( ش ) وأبونا ( ت ) فلقد كانا على ما يبدوا أنهما متخصصان في إضحاك بقية الرهبان والتخفيف عنهم قسوة حياة الصحراء ، وكان بعضهم يجلس على المصطبة بعد انتهاء صلاة الغروب ويضحكون معاً ، وكنت أترقبهم من بعيد واضحك لقفشاتهم الظريفة ، وكان ضحك بريء وراقي وخالي تماماً من التجريح والتهريج .

وكان يقيم بالدير شخص بسيط جداً لم يعش في العالم ، ولم يعرف عنه شيء ، فلقد جاء للدير وهو طفل صغير وبقى فيه ولم يغادره حتى بلغ الستون من عمره ، ولكن بقى عقله عقل طفل صغير فكان لا يتردد في ضرب الرهبان والجري خلفهم بالعصا !!!

وكان الرهبان يحبونه و يحتملونه ، وكذلك أسقف الدير ، وبقية الآباء الكبار ، وصار وجوده من معالم الدير ، وكان طول النهار يصنع صلبان من الجريد ، ويردد كلام عجيب ، وكان أحياناً يتنبأ بأمور ثم تحدث ، مثل قوله : سوف تأتي سيارة رحلات . وبعد ساعات تصل بالفعل سيارة رحلات من أحد الكنائس .

وهذا الرجل كان يضحكني كل يوم ، ويضحك معي بقية الرهبان ، وكنت أتعجب كثيراً من ترتيبات المسيح وكيف أنه يرفه عن أولئك الرهبان الذين يعانون شغف الحياة بالصحراء .

اللعب مع العقارب !!
كنت أتعجب كيف لهؤلاء الآباء يجلسون فوق الرمال ولا يخافون من العقارب التي تمرح بالقرب منهم ، فالصحراء مليئة بالثعابين والعقارب ، لكن رغم ذلك لم يسمع أحد أن راهب عضه ثعبان ، أو لدغه عقرب ، وتحقق فيهم قول الرب لتلاميذه وأعطيكم سلطان أن تدوسوا العقارب والحيات وكل قوات العدو .

وذات مرة كنت أجلس وأقرأ في كتاب فوجدت عقرب كبير أسفل قدمي العارية ، فلم أخاف منه بل ظللت ألعب معه !!! وأخيراً أحضرت قنينة صغيرة وأدخلته بها !!

وكلما شعرت بسأم ، كلما أخرج القنينة وأشاهد العقرب وهو يرفع ذنبه ..

وكانت زوجتي تخاف من الجلوس على الرمال لأن أسفلها تختبئ العقارب بكميات كبيرة ، وعندما كانت تراني وأنا جالس على الرمال ، بل وأحياناً وأنا نائماً عليها ، تقول لي :

أنت ما بتخافش من العقارب رغم أنك نائم فوقها ؟! فأقول لها : لا ، لأن العقارب لا تلسع المسيحيين بحسب وعد المسيح !!!

ثم أقول لها : تعالي أريك واحد منها أحتفظ به في قنينة في جيبي ! فأخرج لها القنينة وأجعلها تتفرج على العقرب !!

فكانت تتعجب وتقول : سلامة عقلك !!

بل وفكرت كيف أجلب طعام لهذا العقرب المسكين الحبيس ؟! ، وكان الأمر سهلاً لأن الصحراء مليئة بالحشرات ، ولكن بعدها بأيام أشفقت عليه وأطلقت سبيله !!!

كانت أيام عجيبة تلكم التي قضيتها داخل الدير ومن خلالها تشكلت حياتي المسيحية ، والذي يريد أن يعرف ( سر) شخصية صموئيل فعليه بالعودة لهذه المرحلة المبكرة من إيماني المسيحي ، قبل أن أصير خادماً ، فمن داخل هذا الدير بدأت لا أخاف من شيء ، ولا أريد أي شيء سوى المسيح ، المسيح وكفى، فلهذا كنت أشعر أني أسعد إنسان في العالم حتى وأنا داخل الصحراء الجرداء ، وبدأت أدرك لماذا كان داود النبي لا يحلو له الصلاة للرب إلا داخل الصحراء ..في مكان ليس به ماء ..

أحببت الجبال والرمال ، وبدأت أعرف لماذا اختار الرب يسوع الجبل ليبدأ منه رسالته بحسب الجسد ، وكيف ألقى عظته الأولى على الجبل ؟!

وكيف ذهب القديس بولس الرسول إلى الصحراء قبل البدء في إعلان رسالته الكرازية ؟

ففي هذه الصحراء الشاسعة لا شيء سوى الله .. فلا مال ، ولا نساء ، ولا جاه ولا سلطان ولا ألقاب ، ولا إعلام ، لا يوجد أي شيء مما لأهل العالم ، ولعل هذا ما يفسر سر قوة وروحانية رهبان الصحراء ومن قبلهم القديسين القدامى .

وقبل مغادرتي للدير التقي بي الأب المسئول ( الربيتة ) وأعطاني مبلغ بسيط من المال وقال لي : الدير مفتوح لك في أي وقت ، فكلما تمر بضيقة في العالم تعال إلى هنا ، فنحن أحببناك ونعتبرك واحداً منا .

وقدم لي أبونا الحبيب ( ب ) جهاز كاسيت صغير ومعه حوالي خمسة وأربعون شريط كاسيت عظات لقداسة البابا شنودة ، وشريط قداس بصوت أبونا يوسف أسعد ، ومبلغ بسيط من المال . وأب راهب آخر مسئول عن ورشة الخياطة المخصصة للملابس الرهبانية ، قدم لي جلباب مخطط قام بصنعه خصيصاً لي حتى ارتديه في العالم ! وأب ثالث أعطاني كرتونة بها معلبات غذائية !!

وكان موقف مؤثر جداً وأنا أودع هؤلاء الآباء الذين شملوني بمحبتهم طوال هذه المدة ، ومنهم تعلمت الحياة المسيحية الأصيلة والقداسة الحقيقية وحياة الإنجيل المعاش .

فهؤلاء الرهبان القديسين كانوا في العالم من الأثرياء ومن حاملي الشهادات الجامعية المرموقة ، وتركوا العالم كله وارتضوا على أنفسهم بالعيش في الصحراء مثل هذه الحياة الخشنة حباً في المسيح الذي ملكوه كل حياتهم وصار هو الكل في الكل ، ودفنوا كل أحلامهم البشرية تحت قدم المصلوب وتركوا كل مباهج العالم في سبيل محبتهم له .

هنا في الدير كانت بدايتي الحقيقية مع المسيح ، وهنا تأسست على استقامة الإيمان ، وأدركت تمام الإدراك أنه لا خلاص لإنسان خارج إيمان الكنيسة .

وداخل الدير أيضاً كانت بداية معرفتي بآباء الكنيسة من القديسين وأبطال الإيمان من الشهداء والمعترفين وعشت بكل كياني وأنا أقرأ سيرتهم العطرة ، فأحاديث الآباء الرهبان كلها عن هؤلاء القديسين الأبرار الذين أحبوا المسيح حتى المنتهى ، وبرهنوا للعالم كله - من خلال سلوكياتهم اليومية – إمكانية أن يحيا المسيحي في القداسة التي سلمها لهم المسيح ، الرب الطاهر القدوس الذي لم يفعل خطية وقال للناس من منكم يبكتني على خطية ؟

وهؤلاء القديسين اقتدوا بسيرته وتشبهوا به ، ولم تكن قداستهم كلام ، بل حياة ، وهذه الحياة تبرهنت بالقوة من خلال حياة الإنجيل المُعاش التي يحيونها ويعيشونها أمام الآخرين فكانوا نوراً للعالم وملحاً للأرض .

وأحببت هؤلاء القديسين الأبرار حباً جماً وكان أعظمهم على الإطلاق قديسون الكنيسة الجامعة الرسولية المقدسة أي الذين ظهروا في الخمسة قرون الأولى للمسيحية .

فهؤلاء عاصروا نشأة المسيحية وما تعرضت له من اضطهاد دموي عنيف على أيدي اليهود والإمبراطورية الرومانية الوثنية في أوج مجدها وجبروتها العسكري ، كما عاصروا تعرض الكنيسة للاضطهاد الفكري الرهيب على أيدي كهنة الآلهة الوثنية والفلاسفة والسحرة وكل قوات الشر ..

كما عاصروا نشوء الهرطقات وتصدوا لها بقوة ..

وكان عصر الاستشهاد هو العصر الذهبي للكنيسة المسيحية بأسرها والذي بدأ بصلب المسيح وأستمر بعنف بالغ طوال القرون الثلاثة الأولى ، وما بعدها ..

والذي يريد أن يجمع معلومات كافية عن المسيحية كدين سماوي عليه أن يدرس أوضاع المسيحيين في هذه القرون الأولى وكيف رغم تعرضهم للمذابح الوحشية من دينهم إلا أنهم صمدوا وكانوا أبطالاً في الإيمان كما كانوا أبطالاً في القداسة وقهر الذات ..

والقديسون الذين نعنيهم هنا هم قديسون الكنيسة من الشرق والغرب على حد سواء وكثير منهم لا يعرفهم العالم ، أما المعروفين منهم فقرأت عن سير معظمهم ، وخاصة أولئك الذين عاصروا أحداث تاريخية خطيرة في تاريخ الكنيسة كالقديس أثناسيوس الرسولي ، ومار أنطونيس أبي الرهبان ، ومار يوحنا فم الذهب ، ومار كيرلس عمود الدين ، ومار ديسقورس بطل الإيمان المستقيم ، ومار أفرام السرياني قيثارة الروح ، ومار سويروس العلامة العظيم ، ومار اسحق السرياني ، والشيخ الروحاني يوحنا سابا ..

وفي الغرب القديس جيروم والقديس إيلاري والقديس أغسطينوس وغيرهم ..

ولن أنس أبداً دموعي التي ذرفتها وأنا أقرأ عن الشهداء القديسين الأبطال مار جر جس ومار يعقوب المقطع والقديس جر جس المزاحم وغيرهم كثيرون ..

كان كل الرهبان يعشقون سير القديسين ويتحدثون عنها بفخر واعتزاز ، وعندما قرأت بستان الرهبان وأطلعت على سير معظم القديسين القدامى ، وجدت نفسي أهتف من أعماقي : يا ليتني أصير مثلهم !!!

وهكذا رتب الرب في هذا الوقت المبكر من حياتي المسيحية ( 1987 ) أن أتعرف على قديسون وقديسات كنيسته المنتصرة وعلى كفاحهم وجهادهم فأحببتهم وتأثرت بهم تأثر عظيم . وكانت القديسة العذراء مريم أم النور تحتل مكانة عظيمة جداً في نفوس كل الرهبان فتأثرت بمحبتهم لها وبدأت أدعوها بأمي العذراء ، وأحببتها حباً جماً ، وكنت أطلب شفاعتها بدموع لتساعدني بصلواتها لدى أبنها الحبيب ليدبر أمور حياتي . ونظراً لأني رأيت بعيني قبس من بهاء نور لاهوت المسيح ، فكنت أتسائل بيني وبين نفسي كيف للقديسة العذراء استطاعت احتواء هذا النور الإلهي في أحشائها دون أن تحترق ؟!

وقضيت أياماً طويلة أتأمل في ( العليقة ) التي أراها الرب لموسى في البرية ، وكيف رغم شدة النيران حولها إلا أنها بقيت سليمة ولم تحترق !!!

كنت أسأل نفسي في عجب : كيف كانت القديسة العذراء تحمل ربها بين يديها وترضعه من ثديها ؟

ومن هنا بدأت أوقر وأكرم وأقدر أمي العذراء ، أم الطهارة والنور التي استحقت أن تلقبها الكنيسة بوالدة الإله وأستطيع القول بأن وجودي داخل الدير في السنة الأولى من إيماني قد أفادني إيمانياً وعقائدياً وروحياً إفادة عظيمة لا زال استفيد منها حتى اليوم .


تجولت في أرجاء الدير مودعاً كل مكان فيه والدموع تملأ وجهي ، ففي هذا الدير المقدس عشت أجمل أيام حياتي ، سنة كاملة بدون خطية الشهوة وبدون كراهية وبدون أحقاد كان شيء عجيب على شيخ مسلم نشأ على الظلم والشهوة والعنف والكراهية أن يعيش مثل هذه الحياة المقدسة المباركة التي أتمنى أن يعرفها المسيحيين الشرقيين المولودين في المسيحية والتي تسلموها أباً عن جد دون أن يعيشوا عمق حلاوتها داخل الصحراء حيث التجرد والقداسة والعيش مع الرب عيشه كاملة لا ينازعهم فيه شيء ، لا نساء ولا أولاد ولا جاه ولا سلطان ولا مال ولا أطماع ..

تذكرت هذه الأيام المباركة من عمري وكيف كنت أستيقظ في الثالثة فجراً لأحضر صلاة التسبحة مع الرهبان ، وكيف كنت أحضر ثلاث قداسات يومياً من الخامسة صباحاً حتى الثانية عشر ظهراً ، لأنه كان في الدير ثلاث كنائس ، منهم كنيسة أثرية تحت الأرض كانت في الأصل معبد فرعوني وثني ، ثم تحولت لكنيسة تحمل اسم قديس الدير ، وهو من آباء القرن الخامس الميلادي .

وأما الكنيسة الثانية بالدير فهي الكنيسة الكبرى وكانت تحمل اسم القديسة العذراء مريم ، والكنيسة الثالثة فكانت تحمل أسم اثنان من القديسين .

وكنت أحضر قداس كامل في الكنيسة الأثرية تحت سطح الأرض ، رغم أنها كانت مخصصة تماماً للآباء الرهبان فقط ، ولكنهم كانوا يسمحون لي بالصلاة فيها ، وكانت صغيرة جداً لا تسع إلا أفراد قليلين أحياناً لا يزيد عددهم عن خمسة رهبان !! وكان القداس غالباً ما يقام في هذه الكنيسة في الخامسة صباحاً وينتهي في السابعة ، وهو القداس الذي أتناول فيه ثلاث مرات متتالية وكانت لقمة الجسد كبيرة جداً ، وثلاث ملاعق من الدم المقدس . وبعدها أذهب للكنيسة الثانية لأحضر ما تبقي من القداس حتى نهايته ، ثم أذهب بعدها للكنيسة الكبرى والتي كان يصلي فيها الزوار بجانب الرهبان ، فأحضر ما تبقى من القداس .

ومجرد الانتهاء من هذا القداس الأخير ، أذهب وأجهز الطعام للكهنة الزوار في القصر .

وبعدها كنت أكنس مدخل الكنيسة ، وأنظف دورة مياه الزوار ، وأحياناً كنت أقوم بتحميل جرارات الدير بالحجارة المخصصة للبناء داخل الدير بعد تقطيعها من الجبل القريب

وأحياناً كنت أعمل في المخبز ، أو أزور المزارع وأجلس مع الآباء الذين يرحبون بي ويعدون لي الشاي ، وكان هناك أب راهب قديس متواضع أسمه أبونا ( إ) وكان كلما يراني يقول لي : يقول يا أبونا (إ) يا حمار !!

فأقول له : العفو يا أبونا .

فكان أحياناً يمسكني من رقبتي ويقول لي مش هاسيبك إلا لو قلت لي يا حمار !!

وكان يفعل الأمر نفسه مع العمال في الدير !!!

وكنت قد التقيت بهذا الأب الراهب لأول بعد وصولي للدير بقليل ، إذ أثناء تجوالي أسفل أحد الجبال رأيت مغارة منحوتة في أعلى الجبل ، فصعدت إليها بصعوبة وطرقت بابها وكانت أبونا يعتكف بداخلها ولم يشاء أن يفتح لي ، لكني بكيت وظللت أطرق على الباب طالباً منه أن يفتح لي ليباركني ، ففتح أخيراً وذهلت عندما رأيت المغارة من الداخل ، كانت ضيقة جداً ومنخفضة للغاية ولم يكن بها شيء من الأثاث سوى سجادة صغيرة مهللة ولمبة جاز واو بور صغير وبراد شاي قديم وكوز صفيح صدئ يستخدم ككوب ، وكتاب مقدس قديم وكتاب بستان الرهبان .. ورحب بي وأعد لي كوب من الشاي وحكيت له ظروفي فباركني وصلى على رأسي وطلب مني أن أذهب إلى الرئيس السابق للدير، والمتواجد حالياً في البطريركية بالقاهرة ، وأسمه أبونا (أنسطاسي ) وأن هذه المغارة هي في الأصل راجعة له ، وكان يقضي بها أغلب أيامه ويقود ويدبر الآباء الرهبان والدير وهو بداخلها !!

وأنه لم يكن يغادرها إلا يوم السبت من كل أسبوع ويبقى في الدير حتى مساء الأحد وبعدها يعود إليها لأنه كان راهب متوحد ، وقال عنه أنه رجل قديس وقوي ، وأنه يستخدم هذه المغارة بإذن خاص منه لقضاء خلواته الروحية بها . وقال لي : أن هذا الأب سوف يساعدني كثيراً . ونفس الأمر كان يقوله أغلب آباء الدير ، الكل كان يريدني أن أغادر الدير وأسافر للقاهرة لمقابلة أبونا أنسطاسي في البطريركية ، لكني كنت لا أرغب في مغادرة الدير ، ولم أكن متحمس للذهاب للبطريركية لأنها مكان رسمي وعلى أبوابها يجلس أفراد من الشرطة ومن مباحث أمن الدولة ، وخشيت أن ترددي عليها قد يسبب في حدوث مشاكل للآباء .

لهذا السبب كنت أستبعد فكرة ذهابي للكاتدرائية ، وكنت أقول في نفسي : من أنت أيها المجرم حتى تدخل مقر رئاسة الكنيسة ، حيث قداسة البطريرك والآباء الأساقفة والكهنة ؟لذلك كنت أتجاهل هذه الدعوة ، وأقول إن شاء الله أن أذهب للبطريركية فسوف أذهب وأن شاء أن ألتقي بقداسة الأب أنسطاسي فسوف أفعل .

وكان من ضمن الأماكن التي أتردد عليها داخل الدير الفسيح ، مصنع الشمع .
وكان المسئول عنه أب راهب طيب القلب أسمه أبونا ( ي ) فكنت أزوره وأجلس معه وكان يرحب بي ويعد لي الشاي ويحدثني عن محبة المسيح للخطاة ، أما معظم وقتي فكنت أقضيه مع أبي الحبيب ( ب) الذي كان مسئول عن القصر الذي كنت أقيم فيه .

كنت حريص جداً أن أجلس مع الآباء الرهبان لأتعلم منهم ، وكان يدهشني فيهم بساطتهم ونقاوة قلوبهم وطهارة نفوسهم ، أحببتهم واحترمتهم وصاروا معلمون لي ، ومع الأيام صرت كواحدً منهم ، وكانوا يحبونني ويخافون علي للغاية .

وكان أبونا ( ب ) المقرب جداً من قلبي هو أول من علمني ( المحبة العملية المسيحية ) وكان يأخذني لقلا يته لنصلي سوياً بداخلها ، وكنت لا أقدر على مواصلة الصلاة واقفاً لأنها كانت تمتد بالساعات ، فأضطرر للجلوس أرضاً بينما كان أبونا يواصل الصلاة واقفاً وبدموع حارقة كانت تلهب ضعفي ، كان يضع أمامه صوره كبيرة لجنب المسيح المطعون ، وكانت صورة مؤثرة تجلد خطاياي وآثامي .وقد علمني هذا الأب المبارك كيف احب العذراء والكنيسة والقديسين والبابا شنودة وكيف احب العطاء للفقراء والمتألمين ، كان عبارة عن كتلة من الحب والعطاء [2].

تذكرت كل ذلك وأنا أغادر الدير مودعاً كل شيء فيه بدموع ، راجياً من الرب أن يكمل ما بدأه معي ، ونزلت إلى العالم واثقاً في قوة الرب وفي حسن تدبيره لحياتي ولسان حالي يقول احسبني كبهيم عندك .


العودة إلى العالم وبداية الأوجاع !!!
وأثناء عودتي للعالم ركبت أحد سيارات الأجرة ففوجئت بالسائق يشغل جهاز كاسيت السيارة ويضع فيه أغنية عاطفية لأم كلثوم !! فجاء صوتها نشازاً !! وابتسمت ابتسامة ذات مغزى وأنا أقول : هاأنا قد عدت إلى العالم ثانياً !!

لأن الدير لم يكن جزء من العالم ، بل قطعة من الملكوت على الأرض ، وكان الرهبان هم الملائكة الأرضيين لذلك فعندما عدت للعالم شعرت بغربتي عنه ، فقلد بدل الدير من داخلي الكثير من العادات ، كنت زمان أحب سماع أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ، ولكن الآن لم أعد اهتم بسماع مثل هذه الأشياء ، فالمسيح ملك علي كل مشاعري وأحاسيسي حتى لم يعد مكان في قلبي بغيره ، ومنذ هذا التاريخ لم أسمع أغاني ، ولو تصادف وسمعتها في الطريق فلا تحرك مشاعري أو


كنت أعمى والآن أبصر .. - ضيف - 11-30-2005

اقتباس:تابعونا فى الحلقة القادمة .. ومغامرات محمد النجار فى الأدغال !!

:lol2::lol2::lol2:

و النبى يا ابانوب لما يقابل عماشه يسلملى عليه كتير قوى
:lol:


كنت أعمى والآن أبصر .. - Abanoob - 12-04-2005


كنت أعمى والآن أبصر :

الحلقة السابعة :

ظهر لي السيد المسيح في سماء الكعبة في ظهر يوم 1 / 1 / 1987 حيث كنت مجرد شيخ مسلم يؤدي مناسك العمرة ، وأعلن لي أنه هو الطريق والحق والحياة ، وأنه هو الإله الحي ، ورسالته هي الدين الوحيد الأجدر بالإتّباع ، كما أفهمني بأن الدين الإسلامي ما هو إلا امتداد للوثنية القديمة . أعلن لي كل ذلك بوضوح تام وبصراحة كاملة ، الأمر الذي جعلني أسرع بمغادرة الكعبة وأذهب إلى أقرب حلاق لأزيل لحيتي ، وبعدها ذهبت للفندق وأخرجت ملابسي الدينية من حقيبتي وتأملت في الجلباب الأبيض والطاقية والعباءة السوداء ، ووجدت نفسي ألقي بهم في سلة المهملات ، ثم أحجز على أول طائرة عائدة للقاهرة ..

+ داخل الطائرة أطلقت ضحكة ساخرة وتعجبت كيف كنت أعمى ولا أبصر ، وكيف استطاع الشيطان خداعي طوال هذه السنوات ، نظرت حولي داخل الطائرة لأتأمل وجوه الركاب ، كانوا كلهم من المسلمين وغالبيتهم عائدين مثلي من تأدية مناسك العمرة . كنت أنظر إليهم بإشفاق ، وتمنيت أن أقف لأروي لهم حقيقة ما رأيت وما أدركت من حقائق تتناول هذا الدين الذي يتبعونه دون أن يعرفوا حقيقته ، وطلبت من المسيح أن يُعدّني لأشهد أمام المسلمين بالحق الصريح الذي رأيته بعيني المجردة لعلهم يهتدون كما اهتديت .

عدت لوطني لتبدأ رحلتي مع الإيمان المسيحي والشهادة للحق ، وشاء الله أن أقضي خلوة في الصحراء دامت سنة لمراجعة الذات وللشحن الروحي ، وشاء بعدها أن أترك الصحراء وأنزل للعالم لأشهد للحق الذي رأيته بمحبة نارية وغيرة ملتهبة على خلاص النفوس. وبعد شهادات علنية وجريئة في وطني دامت أكثر من خمس سنوات متتالية ، وأثمر عنها ربح العديد من المسلمين إلى الدين الصحيح ، وإعادة العديد من المسيحيين المرتدين إلى حظيرة المسيح ، هاج إبليس غيظاً مني وقام بتحريض أتباعه وأعوانه فتآمروا علي وقاموا بمحاصرة بيتي تمهيداً لقتلي ، ولكن المسيح نجاني منهم بأعجوبة ، وانتهى بي الأمر إلى مغادرة وطني والحضور إلى هولندا التي وصلتها يوم 9 / 5 / 1993 وأودعتني السلطات بأحد الفنادق الكبرى لثلاثة أيام ، وفي اليوم الرابع تم تحويلي لمركز استقبال اللاجئين الجدد:

O.C. ZWOLE وكان به أكثر من 350 نزيل مسلم أغلبهم من الصومالين والأكراد والعراقيين ، بجانب عدد قليل جداً من المسيحيين الشرقيين .

ولم أضيع وقتي ، إذ سبق لي وحددت معالم حياتي والهدف من وجودي ، فلي رسالة لابد من القيام بها بدون توانٍ ، لذلك أسرعت بوضع حقائبي بالغرفة ، ثم تجولت في الكمب مبشراً بالمسيح لكل من ألتقي به . وكنت أحياناً أقف على باب الكمب ، أو داخل الحديقة الملصقة به . وكان أول عربي مسلم أقوم بتبشيره أخ عراقي مثقف ومهذب وحاصل على دكتوراه في العلوم من روسيا ، وتعجب من جراءتي ، ولكنه سرعان ما بدأ يتقبل مني حقائق الإيمان المسيحي بهدوء . وبعده قمت بتبشير شاب صومالي آمن بالمسيح فيما بعد.

وبدأ المسلمون بالكمب يشعرون بخطورتي على دينهم ، فحاول أحدهم قتلي ، فلم أهتز ولم أتوقف عن بشارتي ، فأدرك المسلمون أني لست من النوع الذي يخاف أو الذي يجدي معه العنف والتهديد ، ففكروا في طريقة أخرى وهي مناقشتي ومقارعتي بالحجج والبراهين ، فتقدم أحدهم وطلب مناظرتي والحوار الصريح معي حول المسيحية والإسلام وذلك بالعقل والفهم ، وليس بالعنف والتهديد .

فرحبت به ، وكان هذا الأخ فلسطيني الأصل لكنه ولد ونشأ في تونس وأسمه الأستاذ : علي إلياس .

وكانت حواراتنا ومناظرتنا الدينية تتم من خلال الأحاديث الشفوية ، ومن خلال الرسائل المكتوبة التي كنا نتبادلها داخل الكمب ، والتي احتوت في أغلبها على أسئلة هامة تدور حول المسيحية والإسلام . واتفقنا على أن يكون حوارنا صريحا، وان لا نغضب من بعضنا بسبب صراحتنا النارية .

وبجانب هذا الحوار ، أقيمت عدة حوارات جانبية أخرى مع بقية المسلمين بالكمب ، وجمعت خلاصة كل هذه الحوارات ودونتها في كراس صغير .

وبعد شهر تم نقلي لكمب آخر هو : A.Z.C . SALGHAREN

لذي كان يقع داخل قرية صغيرة هادئة ، وكان موقع الكمب ديراً سابقاً للراهبات ، وأتاح لي هدوء المكان أن أختلي بنفسي داخل غرفتي وأُعدّ مسودة هذا الكتاب معتمداً على خلاصة المناقشات التي تمت بيني وبين الأستاذ علي إلياس وبقية الأخوة المسلمين العرب بكمب زفووله والمدونة في كرّاسي الصغير

وفرغت من هذه المسودة في فجر الخميس الموافق 26 / 8 / 1993

وكنت قد تعرّفت حديثاً داخل الكمب على أخ لبناني شيعي حاصل على درجة دكتوراه في موضوع الفروق المذهبية بين السُنة والشيعة .

ودخلت في حوار معه حول الإسلام ، ثم عرضت عليه هذا الكتاب ليقول رأيه فيه ، فطلب مني ترك الكتاب عنده لمدة أسبوع ليقرأه بتأمل ، وبعدها يعلن لي رأيه فيه .

وبعد أسبوع ذهبت إليه فوجدته متجهّماً ، فسألته عن رأيه .

فقال : رأيي هو أنك ألدّ أعداء الإسلام وأنك تسعى لهدمه من جذوره ، ولو كان الأمر بيدي لقتلتك الآن لأنك كافر مرتد وأكبر حاقد على شخصية النبي !

فقلت له : أشكرك على سمو أخلاقك ، لكن أنا لم أذكر سوى حقائق الإسلام كما دوّنه القرآن والمراجع الإسلامية ، فهل مراجعي غير صحيحة ؟

فقال : مراجعك التي ذكرتها صحيحة ، ولكنها حق يراد به باطل ، فأنت فصلت نصوص المراجع على حسب أهوائك ، وأنت إنسان مجنون حتى تظن في نفسك أنك قادر على تحدي مشاعر المسلمين الذين يعمل لهم العالم ألف حساب ولن تفلت من غضبهم. ويوم يُنشَر هذا الكتاب لسوف يحرقونك حياً !



وأدركت أن هذا الكتاب سوف يسبب لي الكثير من المتاعب لأنه صريح ، وقد علمت بحكم اختباري مع المسيح بأن للصراحة ثمن لابد أن يدفعه المدافعون عن الحق ، وأن إبليس - كما لقبه المسيح (بالكذاب وأبو الكذاب) يقاوم بعنف أي عمل صريح يتسبب في فضح أكاذيبه وكشفها أمام الناس ، وأنه لذلك احتال عليهم بالكذب والتلفيق وغلّف أكاذيبه وتلفيقاته بمسمّيات زائفة ومتنوعة فهي تارة تحمل اسم ( المحبة ) وتارة أخرى تحمل اسم ( المجاملات من أجل ضمان تدفّق البترول ) وتارة ثانية تحمل اسم ( الديبلوماسية من أجل اتقاء هجمات الإرهابيين ) . ولكني كنت واثقاً من عثوري على إنسان يقدّر قيمة الصراحة ، فعرضت كتابي على أخ مسلم آخر وكان كرديا مثقفا، فقرأه بتمعّن ، وبعدها قال لي : لو صحت هذه المعلومات عن محمد فهو ليس نبي ، وأنا سأكون أول من يكفر بالإسلام ، لكن أنا أحتاج أولاً إلى قراءة هذه المراجع بنفسي للتأكد من صدقها وبعدها سأعطي قراري .

بعد نحو شهرين التقى بي وقال : معك حق في كل ما ذكرت ، فلا رسول ولا رسالة ، ولا قرآن ولا ديانة .

ثم طلب مني معرفة المزيد عن المسيح وتعاليمه .

وبعد عدة شهور وصلتني رسالة من بلجيكا كاتبها قس إنجيلي عربي ( مسيحي الأصل ) وحملت دعوة لزيارة كنيسته وإلقاء عظة بها ، وأرسل لي مبشرا أمريكيا بسيارته ليأخذني من الكمب بهولندا وفي بلجيكا رحّب بي هذا القس ثم قرأ كتابي وأُعجب به ، وأقترح علي أن أعرضه على أشهر دور نشر مسيحية متخصصة في طبع مثل هذه الموضوعات ، وهي موجودة في ألمانيا ، فأرسلت لهم نسخة من مسودة كتابي ، وبعد عدة شهور تلقيت منهم الرد التالي :

الكتاب " حوار صريح حول الإسلام " مع الأسف لن نقوم بطباعته لأنه نوعاً ما شديد اللهجة وذو تحامل قوي على الإسلام .!!!

لكن الكتاب الثاني " رسالة إلى صديقي المسلم " فنحن نود القيام بطباعته ..



فأيقنت أن كلاًّ من المسلمين ( الواضحين) والمسلمين ( المتخفّين تحت رداء الإنجيليين ) يقاومون نشر هذا الكتاب ، وعرفت أن هؤلاء الأخيرين متواجدون داخل المنظمات الإنجيلية بكثرة ، وان كاتب هذه الرسالة هو واحد منهم ! ولم تجد هذه الدار (التي تقول عن نفسها أنها مسيحية ) شخصا آخر يقوم بقراءة وتقييم كتابي سواه ! ثم سرعان ما عرفت أن أمثال هؤلاء متوغلون في جميع الهيئات الإنجيلية المعروفة في جميع أنحاء أوربا ، وهؤلاء الإنجيليون المسيحيون "المسلمون الأصل " والذين قالوا أنهم آمنوا بالمسيحية على الطريقة الإنجيلية التي تقدم مفهوما جديدا للمسيحية لا يمتّ للمسيحية المعروفة بأدنى صلة ، إذ يضحكون على المسلمين ويخدعونهم ويقدّمون لهم شخص السيد المسيح له المجد على أنه ليس هو الله الظاهر في الجسد ، بل مجرد الإنسان النبي الصالح عيسى ابن مريم !!

ولهذا ظل غالبية هؤلاء مسلمين كما هم ، وبعضهم رغم اعتناقه المسيحية إلا أنه لا يزال يصوم رمضان !

وهؤلاء المسلمون المتأنجلون بحكم خلفيتهم الإسلامية يرفضون أي نقض صريح يوجه لدينهم الأصلي - الإسلام وتضافرت جهودهم في هولندا وألمانيا وأسبانيا على عدم نشر الكتاب الثاني ( رسالة إلى صديقي المسلم ) كما حاولوا التأثير على شهادتي في التليفزيون الهولندي غيرة على دينهم الحقيقي . فتأسفت جداً في قلبي ، وقررت وقف كل علاقاتي بهذه المنظمات الإنجيلية بعدما تأكدت تماماً أنها باتت مخترقة من قبل المسلمين المتخفين . وواصلت حواري مع المسلمين الواضحين بصراحتي المعتادة ، وكنت أمينا معهم في عرض الحقائق كما هي ، فلم أقدّم لهم المسيح على أنه النبي عيسى كما يفعل الإنجيليون ، بل قدمته على أنه هو نفسه الله الظاهر في الجسد

وفي كل مراحل حواري مع المسلمين بقيت محبتي الصادقة لهم ورغبتي الأكيدة في خلاص أنفسهم .

وساعدني في ذلك تأسيسي الإيماني الجيد داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التي سلمتني حقائق الإيمان كما هو ، والدليل على ذلك أن جميع الأخوة المسلمين الذين عرفوا المسيحية عن طريقي تقبلوها بطريقة صحيحة ، فعرفوا وحدانية الله في الثالوث ، وألوهية المسيح ، ومقررات المجامع الكنسية المسكونية الثلاثة الأولى ، فصدقت مسيحيتهم ورسخوا فيها ولم يرتدوا ثانية للإسلام.

...

وقصة الحوار مع المسلمين بدأت معي منذ كنت خادماً بالكنيسة القبطية بمصر ، أي منذ عام 1988 ، وحواري معهم كثيرا ما يمتعني متعة لا يدركها إلا من عاش بينهم كواحد منهم ، وقد كنت أحد هؤلاء ، وفاق ذلك أنني كنت من أحد رجال دينهم المتعصبين .

ولي مع بعضهم صداقات وذكريات حافلة بالمشاعر الإنسانية النبيلة ، بعضها ظل باقيا رغم ارتدادي عن الإسلام والتبشير العلني بالمسيحية ، لكن معظمها فقدته لأن أغلبية أصدقائي ومعارفي المسلمين خلطوا ما بين تلك المشاعر الإنسانية النبيلة ، وما بين الاتجاهات الدينية ، فلم يكتفوا بمقاطعتي فقط ، بل وسعى بعضهم الى إيذائي ، ظنا منهم إنما يقدمون خدمة لله . وحتى هؤلاء المضايقين فإنني لا زلت أحمل لهم كل الحب ، ولا أتردد في الحوار معهم . لكن من المؤسف له أن أغلبية الأخوة المسلمين يضيقون بسماع الرأي الآخر اعتقادا منهم بأنهم الوحيدين فقط أصحاب الرأي الصحيح ! ، وأن كل ما عداهم فهو على خطأ ! ويعتقدون أنه لا دين آخر أحق بالإتّباع إلا الإسلام (إن الدين عند الله الإسلام ) [ آل عمران عدد 9]

وأن الله الذي يعرفونه لا يقبل إلا المسلمين :

( من يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) . [ آل عمران عدد 85]

وإن أهل الكتاب المقدس هم على ضلال مبين لأنهم بحسب اعتقادهم ( لا يدينون بدين الحق )

الذي هو الإسلام فقط بحسب اعتقادهم الخاطئ [ أنظر سورة التوبة عدد 29 – 33]

ولذلك يقول كتابهم إن الله لو أراد يهدي أي إنسان ، فيشرح قلبه للإسلام !!

[ أنظر سورة الأنعام عدد 125]

كما يعتقدون أن الإسلام – وحده - هو الدين الحق والذي لابد أن يلغي المسيحية وبقية الأديان ، ويظهر على الدين كله !![ أنظر سورة الصف عدد 9].

وأن كل من يخالف دينهم فهو كافر يستوجب قتله وليس الحوار معه !!

الأمر الذي يحتاج معه إلى إحداث هزة عنيفة لعلهم يفيقون من هذه الغيبوبة ، لذلك كان هذا الكتاب ، الذي أعتقد أنه خطا خطوة صحيحة في شأن الحوار بين المسيحية والإسلام على أسس صريحة بدون أي مجاملات ، ورأيي في الدين الإسلامي والذي أظهرته بوضوح في هذا الكتاب ، هو نفس رأي السواد الأعظم من المسيحيين الشرقيين الذين يشرفني الانتساب إليهم . وقد اكتشفت وجود قلة واعية من المسلمين يتقبلون الحوار معي حول حقيقة دينهم ، رغم علمهم المسبق بأنني مرتد عن هذا الدين ، وأحمل أصدق وصف للرأي الآخر المخالف له .

فمن أجل هؤلاء القلة أسجل هذا الحوار الذي يتضمن أراء متبادلة ، وليس رأيا واحدا يفرض ذاته ويدعي أنه الرأي الأوحد ويحجب بقية الآراء الأخرى. وعندما يتم طرح الرأي ، والرأي الآخر المخالف له ، يستطيع الإنسان أن يفاضل بينهما ويختار ما يرتضيه ضميره وما يتقبله عقله ، بدون إرهاب ، وتخويف أو إلغاء لحرية وإرادة الإنسان . وقد كان لي محاورات كثيرة مع أخوتي المسلمين في وطني مصر ذات الأغلبية المسلمة ، وقمت بتسجيل بعضه في كتاب لم يطبع بعد يحمل عنوان:

[ رسالة إلي صديقي المسلم ] أرجو أن أتمكن من طباعته حتى تعم الفائدة ولاسيما هؤلاء الذين لم يسبق لهم معرفة الرأي الأخر- وما هي أسانيده التي يستند عليها

ولا بأس في سبيل تحقيق هذه الغاية النبيلة أن نتعرض للسب والشتم والتهديد بالقتل ، لأن هذا كله لا يلغي محبتي لهم .فالمسيحية التي آمنت بها تعلمني أن المحبة تحتمل كل شئ من أجل بلوغ الهدف وهو الله ، أسمى هدف يمكن أن يبلغه الإنسان .

وقد وضع الله في قلبي محبة كبيرة جدا لاخوتي المسلمين ، ليس ذلك فحسب ، بل ، وما هو أبعد من ذلك ، فلقد شاء الله أن يختارني لتبشيرهم بالرب يسوع المخلص الوحيد والذي ليس بأحد غيره الخلاص .

فهذه هي رسالتي تجاههم ، والتي من أجلها أيضا سأموت حينما يحين الوقت وأعتقد أنه الآن صار قريبا جدا عن أي وقت مضى – لان ما كنت أقوله هامساً صرت أنادى به بصوت عال . وعدو الخير لا يبغي أن يعلو صوت الحق المعلن في شخص المسيح لذلك فهو يسعى دوماً لإخماد هذا الصوت . لأنه منذ البدء وهو يناصب الإنسان العداء ويحجب عنه النور لئلا يبصر فيهتدي للحق ، ويصم إذنيه حتى لا يسمع صوت الحق فيخلص .

لان في خلاص الإنسان تقويضاً لمملكته المظلمة . لذلك نراه قد أضل أمما وشعوبا وألقاهم في بحور من التيه والضلال ، فبقيت شاردة عن الحق طوال هذه القرون دون أن يدروا لأن إبليس قد أعمى بصائرهم فصار لهم عيون لا تبصر وآذان لا تسمع ، وتباعدوا عن الحق ولا يزالون مبتعدين ..وأما عن هذا الحق فقد أعلن بوضوح تام في شخص المسيح القائل :

+ أنا هو الطريق والحق والحياة .

+ أنا هو نور العالم من يتبعني لا يمشي في الظلمة .

وقال عن فحوى رسالته :
أتيت للناس لتكون لهم حياة ويكون لهم الأفضل .
نعم فلقد آتى المسيح ليحقق للناس الحياة الأفضل ، أتى ليبحث عن الضال وليفتش عن المفقود، وليحرر المأسورين ، ويعالج منكسري القلوب .

لأنه قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ .

لم يكن جزارا ليذبح الناس ، بل طبيبا رحيما يعالج أوجاع البشر .

فهو يريد رحمة لا ذبيحة ، وهو يفتح ذراعيه بكل الحب لكل الناس قائلا لهم في مودة :

+ تعالوا إلي يا جميع المتعبين وثقيلي الأحمال وأنا أريحكم .

نعم أنه محب البشر الذي لم يسفك دماء أحد والذي قابل الإساءة بالإحسان ، والكراهية بالحب ، أرسى في العالم أسمى تعاليم عرفها البشر في المحبة والطهر والمغفرة والسلام . نسأل ملك السلام أن يمنح سلامه لنا حتى تتنقّى ضمائرنا وتصفى نفوسنا ، ونفوز بالحياة الأبدية معه في جنة مقدسة ليس فيها حوريات ولا غلمان ولا أنهار خمر ، بل نكون فيها كملائكة الله في السماء ، ننعم بحضرته البهية ونسبح لأسمه القدوس ، ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين .

ووفقنا الله جميعا إلى حسن طاعته وعمق مخافته وصميم محبته ، ومعرفته حق المعرفة بعيداً عن الأضاليل .

المؤلف .
صموئيل بولس عبد المسيح .
الشيخ محمد النجار " سابقاً .




كلمات مضيئة من العهد الجديد :
يقول أمير المهتدين للمسيحية ( القديس العظيم مار بولس الرسول ) والذي كان في عهده الأول يدعي شاول الطرسوسي وكان مجدّفاً ومفترياً ومضطهداً للكنيسة:

وأنا أشكر يسوع المسيح ربنا الذي قواني أنه حسبني أمينا إذ جعلني للخدمة
أنا الذي كنت قبلاً مجدفاً ومضطهداً ومفترياً ولكنني رُحمت لأني فعلت بجهل في عدم إيمان. وتفاضلت نعمة ربنا جدا مع الإيمان والمحبة التي في المسيح يسوع.صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليُخلِّص الخطاة الذين أولهم أنا . لكني لهذا رُحمت ليُظهِر يسوع المسيح فيّ أنا أولا كل أناة مثالا للعتيدين أن يؤمنوا به للحياة الأبدية.
( 1 تيمو 1 : 12 – 17 ).





مقتطفات من مدخل الكتاب :

بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الأخ الصديق الأستاذ : علي إلياس .‍

السلام عليكم

لا تدهش يا أخي لأنني بدأت لك رسالتي كما يبدأها الأخوة المسلمون ، فالواقع هي طريقة مسيحية الأصل.

فنحن نبدأ رسائلنا بنفس البسملة ولكن بمعناها الأصلي قبل أن يقتبسها الإسلام مبدلاً حروفها لكنه مبقياً على معناها ، فنحن عندما نقول ( بسم الآب ) إنما نعني ( بسم الله ) لأن لفظة ( الآب ) تعني

( أصل الأصول ) و( واجد كل الوجود) وهي دلالة تطلق على الله وحده الذي منه جميع الأشياء .

ولا يعقل أن واجد الوجود لا يكون هو نفسه موجود ، ولا أحد من العقلاء يستطيع أن ينكر وجود الله ، وهذا هذا الوجود الأزلي نطلق عليه نحن المسيحيون لفظ ( الله الآب ).

وعندما نقول ( والابن ) فإننا نعني بذلك ( الرحمن ) ، وهي مشتقة من لفظة ( الرحم ) والمعنى هو أن يسوع المسيح ( كلمة الله ) تجسد في شكل إنسان وولد بالجسد من رحم القديسة العذراء مريم البتول بواسطة الروح القدس ، وبما أنه لم يكن له أب بشري كسائر المولودين ، سُمّي ابن الله بمعنى روحي يُفهم منه أنه من ذات جوهر وطبيعة الله . وسُمّي المسيح أيضاً بالرحمن بسبب رحمته الكبيرة للبشر ، لهذا رأينا القرآن يقول عن المسيح أنه : ( آية للناس ) و ( رحمة من الله ) [ سورة مريم 21 ].

كما أن الرحمن أيضاً هو فكر الله الرحيم بمخلوقاته ، هو العقل الإلهي الذي يدير ويدبّر هذا الكون بدقة متناهية ـ وسُمّي كلمة الله لأن الله تكلم مع الأنبياء حتى سُمّي موسى النبي كليم الله . فالابن هنا ليس كائنا بشريا، بل هو عقل الله نفسه الناطق لهداية البشر ، ويتفق القرآن معنا على أن السيد المسيح هو ( كلمة الله ) ( 45 آل عمران + 171 النساء) وعندما نقول ( والروح القدس ) فإننا نعني بذلك ( الرحيم ). وهو روح الله نفسه ، وهو روح رحيم بالبشر ويعمل على هدايتهم وتبكيت ضمائرهم لو ارتكبوا المعاصي . وبما أن المسيح من نفس طبيعة الله وواحد معه ، لذلك قيل عنه في القرآن أنه ( روح الله ) [91 الأنبياء] وهكذا فالبسملة المسيحية لا تعني ثلاثة آلهة ، بل إله واحد موجود رحمن رحيم ، فالله موجود بذاته ، وهذا الوجود الذاتي نطلق عليه لفظ ( الآب ). والله ناطق بعقله ، وهذا النطق العاقل نطلق عليه لفظ ( الابن ).

والله حي بروحه ، ونطلق على روحه لفظة ( الروح القدس ).

فهو موجود بذاته – ناطق بعقله – حي بروحه – والثلاثة هم واحد .

وهذا الإله الواحد هو ( الله ، الرحمن ، الرحيم ) أي ( الآب والابن والروح القدس ) إله واحد . أمين

ولا تدهش أيضا أني حيّيتك بتحية الإسلام السلام عليكم !

فهي الأخرى تحية مسيحية الأصل ، ولكن اقتبسها الإسلام وحوّل حروفها من ( السلام لكم ) إلى ( السلام عليكم ) مع أن التحية الأولى ( السلام لكم ) إنما تمنح السلام من الله للبشر ، بينما التحية الثانية تعني أن البشر مطالبون بالسلام ، ومعروف أن سلام البشر ناقص بدليل الحروب المشتعلة بينهم ، إنما سلام الله الممنوح للبشر فهو سلام مبارك وحقيقي . والسيد المسيح أعطى لهذه التحية معان أكبر وأعمق من مجرد كونها تحية روتينية يتبادلها الناس ظاهرياً رغم ما يحملونه بداخلهم من كراهية وأحقاد وعنف ، إذ قال [ طوبى لصانعي السلام] . وحسناً شهد القرآن للمسيح على أنه ينبوع السلام ، وأن السلام يظلله أينما حل وأينما كان :

[سلاما علي يوم وُلدت ، ويوم أموت ، ويوم أُبعث حيا ] سورة مريم 33 ].

أما بعد ...


المسيح جاء لكل الأجناس البشرية بما فيهم الجنس العربي ، لكن العرب رفضوا تعاليم المسيح المسالمة والمتعففة نظراً لخشونة طباعهم الصحراوية ولميلهم الطبيعي إلى سفك الدم والجري وراء الغرائز الحسية

أما قولك يا صديقي بأحقية الشعب العربي فأن يكون لهم نبي عربي وكتاب عربي مثل بقية الشعوب ، فنود أن نصحّح معلوماتك بالآتي :-

الله لم يرسل رسلاً لكل الشعوب قاطبة ، لأن هذه الشعوب رفضت رفض بات قبول فكرة وجود الله الواحد فكانوا يعبدون الطبيعة والكواكب مثل عبادتهم للشمس والقمر، ومثل عبادتهم لمظاهر الطبيعة من أنهار وأشجار ، ومثل عبادتهم للمخلوقات ( الإنسان والحيوانات والزواحف ) ومثل عبادتهم للأحجار كالشعب العربي. فاقتصر رسل الله إلى نبي إسرائيل وحدهم دون بقية شعوب العالم باستثناء شعب أهل نينوى بالعراق. فلقد أرسل لهم الله ( يونان النبي) الذي يدعونه المسلمون ( يونس).

أما بقية الشعوب القديمة فلقد رفضت بشدة قبول فكرة الإيمان بإله واحد خالق السموات والأرض وكانوا يسمعون برسالات الأنبياء المرسلين للشعب اليهودي فيسخرون منهم ويستهزئون بتعاليمهم متمسكين بأنبياء البعل وأنبياء الوثن والسحر. وعلى هذا فلم يكن هناك شعب أخر في الأرض يعرف الله الحقيقي ويتعبد له سوى الشعب الإسرائيلي، أي أبناء يعقوب بن اسحق بن إبراهيم. فبنو إسرائيل كانوا من أول شعوب الأرض معرفة بالله – وإن كان هذا الشعب قد ترك عبادة الله عدة مرات في تاريخه الطويل ، وعبدوا العجل ، والإلهة عشتاروت، وبقية آلهة الأوثان التي كان يتعبد لها الشعوب المجاورة لهم ، لكنهم كانوا سرعان ما يندمون ويتوبون ويرجعون ثانية إلى عبادة الله الحقيقي خالق السماء والأرض . والى هذا الشعب أرسل الله أنبياءه العظام مثل اسحق ويعقوب ويوسف وموسى وداود وسليمان وغيرهم كثيرين، حتى جاء المسيح من نسلهم بحسب الجسد ، وجاء للعالم كله شرقه وغربه. وطبعا العرب لم يخرجوا عن هذا العالم، بل وأقبل الكثيرون منهم على اعتناق المسيحية شأنهم شأن بقية شعوب الأرض .

ويروي عمالقة التأريخ الإسلامي الأولين أمثال ( ابن هشام والطبري وابن خلدون ) أن المسيحية دخلت إلى الجزيرة العربية في منتصف القرن الأول الميلادي بواسطة أحد تلاميذ المسيح من الحواريين وهو القديس برتلماوس والذي ذهب إلى الحجاز لتبشير أهلها بالدين المسيحي .

وانتشرت المسيحية في جميع أنحاء الجزيرة العربية والخليج العربي قبل ظهور الإسلام بمئات السنين. ووقت ظهوره كان لها وجودا مؤثرا وسط العرب في البحرين وقطر والإحساء واليمامة ويثرب ، بجانب وجودها الأصيل في جنوب الجزيرة ( اليمن : حضرموت ، نجران + العراق : الحيرة ) .

وشمالها( سوريا : الغساسنة ) . لكن يحلو لبعض مزيفي التاريخ من المسلمين محاولة محو تاريخ العرب المسيحيين قبل ظهور الإسلام ، رغم أنه تاريخ كبير جداً لا يسع المجال هنا لسرده تفصيلياً. وبالرغم مما اعتراه من ضعف نتيجة ابتلائه بالنصارى 221 وبالنساطرة وبقية الفرق المنحرفة عن المسيحية السوية ، إلا أنه لم يخلو من ومضات مشرقة تمثلت في استشهاد عدد كبير من المسيحيين الأسوياء العرب دفاعاً عن إيمانهم المسيحي ، وخاصة أهل نجران. وقد تحدّث القرآن عن هؤلاء الشهداء وسماهم بأصحاب الأخدود [ أنظر سورة البروج ]. وقد اعتنقت الشعوب العربية الأصيلة (المتحضرة ) المسيحية عن اقتناع كامل ، ولا سيما عرب الجنوب وعرب الشمال المعروف عنهم بالتحضر والرقي .

أما عرب الحجاز فلقد وصلتهم المسيحية بالفعل ولكنهم رفضوها ، لأن أغلبهم كانوا غير متحضرين و يميلون لسفك الدم والإغارة على الآمنين لنهبهم والاستيلاء على ممتلكاتهم. وكانوا يعتبرون هذه الأعمال الهمجية من الملاحم البطولية !!! ، وكانوا أيضاً ذوي ميل كبير للغرائز ، لذلك رفضوا قبول المسيحية السوية التي تحتوي على تعاليم السيد المسيح السامية لمخالفتها لطبائعهم وعاداتهم المتوحشة، وأقبلوا على ( النصرانية ) المختلطة باليهودية والنسطورية والآريوسية والأبيونية والحنيفية والوثنية ، حتى أن الكعبة جمعت كل هذه التيارات معاً. بجانب عدد قليل من سكان مكة الذين اعتنقوا المسيحية السوية تأثراً بمسيحيي نجران الذين كانوا يترددون على مكة بقصد التجارة. فليس صحيحاً أن العرب لم يسمعوا بالمسيحية وأنهم كانوا يحتاجون لنبي خاص بهم ولدين جديد يجمعهم ، لأن العرب شاء الرب أن يكون لهم نصيبا من الخلاص بقبولهم الإيمان بالمسيحية. وأكبر دليل على ذلك أن الروح القدس عندما حل على حواريي المسيح وجعلهم ينطقون بألسنة لغات الأمم والشعوب لسهولة تبشيرهم ، كان من بينها اللسان العربي 222 وقد قال السيد المسيح لتلاميذه :

- أذهبوا إلى "العالم أجمع" واكرزوا – بالإنجيل – للخليقة كلها 223 .

- لذلك فلم تمضِ سوى سنوات قليلة حتى انتشرت المسيحية في جميع أرجاء العالم بما فيه العالم العربي+

بل وتحوّل كل شمال العالم العربي من الوثنية إلى المسيحية ، وكذلك الأمر في جنوب الجزيرة العربية.

بل وصارت هذه المنطقة الأخيرة ، ونعني منطقة الجنوب، وخاصة ( نجران )، مركزا من مراكز المسيحية الهامة 223 وليس نجران فقط ، بل واليمن كله .

هذا عن شمال الجزيرة العربية وجنوبها ، أما عن وسط الجزيرة – مكة – موضوع بحثنا ، فكان للمسيحية وجودا أيضا ، وإن كان ليس قويا مثل الجنوب والشمال للأسباب السابق ذكرها. لهذا لم تتوغل داخل نفوس المكيين. ولم يكن ذلك قصورا في تعاليم المسيحية ، بل قصور في عقلية المكيين البدو التي جُبلت على الحرب والشدة والقسوة وحياة البدو الهمجية. هؤلاء فقط لم تنجح معهم تعاليم المسيحية وما تدعو إليه من السلام والموادعة والعفة. وهي أمور يرفضها شيطان مكة الذي أغرق شعبها في الوثن وكافة الموبقات. فكان طبيعيا أن يرفضوا تعاليم المسيحية السوية . لكن هذا الرفض المكي لم يمنع من وجود المسيحية وانتشارها داخل مكة – كما سبق وذكرنا. لكن مع تقادم الزمن بدأت تختفي المسيحية السوية من مكة وتكون الغلبة للنصرانية النسطورية والتي كان عليها في بدء العهد الإسلامي ( أسقف ) عربي قُح من بني قريش المكيين، وهو ( القس : ورقة أبن نوفل بن الأسد ) رئيس الجماعة النسطورية في مكة. كما أنه ساهم في تأسيس الكنيسة النسطورية في يثرب ( المدينة ) حتى صار عليها مطران واسقفيّتان وثلاث كنائس وعدد ضخم من الأتباع ( أنظر التقويم الكلداني النسطوري للخوري بطرس عزيز، طبعة بيروت 1909 ص 8 ).

وتذكر لنا المصادر الإسلامية جانبا من الصعوبات التي كانت تعيق انتشار المسيحية وسط قبائل البدو وممن لم يكن لهم حظ من الرقي، فتقول :-

اعتنقت بعض القبائل العربية المسيحية … واستطاعت أن تنشئ لها بعض الكنائس ، كما حدث باليمن. وقد اعتنقت بعض القبائل العربية ، كقبائل تغلب ، وطي وبكر. وكان اعتناق هذه القبائل الدين المسيحي أمرا طبيعيا وذلك بحكم جوارها بالشام حيث موطن المسيحية. إلا أن المسيحية لم تكن راسخة الأقدام لان مبادئها وما تدعو له من السلام والموادعة تتنافى مع طبيعة البدوي التي جُبلت علي الحرب والشدة والقسوة. 224

نعم نجحت المسيحية مع القبائل العربية المتحضرة والتي كان لها نصيبا من الفكر والرقي ، بينما رفضها أهل مكة النازحين من الشعاب والوديان لأنها لا تتوافق مع ميلهم إلى سفك الدم والشهوات. كان يوافقهم دين حربي شهواني. وقد جاءهم ما كانوا يطلبون والذي يتوافق ويتلائم تماماً مع طبائعهم الخشنة .

أما القبائل العربية المتحضرة فلقد انتشر بينهم الدين المسيحي ، وصارت لهم ممالك مسيحية قوية، وبقيت في الانتشار حتى ازدهرت بناء الكنائس والأديرة وصوامع الرهبان .



مؤسس الإسلام والشوكة النسطورية في الحلق المسيحي !!!

كل ما يزرعه الله فهو زهور ، وكل ما يزرعه إبليس فهو حسك .

الله زرع الحنطة ، وإبليس زرع الزوان ، هذا الأمر نراه بأكثر وضوح منذ أيام أبينا إبراهيم .

كان أبونا إبراهيم قد تلقّى وعدا من الله بأن يعطيه نسلاً مباركاً. لكنه تعجل وأخذ بالمشورة البشرية الناقصة فسمع لكلام زوجته سارة التي طلبت منه أن يدخل على جاريتها ليأتي منها بنسل يحمل اسمه ويرثه من بعده. ولم تكن أمنا سارة تدري أنها بهذا العمل سوف تضع شوكة في حلق أبنائها من نسلها. جاء إسماعيل من هاجر وحمل معه شعورا بالنقص والكراهية نظراً لمنبته الوضيع باعتباره أبن الجارية. فظل يكره ويضطهد ابن الحرة ، أي ابن الموعد الإلهي .

تعجلت سيدتنا سارة وتعجل معها أبونا إبراهيم، ولم ينتظرا تحقيق وعد الله لهما، فسارا بمشورتهما البشرية الخاصة وكان الثمن باهظاً جداً. ورغم ذلك عاد الله وحقق لهما وعده فأنجبا إسحاق ابن البركة وابن الموعد ، فماذا حدث ؟

حدث أن إسماعيل كان يحقد على إسحاق. وظنّت أمه أنها صارت سيدة حرة شريفة ونسيت أنها مجرد جارية. فكان الحل هو عزل الجارية وأبنها عن الحرة وأبنها. ورغم هذا العزل، إلا أن أبناء الجارية ظلوا يحاربون ويضطهدون أبناء الحرة. وكانت سارة ترى ذلك فتندم لتسرّعها وموافقتها على إعطاء جاريتها لزوجها لينجب منها. ويقيني أن هذا الخطأ هو من أكبر خطأ وقع فيه أبونا إبراهيم طوال حياته. وهو الآن حياً في السماء ويرى ما يفعله أبناء إسماعيل ، هذا النسل البشري المتوحش الذي جاء بحسب مشيئة البشر ، بأبناء النسل المبارك الذي جاء بحسب مشيئة الله . ومما يؤسف له أن نفس هذا الخطأ الذي وقع فيه إبراهيم وسارة ، كرره النساطرة ، ولكن بطريقة مختلفة ، وذلك بعدما تضافرت جهودهم لصنع الإسلام ونبيه وقرآنه نكاية في غرمائهم المسيحيين الأسوياء . فهؤلاء النساطرة ( كما تمدنا المصادر السريانية القديمة عنهم ) كانوا في بداية عهدهم مسيحيين أرثوذكس أسوياء تابعين لكرسي إنطاكية السرياني الأرثوذكسي العظيم . وكان يُطلَق عليهم تسمية ( السريان الشرقيين )، وهي تسمية عامة كانت تشكل كل المسيحيين القاطنين في المشرق ، ثم انحرفوا عن التعاليم المسيحية وأتبعوا النسطورية التي أنكرت ألوهية المسيح. وهي العقيدة التي أجمع عليها غالبية المسيحيين في كل أنحاء الأرض. وحمل هؤلاء النساطرة حقداً دفيناً على أشقائهم المسيحيين الأسوياء منذ مجمع أفسس سنة 431 م الذي تم فيه تجريد رئيسهم نسطور من رتبته البطريركية ، وتم نفيه عن البلاد لمحاولته إفساد أذهان المسيحيين بأفكاره الشيطانية ، حتى مات في منفاه غير مأسوف عليه . وحدث بعد موته أن قام أتباعه ومؤيدوه من أساقفة المشرق ، وأعلنوا تحدّيهم السافر للعالم المسيحي بأجمعه بخروجهم عليه ، وتأسيسهم فرقة دينية خاصة بهم ، بعد انسلاخهم عن كنيستهم السريانية الأرثوذكسية وقيامهم بتكوين كنيسة غير شرعية عُرفت في التاريخ باسم ( كنيسة الفرس النسطورية ) . وأعلنوا اتحادهم مع عبدة النار والكواكب من الفرس الوثنيين ، ضد أشقائهم المسيحيين في إنطاكية والإسكندرية وروما والقسطنطنية .

ومن هؤلاء النساطرة الأوائل برز شخص سفاح يدعى : برصوم النصيبيني ( أسقف نصبيبن ) الذي شرّع السيف في رقاب المسيحيين العراقيين لنشر مذهبه النسطوري بالقوة في البلاد ، بادئاً بقتل جاثليق المشرق الشهيد القديس باباي . ثم التفت إلى الشعب المسيحي وقتل بوحشية شديدة زهاء سبعة آلاف نفس ، حتى أرغم بقية الشعب على إتباع الهرطقة النسطورية بدعم من ملوك الفرس الوثنيين الذين كانوا في حرب شرسة ضد ملوك المسيحيين فاستخدموا النساطرة مخلب لهم ضد أشقائهم المسيحيين . وبعدما أفل نجم الفرس ، اتجه النساطرة إلى العرب وتحالفوا معهم ضد المسيحيين .ومن يتأمل الطريقة التي أتبعها محمد في نشر دينه ، ويقارنها بما فعله برصوم أسقف النساطرة ، يتأكد لديه امتداد الزرع الشيطاني الشائك ، ويخيل إليه بأن محمد هذا ما هو إلا تلميذ نجيب في مدرسة برصوم النسطوري .فلقد قام محمد بتقليد منهج برصوم في نشر دينه بحد السيف . لذلك فأنا لا ألوم محمد بقدر ما ألوم أرباب النساطرة الذين صنعوه نكاية في المسيحيين الأسوياء وجعلوه بمثابة الشوكة في حلقهم 225.

وكان هؤلاء المسيحيون الأسوياء يشكلون خطراً كبيراً على صاحب الدعوة الإسلامية أو كما أحب أن أدعوها ( الدعوة النسطومحمدية )!!! فكان لوجود المسيحية العربية الأرثوذكسية في قلب الجزيرة العربية ، العقبة أمام مؤسس الإسلام والتي تحول دون انتشار دينه الجديد الذي ابتدعه لنفسه بعد استقلاله عن النسطورية . نعم كان محمد في بداية عهده مسيحيا نسطورياً. وظل نسطورياً حتى وفاة معلمه النسطوري ورقة ابن نوفل وعندما مات ورقة كان محمد في الرابعة والاربعين من عمره ، وكان قد مضى على المجاهرة بدينه الجديد 4 سنوات ..وبعد موت معلمه ورقة قام ( بأسلمة ) نسطوريته، فصار دينه ( إسلام نسطوري ) مطعم بتعاليم بقية الفرق المنحرفة الأخرى التي اقتبس تعاليمها وقام بخلطها بتعاليمه في كوكتيل ديني عجيب جمع بين التعاليم المسيحية السوية ، وبين التعاليم النسطورية والأبيونية والأريوسية واليهودية والحنفية والصابئية والوثنية ‍‍‍!!! حتى أنك عندما تطالع القرآن تجد ظلال هذه التعاليم المتناقضة المشوهة غير المترابطة .

وعندما قويت شوكة محمد ، أسرع بالتخلص من كل أعوانه النساطرة الذين يعرفون سره وسر وحي .كما أنه أراد التخلص من المسيحيين الأسوياء الرافضين لدعوته لعلمهم التام أنها مجرد دعوة هرطوقية. فظل يتحيّن الفرصة المناسبة لتصفية الفريقين معاً، وتصفية كل إنسان أطّلع على بدايته ويعرف تماماً القصة الحقيقية لوحيه المزعوم .

كانت بداية التصفية بموت معلمه ورقة ، وزوجته خديجة ، ثم هجرته من مكة إلى المدينة ، وهناك حانت له الفرصة لإعلان الانقلاب على كل ما له صلة بالمسيحية التي تلقاها وظل عليها حتى بلوغه الرابعة والأربعين من عمره . والدارس المسيحي يلاحظ أن تعاليم محمد الجديدة التي ظهرت في ( يثرب ) بعد هجرته ، راعي فيها محاربتها ومقاومتها لكل تعاليم المسيح ، ابتداء من سفك الدم إلى تعدد الزوجات. ونظراً لأن وجود القبائل المسيحية العربية تشكّل مانعا قويا لتنفيذ انقلابه على المسيحية ، لذلك قرر محاربة هذه القبائل وإذلالها. وبدأ في محاربتهم منطلقاً من يثرب والتي استأصل وجودهم منها ، ومعهم اليهود .

وكان لليهود أيضاً دور ملحوظ جداً في وحيه المزعوم. وقد ساهموا فيه بطريقة خبيثة بقصد الانتقام منه وإظهار كذبه أمام الآخرين ، فدسوا له أمورا مضحكة أوهموه أنها وحيا سماويا ! !! بينما هم أفضل من يعرفون أنها مجرد أساطير وخرافات موجودة في كتب الوثنيين وكتب الأساطير الأولين. ومرّروا عليه خديعتهم.

لذلك حوى القرآن الجانب الكبير من تلك الأساطير والخرافات .

وعندما توافرت القوة الحربية اللازمة لمحمد، شرع في التخلص منهم جميعاً. ثم بدأ يتجه للقبائل المسيحية العربية. فأمر بتجهيز جيشه لغزو – مؤتة – لكنه هزم هناك هزيمة ساحقة ، فأعد جيشا أكبر وأكثر عددا وعدة ، وقام بقيادته وذهب إلى – تبوك – وتمكن من غزوها. وبعد أن كسرهم ضرب عليهم الجزية 226

وأستمر عداء المسلمين العرب لإخوانهم المسيحيين العرب. فلم تمضِ سنوات قلائل حتى تمكنت الجيوش المحمدية من تدمير بلدان وممالك المسيحيين العرب .

وكان الإسلام صريحا جدا في تصفية أهل الكتاب وعدم السماح لوجود ( دين أخر للعرب غير الإسلام ).

وحديث النبي في هذا الخصوص مشهور جد، وهو – [ لا يجتمع بجزيرة العرب دينان ] –

وهو رد بليغ على مسلمي اليوم المتشدقين بمعسول الكلام من كون أن الإسلام لم يحارب أهل الكتاب من اليهود والمسيحيين ، وكان متسامحا وكريما معهما إلى أبعد الحدود!!! وهل هناك كرم أكثر من ذبحهم وإجلاءهم عن ديارهم ونهب ممتلكاتهم ؟؟

أفيقوا أيها السادة وكفاكم تزييفا وتشويها للتاريخ .



تابعونا فى الحلقة القادمة .. محمد النجار يقابل عماشة شخصياً !!



كنت أعمى والآن أبصر .. - مسلم سلفي - 12-04-2005

:nocomment:


كنت أعمى والآن أبصر .. - عبد الله عز و جل - 12-04-2005

اقتباس:  katz   كتب/كتبت  
اقتباس:تابعونا فى الحلقة القادمة .. ومغامرات محمد النجار فى الأدغال !!

:lol2::lol2::lol2:

و النبى يا ابانوب لما يقابل عماشه يسلملى عليه كتير قوى
:lol:

[صورة: lol.gif] [صورة: lol.gif] [صورة: lol.gif]

الظاهر إن النجار كان رايح يجيب خشب من الأدغال

بس مين عماشة ده ؟
اللى بيطلع فوق الكعبة ؟؟ [صورة: lol.gif] [صورة: lol.gif]