حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
زمن المثقف الأخير. - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: زمن المثقف الأخير. (/showthread.php?tid=15398) |
زمن المثقف الأخير. - Waleed - 09-19-2006 الزميل المحترم / بهجت هذه المداخلة - و المداخلة القادمة لي - أعيدهما هنا من شريط آخر - بعد أن رأيت و قد أكون مخطئا - أنها ذات صلة بموضوع الثقافة عامة. و نسبية الثقافة بوجه خاص. فأنا أعتقد أن الأساس الذي نقف عليه و نحن نعرف الثقافة و المثقفين (و الكثير من المفاهيم التابعة) - ثم تباعا نطالب بدور فاعل لهم - قد يكون مختلف بدرجة هائلة بدون أن نحس. مسببا الكثير من الإلتباس. أأسف مقدما على طول المداخلات. (f) [CENTER]نسبية الثقافة و الديموقراطية و الحرية و حقوق الإنسان و أشياء أخرى الكثير من الألفاظ و المصطلحات التي إعتادت آذاننا سماعها و إعتادت عقولنا ترجمتها لصورة ذهنية معينة - تاركة إنطباعها بنفوسنا سواء جيدة أو سيئة - الكثير منها مدلس و عن عمد أو لا تكمننا خلفياتنا المعرفية و الثقافية من إستيعابها - و يختلف فهمنا الخاص لها في ثقافتنا الشعبية أو عقلنا الجمعي تحديدا - و بشدة - عن معناها الأصلي و هذا من المصدر الذي إستعرناها منه في البدء. وجب علينا في هذا المقام أن نفترض المعنى الأصلي و المستورد من جهته الأصلية كمرجع - و نطابق عليه أي معنى آخر و ليس العكس. و كمثال - فج للتوضيح فقط - في دولة ما - بعد إنفتاحها على دولة غربية بأي وسيلة - و في محاولات تجديد نظامها الإقتصادي من أساسه - إعتمدت عملة جديدة و سمتها بنفس إسم عملة الدولة الغربية باوند مثلا أو دولار. و بدلا من أن ترسم عليها جورج واشنطن رسمت صورة رئيسها أو ملكها (الحالي طبعا ثم خلفه بعد عمر طويل). لا و لن يصح أبدا أن تكون العملة الجديدة (الباوند المصري مثلا) هي ذاتها الباوند الإنجليزي. و هذا بغض النظر عن فارق قيمة أي من العملتين و أيهما أعلى - فلن يكون الباوند المصري هو الإنجليزي إلا حالة توحيد العملة الفعلي بين البلدين. بالمثل فمن حق أي رئيس مدينة أن يسمي شارع بها الشانزليزيه مثلا - لكن ليس من حقه أن يقرر و بثقة أن شانزليزيه مدينته هو الشانزليزيه الذي هو أصل إستعارة اللفظ - و هذا بغض النظر عن كون شارعه الجديد أسوأ أم أجمل. المشكلة هنا ليست في لفظ واحد لمعنيين مختلفين - بل المصيبة أن يلتبس الأمر علينا لدرجة أن نعتقد أنه لا يوجد سوى لفظ واحد لمعنى واحد. و في مثالنا السابق - يمكنك تخيل أن يشترك جميع الأطراف المعنية ذات المصلحة - في إيهام الشعب المصري مثلا - أنه حين يتحدث أي فرد في العالم عن الباوند (في المؤتمرات الإقتصادية أو حتى الأفلام السينمائية .. إلخ) فإنه و بالتحديد يقصد الباوند المصري (بالقيمة التي يعرفها الشعب) - و هنا عندما يسمع أن متوسط الدخل للإنجليزي (مثال فقط) هو 500 باوند فالواجب أن يحمد ربه و يشكر حكومته - فهو لا يبتعد كثيرا عن دخله (500 باوند مصري) - و هنا سقط فارق القيمة الهائل من الصورة الذهنية و إنطباع الشعب. و بالمثل - إذا أوهم رئيس المدينة شعبه أنه لا يوجد شانزليزيه غير ما يوجد بمدينتهم - فعند سماعه المصطلح من أي غربي أو شرقي - آليا يتخيل شارعه - و هذا طبعا بمساعدة آليات مثل الرقابة على الميديا - التي ستسمح بمشاهد الممثلين بالأفلام الأجنبية و هم يتحدثون عن الشانزليزيه - لكن ستحذفها حين يظهر الشارع ذاته. الباوند أو الشانزليزيه الذي يتحدثون عنه ليس هو ما نقصده - و النتيجة هي ما نعنيه بوصف حوار الطرشان. و دعنا نعود لموضوعنا "الديموقراطية" و لمعادلتنا الكوميدية بالمداخلة السابقة: 1- الديموقراطية (شئ جميل و جيد و هو حكم الشعب بالشعب - أليست هي الشورى في الإسلام؟ - آه من هؤلاء الغربيين الذين سرقوا من ديني و بنوا عليه تقدمهم .. إلخ). 2- أنا أطالب بهذه الديموقراطية. 3- تطبيقا لحقوقي الديموقراطية - سوف أنتخب الشيخ فلان الإسلامي الجليل (المتشدد في الحق - أليس الديموقراطية هو حكم الأغلبية؟ - أليست الأغلبية للمسلمين؟ إذا لماذا لا يمثلني شيخ الإسلام فلان). 4- الشيخ فلان برنامجه هو تطبيق الشريعة الإسلامية و إلغاء أحزاب الشيطان و على المتضرر (الكافر بالضرورة) اللجوء لمسرور. 5- سحقا للديموقراطية التي ضحكوا بها علينا - و أهلا بالحكم الديني و تطبيق الشريعة. هذه المعادلة التي تبدو مثل المتناقضات المنطقية Paradoxes - هي عملية مستمرة من Fall back أو (العودة للخلف) - تظل في صعودها و هبوطها بما يمكن تمثيله بيانيا بمنحنى الجيب Sin Curve. ثم حدث الآن و لا حرج عن توابع هذه المتناقضة: إذا كانت الديموقراطية هي أن يختار المجتمع من يريد لحكمه - فكم هو متناقض الغرب حين يريد فرضها علي بالقوة. نحن نريد الديموقراطية - سلما و وسيلة للاديموقراطية. هل نحن متناقضون - و هل الغرب نفسه متناقض. الحقيقة أنه لا يوجد تناقض و لا يحزنون و المعضلة بكاملها أننا لا نتحدث ذات اللغة. هل الديموقراطية هي أن نختار طريقة حكمنا و من يحكمنا؟ إذا كان ذلك كل الأمر - فنحن ديموقراطيين حتى النخاع. نحن فعلا نحكم أنفسنا بإختيارنا - و لو صور لنا خيالنا أن ذهاب الحكومات الحالية سيحولنا لدول متقدمة ليبرالية بالمعنى الغربي فنحن موهومون. و الإحتمال الأغلب إن لم تتكون حكومات فاشية جديدة - أن يسودنا الحكم الثيوقراطي - و هذا لأن هذه إرادتنا أيضا - عن طريق الديموقراطية - أو عن طريق الدم - فهي إرادتنا. و في الواقع فلا توجد شعوب تحكم ضد إرادتها طويلا - و يتم ذلك بقوة ضاغطة مثل الإحتلال العسكري مثلا. و سرعان ما يتلاشى ذلك لتعود الشعوب لحالة الإستقرار الملائم لها. ما يقع في خلدنا من معاني و صور ذهنية و إنطباعات و معاني لمصطلح "ديموقراطية" مخالف تماما للمقصود من الغربي أو الليبرالي بنفس المصطلح - حتى و إن لم يدرك الطرفان ذلك تحت تأثير التعقيد و التداخل في العوامل التي تؤسس و تكون هذا المصطلح. و إذا كان مصطلح الديموقراطية يشمل ضمنا معاني مثل أن (أن نختار طريقة حكمنا و من يحكمنا؟) - فهذا لا يعني أنه يقتصر فقط على ذلك. فالديموقراطية (نقصد مفهومها الغربي) هي منظومة متكاملة من المفاهيم و العوامل المؤثرة و الشرطية و من قبل ذلك كله العوامل المؤسسة لتلك المنظومة - و هذا في شبكة شديدة التعقيد و التداخل. و هي منظومة يمكننا تصنيفها كناتج - لمنظومات أخرى تحتل مكانة الأساس. و لا تقف بذاتها أبدا. فالعوامل الإقتصادية و نسب التعليم مثلا تمثل عوامل مؤثرة بتلك المنظومة - بينما يبقى عامل إعتماد العلمانية كمبدأ عام كشرط لها. و تحت هذا كله - فإعتماد العلم كخلفية معرفية - و إستبعاد الخلفيات الدينية من هذه الغرض - يمثل الأساس التحتي لتلك المنظومة و غيرها من المنظومات الإنسانية لما يطلق عليه المجتمعات المتقدمة. الغربي حين يتحدث عن الديموقراطية - بدون الحاجة للتصريح بل و بدون ضرورة أن يدرك ذلك - فهو يرتكز فكريا و عقليا على كافة تلك العوامل الشرطية و الأساسية لهذا المصطلح - بينما نقف نحن على أرضية مخالفة تماما. من حقنا بعد ذلك أن نظل نطلق على مفهومنا نحن للديموقراطية "ديموقراطية 1" أو "ديموقراطية شرطة" أو أن يظل يطلق عليه نفس اللفظ. لكنه بكل تأكيد لا يدل من قريب أو بعيد على نفس مدلولات ما يقصده الغربي أو الليبرالي باللفظ. قس على نفس الوتيرة مصطلحات مثل الحرية و حقوق الإنسان - و سوف تفاجأ بنفس نوع المتناقضات: - أنا أؤمن بالحرية - أنا حر فيما أعتقده - من فضلك أعطني حريتي. - قررت - أن أتبع ما أؤمن به و هو كتابي السماوي - ألست حرا. - كتابي السماوي هو الحرية كلها. - يأمرني كتابي بالحد من حريتي و حرية باقي أفراد المجتمع - بالقوة إن لزم الأمر. و يمكن إختصار المعادلة بعاليه إلى: ألست تؤمن بالحرية و تدعو لها - أعطني حريتي لكي أصادر حريتي و حريتك كذلك. و غني عن التحليل إختلاف مدلولات الحرية فيما نعنيه به عن ما يعنيه و يرتكز عليه في الثقافة الغربية. بل حتى مدلول مصطلح الثقافة ذاته يلتبس بشكل أعلى مما سبق. هل وصلنا نتيجة لما سبق للوضع الذي نحب أن نبرر به كل تلك المتناقضات و هو (نسبية الثقافة) و الدفع بوجود فعلي لجزر منعزلة و بإستحالة الحوار بين تلك الحضارات؟ أم أن هذه النظرية هي أكبر قضية زائفة و كاذبة من وسط كل الزيف الذي نعتمده؟؟ يتبع بمداخلة قادمة ,, زمن المثقف الأخير. - بهجت - 09-20-2006 اقتباس: Waleed كتب/كتبتلأخ العزيز وليد .(f) في انتظار مداخلتك التكميلية ، اسمح لي بالتعقيب على مداخلتك الأخيرة التي تثرى الحوار كما اعتدنا منك ،في مداخلة تجمع بين عمق الفكرة و جاذبية العرض تتوغل في نسبوية القيم و المعايير ، أسمح لي أن أعبر عن نفس الفكرة بأن الثقافة جزء من المعنى ، الأصولية تعزل الديمقراطية عن نسقها الليبرالي كآلية قياسية لممارسة الحرية السياسية و تحيلها إلى مجرد حق الإنتخاب ، إن الديمقراطية لن تكون ذات معنى سوى في الإطار الحداثي العلماني ،هي أشبه بترس في آلة متكاملة ،ولو حاولنا نقلها إلى آلة أخرى مختلفة فلن يكون هذا الترس سوى حلية أو حتى عنصرا شاذا معوقا ، إن الأصولي الذي يرفض الديمقراطية كلها كمجرد نجاسة هو أكثر أمانة و اتساقا مع التجربة التاريخية الإسلامية من الذي يحاول تجميل الإسلام بما ليس فيه ، إذا عدنا لموضوه الشريط ( الثقافة ) سنجد أنها ستعني للأصولي شيئا مختلفا ، إنها لن تكون أداة فائقة للمعرقة و لكنها ستكون مجرد اداة لخدمة النص ، قالعلماني يفكر في النص و لكن الأصولي يغكر به ، لهذا أرى أن الثقافة الجديرة بهذا الإسم لابد ان تكون علمانية . خالص التقدير . زمن المثقف الأخير. - Waleed - 09-20-2006 اقتباس: بهجت كتب/كتبتالزميل المحترم / بهجت ما قلته في هذا الإقتباس بعاليه - يمثل خلاصة المداخلة التالية لي و التي أتمنى ألا تكون مع ما سبقها خروجا عن سياق الشريط. كامل إحترامي لك و للضيوف المحترمين. [CENTER]نسبية الثقافة دعنا نبدأ من محاولة تعريف مفهوم الثقافة المحلية لمجتمع ما بغض النظر و بمعزل عن باقي الحضارات و المجتمعات. لن يخرج تعريف هذا المصطلح عن مجموع الأفكار و المعلومات و المعايير و القيم الأخلاقية و الإجتماعية و الجمالية و التي تشكل في مجموعها العقل الجمعي لهذا المجتمع. و هذه المجموعة الهائلة من العوامل المكونة للمصطلح "ثقافة" من الممكن تصنيفها في منظومات رئيسية تتفاعل مع بعضها البعض في مجموعات من التأثيرات و التأثيرات العكسية المتبادلة. و تغيير طفيف في أي منظومة - يؤثر تباعا في باقي المنظومات في عملية من التفاعل المتسلسل Chain reaction - عودة لحالة الإستقرار من جديد في هذه الثقافة و تباعا في المجتمع الذي يتبناها. و كمثال - عند التغيير بمنظومة معلومات ثقافة ما - بزيادة معلومة جديدة من المجهول لهذه المنظومة - قد تدفع المجتمع صاحب تلك الثقافة - لإنتاج فكري و فني و أدبي جديد - و الذي بدوره قد يؤثر جنبا لجنب مع المعلومات الجديدة في تغيير ما بمنظومة القيم و المعايير الأخلاقية و القانونية - و تباعا و بإشتراك كل العوامل السابقة قد يتبنى هذا المجتمع معايير و عادات جديدة تفتح الباب لسهولة أكبر في إجتذاب معلومات جديدة و توسيع منظومة المعلومات أو حتى التمرد عليها ... و هكذا دواليك. أي أنه يمكن لنا أن نحدد ثقافة مجتمع ما أو عقله الجمعي بحاصل التفاعل (و ليس مجرد الجمع الجبري) لجميع منظوماته و التي يمكن تصنيفها في مجموعات رئيسية مثل الخلفية المعرفية للمجتمع و المنظومة الأخلاقية و الإجتماعية و المنظومة الإقتصادية و غير ذلك الكثير مما يمكن تصنيفه كمنظومات تعتمد بالكامل على واحدة أو أكثر من تلك المنظومات الرئيسية. و المثقف تبعا لمفهومنا هذه - و بالنسبة لهذا المجتمع تحديدا و بمعزل أيضا عن أي ثقافة مغايرة مؤقتا - سوف يكون شخصا يمتلك كما أكثر - نسبة لأفراد مجتمعه - من المعلومات و المعرفة مما يؤهله للقيادة الفكرية لهذا المجتمع - ليس في إتجاه محافظ بالضرورة - بل من الممكن في إتجاه تغيير ما بمنظومة ما من ثقافة هذا المجتمع. و غني عن الذكر أن أي مصطلح - و بخاصة المصطلحات المركبة أو شديدة التعقيد - يتلفظه فرد ما من هذا المجتمع - يقف حينها على معين من محصلة تلك المنظومات التي تحكم مجتمعه. كما قد لاحظنا في أمثلتنا عن مصطلحات مثل الديموقراطية و الحرية .. إلخ. مصطلح الثقافة و المثقف هي أشد إلتباسا مما سبق - فبداية إستخدام هذين المصطلحين بدأ لتعريف الأكثر إمتلاكا لكم معلومات من مصدر ثقافة مغاير لمجتمعنا و ثقافته السائدة حينها. و لم يستخدم لتعريف الأكثر إمتلاكا لمعلومات من مصدر ثقافة مجتمعه - بل إستخدمت مصطلحات أخرى مثل الشيخ و خلافه. و مازال لليوم يطلق مصطلح الثقافة على المعرفة المستقاه من عقل جمعي و مجتمع مخالف لنا في ثقافته. و لا عجب أن نرى في مجتمعنا تكثيف شديد و عدوان على المثقفين - فالعداء هنا ليس للأكثر علما و معرفة بوجه عام - كدعوة للجهل - بل تحديدا هو للمعرفة و الثقافة المغايرة. و المثقف تبعا لهذا المفهوم هو الأكثر معرفة و علما و هذا من مصدر الثقافة الغربي بالتحديد و الذي أصبح مصدر الثقافة العالمي. و نحن لا ننفرد بهذا الوضع - بل تشترك فيه كل المجتمعات المعاصرة - حيث أصبح لفظ المثقف يستحضر المنتمي للحضارة الغربية / العالمية. لكن تختلف وضع المجتمعات من حيث قبول ذلك أو رفضه و درجة هذا الرفض. و لكن لماذا أصبحت الثقافة الغربية هي مشترك عالمي ؟؟ كنا قد وصلنا لطريق مسدود - حيث وجدنا المصطلحات و مفاهيمها تختلف تبعا لما يرتكز عليه قائلها من ثقافة. و كنا قد بدأنا بالتسليم لليأس على أساس وجود ثقافات تمثل جزرا منعزلة فعليا سوف يستحيل الحوار بينها. نعم - سوف يستحيل الحوار تبعا لحقيقة أن المصطلح الواحد سوف يختلف مفهومه تبعا لما يرتكز عليه قائله من منظومات تمثل ثقافته. لكن ماذا لو كان ما يرتكز عليه هو عرضة للإختراق؟ سواء في منظومة أو أكثر؟ و ماذا لو كانت تلك الثقافة أو أهم منظوماتها في طور التغيير ثم ماذا لو كان هذا التغيير قهري؟ إننا لو عدنا من جديد لمفهوم العقل الجمعي أو ثقافة مجتمع ما - في تصنيف منظوماته التي حددناها (بالخلفية المعرفية و المنظومة الأخلاقية و الإجتماعية و الإقتصادية.. إلخ) فإننا سوف نجد المنظومة المعرفية و قد إتخذت المنظومة التي تشكل الأساس لباقي المنظومات بالضرورة - هذا كونها لا تشكل فقط كم المعلومات للمجتمع المعني فقط - بل و الكيف أيضا - أي ما هي الطريقة التي يأتي بواستطها هذا المجتمع لمعلوماته. منذ البدء و على مر العصور - وجد مصدرين رئيسيين لمنظومة المعلومات - أو الخلفية المعرفية - و هما: 1- مصدر الطبيعة المباشرة من حولنا و معلوماتها و هو يخضع لقوانينها التي نستقيها بواسطة حواسنا و إمتداداتها - و هذا في إطار الطريقة التي يعمل بها عقل الإنسان (المنطق و الرياضة). 2- مصدر ميتافيزيقي للمعلومات و هو لا يخضع لأي عامل قياس. لم يمثل المصدر الأول أي مجال خلاف حتى بين الثقافات المتناحرة - كونه يمتلك وسيلة القياس المشتركة بين جميع البشر - و مع بداهته و بساطته - فهو يمثل معرفة ذات قبول قاهر. بينما مثل المصدر الثاني دائما - بالإشتراك مع مساعدة المنظومة الأخلاقية و التي ساهم دائما بنصيب كبير في تأسيسها و إضفاء الشرعية عليها - مثل المجال الأكبر للخلاف الذي لم و لن توجد أي وسيلة قياس لحله. و ما حدث في الثقافة الغربية تحديدا - هو أن المصدر الأول للمعرفة - هذا المصدر البديهي و المشترك على مستوى البشرية بغض النظر عن باقي المنظومات - قد ساد و تطور بشدة متمثلا في العلوم الحديثة و بسرعة أو قل بعجلة تصاعدية شديدة - كاشفا و معريا للمصدر الآخر الميتافيزيقي للمعرفة و مسببا إياه للتداعي ثم السقوط. و تباعا فقد تسبب في تدمير المنظومة الأخلاقية القديمة ذات الروافد الميتافيزيقية بعد أن فقدت شرعيتها. مما قد تسبب في سلسلة من التأثيرات المتبادلة الشديدة و التي إستقرت أخيرا في مفهوم الثقافة الغربية. و الثقافة الغربية هي عالمية بالضرورة - ليس تحت ضغط القوة العسكرية أو الإعلامية التي يمتلكها الغرب - بل تحت ضغط قوة و بداهة أساسها الذي يرتكز على العلوم - هذا العامل الإنساني المشترك و الذي يمتلك في ذاته وسائل قياسه المشتركة أيضا. الثقافات الإنسانية في طريقها للتوحد بالضرورة - و ما يمثل جزرا منعزلة من الثقافات - هو في طريقه للزوال و التلاشي - فنحن قد نرى المبنى المنعزل و و نحسبها قلعة شديدة التحصين - إلا أن تلك القلعة تقف على أساس بدأ فيه عامل النخر منذ زمن - و قد باتت آيلة للسقوط و فات زمن إصلاحه. زمن المثقف الأخير. - بهجت - 09-23-2006 الزميل العزيز داعية السلام .(f) أقدر لك الجدية و الإهتمام و الجهد في اعداد الردود ،و هذا أقصى ما أطلبه من شريك في الحوار ، فقط أعتذر عن تأخرى في التعليق بسبب خاص و سأعود قريبا للتعليق على مساهمتك القيمة . العزيز وليد.(f) اقتباس:كتب وليد ..أنت تتعرض في العمق لقضية محورية مرتبطة بالشريط و هي مصير الثقافة العربية المعاصرة ،هذه الثقافة في جوهرها ثقافة إسلامية أصولية متحجرة، لا بد أن يكون الإنسان مغيبا حتى لا يدرك الأزمة التي تمر بها و التي قادتنا اليوم إلى صراع مدمر ضد العالم كقوة معادية للحضارة ، أخطر ما يواجه هذه الثقافة أنها – كالديناصورات المنقرضة - لا تمتلك أية آلية نقدية للإنتخاب و التصحيح ، من يتحدث عن الثقافة العربية الإسلامية و يقارنها بغيرها من الثقافات المعاصرة يغفل حقيقة أنه يتحدث عن ثقافة تاريخية لا تنتمي للحضارة الكونية المعاصرة أو ثقافة افتراضية غير موجودة ، إنه مما يدعوا إلى الدهشة دائما و الخجل أحيانا أن هذا الواهم لا يتوقف عن انتقاد الثقافات الحية معتزا بالفضائل المتوهمة لثقافته الإفتراضية التي يفشل في التدليل على وجودها في أي مكان واقعي خارج المواعظ الدعائية ، لن يمكن إصلاح العقل العربي سوى من خارجه و لن يمكن إحياء الثقافة العربية دون ربطها يمجمع الثقافات العالمية القائدة و القوية ، هذه هي النتائج التي نصل اليها خلال البحث الأمين و غير ذلك سيكون مجرد مساجلات عديمة الجدوى ،و يبقى السؤال قائما و حيويا .. هل ستؤدي عولمة الثقافة إلى توحيد أو تقريب الثقافات المختلفة بما في ذلك ثقافات مصمتة كالثقافة الإسلامية الأصولية السائدة في منطقتنا العربية ؟.بعبارة أخرى هل هناك أمل ؟. أستحضر الآن مجموعة من الأفكار التي طرحتها في شريط زميلنا العزيز وليد عن ( هل ماتت الفلسفة ؟ ) و عدت إليها مرة أخرى عند طرح مشكلة الدين في عالم ليبرالي لأني أجد التشابه كبيرا . لعل أهم تلك الأفكار هو التشكك في فكرة الإسقاط التي نميل إليها بشكل يكاد يكون غريزيا . لو افترضنا أن التاريخ سيسير في نفس مساره السابق و لن يغير طريقه ، فسيكون منطقيا أن تتقارب الثقافات باستمرار حتى تختفي الصراعات الحادة بينها في لحظة تاريخية ما قد لا تكون بعيدة ، ولكن هذا يعني أن التاريخ ينهج منهجا رياضيا و أن المستقبل سيعكس الماضي القريب بشكل آلي . للأسف ليس هكذا عمل التاريخ غالبا ، فالتاريخ ليس منطقيا و ليس رياضيا ، و هنا أعود مرة أخرى لرأي الفيلسوف ( فيتجنشتاين) عن المستقبل و أنه يسير في منحنيات تغير مسارها باستمرار . نعم أقر أن الدين بصورته التقليدية فقد الكثير من وضعه العام كثقافة مستقلة و أصبح الآن مسألة فردية ، و أن الناس أتباع مخيرون لعدد من الأديان لا يتمتع أحدها سوى بنفوذ محدود على معتنقيه . و لكني أدعوكم كي نرى من الجانب الآخر مشهدا سيثير دهشتنا عندما نكتشف أن عولمة المجتمع و لأسباب متناقضة و على غير المتوقع تعتبر أرضا خصبة لظهور تأثيرات جديدة غير مسبوقة للثقافات المحلية و للتدين التقليدي . في المركز من المجتمع المعولم تقبع المجتمعات الغنية ، و يتبلور ما يمكن أن نطلق عليه مجمع الثقافات الأقوى ، هذه الثقافات تميل إلى التشابه و تفقد كثيرا من مظاهر التعددية الثقافية ، هذا التشابه لا يعني سيطرة ثقافة بذاتها على غيرها ،و لكنه يعكس تفاعلات كبيرة غير مسبوقة بين ثقافات متعددة ، هذا التفاعل لا يشمل فقط الثقافات الأوروبية المعاصرة ،و لكنه يمتد إلى ثقافات أسيوية كانت منعزلة إلى وقت فريب ، أكثر من ذلك فمنذ نهاية القرن العشرين عادت كثير من المذاهب الفلسفية التي خبت مؤقتا إلى الإزدهار مرة أخرى دون أن يحسم أحدها الموقف لصالحه . في المقابل مازالت الأنماط الثقافية الغربية سائدة في المحيط بل و تزدهر نتيجة للعولمة الثقافية ، و بينما يرى الغرب في تلك الأنماط تقدما و قيما أخلاقيا فهناك من يراها -خارج الغرب - مجرد غزوا ثقافيا و امتدادا للهيمنة السياسية والاقتصادية للإمبرياليين الغربيين ،و لأن التحديث القائم على العولمة ليس خيرا كله ، و لأن ردود الفعل السياسية و الاقتصادية بما في ذلك خطط التنمية قد تفشل في الاستجابة لتحديات العولمة ، فإن الثقافات الأصولية للجماعات المحلية يتم استدعاؤها لملء الفراغ ،و هكذا يجري التعبير عن الصراعات الإقليمية من منظور أصولي تقليدي كأنما التاريخ يتحرك إلى الخلف ، في هذه الحالة يقوم المجتمع بالعودة إلى الرؤية التقليدية التراثية للدين .هذا الخيار المحافظ هو الذي يعيد إنتاج الثقافة الأصولية ويدفع بها إلى مكان الصدارة على الأطراف في مجتمع العولمة كظاهرة طبيعية تؤكد العولمة ولا تنفيها !، أقر مرة أخرى أن استمرار تلك الظاهرة يتناقض مع آليات العولمة المحبذة للتمايز الوظيفي و ليس الإقليمي ،و لكن الأصولية تطور نفسها جينيا و بهذا يمكن أن تقاوم لزمن ما تكبح خلاله مد التحديث في بعض المناطق انتظارا لتداعي مجتمع العولمة ذاته مثل أي مجتمع تاريخي آخر،والأصولية في ذلك تلجأ لمختلف حيل البقاء مرتدية أقنعة لقضايا حقيقية مختلفة مثل العدل الاقتصادي في مصر و التحرر السياسي في فلسطين . ارتباط الأصولية بالعولمة يمكن أن يفسر لنا ظهور المد الأصولي في مجتمعات لم تعرف بالتدين بشكل خاص لمجرد أن تأثرها بالعولمة أكثر من غيرها مثل الجزائر . إن العولمة أبعد ما يمكن أن تفرز نموذجا موحدا للثقافة ، فهي تدفع الثقافة إلى اتجاهين متضادين ، أحدهما هو نتيجة التفاعل الإيجابي مع قيم العولمة و يمكن أن نطلق عليه النموذج الليبرالي مثل مركب الثقافات الأوروبية و الثقافة اليابانية و الهندوسية الحديثة ، و تتميز بالاعتراف بالخبرات الثقافية و الروحية المخالفة،و الثاني هو رد فعل عكسي على ضغوط العولمة و يمكن أن نطلق عليه النموذج الأصولي أو التقليدي كالثقافة العربية الإسلامية و يتميز بالارتداد إلى الجذور و العودة إلى الرؤية التقليدية للمقدس كرد فعل على حركة المجتمع الذي يتحرك في اتجاه مخالف للموروث القيمي و الثقافي ، كذلك إحياء الماضي و العودة إلى الطرق التقليدية لتمكين الدين من أن يكون المرجعية المعرفية و أداة نقل عناصر المعلومات الرئيسية و تطبيق المتلازمات الدينية للبنى الاجتماعية الماضية على مختلف تقسيمات الحاضر.إن المجتمعات لا تختار نماذجها الثقاقية وفقا لمحاجات عقلية و لكن خلال آليات معقدة ، و عموما أعتقد أن المحتمعات التي تنجح في التصدى للمشكلات السياسية و التنموية ستتجه إلى النموذج الليبرالي بينما ستتجه المجتمعات الفاشلة إلى الأصولية الثقافية ، فالنجاح يدقع المجتمعات كما يدفع الأفراد إلى التوافق مع الحياة الواقعية بينما يؤدي الفشل إلى نكوص المجتمعات كما هو الحال مع الأفراد إلى الحيل الهروبية و رفض الواقع و إدانته . زمن المثقف الأخير. - داعية السلام مع الله - 09-25-2006 اقتباس: بهجت كتب/كتبت [/i] خذ راحتك يابهجت ... وشاكر لك اهتمامك (f) زمن المثقف الأخير. - بهجت - 09-27-2006 إن التهور و السطحية ليستا في التحضر بحضارة العصر و لكنهما في مجافاة العصر و التصادم معه . الزميل العزيز داعية السلام .(f) اقتباس:لا بل لدينا الاسلام نظام متكامل على جميع الاصعدة , له نظامه الاقتصادي والاجتماعي السياسي .إن هذه المقولة هي حجر الأساس للأصولية الإسلامية التي تهدف إلى إقامة دولة دينية ، بل هي حجر الأساس في كل الأصوليات الدينية و السياسية ، النظام السرمدي المتكامل .. إمتلاك الحقيقة المطلقة .. أنظمة زمنية إلهية .. الخ . هذا يعيدنا إلى نقطة البداية و مشكلة الإطار ، إننا لا يمكن أن نلتقي أبدا مع العالم المعاصر ولو على الحد الأدنى طالما تقوقعنا داخل الإطار الأصولي ، فلنا مرجعيات متناقضة و ليست مختلفة فقط ، و سبق أن طرحت شريطا مخصصا لموضوع الأصولية الإسلامية بعنوان " لماذا لست أصوليا ؟" هنـا في هذا الشريط عددت الأسباب التي تجعلني و غيري نرفض الأصوليات كلها بما في ذلك الأصولية الإسلامية و نراها جزءا من منظومة التخلف في منطقة الشرق الأوسط ،و سأكون مستعدا لمناقشة أي فرعية في الشريط ، و سألخص هنا مضمون الشريط .إنني رافض بشكل مطلق للدولة الدينية التي يروج لها الفكر الأصولي السائد حاليا في المنطقة ،و الذي يعبر عن نفسه بأكثر الصور فجاجة و إلحاحا في السعودية و مصر و إيران و العراق . وهذه هي أسبابي : 1- الأصولية الإسلامية تقوم على تقديس النص الديني من قرآن و سنة ،و اعتماده كمرجعية وحيدة فكريا و روحيا و منهجيا ، و رفض الفكر الآخر مهما كان سموه و منطقيته و اعتباره زيغ في العقيدة . و على النقيض من ذلك فإني أعتقد أن الفكر الإنساني هو ملكية لكل البشر ،و أنه نتاج للوعي الجماعي لكل الحضارات السابقة ،و لا يقل قداسة عن النص الديني . و إن علينا الاستفادة من هذا الفكر جهد الطاقة لا يحدنا نص قديم و لا فقه عقيم . 2- الأصولية الإسلامية ترى أن الإسلام دين و دولة ، مصحف و سيف ، و بذلك تلحق الدولة بالدين كأداة سياسية له ، و أرى أن ذلك رؤية تنتمي للقرون الوسطى ،و أن الدولة الحديثة هي بناء سياسي محض ، و أرى ضرورة فصل الدين عن السياسة ،دون أن يتحول ذلك لعداء بين الدولة و الدين ، وهذا التعايش يمكن تحقيقه بنجاح في شكل الدولة المدنية الحديثة ، كالمملكة المتحدة و الولايات المتحدة . 3- الأصولية الإسلامية ترفض الانتماء الوطني و القومي ، و تراه جاهلية نتنة ، و أن الانتماء الوحيد المقبول هو للهوية الإسلامية ،و أرى ذلك خلطا بدائيا بين القيم الحديثة الحيوية و الضرورية ، و بين القبلية القديمة ، فأنا مؤمن بالوطنية المنفتحة ،و بالقومية اللاشوفينية ، كحلقات في منظومة قيمية عليا ،و أيضا بالأساس كضرورات للأمن و التنمية و الرقي . 4- الأصوليةالإسلامية توحد السلطات داخل المجتمع في سلطة الدين و ممثليه أو ما يعرف بولي الأمر واجب الطاعة المطلقة ، و أرى على النقيض من ذلك ضرورة فصل السلطات الثلاث التشريعية و التنفيذية و القضائية ، بما يحقق توازن السلطات داخل المجتمع و منع الطغيان الحتمي الذي يفرزه تفرد سلطة واحدة بالحكم . 5- الأصولية الإسلامية ترفض حق المجتمع في التشريع لنفسه ،و تحصر حق التشريع لله وحده وهو ما يعرف بحاكمية الله ، و أن النص المقدس ( من قرآن و سنة ) هو وحده المفصح عن مقاصد الله ، وهذا النص منزه و هو المصدر الحصري للتشريع ، و على النقيض أرى أن التشريع هو حق حصري للمجتمع ،و أن القرآن لا لسان له ،و أن عبادة النص يعني عبادة التراث و تقديس مفسريه ، و أن القبول بمبدأ حاكمية الله يعني تلقائيا القبول بالثيوقراطية و حكم رجال الدين و العودة إلى القرون الوسطى ، وهو ما حذر منه حتى رجل تراثي مثل الإمام علي !!. 6- الأصولية الإسلامية هي تصنيف الناس إلى أخوة ، و هم من يشاركوننا العقيدة كما نفهمها ، و أعداء وهم من يخالفوننا العقيدة . و يترتب على ذلك التحالف مع الأخوة كمؤمنين ، وقتال الأعداء ككفرة مارقين . و أرى ذلك محض تعصب مقيت لا يليق بالمتحضرين .هكذا سيزداد انفصالنا عن العالم الذي نعيش فيه فكريا و روحيا مثل الطائر المنفصل عن سربه قاصدا المجهول .. في المقابل أومن أن البشر متساوون في الحقوق و الواجبات ،و لا يجب أن نتخذ موقفا منهم إلا في ضوء تحقيق المصالح ودرء المخاطر ،و التعاون لتحقيق السلام و العدل و الرفاهية للجميع . 7- الأصولية الإسلامية تستبدل الأخوة الدينية بحق المواطنة ، و بالتي تتناقض مع جوهر الدولة المدنية الحديثة القائمة على المساواة الكاملة بين المواطنين . و أدى ذلك الطرح الديني العنصري إلى الفتن الطائفية وتفكك المجتمعات العربية التي تحوي داخلها أديان أو مذاهب متعددة ، مثل لبنان و السودان و مصر و الأردن و فلسطين و العراق و السعودية و غيرهم . 8- الأصولية الإسلامية هي الاعتقاد بثبات القيم و المعايير و أن هذه القيم و المعايير إلهية مقدسة و مستمدة من تفسير الفقهاء الثقاة للنص الديني، و أعتقد أن القيم و المعايير متغيرة بتغير الواقع التاريخي ، و أنه يجب أن نطور أنفسنا روحيا و فكريا مع التطور المادي ، و لا أرى لآراء هؤلاء الفقهاء أي حجية في عالم جد مختلف. 9- الأصولية الإسلامية تقوم على الاعتقاد بتحلل الحياة و أن هناك في الماضي كان المجتمع المثالي السعيد ، و أنه بمرور الأيام تزداد الحياة فسادا و الإنسان ضعفا . و على العكس أوقن بالتطور و أن نوعية الحياة تتجه للأحسن ،و أن الإنسان أصبح أكثر صحة و أقوى عقلا و جسدا ،و أطول عمرا و أرقى روحيا و قيميا ( أجمل الأطفال لم يولد بعد ، وأجمل الأيام كان غدا !) . 10- الأصولية الإسلامية تقدس التراث جميعه بما في ذلك المعقول و اللامعقول ،و تراه دينا كله ، و على النقيض من ذلك أرى التراث كتجربة إنسانية ، يمكننا أن نستفيد من معقوله ما لم يوجد لدينا ما هو أفضل منه ، ولكنه بالقطع ليس مقدسا . 11- الأصولية الإسلامية تبحث في التراث عن المثل و القدوة و الإيحاء و البطولة ،و لكنني على النقيض من ذلك أبحث في التجربة الإنسانية كلها عن ذلك ، فأرى غاندي و فولتير و برنارد شو و برتراند راسل و منديلا و جيفارا و .....أنبياء العصر الجديد ، ولا يقلون قداسة و عظمة عن الشخصيات الدينية كأنبياء العهد القديم . 12- الأصولية الإسلامية تبحث في الماضي عن حلول لمشاكل الحاضر ، و أرى ذلك كله كسل عقلي لا يليق بالعقلاء ، وأعتقد أن حلول المشكلات المعاصرة هي في الفكر المعاصر ،و كلما كان هذا الفكر أكثر حداثة كان أكثر فائدة ، فالفكر يتحاور أبدا مع المادة و هما يتفاعلان معا و يؤثر كل منهما على الآخر . 13- الأصولية الإسلامية لا تعترف بمقاييس الخطأ و الصواب و لكن الكفر و الإيمان ، و هكذا يتحول المخالف من منافس نفترض خطأه كما تعرفه الديمقراطيات العلمانية إلى خارج عن الجماعة أو منكر معروف من الدين ، وهو في الحالتين كافر يستباح دمه . و هكذا يصبح تعدد الآراء إثم لأن الحق لا يتعدد ، و على النقيض أرى أن تعدد الآراء و حرية التعبير عنها هو السبيل الوحيد لجلاء ذلك الحق المتوخى !. 14- الأصولية الإسلامية لا تعطي للمحكوم حقوقا كافية تجاه الحاكم ، نظرا للقداسة التي تسبغها على الحكام ، و كما قال د/ نصر أبو زيد :( وإذا كانت حاكمية البشر يمكن مقاومتها والنضال ضدها وتغييرها بأساليب النضال الإنسانية المختلفة, واستبدال أنظمه أكثر عدالة بها , فإن النضال ضد حاكمية الفقهاء يوصم بالكفر والإلحاد والزندقة بوصفه تجديفا وهرطقة ضد حكم الله . ويصبح المفهوم بذلك سلاحا خطيرا يفقد البشر أية قدره على تغيير واقعهم أو تعديله, لأنه ينقل مجال الصراع من معركة بين البشر والبشر إلى معركة بين البشر والله ) ، و هكذا تصلنا هذه الأصوليات إلى نظم ثيوقراطية طاغية . 15- الأصولية الإسلامية تدعو إلى تطبيق ما يسمى بقوانين الشريعة الإسلامية ، خاصة الحدود ، و أرى أن تلك الحدود ليست ابتكارا إسلاميا و لكنها مجرد عرف جاهلي وافقته الشريعة الإسلامية ، وهذه الشريعة لم تصمد طويلا بعد وفاة النبي حتى لاحقتها ضوابط التطبيق التي أدت إلى تجميد النص ،و استحالة تطبيقه. و تبلور الفقه الإسلامي الذي اعتمد بالأساس على احتكار النص الديني و تفسيره ، و استولد أدوات جديدة مثل القياس و الاستحسان و الإجماع و كلها منتج بشري ، و هكذا أحاط الفقه الإسلامي ( وهو بشري تماما ) بالشريعة و أصبح دينا. ،و عند المقارنة بين منظور القانون المدني لفكرة العقوبة و بين المنظور الفقهي لها ، أرى أن النتائج حاسمة الدلالة لصالح القانون المدني ، فالقانون المدني متجدد بتجدد المجتمع محكوم بنفس عوامل تطوره ، بينما الشريعة جامدة بقدسية مرجعيتها . 16- إن الدولة القائمة على الأصولية الإسلامية لن تتمكن بطبيعة تكوينها من التأهل كعضو طبيعي في المنظومة الدولية المعاصرة ،و التي تقودها الدول الديمقراطية الغربية ، مما يحول دون نموها و تطورها و يضعها دائما في مواجهة المجتمع الدولي ، كما هو حادث لإيران و السودان و السعودية و ..... جميع الدول الدينية . 17- من منظور الأصولية ، فإن ادِّعاء امتلاك الحقيقة النهائية و المطلقة هو ادِّعاء كلِّي، وهذا من شأنه أن تفرض تلك الأصوليةتصورها بوسائل العنف السياسي. وهذا المفهوم ذو نتائج إقصائية. فالتشريعات الدينية لا تستوعب أصحاب العقائد الأخرى ولا تمنحهم نفس الحقوق .ومحاولة فرض تلك التصورات خارجيا ستؤدي إلى التصادم بالعالم الخارجي حتميا . 18- تتعارض الأصولية مع حقوق الإنسان ، بالرغم أن مفهوم حقوق الإنسان هو الجواب على المشكلة التي تواجِهُها اليوم الحضارات المختلفة ، كما واجهتها أوروبا من قبل. وصراع الحضارات يجري اليوم في إطار المجتمع العالمي الذي يجب فيه على الجميع أن يتفقوا- شاءوا أم أبوا- على معايير العيش المشترك، بصرف النظر عن موروثاتهم الحضارية المختلفة. و لذلك لابد للدولة الحديثة أن تقبل معايير حقوق الإنسان العلمانية بلا تردد ، مما يتناقض مع سيادة النصوص الدينية المخالفة ،و طبيعة الأصولية ( هل ستوافق الأصوليةالإسلامية مثلا على اعتناق المسلم لدين مخالف انطلاقا من مبدأ حرية العقيدة ؟!) . 19- الأصولية الإسلامية معادية للعلم بشكل جوهري فهي تنظر إلى منجزات العلم بشكل جزئي و بمعاييرها الأخلاقية ،و ترفض ما تراه مناقضا لتلك المعايير ،و بهذا فهي تحد حرية البحث العلمي و هو أساس الحضارة المعاصرة ،و لكنني أرى العكس و هو أنه يجب أن ننظر للقيم الأخلاقية بمقياس العلم ، فالعلم مؤكد أو شبه مؤكد بينما القيم كلها افتراضية . 20- الأصولية الإسلامية ترى الإنسان كائن خلقي ، دوره في الحياة هو تنفيذ أوامر أعدت له مسبقا ، وتحكمه قيم لم يساهم في صياغتها و لغاية لا يعلمها ، و لكني أرى الإنسان كائن حر لا تحكمه سوى قوانين المادة ، وهو الذي يختار مصيره بإرادته الحرة ،و هو أيضا الذي يختار قيمه بشكل ذاتي أو جماعي . ببساطة الأصوليون يعتقدون أن الماهية تسبق الوجود و أن الكون صنع على مثال سابق في عقل الخالق ،و لكني أرى أن الوجود يسبق الماهية ،و نحن نصنع هذه الماهية في عقولنا طبقا لتجربتنا المادية . 21- الأصولية الإسلامية لا تعترف بحرية الضمير ، و لا تقر أن الإنسان هو محور الشرائع و العقائد و هو أيضا سيدها لا خادمها ، و لكني على النقيض أرى أن السبت هو الذي خلق من أجل الإنسان و ليس العكس و أن لكل منا أن يختار (سبته) كما يريد ، أو أن يلعن كل أيام السبت ! . أرى أن للإنسان كل الحق في اختيار دينه و عقيدته بإرادته الحرة . 22- الأصولية الإسلامية لا تقدم أي برامج سياسية في العصر الحديث ،و كل تجارب الأنظمة الأصولية بدأت بأكاذيب و خداع وانتهت بكوارث و دمار ،و لم تقدم للشعوب سوى الشعارات و الفقر و المرض و الجريمة و التخلف العقلي و الروحي .حدث هذا في إيران و أفغانستان و السودان و السعودية و اليمن و هي في طريقها إلى ذلك في مصر و الجزائر !. 23- تعتمد الأصولية الإسلامية الإرهاب الفكري و البدني و التخويف و العنف وخداع الفقراء و أنصاف المثقفين أداة لها ، و لكني أومن بأن الحوار الحر الموضوعي و إعمال الفكر و احترام كرامة الإنسان و آدميته و الإيمان بالعلم و جدية العمل هو السبيل الوحيد للرقي . 24- نظرة الأصولية الإسلامية إلى المرأة نظرة دونية وتتطابق بتعديل طفيف مع نظرة العربي قبل البعثة المحمدية ، و التي ترى الرجل بعلا ( الذي يعني ربا في لغة اليمانية ) ، و المرأة حريما و مبعولة !. و يرى الحكام الأصوليون أن المرأة تقل في نوعيتها عن الرجل ، و أنها عورة لا يجب أن تنشط في المجتمع و أن يفرض عليها الحجاب بمختلف مستوياته وصولا إلى النقاب ، و أنها تحت وصاية الرجل أبا ثم زوجا و مسئولة عن ممارسة الحياة التي يقررها لها البعل . و لكني أرى من منطلق عقلي و إنساني و حداثي أن المرأة تعادل الرجل تماما ، وهي مثل الرجل أيضا مسئولة فقط أمام نفس القانون ،و أن العورة في الحقيقة هو ذلك الفكر الأصولي النقابي . 25- يمارس حكام الدول الدينية نوعا فجا من ازدواجية السلوك و القيم ، فهم يدعون إلى أشياء و يمارسون نقيضها ، يدعون التعفف و لكنهم يفرطون في الجنس و الطعام ، يدعون البطولة و الشجاعة ،و لكنهم يدفعون الصغار للانتحار ، يدعون الرحمة و لكنهم يلجأون إلى الاغتيال و التكفير و تحريض السوقة و الدهماء ضد المثقفين و العلماء . 26- يتبنى حكام الدول الدينية نظرة رخيصة و شهوانية للجنس ، و إن حاولوا تجميلها بطقوس دينية مسرحية ، فلاشك أن تعدد الزوجات بهذا الشكل غير المقيد ( سوى بأربع زوجات في وقت واحد ) ، وذلك دون أن نعدد ملك اليمين و الجواري ، ساهم في الممارسة المنفلتة للجنس ، كذلك دونية النظر إلى المرأة ، وما زالت تلك الظاهرة تمارس بتوسع بالغ في الجزيرة . و لكني أرى أن الجنس هو أداة لحفظ النوع ، و هو أيضا شراكة بين متساويين للمتعة القائمة على الحب تحت رقابة الضمير الحر الراقي . 27- الأصولية الإسلامية ضد التعددية ، بينما لا يمكن تفادي التعددية أيضا فيما يختص بالنظرة إلى العالم حتى في داخل المجتمعات التي ما زالت تهيمن عليها موروثات قوية. بل و حتى في المجتمعات المنسجمة حضارياً انسجاماً نسبياً لم يعد ثمة مفرٌّ من إعادة تشكيل الموروثات العقائدية السائدة التي تنادي بإقصاء الآخر. وينمو بالدرجة الأولى في الطبقات المثقفة وعيُ أن :"الحقائق" الدينية الخاصة يجب أن تتوافق مع العلم غير الديني المعترف به عموماً، وأن يُدافَع عنها في وجه ادِّعاءات دينية أخرى للحقيقة ضمن النطاق الخطابي الواحد". 28- يؤدي إلحاح الخطاب الأصولي في الأصولية إلى ارتداد سلوكي و ثقافي ، يتمثل في إهمال المظهر و شيوع أزياء فلكلورية مضحكة بدعوى أنها دينية ! ، كذلك إصابة المجتمع بعدم الإتزان النفسي و السلوكي نتيجة حديتة الخطاب الأصولي و انغلاقه وتشبثه بقيم عنيفة و إلحاحه على الشعور بالإثم ، وهاهي نتيجة تسلط هذا الفكر على العقل المصري لمدة 25 سنة ، تدفع مجتمعا من أكثر المجتمعات العربية اتزانا إلى حافة المرض المزمن . هذه ليست كل الأسباب و ربما أيضا ليست أهمها ،و لكنها غيض من فيض كما يقال . اقتباس:وليست الملائكة والشياطين الا بعض معالم هذا النهج الخلقي المتكامل القويم الذي يتصل فيه الجانب المادي في الانسان مع الجانب المعنوي .. نوازع الخير ونوازع الشر فيه ..أحيلك إلى الدراسة الممتعة لزميلنا المجيد المهندس وليد عن المنتجات الميتافيزيقية .لقد ضربت مثلا بالشياطين و الملائكة و لكن غيرها كثير من النصوص الزمنية التي لا علاقة لها بالحاضر المعاش ، بل هي تؤدي إلى تشتيت الوعي و تعدد المرجعيات المعرفية ،وهذا معناه إنكار العلم . اقتباس:انه تهور وليس شجاعة , سطحية وليست فلسفة عميقة ولا حكيمةإن التهور و السطحية ليستا في التحضر بحضارة العصر و لكنهما في مجافاة العصر و التصادم معه . زمن المثقف الأخير. - داعية السلام مع الله - 09-27-2006 العزيز بهجت (f) لم تناقش أفكاري التي طرحتها لك في مداخلتي الأخيرة إلا قليلا , وإنما اكتفيت بتلخيص موضوعك مرة أخرى .. أنا أطرح فكرة صلاحية ( الاسلام ) للبقاء , وأنت تركز على ( الأصولية الاسلامية ) .. الحوار لا أريده أن يتحول الى حوار الطرشان .. أنا لايعنيني فهم أي أحد للإسلام كما تتصوره أنت أو غيرك , وإنما ( الاسلام نفسه ) هل هو صالح للتطبيق أم لا , هل يرقى فوق الثقافة الغربية التي هوت بأهلها أم لا .. ربما أعود مرة أخرى ... :97: زمن المثقف الأخير. - بهجت - 09-27-2006 اقتباس: داعية السلام مع الله كتب/كتبتيا عزيزي لم أناقش ما تطرحه بالطريقة التي تريد أن اناقشك بها و لكن بالطريقة التي يجب ان تناقش بها القضايا الفكرية خلال تأصيلها . أن يكون إسلاما أو مسيحية أو بوذية لا يعني سوى أنه دين و محاولة تسيسه أصولية دينية . الإسلام ليس استثناء . على الأقل لن يسمح لك العالم باعلان انتصارك عندما تهزم . زمن المثقف الأخير. - داعية السلام مع الله - 09-28-2006 العالم الذي تتحدث عنه يابهجت ليس بيده زمام ومقاليد الكون كما تتصوّر ... أن الصحوة الاسلامية ( الأصولية ) تتوغل الان في قلب أوروبا وأمريكا رغم كل المحاولات لطمس هويتها ووأدها في مهدها .. العالم يسمح أو لايسمح : فسوف يظهر الحق ويزداد وضوحا يوما بعد يوم , وأنت ترى : مامن حادثة أو نكبة أو مصيبة يلصقها الاعلام العالمي بالمسلمين إلا ويفيق المواطل الغربي المخمور بسكرة دوامة الاستهلاك التي لايخرج منها : ويبحث عن هذا الاسلام في المكتبات , حتى أن أحداث الدانمارك أسلم على إثرها من المواطنين الدانماركيين من الاعداد مالم تحرزه عدة عقود خلت .. ما السبب ؟ إنه ملائمة هذا الدين لمعنى الانسان كانسان ... عقلا وقلبا ... جسدا وروحا ... وليس هانك منهج متكامل يجمع ( ويلملم ) شعث الانسان - المعاصر خصوصا - إلا هذا الدين الجامع فعلا .. وأنا اؤمن أن الشر يهذب أدراج الرياح ويحل مكانه الخير حتما ... زمن المثقف الأخير. - بهجت - 09-28-2006 اقتباس: داعية السلام مع الله كتب/كتبتيا داعية أنت تتوهم عالما خاصا ، فنحن في عصر التشهير بالإسلام ،و سمعة الإسلام و المسلمين - حقا أم زورا - في الحضيض و بشكل غير مسبوق ، إعتناق بعض الأوربيين للإسلام هي شهادة لحرية العقيدة في المجتمعات الأوروبية التي لا تكفون عن الشكوى منها . إختفاء الشر و انتصار الخير هو ما يجب أن يخيف الأصوليين تحديدا ، فهذا يعني أن الموت المجاني و الأحزمة الناسفة و الإرهاب سينحسر .:9: أتمنى أن تنضم لركب الحضارة و تواجه الحقائق الصلبة . كل تقدير . |