نادي الفكر العربي
ألانقلاب على السلطة - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3)
+--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57)
+--- الموضوع: ألانقلاب على السلطة (/showthread.php?tid=10294)



ألانقلاب على السلطة - فرناس - 07-07-2007

ألانقلاب على السلطة

أسعد غانم


إلى أي مدى من الممكن الاستمرار في قلب الحقائق أو تجاهلها؟ هذا هو السؤال الملح الذي راودني دائماً خلال الأسبوع الأخير، منذ ما يسمى "انقلاب غزة". في كل مرة أشاهد أو استمع بها للتحليلات والمحللين ألأمريكيين، والإسرائيليين والعرب وغيرهم من مباركي "الشرعية الفلسطينية" واتفاقهم حول تحليل وفهم "الانقلاب الحمساوي" وضرورة الالتفاف حول "الشرعية الفلسطينية"، أفهم تماماً وجهاً آخر لقصيدة شاعرنا الكبير محمود درويش: "أنت، منذ الآن، غيرك"! أو بكلمات أخرى "نحن لسنا نحن".
رغم معارضتي ورفضي لممارسات القوات التابعة لحماس في تعاملها مع معارضيها خلال أحداث غزة الأخيرة، لكن كيف يمكن أن نتفق غالبيتنا على قلب حقيقة واضحة وجلية وجوهرها أن السلطة الوطنية الفلسطينية مرت قبل حوالي أسبوعين بانقلاب "شبه عسكري" بدعم أمريكي وإسرائيلي وبتواطؤ عربي واضح، ضد أصحاب الشرعية والذين حصلوا عليها من خلال صناديق الاقتراع وبانتخابات نزيهة شهد لها العالم، وبالتأكيد أكثر نزاهة ونظافة وشفافية من انتخابات "واحة الديمقراطية في الشرق الاوسط".
لست من مؤيدي التيار الإسلامي, ولي نقاش معه في الكثير من القضايا، واعرف تماماً بأن هنالك من التيار الإسلامي في العالم العربي والإسلامي من هو جزء إقصائي لا يقتنع باللعبة الديمقراطية، لكنني أدرك أن هنالك تيارا اسلاميا وطنيا وان غالبية القوى الإسلامية الوطنية المركزية هي جزء حي وفعال ومنافس وأكثر ديمقراطية من الأنظمة العربية ومؤيديها. وأنا على قناعة تامة بأن أية عملية سياسية ديمقراطية في مجتمعاتنا لا يمكن أن تكون كذلك إلا بوجود تيار إسلامي وطني يتنافس مع الآخرين على السلطة ويستطيع الظفر بها حيناً أو خسارتها للتيار الوطني العلماني، والذي انتمي إليه، أحيانا أخرى. بالتأكيد فان التنافس مع التيار الديني الوطني والخسارة أمامه او النصر عليه، اشرف بكثير من التحالف مع إسرائيل وأمريكا والأنظمة العربية المتعفنة والتي ساهمت جميعها، بحرابها او على الأقل بمشورتها، في إجهاض الديمقراطية الجزائرية عام 1991 وتحديد مشروع التحول الديمقراطي في تركيا ومجمل مسارات التحول في الدول العربية السلطوية والملكية, ومن دون أي شك أن إعلان عدم شرعية المنظمات السياسية الإسلامية، وعلى رأسها حماس وحزب الله، بنعتها بأنها منظمات إرهابية هو مشروع وسياسة منهجية أمريكية أوروبية معادية لمجتمعاتنا وتطلعاتنا، ومن يؤيدها يقف تماماً ضد مجتمعاتنا ويصف مع القوى الغربية المعادية لنا وهي معروفة.
في الحالة الفلسطينية تُرجع أسباب تقدم حماس وتراجع فتح إلى عوامل عدة ليست لها علاقة لا بإيران ولا بحزب الله كما يردد البعض، بل هي أسباب فلسطينية داخلية يتعلق جزء منها بالإخفاق السياسي والأخلاقي والاقتصادي لحركة فتح ونهجها وقادتها بعد عرفات، وبحث الناس عن بدائل سياسية هو أمر ايجابي يجب تشجيعه ودعمه، وعندما اختار الفلسطينيون حماس فعلوا ذلك لأسباب عدة أهمها معاقبة من اخفق في التعامل الجاد مع تطلعاتهم الوطنية واليومية, كما وكان اختيارهم لحماس دعماً لنهجها في الداخل الفلسطيني وفي الخارج مقابل اسرائيل واحتجاجا على نهج اوسلو الذي اخفق واحتجاجا على أي محاولة للتخلي عن الثوابت الوطنية. ان قمع التغيير بالقوة وتطلع حركة فتح للرجوع للسلطة بالقوة وبأرخص ثمن بدل العمل الدؤوب وإجراء الإصلاحات الداخلية من مقاعد المعارضة كمقدمة للعودة الديمقراطية للسلطة وإفشال حكومة حماس من خلال التعاون مع قوى معادية لشعبنا، هو بالضبط أسوأ ما جرى للحركة الوطنية الفلسطينية منذ إعادة انبعاثها في أواسط القرن الماضي، وتأييد هذا الأمر هو الدعم لعملية "حرق الجسور" لإعادة انبعاث الحركة الوطنية بعد فشل مشروع أوسلو، وهذا بالضبط ما تريده إسرائيل وأمريكا وحلفاؤهما من الأنظمة العربية.

جريدة " كل العرب "