حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$archive_pages - Line: 2 - File: printthread.php(287) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(287) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 287 eval
/printthread.php 117 printthread_multipage
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
بودريار الساحر مات... فهلاّ نقرأه؟ - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3)
+--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57)
+--- الموضوع: بودريار الساحر مات... فهلاّ نقرأه؟ (/showthread.php?tid=11684)

الصفحات: 1 2


بودريار الساحر مات... فهلاّ نقرأه؟ - نزار عثمان - 03-08-2007

ليس المعتاد أن يُصوَّر الشرّ كشفافية مطلقة. فقبل أن يتغزّل جان بودريار بسحر الشرّ المفقود، ويلفت الانتباه الى شفافيته التي أطبقت علينا من كل جانب، كان الشرّ يردنا من عالم معتم، هو عالم الغواسق والظلمات الموحشة والمفزعة، المعدومة القعر. قبل بودريار كان الشرّ يفدنا من بئر مهجورة، ويغزو سكينتنا ويطيح بها بالتواطؤ مع الآخرين. وكان الخير هو أن تتحكّم بنفسك، وتنتشلها من الانقياد للآخرين، وكان المثال الأروع للخير هو أن يسهم تحكّمك بنفسك وتهذيبك اياها بأن تكرّرها الى ما لا نهاية. أما مع جان بودريار، فقد باتت فضيلة الآخر هي أنه يسمح لي بتحاشي التكرار الى ما لا نهاية. بات من الأفضل أن يجري التحكم بشخصك من قبل الغير على أن تتحكم أنت نفسك بشخصك. بل من الأفضل أن يضطهدك الآخر، ويستغلّك الآخر، ويطردك الآخر، على أن تقوم أنت نفسك بكل هذه الأشياء القبيحة بحق نفسك.
نظر جان بودريار الى عالمنا المعاصر من حيث هو «عالم اختلاط الحابل بالنابل»، وتعرّض الدلالات الى عوامل التعرية بفعل الاسراف، والتفلت السرطاني للطاقات التي تغتال الحدث تلو الحدث. تعامل معه كما لو أنه عالم يتعرض لغزوة «الواقع الفائق»، حيث إنّ الواقع نفسه ينمحي ويستبدل بالعلامات على وجوده، فيصير عالماً ينسخ نفسه بنفسه.
هذه الرؤية لعالم اختلاط الحابل بالنابل من حيث هو عالم النسخ بامتياز، هي نفسها الرؤية التي قادت بودريار الى قلب السؤال المفتاحي للحداثة كما طرحه لايبنتز. ما عاد الاستفهام المركزي يتقوم في «لماذا ثمة أيس بدلاً من ليس» (أو لماذا ثمة شيء ما بدلاً من لاشيء). وانما صرنا مع بودريار الى «لماذا ثمة ليسٌ بدلاً من أيس؟» (أو لماذا ثمة لاشيء بدلاً من شيء ما).
مع هذا القلب لسؤال لايبنتز كان الشرّ نفسه ينقلب على نفسه. ومن عتمة لامتناهية يصير شفافية مطلقة، أضحى الشرّ مصاحباً لنا حيثما يمّمنا الشطر. وصار يفلت منا مع ذلك حالما قصدناه. شفافيته غدت انعكاس ادعاء هذه الحقبة من التاريخ لإمكانية الشفافية النظرية الخالصة، ولادعائها امكان مدّ عرى التواصل حيثما كان، وقبل كل ذلك ادعاء الذات الحديثة للشفافية الخالصة في حين أنها محكومة بالهلامية.
ادعاء هذه الذات الحديثة لشفافية ليست الا تزويرا لهلاميتها، هو الذي جعلنا لا نعرف كيف نقول الشرّ. فصرنا نعوّل على قوة جذب تلقائية ننيطها بالخير. في المقابل، جاءت كتابات بودريار لتبيّن في سياقات واهتمامات شتّى، أنه ليس ثمة سحر على الشر، الا ويأتي من طرف الشرّ نفسه. ان الخير بائس، لا نستحضره الا بالانفعال ولا نعرّفه بغير السلب، وعلى سبيل الاحتماء به. طبعاً، نحن ننكُب أنفسنا بعد ذلك بحماية خير لا يحمينا، ولا يحضر الا في معرض محاولته العقيمة لأن يسلب من الشرّ خصوبته وحيويته وصدقيته.
في مقابل هذا الخير العقيم، شدّد بودريار على أن كل جسم يغالي بطرد الطفيليات منه انما يخاطر بتعرضه للسرطان. أن تبحث عن النقاء بطرد كل ما هو آخر منك، ليس يعني ذلك الا أن تسلم بدنك فريسة لخلاياه. كل من يطرد الركن الملعون فيه انما يسرّع موته.
لم يكن مستغرباً والحال هذه، أن يحمل بودريار على «الاستنساخ» من حيث إنه الموت المعمّم، ما دام يخاطر بإرجاع النوع الى ما قبل التكاثر الجنسي، والى حيث انكار كل غيرية، وكل تخفيف من وطأة «الهو هو». وفي وقت لاحق، لم تسلم ذاكرة التحرّر الجنسي ولا حقوق المثليين من نقد بودريار، الذي دحض ما في هذه من انكار للاختلاف والمغايرة، ومن تشبع باستلاب الذات لذاتها. وقد وصلت ببودريار الشجاعة حدّ القول، إن «المثلية ان هي الا مخالفة الطبيعة لا أكثر ولا أقل»...
رحم الله بودريار الذي رحل البارحة.

وسام سعادة - السفير




بودريار الساحر مات... فهلاّ نقرأه؟ - نزار عثمان - 03-08-2007

ذهنية الإرهاب* - جان بودريار

لقد شهدنا من الأحداث الجسام العالمية، من موت (الأميرة) ديانا إلى مباريات كأس العالم في كرة القدم – أو الأحداث العنيفة والواقعية، من الحروب إلى حروب الإبادة الجماعية. أما من الأحداث الرمزية ذات الصفة العالمية، أي ليس فقط ذات الشيوع الإعلام العالمي، تلك التي تودي بالعولمة، ذاتها، إلى الإخفاق، فلم نشهد أيّاً منها. طوال فترة ركود التسعينات، كان السائد هو عطالة الحوادث (بحسب تعبير الكاتب الأرجنتيني ماسيدونيو فرنانديز) وإذا بتلك العطالة تنقضي. فقد علقت الحوادث إضرابها، حتى أننا جعلنا، مع عمليات نيويورك ومركز التجارة العالمي الإرهابية وأثرها، حيال الحدث المطلق، أم الحوادث، الحدث المحض الذي يجمع في صلبه كل الحوادث التي لم تحدث قط.

في إثره، اهتز رهان التاريخ والقوة، لا بل اهتزت أيضاً شروط التحليل.

ينبغي التريث، لأن الأحداث إذا ركدت وجب استشراف ما يليها والسعي بأسرع منها، أما إذا تسارعت فوجب عندئذ التريث دونها، من دون أن يؤدي ذلك بنا إلى الغرق في ركام الخطب وسحابة الحرب، محتفظين، نصب أعيننا، بالسرعة الخاطفة للصور التي لا تنسى.

كل الخطب والتعليقات تتكشف عن قدر هائل من تصريف الانفعال حيال الحدث نفسه وحيال الفتنة التي يولدها. فالشجب الأخلاقي والاتحاد المقدس ضد الإرهاب هما بحجم التهلّل الاستثنائي لمشهد تدمير هذه القوة الفائقة العالمية، لا بل، رؤيتها، على نحو ما، وهي تدمر نفسها بنفسها، كأنها ترتكب انتحاراً مشهوداً.

ذاك أنها، نظراً لقوتها التي لا تحتمل، هي التي أججت كل هذا العنف المبثوث في أرجاء العالم كله، وهي، تالياً، التي (من دون أن تعلم) هذه المخيلة الإرهابية التي تسكننا جميعاً.

أن نكون حلمنا جميعاً بهذا الحدث، أن يكون العالم بأسره قد حلم به، لأن أحداً لا يسعه ألا يحلم بدمار أي قوة بلغت من الهيمنة ما بلغته، هو أمر لا يتقبله الوعي الأخلاقي الغربي، لكنه حقيقة، وهو حقيقة بحجم العنف المؤثر (العاطفي) لكن الخطب التي تسعى لمحوه.

إلى حد ما، هم الذين ارتكبوا الفعلة، لكننا نحن الذين أردناها. وإذا لم ندرك ذلك يفقد الحدث كل بعده الرمزي، فيبدو إذ ذاك، حادثة محضة، وفعلاً مجانياً محضاً، ثمرة تهيؤات إجرامية لبضعة متعصبين، يكفي القضاء عليهم وإزالتهم من الوجود، والحال أننا نعلم جيداً، أن الأمر ليس كذلك.

ومن هنا ذلك الهذيان المضاد للخوف سعياً وراء تعزيم الشر: لأن الشر موجود أينما كان، كموضوع غامض لرغبتنا. لولا هذا التواطؤ الدفين لما كان للحدث الوقع الذي كان له، وفي استراتيجيتهم الرمزية يدرك الإرهابيون، بلا ريب، أنهم يستطيعون الاتكال على هذا التواطؤ المضمر.

هذا أمر يتعدى بكثير مجرد الحقد على قوة عالمية مسيطرة يبديه المحرومون والمستغلون، أولاء الذين هبطوا في الجهة الخطأ من النظام العالمي. فهذه الرغبة الخبيثة كامنة حتى في ألباب الذين يشاركون في منافع هذا النظام العالمي . ذلك أن الحساسية حيال كل نظام نهائي، حيال كل قوة نهائية، هي لحسن الحظ شمولية. وكان البرجان التوأمان لمركز التجارة العالمي يجسّدان، أكمل تجسيد، ولأنهما توأمان بالذات، هذا النظام النهائي.

لا حاجة إلى نزعة موت أو تدمير، ولا حتى إلى مؤثرات غير سوية. فمن صلب المنطق، والحتم أن يؤجج تفاقم قوة القوة، الرغبة في تدميرها. وأن تكون شريكة في دمارها الخاص. عندما انهار البرجان تولد شعور بأنهما يردان على انتحار الطائرتين الانتحاريتين بانتحارهما الخاص، قيل: "الله نفسه لا يسعه إعلان الحرب على نفسه" فليكن معلوماً، إنه بلى، يستطيع.

فالغرب، وقد تصرّف كما لو أنه في موقع الله (ذي القدرة الإلهية والشرعية الأخلاقية المطلقة) يغدو انتحارياً ويعلن الحرب على نفسه.

إن أحلام الكوارث التي لا تحصى عدداً تشهد على هذا الاستيهام الذي تعزّمه، بالطبع، بالصورة إذ تُغرق كل هذا بالمؤثرات الخاصة. غير أن الجذب الشمولي الذي تمارسه على غرار البورنوغرافيا، يُظهر أن الانتقال إلى الفعل وشيك دائماً – ذلك أن إغواء التنكر لكل سستام يتعاظم كلما دانى الأخير حد الكمال أو القوة المطلقة.

وبأي حال، الأرجح أن الإرهابيين (كما الخبراء) لم يتوقعوا انهيار البرجين التوأمين الذي مثّل، أكثر بكثير من ضربة البنتاغون، الصدمة الرمزية الأشد. لقد شهد الانهيار الرمزي لسستام بأكمله جراء تواطؤ غير مرتقب وكأنه بانهيارهما من تلقائهما، كأن بانتحارهما هذا، انضم البرجان إلى اللعبة لكي يبلغ الحدث تمامه.

على نحو ما، إنه السستام بأكمله الذي، لهشاشته الداخلية، يعين تمام الفعل الابتدائي، فكلما تركز السستام عالمياً بحيث لا يشكل، في حده الأقصى، سوى شبكة واحدة، ازداد تعرضه (للمخاطر) من نقطة واحدة (لقد استطاع قرصان انترنت فيلبيني عبر حاسوبه المحمول، أن يطلق فيروس "I Love You " الذي جاب العالم مخرباً شبكات بأكملها). هنا ، كانوا ثمانية عشر انتحارياً تمكنوا، مسلحين بالسلاح المطلق للموت مشفوعاً بالكفاية التكنولوجية، من افتعال سيرورة كارثية جامعة.

عندما يكون الموقف مُحتكراً، على هذا النحو، من قبل القوة العالمية، وعندما نكون حيال هذا التركيز المذهل لكل وظائف الآلية التكنوقراطية والفكر الأحادي، فأي سبب آخر يمكن سلوكه غير التحويل الإرهابي للموقف؟ إن السستام نفسه هو الذي ولّد الشروط الموضوعية لهذا الرد العنيف المباغت. فباستئثاره بكل الأوراق، يُرغم الآخر على تغيير قواعد اللعبة. والقواعد الجديدة ضارية، لأن الرهان ضارٍ، فعلى سستام تفرض قوته المفرطة بالذات تحديداً غير قابل للحل، يرد الإرهابيون بعمل نهائي يكون عوضه، هو أيضاً، مستحيلاً. إن الإرهاب هو الفعل الذي ينشئ خصوصية لا راد لها في لب سستام من التبادل المعمم. كل الخصوصيات (الأجناس، الأفراد، الثقافات) التي بذلت بموتها عوض قيام دورة تبادل عملي تحكمها قوة واحدة، تثأر اليوم لنفسها عبر هذا التحويل الإرهابي للموقف.

رعب مقابل رعب. ولم يعد هناك، وراء كل هذا، أي بعد أيديولوجي، لقد أصبحنا بعيدين جداً من كل أيديولوجيا وسياسة.

ذلك أن الطاقة التي تغذي الرعب لا تعبّر عنها أيديولوجية ولا أي قضية حتى ولو كانت إسلامية. إذ لم يعد الأمر منوطاً حتى بتحويل العالم، بل يهدف (كما الحركات الهرطوقية في زمانها) إلى إشاعة الراديكالية عبر التضحية في حين أن السستام يهدف إلى تحقيق ذلك عبر القوة.

الإرهاب، كالفيروس، ماثل في كل مكان، هناك حقن عالمي متواصل للإرهاب الذي هو كالظل الملازم لكل سستام سيطرة، مهيأ، أينما كان لأن يصحو كعامل مزدوج. لم يعد هناك خط فاصل كفيل بالإحاطة به، إنه في لب هذه الثقافة التي تحاربه، والشرخ المرئي (والحقد) الذي يجعل على المستوى العالمي، المستغلين والمتخلفين في مواجهة العالم الغربي يرفد، سراً، الشرخ الداخلي في السستام المسيطر. باستطاعة هذا الأخير أن يجبه كل تضاد مرئي. ولكن ماذا عن الآخر، ذي البنية الحموية (الفيروسية) - كأن كل جهاز سيطرة يعزز الجهازية المضادة له، ضد هذا الشكل من الارتكاس شبه الآلي لقوته الخاصة، لا يستطيع السستام أن يفعل شيئاً. والارهاب هو الذبذبة الصادمة لهذا الارتكاس الصامت.

لا يتعلق الأمر إذاً لا بصدام حضارات ولا بصدام أديان، كما يتعدى بكثير الإسلام وأميركا اللذين تجري المحاولات لحصر النزاع فيهما لتوليد وهم مجابهة مرئية ووهم حلّ بالقوة. صحيح أن في الأمر تضاداً أساسياً، لكنه تضاد يُبين، عبر طيف أميركا (التي ربما كانت المركز السطحي، لكنها ليست، بمفردها، تجسيد العولمة) وعبر طيف الإسلام (الذي، هو أيضاً، ليس تجسيد الإرهاب)، أن العولمة المنتصرة تخوض صراعاً مع ذاتها. وفي هذا المعنى يمكننا الحديث عن حرب عالمية، ليست ثالثة، بل رابعة وهي الوحيدة العالمية حقاً، لأن رهانها هو العولمة بالذات. الحربان العالميتان الأوليتان كانتا مطابقتين لصورة الحرب الكلاسيكية. الأولى أنهت تفوق أوروبا والعهد الكولونيالي. والثانية أنهت النازية. الثالثة، التي جرت بالفعل، تحت ستار الحرب باردة، وحرب رادعة، أنهت الشيوعية. ومن حرب إلى أخرى كنا نتقدم، كل مرة، خطوات أبعد في الطريق إلى نظام عالمي وحيد. وها إن هذا الأخير وقد بلغ اليوم، منتهاه، يخوض صراعات مع القوى المضادة المنتشرة حيثما كان في قلب العالمي نفسه، وفي كل التشنجات الراهنة. حرب كسرية لكل الخلايا، لكل الخصوصيات التي تتمرد في هيئة أجسام ضدية. مجابهة، عصية على الادراك المباشر بحيث إنها تقتضي من حين إلى حين، إنقاذ فكرة الحرب عبر مسرحات مشهدية من قبيل مسرحة حرب الخليج وحرب أفغانستان اليوم. لكن الحرب العالمية الرابعة تجري في مكان آخر. إنها ما يُقلق كل نظام عالمي، وكل سيطرة هيمنية - فلو كان الاسلام مسيطراً على العالم لنشط الإرهاب ضد الإسلام. ذلك أن العالم هو نفسه الذي يقاوم العولمة.

الإرهاب لا أخلاقي. وحدث المركز العالمي للتجارة، هذا التحدي الرمزي، هو لا أخلاقي، ويرد على عولمة هي الأخرى لا أخلاقية، إذاً، فلنكن نحن أيضاً لا أخلاقيين، وإذا أردنا أن نفهم شيئاً فلنذهب إلى ما وراء الخير والشر. ولنحاول، وقد قُيّض لنا أن نشهد حدثاً لا يتحدى الأخلاق وحسب، بل كل أشكال التأويل أيضاً، أن نمتلك فهماً للشر. جوهر المسألة يكمن ها هنا: في التفسير الخاطئ كليا الذي أنتجته الفلسفة الغربية، فلسفة الأنوار، لمسألة الخير والشر. نحن نعتقد أن تقدم الخير أي ارتقاءه بالقوة في الميادين كافة (العلوم، التقنيات، الديمقراطية، حقوق الانسان) يتماشى مع هزيمة الشر وتقهقره. إذ يبدو أن أحداً لم يدرك أن الخير والشر يرتقيان بالقوة في الوقت نفسه ووفق الحركة نفسها. وانتصار أحدهما لا يؤدي إلى زوال الآخر، بل العكس تماماً. غالباً ما يُنظر إلى الشر، من الناحية الميتافيزيقية، بوصفه هفوة طارئة، غير أن هذه المسلّمة التي تشتق منها كل أشكال الإثنينية في الصراع بين الخير والشر، هي مسلّمة باطلة. الخير لا يقلل من حجم الشر، والشر لا يقلل من حجم الخير: إن أحدهما لا يختزل الآخر، وصلتهما لا فكاك منها. ففي الجوهر لا يقدر الخير أن يحبط الشر إلا بتخليه عن كونه خيراً، لأنه، باستئثاره بالحكر العالمي للقوة إنما يتسبب بشرارة لإشعال عنف موازٍ.

في العالم التقليدي، كانت لا تزال هناك موازنة بين الخير والشر، وفق علاقة جدلية تضمن على الرغم من تقلبات الظروف توتر العالم الأخلاقي وتوازنه - كما كانت المواجهة، خلال الحرب الباردة، بين القوتين العظيمتين تضمن توازن الرعب. إذاً لا تفوق لأحد على الآخر. ويختل هذا التوازن عند الشروع بتعميم كلي للخير (هيمنة الإيجابي على أي شكل من أشكال السلبية، استبعاد الموت وكل قوة محتملة العداء - انتصار قيم الخير دائماً أبداً). عندئذٍ يختل التوازن ويصبح كأن الشر قد استعاد استقلالية خفية، نامياً على نحو أسي، توسعي.

مع الفارق الملحوظ، نقول إن هذا يشبه ما جرى في النظام السياسي مع زوال الشيوعية والانتصار العالمي للقوة الليبرالية: فعندها فقط برز عدو شبحي، حقنت به أرجاء الكرة الأرضية كافة، منسلاً من كل صوب كفيروس، منبثقاً من كل فجوات القوة. إنه الإسلام. لكن الاسلام ليس سوى الجبهة المتحركة لبلورة هذا التضاد. فهو (التضاد) في كل مكان، ويداخل كل واحد منّا. إذاً، رعب ضد رعب. لكنه رعب غير موازٍ، وهذا اللاتوازي هو الذي يجعل القوة العالمية الاعظم بلا حيلة كلياً. ففي غمرة صراعها مع ذاتها لا يسعها إلا أن تغوص في منطقها الخاص بموازين القوى، عاجزة عن الاتيان بأي دور على أرضية التحدي الرمزي والموت الذي باتت تجهل عنه أي شئ لأنها ألغته من ثقافتها.

إلى اليوم، لقد نجحت هذه القوة المتممة، إلى حد بعيد، في استيعاب وحلّ كل أزمة، وكل سلبية، موجدة بذلك وضعاً محبطاً في جوهره، ليس فقط في أعين معذبي الأرض، بل أيضاً في أعين الميسورين وذوي الحظوة، في رخائهم التام.

الحدث الأساسي هو أن الإرهابيين قد كفوا عن الانتحار سدى، وهو أنهم يراهنون بموتهم الخاص على نحو هجومي وفاعل، وفق حدس استراتيجي هو، ببساطة، الحدس بهشاشة الخصم العائلة، وهشاشة سستام بلغ شبه كماله، وهو، لذلك، معرّض للأذى من أي شرارة.

لقد استطاعوا أن يجعلوا موتهم سلاحاً مطلقاً ضد سستام يحيا من استبعاده الموت، ومثاله هو "صفر من القتلى"، كل سستام يقوم على صفر من الموتى، هو سستام حصيلته عدم، وكل وسائل الردع والدمار لن تكون مجدية ضد عدو سبق له أن جعل موته سلاحاً هجومياً مضاداً. "ما همنا من القصف الأميركي !! إن رجالنا يتوقون للموت بقدر ما يتوق الأميركيون للحياة !". ومن هنا معادلة السبعة آلاف قتيل الذين تكبدهم، دفعة واحدة، سستام "صفر من القتلى".

هكذا إذاً، كل شئ هنا منوط بالموت، وليس فقط الانبثاق المفاجئ للموت عبر البث المباشر والزمن الواقعي، بل عبر انبثاق موت أكثر من واقعي بكثير: موت رمزي وشعائري - أي الحدث المطلق الذي لا راد له.

تلك هي ذهنية الارهاب..

الامتناع عن مهاجمة السستام بمعايير موازين القوى. فمثل هذا، هو المتخيل (الثوري) الذي فرضه السستام نفسه والذي لا تكتب له الحياة إلا إذا داوم على استدراج مهاجميه للقتال على أرض الواقع التي هي لطالما كانت أرضه. بل نقل الصراع إلى الدائرة الرمزية حيث القاعدة هي قاعدة التحدي والارتكاس والمزايدة. بحيث لا يكون ممكناً الرد على الموت إلا بموت مماثل أو أشد. تحدي السستام بعطاء لا يستطيع الرد عليه إلا بموته الخاص وانهياره الخاص.

إن فرضية الارهاب تقوم على أن السستام نفسه ينتحر رداً على التحديات المتعددة للموت والانتحار. ذلك أن لا السستام ولا السلطة ينجوان بنفسيهما من الفرضية الرمزية - وفوق هذا الشرك تتربع السانحة الوحيدة لهلاكهما. في هذه الحلقة المدوخة من التبادل المستحيل متناهية الصغر، لكنها تسبب جذبا، فراغا، وحملاً حرارياً هائلاً، حول هذه النقطة المتناهية الصغر، يتكثف السستام بأسره، سستام الواقع والقوة، وتُشل حركته، وينكفئ بفاعليته المفرطة.
إن تكتيك النمط الإرهابي يكمن في التسبب بواقع مفرط والتسبب بانهيار السستام من تلقائه تحت وطأة هذا الإفراط في الواقع. فكل سخرية الموقف، مقرونة بالعنف الذي تستحشده السلطة ينقلبان ضده، ذاك أن الاعمال الإرهابية هي في الوقت نفسه مرآة عاكسة ومضخمة لعنفه الخاص، ونموذج لعنف رمزي يمتنع عليه، ومرآة للعنف الوحيد الذي لا يستطيع ممارسته، عنف موته الخاص.

لذلك لا تستطيع القوة المرئية أن تفعل شيئاً ضد الموت المتناهي في الصغر، ولكن الرمزي، لفرد ما.

يجب أن نرضخ لحقيقة أن نوعاً جديداً من الارهاب قد ولد أخيراً، شكلاً جديداً من الفعل الذي يلعب اللعبة ويتقن قواعد اللعبة لكي يزعزع سياقها. فهؤلاء لا يكتفون بأنهم لا يقاتلون بأسلحة متكافئة، لأنهم يراهنون على موتهم الخاص وهو الأمر الذي لا يُجبه برد ممكن (إنهم جبناء)، بل تملكوا أيضاً كل أسلحة القوة المسيطرة. المال والمضاربة في البورصة، تكنولوجيا المعلوماتية، والطيران، البعد المشهدي والشبكات الإعلامية: لقد اكتسبوا كل ما توفره الحداثة والعالمية، من دون أن يغيروا الهدف القائم على تدميرهما.

والأدهى أنهم حتى استخدموا رتابة الحياة اليومية الأميركية كقناع وغطاء للعبة مزدوجة. ناموا في ضواحي أميركا، وقرأوا ودرسوا في وسط عائلاتها، قبل أن يستيقظوا بين ليلة وضحاها قنابل بشرية مؤقتة. إن دربتهم على تدبير هذه الحياة السرية ببراعة قد تكون إرهاباً يساوي إرهاب العمل الاستعراضي في 11 أيلول، لأنها تلقي الشبهات على أي فرد من الناس: ألا يعقل أن يكون أي إنسان مسالم إرهابياً محتملاً؟ وإذا تمكن هؤلاء من الإفلات من دون أن يلحظهم أحد فكل واحد منهم هو مجرم خفي ( وكل طائرة مشبوهة)، وقد يكون ذلك، في آخر الأمر، صحيحاً.

وربما كان ذلك مرتبطاً بشكل لا واعٍ من الإجرام المحتمل، المقنع، والمكبوت بعناية، لكنه دائماً قابل إن لم يكن للانبثاق فللاعتمال سراً لدى شهودنا أي شر. وعلى هذا النحو يتشعب الحدث إلى أدق تفاصيله – مصدراً لإرهاب ذهني أكثر تخفياً.

الفارق الجذري يكمن في أن الإرهابيين، إلى امتلاكهم أسلحة السستام، يمتلكون، علاوة على ذلك، سلاحا مميتاً: وهو موتهم الخاص. وإذا اختاروا أن يقاتلوا السستام بأسلحته هو، فسوف يتعرضون للتصفية على الفور. وإذا لم يقاتلوه إلا بموتهم لهلكوا جميعاً، بسرعة ممائلة، في تضحية لا طائل تحتها – ولطالما اتبع الارهاب هذه الطريقة إلى يومنا هذا (...) ولذا كان مصيره الفشل.

غير أن الأمور تختلف إذا ما قرنوا كل الوسائل الحديثة المتوافرة بهذا السلاح ذي القيمة الرمزية الطائلة. فهو سلاح يضاعف إلى ما لا نهاية القدرة على التدمير. وجمعهم بين هذه العوامل كلها (والتي تبدو في أعيننا متنافرة لا سبيل للجمع فيما بينها) هو الذي يمنحهم مثل هذا التفوق. أما استراتيجية الحرب "النظيفة"، التكنولوجية، فهي تبقى، في المقابل، مجانبة ذلك التجلي للقوة "الواقعية" غبر القوة الرمزية.
إن النجاح الاستثنائي لمثل هذه العملية يثير مشكلة، ولكي ندرك شيئاً منها علينا أن نتخلى عن رؤيتنا الغربية لنرى قليلاً ما الذي يجري في تنظيم هؤلاء الإرهابيين، وما يدور في رؤوسهم. ذلك أن هذا القدر من الفاعلية يفترض قدرة عالية على الحساب والعقلانية يشق علينا الاعتراف بأنها (القدرة) موجودة لدى الآخرين. وحتى لو توفرت، فهناك دائماً، كما يحدث في أي تنظيم أو جهاز سري، تسريبات وهفوات.
لذا نحسب أن سر مثل هذا النجاح يكمن في عوامل أخرى. الفرق أن الأمر لديهم ليس عقد عمل بل ميثاقاً وفريضة شعائرية، وهذه الفريضة بمنأى عن أي تخاذل أو فساد أو وهن. والمعجزة تكمن في القدرة على التكيف مع الشبكة العالمية، والمناقبية التقنية من دون أن يفقدوا شيئاً من هذا التواطؤ على الحياة والموت. فعلى الضد من العقد، لا يربط الميثاق بين أفراد – حتى "انتحارهم" ليس بطولة فردية، بل هو فعل شعائري جمعي يُمليه وازع مثالي. وقد أدى الجمع بين تركيبتين، تركيبة بنية عملانية وتركيبة ميثاق رمزي، إلى جعل عملً بمثل هذا الحجم ممكناً.

ما عدنا نمتلك أي معرفة بما يكون عليه الحساب الرمزي، كما في لعبة البوكر أو البوتلاتش: رهان أقل، لمحصلة أكبر. وهو تماماً ما حصل عليه الإرهابيون في عملية منهاتن والذي من شأنه أن يكون مثلاً إيضاحياً لنظرية الكاوس (الفوضى) الأصلية: صدمة أولية تسبب نتائج لا تحصى، في حين أن الانتشار الأميركي الهائل (عاصفة الصحراء) لا يحقق سوى نتائج متهافتة – وينتهي الإعصار أشبه برفة جناحي فراشة.

لقد كان الإرهاب الانتحاري إرهاب فقراء، أما هذا فهو إرهاب أثرياء. وهذا ما يخيفنا بنحو خاص: هو أنهم أصبحوا أثرياء (يمتلكون كل الوسائل) ولم يتخلوا عن رغبتهم في هلاكنا. طبعاً، بحسب سلم قيمنا، إنهم يخادعون : ليس من أصول اللعبة أن يكون الموت رهان اللعبة. غير أنهم لا يبالون والقواعد الجديدة للعبة ليست ملكنا.

كل الوسائل مشروعة لإفقادهم أفعالهم كل اعتبار. ومن بينها نعتهم بـ"الانتحاريين"، و"الشهداء"، لكي نسارع، على الأثر، إلى القول إن الشهادة لا تثبت شيئاً، وإنما لا صلة لها بالحقيقة، بل حتى إنها (بحسب نيتشة) العدو الأول للحقيقة, من المؤكد أن موتهم لا يثبت شيئاً، ولكن ليس هناك ما يثبت في سستام تظل فيه الحقيقة عصية على الإدراك - أو أننا، نحن، من يزعم امتلاكها؟ ومن ناحية أخرى، إن الحجة ذات الشبهة الأخلاقية البادية قابلة للرد. فإذا كانت الشهادة الطوعية للانتحاريين لا تثبت شيئاً فإن الشهادة غير الطوعية لضحايا العملية الارهابية لا تثبت شيئاً هي الأخرى، وفي جعلها حجة أخلاقية (من دون حكم على عذابهم وموتهم) شبهة من عدم المراعاة والإباحة.

حجة أخرى تنم عن سوء نية: هؤلاء الارهابيون يقايضون موتهم بمطرح في الجنة. فعملهم ليس مجانياً، ولذلك ليس عملاً صادقاً، كأن القائل يقول إن العمل لا يكون مجانياً إلا إذا كانوا لا يؤمنون بالله، وإلا إذا كان الموت بلا رجاء، كما هو الموت بالنسبة لنا (مع أن الشهداء المسيحيين كانوا يقيمون حساباً مختلفاً عن هذه المعادلة السامية). إذاً، هنا أيضاً، لا يقاتلون بأسلحة متكافئة لأن لهم الحق في الخلاص، وهذا ما لا نأمل فيه. وهكذا نقيم نحن الحداد على موتنا، فيما هم يستطيعون أن يجعلوا منه رهاناً بأسمى المعاني.

والواقع أن كل هذا: السبب، البرهان، الحقيقة، الجزاء، الغاية والوسائل، إنما هو شكل من أشكال الحساب النموذجية الخاصة بالغرب، حتى الموت نقومه بمعدلات الفائدة، وبتعابير النسبة بين النوعية والسعر. حساب اقتصادي هو حساب المعوزين الذين ما عادوا يجرؤون على تحديد السعر.

ما الذي قد يحدث - باستثناء الحرب التي ليست، في حد ذاتها، سوى طبقة واقية تقليدية؟ يجري الحديث عن الارهاب البيولوجي، عن الحرب البكتيرية أو الارهاب النووي. غير أن شيئاً من هذا كله لا يمت بصلة إلى التحدي الرمزي، بل هو من قبيل الإبادة الصامتة، بلا مجد، بلا مخاطر، من قبيل الحل النهائي.

والحال أنه تفسير خاطئ للارهاب أن يُنظر إلى العمل الارهابي بوصفه منطقاً تدميرياً بحتاً. إذ يبدو لي أن موتهم الخاص لا ينفصل عن عملهم (وهذا، بالضبط، ما يجعل منه عملاً رمزياً) وليس على الاطلاق إبادة لا شخصية للآخر. كل المعنى كامن في التحدي وفي المبارزة، ما يعني أيضاً في علاقة ثنائية، شخصية، مع القوة الخصم. إنها هي التي أذلتك، وهي التي ينبغي أن تُذل. وليس فقط أن تُباد. يجب أن تُهان. وهذا أمر لا يتأتى مطلقاً من القوة العارية أو من إزالة الآخر. فهذا الآخر ينبغي أن يستهدف وأن يُصاب في سياق الخصومة. ففضلاً عن الميثاق الذي يربط ما بين الارهابيين أنفسهم، هناك ما يشبه ميثاق المبارزة مع الخصم. وهذا بالضبط، عكس الجبن الذي يُتهمون به، وبالضبط عكس ما فعله الأميركيون في حرب الخليج (ويستأنفونه حالياً في أفغانستان): هدف غير مرئي، وتصفية عملانية.

من كل هذه الحيثيات نستبقي أولاً، وبالدرجة الأولى، رؤية الصور. ويجب أن نحافظ على رسوخ هذه الصور في أذهاننا، وعلى فتنتها، لأنها، شئنا أم أبينا، مشهدنا البدائي. وربما تكون أحداث نيويورك، وفي الوقت الذي جعلت فيه الوضع العالمي جذرياً، قد رسخت صلة الصورة بالواقع. ففيما كنا حيال دفق متصل من الصور العادية ودفق متصل من الأحداث المزيفة، جاء العمل الارهابي على نيويورك ليبعث الصورة والحدث في وقت معاً.

من بين أسلحة السستام التي قلبوها عليه، استغل الارهابيون الزمن الواقعي للصور، ويثها العالمي الفوري. وقد تملكوها كما تملكوا المضاربة في البورصة، والإعلام الاليكتروني والنقل الجوي. ودور الصورة على درجة كبيرة من اللبس. لأنها في الوقت الذي تُعظم فيه الحدث، تتخذه رهينة. إنها تلعب دور التكثير إلى ما لا نهاية، وفي الوقت نفسه دور الإلهاء والتحييد (وهذا ما حصل فعلاً لحوادث 1968). وهذا ما نغفل عنه دائماً في معرض حديثنا عن "خطر" وسائل الاعلام.

الصورة تستهلك الحدث، بمعنى أنها تمتصه وتبذله للاستهلاك. ومما لا شك فيه أنها تكسبه تأثيراً غير مسبوق إلى الأن، ولكن بوصفه حدثاً - صورة.

ماذا إذاً عن الحدث الواقعي إذا كان الواقع يُحقن باستمرار بالصورة والسرد المتخيل والافتراضي؟ في الحالة التي نحن بصددها، ساد اعتقاد أن ما نراه (وبشئ من الارتياح ربما) إنما هو عودة للواقع وللعنف الواقعي في عالم افتراضي مزعوم. "انتهى عهد قصصكم الافتراضية - هذا أمر واقعي !" كما رأى فيه البعض انبعاثاً للتاريخ فيما وراء نهايته المعلنة. ولكن هل يفوق الخيال الواقع حقاً؟ وإذا بدا أنه كذلك، فلأنه امتصّ طاقة الخيال وصار هو نفسه خيالاً. حتى يمكننا القول إن الواقع يغار من الصورة ... وما يجري هو مبارزة بينهما، وسباق على من يكون، من بينهما، الأكثر تجاوزاً للخيال.

إن انهيار برجي المركز العالمي للتجارة أمر يفوق الخيال، غير أن هذا لا يكفي لكي نجعل منه حدثاً واقعياً. إن قدراً زائداً من العنف لا يكفي للإطلالة على الواقع. ذلك أن الواقع هو مبدأ، وهذا المبدأ أولاً فتنة الصورة (أما العواقب المبهجة أو الكارثية فهي متخيلة إلى حد بعيد، انطلاقاً من الصورة).

في هذه الحالة إذاً ينضاف الواقع إلى الصورة بوصفه جائزة رعب، بوصفه رعشة إضافية. ليس مرعباً وحسب، بل هو واقعي أيضاً. وعوض أن يكون عنف الواقع ماثلاً أولاً، ثم تنضاف إليه رعشة الصورة، تكون الصورة ماثلة أولاً، ثم تنضاف إليها رعشة الواقع.

أمر من قبيل خيال إضافي، خيال يفوق الخيال. كان بالار (بعد بورخيس) على هذا النحو يتحدث عن إعادة خلق الواقع بوصفه الخيال الأخير، الأكثر رعباً.

هذا العنف الإرهابي ليس هو، إذاً، إنبعاث شعلة الواقع، ولا انبعاث شعلة التاريخ. هذا العنف الإرهابي ليس واقعياً، إنه، في معنى من المعاني، أسوأ من ذلك: إنه رمزي، فالعنف في حد ذاته قد يكون عادياً وغير مؤذ. وحده العنف الرمزي مولد للفرادة. وفي هذا الحدث الفريد، في فيلم منهاتن الكارثي يتضافر في ذروتيهما عاملا الفتنة الجماهيرية في القرن العشرين: سحر السينما الأبيض، وسحر الإرهاب الأسود، ضياء الصورة البيضاء، ضياء الارهاب الأسود.

نسعى، بعد فوات الأوان، أن نحمّل الارهاب أي معنى، وأن نعثر له على أي تأويل. لكنه خلو من المعنى، ووحدها جذرية المشهد، وحدها قساوة المشهد هي المبتكرة، والمتعذر تبسيطها. إن مشهد الإرهاب يفرض إرهاب المشهد، وحيال هذا الافتتان اللاأخلاقي ( وإن كان يثير رد فعل أخلاقياً شمولياً) لا يملك النظام السياسي أن يفعل شيئاً. إنه مسرح القسوة خاصتنا، الوحيد المتبقي لنا - الخارق لكونه أقصى ما في المشهدي وأقصى ما في التحدي. وهو في الوقت نفسه النموذج الميكروسكوبي المعروض لنواة عنف واقعي مع احتمال تردد أصدائها إلى أقصى حد - أي أكثر أشكال المشهدية خلوصاً - ونموذج شعائري يجبه النظام التاريخي والسياسي بالشكل الرمزي النقى للتحدي.

أي مقتلة كانوا ليحظوا بغفرانها لو حبيت بمعنى، لو أمكن تأويلها كعنف تاريخي - فتلك هي المسلّمة الأخلاقية للعنف المقبول. وأي عنف كانوا ليحظوا بغفرانه، لو أنه جرى بعيداً من وسائل الإعلام ("الإرهاب ليس شيئاً يُذكر من دون وسائل الإعلام"). غير أن هذا باطل كله. ليس هناك استعمال "صالح" لوسائل الإعلام، فوسائل الإعلام هي جزء لا يتجزأ من الحدث، ومن الرعب، وقد تؤدي دورها في هذا الاتجاه أو ذاك.

إن الفعل القمعي يسلك المسار غير المرتقب نفسه الذي يسلكه الفعل الإرهابي، ولا أحد يعلم عند أي حد سيتوقف، والانقلابات التي ستليه. ما من تمييز ممكن، على مستوى الصور والإعلام، بين المشهدي والرمزي، ما من تمييز ممكن بين "الجريمة" والقمع. وانطلاقة هذا الارتكاس الخارجة عن أي سيطرة هي الانتصار الفعلي للإرهاب. وهو انتصار ظاهر في تشعبات الحدث وتسرباته الخفية - ليس فقط في الركود المباشر، في الاقتصاد والسياسة والبورصة والمال للسستام بمجمله، وفي الركود الأخلاقي والسيكولوجي الذي ينجم عنه، بل أيضاً في ركود سستام القيم، وأيديولوجيا الحرية بأكملها، والتداول الحر ... إلخ، التي طالما كانت مفخرة العالم الغربي، والتي تسلح بها هذا العالم لممارسة هيمنته على الأرجاء المتبقية من العالم.

إلى حد بدأت معه فكرة الحرية، وهي فكرة حديثة العهد وجديدة، بالاختفاء من العادات والضمائر، وبدأت العولمة الليبرالية بالتحقق في شكل معاكس بالحرف: في شكل عولمة بوليسية ومراقبة كلية، وترهيب أمني. إن الانفلات ينتهي إلى حد أقصى من ضوابط القسر، والتقييد يساوي ضوابط المجتمع الأصولي.

تراجع في الإنتاج، في الاستهلاك، في المضاربات، في النمو (ولكن ليس في الفساد طبعاً): فكل شئ يشير إلى أن السستام العالمي يتبنى انكفاءًا استراتيجياً، ويجري مراجعة أليمة لقيمه، كرد فعل دفاعي، على ما يبدو حيال صدمة الإرهاب، ولكنها تستجيب في العمق لإيعازاته المضمرة - تنظيم قسري ناجم عن الفوضى المطلقة، لكنه يفرضه على نفسه، مستبطناً، على نحو ما، هزيمته الخاصة.

وجه آخر لانتصار الإرهابيين يكمن في أن كل الأشكال الأخرى للعنف وزعزعة استقرار النظام تتضافر لصالحه: إرهاب معلوماتي، إرهاب بيولوجي، إرهاب الانتراكس والشائعة، هذه كلها تنسب إلى بن لادن، حتى إنه صار بإمكانه أن يعلن مسؤوليته عن الكوارث الطبيعية. كل أشكال اللاتنظيم والتداول الشاذ مفيدة له. وحتى بنية التبادل العالمي المعمم تخدم التبادل المستحيل. كأنها الكتابة الآلية للإرهاب يرفدها باستمرار الإرهاب (غير المتعمد) للإعلام، وبكل ما يتوجب عليها من تبعات الهلع: فإذا كانت الاصابة، في قضية الانتراكس هذه كلها، تتم من تلقائها عبر التبلور الآني، على غرار محلول كيميائي، إذ يمس، مساً، إحدى الخلايا، فهذا يعني أن السستام بأسره قد بلغ كتلة حرجة تجعله عرضة لأي اعتداء.

ما من حل لهذا الوضع الحدي، خصوصاً بالحرب التي لا تقدم سوى موقف مسبوق تم اختباره سابقاً، بتدفق القوى العسكرية، والإعلام الشعبي، والإلحاح الإعلامي الذي لا طائل تحته، والخطب المواربة والمؤثرة، وبسط القدرات التكنولوجية ختى الإدمان. أي، باختصار، على غرار حرب الخليج، التي كانت هي اللاحدث، أو الحدث الذي لم يحدث.

ولعل هذا علة وجود الحرب: أن تستبدل حدثاً حقيقياً رائعاً، وفريداً وغير مرتقب بحدث مزعوم مكرر ومسبوق. لقد جاء العمل الإرهابي مطابقاً لمحورية الحدث بالنسبة لأنماط التأويل، في حين أن هذه الحرب الحمقاء عسكرياً وتكنولوجياً، مطابقة، على الضد من ذلك، لمحورية النمط بالنسبة للحدث، أي مطابقة لرهان مزيف لا مبرر لوجوده. إنها الحرب كاستكمال لغياب السياسة بوسائل أخرى.



ترجمة: بسّام حجّار.






بودريار الساحر مات... فهلاّ نقرأه؟ - Awarfie - 03-08-2007


اقتباس:

وجه آخر لانتصار الإرهابيين يكمن في أن كل الأشكال الأخرى للعنف وزعزعة استقرار النظام تتضافر لصالحه: إرهاب معلوماتي، إرهاب بيولوجي، إرهاب الانتراكس والشائعة، هذه كلها تنسب إلى بن لادن، حتى إنه صار بإمكانه أن يعلن مسؤوليته عن الكوارث الطبيعية. كل أشكال اللاتنظيم والتداول الشاذ مفيدة له. وحتى بنية التبادل العالمي المعمم تخدم التبادل المستحيل. كأنها الكتابة الآلية للإرهاب يرفدها باستمرار الإرهاب (غير المتعمد) للإعلام، وبكل ما يتوجب عليها من تبعات الهلع: فإذا كانت الاصابة، في قضية الانتراكس هذه كلها، تتم من تلقائها عبر التبلور الآني، على غرار محلول كيميائي، إذ يمس، مساً، إحدى الخلايا، فهذا يعني أن السستام بأسره قد بلغ كتلة حرجة تجعله عرضة لأي اعتداء.

بداية يمكننا العودة الى الديالكتيك في فهم هذه المشكلة ، من حيث ان هناك دوما " الفعل و رد الفعل " . و نحن لا ننكر ان للراسمالية ، او ما يمكن تسمية بالنموذج الاقتصادي العالمي المعاصر مع ما يرافقه من علاقات سياسية ، دور كبير ، أدى الى بروز الارهاب بهذه القوة العنيفة . لكن هل ان مطلب الكاتب التالي مبرر :

اقتباس:

ذاك أنها، نظراً لقوتها التي لا تحتمل، هي التي أججت كل هذا العنف المبثوث في أرجاء العالم كله، وهي، تالياً، التي (من دون أن تعلم) هذه المخيلة الإرهابية التي تسكننا جميعاً.

كما ارى فان الكاتب يجعل من الارهاب مجرد قضية نفسية نابعة من تاثر اصحابه و مؤيديه بما في نفسية الآخر "صاحب ردة الفعل " ب " [color=#FF0000]هذه المخيلة الإرهابية التي تسكننا جميعاً " و يسوق ذلك باسلوبه الادبي الرفيع !

اقتباس:

انهيار البرجين التوأمين الذي مثّل، أكثر بكثير من ضربة البنتاغون، الصدمة الرمزية الأشد. لقد شهد الانهيار الرمزي لسستام بأكمله جراء تواطؤ غير مرتقب ....................................................................................... الخ
هنا ، كانوا ثمانية عشر انتحارياً تمكنوا، مسلحين بالسلاح المطلق للموت مشفوعاً بالكفاية التكنولوجية، من افتعال سيرورة كارثية جامعة.

الاسلوب الادبي نفسه في التهويل و التضخيم . ما هو مقياس موت 3000 انسان جراء تفجير مقارنة بوت عشرات الالوف خلال ساعات جراء بركان او تسونامي ! او موت الآلاف خلال يومين جراء حرب اهلية بين عرقين أفريقيين في حرب اهلية ! كما ارى فان ضربات 11 سبتمبر لم تكن " الانهيار الرمزي لسستام بأكمله " فكما نرى جميعا ، السيستم نفسه ما زال موجودا و بكل جبروته ، يعمل في العالم تغييرا ، ولو استخدمنا كلام الثقافة الارهابية لقلنا ،انه ما زال يعمل في العالم " تخريبا " . اذا هو موجود و بقوة ! لذا غان قيام بضعة عشر شابا بكارثة ليس كافيا للتحدث عن اسقاط سيستم يهيمن على قرار العالام في المجالات الاقتصادية و التقنية و الحضارية بكامل وجوهها !


اقتباس:
فالغرب، وقد تصرّف كما لو أنه في موقع الله (ذي القدرة الإلهية والشرعية الأخلاقية المطلقة) يغدو انتحارياً ويعلن الحرب على نفسه.

ماذا كان على الغرب أن يفعل اذا ! هل لو سكت الغرب و همد، بدلا من الرد الحاسم على موجة الار هاب الجديدة ، هل الامر ليرضي السيد جان بودريار . اما كان السيد نفسه سيحتج ( كما سبق لغيره يوم سكتوا عن بدايات الارهاب الهتلري قبل الحرب العالمية الثانية ) قائلا : " لقد سكتم عن الارهاب الى ان استفحل ! و يحكم ! لماذا تدعون قيادة العالم و انتم لستم اهلا لها !.............الخ " . لا ، الغرب ، و معه كل الدول التي تؤمن بالديموقراطية و الحريات الانسانية ، لم يعلن الحرب على نفسه بل على الجرثوم الذي انتشر وما زال لهيبه يمتد !
.

اقتباس:
رعب مقابل رعب. ولم يعد هناك، وراء كل هذا، أي بعد أيديولوجي، لقد أصبحنا بعيدين جداً من كل أيديولوجيا وسياسة[/

مغالطة واضحة ، و نظرة أدبية ضيقة ، كيف يمكن تفسير حقد اممي بهذا الشكل تدعمه القاعدة و من يؤيدها ن دون وجود ايديولوجيا و سياسة خلف كل ذلك الحقد ! و كيف يمكن لكل هذا " رد الفعل " الذي تقوم به الدول التي تؤمن بالحريات الانسانية و حق البشر في الحياة الىمنة ان تخوض حربا بهذه الشراسة و هذه الكلفة مكن دون ايديولوجيا او سياسة !

كلام هراء!

اقتباس:

يتعلق الأمر إذاً لا بصدام حضارات ولا بصدام أديان، كما يتعدى بكثير الإسلام وأميركا اللذين تجري المحاولات لحصر النزاع فيهما لتوليد وهم مجابهة مرئية ووهم حلّ بالقوة. صحيح أن في الأمر تضاداً أساسياً، لكنه تضاد يُبين، عبر طيف أميركا (التي ربما كانت المركز السطحي، لكنها ليست، بمفردها، تجسيد العولمة) وعبر طيف الإسلام (الذي، هو أيضاً، ليس تجسيد الإرهاب)، أن العولمة المنتصرة تخوض صراعاً مع ذاتها.................................................................................................... ذلك أن العالم هو نفسه الذي يقاوم العولمة.


اذا ، صاحبنا يرفض فكرة صدام الحضارات ! و يعزو الصراع بين "ذروة الحضارة المعاصرة ، بخيرها و شرها " من ناحية و " قوى رمز التخلف العالمي " من ناحية اخرى ، على انه مجرد صراع العولمة مع نفسها . ترى لماذا لا تصارع العولمة نفسها في الصين او في اليابان او في روسيا . ام لعل صاحبنا يعتقد بان صراع الشيشانيين مع روسيا هو صراع العولمة مع نفسها أيضا و ليس صراعا استقلاليا من هيمنة الروس ! ام انه يعتقد بان الصراع العربي الاسرائيلي هو صراع علمنة مع نفسها ! ام لعل الصراع اللبناني ةالسوري بكافة تفرعاته و امتداداته هو صراع علمنة ..... الخ .

كلام هراء ، ايضا !

اقتباس:

والحال أنه تفسير خاطئ للارهاب أن يُنظر إلى العمل الارهابي بوصفه منطقاً تدميرياً بحتاً

هذا التفسير لا يتحدث به الا قلة ، اما الجميع ، عربا و مسلمين و غربيين و شرقيين ، فيعرفون بان الارهاب هو ردة فعل على فعل ما ، و ان للارهابي مطالب محددة يذكرها ، و نقصد منظمته ، كل يوم . فالارهاب هو ردة الفعل غير الحضارية على أفعال تتطلبها الحضارة بقوة ، خيرة او شريرة ( فلا يظنن شخص ان كلمة الحضارة لا تحمل الا المعاني الخيرة ! فللحضارة شرورها أيضا ) !


يكفيني هنا تعليقا على اهم ما ورد في المقالة " ذهنية الإرهاب" اعلاه للكاتب جان بودريار . مع تقديري للكاتب و ما كتب من كتب و مقالات أخرى .


















بودريار الساحر مات... فهلاّ نقرأه؟ - Awarfie - 03-08-2007

يقتضي التنويه بان الكلمتين "علمنة " المذكورتين في السطور التالية ، كان يفترض ان تكونا " عولمة " و ليس " علمنة " :

" ام انه يعتقد بان الصراع العربي الاسرائيلي هو صراع علمنة مع نفسها ! ام لعل الصراع اللبناني السوري بكافة تفرعاته و امتداداته هو صراع علمنة "
لتصبح:

" ام انه يعتقد بان الصراع العربي الاسرائيلي هو صراع عولمة مع نفسها ! ام لعل الصراع اللبناني -السوري بكافة تفرعاته و امتداداته هو صراع عولمة "

تحياتي .:yes:


بودريار الساحر مات... فهلاّ نقرأه؟ - محارب النور - 03-08-2007

أعرف شي واحد عنة : أنهُ عراب التشبية والمشابهة عن العالم الوهي الذي نعيش فيه ,وأثرت أفكارة في الاخوين الذان اخراجا فيلم "ماتركس" والذي يتذكر الفيلم بدقة عندما يصحى نيو من نومة يفتح كتاب .. هذا الكتاب من تأليف الفيلوسوف المتوفي اظن اسمة التشبية والمشابه شي من هذا القبيل وكل الفيلم مكرس لفكره بشكل كامل .

محارب النور




بودريار الساحر مات... فهلاّ نقرأه؟ - ليلين - 03-09-2007

بودغياغ، أحد كبارنا الذين علمونا السحر، و الذي خلق لنا، في عالم السيميولوجيا، السيمولاكرا simulacra (مفردها سيمولاكروم simulacrum)؛ النسخة عن النسخة عن النسخة عن النسخة - ضاع الأصل، و لم يعد هناك مركز.

لم أقرأ كل ما كتب بودغياغ لبعد خطه عن انشغالي الدقيق. لكن طروحاته الأساسية، حين تلتقي بطروحات الأسطورة جان فغانسوا ليوتاغ، هي من أساسات السيميولوجيا لما بعد الحداثة، و أثرها على الساحة كبير، خاصة في الفلسفة الكونتينيتالية مثل ما بعد البنيوية و ـ بشكل ما ـ التفكيك.

بودغياغ هو من نحت الهايبر-رياليتي hyperréalité بالمناسبة.


بودريار الساحر مات... فهلاّ نقرأه؟ - Awarfie - 03-12-2007



كنت اتوقع ان هناك من سيقرا النص و التعليق عليه . لكن القراءة عن الشاعر موجودة بكثرة و الحمد لله ! و هذا يذكرني بالكم الكبير الذي كتب في تاريخ الاسلام عن الجنة و بالكم الصغير ، و الذي لا يكاد يذكر ، و الذي كتب عن قضايا ، في الجنة كمفهوم عقلاني !
بل و يذكرني أيضا في مرحلتي الاولى للاطلاع على الفكر الماركسي ، اذ كنت اقرا لماركس و بليخانوف و لينين و غرامشي و تولياتي و روزا لوكسمبورغ ...الخ وغيرهم من ائمة الفكر الاشتراكي و نهلت من ينابيع الفكر الاشتراكي قبل ان اتعرف على اول منشور اقراه للحزب الشيوعي و من ثم لاكتشف بان الشيوعيين انفسهم لا يعرفون عن تلك الينابيع الا ما قراوه عنها عبر مناشيرهم ، التي كانت تقصقص و تدور و تعجن و تخبز تلك الينابيع كما يحلو لها و يخدم أسلوبها في التعامل الفج داخل منظماتها .
لهذا فاني انصح ، من احب ، بقراءة الشيء قبل القراءة عنه ،لان كل منا ، يقرا الفكرة بطريقة تختلف عن غيره . و هنا موطن المتعة و قيمة المعرفة الحقيقية .
:Asmurf:

تحياتي .



بودريار الساحر مات... فهلاّ نقرأه؟ - نزار عثمان - 03-12-2007

ما كان أغناك عن هذا الاسلوب، لكن لو شئته فلا بأس..لكن لا بد لي اولا من الاشارة الى كوني امتنعت عن الرد لسببين الاول، لست مدافعا عن بودريار فله ما يقول ولك رأيك اتجاهه ، ولكن ان تبدي رأيك بهذا المنطق وان تصنف بودريار فيم صنفت دون حتى انت تتناول كافة ما كتب بالنقد والتحليل، ولا حتى على الاقل كافة مقاله الوارد بالتشريح.. فهذا لا ينم الا عن امور ... اعتقد انك تعلمها دون ان اشير اليها ..

والثاني في البين ان الرجل قد توفي وعمدت لاظهار هذا المقال الذي كتبه بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر اجمالا.. واظن في هذا ما قد يوحي لك بالاجوبة وفق منطقك الذي استخدمت ويبرر.. لكن مع هذا آتي لما كتبت ..


وقبل البدء اشير، اقتطاعك لبعض المقتطفات من المقالة وتناولها يعكس مدى جدية البحث لديك، وعليه، لن اعمد لربط ما قد اقتطعت فليست مسؤوليتي ان لم يكن احدهم يعرف كيفية القراءة الصحيحة بل سأتناول تلك الجزئيات التي اخترتها انت فحسب

Arrayبداية يمكننا العودة الى الديالكتيك في فهم هذه المشكلة ، من حيث ان هناك دوما " الفعل و رد الفعل " . و نحن لا ننكر ان للراسمالية ، او ما يمكن تسمية بالنموذج الاقتصادي العالمي المعاصر مع ما يرافقه من علاقات سياسية ، دور كبير ، أدى الى بروز الارهاب بهذه القوة العنيفة . لكن هل ان مطلب الكاتب التالي مبرر :[/quote]

اولا : من انتم؟؟ هل تمثل جهة معينة ليتم التعامل معك وفق ما تطرح من طروحات/ ام لعلها الانا المتضخمة هي ما دفعتك لاستخدام هذه الصيغة من التفخيم بـ"نحن"؟
ثانيا: تعاملك مع مفهوم "الارهاب" بهذه المسامحة والخفة، ومرورك عليه باسلوب النقد للكاتب بتعبيرك "أدي الى بروز الارهاب......"، يوحي بكونك قد تجاوزته، هل شرّحت لنا الارهاب ,, او على الاقل عرفته؟ وبالتالي هل برأيك أن ظاهرة "الارهاب" ارتبطت فقط او انبثقت فقط بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر وبتأثير من فعلة بن لادن ومن معه؟


لكن مع هذا اتوقف عند نقطة معينة متجاوزا ما قد تجاوزته انت اولا، وهو مفهوم الارهاب لاتناول مسبباته ومفاعيله وبالتالي نتائجه، وبطريقة الماحية كما تفعل. توافق على اعتبار ان النمط الاقتصادي العالمي قد لعب دورا بارزا في بروز الارهاب وتوافق الكاتب على هذا دون الدخول في تفصيل هذا المفهوم او الاشارة الواضحة له، بل تنسب له مفهوم العنف بطكريقة التساوق وما ابعد "الارهاب" كمفهوم عن "العنف" كمفهوم ... لو تحب اشرح لك الفرق لا بأس .. لكن هذا لا يوحي الا بكونك تسرعت في تناول الموضوع بخفة فاجأتني

على كل حال .. يمكن اعتبار تلك الفقرة من كلامك مقدمة توافثق فيها الكاتب اجمالا لا تفصيلا وفق ما تراه ... لكن تتخذها منطلقا لاظهار الاستهجان على مطلب الكاتب .. وتبدي التعجب من خلال الصياغة لتوحي لنا بالخطأ الكبير الذي وقع فيه الكاتب ... وتأتي لاظهاره من خلال استخدامك النقطتين (( : ))

ثم ..




بودريار الساحر مات... فهلاّ نقرأه؟ - نزار عثمان - 03-12-2007

يوجد خطأ في الاكواد يا ادارة ... كلما اردت ارسال الرد يمتنع عن الوصول.... لحظات


بودريار الساحر مات... فهلاّ نقرأه؟ - نزار عثمان - 03-12-2007



Arrayاقتباس:
ذاك أنها، نظراً لقوتها التي لا تحتمل، هي التي أججت كل هذا العنف المبثوث في أرجاء العالم كله، وهي، تالياً، التي (من دون أن تعلم) هذه المخيلة الإرهابية التي تسكننا جميعاً.

كما ارى فان الكاتب يجعل من الارهاب مجرد قضية نفسية نابعة من تاثر اصحابه و مؤيديه بما في نفسية الآخر "صاحب ردة الفعل " ب " هذه المخيلة الإرهابية التي تسكننا جميعاً " و يسوق ذلك باسلوبه الادبي الرفيع ![/quote]

أين مطلب الكاتب؟؟؟ لعلك تود الاشارة بطريقة ضمنية الى الماح الكاتب على كون الولايات المتحدة هي ما تشكل "المخيلة الارهابية التي تسكننا جميعا"؟؟ .. حينها اين الفعل ورد الفعل فيم ذكرت؟ وبالتالي كيف بنيت على هذه الفقرة القول مترجما عن الكاتب ما اراده من حيث جعله الارهاب مجرد قضية "نفسية نابعة ...."

ثم ومن جهة أخرى، انطلاقا مما قدمته في فقرتك الاولى من اقرار بأن للنموذج الاقتصادي العالمي دورا بارزا في بروز الارهاب تأتي لتقول "ان الكاتب يجعل من الارهاب ....... "صاحب رد الفعل".. اين الفارق ووجه الانتقاد هنا ايضا انطلاقا مما وافقت عليه وبررته؟ ثم ودون ان تقدم للارهاب او تشرحه - تحدده بأنه "قضية نفسية" متبينا ايضا رؤية الكاتب.. ياااه يا رجل ايش الجمال هذا كله؟ ثم .. هل انت في هذه الفقرة تعمد لتبن نفس مقولة الكاتب ام هناك شئ آخر؟؟ ان كان الامر كذلك فما هو وجه الاعتراض؟؟ اما بالنسبة لأدب الكاتب الرفيع .. فان الكاتب على الاقل يستخدم اللغة العربية بطريقة تعكس المعنى تام يصح السكوت عليه ..

ثم

Arrayالاسلوب الادبي نفسه في التهويل و التضخيم . ما هو مقياس موت 3000 انسان جراء تفجير مقارنة بوت عشرات الالوف خلال ساعات جراء بركان او تسونامي ! او موت الآلاف خلال يومين جراء حرب اهلية بين عرقين أفريقيين في حرب اهلية ! كما ارى فان ضربات 11 سبتمبر لم تكن " الانهيار الرمزي لسستام بأكمله " فكما نرى جميعا ، السيستم نفسه ما زال موجودا و بكل جبروته ، يعمل في العالم تغييرا ، ولو استخدمنا كلام الثقافة الارهابية لقلنا ،انه ما زال يعمل في العالم " تخريبا " . اذا هو موجود و بقوة ! لذا غان قيام بضعة عشر شابا بكارثة ليس كافيا للتحدث عن اسقاط سيستم يهيمن على قرار العالام في المجالات الاقتصادية و التقنية و الحضارية بكامل وجوهها ![/quote]


خفة ما بعدها خفة بالتناول، الفارق بسيط جدا ولا يخفى عن عين مفتحة، ان الثاني نتج عن احداث طبيعية او موازية بقوتها وقدراتها العسكري للضد، في حين ان الثاني كان قوة شبحية هلامية ادى لضرب الكيان الاكبر في العالم بعقر داره وبمراكزه ذات الرمزية الاقوى والابرز. اما بالنسبة لكلامك انك ترى "السستام ما زال موجودا"، وان ما جرى هو مجرد "تخريب"، فففففففف .. والله من لا يرى من الغربال فهو أعمى .. على كل حال .. هل استخدم الكاتب قول "الانهيار لسستام بأكمله" أم استخدم "الانهيار الرمزي لسستام بأكمله"؟؟ اتعلم ما هو معنى "الرمزي"؟؟ ثم هل اكتمل اي من السيناريوهات التي طرحت فيم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وفي خلال عقد التسعينات؟؟ ثم هل ترى الارهاب مجرد بضعة عشر شاب قاموا بعمل تخريبي؟؟؟ ام لعلك ممن يوافق النظرية القائلة ان اميركا ابتدعت احداث الحادي عشر من سبتمبر كي تتخذه مبررا لغزو العالم؟ وحينها لا انفساخ للذات عن الذات بل التئام مطلق طالما كونها كنتيجة "تهيمن على المجالات الاقتصادية والتقنية.........."

الارهاب اليوم هو حالة طيفية شبحية بات يقض مضجع الاميركيين، ودول الشمال .. اذكر هذا للتذكير فقط ..


اعود للمتابعة بعد قليل