حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
الابعاد الدينية للخطيئة الاميركية في العراق - مقال لا بد من قراءته كاملا - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: الابعاد الدينية للخطيئة الاميركية في العراق - مقال لا بد من قراءته كاملا (/showthread.php?tid=12724) الصفحات:
1
2
|
الابعاد الدينية للخطيئة الاميركية في العراق - مقال لا بد من قراءته كاملا - الكندي - 01-11-2007 بقلم: فرانسوا باسيلي كيف يمكن لاميركا ذات القوى والموارد والثروات الفكرية والمادية والابعاد الامبراطورية الفريدة الفائقة أن تحقق فشلا مدهشا في أبعاده وعلى كافة المستويات في مواجهتها مع دولة من العالم الثالث كانت تحت حصار صارم لعشر سنوات ولا تملك الا جيشا منهكا بلا عتاد ولا صيانة ولا تدريب ولا موارد؟ ميدل ايست اونلاين من أصعب الاسئلة في أذهان الكثيرين في الولايات المتحدة، والبعض في الدول العربية حول المشهد العالمي الحالي هو كيف أمكن للإدارة الاميركية لأقوى امبراطورية في التاريخ بكل ما تزدحم به من كبار المستشارين والخبراء والاداريين وترسانات مراكز العقول والتفكير والتخطيط الحاضنة لهم، وبكل ما تحتكم عليه من قوة عسكرية هائلة هي بلا شك أكبر قوة حربية مدمرة في التاريخ البشري، وما يساند هذا كله من اقتصاد هو الاضخم حجما في العالم اليوم، كيف أمكن لكل هذه القوى والموارد والثروات الفكرية والمادية ذات الابعاد الامبراطورية الفريدة الفائقة أن تحقق فشلا مدهشا في أبعاده وعلى كافة المستويات – عسكريا وسياسيا واستراتيجيا – في مواجهتها مع دولة من العالم الثالث يقل عدد سكانها عن عشر سكان الامبراطورية الاميركية، كانت تحت حصار صارم لعشر سنوات سابقة ولا تملك الا جيشا منهكا بلا عتاد ولا صيانة ولا تدريب ولا موارد؟ هذا السؤال لم يتصدى لمحاولة الاجابة عنه الى الآن الكثيرون، وما يكتب عنه يقتصر عادة على وصف هذا الفشل وتعداد مظاهره وربما يعيده البعض الى أخطاء تكتيكية عديدة وقع فيها المسؤولون الاميركيون. ولكن يبقى السؤال الضخم – على المستوى الاستراتيجي العام –بلا اجابة مقنعة.. ويبقى المشهد الدرامي الدموي المتكرر يوميا على الساحة العراقية بما يحمله من خراب عام وسقوط مدوي لكل مظاهر المجتمع والدولة والمدنية المعاصرة مفتوحا على مختلف احتمالات التأويل ومحاولات الفهم المستعصية. وحين أتحدث عن الفشل الاميركي في العراق، لا أقصد فقط تلك الاخطاء المذهلة التي ارتكبها المسؤولون الاميركيون عن تخطيط وادارة الحرب، بداية من اطلاق لقب "الصدمة والترويع" على الضربة العسكرية الاولى ضد بغداد، بكل ما في هذا اللقب من غطرسة واستعلاء وزهو صبياني لم يكن منتظرا من قوة كبرى قالت انها ما جاءت الا لتحرير العراقيين من الطغيان والتسلط ومنحهم الحياة الحرة الكريمة الآمنة. من هو ذلك العسكري العنيف المخيف اذن الذي اختار للحملة الاميركية هذا اللقب غير الانساني؟ وهل حققت آلاف القنابل الملقاة فوق بغداد سوى صدمة السكان وترويعهم داخل بيوتهم لعدة ليال متواصلة؟ كيف تكون الصدمة والترويع هي لغة من جاء بوعود الديمقراطية والحرية والربيع؟ لقد كانت هذه اللغة العسكرية الفظة هي الكفر الذي بدأت به الادارة الاميركية قصيدتها التحريرية في العراق. ولم يكن هذا مجرد خطأ لغوي لا اهمية كبيرة له، ولكنه كان "الكلمة" التي كانت في البدء والكلمة التي كانت تلخيصا وافيا لكل مظاهر القوة العسكرية الغاشمة التي راحت تتلاحق بعد ذلك في مداهمات فجة للمساكن بحثا عن "الارهابيين" والتي كانت أعظم وسيلة لزرع الكراهية في قلوب المواطنين العاديين الذين رأوا بيوتهم تقتحم عنوة في منتصف الليل في صخب وهياج وضجيج تدربت عليه القوات الاميركية لمواجهة الجنود الاعداء وما كان له ان يطبق على جموع المواطنين على الاطلاق، وفي النهاية أوصلهم هذا الطريق المتخبط بين العنف والخوف الى مهزلة سجون ابو غريب وجوانتانامو وممارسات دكتاتوريات الموز التي لم تكن منتظرة على الاطلاق من زعيمة الحرية الفردية والكرامة الانسانية في العالم الحر! هذه الاخطاء الاميركية التي ذكرتها على سبيل المثال لا الحصر – فحصرها يتطلب استفاضة لن اقدم عليها هنا خاصة وانه قد ظهرت عنها مئات المقالات وعشرات الكتب – وغيرها الكثير من الاخطاء التكتيكية التي وقع فيها الاميركيون في العراق – ليست هي اساس التساؤل الذي اقصده في مقالي هذا عن سبب فشل الامبراطورية في مواجهتها مع دولة من العالم الثالث. فالذي اقصده هنا ليس هو الاخطاء العديدة التكتيكية التي أدت الى الفشل، وانما أبحث هنا - اذا ما استخدمنا لغة لاهوتية مناسبة لأجواء الحرب الدينية التي ارادها كهنة وشيوخ هذه الحرب البائسة على الجانبين – عن "الخطيئة الاصلية" التي كانت هي البذرة الاولى لكل ما نبت بعد ذلك من أفرع واغصان وثمار لهذا الفشل المر الذي ذاقته الادارة الاميركية لمغامرتها في العراق والذي لم تكن الخسارة الكاسحة لزعامتها لمجلسي الشيوخ والنواب في الكونجرس الاميركي سوى اولى فواتيرها المستحقة الدفع. لكي نعثر في مستنقع الخراب الدموي للمشهد العراقي عن بذرة الخطيئة الاصلية للفشل الامركيي علينا ان نفحص بامعان القوى التي تدافعت وراء شن هذه الحرب.. اولى حروب القرن الحادي والعشرين. والثابت الآن انه كانت وراء هذه الحرب ثلاث قوى رئيسية تجمعت كلها في النهاية لتصبح قوة واحدة دافعة في اتجاه المغامرة العسكرية غير المحسوبة امام شبه اجماع عالمي مضاد كان يرى في هذه الحرب ضربا من الجنون خرجت للإعتراض عليه الملايين من العقلاء في معظم العواصم الاوروبية والعشرات من المدن الاميركية نفسها.. ولنلقي بنظرة على تلك القوى: - المحافظون الجدد لعل الاسم الاكثر دقة لهؤلاء هو "الصهيونيون الجدد" وذلك لأن فلسفة هؤلاء تبعد في الواقع –ان لم تكن تعادي – الفلسفة المحافظة التقليدية التي تفضل الالتفاف باللذات وعدم التهور في مغامرات خارجية، ولذلك فليس عجيبا ان اختلف مع الجدد أقطاب المحافظين التقليديين القدامى مثل وليام باكلي وبات بيوكانان. ولذلك أفضل ان يوصفوا بالصفة الاكثر تعبيرا عن هويتهم وهواهم وهي صفة " الصهيونيون الجدد" وذلك لأنهم يشتركون ربما بلا استثناء في مساندتهم العمياء لإسرائيل وسياستها العدوانية العسكرية. أما هؤلاء الصهيونيون الجدد فمنهم بول وولفوفيتز وريتشارد بيرل واليوت ابرامز ووليام كريستول وماكس بوت وغيرهم.. وقد اشتركوا جميعا – بالاضافة الى التأييد الاعمى لسياسة اسرائيل دون مراعاة لمدى مشروعية هذه السياسة - في الايمان بضرورة التدخل العسكري في اي مكان في العالم لنشر الديمقراطية وتأكيد حقوق الامبراطورية الاميركية. بل ان مصطلح الامبراطورية الاميركية جاء في كتابات احدهم وهو ماكس بوت في مقال بالويكلي ستاندارد الصوت الصارخ للمحافظين الجدد، فهم ينادون علنا بدور امبراطوري استعماري للولايات المتحدة! ويشتركون ايضا في الايمان المطلق بأن الحق في الجانب الاميركي ولذلك فمن المشروع تعزيزه بالقوة المطلقة.. وفي خطابهم خيط شبه لاهوتي غيبي يمنحهم نوعا من الثقة الايمانية المطلقة (بمعتقداتهم) وبان الحق – والله – في جانبهم حتى ولو كان بعضهم ليس مؤمنا أو متدينا بالضرورة، فقد جمعهم ايمان عقائدي لا يختلف كثيرا عن ذلك الذي جمع غلاة الشيوعيين في الماضي قبل ان تنهار الشيوعية على من بها، وهو مصير كل المفرطين في اي ايمان أو دعوة لأن الافراط – والتطرف – ليس من طبيعة الاشياء ولا الانسان السوي الناضج. والملفت انه كان للمحافظين الجدد حلفاء في الفكر في الشرق الاوسط، ففي اسرائيل كان لناثان شارانسكي نفس العقيدة الايمانية السياسية التي للمحافظين الجدد والتي عبر عنها في كتابه "من اجل الديمقراطية" الذي اشاد به الرئيس جورج بوش على قلة اهتمامه بالكتب عموما! كما كان لهم مساندون بين العرب في الكثيرين ممن عرفوا بالليبراليين الجدد، الذين اشتركوا مع المحافظين الصهيونييون الجدد في عدة جوانب اهمها تأييد سياسة التدخل العسكري الاميركي في العراق وغيره من الدول العربية والاعجاب الى حد الوله الابله بسياسات اسرائيل مهما بلغت وحشيتها والكثير من الاحتقار لكل ما هو عربي، وهكذا وجد المحافظون الجدد مساندين لهم في الادارة الاميركية وفي اسرائيل وفي العالم العربي يشجعونهم ويحرضونهم على المضي قدما في مغامراتهم المذهلة. [B]- المسيحيون الصهاينة يمثل هؤلاء جزءا محددا من جموع المسيحيين الامركيين وليس كلهم، فالمسيحيون في اميركا ينقسمون الى عدة طوائف منها الانجيليون والمعمدانيون والكاريزميون والبريسبتاريان – وكلهم يتبعون المذهب البروتستانتي، كما ان هناك الكاثوليك التابعين للفاتيكان وهناك الارثوذكس مثل الجريك (اليونان) والروس والاقباط.. وكل من هؤلاء يتبع كنيسته الارثوذوكسية في شرق اوروبا او في مصر، ومن المهم التأكيد على ان ظاهرة المسيحية الصهيونية (وهي ظاهرة وليست طائفة او مذهبا) لا توجد في الكنيسة الشرقية سواء القبطية في مصر أو العربية في لبنان او الاردن او فلسطين. فهي ظاهرة منحصرة بين بعض الانجيليين الاميركيين المهتمين اهتماما بالغا بالعهد القديم من الكتاب المقدس الذي يضم تاريخ اليهود وقصصهم وأنبيائهم، بشكل مبالغ فيه يكاد يفوق اهتمامهم بالعهد الجديد – اي عهد السيد المسيح- رغم عدم اقرارهم بذلك، لكن الملاحظ ان معظم عظاتهم تجيء من قصص العهد القديم فهم مرتبطون به ارتباطا عاطفيا لا نجده لدى بقية المسيحيين الكاثوليك والارثوذكس. ويجيء هذا من اهتمامهم المبالغ بالنبوءات، اي كل ما جاء في العهد القديم من رموز وقصص وشخصيات يعتبرونها ترمز الى العهد الجديد والى مجيء المسيح وايضا الى مجيئه الثاني والذي يعتقدون انه سيحدث بعد ان يعود اليهود الى ارض الموعد وينتهي شتاتهم معلنين بذلك نهاية الايام حيث يجيء المسيح مرة اخرى ليحكم على الارض فيؤمن به الجميع ومنهم كل اليهود وتقوم القيامة ويذهب المؤمنون الى ملكوت السموات لينعموا بالحياة الابدية. من هذا الاعتقاد يأتي تأييد هؤلاء لقيام دولة اسرائيل ودعمها حتى يرجع اليها جميع اليهود. حتى ان احد أقطاب هؤلاء وهو بات رابرتسون استهجن انسحاب شارون من قطاع غزة وقال ان مرض شارون كان عقابا من الله له لأنه ترك قطاع غزة، فانسحابه من قطعة من ارض الموعد يعني تعطيل مجيء المسيح الثاني في نظره، ولا تؤمن الكنيسة الشرقية بهذا التفسير، وفي هذا يقول قداسة بابا الاقباط الانبا شنودة: لقد جاء اليهود الى فلسطين بوعد من بلفور وليس بوعد من الله. وقد ايد المسيحيون الصهاينة هؤلاء حرب العراق بحرارة وحماس شديدين لأنهم نظروا اليها بمنظور ديني أوحد، وهو منظورهم الى كل شيء آخر في الحياة مثلهم مثل منظور المتشددين الاصوليين في اليهودية والاسلام. فهؤلاء كلهم يشتركون في اسلوب الغلو الديني وفي اختصار كافة مناحي الحياة في الجانب الديني وحده. ويشتركون في الغلو العاطفي والتمسك بالنص الحرفي دون إعمال العقل.. وتقديس الماضي والفرح بالانتقال للعالم الاخر الافضل، وهكذا هلل هؤلاء المتشددون لبوادر الحرب "الدينية" كما رأوها وراحوا يدقون طبولها ويرفعون راياتها الحمراء المثيرة ورأوا في كل كلمة وكل حركة من الطرف الآخر اشارة دينية تدفع نحو محاربة الآخرين (الكفار). ورغم ان الرئيس جورج بوش ليس معروفا عنه التدين الشديد الا انه قد وجد في موجة التهليل من قبل المسيحيين الصهاينة سندا مشجعا له فرحب به وراح يستخدم بين الحين والآخر عبارات دينية مثل ان الله يرشده ويوحي له وراح اتباعه ينظرون اليه باعتباره "رجل الله" الملهم، والذي بهذا لا تصح مسائلته أو الشك في حكمته وانما الواجب هو اتباعه كما يتبع كل مؤمن تقي نبيه المرسل من الله لقيادته حسب مشيئته العليا، وهكذا لم يقم النواب الجمهوريون في الكونجرس بدورهم في التدقيق والمتابعة والمحاسبة المنوطة بهم لإدارة بوش، وراحوا يقبلون أقوالها وأفعالها بلا اية محاسبة اعتمادا على ايمان الجميع بأن هذه الادارة، وهذا الرئيس يؤدون رسالة مقدسة دفاعا عن اسلوب الحياة الاميركية المسيحية كما يرونها. - التحالف العسكري – الصناعي - الشوفيني ظهر مصطلح "التحالف – العسكري – الصناعي" في الستينات من القرن الماضي واتهم البعض هذا التحالف باغتيال الرئيس الاميركي المتحرر كيندي وذلك انحيازا لنظرية المؤامرة في تفسير التاريخ وهي نظرية خيالية يلجأ اليها المزاج الغيبي السحري لقطاع من الناس موجودون في كل مجتمع بشري، ويشير هذا المصطلح الى قوى الشركات الاميركية الجبارة ومصالحها التجارية والاقتصادية والتي تتلاقى مع المصالح العسكرية لمؤسسة البنتاجون الجبارة في مشروعات تصنيع الاسلحة الهائلة الحجم والكلفة، ويضاف الى هؤلاء شركات تكرير وتوزيع البترول. وقد رأت هذه كلها في غزو واحتلال العراق فرصة هائلة للسيطرة على أبار النفط العراقية بالاضافة الى مشاريع اعمار على مستوى مدن كاملة ستدمرها الحرب مما يضمن عملا مستديما للشركات الهندسية الانشائية لعشرين عاما قادمة، فالاغراء الاقتصادي اذن كان هائلا وقد اصاب من قالوا انه لو كان العراق خاليا من النفط لما ارسلت اليه الادارة الاميركية جيشها الجرار لإحتلاله. والى ذلك التحالف العسكري – الصناعي التقليدي اضيف عنصرا ثالثا هو القوى الشوفينية التي تنجرف وراء عاطفة قومية اميركية متأججة بشكل فيه افراط وتطرف يجعل هذه القوى تندفع لتأييد كل حرب اميركية خارجية وتسارع لدق طبول الحرب ورفع الاعلام الاميركية تأييدا لها في كل مكان ومطاردة واخراس كل صوت يرتفع ضد هذه الحرب كما فعلوا مع الثلاثي الغنائي الشجاع المسمى بالــ "دكسي تشيكس" اي فتيات ديكسي. ودكسي ترمز الى ولايات الجنوب المحافظة في الولايات المتحدة، وكانت المغنية الاولى لهذا الفريق الغنائي قد اعترضت على الغزو قبل وقوعه بايام فثارعليها اليمين الاميركي الشوفاني وضغطوا على المئات من محطات الاذاعة لمنع اذاعة اغانيهم ونجحوا في ذلك في بلد الحرية الفكرية وحرية التعبير وكأننا قد أصبحنا في جمهورية موز في العالم الثالث. ومن اقطاب هذا القطاع اليميني القومي الشوفاني معظم مقدمي برامج الاذاعات الاميركية (الراديو) وهم بالمئات، ففي كل مدينة اميركية محطة اذاعة محلية خاصة بها وعلى رأس هؤلاء راش لمبو الذي يستمع اليه عشرون مليونا من الاميركيين اليمينيين. ويقابله في التلفزيون بل اورايلي مقدم برنامج اورايلي فاكتور، وشين هانتي وكلاهما في محطة فوكس المحافظة التي روجت للحرب بشكل فعال، ومع هؤلاء آخرون مثل اوليفر نورث الذي كان ضالعا في فضيحة الايران – كونترا في عهد الرئيس ريجان. وهؤلاء وغيرهم بالمئات قاموا بلعب دور هياجي على مستوى الشارع الاميركي. وليست هذه القوى الثلاث منفصلة عن بعضها، فالكثيرون ينتمون لأكثر من فصيل منها في نفس الوقت. وتعاونت كلها لتشكل في النهاية قوة يمينية محافظة شوفانية دينية مسيحية صهيونية واحدة تدفع نحو الحرب وتخلق حالة الهياج العاطفي السياسي القومي الديني الضرورية لها، و في هذا الجو الهستيري رأينا حملة ضد فرنسا لانها وقفت ضد الحرب وانهال المعلقون والكتاب على كل ما هو فرنسي بالشتائم والنكات اللاذعة ودعوات مقاطعة النبيذ الفرنسي و"الفرنش فرايز" اي البطاطا المقلية على الطريقة الفرنسية، كما رأينا الكثيرين من الليبراليين الاميركيين –اليهود يتساهلون مع هذه الحرب بل ويهللون لها وعلى رأسهم سياسيا السناتور جوزيف ليبرمان الذي وصل به تأييده للحرب الى حد الخروج على موقف حزبه الديمقراطي ومبايعة بوش وقت اعادة انتخابه للفترة الثانية. وعلى رأسهم فكريا رأينا كاتب النيويورك تايمز توماس فريدمان يفلسف وينظر للحرب ويتحمس لها بشدة في احاديثه التلفزيونية وفي احداها كان عائدا من زيارته السادسة للعراق خلال عام واحد!! وسمعته يقول لمحدثه تشارلي روز في برنامجه بمحطة بي-بي-اس انه على الاميركيين منح كل ضابط عراقي سابق بضعة مئات من الدولارات وبهذا تنتهي المقاومة! وكان يلوم الادارة الاميركية لتباطئها في القاء الدولارات في الشارع الاميركي "لشراء" المقاومين والمعارضين العراقيين! هكذا كان يفكر اقطاب المناصرين للحرب في جو مرعب من الجهل التام بسيكولوجية الشعوب بل وبإنسانية الانسان بوجه عام. ولا يجب أن ننسى ان امام هذه القوى اليمينية الدينية الشوفينية وقف عدد كبير من الاميركيين يعارضون ويتظاهرون ويهاجمون بوش وبطانته بعنف في الصحف والميديا الليبرالية والديمقراطية واليسارية. كما لم تكن كل الكنائس والطوائف المسيحية مع الحرب، وقد وقف الكثيرون من الكاثوليك ضدها ومنهم بابا روما نفسه البابا الراحل يوحنا بولس، كما وقف ضدها الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر وهو رجل متدين من المعمدانيين الجنوبيين، ولكن تدينه معتدل عميق وانساني وليس كتدين الاكثرية اليمينية التي كانت تطبل للحرب في تناقض واضح مع التعاليم المسيحية. يبقى الآن السؤال عن ماهية الخطيئة الاصلية التي ارتكبها تحالف هذه القوى للتيارات الثلاث الرئيسية مما أدى الى الفشل الاستراتيجي لحرب العراق، وتبدأ الاجابة على هذا السؤال بفحص الابعاد الدينية وراء عدد من الخطايا تضافرت في فكر وثقافة ونوازع هذه التيارات وأدت الى تلك المجموعة المدهشة من الاخطاء العميقة على الساحة العراقية. 1-الانفصال عن الواقع يتميز المزاج الديني المتشدد بشكل عام باقحام الغيبيات في الممارسات الحياتية بشكل يجعل العقل يكف عن اعمال الفكر الناقد الواعي مستسلما ومنقادا الى الايمان الاعمى برؤية تكاد ان تبدو رسولية مقدسة لدى الناظرين اليها المبشرين بها ويؤدي هذا الى عدم القدرة على تحسس ومعايشة الواقع الحي اذ ينفصل المزاج الديني عن الواقع في حمى تعلقه بالسماء ووحيها وارشاداتها له في مهمته التي يراها في ضوء ديني عالمي تاريخي أوحد. وقد حدث هذا - على مستويات مختلفة الحدة – للاقطاب السياسيين والمفكرين ونشطاء الحزب الجمهوري بشكل عام الذين رأوا في الحرب على العراق ابعادا تفوق واقعها ولا تمت لللحظة المعاصرة بصلة، ومنذ البداية راحوا يتوهمون ويتخيلون وبعضهم يلفقون اسبابا خرافية بل اسطورية تبرر شنهم هذه الحرب. فقد تخيلوا خطرا عظيما لما سموه أسلحة الدمار الشامل وحاولوا ان يحولوا وهمهم هذا الى حقيقة بشتى الطرق رغم سنوات من الفحص والتفتيش التي لم تعثر على شيء على الاطلاق ولكن انفصالهم النفسي الكامل عن الواقع جعلهم ينحازون للوهم وضرب الغيب على حساب المحسوس والمنظور أمام اعينهم. ومع الانتصار السريع في غزو العراق وتحطيم تمثال صدام حسين أدى انفصالهم عن الواقع الى تصور هذا الحدث على انه انتصار هائل كاد ان يعادل الانتصار على جيوش هتلر وحلفائه من دول المحور في الحرب العالمية الثانية. ومع بداية المقاومة واستمرارها راحوا يتوهمون ان مقتل قصي وعدي ولدي صدام حسين ستكون فيه نهاية المقاومة وقالوا هذا فعلا وآمنوا به وانتظروه، حتى تحقق القتل وازدادت بعده المقاومة. فقالوا ان الامر سينتهي بالقبض على صدام حسين نفسه وتصويره خارجا من حفرته ولكن المقاومة استمرت في تصاعدها، فقالوا ان محاكمته علنا ستكون هي القاضية على صورته وبالتالي على المقاومة، ولم يحدث. ثم قالوا ان القضاء على الزرقاوي هو مفتاح الخلاص، وتم القضاس عليه واستمرت المقاومة في التصاعد. وخلال كل هذا كانت هناك اوهام عظيمة أخرى ينتظرها "المؤمنون" بفارغ الصبر ويتوهمون في كل منها الخلاص الأخير، فعملية صياغة دستور جديد للعراق قد صورت على انها انجاز هائل، وكأن العراق كان ينقصه الدستور من قبل، وكأن العراق -أو غيره من الدول العربية- تحكمها الدساتير! بل تصوروا ان ابتكار علم جديد للعراق سيكون انجازا باهرا هو الآخر! ثم راحوا يتوهمون ان كل عملية تصويت في انتخابات عامة سيكون انجازا بحد داته، ثم قالوا ان تشكيل الحكومة هو أعظم الانجازات وأهمها، وكانوا في هذا كله يعيشون في عالم منفصل تماما، وبشكل شيزوفريني مرضي بالغ الانفصال عن الواقع اليومي البائس المفجع للشارع العراقي. وبلغ الانفصال عن الواقع والالتصاق بالوهم مداه لدى القيادة الثلاثية العليا للقرار السياسي والعسكري في الادارة الاميركية، فرأينا الرئيس بوش نفسه، ونائبه تشيني ووزير دفاعه رامسفلد يعيش كل منهم في عالم خاص به يخلقه بنفسه، عالم من الوهم الذي يرى انتصارات وتقدما حثيثا في ما يجري بالعراق، وكانوا يؤكدون هذا في كل حديث لهم، بل مازالوا يؤكدون هذا الى اليوم، وحتى بعد هزيمة الجمهوريين وعزل رامسفلد! وفيما يزداد الخراب والدمار وانهار الدماء في العراق يوما بعد يوم، كان بوش يصر عل سياسة "الاستمرار قدما" و"الحفاظ على المسيرة" و"التقدم حتى تحقيق النصر" و"استمرار الانجازات حتى النصر" في انفصال مخيف حقا عن الواقع اليومي الذي بات يعرفه الشعب الأميركي كله تقريبا. يذكرني هذا الموقف المذهل في انفصاله عن الواقع وعدم قدرته على رؤية الأرض التي يسير عليها بموقف التيار الاسلامي في مصر في معارضته لمعاهدة كامب ديفيد لتصورهم انها لم تحقق شيئا لمصر! وهم بهذا يعمون عن رؤية سيناء بأكملها كواقع ومساحة وأرض تحت أقدامهم! فالواقع لا يوجد لدى المنجذبين بالرؤية الدينية – او الشوفينية – للعالم وللحياة. فهم يظلون ملتصقين بالرؤية العلوية المتوهجة فيعمون عن رؤية ما تحتهم. 2- سذاجة الخلاص والتغيير اللحظي الذين يستغربون ذلك الاعتقاد الرومانسي للرئيس بوش والمحافظين الجدد بإمكانية زرع الديمقراطية في ارض العراق فجأة وتحويل شعب ضارب في التاريخ له ثقافته المختلفة وعاداته ومزاجه النفسي المتأصل الى شعب يمارس الديمقراطية الغربية بكل طقوسها من انتخابات ومرشحين واحزاب ومعارضة وكراسي ونواب وتغيير ربما يزول عنهم استغرابهم عندما يدركون ان فكرة تغيير الانسان تغييرا سحريا في لحظة واحدة فكرة موجودة ومتأصلة في ادبيات وممارسات المذهب البروتستانتي بشكل عام. فالخلاص لديهم يحدث في لحظة واحدة "يتجدد" بعدها الانسان تماما و"يولد من جديد" فيتحول الشرير الضالع في الشر إلى بار بالغ التقوى والورع، وليس المطلوب منه سوى تسليم نفسه تسليما كاملا -في لحظة التجدد هذه – للمسيح مخلصه، وإذا به يتغير و" يتجدد" تماما. وهذه الفكرة التي ينفرد بها البروتستانت ولا توجد لدى الكاثوليك والارثوذكس بهذا الشكل – هي ما سهلت على اقطاب الجمهوريين – ومعظمهم من البروتستانت- قبول فكرة تحويل الشعب العراقي الى شعب ديمقراطي حديث يؤمن بالديمقراطية ويمارسها في جمال ووداعة راقية كما يمارسها الأميركيون بشكل تلقائي وطبيعي كل يوم ليس فقط أمام صناديق الانتخابات ولكن ايضا في مكاتب العمل بين الرئيس ومرؤسيه وفي البيت بين الوالدين والابناء! اننا نخطأ حين نتجاهل تأثير البعد الديني على فكرة ورؤية ومزاج وتصرف المتشددين دينيا في كافة مناحي الحياة. وهذا ينطبق على البروتستانت الاميركيين بنفس درجة انطباقه على الاخوان المسلمين، وبالطبع تختلف الطقوس والرؤى الدينية بين هؤلاء ولكن يبقى تأثير الرؤية الدينية للحياة هائلا في الحالتين. 3- الله معنا، ومعهم الشيطان يستخدم المحافظون والمتشددون دينيا لغة مشبعة بالاسقاطات الدينية لتوصيف مواقفهم، ومواقف خصومهم، السياسية، وقد راينا في البلاد العربية والإسلامية (إيران) زعماء وشيوخ يصفون الغرب وقادته بل وكافة المسيحيين واليهود بالكفار وأعداء الله وغيرها، وراينا رونالد ريجان يصف الاتحاد السوفيتي بالامبراطورية الشريرة Evil Empire بينما وصف الخميني الولايات المتحدة بالشيطان الأكبر، ومؤخرا تحدث جورج بوش عن محور الشر Axis of Evil، وكل عبارات مأخوذة من لغة دينية تكفيرية تضع الآخر في معسكر الشيطان بينما تضع المتحدث بها وبلده وشعبه في معسكر الله (حزب الله)، ولا يمكن ان يؤدي استخدام هذه العبارات المشحونة الملغمة بالدين الا الى تأجيج مشاعر العداوة التي تسهل بعد ذلك جر الجماهير المتحمسة الى حروب مقدسة ليس فيها من القداسة شيء، ومن هنا تأتي خطورة مزج الدين بالسياسة وضروة الحذر ممن يفعلون ذلك. وفي تحضير وتهييح الجماهير لمساندة غزو العراق قام القياديون في الادارة الاميركية والاعلام الاميركي بشيطنة صدام حسين حتى يصبح من المقدس ان تشن ضده حرب ذات رسالة زاهية. وبعد خلع صدام واحتلال العراق قاموا بشيطنة حزب البعث وكامل اعضائه وحولوهم جميعا الى اسفل مخلوقات الارض – دون تفرقة بين من كانوا مسيطرين متجبرين ومن كانوا اعضاء مخدوعين او مضطرين أو مسايرين، فالكل سواء في معسكر الشيطان. وماداموا ليسوا معنا فهم علينا. وهل هنالك خيار آخر بين الله والشيطان؟! ان المزاح الديني المتشدد يدفع بصاحبه الى الشطط في احكامه وعداواته فيقع في اخطاء مدمرة للآخرين وللنفس معا. انظر كيف تسببت رغبة آيات الله في إيران في تصدير ثورتهم الاسلامية-في ايامها الأولى وقبل ان تحقق اي انجاز داخلي – الى جيرانهم من الدول العربية وخاصة العراق في اندلاع الحرب العراقية- الإيرانية التي راح ضحيتها مليون من البشر! 4- الزهو بالذات والجهل بالآخر نزهو النفس الأصولية بذاتها وتكتفي بها وتلخص العالم كله في دينها وحده وبه ترى وتفسر كل شيء حولها ولا ترى حاجة لأن تعرف ما يقع خارج دينها من أديان اخرى. فمعرفتها بأديان الاخرين تنحصر فيما يقوله عنهم دينها ولا تبحث بنفسها ولا تفكر بنفسها وانما تفكر بدينها ومن داخله وبلغته واسلوبه وهي عاجزة عن الخلاص من أسره لرؤية العالم والآخرين رؤية موضوعية وهي لهذا تظل جاهلة بالآخر جهلا مطبقا حتى لو كان هذا الآخر يعيش بين ظهرانيها كما يعيش اقباط مصر مع المسلمين دون ان يعرف المسلمون شيئا عن حقيقة معتقدات الاقباط ولا كيف يؤمنون ويفكرون ويحيون حياتهم (فنرى نموذجا غريبا حقا لشخصيتين قبطيتين في رواية علاء الاسواني الجميلة "عمارة يعقوبيان" ولكن لا يمتان للأقباط عامة بصلة رغم ان الاسواني مبدع ومثقف مميز). وتسأل معظم الذين يهاجمون الكفار من اليهود والنصارى ان كانوا قد قرأوا كتب هؤلاء واستنتجوا منها انهم كفار فيقولون لا لم نقرأها ولا حاجة لنا بذلك كتابنا قال لنا عنهم كل ما نحتاج لمعرفته. هذا المنطق نفسه موجود لدى الاصولي المسيحي – الصهيوني فهو لا يعرف الآخر الذي يقع خارج دينه وتراثه سواء كان مسلما أو بوذيا ولا يرى حاجة لأن يعرف عنهم شيئا. وحين قررت الادارة الاميركية غزو العراق رأيناها تقع في اخطاء مذهلة ما كان لها ان تسقط فيها لو كان لديها معرفة ولو بسيطة بالعراقيين والعرب عموما ثقافة ودينا وتاريخا وطبيعة وما كان لها مثلا ان تتخيل ان العرب سيستقبلون الجنود الاميركيين بالزهور والحلوى! ان هذا الخطأ الفادح في رؤية ومعرفة الآخر لا يقع فيه سوى انسان منغلق على ذاته لا يكاد يرى ان حوله في العالم اناس وثقافات جد مختلفة عنه وعن ثقافته. ويصل حد الجهل بالآخر والغرق في عالم الذات أن يتوهم البعض من المبشرين الانجيليين ان بإمكانهم تحويل الآلاف – بل الملايين – من العراقيين الى المسيحية بمجرد ان تسنح لهم الفرصة للتحدث اليهم واطلاعهم على محبة المسيح لهم! وقد وقع بعض هؤلاء الغارقين في براءة الاطفال ضحية سذاجتهم هذه وذبح منهم من ذبح على أيدي الارهابيين الاسلاميين الذين أدمنوا ذبح البشر الابرياء أمام عدسات الكاميرا باعتبار هذا أعلى درجات الجهاد في سبيل الله! وهكذا كنا نرى على مسرح العبث العراقي أعمال عنف هائلة ترتكب كل يوم ضد الابرياء والضحايا من مختلف الاجناس والاديان في حرب جنونية حمقاء يتحمل وزر خطيئتها من قام بشنها في الاساس وهي الادارة الاميركية ومن خلفها قوى التحالف اليميني الديني الشوفيني العسكري -الصناعي. لقد جاءت كل الاخطاء الاميركية المتعددة في العراق منذ سقوط بغداد وحتى اليوم، من الامتناع عن التدخل لمنع نهب آثار العراق من متحفه القومي مما اثار ريبة وكراهية كل عراقي يعتز بتراثه الى قرارات تسريح الجيش العراقي ثم حل ومعاقبة حزب البعث، ثم معاداة السنة كلهم بشكل غير منطقي وغير مبرر وغير عملي على الاطلاق، ومحاباة الاكراد والشيعة بشكل مبالغ فيه وايضا غير مبرر، الى حد منح رئاسة الجمهورية الى كردي، ثم منح مهمة كتابة الدستور العراقي الجديد الى يهودي اميركي من نيويورك! الى محاولة ادخال علم جديد للعراق! الى سياسة التفرقة الطائفية الفاضحة الى اساليب التهجم على المنازل ثم تدمير مدن بأكملها كالفلوجة والرمادي، والاهتمام الساذج بشكليات وطقوس الديمقراطية الغربية من كتابة الدستور الى الانتخابات العامة للمجالس النيابية وتشكيل الحكومات، الى القبض على عشرات الالاف بمجرد الشبهة الى حفلات التعذيب واساليبه الغريبة في سجون العراق والتي طبقوا فيها وصايا كاتب اسرائيلي! كل هذا بينما لم يستطيعوا إعادة الكهرباء التي دمرتها قنابلهم بدون داع ولا إعادة المياه والطرق ولا تأمين ضروريات الحياة اليومية البسيطة. وكانت هذه الاخطاء كلها ذات النتائج الوخيمة على العراقيين والاميركيين على السواء، نتيجة واضحة لدرجة عالية من الجهل بالثقافة العراقية العربية الاسلامية. وهو جهل لا نجده بهذا الشمول والافتضاح سوى في ذهنية منغلقة على ذاتها مزهوة بنفسها تحتقر الاخر وتستعلى عليه ولذلك لا ترى حاجة لمعرفته ومعرفة ثقافتة، وهو ما يحدث عندما يستولي اليمينيون والاصوليون والمتشددون في الدين على مقاليد الحكم ومفاتيح الثقافة في مجتمع حتى ولو كان متقدما كالمجتمع الاميركي مما يوضح مرة اخرى مدى خطورة تأثير البعد الديني المتشدد على السياسة في عالمنا المعاصر. مستقبل حرب الاصوليات وما العمل الان؟ هذا هو السؤال المطروح على الساحة الاميركية اليوم. ولا شك ان السقوط المدوى للحزب الجمهوري في انتخابات الكونجرس وفقدانه السيطرة على جناحيه معا قد حسم بالضربة القاضية مهزلة هذه الحرب المدمرة للجميع، ومهما كان شكل الخطة والحلول الاميركية التالية، فلا شك انها ستصب كلها في مجرى واحد يتجه نحو الخروج من المستنقع العراقي. وسينتهي الامر بخروج الجنود الاميركيين من العراق ونهاية المأساة بالنسبة لاميركا. فميزة النظام الديمقراطي الاميركي المتوثب انه سريع المحاسبة السياسية وسريع التغيير والتصحيح للحركة والمسار. وهكذا لم تمر على الحرب المأساوية سوى ثلاث سنوات ونصف حتى قرر الشعب الاميركي وضع حد لها. وهكذا يحدث التصحيح السريع في الديمقراطيات الغربية، بينما تظل اخطاء السياسات والانظمة العربية قابعة على صدور الشعوب لاجيال واجيال. فحالة الطوارىء ما تزال قائمة في مصر لمدة ربع قرن!ّ والخراب الثقافي والاجتماعي الذي بدأ مع عصر السادات مازال كما هو بعد ثلث قرن كامل. اما المستقبل العراقي فلا يبشر بخير. فقد تحول العراق الى مجتمع يحكمه ايات الله والشيوخ فعليا لانهم يحكمون الشارع والناس، بينما هناك حكومة شكلية غير فاعلة ستسقط بمجرد خروج الاميركيين. وقد تظل الحرب الدينية الطائفية قائمة في العراق لعشرات السنين القادمة، وقد تطفح على الدول العربية المجاورة فتغرقها في حروب اين منها حروب الطوائف التي اندلعت في الاندلس في نهاية العهد العربي. الهزيمة الاميركية في العراق اذن- رغم فداحتها المعنوية والسياسية- ستكون قصيرة المدى لان الحيوية الديمقراطية الداخلية تسارع بازاحة المسئولين عنها ومنح مقاليد الحكم للاخرين المعتدلين العلمانيين. بينما المأساة هي ان الانتصار العراقي الذي سيأخذ شكلا دينيا ستعقبه حروب وصراعات دينية طائفية وردّة اصولية تعود بالعراق قرونا للوراء وقد تتطلب قرونا اخرى للتخلص من اثارها. فرانسوا باسيلي كاتب من مصر يقيم في نيويورك fbasili@gmail.com الابعاد الدينية للخطيئة الاميركية في العراق - مقال لا بد من قراءته كاملا - طريف سردست - 01-11-2007 اقتباس:الهزيمة الاميركية في العراق اذن- رغم فداحتها المعنوية والسياسية- ستكون قصيرة المدى لان الحيوية الديمقراطية الداخلية تسارع بازاحة المسئولين عنها ومنح مقاليد الحكم للاخرين المعتدلين العلمانيين. بإعتقادي ان الهزيمة الامريكية ستكون اذا تمكن الشعب العراقي من إسقاط الحكومة الدينية الطائفية التي تعمل على تقطيع العراق ومعاقبته، ووضع حكومة علمانية تعيد للعراق صحته ووحدته وعافيته إن اي حكومة دينية لايمكنها إلا ان تكون طائفية ولن تؤدي إلا الى التقسيم الطائفي الابعاد الدينية للخطيئة الاميركية في العراق - مقال لا بد من قراءته كاملا - عربية - 01-11-2007 [CENTER]مقال مثير للإهتمام يا كندي و أشكرك على نقله (f) الحقيقة لم أستغرب مما جاء في مقال " باسيلي " فهو ليس جديداً بالنسبة لي ، و لا يخفى على أحد توظيف الدجل الديني بشكله السياسي الإجرامي الحالي و اسقاطه على النبوءات الدينية في الكتاب المقدس على يد التيار اليميني المسيحي المتطرف الأمريكي - المحافظين الجدد - المؤيد لإسرائيل بالمطلق و العدو لكل ما هو عربي و مسلم . يكفي يا عزيزي الكندي التعمق في قراءة بعض الكتابات الجديرة بالإحترام مثل كتابات الكاتب الأمريكي John Cooley في كتابه Unholy Wars أو كتابه الآخر An Alliance Against Babylon ، أو كتابات الكاتبة الأمريكية Grace Halsell في كتابها Prophecy and Politics أو كتابها الآخر Forcing of God’s Hand و غيرهم من كتب و مقالات لكتّاب أمريكيين مرموقين ممن تناولوا ظاهرة ما عرفوه " بأسوأ دجل سياسي ديني في العقود الأخيرة " تتمثل في تأويل و استنطاق الكتاب المقدس و الإبتزاز الديني التوراتي المؤثر على السياسة الأمريكية الخارجية التي ترى أن حشد الطاقات المطلقة و الغير محدودة معنوياً و اقتصادياً و عسكرياً لدولة اسرائيل الكبرى هو الطريق المقدس الأوحد لإستدعاء " المخلص " الذي سيقضي على الأشرار في معركة " الهرمجدون " و ينقذ الأخيار من المسيحيين المؤمنين . هناك شريحة لا بأس بها من الشعب الأمريكي يؤمنون بحرفية النبوءة و ضرورة المساعدة على تحقيقها في أسرع وقت - هي الشريحة المؤيدة لجرائم المحافظين الجدد و جرائم بوش بالخصوص - بل و وجوب قيام قادتهم بضرب أي مشروع يمكن أن يقف عائقاً في تحقيقها تحت أي تبرير أو حجة يمكن اختراعها و التمسك بها مرحلياً ، و قد أصبح واضحاً كيف تفكر القيادات الأمريكية الصهيومسيحية التي بالتأكيد لم يكن احتلالها العسكري السافل لأرض الرافدين محصوراً بالشأن الإقتصادي النفطي فقط بل هو - في اعتقادهم - أيضاً شأن ديني مقدس بإمتياز ، طبعاً هذا اذا غضضنا الطرف عن موشحات " أسلحة الدمار الشامل " و " نشر الحرية و الديموقراطية " و غيرها من " الفكاهيات " التي تضحك الثكالى و التي لم يعد يصدقها حتى الأطفال - فأمريكا هي عرّابة دعم الديكتاتوريات و عرّابة استخدام أسلحة الدمار الشامل بشهادة التاريخ - لكن من المؤكد يصدقها المغيبون دينياً و يتبعهم بعض العرب العملاء المهزومين المهرجين و المتسولين على فتات الموائد من فئة الليبرالويين الجدد ! ما يهم حقاً هو أن هذا الدجل الديني السياسي تقوم حالياً المقاومة العراقية المسلحة المجيدة بإفشاله على أرض الرافدين عبر افشال المشروع الصهيوصليبي الأمريكي - و تابعه المشروع الصهيوصفوي الفارسي - و هذا ما تسبب في تخبط عصابة المتنبئين المسيحيين التوراتيين تحت الضربات الموجعة و الخسائر الكبيرة و إلاّ لتابعت الدبابات القذرة للإحتلال طريقها الى غزو بقية العواصم العربية الإسلامية التي تقف حجر عثرة أمام مشروعها الديني النفطي . تحياتي العطرة لك (f) الابعاد الدينية للخطيئة الاميركية في العراق - مقال لا بد من قراءته كاملا - طنطاوي - 01-12-2007 اقتباس:كيف يمكن لاميركا ذات القوى والموارد والثروات الفكرية والمادية والابعاد الامبراطورية الفريدة الفائقة أن تحقق فشلا مدهشا في أبعاده وعلى كافة المستويات في مواجهتها غزو العراق بحد ذاته غلطة لم تكن لتعوض حتي لو تم تفادي كل الاخطاء التي تمت بعد ذلك بعض هذه الاخطاء كان غير قابل للتفادي مثلاً عدم ضبط الحدود مع ايران وعدم كفاية الجنود لضبط الامن بمجرد سقوط الدولة الحديث عن الغزو وكانه امر صائب ولكنه طبق بطريقة خاطئة هو مشين جداً اقتباس:فالاغراء الاقتصادي اذن كان هائلا وقد اصاب من قالوا انه لو كان العراق خاليا من النفط لما ارسلت اليه الادارة الاميركية جيشها الجرار لإحتلاله.بل اكثر من هذا ، رغم ان افغانستان تعرضت لقصف امريكي مشابه لما حدث للعراق الا ان بوش له تصريح -علي مااذكر بسنة 2002- قال فيه ان امريكا ليست مهتمة باعادة اعمار افغانستان ، فاين من هذا الترديد الببغائي لكلمة "اعادة اعمار العراق" والتي كادت تصم اذاننا وقتها( منذ فترة اختفت هذه الكلمة وحل مكانها" ضبط الوضع الامني" و"هزيمة المتمردين"). اقتباس: القوى الشوفينية التي تنجرف وراء عاطفة قومية اميركية متأججة بشكل فيه افراط وتطرف يجعل هذه القوى تندفع لتأييد كل حرب اميركية خارجية وتسارع لدق طبول الحرب ورفع الاعلام الاميركية تأييدا لها في كل مكان ومطاردة واخراس كل صوت يرتفع ضد هذه الحرب في 2003 كان الجميع بما فيهم الديموقراطيين يؤيدون الغزو ، حتي ان اهم تهمة واجهت مرشح الرئاسة كيري كانت تهمة ال inconsistency بسبب تأرجح مواقفه من الحرب في غضون سنة. الامر كان داء حمي اصاب امريكا وجزءاً كبيراً من العالم ومازال للاسف البعض لم يشف منه الي الان. اقتباس:ومع بداية المقاومة واستمرارها راحوا يتوهمون ان مقتل قصي وعدي ولدي صدام حسين ستكون فيه نهاية المقاومة وقالوا هذا فعلا وآمنوا به وانتظروه، حتى تحقق القتل وازدادت بعده المقاومة. فقالوا ان الامر سينتهي بالقبض على صدام حسين نفسه وتصويره خارجا من حفرتهصحيح ان المقاومة لها دور كبير في افشال تمرير ارادة امريكا بالعراق ، ولكن الاهم هو عدم ضبط الحدود مع ايران وتغلغل الايرانيين في العراق ودكهم بسرعة وعنف لاساس العراق ذاته. يعني هذه كانت الفرصة الذهبية للايرانيين لتمرير مشروعهم هم في العراق ، وفشل امريكا في التعامل مع المقاومة ليس الخطأ الاكبر برأيي ، وانما الفشل في التعامل مع ايران والمثير للضحك ان بوش و تشيني وقتها كانا يجعجعان تصريحات تحذيرية لايران وسوريا للكف عن تعاونهم مع الارهابيين في الوقت الذي كانت الاولي تبني مشروعها الخاص بالعراق. مقال جيد علي اية حال الابعاد الدينية للخطيئة الاميركية في العراق - مقال لا بد من قراءته كاملا - طنطاوي - 01-12-2007 مكرر الابعاد الدينية للخطيئة الاميركية في العراق - مقال لا بد من قراءته كاملا - آمون - 01-12-2007 [QUOTE]وحين أتحدث عن الفشل الاميركي في العراق، لا أقصد فقط تلك الاخطاء المذهلة التي ارتكبها المسؤولون الاميركيون عن تخطيط وادارة الحرب، بداية من اطلاق لقب "الصدمة والترويع" على الضربة العسكرية الاولى ضد بغداد، بكل ما في هذا اللقب من غطرسة واستعلاء وزهو صبياني "الصدمة والترويع" (Shock and Awe) ليس بالضبط "لقباً" للضربة العسكرية الأولى ، بل اسم لتصور عسكري استراتيجي تطور في الولايات المتحدة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة على يد مجموعة من الباحثين بقيادة هارلان أولمان وجيمس ويد ، وأصدروا كتاباً يحمل نفس الاسم عام 1996م . كما أشار طنطاوي ، أميركا غزت العراق واحتلته ولكنها فشلت في السيطرة عليه ، ومسألة فشل قوة عظمى في مواجهة قوة أقل منها بكثير ليست جديدة أبدا والتاريخ مليء بنماذج منها ، مثلا الأمبراطورية البريطانية بجبروتها الصناعي والعسكري تعثرت في السيطرة على قبائل الزولو في جنوب افريقيا بعد أن أخضعت نصف القارة تقريباً ، ونفس الإمبراطورية فشلت في السيطرة على أفغانستان بعد أن غزتها وخرجت منها مهزومة مدحورة ، حركة الفتوحات الإسلامية الهادرة التي غزت وأخضعت كيانات كبرى مثل بلاد مصر وفارس فشلت في إخضاع جماعات صغيرة مثل الموارنة في الشام وأهل النوبة في جنوب مصر ، قوات الرايخ الثالث لم تجد في غزوها لفرنسا ربع ما لاقته على يد الصرب من مقاومة عنيفة وخسائر فادحة . يبدو أن الجماعات البشرية كلما كانت منظمة وكلما كان تنظيمها الجماعي متماسكا كلما كانت السيطرة عليها أسهل والعكس صحيح ، وخصوصا إذا تنبهنا لعنصر الرموز الجماعية التي تعرفها جيدا الجماعات المنظمة كأساس من أسس تنظيمها ، مثلا يكفيك أن تسيطر على القاهرة لكي تُخضع مصر كلها ، سقوط الرأس الذي لا ينافسه رأس آخر والرمز الذي لا يزاحمه رمز آخر غالباً سيعني تلقائيا سقوط الكيان كله ، أما حيث يسود التشرذم وتتعدد الرؤوس ويتوزع الكيان الواحد على مناطق وكيانات فرعية فسيكون على القوة الساعية للسيطرة أن تواجههم منطقةً منطقةً وجماعةً جماعةً وربما فرداً فرداً . وإذا كان لافتراضي هذا أدنى نصيب من الصحة ، فإن هناك ـ فيما خص العراق ـ جانب مزعج تخفيه بسالة المقاومة وقدرتها على الانتصار على أميركا ، وأقصد أنها مقاومة مناطق وكيانات فرعية ما دون حدود الدولة العراقية المفترضة وكيانات أخرى سوبر عابرة للحدود لا تقل وهمية وخرافية عن "الوطن العربي" و "أرض الإسلام" . وأتفق مع جورج باسيلي في أن انتصار العراق على أميركا لن يكون ثمنه أقل من .........نهاية دامية للعراق بالشكل الذي عرف به منذ استقلاقه الحديث . الابعاد الدينية للخطيئة الاميركية في العراق - مقال لا بد من قراءته كاملا - عربية - 01-17-2007 [CENTER]المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة الأميركية - ملفات خاصة هذا الملف يبحث في ظاهرة الصهيونية المسيحية بالولايات المتحدة، ويحاول قبل الدخول مباشرة في عمق المفاهيم الأساسية لهذا التيار ومعرفة آليات تأثيره في السياسة الداخلية والخارجية أن يمهد لذلك بالحديث عن البيئة التي هيئت له هذا البروز، حيث يتحدث المحور الأول عن دور الدين في حياة الفرد والمجتمع الأميركي محاولا التعرف على ملامح وسمات الدين في السلوك اليومي للفرد الأميركي وتأثير ذلك في قضايا الرأي العام التي ينشغل بها المجتمع. ومن الفرد والمجتمع إلى الدولة، توسيعا لنطاق الرؤية، واقترابا من دائرة الفهم، كانت مهمة المحور الثاني من الملف البحث في حدود وطبيعة وإشكاليات العلاقة بين الدين والدولة، متتبعا الأصول "النظرية" للفصل بينهما وكاشفا عن محاولات الكثير من القوى السياسية العاملة في الساحة الآن تبديد هذا "الوهم" الذي يقولون إنه قد آن الأوان لتغيير النصوص الدستورية التي تقر مثل هذا الفصل تماشيا مع ما هو قائم بشكل "عملي" على أرض الواقع. ولا يقتصر تأثير هذه البيئة على تيار الصهيونية المسيحية تحديدا ولكنها هي ذاتها يستفيد منها اليمين المسيحي بصفة عامة والذي يمثل الحاضنة الأساسية التي يستقطب الصهيونيون المسيحيون أتباعهم منها، ومن هنا كانت أهمية إفراد محور خاص به. أما عن التيار، موضوع الملف، فلم يكن ممكنا الحديث عنه دون التطرق إلى البروتستانتية وهي المذهب المسيحي السائد في الولايات المتحدة، وهو شديد الصلة بالأساس الفكري لهذا التيار، أو هو كما قال أحد المتخصصين في دراسته "قد خرج منه ثم خرج عليه"، أو هو بمعنى ثالث البداية الحقيقية لتهويد الكنيسة البروتستانتية، لذا جاء المحور الرابع للملف متحدثا عن الكنيسة البروتستانتية وعلاقتها بالصهيونية المسيحية. بعد الوصول إلى هذا المنبع المعين على الفهم سواء في إطاره النفسي والفردي والاجتماعي أو في إطاره السياسي والفكري، تحين لحظة البدء في الحديث المسهب عن تيار الصهيونية المسيحية بأدبياته ومفاهيمه، لذا جاء محور المفاهيم الأساسية للمسيحية الصهيونية ليستهل هذا المنحى في الملف. وحينما قرر هذا التيار التأثير في القرارات السياسية كان عليه أن يتقوى بعقد سلسلة من التحالفات كان أهمها تحالفه مع الصهيونية اليهودية والمحافظين الجدد، وهو ما ناقشه المحوران السادس والسابع من الملف. من هنا اكتسب التيار أهميته واستطاع التأثير في السياسة كما يتضح من المحور الثامن، ومن هنا أيضا زادت مؤسساته ومنظماته اتساعا كما يتبدى في المحور التاسع وكذلك برزت رموزه التي يستعرضها المحور العاشر. لكن كل هذا لا يعني أن أرض الولايات المتحدة باتت ممهدة بالكامل لهذا التيار فإنه لا يزال يواجه صعوبات واعتراضات من الكثير من الكنائس داخل وخارج الولايات المتحدة، وهذا ما يستعرضه المحور الحادي عشر. هذه باختصار الملامح الأساسية لفصول القصة المسماة الصهيونية المسيحية، أما ما يتعلق بالتفاصيل فلن يحرم منها القارئ من خلال تصفح كتب استعرضها الملف في محوره الثاني عشر ومن خلال المزيد من القراءة والاستماع إلى ما جاء في الهوامش في المحور الثالث عشر. الابعاد الدينية للخطيئة الاميركية في العراق - مقال لا بد من قراءته كاملا - عربية - 01-17-2007 [CENTER][color=Red](( الكنيسة البروتستانتية وعلاقتها بالمسيحية الصهيونية )) لا يمكننا الحديث عن الصهيونية المسيحية دون التطرق للكنيسة البروتستانتية. ويبدو أن الدارس للأولى لا ينفك يجد نفسه يغوص في تاريخ ظهور الثانية. بعض المصادر التاريخية تؤكد على العلاقة العضوية بين الاثنتين رغم إصرار مصادر أخرى على أن الصهيونية المسيحية سبقت التيار البروتستانتي بقرون وتربطها بحملة تنصير اليهود في الأندلس. والبروتستانتية إحدى طوائف الدين المسيحي نشأت على يد القس الألماني مارتن لوثر في القرن السادس عشر، أما اصطلاح البروتستانتية فيعني لغويا الاحتجاج والاعتراض. - لوثر والثورة على الكاثوليكية ولد القس مارتن لوثر في مدينة إيسليبن بمقاطعة ساكس الألمانية سنة 1483 لأب فلاح كانت أمنيته أن يدرس ابنه القانون ويصبح قاضيا، لكن مارتن لوثر حصل على الدكتوراه في اللاهوت من جامعة فيتنبرج. زار لوثر في العام 1510 روما للتبرك بالمقر الرسولي، وكان يتمنى رؤية القديسين والرهبان الزهاد. غير أنه ما إن حل بروما حتى فوجئ بمدى الفساد المنتشر داخل الكنيسة الكاثوليكية حتى على أعلى المستويات. كانت الكنيسة آنذاك تبيع صكوك غفران الذنوب وصكوك التوبة، بل إن بعض الرهبان كانوا يحددون المدة التي سيقضيها الإنسان المخطئ في النار قبل أن يمنحوه صكوك الغفران التي تعتقه وتسمح له بالمرور إلى الجنة! وقد أثرت تلك الصور كثيرا في نفسية مارتن لوثر المتحمس فأحس بالغبن وقرر إصلاح الكنيسة وتقويض سلطة البابا. قام مارتن لوثر بتعليق احتجاج صارخ على باب كنيسة مدينة فيتنبرج في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 1517 تضمن 95 نقطة طالب فيه بإلغاء النظام البابوي لأنه يمنح قدسية كبيرة للبشر قد يسيؤون استعمالها تماما كما كان شائعا في الكنيسة الكاثوليكية آنذاك. كما رفض لوثر أن يبقى القسيس بلا زواج مدى الحياة، فأقدم على الزواج من الراهبة كاترينا فون بورا وأنجب منها ستة أطفال. وكانت من بين مطالب لوثر أيضا المساواة بين الإكليروس "رجال اللاهوت المسيحي" والمسيحيين العاديين. غير أن ما سيؤثر على مستقبل الكنيسة الكاثوليكية بشكل عام كان دعوة مارتن لوثر إلى جعل الكتاب المقدس المصدر الوحيد للإيمان تأثرا بنظرية القديس بطرس التي تقول ما معناه أن الإنسان الذي لوثته الخطيئة لا يمكن أن يطهره من تلك الخطيئة سوى الإيمان الذي يتجلى في رحمة الرب وإرادته. ودعا لوثر إلى إلغاء الوساطة بين المؤمنين والرب بمعنى إقامة علاقة مباشرة بين العبد والمعبود دون المرور عبر البابا أو أي شخص آخر. وكان أخطر ما حملته مطالب لوثر دعوته للعودة إلى كتاب التوراة العبرانية القديمة وإعادة قراءته بطريقة جديدة بالإضافة إلى اعتماد الطقوس العبرية في الصلاة عوضا عن الطقوس الكاثوليكية المعقدة. - بداية تهويد المسيحية أرسل مارتن لوثر رسالة إلى البابا ليو العاشر في روما سنة 1520 اتهمه فيها باستعمال الكنيسة الكاثوليكية لتحقيق مصالح شخصية له وللحاشية التي تحيط به، مؤكدا أنه لن يتخلى عن نضاله لتقويض تلك الكنيسة مادام حيا. فجاء رد فعل الكنيسة الكاثوليكية قاسيا حيث اعتبرت لوثر من الخارجين عن الكنيسة وطردته من الديانة المسيحية واتهمته بالهرطقة، وهي تهمة كانت عقوبتها آنذاك الحرق على الملأ. لجأ لوثر بعد ذلك إلى العمل السري وعمل على استمالة بعض اليهود الذين كان لهم نفوذ كبير في المجتمع عن طريق التأكيد على أن مذهبه الجديد يعيد الاعتبار لليهود الذين كانوا يعانون من ازدراء الكنيسة الكاثوليكية. أصدر لوثر كتابه "عيسى ولد يهوديا" سنة 1523 وقال فيه إن اليهود هم أبناء الله وإن المسيحيين هم الغرباء الذين عليهم أن يرضوا بأن يكونوا كالكلاب التي تأكل ما يسقط من فتات من مائدة الأسياد. ويرى الكثير من الكتاب والمؤرخين أن هذه الفترة تعد الولادة الحقيقية والفعلية للمسيحية اليهودية. وتقوم المسيحية اليهودية على تفضيل الطقوس العبرية في العبادة على الطقوس الكاثوليكية بالإضافة إلى دراسة اللغة العبرية على أساس أنها كلام الله. ووصلت محاولة استمالة لوثر لليهود من أجل الدخول في مذهبه حدا قال فيه يوما أمام عدد من اليهود الذين كانوا يناقشونه "إن البابوات والقسيسين وعلماء الدين -ذوي القلوب الفظة- تعاملوا مع اليهود بطريقة جعلت كل من يأمل أن يكون مسيحيا مخلصا يتحول إلى يهودي متطرف وأنا لو كنت يهوديا ورأيت كل هؤلاء الحمقى يقودون ويعلمون المسيحية فسأختار على البديهة أن أكون خنزيرا بدلا من أن أكون مسيحيا". وتشير الكثير من المصادر التاريخية إلى أن رغبة مارتن لوثر الجامحة في إعادة الاعتبار لليهود و"تمسيحهم" كانت تعود لإيمانه العميق بضرورة وجودهم في هذا العالم تمهيدا لعودة المسيح. واعتبرت دعواته تلك انقلابا على موقف الكنيسة الكاثوليكية التي كانت تنظر لليهود على أنهم حملة لدم المسيح عيسى بعدما صلبوه. حيث دأبت الكنيسة الكاثوليكية على تحميل اليهود المسؤولية الكاملة عن مقتل المسيح. وكان بعض المسيحيين في أوروبا يحتفلون بمقتل المسيح عن طريق إحياء طقوس عملية الصلب، بل وكان سكان مدينة تولوز الفرنسية يحرصون على إحضار يهودي إلى الكنيسة أثناء الاحتفال ليتم صفعه من قبل أحد النبلاء بشكل علني إحياء لطقس الضرب الذي تعرض له المسيح من قبل اليهود. كما أن هناك نصا في إنجيل متى يحمل اليهود مسؤولية مباشرة عن مقتل المسيح ويذكر بالتفصيل كيف غسل بيلاطس الحاكم الروماني للقدس آنذاك يديه بالماء معلنا براءته من دم المسيح الذي كان اليهود على وشك صلبه قبل أن يصيح فيه اليهود قائلين "ليكن دمه علينا وعلى أولادنا". وهذه العبارة الأخيرة تطبع الاعتقاد المسيحي الكاثوليكي بشكل مرير ظهر جليا في الشعبية الكبيرة التي نالها فيلم "آلام المسيح" للمخرج المسيحي ميل غبسون الذي حصد مئات الملايين من الدولارات عدا حالات الإغماء الكثيرة التي شهدتها قاعات السينما التي عرضت الفيلم في الولايات المتحدة لرجال ونساء مسيحيين لم يستطيعوا تحمل التفاصيل المليئة بالألم التي حفل بها الفيلم. - علاقة الكنيسة البروتستانتية بالصهيونية المسيحية المسيحية هي ديانة سماوية ورسالة حملها المسيح وتعد أكثر الأديان انتشارا في العالم، حيث يفوق عدد معتنقيها ملياري نسمة. وجذور المسيحية هي الديانة اليهودية التي تتشارك وإياها الإيمان بالتوراة. والصهيونية اختصارا هي أيديولوجية تؤيد قيام دولة قومية يهودية في فلسطين بوصفها أرض الميعاد لليهود. وصهيون هو اسم جبل في القدس وتقول بعض المصادر إنه اسم من أسماء القدس. أما الصهيونية المسيحية فهي الدعم المسيحي للفكرة الصهيونية، وهي حركة مسيحية قومية تقول عن نفسها إنها تعمل من أجل عودة الشعب اليهودي إلى فلسطين وسيادة اليهود على الأرض المقدسة. ويعتبر الصهيونيون المسيحيون أنفسهم مدافعين عن الشعب اليهودي خاصة دولة إسرائيل، ويتضمن هذا الدعم معارضة وفضح كل من ينتقد أو يعادي الدولة العبرية. تقوم فلسفة الصهيونية المسيحية على نظرية الهلاك الحتمي لليهود. وهناك الكثير من الدراسات اللاهوتية في هذا المجال خلاصتها أن هلاك يهود الأرض قدر محتوم وضرورة للخلاص من "إرث الدم" الذي حمله اليهود على أكتافهم بعدما صلبوا المسيح وهم سيتحولون إلى المسيحية بعد عودته ولن يبقى شيء اسمه اليهودية. ومارتن لوثر الذي تحدثنا عنه أعلاه عمل على تهويد المسيحية عندما أصر على اعتماد التوراة العبرانية بدلا عن كتاب "العهد الجديد". وقد قام عدد من رجال الدين البروتستانت مثل القس الإنجليزي جون نلسون داربي بإعادة قراءة العقائد المسيحية المتعلقة باليهود، ومنحهم مكانة متميزة حتى أصبحت الكنيسة البروتستانتية هي حاملة لواء الصهيونية المسيحية أينما حلت. وقد حصل انشقاق داخل الكنيسة البروتستانتية نفسها بسبب اليهود. فبينما أعرب بعض البروتستانت الإنجليز عن اعتقادهم بأن اليهود سيعتنقون المسيحية قبل أن تقوم دولتهم في فلسطين، ذهب بعض البروتستانت الأميركيين إلى أن اليهود لن يدخلوا في المسيحية حتى لو قامت إسرائيل وأن عودة المسيح هي الشرط النهائي لخلاصهم وتوبتهم ودخولهم في الدين الذي جاء فيهم أصلا. وقد تزعم القس نلسون داربي هذا الفريق وينظر إليه على أنه الأب الروحي للمسيحية الصهيونية قبل أن يعمل العشرات من القساوسة على نشر نظريته تلك. ونشر وليم باكستون الذي كان من أشد المتحمسين الأميركيين لأطروحة داربي كتاب "المسيح آت" سنة 1887 وترجم الكتاب إلى عشرات اللغات وركز فيه على حق اليهود التوراتي في فلسطين. وبلاكستون كان وراء جمع 413 توقيعا من شخصيات مرموقة مسيحية ويهودية طالبت بمنح فلسطين لليهود وتم تسليم عريضة التوقيعات للرئيس الأميركي آنذاك بنيامين هاريسون. أما القس سايروس سكوفيلد فيعتبر من أشد المسيحيين الصهيونيين تشددا وقام بوضع إنجيل سماه "إنجيل سكوفيلد المرجعي" نشره سنة 1917 وينظر إليه اليوم على أنه الحجر الأساس في فكر المسيحية الأصولية المعاصرة. - كتاب "اليهود وأكاذيبهم" تتباين المراجع التاريخية في تقييم ما قام به مارتن لوثر، فهناك من ينظر إليه على أنه ثائر إصلاحي خلص الكنيسة الكاثوليكية من الكثير من الأساطير اللاهوتية التي أفسدتها، وهناك من يرى أنه أفسد العقيدة المسيحية بمنحه اليهود مكانة رفيعة جعلتهم يستعملون المذهب البروتستانتي لتحقيق أهدافهم الخاصة، غير أن الكثير من المصادر تتجاهل حقيقة عودة مارتن لوثر عن الكثير من مواقفه وآرائه خاصة تلك المتعلقة منها باليهود. وقد كتب مارتن لوثر في آخر أيامه كتاب "اليهود وأكاذيبهم" أعرب فيه عن خيبة أمله من اليهود وأقر بالفشل في استقطابهم لعقيدته الجديدة. كما أقر في شبه استسلام تلقفه اليهود قبل غيرهم بأن دخول اليهود في الدين المسيحي لن يتم إلا عبر عودتهم لأرض فلسطين وعودة المسيح الذي سيسجدون له ويعلنون دخولهم في الدين المسيحي حتى يعم السلام العالم. (( المفاهيم الأساسية للمسيحية الصهيونية )) حمل غالبية المهاجرين الأوروبيين إلى الأراضي الأميركية العقيدة البروتستانتية الأصولية التي كانوا يحاولون تطبيقها في مجتمعاتهم ولم ينجحوا. ومنذ بداية تأسيس الدولة الأميركية في القرن الـ17 لعبت الرؤى الأصولية المسيحية البروتستانتية دورا كبيرا في تشكيل هوية الدولة. - المسيحية الصهيونية تأثرت العقيدة البروتستانتية كثيرا باليهودية، ونتج عن هذا التأثر تعايش يشبه التحالف المقدس بين البروتستانتية واليهودية بصورة عامة، وخلقت علاقة أكثر خصوصية بين الصهيونية اليهودية والبروتستانتية الأصولية. وتتميز البروتستانتية في الولايات المتحدة بصفتين يمكن من خلالهما فهم محاور حركة المسيحية الصهيونية: *هيمنة الاتجاه الأصولي على البروتستانتية. *سيطرة التهود على الأصوليين البروتستانتيين. وآمنت المسيحية الصهيونية Christian Zionism "قبل تأسيس دولة إسرائيل" بضرورة عودة الشعب اليهودي إلى أرضه الموعودة في فلسطين، وإقامة كيان يهودي فيها يمهد للعودة الثانية للمسيح وتأسيسه لمملكة الألف عام. وتمثل فكرة عودة اليهود إلى فلسطين حجر الأساس في فكر المسيحية الصهيونية، لذا كانت فكرة إنشاء "وطن قومي لليهود في فلسطين" التي آمن بها المسيحيون البروتستانت قبل إيمان اليهود أنفسهم بها هي أهم ما يجمع بين الطرفين. ومصطلح المسيحية الصهيونية لم يتم الإشارة إليه كثيرا قبل حقبة التسعينيات من القرن الماضي، وتصنف هذه المدرسة ضمن جماعات حركة البروتستانت الإنجيليين Protestant Evangelical ، ولهذه الحركة ما يقرب من 130 مليون عضو في كل قارات العالم. ويمكن تعريف المسيحية الصهيونية بأنها "المسيحية التي تدعم الصهيونية"، وأصبح يطلق على من ينتمون إلى هذه الحركة اسم "مسيحيين متصهينين". وتتلخص فكرة هذه الحركة في ضرورة المساعدة لتحقيق نبوءة الله من خلال تقديم الدعم لإسرائيل. وتريد المسيحية الصهيونية إعادة بناء الهيكل اليهودي في الموقع الذي يقوم عليه المسجد الأقصى اليوم. وفي نظرهم يتم ذلك عن طريق تحقيق هيمنة إسرائيلية كاملة على كل "فلسطين"، كون فلسطين هي (الأرض الموعودة). وتعتقد المسيحية الصهيونية أن من شأن القيام بذلك تعميم البركة الإلهية على العالم كله. - نشأة الحركة نشأت المسيحية الصهيونية -كما نعرفها اليوم- في إنجلترا في القرن الـ17، حيث تم ربطها بالسياسة لا سيما بتصور قيام دولة يهودية حسب زعمها لنبوءة الكتاب المقدس، ومع بدء الهجرات الواسعة إلى الولايات المتحدة أخذت الحركة أبعادا سياسية واضحة وثابتة، كما أخذت بعدا دوليا يتمثل في تقديم الدعم الكامل للشعب اليهودي في فلسطين. وتتصل جذور هذه الحركة بتيار ديني يعود إلى القرن الأول للمسيحية ويسمى بتيار الألفية (Millenarianism)، والألفية هي معتقد ديني نشأ في أوساط المسيحيين من أصل يهودي، وهو يعود إلى استمرارهم في الاعتقاد بأن المسيح سيعود إلى هذا العالم محاطا بالقديسين ليملك في الأرض ألف سنة ولذلك سموا بالألفية. هناك تفسير اعتمد تاريخيا في العقيدة المسيحية ينص على أن الأمة اليهودية انتهت بمجيء المسيح، وأن خروج اليهود من فلسطين كان عقابا لهم على صلب السيد المسيح، وأن فلسطين هي إرث المسيح للمسيحيين، إلا أن ظهور حركة الإصلاح الديني في أوروبا في القرن الـ16 تبنت مقولة أن "اليهود هم شعب الله المختار"، وأنهم الأمة المفضلة عند الرب، وأن هناك وعدا إلهيا يربط اليهود بفلسطين، لذا ارتبط الإيمان المسيحي البروتستانتي بعد حركة الإصلاح بالإيمان بعودة المسيح الثانية بشرط قيام الكيان الصهيوني على كل أرض فلسطين. وحدث انقسام بين منظري المسيحية الصهيونية في القرن الـ19، وظهرت مدرستان، البريطانية الداعمة لنظرية تحول اليهود للمسيحية قبل عودتهم لفلسطين كمسيحيين، والأميركية التي آمنت بأن اليهود سيعودون إلى فلسطين كيهود قبل تحولهم للمسيحية. ورأس فكر المدرسة الأميركية القس الأيرلندي جون نيلسون داربي الذي يعتبر بمثابة الأب الروحي لحركة المسيحية الصهيونية الأميركية. وخلال 60 عاما بشر داربي لنظريته بكتابة العديد من المؤلفات التي فصلت رؤيته لنظرية عودة المسيح الثانية، ونظرية الألفية. وقام داربي بست زيارات تبشيرية للولايات المتحدة، ومن ثم أصبح داعية مشهورا ومدرسا له أتباع كثيرون. وحمل لواء الحركة من داربي عدة قساوسة من أشهرهم داويت مودي الذي عرف بترويجه لنظرية "شعب الله المختار"، وويليام يوجين بلاكستون الذي ألف كتاب "المسيح آت" عام 1887 وأكد فيه على نظرية حق اليهودي طبقا لقراءته للتوراة في فلسطين. إلا أن أكثر المنظرين تطرفا كان القس سايروس سكوفيلد الذي ألف كتابا عنوانه "إنجيل سكوفيلد المرجعي" عام 1917، وهو الكتاب الذي أصبح بمثابة المرجع الأول لحركة المسيحية الصهيونية. ومن أشهر السياسيين الذين أسهموا في نمو حركة المسيحية الصهيونية عضو البرلمان البريطاني اللورد شافتسبري، وكان شافتسبري مسيحيا محافظا وعلى علاقة جيدة بصانعي السياسة البريطانيين في منتصف القرن الـ19. وفي العام 1839 ذكر شافتسبري في مقال نشر في دورية شهيرة Quarterly Review أنه "يجب أن نشجع عودة اليهود إلى فلسطين بأعداد كبيرة، حتى يستطيعوا مرة أخرى القيام بالرعي في سامراء والجليل"، وكان ذلك قبل 57 عاما من ظهور الحركة الصهيونية العالمية، وكان اللورد شافتسبري هو أول من وصف اليهود وفلسطين قائلا "شعب بلا وطن.. لوطن بلا شعب". يعد تيودور هرتزل مؤسس الصهيونية الحديثة هو أول من استخدم مصطلح "الصهيونية المسيحية"، وعرف المسيحي المتصهين بأنه "المسيحي الذي يدعم الصهيونية"، بعد ذلك تطور المصطلح ليأخذ بعدا دينيا، وأصبح المسيحي المتصهين هو "الإنسان الذي يساعد الله لتحقيق نبوءته من خلال دعم الوجود العضوي لإسرائيل، بدلا من مساعدته على تحقيق برنامجه الإنجيلي من خلال جسد المسيح". تيودور هرتزل نفسه آمن وطرح فكرة الدولة اليهودية ولم تكن دوافعه دينية بالأساس، فهو قومي علماني، وأعلن استعداده لقبول استيطان اليهود في أوغندا أو العراق أو كندا أو حتى الأرجنتين، أما المسيحيون المتصهينون فقد آمنوا بأن فلسطين هي وطن اليهود، واعتبروا ذلك شرطا لعودة المسيح، لذا انتقدوا الموقف المتساهل من قبل تيودور هرتزل. - أدبيات حركة المسيحية الصهيونية تلتقي الحركتان الصهيونية اليهودية والصهيونية المسيحية حول "مشروع إعادة بناء الهيكل اليهودي في الموقع الذي يقوم عليه المسجد الأقصى اليوم". لذا فالهدف الذي تعمل الحركتان على تحقيقه يتمحور حول فرض سيادة يهودية كاملة على كل فلسطين بدعوة أنها "أرض اليهود الموعودة" ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى تعميم البركة الإلهية على كل العالم. وترجمت معتقدات هذه الحركة بداية في العام 1917 مع صدور وعد بلفور "الذي أيد فكرة وطن قومي لليهود في فلسطين" وافق أغلب البروتستانت الأميركيين على هذه الفكرة واعتبروا تنفيذها واجبا دينيا راسخا. وتأثرت المسيحية الصهيونية بثلاثة توجهات يجمع بينها خلفية التفسير الديني المعتمد على النصوص التوراتية، ورغم تباين هذه التوجهات وتناقضها بعضها مع بعض أحيانا، فإن التفسير الحرفي للتوراة والإيمان بضرورة مساعدة إسرائيل جمع بينهم. والحركات الثلاث هي: 1 - حركة تهتم بقضية نهاية العالم ومؤشراته. 2 - حركة تهتم بقضية التقرب من اليهود من أجل المسيح. 3 - حركة تركز على الدفاع عن إسرائيل وعلى مباركتها ودعمها بكل ما هو ممكن ومتاح. وأهم ما يجمع بين المسيحية الصهيونية واليهودية اليوم يمكن تلخيصه في ثلاث نقاط أساسية: 1 - التراث المسيحي اليهودي المشترك. 2 - الأخلاق اليهودية المسيحية. 3 - الالتزام الأدبي والأخلاقي بدعم إسرائيل. تترجم حركة المسيحية الصهيونية أفكارها إلى سياسات داعمة لإسرائيل، وتطلب ذلك خلق منظمات ومؤسسات تعمل بجد نحو تحقيق هذا الهدف. لذا قامت حركة المسيحية الصهيونية بإنشاء العديد من المؤسسات مثل "اللجنة المسيحية الإسرائيلية للعلاقات العامة" ومؤسسة الائتلاف الوحدوي الوطني من أجل إسرائيل"، ومن أهداف هذه المؤسسات دعم إسرائيل لدى المؤسسات الأميركية المختلفة، السياسي منها وغير السياسي. وهناك ما يقرب من 40 مليونا من أتباع الصهيونية المسيحية داخل الولايات المتحدة وحدها، ويزداد أتباع تلك الحركة خاصة بعدما أصبح لها حضور بارز في كل قطاعات المجتمع الأميركي. ويشهد الإعلام الأميركي حضورا متزايدا لهم حيث إن هناك ما يقرب من 100 محطة تلفزيونية، إضافة إلى أكثر من 1000 محطة إذاعية ويعمل في مجال التبشير ما يقرب من 80 ألف قسيس. وامتد نفوذ الحركة إلى ساسة الولايات المتحدة بصورة كبيرة وصلت إلى درجة إيمان بعض من شغل البيت الأبيض بمقولات الحركة والاعتراف بهذا علنيا. الرئيسان السابقان جيمي كارتر "ديمقراطي" ورونالد ريغان "جمهوري" كانا من أكثر الرؤساء الأميركيين إيمانا والتزاما بمبادئ المسيحية الصهيونية. (( تحالف المسيحية الصهيونية واليهودية الصهيونية )) أكدت دراسة حديثة للباحثين الأميركيين ستيفين والت وجون ميرشيمر أنه بعد نهاية الحرب الباردة لم يعد هناك مبرر منطقي لاستمرار العلاقات الخاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشكلها الحالي، كما أن مبرر "المبادئ الديمقراطية المشتركة" لا يتماشى مع السياسات الإسرائيلية لما فيها من انتهاكات لحقوق الإنسان وللقوانين الدولية. وتوحي الدراسة بأن جذور خطر الإرهاب التي تواجه الولايات المتحدة اليوم متعلقة باستمرار الدعم الأميركي لإسرائيل، وإن إسرائيل لم تعد "دولة بلا حيلة" نظرا لصعودها لمرتبة القوة العسكرية الأولى بلا منازع في المنطقة. وهذا ما يفرض البحث عن الأسباب الأخرى التي تعتمد عليها الولايات المتحدة في تقديم الدعم لإسرائيل. - تحالف اليمين المسيحي واللوبي الإسرائيلي كان الحصول على دعم البروتستانت الأصوليين مهما بالنسبة للحزب الجمهوري، ثم أضيف إلى ذلك قناعة مفادها أن الحزب بحاجة إلى دعم الطبقات المتوسطة أيضا وليس فقط شريحة متدينة بعينها. وكان هناك إدراك بأن السياسات الاقتصادية للجمهوريين تضر نفس الطبقات التي يسعى الحزب إلى كسب تأييدها، حيث إن الحزب متمسك بمبادئ الاقتصاد الحر ما يقلص من البرامج الحكومية التي تدعم الطبقات المتوسطة والمنخفضة الدخل. فما المبرر الذي سيقنعهم بتأييد الحزب الجمهوري رغم سياساته الضارة؟ ووجد الجمهوريون الإجابة فيما يسمى "المبادئ المسيحية" أو "المبادئ الأسرية" Family Values. وهكذا بدأ التيار اليميني يدعي أنه المحافظ الرئيس على الأخلاقيات المسيحية الأصيلة التي فقدت في المجتمع نتيجة صعود التيارات الليبرالية، وهكذا تحول الحزب الجمهوري من حزب الأثرياء إلى حزب الأخلاق المسيحية. ولا ينسب بداية التحالف بين الصهيونية المسيحية والصهيونية اليهودية ليوم محدد، فهذا التحالف ناتج عن تطورات متصلة منذ زمن بعيد، فالإيمان بحتمية ظهور دولة يهودية في فلسطين كجزء من النبوءة التوراتية لعودة المسيح أمر يعود للقرن السادس، ولكن باستطاعتنا أن نتابع نمو هذا التحالف بالولايات المتحدة خلال القرن الماضي. من الجدير بالذكر أن أول جهد أميركي للدعوة لإنشاء دولة يهودية لا ينسب إلى المنظمات اليهودية بل للمبشر المسيحي الأصولي وليام بلاكستون. وقد شن بلاكستون عام 1891 حملة سياسية للضغط على الرئيس بنيامين هاريسون من أجل دعم إنشاء دولة يهودية بفلسطين. ورغم أنها لم تسفر عن شيء، تعتبر حملة بلاكستون الظهور الأول للصهيونية المسيحية في السياسية الأميركية. ورغم أن الصهيونية المسيحية لم تختف تماما في العهود التالية، فإن عودتها الحقيقية إلى الساحة السياسية كانت عام 1948 عند الإعلان عن تأسيس إسرائيل، وزادت قوة بعد الاستيلاء الإسرائيلي على الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس ومرتفعات الجولان السورية وصحراء سيناء المصرية عام 1967، حيث إن المجتمع البروتستانتي الأصولي نظر لهذا الحدث كتحقق لـ"النبوءة التوراتية" بانبثاق دولة يهودية بفلسطين. وفي هذا الإطار كتب مفكر مسيحي صهيوني مباشرة بعد الحرب في دورية "المسيحية اليوم" Christianity Today "للمرة الأولى منذ أكثر من 2000 سنة القدس الآن في أيدي اليهود ما يعطي دارسي الكتاب المقدس إيمانا متجددا في دقته وصحة مضمونه". - تصهين اليمين المسيحي الأميركي في حقبة السبعينيات والثمانينيات تحولت ظاهرة تصهين اليمين الأميركي، وتحالفه مع الصهيونية اليهودية إلى عنصر دائم في الواقع السياسي. وقبل عرض تفاصيل هذا التحالف يجوز ذكر النقاط التالية: *لا يقتصر التحالف المسيحي الصهيوني على المسرح الأميركي، فعلاقة الحكومة الإسرائيلية بالمنظمات المسيحية الصهيونية تمثل بعدا هاما للحلف. ويقال إن دور المنظمات المسيحية المتصهينة في جلب الدعم الأميركي لإسرائيل يرتفع عادة في أوقات حكم حزب الليكود. *تحالف الصهيونية المسيحية مع الصهيونية اليهودية بالولايات المتحدة ليس تحالفا شاملا، فبعض عناصر اللوبي الإسرائيلي غير مرحبين بمشاركة الجانب المسيحي الصهيوني في دعم إسرائيل. *بعكس الاعتقاد السائد، التيار المسيحي الصهيوني يمثل قوة سياسية مستقلة عن اللوبي الإسرائيلي من حيث الفكر الأيديولوجي والهوية ودوافع تقديم العون لإسرائيل. وازدادت صلابة هذا التحالف قوة في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات عندما بدأت شخصيات بارزة من تيار اليمين المسيحي تقر علنا بأن دعم إسرائيل فرض ديني لكل مسيحي، فقد قال جيري فالويل مؤسس حركة "لأغلبية الأخلاقية Moral Majority Movement إن "الوقوف ضد إسرائيل هو كالوقوف ضد الرب، نحن نؤمن بأن الكتاب المقدس والتاريخ يثبتان أن الرب يجازي كل أمة بناء على كيفية تعاملها مع إسرائيل". وقد قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مناحم بيغن جائزة جابوتنسكي Jabotinsky لفالويل عام 1981 تقديرا لدعمه لإسرائيل. كما شهد عام 1980 تأسيس منظمة السفارة المسيحية العالمية بالقدس بهدف تقوية الدعم المسيحي العالمي لإسرائيل. وكانت القدس شهدت عام 1976 تأسيس منظمة جسور للسلام أو Bridges for Peace التي تصف مهمتها في تحقيق السلام على النحو التالي "نعطي من خلال برامجنا فرصة للمسيحيين، سواء داخل أو خارج إسرائيل، للتعبير عن مسؤوليتهم الكتابية أمام الرب كأولياء لإسرائيل وللمجتمع اليهودي". وكانت هناك عدة عوامل ساعدت على صلابة التحالف بين الصهيونية المسيحية والصهيونية اليهودية: أولا: ظهور اليمين المسيحي ما أدى إلى انتشار الفكر الصهيوني المسيحي داخل اليمين الأميركي. ثانيا: نجاح جهود اللوبي الإسرائيلي بالولايات المتحدة في تقوية دعم واشنطن لإسرائيل بعد حرب 1967. ثالثا: نجاح حزب الليكود في الفوز بأغلبية الكنيست عام 1977. ومن المعروف أن سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بيغن للتوسع في بناء المستوطنات حظيت بتشجيع المسيحيين الصهيونيين الأميركيين، وربما كان استخدامه المتكرر للاسم التوراتي للضفة الغربية "يهوذا وسامرة" Judea and Samaria في تصريحاته ساعد على إحياء فكرة عودة المسيح وصلتها بقيام الدولة اليهودية عند اليمين المسيحي. وكشف التحالف عن نواياه في أواخر السبعينيات، عندما أعلن الرئيس الأميركي آنذاك جيمي كارتر ترحيبه بفكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، فقامت المنظمات اليهودية والمسيحية الصهيونية بإدانة تلك الفكرة من خلال إعلان نشر في الصحف الأميركية. أما الرئيس الجمهوري رونالد ريغان فكان من المؤمنين بالصلة بين إنشاء الدولة الإسرائيلية وعودة المسيح، وجاء ذلك في حديث دار بينه وبين مدير لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأميركية (أيباك) الأسبق. وتشير دراسة لأستاذ العلوم الدينية بجامعة نورث بارك بشيكاغو دونالد واغنر إلى أن منظمات اللوبي الإسرائيلي مثل إيباك والمؤسسات المسيحية الصهيونية اشتركوا في تنظيم ندوات بالبيت الأبيض لحث إدارة ريغان على مساندة الموقف الإسرائيلي. وحضر تلك الندوات قيادات التيار المسيحي الصهيوني مثل جيري فالويل وبات روبرتسون وتيم لاهاي وإدوارد ماكتير، ومستشار الأمن القومي الأسبق روبرت ماكفرلين، وأوليفر نورث عضو مجلس الأمن القومي في عهد ريغان. وفي واقعة تبرز قوة التيار المسيحي الصهيوني، يكتب واغنر أنه بعد تدمير إسرائيل للمفاعل النووي العراقي عام 1981 لم يقم رئيس الوزراء الإسرائيلي بيغن بالاتصال بالرئيس الأميركي، بل بأكبر زعماء اليمين المسيحي جيري فالويل طالبا منه أن يشرح للمجتمع المسيحي الأميركي أسباب الضربة الإسرائيلية للعراق. ويضيف واغنر أن فالويل نجح في إقناع الرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جيسي هيلمز ليصبح مؤيدا للضربة الإسرائيلية بعدما كان من أكبر منتقديها. - تراجع نسبي في عهد كلينتون وهبطت قوة التحالف المتصهين في عهد الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون ولم تظهر له قوة كبيرة على السطح لعدة أسباب منها: *خلاف كلينتون مع منظمة أيباك قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحق رابين أن يتعامل مباشرة مع الإدارة الأميركية دون عون منظمات اللوبي ما دفع الحلف الصهيوني إلى الهوامش. *لم يرض معظم أعضاء اليمين المسيحي عن نتائج مباحثات أوسلو ودعم البيت الأبيض لها. *سيطرة حزب العمل على الكنيست أضعفت علاقة إسرائيل باليمين المسيحي المتصهين حيث إن الأخير عادة يفضل التعامل مع حزب الليكود. - تأثير فوز حزب الليكود الإسرائيلي وبالتالي ساعد فوز الليكود بانتخابات 1996 على إعادة إحياء هذا التحالف، خاصة مع صعود بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة. وقد أقام نتنياهو علاقات وطيدة مع المنظمات المسيحية الصهيونية خلال خدمته مندوب إسرائيل الدائم بالأمم المتحدة في نيويورك. وعند بداية خدمته طلب نتنياهو من المنظمات المسيحية الصهيونية جمع التبرعات المالية لإسرائيل بعد انخفاض تبرعات المنظمات اليهودية الأميركية جراء خلافات اعترت المجتمعات اليهودية بأميركا. وقد شجع نتنياهو حلفاءه باليمين المسيحي على شن الحملات الإعلامية ضد مسيرة السلام. في هذا السياق قام نتنياهو بدعوة القيادات المسيحية الأصولية الأميركية لعقد مؤتمر بإسرائيل لإعلان دعم موقفها المعادي لعملية السلام. وعند عودتهم للولايات المتحدة شنت تلك المنظمات حملة إعلامية ركزت على انتقاد مقترح تقسيم القدس. كما رددت تلك المنظمات ادعاءات إسرائيلية عن سوء معاملة السلطة الفلسطينية للمسيحيين. - في عهد جورج بوش عاد دور التحالف المسيحي اليهودي ليبرز مجددا ويقوى في عهد الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن، وينسب ذلك لعدة أسباب: *تحكم الليكود في الحكومة الإسرائيلية ما قوى من دور المسيحيين الصهيونيين بالولايات المتحدة. *نجاح الحزب الجمهوري في انتخابات 2000 ما قوى من نفوذ اليمين المسيحي ومنه التيار المسيحي المتصهين. *وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عزز الفكر المسيحي المتصهين، وساعد على تقوية التحالف بين المنظمات اليهودية والمسيحية بالولايات المتحدة كنوع من التصدي لخطر "الإسلام الأصولي". وفي عهد الرئيس بوش برز دور ملحوظ للتحالف الصهيوني في تحديد مسار السياسة الأميركية خاصة عام 2002، ومن أمثلة ذلك الحملة الإعلامية الشرسة التي شنها التحالف الصهيوني ضد دعوات بوش إسرائيل للانسحاب من الضفة الغربية، وأدت تلك الحملة إلى تراجع بوش عن موقفه والتوقف عن مطالبة إسرائيل بالانسحاب. وظهرت في السنوات الماضية منظمات يمينية مسيحية مؤيدة لإسرائيل مثل قف بجانب إسرائيل أو Stand for Israel التي أسسها أحد أعضاء اليمين المسيحي ويدعى غاري بوار. وقد حضر أول مؤتمر سنوي للمنظمة السفير الإسرائيلي في واشنطن دانيال أيالون وزير العدل السابق جون آشكروفت إضافة إلى العديد من أعضاء الكونغرس. فهي إذن خطوط بيانية صاعدة وهابطة في وجودها وتأثيراتها في المحيط الثقافي والسياسي الذي تعمل فيه. (( تحالف الصهيونية المسيحية مع المحافظين الجدد )) يحاول هذا المقال رسم تصور عام عن التحالف بين المسيحية الصهيونية والمحافظين الجدد في الولايات المتحدة، ويشير إلى طرف من مظاهر هذا التحالف، ودور الحزب الجمهوري في تكوين بيئة مناسبة تجمع المحافظين الجدد والمسيحيين الصهيونيين. - الحزب الجمهوري حاضنة الجميع تعد مظلة المحافظين الجدد السياسية المتمثلة في الحزب الجمهوري البيئة الأفضل لاستقطاب أعداد كبيرة من المسيحيين المتصهينين، لأن الحزب هو المفضل لدى المتدينين عموما حيث يتبنى الحزب فكرا أحاديا في السياسة الخارجية ويفضل الحلول العسكرية على الحلول الدبلوماسية أو السياسية. وهذه نقطة تعارضٍ بينهم وبين المحافظين التقلديين الذين يرون ضرورة التعاون مع الحلفاء في السياسة الخارجية، ومن هؤلاء جميس بيكر الذي كان من أهم شخصيات إدارة الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان. ويدعم الناخبون المؤيدون للمسيحيين المتصهينين الحزبَ الجمهوري في الانتخابات داخل الولايات المتحدة. ويقدر تعداد أتباع المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة وفق دراسة للبروفيسور القس دونالد واغنر من جامعة نورث بارك في شيكاغو بنحو 40 مليون نسمة يشكلون حوالي 30% من مجمل عدد أتباع الصهيونية المسيحية في العالم والذي يقدر بنحو 130 مليون نسمة. - أسباب التحالف يرى واغنر أن التحالف بين المحافظين والصهيونيين المسيحيين استطاع بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 توسيع ما يسمى الحرب على الإرهاب ليشمل حرب إسرائيل على الفلسطينيين. يؤكد في دراسته أن دعم هذا التحالف لإسرائيل نابع من إيمانهم بالوظيفة التي تؤديها إسرائيل أو اليهود كما جاء في التوراة تمهيدا لعودة المسيح عليه السلام. وأصول الدعم ترجع إلى أنه من الناحية الدينية يركز الكثير من القساوسة المتشددين في الولايات المتحدة خاصة فيما يعرف بولايات حزام الإنجيل Bible Belt في الجنوب الأميركي مثل تكساس وجورجيا، على الدراسات الخاصة بـ"نهاية العالم" وعودة المسيح ودور اليهود في معركة نهاية العالم أو هرمجدون ثم تحولهم إلى المسيحية أو فنائهم بالكامل. وكثير من العامة، خاصة من أوساط المجموعة الكبرى من المتدينين العاديين الذين اكتشفوا دينهم مؤخرا ويطلق عليهم "ولدوا للمسيحية من جديد"، يعتقدون أنه يتعين عليهم الدخول في خندق واحد مع مناصرين آخرين لإسرائيل وعلى رأسهم بالطبع تيار المحافظين الجدد، لأن هذا التيار هو الذي يساعد إسرائيل على الإسراع في عودة المسيح والاقتراب من نهاية العالم. ويشير واغنر إلى أن المسيحيين الصهيونيين يرون "الدولة الحديثة في إسرائيل باعتبارها تحقيقا لنبوءة توراتية، وأنها بهذا تستحق دعما سياسيا وماليا ودينيا". ويعتقد واغنر في دراسته عن الصهيونية المسيحية أن دعمها للمحافظين الجدد ولإسرائيل هو دعم تحركه المشاعر المعادية للإسلام والتعصب الديني أكثر من المشاعر الدينية المسيحية. ويستشهد بتصريحات المحافظ الأميركي بات بيوكانان حينما قال في تعليق له أثناء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان وفلسطين: "إن المرء ليتساءل إن كان هؤلاء المسيحيون يهتمون فعلا بما يحدث لإخواننا المسيحيين في لبنان وغزة، والذين يعيشون دون كهرباء بسبب الضربات الجوية الإسرائيلية، وهو شكل محرّم من أشكال العقاب الجماعي الذي تركهم دون صرف صحي، يأكلون طعاما متعفنا، ويشربون مياها ملوثة، ويعيشون أياما في الظلام ودون كهرباء في هذا الحر الرهيب في شهر يوليو"/تموز 2006. - أمثلة للتحالفات والأدوار أولا: تحالف وولسي- شيا يعرف عن بيت الحرية Freedom House أنه هيئة تدافع عن حقوق الإنسان. ويعرف عنه أنه يقع تحت سيطرة المحافظين الجدد بشكل كبير. ويتلقى هذا المركز الكثير من التمويل من الحكومة الأميركية خاصة من "هيئة الوقف القومي للديمقراطية" ليقوم بيت الحرية بعد ذلك بدفع تلك الأموال لاحقا للعديد من المنظمات والهيئات القومية والمحلية الأخرى في دول العالم لتنفيذ أو لترويج سياسات محافظة يدافع عنها بما يبعد شبهة تدخل الحكومة الأميركية مباشرة. ويوجه التمويل الصادر عن هذه المؤسسة إلى دعم المشاريع التي تعكس وجهة نظر المحافظين الجدد ذات الملامح الصهيونية، ومنها مشروع "تبادل المقالات من المناطق المتعددة Multiregional Exchange project" الذي يجمع ويوزع مقالات من متعاطفين مع حركة المحافظين الجدد وينشرها في العالم مجانا ويعمل على ضمان تناقلها بين أوساط الإعلام الأجنبي. وخلاصة التعاون بين التيارين –تحت مظلة بيت الحرية- هو برنامج "بيت الحرية للحريات الدينية في العالم". إذ يقف هذا المركز الفكري والبحثي وراء أشد التقارير انتقادا للدول العربية والإسلامية خاصة فيما يتعلق بمواقفها من إسرائيل واليهود وانتقادات الدول العربية لإسرائيل، وتصنيفه المستمر لها على أنها مواقف معادية للسامية. كما أنه يصور وبإلحاح إسرائيل على أنها الديمقراطية الناصعة الوحيدة في المنطقة التي تستحق الدعم الأميركي المستمر. وقطبا هذا التعاون في بيت الحرية هما رئيس الاستخبارات الأميركية الأسبق جيمس وولسي وهو من المحافظين الجدد والأصولية المسيحية، ومديرة برنامج مراقبة الحريات الدينية في المركز نينا شيا. *جيمس وولسي محافط جديد وعضو في معهد يتبع المنهج اليميني في الترويج لسياسة الليكود الإسرائيلي وهو "مركز سياسات الأمن". وهو أيضا عضو منظمة "تحرير أميركا" التي تهدف إلى التخلص من اعتماد الولايات المتحدة على النفط العربي الإسلامي. واستغل جيمس وولسي حضوره الواسع في وسائل الإعلام الأميركية للتبرير الفكري لغزو العراق ومبدأ الحروب الاستباقية، أحد أهم الموضوعات المفضلة لدى المحافظين الجدد. وهو كذلك عضو في الإدارة الاستشارية "للمعهد اليهودي للأمن القومي"، وهي مؤسسة أميركية تسعى للتعاون العسكري بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية وتعمل على تسخير طاقات الولايات المتحدة العسكرية من أجل المصالح الإسرائيلية في المنطقة العربية. *نينا شيا نينا شيا عضو أيضا في لجنة الحريات الدينية الدولية USCIRF التي أسسها الكونغرس عام 1998، تحت ضغوط قوية من تيار اليمين المسيحي وفروعه من المسيحيين المتصهينين. وعرف عن نينا شيا تشددها الديني ووقوفها وراء حملة دشنت مؤتمرا برعاية بيت الحرية عقد في يناير/كانون الثاني 1996 جلب أكثر من 100 من قادة المسيحيين والكنائس لمناقشة ما أسموه الآراء والأعمال التي ترتكب ضد المسيحية في العالم. وتسبب ذلك المؤتمر في حركة مسيحية نهضوية كبيرة، تمت بالاشتراك مع نشطاء يهود. ومثلها مثل وولسي، تظهر نينا شيا على الكثير من المحطات المسيحية المتشددة والإذاعات الدينية، وتبرز مواقفها من العالم العربي والإسلامي. وتقف شيا أيضا وراء مطالب متعددة بفرض عقوبات على السودان وإجراءات ضد المملكة العربية السعودية ومصر بحجة اضطهاد الأقليات الدينية. ثانيا: تحالف هاغي- بروغ ومن المنظمات الحديثة الأخرى التي تجمع بين المسيحية الصهيونية والمحافظين الجدد منظمة "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل" التي يرأسها القس الأصولي جون هاغي، الذي أراد الانتقال بأجندة "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل" من مرحلة التخطيط إلى التحرك المباشر فجاء هاغي بديفد بروج، وهو أحد الأشخاص المطّلعين في واشنطن والمحسوبين على المحافظين الجدد المناصرين لإسرائيل، ليكون مديرا تنفيذيا للمنظمة. وقد كان اختيار بروغ تحركا ذكيا من الناحية السياسية ويعبر عن دهاء واسع، حيث إن بروغ اليهودي الديانة عمل سابقا مديرا لمكتب السيناتور الجمهوري عن ولاية بنسلفانيا أرلين سبكتر، كما أنه مؤلف الكتاب الصادر مؤخرا بعنوان "الوقوف مع إسرائيل: لماذا يساند المسيحيون الدولة اليهودية؟". وفي مقابلة جرت مؤخرا قال بروغ مفسرا سبب عمله لصالح منظمة مسيحية إنه كيهودي محافظ "يعتقد أن هذا هو أهم شيء يستطيع أن يقوم به ليس فقط من أجل إسرائيل ولكن أيضا من أجل الحضارة اليهودية المسيحية اليوم، والتي تواجه تهديدا من الإسلام المتشدد". وكتب عن نفسه "أنا أعتنق إيماني اليهودي وأسعى إلى معرفة خالقي من خلال الطرق والنصوص التي قدمها لأسلافي اليهود". ويوضح بروغ أيضا أنه "رغم أنني لا أراعي جميع قوانين الهالاشا (الشريعة اليهودية) فإنني أعترف بالهالاشا باعتبارها المكون المركزي لديني". التحالف بين اليمين المسيحي المتصهين والمحافظين الجدد إذن هو تحالف فكري وديني وسياسي قائم ومنظم وفاعل يعمل من خلال منظمات قوية تنشط فيها رموز وكوادر مؤهلة ولها حضور، وهي كلها أمور تدعو إلى لفت الأنظار. (( تأثير المسيحية الصهيونية في السياسة الأميركية )) للوقوف على تأثير أتباع تيار المسيحية الصهيونية في السياسة الخارجية الأميركية، من المهم أن ننظر إليهم في سياق صعود اليمين الديني قوة سياسية في الولايات المتحدة الأميركية. شهدت نهاية السبعينيات عدة تطورات في المشهد الديني والسياسي للولايات المتحدة عززت من قيام مستوى أعلى للتأييد وزادت الوزن السياسي لليمين الديني بما في ذلك الصهيونيون المسيحيون. فمع نهاية السبعينيات فاز الجمهوريون بـ4 من 12 انتخابا رئاسيا وسيطروا على الكونغرس خلال 2 من 24 دورة للمجلس على مدار العقود الخمسة الماضية. وكان التودد إلى المسيحيين المحافظين ضرورة إستراتيجية من جانب الحزب الجمهوري. ويمثل اليمين المسيحي كتلة انتخابية مهمة، حيث إنه من كل سبعة أصوات انتخابية هناك صوت ينتمي لليمين المسيحي، وقد كان لسيطرة الجمهوريين على هذه الكتلة أكبر الأثر في فوزهم بـ4 من 6 سباقات رئاسية، وهيمنوا على مجلس الشيوخ طيلة 7 من 12 دورة للمجلس، كما سيطروا على مجلس النواب طيلة العقد الماضي. - في الإدارات الأميركية هناك أمثلة عديدة توضح نفوذ الصهيونيين المسيحيين في الإدارات الأميركية، فعندما صرح الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر عام 1977 بأن "الفلسطينيين لهم حق في وطنهم" انبرى قادة ونشطاء الصهيونيين المسيحيين، بالإضافة إلى اللوبي الصهيوني للرد عليه بإعلانات تصدرت الصحف الأميركية تقول إن "الوقت قد حان لأن يؤكد المسيحيون البروتستانت إيمانهم بالنبوءة التوراتية والحق الإلهي لإسرائيل في الأرض... نحن ننظر ببالغ الاهتمام لأي محاولة لتجزئة الوطن القومي لليهود من قبل أي دولة أو حزب سياسي". وبعد هذه الحملة أصبح كارتر أكثر تحفظا في آرائه العامة عن الفلسطينيين خلال فترة رئاسته. بدا التقارب بين الصهيونيين المسيحييين والحزب الجمهوري أكثر وضوحا في إدارة الرئيس الجمهوري رونالد ريغان. فقد نقلت وكالة أنباء الأسوشيتدبرس محادثة بين ريغان ومدير اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة (أيباك) المؤيدة لليهود، قال فيها ريغان لمحدثه "عندما أعود بالذاكرة لأنبيائكم الأقدمين في التوارة والعلامات التي تتنبأ بالمعركة الفاصلة المسماة هرمجدون، أجدني أتساءل إذا كنا نحن الجيل الذي سيشهد وقوعها". أما في إدارة الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن الحالية فيبدو نفوذ الصهيونيين المسيحيين أوضح ما يكون، رغم علاقاته القائمة مع اليمين المسيحي. وعندما حاول بوش تبني سياسة أكثر استقلالا عن السياسة الأميركية تجاه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة تصدت له منظمات اليمين المسيحي، فأثناء عملية الدرع الواقي العسكرية الإسرائيلية عام 2002 التي انتهت بعودة القوات الإسرائيلية إلى المدن الفلسطينية في الضفة الغربية مثل بيت لحم ورام الله وجنين، اضطر جورج بوش تحت الضغط الدولي لأن يبعث برسالة لرئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون قال له فيها "اسحب قواتك فورا". وردا على ذلك حشد قادة الحركة الصهيونية المسيحية أبواقهم الإعلامية لتعبئة أنصارهم بإرسال آلاف الاتصالات الهاتفية والرسائل الإلكترونية والخطابات إلى الرئيس تحثه على عدم الضغط على إسرائيل لوقف عمليتها، ومن يومها لم ينبس بوش ببنت شفه في أي تعليق مشابه يعارض العمليات العسكرية الإسرائيلية. وبعد إدانة إدارة بوش الأولى لمحاولة اغتيال القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبد العزيز الرنتيسي في يونيو/ حزيران 2003، حشد الصهيونيون المسيحيون مع اليمين المسيحي أنصارهم للاحتجاج على هذا النقد، وكان العنصر الأساسي في الحملة هو التلويح بعدم التصويت في يوم الانتخاب. وخلال 24 ساعة فقط كان هناك تغير ملحوظ في الخطاب العام للرئيس، لدرجة أنه عندما نجحت الحكومة الإسرائيلية في اغتيال الرنتيسي كان رد إدارة بوش مدافعا في أغلب الأحيان، كما كان الموقف عند اغتيال مؤسس حركة (حماس) الشيخ أحمد ياسين. - في مؤسسات المجتمع المدني يشكل الصهيونيون المسيحيون اليوم أكبر قاعدة مساندة للمصالح المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة، فهم يحشدون التأييد السياسي والاقتصادي لإسرائيل بين أنصارهم وهم يستهدفون المتدينين المسيحيين عموما. على سبيل المثال، برزت منظمة جديدة في السنوات الأربع الأخيرة تسمى "قف بجانب إسرائيل"، تعمل جنبا لجنب مع منظمة أيباك لدعم واستقطاب الجماهير المؤيدة للسياسات الإسرائيلية. وعقدت المنظمة مؤتمرا بعد المؤتمر السنوي لأيباك دعت فيه كثيرا من نفس المتحدثين وتبنت عددا من نفس السياسات. وتحدث مرشح الرئاسة السابق غاري بوير المؤسس المشارك لمنظمة قف بجانب إسرائيل إلى المؤتمر، وحث الحاضرين على معارضة خريطة الطريق الرباعية وفكرة مبادلة الأرض مقابل السلام، وقام آخرون ممن حضروا حفل عشاء المؤتمر بالإعراب عن العلاقة الحميمة بين إدارة بوش والصهيونيين المسيحيين وكذلك اليمين المسيحي الأوسع انتشارا. ومن هؤلاء النائب العام الأميركي جون أشكروفت وسفير إسرائيل في واشنطن دانيال أيلون وزعيم طائفة المعمدانيين الجنوبيين ريتشارد لاند وزعيم الأقلية بمجلس النواب توم ديلاي. وتسلم ديلاي وزميله في الكونغرس الأميركي توم لانتوس الجائزة السنوية الأولى لأصدقاء إسرائيل إشادة بنجاحهم في قيادة الكونغرس لتمرير قرار المجلس رقم 392 الذي يؤكد على التضامن القوي بين الولايات المتحدة وإسرائي الابعاد الدينية للخطيئة الاميركية في العراق - مقال لا بد من قراءته كاملا - عربية - 01-17-2007 [CENTER](( مؤسسات و منظمات مسيحية صهيونية )) - السفارة المسيحية الدولية تأسست منظمة السفارة المسيحية الدولية يوم 30 سبتمبر/أيلول 1980 في القسم الغربي من مدينة القدس ردا على القرار الذي اتخذته ثلاث عشرة دولة آنذاك والقاضي بنقل سفاراتها من القدس إلى تل أبيب. فقد تواعد حينذاك أكثر من ألف رجل دين من رجالات الصهيونية المسيحية ينتمون إلى كنائس 23 دولة وعقدوا مؤتمرا في القدس برئاسة مدير المعهد الأميركي لدراسات الأرض المقدسة الدكتور دوغلاس يونج، وأسفر الاجتماع عن تأسيس المنظمة وانتخاب جان فان دير هوفين، وهو من المتشددين في تيار الصهيونية المسيحية، لرئاستها. وتبعا لبيان التأسيس فإن هدف المنظمة هو "أن الله وحده هو الذي أنشأ هذه السفارة الدولية في هذه الساعات الحرجة من أجل تحقيق راحة صهيون واستجابة حب جديدة لإسرائيل". - مؤتمر بال عقدت المنظمة مؤتمرها الأول بعد خمس سنوات من تأسيسها واختارت لعقده مدينة بال في سويسرا. حضر المؤتمر 589 شخصية قيادية من الحركة الصهيونية المسيحية من 27 دولة مختلفة واختارت المنظمة مدينة بال بالذات لتعقد مؤتمرها أسوة بمؤتمر الصهيونية الأول. وقالت المنظمة في بيانها "نحن الوفود المجتمعون هنا، من دول مختلفة، وممثلو كنائس متنوعة، في نفس هذه القاعة الصغيرة التي اجتمع فيها منذ 88 عاما مضت الدكتور تيودور هرتزل ومعه وفود المؤتمر الصهيوني الأول والذي وضع اللبنة الأولى لإعادة ميلاد دولة إسرائيل، جئنا معا للصلاة ولإرضاء الرب، ولكي نعبر عن ديننا الكبير وشغفنا العظيم بإسرائيل (الشعب والأرض والعقيدة) ولكي نعبر عن التضامن معها، وأننا ندرك اليوم وبعد اليوم المعاناة المريرة التي تعرض لها اليهود، إنهم ما زالوا يواجهون قوى حاقدة ومدمرة مثل تلك التي تعرضوا لها في الماضي، وإننا كمسيحيين ندرك أن الكنيسة أيضا لم تنصف اليهود طوال تاريخ معاناتهم واضطهادهم، إننا نتوحد اليوم في أوروبا بعد مرور 40 عاما على الاضطهاد لليهود (الهولوكوست) لكي نعبر عن تأييدنا لإسرائيل، ونتحدث عن الدول التي تم إعداد ميلادها هنا في بال، إننا نقول: لارجعة للقوة التي يمكن أن تتسبب في استرجاع أو تكرار هولوكوست جديدة ضد الشعب اليهودي". كما ورد في البيان "إننا نهنئ دولة إسرائيل ومواطنيها على الإنجازات العديدة التي تحققت في فترة وجيزة تقل عن أربعة عقود، إننا نحضكم على أن تكونوا أقوياء في الله وعلى أن تستلهموا قدرته في مواجهة ما يعترضكم من عقبات، وإننا نناشدكم بحب أن تحاولوا تحقيق العديد مما تصبون إليه. وعليكم أن تدركوا أن يد الله وحدها هي التي ساعدتكم على استعادة الأرض وجمعتكم من منفاكم طبقا للنبوءات التي وردت في النصوص المقدسة. وأخيرا فإننا ندعو كل مسيحي إلى أن يشجع ويدعم أصدقاء اليهود في كل خطواتهم الحرة التي يستلهمونها من الله". ومن القرارات التي صدرت عن المؤتمر تبعا لنص البيان الختامي: 1 - على كل الأمم الاعتراف بإسرائيل، وإقامة علاقات دبلوماسية معها. ونخص بالذكر حكومة الفاتيكان، وإسبانيا، والاتحاد السوفياتي، والكتلة الشرقية، فضلا عن الدول العربية ودول العالم الثالث. 2 - أن يهودا والسامرة هما بالحق التوراتي والقانون الدولي وبحكم الواقع جزء من إسرائيل وعلى إسرائيل أن تعلن ضمهما على هذا الأساس. ونطالب مجتمعاتنا وكنائسنا "بالتوأمة" مع مثيلاتها في يهودا والسامرة والمساهمة في تأسيس حدائق عامة وغابات فيها. 3 - نطالب كل الأمم بالاعتراف بالقدس عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل وبنقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس. 4 - نطالب كل الحكومات بنبذ منظمة التحرير الفلسطينية، وعدم تقديم العون لها أو الاعتراف بها أو بالمنظمات التابعة لها باعتبارها منظمات إرهابية تهدف إلى تدمير إسرائيل وشعبها، وتأتي هذه المطالبة تنفيذا لما ورد في التوراة بشأن أن الله يبارك من يبارك اليهود، ويلعن من يلعنهم. 5 - يصلي أعضاء المؤتمر وينظرون بلهفة لليوم الذي تصبح فيه القدس مركزا لاهتمام الإنسانية، حينما تصير مملكة الرب حقيقة واقعة. وقد صدرت عن هذه المنظمة عدة صحف جديدة تروج لأفكارها ومبادئها، منها المجلة الشهرية Ministry والمجلة السنوية The Review، كما تتولى مجلة ثالثة مهمة نشر التقارير والدراسات التي تصدر عن المنظمة وهي Charisma ذات الانتشار الواسع في الولايات المتحدة الأميركية وخارجها. أقامت المنظمة فروعا لها في أكثر من 40 دولة وأهم مراكزها خارج الولايات المتحدة في هولندا وجنوب أفريقيا، وأستراليا، ونيوزيلندا. أما في الولايات المتحدة فقد أقامت 22 مركزا في 22 ولاية حتى الآن. ويقع مقرها الرئيسي في مدينة مونتريت في ولاية كارولينا. ويقضي برنامجها بأن يكون لها مركز في كل ولاية، يقوم على رأس كل مركز رجل دين صهيوني مسيحي برتبة قنصل. مهمة هذه المراكز هي تنظيم التجمعات والمظاهرات المؤيدة لإسرائيل، وجمع التبرعات والمساعدات وبيع السندات لدعم إسرائيل، وتشجيع الشعب الأميركي على شراء السلع والمنتجات الإسرائيلية. وتجاوبا مع الضغط الذي مارسته هذه المنظمة صدر عن مجلس الكونغرس الأميركي بيان بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبدعوة الإدارة الأميركية لتعديل موقفها من هذا الموضوع والاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل. - التحالف المسيحي الأميركي منظمة التحالف المسيحي الأميركي هي منظمة يمينية محافظة تدعي أنها من أكبر المنظمات الجماهيرية المسيحية في الولايات المتحدة، وأن قاعدتها الجماهيرية تصل إلى مليونين، في حين أن مصادر أخرى تشير إلى أن عدد مؤيديها ما بين ثلاثمائة وأربعمائة ألف شخص. أسسها بات روبرتسون عام 1989 والذي يعتبر نفسه ناطقا باسم اليهود وإسرائيل كما جاء في موقعه الإلكتروني ومحطته التلفزيونية وبرنامجه "نادي السبعمائة". وتترأس المنظمة حاليا روبرتا كومبس التي نقلت مقرها إلى واشنطن دي سي. حُرمت المنظمة عام 1999 من الناحية القانونية من صفة "المنظمة غير الربحية" لانتهاكها القواعد التي تحكم صفة "غير الربحية"، ومن ثم تقلصت التبرعات المقدمة لها من 26.5 مليون دولار عام 1996 إلى ما يقدر بـ3 ملايين دولار عام 2000. لهذه المنظمة نحو 1500 فرع في أنحاء الولايات المتحدة، وهي واحدة من أهم المنظمات الصهيونية المسيحية بأميركا في المجال السياسي. وقد نجحت في أن توجد لنفسها موطئ قدم سياسيا هاما في معركتها لسن قانون يمنع تدريس نظرية النشوء والارتقاء في المدارس الحكومية. وهي تتبع أجندة سياسية تعتبرها منسجمة مع العقيدة المسيحية، وتتلخص مهمتها في تبني وجهة النظر المؤيدة للأسرة أمام المجالس المحلية ومجالس الآباء في المدارس وتشريعات الدولة والكونغرس، ولها صوت مسموع في الحياة العامة وفي وسائل الإعلام. وتعتبر المنظمة الإجهاض جريمة نكراء، بل إن مؤسس المنظمة بات روبرتسون يعتبر الإجهاض "هولوكوست أميركا" لأنه يشوه ويدمر حياة كثير من النساء. كما تدعو المنظمة للعودة إلى التقاليد الأسرية والعلاقات التقليدية في البيت، ولتحقيق ذلك، كما يقول مؤسسها، "يتعين على الزوجة أن تقر بقوامة الزوج ودوره وتسلم بحكمته في المسائل المختلف فيها ولزومها بيتها". تتولى المنظمة تدريب وإبراز قادة للعمل السياسي والاجتماعي، كما ترى أن من مهامها الدفاع عن حقوق "الشعوب المؤمنة المتمثلة في القيم اليهودية المسيحية التي جعلت هذه الدولة من أعظم الدول في التاريخ". أما على صعيد السياسة الخارجية فإن المنظمة تعارض قيام دولة فلسطينية، وتدير حملات منظمة لإقناع الإدارات الأميركية ومن بينها إدارة الرئيس الأميركي الجمهوري جورج بوش الابن بتقديم الدعم الدائم إلى إسرائيل. ويرفض روبرتسون تقسيم مدينة القدس ويعتبرها عاصمة أبدية لإسرائيل. كذلك يؤيد الحرب الأميركية في العراق ويقيم صلوات منظمة لصالح القوات الأميركية هناك. ويعتبر تلك الحرب جزءا من الحرب على ما يسمى الإرهاب. - أصدقاء إسرائيل المسيحيون أصدقاء إسرائيل المسيحيون هي منظمة -كما تعرف نفسها- كهنوتية إنجيلية كنسية غير ربحية مسجلة في إسرائيل ومقرها في القدس ولها فروع في جميع أنحاء العالم. وتعتبر المنظمة نفسها ممثلة لكافة المسيحيين المحبين لإسرائيل في العالم أجمع والذين يرغبون في وجود قناة رسمية لهم تعبر عن صداقتهم ومؤازرتهم لإسرائيل كما يحثهم الإنجيل. وتفسر المنظمة دعمها لليهود وإسرائيل بأنه جزء من حبها للمسيح. وتأخذ المنظمة على عاتقها مهمة تعريف اليهودي العادي بحقيقة المسيحية وأن يكون شاهدا على ذلك من خلال سعيها بكل الوسائل المتاحة لرفع الضرر الذي وقع على الشعب اليهودي باسم المسيح والكنيسة، ومهمته في ذلك أن يكون نموذجا للحب المسيحي الحقيقي. "فنحن نؤمن أن عيسى الرب هو مسيح إسرائيل ومخلص العالم، ولذلك فمساندتنا لإسرائيل غير مشروطة". كذلك تدير المنظمة مركزا في القدس يقوم على خدمة نحو 250 ألف مهاجر يهودي جديد. ومن بين مشروعات المنظمة: *مشروع درع داود لمساعدة الجنود في الجيش الإسرائيلي. *مشروع أبواب الأمل لمساعد الفقراء والمحتاجين من جميع الأعمار في إسرائيل. *مشروع الثمار الأولى لمساعدة ما يعرف بـ"البيت المؤمن". *مشروع البوابات المفتوحة لمساعدة المهاجرين الروس الجدد. *مشروع باسم تحت جناحيه وهو يحاول مساعدة أسر قتلى وجرحى الهجمات الفلسطينية. *مشروع الأمل في المستقبل للمساعدة على توطين اليهود الإثيوبيين (الفلاشا). *مشروع حائط الصلاة، وهو مشروع إعلامي لنقل الصلوات على الهواء مباشرة ليراها المسيحيون واليهود في كل مدينة وقرية ومزرعة يهودية (كيبوتز) ومستوطنة تعاونية (موشاف) في جميع أنحاء إسرائيل. وتصدر المنظمة عدة مطبوعات أبرزها: *"من أجل أبناء جبل صهيون": وهي مطبوعة ربع سنوية تعرض أنشطة المنظمة. *"موجز أخبار إسرائيل": وهي ملخص شهري للأخبار والأحداث الجارية في المنطقة العربية وإسرائيل. *"آخر أخبار الشرق الأوسط": شريط كاسيت ربع سنوي يقدمه لانس لامبرت يحلل فيه الأحداث الجارية في ضوء "كلمة الرب"، ومتوفر أيضا على أسطوانات سي دي. *"الحصاد": مطبوعة أخبار ربع سنوية (توزع مجانا على المهاجرين الروس والفلاشا ومن يدعم مشاريع المنظمة لتوطينهم). *"رسالة وتشمانز للصلاة": دليل شهري مستوحى من الكتاب المقدس يحوي أدعية من أجل إسرائيل. يدير المنظمة قس بروتستانتي يدعى راي ساندرز وتساعده زوجته شارون وقد بدآ العمل منذ ديسمبر/كانون الأول 1985، وكان ساندرز قد تخرج في كلية نيشنز بايبل في دالاس، ويقيم هو وزوجته في إسرائيل منذ عام 1985 إقامة دائمة. - منظمة جسور السلام أنشئت في القدس عام 1976 بهدف بناء علاقات بين المسيحيين واليهود في العالم لدعم إسرائيل. تقول المنظمة إنها ومن خلال برامجها تمنح المسيحيين فرصة التعبير بفعالية عن مسؤوليتهم الإنجيلية أمام الرب ليكونوا مؤمنين بإسرائيل والمجتمع اليهودي. وتشجع المسيحيين على الخروج عن صمتهم الطويل ومشاركة اليهود في معاركهم التي كانوا يخوضونها وحدهم، وأن على المسيحيين أفرادا وجماعات الدفاع عن اليهود الذين منحوهم الإنجيل. وتعبر المنظمة عن أهدافها على النحو التالي: *تشجيع علاقات تعاونية جادة وداعمة بين المسيحيين واليهود في إسرائيل وحول العالم. *تثقيف وتزويد المسيحيين بكل ما يعرفهم بإسرائيل والشعب اليهودي والأسس الإنجيلية/العبرانية للعقيدة النصرانية. *تكريس الوقت والجهد من أجل إسرائيل والشعب اليهودي من خلال تقديم المعونة العملية والخدمة التطوعية والدعاء لهم. *نقل وجهات النظر المسيحية للقادة الإسرائيليين والمجتمع اليهودي عامة. *مجابهة "العداء للسامية في العالم أجمع ودعم حق إسرائيل الإلهي في الوجود على أرضها التي منحها إياها الرب". ولمنظمة جسور السلام مكاتب منتشرة في الولايات المتحدة وكندا وبورتريكو والمملكة المتحدة وسلوفاكيا وجنوب أفريقيا واليابان وأستراليا ونيوزيلندا وهونغ كونغ، أما مقرها الرئيسي ففي القدس المحتلة. ولدى المنظمة 15 مشروعا مخصصا لدعم اليهود في فلسطين وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق. ومن بين تلك المشاريع مشروع أطلقت عليه المنظمة اسم "بنك الغذاء"، وهو أحد أكبر مشروعاتها داخل إسرائيل ويعمل على توفير الطعام لنحو 25 ألف فرد كل شهر. رئيسة المنظمة تدعى ربيكا جيه بريمر وهي الرئيسة الدولية والرئيسة التنفيذية للمنظمة في القدس، وتشغل في الوقت نفسه منصب رئيس تحرير لمطبوعات جسور السلام والتي تشمل: *رسالة من القدس: وهي نشرة نصف شهرية متخصصة في نشر أخبار إسرائيل وبعض الأخبار عن الأحداث اليومية والتطورات في الشرق الأوسط من منظور ديني. *رسالة إسرائيل الدورية. - مؤتمر المعمدانيين الجنوبيين هو أحد أكبر التجمعات الدينية المنظمة داخل الولايات المتحدة وخارجها التي تدعو إلى دعم إسرائيل. منذ إنشائه في مدينة أوغوستا بولاية جورجيا عام 1845 اتسع نشاطه ليضم أكثر من 16 مليون عضو يتعبدون في أكثر من 42 ألف كنيسة في الولايات المتحدة. يرعى المؤتمر حوالي 5000 إرسالية تقدم خدماتها في الولايات المتحدة وكندا والكاريبي، كما يرعى أكثر من 5000 إرسالية خارجية في 153 دولة حول العالم. تقوم عقيدة المعمدانيين على أن المسيح صلب من أجل خطايا البشر ودفن ثم قام من القبر وهو يعيش اليوم ويقف مستعدا لمنح حياة عامرة وأبدية لكل أولئك الذين يتوبون من الخطايا ويؤمنون به، كما يرى أن دعم إسرائيل جزء من العقيدة المسيحية التي يؤمن بها. يترأس المؤتمر الدكتور فرانك إس بيج، وهو كما يصف نفسه راعي أبرشية تقليدية محافظ ويؤمن بالإنجيل باعتباره كلمة الرب الخالصة دون تحريف. يدير شؤونه لجنة تنفيذية مكونة من 81 مندوبا ويتم اختيار المسؤولين في اللجنة التنفيذية من هؤلاء المندوبين. ومن مهام هذه اللجنة مراجعة التقارير المالية والتوصية بالميزانية السنوية للمؤتمر. كما تتلقى اللجنة وتوزع الأموال التي يمنحها المؤتمر لهيئاته الدينية وتعمل متلقيا وهيئة ائتمان لمتلكات المؤتمر وتوفير خدمات العلاقات العامة والتواصل مع الإعلام وأي مهام أخرى يكلفها المؤتمر. (( شخصيات مسيحية صهيونية )) - بات روبرتسون ولد بات روبرتسون يوم 22 مارس/آذار 1930 في مدينة ليكسينجتون بولاية فيرجينيا الأميركية لأسرة معروفة بنشاطها السياسي إذ عمل والده عضوا بمجلس الشيوخ الأميركي. بدأ روبرتسون عمله الكنسي كقس معمداني جنوبي عام 1961 واستمر في منصبه الكنسي حتى عام 1987 حين تخلي عنه لترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 1988. تكمن قدرات روبتسون في كاريزميته كداعية وفي قدراته الإدارية والتنظيمية كرجل أعمال حيث تمكن من تأسيس إمبراطورية من المؤسسات اليمينية المسيحية تأتي على رأسها منظمة التحالف المسيحي المعنية بتشجيع مشاركة المسيحيين المتدينين في الحياة السياسية الأميركية، ويقدر عدد أعضاء التحالف المسيحي حاليا بحوالي 1.2 مليون عضو. كما أسس روبرتسون وكالة البث المسيحية (CBN) التي تحولت إلى إمبراطورية إعلامية ضخمة أسسها بإمكانات محدودة عام 1960، وتحولت عبر الزمن إلى وكالة ضخمة تشاهد برامجها في 180 دولة وتذاع برامجها بـ71 لغة. كما أسس جامعة باسم جامعة وكالة البث المسيحية عام 1977 (تمسى حاليا جامعة ريجينت)، ووكالة إغاثة خيرية تعرف باسم وكالة عملية الرحمة الدولية للإغاثة والتنمية، ومكتبا قانونيا يعرف باسم المركز الأميركي للقانون والعدالة الذي يتخصص في الدفاع عن قضايا المسيحيين المتدينين في الحياة العامة الأميركية. كما يقدم برنامجا تلفزيونيا يسمى "نادي السبعمائة" الذي يعد أحد أشهر برامج اليمين المسيحي في أميركا وتنقله قنوات أميركية مختلفة. وفي عام 1987 رشح روبرتسون نفسه للمنافسة على رئاسة الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 1988، وقد ركز روبرتسون في أجندته على قضايا تهم المسيحيين المتدينين كحظر الإباحية، كما ركز على قضايا تهم اليمين التقليدي مثل إصلاح النظام التعليمي والحد من الإنفاق الحكومي. وبدوران عجلة الانتخابات داخل الحزب الجمهوري عجز روبرتسون عن منافسة بقية المرشحين خاصة جورج بوش الأب، ولكنه اتخذ من الزخم السياسي الذي حصده في حملته الانتخابية قاعدة لإطلاق منظمة التحالف المسيحي عام 1988. اشتهر روبرتسون بتصريحاته المثيرة للجدل والتي تتضمن هجوما قويا على خصومه وادعائه بأن الله يقف بجانبه ضد خصومه، ففي يناير/كانون الثاني 1991 هاجم طوائف بروتستينية أخرى ووصفها بأنها "معادين للمسيح"، كما وصف الحركات النسوية الغربية -في مناسبة أخرى- بأنها "حركة سياسية اشتراكية معادية للأسرة تشجع النساء على ترك أزواجهن وعلى قتل أطفالهن"، وتشمل قائمة خصوم روبرتسون الخارجية الأميركية وبعض زعماء الدول الأجنبية. كرم أكثر من مرة من جانب منظمات أميركية مساندة لإسرائيل، إذ تم تكريمه عامي 1975 و1979 من قبل منظمة المؤتمر الوطني للمسيحيين واليهود، كما حصل عام 2002 على جائزة "أصدقاء دولة إسرائيل" من المنظمة الصهيونية بأميركا. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2004 حذر روبرتسون خلال زيارة قام بها لإسرائيل الرئيس جورج بوش من أن أي محاولة لتغيير الوضع السياسي القائم في القدس سوف تؤدي لفقدانه دعم الإنجليكيين، وفي يناير/كانون الثاني 2006 عبر عن إعتقاده بأن الجلطة الدماغية التي تعرض لها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون هي عقاب من الله له على مساعيه لإعطاء مزيد من الأراضي للفلسطينيين، وهي تصريحات اعتذر عنها روبرتسون فيما بعد. ويمتلك روبرتسون سجلا واسعا من التصريحات المسيئة للإسلام، ففي عام 2002 رفض تسمية الإسلام بأنه "دين سلام" وقال إن هدف الإسلام هو "التحكم، والسيطرة ثم.. التدمير"، كما وصف الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في إحدى المناسبات بأنه "متطرف.. سارق وقاطع طريق.. وقاتل". - جيري فالويل هو جيري لامن فالويل. ولد يوم 11 أغسطس/آب 1933 بمدينة لينشبرج في ولاية فيرجينيا الأميركية. مر فالويل بفترة تدين في مرحلة مبكرة من حياته جعلته يتوجه إلى دراسة الدين، وبعد تخرجه عام 1956 أسس كنيسة في مدينة لينشبرج تحت اسم توماس رود بابتيست تشيرش أو كنيسة شارع توماس المعمدانية، التي لم يحضر اجتماعها الأول سوى 35 شخصا. اتخذ فالويل من كنيسته الصغيرة مركزا لإطلاق حملاته التبشيرية مبتدئا بدعوة أهل مدينته، وبعد عام واحد بلغ عدد أعضاء الكنيسة 864 عضوا، ويصل عدد أعضاء الكنيسة حاليا -التي تحولت إلى صرح كبير- إلى حوالي 24 ألفا، كما بات يرتبط به مئات المبشرين الإنجليكيين. وبعد أسابيع من إنشاء الكنيسة سعى فالويل لنشر مذهبه عبر أدوات جديدة، فقد بدأ عام 1956 بث برنامج إذاعي -تحول فيما بعد لبرنامج تلفزيوني- بعنوان "ساعة الإنجيل القديم"، وذلك على أحد الشبكات المحلية التابعة لقناة ABC الأميركية. ومع بداية السبعينيات ارتقى فالويل بنشاطه التبشيري إلى مستوى جديد، فأسس عام 1971 جامعة لتدريس العلوم الدينية والاجتماعية من منظور مسيحي باسم ليبرتي ينيفيرسيتي (أي جامعة الحرية)، التي يصل عدد طلابها حاليا إلى حوالي 9 آلاف طالب إضافة إلى أكثر من 15 ألفا يدرسون بالجامعة عن طريق المراسلة، ويتولى فالويل رئاسة الجامعة منذ أنشأها ويساعده على إدارتها حاليا أحد أبنائه. وخلال عقد السبعينيات دخل فالويل مجال العمل السياسي ردا على سماح المحاكم الأميركية بالإجهاض، فأنشأ عام 1979 -بالتعاون مع قيادات مسيحية أميركية أخرى- منظمة عرفت باسم مورال ماجوريتي (أي الأغلبية الأخلاقية). تكونت المنظمة من شبكة لجان عمل سياسية محافظة تسعى للدفاع عن قضايا المتدينين السياسية، وعلى رأسها قضايا تحريم الإجهاض، ورفض اعتراف الولايات الأميركية بمطالب الشواذ جنسيا، ومراقبة وسائل الإعلام التي تروج لتصورات معادية للأسرة وقيمها. وفي ثمانينيات العقد الماضي بات فالويل الوجه الأشهر لمنظمة "الأغلبية الأخلاقية" في الدوائر الإعلامية والسياسية الأميركية، وإن كان ذلك لم يشغله عن القيام برحلاته التبشيرية عبر الولايات المتحدة. وفي عام 1989 أغلقت منظمة "الأغلبية الأخلاقية" أبوابها وتوقفت عن العمل رسميا، لكنها سلمت أنشطتها وإنجازاتها ومهامها لمنظمة التحالف المسيحي التي أسسها بات روبرتسون. في 14 أبريل/نيسان 1998 نشرت جريدة "يو إس إيه توداي" الأميركية مقالا لفالويل ينتقد فيه إدارة الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون لما اعتبره فالويل ضغطا تمارسه إدارة كلينتون على إسرائيل للقبول بخطة السلام الأميركية، وقال في مقالته تلك إن ضغط أميركا على إسرائيل "يجب أن يقلق كل من يأخذون على محمل الجد وعد إبراهيم بخصوص أرض إسرائيل"، وذلك في إشارة إلى إيمان الإنجليكيين بأن الله وعد إبراهيم -عليه السلام- بأن يعيد أرض إسرائيل لليهود. ورأي فالويل أن الخطط الأميركية من شأنها أن تحبط عميلة السلام التي "يمكن أن تنجح فقط إذا ما تركت للتفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين". وفي المقابل طالب بأن يقتصر دور الإدارة الأميركية على تسهيل وتحفيز المفاوضات وأن تبتعد عن التحكيم في الخلافات بين الجانبين أو الضغط على أطراف التفاوض، وهو تماما ما كانت تطالب به إسرائيل. واجه فالويل انتقادات واسعة بعد الحادي عشر من سبتمر/أيلول 2001 لأنه رأى في الهجمات عقابا إلهايا على نشاط التيارات الليبرالية والعلمانية بأميركا، كما واجه انتقادات من مسلمي أميركا أواخر عام 2002 لوصفه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بأنه "إرهابي.. رجل عنيف، رجل حرب" وذلك خلال أحد البرامج التلفزيونية الأميركية المعروفة، وهو برنامج "سيكستي مينتس" (أي ستون دقيقة). - هال ليندسي هو هارولد لي ليندسي، والشهير بـهال ليندسي. ولد في مدينة هيوستن بولاية تكساس الأميركية عام 1929. ترك ليندسي دراسته الجامعية بجامعة هيوستن ليلتحق بحرب كوريا، ومر بعد عودته بأزمة نفسية حادة بسبب وفاة زوجته الأولى، توجه بعدها لدراسة الدين في أحد المعاهد الدينية بتكساس، وبعد تخرجه بدأ عمله الكنسي في ولاية كاليفورنيا. كون ليندسي شهرته في عقد السبعينيات بعد النجاح الكبير الذي حققه كتابه "كوكب الأرض القديم الرائع" (Late Great Planet Earth) الذي ألفه أواخر الستينيات ونشره عام 1970، وأصبح بعد ذلك واحدا من أكثر الكتب غير الخيالية مبيعا في الولايات المتحدة خلال ذلك العقد، ويقال إنه بيع منه إلى الآن أكثر من 35 مليون نسخة، كما ترجم إلى 54 لغة. ويركز الكتاب على قراءة علامات آخر الزمان بالتعاليم الإنجليكية وتطبيق هذه العلامات على الظروف التي تعيشها البشرية في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث رأى ليندسي في إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 تطبيقا قويا لنبوءات آخر الزمان كما تبرز بالإنجيل والتي تنادي بعودة اليهود لإسرائيل. ويرى أن سعي اليهود المتشددين لإعادة بناء معبد يهودي تاريخي في موقع قبة الصخرة حاليا سيقود إلى حرب عالمية تقودها القوى المعادية للمسيح ضد إسرائيل وحلفائها المؤمنين، وهي حرب قصيرة ولكنها مدمرة، وهو ما يلتقي مع نبوءات معركة هرمجدون التي تنتظرها المسيحية الصهيونية. يسعى ليندسي إلى جانب الكثير من المسيحيين اليمنيين إلى تأييد إسرائيل والدفاع عن مطالبها أمام الإدارات الأميركية، والذين لهم موقع على الإنترنت يسمى العمل المسيحي لإجل إسرئيل يتولى نشر مقالات مؤيدة لها وينظم حملات لمساندتها، كما يجمع تبرعات لبرامجه المؤيدة لإسرائيل. - دك آرمي هو ريتشارد كيث آرمي. ولد في السادس من يوليو/تموز 1940 في مدينة كاندو بولاية نورث داكوتا الأميركية. عمل أستاذا للاقتصاد بإحدى جامعات ولاية تكساس قبل فوزه بعضوية مجلس النواب الأميركي عن الدائرة السادسة والعشرين بتكساس عام 1984. عرف بأفكاره اليمينية المحافظة التي تنادي بخصخصة برامج الضمان الاجتماعي، وخفض المعونات الحكومية للمزارعين، وتخفيض الضرائب. شارك عام 1994 بقوة في حملة الحزب الجمهوري لانتخابات التجديد للكونغرس، وقد أسفرت جهوده وجهود زملائه من الجمهوريين عن فوز الحزب بأغلبية مقاعد المجلس في انتخابات 1994، وذلك لأول مرة منذ عقود، مما مثل تحولا سياسيا هاما وصف البعض نتائج تلك الانتخابات بأنها "ثورة جمهورية". كوفئ آرمي على دوره في الثورة الجمهورية عام 1994 بمنحه منصب زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس النواب أوائل عام 1995، وهو منصب احتله حتى تقاعده في أواخر عام 2002. تمتع في منصبه الهام بسلطات كبيرة كعادة القيادات الجمهورية في الكونغرس خلال العقد الأخير نظرا لسيطرتهم التي نمت بشكل مضطرد على الكونغرس بمجلسيه، وعرف عن آرمي مواقفه العدائية تجاه قادة الحزب الديمقراطي. عرف عنه أيضا علاقته الوثيقة بمنظمات اليمين المسيحي الدينية والسياسية، إذ اعتاد الحصول على تقدير 100% من إحصاء يصدره "التحالف المسيحي" يرصد مدى توافق السجل التصويتي لأعضاء الكونغرس مع قضايا اليمين المسيحي التشريعية. وانضم آرمي لعضوية مجلس السياسات الوطنية، وهو منظمة أسسها القس والمؤلف المسيحي المعروف تيم لاهاي عام 1981 لدعم قضايا المسيحيين المتدينين بالحياة السياسية الأميركية من خلال ربط القيادات المسيحية المتدينة بقيادات الجمهوريين والمحافظين السياسية وكذلك بالمتبرعين المحافظين الأثرياء. جدير بالذكر أن عضوية المجلس ليست مفتوحة وأنها تتم من خلال دعوات خاصة، وتقتصر على عدة مئات من القيادات اليمينية المحافظة فقط، هذا إضافة إلى أن اجتماعات المجلس مغلقة أمام وسائل الإعلام. أما فيما يتعلق بالموقف من الصراع العربي الإسرائيلي فقد اشتهر آرمي بتصريح أدلى به في الأول من مايو/أيار 2002 لبرنامج Hardball التلفزيوني على قناة MSNBC ويقدمه المذيع كريس ماثيوس، حيث قال "أؤيد تماما قيام دولة فلسطينية لكني أعارض التخلي عن أي جزء من إسرائيل من أجل بناء دولة فلسطينية"، لذا سأله ماثيوس "حسنا، أين ستضع تلك الدولة الفلسطينية.. في النرويج؟"، فرد آرمي "هناك العديد من الدول العربية التي لديها مئات الآلاف من الأفدنة من الأراضي والتربة والممتلكات والفرصة لبناء دولة فلسطينية". ولما شعر ماثيوس بخطورة تصريح آرمي أعاد عليه السؤال قائلا "هل ستقوم بنقل الفلسطينيين لمكان آخر وتسميه دولتهم؟"، فرد عليه آرمي "غالبية الأفراد الذين يسكنون إسرائيل اليوم نقلوا (من بلدان) عبر العالم إلى تلك الأرض، وجعلوها وطنهم. يمكن للفلسطينيين أن يفعلوا الأمر نفسه". وقد أثارت تصريحات آرمي السابقة موجة احتجاجات من قبل المنظمات المسلمة والعربية الأميركية والتي رأت فيها دعوة لممارسة التطهير العرقي بحق الفلسطينيين، وأدت الاحتجاجات إلى تراجع آرمي عن تصريحاته فيما بعد حيث ذكر أنه لا يؤمن بنفي المدنيين الفلسطينيين المسالمين بالقوة خارج أرضهم وأنه كان يقصد من يساندون الأفعال الإرهابية، حسب تعبيره. وفي تصريح آخر وصف آرمي رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون بأنه "رجل الغرب. إنه يقوم بما ينبغي على أي رجل، بما تعنيه صفة الرجولة من معاني، القيام به". - تيم لاهاي هو تيموثي لاهاي، ومعروف بتيم لاهاي. ولد عام 1926، وحصل على شهادة الدكتوراه في الأديان وعلى شهادة دكتوراه أخرى في الأدب. عرف لاهاي خلال تاريخه العملي بنشاطه التنصيري كرجل دين، وهو إلى جانب ذلك ناشط سياسي ومؤلف. أسس عددا من الكنائس والمدارس المسيحية بولاية كاليفورنيا، كما نشط في الأعمال التنصيرية المتعلقة بالنبوءات الموجودة في الديانة المسيحية حول علامات قرب عودة المسيح ونهاية العالم. وعلى المستوى السياسي ساهم لاهاي في دعم وتأسيس عدد من مؤسسات اليمين المسيحي الدينية مثل: *مؤسسة الصوت المسيحي التي أسست عام 1978 لحشد أصوات المسيحيين المتدينين في الحياة السياسية الأميركية. *منظمة مجلس السياسات الوطنية وهي جماعة ضغط محافظة أسست عام 1981. *عدد من مراكز الأبحاث المسيحية المعنية بدحض التفسيرات العلمانية لطبيعة الخليقة. *منظمة "النساء المعنيات من أجل أميركا" التي أسسها هو وزوجته عام 1979، وتهدف إلى مواجهة التيارات النسوية الليبرالية في الحياة العامة والسياسية الأميركية. حقق لاهاي شهرة واسعة كذلك كمؤلف لسلسلة من الروايات الدينية المعروفة باسم "سلسلة المتروكون خلفا" التي بدأت في الظهور منذ عام 1996، وقد حققت السلسلة حتى الآن نجاحا واسعا كما تمت ترجمة السلسلة للغات مختلفة، وأصبحت قاعدة لإنتاج أفلام وقصص شباب وألعاب فيديو اعتمادا على شهرتها الواسعة. وتتميز الروايات بحبكتها الدرامية التي تجمع بين النبوءات الدينية وبراعة الروايات البوليسية التي تقوم على استخدامات التكونولوجيا الحديثة، فضلا عن الإثارة من خلال ما تمتلئ به الروايات من صراعات وحروب. - جيم أينوف هو جايمس ماوينتين أينوف. ولد يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني 1934 بمدينة دي موين بولاية أيوا الأميركية. وعمل في مجال العقارات والتأمين على الحياة، ولم يحصل على شهادة البكالوريوس إلا عام 1973 عن عمر يناهز التاسعة والثلاثين. بدأ مسيرته السياسية مبكرا في أوساط الحزب الجمهوري أوائل الستينيات، وأصبح عضوا بمجلس نواب ولاية أوكلاهوما عام 1967، وفي عام 1969 نجح بالفوز بعضوية مجلس شيوخ أوكلاهوما وهو منصب ظل يحتله حتى عام 1977. وفي عام 1978 فاز أينوف في انتخابات عمدة مدينة تولسا إحدى أشهر مدن أوكلاهوما، وظل في منصبه حتى عام 1984. وفي عام 1986 فاز بعضوية مجلس النواب الأميركي بعد أن حاول في السابق وفشل، وفي عام 1994 انتخب عضوا بمجلس الشيوخ الأميركي. ويشغل أينوف منذ 1993 منصب رئيس لجنة البيئة والأعمال العامة بمجلس الشيوخ، إضافة إلى عضويته بلجنة القوات المسلحة في المجلس. يحظى باهتمام الإعلام الأميركي فيما يتعلق بقضايا البيئة بحكم منصبه كرئيس للجنة البيئة بمجلس الشيوخ، ويشتهر بمواقفه المتشددة ضد أنصار ومنظمات البيئة، فهو يرفض النظريات العلمية القائلة بزيادة حرارة كوكب الأرض، وبلغ هجومه المستمر على أنصار البيئة حد تشبيههم بالنازيين. أما فيما يخص إسرائيل والمنطقة العربية فقد لخص أينوف موقفه في مارس/آذار 2002 وذلك في كلمة ألقاها أمام مجلس الشيوخ حدد فيها سبعة أسباب رئيسية تدفعه لمساندة إسرائيل، وهي: 1 - سبب يرتبط بعلم الحفريات والذي يؤكد أن "الإسرائيليين كان لهم وجود هناك (في فلسطين التاريخية) منذ 3000 سنة"، وأن "الفلسطينيين القدماء انقرضوا". 2 - سبب تاريخي، وهنا يعبر أينوف عن اعتقاده بأن أرض فلسطين قبل قدوم اليهود لها كانت أرضا "غير مرغوب فيها من أحد، أرضا بلا قيمة"، وأن العرب لم يتحدثوا عن ملكيتهم لها إلا بعد أن عاد إليها اليهود وشرعوا في تعميرها. 3 - أن القيمة العملية للأراضي مرتبطة بقدرة الإسرائيليين على تعميرها وتحويل الصحراء إلى "تحف زراعية حديثة" وفقا لتعبيره. 4 - سبب إنساني يتعلق بمعاناة اليهود على يد النازية وبأن الإسرائيليين لا يطالبون "بشيء كبير" نظرا لصغر المساحة التي يطالبون بها. 5 - أن إسرائيل "عائق" أمام صعود الجماعات المعادية لأميركا بالشرق الأوسط. 6 - أن إسرائيل "حجر عثرة في طريق الإرهاب". 7 - أما السبب الأهم فهو أن "الله قال ذلك"، وهنا أشار أينوف إلى بعض نصوص الإنجيل التي تتحدث عن وعد الله لإبراهيم بإعطاء أرض إسرائيل لليهود، حيث أكد أينوف أن "المسألة ليست صراعا سياسيا على الإطلاق. إنها خلاف حول ما إذا كانت كلمات الله صحيحة أم لا". كما ذكر أينوف أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 وقعت لأنه كان هناك "باب روحاني مفتوح للهجوم على أميركا"، وأن هذا الباب يرتبط بكون "سياسات حكومتنا تمثلت في الضغط على الإسرائيليين لكي لا يردوا بشكل قوي على الهجمات الإرهابية التي شنت عليهم". لذا أكد أنه يتحتم على حكومة أميركا عدم الضغط على إسرائيل بأي شكل من الأشكال، مشددا على أن سياسة إسرائيل دوما كانت عدم المبادرة بالهجوم، وإنما الرد على الهجوم عليها بحروب قصيرة وناجحة ثم الانسحاب. - رالف ريد ولد رالف أوجين ريد في 24 يونيو/ حزيران 1964 بمدينة بورتسموث بولاية فيرجينيا الأميركية، وسرعان ما أتقن مهارات العمل السياسي خلال سنوات نشاطه الطلابي في أوائل الثمانينيات حيث بزغ نجمه في أوساط شباب الجمهوريين. وفي سبتمبر/ أيلول 1983 مر ريد بفترة تدين تحول بعدها للتيار الإنجليكي، وفي العام 1989 عرض عليه القس المشهور بات روبرتسون العمل مديرا تنفيذيا لمنظمة التحالف المسيحي الرامية لحشد قوى المسيحيين المتدينين السياسية. ظل ريد في منصبه مديرا للتحالف المسيحي حتى العام 1997 وأسهم في بناء مجد التحالف وحقق معه شهرة واسعة، حيث حرص على إبعاد التحالف عن أدوات العمل السياسي الفظة مفضلا استخدام التكتيكات الناعمة، كما أسهم مع التحالف في تفعيل دور المسيحيين المتدينين داخل الحزب الجمهوري الذين أسهموا بدورهم في فوز الجمهوريين في انتخابات العام 2004 التشريعية التي ساعدتهم على الحصول على مقاعد الأغلبية بمجلس النواب الأميركي لأول مرة منذ عقود، لذا نشرت مجلة تايم الأميركية في 15 مايو/ أيار 1995 صورة ريد على غلافها وتحتها تعليق يقول "اليد اليمنى لله: رالف ريد والتحالف المسيحي". ولكن ريد استقال من إدارة التحالف في العام 1997 بعد أن تعرض التحالف لاتهامات بالفساد المالي، ويقول البعض إن ريد نجح متحدثا باسم التحالف ولكنه فشل إداريا ما أدى لتراجع مكانة التحالف المسيحي تدريجيا. عاد ريد بعد ذلك إلى جورجيا حيث أسس شركة تدعى "إستراتيجيات القرن"، مستفيدا من علاقاته بشخصيات جمهورية ذات نفوذ. وفي العام 2002 نافس ريد على منصب رئيس الحزب الجمهوري بجورجيا وهو منصب شرفي، لكن المنافسة على المنصب الشرفي تحولت لمعركة بسبب معارضة بعض الجمهوريين لريد، إذ انتقدوا أساليبه الانتخابية واتهموه باستخدام الدين غطاء لنشاطه السياسي، ولكن ريد فاز بالمنصب. وفي فبراير/ شباط 2005 أعلن ريد نيته ترشيح نفسه لمنصب حاكم ولاية جورجيا مدعيا حصوله على دعم الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن، وسبق لريد العمل رئيسا للقطاع الجنوبي الشرقي بحملة بوش الانتخابية عام 2004. ولكن استطلاعات الرأي أظهرت أن ريد لا يحظى إلا بتأييد ضعيف من قبل الجمهوريين بجورجيا، كما حرص الرئيس بوش وكبار السياسيين الجمهوريين على التزام الحياد في المعركة، وأعلن بعضهم معارضته، وظهرت على السطح معلومات حول ارتباط ريد بفضيحة فساد سياسية ضخمة بطلها صديقه جاك إبراهوموف. أدت العوامل السابقة مجتمعة إلى خسارة ريد للانتخابات التمهيدية بفارق كبير، لذا نشرت مجلة تايم الأميركية في عددها الصادر في 31 يوليو/ تموز 2006 مقالا بعنوان "صعود وسقوط رالف ريد". ويقول البعض إن ريد كان بمثابة وجه براغماتي وتقدمي لليمين المسيحي، حيث رفض ريد استخدام الدولة لفرض القوانين المسيحية، كما انتقد موقف الكنيسة الإنجليكية البيضاء من حركة الحقوق المدنية بأميركا. فعلى سبيل المثال ألقى ريد في العام 1995 خطابا أمام عصبة مكافحة التشويه بصفته مديرا تنفيذيا للتحالف المسيحي اعترف فيه صراحة بأن بعض اللغة المستخدمة من قبل اليمين المسيحي تمثل إنذار خطر لليهود كالقول بأن "الله لا يسمع دعاء اليهود" وأن أميركا "بلد مسيحي". كما أسس ريد في العام 2002 بالمشاركة مع حاخام يدعى يشيل إيكستين منظمة تدعى "قف بجانب إسرائيل" تهدف إلى تعبئة المسيحيين المتدينين لدعم إسرائيل. وعن أسباب مساندته لإسرائيل كتب ريد مقالا في صحيفة لوس أنجلوس تايمز في أبريل/ نيسان 2002 يقول فيه "بالنسبة للبعض ليس هناك دليل أكبر على سيادة الله على هذا العالم في يومنا هذا أكثر من بقاء اليهود ووجود إسرائيل". الابعاد الدينية للخطيئة الاميركية في العراق - مقال لا بد من قراءته كاملا - عربية - 01-17-2007 [CENTER](( الكنائس المعارضة للصهيونية المسيحية )) رغم قوة وفعالية الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة فإن هذا لا يعني أن الساحة خالية لها تعمل دون معارضة، فهناك كنائس مسيحية كثيرة تتخذ مواقف رافضة لهذا التيار ومحذرة من خطورته، داخل الولايات المتحدة وخارجها. - موقف الكنيسة الإنجيلية رفضت الكنيسة الإنجيلية في الولايات المتحدة الصهيونية المسيحية، وأوكلت تحويل الرفض لأساليب عملية إلى المجلس الوطني لكنائس المسيح الذي يضم 34 طائفة يمثلون حوالي 40 مليون عضو. بنى هذا المجلس إستراتيجته للتعامل مع الصهيونية المسيحية على استقطاب الإنجيليين الليبراليين الذين يرفضون التفسير الحرفي للكتاب المقدس ويرفضون الصهيونية اللاهوتية في الكنيسة. واستطاع المجلس التواصل مع عدد كبير منهم عبر مجلاته "القرن المسيحي" و"المسيحية والأزمات" و"القيمون" و"المصلح". ولم يغفل هذا المجلس أهمية تنسيق مواقفه الرافضه للصهيونية المسيحية مع كنائس أخرى تتشابه معه في هذا الأمر ولو بنسب ودرجات مختلفة مثل الكنيسة المشيخية والكنيسة المنهجية والمعمدانية والأسقفية. - موقف الكنيسة الكاثوليكية لم تكن الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة بعيدة عن جبهات الرفض المتنامية ضد الصهيونية المسيحية، بل إنها سارعت وأعلنت موقفها الرافض منذ أكثر من 100 عام، ففي مايو/ أيار 1897 لاحظت هذه الكنيسة أن التيار المقصود يهدف في النهاية إلى السيطرة على فلسطين بمسوغات دينية مسيحية، فأصدرت بيانا قالت فيه "إن إعادة بناء القدس لتصبح مركزا لدولة إسرائيلية يعاد تكوينها يتناقض مع نبوءات المسيح نفسه الذي أخبرنا أن القدس سوف تدوسها العامة حتى نهاية زمن العامة أي حتى نهاية الزمن". ولم يختلف موقف الفاتيكان في روما عن موقف الكنيسة الكاثوليكية داخل الولايات المتحدة، فكما رفض أفكار الصهيونية المسيحية رفض كذلك مساعيهم السياسية وتحالفاتهم مع الصهيونية اليهودية لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وبرر رفضه بأسباب عدة، منها أن دعاوى الصهيونية المسيحية مخالفة للكتاب المقدس ولروح المسيحية وأنها ستلحق ضررا بالمسيحيين الشرقيين خاصة إذا نجحوا في إقامة دولة في فلسطين. وفي العام 1917 قال البابا بنديكت الـ15 معلقا على وعد بلفور "لا لسيادة اليهود على الأرض المقدسة". وفي 15 مايو/ أيار 1922 وجه الفاتيكان مذكرة رسمية لعصبة الأمم تنتقد إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وقال "إن الحبر الأعظم لا يمكن أن يوافق على منح اليهود امتيازات على غيرهم من السكان". ولم يختلف الموقف كثيرا بالنسبة للبابا بيوس الـ12 الذي خلف بنديكت الـ15. واستمر هذا الرفض حتى قيام دولة إسرائيل عام 1948، بعدها حدث تغير لاهوتي في موقف الكنيسة الكاثوليكية بعد أن استطاع الإسرائيليون/اليهود أن يقنعوا كبار رجال الدين في الكنيسة الكاثولكية أن وجودهم في الشرق الأوسط مهم لمحاربة الشيوعية "الإلحادية" ووقف امتدادها. وازداد هذا الموقف تماسكا في ولاية جون كيندي أول رئيس أميركي كاثوليكي يدخل البيت الأبيض، وكان بصحبته الأسقف كاشنغ الذي كان مشبعا بالعداء للشيوعية ووجد أن إسرائيل/اليهود وليس الإسلام هو الحليف الطبيعي للولايات المتحدة ضد الشيوعية. بعد هذا الاختراق الكنسي كثرت المنظمات الكاثولكية المطالبة بتغيير مواقف الفاتيكان اللاهوتية من مبدأ قيام دولة يهودية ومبدأ عودة اليهود إلى فلسطين. وقامت كذلك جنبا إلى جنب منظمات كاثوليكية أخرى لا ترفض قيام دولة يهودية ولكنها تدعو أن يكون ذلك مصاحبا لمنح الفسطينيين حقوقهم. - موقف الكنيسة الأرثوذكسية بنت الكنيسة الأرثوذكسية في الولايات المتحدة معارضتها للصهيونية المسيحية على منطلقات عقائدية، حيث اعتبرت أن هذا التيار يصر على زرع رؤية لاهوتية غريبة عن المسيحية وأن أهدافها سياسية وليست دينية وهي في محصلتها الختامية تخدم مصالح دولة بعينها. - مجلس كنائس الشرق الأوسط: أما بالنسبة لموقف كنائس الشرق الأوسط من هذا التيار فقد تمثل في الرفض المؤسس كذلك على أسباب دينية وسياسية وإنسانية. واعتبر مجلس كنائس الشرق الأوسط الصهيونية المسيحية، كما جاء في بيانه الصادر في أبريل/ نيسان 1986، "سوء استعمال للكتاب المقدس وتلاعبا بمشاعر المسيحيين فى محاولة لتقديس إنشاء دولة من الدول وتسويغ سياسات حكوماتها". وأجمل الأمين العام للمجلس القس رياض غريغور مبررات الرفض في الأسباب التالية: إن الصهيونية المسيحية لا تمت بصلة للمسيحية لأنها تشويه مشبوه الغايات لبعض ما جاء فى أسفار الكتب المقدسة. إنها مؤامرة حيكت ضد المسيحيين عامة والمسيحيين العرب خاصة، لضرب المشروع الحوارى بين المسيحية والإسلام، ولتبرير أطروحات صراع الحضارات والأديان، لا سيما بين المسيحية والإسلام، وهى تستهدف ضرب العيش المشترك الإسلامى المسيحى فى العالم العربي. - الروم الأرثوذكس ولم تشذ كنيسة الروم الأرثوذكس عن هذا الاتجاه، فقد رفضت الصهيونية المسيحية واعترضت على المسمى نفسه، وأصر بطريرك الروم الأرثوذكس في القدس الأب عطا الله حنا على تسميتها "المجموعات المتصهينة التي تدعي المسيحية". وبنى هذا الرفض على اعتقاده بأن هناك تناقضا كبيرا بين ما تعلمه وتنادي به المسيحية من سلام ووئام ومحبة وبين ما تدعو إليه الصهيونية من تكريس للفكر العنصري والتمييز العرقي وممارسة أساليب خبيثة شيطانية لتمرير مشاريع مشبوهة، فهي أقرب إلى اليهودية الصهيونية منها إلى أي شيء آخر. وما زاد من مخاوف الروم الأرثوذكس من الصهيونية المسيحية ما يشيرون إليه من أن أهداف هذه الحركة هو استقطاب المسيحيين الشرقيين والعمل على سلخهم من هويتهم وجذورهم الشرقية وقضاياهم القومية تحت لافتة التبشير بالمسيحية. ويؤكد الروم الأرثوذكس كذلك أن ما يجعلهم يتشددون في الرفض اعتقادهم بأن التفسيرات والتحليلات الصهيونية للكتاب المقدس هي تفسيرات وتحليلات سياسية وغير روحانية هدفها تبرير الاحتلال والعدوان والترويج لأن الأرض الفلسطينية لهم وليست لسواهم. لإستكمال و متابعة باقي المحاور (( قراءات و مقالات و عرض و تحليلات )) - من أجل صهيون - أميركا وتحديات التنوع الديني - عقيدة جورج دبليو بوش - بوش.. طغيان الحماس الديني على البصيرة السياسية - صعود الإذاعات اليمينية الأميركية - اللوبي المسيحي الصهيوني في أميركا - المسيحية الصهيونية والسياسة الأميركية انـقـر هـنـا لـتـتـمة قـراءة الـمـلـف |