حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$archive_pages - Line: 2 - File: printthread.php(287) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(287) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 287 eval
/printthread.php 117 printthread_multipage
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
لماذا أنا ملحد؟ - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: الحوار الديني (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=58)
+--- الموضوع: لماذا أنا ملحد؟ (/showthread.php?tid=13238)

الصفحات: 1 2


لماذا أنا ملحد؟ - العلماني - 12-20-2006

كتبت على أثر مطالعة "عقيدة الألوهية" للدكتور أحمد زكي أبو شادي(

لما جهلت من الطبيعة أمرها وجعلت نفسك في مقام معلل
أثبت ربـــا تبتغي حــــــلا به للمشكلات فكان أكبر مشكل!

توطئة :

الواقع أنني درجت على تربية دينية لم تكن أقوم طريق لغرس العقيدة الدينية في نفسي. فقد كان أبي من المتعصبين للإسلام والمسلمين ، وأمي مسيحية بروتستانتية ذات ميل لحرية الفكر والتفكير، ولا عجب في ذلك فقد كانت كريمة البروفيسور وانتهوف الشهير. ولكن سوء حظي جعلها تتوفى وأنا في الثانية من سني حياتي ، فعشت أيام طفولتي حتى أواخر الحرب العظمى مع شقيقتي في الأستانة ، وكانتا تلقناني في تعاليم المسيحية وتسيران بي كل يوم أحد الى الكنيسة . أما أبي فقد انشغل بالحرب وكان متنقلا بين ميادينها فلم أعرفه أو أتعرف عليه إلا بعد أن وضعت الحرب أوزارها ، ودخل الحلفاء الأستانة . غير أن بعد والدي عني لم يكن ليمنعه عن فرض سيطرته علي من الوجهة الدينية ، فقد كلف زوج عمتي وهو أحد الشرفاء العرب أن يقوم بتعليمي من الوجهة الدينية ، فكان يأخذني لصلاة الجمعة ويجعلني أصوم رمضان وأقوم بصلاة التراويح ، وكان هذا كله يثقل كاهلي كطفل لم يشتد عوده بعد ، فضلا عن تحفيضي القرأن . والواقع أني حفظت القرأن وجودته وأنا ابن العاشرة ، غير أني خرجت ساخطا على القرأن لأنه كلفني جهدا كبيرا كنت في حاجة إلى صرفه إلى ما هو أحب إلى نفسي ، وكان ذلك من أسباب التمهيد لثورة نفسية على الإسلام وتعاليمه. ولكني كنت أجد من المسيحية غير ذلك ، فقد كانت شقيقتاي –وقد نالتا قسطا كبيرا من التعليم في كلية الأمريكان بالأستانة لا تثقلان علي بالتعليم الديني المسيحي وكانتا قد درجتا على اعتبار أن كل ما تحتويه التوراة والإنجيل ليس صحيحا . وكانتا تسخران من المعجزات ويوم القيامة والحساب ، وكان لهذا كله أثر في نفسيتي .

كانت مكتبة والدي مشحونة بألاف الكتب وكان محرما على الخروج والاختلاط مع الأطفال الذين هم من سني ، ولقد عانيت أثر هذا التحريم قي فردية تبعدني عن الجماعة فيما بعد ، ولم يكن في مستطاعي الخروج إلا مع شقيقتي وقد ألفت هذه الحياة وكنت أحبهما حبا جما فنقضي وقتنا معا نطالع ونقرأ ، فطالعت وأنا ابن الثامنة مؤلفات عبد الحق حامد وحفظت الكثير من شعره ، وكنت كلفا بالقصص الأدبية فكنت أتلو لبلزاك وجي دي موباسان وهيغو من الغربيين أثارهم ، ولحسين رحمي الروائي التركي المشهور قصصه ، وأتى والدي إلى الأستانة وقد وضعت الحرب أوزارها ، ودخل الحلفاء الأستانة ، ولكن لم يبقى كثيرا حيث غادرها مع مصطفى كمال إلى الأناضول ليبدأ مع زعماء الحركة الاستقلالية حركتهم ، وظللت أربع سنوات من سنة 1919 إلى 1923 في الأستانة قابعا أتعلم الألمانية والتركية على يد شقيقتي والعربية على يد زوج عمتي ، وفي هذه الفترة قرأت لداروين أصل الأنواع وأصل الإنسان وخرجت من قرائتهما مؤمنا بالتطور. وقرأت مباحث هكسلي وهيكل والسر ليل وبيجهوت وأنا لم أتجاوز الثالثة عشرة من سنى حياتي . وانكببت أقرأ في هذه الفترة لديكارت وهوبس وهيوم وكانت ، ولكني لم أكن أفهم كل ما أقرأه لهم . وخرجت من هذه الفترة نابذا نظرية الإرادة الحرة ، وكان لسبينوزا وأرنست هيكل الأثر الأكبر في ذلك ، ثم نبذت عقيدة الخلود .

غير أن خط دراستي توقف برجوع والدي إلى الأستانة ونزوحه إلى مصر واصطحابه إياي ، وهنالك في الإسكندرية خطوت أيام مراهقتي ، ولكن كان أبي لا يعترف لي بحق تفكيري ووضع أساس عقيدتي المستقبلة ، فكان يفرض على الإسلام والقيام بشعائره فرضا ، وأذكر يوما أني ثرت على هذه الحالة وامتنعت عن الصلاة وقلت له :أني لست بمؤمن ، أنا داروني أؤمن بالنشوء والارتقاء . فكان جوابه على ذلك أن أرسلني إلى القاهرة وألحقني بمدرسة داخلية ليقطع على أسباب المطالعة ، ولكني تحايلت على ذلك بأن كنت أتردد على دار الكتب المصرية وأطالع ما يقع تحت يدي من المؤلفات التركية والألمانية يومي الخميس والجمعة ، وهما من أيام العطلة المدرسية ، وكنت أشعر وأنا في المدرسة أني في جو أحط مني بكثير . نعم لم تكن سني تتجاوز الرابعة عشر ولكن كانت معلوماتي في الرياضيات والعلوم والتاريخ تؤهلني لأن أكون في أعلى فصول المدارس الثانوية ، ولكن عجزي في العربية والإنجليزية كان يقعد بي عن ذلك .

وفي سنة 1927 غادرت مصر بعد أن تلقيت الجانب الأكبر من التعليم الإعدادي فيها على يد مدرسين خصوصيين ونزلت تركيا والتحقت بعدها بمدة بالجامعة وهنالك للمرة الأولى وجدت أناسا يمكنني أن أشاركهم تفكيرهم ويشاركونني . في الأستانة درست الرياضيات وبقيت كذلك ثلاث سنوات وفي هذه الفترة أسست (جماعة نشر الإلحاد) بتركيا وكانت لنا مطبوعات صغيرة كل منها في 64 صفحة أذكر منها :

الرسالة السابعة : الفرويديزم ، الرسالة العاشرة : ماهية الدين ، الرسالة الحادية عشر : قصة تطور الدين ونشأته ، الرسالة الثانية عشرة : العقائد ، الرسالة الثالثة عشرة : قصة تطور فكرة الله ، الرسالة الرابعة عشرة : فكرة الخلود .

وكان يحرر هذه الرسائل أعضاء الجماعة وهم طلبة في جامعة الأستانة تحت إرشاد أحمد بك زكريا أستاذ الرياضيات في الجامعة والسيدة زوجته. وقد وصلت الجماعة في ظرف مدة قصيرة للقمة فكان في عضويتها 800 طالب من طلبة المدارس العليا وأكثر من 200 من طلبة المدارس الثانوية –الإعدادية. وبعد هذا فكرنا في الاتصال بجمعية نشر الإلحاد الأمريكية التي يديرها الأستاذ تشارلز سمث ، وكان نتيجة ذلك انضمامنا له وتحويل اسم جماعتنا إلى (المجمع الشرقي لنشر الإلحاد) وكان صديقي البحاثة إسماعيل مظهر في ذلك الوقت يصدر مجلة "العصور" في مصر، وكانت تمثل حركة معتدلة في نشر حرية الفكر والتفكير والدعوة للإلحاد ، فحاولنا أن نعمل على تأسيس جماعة تتبع جماعتنا في مصر وأخرى في لبنان واتصلنا بالأستاذ عصام الدين حفني ناصف في الإسكندرية وأحد الأساتذة في جامعة بيروت ولكن فشلت الحركة ! وغادرت تركيا في بعثة لروسيا سنة 1931 وظللت إلى عام 1934 هنالك أدرس الرياضيات وبجانبها الطبيعيات النظرية. وكان سبب انصرافي للرياضيات نتيجة ميل طبيعي لي حتى لقد فرغت من دراسة هندسة أوقليدس وأنا ابن الثانية عشر، وقرأت لبوانكاره وكلاين ولوباجفسكي مؤلفاتهم وأنا ابن الرابعة عشرة ، وكنت كثير الشك والتساؤل فلما بدأت بهندسة أوقليدس وجدته يبدا من الأوليات ، وصدم اعتقادي في قدسية الرياضيات وقتئذ فشككت في أوليات الرياضيات منكبا على دراسة هوبس ولوك وبركلي وهيوم وكان الأخير أقربهم إلى نفسي ، وحاول الكثيرون إقناعي بأن أكمل دراستي للرياضة ، ولكن حدث بعد ذلك تحول لا أعرف كنهه لليوم ، فالتهمت المعلومات الرياضية كلها فدرست الحساب والجبر والهندسة بضروبها وحساب الدوالي والتربيعات ولكن الشك لم يغادرني ، فسلمت جدلا بصحة أوليات الرياضة ودرست ، وما انتهيت من دراستي حتى عنيت بأصول الرياضة ، وكان هذا الموضوع سبب نوال درجة الدكتوراه في الرياضيات البحته من جامعة موسكو سنة 1933 وفي نفس السنة نجحت في أن أنال العلوم وفلسفتها إجازة الدكتوراه لرسالة جديدة عن "الميكانيكا الجديدة التي وضعتها مستندا على حركة الغازات وحسابات الاحتمال " وكانت رسالة في الطبيعيات النظرية .

وخرجت من كل بحثي بأن الحقيقة إعتبارية محضة وأن مبادئ الرياضيات اعتبارات محضة ، وكان لجهدي في هذا الموضوع نهاية إذ ضمنت النتائج التي انتهيت إليها بكتابي "الرياضيات والفيزيقا" الذي وضعته بالروسية في مجلدين مع مقدمة مسهبة في الألمانية ، وكانت نتيجة هذه الحياة أني خرجت عن الأديان وتخليت عن كل المعتقدات وأمنت بالعلم وحده وبالمنطق العلمي ، ولشد ما كنت دهشتي وعجبي أني وجدت نفسي أسعد حالا وأكثر اطمئنانا من حالتي حينما كنت أغالب نفسي للاحتفاظ بمعتقد ديني .
وقد مكن ذلك الاعتقاد في نفسي الأوساط الجامعية التي اتصلت بها إذ درست مؤقتا فكرتي في دروس الرياضيات بجامعة موسكو سنة 1934 .

إن الأسباب التي دعتني للتخلي عن الإيمان بالله كثيرة منها ما هو علمي بحت ومنها ما هو فلسفي صرف ومنها ما هو بين بين ومنها ما يرجع لبيئتي وظروفي ومنها ما يرجع لأسباب سيكلوجية .وليس من شأني في هذا البحث أن أستفيض في ذكر هذه الأسباب ، فقد شرعت منذ وقت أضع كتابا عن عقيدتي الدينية والفلسفية ولكن غايتي هنا أن أكتفي بذكر السبب العلمي الذي دعاني للتخلي عن فكرة "الله" وإن كان هذا لا يمنعني من أعود في فرصة أخرى ( إذا سنحت لي ) لبقية الأسباب .

وقبل أن أعرض الأسباب لابد لي من اتطراد لموضوع إلحادي ، فأنا ملحد ونفسي ساكنة لهذا الإلحاد ومرتاحة إليه ، فأنا لا أفترق من هذه الناحية عن المؤمن المتصوف في إيمانه . نعم لقد كان إلحادي بداءة ذي بدء مجرد فكرة تساورني ومع الزمن خضعت لها مشاعري فاستولت عليها وانتهت من كونها فكرة إلى كونها عقيدة . ولي أن أتسأل : ما معنى الإلحاد ؟
يجيبك لودفيج بخنر زعيم ملاحدة القرن التاسع عشر :

"الإلحاد هو الجحود بالله ،وعدم الإيمان بالخلود والإرادة الحرة"

والواقع أن هذا التعريف سلبي محض ، ومن هنا لا أجد بدا من رفضه . والتعريف الذي أستصوبه وأراه يعبر عن عقيدتي كملحد هو :

" الإلحاد هو الإيمان بأن سبب الكون يتضمنه الكون في ذاته وأن ثمة لا شيء وراء هذا العالم "

ومن مزايا هذا التعريف أن شقه الأول إيجابي محض ، بينما لو أخذت وجهته السلبية لقام دليلا على عدم وجود الله ، وشقه الثاني سلبي يتضمن كل ما في تعريف بخنر من معاني.
يقول عمانوئيل كانط ( 1724-1804 ) :

" أنه لا دليل عقلي أو علمي على وجود الله" و "أنه ليس هنالك من دليل عقلي أو علمي على عدم وجود الله "

وهذا القول صادر من أعظم فلاسفة العصور الحديثة وواضع الفلسفة الانتقادية يتابعه فيه جمهرة الفلاسفة. وقول عمانوئيل كانت لا يخرج عن نفس ما قاله لوقريتوس الشاعر اللاتيني منذ ألفي سنة ، ولهذا السبب وحده تقع على كثيرين من صفوف المفكرين والمتنورين بل الفلاسفة من اللاأدريين ، وهربرت سبنسر الفيلسوف الإنجليزي الكبير وتوماس هكسلي البيولوجي والمشرح الإنجليزي المعروف قد كانا لا أدريين ، ولكن هل عدم قيام الأدلة على عدم وجود الله مما يدفع المرء لللاأدرية ؟
الواقع الذي ألمسه أن فكرة الله فكرة أولية ، وقد أصبحت من مستلزمات الجماعات منذ ألفي سنة ، ومن هنا يمكننا بكل اطمئنان أن نقول أن مقام فكرة الله الفلسفية أو مكانها في عالم الفكر الإنساني لا يرجع لما فيها عناصر القوة الإقناعية الفلسفية وإنما يعود لحالة يسميها علماء النفس التبرير ، ومن هنا فإنك لا تجد لكل الأدلة التي تقام لأجل إثبات وجود السبب الأول قيمة علمية أو عقلية .
ونحن نعلم مع رجال الأديان والعقائد أن أصل فكرة الله تطورت عن حالات بدائية ، وأنها شقت طريقها لعالم الفكر من حالات وهم وخوف وجهل بأسباب الأشياء الطبيعية . ومعرفتنا بأصل فكرة الله تذهب بالقدسية التي كنا نخلعها عليها .

إن العالم الخارجي ( عالم الحادثات ) يخضع لقوانين الاحتمال فالسنة الطبيعية لا تخرج عن كونها أشمال القيمة التقديرية التي يخلص بها الباحث من حادثة على ما يماثلها من حوادث . والسببية العلمية لا تخرج في صميمها عن أنها وصف لسلوك الحوادث وصلاتها بعضها ببعض . وقد نجحنا في ساحة الفيزيقا ( الطبيعيات ) في أن نثبت أن ( أ ) إذا كانت نتيجة للسبب فإن معنى ذلك أن هناك علاقة بين الحادثتين ( أ ) و ( ب ) . ويحتمل أن تحدث هذه العلاقة بين ( أ ) و ( ج ) وبينها وبين ( د ) و ( هـ ) فكأنه يحتمل أن تكون نتيجة للحادثة ( ب ) وقتا وللحادثة ( ج ) وقتا آخر وللحادثة ( د ) حينا وللحادثة ( هـ ) حينا آخر .

والذي نخرج به من ذلك أن العلاقة بين ما نطلق عليه اصطلاح السبب وبين ما نطلق عليه اصطلاح النتيجة تخضع لسنن الاحتمال المحضة التي هي أساس الفكر العلمي الحديث .ونحن نعلم أن قرارة النظر الفيزيقي الحديث هو الوجهة الاحتمالية المحضة ، وليس لي أن أطيل في هذه النقطة وإنما أحيل القارئ إلى مذكرتي العلمية لمعهد الطبيعيات الألماني والمرسلة في 14 سبتمبر سنة 1934 والتي تليت في اجتماع 17 سبتمبر ونشرت في أعمال المعهد لشهر أكتوبر عن "المادة وبنائها الكهربائي" وقد لخصت جانبا من مقدمتها بجريدة "البصير" عدد 12120 "المؤرخ الأربعاء 21 يوليه سنة 1937" وفي هذه المذكرة أثبت أن الاحتمال هو قرارة النظر العلمي للذرة فإذا كان كل ما في العالم يخضع لقانون الاحتمال فإني أمضي بهذا الرأي إلى نهايته وأقرر أن العالم يخضع لقانون الصدفة .

ولكن ما معنى الصدفة والتصادف ؟

يقول هنري بوانكاريه في أول الباب الرابع من كتابه :
“Science et Methode”
في صدد كلامه عن الصدفة والتصادف :

" إن الصدفة تخفي جهلنا بالأسباب ، والركون للمصادفة اعتراف بالقصور عن تعرف هذه الأسباب " .

والواقع أن كل العلماء يتفقون مع بوانكاريه في اعتقاده -أنظر لصديقنا البحاثة إسماعيل مظهر "ملقى السبيل في مذهب النشوء والارتقاء" ،ص 163-167 –منذ تفتح العقل الإنساني،غير أني من وجهة رياضية أجد للصدفة معنى غير هذا ،معنى دقيقا بث للمرة الأولى في تاريخ الفكر الإنساني في كتابي :

Mathematik und physic ج2 فصل7
في صدد الكلام عن الصدفة والتصادف ، وهذا المعنى لا تؤتيني الألفاظ العادية للتعبير عنه لأن هذه الألفاظ ارتبطت بمفهوم السبب والنتيجة ، لهذا سنحاول أن نحدد المعنى عن طريق ضرب الأمثلة .
لنفرض أن أمامنا زهر النرد ونحن جلوس حول مائدة ، ومعلوم أن لكل زهر ستة أوجه ، فلنرمز لكل زهر بالوجه الأتي في كل من الزهرين :
لنفرض أن أمامنا زهر النرد ونحن جلوس حول مائدة ، ومعلوم أن لكل زهر ستة أوجه ، فلنرمز لكل زهر بالوجه الأتي في كل من الزهرين :

يك: دو: ثه: جهار: بنج: شيش
ل1:ل2:ل3:ل4: ل5: ل6 في زهر النرد الأول
ك1:ك2:ك3:ك4:ك5: ك6 في زهر النرد الثاني

وبما أن كل واحد من هذه الأوجه محتمل مجيئه إذا رمينا زهر النرد ، فإن مبلغ الاحتمال لهذه الأوجه يحدد معنى الصدفة التي نبحثها .
إن نسبة احتمال هذه الأوجه تابعة لحالة اللاعب بزهر النرد ، ولكن لنا أن نتساءل :
ما نسبة احتمال هذه الأوجه تحت نفس الشرائط ،فمثلا لو فرضنا أنه في المرة " ن" كانت النتيجة هي :
ل6xك6=شيشxشيش=دش
فما أوجه مجيء الدش في المرة (ن+س)؟
إذا فرضنا أن الحالة الاجتماعية هي "ح" كان لنا أن نخلص من ذلك بأن اللاعب إذا رمى زهر النرد (ن=س) من المرات وكان مجموعها مثلا 36 مرة فاحتمال مجيء الدش هنا في الواقع :1(ن+س)
وبما أن ق+س=36 مرة فكأن النسبة الاحتمالية هي 136 .
فإذا أتى الدش مرة من 36 مرة لما عد ذلك غريبا لأنه محتمل الوقوع ، ولكن ليس معنى ذلك أن الدش لابد من مجيئه لأن هذا يدخل في باب أخر قد يكون باب الرجم . وكلما عظمت مقدار "س" في المعادلة (ن+س) تحدد مقدار "ح" أي النسبة الاحتمالية وذلك خضوعا لقانون الأعداد العظمى في حسابات الاحتمال. ومعنى ذلك أن قانون الصدفة يسري في المقادير الكبيرة.
مثال ذلك أن عملية بتر الزائدة الدودية نسبة نجاحها 95% . أعني أن 95 حالة تنجح من 100 حالة ، فلو فرضنا أن مائة مريض دخلوا أحد المستشفيات لإجراء هذه العملية فإن الجراح يكون مطمئنا إلى أنه سيخرج بنحو 95 حالة من هذه العمليات بنجاح ، فإذا ما سألته : يا دكتور ما نسبة احتمال النجاح في هذه العملية ؟ فإنه يجيبك 95 في المائة ، ويكون مطمئنا لجوابه ، ولكنك إذا سألته : يا دكتور ما نسبة احتمال النجاح في العملية التي ستجريها لفلان ؟ فإنه يصمت ولا يجيبك ،لأنه يعجز عن معرفة النسبة الاحتمالية .
هذا المثال يوضح معنى قانون في أنها تتصل بالمقادير الكبيرة والكثرة العديدة ، ويكون مفهوم سنة الصدفة وجه الاحتمال في الحدوث، ويكون السبب والنتيجة من حيث هما مظهران للصلة بين حادثتين في النطاق الخاضع لقانون العدد الأعظم الصدفي حالة إمكان محض . ومعنى هذا أن السببية صلة إمكان بين شيئين يخضعان لقانون العدد الأعظم الصدفي ، فمثلا لو فرضنا أن الدش أتى مرة واحدة من 36 مرة أعني بنسبة 1:36 مرة ففي الواقع نحن نكون قد كشفنا عن صلة إمكان بين زهر النرد ومجيء الدش ، وهذا قانون لا يختلف عن القوانين الطبيعية في شيء .

إذا يمكننا أن نقول أن الصدفة التي تخضع العالم لقانون عددها الأعظم تعطي حالات إمكان . ولما كان العالم لا يخرج عن مجموعة من الحوادث ينتظم بعضها مع بعض في وحدات وتتداخل وتتناسق ثم تنحل وتتباعد لتعود من جديد لتنتظم….وهكذا خاضعة في حركتها هذه لحالات الإمكان التي يحددها قانون العدد الأعظم الصدفي ، ومثل العالم في ذلك مثل مطبعة فيها من كل نوع من حروف الأبجدية مليون حرف وقد أخذت هذه الحركة في الاصطدام * فتجتمع وتنتظم ثم تتباعد وتنحل هكذا في دورة لانهائية ، فلا شك أنه في دورة من هذه الدورات اللانهائية لابد أن يخرج هذا المقال الذي تلوته الأن ، كما أنه في دورة أخرى من دورات اللانهائية لابد أن يخرج كتاب "أصل الأنواع" وكذا "القرأن" مجموعا منضدا مصححا من نفسه ، ويمكننا إذن أن نتصور أن جميع المؤلفات التي وضعت ستأخذ دورها في الظهور خاضعة لحالات احتمال وإمكان في اللانهائية ، فإذا اعتبرنا (ح) رمزا لحالة الاحتمال و(ص) رمزا للنهائية كانت المعادلة الدالة على هذه الحالات :
ح=ص
وعالمنا لا يخرج عن كونه كتابا من هذه الكتب ، له وحدته ونظامه وتنضيده إلا أنه تابع لقانون الصدفة الشاملة .
يقول ألبرت أينشتاين صاحب نظرية النسبية في بحث قديم له :
" مثلنا إزاء العالم مثل رجل أتى بكتاب قيم لا يعرف عنه شيئا ، فلما أخذ في مطالعته وتدرج من ذلك لدرسه وبان له ما فيه من أوجه التناسق الفكري شعر بأن وراء كلمات الكتاب شيئا غامضا لا يصل لكنهه ، هذا الشيء الغامض الذي عجز عن الوصول إليه هو عقل مؤلفه ، فإذا ما ترقى به التفكير عرف أن هذه الأثار نتيجة لعقل إنسان عبقري أبدعه. كذلك نحن إزاء العالم ، فنحن نشعر بأن وراء نظامه شيئا غامضا لا تصل إلى إدراكه عقولنا ، هذا الشيء هو الله "
ويقول السير جيمس جينز الفلكي الإنجليزي الشهير :
" إن صيغة المعادلة التي توحد الكون هي الحد الذي تشترك فيه كل الموجودات . ولما كانت الرياضيات منسجمة مع طبيعة الكون كانت لنابه. ولما كانت الرياضيات تفسر تصرفات الحوادث التي تقع في الكون وتربطها في وحدة عقلية فهذا التفسير والربط لا يحمل إلا على طبيعة الأشياء الرياضية ، ومن أجل هذا لا مندوحة لنا أن نبحث عن عقل رياضي يتقن لغة الرياضة يرجع له هذا الكون ، هذا العقل الرياضي الذي نلمس أثاره في الكون هو الله "

وأنت ترى أن كليهما " والأول من أساطين الرياضيات في العالم والثاني فلكي ورياضي من القدر الأول" عجز عن تصور حالة الاحتمال الخاضعة لقانون الصدفة الشاملة والتي يتبع دستورها العالم ، لا لشيء إلا لتغلب فكرة السبب والنتيجة عليهما .

الواقع أن أينشتين في مثاله انتهى إلى وجود شيء غامض وراء نظام الكتاب عبر عنه بعقل صاحبه ( مؤلفه) والواقع أن هذا احتمال محض ، لأنه يصح أن يكون خاضعا لحالة أخرى ونتيجة لغير العقل ، ومثلنا عن المطبعة وحروفها وإمكان خروج الكتب خضوعا لقانون الصدفة الشامل يوضح هذه الحالة. أما ما يقول السير جيمس جينز فرغم انه أخطأ في اعتباره الرياضة طبيعة الأشياء لأن نجاح الوجهة الرياضية في ربط الحوادث وتفسير تصرفاتها لا يحمل على أن طبيعة الأشياء لأن نجاح الوجهة الرياضية في ربط الحوادث وتفسير تصرفاتها لا يحمل على أن طبيعة الأشياء رياضية بل يدل على أن هنالك قاعدة معقولة تصل بينه وبين طبيعة الأشياء . فالأشياء هي الكائن الواقع والرياضيات ربط ما هو واقع في نظام ذهني على قاعدة العلاقة والوحدة . وبعبارة أخرى أن الرياضيات نظام ما هو ممكن والكون نظام ما هو واقع ، والواقع يتضمنه الممكن ، ولذلك فلواقع حالة خصوصية منه . ومن هنا يتضح أنه لا غرابة في انطباق الرياضيات على الكون الذي نألفه بل كل الغرابة في عدم انطباقها لأن لكل كون رياضياته المخصوصة ، فكون من الأكوان مضبوط بالرياضيات شرط ضروري لكونه كونا .
من هنا يتضح أن السير جينز انساق تحت فكرة السبب والنتيجة كما انساق أينشتين إلى التماس الناحية الرياضية في العالم وهذا جعلهما يبحثان عن عقل رياضي وراء هذا العالم وهذا خطأ لأن العالم إن كان نظام ما هو واقع خاضعا لنظام ما هو ممكن فهو حالة احتمال من عدة حالات والذي يحدد احتماله قانون الصدفة الشامل لا السبب الأول الشامل .

خاتمة

إن الصعوبة التي أرى الكثيرين يواجهونني بها حينما أدعوهم إلى النظر إلى العالم مستقلا عن صلة السبب والنتيجة ،وخاضعا لقانون الصدفة الشامل ترد إلى قسمين :

الأول : لأن مفهوم هذا الكلام رياضي صرف ومن الصعب التعبير في غير أسلوبها الرياضي ، وليس كل إنسان رياضي عنده القدرة على السير في البرهان الرياضي .
الثاني : أنها تعط العالم مفهوما جديدا وتجعلنا ننظر له نظرة جديدة غير التي ألفناها . ومن هنا جاءت صعوبة تصور مفهوماتها لأن التغير الحادث أساسي يتناول أسس التصور نفسه .
ولهذه الأسباب وحدها كانت الصعوبة قائمة أمام هذه النظرة الجديدة ومانعة الكثيرين الإيمان بها .
أما أنا شخصيا فلا أجد هذه الصعوبة إلا شكلية ، والزمن وحده قادر على إزالتها ، ومن هنا لا أجد بدا من الثبات على عقيدتي العلمية والدعوة إلى نظريتي القائمة على قانون الصدفة الشامل الذي يعتبر في الوقت نفسه أكبر ضربة للذين يؤمنون بوجود الله .

[SIZE=5]إسماعيل أحمد أدهم .



لماذا أنا ملحد؟ - حمدي - 12-20-2006

رجعت للدفاتر العتيقة؟


لماذا أنا ملحد؟ - الزعيم رقم صفر - 12-20-2006

اهلا العلمانى

نورت ساحة بحر الظلمات او كما يحب رواد الاجتماعيه وصفها بانها المكان المخصص لمتخلفى الحوار الدينى

على اية حال

اهلا العلمانى


لماذا أنا ملحد؟ - العلماني - 12-21-2006

اقتباس:  الزعيم رقم صفر   كتب/كتبت  
اهلا العلمانى  

نورت ساحة بحر الظلمات او كما يحب رواد الاجتماعيه وصفها بانها المكان المخصص لمتخلفى الحوار الدينى  

على اية حال  

اهلا العلمانى

"الظلمات ؟!!! يا لطيف اللطف يا رب" ...

(f)


لماذا أنا ملحد؟ - الزعيم رقم صفر - 12-21-2006

اقتباس:  العلماني   كتب/كتبت  
اقتباس:  الزعيم رقم صفر   كتب/كتبت  
اهلا العلمانى  

نورت ساحة بحر الظلمات او كما يحب رواد الاجتماعيه وصفها بانها المكان المخصص لمتخلفى الحوار الدينى  

على اية حال  

اهلا العلمانى

"الظلمات ؟!!! يا لطيف اللطف يا رب" ...

(f)

[CENTER]ايه اللى جابك هنا يا مرزوووق[/CENTER]


لماذا أنا ملحد؟ - كمبيوترجي - 12-21-2006

تحياتي يا علماني

هل "لماذا أنا مُلحد؟" كتاب أم مقال صحفي؟

(f)


لماذا أنا ملحد؟ - الفاضل الادريسي - 12-21-2006

في مساء الثالث والعشرين من شهر يوليو عام 1940م وجدت جثة "إسماعيل أدهم" طافية على مياه البحر المتوسط، "وقد عثر البوليس في معطفه على كتاب منه إلى رئيس النيابة يخبره بأنه انتحر لزهده في الحياة وكراهيته لها، وأنه يوصي بعدم دفن جثته في مقبرة المسلمين ويطلب إحراقها"(1) !! فمن هو إسماعيل هذا الذي آثر هذه النهاية المروعة ؟ !

يقول عنه صاحب الأعلام : "إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم باشا أدهم: عارف بالرياضيات، له اشتغال بالتاريخ، ولد بالإسكندرية وتعلم بها، ثم أحرز الدكتوراه في العلوم من جامعة موسكو عام 1931، وعين مدرساً للرياضيات في جامعة سان بطرنسبرج، ثم انتقل إلى تركيا فكان مدرساً للرياضيات في معهد أتاتورك ! بأنقرة ، وعاد إلى مصر سنة 1936 فنشر كتاباً وضعه في "الإلحاد" وكتب في مجلاتها، أغرق نفسه بالإسكندرية منتحراً"(2)

قلت: تأثر إسماعيل أدهم بالمد الشيوعي الإلحادي بسبب إدمانه قراءة إنتاج القوم حتى علقت أفكارهم بعقله وتمكنت من قلبه ؛ فألف إثر ذلك –كما سبق- رسالة سماها "لماذا أنا ملحد؟"(3) ! جاء فيها: قوله عن نفسه: "أسست جماعة لنشر الإلحاد بتركيا، وكانت لنا مطبوعات صغيرة أذكر منها: ماهية الدين، وقصة تطور الدين ونشأته… وبعد هذا فكرنا في الاتصال بجمعية نشر الإلحاد الأمريكية، وكانت نتيجة ذلك تحويل اسم جماعتنا إلى المجمع الشرقي لنشر الإلحاد"(4) .

وقد رد على رسالته هذه: الدكتور أحمد زكي أبو شادي برسالة عنوانها: "لماذا أنا مؤمن؟"(5). ورد عليها: محمد فريد وجدي بمقالة عنوانها "لماذا هو ملحد؟"(6)

انتحر إسماعيل مظهر وله من العمر تسعة وعشرون سنة؛ أي في ريعان شبابه، فكانت نهايته نهاية مأساوية لشاب مسلم موهوب، قال عنه الأستاذ أحمد حسن الزيات : "كان شديد الذكاء.. واسع الثقافة"،(7) وقال عنه الأستاذ محمد عبد الغني حسن بأنه صاحب "ذهن متوقد لامع"(8) كان الأول على دفعته في البكالوريا(9)، ثم حاز الدكتوراه وألّف مؤلفات كثيرة، ودرّس، وكان يحسن التحدث بست لغات(10)، كل هذا وهو في هذا العمر الصغير.. إلا أنه بعدها اختار الكفر على الإيمان، وتدرج في مهاوي الضلال إلى أن وصل إلى آخر دركاته وهي الإلحاد –والعياذ بالله- لتكون خاتمته في تكلم الجثة الطافية على مياه البحر آيةً لمن خلفه من شباب الإسلام النابهين أن لا يفتروا بذكائهم ومواهبهم، فيخوضوا –لأجلها- ذات اليمين وذات الشمال واثقين –زعموا!- من أنفسهم، معرضينها للفتن والإنسلاخ من الدين؛ إما بإدمانهم العكوف على كتب أهل الضلال والحيرة والشك كشأن أدهم، أو بمصاحبتهم وألفتهم ومن يشككهم في دينهم ويهون عليهم الطعن فيه أو التحير من بعض شرائعه، مجانبين في ذلك أهل الإيمان ساخرين من نصائحهم، لازمينهم بالتحجر وضيق الأفق!، ومبتعدين رويداً رويداً عن الصراط المستقيم؛ خشية أن يقول قائلهم –ولو بعد حين- : "لقد خضت البحر الخضم، وخليت أهل الإسلام وعلومهم، ودخلت في الذين نهوني عنه، والآن فإن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لي.." (11) !

وإسماعيل أدهم مجرد أنموذج سقته للإعتبار بحاله حيث ارتد على دبره بعدما جاءه الهدى واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وإلا فإن الأمثلة من تاريخنا القديم والحديث معلومة مشهورة .

فمن القديم مثلاً: ابن الراوندي الملحد الذي انتهى حاله إلى أن ألف كتاباً سماه "الدامغ" يزعم أنه يدمغ به القرآن !! دمغه الله. فهذا الرجل ذكر المؤرخون عنه أنه "كان في أول أمره حسن السيرة، كثير الحياء، ثم انسلخ من ذلك"(12) وذكروا –أيضاً- شيئاً من ذكائه وعقله، ولكن كما قال الذهبي في ترجمته "لعن الله الذكاء بلا إيمان، ورضي الله عن البلادة من التقوى"(13)!

والذي يهمنا من ترجمته هو قول الذهبي عنه : "كان يلازم الرافضة والملاحدة، فإذا عوتب قال: إنما أريد أن أعرف أقوالهم"(14) !! فكان نهاية هذا التهاون في الجلوس مع المبتدعة والملحدين أن أصبح واحدًا منهم، بل أجرأ على حرمات الله.

ومن الأمثلة المعاصرة : عبد الله القصيمي ، وحاله معلومة للكثيرين.

ومنها: الشاعر الكويتي فهد العسكر. فقد ذكر صاحبه عبد الله الأنصاري عنه أنه: "شب متديناً، يؤدي الصلاة مع والده في المسجد، ويحافظ على أدائها مع والده في كل فرض من الفروض، حتى صلاة الفجر، فقد كان والده يأخذه معه إلى المسجد وهو صغير السن؛ إلى أن تشرب الدين في عروقه ودمه"(15) ثم أصبح مؤذناً بعد ذلك(16). لكنه بعدها –كما يقول صاحبه الأنصاري- "أغرق في القراءة، واستمر في الإطلاع على مختلف الآراء والأفكار الأدبية والإجتماعية والسياسية… إلى أن تحول تحولاً كليًا في تفكيره، وفي نظرته إلى الحياة، وإلى بعض التقاليد والعادات الموروثة (17) ؛ ثم أخذ يتعاطى الخمرة التي تغزل بها كثيرًا في شعره، وهكذا، إلى أن أصبح منعزلاً في أفكاره وآرائه عن بيئته المتدينة، وعن المجتمع المحافظ" (18) .

قلت: فنصحه أهله وأقاربه وزجروه عن هذا المسلك المهلك، ولكنه أبى واستكبر، فهجروه واعتزلوه ونبذوه، فلزم العزلة والإنزواء ومعاقرة الخمر مع من هم على (مشربه) إلى أن أصابه الله بالعمى وهلك غير مأسوف عليه. وبعد وفاته لم يصل عليه أحدٌ من أهله (19)، وقاموا بحرق ما وجدوا من أشعاره التي تنضح بالكفر والاعتراض على شرع الله والاستخفاف بشعائره (20).

وسأورد أبياتًا له تدل على ذلك؛ لتعلم حال الرجل، وتعذر أهله وأقاربه على ما قاموا به . يقول العسكر (21):


ليلة ذكرياتها ملء ذهني ***** وهي في ظلمة الأسى قنديلي

ليلة لا كليلة القدر بل ***** خير وخيرٌ والله من ألف جيل

أنا ديني الهوى ودمعي نبيي ***** حين أصبو ووحيه إنجيلي



هذه كما قلت مجرد أمثلة للناكصين على أعقابهم بعد أن أبصروا الطريق، ممن قال الله فيهم { وما كان الله ليضل قومًا بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون } وقال { إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم } .

ومعرفة أسباب هذا الزيغ الذي يصيب قلوب البعض يحتاج إلى دراسة متعمقة تغور في تلك النماذج وما يماثلها لتستخرج أسبابًا مشتركة بينها؛ لكي توجد الحلول المناسبة الواقية من ذلك –بإذن الله-، فلعل الله ييسر من يقوم بذلك؛ لأهميته القصوى، لاسيما في زماننا هذا زمان المتغيرات. ويحضرني من ذلك على عجالةِ: أنني تلمحت في أحوال كثير من الزائغين ممن يمر بي ذكرهم فوجدتهم لا يخطئون واحدة من هذه الصفات:

1- الذكاء غير المنضبط بضوابط الشرع ، مما يجعل صاحبه يقتحم المهالك بدعوى الثقة في النفس !
2- الكِبر والإعجاب بالنفس، فتجد (الأنا) متضخمة عند هذا الصنف من الناس قبل زيغه. ومما يذكر عن القصيمي مثلاً أنه كان إذا ألف كتابًا ابتدأه بقصيدة له يثني فيها على نفسه وقدراته !
3- الشذوذ ومحبة تتبع الغرائب والنوادر قبل زيغه، كل هذا طلبًا (للشهرة) و(التميز).
4- التهاون في الجلوس مع المنحرفين فكرياً، بدعوى "الاستفادة" أو "الإطلاع" ! و"الصاحب ساحب" كما قيل. ورحم الله الأوزاعي لما قيل له إن فلاناً يقول: أنا أجالس أهل السنة وأجالس أهل البدع. قال: هذا رجل يريد أن يساوي بين الحق والباطل"(22)
5- عدم إخلاص النية في سلوك طريق الهداية، وإنما كان السلوك مشوباً بالمقاصد الدنيوية أو المجاملات التي سرعان ما تختفي مع طول الطريق الذي لن يصبر عليه إلا المخلصون.
6- عدم اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الإكثار من قول "اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك".

السياج الذي أقامه السلف :
لقد تنبه السلف لخطورة هذا الأمر الذي يُفسد قلوب ناشئة المسلمين، فلهذا جعلوا بينهم وبينه سياجاً واقياً استنبطوه من النصوص الشرعية (23)، يتضمن النهي عن مخالطة أهل البدع والإنحراف والبعد عن شبهاتهم وإنتاجهم (24) ؛ خشية أن يعلق شيء منها بقلب ضعيف فيتأثر به ويتشربه، فأعادوا وأكثروا حول هذا الموضوع في مصنفاتهم ومروياتهم نصحاً لأبناء المسلمين، فلا تكاد تجد مؤلفاً في العقيدة السلفية إلا ويتضمن فصولاً أو أبواباً في التحذير من أهل الزيغ والتنفير منهم ومن مسلكهم وإعراضهم عن الكتاب والسنة إلى زبالات البشر (25).

فمن ذلك: قول ابن عباس –رضي الله عنهما- : "لا تجالس أهل الأهواء؛ فإن مجالستهم ممرضة للقلب" (26).

ومن ذلك: قول عمرو بن قيس الملائي: "كان يُقال: لا تجالس صاحب زيغ فيزيغ قلبك"(27)

ومن ذلك: قول الإمام أحمد وقد ذُكر عنده أهل البدع: "لا أحب لأحد أن يجالسهم ولا يخالطهم ولا يأنس بهم، وكل من أحب الكلام لم يكن آخر أمره إلا إلى بدعة؛ لأن الكلام لا يدعو إلى خير، عليكم بالسنن والفقه الذي تنتفعون به، ودعوا الجدال وكلام أهل البدع والمراء"(28) وذكر في مسنده –رحمه الله- حديث الدجال وقول النبي صلى الله عليه وسلم عنه: "من سمع بالدجال فلينأ عنه، فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فما يزال به بما معه من الشُبه حتى يتبعه"(29) فقس هذا –رعاك الله- بحال من يجالس أهل البدع والزيغ ويتضلع من كتبهم مدعياً أنه يثق بنفسه !! ساخرًا من تحذيرات أهل الإسلام.

فالسلف – رحمهم الله – نظروا إلى العلوم بهذه القسمة :
1 – العلم الشرعي النافع ؛ وهو علم الكتاب والسنة وما تفرع عنهما . وهو ماوردت النصوص بمدحه ومدح أهله،وذكر أجره العظيم لمن خلصت نيته .
2 – العلم ( الدنيوي ) المباح النافع ؛ كعلوم الزراعة والهندسة والصناعة ونحوها . وهذا العلم كلأ مباح لأهل الأرض كلهم ، هم شركاء فيه ، ومن بذل أسبابه حصله . كما قال تعالى { كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك } .
3 – العلم الضار ؛ وهو الذي لا نفع فيه في الدنيا ولا في الآخرة ، بل سيكون وبالاً على صاحبه ، وإن توهم البعض من المخدوعين خلاف ذلك ؛ كالسحر والتنجيم وعلم الكلام والفلسفة ونحوها . ومثله في زماننا : الكتابات الفكرية المنابذة للنصوص الشرعية .

والموفق لهذا التقسيم من وفقه الله .

نسأل الله أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يثبتنا على الحق إلى أن نلقاه، وأن يهب لمتفوقي المسلمين الزكاء بعد أن من عليهم بالذكاء، فيكونوا قرة عين لأمتهم ، والله الموفق لكل خير .

[B]كتبه : سليمان بن صالح الخراشي
1423هـ



لماذا أنا ملحد؟ - Hajer - 12-21-2006

http://www.nadyelfikr.net/viewthread.php?f...id=70&tid=44124




لماذا أنا ملحد؟ - إبراهيم - 12-21-2006

الجميل أن الدكتور أحمد زكي أبو شادي كان رجل مسلم معتدل وروحه الإيمانية من أجمل ما خرج وكانت تربطه علاقة قوية بالدكتور إسماعيل أدهم. هذا مؤمن يتحاور مع ملحد والملحد يتحاور مع مؤمن وبتفهم عميق وتقدير مخلص لكليهما البعض. قريبا تخرج الأعمال الكاملة للدكتور إسماعيل أدهم للنور وبها مكاتباته مع العملاق الرائع الدكتور أحمد زكي أبو شادي رجل الحس الإنساني الصادق المرهف.


لماذا أنا ملحد؟ - بهاء - 12-22-2006

اقتباس:  كمبيوترجي   كتب/كتبت  
تحياتي يا علماني

هل "لماذا أنا مُلحد؟" كتاب أم مقال صحفي؟

(f)

كومبيوترجى - لماذا انا ملحد , هى رسالة أو فصل من كتاب ( مصادر التاريخ الأسلامى ) .. أعتقد ان هذا الأسم !

نشرها اسماعيل أدهم فى مقال صحفى فى الثلاثينات فى جريدة ( لا اذكر اسمها )


أعتقد انها أعيد نشرها على هيئة مبحث أو كتيب منفصل (f)