حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
المغرب والمشرق.. سلطان المركز وطموحات الأطراف -واسيني الأعرج - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: قــــــرأت لـك (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=79)
+---- المنتدى: مواضيـع منقــولة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=25)
+---- الموضوع: المغرب والمشرق.. سلطان المركز وطموحات الأطراف -واسيني الأعرج (/showthread.php?tid=13689)



المغرب والمشرق.. سلطان المركز وطموحات الأطراف -واسيني الأعرج - skeptic - 11-29-2006

[CENTER]التأسيس الروائي المغاربي.. سلطان المركز وطموحات الأطراف[/CENTER]

هل هناك مركزية مشرقية?


علاقات التأسيس مشرق - مغرب, التي تحكمت في صيرورة الكثير من الأجناس الأدبية انهارت اليوم وحل محلها شيء آخر تحكمه السهولة, سهولة الرفض وسهولة القبول وسهولة الحكم والصراعات الوهمية لأنها في الأصل مبنية على سوء معرفة للذات الواحدة في تعددها وتنوعها. فالنكران المتزايد داخل الثقافة الواحدة لا يؤدي إلا إلى مزيد من التشرذم والانغلاق. فعلى الثقافة العربية أن تتنبه للوضع الصعب الذي تعيشه في كليتها وليس في أجزائها. هناك حالة قلق دائم نحس بها أينما حللنا في الوطن العربي ومورثة لآلام عميقة وجروحات صامتة. ما هو الوضع الاعتباري للثقافة في الوطن العربي اليوم? البلدان المغاربية في هذا لا تملك أي امتياز بل هي جزء من المشهد الدرامي العام. فالساحة الثقافية العربية تشهد اهتزازات وارتجاجات كبيرة سياسية وثقافية أربكت كل شيء بحيث نتساءل اليوم إذا كان ما يزال في المركز ما يؤهله لأن يكون مركزا وإذا كانت الأطراف أطرافا حقيقية في تمايزها وتجاذبها? أما يزال المركز منتجا للفعل القومي بالمعنى السياسي والنضالي وفاعلا فيه? أم أنه صار في عمق الهامش وفي صلب الخطاب الأجوف الذي يغطي العورة أكثر مما يكشف عن الجرح الحقيقي? أما يزال المركز يمتلك المبادرة في الإبداع والخلق والسياسة وقلب الموازين? أم أصابه ما أصاب الأمة العربية في عمقها وفي أطرافها? فالمركز صار جزءا من الأطراف الممزقة التي تدور كلها حول نفس الفلك الكبير: المركز الغربي الذي ينشئ المعرفة ويقولبها ونستهلكها نحن من خلال الوسائط الإعلامية الحديثة بوعي بها أو بآلية. قد لا يكون هذا التفكك واضمحلال المركز سيئا, فهو يمنح الأطراف المنسية حق التصدر في الواجهة وإنتاج معرفتها الخاصة وفرضها على المركز أو ما تبقى منه. لقد تفكك المركز الشرقي ولم يعد له وجود إلا بالمعنى الأسطوري Dans le sens mythique فقد تشظى بدوره إلى مجوعة جزر صغيرة, الدائرة المصرية المتفردة بحكم تاريخها العريق وضخامة منتوجها والدائرة الشامية التي تضم لبنان وسوريا وفلسطين والأردن والفاعلة ثقافيا وتجاريا وإعلاميا والدائرة الخليجية الغنية بمواردها ومبدعيها الذين تناساهم المركز مدة طويلة من الزمن والدائرة المغاربية التي تحاول أن تنشئ عالما تتفادى فيه تفاقمات الاغتراب الثقافي. كلها مجرات صغيرة يعتمل في داخل كل واحدة منها وبشكل غير مرئي سلطان الإبداع مشفوعا بسلطان الهيمنة الداخلية, في إنصات دائم إلى المركز الكبير (الغربي) الذي يغذيها من حين لآخر بأسماء هو اختارها لأهداف ليست دائما أدبية لم يكتب لها أن تنشأ في المركز العربي أو في أطرافه: مثلا رواية أهداف سويف خريطة الحب The map of love المنشورة بالإنجليزية في 1999 والتي وصلت إلى نهائيات جائزة البوكرز Bookers prize, فرضها المركز الغربي ولم يفرضها المركز الشرقي الذي صار في الكثير من عناصره تابعا للسلطان الإعلامي للغرب. أمين معلوف والطاهر بن جلون رسخهما الاهتمام الغربي وفرضهما على السوق العربية بعد حصولهما على الجائزة الكبرى للجنكور Goncourt الفرنسية, ولولا ذلك لظلا كاتبين متواضعين, في دائرة ضيقة لا تتعدى المحليات الداخلية والقطرية. محمد أركون أقصته الجامعة العربية والمركز المتهالك والأطراف القاصرة, لتحرر فكره واستقبلته الجامعة الغربية, ففتحت أمامه أبواب البحث والتأمل, وهذا الاهتمام الكبير من طرف المركز هو الذي دفع إلى ترجمته باللغة العربية وعودته إلى ما تبقى من المركز الشرقي والأطراف الأخرى. ألسنا نعيد اليوم نفس الضعف إلى الواجهة الذي دفع بنا إلى التنكر لفلسفة ابن طفيل ولاجتهادات ابن رشد ولتاريخ ابن خلدون قبل أن يفتح الغرب لنا أعيننا عليهم بالشكل الذي يشاء وفي الوقت الذي يشاء وداخل مساحات النقاش التي حددها سلفا? مجرد سؤال سيظل معلقا مدة طويلة, لا أعتقد إقصاء المركز الشرقي أو نكران المحيط المغاربي يحله.



من غير المجدي اليوم التكرار بأن العلاقات الثقافية بين المشرق والمغرب مسألة حيوية في صلب الثقافة العربية التي لا يمكنها أن تتجدد وتتطور إلا داخل مجموعة من العلاقات الصحية بين طرفي الثقافة الواحدة, فالمسألة صارت محسومة ونكرانها دليل على محدودية في الفكر والرؤية المستقبلية. المشرق عمق ثقافي وحضاري للثقافة المغاربية, والمغرب رافد مهم من روافد الثقافة العربية في غناها وتعددها وانفتاحها على الآخر الذي يشكل اليوم رهانا صعبا في كيفيات التعامل معه. لكن داخل هذه الثوابت الطبيعية تعتمل تناقضات حادة غير مرئية تشل المبادرات وتشتت المجهود الثقافي بسبب سوء الفهم أو بكل بساطة بسبب عقليات منكسرة لاتزال تحت ضغط مقولة بضاعتنا ردت إلينا. وهي المقولات نفسها التي أفقدتنا المبادرة الثقافية والفلسفية والفكرية منذ القرن العاشر ورهنت مجهودات ابن رشد وابن خلدون في زاوية الضيق والإهمال إلى أن نبهنا الغرب إلى جدواها.

ربما انتحت هذه الدراسة منحى الملاحظة والتأمل ومحاولة الفهم من خلال أمثلة حية على حساب القراءات الجاهزة. فإذا كانت عوائق الاستعمار والتاريخ والجغرافيا من مسببات سوء الفهم بين المشرق والمغرب, فقد تسطح العالم اليوم وقلت النتوءات والمبررات التي كانت موجودة سابقا وكانت تمنع هذا التواصل من أن يكون فاعلا في رحم الثقافة العربية ومحددا لمسالكها المستقبلية. فلا تكفي العلاقة الثقافية المزكاة سياسيا عند الحاجة في غياب استراتيجية فعلية تدفع بنا إلى استغلال الإمكانات المتوفرة بشكل كامل. فمازلنا إلى اليوم نكرر نفس مقولات المركز والأطراف-أو المحيط-على حد سواء, التي لا تعمل إلا على تحجيم المجهود وإدخاله في حروب هامشية هي دليل على هزائم داخلية حقيقية أكثر منها دليلاً على تأمل وفكر حقيقيين.

في سنة 1957 بادر طه حسين وفي طفرة نوعية واستثنائية إلى تقديم رواية السد للكاتب والمفكر التونسي التأسيسي محمود المسعدي, بعد صدورها بسنتين بالكلمات التالية معترفا لها بالجودة في فكرها وبنائها: (أريد أن أنتقل اليوم بقراء هذا الحديث من مصر ومن أدبائها وكتابها إلى وطن عربي آخر لا نكاد نعرف عن حياته الأدبية شيئا ذا بال لأن ظروف السياسة حالت بيننا وبين الاتصال الدقيق والمنظم به وبأدبه آمادا طويلة وهو تونس... فلم تكن كتب التونسيين تصل إلينا من طريق مباشر إلا نادرا ولم تكن كتبنا وآثارنا الأدبية تبلغ تونس إلا مهربة إلى أهلها عن طريق فرنسا نفسها وربما جاء تونسي كريم إلى مصر يحمل إليها بعض الآثار التونسية وعاد إلى وطنه ببعض الآثار المصرية... إن هذا الأديب التونسي قد تثقف بالأدب العربي كأحسن ما تكون الثقافة, ثم أتم دراسته في فرنسا فأتقن العلم بالأدب الفرنسي كل الإتقان). ونشأ من وراء هذه المقالة نقاش عال بين الكاتبين. فرد المسعدي على ذلك في مقال له في مجلة الفكر التونسي قبل أن يرد عليه من جديد طه حسين في جريدة الجمهورية بين فيه موقفه من التأثيرات الفلسفية التي تحكمت في عمل المسعدي. لا يوجد أي إشكال فيما قاله طه حسين الذي بين الصعوبات والمشاق المضنية للحصول على الكتاب المغاربي في فترة استعمارية قاسية حالت دون تواصل الاخوة والثقافة الموحدة بعنصر اللغة على الأقل. كما لا توجد أية نية مسبقة من كلام قيل منذ أكثر من نصف قرن, لا يزال في معناه التاريخي الجوهري قائما وكأنه قيل اليوم. لكن الإنسان المتبصر الذي يحاول أن يتجاوز الشكل العاطفي للعلاقة باتجاه تأمل ميكانزمات اشتغالها سيكتشف أننا أمام حالة تجسد من الناحية الرمزية جوهر انبناء العلاقة بين المركز والمحيط الذي لم تتخلص منه عقلية الخمسينيات على الرغم من عمقها العربي والقومي. في كلتا حالتي الاتصال بين المشرق والمغرب والبحث عن الكتاب, كما يظهر جليا من مقالة طه حسين, فالتونسي (المحيط) هو الذي يأتي بالكتاب التونسي نحو طه حسين (المركز) وهو الذي يذهب بالكتاب المصري إلى تونس لإشاعته على الآخرين. العلاقة, كما يتبدى ذلك من حديث عميد الأدب العربي أحادية الجانب ولو في غياب صريح للوعي بها. هذه الأحادية هي التي ستتحكم في عقلية المركز اللاواعية وهي التي توجهه وتبرر مركزيته وسلطانه. ربما لم نأخذ من مبادرة طه حسين إلا جانبها السلبي لكن المشكلات الثقافية في مثل هذه الحالة تحددها طبيعة العلاقة, والعلاقة هنا مختلة في جوهرها لأنها ستتوقف عند حدود مبادرة أو مبادرتين جاءت بهما الصدفة الطيبة ولن تصبح فعلا ثقافيا مدركا لجدوى ترميم النقص وصهر كل المجهودات الثقافية العربية في سياق كبير وموحد لا يلغي الاختلافات والتمايزات ولا يؤخذ مطلقا كولاءات لمركز على الرغم من أهميته, ليس هو السيد المطلق للإبداعية والشعرية المتمايزة. بمعنى مختزل, لم يُنظر لهذا التمايز المغاربي مثلا ضمن أفق استراتيجية متأمَّلة ومحكمَة تدفع بالباحث أو المفكر في المركز إلى تجاوز فلتة النص الواحد لتفادي عقدة الضمير تجاه الأخ الكامل بالمعنى اللغوي والتاريخي والحضاري. إلى اليوم, يحدث مثل هذا السلوك, مع الفارق العلمي والتاريخي. يحدث مرارا أن تلتقي في ندوة أو ملتقى بأخ مشرقي, سمع عنك وعن أعمالك الأدبية (سمع ولم يقرأ) ولكن الظروف وقلة الوقت وثقل حركة الكتاب بين بلدان المشرق والمغرب لم تسمح له بالاطلاع عليها, فتمنح له أنتَ ما تيسر لديك بسعادة غامرة. ثم تستغل فرصة الندوة التي جمعتك به وتحادثه عن أعماله, أو عن آخر مقالة نشرها وعن بنيات رواياته وتحولاتها وتنتظر رد فعله ولكنه يهز رأسه وينسحب وكأن المسألة تحصيل حاصل وتدخل في طبيعة الأشياء الجبرية إذ من غير المعقول تجاهل أدب المركز وعدم معرفته. حالة تكاد تكون لاشعورية تتجلى لدى الطرفين, المركز والمحيط, وهي التي تتحكم في طبيعة العلاقة التي تعيد إنتاج تكافؤاتها المختلة جوهريا. هذه الأمثلة البسيطة لا تعني مطلقا تسيد القطيعة بين طرفي المعادلة في عالم عربي على الرغم من تمزقاته السياسية وانكساراته المستمرة, ما تزال تقاطعاته كثيرة ولغته العربية واحدة. لغة, على الرغم من تنوعاتها المحلية, فهي تؤكد على وجود غنى مستمر ومتنامٍ يحتاج فقط إلى من يتأمله ويصنع من تناقضاته واختلالاته مادة للمعرفة والتقدم بمنأى عن عقلية المخزن الثقافي الذي يقصي التنوع بحجة التفرقة وخارج سلطان المركز الذي لم تتسع رؤيته إلى اليوم لكي يرى جروحات جسده والبتر الصادي lamputation sadique الذي مارسه ضد نفسه طوال الحقب الماضية والذي يستحق لوحده أن يكون موضوعا للدراسة.

بين المركز والمحيط:

من هنا, يجب أن لا ننكر أننا أمام وضع تحدده طبيعة العلاقة القائمة على ثنائية المركز والمحيط أو الأطراف Le centre et la pہriphہrie التي تكسر الثقافة الواحدة ولا تسمح لها بالانطلاق والتطور أو تدفع بها إلى اكتفاءات ذاتية من دون التفكير في الشرطية العامة التي تبرر وجودها الحضاري. فهذه الثنائية وإن بدت عليها بعض علامات الاستقرار, سرعان ما ترتبك في نظمها وثوابتها. فالمركز بحكم طبيعته الاستراتيجية والتكوينية يمارس هيمنة وطغيانا كبيرين ولا يُظهر إلا ما تبدى عن المركز وما سواه لا يدخل في الحسبان. إذا أراد الكاتب المغاربي مثلا أن يُقرأ في المشرق ويُعرف, عليه أن يبقى على تماس بالمركز. لا توجد قناة ثالثة سوى النشر داخل دوائر المركز كالقاهرة ودمشق وبيروت وإلا فستظل كتاباته في الأغلب الأعم في مكتبات الوطن الواحد. قد يبدو على ما نقوله بعض التسرع, إذ يمكن أن يقول قائل إن المشكل يطرح كذلك في بلدان مسماة على المركز وهي لا تستفيد مطلقا من سلطانه. الأدب الخليجي مثلا? هذا صحيح ولكن المشكلة في البلدان المغاربية تطرح بشكل أكثر تعقيدا لابتعادها عن تجاذبات المركز ولهيمنة الفكرة التقليدية أن سلطان اللغة الفرنسية في هذه البلدان كسر اللغة العربية وحطم ألقها.

حينما نتكلم عن مركز شرقي وعن أطراف مغاربية ندرك سلفا أن سلطان هذه العلاقة ينام على أرض رجراجة ومتحركة. فالمركز نفسه عندما نتأمله عميقا, يتقلص إلى مركز المركز ومحيطه لتصبح فيه مصر مثلا, بحكم التاريخ الثقافي العربي مركزا بينما البقية مجرد حواشٍ محيطة. من هنا نعرف اليوم كثيرا عن الأدب المصري مثلا وقليلا عن أدب الأطراف القريبة من المركز كلبنان وسوريا ونكاد لا نعرف شيئا عن أدب الأطراف البعيدة كالأدب الخليجي مثلا, الكويتي السعودي البحريني وحتى العراقي, فالمركز حتى في هذه الحالة يمارس هيمنته على أطرافه القريبة ويهمشها فماذا عن الأدب المغاربي الذي يتبدى من خلال هذه المعادلة المتحولة كأدب للأطراف البعيدة? فالتجاذب تجاه المركز عندما يقل, يكثر سوء التفاهم والإقصاء المتبادل والميل نحو التمركز وتضخم الذات. فيخلق الأدب المغاربي نفسه أطرافه وحواشيه بحيث تبدو فيه موريتانيا وليبيا أقل حظا من حيث الاهتمام بالقياس إلى المغرب والجزائر وتونس على الرغم من أن البلدين يتبطنان مواهب كبيرة واستثنائية.

نحن أمام حالات انقلابية مستمرة على أرض غير قارة, قد يصبح فيها المركز نفسه محيطا مهتزا أمام مركز مهيمن وكبير, تحديدا أمام الآلة الثقافية الغربية التي تمارس سلطانها وتدفع نحوه بأسماء ربما كان قد رفضها لو بقيت على حافة المحيط, الطاهر بن جلون فرضه المركز الغربي على المحيط (المركز) الشرقي وإلا لبقي أديبا عاديا ينظر له مثلما ينظر اليوم لجزء كبير من الأدب المغاربي أو الرعيل الأول من الكتاب الجزائريين كمحمد ديب وآسيا جبار ومالك حداد الذين قذف بهم المركز الأوربي نحو المحيط الشرقي ليكتسبوا شرعية التداول والدخول في صلب الذاكرة الجمعية العربية. لم يكن أمام سلطان الشرق الثقافي إلا الإذعان أمام سلطان الغرب القوي بآلاته الإعلامية ومؤسساته.

واذن فهناك مشاكل عضوية بالنسبة للأدب العربي. إما أن هذا الأدب بدأ يتسع بحيث خلق عناصره القطبية الداخلية التي لم يعد بإمكان المركز احتواؤها أو أن بعد الشقة بين الأطراف والمركز والخصوصيات الكبيرة والكيانات المستقلة عمق سوء الفهم وجعل كل أدب ينشأ في سياقه الخاص من دون مرجعية المركز الأم مثلما يحدث في الأدب الفرنسي والكندي والسويسري والبلجيكي والفرانكفوني العربي والإفريقي الذي يشترك في اللغة نفسها ويشكل رافدا للغة الأم مع الاحتفاظ بخصوصياته العميقة التي لا تجعله يذوب في عالم متمركز حول نفسه المحاطة بهالة المركز.

من هذه الزئبقية المتحركة في المركز والأطراف ومن هذه المعابر التي كثيرا ما ترتطم بجدار سميك من اللاموضوعية تبرز مشاكل عدة لا تؤكد في نهاية المطاف إلا على عمق الفجوة داخل الثقافة الواحدة. زكتها وقائع مرئية حقيقية تتشكى منها الأطراف. ثقل حركة الكتاب بين المركز والمحيط أدت إلى حالة جهل كبير لما ينجز على الضفاف الصغيرة. وانحصار كبريات الاعترافات والجوائز العربية في دائرة المركز ( جوائز الرواية العربية أو العويس, أو غيرها, تكاد الأسماء المغاربية لا تجد لها مكانا صغيرا وحتى عندما تفوز بها لابد أن يختبئ مثقف مشرقي وراء فعل الكتابة, مثال أحلام مستغانمي وسعدي يوسف?). هناك حالة إجحاف واضحة وكأن المركز وحده هو المنتج وعلى الأطراف أن تكون عارفة لكل ما يرتبط به. عيب على الإنسان أن لا يعرف نجيب محفوظ أو صنع الله إبراهيم أو جمال الغيطاني أو عبد الرحمن منيف أو نبيل سليمان أو ميرال الطحاوي, وهو عيب بالفعل بالنسبة لإنسان ينتسب إلى الثقافة العربية ويكتب بلغتها ولكن في الصورة الأخرى, ليس مؤذيا أن يجهل الإنسان كلية الطاهر وطار, ابن هدوقة, إبراهيم الكوني, عبد الكريم غلاب أو أحمد ولد عبد القادر, بل حتى بمحاذاة المركز, ليس مؤذيا أن لا يعرف مثقف المركز الروائي غائب طعمة فرمان, يحيا يخلف, توفيق فياض, ليلى العثمان, إسماعيل فهد إسماعيل أو إلياس خوري. يتولد عن ذلك تشنج مغاربي إقصائي أكثر منه سجال معرفي متزن يحاول أن يبحث في عمق الإشكال لفهمه. فيرفض مركزية الشرق بحجة أنها فقدت سلطان الأبوة ودخلت في عمق دورة الاحتضار والتكرارية والاجترار من دون القدرة على امتلاك استراتيجية حقيقية وأن الزمن الذي كان فيه المركز سلطان المعرفة, انتهى ومات بموت سلطان المبادرة السياسية والمعرفية وحل محله سلطان الحداثة والحرية.

في الحقيقة الزمن تغير وعلى كل الرؤى أن تتغير جذريا, مشرقا ومغربا, لا المغاربي حداثي في المطلق ولا المشرقي مرتكن إلى حالة ثبات في المطلق كذلك.

العودة إلى أسئلة البدايات:

النظر في التاريخ البعيد أو القريب يعيدنا إلى حقائق الأشياء البسيطة. لا يمكن التنصل عن الشرق الثقافي والحضاري واللغوي من دون إحداث عملية بتر مرضية تضر أكثر مما تنفع. إن الارتباطات الثقافية المغاربية-المشرقية لا تحتاج إلى براهين عديدة, فقد كانت دائما هي الواجهة والمحرك للثقافة العربية في تعدديتها وتفردها. فعناصر الوحدة الثقافية تؤسسها اللغة وتاريخا فيه الكثير من الاشتراك والكثير من عناصر الاختلاف بحكم المساحات المشتركة والجغرافية المترابطة. هناك خصوصية تاريخية لكل تجربة أدبية في الأقطار العربية تنعكس على حجم الإنتاج وبلورة الاتجاهات والقيم الجمالية وتقاليد التلقي والنقد, إلا أن مثل هذا التمييز بين مركز ومحيط قد يوحي بعلائق التبعية والمفاضلة والواقع مجال الكتابة الأدبية لا يخضع لمنطق التطور المطرد نحو الأفضل ولا لمنطق محاكاة اللاحق للسابق. إنه مجال مفتوح على كل الاحتمالات, يعلو وينخفض ومكاسبه لا تأتي نتيجة تخطيط بقدر ما تتولد عن عناد المبدعين ومقاومتهم للواقع القائم ولتبريراته الجوفاء, من هذه الزاوية, فإن الأهم والأعمق عند الكاتب العربي سواء اعتبر من المركز أو من المحيط هو مواجهة الأسئلة المشتركة المطروحة على المجتمعات العربية وعلى كتابها الأمر من هذه الناحية ليس جديدا, ربما كان الجديد في مثل هذه الحالات هو استعادة السؤال ووضعه في مساره الصحيح لتصبح المغاربية تنوعًا ثقافيًا مهمًا ينضاف إلى الثقافة العربية وليس مجرد بضاعة ترد إلى أصحابها الأصليين لأن الفعل الثقافي المغاربي يتخطى اليوم فعل الترديد باتجاه الإضافة (في مجالات الترجمة والنقد والرواية..)على الرغم من أن ذلك يتم وسط حقل ثقافي ليس دائما بالهين تخترقه ثلاث اتجاهات متناقضة ومتضاربة في عمقها.

1- اتجاه يتعامل مع الثقافة المغاربية كمجرد ترديد لما يعتمل في المشرق. ويتجه هذا الخطاب الذي كان إلى وقت قريب صداميا إلى الإهمال أو عدم الاهتمام بالنص المغاربي بل هناك أمية مدقعة في هذا المجال. ولنضع أمامنا اليوم مساحة الأدب المغاربي بكل النصوص التي أنتجتها وليسأل كل واحد منا نفسه: ماذا قرأ من الأدب المغاربي وما هي الأسماء التي بقيت عالقة بذهنه وما هو الجهد الذي بذله من أجل ذلك?

2- اتجاه مناقض للأول فقط في مظهره ويلتقي معه في الرؤية نفسها. يعطي بعض المغاربة لأنفسهم أهلية التقدم على المشارقة في كونهم قراء جيدين لهذا الأدب ودارسين ممتازين له بجدية واستماتة ويستطيعون بسهولة أن يتحدثوا عن نجيب محفوظ أو إسماعيل فهد إسماعيل أو عن عبد الرحمن منيف أو صنع الله إبراهيم أو إبراهيم الكوني أو رشيد بوجدرة أو محمود المسعدي أو محمد زفزاف وهو الأمر الذي يفتقده المثقفون المشارقة. وهذه التعددية الثقافية واللغوية دفعت بالكثيرين إلى رد فعل غير علمي وانتحاء رؤية شمولية إقصائية بالمعنى السياسي لأنها تلغي كل التفردات والخصوصيات المشرقية. هناك في الوطن العربي, على أقلية ذلك مهتمون ممتازون بالأدب المغاربي وقراء هم الامتداد الطبيعي للكتابات المغاربية التي تجد بعضا من مبرراتها القرائية فيهم.

3- من رحم هذا التناقض تتولد رؤية ثالثة موضوعية إلى حد كبير. تأخذ التجربة الأدبية والثقافية المغاربية في أفقها العربي الذي هو أساسها الطبيعي والحيوي الذي يضمن تأصلها وترسخها في الثقافة العربية, وتأخذها في امتدادها الغربي بحكم الثقافة والجغرافية, لأنه يساعدها على التقليل من الحشو والاتجاه أكثر نحو التجارب الإنسانية التي تخرج من دائرة المحلية والضيق. فتاريخ التأسيس يعيدنا إلى اللحظة الحاسمة التي لعبت فيها المثاقفة الداخلية بين قطبي الثقافة الواحدة والخارجية, دورا مهما في تاريخ الأجناس الأدبية وبروزها وترسخها وعلى رأسها الجنس الروائي.

عطالة المؤسسة النقدية

إن الرواية العربية اليوم قطعت شوطا مهما في رحلتها الثقافية والإنسانية وكللت هذه التجربة بجائزة نوبل التي فتحت آفاقًا كثيرة للرواية العربية وكان من المفترض أن يدفع هذا الاعتراف الدولي بالأدب العربي إلى التقرب أكثر من مساءلة الذات المتعددة ومحاولة تلمس غناها من خلال مجهود نقدي موجه نحو كل المستجدات وعلى مدى المساحة الواسعة للوطن العربي. لكن العكس هو الذي حدث, إذ زادت ثقافة المركز تسيدا وتوغلا وإيهاما ولم تساعد على الخروج من الاستثنائية المحفوظية (نجيب محفوظ). إن المؤسسة النقدية العربية المهيمنة على مختلف الحقول المعرفية, تقليدية في عمقها ولم تخرج عن النماذج التي صنعتها وحولتها إلى مراجع مثبتة في الزمان والمكان وكأن الإبداعية العربية معطلة وحددت سلفا بين الأربعينيات والخمسينيات. هذه العطالة النقدية, عندما تتناول النص المغاربي تتوقف مثلا عند (حافة الحريق) لمحمد ديب أو (المعلم علي) لعبد الكريم غلاب أو (السد) للمسعدي وكأن تاريخ الرواية المغاربية توقف نهائيا وأصيب بنوع من اليبوس في الرحم بينما الشقة التي تفصلنا عن هؤلاء هي على الأقل نصف قرن من الممارسة الإبداعية الخلاقة, وحتى حينما تتناول التجارب المغاربية الجديدة لا تتخلص في الأغلب الأعم من وعظيتها المتأتية من صلابة المركز الذي تتحدث منه ولو أن هذا المركز صار اليوم هشا ومرتبكا أمام معضلات العولمة والاقتحامات الثقافية العالمية.

من هذا التصور فالأخطاء المتولدة من المركز ليست إلا انعكاسات طبيعية لعطالة المؤسسة النقدية العربية في عمومها والتي لم تعد بنفس القوة التي كانت عليها. هناك أمثلة عديدة تبين هذا الضعف وسأكتفي في هذا السياق بنموذجين يحتلان صفة المرجع الكبير في ثقافة المركز. ولا أقصد من وراء ذلك إلا شيئا واحدا هو الاعتماد على الرمز لتبيان عدم معرفة ذاتنا المتعددة وحتى عندما نريد أن نفعل ذلك فلا نتخلص من عجزنا البنيوي الذي هو عجز رؤية وعجز مؤسسة أكثر منه قصور أفراد.

لقد قدم الدكتور حمدي السكوت عملا موسوعيا ضخما (الرواية العربية الحديثة, خمسة أجزاء في 2964 صفحة) عن الرواية العربية في رحلة تجاوزت المائة سنة (من 1865 إلى 1995). الجديد في الموسوعة هو أنها تناولت أدب المركز وأدب الأطراف أو المحيط ولكن ليس بنفس القدر من الاهتمام. بل أكثر من ذلك بتساهل مفرط فيما يتعلق بالمغرب العربي ينم عن قصور كبير في العمل الموسوعي الذي يتوخى صاحبه الدقة والنباهة. المؤكد أن مرد هذه الأخطاء الفادحة هو الرغبة في الإنجاز الموسوعي بشكل فردي وهذا مستحيل مهما أوتي الإنسان من قدرات معرفية وثقافية. هناك ثلاثة أشكال من المزالق الكبيرة التي وقع فيها الدكتور حمدي السكوت في تعامله مع التراث الروائي المغاربي, الأولى تتعلق بالجنسية الخيالية إذ تم إلحاق نور الدين بوجدرة مثلا بالأدب التونسي فقط لأنه أقام بتونس ونشر فيها بعض أعماله وهو كاتب جزائري وابن عم الكاتب المعروف رشيد بوجدرة, وقد ارتبط عميقا بالثورة الوطنية ونشر في 1957 روايته الأولى الحريق التي تناول فيها الثورة البطولية التي قام بها الشعب الجزائري. وضمن المنطق نفسه, يصبح الروائي التونسي حسونة المصباحي, الكاتب والإعلامي المعروف الذي كتب كثيرا في جريدتي الشرق الأوسط والحياة وغيرهما وصاحب رواية هلوسات ترشيش, جزائريا? الثانية تتعلق بارتباكات الجنس الإبداعي إذ يتحول بوزيد حرز الله من شاعر جزائري إلى روائي ويصبح ديوانه مواويل للعشق والأحزان رواية وتنضاف إلى عبد الحميد بن هدوقة روايتان خياليتان لم يكتبهما أبدا هما: الواقعة ورواية ثانية هي مدرسة العراة والشيء نفسه يحدث مع الروائية الجزائرية آسيا جبار التي يلصق بها الدكتور حمدي السكوت نصين روائيين ليسا لها وهما: النافذة والصبر وشقيقة شهرزاد من دون الحديث عن أسماء أساسية لم تذكر في الموسوعة وذكرت أسماء صغيرة بهالات أكبر منها, خصوصا إذا ما قيست بحجم كتابات الساقطين سهوا من الموسوعة الروائية من أمثال محمد ديب ورشيد بوجدرة وغيرهما.

أما المثال الثاني فلا نذكره إلا من أجل المزيد من معرفة العقلية المتسيدة التي ليست دائما عاملا جادا في بحثها وأفقها. المثال يحدد وجها من أوجه التعامل مع النص المغاربي. يقول الروائي القدير بهاء طاهر في تعليقه على رواية الكاتب المغربي محمد زفزاف: (محاولة عيش) في إطار لقاء ثقافي مصري-مغربي خصص للقراءات المتقاطعة بين الكتاب المغاربة والكتاب المصريين: أدرك صعوبة أن يكتب الإنسان عن كتاب واحد لمؤلف غزير الإنتاج لم يتح للمرء أن يقرأ بقية أعماله. ومع ذلك فقد ينطوي هذا القصور على جانب إيجابي إذ تجنب المقارنات والإحالات قد ييسر تركيزا أكبر على العمل الأدبي الذي هو عالم مستقل بذاته ومكثف بذاته.... أوضح أنني لم أقرأ لمحمد زفزاف رواية أخرى غير محاولة عيش.) الصراحة كبيرة وتدل على استقامة خلقية وعلمية ولكنها لا تخفي تساؤلاتها الكبيرة, أولها أن القراءة لم يفرضها بحث ولكن المناسبة. ويصبح فعل عدم القراءة صفة إيجابية لأنه يؤصل الموضوعية ويغنيها ( لا ندري كيف?). لا نحكم على الدراسة التي لا تحمل عنوانا سوى عنوان الرواية, ولا على القراءة فليس هذا شأن هذا البحث. كلام الروائي بهاء طاهر قد يبدو عاديا عندما يأتي من إنسان غير مختص في الإبداع والممارسة النقدية في ندوة تفترض التخصص والقراءات المتقاطعة, أي تفترض جدلا قراءات متعمقة ومجهودات في حجم المناسبة. ثم إن المتن المدروس ليس مادة كاتب مبتدئ ولكنه روائي وراءه إنتاج وفير ويشكل اليوم علامة مغاربية كبيرة تقتضي مجهودا ضافيا لمعرفتها, خصوصا أن الفرصة متأتية ومناسبة لاكتشافها, وهو ما لم يحدث حتى من باب فضول اكتشاف التجربة والاطلاع عليها. وعلى العكس من ذلك وضمن نفس الكتاب ونفس اللقاء, يقوم الكاتب المغربي شعيب الحليفي بقراءة لكتاب بهاء طاهر عنوانها: الصورة والمرجع, في رواية (الحب في المنفى) لبهاء طاهر,استغرقت قرابة الأربعين صفحة من الكتاب. ويتضح جليا الاختلال الكبير بين قراءة المركز وسلطانه وقراءة الأطراف ورغبتها في تقديم عمل تام يتناول نصا في أفق تجربة كاملة تقتضي اطلاعا كشفيا على كل كتابات بهاء طاهر الروائية: تشتغل تيمات بهاء طاهر على محور أفقي وعمودي وتركيبي بينها من داخل الزمن في مستوياته الثلاثة: الماضي القريب والسحيق الذي يلامس الأسطورة والتراث المصري - الفرعوني وأيضا الراهن والمستقبل. في (قالت ضحى) تتوهج العلاقة بين السارد وضحى في شكل طهراني مخصب بالأسطوري والحلمي والواقعي...و يبرز تحول التيمة في رواية (خالتي صفية) و(الدير) في علاقة حربي بصفية بتواز رمزي يعكس الصراع وتحول حبها القديم - الميت إلى حقد حي وثأر وسط تعايش سلمي للديانات السماوية... في (شرق النخيل) تحضر الذاكرة وهي تستدعي مشاهد ماضية لتضيء إحباطات الحاضر وكيف تجرعها السارد مع ليلى بالكلية... إن روايات بهاء طاهر موعودة بالحكي عن مصادر إنسانية تحيا وسط الصراع وتكافح من أجل مبادئ تُمحى ومشاعر تُفتَقَد...). قد لا يعني ذلك شيئا في ظاهره ولكنه يعيدنا إلى رمزية العلاقة المختلة بين المركز والمحيط.

إثارة هذين المثالين البسيطين تدل ليس فقط على تقصير في العمل تجاه الثقافة المغاربية ولكن على رؤية متسيدة إلى اليوم أصبحت جزءا من لاوعي الكثير من باحثي وأدباء المركز الذين لا يكلفون أنفسهم عناء البحث والتقصي في وضع ثقافي عربي متآكل غير معني بما يحدث داخل جسده, يستهلك بسهولة ولا يكلف نفسه لا عناء البحث والتدقيق ولا عناء المتابعة مع أن باحثا مراسلا واحدا من المغرب العربي من أمثال الدكتور عبد الحميد العقار من المغرب أو الدكتور عبد الحميد بورايو من الجزائر أو الدكتور بوجمعة بوشوشة من تونس كان بإمكانه أن يسد النقص ويجعل موسوعة الدكتور حمدي السكوت أكثر جدية, ويتفادى فيها مثل هذه الأخطاء الفادحة التي لا تغتفر بالنسبة لعمل موسوعي يتوخى التأسيس. فعلى أساسها تتأسس أخطاء فادحة أخرى بالنسبة لمن يبني عليها, ونعرف سلفا الدور الكبير الذي تلعبه الموسوعات في صناعة وعي الناس ولهذا الدقة فيها أمر جوهري. أفترض أحيانا, في السياق نفسه, لو أن مثقفا مغاربيا كبيرا قام ببحث موسوعي مشابه ونسب الزيني بركات إلى نجيب محفوظ وأدرج حنا مينه في الرواية اليمنية واعتبر الروائية المصرية ميرال الطحاوي شاعرة جزائرية فكيف ستكون نهايته مع سدنة نقاد المركز? ثم إن مجهودا قرائيا بسيطا من طرف الروائي بهاء طاهر وفضولا لاكتشاف العالم الروائي لزفزاف كان بإمكانه أن يقدم التجربة بشكل موضوعي ولو كان ذلك في أفق نقد يتوخى الصرامة أو القراءة الاستكشافية. هل يُقبل منا اليوم في لقاء ثقافي أدبي ولو كان عابرا, أن يقول أحدنا والله لم أقرأ للخراط أو للغيطاني أو لبهاء طاهر أو لحنا مينه أو لإلياس خوري سوى عمل واحد فرضته علي المناسبة? لا أعتقد.

من هنا, فإن السؤال حول جدوى المركزية قائم ومشروع إلى حد ما. أما يزال المركز يمتلك مقوماته الجوهرية التي تجعله كذلك وتحدد وضعه الاعتباري? هل هو المبادر للمعرفة والمنتج للثقة في معناها الأكثر جدارة وصفاء واستحقاقا? أسئلة تستحق أن يفتح حولها نقاش جاد لمعرفة صيرورة الثقافة العربية في حركيتها التاريخية وفي أخطائها التي تعيد إنتاجها في غياب مؤسسة نقدية جديرة بهذا الاسم.

أسئلة التأسيس:

على الرغم من هذا الالتباس وسوء الفهم والأخطاء الكبيرة التي كثيرا ما تتحكم في العلاقة مغرب-مشرق, يجب أن نفتح عيوننا على حقائق موضوعية ثابتة. النص الروائي العربي في المغرب العربي يدين بالكثير إلى إنجازات المركز الشرقي في تأصيل الأجناس الأدبية وعلى رأسها الرواية ويغرف في الوقت نفسه من معين الثقافة الغربية التي سمحت له بأن يضع هذه الثقافة العربية المتلقاة في مثار المساءلة والنقد.

إن الرواية التأسيسية في الجزائر تتبدى لنا في صورها الأولى القديمة وكأنها تصنع عالما مناقضا لما هو سائد. فالتجربة غير المكتملة لمحمد بن ابراهيم, (حكاية العشاق في الحب والاشتياق) التي كتبت في سنة 1849 والتي جسدت بداية سجالية حول الثقافة التقليدية المتسيدة, التي ترفض رؤية نفسها في المرآة, سمحت لمجهود رضا حوحو أن يولد أكثر اكتمالا. فرواية (غادة أم القرى) تأسست لغويا وهيكليا من خلال قناتين: الأولى الثقافة العربية بكل غناها وبكل موانعها ومعوقاتها في فترة الأربعينيات. فقد كتبها وهو في السعودية تحت تأثير القصة التيمورية واجتهادات توفيق الحكيم. وأما القناة الثانية فهي قناة غربية ما دامت معرفته باللغة الفرنسية كبيرة اطلاعا وترجمة وأدبا مما سمح له ليس فقط بالتأثر ولكن إغناء النوع من خلال معارفه الأجنبية. لم يتوقف رضا حوحو عند حدود ما تلقاه من ثقافة عربية أصيلة بل تخطاها مما سمح له بالسير قدما بهذا النوع الأدبي باتجاه ترسيخه. العلاقة الصحية بالمجهود المشرقي في تأصيل الجنس الروائي مكنه من أن يخرج اللغة العربية (لأن الأمر ههنا يتعلق باللغة العربية كلغة حاملة للمتخيل) من طقسها الإصلاحي الديني المنغلق على ثقافة تقليدية محتضرة باتجاه عالم الحياة الذي كان يتطلب نحت لغة جديدة لا تقطع مع أصولها ولا تنفصل عن محيطها وزمانها. فولف بين لغة الشعب التي أعطاها توفيق الحكيم كل الشرعية للكتابة بها وسلاسة الأسلوب القصصي الذي كان محمود تيمور قد حدد مسالكه وأفق الثقافة الغربية لتطوير جنس الرواية. من هنا, فعلاقة رضا حوحو بالمشرق لم توفر له فقط اللغة التي يكتب بها ولكنها أعطته شرعية التكسير والخروج من سلطان المقدس اللغوي والاتجاه نحوكتابات فكتور هيجو أو الكلاسيكية والرومانسية الأوروبية بثقة كبيرة بحثا عن نص يقول الجزائر والعروبة والحرية. من هنا فنظرة رضا حوحو للثقافة في المشرق كانت نظرة إلى المثال الذي يفتح أبواب الاعتراف والتوغل عميقا في التجربة الأدبية التي كانت تتطور داخل نشوة الفتوحات الأدبية واكتشاف الأجناس والأنواع التعبيرية الجديدة.

المثال المغاربي التأسيسي الثاني هو مثال الروائي التونسي الكبير محمود المسعدي. ثقافته العربية الأصيلة ذات النزعة التعلمية المرتبطة بثقافة المركز سمحت له بالانفتاح على أصالته وحضارته على الرغم من إتقانه للغة الفرنسية. فقد تعلم في الصادقية قبل أن يلتحق بمعهد كارنو ويتحصل على البكالوريا في 1932 وينتهي به المطاف إلى جامعة السوربون التي تخرج فيها مجازا في سنة 1936, قبل أن يتحصل على شهادة التبريز في سنة 1947 فكتب (السد) التي أدمج فيها نقاشا وجوديا مهما دفع بطه حسين إلى ربطه بألبير كامو. كان المسعدي بمجهوده هذا, العربي- الأوربي, يشق طريقا تأسيسيا للثقافة التونسية والعربية ويهز يقينيات اللغة العربية ليلبسها أسئلة كانت في حاجة ماسة إليها في فترة استعمارية قاسية وفترة الحرب العالمية الثانية التي انتهى فيها من تأليف رواية السد في يوليو 1940 والتي لن تظهر إلا في 1955. ويؤسس بذلك لنص يخترق الجنس الغربي ذاته بحيث تبدو الرواية وكأنها نص جامع بين الشعر والمسرح والرواية. مع الأسف, الأسئلة النقدية التي أثارها طه حسين وقتها حول هذا النص المغاربي والعربي بامتياز وحول نص (الهضبة المنسية) للكاتب الجزائري مولود معمري توقفت عند حدود المساجلة الأولى بين المركز والمحيط ولم تذهب بعيدا نحو استراتيجية ثقافية عربية متفتحة على نفسها في تعددها وعلى إنجازات الآخر. إلى اليوم ما تزال الأسئلة التي أثارها طه حسين ومحمود المسعدي ومولود معمري وغيرهم, مادة خاما تنتظر من يضعها في مساراتها الصحيحة, إن على صعيد الجنس الأدبي أو الخصوصية أو اللغة.

المثال المغاربي التأسيسي الثالث هو المغرب, إذا استثنينا التجربة السير-ذاتية الأولى غير المكتملة للتهامي الوزاني: الزاوية تندفع أمامنا نصوص عبد الكريم غلاب بنزعتها التمرسية التعليمية وما يتصل بها من تمرن وتمهن بقوة فارضة نفسها على المشهد التأسيسي. فهذه الكتابات الروائية هي أقرب إلى النص المشرقي بكل تحولاته على الرغم من محمولاته التاريخية المغربية الواضحة, المرتبطة بشعارات التحرر والاستقلال الوطني والمطالب النقابية وضرورة التحالف الطبقي بين الطبقة العمالية والبورجوازية الوطنية. ازدواجية لغة عبد الكريم غلاب العربية والفرنسية, قربته من ثقافة المركز العربي والغربي في الآن نفسه, ومنحته فرصة تأسيس جنس أدبي (الرواية) أكثر تحررا واختراقا للمألوف إن على صعيد اللغة أو على صعيد البنيات الأدبية المتسيدة التي لم يعد لها سلطان الهيمنة كما كان ذلك سابقا. كل هذا لم يمنع العروي من تحمل تبعات الكتابة الروائية في طورها التأسيسي مثلما حدث لهيكل عندما كتب (زينب).

المتأمل لهذا التأسيس الذي لا يظهر هنا إلا من خلال التعميمات الافتراضية التي اخترناها, سيخرج بمجوعة من الملاحظات الأساسية المترتبة عن سلطان العلاقة بمركزين, مركز شرقي في عز علاقته بالآخر, ينطفئ اليوم أمام سلطان الغرب الثقافي والسياسي, ومركز غربي هو قوة فاعلة في بنيات الثقافة العربية الحديثة منذ النهضة.

1- إن علاقة التجاذب هذه, لم يتولد عنها اغتراب معرفي ولكن تولد عنها تقاطع ثقافي بين مادة عربية بكل تيماتها الأدبية وثقافة غربية منحها المركز الشرقي كل الأهلية والقبول لأنه لم يرفضها في تأسيساته الحديثة بالنسبة للأجناس الأدبية الجديدة وعلى رأسها جنس الرواية.

2- لقد بنى الجيل التأسيسي للرواية المغاربية باللغة العربية (يجب التأكيد على كلمتي اللغة العربية لأن هناك جيلا مغاربيا آخر كتب الهم الوطني من خلال لغة مستعارة هي اللغة الفرنسية) كل مشروعه على العلاقة الوشيجة والطبيعية مع المركز الشرقي والمصري تحديدا, مما سمح له بالانخراط عميقا في انشغالات الثقافة العربية ساعتها والتأثر بكتابات الرعيل الأول الذي أنتج نصوصه من خلال مثاقفة إيجابية مع الثقافة الغربية, حالة طه حسين مثلا, توفيق الحكيم وجبران خليل جبران وغيرهم.

3- لم ينغلق هذا الجيل التأسيسي المغاربي على ذاته لأنه وجد نفسه في منافسة حادة مع نص عربي آخر كان يكتب باللغة الفرنسية. هذه اللغة التي استفاد منها من دون أن يتبناها. فقد كانت واسطته في القراءة واكتشاف جزء مهم من الذخيرة الثقافية الغربية. من هنا, وجد هذا الجيل نفسه أمام مهمة مزدوجة, أولا أن يكون في مستوى ما يُكتب باللغة الفرنسية لإنجاح رهان المقروئية العربية المتعطشة إلى نص يقول تشوقات الحياة. ثانيا أن يهز يقينيات اللغة العربية المستسلمة لنزعة تقليدية دينية مميتة. فالمعارك التي صاحبت نشوء الرواية المغاربية لم تكن سهلة, فقد تحملت وهي تدافع عن مشروعها التحديثي, آلة الرفض الذي سبق أن سُلط على رواية زينب في بداية صدورها. فقد اتهم محمود المسعدي بالإلحاد والمروق واستيراد أفكار الغير المسمومة, وهو التلميذ الأصيل للصادقية والابن الشرعي للثقافة العربية في أجمل تجلياتها. ولم ينج رضا حوحو من تهمة التغريب والشيوعية من أقرب أصدقائه في اللغة والانتماء الثقافي والديني, وهو العضو الوفي لجمعية العلماء المسلمين. سجالات جريدة البصائر بين الأربعينيات والخمسينيات في الجزائر لا تعمل إلا على تأكيد هذه المعارك الدونكيشوتية النبيلة التي خاضها رضا حوحو باستماتة. ولم ينج التهامي الوزاني الذي اخترق سلطان التقليد بسلطان الأدب, مازجا بين الدنيوي (الطرب) والديني (الذكر) من تهمة المساس بالعادات العريقة للمغرب العميق وهو ابن الزاوية (وزاني النسب, حراقي الانتماء). فاستكانة الرواية بمعناها الغربي في مصر على يد هيكل لم تكن كافية لتجعل هذا النوع مقبولا في المغرب العربي ولكنها وفرت على الأقل شرعية العمل داخل المحصنات اللغوية, فما يجيزه المركز تقبله حتما الأطراف بل وتتبناه.



واسيني الأعرج





المغرب والمشرق.. سلطان المركز وطموحات الأطراف -واسيني الأعرج - آمون - 11-29-2006

يا قوة الله
ما كل هذا العمق والإحاطة والموضوعية والهدوء من كاتب مغاربي وفي موضوع هو أكثر ما "ينرفز" كتاب المغرب ويأخذهم من هدوئهم وموضوعيتهم ، يعرف ذلك من سبق له ـ مثلي ـ أن قرأ شيئاً لكتاب مغاربة حول نفس موضوع هذه المقالة الجميلة وهو علاقة المشرق بالمغرب (الثقافية خصوصا) وضيق المغاربة الهائل مما يتعتبرنه تجاهلاً من "المركز" لهم واستعلاءً عليهم ، وإذ نجدهم دائمي التشكيك في مركزية المركز رافضين لها صراحةً أو ضمنياً (لا يشذ عن ذلك واسيني الأعرج) فلن يفوتنا أن نلاحظ أن مجرد شعورهم بالظلم تجاه ما يشككون في مركزيته هو نفسه دليل لا تخطئه عين على مركزيته الراسخة ، ذلك أن المراكز وحدها هي من يملك أن يَظلم وهي ـ حصريا ـ ما يثير الحنق حين تدير ظهرها ، أما الأطراف فأمامها التشكي والغضب والبحث عن تحسين صورتها وحظوظها عند مركز لا تكف عن التشكيك في مؤهلاته كمركز وأحيانا لا تكف عن شتمه .

في الأسبوعين الأخيرين ، نُظم في عدة مدن مصرية (القاهرة والأسكندرية ودمنهور والإسماعيلية والفيوم) ما عرف إعلاميا بـ "الأيام السعودية في مصر" أو شيء على هذا الوزن ، وهو احتفالية ضخمة الهدف منها تقديم نماذج من الثقافية والفنون السعودية في مختلف مجالات الإبداع من قصة ورواية وشعر وفنون تشكيلية وسينما ومسرح ، لكن التجاوب المصري ـ فيما يبدو ـ لم يكن على المستوى المأمول ، وأنقل التعليق التالي من صحيفة "الوطن " السعودية يعبر فيه مسئول سعودي عن ضيقه :

" عاتب وكيل وزارة الثقافة والإعلام للعلاقات الدولية الدكتور أبو بكر باقادر المثقفين المصريين مطالبا إياهم بالانفتاح على المشهد الثقافي والأدبي والفكري في السعودية، ودعاهم للتخلص من الأفكار النمطية القديمة، مؤكدا أن الثقافة السعودية تجاوزت الفكرة القديمة المأخوذة عنها والتي تحاول اختزالها في التخلف والبداوة والأمية "


لكن الأمر ـ أمر المركز والأطراف في العالم العربي ـ لا يطرح في صورته الراهنة أي بداهات ولا يتسع لأي أحكام جاهزة معلبة ، وفيه الكثير من التعقيد ويحتمل ألف قول وقول ، وأتمنى من الزملاء المشاركة في نقاش هذا الموضوع .

ألف شكر لسكيبتك (f) ، ولي عودة .






المغرب والمشرق.. سلطان المركز وطموحات الأطراف -واسيني الأعرج - أبو علي - 01-09-2007

أي مركز و أي محيط تتحدثون عليه . في العالم العربي حاليا و خصوصا على المستوى الثقافي لا يمكن التحدث عن مركز أو محيط إذ أن المحيط الموجود في ذهن كاتب المقال يمكن بسهولة أن يصبح هو المركز . والمركز يصبح هو المحيط . السبب في ذلك هو أن المشارقة لم يقرؤوا و لا يقرؤا للمغاربة , بل أن المشارقة لا يقرءن حتى للكتابات الأجنبية . عكس المغاربة الذين لهم إطلاع كبير على المنتج الثقافي العربي المشرقي و العالمي . و قد يكون السبب هو كون المغاربة يجدن العديد من اللغات كالفرنسية و الإنجليزية و الإسبانية و الألمانية . بينما تجد المشارقة يتحدثن في أحسن الأحوال بالإنجليزية إضافة إلى العربية . هذا العامل أغطى للإنتاج الثقافي المغربي فرصة للإحتكاك بما ينتج في العالم و الإٌستفادة منه . و هذا ما أدى بالعديد من الكتاب المغاربة للوصول إلى العالمية . عكس المشارقة الذين لا تتعدى كتبهم حدود الوطن العربي (ما عدى لو إستثنين كاتب أو إثنين) . و مع ذلك لا يرضى المشارقة و خصوصا المصريين منهم أن يتخلصووا من شوفينيتهم و يعترفوا للمغاربة بالتفوق في بعض المجالات ( لا أقول كل المجالات الثقافية) كالفلسفة و علم الإجتماع و الرواية إلى حد ما .:lol2: