نادي الفكر العربي
إسرائيل من تاريخها وما فعلته بنا - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: قــــــرأت لـك (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=79)
+--- الموضوع: إسرائيل من تاريخها وما فعلته بنا (/showthread.php?tid=14389)

الصفحات: 1 2


إسرائيل من تاريخها وما فعلته بنا - آمون - 10-16-2006


اسم الكتاب : Israel : A history (تاريخ إسرائيل)
المؤلف : Martin Gilbert (مارتن جيلبرت)
الناشر : Black Swan ، لندن ، 1999


أن يكون تاريخ دولة إسرائيل أقل من ستين عاما فهذا ما جعل من الممكن تسجيل معظم تاريخها (من إعلان تأسيسها عام 1948 إلى 1998) وبقدر كبير من التفصيل والتوسع في كتاب واحد يقع في 750 صفحة منها 150 صفحة تخص الملاحق من خرائط وببليوجرافيا المراجع وخلافه ، والمهم هنا (وهو المهم دائما في الكتبة عن موضوع عاطفي ومثير للغرائز مثل اليهود ودولتهم) أن مؤلف الكتاب السير مارتن جيلبرت أبدى قدراً كبيرا من الموضوعية في تأريخه بالرغم من تعاطف واضح يحمله للدولة العبرية وعلاقات إنسانية تربطه ـ فيما يبدو ـ بها ، فمن ضمن التعريف به في مستهل صفحات الكتاب أنه يمتلك منزلا في القدس ، وهو يهدي كتابه هذا إلى " أصدقائي في إسرائيل الذين أطلعوني ، في الربع قرن الأخير ، على جوانب عديدة من تاريخ دولتهم " ، كما تجدر الإشارة إلى أنه سبق له تأليف كتاب عن "الهولاكوست" .

تقول صحيفة الصنداي تايمز في تقريظها للكتاب " جيلبرت يترك القصة تتحدث عن نفسها ، وبالرغم أنه يكتب كصديق ملتزم لإسرائيل فإنه يبذل أقصى جهده ليكون عادلاً "

ولد جيلبرت في لندن عام 1936 ، ويعمل أستاذا للتاريخ الحديث بجامعة أكسفورد وله 50 مؤلفا منها كتاب عن تشرشل وآخر عن الحرب العالمية الأولى وثالث عن الحرب العالمية الثانية ، وعن كتابه الذي بين أيدينا يقول في مقدمته :

"أهدف من وراء هذا الكتاب إلى تقديم سرد لتاريخ دولة إسرائيل في الخمسين سنة الأولى من عمرها ، وأيضا أن أقول شيئا عن مؤسسيها وروادها الأوائل بالعودة إلى البدايات الأولى في النصف الثاني من القرن التاسع عشر . الإيدلوجيا والسياسة والدبلوماسية والحرب جميعها احتفظت بمكانها في السرد ، كما هو الشأن مع قصص العديد من الأشخاص ـ بعضهم معروفون وبعضهم مجهولون ـ الذين ساهموا في بناء دولة إسرائيل واستمرارها والذين بفضل تطلعاتهم وجهدهم جعلوا إسرائيل على ما هي عليه اليوم – دولة لشعب تعداده خمسة ملايين منهم أربعة ملايين يهودي "

سبق لي أن قرأت الكتاب كاملا ثم عدت إلى أجزاء منه في مناسبات ، وها أنا أعيد قراءته في أيام الأجازة المباركة هذه ، وسأشرككم معي هذه المرة ، ولتكن فرصة لزيارة هذه الدراما التاريخية مرة أخرى .






إسرائيل من تاريخها وما فعلته بنا - بهاء - 10-16-2006


لماذا لا تعرض كل جزء تقرأه , ملخص عنه بسيط - وأهم النقاط .


صدقنى , طريقة جميلة فى تذكر المواد العلمية :D


إسرائيل من تاريخها وما فعلته بنا - آمون - 10-19-2006

أوكيه يا بهاء ، سأعرض في هذا الشريط شيئاً عن بعض المحاور الأساسية في تاريخ نشأة إسرائيل وما بعد نشأتها :)


إسرائيل من تاريخها وما فعلته بنا - آمون - 10-19-2006

"أورشليم موعدنا"

الهجرة والاستيطان في النصف الثاني من القرن 19

منذ تدمير المعبد الثاني على يد الرومان عام 70 واليهود المشتتون في أرجاء الإمبراطورية الرومانية لم يكفوا عن الصلاة من أجل عودتهم إلى صهيون . " ليكن احتفالنا القادم في القدس" (Next year in Jerusalem)أصبحت شعارا تختتم به احتفالات عيد الفصح كل عام ، حلم بالعودة إلى أرض الأجداد ظل لألفي عام أقرب إلى الفنتازيا .

كان اليهود قد تعلموا أن يؤقلموا أنفسهم مع مجتمعات الشتات فإذا ما طردهم مجتمع إلى مجتمع آخر تأقلموا مع المجتمع الجديد وهكذا ، أما أرض الميعاد التي خضعت لحكم إسلامي متواصل منذ القرن السابع الميلادي فكان الوصول إليها متعذرا إلا لقلة محدودة من اليهود ، ومن ذلك مثلا :

- من أصل 1500 يهدي ارتحلوا من بولندا والمجر ومورافيا إلى فلسطين عام 1700 مات 500 منهم في الطريق .
- في عام 1777 هاجر أكثر من 300 يهودي من بولندا إلى فلسطين
- عام 1812 هاجر 400 يهودي من أتباع الحكيم اليهودي فيلنا جاون من ليتوانيا

مع منتصف القرن التاسع عشر كان عدد اليهود في فلسطين حوالي عشرة ألاف ثمانية ألاف منهم يعيشون في القدس والباقي موزعون على بقية المناطق ، وجاء معظمهم من بولندا وليتوانيا والكثير منهم كان يعيش على الإعانات التي تصلهم من موطنهم الأصلي استجابة لطلبات المساعدة التي كانوا يرسلونها بل وأحيانا كانوا يرسلون مَن يجمع لهم الهبات والتبرعات .

في 1862 كتب اليهودي الألماني موسى هيس وهو من الداعين لعودة اليهود ، كتاباً بعنوان "روما والقدس" ذكر فيه أن "قوميته" اليهودية لصيقة الصلة بـالأرض المقدسة والمدينة الخالدة ، وقال أن "دون وطن ينحط الإنسان إلى وضعية الطفيليات التي تقتات على الآخرين " .

في 1870 قام التربوي الفرنسي اليهودي شارل نيتر بتأسيس مدرس زراعية في مستوطنة "ميكفه إزرايل" (أمل إسرائيل) بعد الحصول على موافقة السلطات العثمانية ، وتقع هذه المستوطنة على بعد عدة أميال من حيفا وكان يهاجر إليها للتعليم والعيش اليهود الذين يواجهون صعوبات وقيود على فرصهم التعليمية في بلدان مثل رومانيا وإيران وصربيا .

في 1876أصدرت الروائية البريطانية المسيحية جورج إليوت (اسم قلمي لـ "ماري آن إيفانز) روايتها "دانييل ديروندا" التي أثرت على يهود كثيرين من بينهم اثنان من اليهود الروس ، اليعازر بن يهودا و أي إل بيتز ، سيكون لهما شأن في الحركة الصهيونية من خلال كتاباتهم عن الآمال القومية لليهود .

في عام 1878 حاول عدد من يهود القدس إنشاء قرية يهودية في الريف الفلسطيني وكانت خطتهم أن يشتروا قطعة من الأرض قريبة من أريحا لكن السلطان العثماني رفض أن تنتقل ملكية الأرض إلى يهود إلا أنهم نجحوا في شراء قطعة أرض أخرى قريبة من الساحل من مالك يوناني وأسموا قريتهم "بيتاه تكفاه" (بوابة الأمل) ، ولكن وباء الملاريا بالإضافة إلى ضعف الحصاد والخلافات فيما بينهم أدت إلى فشل المشروع فهجروا القرية عام 1882 وكان عدد سكانها عشرة الاف وستة وستون .

أراد عدد من اليهود المتدينين أن يعتمدوا على أنفسهم في كسب عيشهم بدلا من الاعتماد على عطايا الإحسان القادمة من مواطنهم الأصلية فقاموا بإنشاء قرية "روش بيناه" ، ولكن نظرا لقلة خبرتهم ونقص التمويل وأيضا هجمات العرب من القرى المجاورة فقد هجروا القرية إلا أن يهودا رومانيين (من رومانيا) أحيوا المشروع وتلقوا دعما من الممول الفرنسي البارون إدموند دي روتشيلد .

في روسيا وكنتيجة لموجات من الهجوم والمجازر(pogroms) التي تعرض لها اليهود الروس ، ظهرت حركتان للدعوة إلى الهجرة إلى "أرض إسرائيل" (إرتز إزرايل) للاستيطان والعمل بالزراعة ، الحركة الأولى اسمها "بيلو" والثانية "هوفوفي زيون" (أحباء صهيون) ، لكن رغم نشاط الحركتين في حث اليهود الروس على الهجرة إلى فلسطين وتأسيس مزارع وقرى هناك فإن الغالبية الساحقة من يهود روسيا الهاربين من العداء اللاسامي اتجهوا إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وجنوب أفريقيا ، ولم يزد الذين اتجهوا إلى فلسطين عن 2% من مجموع المهاجرين ، لكن هذه النسبة البسيطة كان معناها أن حوالي 25 ألف مهاجر يهودي قد "هبطوا" إلى فلسطين في الفترة من 1882 إلى 1903 ، وهؤلاء عرفوا باسم "ألياه الأول" ("ألياه" بالعبرية تعني "الهبوط") ، والكثير من هؤلاء عاشوا في فلسطين على زراعة الأرض وأيضا المساعدات المالية من عائلة روتشيلد ، كما أن بعض رواد حركة "بيلو" قد عملوا كأجراء لدى المدرسة الزراعية في مستوطنة ميكفه إسرائيل وكان من هؤلاء فلاديمير دابنو الذي اتخذ لاحقا الاسم العبري زئيف (الذئب) ، والذي كتب رسالة مؤرخة في 21 أكتوبر 1882 إلى أخيه سيمون (لاحقاً مؤرخ مرموق قتله النازيون وهو في الثمانينيات من عمره ) ، جاء فيها :

"هل تظن أن الهدف الوحيد لمجيئي إلى هنا (فلسطين) هو أن أحسّن من أحوالي وبما يعني أنه إذا سارت أموري على ما يرام فإن هدفي يكون قد تحقق وإذا لم تسر بتُ تعيساً ؟ لا ، إن هدفي (من المجيء إلى فلسطين) ، وهو هدف لكثيرين غيري ، أكبر من ذلك وأعظم ، هدف ضخم ولكنه ليس مستحيلا : هدفي النهائي أن أحوز السيطرة على فلسطين وأعيد للشعب اليهودي استقلاله السياسي الذي حُرم منه لألفي عام .
لا تضحك فهذا ليس وهما ، إن وسائل تحقيق هذا الهدف في متناول أيدينا : تأسيس مستوطنات قائمة على الزراعة والحرف وتأسيس جميع أنواع المصانع والتوسع التدريجي فيها ، وباختصار أن نبذل الجهد اللازم لكي تكون كل الأرض وكل الصناعة في يد يهودية .
إضافة إلى أننا يجب أن نعّلم الشباب اليهودي وأجيال المستقبل كيف يستخدمون السلاح ، وسوف يأتي اليوم المجيد الذي تتحقق فيه نبوءة أشعيا ، اليوم الذي يعلن فيه اليهود بصوت عال ـ والسلاح في أيديهم إذا دعت الحاجة ـ أنهم أسياد وطنهم القديم ، لا يهم أن يأتي هذا اليوم بعد خمسين سنة أو أكثر فخمسون سنة لا تمثل سوى لحظة في عمر مشروع مثل هذا .
لتتفق معي ـ أيها الصديق ـ أنه هدف سام وضخم " ـ انتهت الرسالة .

مرت خمس وستون سنة ونصف قبل أن يتحقق هدف زئيف دوبناو .
في الوقت الذي كتب فيه زئيف رسالته إلى أخيه كان عدد اليهود في فلسطين حوالي عشرين ألفاً ، أي ربع الواحد في المائة من يهود العالم ، ولم تكن في فلسطين سوى قرية يهودية واحدة ، وزئيف نفسه لم يستطع الإقامة في فلسطين وعاد إلى روسيا حيث مات هناك بعد أربعين سنة من عودته ، ولكن رغم كل الصعوبات الضخمة ومع وضوح الهدف تزايد الوجود اليهودي والأنشطة المتصلة به في فلسطين ومن ذلك إنشاء مدينة "زيشرون ياكوف" (ذكرى يعقوب) عام 1882على يد مهاجرين يهود من رومانيا وبدعم مالي من عائلة روتشيلد .

كانت قرية "ريشون لازيون" هي الأولى التي يؤسسها يهود من خارج فلسطين ، واحتفالا بتأسيسها كتب الشاعر الروماني اليهودي نفتالي هيرز إمبر قصيدة بعنوان "هاتيكفاه" (الأمل) والتي أصبحت نشيدا للحركة الصهيونية ثم نشيدا وطنيا لدولة إسرائيل ، وكان من بين سكان البلدة الذين قرأ عليهم الشاعر قصيدته مهاجر من مولدافيا اسمه صموئيل كوهين وهو الذي قام بتلحين القصيدة التي تقول :

طالما عميقا في القلب
تهفو روح يهودي
ونحو الشرق
ترنو عينٌ إلى صهيون

فأملنا لم يغب
الأمل القديم
في العودة إلى أرض أبائنا
إلى المدينة التي سكنها داود

بعد سنوات قليل تم تعديل المقطع الثاني ليصيح على الشكل الموجود عليه حاليا :

أملنا في العودة لم يغب
أمل عمره ألفا عام
أن نكون أحراراً في أرضنا
أرض صهيون والقدس


وهكذا تواصل دون كلل الجهد اليهودي في الهجرة إلى فلسطين وبناء القرى والمستوطنات بها ، علما بأن اليهود شكلوا الأغلبية بين سكان القدس ابتداءً من منتصف القرن التاسع عشر ، وبين عامي 1864 و 1889 تضاعف عددهم ثلاث مرة ليصل إلى 25 ألف يهودي مقابل 14 ألف عربي .





إسرائيل من تاريخها وما فعلته بنا - skeptic - 10-20-2006

اقتباس:  آمون   كتب/كتبت  
 
اسم الكتاب : Israel : A history     (تاريخ إسرائيل)
المؤلف :  Martin Gilbert       (مارتن جيلبرت)
الناشر  : Black Swan  ، لندن ، 1999


أن يكون تاريخ دولة إسرائيل أقل من ستين عاما فهذا ما جعل من الممكن تسجيل معظم تاريخها (من إعلان تأسيسها عام 1948 إلى 1998) وبقدر كبير من التفصيل والتوسع في كتاب واحد يقع في 750 صفحة منها 150 صفحة تخص الملاحق من خرائط وببليوجرافيا المراجع وخلافه ، والمهم هنا (وهو المهم دائما في الكتبة عن موضوع عاطفي ومثير للغرائز مثل اليهود ودولتهم)  أن مؤلف الكتاب السير مارتن جيلبرت أبدى قدراً كبيرا من الموضوعية في تأريخه بالرغم من تعاطف واضح يحمله للدولة العبرية وعلاقات إنسانية تربطه ـ فيما يبدو ـ بها ، فمن ضمن التعريف به في مستهل صفحات الكتاب  أنه يمتلك منزلا في القدس ، وهو يهدي كتابه هذا إلى " أصدقائي في إسرائيل الذين أطلعوني ، في الربع قرن الأخير ، على جوانب عديدة من تاريخ دولتهم " ، كما تجدر الإشارة إلى أنه سبق له تأليف كتاب عن "الهولاكوست" .

تقول صحيفة الصنداي تايمز في تقريظها للكتاب  " جيلبرت يترك القصة تتحدث عن نفسها ، وبالرغم أنه يكتب كصديق ملتزم لإسرائيل فإنه يبذل أقصى جهده ليكون عادلاً "




Just to point out that he is Jewish and pro-zionist

I will hopefully come back to discuss few ,highly controversial points in your posts above when i have more time and can access arabic keyboard

ta


إسرائيل من تاريخها وما فعلته بنا - آمون - 10-20-2006


أوبااااااااا طلع يهودي وصهيوني كمان :mad:

بصراحة لم أهتم أن أعرف عنه بأكثر مما قدمه الناشر في صفحة تمهيدية من الكتاب نفسه ، والتعاطف مع إسرائيل الذي قلتُ أني لاحظته عليه ظهر لي من خلال محاولته إحداث توازن من نوع ما في بعض الحالات ، مثلا إذا ارتكبت قوات يهودية مجزرة في حق قرية عربية فأنه يحكي وقائع المجزرة ويصف فظائعها دون مواربة ولكنه حين يعرض للأصوات اليهودية داخل إسرائيل الناقدة والمستنكرة للحدث يبالغ بعض الشيء في تضخيمها فيما يبدو لي ، وفي حالات أخرى يبدو اعتذاريا عن مثل هذه الجرائم من خلال تمهيده وطريقة عرضه "للأسباب" التي أدت إليها ، لكنه في كل الأحوال لا يخفي شيئا يمكن أن يكون مشيناً في حق إسرائيل .

أشوفك بعد حل مشكلة الكيبورد العربي .


إسرائيل من تاريخها وما فعلته بنا - آمون - 10-20-2006

في البدء كانت اللغة

اكتسب الشعور القومي المتصاعد بين يهود فلسطين زخما جديدا في عام 1889 حين بادر اليهودي المولود في روسيا أليعازر بن يهودا ومجموعة صغيرة من أصدقائه بتشكيل مجموعة هدفها المعلن هو "نشر استخدام اللغة العبرية بين الناس من كافة مناحي الحياة" وبعد عام واحد من تأسيسها انتخبت المجموعة لجنة تختص باستحداث ترجمات عبرية للمفردات الحديثة وخلق نظام متناسق للصوتيات (طريقة النطق) العبرية يكون مشتركا مع الأخذ في الاعتبار أن كل جماعة يهودية موجودة في فلسطين كان لها طريقتها الخاصة في نطق اللغة العبرية التي تعلمتها في بلدانها الأصلية في الصلاة وغيرها من الأغراض المقدسة .

حدد بن يهودا أهداف الجمعية على النحو التالي : "إعداد اللغة العبرية بحيث تكون صالحة للاستخدام في كافة أوجه الحياة ـ في المنزل والمدرسة ، في الحياة العامة ، في قطاع البزنس ، في الصناعة والفنون والعلوم ....... والاحتفاظ بالطابع الشرقي لهذه اللغة وسمتها المميز في نطق الحروف الساكنة وفي بناء الكلمة والأسلوب ، وإكسابها المرونة اللازمة لتتمكن من التعبير بشكل كامل عن الفكر الإنساني الحديث " .

هذا "الطابع الشرقي" للغة العبرية الذي يحبذه بن يهودا كان يُعتقد أنه الأقرب إلى العبرية التوراتية في حين كانت العبرية الأشكينازية (الذي تربى هو نفسه عليها في روسيا) قد تغيرت طريقة نطقها بمرور الزمن وتحت تأثير الياديشية وأصبحت ـ من وجهة نظره ـ أقل أصالة ، وبالفعل راحت اللجنة تؤدي مهامها بحماس فقامت بإعطاء شكل حديث للجذور اللغوية القديمة واستخدمت جذورا لغوية عربية واستدخلت إلى العبرية الكلمات ذات الأصل العبري المستخدمة في اللغات غير السامية .

لم يكن اليهود من أصل روسي هم فقط المتحمسون لإحياء اللغة العبرية كلغة حياة يومية ولكن أيضا كان هناك التجمعات المتدينة القادمة من البلدان العربية ومن هؤلاء مجموعة من عدة ألاف من اليهود المهاجرين من اليمن والذي كان من بين قادتهم شالوم بن جوزيف الشيخ الذي كان معلم لغة رائداً لمجموعته (ومن عام 1908 إلى وفاته في 1944 كان الحاخام الأكبر ليهود القدس المهاجرين من اليمن ) .


أكتفي بهذه النبذة عن مشروع بن يهودا لإحياء اللغة العبرية ، ورغم أنني رجعت إلى عدد من الكتب عن تاريخ إسرائيل غير كتاب جيلبرت بغرض الحصول على النص الكامل لوثيقة تأسيس مجموعة العمل التي شكلها لتنفيذ المشروع لكن لم أوفق للأسف .

والحق أنني ـ وفي حدود معرفتي بتاريخ الحركة اليهودية ، صهيونية وغير صهيونية ، في فلسطين ـ أرى في هذه الوثيقة أحد التعبيرات الأبرز عن البداية الحقيقية لتنفيذ مشروع تأسيس دولة لليهود على "الأرض المقدسة" وبما يعني أن العام 1989 الذي كتبت فيه يمكن ترشيحه ليكون نقطة البدء في تاريخ تأسيس دولة إسرائيل .

قبل هذا التاريخ (1989) كانت هناك هجرات يهودية وبناء لقرى ومزارع ذكرتُ نماذج منها في مشاركة سابقة ولكن الغالب عليها أنها لم تكن منتظمة في حركة تتجه نحو تحقيق هدف بقدر ما عبرت عن محاولات للهروب من جحيم اللاسامية بالعودة إلى أرض الأجداد ، ولابد أن حلم العودة قد داعب خيال يهود كثر أو استقر في وجدانهم على مدى قرون سابقة لكن حلم العودة لا يعبر بالضرورة عن رغبة في انبعاث قومي واستقلال السياسي على النحو التي تأسست عليه الأيدلوجيا الصهيونية لاحقاً ، وصحيح أن هناك يهودا عبروا عن نيتهم في السعي لاستقلال سياسي يهودي في فلسطين إلا أن التاريخ ـ على عكس الله ـ لا يلتفت إلى النيات في حد ذاتها ولا إلى الأحلام إلا في اللحظة التي تشق النيات والأحلام طريقها نحو التجسد في حركة بشر ووقائع على الأرض ، وما كان مشروع أليعازر بن بهودا لإحياء وتحديث وتعميم اللغة العبرية إلا تعبيرا عن لحظة تجسد بالغة الأهمية من هذا النوع ، مع الإشارة هنا إلى ما أولاه الفكر القومي في أوربا (وفي العالم العربي لاحقاً) من أهمية لعامل اللغة في تجميع البشر وإدراجهم في كيان جديد يسمى تقليديا بـ "الأمة ـ الدولة" .

يبقى أن نلاحظ أن النشاط اليهودي في فلسطين ، هجرة واستيطاناً وإنتاج فكر ، حتى قرب نهاية القرن التاسع عشر كان مقتصراً على يهود مهاجرين من خارج دائرة الغرب الأوربي ـ الأميركي ، والقطاع منهم الأكثر حركية وطموحا ـ ولعلنا نقول الأكثر صهيونية ـ جاء من روسيا .

في العقد الأخير من القرن المذكور وفي أجواء صنعتها أحداث مثل محاكمة الضابط اليهودي الفرنسي دريفوس وانتخاب السياسي النمساوي ذي التوجه اللاسامي المعلن كارل لويجر عمدةً لفيينا بدأ نبي الصهيونية تيودور هرتزل التبشير بدعوته والاتجاه بها نحو الغرب الرأسمالي الليبرالي ، وهذا سيكون موضوع حلقتنا القادمة :)








إسرائيل من تاريخها وما فعلته بنا - skeptic - 10-22-2006

اقتباس:  آمون   كتب/كتبت  
 
أوبااااااااا طلع يهودي وصهيوني كمان :mad:

بصراحة لم أهتم أن أعرف عنه بأكثر مما قدمه الناشر في صفحة تمهيدية من الكتاب نفسه ، والتعاطف مع إسرائيل الذي قلتُ أني لاحظته عليه ظهر لي من خلال محاولته إحداث توازن من نوع ما في بعض الحالات ، مثلا إذا ارتكبت قوات يهودية مجزرة في حق قرية عربية فأنه يحكي وقائع المجزرة ويصف فظائعها دون مواربة ولكنه حين يعرض للأصوات اليهودية داخل إسرائيل الناقدة والمستنكرة للحدث يبالغ بعض الشيء في تضخيمها فيما يبدو لي ، وفي حالات أخرى يبدو اعتذاريا عن مثل هذه الجرائم من خلال تمهيده وطريقة عرضه "للأسباب" التي أدت إليها ، لكنه في كل الأحوال لا يخفي شيئا يمكن أن يكون مشيناً في حق إسرائيل .  

أشوفك بعد حل مشكلة الكيبورد العربي  .

بصراحة أنا لم اسمع بهذا المؤرخ من قبل-ليس لقلة شهرته كما يبدو وإنما بعيد عنك لنقص سمعي, وتنبلتي وقلة قراءاتي. دخلت الموضوع ,و مع مداخلتك الأولى توضح لي بشكل أكيد أنه يكن إعجاباً ليس سطحياً للحركة الصهيونية خاصة من الإهداء, ومداخلتك الثانية أحسست معها بشكل شبه قاطع أنه ذو خلفية يهودية, غوغلت مستخدمة )martin gilbert,jewish hisrorian)-شوف البجاحة لما الواحد بيبقى شبه متأكد.. وأوبااا.. ظهر صاحبنا وبان

غرضي فقط كان التأمين على شيئ ذكرته أنت....و أني فقط من مقطعين أحسست ما أحسسته أنت من تعاطف بدا لك من كتاب كامل, وليس تلميحاً أو تعريضاً بالكتاب أو الموضوع! شيئ طبيعي ومتوقع أن يتسع طيف من كتبوا عن القضية الفلسطينية واسرائيل ليشمل كل التوجهات والأنتماءات -واللانتماءات- والخلفيات والقدرات والمنهجيات, وقد يثير الموضوع سؤالاً عن مدى قدرة تصدي مؤرخ يرى في الصهيونية حركة رومانسية الأهداف ويقر طموحها النهائي-وإن اختلف معها على بعض التفاصيل التي لا بد وأن تحدث في مسيرة اي حركة- موضوعياً لقضية شائكة كنشأة اسرائيل و إلغاء فلسطين وما معايير الموضوعية نسبياً... يعني الجدل فكري وأخلاقي وثيولوجي وجغرافي سياسي وإلخ... وهو ربما أثير بشكل عابر لآخر مرة عندما ألغت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها القاضي باعتبار الصهونية حركة عنصرية( وحطم السفير الأميركي وقتها الرقم القياسي في الوثب العالي, ورقمآ أخر لأطول عناق مباشر عالى الشاشة بمشاركة السفير الاسرائيلي as a co-star :D), لكن يبقى السؤال إشكالياً لم ولن يحل بقرار سياسي كذاك.. أو فيلم سبلبيرغي متقن...

نقرأ معك قراءتك الثانية وشكراً لجهدك
(f)


إسرائيل من تاريخها وما فعلته بنا - آمون - 10-22-2006

العفو ، وشكرا لكِ على اهتمامك بالمتابعة (f)





إسرائيل من تاريخها وما فعلته بنا - آمون - 10-22-2006

تيودور هرتزل (1860-1904)

ولد تيودور بنيامين هرتزل (أيضا "هرزل") في بودابست عاصمة المجر عام 1860 ، ثم انتقل مع أسرته إلى فيينا عام 1878 والتي حصل على الدكتوراه في القانون من جامعتها عام 1884 ، وعمل بعد ذلك ككاتب مسرحي وصحفي ، وكان مراسلاً صحفيا في باريس حين جرت أحداث محاكمة دريفوس الشهيرة وما صاحبها من تجليات لاسامية صارخة .

في فرنسا ، وفي عام 1894 تم اكتشاف ورقة مهملة في سلة القمامة الخاصة بمكتب الملحق العسكري الألماني بباريس تحتوى على معلومات عسكرية وفيها إشارة إلى أن أحداً من داخل الجيش الفرنسي يتجسس لصالح الألمان ، وكان أن اتجهت الشكوك إلى الضابط اليهودي بالجيش الفرنسي الرائد ألفرد دريفوس ، المنحدر من أسرة يهودية هاجرت إلى باريس من مقاطعة الإلزاس الحدودية بعد أن ضمتها ألمانيا إلى أراضيها عام 1871 ، وبالفعل تمت محاكمته في محكمة عسكرية سرية لم تُتح له فرصة الدفاع عن نفسه وحكم عليه بالسجن مدى الحياة ورّحل إلى "جزيرة الشيطان" (مستعمرة فرنسية قبالة سواحل أميركا الجنوبية) بعد أن تم تجريده من رتبته العسكرية في مراسم عسكرية مهينة .

لم تنته قضية دريفوس عند حد محاكمته وإدانته إذ من داخل الجيش الفرنسي نفسه ظهر من يشكك في عدالة المحاكمة وانتهى الأمر بحصوله على عفو من رئيس الجمهورية الفرنسية عام 1899 ثم حصل على البراءة وأعيدت إليه رتبته العسكرية عام 1906 ، لكن يبقى الجدل الذي أثارته هذه القضية داخل فرنسا وعلى كافة المستويات دالاً على أن العداء للسامية كان ما زال حياً عقول وقلوب الكثير من الفرنيين نخباً سياسية ودينية وعامةً ، ولا يفوتنا هنا أن نشير إلى المقالة الاحتجاجية التي كتبها الروائي الفرنسي الكبير إميل زولا بعنوان "أتهم .." (J’accuse…) والتي يدين فيها تواطؤ الجيش وهي المقالة التي أصبحت لاحقا نموذجا لموقف المثقف كضمير للمجتمع ، وفي سياق السجال ادعت قيادة الكنيسة الكاثولوكية واليمين الفرنسي أن "جريمة" دريفوس جزء من مؤامرة يهودية ـ ماسونية هدفها تدمير فرنسا بعد تحطيم جيشها ، أما العامة فقد هتفوا "الموت لليهود" في شوارع باريس .

عايش هرتزل أحداث قضية دريفوس بحكم وجوده في باريس كمراسل صحفي وأرعبه المدى الذي وصلت إليه اللاسامية في فرنسا ، ورغم أن اللاسامية ليست بالطبع جديدة عليه فقد عايش بعضا منها في فيينا إلا أن فرنسا ، بلد ثورة الإخاء والمساواة والحرية ومعقل التنوير الأوربي ، كان يُظن أنها على شيء من الحصانة ضد هذا الانحدار الأخلاقي المفجع ، وبالنتيجة كان لهذه القضية تأثيرا كبيرا على وعي هرتزل وسائر اليهود في فرنسا وخارجها ، ودارت الأسئلة حول المستقبل والمصير اليهوديين ، وبحسب مارتن جيلبرت كان مطروحا على الوعي اليهودي الاختيار بين ثلاثة حلول خلاصية :

1- أن يذوب اليهود (الذوبان ليس هو الاندماج) في المجتمعات التي يعيشون فيها .
2- أن يناضلوا على طريق الاشتراكية الثورية التي ستخلص العالم من شروره ومنها اللاسامية (للفكر الاشتراكي الثوري خلفية يهودية لا تخطئها عين إن تأسيسا نظريا و "علمياً" ً له على يد "اليهودي" كارل ماركس أو استلهاما وتطبيقا عمليا وحركيا من نوع الدور البالغ الأهمية والتأثير الذي لعبته عقول روسية يهودية في ثورة البلاشفة وصولا إلى روزا لوكسمبورج وكارل ليبكنيخت و "ثورة برلين" الفاشلة ، والمهم هنا أن الثورية الاشتراكية كطريق للخلاص اليهودي كانت اختيارا لبعض من أكبر العقول اليهودية في العصر الحديث تماما كما كان المشروع الصهيوني خياراً ليعضهم الآخر )
3- البحث عن وطن لليهود يعيشون فيه ويحكمون أنفسهم .

انحاز هرتزل للحل الثالث ، وكان يعتقد أنه بإمكانه إقناع اليهود كما "الأغيار" بفكرته عن تأسيس وطن لليهود في فلسطين فقام بالاتصال بالخليفة العثماني ومخاطبة قيصر ألمانيا كما طرح مشروعه على الشخصيات اليهودية البارزة في أوربا الغربية ، لكن كثيرين من هؤلاء اليهود اعتبروا دعوته ضربا من الجنون وعندما أرسل خطاباً إلى عائلة روتشيلد الفرنسية لم يتلق ردا ، إلا أنه وجدا حليفاً قويا هو الفيزيائي والفيلسوف ماكس نورداو والذي كان وقتها يعمل أيضا مراسلاً صحفيا في باريس ، قال نورداول لهيرتزل "لو كنتَ مجنوناً فأنا وأنت مجنونان ، يمكنك الاعتماد علي" .

أسس هرتزل "المنظمة الصهيونية العالمية" عام 1896 وكانت كلمة "صهيونية" قد ظهرت لأول مرة قبل أربع سنوات وظهرت في وقت كانت التيارات القومية يشتد عودها في أكثر من مكان ، وفي عام 1896 أصدر كتاباً بعنوان "الدولة اليهودية" ذكر فيه بوضوح أن "فلسطين هي وطننا التاريخي الذي لم يغب عن ذاكرتنا . إن مجرد اسم فلسطين يجذب اليهود بقوة غير عادية " ، وفي إشارته إلى مسئولية اللاسامية الأوربية في الوصول باليهود إلى حالتهم التي هم عليها يقول هرتزل " لقد بذلنا جهدنا في سبيل الاندماج في المجتمعات التي نعيش فيها على أن نحافظ فقط على العقيدة الدينية التي ورثناها عن أبائنا ولكن لم يُسمح لنا بذلك " ، ولأنه كان يعتقد أن المعاناة المشتركة هي الحافز لوحدة اليهود كتب يقول : " في وحدتنا اكتشفنا فجأة قوتنا ، نعم نحن أقوياء إلى الدرجة التي تسمح لنا بتأسيس دولة بل دولة نموذجية ، نحن نملك كل الموارد الإنسانية والمادية اللازمة لتحقيق هذا الهدف " .

في كتابه المذكور وصف هرتزل وبالتفصيل طبيعة العمل المطلوب من أجل تحقيق الهدف المعلن ، من الهجرة إلى شراء الأرض وبناء المساكن وقوانين العمل والصناعة والتجارة والتعليم والحياة الاجتماعية للدولة المنتظرة . وحسب تصوراته ستكون الدولة الموعودة دولة نموذجية دائمة التطور وعلى صورة الديموقراطيات الأوربية لكن بقيم يهودية وستكون علمانية محكومة بقوانين مستمدة من التشريعات المدنية الأوربية ، واقتداءً بالنموذج الأوربي ـ الأميركي ستفصل بين الدين والدولة وتتطلع للمستقبل وليس للعصور الوسطى ، ولن تكون الدولة الجديدة "غيتو" لليهود يعيشون فيها منفصلين عن التطورات التي تحدث حولهم وفي العالم ولكنها ـ على العكس ـ ستتيح لهم الظهور على مسرح العالم الحديث بعد قرون من العزلة وستكون نموذجا للتنوير والتحرر إذ ستشهد ميلاد اليهودي الحديث على أرضه وستفتح الباب أمام اليهود الذين يعيشون في مجتمعات متخلفة أن يهاجروا إليها تاركين مآسيهم خلف ظهورهم ومتطلعين للحياة الحديثة المتقدمة في وطنهم الجديد .

ومما ذكره هرتزل في كتابه أيضا أنه إذا ما قدر لليهود "الاستقرار في وطنهم" فلن يعود بالإمكان تشتيتهم منه مرة أخرى ، يقول " إن الدياسبورا (الشتات) لن تتكرر مرة أخرى إلا إذا انهار العمران على الأرض" ويقول " ها هي فكرتي ، بني جلدتي اليهود ، إنها ليست خرافة أو وهماً ويستطيع كل فرد منكم أن يختبر صدقيتها بنفسه ..... يجب أن تصل الفكرة إلى أبعد مكان وأتعس مكان يعيش فيه يهود لتضفي على حياتهم معنىً جديداً " ، وفي إشارة إلى اليهود الذي قادهم جوداس ماكابيوس (يهودا الماكيابي) الذين أسقطوا حكام فلسطين في الحقبة قبل الرومانية يقول هرتزل " إن الماكابيين سيعودون ثانيةً، أخيراً سنعيش أحراراً في وطننا الخاص وحيث سيكون بإمكاننا أن نموت بسلام في بيوتنا" .