حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
للتعريف بـ (الســـودان) وحضارته وتأريخه وسياسته وأثره على حضارة مصر والعالم - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: للتعريف بـ (الســـودان) وحضارته وتأريخه وسياسته وأثره على حضارة مصر والعالم (/showthread.php?tid=14664) |
للتعريف بـ (الســـودان) وحضارته وتأريخه وسياسته وأثره على حضارة مصر والعالم - الاعصار - 10-02-2006 # الاســـم:- "بلاد الســـودان" اسمٌ أطلقه عرب (شبه الجزيرة العربية) على ذلك الجزء من القارة الافريقية، ويقع جنوب الصحراء الكبرى، والذي يمتد من المحيط الأطلسي غربا وحتى البحر الأحمر والمحيط الهندي شرقا، بينما تعرف بهذا الاسم الآن الرقعة الواقعة جنوب مصر في الجزء الأوسط من حوض النيل، أي ســـودان وادي النيل على وجه التحديد. يحتل ســـودان اليوم في حدوده السياسية مليون ميـل مربع، ويحده شمالا كل من مصر وليبيا، وغربا تشاد وافريقيا الوسطى، وجنوبا كينيا واوغندا والكونغو، وشرقا اثيوبيا واريتريا والبحر الأحمر. لكننا نتناول هنا الجزء شمال خط العرض الثالث عشر. # طقس الســـودان:- طقس الســـودان عبارة عن صراع بين الرياح الشمالية والجنوبية، ففي الشتاء تهب من الشمال رياح باردة جافة، أما الرياح الجنوبية فهي التي تجلب للســـودان أمطاره. # الســكَـان:- إن موقع الســـودان في الجزء الأوسط من حوض النيل جعل سكانه خليطا من عناصر مختلفة نزحت اليه من دول الجوار، فالمواقع الجنوبية واقعة كلها تقريبا داخل نطاق العناصر الزنجية، والى الشمال من الســـودان طغت السلالة القوقازية، وتأثرت بلاد الشرق بالهجرات الحاميَـة، والى الغرب الصحراء الليبية وفيها جماعات لها صفات البربر. كما أن للســـودان جماعات عرقية انفرد بها، مثل: (البجـــا، والمجموعات النيليَــة). # اللغـــة:- في عهد الدولة الوسطى عندما احتل السودانيون جزءاً من مصر ومعظم الأجزاء في عهد الدولة الحديثة، أصبحت اللغة "الفرعونيَــة" هي اللغة الرسمية، ولكن بعد أن تخلى "الكوشيُــن" عن مصر انقطعت الصلة بمصــر وتلاشت معرفة الســـودانيين باللغة المصرية رويد رويدا. وفي تلك الفترة أطل على "كـــوش" عهد كتبت فيه اللغة الكوشيــة، التي كانت لغة التفاعم بين الكوشيين قبل ظهور الكتابة الجديدة وهي الكتابة "المرويــة" نسبة لمدينة "مروي" الواقعة على الضفة الشرقية للنيـــل، شمالا من محطة "كبوشيَــة" أي قرية "البجراويــة" الحالية، والتي كانت عاصمة الســـودان ما بين القرن السادس قبل الميلاد والقرن الرابع الميلادي-. وتعرف اللغة المرويــة من عدة كتابات أثرية وجدت في وادي النيل (ما بين أســوان شمالا، وســـوبا جنوبا). كانت اللغة المرويَــة تكتب على نهجين: الهيروغليفية المروية، والديموطيفية المروية (الكتابة بالصور والحروف). وتتكون الحروف الهجائية للغة المروية من ثلاث وعشرين حرفاً، منها أربعة حروف معتلَــة، وتسعة عشر حرفا من الحروف الســاكنة. ولم يستطع علماء الآثار العالميين من حل رموزها حتى الآن!! ومن أهم المحاولات التي أجريت لدراسة اللغة المروية السودانية هي الدراسات التي قام بها العالم الإنجليزي (قرفث)، فقد كان من أوائل المهتمين بهذه اللغة والدارسين لها. وقد قام بوضع خطوطا عامة لقواعد هذه اللغة، كما قام بترجمة بعض النصوص التي كتبت بها لحل رموزها. وتعتبر تلك الدراسات الآن من أهم المراجع والمصادر التي نستقي منها المعلومات الخاصة بهذه اللغة، فقد قام قرفث بموازنة الرموز المروية بالصور الهيروغليفية، كما تمكن من تعيين أصواتها. ولمدة طويلة بعد قرفث لم تحظى اللغة المروية بدراسات تذكر إلى أن جاء العالم النمســاوي (زيهلارز) -الذي نشر في عام 1928 "قواعد اللغة النوبية"- مما أحدث تقدما عظيما في دراسة تلك اللغة ووضع أسس ثابتة لدراستها وتوضيح مشكلاتها. وقد نشر زيهلارز دراسات هامة عام 1930، حيث استنتج أن اللغة المرويَــة تنتمي الى اللغات الحاميَــة مثل النوبية القديمة واللغات البربرية في شمال افريقيا واللغات الحامية في شرق افريقيا مثل البجــا والغالا والصومــال. ثم نشر البروفيسر (فيرتزهنتزا) عام 1955 عرضا جديدا يتعلق باللغة المرويَــة تناول فيها آراء زيهلارز بالنقد، وانتهى في دراسته إلى أن اللغة المرويَـــة لا صلة لها بأي لغة افريقية!! آخر بحث وصلنا في هذا المجال هو بحث (بروس ترقر) الذي تناول بالنقد والعرض جميع الأعمال التي قام بها العلماء من قبل، وانتهى الى أن اللغة المرويَــة لها علاقة باللغة النوبية، وانها تنتمي أصلا إلى مجموعة اللغات المعروفة بالسودان الشرقي. وقد اختلف العلماء في أصل اللغة النوبيَــة، فمنهم من يقول بأنها حاميَــة الأصل، وآخرون يرون بأنها حامية الأصل تأثرت بمؤثرات أجنبية. وبعد أن أفل نجم "مروي"، حلت اللغة النوبية محل اللغة المرويَــة في ســـودان وادي النيل، وعندما وصل المبشرو الســـودان واعتنق أهله -رسميَــاً- الديانات المسيحيَــة في منتصف القرن الســادس، كتبت اللغة النوبية بالأبجدية القبطية التي أضاف اليها النوبيون ثلاثة حروف لآصوات لا توجد في اللغتين القبطية والاغريقية، وعليه فقد استخدموا اربعا وثلاثين حرفا لكتابة هذه اللغة. * تجدر الإشارة إلى أن اللغة النوبية تستخدم إلى يومنا هذا بلهجات ثلاث:- (الكنزيَـة/ المحسيَــة/ الدنقلاويَــة). # أقدم الصلات بين السودان وغيره من البلاد:- إن موقع الســـودان بين غرب افريقيا وأمم الشرق مع اتصاله بالبحر الأحمر واحتلاله معظم مساحة وادي النيل، وكونه يربط بين اوروبا ومنطقة البحر المتوسط واواسط افريقيا. هذا الموقع المتميز في ملتقى الطرق الافريقية جعله يتبوأ المركز المرموق بين أمم القارة الافريقية على مر العصور، كما ظل على اتصال دائم بجيرانه وغيرهم. 1) مصر:- من الطبيعي أن تنشأ علاقات سياسية وثقافية وتجارية بين مصر والبلاد السودانية منذ الأزل. فكان قدماء المصريين يذكرون \"أرض الأرواح\" أو \"أرض الله\"، فقد بهرتهم خيرات السودان وامكانياته المعدنية والزراعية والحيوانية والبشرية، واستفادوا منها في توطيد أركان دولتهم، وحاولوا مرار وتكرار بسط نفوذهم على السودان واحتلاله للاستفادة من امكانياته. كما أن فراعنة السودان كذلك احتلوا معظم أجزاء مصر بالكامل وحكموها مرار وتكرارا... لذلك فإننا نلاحظ أن العديد من الحضارات والديانات التي انتشرت في السودان جاءت من أنحاء مختلفة من العالم عبر مصــر. 2) اليــونـان:- كان الاغريق يطلقون على البلاد الواقعة جنوب مصر اسم "اثيوبيا"، وكانوا ينظرون اليها نظرة اعجاب وتبجيل. وقد ذكر (هوميـروس): "إن الألهة يجتمعون في الســـودان في عيدهم السنوي."! كما ذكر عاصمتها "مروي". وذكر (ديودورس): "إن السودانيين هم أول الخلق على الأرض، وهم أول من عبد الألهة وقدم لها القرابين. وأن السودانيين هم من علموا المصريين الكتابة." وفي العهد المروي كانت العلاقات ودية بين (البطالسة) و(السودانيين)، وازدادت قوة هذه العلاقات في عهد (بطليموس الثاني)، ونشطت التجارة في عهده. كما أن الاغريق أعجبوا أيما اعجاب بالمقاتل والجيش السوداني، وانبهروا بمهارتهم في استخدام الأقواس، فأطلقوا عليهم اسم "أصحاب الأقواس"، والغريب أن هذا الاعجاب انتقل الى الجيش الاسلامي الذي فشل في فتح السودان بالقوة لشجاعة وقوة الجندي السوداني، وأطلق المسلمون على الجيش السوداني الاسم المشهور (رمـــاة الحـدق). عموما كانت العلاقة وثيقة بين "كـــوش" واليونانيين الاغريق، إذ نلاحظ بوضوح تأثير اليونانيين على بعض الآثار التي تركتها لنا "مروي". 3) الرومـــان:- حينما غزا الرومان مصر وورثوها عن البطالسة حاولوا الاحتفاظ بالحدود الجنوبية لمصر كما هي، وهكذا بدأ عهد جديد من العلاقات بين مصر (اليونانية) وملوك "كـــوش"، إذ لم يعترف الكوشيون بحق الرومان في اقليم "روديكاشنوش"، وبسطوا نفوذهم عليه باعتباره جزءا من بلادهم، واضافة الى ذلك فقد ساعدوا المصريين الذين ثاروا على الرومــان عام 39 ق.م. عندما ظهر جباة الضرائب لأول مرة في اقليم "طــيبة". أقلقت مملكة "كـــوش" الرومان في مصر وهددت جيوشها دوما الحدود الجنوبية للامبراطورية الرومانية في مصر، فتم نقل الحامية الرومانية من (المحرقة) إلى (أســـوان). كما قدر أتاوة سنوية لأهل "كـــوش" على أن لا يقوموا بعمل عدائي ضد روما. وقد نجح هذا الامبراطور في وقف غارات أهل "كــوش" على حدود مصر التي استمرت خلال الثلاث قرون التي سبقت عهده. وتوضح آثار العهد "المروي" العلاقة الوثيقة بين الرومان والكوشيين، خاصة فيما يتعلق بفن العمارة. 4) الجزيرة العربية:- إن الصلة بين السودان والعرب قديمة وتعود إلى ما قبل الإسلام، وهذا ما تثبته الحقائق الجغرافية والروايات التأريخية، فقد كان الإتصال عبر البحر الأحمر بين الشواطيء العربية والافريقية. وكانت التجارة من أهم أغراض هذا الإتصال، فقد ازدهرت تجارة الصمغ والعاج والبخور والذهب بين الجزيرة العربية من ناحية، وبين موانيء السودان ومصر والحبشة من ناحية أخرى. وقد اتخذ العرب مركزا لهم على الشاطيء الافريقي ونزحوا منها الى القلب الافريقي حتى السودان. كما أنه في الألفين سنة الماضية هاجرت جماعات عربية كبيرة من الحجاز وجنوب الجزيرة العربية الى الحبشة ومنها الى السودان. هذا وقد عبر في القرنين السابقين للميلاد عدد كبير من اليمنيين مضيق باب المندب واستقر بعضهم في الحبشة، وتحرك البعض الآخر مع مجرى النيل الأزرق ونهر عطبرة ووصلوا بلاد النوبة. ويحدثنا (ابن خلدون) عن حملات عسكرية قامت بها قبائل حمير (الحميريون) في وادي النيل الأوسط (الســـودان) وشمال افريقيا، وتركت ورائها جماعات استقرت في بلاد النوبة وأرض البجــة (شرق السودان) وشمال افريقيا. اضافة لكل هذا، فقد كانت للسودان علاقات مع (ليبيـــا) منذ قديم الزمان، كما كان متصلا بالحبشة. كما أنه في الآثار السودانية نلمس اتصالا بالحضارة (الهنديَــة). وهكذا يتضح أن السودان كانت له علاقات تأريخية مع شعوب العالم المختلفة. وأهم مميزات الحضارة السودانية "معبـد الشمـس" -الذي تسامع به الناس في كل ركن من أركان العالم المعروف-. كما توجد في "مروي" أكواما عالية هي آثار فضلات الحمم التي كانت تخرج من أفران صهر الحديد. فقد وصف علماء الآثار والتأريخ "مروي" بـ (برمنغهام العصر القديم)، فقد وضعت أسس صناعة الحديد والصلب في العالم أجمع. وتميزت حضارة "كرمة" بالتميز في صناعة الفخار الممتاز الذي يعرف عند علماء الآثار بـ (خزف كرمة)، والذي يعتبر أجود أنواع الخزف المعروف في وادي النيل منذ فجر التأريخ. # معالم في التاريخ السياسي الســـوداني:- * العصر الحجري 8000-6000 ق.م. * العصر الحجري الحديث (حضارة المجموعة الأولى، الثانية، الثالثة، الرابعة، والمجموعة س) 6000-3200 ق.م. * مملكة (نبتــة) 760-653 ق.م. * مملكة (مــروي) 350 ق.م.-0 * وصول المبشرون المسيحيون للنوبة في القرن الســادس الميلادي. * مملكة (دنقــلا) المسيحيَــة 710-1317 م. * دخول الإســلام للســـودان في القرن الســابع الميلادي (عبر اتفاقية "البقــط" بين عبد الله بن أبي الســرح والنوبة عام 31 هـ.). * سلطنــة (الفــونج) القرن 15 م. *سلطنــة (الفـــور) 1596-1875 م. * الاحتلال العثمــاني للســـودان بقيادة (محمَــد علي بـاشـا)، وسقوط مملكـة (الفــونج) 1821 م. * الجنرال (غــردون) الإنجليزي يحكم الســـودان 1877 م. * بداية الثورة المهديَــة 1881 م. * (محمَـد أحمد "المهــدي") يعلن الجهاد ويهزم الجيش الانجليزي في معركة (شــيكان) 1883 م. * سقوط "الخــرطوم" بيد (المهــدي) ، ومقتل (غــردون بـاشـا) 26 ينـــاير 1885 م. * وفاة (المهــدي) وتولية الخليفة (عبد الله التعايشي) زمام الحكم 1885 م. * موقعة (كــرري) وبداية الإستعمار الثنــائي (الإنجليزي-المصــري) 1898 م. * ثورة (اللــواء الأبيض) 1924 م. * قيام (مؤتمــر الخريجين) 1938 م. * استقلال الســودان، وتولي السيد (إسمــاعيل الأزهري) رئاسة الوزراء 1/1/1956 م. * الانقلاب العسكــري بقيادة (الفريق/ ابراهيم عبود) نوفمبر 1958. * قيام انتفاضة (اكتوبر) الشعبية، اكتوبر 1964 م.، واسقاط (عبود) واستعادة الديموقراطية، وارجاع (إسمـــاعيل الأزهري) للحكم بالنتخابات رئيسا للجمهورية، والأستاذ (محمَـد أحمد المحجوب) رئيسا للوزراء. * قيام الإنقلاب العسكري، مايــو 1969، بقيادة (الفريق/ جعفر محمَـد نميري) على الديموقراطية، بالتعاون مع كل من القوميين العرب والشيوعيين، ودعم مباشر من (جمال عبد الناصر)، وأسقطت الديموقراطية للمرة الثانية. * المحاولة الانقلابية الفاشلة للحزب الشيوعي الســـوداني بدعم مباشر من (الإتحاد السوفييتي) عام 1971 م. * قيام الانتفاضة الشعبيــة والاطاة بنظام (نميري) الدكتاتوري، واعادة الديموقراطية الثالثة للســـودان، 1984 م. * اجراء الانتخابات الحرة، وتكوين حكومة ديموقراطية بقيادة (السيـد/ أحمد الميرغني) رئيسا للجمهورية، و(السيــد/ الصادق المهدي) رئيسا للوزراء . * الإنقلاب العسكري الثالث على الديموقراطية الثالثة، يونيو 1989 م، بتخطيط وتنفيذ الإســلاميين المدنيين والعسكريين بقيادة (د/ حســن عبد الله الترابي) وتنصيب (العقيـد/ عمر حســن أحمد البشيــر) رئيسا للجمهورية.. للتعريف بـ (الســـودان) وحضارته وتأريخه وسياسته وأثره على حضارة مصر والعالم - أبو خليل - 10-05-2006 هلا تفضلت و اتيتنا بمعلومات عن اسباب و تاريخ الصراع بين الشمال و الجنوب, و هل صحيح ان الاستعمار الانكليزي كان يمنع التواصل بين الشطرين كي ينتهي الامر بدولتين؟ :97: للتعريف بـ (الســـودان) وحضارته وتأريخه وسياسته وأثره على حضارة مصر والعالم - الاعصار - 10-07-2006 [SIZE=4] اقتباس: أبو خليل كتب/كتبت مرحبا بك أخي (أبو خليل)، ولك الشكر الجزيل لمرورك واهتمامك ومشاركتك بالموضوع.. حقيقة سؤالك هام جدا من حيث أن سياسة "المناطق المغلقة" التي انتهجها الإستعمار (البريطاني -بالتحديد-) أو ما كان يسمى في مقرراته حينها... إذا كان الاستعمار الإنجليزي قد عرف باللين (على خلاف الاستعمار الفرنسي) -الذي وصل لدرجة تشويه الثقافة العربية في مستعمراته العربية التي تأثرت بهذا التشويه إلى يومنا هذا-، إلا أن هذا اللين كان يخفي وراءه سياسة خبيثة ممعنة في اللؤم والإجرام. كان يخفي السياسة الحقيقية للاستعمار الإنجليزي، وهي تمزيق الشعوب وبذر بذور العداوة والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد، وهذه هي السياسة التي سار عليها الإنجليز في جميع مستعمراتهم تقريباً، فهم قد خلقوا في الهند دولتين، هما الهند والباكستان، بالإضافة إلى تشجيع نظام الإمارات الذي اشتهرت به الهند. وهم في العراق قد خلقوا مشكلة الأكراد التي استنـزفت وتستنـزف طاقات الشعب العراقي. وهم في الشام سلبوا الشعب الفلسطيني أرضه وسلموها لليهود عن طريق مؤامرة يندى لها جبين البشرية، وجعلوا من الشعب الفلسطيني الآمن المستقر شعباً من اللاجئين، عاش ويعيش في الخيام على مدى واحد وعشرين عاماً وما يزال، ليستقر فيها اليهود الوافدون من دول أوروبا وأمريكا وغيرها، لا لشيء إلا ليكونوا ركيزة للاستعمار الحديث في منطقة الشرق الأوسط. وهم في نيجيريا قد عملوا على تقسيمها إلى دولتين وما زالت رحى الحرب الأهلية دائرة هناك بهدف إخضاع إقليم بيافرا المنشق وإعادته إلى نيجيريا الأم. وهم في السودان عملوا على فصل جنوب السودان عن شماله، ووضعوا العراقيل والقوانين والإجراءات الإدارية التي تمهد لإبقاء جنوب السودان في عزلة عن الشمال، يخيم عليه الفقر والجهل والمرض، رغم ما فيه من خيرات. وللتعريف بجنوب السودان:- يطلق لفظ "جنوب السودان" على ذلك القسم الجنوبي من جمهورية السودان الديمقراطية والذي يشمل ثلاث مديريات، وهي:- 1) مديرية أعالي النيل: وعاصمتها مدينة ملكال. 2) مديرية بحر الغزال: وعاصمتها مدينة واو. 3) المديرية الاستوائية: وعاصمتها مدينة جوبا. وتشمل هذه المديريات الثلاث جميع حدود السودان الجنوبية مع الكونغو ، ويوغندا ،وكينيا ،كما تشمل معظم الحدود الجنوبية الغربية مع جمهورية أفريقيا الوسطى ، وبعض حدود السودان الشرقية المتاخمة للحبشة. وتبلغ مساحة هذه المديريات الثلاث حوالي ربع مليون ميل مربع أي ربع مساحة السودان (البالغ قدرها مليون ميل مربع.).. كما يبلغ تعداد سكان هذه المديريات الثلاث حوالي الـ (خمسة ملايين) نسمة، وهم ينقسمون إلى عدد كبير من القبائل، بعضها كبير يفوق تعداد أفرادها المليون، وبعضها لا يزيد عدد أفرادها على بضعة مئات. أهم قبائل "جنوب السودان":- تسكن بجنوب السودان قبائل عديدة، ولكن جميعها ترجع إلى فصيلتين: الأولى: القبائل "النيلية". والثانية: القبائل "النيلية الحامية". وأهم قبائل جنوب السودان من ناحية الكثرة العددية والنفوذ السياسي هي: 1- قبيلة الباري. 3- قبيلة الزاندي. 3- قبيلة الدينكا. 4- قبيلة النوير. 5- قبيلة الشلك. 6- قبيلة الأنواك. لم تظهر سياسة الإنجليز الرامية إلى فصل جنوب السودان عن شماله إلا في سنة 1917م، ففي تلك السنة، وتشجيعاً لإرساليات التنصير المسيحية والتقليل من انتشار الدين الإسلامي (خاصة دور الطرق الصوفية التي جاوزت الـ 56 طريقة صوفية في السودان، وأثرها على نشر الإســلام في افريقيا) ومنعاً له من الانتشار بالجنوب، جعلت العطلة الرسمية بالمديريات الجنوبية يوم (الأحد) بدلاً عن (الجمعة).. كما رحلت قوات الأمن التي كانت تتكون من العرب المسلمين إلى الشمال. وتضمن تقرير لجنة (ملنر) سنة 1921م توصية مضمونها ضرورة اعتماد حكومة السودان في إدارة جنوب السودان على أهل الجنوب.. وبناءً عليه، ومنذ سنة 1921م، لم يعد من الضروري حضور مديري المديريات الجنوبية إجتماع مديري مديريات السودان الذي يعقد بالخرطوم سنوياً. في سنة 1922م صدر قانون "الرخص والجوازات" لسنة 1922م، وبناءً على المادة (22) منه صدر قانون "المناطق المقفلة" والذي بموجبه أصبحت كل من (مديرية دارفور، والإستوائية، وأعالي النيل وبعض أجزاء من المديريات الشمالية، وكردفان، والجزيرة، وكسلا) مناطق مقفلة. وقانون المناطق المقفلة يحرم على غير المواطنين السودانيين دخول أو البقاء في هذه المناطق إلا بإذن خاص من السكرتير الإداري أو من مدير المديرية التي يتبعها ذلك الجزء الممنوع دخوله، وكذلك من حق السكرتير الإداري أو مدير المديرية المختص منع أي مواطن سوداني من الدخول أو البقاء في تلك المناطق. وقد استغل هذه القانون لمنع أبناء (المديريات الشمالية) -العرب- من دخول المديريات الجنوبية أو البقاء فيها. وفي سنة 1924م وتنفيذاً للسياسة القبلية التي اتبعها الإنجليز في كل السودان، نصح حاكم عام السودان البريطانيين الذين يعملون بجنوب السودان أن يتبسطوا في محادثاتهم الودية الخاصة مع زعماء العشائر، وأن يؤكدوا لهم أن أنسب مسلك يليق بهم هو المحافظة على عاداتهم وتقاليدهم القبلية، خاصة فيما يتعلق بالزي.. وفي نفس العام صرح السكرتير الإداري لحكومة السودان بأنه ليس هناك أي مبرر في أن يحكم العرب الشماليون الجنوبيين الزنوج، وأبدى مخاوفه من قيام دولة واحدة بالسودان يوماً ما، وهو بهذا كان يشير إلى ضرورة قيام دولة بالجنوب أو ضمه إلى دول شرق أفريقيا. وفي سنة 1925م كتب سكرتير عام المنصرين بالسودان خطاباً لرئاسة منظمات التنصير بلندن يتهم فيه حكومة السودان بأنها تعرقل سير التنصير بالجنوب، وذلك للأسباب التالية:- 1- أن حكومة السودان تعين الإداريين السودانيين المسلمين "مآمير" بالجنوب، وباتصالهم بحكم عملهم بالجنوبيين يرسخ في ذهن الآخرين أن الدين الإسلامي هو صاحب السلطان في البلاد. 2- تسمح حكومة السودان للتجار الشماليين بدخول الجنوب، فيختلطون بالجنوبيين يتجرون معهم بالنهار ويعلمونهم الدين الإسلامي بالليل. 3- يأتي بالإجازة أبناء الجنوب الذين يعملون بالشمال لزيارة ذويهم بالجنوب ويختلطون بالسكان ، ونظراً لأنهم يعتنقون الإسلام فإنهم يلقنونه لذويهم بالجنوب ، ولذلك فإنهم يهدمون في إجازتهم القصيرة ما يبنيه المنصرون في أعوام!! وفي سنة 1930م وضع السكرتير الإداري لحكومة السودان آنذاك (هارولد ماكمايكل) سياسته الرامية إلى فصل جنوب السودان عن شماله، ووضعت هذه السياسة على أساس قانون المناطق المقفلة لسنة 1922م، وادعى الإنجليز أن الهدف منها هو حماية جنوب السودان من حكم الشماليين. وقد ضمن السكرتير الإداري سياسته الجديدة في التوجيهات التي أرسلها إلى مديري المديريات الجنوبية الثلاث، والتي كانت فحواها: "إن السياسة الجديدة لحكومة السودان بالنسبة للجنوب هي العمل على بناء عدد من الوحدات العنصرية أو القبلية يكون لها طابعها ونظامها الخاص القائم على أساس التقاليد المحلية، ويقتضي تطبيق هذه السياسة أن يقوم غير المتكلمين بـ (اللغة العربية) بالوظائف الإدارية والكتابية والفنية، وأن توقف هجرة التجار الشماليين إلى الجنوب. وقد ترتب على ذلك:- 1- نقل كل الموظفين الإداريين والفنيين والكتبة من الشماليين الذين يعملون بالجنوب إلى الشمال. 2- منع الرخص عن التجار الشماليين الذين يعملون بالجنوب وترحيلهم إلى الشمال وإعطاء الرخص التجارية لليونانيين واللبنانيين. 3- ترحيل جميع المسلمين من الشماليين إلى الشمال. 4- محاربة الإسلام وطرد المسلمين من الأجناس الأخرى كـ (الفلاتة، والهوسة) من قبائل نيجيريا. 5- منع تدريس اللغة العربية بمدارس الجنوب. 6 - جعل اللغة الإنجليزية هي لغة التخاطب كلما كان ذلك ممكنا. 7- إغلاق المحاكم الشرعية بكل أنحاء الجنوب. وبالنسبة للمواطنين الجنوبيين فقد عمل الإنجليز على إبعادهم عن كل ما يتصل بالشمال أو الإسلام، وحتى أولئك الذين كانوا يحملون أسماء عربية أجبروا على تغيير أسمائهم، ومنع أو حرم التخاطب باللغة العربية لتحل محلها اللغة الإنجليزية الأجنبية.. كما أطلقت يد إرساليات التنصير المسيحية، ووضع التعليم تحت إدارتها وأمدت حكومة السودان الإرساليات بالأموال اللازمة لها (لدرجة أن إعانة حكومة السودان لتلك الإرساليات بلغت 95 في المائة من ميزانياتها!!)، فأخذت تلك الإرساليات تنشر رسالاتها التبشيرية ودعاياتها ضد الإسلام والعرب الشماليين في الجنوب (مستغلة بساطة الأهالي هناك)، وأدخلت في عقول هؤلاء البسطاء أن الشمال المسلم هو المسئول عن تجارة الرقيق، وأنه لا يرضى إلا باستعباد الجنوبيين للتعريف بـ (الســـودان) وحضارته وتأريخه وسياسته وأثره على حضارة مصر والعالم - الاعصار - 10-07-2006 قد يظن البعض أن مشكلة السودان قد بدأت في فترة الثمانينيات عندما بدأت الحرب الأهلية تشتعل بين العرب والجنوبيين الانفصاليين، ولكن المشكلة ترجع جذورها إلى تاريخ أقدم من ذلك بكثير، إلى الاحتلال البريطاني عندما وضع بذور الفرقة والقوانين التي تساعد على فصل جنوب السودان عن شماله، فقد أصدروا ما يسمى بـ "قانون المناطق المقفلة" -والذي يحظر على العرب الدخول إلى مناطق معينة في الجنوب-.. وينص القانون على الآتي: "يحرم على غير السودانيين بإستثناء موظفي الحكومة في أثناء أدائهم للعمل والمسافرين العابرين، يحرم عليهم الدخول إلى مناطق معينة والتجارة فيها، ما لم يكن لديهم ترخيص من وزارة الداخلية أو محافظ المديرية المختصة. ويُمنع السودانيون أيضاً في حالات معينة من الدخول إلى هذه المناطق للتجارة فيها والمناطق المعنية بهذا المرسوم، هي (الإستوائية، مديرية بحر الغزال، مديرية أعالي النيل، وبعض مناطق أخرى مثل جبال النوبة ومديرية النيل الأزرق"، مما حد من انتشار الإسلام في الجنوب، وفتح الباب على مصراعيه لبعثات التنصير والإرساليات النصرانية في جنوب السودان، والتي أتت من (أوغندا وكينيا وإثيوبيا وغيرها) ووجدت فيها مرتعًا خصبًا للتنصير بسبب فقر السكان وجهلهم. وما حدث بعد ذلك من تمرد الجنوب ليس بخاف على القارئ، وبخاصة الحركات المسلحة التي تزعمها الراحل (د/ جون قرنق) الذي بدأ حركة التمرد المسلح في عام 1983 كإمتداد للتمرد الذي نشأ في أغسطس 1955 على حكومة الخرطوم، بدعم صهيوني عن طريق إثيوبيا سواء بالسلاح أو وضع محطة إذاعة تحت تصرفهم، كما زودته 'إسرائيل' بأسلحة متقدمة ودربت عشرة من طياريه على قيادة مقاتلات خفيفة للهجوم على المراكز الحكومية في الجنوب ووفرت له صوراً عن مواقع القوات الحكومية التقطتها أقمارها الصناعية. بل إن 'إسرائيل' أوفدت بعض خبرائها لوضع الخطط والقتال إلى جانب الانفصاليين، وقد قتل منهم خمسة ضباط صهاينة في معارك دارت في نهاية عام 1988 كان بينهم اثنان من ضباط الموساد. وثبت أن الضباط 'الإسرائيليين' اشتركوا في العمليات التي أدت إلى احتلال بعض مدن الجنوب في عام1990 وهذه المدن ثلاث هي: مامبيو، اندارا، وطمبوه. وبدأ الدعم الأمريكي والغربي والصهيوني لقرنق والحركات الانفصالية في الازدياد مع ظهور النفط في الجنوب، مما حدا بتلك الأطراف تبني سيطرة الجنوب ذو الغالبية النصرانية على منابع النفط في تلك المنطقة، وقامت 'إسرائيل' وأمريكا بتبني جونج قرنق بعدما دعمته السفارات الأمريكية في كينيا وأوغندا وزائير، ومن ثم حصل على منحة أمريكية تمكن من خلالها من الحصول على درجة الدكتوراه في الاقتصاد الزراعي، ثم تلقى دورات عسكرية في الولايات المتحدة، ثم غادرها إلى 'إسرائيل' لتلقي دورة عسكرية في (كلية الأمن القومي) بالكيان الصهيوني، وقد زار 'إسرائيل' ثلاث مرات وظل على علاقة وثيقة ومنتظمة مع سفراء الصهاينة بالدول المجاورة وخصوصًا كينيًا، كما أشار إلى ذلك الأستاذ فهمي هويدي في مقال له في جريدة الخليج. كانت "إسرائيل" كذلك تقوم بدفع مرتبات قادة وضباط جيش تحرير السودان، وقدرت مجلة "معرخون" العسكرية أن مجموع ما قدمته “إسرائيل” لجيش تحرير الجنوب (500 مليون) دولار، قامت الولايات المتحدة بتغطية الجانب الأكبر منه، كما كانت “إسرائيل” هي التي أقنعت الجنوبيين بتعطيل تنفيذ مشروع قناة “جونقلي”، الذي تضمن حفر قناة في منطقة أعالي النيل لنقل المياه إلى مجرى جديد بين جونقلي وملكال لتخزين 5 ملايين متر مكعب من المياه سنوياً، ويفترض أن يسهم المشروع في إنعاش منطقة الشمال والاقتصاد المصري، فقالت “إسرائيل” للجنوبيين إنهم أولى بتلك المياه التي سينتفع بها غيرهم، ثم إنها ادعت أن ثمة خطة لإرسال ستة ملايين فلاح مصري إلى الجنوب [كما حدث في العراق] لتغيير تركيبته السكانية لمصلحة كفة العرب والمسلمين. بمجرد ظهور النفط في الجنوب أوفدت “إسرائيل” في النصف الأول من الثمانينات واحداً من أكبر خبرائها، هو (البروفيسور/ ايلياهو لونفسكي) لدراسة احتمالاته، التي قدرها بسبعة مليارات برميل. ونتيجة لذلك شرع الجنوبيون في المطالبة بحصتهم من هذه الثروة، وعارضوا إنشاء مصفاة للنفط في منطقة كوستي بإحدى الولايات الشمالية. وفي كتاب أصدره (مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط وإفريقيا) -التابع لجامعة تل أبيب- حول 'إسرائيل وحركة تحرير السودان' تأليف ضابط الموساد السابق (العميد المتقاعد/ موشي فرجي)، تم تفصيل خطة تسمى بـ 'شد الأطراف ثم البتر'، وفيها تريد إسرائيل أن 'تشد أطراف' المناطق العرقية المختلفة كل على حدى وتقويتها، ومن ثم بعد ذلك بترها أي فصلها عن بعضها البعض، وهي حيلة يهودية قديمة كانت معروفة بالسابق باسم 'فرّق تسُد'، ولكن للأسف ساهمت الحكومة السودانية في أبعاد تلك الأزمة سواء عن عمد أو عن جهل. فقد شكلت الحرب الانفصالية في جنوب السودان تهديداً للمراعي العربية التي تمتد في وسط الجنوب حتى بحر العرب وديم زبير وغيرها، وخاصة بعد حدوث حالة الجفاف التي ضربت السودان لفترات طويلة، بالإضافة إلي وجود العداء القديم بين العرب والدينكا وغيرها من القبائل الإفريقية، ما أدى إلى إحداث نوع من التحالف بين الحكومة وبعض القبائل العربية، واستثمرته الحكومة في سعيها للقضاء على المتمردين في الجنوب، ورغم أن الحكومة لم تنجح في اللعب بورقة العرب في الجنوب إلا أنها عادت واستخدمتها في الغرب السوداني وتحديدا في إقليم "دارفور" الذي قامت فيه الحكومة بتسليح العرب من أجل عزل القبائل الإفريقية المرشحة للتمرد، وقد عرفت الميليشيات العربية المسلحة في دارفور بعد ذلك باسم (ميليشيات الجنجويد)، وصاروا يقومون بعمليات مسلحة في تلك المنطقة ويتحدثون باسم الحكومة، واستخدم الجنجويد السلاح لتصفية حساباتهم القديمة مع القبائل الزنجية في دارفور، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع هناك. وكما يبدو من تلك التركيبة العرقية والقبلية والدينية المتباينة، واتساع مساحة الدولة السودانية ، وتميز موقع السودان كـ "بوابة جنوبية للوطن العربي ولمصر بالأخص"، وكدولة مطلة على البحر الأحمر الذي يريد الكيان الصهيوني التحكم فيه بعدما حدث في حربي 1967 و1973 مع قيام العرب بإغلاق باب المندب أمام حركة الملاحة، وجريان نهر النيل في أراضيها الذي يعد شريان الحياة في أكثر من بلد إفريقي هام، مع كل هذه العوامل أصبحت السودان دولة مثلى للتدخل الأمريكي الصهيوني، وذلك خاصة بعد ظهور النفط في الجنوب ومحاولة الولايات المتحدة السيطرة على منابع النفط في العالم بعد صدور تقارير عن وصول إنتاج النفط العالمي إلى ذروته، وأن المرحلة القادمة سوف تشهد تناقصًا ملحوظًا في الاحتياطي المعروف عالميًا، والذي كان أحد أهم الأسباب لغزو العراق إضافة إلى تأمين الكيان الصهيوني.. ولكن الإدارة الأمريكية في الوقت الحالي عينها لا ترى إلا الانتخابات الرئاسية التي على الأبواب في نوفمبر المقبل، وفي خطبة الرئيس بوش عن حالة الاتحاد والتي وصف فيها دول "محور الشر"، كان كل من (العراق، ليبيا، والسودان) في تلك القائمة المشبوهة، وقد قام بوش بغزو العراق وتحييده، كما استطاع ممارسة ضغوطه غير المعلنة عن طريق قنوات سرية على ليبيا حتى سلّمت كل ما في جعبتها وتنازلت عن مواقفها القديمة ودفعت مليارات كتعويضات وتنازلت عن برامجها لتطوير السلاح النووي، ورجعت إلى 'الحظيرة' الدولية ثانية ولم تعد من ضمن دول محور الشر، ورفع الحظر الأمريكي إلى السفر والاستثمار في ليبيا. ومع العناد (الكوري الشمالي) وقدرته على إيذاء الولايات المتحدة وحيازته للسلاح النووي، ومع صعوبة فتح الملف (الكوبي) في ذلك الوقت الضيق، ومع صعوبة الملف (الإيراني) أيضًا برغم تحريض أمريكا للوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد إيران، فلم يتبق في تلك القائمة من الدول المتاحة أمام بوش سوى بلد واحد... (السودان)!! فإذا أراد بوش أن يتفاخر ويتباهى في حملته الانتخابية فلن يجد أفضل من تباهيه بتحييد أخطر الدول على الأمن القومي الأمريكي مثل (العراق وليبيا والسودان)، ولن يجد وقتًا أفضل من ذلك لإعلان إرجاع السودان إلى "الحظيرة" هي الأخرى، إضافة إلى مساعدة القاعدة النصرانية في جنوب السودان وإمدادها بالغذاء والمعونات. تقول (جينيفر جوك) من "مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية" في واشنطن: "لقد بدأ المواطن الأمريكي يستخدم مصطلح "الإبادة الجماعية" وتلك الاتهامات لا تريد الحكومة الأمريكية سماعها وخاصة في عام الانتخابات وبعدما بذلت الإدارة الأمريكية جهودًا كبيرة لإحلال سلام بين الشمال والجنوب".. وتضيف: "إنه إذا ما استطاعت واشنطن أن تقوي روابطها مع الحكومة السودانية، فربما تستطيع الإدارة أن تجعل القضية هي أن الإدارة بقبضتها الحديدية ومواجهتها للإرهاب لم تثمر فقط في العراق، ولكننا استطعنا أيضًا أن نعيد بعضًا من الدول المارقة إلى السيطرة ثانية."!! ويقول (روبرت روتبيرج) المتخصص في الشئون الإفريقية بجامعة هارفارد بكامبريدج بولاية "ماساشوستس": "إن قضية دارفور أصبحت من الناحية السياسية سهلة لإدارة بوش طالما أنه استطاع أن يحظى بقبول كلا الطرفين". ولكن هناك شكوكًا عميقة بين أعضاء الحكومة السودانية بشأن زيارة (باول) الماضية وذلك خوفًا من أن تكون تلك الزيارة لها علاقة بالعمليات الأمريكية في العراق.. يقول (عبد الرحيم علي محمد إبراهيم) رئيس "معهد الخرطوم الدولي للغة العربية" في تصريح لصحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية: "هناك مخاوف من أن تكون هناك خطة ناشئة لزعزعة الاستقرار في السودان، فنحن لا نرى أي اختلاف لما يجري في العراق عما يمكن أن يجري في السودان الآن.".. وقد صرح وزير الخارجية الأمريكي (كولن باول) أنه لديه تفويض من الحكومة الأمريكية بفرض عقوبات على السودان في حال عدم تعاون الحكومة السودانية مع المهمات الإغاثية ومع وكالات الأمم المتحدة، ما يذكرنا بكيفية قيام الولايات المتحدة بالإجهاز على العراق، فقد كان بداية الطريق هو فرض عقوبات وحظر طيران وحصار اقتصادي خانق على العراق أكل الأخضر واليابس لمدة عشر سنوات. ومن المؤكد أن التحرك الأمريكي تجاه السودان الآن ليس 'بدافع شعور إنساني' من الولايات المتحدة، ولكن لن تتجلى أبعاد المؤامرة الأمريكية على السودان بصورة كاملة سوى بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية، فسوف يتبين في حينها إذا ما كان التحول الأمريكي تجاه السودان كان مجرد ورقة انتخابية.. أم أن الولايات المتحدة سوف تساند استراتيجية 'شد الأطراف ثم البتر' تنفيذًا للسياسة الصهيونية في السودان.. كما قامت أمريكا من قبل بتنفيذ سياسة الصهاينة في العراق. للتعريف بـ (الســـودان) وحضارته وتأريخه وسياسته وأثره على حضارة مصر والعالم - فلسطيني كنعاني - 10-07-2006 موضوع شيق و مفيد ، شكرا للزميل إعصار على هذه المعلومات .. لدي تعليق بسيط ... أعتقد أن دعم إسرائيل لكل ما يضعف السودان هو تأكيد لرغبتها في الهيمنة المطلقة على المنطقة و إضعاف اي إمكانية لنشوء قوة منافسة في الشرق الأوسط ... خصوصا في القارة الافريقية .... فقد قرات كثيرا عن النفوذ الإسرائيلي في أفريقيا خصوصا في أريتريا. للتعريف بـ (الســـودان) وحضارته وتأريخه وسياسته وأثره على حضارة مصر والعالم - الاعصار - 10-11-2006 أخي الكنعاني، مرحبا بك مجددا، وأشكرك على المتابعة... :97: |