حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
منصور الرحباني ... - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: فـنــــــــون (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=80) +--- الموضوع: منصور الرحباني ... (/showthread.php?tid=1510) |
منصور الرحباني ... - العلماني - 01-15-2009 شعراء وفنانون وموسيقيون ونقاد يشيعون منصور الرحباني بشهادات ناظم السيد 15/01/2009 بيروت ـ 'القدس العربي' رحيل منصور الرحباني ليس رحيلاً لذاكرة وطَيّاً لحقبة ماضية. إنه رحيل لحاضر أيضاً. ذلك أن منصور الرحباني رحل وهو لا يزال يقدّم أعماله المسرحية التي تضاعفت في الفترة الأخيرة، بتضاعف الأحداث السياسية في لبنان والعالم العربي. رحل منصور الرحباني في اللحظة التي كانت مسرحيته 'عودة الفينيق' تعرض في كازينو لبنان. عمل كأعماله السابقة 'آخر أيام سقراط' و'جبران والنبي' و'المتنبي' و'ملوك الطوائف' يصب في السياسة، في الانقسامات السياسية اللبنانية والعربية عبر إسقاطات تاريخية واستعارات لرموز من الماضي. لا شك في أن منصور الرحباني مع شقيقه الراحل عاصي، شكل هوية جامعة للبنان. من الصعب تصور لبنان من دون الأخوين الرحباني. لقد ساهما في أعمالهما المسرحية والغنائية في تكوين هذه الهوية التي نشأت بعد قيام الجمهورية، أي بعد ضم الأطراف والمناطق الشمالية والجنوبية والشرقية إلى جبل لبنان. بدا الرحابنة (بضم فيروز إليهما) جامعة للبنانيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية وطوائفهم واتجاهاتهم الفكرية والثقافية. لم يحدث أن اجتمع اللبنانيون على أمر مثل اجتماعهم على الفن الرحباني الذي هو مزيج من الوطني والعاطفي معاً. كل ذلك لم يحدث من خلال خطاب سياسي مباشر وإنما من خلال إعادة إنتاج البيئة اللبنانية، إعادة إنتاج القرية والبحر والجبل والعادات والتقاليد والحياة اليومية. هذه الرموز أضحت مشتركاً للبنانيين قبل الحرب الأهلية وأثناءها وبعدها. من الصعب تصور فن وطني بهذا الحجم يفهمه كل طرف سياسي على أنه موجه إليه. اليمين اللبناني قرأ في فن الرحابنة على أنه دعوة لحماية لبنان مثلما فهمه اليسار اللبناني أيضاً. ربما كان السبب بسيطاً وعميقاً في آن: الرحابنة كانوا يغنون لبنان. لقد غنوا لبنان بصوت فيروز من جنوبه إلى بقاعه، من شماله إلى جبله، من بيروت إلى صيدا وصور وبعلبك ومشغرة الذائبة من ثلوج جبل الشيخ. كان هذا عملاً تأسيسياً ترافق مع قيام الجمهورية التي لطالما احتاجت إلى فولكلور جامع وثقافة جامعة وفن جامع تساهم في شد هذه الأطراف المتنازعة والمركز المضطرب والتي تدعى لبنان. لم يحدث أن كان لبنان جميلاً بهذا الشكل إلا في أغاني الرحابنة. إنه لبنان متخيل. لئلا أبالغ سأقول إنه لبنان الواقعي لكن المصفّى منه الواقع أيضاً. الرحابنة أيضاً صنعوا فناً. كانت موسيقاهم طليعية ورائدة في العالم العربي. صحيح أنها موسيقى مستعارة من هناك في بعض جملها لكنها مع الوقت وتوسع المشروع باتت رحابنية أكثر منها شرقية أو غربية. ثم إن أغاني الرحابنة شعر خالص. لقد أخرجا الغناء العربي من الميلودراما والتطريب والتطويل والإعادة إلى الفرح وجماليات التلميح والحساسية المبتكرة في التراكيب. ولم يحدث أن اجتمع عامة الناس والنخبة على فن مثل اجتماعهم على الغناء الرحباني. لنؤجل النقاش في مسرحهم الغنائي. غناء الرحابنة بهذه الشعرية العالية لم يحدث لا في الفولكلور اللبناني ولا في الطرب العربي. كان أبي الذي توفي في السادسة والسبعين يحب فيروز بقدر ما تحبها ابنة أخي ابنة التسع سنوات. هذا هو الفن الرحباني في أبسط تعبير. تركنا ليدخل في التاريخ روميو لحود (مؤلف موسيقي ومسرحي) كان منصور الرحباني رجلاً عملاقاً بأعماله وشغله وتفكيره. الرجل كان مهماً كثيراً. كان مهماً في كل الحقول التي عمل فيها، في الشعر والكتابة والتلحين والتأليف المسرحي. لا أتصور كم سيترك من فراغ مكانه. لا أرى أن أحداً قادر على أن يحل مكانه، في هذا العصر الذي يبدو فيه كل شيء رخيصاً. لا شك في أن الفن اللبناني سيتأثر برحيله. مع ذلك بالنسبة إلي فإن منصور لن يموت. أتكلم معك الآن من المستشفى (من أوتيل ديو، وهذه شهادة أخذتها من روميو لحود الذي دخل المستشفى لأسباب مرضية) الذي توفي فيه منصور. حاولت أمس (قبل وفاته بيوم) أن أراه لكني لم أستطع لأنه كان متعباً كثيراً. أحسست أنه في آخر أيامه، وقد تأثرت كثيراً لأنني أعتبره واحداً من بيتي. وهو فعلاً واحد من هذه البيوت اللبنانية التي غناها. شو بدنا نعمل؟ رح يضل بقلبنا، لأنو كان كبير. أقول أخيراً إن منصور تركنا ليدخل في التاريخ. وأعزي من خلال جريدتكم الأهل والعائلة الفنية والكتّاب، كما أعزي لبنان بخسارة ابن كبير من أبنائه. توقيع واحد ورجلان عصام العبد الله (شاعر محكية) الأخوان الرحباني توقيع واحد ورجلان اثنان. سقط النصف الأول من التوقيع، النصف اللماح عاصي الرحباني، وظلَّ منصور يحاول أن يعيد للتوقيع ثنائيته القديمة. في غياب منصور الآن سقط الرجلان وبقي التوقيع. إنهما ـ عاصي ومنصور ـ الشعر عندما يمد يده إلى الدنيا، إلى الأغنية والمسرح والحكاية. في لحظة حاسمة انفجر الرحابنة ليودعوا زمناً ويستقبلوا زمناً آخر. منصور بقي يجادل ويعاند. بقي مع اللمسات الحديثة للدنيا يحاول أن يمزج بينه وبين الرحابنة، بينه وبين التوقيع. أصاب ولم يصب. إلا أنه ظلَّ واحداً من ذاكرتنا نحاول أن يسير معنا إلى المستقبل. أعرفه من أجمل ما صنع الله من الرجال، من الذكاء واللطف، من الثقافة والمحبة. وديع، ساخر، جدي، كسول، مجتهد، كأنه كان من أواخر السلف الصالح حيث العمل لعبة تزين الحياة، حيث الشغل والصبر آية للجمال. عاصي ومنصور، كأنهما معاً راهبان في كنيسة اسمها الكوكب يشتغلان على الروح كأنهما يشتغلان على الله. أجريت مع منصور الرحباني مقابلات عدة في الصحافة المكتوبة والصحافة المرئية، وكان أخاً كبيراً وصديقاً كبيراً. كان يقرأ لي شعره الذي صدر في كتب في ما بعد. وكان ينتظر رأيي كأنه يبتهج بكل موهبة. منصور كان يبتهج بالمواهب. لم يكن يغار من أحد. كان أباً بالمعنى الجمالي للكلمة. نخسر جميعاً في غياب منصور. نخسر المحاولات التي لم تتم وكان يحضر لها. ونخسر رفيقاً لعاصي يروي عنه وله. ونخسر جذعاً قادراً وموهوباً في الشجرة الرحبانية التي يمتد فيؤها إلى البعيد. إيد الشمال موريس عواد (شاعر محكية ومسرحي) منصور هوي الإيد الشمال لعاصي. عاصي كان الإيد اليمين ومنصور الشمال. لما مات عاصي ترك فراغ كبير. يمكن في شي أربعة منصور بلبنان، بس ما في غير عاصي واحد. بالسياسة في شي مية أمين الجميل، والشعر ما في غير سعيد عقل واحد. عاصي ما في حدا يفرّخ ع كعبو. منصور فرّخ ع كعبو كتير. ومنصور بيشبه حالو: زكي، صياد فرص، وبيعرف يخبي وما يخبي، بيعرف يسكت وما يسكت. عمل بحياتو كتير إشيا، بس مما كان عنيف. لازم الفن يشبه الثورة. بس الثورة عند منصور مقطّرة. كنت حابب إنو يعمل مسرحية تقول كل شي بس الفن لازم يجيب مصاري (مال). ما فيي قول شي أكتر مما انقال عن الرحابنة. يعني منصور بنفس الوقت عظيم وثابت وقاعد بالذاكرة، بذاكرة اللبنانيين وذاكرة الناس وذاكرة التاريخ. مش بسهولة بينمحى من الذاكرة. كنت بحب إنو بها المجد يلي ينعطى للرحابنة، يعملو ثورة. معليش، إنو يفوتوا شوي ع الحبس. بعدين بحب قول إنو موت منصور عمل فراغ. ولادوا ما بيقدروا يعبوا محلو. ما فيك تورث الفن. الفن ما بيتورث متل شي بيت أو قطعة أرض. في ناس مين ما إجا محلهن بيكملوهن. بس الرحابنة ما حدا بيقدر يفرّخ على كعبهن. ما تركوا تلاميذ كبار، يمكن لأنو كان بدن سلطة. ما بعرف. أبرز رؤساء الجمهورية أحمد قعبور (مطرب ملتزم وموسيقي) هو أحد أبرز رواد الحداثة في الغناء العربي. شكل مع أخيه الراحل عاصي رافداً عصرياً وحديثاً للموسيقى والغناء العربيين، واستفادا من معين موسيقي متعدد المصادر. فبقدر انتمائهما إلى التراث الموسيقي العربي، كانا يستوعبان كل الثقافات الموسيقية العالمية المعاصرة. ومن ناحية ثانية يشكل منصور الرحباني بالنسبة إلي أحد أبرز رؤساء جمهوريات لبنان بالمعنى الوجداني. لقد أسس مع عاصي جمهورية تحدها المشاعر ولا تحدد حدودها المشاريع السياسية. هو من كبار لبنان في حبه للحياة وفنه معاً. أتكلم عن منصور اليوم في حضرة غيابه القريب، وأستذكر ما قاله يوماً المسرحي السوري الكبير الراحل سعدالله ونوس 'نحن محكومون بالأمل'، كما أستذكر الراحل الكبير محمود درويش بقوله 'على هذه الأرض ما يستحق الحياة'. وما قدّمه منصور الرحباني يستحق أن نعيشه ونغنيه كما كتب ولحن من قبله عاصي. سلاماً منصور الرحباني. مباشرة المنتمي جوليا قصار (ممثلة مسرحية وإعلامية) عملت مع منصور الرحباني في مسرحية 'جبران والنبي'. حين كنا نعرض هذه المسرحية كان البلد يعاني أزمات سياسية وخضات أمنية. في أحد العروض، وكان هناك تفجير، توقعنا ألا يأتي أحد. لكن الصالة امتلأت بالجمهور الذي صفق لنا طويلاً. كأن هذا الجمهور كان يقول لنا بتصفيقه: لا لما يحدث في الخارج، ونعم لما تقوله المسرحية. لقد عمل منصور الرحباني باستمرارية وعناد لم تتوافرا لدى فنان آخر. كان يقدم كل سنتين تقريباً عملاً مسرحياً ضخماً. لم تثنه الحروب ولا الأزمات. لا بل كانت الأزمات مادة لإبداعه وغزارة إنتاجه. صحيح أن البعض اتهمه بالمباشرة في بعض هذه الأعمال، لكن هذه المباشرة نابعة من كونه فناناً ملتزماً يحس بمشاكل البلد ويعمل على تقديم هذه المشاكل السياسية والاجتماعية عبر إسقاطات تاريخية. أشعر بحزن عميق لرحيل منصور الرحباني. أشعر أنني خسرت شيئاً كبيراً وغالياً لأنني أنتمي إلى هذه العائلة الرحبانية. لقد خسرنا رمزاً من رموز الفن في لبنان، وهي خسارة أحس بها بشكل شخصي. الكثير من العتمة إيلي شويري (مطرب وملحن) غاب منصور وأخذ معه الضوء والشمس والبلد التي صوّرها. ذهب المعلم الذي كنت أعتز به وآخذ رأيه ورضاه ومونته. كان منصور العبقري الذي أكمل أخاه. أعتقد أن لا أحد يستطيع أن يكمل رحلة منصور. مع ذلك فإن مونته تكفي لبنان ألف سنة قادمة. نحن كجيل، تعلمنا على يد الأخوين الرحباني. هما اللذان صدّرانا إلى المشهد الفني. لقد علمانا ونزهانا ورفعانا. لا أعرف كيف ينظر جيلي إلى الرحابنة، لكني شخصياً أرى أن أثرهم عليَّ كبير. من دون الأخوين الرحباني ما كنت لأصل إلى شيء. لهما فضل كبير عليَّ. لقد ذهب الأخوان وتركا وراءهما الكثير من العتمة. توأم الطفولة صباح زوين (شاعرة) هل انتهت أسطورة لبنانية اسمها الأخوان رحباني؟ أعني هل انتهت جسدياً لتبقى معنا ترافق روحنا ومخيلتنا عبر الدهور من ثم؟ أقول أسطورة الأخوين رحباني إذ لا أستطيع أن أرى منصور دون أن أرى عاصي تلقائياً. ولا أستطيع أن أتكلم عن منصور دون أن أتذكر وأذكر عاصي. حتى عندما رحل عاصي سنة 1986 كتبت عن الاثنين معاً. لا يمكن لقلبي ولذاكرتي الفصل بينهما وهما التوأم الموسيقي الذي رافق طفولتنا في طولها وعرضها ومداها. نعم طفولتنا كانت مديدة جداً وأعتبرها أهم جزء من حياتنا، أو أقله حياتي، إذ كانت شبه لا نهائية. وهذه الطفولة مع امتدادها الطبيعي عبر المراهقة، تلونت بشكل أساسي وجوهري بألوان موسيقى الأخوين رحباني، وذاكرتي سجلت في عمقها هذا الاسم الثنائي، وقلبي امتلأ بنغماتهما التي لا أستطيع أن أنساها. يقال إن الأخوين عاصي ومنصور اخترعا لنا القرية اللبنانية البهية أو اخترعا جمالاً لبنانياً لا وجود له سوى في موسيقاهما وقصائدهما. أنا أناقض هذه المقولة ربما لأني هكذا أرى القرية اللبنانية التي نشأت فيها، معلقة في أعالي الجبال البهية بين قممها الشاهقة ووديانها الخلابة، وبين بين، القرية الأليفة والساحرة. كنت أعيش هناك في الصيف برفقة هذه المناظر وأغنيات الرحابنة. فكيف يمكنني أن أرى القرية اللبنانية سوى كما هما صوراها وسوى كما أنا رأيتها؟! في القلب بقيت محفورة وليس 'على رمل الطريق' كما تقول إحدى اغنياتهما، بقيت في القلب ألحانهما وكلماتهما المشعة بريقا ً ووهجا ً يفوقان كل وصف. ونقول مهرجانات بعلبك فأرى منصور وعاصي، نقول الضيعة و'سبع' (فيلمون وهبه الرائع) فأرى الأخوين، نقول جبل صنين ونيحا فأراهما، نقول 'بياع الخواتم' و'ميس الريم' و'سفر برلك' فيطلعان أمامي في الذاكرة. منصور وعاصي لم يتكلما سوى عن لبنان المعافى ولبنان الذي يمكننا أن نعافيه ولبنان المرح ولبنان الضحكة الحسنة ولبنان الجمال، وكم ساهما في بلورة هذه الصورة التي انغرست في وجداننا. لكن أيضا نقول 'يا زهرة المدائن' فيطلعان أمامي، ونقول 'سنرجع يوماً' فيعودان إلى أذني عبر لحنهما الفذ، وها هو منصور يغيب في عز الاعتداء الهمجي واللاإنساني على شعب بأسره في غزة، لأرى أمامي عبر الشاشة الفظائع التي ترتكبها إسرائيل بحق 'زهرة' هذا الشعب الذي تكويه نيران جهنمية، 'زهرة' الأطفال الذين مزقوا قلوبنا بما رأيناه على أجسادهم البريئة والطرية من فظائع الإجرام. رأيتهم يموتون ورآهم أيضاً منصور ورحل ربما لشدة حزنه. إلى منصور الذي ارتاح اليوم بعد معاناة ، وإلى الطفل لؤي الذي أدمى قلبي بسبب ما رأيته من تشويه مهول في عينيه، وإلى الفتاة التي ابتسمت على الرغم من فقدان ساقيها بينما كانت تلعب مع أترابها، وللطفل ما دون الثلاث سنوات الذي رأيته يشهق ويرتجف خوفاً ودهشة من الفظاعة، وألماً من الجراح التي أصابت جسمه الصغير، إليهم أكتب اليوم لأقول لهم إني أفكر فيهم وتدمع عيني وأخجل من النوم والأكل ومن عجزي أمام هذه المأساة التي لأجلها لحن منصور وعاصي في الماضي، وأكرر ما قاله مرة منصور:' انتبهوا عالوطن ، انتبهوا ، الوطن عم يطير '. المدافع عن فلسطين إحسان المنذر (ملحن) مات المعلم الكبير راح إلى دنيا الخلود، ولحق بأخيه عاصي، وأطال الله بعمر السيدة فيروز. الشرق العربي لن ينسى أبداً ما أغدق الرحابنة علينا به من عطاء فني سوف تتوارثه الأجيال. نبكي على منصور الذي طالما أبكتنا أغانيه عن ضياع الأرض في فلسطين الحبيبة. ولعل ما قيل عن لسان الأخوين الرحباني وبصوت فيروز دفاعاً عن قضيتنا تساوي طائرات ودبابات تنتصر لفلسطين. المعلم الكبير لا يموت. فنه خالد. رحمك الله، فأنت وعاصي علمتمانا ما هي الأغنية اللبنانية الحديثة. موسيقى المياه الأولى أنطوان غندور (كاتب تلفزيوني) عشت في صغري في أنطلياس وكنت أتابع منصور وعاصي في حبهما للموسيقى والغناء. عاصي أصبح دركياً في الأمن الداخلي ومنصور صار شرطياً في بلدية أنطلياس. كان عاصي الدركي مرافقاً لبيار الجميل أثناء ثورة الاستقلال. ومنذ ذلك الوقت كانا يقدمان اسكتشات غنائية في نادي أنطلياس. أخذا الموسيقى عن والدهما حنا الرحباني الذي كان قد استأجر مقهى اسمه فوّار أنطلياس. كانت المياه تجف في الصيف قرب هذا المقهى، وكان عاصي ومنصور يستمعان إلى تنوّع الأصوات التي كانت تصدرها المياه المتغيرة في الفصل الحار. وقد تأثرا بهذه الأصوات كموسيقى أولى لهما. ثم كانت لديهما ميول غربية في الموسيقى وقد ترجما هذه الميول عبر أعمالهما الفنية. ثم جاء دور فيروز بعدما تعرفا إليها. كان عاصي يهتم أكثر باللحن، بينما كان منصور يهتم أكثر بالكلمة. منصور الرحباني إنسان متعلق كثيراً بالكلمة. كان يختار الكلمة بعناية. لكنهما معاً كانا يكملان أحدهما الآخر. نكهة أقل قزحيا ساسين (شاعر محكية) عاصي تجرأ وسافر وحيداً وباكراً وباكراً جداً. ربما لأنه يستطيع اللعب منفرداً في المكان البعيد. أما منصور فتأخر عن عاصي وتأخر كثيراً، وحاول أن يلعب وحيداً هنا غير أن ما فاضت به كأسه لم يكن بالنكهة نفسها في زمن الأخوين. وربما لهذا السبب أدار منصور ظهره للدنيا مستعجلاً لقاء عاصي لمتابعة المشوار بالشكل الذي يرضي العظمة والخلود. 'متل الريح' رحل منصور تاركاً 'بيته البشري' جوزف قرداحي (ناقد فني) 'الروح' و'الريح'، وكلاهما لا بيت لهما سوى فسحات الفضاء اللامتناهية... هكذا تخلت روح منصور الرحباني عن 'بيتها البشري'، لتحلّق إلى المكان الأرحب، حيث لا قيود ولا مادة ولا شهوة تتحكم بهذا 'البيت الأرضي' المتكون من التراب. وعظمة منصور الرحباني، أنه اختصر فلسفة الحياة والموت، ومعنى وجود الإنسان على الأرض، في قصيدته الأخيرة 'متل الريح... والريح ما إلو بيت'. فلسفة لو أدركها الإنسان، لوصل إلى الكمال، محققاً العدل والمحبة والسلام. فلسفة على بساطتها، أراد أن يكشف لنا بها منصور، عن سر الروح، الساكنة جسد الإنسان، كبيت موقَّت، تستأجره لفترة زمنية، وتنجز بواسطته مهمة أوكلت إليها، لتتخلى عنه بعد إتمامها، تاركة مصيره إلى التراب! وكأن منصور الرحباني في قصيدته الأخيرة ، أراد أن يُعلن عن موعد اقتراب نهاية عقد الإيجار، بين روحه وجسده، بعدما أكمل الرسالة. تماماً كما سبقه من قبل توأم روحه عاصي، بعدما أنجز الجانب المتعلق به، تاركاً لشقيقه منصور إكمال المهمة من بعده. 'متل الريح'، ترك منصور بيته الأرضي، ليحلق في سماء الكون الرحيب، ذارفاً دمعة على مصير الأرض التي يتحكم بها جهلاء! عن "القدس العربي" -- 15.1.2009 منصور الرحباني ... - العلماني - 01-15-2009 عن "النهار" البيروتية: الرحابنة: تراث يليق بلبنان ليس غريباً أبداً أن يشعر كل لبنان بكل طوائفه، وفئاته، وطبقاته، وناسه، ومناطقه، بفجيعة فقده العملاق منصور الرحباني كأنه يفقد الكثير من خصوصياته المميزة في هذا الشرق. كل لبنان الذي غالباً ما لا يجمعه شيء، تراه اليوم كأنه عائلة فقدت كبيراً لا يعوض، وعظيماً لا يتكرر. لا يحتاج منصور الرحباني إلى مزيد من الشهادات فيه، فهو ما كان عليه من عظمة مع العظيم الراحل قبله عاصي الرحباني، وهما من صنع أجمل ما صدّره لبنان إلى العالم، عالم الرقي والفن والموسيقى والشعر والحضارة وكذلك الوطنية الخالصة. جميعنا نشعر بالأسى العميق، ليس لفقد منصور الرحباني بشخصه فحسب، بل لان هذه القيمة الكبيرة هي أحوج ما نكون إليها في أيامنا هذه. ولذلك نشعر بالخسارة المزدوجة: خسارة قيمة فنية وحضارية عالية لا تتكرر، وخسارة روح وطنية لبنانية خالصة. ربما الخسارة هي أشد وقعاً في أيامنا هذه لأننا ما عدنا نستحق هذه القيمة، فصرنا نشعر بفداحة الخسارة أكثر من أي وقت مضى. الرحابنة صنعوا لنا لبنان المثالي، ونحن نشد بلبنان إلى أسوأ الصور التي لا يستحقها وطننا، ولا يستحقها الفن العظيم الذي صنعه "الأخوان رحباني" لكل الأجيال اللبنانية، منذ انطلاق مدرستهما الكبيرة والمتألقة. لم نستحق هذه المدرسة في كل ما نفعل، في السياسات والتنشئة والسلوك والتعامل وكل الواقع السلبي الذي نعيشه. يأتي رحيل منصور الرحباني ليذكرنا بقوة بان لبنان الحقيقي لا الخيالي هو في المدرسة الرحبانية العملاقة، وان لبنان الذي يستحق أن نمشي على دروبه هو ما قدمه "الاخوان رحباني" والسيدة فيروز لكل الأجيال القديمة الشابة وهو التراث المتروك لنا وبرسمنا دوماً. لعلها مناسبة حزينة جليلة لتذكير شبابنا بأن لبنان الذي يعرفونه اليوم، ليس هو اللبنان الذي نذر "الاخوان رحباني" نفسيهما من اجله ومن اجل أجياله. وان على هؤلاء الشباب أن يعودوا إلى النبع والى الأصول والى الحضارة الحقة التي تركها لهم "الأخوان رحباني" في كل التراث الفني العظيم الذي وضعاه. فهو أمانة في أعناقنا علينا استحقاقها لنعيد لبنان الحقيقي صورة لامعة رسمها الرحابنة قبل عشرات السنين وكانوا سباقين، فيما نحن تخلفنا عن أن نكون في مستوى هذه العظمة. نايلة تويني منصور الرحباني ... - محارب النور - 01-20-2009 فكرة , الافكار لحد الان تقدر ان تغير العالم ,, انا كنت شاهدة على عظمة الافكار .. انا شاهدت اناس تقتل من اجل افكارها .قتلوا من اجل الدفاع عن الفكرة .. ولكن ؟. انتَ لا تستطيع ان تُقبل الفكرة .لا تستطيع لمسها , لا تستطيع احتضانها ,, الافكار لا تنزف .ولا تشعر بالالم .والافكار لا تحب .. الافكار ليست هي التي اشتاق إليها .. اني اشتاق لرجل من خلق الفكرة .. من وحي إيفي عن فيلم (V for Vendetta) .. تشتاق لمن الافكار (موسيقى هنا ) ام إلى شخص كان عبارة عن وطن في جسد .. العلماني ..:redrose: محارب النور :redrose: |