حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
سوريا اهم من ان تترك - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: سوريا اهم من ان تترك (/showthread.php?tid=15408) |
سوريا اهم من ان تترك - نضال أمير - 08-25-2006 في الأسبوع الماضي، وبعد خطاب الرئيس السوري بشار الأسد، سال كثير من الحبر العربي والأجنبي تعليقاً على ذلك الخطاب، فكان الكثير منه ناقداً، والقليل منه مؤيداً. المهم ألا يؤخذ هذا الخطاب بأكثر من توقيته وظروفه رغم المفردات الصعبة كلها التي وظفت فيه، لأن سورية بالنسبة إلى العرب بلد محوري ومهم. الخطاب له أسبابه، فسورية هي الوحيدة من البلاد المحيطة بإسرائيل لم توفق وضعها مع السلام حتى الآن، رغم طول معاناة، وخسارة أرض كبيرة وعزيزة مازالت محتلة، وهي الجولان. وقد وجدت سورية أن بلادا مثل مصر، ومن ثم الأردن الذي وصل إلى حلول مرضية مع إسرائيل في الظروف والمعطيات التي مرت بكلتا الدولتين العربيتين. من جهة أخرى، فحرب لبنان الأخيرة أيضا وضعت لبنان على سكة قد تقود في نهاية الأمر إلى أن تأخذ هذه الدولة العربية كل حقوقها المشروعة. لهذا، وجدت سورية نفسها وقد تركت خارج مدار المفاوضات والاتفاقات، وهي بالضرورة خارج احتمال مقاومة مسلحة، كما تضاءل الاهتمام الدولي بقضيتها. وليس المقام هنا تحديد من اخطأ ومن أصاب في المواقف السياسية على المستوى الآني، إلا أن الفكرة الأساس هي عدم ترك سورية تذهب بعيدا عن المسار العربي، وربما كان من العقل الراجح تصريح وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في نهاية الأسبوع الماضي حين قال: «آمل أن يرى السوريون ميزة المحافظة على وحدة الموقف العربي». وهو قول حاذق وحصيف لم ينجر وراء العواطف، رغم ما جاء في خطاب الرئيس بشار الأسد من غمز ولمز، وما جاء فيه من تصعيد كلامي. تصريح الأمير سعود قد يكون هو هاجس دول الخليج، وربما هاجس الكثير من العواصم العربية التي أصابها وابل من الغضب السوري. إن سورية تحتاج إلى عون لا إلى الكثير من النقد، فهي مثلا لا تستطيع أن تفعل ما فعله حزب الله في لبنان. والتوصيف الأكثر قرباً إلى الواقع، بصرف النظر عن التفاصيل، أن حزب الله لم ينتصر بالمعنى العسكري والسياسي في المعركة التي استمرت أكثر من شهر، ولكنه، وهذا من حقه، أبدى ممانعة مشهودة لمنع تحقيق انتصار إسرائيلي. وإسرائيل لم تهزم، ولكنها لم تحقق انتصاراً عودت عليه شعبها في الستين عاماً الأخيرة، فقد كانت تدخل حروباً خاطفة مع العرب وعلى أرضهم وتكتسح، إلا الحرب الأخيرة فقد واجهت ممانعة لم تعرفها من قبل. وقد سمحت تركيبة لبنان السياسي المكون من نسيج متعدد وديموقراطي بأن يحارب جزء منها حرباً هي أقرب لحرب العصابات على طريقة إضرب واهرب. وولدت تلك الأعمال غضب دول كثيرة غربية، ولكن الجزء اللبناني الثاني ولد في الوقت نفسه الكثير من التعاطف إلى درجة جعلت تلك الدول الكثيرة والعديدة تتدخل لإنقاذ لبنان من التدمير الشامل. هذه المعادلة هي التي حققت للبنان، كل لبنان، ممانعة لم تعرفها إسرائيل في حروبها السابقة. وهي معادلة غير متوافرة لسورية. فلو دخلت سورية في حرب مفتوحة مع إسرائيل لدمرت حواضر الشام من دون أن يرف جفن في الموقع المخالف من المعادلة الدولية، ولو حتى لمعالجة آثار الحرب نفسها، عدا الركض لوقف إطلاق النار، أو تفهم مطالب مشروعة لسورية، كما تفهمت القوى الدولية مطالب لبنان من اجل «النصف» غير المحارب!في الوقت الذي ترى فيه سورية أن هناك توسطاً بين العرب الذين تربطهم علاقات مع إسرائيل وبين الفلسطينيين (في حالة الجندي الإسرائيلي المختطف في غزة، على سبيل المثال) لا تجد من يُذكر إسرائيل بأنها تحتل جزءاً غير يسير من الأرض السورية القريبة أيضا من العاصمة دمشق! من هذا المنظور يجب النظر إلى خطاب الأسد، فلا العرب الذين سالموا استطاعوا تحريك العلاقة بينهم وبين إسرائيل، لصالح فهم أفضل للجيران وأكثر عمقاً لحاجة سورية إلى سلام، ولا سورية التي ترى أن علاقات متنامية بين عرب بعيدين وقريبين مع إسرائيل تتوالى من دون الأخذ بنظرية الممانعة السورية، وهي في الأساس ممانعة سياسية، أخذت تفقد زخمها بترك الأشقاء للمسار واحداً بعد آخر. فالإحباط المتعدد الذي ترك في حلق سورية مرارة من الواقع، مع غياب التعادلية الدولية في لحظة القطب الواحد وهو الولايات المتحدة، فإن سورية تجد لها مكاناً واحداً للتنفيس، وهو استخدام التعددية اللبنانية، ان سمحت الظروف، لمحاولة الإخلال بالمعادلة التي تُفرض عليها، وهو أمر يسبب اضطراباً ليس للوضع اللبناني، وإنما أيضاً لأطراف أخرى، لا ترغب أن ترى الساحة اللبنانية مثل العراقية النازفة. ومن جانب آخر، ترى سورية أن تحالف المتضررين (أي تحالفها مع إيران) هو أفضل المتاح حالياً على الأقل. لهذا تحدث الرئيس الأسد بكلمات وتعبيرات قاسية عن «أشباه الرجال»، و«السلام الرخيص»، إلى آخر التعابير التي أثارت الكثيرين. من ناحية أخرى، فإن حرمان إسرائيل من تحقيق نصر «معتاد» في حروبها بسهولة ويسر على العرب، جعلها تعي المتغيرات المقبلة، وأن الزمن ليس بالضرورة لصالحها على طول الخط. وهنا، تأثير استراتيجية حزب الله في الحرب التي انتهت بنقاش واسع وكبير في إسرائيل بشأن «حدود القوة العسكرية»، ومن يقرأ الصحف الإسرائيلية يعرف أن هذا النقاش جدي وقد يؤدي إلى تغيرات في العقيدة القتالية الإسرائيلية باتجاه إعادة النظر في «حدود القوة العسكرية» إلى درجة أن وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيريتس، وبصفته زعيم ثاني الأحزاب الحاكمة، قد طرح علناً ضرورة نقاش السلام مع سورية. قد لا يطول نقاش إسرائيل في من انهزم ومن انتصر، كما قد تستنفد الاستراتيجية التي استخدمها حزب الله، لأنها قابلة للاستخدام مرة واحدة، إذا لم يجد العرب أن القائم من المعطيات هو فرصة يجب أن يستفاد منها. وهنا عودة إلى تعليق سعود الفيصل، وفي صلبه «المحافظة على وحدة الموقف العربي»، لأن الفرصة التي سنحت يمكن أن تضيع، وليس أفضل من طرق الحديد وهو ساخن، وهو أمر يحتاج من كل الأطراف العربية إلى عقل، وليس إلى عضلات لسانية. السلام العربي المطروح يجب أن يُفعل الآن، بمعنى سبر غور المجتمع الدولي بإدماج مطالب سورية المحقة على السكة السريعة للتسوية السلمية. وهذا الأمر لا يحتاج فقط إلى همة عربية متعددة القدرات، ولكن أيضاً إلى تفهم سوري، يستخدم تكتيكات مختلفة عما هي عليه الآن، إذ يعتبر العالم كله معادياً لسورية، وأنه لا أمل في سلام قريب، بل ترك الأمر إلى الأجيال القادمة، هذا كله قد يفسر أنه يقع في إطار الممانعة الشمشونية التي لا يحب أحد أن يرى سورية فيها، ويكفي ما نشاهد في العراق! الغضب السوري والعتب العربي ليس وقته والتلاسن يضيع الفرص، الوقت هو وقت محاولة الاستفادة القصوى من الموقف الدولي والإقليمي الذي خلق بسبب الحرب، ووضع الإفاقة الإسرائيلية في موضع الاختبار، لنتقدم بمخرج يضمد جراح سورية، ويضعها على سكة التنمية التي تحتاجها. أما الأمر المعاكس الذي يمكن أن يحدث، فهو الدخول في «مزايدات» كلامية، تقول من جهة بتخوين شرفاء وتقود من جهة أخرى إلى مزايدة على «تحرير الجولان»، وجميع المزايدات التي قد تكون شعبية في تاريخنا المعاصر، قد أدت إلى كوارث وقصور في الرؤية. ومن هذا المنظور التحليلي، فإن سورية أهم بكثير من أن تترك غاضبة، أو تترك تتصرف من زاوية المانعة، فالوقت هو تضميد الجراح لا رش الملح عليها. محمد الرميحي *نقلا عن جريدة "الرأي العام" الكويتية |