حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
عقيدة التوحيد تاريخياً - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: الحوار الديني (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=58)
+--- الموضوع: عقيدة التوحيد تاريخياً (/showthread.php?tid=18034)



عقيدة التوحيد تاريخياً - eyad 65 - 05-28-2006

هناك دلائل على أن فكرة أن الإله العلي الواحد مالك السموات و الأرض كانت معروفة عند الكنعانيين بشكل من الأشكال , فالتوراة تشير إلى أن ملكي صادق ملك شاليم " أورشليم " الكاهن الله العلي عندما بارك إبراهيم الخليل قال : " مبارك أبرام من الله العلي مالك السموات و الأرض " فهل كان الكاهن موحدا ؟
فإذا كان الأمر كذلك فالأرجح أن فكرة الإله الواحد خالق السموات و الأرض كانت معروفة عند الكنعانيين وهناك من كان ي}من بها ولا سيما في مدينة أورشليم المقدسة ( مدينة السلام ) ولعل استعمال الكنعانيين لنفس كلمة إيل الواردة في التوراة للدلالة غلى الإله العلي مما يؤيد لك .

وهناك ما يدل على أن المديانيين العرب كانوا يمارسون عقيدة التوحيد أيضا فالتوراة تشير إلى أن موسى سكن مدة مع المديانيين بعد هروبه من وجه فرعون , وقد تزوج هناك من ابنة يثرون كاهن مديان الذي كان على ما يبدو موحدا و يعبد الله باسم " يهوه " و يرجح البعض أن اسم يهوه مستمد من اسم إله من آلهة البدو الشماليين العرب , فيقول العلامة موسكاني أن الإله يهوه كان معروفا عند العرب و الأرجح أنهم كانوا يعبدونه لأن كثيرا من أسماء الأشخاص وردت ماحقة باسم الإله يهوه بحسب العادة المتبعة بإلحاق اسم الإله باسم الشخص تبركا به . ويؤكد الدكتور نلسن في بحثه عن تاريخ الأديان أن الوطن الأصلي ليهوه هو شمال غربي بلاد العرب من سناء و قادش , وهناك تجلى الله للشعب , وهناك سمع موسى وصاياه , وهناك تعلم الشعب اليهودي الدين و طقوسه و وقد كان يثرون والد زوج موسى كاهنا عربيا قديما . واللفظ الذي أطلقه العهد القديم عليه هو " كوهين ~" وهو اللفظ العربي لكلمة كاهن , والشيء الذي لا شك فيه هو أن هذا الإله الذي تجلى للإسرائيليين ( اليهود ) إله متصل بمواطن اله القمر الذي كان العرب ينظرون إليه ككبير الآلهة وهي نظرة توحيدية .

وتعترف التوراة كما سبقت الإشارة إليه بأن جماعة موسى عندما جاؤوا إلى كنعان أن أهل كنعان ومنهم ملك مواب المدعو " بالاق بن صعور " ومعهم شيوخ مديان أرسلوا رسلا إلى بلعام بن عبذور , وهو نبي موحد , وطلبوا إليه أن يلعن قوم موسى فأوحى إليه الرب بعدم الاستجابة إلى طلبهم . كل لك يدل على أن دين التوحيديين كان معروفا عند الكنعانيين وكانت بعض قبائلهم نمارسه وهم من أصل عربي .


دعوة اخناتون فرعون مصر لعبادة الإله الواحد

نحن لا نستبعد أن تكون عقيدة الوحدانية التي تبناها اخناتون قد جاءت إلى مصر عن طريق قبائل الهكسوس العربية التي حكمت في مصر زهاء قرنين قبل عهد اخناتون مباشرة . وهكذا فيكون مصدرها عربيا , و الهكسوس كما هو معلوم كانوا على اتصال المديانيين الذين قيل عنهم أنهم كانوا يدينون بالإله الواحد المدعو " يهوه " و مساكن المديانيين في شبه جزيرة سيناء المجاورة إلى مصر , ونحن نعلم على وجه التأكيد أن الهكسوس لم يكونوا يعبدون الآلهة المصرية على أية حال و عندما اتخذ الهكسوس عاصمة لملكهم في شرقي الدلتا المصرية عبدوا الإله " سوتح " وقد توتر أن الملك " أبو فيس " لم يسمح بعبادة أي اله آخر في كافة البلاد . وقد ذهب البعض إلى أن أتباع موسى كانوا يدينون بدين اخناتون وأن موسى نفسه هو مصري , ومن أتباع هذه الديانة الجديدة , وقد ورد ذكر أحد القادة المصريين المشهورين باسم " أحموسي " وهو أحموسي الأول مؤسس السلالة الثانية عشرة ( 1580 – 1546 ق . م ) وهو الذي طرد الهكسوس من مصر . ويؤكد العالم النفسي " فرويد " بالأدلة التاريخية و الاستنتاجات الخاصة بالطريقة الفرويدية " أن موسى قائد مصري من أتباع اخناتون و قد اعتنق دين التوحيد و أن موسى بعد موت هذا الفرعون ذهب إلى حدود مصر في سيناء وأخذ يبشر بمبدئه هذا بين الناس " ومما يذكر بهذا الصدد أن هناك بعض التشابه بين بعض قصائد اخناتون في تسبيحه الإله الأوحد وبين المزمور الرابع بعد المائة من التوراة , كما يلاحظ أن المعاني التي ذكرها اخناتون في قصيدته عن الإله الشمس تكررت كذلك في أسفار العهد القديم . ولابد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن المبدأ الذي تستند إليه عقيدة التوحيد التي نادى بها اخناتون هي غير المبدأ الذي بنيت عليه التوراة فيما بعد . لأن عقيدة اخناتون تستند إلى عبادة الإله الواحد على أن تكون عبادته في رحاب المحبة و السلام عن طريق نشر الإخاء العالمي بين الإنسان و الإنسان هذا في حين أن التوراة تقوم على أساس عبادة الإله " يهوه " الخاص باليهود وحدهم باعتبارهم شعب الله المختار .

ونظرا لأهمية ديانة اخناتون هذه من حيث صلتها بالنبي موسى وجماعته فإنه يحسن عرض نبذة عن هذه الديانة و كيفية نشوئها :
لم تكن ديانة اخناتون الذي لعب دورا خطيرا في تاريخ مصر السياسي و الاجتماعي وليدة زمنها , فقد سبقتها تطورات عقائدية دينية عبر الزمن الطويل حتى تبلورت و اختمرت عقيدة الإله الواحد خالق كل شيء , فكان أول ما استرعى نظر المصريين الأوائل أن الشمس و ظهورها على شكل ذلك القرص الأحمر المتوهج و شروقها و غروبها بانتظام دقيق تمثل عظمة الإله " خالق كل شيء " الذي عرف بأسماء عديدة منها الإله " رع " الذي يمثل شمس الظهر , فعبد أهل مصر هذا الإله في الشمال على السواء , وقد صوروا هذا الإله الخالق على أشكال مختلفة ومن هذه الأشكال الإله على هيئة الصقر أو هيئة الإنسان برأس الصقر . ولما كانوا قد صوروا إله الشمس على شكل ادمي فقد جعلوا له قاربا جميلا صنع من الذهب طوله 770 قدم , وكانت الآلهة الأخرى تصاحب اله الشمس فيه . وقد وصف هذا الإله " بالإله العظيم رب السماء الذي يحكم العالم من قاربه هذا " ولا غرابة في ذلك فإن إله الشمس هو سيد الآلهة أجمعين , وكان للشمس قاربان قارب النهار و قارب الليل تستقل الأول في النهار و الثاني في الليل بعد أن يخيم الظلام على الأرض و لذلك تبدأ رحلة الليل مخترقة العالم السفلي . وكان يتخيل المصريون جميع المخلوقات ترتل أناشيد تمجد بها هذا الإله , وكذلك البشر فهم يرفعون أيديهم إلى أعلى و يبتهلون إلى الشمس قائلين : المجد لك عندما تشرقين من اليم الذي يحيط بالسماء لتنشري النور على مصر بشروقك , بالشكر لك تلهج ألسنة الآلهة أجمعين . " فالصورة التي تخيلها المصريون عن ولادة الشمس تتلخص في أنها تدخل في إلهة السماء عند المساء ثم تعبر جسمها أثناء الليل , وتولد عند الصباح . كما أن هناك فكرة أخرى تقول بأن الشمس إذا اختفت في الغرب تظهر من جديد في الشرق . ولكن لكي تصل إلى هذا الشرق عليها أن تعبر النهر . و كانوا يتصورون أن للشمس مسكنا في جزء من أجزاء السماء و صوروه على أشكال متعددة منها قصر خاص للشمس في السماء و يعتبرونه بمثابة قصر حاكم العالم تتردد عليه الآلهة لتلقي الأوامر و البقاء فيه لحضور المبادىء و تناول المآكل تماما كما يحدث في بلاط ملك الأرض بالنسبة لرجالات الدولة .

و لقد أخذت عبادة الشمس تنتشر منذ عصر الدولة القديمة , ولعل السبب في ذلك أن ملوك الأسرة الخامسة الذين حكموا مصر من عام 2560 إلى 2420 ق . م كانوا ينتمون إلى هذا الإله , فأصبح هذا المعبود أكثر المعبودات تقديسا عندهم . وهكذا فقد أخذ الناس مدلى الألف سنة التالية يضيفون في كل مكان اسم " رع " ( الشمس ) على أسماء الآلهة القديمة , وقد أرادوا بذلك أن يضيفوا إلى الآلهة الأخرى نصيبا من القوة التي تمتع بها إله الشمس الذي كان يتصرف في مقادير العالم أجمع . وبعد انهيار الدولة المصرية حوالي سنة 2250 ق . م . تمكنت من الظهور أبان العصور التالية دويلة مركزها مصر العليا و عاصمتها طيبة , ففي أواخر الألف الثالثة تسربت بعض المعبودات إلى طيبة وتعاليم كهنوتية عرف الكثير منها عن طريق معابد طيبة في العصور التالية وقد جعلوا الإله آمون الذي كان واحدا من الآلهة لأوزوريس إله منف " وقالوا أن جسد آمون يوجد في الدنيا السفلى وأنه أي آمون كإله للشمس يزور جسده هذا عندما يتجول في العالم السفلي أثناء الليل " . وقد أصبح آمون الإله المحلي لطيبة منذ عصر الأسرة الحادية حشرة ( حوالي 2100 ق . م . ) وبلغ إله الشمس في شخصيته الجديدة كملك الآلهة أسمى درجات التقدير و الشهرة يسوس العالم و يتحكم في مقاديره , ومما ساعد على ارتقاء الإله آمون إلى مرتبة الإله العظيم , أن أسلاف الأسرة الثانية عشرة قد اختاروا إلها عائليا إذ اتخذ أول ملوك الأسرة الذي حكم مصر حوالي سنة 2000 ق . م . الاسم المميز آمون في المقدمة , ونظرا للدور الذي كان على آمون أن يؤديه كإله للآلهة صار لزاما عليه أن يتحول إلى إله شمس تحت اسم " آمون – رع " وهكذا اتخذ مركزا ممتازا بالنسبة إلى جمهرة آلهة المقاطعات الصغيرة وقد اتخذ بهذه المناسبة مظهرا آخر أكثر احتشاما . وهنا تظهر لنا بداية عقيدة التوحيد بظهور " آمون – رع " ملك الآلهة الذي يسوس العالم و يتحكم في مقاديره .

وفي غمرة ظهور ديانة آمون-رع غزا مصر لقوام الهكسوس وهم رعاة أهل الصحراء و حكموها حوالي 200 سنة بين سنة 1785 و 1580 ق م . و قد اشتملت على خمس سلالات وهي السلالات 13 – 17 . وما إن انتهى حكم الهكسوس وقيام السلالة الثامنة عشرة بزعامة مؤسسها أحموسي و تأسيس الإمبراطورية المصرية حتى وصل " أمون – رع " على قمة مجده بعد تحرير أمراء طيبة من النير الأجنبي . وعندما امتد حكم الأسرة على مصر كلها دون أن تهجر مقرها " طيبة " صار من المحتوم أن يصبح " آمون – رع " غلها للإمبراطورية و أكبر إله في البلاد فاتخذ منذ ذلك الوقت لقب ملك الآلهة بل و أكثر من ذلك فقد شاء القدر أن يتمتع ملوك الأسرة الثامنة عشر , وهم الذين رفعوا إلههم " آمون – رع " عاليا . بعظمة لم تعرف لها مصر من قبل , فمن الفرات إلى السودان كانت جميع البلاد تدفع لهم الجزية , وقد انتشرت عظمة إلههم في كل هذه الأرجاء الشاسعة . فأقام فراعنة القرنين السادس عشر و الخامس عشر قبل الميلاد و الأسرات اللاحقة معابد طيبة الضخمة لإله آمون – رع بواسطة تلك الأموال التي تدفقت على مصر رمزا لتقديرهم وعرفانهم بأسباب ذلك النصر الذي قادهم إليه , وقد أقاموا في البلاد الأخرى من إمبراطوريتهم هياكل جديدة خدمة لإله ملكهم في كل مكان , وهكذا أصبح " آمون – رع" حقيقة و لمدة طويلة أول إله عام للمصريين .وقد غالى المصريون في نسج الأقاصيص المختلفة عن هذا الإله آمون – رع اله الشمس خالق كل شيء وهو الذي عمل كل شيء , هو الوحيد صاحب الأيدي الكثيرة , هو أب الآلهة صنع الناس و خلق الحيوانات وفرق بين الناس حسب ألوانهم .. ولكن آمون – رع هو أيضا عضد و عائل كل الكائنات الحية , وهو يسهر في الليل حين ينام الناس أجمعون و كالراعي الصالح يبحث عن الفضل لقطيعه , وهو ينبت الحشائش لقطعانه و أشجار الفاكهة للناس و وهو يخلق ما تعيش منه الأسماك في النهر و الطيور في السماء , وهو يعطي نسمة الحياة لمن لم يخرج من البيضة ويطعم ابن الدودة .. النيل الطيب المحبوب الذي يجري حبا فيه و عندما يجري يحيا الناس .. .

و في عصر أمنوفيس الثالث (أمنحوتب الثالث 1417 – 1379 ق . م . ) بلغت الإمبراطورية المصرية أوج اتساعها و ازدهارها حنى غدت أول دولة في العالم , حولت عبادة " آمون – رع " في هذا العصر إلى عقيدة خالصة لإله الشمس . وهذا أهم ما تحتوي عليه أنشودة آمون – رع حينما يشرق :

" التسبيح لك أنك رع الذي يطلع كل يوم في الصباح دون توقف ... أنت بتاح و قد كونت أعضائك , أنت معطي الحياة الذي لم يولد , أنت الوحيد من نوعك الذي يعبر الأبدية كلها ... أنت تسبح فوق السماء , والناس جميعا يتأملونك , ولكن مسراك خفي عليهم رغم ذلك ... فبفضلك ترى جميع العيون ولا تقوم بأداء أي شيء بعد أن تنام جلالتك , تقوم مبكرا لتظهر في الفجر , نورك يفتح الأعين ولكنك حينما تغرب في جبل مانون فأنهم ينامون كالأموات ".

وهناك أنشودة ثانية تمدح غله الشمس تحت اسم " أتون " وهي ذات الكلمة التي ستصير بعد ذلك علما لعصر الثورة . وهكذا تعبر هذه الأنشودة : " المجد لك يا شمس النهار التي خلقت كل الكائنات الحية و تكفلت بما يحتاجون غليه .. أنت الأم الرائعة الممتازة للآلهة و الناس . أنت الخالق الطيب الذي يتعب نفسه من أجل مخلوقاته العديدة . أبها الراعي القوي الذي يقود قطعانه . أنت ملجؤهم الذي تحفظ عليهم الحياة .. الإله الأصيل الذي خلق نفسه . الإله الذي يصل كل يوم إلى حدود البلاد و ينظر إلى الذين يتجولون فيها . والذي يشرق في السماء . الإله الذي يقسم الفصول إلى شهور و ينتج الحرارة حينما يريد و البرودة حينما يشاء . الذي يطوي الأعضاء و يحتضنها . كل بلد تتوسل إليه عند طلوعه يوميا كي تعبده ."

قلنا أن عقيدة التوحيد قد نبتت جذورها في القرنين العشرين و التاسع عشر من قبل الميلاد بظهور عبادة الإله آمون – رع ثم بعد أن طرد الهكسوس من مصر و تأسيس الإمبراطورية المصرية حتى لقب بملك الآلهة و أصبح أعظم الآلهة المصريين . وفي هذا الدور المزدهر من تاريخ مصر ( عصر أمنحوتب الثالث ) بدأت تختمر في عقلية الشعب المصري مفاهيم دينية جديدة تمخضت عنها الثورة الكبرى التي اندلعت في عهد خلفه أمنحوتب الرابع ( 1379 – 1362 ق . م ) بإعلان عقيدة التوحيد تحت علم ( أتون ) 0( الشمس ) ولا شك أن هذه الحركة الجديدة كانت عامة إذ كان الناس يودون عبادة و حب الإله الذي يرونه و يحسون بأفضاله ( أي الشمس ) . إن هذا الجيل كان يسير إذن نحو الحقيقة , وهكذا لم يعد غله الشمس كسابق العهد على هيئة إنسان ذي راس صقر , بل على صورة قرص يمثل كوكب الشمس ومن تخرج أشعة تنتهي بأيد , وهذه الأيدي معناها أن الشمس تعطي الإنسان الحياة وكل ما هو طيب . وقد وصلت إلينا محتويات هذه العقيدة الجديدة عن طريق تسبيحات و أدعية مختلفة تصور إله الشمس على صورة الخالق المحبب عند كل الأحياء و وهذه هي بعض التسبيحات التي عثر عليها في قبر الكاهن آي :

" إن ظهورك جميل في أفق السماء أيتها الشمس الحية أولى الأحياء "
" إنك طلعت من الأفق الشرقي في السماء و تكلئين البلاد ببهاء جمالك "
"أنت جميلة و كبيرة و تتألقين فوق كل البلاد ز"
" عن أشعتك تحيط البلاد بقدر ما خلقت منها "
" أنت رع و أنت تخترقينها حتى نهايتها وأنت تأسرينها لحبك من أجل ابنك ( الملك )
" أنت بعيدة ولكن أشعتك تصل إلى الأرض .. نرى ورغم ذلك لا نعرف مسراك "
" عندما تختفين في الأفق الغربي تصبح الأرض ظلاما كما لو كانت مائتة ".
" أنت نفس دوام الحياة ونحن نعيش بفضلك "

وعلى هذا النحو ظهرت الديانة الجديدة القائمة على التوحيد المطلق التي بشر بها الملك امنحوتب الرابع في بدء حكمه تحت علم الإله أتون "اله الشمس " خالق كل شيء بصفته الكاهن الأول له . وهذه العقيدة كما اتضح لنا من الأنشودة تتيح للجميع السوري و الإثيوبي تمجيد الإله أتون , فإن الناس كلهم أبناء الله أعطاهم ألوانا مختلفة و لغات متباينة ووضعهم في أقاليم متميزة ولكنه يعطي كلا بطريقة واحدة , فهو إذا أعطى لأحد نيله فإنه يعطي الآخر على سبيل التعويض مطرا من لدنه , وفي ذلك يقول الأستاذ إرمان ": إننا إذا حاولنا فهم هذا المذهب على وجه الدقة في تحليله الأخير فإننا نلاحظ أنه يتجه الآن – على عكس ما كان عليه في البدء – نحو الاعتقاد بالتوحيد , أنه يقول باله واحد ليس له شريك . وكل ما كانت تقوم به جمهرة الآلهة الأخرى يتفرد هذا الإله الآن بعمله لأن فيه ملايين المخلوقات . فهذا هو إله الشمس العام المشترك لكل العالم ( الإله الطيب الذي يحب الحق سيد السماء و الأرض أتون الكبير الحي الذي ينير القطرين "و بظهور هذه الديانة الجديدة أصبح من الكفر الاعتقاد بوجود اله آخر غير الإله أتون الإله الواحد الحقيقي . ولم يستثنى من ذلك اسم امون الذي غدا غير مقبول أيضا , مما حدا بالملك إلى أن يتخلى عن اسمه " أمنحوتب " فتسمى باسم " أخن اتون " أي " هذا يرضي الشمس " . ولم يقتصر ذلك على إنكار " آمون " فقط بل إنكار أسلافه الأمجاد أيضا فقد حذفوا أسماء آلهة أخرى عدا اسم آمون , ففي معبد بتاح في الكرنك شوهت اسماء بتاح و حاتحور , وفي بهو أعمدة تحتمس الثالث في الكرنك لحق بهذا المصير جميع الآلهة : أوزوريس و إيزيس و حوريس و أتوم و منتووكب و غيرهم .

وقد اختار الملك لنفسه ولإلهه مكانا جديدا في المنطقة التي تسمى اليوم " تل العمارنة " وهي تتوسط مصر إذا قيست كل مساحتها , وهي تقع في السهل الصحراوي على الضفة الشرقية للنيل و قد سميت " أخت أتون " أي " أفق الشمس " وفي اختيار هذا المكان للعاصمة الجديدة يقول الملك " " سأبني أخت أتون لأتون أبي في هذا المكان , ولن أبني أخت أتون اقرب إلى الجنوب أو إلى الشمال .. وسأبنيه في الشرق حيث تظهر الشمس .. " وقد أعلن الملك أنه حين يموت هو أو الملكة يجب أن يدفنا في " أخت أتون "

وهكذا " لم يعد الإله ( في ديانة اخناتون إله مصر وحدها بل هو إله الدنيا بأسرها " , وكذلك لم يعد الملك إلها يعبد لأن اخناتون لم يدع الألوهية " مثلما كان الفراعنة من قبله ومن بعده يدعون بأنهم آلهة " إن المهم هنا أن ديانة اخناتون نبذت و شجبت جميع أنواع السحر و الخرافات و الشعوذة وهذا ما يقوله ارثرويكال بهذا الصدد ": إن اخناتون ألقى إلى النار بشتى كائنات العالم السحري من جان و عفاريت و مردة وأرواح , وأنصاف آلهة , وحتى أوزوريس نفسه , بكل بلاطه , ألقى بهم في اللهب و تحولوا إلى رماد " . ويضيف إلى ذلك قوله :" وفي أعقال نشر هذه الديانة الجديدة مباشرة لم يبق ذرة من الخرافات في صلب هذه الديانة " و قد حرم اخناتون على الفنانين أن يرسموا صورا لأتون , أن الإله الحق في اعتقاده لا صورة له فهو لا يرى ولا يمس ولكن مع ذلك هو موجود دوما في كل مكان و زمان . ثم ترك الفن بعدئذ حرا طليقا فصور كل الكائنات الحية النباتية كانت أو حيوانية في تفصيل ينم عن حب و عطف عظيمين , ودقة لا تسمو عليها دقة في أي مكان أو زمان , وكان من أثر هذا أن ازدهر الفن أعظم ازدهار .......

لو قدر لأخناتون أن يطول حكمه مدة أطول يثّبت خلالها أركان ديانته لتغير وجه التاريخ المصري تماما , ولكن الأقدار لم تمهل هذا الملك الشاب إذ داهمته المنية , وأخذت عبادة أتون تنهار من بعده تدريجيا في وجه المعارضة المكشوفة بعد أن كانت أغلبية الشعب قد رفضت العقيدة الجديدة وظلت تعبد الهتها القديمة سرا . أما فشل العقيدة فمن أهم أسبابه أن قوة المملكة الخارجية قد تضعضعت فكانت مملكة العقيدة الجديدة تتجه نحو خراب مؤكد , وقد جاء موت الملك نذيرا بالمصير المحتوم الذي كان ينتظر العقيدة الجديدة التي تبناها ودافع عنها في حياته . ومما زاد بخطورة الوضع أن الملك لم يترك زليا للعهد فانتقلت مقاليد الحكم إلى زوج ابنته الكبرى الذي خلف صهرا اخر أصغر منه سنا وهو المعروف بالملك " توت عنخ أتون " , ولكن هذه التسمية أثارت ردود فعل بين المعارضين الساخطين مما اضطر الملك إلى الخضوع فبدل اسمه إلى " توت عنخ آمون " وعاد إلى طيبة حيث افتتح العهد منددا بعهد أتون وملمحا إلى البؤس الذي وصلت إليه البلاد , وفي الوقت نفسه أقام معابد آمون ثانية و صنع له تماثيل من الذهب الخالص . وهكذا خربت " تل العمارنة " عاصمة التوحيد ولم يترك شيئا من معبدها الأعظم و سمي الملك أمنوفيس الرابع ( اخناتون ) بلقب مجرم تل المارنة .

والسؤال الذي يفرض نفسه في ضوء هذه الخاتمة هو , هل كان ظهور النبي موسى في أعقاب هذه الحوادث بالذات موقوتا ؟!... وهل جاء لينتشل القوم من وحدة الضلال التي انحدر إليها بنبذه عقيدة التوحيد ؟... إننا إذا ما استعرضنا تطور الديانات البشرية نجد أن ظهور الأنبياء عبر التاريخ في مثل هذه الأحداث أمر طبيعي و أن ظروف الضلال التي خيمت في أعقاب الارتداد فرضت بوحي من العتاية الالهية ظهور النبي موسى لحماية دين الحق و الذود عنه .








عن كتاب عصر النبي موسى و اليهود


عقيدة التوحيد تاريخياً - نبيل حاجي نائف - 07-03-2006


موضوع هام يا أستاذ " إياد الخطيب " .