حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5) - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5) (/showthread.php?tid=18476) الصفحات:
1
2
|
تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5) - عمر أبو رصاع - 04-26-2006 عندما خضعت المجتمعات الاسلامية المنتمية للعالم الثالث لاحتلال القوى العسكرية الغربية نهاية القرن التاسع عشر أوائل القرن العشرين واجهة العقلانية المسلمة تحديا أساسيا ذلك أن الغرب خلال القرون الأخيرة بعيد حملته العسكرية تحت اسم الحملات الصليبية قد تغير كليا. لقد طور الغرب مستقلا كل نظمه الثقافية والحضارية ، لذا كان تحدي العقلانية المسلمة يتمثل في مواجهة التصادم بين النظم الغربية التي انتجت وطورت في جدلية تاريخية أوربية خاصة ومنفصلة و بين التراث الثقافي الاسلامي المتناغم نصا وروحا مع الايديولوجيا والنصوص الدينية. كانت الثقافة الاسلامية قد توقفت عن الابداع قبل ذلك بقرون ، ولم يكن صعبا علينا أن نلاحظ أن منطقة المسلمين لازالت تعيش في القرون الوسطى . بدأ المسلمون انفتاحهم على المدنية الغربية تحت تأثير ادراكهم التام لتخلفهم ، ولكن مع رغبة قوية بالدفاع عن هويتهم الاسلامية وحمايتها ، رغبتهم هذه فهمت كنتيجة طبيعية لتحدي المدنية الغربية ، هذه الرغبة التي نسميها اتجاه المحافظة كرد فعل على حركة الانفتاح . في الواقع إن لدينا اتجاهين اساسيين داخل حركة الانفتاح على المدنية الغربية هما : الإتجاه التغريبي والذي يعتقد أنه لا فائدة من محاولة التوفيق بين المدنية الحديثة والتراث الاسلامي ، ويرجع معظمهم ذلك إلى تباين خلفيات الثقافتين ، لذا آمنوا أن أفضل طريق للتقدم والتطور هو اتباع الأنظمة والقواعد الغربية كما هي والقطع مع التراث، وتجربة كل من أتاتورك في تركيا والحبيب بورقيبا في تونس أفضل مثالين على هذا الاتجاه. الأتجاه الثاني هو الاتجاه التوفيقي وهو الاتجاه الرئيس في الدول المسلمة ، ويعتقد اتباعه بإمكانية الوصول إلى حل توفيقي . معظم المثقفين المسلمين كما سبق أن ذكرنا لديهم رغبة قوية في حماية هويتهم الاسلامية والدفاع عنها ، فهم يعتقدون أن الاسلام دين مرن يمكنه أن يستوعب عناصر المدنية الحديثة ، فالإسلام في معتقدات المسلمين دين يحتوي قواعد نظام حياة مناسبة لكل العصور ، لذلك ليس من السهل أن يقبل المسلمون القطع مع معتقداتهم ، في الواقع العديد من الأشياء تغذي هذه الفكرة ، والدفاع عن هويتهم هو الشيء الرئيس خصوصا وهم يعتقدون أنهم أصحاب حضارة عظيمة ، ولديهم شعور قوي بكونهم ضحايا للحركة الاستعمارية الغربية ، التي جاءت لتستغل ثرواتهم ، وكنتيجة منطقية لتحدي المدنية قرروا أن يجدوا الحل التوفيقي الذي يحفظ لهم هويتهم الخاصة وفي نفس الوقت يلبي الحاجات المدنية الحديثة . لأن الاقتصاد هو عصب الوجود الانساني فقد تنبه العديد من المسلميين المختصين إلى أهمية دراسة النظام الاقتصادي الليبرالي الغربي كونه نظام اقتصادي متقدم ومتطور ، وحاولوا اخضاعه للقانون الاسلامي \"الشريعة\" ، أو وضع بدائل اسلامية تستطيع أن تلبي الحاجات المدنية دون أن تخرق الشريعة الاسلامية ، كان ناتج أو مخرج جهودهم موادا تراكمت بالدرس والبحث لتصبح حقلا علميا يعرف بالاقتصاد الاسلامي. لا أحد يستطيع أن يثبت أن الاقتصاد الاسلامي هو علم مستقل أو جزء من التراث التاريخي الاسلامي ، ذلك أن الاقتصاد كعلم ونظريات إنما ظهر وتطور بعد اكتمال التراث الاسلامي بقرون ، أكثر من ذلك إن مصطلح الاقتصاد والذي يستعمل كترجمة لمصطلح \"Economy or Economics\" له معنى مختلف تماما في اللغة العربية الفصحى ، فهو في العربية الفصحى إنما يعني الاعتدال أو التوفير في الانفاق أو في أي شيء آخر ، كذلك من المهم جدا التمييز بين النتائج النظرية التي خرج بها واضعو علم الاقتصاد الاسلامي و الاسلام كدين ، حتى وإن كان الأول مشتق من الثاني وذلك لسببين : الأول : إن علم الاقتصاد الاسلامي – كما يوصف من قبل واضعيه – هو قراءة تفسيرية للنصوص التراثية الاسلامية في محاولة لإعادة انتاج النظريات الاقتصادية مع الاحترام للمبادئ العامة في الشريعة الاسلامية والتي يتمكنون من ايجادها في النصوص الاسلامية وبخاصة القرآن والسنة أهم المصادر واقدسها. الثاني : وهو نتيجة للأول ، ذلك أن أي قراءة تفسيرية للنصوص الاسلامية لا تعكس بالضرورة الاسلام نفسه والاسلام ليس لديه سلطة دينية مخولة تقف كمؤسسة لها الحق بالحديث باسم الدين ، ولذلك فإن أي قراءة تفسيرية أو اجتهادية لها وجهان الخطأ والصواب ، وهذه نتيجة منطقية للطبيعة المرنة للنصوص الدينية . في المدارس الاسلامية جميعا نجد أن الفقهاء أو المختصون القانونيون المسلمون متفقين على أن الثبات في الاسلام للعقيدة والعبادة ومبادئ الأخلاق ، وأي شيء عدا ذلك يمكن أن يكون موضعا للتأويل والاجتهاد ، على أي حال فإن الاجتهاد الاسلامي تطور بسعة خلال قرون المد الاسلامي ، وتحت ضغط الحاجة . لقد كانت ثقافة العرب قبل الاسلام ثقافة مستمدة من ومنسجمة مع بيئتهم الصحراوية ، بعد الاسلام وفي ما بين القرنين السابع والثامن وخلال أقل من قرن سيطر المسلمون على مناطق شاسعة ، في نفس الوقت الذي كانت فيه لغتهم غير مناسبة للكتابة والتأليف ، ذلك أن حروف الأبجدية العربية كان يمكن قراءتها بأكثر من طريقة ، ولم تصبح اللغة العربية لغة مناسبة للتأليف إلا بعد نصف قرن من وفات النبي على الأقل ، ولذا فإن معظم المختصيين التاريخيين العرب يعتبرون القرآن نقطة الانطلاق للعقلانية العربية ، وفي الحقيقة القرآن هو اقدم ما نعرف ككتاب خط بأبجدية عربية . تحت ضغط المناطق المفتوحة والتي لها تاريخ ثقافي عريض وجد القادمون الجدد انفسهم في مواجهة تحد ثقافي كبير ذلك أن عليهم أن يهضموا كل الموروث الثقافي الذي وجدوه ، لم يكن ذلك تحديا سهلا ويمكننا أن نتخيل وضعهم لقد كانوا في مواجهة موروث ثقافي هائل لمجتمعات أخرى في الوقت الذي لم تكن فيه حتى ابجديتهم مناسبة للتأليف ، لا شيء عدا الإيمان القوي والولاء القبلي أهلهم لهذه المهمة . الجيل التوفيقي الجديد بشكل ما أو بآخر يواجه مشكلة مشابهة ، لكن لا يمكن أن نتجاهل مشكلتهم الكبرى وهي أن بنية العقلانية العربية كانت قد اكتملت فعلا في القرون الوسطى ، وفي الغالب يعتبر سقوط الأندلس في القرن الخامس عشر نقطة انعطاف في تاريخ العقلانية العربية ، ذلك أنها توقفت عن الابداع ، العديد من المختصين يقولون أن ذلك كان أبكر من هذا التاريخ ، وعلى أي حال فمنذ ذلك التاريخ تعتبر العقلانية العربية بنية ثابتة ، وأي محاولة لإعادة بعث أنظمتها بالنسبة للوضع الجديد يتطلب عملية تفكيك لكل قواعد هذه العقلانية ، ليس فقط لفهمها وإنما أيضا لإعادة تأسيسها ، تلك بالضبط المهمة الرئيسة في تحدي النهضة . \" هل من الممكن أن نبني نهضة بدون عقل ناهض ؟ عقل يجري مراجعة شاملة لكل آلياته\" (1) بعد انهيار الاتحاد السوفيني ظهرت عدة دراسات في الولايات المتحدة وعدة بلدان أوربية أخرى تحاول أن تتخيل خطر آخر محتمل بعد الشيوعية ، وربما يكون أبرز مثال في الفلسفة السياسية صموايل هنتغتون في كتابه الأشهر \"صراع الحضارات\"(2) وقد استنتج هنتغتون أن الاسلام هو البديل الرئيس الذي يمكن أن يشكل تحد للثقافة الغربية والنظام الليبرالي ، في اليد الأخرى تلميذه فرانسوا فوكاياما كمحلل جدلي للتاريخ يرفض هذه النتيجة في كتابه \"نهاية التاريخ والإنسان الأخير\" (3) فهو يعد الاسلام كجزء من التاريخ الانساني ويستنتج أنه لا شيء غير النظام الليبرالي يمكن أن يكون المرحلة الأخيرة في تاريخ النوع الإنساني ، فوكياما يضع المرحلة الليبرالية في نفس موضع المرحلة الشيوعية في نموذج مراحل التاريخ في النظرية المادية الديالكتيكية لماركس ، وعلى أي حال سواء اتفقنا مع هنتغتون أو مع فوكاياما يظل من المهم أن ندرس ونقيم نتاج واضعي الاقتصاد الاسلامي خصوصا أن هناك من ينادي به كبديل للنظام الاقتصادي الليبرالي الغربي ._ يتبع _ *(هذا جزء من رسالتي للماجستير ارتأيت ترجمته إلى العربية ونشره لما أظنه فيه من أهمية تكتنف المضوع لمعاصرته وقلة المعرفة به وأرجو أن تعم به الفائدة أما العنوان الأصلي للرسالة فهو The Islamic banks between theory and practice) (1) الجابري ، محمد عابد – ثلاثية نقد العقل العربي – الجزء الثاني – بنية العقل العربي – دار الفكر العربي 89- ص 7 وما يليها (2) هنتغتون – صموايل - صدام الحضارات أو صراع الحضارات الترجمة العربية – ط1 (3) فوكاياما – فرانسوا – نهاية التاريخ والانسان الأخير بالاجليزية – ط3 – نيويورك 1998 omar_jo_1@hotmail.com تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5) - عمر أبو رصاع - 04-26-2006 الانسان خليفة الله في الارض لبنائه : هذه هي الفكرة الرئيسة في اي فهم لطريقة حياة الانسان المسلم ، نجد في القرآن قوله تعالى { وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني اعلم ما لا تعلمون}(1) خلافة الله تعني أن الله مكن الانسان من امتلاك القدرة على السيطرة فوق سطح الكوكب وفي الكون عامة ، وهذا يعني أن الانسان امتلك ارادة خاصة به مشتقة من الارادة الكلية للخالق وجزء منها وهو ما يؤكده النص القرآني دائما في غير مورد كقوله: { إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا}(2) وقوله: {إنك لاتهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين}(3) وقوله {وهديناه النجدين}(4) ، لكن الله كذلك هو من يقرر الهدف النهائي لهذه الخلافة. عمارة الأرض هي الهدف النهائي لهذه الخلافة ، والعمارة في الاسلام لها معنى واسع جدا ، فعلى الانسان أن يعمر الارض بطاعة الله ، كل عمل الانسان يجب أن يكون في طاعة الله حتى وإن كان من قبيل اشباع الرغبات ، وهذا يضمن إذا لم تتم مخالفة شرعه ، ولذا قال تعالى { وما خلقت الانس والجن إلا ليعبدون}(5) فلا يتكامل لدينا مفهوم العبادة إلا بالمفهوم الشامل للعمارة ، وبالمفهومين معا يكون كل عمل الانسان عبادة لله إذا لم يخالف شريعته وبذا تتم عمارة الكون. تظهر فكرة العمارة في النصوص الاسلامية في عدة أوجه فهي الأمانة التي رفضت الجبال حملها وحملها الانسان{إنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا} (6) والجهل هنا بمعنى عدم ادراك ثقل الامانة مما يترتب عليه أن الوصول إلى مستوى خلافة لله مسألة شبه معجزة وأمانة ثقيلة فلله وحده القدرة الكاملة ، والعمارة أيضا إقامة العبادة ، كما سيسأل الانسان عن كل شيء كسبه كيف كسبه وفيما انفقه . استخدم الاسلام هذا المفهوم \" الانسان هو خليفة الله في الأرض\" لإعادة بناء التصورات حول الاسئلة الفلسفية الاساسية في الحياة : لماذا نحن هنا ؟ وما هو هدف وجودنا؟ ينفي التص الاسلامي ندرة الموارد بالمعنى المطلق للكلمة ويؤكد أن الله قادر على أن يرزق الطير في كبد السماء ويأمر بالعمل للكسب بينما لا يتعرض لموضوع الندرة. ونحن نعلم أن الندرة النسبية للموارد الاقتصادية هي جوهر المشكلة الاقتصادية ونعني بها في علم الاقتصاد تلك المشكلة الناجمة عن وجود : حاجات لا متناهية ، فالحاجات البشرية لا تنتهي وهي متجددة باستمرار لإتسامها في معظمها بالاشباع المؤقت. الموارد الاقتصادية وهي العمل ورأسالمال والأرض والتنظيم هي بالمقارنة مع الحاجات البشرية اللامحدودة تعتبر الموارد الاقتصادية محدودة ، ولا تكفي لتحقيق اشباع كامل للحاجات البشرية ولذا اعتبرناها في علم الاقتصاد نادرة ، وفي الواقع فإن درجة ندرة أي شيء إنما تقدر بدرجة احتياجنا لها ، ولذا فإن ندرة عناصر الانتاج هي ندرة مرتبطة بالحاجات وليست ندرة مطلقة . الاسلام في نصوصه يعتبر الموارد لا متناهية فالكون مليء بها ، ويركز على مشكلة الاستخدام باعتباها المشكلة الرئيسة ، وعلى أي حال فإن مشكلة الندرة النسبية للموارد ليست غير مشكلة طريقة معالجة الموارد واستخدامها ، ومن الثابت بالتجربة التاريخية أن الانتاج الذي يمكننا الحصول عليه من توظيف بعد الموارد الاقتصادية قد تزايد بل تضاعف عدة مرات نتيجة التطور التكنولوجي ، وهذا ما يفسر سقوط معظم النظريات الاقتصادية التي اعتمدت التحليل الثابت . أحد الأمثلة الشهيرة نظرية مالتوس السكانية ، فقد حلل مالتوس ظروف المجتمع الانجليزي السكانية من وجهة نظر تحليلية ثابتة ذلك أنه وجد السكان يتزايدون وفق متوالية هندسية {2-4-16- ......} (س×س) بينما يتزايد الغذاء وفق متوالية عددية {2-4-8-16} (س+س) ولذلك استنتج أن بؤيطانيا ستواجه المجاعة في أقل من نصف قرن ، أكثر منذلك وبسببه اعتبر مالتوس الحروب والكوارث من العناصر الايجابية لأنها تحد من الزيادة السكانية !(7) في الواقع لو أن كل شيء بقي ثابتا أي استمر نمو السكان وفق متوالية هندسية ونمو الغذاء وفق متوالية عددية في نفس الاتجاهات لكانت نتائج ماتوس صحيحة تماما ، فمن السهل أن تفسر التاريخ لكنه من الصعب جدا أن تتنبأ بما سيحدث ، فما حصل في الحقيقة كان مختلف تماما عن تنبأ مالتوس ، فالنمو السكاني أخذ يتناقص مع الوقت تحت ضغط الحاجات الحضارية لنماذج الحياة المدنية الحديثة للحد الذي أصبح فيه النمو السكاني الانجليزي سالبا أو قريب من الصفر ، كما زاد التطور التقني القدرة الانتاجية في قطاع الزراعة إلى الحد الذي اصبحنا معه قادرين على اطعام السكان حتى لو استمر نموهم بنفس المعدلات ، وفي هذه الايام لا يواجه المخططون الاقتصاديون مشكلة ندرة الغذاء إنما مشكلة وفرته الزائدة ، وفي عدة حقول من الانتاج الزراعي يعملون على خفض الانتاج للحفاظ على الاسعار ، وسياستي زراعة القمح الامريكي والبن البرازيلي تصلحا مثالا ممتازا لما ذكرناه آنفا . الاسلام كما ذكرنا يعتبر أن المشكلة مشكلة استخدام وأنها المشكلة التي يجب أن ينصرف إليها وعينا وإهتمامنا ، وعلى أي حال فإن الاسئلة المطروحة في الاقتصاد الكلي _ تميل معظم المراجع العربية إلى ترجمة مصطلح Macroeconomics ب الاقتصاد السياسي وهذا خطأ شائع لأن Macro تعني حرفيا كلي وكذلك هي فعلا لدلالتها على الاقتصاد بعامة وضدها Microeconomics وتعني الاقتصاد الجزئي من الجزء الدال على الوحدة الاقتصادية المفردة_ تبقى هي نفسها كيف نصل إلى أعلى مستوى من المنفعة الكلية ؟ وكيف نصل إلى مستوى التوظيف أو الاستخدام الأمثل لعناصر الانتاج المتاحة ؟ لذا فنحن لا نعتقد بوجود فارق من حيث تشخيص المشكلة الاقتصادية في النهاية مادمنا نواجه ذات الاسئلة ففي النهاية مبدأ الندرة إنما هو لشرح المشكلة أكثر منه لإيجاد علاجها ففي النهاية علاج المشكلة يتركز على الاستخدام ، كما لا نعتقد أن هذا الاستنتاج أعني أن الاسلام لا يعترف بالندرة من شأنه أن يؤسس لنظرية مغايرة وإن كان يسهم في تعميق التركيز أكثر على مشكلة استخدام الموارد ، وكما رأينا فقد ركز مالتوس على الزيادة السكانية باعتبارها العنصر الذي يمكن التأثير عليه وأهمل الانتج الغذائي باعتباره معطى ثابت لكن الحاجة العلمية كما اثبتت التجربة البشرية إنما يجب أن تنصرف إلى كيفية تطوير استخدام الموارد لزيادة الانتاج ، وهذا ما انصرف إليه تركيز العلماء والباحثين مع استمرار نمطي لمدرسة محافظة لازالت دائما تضغط باتجاه خفض الاستهلاك والحد منه خاصة في دولنا العربية وهي سياسة نعتقد بفشلها طالما أن العلم دائما قادر على رفدنا بوسائل لتطوير الانتاج وزيادته. _يتبع_ البقرة الآية 30 الانسان الآية 3 القصص الآية 56 البلد الآية 10 الذاريات الآية 56. الاحزاب الآية 72 لمن يرغب في التوسع في الموضوع البياتي – د.طاهر – تاريخ الافكار الاقتصادية – ط1 – دار التطبيقية – ص 51 وما بعدها . كذلك Samelson – T - The history of Economic thoughts - New York تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5) - عمر أبو رصاع - 04-26-2006 قضية الملكية هي من القضايا الاساسية في منظومة فكرية اقتصادية ، وقد شغلت الباحثين والعلماء منذ فجر تاريخ العقل ، في الاسلام الملكية المادية هي ملكية حق الاستخدام ، فالبشر كخلفاء لله في الكون لهم حق التصرف بما فيه من مواد لكن وفق إرادة الله ، أو يمكننا القول أن الانسان الذي يستعمل هذا الحق عليه أن يكون خاضعا لإرادة الله ، ففي القرآن {لله ما في السماوات وما في الأرض ....} (1) {ولله ملك السماوات والأرض والله على كل شيء قدير}(2) فالله هو المالك الحقيقي لكل شيء ، يقول المفسر القرآني الزمخشري في كشافه حول تفسير ما سبق\" المال الذي في ايديكم مال الله فهو خالقه ، اعطاكم المال ولكم ان تستمتعوا به ، جعلكم خلفاء له في استعماله ، ففي الحقيقة ليس المال مالكم لكنكم وكلاء الله فيه\"(3) ويقول الامام الصدر في ذلك \" من الواضح أن الملكية الخاصة والملكية الحكومية والملكية العامة هي ثلاثة صيغ توجد معا في الشريعة الاسلامية . الملكية الحقيقية لله ، يملك الانسان حق حيازة والتصرف في ما هو محسوب له وفق القواعد التي وضعتها الشريعة الاسلامية\"(4) وقد خبر المسلمون في تاريخهم عدة اشكال للملكية ، فقد عرفوا الملكية الفردية والملكية الخاصة والملكية العامة ، ثم أضيفت الملكية المشاعية والملكية المساهمة كنتيجة طبيعية للتطور التاريخي ، وهذه في الواقع هي نفس أشكال الملكية في جميع النظم الاقتصادية التي عرفناها ، ولكن ليست أشكال الملكية هي التي يركز الاسلام عليها إنما يركز الاسلام على شكلة استخدام الملكية لا شكلها أو نوعها او على المعنى الذي يستدل من كون الانسان خليفة لله في الاستخدام . ماذا نملك ؟ وما هي نتائج استخدام الملكية علينا وعلى المجتمع أو بشكل أوسع دلالة على الكون؟ من الملفت للننظر ما ذهب إليه بعض الاشتراكيين العرب خاصة في فترة الخمسينات والستينات من القرن المنصرم من استخدام هذا اعني مناية الاسلام بأثر الملكية كمدخل للقول أنه لا يوجد تعارض بين مبادئ الدين الاسلامي والاشتراكية ! أحد النصوص الشهيرة التي يستندون إليها قول النبي (ص) ( الناس شركاء في ثلاث : الماء والكلأ والنار ) (صححه الشيخان) . كما سبق وأشرنا يعتبر الاسلام كل شيء ملك لله والانسان خليفة لله في القرآن {المال مال الله} والهدف النهائي لأي نظام اقتصادي هو تعظيم منفعة المجتمع مع أعلى مستوى ممكن من عدالة التوزيع ولذا استنتجوا أنه علينا إذا أن نتبع النظام الاشتراكي لأنه الذي يضمن لنا ذلك ، وعلى أي حال فإن معظم الفقهاء المسلمين يرفضون هذا الاستنتاج ، ذلك أنه وبالرجوع إلى التطبيق التاريخي للشريعة الاسلامية ونصوصها والتي نظمت توزيع الارث ووثقت الدين والذي بينت آلية توثيقه تفصيلا في اطول آية في القرآن {يا ايها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكت .......}(5) وكذلك بالرجوع إلى كتب الفقه القديمة جميعا فإن حماية الملكية الخاصة هي أحد اهداف الشريعة الاسلامية النهائية ، أكثر من ذلك إن أحدا لا يستطيع في الاسلام أن يحرم أو يمنع ما كان مباحا لقوله تعالى { ويحرمون ما أحل الله}، لكن في الواقع ليست النتيجة النهائية التي احتج بها مطلقة لوجود قاعدة شرعية مشهورة تقول :\"الضرورات تبيح المحظورات\" وعليه فإن تأميم الملكية الخاصة في ظروف معينة أحد حقوق ولي الأمر العام ، وقد وافق معظم الفقهاء المسلمين على هذه القاعدة شريطة أن يكون ذلك حاجة اجتماعية وأن يعوض المالك بتعويض عادل ، ذلك أن الرسول (ص) فعل ذلك بنفسه في ظروف مشابهة. وجهة نظر الاسلام فيما يتعلق بالملكية تقع في الوسط بين النظامين الرأسمالي بشكله عند آدم سميث والاشتراكي بشكله عند ماركس ، الخصائص الاساسية لكلا النظامين ليست مطابقة تماما للمجتمع الاسلامي ، ذلك أن المجتمع الاسلامي لا يقبل أن تكون الملكية الخاصة كما في الرأسمالية السمثية مبدأ عاما ولا أن تكون الملكية المشاعية مبدأ عاما كما في الاشتراكية ، فقد خبر عدة اشكال للملكية في نفس الوقت كما سبق واشرنا من خلال الامام الصدر ، ويمكننا القول أنه يظهر كمعظم الانظمة الاقتصادية اليوم والتي نسميها بالانظمة المختلطة – والنظام المختلط هو الذي يمزج بين الافكار الاقتصادية للنظامين – وهذا ما يتفق معه معظم الباحثون الاقتصاديون الاسلاميون \" ... انه يضع مبادئ لأشكال ملكية متعددة ، وذلك يعني أنه من وجهة نظر اسلامية الملكية مقبولة باكثر من شكل في نفس الوقت بدلا من شكل واحد لها كالملكية الخاصة والعامة والحكومية ، ولذلك من الخطأ أننسمي المجتمع الاسلامي مجتمعا رأسماليا ، حتى وإن كان يسمح بملكية عدد من أنواع النافع و طرق الانتاج ، لأنه في نظره الملكية الخاصة ليست القاعدة الاساية ، وبنفس الوقت من الخطأ استخدام مصطلح مجتمع اشتراكي للدلالة على المجتمع الاسلامي حتى وإن كان هناك ملكية عامة وحكومية لبعض انواع الثروة والمنافع ،لأنه في نظره الشكل الاشتراكي للملكية ليس قاعدة عامة .\"(6) هذا من ناحية اشكال الملكية ، إلا أم الاسلام كما سبق وأن اشرنا يركز الاهتمال على استخدام الملكية ووجوب انسجامه مع الشريعة . أحد نواظم الملكية في الاسلام ركن الزكاة ، الركن الثالث بين اركان الاسلام الخمسة والتي هي : تكليف ديني يدفع من قبل مالك نصبابها - ليس فقط بالصورة النقدية للمال – إذا حال عليه الحول في حيازة صاحبه ، وتقدر بحدود 2.5% على الأموال السائلة يدفعها الاغنياء للفقراء. ويتم جمعها من قبل جهة مختصة بهذا العمل وتصرف أو توزع في مصارف حددها الشارع دون تحديد للكيفية أو الاولوية فهي مما يختص به الموزع فيقدم الاولويات حسب حاجة المجتمع ، وسنناقشها باستفاضة عندما نتعرض للفهم الاسلامي لدورة المال. يحرم الاسلام سوء استخدام الملكية شراء وبيعا وتصنيعا وكل استخدام يتصل بسلعة حرمها كالخمر مثلا ، كذلك فإن الاسلام يعد الاحتكار شيء محرما ، لكن لا يمكننا القول أن الاحتكار المقصود هنا هو ذاته المعني في علم الاقتصاد ، فالاحتكار المقصود شرعا : جمع المادة الاساسية من السوق حتى نصبح شحيحة وغير متوفرة بحيث يتسنى للتاجر أن يفرض السعر الذي يريد . وهو ما نسميه في علم الاقتصاد الاحتكار الكامل perfect monopoly ، ومن نافل القول أن نذكر أن جل التشريعات في العالم الحديث تذهب هذا المذهب فتسن القوانين لتشريع كسر الاحتكار المطلق أو الكامل كالولايات المتحدة الأمريكية . الملكية الفردية المطلقة تعد مفهوما غريبا على الاسلام ، ومن اغرب الاشياء في تاريخ الامبراطورية الاسلامية العلاقة بين ملكية الثروة وبين السلطة ، وفي الواقع فقد استخدم المفهوم القائل أن الملكية لله كمدخل للاحتفاظ بالملكية الرئيسة بيد خلفاء النبي محمد (ص). والذين لديهم القوة السياسية والتي لا يمكن تفسيرها على أنها تعبير عن رغبة مالكي رأسالمال في السيطرة ، لكنها يمكن أن تشرح كنتيجة لكفاح القبيلة من اجل السلطة والثروة ، في مقدمته ذهب ابن خلدون - الذي هو كما نعلم أول من تعامل مع التاريخ كحركة تطور – إلى اعتبار حركة التطور التي سماها العمران كنتيجة لدورة حياة وتطور القبيلة والتي تنتهي بأن تضعف عصبية القبيلة نتيجة التمدن والغنى أو الترف ، ثم تنجح قبيلة جديدة قوية في ازاحة القبيلة السابقة وتزيل سلطتها لتحل سلطتها هي محله مع انتقال كافة اشكال الملكية لها وللقادة الموالين لها ، وهذا الأخير قد يحدث أحيانا عندما تنتقل السلطة من خليفة لآخر في نفس القبيلة ذلك أن الخليفة الجديد كان يصادر ملكية القادة الاساسيين في عهد سلفه وقبائلهم التي يكونوا قد حازوها نتيجة مواقعهم في السلطة ، وعندما كانت تضعف مراكز امبراطورية الخلافة كان القدة القبليون في الاطراف يستثمرون الفرصة لينفصلوا عن الخلافة أو يخرجوا عليها ، على أي حال ليس هذا التطبيق التاريخي مصدرا من مصادر كتاب الاقتصاد الاسلامي ، فكما قلنا آنفا فقد حاولوا التوفيق بين النظريات الاقتصادية والشريعة الاسلامية ، كذلك يمكننا أن نقيم التطبيقات التاريخية وتلك الاحداث ، منوع من الدوافع الشخصية الانانية ومستوى التطور الحضاري . بالنسبة للتنظيم الذاتي للسوق ، فنحن نعلم أن أبا الاقتصاد الرأسمالي الامريكي آدم سميث في كتابه الأشهر \"ثروة الأمم\" قرر بأنه لا شيء غير السوق الحر يستطيع ضمان التوازن الاقتصادي الصحي ، بقد تصور سميث أن وضع التوازن هو الوضع الطبيعي للقوى الاقتصادية التي تلتقي في السوق ، قوى العرض والطلب تأتي معا إلى السوق لتلتقي عند نقطة التوازن السوقي market equilibrium point حيث نضمن التشغيل الكامل والأمثل ، وعليه فإن أي بطالة أو تضخم وضع استثنائي في السوق حيث تعمل قوى العرض والطلب على اعادة السوق إلى وضع التوازن حيث التوظيف الكامل والامثل لعناصر الانتاج . بعد الكساد العظيم \"The big depression\" الذي أصاب العالم في الفترة (1926-1936) م عرفنا أن آليات السوق الحر لا تستطيع أن تضمن الاستخدام الكامل والامثل ، ذلك أن قوى العرض والطلب ليست مرنة بالشكل الكافي بحيث تستجيب لهذا المتغير وبالتالي من الممكن حدوث التوازن عند مستوى ادنى من استخدام عناصر الانتاج ولذلك راح الكساد يتعمق أكثر فأكثر . اثبت العالم الاقتصادي كنز ذلك في كتابه الموسوعي \"النظرية العامة\" ، وقال أن زيادة مستوى الانفاق العام عبر استخدام الدولة لأدواتها المالية والنقدية هو الحل لوقف الكساد الانكماشي وكذلك لوقف التضخم . النظام الشيوعي يتجاهل تماما نظام آلية السوق وتقلباتها ويعتمد كليا على التخطيط المركزي لتحديد كيفية استخدام عناصر الانتاج ، لكن حتى لو استطاعوا ضمان التوظيف الكامل لعناصر الانتاج لن يستطيعوا ضمان التوظيف الأمثل لها. على أي حال لا يحرم الاسلام الآلية السوقية ، أكثر من ذلك فهو يحض على التجارة ، ولكنه في نفس الوقت حدد النشاطات الممنوعة ومنح السلطة لولي الأمر لمنع أي نشاط من شأنه أن يؤثر سلبا على المجتمع ، كالحتكار الكامل الذي سبق أن ذكرنا ، ومن أحد أهم وظائف ولاية الأمر العام هي الحسبة والتي هي الرقابة على الاسواق وهدفها الرئيس أن لا يتعارض أي من النشاطات التي تجري في السوق مع قواعد الشريعة الاسلامية ، وكذلك ضمان أن كل النشاطات تجري وفقا للسياسة العامة للبلاد. \" هذا المبدأ في الاسلام حدد على النحو التالي : القانون الإلهي في مصادره العامة زودنا بالنصوص القاطعة التي تمنع طائفة من النشاطات الاجتماعية والاقتصادية ، والتي تعتبر في نظر الاسلام نماذج يرفضها العقل ، كالربا والاحتكار وماشابه ذلك . القانون الإلهي وضع مبدأ المراقبة على النشاطات العامة ، ومبدأ تدخل الولة لحماية المصلحة العامة ، عبر تقنين حرية الافراد في نشاطاتهم التي يتخذون . بخصوص المنفعة الشخصية ، أكد الاسلام على أن نجاح الفرد والمجتمع كليهما إنما يتوقف على التوازن بين الحاجات الروحية والمادية ، واستنادا إلا مبدأ تحديد الملكية كما ذكرنا والمشتق من النصوص القرآنية ليس الانسان مالكا مطلقا ولا وارثا نهائيا للأرض وما عليها \" (7) إن وجهة نظر الاسلام إذا في تنظيم السوق تجمع ما بين آلية السوق الحر من جهة ومبدأ الرقابة العامة من قبل ولاية الأمر العام وذلك لضمان المصلحة الفردية والعامة مع الاحترام الكامل للأهداف الاخلاقية والعامة للنظام الاسلامي . – يتبع- البقرة 284 آل عمرآن 189 الزمخشري – الكشاف في التفسير – الآية 189 الصدر – محمد باقر – اقتصادنا – ط3 - ص 89 البقرة 282 ترجمناه بنصه عن : طاهر – محمد – المبادئ الأساسية للإقتصاد الاسلامي وآثارها على قواعد المحاسبة . ترجمناه بنصه عن : طاهر – محمد – المبادئ الأساسية للإقتصاد الاسلامي وآثارها على قواعد المحاسبة – ص5 Mohammad R. Taheri Associate Professor of Shahid Chamran University, Iran ( THE BASIC PRINCIPLES OF ISLAMIC ECONOMY AND THEIR EFFECTS ON ACCOUNTING STANDARDS-SETTING ) omar_jo_1@hotmail.com تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5) - عمر أبو رصاع - 04-26-2006 تعتبر الوسطية والتوازن من بديهيات الفكر الاسلامي {وكذلك جعلناكم أمة وسطى لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} فالتوسط في كل شيء بين المغالات والتفريط ، التوحيد بين الالحاد والاشراك ، والتوسط في العبادة بين الرهبنة و الجحود ، حتى في الانفاق يقول {ولا تغلل يدك الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا} وقوله {والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما{ (الفرقان 67) . وكنا قد بينا رأي أهل الاقتصاد الاسلامي في مسألة الملكية وبينا كيف أنهم اتخذوا موقفا وسطى معتبرين ان الاسلام يقبل بالملكية الخاصة ولكنه يقيدها بما اباحته وحرمته الشريعة وفي نفس الوقت يمنح ولاة الامر العام الحق في تأميم ما تحتاج الامة تأميمه من مصالح شرط عدالة التعويض ويروى عن النبي أنه أمم أرضا لخيل المسلمين مثلا ، وقلنا أن هذا الموقف ينسجم وطبيعة ما درجت عليه معظم النظم الاقتصادية في العالم من تنظيم للسوق وتأميم المصالح الحيوية الاساسية أو ضبطها من قبل النظام العام ، وهو ما نعرفه اليوم على أنه النظام الاقتصادي المختلط أي الذي يمزج ما بين الرأسمالية بشكلها النقي عند آدم سميث والاشتراكية بشكلها عند ماركس . نأتي إلى مشكلة حيوية اساسية من مشاكل الاقتصاد المعاصر وهي محددات عرض النقد الرئيسة والتي تحكم عرض السيولة النقدية ، وكما نعلم أن هذا موضوع شائك جدا يتناول الادوات التي تستعملها الدولة النقدية منها كسعر الصرف والاحتياطي القانوني والفائدة على أذونات الخزينة والمالية وعلى رأسها الانفاق العام ، ومعلوم تماما انه رغم فعالية هذه الادوات إلا أن الدور المتنامي اليوم اصبح لأداء الاسواق المالية والمؤسسات المالية وسعر الفائدة على الايداع والسحب . في ضوء ذلك يأتي الالتباس الاكبر في قضايا الاقتصاد المعاصر وهو ما يختص بالبنوك ونشاطها ، لكن قبل أن نعالج هذه المسألة من الجدير بالملاحظة حقا هو تنبه النص الاسلامي إلى أهمية الدورة النقدية وعجلتها ، وهي في واقع الأمر من المسائل التي اغفلت كما لاحظت من مراجعتي للمكتبة الاقتصادية الاسلامية ، بل وأكثر فقد لاحظت أن جل من تصدوا لعلاج القضايا الاقتصادية من وجهة نظر اسلامية في الحقيقة ليسوا من مختصي علوم الاقتصاد والمالية والمصرفية بل من الفقهاء فواجهوا فعلا اشكالا في الفهم واضح بل وفج وخاطئ في معظم الاحيان للنظريات الاقتصادية ، فقد تجاهلوا أن الاختصاص في علوم الفقه لا يعني بحال التأهل للحديث في علم كالاقتصاد أو الطب أو غيره وهذا حقيقة من المشكلات التي اصبحت تشكل عائقا أمام الاجتهاد وتؤدي إلى استنتاجات فجة مجافية للعلمية تماما تطرح على الجمهور للأسف البالغ على أنها رأي الدين في المسألة مثار البحث والجدل ، وهي ظاهرة من مخلفات تراثنا ومعلوم أن العالم في غابر الزمان كان عليه أن يلم بشتى مناحي المعرفة مما كان يؤهله لفحص أي شيء في الغالب فكان العالم طبيبا وفقيها ورياضيا وفيلسوفا وفلكيا ، لكن أما وقد تشعبت فروع المعرفة وتنوعت اغراضها وتعمقت ابحاثها وازداد التخصص لم يعد بأمكان أي كان أن يلم بكل اصناف المعرفة فأصبح وللأسف الفقيه يفتي في مسائل كالطب وهو على غير دراية به وفي الاقتصاد وغيره نحو ذلك مما يأتي فجا مجافيا لحقائق علمية دامغة في احيان كثيرة ولذا نقترح دائما الاستئناس برأي أهل الخبرة والاختصاص قبل القفز إلى الافتاء في مسائل يعنى بها غير الفقهاء من علماء . ومما بحثنا في اصله ومعنهاه و تنبهنا إلى أهميته قوله تعالى {والذين يكنزون الذهب والفضة} وما تضمنته من تحريم لكنز الذهب والفضة ، لإنما ينبه إلى أهمية منع و عزل اجزاء من الثروة عن الاسهام في النشاط الاقتصادي أي التحول إلى رأس مال منتج بدلا من بقائها رأس مال نقدي معزول عن المشاركة في الانتاج وخلق المنفعة ، تتكامل هذه الصورة إذا ما وضعنا هذا مع الركن الثالث من أركان الاسلام وهو الزكاة بما تضمنته من تشريعات ، فعلى ماذا تفرض الزكاة ؟ تفرض الزكاة على ما حال عليه الحول أي اكتمل على مرور حيازته عام كامل وبلغ النصاب ! تنبه الفقهاء إلى أهمية الدور الاجتماعي للزكاة ومسألة عدالة التوزيع ، لكن على ما نعلم لم يتنبه أحد إلى أهمية ذلك في الحض على عدم عزل الثروة عن النشاط الاقتصادي واستمرار رأس المال في العمل والدوران على مر الحول أو العام ، فهذا هو الرسول (ص) يأمر القائمين على أموال اليتاما أن يتاجروا بها حتى لا تأكلها الزكاة ! فليست الزكاة فقط حافزا على استثمار المال بل كذلك الحؤول دون أن يحول على المال حول في صيغة معينة فهكذا تتآكل الثروات الغير منتجة بالزكاة لحساب الثروات المنتجة والمتنامية ، إدراك عميق جدا يحول الثروة إلى قرض وهنا يكمن برأيي المتواضع مفهوم المال لله فهذا المال الذي بحيازتك هو لله وبالتالي لخلقه كون الانسان خليفته تأخذ منه الزكاة نسبة منه إذا حال عليه الحول بصيغته فهو إذا أشبه ما يكون بقرض اجتماعي يمنحه المجتمع للحائز ويدفع الحائز مقابل ذلك زكاة المال فإذا لم يكن مالا منتجا أتت عليه الزكاة بمرور الأعوام أما إذا كان منتجا نما وتزايد مما يعود على المجتمع خلق منافع إضافية وفق مبدأ اليد الخفية التي سبق أن تكلم عنها آدم سميث في كتابه ثروة الأمم \"إن الانسان وهو يعمل لتحقيق منافعه الخاصة إنما يفعل دون أن يدري فعل اليد الخفية التي تعود بالنفع على المجتمع\"(1) ، من الممكن أن تعمق هذه النظرة لتصوغ بذاتها نظاما شاملا لدورة رأس المال كحوافز لعرض النقد. الجزء المقتطع من مطرح الزكاة يتحول فورا إلى انفاق كما أن المال الذي ليس مطرحا للزكاة هو بحكم الانفاق فعلا سواء كان انفاق استثماري أو انفاق استهلاكي لو فرضنا أن السوق ليس فيها أي اقتطاعات في هذا النموذج لايوجد تسرب كل الدخل المتحقق للأفراد يعود إلى السوق على شكل انفاق إما استهلاكي أو استثماري ليحولها السوق مرة أخرى كدخول للأفراد إلا أن هذا الفرض خاطئ لأن الأفراد لا يحولون دخولهم كاملة للسوق مرة أخرى بحيث يحدث تسرب على شكل اقتطاعات . و لذا منع الاسلام الاكتناز وحض على الانفاق وفرض الزكاة ليمنع أن تظل الأموال خرج الدورة الاقتصادية و يضمن أن يعمل الاقتصاد بكامل طاقته. حاول الاسلام ايضا أن يمنع اشكال استعمال المدخرات في استغلال الحاجة المتمثل بالاقراض بفائدة أو ما يسمى شرعا بالربا والذي هو الزيادة المتأتية من اقراض المال بمقابل للمدة. وقد استخلص من ذلك الفقهاء أن اعمال البنوك الحديثة حرام شرعا لأنه ينطبق عليها ذلك، استنتاج يبدو منطقيا ، لكن مهلا لن نتخذ هنا دور الفقهاء إلا أننا سنحلل ابعاد هذا الموضوع لا حقا . من ناحية تنبه الاسلام إلى ضرورة اعادة الاموال المقتطعة إلى الدورة السوقية فشرع اشكالا من الوساطة لإعادتها إلى السوق منها وأهمها عقد المضاربة ، وهو عقد يتم ابرامه بين طرفين الأول صاحب المال المضارب به والذي يدفعه للثاني وهو المضارب مقابل نسبة من الربح التي يتحصله الطرف الثاني وهو المضارب من استثماره وتشغيله لهذا المال ويتفق على مقدارها وبهذا يكون لصاحب المال تلك النسبة المتفق عليها من أرباح استعمال ماله إضافة لماله المضارب به وللمضارب الباقي من الربح بعد دفعه لتلك النسبة من الربح التي استحقت لصاحب المال ، فإذا ما وقعت الخسارة وضاع المال يتحمل الخسارة صاحب المال الأصلي ولا يخسر المضارب بالمال إلا عمله ، ولصاحب المال أن يضمن العقد الشروط التي يرتئيها كتحديد مدة المضاربة بماله بحيث يرد له بعد انقضائها أو أوجه استخدام ماله فله أن يحدد للمضارب بماله وجه استثماره لها كأن يحصر ذلك في تجارة القطن مثلا ، يقول سيد سابق في تعريفها :\" ...وتسمى قراضا وهو مشتق من القرض وهو القطع لأن المالك قطع قطعة من ماله ليتجر فيها وقطعة من ربحه . وتسمى أيضا : معاملة ، والمقصود بها هنا : عقد بين طرفين على أن يدفع أحدهما نقدا إلى الآخر ليتجر فيه ، على أن يكون الربح بينهما حسب ما يتفقان عليه ، وهي جائزة بالاجماع\" (2) . هناك ايضا اشكال أخرى كالاجارة والرهن وغيرها مما اتخذ سبلا لإعادة الاموال إلى الاسواق والملفت أن هذه السبل إنما تضمن أن يعمل المال وأن يحقق النفع للطرفين بينا كانت القروض الربوية لا تؤدي إلا إلى ضرر حيث يدفع المال لمحتاج في سد حاجة فيطمع الدائن في زيادة في ماله إما بالاستيلاء على مايملك الرجل أو كد جبينه أو حتى حريته ، لكن قبل ان نسترسل في الحديث عن البديل الاسلامي كما يسميه متصوروه وما يكنى بالبنوك الاسلامية ، لنا أن نتسآل لماذا نحتاج البنوك؟ قلنا أن الاقتطاعات من الدخل التي تذهب خارج الدورة الاقتصادية تؤذي الأمة ، والاقتطاع عادة ما يكون كتراكم فائض إما لهدف إعادة الانفاق على الاستهلاك كالادخار لشراء سيارة أو للاستثمار كشراء عقار أو آلة أو انشاء مشروع ما ، وقد يكون لغرض اكتناز المال وابعاده تماما عن الدورة دون أن يقع منه نفع وهذا الجزء الذي من المنطقي أن تطارده الشرائع جميعا لتعيده بالاقتطاع منه تدريجيا إلى الاسواق فلا يعوض فيه عما يستقطع إلى بانتاج جديد و ووفر جديد وكلما كبر هذا الجزء وتنامى كلما زادة القوة الاقتصادية المعطلة ، أما الادخار من اجل إعادة الانفاق فيعيبه امران الأول المدة التي تكون فيها الاقتطاعات تسربا من الدورة السوقية. الثاني ابطاء عجلة السوق لأن عملية الادخار تستغرق وقتا مما يبطئ من سرعة عمليات الشراء و الاستثمار. من ناحية اخرى يضم المجتمع طائفتين : الأولى تملك المال ولكنها تعجز عن توظيفه . والثانية التي لديها المشروعات والحاجات وتعجز عن التمويل . وذكرنا كيف أن المشرع الاسلامي ابدع نظام المضاربة كحل نوعي للمشكلة ، البنوك في هذه المسألة تتولى دور الوسيط الوسيط المضمون الذي يأخذ مال غير القادر على التوظيف ليعطي القادر عليه فيعجل الدورة ويساعد كثيرا في منع التسرب وفي ضبط سياسة عرض النقد كأداة فعالة ، تفتح البنوك قدرة لا متناهية على التمويل لا يضبطها سوى سعر الفائدة والعائد على الاستثمار ، ويتأتى ربح البنك من الفارق بين عوائده وأهمها الفوائد المحصلة من القروض الممنوحة واستثمارات البنك وبين تكاليفه المتمثلة بالفوائد المدفوعة للمودعين زائدا التكاليف التشغيلية ، والعمل البنكي على عكس ما يزعم الكثيرون عمل به مخاطرة تتوقف على عدة عناصر داخلية وخارجية وخاصة الوضع العام للاقتصاد الذي تعمل به فهي أول ضحايا الانتكاسات الاقتصادية وعرضة للإفلاس كذلك . إذا البنوك تعمل على إلغاء مدة التسرب الذي تتطلبها عملية الادخار وتضع الاموال المعزولة عن الدورة التشغيلية في السوق مرة أخرى . والبنوك كغيرها من الأدوات الاقتصادية قد تكون شديدة النفع للاقتصاد القومي وهو الأصل فيها وقد تكون ضارة ويتوقف ذلك بالأساس على القوانين والانظمة الرقابية خاصة منها التي تتأكد من سلامة الاجراءات وملاءة العميل وأن لا تتحول البنوك إلى اوكار لنهب الشعوب كما حصل ويحصل وأكبر دليل هو ما جرى من فضيحة قروض البنوك المصرية المنهوبة و التي لا نظير لها في اتاريخ . البنوك ايضا وسيلة لتوجيه الاستثمار الوجهة التي تحتاجها البلاد وأيضا تعمل كمستشار للعملاء كافة لضمان افضل توظيف للثروة ، لذا فأنه حتى الرافضين لمبدأ الفوائد البنكية لأسباب شرعية لا يستطيعون إنكار أهمية هذه المؤسسات ودورها الاستراتيجي في أي نظام اقتصادي متطور. _ يتبع_ 1- سميث – آدم – ثروة الأمم – النسخة الانجليزية ص67 . 2- سابق – سيد –فقه السنة – دار الفتح للإعلاع العربي – 1990 – ط1 - المجلد الثالث ص 297 . omar_jo_1@hotmail.com تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5) - عمر أبو رصاع - 04-26-2006 من البديهيات في علم الاقتصاد - نظرية القيمة ما يعرف بالقيمة الوقتية للنقود Time Value of Money وهذ النظرية مستقاة من وحي الواقع الذي نلمسه جميعا ، ويمكن أن نختصر للقارئ مضمونها بأنها تختص بحساب قيمة النقد عند لحظة زمنية ما ، إنها تجيب على سؤال كم تساوي وحدة من العملة بعد (س) من السنوات الآن ؟ كلنا يعلم أن قيمة مئة وحدة من العملة اليوم ليست نفسها قبل عشرة سنوات ولن تكون كذلك بعد عشرة سنوات ! هذه الحقيقة تفرض علينا سؤال آخر في منتهى الأهمية هل من المنطق أن نغفل عامل الزمن في حساب قيمة ما لأي مبلغ من المال ؟ على أسس أن الزمن أولا قيمة في ذاته وثانيا ما يجري على حال الاقتصاد من تضخم في الاسعار وبالتالي هبوط في القيمة النقدية نتيجة لهبوط القوة الشرائية للنقود. لا يعني هذا بحال أن سياسة سعر الفائدة توفر مقياسا صحيحا بالضرورة ، والواقع أنه في الأغلب الأعم يكون سعر الفائدة أقل من نسبة التضخم الاقتصادي أي أن الفائدة لا تكفي لتغطية التآكل في القيمة الحقيقية ناهيك عن قيمة بدل الاستخدام الزمني ، هناك العديد من الدراسات المتخصصة في هذا المجال والتي تهتم بدراسة القيمة وبعض الدول عملت على ربط سعر الفائدة بنسبة التضخم الاقتصادي للحفاظ على القيمة الاساسية وغيرها احتسبت الفائدة بالقياس إلى الناتج المحلي الاجمالي GDP (Gross Domestic Product) إلا أن سعر الفائدة لم يعد مهما حصرا بالنسبة لمسألة العائد على الايداع أو تكلفة رأس المال فحسب بل أصبح أحد المفاتيح الرئيسة لتنظيم الاقتصاد ككل وعلى علاقة اساسية بمسائل كسعر الصرف والتضخم وحجوم الاستثمار والتدفقات النقدية وميزان المدفوعات ، فهذا الأخير مثلا يتأثر تأثرا بالغا بأي تغير ولو طفيف في سعر الفائدة على العملة المحلية والاجنبية ومن البديهي أنه لو ارتفع سعر الفائدة على العملة المحلية فمعنى ذلك أن تزداد التدفقات النقدية للإيداع على هذا السعر وبالتالي تمثل هذه التدفقات النقدية زيادة ايجابية لميزان المدفوعات وترفع الطلب على وتقلل العرض من العملة فتزيد من سعرها أو تدعم موقفها السعري . لكن ما يعنينا في مبحثنا هذا هو مذاهب الباحثين المسلمين فيما يتعلق بالفائدة البنكية خصوصا . هناك ثلاث أراء رئيسة في هذه المسألة : الرأي الأول هو الرأي المتشدد الآخذ بحرفية دلالة النص {يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقس من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون }(البقرة 279) ولما كانت جميع مراجع الفقه واللغة تعرف الربا على أنه الزيادة على رأس المال التي يتلقاها الدائن عندما يستوفي دينه لقاء مدة الإدانة التي حاز فيها المدين المال ، أو ما هو في معنى ذلك من تركيز حول دلالة الزيادة. يعرفه سيد سابق على أنه :\" في اللغة : الزيادة . والمقصود به هنا الزيادة على رأس المال ، قلت أو كثرت. يقول سبحانه وتعالى {وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون}. حكمه : وهو محرم في جميع الديانات السماوية ومحظور في اليهودية والمسيحية والإسلام جاء في العهد القديم \" إذا أقرضت مالا لأحد من ابناء شعبي . فلا تقف منه موقف الدائن . لاتطلب منه ربحا لمالك \" آية 25 فصل 22 من سفر الخروج. وجاء فيه ايضا \" إذا افتقر أخوك فاحمله.... لا تطلب منه ربحا ولا منفعة\" آية 35 فصل 25 من سفر اللاويين. ...... وفي العهد الجديد :\" إذا أقرضتم لمن تنتظرون منه المكافأة فأي فضل يعرف لكم ؟ ولكن افعلوا الخيرات واقرضواغير منتظرين عائداتها. وإذا يكون ثوابكم جزيلا\" آية 34 وآية 35 من الفصل 6 من انجيل لوقا. ........ وقد نص الحديث على تحريم الربا في ستة أعين : الذهب والفضة والقمح والشعير والتمر والملح. [ الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والملح بالملح مثلا يمس يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى . الآخذ والمعطي سواء] رواه أحمد والبخاري ...... فإذا اتفق البدلان في الجنس والعلة حرم التفاضل ... والخلاصة أن كل ما سوى الذهب والفضة والمأكول والمشروب لا يحرم فيه الربا \"(1) والحق أن لنا على هذا الرأي العديد من الملاحظات هي : أولا : إن ماحدد من اشكال المال لا ينطبق مطلقا على النقود الائتمانية التي نتعامل بها لأنها ليست سلعاً بذاتها كما أنها مخزن لقيمة غير ثابتة . ثانيا : لا ينطبق شرط اتفاق البدلان في الجنس والعلة على النقود الائتمانية إذا جرى عليها زمن ، وهذا ما أكدته الحقيقة العلمية الثابتة من اختلاف قيمة النقود بمرور الزمن عبر نظرية القيمة الوقتية للنقود التي أشرنا إليها. ثالثا : اغفال جانب هام من الآية التي تنص كما يرون على التحريم القاطع وهو علته أن لا يظلموا ولا يظلموا وقضاء الدين وفق معطيات نظرية القيمة الوقتية للنقود بنفس القيمة العددية معناه إلحاق الضرر المؤكد بالمقرض حتما وهو ما لا يتفق والعلة علة التحريم . أما الرأي الثاني فهو رأي الإباحة واحدث من ذهب إليه هو الإمام الأكبر محمد سيد الطنطاوي فقد حسم شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي الجدل الذي دار بين العلماء حول فوائد البنوك عندما أعلن مساء يوم 11 ديسمبر2 أن تحديد الربح مقدماً حلال وأن استثمار الأموال في البنوك التي تحدد الربح مقدماً حلال ولا غبار عليه شرعاً ... مشيراً إلى أن مجمع البحوث الإسلامية (أعلى جهة فقهية في مصر وهو تابع للأزهر ويرأسه طنطاوي) قد وافق في اجتماع له , على هذا الموقف مؤكدا في رده على سؤال الشركة المصرفية العربية الدولية التي يرأسها وزير الاقتصاد المصري الأسبق الدكتور حسن عباس زكي عن المعاملات المصرفية، والمحوّل عن طريق شيخ الأزهر أن هذه المعاملات ( حلال )على أن يكون البنك وكيلاً عن صاحب المال في استثماره في معاملات مشروعه مقابل ربح يصرف له ويحدد مقدماً ولا شبهة في هذه المعاملات (لعدم ورود نص في كتاب الله أو في السنة النبوية) يمنع هذه المعاملة التي يتم فيها تحديد الربح مقدماً. وأوضح طنطاوي أن التراضي بين الطرفين على تحديد الربح مقدماً من الأمور المقبولة شرعاً وعقلاً. كانت البادرة للإمام الأكبر محمد عبدو والذي أباح الفوائد على إيداعات صندوق توفير البريد . لنا على فتوى الإمام الأكبر الطنطاوي الملاحظات التالية : أولاً : أن الفتوى تستند إلى عدم وجود نصوص تحرم نشاطات البنوك التجارية وهذا لا يرتاح له كتخريج معظم المسلمين ويرفضه معظم العلماء الشرعيين ومنهم اعضاء في مجمع البحوث الاسلامية هذا ما ذكرته الشبكة الإسلامية \"لاستجلاء حقيقة ما نشر حول الفتوى اتصلت الشبكة الإسلامية بالدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية الشريعة بجامعة الأزهر وهو فقيه مشهود له بالتمكن والاستقامة فقال : العلاقة بين صاحب المال والبنك أقرب إلى أن تكون مضاربة لأن الذي يعطي البنك أمواله إنما يقدم على هذا وفي وجدانه وعقله أن البنك سيستثمره في مشروعات استثمارية تدر ربحاً ، فالعلاقة أقرب أن تكون مضاربة ، والمضاربة معناها أن يعطي شخص ماله لآخر ليستثمره في مشروعات تدر ربحاً نظير حصة معينة من الربح ، والمضاربة عقد كسائر العقود، والعلماء أجمعوا أن المضاربة تفسد لو حُدِّد عدد معين من النقود للمضارب وهو الذي يعمل في الأموال ، فإذا حُدِّد عددٌ معين من الأموال فإن المضاربة تفسد . والعلماء مجمعون أن تعاطي العقود الفاسدة حرام ، فالشروط الشرعية في العقود قائمة على أدلة شرعية وحين تفقد إحدى المعاملات شروطها الشرعية فإنه يعد مخالفة وتعمد المخالفة يلحق الإثم بصاحبها ، وقاس العلماء المضاربة على المزارعة ، فإنها تفسد لو حدد للزارع ناحية معينة وللمالك ناحية أخرى \" ثانيا : أن الفتوى لا تستند إلى فهم علمي اقتصادي لطبيعة هذه النشاطات مما بالتالي يمكن بيانه وتوضيح مقتضاه. ثالثا : من الأساسي في عملية اباحة الفوائد البنكية أولا بيان الفارق بينها وبين ما عرف شرعا بالربا تميزا لها عنه وبالتالي الإقناع بأن التصويغ والاباحة لها ما يبررها من واقع المنطق العلمي والعقلي والنصي كذلك. أما الاتجاه الثالث فهو الاتجاه الذي اختطه انصار الاقتصاد الاسلامي الذي رفضوا الفوائد المحددة كما فعل انصارالاتجاه الأول لكنهم في ذات الوقت وادراكا لأهمية النشاط البنكي ابتدعوا نظام البنوك الاسلامية والتي يرى أغلب علماء الشرع المعاصرين شرعية نشاطها ، وهذه نأخذ عليها الملاحظات التالية: أولاً : توفيقية اساليبهم بين مقتضيات الحاجة الاقتصادية المعاصرة وبين النصوص أكثر من كون نشاطهم ابداعي مما يقرب توفيقيتهم من مستوى التلفيق . ثانيا : أنه رغم غياب التحديد في الفوائد على الايداع فإن معظم الأرباح تأتي على شكل فوائد محددة وإن بطرق ملتوية ، كعقود البيع الفوري بعد شراء الشيء للمقترض بالتقسيط مع الزيادة على السعر الأصلي . ثالثا : دورها الاقتصادي السلبي في اغلب انشطتها لأنها تركز على تمويل الاستهلاك والذي بدوره يتجه إلى التسرب من الاقتصاد على شكل استيرادات لسيارات وكهربائيات وما شابه . مع ذلك فإن هذا الشكل من البنوك يحقق ارباحا تفوق ارباح البنوك التجارية بالمعدل العام ولكنها جميعا تستند إلى فقه تخريجي لمعاملاتها يحاول دائما أن يجد مخارج شرعية لإباحة نشاطاتها وهو أيضا مما لا يطمئن له ضمير ووجدان المسلم . الحل كما نعتقد يدور حول محاور أساسية مهمة جدا هي : أولا : التميز وعلى اساس علمي بين النقود الائتمانية وغيرها من اشكال المال التي يتضح فيها تحريم المفاضلة وجميعها كما رأينا نقود سلعية . ثانيا : التركيز على علة التحريم وهي لا تظلمون ولا تظلمون ، تحت يافطة سؤال هام في ظل الاقتصاد التضخمي المعاصر هل التداين والسداد بنفس القيمة الرقمية يضمن العدل وشرط انتفاء الظلم بأن تحفظ القيمة الحقيقية وهي الشرائية لمبلغ الدين؟ ثالثا : هل يمكن الاستئناس بمبدأ دفع الضرر عن المجتمع ومبدأ الضرورات تبيح المحظورات ؟ وأليس الهدف الأساسي لأي شريعة أن تخدم وتنظم المجتمع وتدفع لرفاهه ونمائه؟ رابعاً : هل تحقق المؤسسات البنكية التي تحاول التوافق مع النصوص الاسلامية وتقول بحرمة الفوائد تلبي الحاجة من المؤسسات المصرفية ؟ وهل يمكن أن تقوم بديلا وافيا عنها ؟ خامسا : ألا يمكن أن نبلور تقديرات عملية تقترب من الدقة لاسعار الفوائد في ضوء نظرية القيمة الوقتية للنقود وحاجة الاقتصاد القومي وسياساته التمويلية وعلة تحريم الربا وهي منع وقوع الظلم من خلال مرجعيات يتظافر بها العلم مع الفقه ؟ إن الاخذ بمبدأ تحريم النشاطات البنكية يعطل الاقتصاد ويعيقه إن لم يكن يدفع به نحو الشلل خاصة أن التسرب سيعم هذا الاقتصاد إضافة أنه لا غنى للنشاط التجاري والاستثماري عن الاقتراض ، وثبت أن البنوك كوسيط مضمون ومنظم ومراقب هي انجع المؤسسات واكثر اشكالها تطورا في تلبية احتياجات القطاعات الاقتصادية بل وتوجيه الاقتصاد القومي ككل ، أما تطوير البديل فهو لا يمكن أن يتم في غياب المحرك المدرك لطبيعة هذا الدور وآلياته وهو عالم الاقتصاد لا الفقيه الذي يكون دوره تكميليا ونصوصيا على أن لا تواصل هذه المحاولة الفقهية طبيعتها التي هي إلى التلفيق اقرب منها إلى التوفيق لأنها تصر في معظم الأحاين على توفيق ما لا يتفق اصلا ، لذا عليها أن تنتقل إلى فتح مفهومي في قراءة النص في ضوء المستجدات وابراز أهمية العلة خاصة في فهم الاحكام لأن الأحكام كما تقول القاعدة الفقهية المشهورة تدور مع العلة ثبوتا ونفيا ، وهذا حقيقة أكبر إشكال نواجهه إذ يصر اغلب الفقهاء على ثبات الحكم والتفتيش عن علة لإعادة تبريره بها . - انتهى - (1) (سابق – سيد – فقه السنة – دار الفتح للإعلام العربي - 1990 – ط1 – ص 253-259) . omar_jo_1@hotmail.com تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5) - عمر أبو رصاع - 04-26-2006 أي مداخلات أو تعليقات لا تلتزم بآداب الحوار وتصب في مصلحة الموضوع المطروح سأتجاهلها تماما. مع الشكر والتحية. عمر أبو رصاع تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5) - mass - 04-27-2006 بحث رائع جدا أهنئك متابعة (f) تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5) - Al gadeer - 04-27-2006 موضوع جميل بالنسبة الى الاقتصاد الغربي فلا اعتقد انه كان الأفضل فالاقتصاد الذي نراه الآن والذي ينتهجه الغرب كانت قد انتهجه في البداية الاتحاد السوفييتي في عام 1928 وحققت معدلات نمو سريعة بينما كان الاقتصاد الغربي يعاني ازمات حقيقية ومساوئ كثيرة قد ظهرت في النظام الرأسمالي، وبعد الحرب العالمية الثانية بدأ الغرب يتبعون نفس النهج الذي بدأه الاتجاه السوفييتي ونجح معهم الأمر اما الاقتصاد الاسلامي، فدعنا نقف اولاً على كلمة الاقتصاد، ما هو الاقتصاد؟ عندما سأل احد الاقتصاديين هذا السؤال بقي ساكتاً، ثم اجاب الاقتصاد هو كل ما يقوله الاقتصاديون، نحن نقول ان الاقتصاد هو ذلك العلم المعني بدراسة الحاجات والرغبات الانسانية ويسعى الى تحقيقها من خلال الموارد المتاحة، وبنظرة حول بعض المسائل مثل الملكية والمبادلات ، والمدخولات نجد ان الاحكام الاقتصادية موجودة منذ البدء في الاسلام اشكرك اخي لهذا البحث الجميل تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5) - عمر أبو رصاع - 04-27-2006 اقتباس: mass كتب/كتبتشكرا للتفضل بالمرور والكلمات الرقيقة (f) تحدي العقلانية المسلمة - قراءة من زاوية اقتصادية (1-5) - عمر أبو رصاع - 04-27-2006 اقتباس:بالنسبة الى الاقتصاد الغربي فلا اعتقد انه كان الأفضل فالاقتصاد الذي نراه الآن والذي ينتهجه الغرب كانت قد انتهجه في البداية الاتحاد السوفييتي في عام 1928 وحققت معدلات نمو سريعة بينما كان الاقتصاد الغربي يعاني ازمات حقيقية ومساوئ كثيرة قد ظهرت في النظام الرأسمالي، وبعد الحرب العالمية الثانية بدأ الغرب يتبعون نفس النهج الذي بدأه الاتجاه السوفييتي ونجح معهم الأمر أولا : شكرا للمرور والتفضل بالتعليق. ثانيا : نعم صحيح لقد مر الاقتصاد الراسمالي بشكله الكلاسيكي أزمة عالمية كبيرة أمتدت في الفترة 26-34 وعرفت بأزمة الكساد العظيم . إلا أننا لا نستطيع القول أن النظام الاقتصادي الرأسمالي بصيغته أو شكله بعد التعديل هو نفسه النظام الذي كان يعول به الاتحاد السوفيتي لأن النظام الليبرالي الغربي لم يفقد أهم دعاماته أو مبادئه الاقتصادية وهي حرية الملكية الفردية لعناصر الانتاج وهو الأمر المخالف للنظام السوفيتي بطبيعة الحال الذي يقوم على الاقتصاد الشيوعي الذي يمنع الملكية الفردية لعناصر الأنتاج. لكن المهم والملفت هو أن الاصلاحات الاقتصادية التي تبناها الغرب بعد أزمة الكساد العظيم والتي أدخلها المفكر الاقتصادي جون مانريد كينز بدأت تعيد للدولة دورا جوهريا في عملية الاقتصاد دورا متناميا أيضا جعل الدولة في بعض الدول الغربية اليوم تعيد توزيع أكثر من نصف الدخل القومي أي أن ذلك جاء لحساب مبدئين الأول : رفض المبدأ الرأسمالي القائل بأن قانون السوق ونظامه قادر على تحقيق التوازن والمثلية تلقائيا عبر جهاز الثمن وأن الكساد أو التضخم ما هي إلا حالات وقتية يتجاوزها السوق آليا ، مما يعني ضرورة التدخل لضمان ذلك. الثاني : إعادة الدور الجوهري للدولة باعتبارها الضامن والموجه لتتدخل عبر أدواتها المالية والنقدية بما يحقق دفع الاقتصاد بشكل مضطرد باتجاه النمو المستدام. اقتباس:اما الاقتصاد الاسلامي، فدعنا نقف اولاً على كلمة الاقتصاد، ما هو الاقتصاد؟ عندما سأل احد الاقتصاديين هذا السؤال بقي ساكتاً، ثم اجاب الاقتصاد هو كل ما يقوله الاقتصاديون، نحن نقول ان الاقتصاد هو ذلك العلم المعني بدراسة الحاجات والرغبات الانسانية ويسعى الى تحقيقها من خلال الموارد المتاحة، وبنظرة حول بعض المسائل مثل الملكية والمبادلات ، والمدخولات نجد ان الاحكام الاقتصادية موجودة منذ البدء في الاسلام سيدي الفاضل الاقتصاد ليس من وظائفه أن يدرس الحاجات والرغابات نفسها وإنما كيفية إشباعها . الاقتصاد علم معني بدراسة المشكلة الاقتصادية بركنيها وجود حاجات انسانية لا متناهية ووجود مصادر اقتصادية محدودة. وهذه المشكلة الاقتصادية تتفرع منها عدة اسئلة ومباحث مثل مشكلة الملكية والتوزيع والانتاج والنمو وآليات السوق والمالية العامة والخاصة وتحليل الظواهر الاقتصادية السوقية كالكساد والتضخم ....الخ كل ذلك من مواضيع مثارة انتظم في قواعد وقوانين وآراء ونظريات علمية وفق مناهج تحليل واضحة هي معا علم الاقتصاد . بالنسبة للنصوص الاسلامية فبطبيعة الحال تناولت بعض مظاهراالمشكلة الاقتصادية أو مستها مسا لكن لا نستطيع أن نعتبر أن ما جاء في تلك النصوص بخصوص علم الاقتصاد ممكن أن نصفه بأنه يشكل مدرسة اقتصادية أو منهجا اقتصاديا وقد بينا ذلك من خلال دراستنا هذه . شكرا لمرورك الكريم. |