حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
دراسات نقدية في تاريخ القرآن وفي إعجاز القرآن البياني - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: المدونــــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=83)
+--- الموضوع: دراسات نقدية في تاريخ القرآن وفي إعجاز القرآن البياني (/showthread.php?tid=1935)



دراسات نقدية في تاريخ القرآن وفي إعجاز القرآن البياني - وليد غالب - 12-17-2008

هذه بداية لسلسلة من الدراسات النقدية في تاريخ القرآن وفي إعجاز القرآن البياني، أستهلها بهذا الموضوع وهو المقدمة، يليها المقدمة الإسلامية وهى شرح موجز لتاريخ القرآن وقراءاته من المنظور الإسلامي.
ويسعدني أن أقدم إلى جانب هذه الدراسات، عملاً مهماً هو الأول من نوعه، وقد استغرق مني إعداده جهداً عظيماً.
هذا العمل هو: تصنفيات في القراءات، بإمكانك تحميله من الرابط التالي:
http://www.4shared.com/file/75995911/750b5d18/___online.html
وفيه جمعت من بين كل اختلافات القراءات العشر ما انتمى إلى الأصناف التالية:
1- تغير الكلمة إلى كلمة أخرى من جذر مختلف.
2- التغير في أوجه المتكلم والخطاب والغيب.
3- التغير في البناء للمعلوم والبناء للمجهول.
4- التغير في الجمع والإفراد.
5- التغير في التذكير والتأنيث.

أتمنى أن يخدم هذا العمل الباحثين والمتخصصين في الدراسات القرآنية، وأتمنى أن يسهم هذا العمل مع دراساتي القادمة في التوعية بحقيقة اختلاف القراءات وإزالة وهم "النص القرآني الواحد" المستشري بين الناس.
وأحب أن أشكر في هذا المقام الأستاذ Seta Soujirou الذي صور كتاب "تاريخ القرآن" لعبد الصبور شاهين وزودني به، وقد أفادني الكتاب فوائد جمة، فشكراً مرة أخرى للعزيز على خدماته غير المشروطة والتي تكشف عن معدن نفيس وأصيل عز وجوده في هذا الزمان.
رابط الكتاب:
http://www.zshare.net/download/510662795d90343a/

وهذا رابط لكتاب أبي شهبة "مدخل لدراسة القرآن الكريم" والذي سأنقل منه الكثير في الدراسات القادمة:
http://www.waqfeya.net/book.php?bid=1082

مقدمة الدراسات النقدية


لا يوجد كتاب مقدس ادعى له أتباعه من الكمالات مثل ما ادعى المسلمون لكتابهم، فالقرآن معجز بنظمه لم ولن يقدر أحد على الإتيان بثلاث آيات مثله، وفيه حقائق علمية سبقت أحدث الكشوفات العلمية بـ 1400 سنة ، ومعجز بتشريعاته، وفيه من أنباء الماضي التي لم يكتشفها العلماء إلا مؤخراً، وفيه من أنباء المستقبل ما سبق وتحقق وما سيأتي، وهو معجز بترتيب سوره وآياته وكلماته وأعدادها، وأخيراً هو معجز بنقله، فهو وصل إلينا كما نزل دون أن يتغير منه حرف واحد.
إن كل واحدة مما سبق هو ادعاء كبير بحد ذاته، وحين تجتمع كل هذه الادعاءات معاً فإذاً نحن بحق أمام حالة فريدة في التاريخ تشد ذوي الألباب شداً للوقوف أمامها ودراستها وتمحيصها، وفي هذه الدراسات سأتحقق من ادعاء الوثاقة المطلقة للنقل القرآن، وادعاء الإعجاز البياني، على أن أتناول في دراسة تليها ادعاء الإعجاز العلمي.
ولكن لا يحتاج الأمر لخبير لمعرفة السر الكامن وراء هذه الدعاوى الكبرى وما لها من قبول عريض، فإذا كان لديك عامة يجهلون أبسط الحقائق عن كتابهم، وبعض من أشباه العلماء لا يتورعون عن الكذب والتدليس، وعلماء يتسترون على أشباه العلماء مطبقين مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، فطالما أن هذه الأكاذيب تقوي الإيمان وتدخل الآخرين إلى الإسلام، فما الحرج منها؟
أقول حين تجتمع هذه الفئات الثلاث، ثق تماماً أن أي ادعاء مهما كان خرافياً فإنه سينمو ويترعرع إلى أن يصبح حقيقة مُسَلَّمَة عند الناس.
وكدليل على ما يمكن أن يفعله الجهل، انظر إلى ما يسمى بـ"الإعجاز العددي"، وهو إعجاز قائم على عدد الأحرف والكلمات في القرآن وأرقام السور والآيات وغير ذلك، ولهذا الإعجاز شعبية جارفة اليوم، حتى أن مصطفى محمود في كتابه الشهير "حوار مع صديقي الملحد" جعل قاسمة الظهر للملحد أبحاث رشاد خليفة عن أسرار فواتح السور الرقمية وغير ذلك، وكل يوم يظهر إلينا بحث عن عجائب رقمية في القرآن، وآخر المخازي التي يتجلى فيها سكوت العلماء عن الباطل هو أن يفوز كتاب "إشراقات الرقم سبعة في القرآن" بجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم!، بينما أي مطلع في الدراسات القرآنية وتاريخ القرآن يعلم تماماً أن الإعجاز العددي مجرد عبث وعلامة محزنة على انتشار الجهل، فربما يعلم عدد غير قليل من العوام بأن القرآن الموجود بين أيديهم هو برواية حفص عن عاصم، ولكن معظمهم لا يعلمون بأنها واحدة من بين "عشرين" رواية أخرى للقرآن تختلف بينها في عدد الأحرف والكلمات وفي طريقة عد الآيات، حيث تحتسب بعض القراءات البسملة كآية وتدخل في العد، وأخرى لا تفعل، وتختلف القراءات في بعض الآيات فما يكون آية كاملة في قراءة يكون مقسوماً إلى آيتين في قراءة أخرى، وأهل المغرب وموريتانيا في هذا اليوم وفي هذه اللحظة يقرأون برواية ورش عن نافع، ويختلف فيها عدد الحروف عن تلك في قراءة حفص، وتسقط منها كلمة كاملة في رواية حفص وذلك في {فإن الله هو الغني الحميد} الحديد/24 فهى في مصاحفهم بدون "هو"، ولا يعلم العوام بأن ترتيب السور هو عمل اجتهادي من الصحابة لا دخل للوحي فيه، وبأنه كان لصحابة آخرين مصاحفهم الخاصة المختلفة في ترتيب السور، ومع ذلك يُقبل العوام وبشغف كبير على ما يُسمى بالإعجاز العددي ظناً منهم أن القرآن هو نص واحد فقط وهو الذي بين أيديهم، وهم لا يعلمون بأن رواية حفص لم تنتشر إلا في المئتي سنة الأخيرة، وقبلها كانت القراءة الشائعة هى قراءة أبي عمرو البصري في المشرق وورش وقالون عن نافع في إفريقيا، فوحدة النص القرآني ليست إلا خرافة ، فلا عدد الآيات ثابت، ولا عدد الأحرف ثابت، ولا عدد الكلمات ثابت، شيء واحد فقط هو الثابت: أن الجهل يصنع العجائب.
أما من يظنون أنفسهم من العامة بأنهم مطلعون على القراءات، فالحاذق منهم يعرف بأمر بعض الاختلافات في الأداء كالمذاهب في الهمز والإشمام والإمالة وغير ذلك، ولكنهم لا يعلمون بأن اختلافات القراءات سببت تغييرات جوهرية في المعاني غيرت في الأحكام الشرعية وأحلت الحرام وحرمت الحلال وأخلت ببلاغة وفصاحة القرآن بحيث تجده أمراً اعتياداً لدى قدماء المفسرين واللغويين أن يطعنوا ويرفضوا العديد من القراءات بحجة مخالفتها لللغة ومنافرتها للكلام البليغ، وطبعاً كان لقراءة عاصم نصيبها من هذه الانتقادات مثلها مثل غيرها.
ولو قيل لأحد العوام بأن القرآن الذي بين أيدينا اليوم لا يحوي كل القرآن الذي نزل على محمد، لصُعق ولوصف هذا القول بأنه كفر، ولكنه لا يعرف بأن هذا القول هو من المسلمات عند علماء المسلمين، فهو من أنواع النسخ عندهم ويُسمى بنسخ التلاوة، وقد طال ليس آيات كاملة فحسب، بل أتى على سورة كاملة كبيرة شبهها الصحابي أبو موسى الأشعري بأنها كانت مثل التوبة في طولها وشدتها، وأتى هذا النسخ أيضاً على سورة الأحزاب والتي وبشهادة أبي بن كعب وعائشة كانت بحجم سورة البقرة أي 48 صفحة ، بينما سورة الأحزاب اليوم لا تتجاوز العشر صفحات.
إن هناك الكثير من الحقائق التي لا يعرفها المسلم العادي الذي يعيش في وهم النص الموَّحد المُقدس المترفع عن الزلل والخطأ، والدراسات القادمة هى محاولة لتسليط الضوء على هذه الحقائق وتبيانها للقارئ.
الدراسات ستحمل العناوين الآتية:
الأحرف السبعة والقراءة بالمعنى.
أخطاء المصاحف العثمانية.
تواتر القراءات العشر ومصدرها.
صفة قراءة الرسول.
نسخ التلاوة وتواتر القرآن.
الشيعة والقرآن.
إعجاز القرآن البياني.

هذه هى خطتي، ولا أدري كم من الأشهر أحتاج لإتمام هذه الدراسات. الدراسة الأولى شبه منتهية وسأضعها في الأيام القليلة المقبلة، ولكن الدراسات الأخرى ليست الآن إلا رؤوس أقلام ومسودات مبعثرة، ولا أدري حين أباشر كتابتها ما سيحدث فقد ينقسم المبحث الواحد إلى اثنين، أو قد يُدمج المبحثان في واحد.
لفهم الدراسات القادمة بأفضل صورة ممكنة أعددت المقدمة التالية وهى تشرح بشكل موجز من وجهة النظر الإسلامية كيف وصل إليك القرآن الشائع اليوم برواية حفص عن عاصم.
إذا كنت تريد أن تعرف المزيد عن القراءات بإمكانك قراءة هذا الكتاب المبسَّط:
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=46&book=2764
المقدمة الإسلامية

على الرغم من صعوبة الفترة المكية على النبي وجماعته، كان القرآن يُكتب حينها، حيث نجد في قصة إسلام عمر بن الخطاب أن سورة طه كانت مكتوبة. بعد الانتقال إلى المدينة استقرت الجماعة وصار للإسلام أرض، فصار التدوين الكتابي هناك أفضل وأكثر تنظيماً، حيث كان للنبي أكثر من كاتب أشهرهم زيد بن ثابت، وكما يقول زيد عن نفسه أنه حين كان جاراً للرسول ومتى ما نزل القرآن استدعاه الرسول ليكتب (كتاب المصاحف رقم 5). على الرغم من اهتمام النبي بتدوين القرآن، إلا أن التدوين الكتابي لم يكن سوى أداة ثانوية تأكيدية، حيث كان الحفظ الشفوي هو المعول عليه في حفظ القرآن. وتساعد على ذلك عوامل كثيرة منها أن تلاوة القرآن عبادة وتصل إلى الوجوب في الصلوات، وترغيب النبي في حفظ القرآن، واشتهار العرب بقوة الحافظة، وغير ذلك. (للمزيد انظر المدخل لدراسة القرآن الكريم لأبي شهبة ص403)
كان جبريل يعارض النبي القرآن في كل عام، وفي العام الذي توفي فيه النبي عارضه جبريل مرتين(البخاري 3624) ، وكانت العرضة الأخيرة هى الناسخة لكل ما سبقها. أبرز شكلين من أشكال الاختلاف بين العرضات هو في نسخ التلاوة والاختلاف في الأحرف السبعة، أما نسخ التلاوة فيعني رفع تلاوة آيات أو أجزاء من آيات بحيث تُمحى ولا تُقرأ فيطويها النسيان، ومن أشهر أمثلة التلاوة المنسوخة آية الرجم ونصها (الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (مسند أحمد 21808 ووردت في مصادر كثيرة أخرى) . وفي وقت ما بعد الهجرة، بدأ نزول القرآن على سبعة أحرف، وهى رخصة للتيسير على الناس، وقد اختلف العلماء في تحديد المراد بالأحرف السبعة، وكان التفسير الأكثر تأييداً أن المراد أن تنزل الكلمة بأوجه أقصاها سبعة من اللغات المتفقة المعنى، مثل: هلم وأقبل وتعال. ووجه التيسير أن العرب أمة مختلفة الألسن، فيشق إلزام غير القرشي بأن يقرأ بلسان قريش،فيجوز له أن يقرأ بالحرف الذي يوافق لغته، ولذلك نزل هذا الحديث بعد الهجرة أي بعد أن دخل في الإسلام الكثير ممن يتنمون لقبائل مختلفة غير قريش (المدخل ص173). حين توفي النبي كان القرآن كله مكتوباً ولكن ليس مجموعاً في مصحف، وفي حروب الردة وتحديداً معركة اليمامة، قُتل الكثير من حفاظ القرآن، فخشي عمر على ضياع القرآن فأشار على أبي بكر بجمعه فوافق بعد تردد، فأوكلوا المهمة إلى زيد بن الثابت ، فقام بكتابة القرآن اعتماداً على ما جمعه من قرآن مكتوب على جريد النخل والجلود وعظام أكتاف المواشي، وكذلك على ما أخذه من الصدور، وكان زيد لا يقبل قرآناً إلا بشهادة اثنين على أنها كُتبت بين يدي النبي (البخاري 4679). ولأن زيداً كان ممن شهد العرضة الأخيرة للقرآن فإنه كتب القرآن بما يوافقها. وبعد انتهاء زيد من كتابة المصحف، لم يتم فرضه على الجميع، فقد كان لصحابة آخرين مصاحفهم الخاصة كعبد الله بن مسعود وأبيّ بن كعب، وهى تختلف عن مصحف زيد في احتوائها على آيات وقراءات منسوخة لأنها لم تلتزم بما جاء في العرضة الأخيرة فقط، وكذلك تختلف في ترتيب السور. وفي نحو عام 30 هـ في خلافة عثمان، اجتمعت جيوش أهل الشام وأهل العراق لغزو أرمينيا وأذربيجان، وكان أهل الكوفة يقرأون بقراءة واليهم ابن مسعود، وكان أهل البصرة يقرأون بقراءة واليهم السابق أبي موسى الأشعري، وكان أهل الشام يقرأون بقراءة أبي بن كعب، فتنازع الجنود في القراءة، وراح يقول أحدهم للآخر (قراءتي أصح من قراءتك)، ففزع القائد العسكري والصحابي حذيفة بن اليمان من ذلك، فلما وصل إلى المدينة قال لعثمان ((أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى)) ، وقد تزامنت هذه الحادثة مع بدء التنازع في المدينة نفسها حيث كان معلموا القرآن يعلمون تلاميذهم بقراءات مختلفة، فاختلف تلاميذ المعلمين ورفعوا اختلافهم إلى معلميهم، فما كان من المعلمين إلا أن كفّروا بعضهم (كتاب المصاحف رقم 74). بعد حصول كل ذلك طلب عثمان من حفصة ابنة عمر النسخة التي كتبها زيد لينسخوها، وأوكل المهمة إلى أربعة على رأسهم زيد بن ثابت، وبعد إتمام النسخ أرسل بنسخة إلى أهل كل بلد وأمر بالمصاحف الأخرى أن تُحرق (البخاري 4987)، وتم حمل الناس على مصحف واحد، وبذلك تم وقف العمل برخصة الأحرف السبعة لأن الغاية منها قد تحقق، ففي البدء كان العرب حديثو عهد بالإسلام والقرآن فكانت الرخصة، أما في زمن عثمان فقد لانت ألسن العرب واعتادت على لغة القرآن، فبذلك زالت المشقة في إلزام جميع العرب بحرف واحد وهو حرف قريش. هذا الحرف من ضمنه قراءات مختلفة، استمرت القراءة بها بعد التوحيد العثماني ولم يمنعها لأن الخط العربي حينها كان خالياً من النقط والشكل، وحتى لو كان النقط والشكل معروفاً لما كتب عثمان عليه المصحف لأن في ذلك قضاء على قراءات متواترة ثابتة عن العرضة الأخيرة، فعثمان أراد بعمله توحيد القراءات على ما ثبت في العرضة الأخيرة. وكانت هناك قراءات لا يحتلمها رسم المصحف، مثل إثبات "هو" وحذفها من قول القرآن {فإن الله هو الغني الحميد} الحديد 24، وكلتاهما متواترتان عن النبي،فبذلك يتسبب الإلزام بمصحف واحد بذهاب قراءات متواترة ، فقام عثمان بتوزيع مثل هذه القراءات بين النسخ المختلفة فلا تضيع بذلك هذه القراءات، فأثبت "هو" من {فإن الله هو الغني الحميد} الحديد 24، في جميع النسخ إلا نسختي أهل المدينة الشام. انظر إلى المصحف برواية ورش في موقع وزارة الأوقاف المغربية، اذهب إلى سورة الحديد وأدخل رقم الصفحة: 4
http://quran.habous.gov.ma/
في عصر ابن مجاهد (245- 324هـ) بلغت قراءات القرآن درجة كبيرة من الاتساع، والتبس فيها الصحيح والشاذ، فقامت محاولات من أئمة في القراءة لحصر القراءات القانونية بعدد معين من الأئمة، وكُتب النجاح لمحاولة ابن مجاهد أحد أبرز أئمة القراءات في عصره حيث حصر القراءات القانونية للقرآن بقراءات سبعة من كبار أئمة الإقراء من أمصار متفرقة ، والسبعة هم: نافع من المدينة، ابن كثير من مكة، عاصم وحمزة والكسائي من الكوفة، أبو عمرو من البصرة، وابن عامر من الشام. ولأن كل إمام من هؤلاء له عدد غير قليل من الرواة الذي يروون قراءته، حصر ابن مجاهد الرواة لكل قاريء باثنين، فكان لعاصم حفص وشعبة، وكان لنافع قالون وورش. استمر هذا التقسيم معمولاً به إلى أن أضاف ابن الجزري (ت833هـ) ثلاثة إلى الأئمة السبعة وهم يعقوب البصري وأبو جعفر المدني وخلف الكوفي، فصار لدينا مسمى القراءات العشر.
والقراءات السبع حكمها عند المسلمين أنها من الوحي، وإنكار شيء منها هو كفر، لأنها نُقلت إليهم عن الرسول بالتواتر المفيد للقطع، أما القراءات الثلاث المتممة فقد اختلف العلماء في تواترها، وإن كان تواترها هو الراجح لدى أكثرهم.
ولكل إمام من الأئمة السبعة سنده في تلقي القراءة الذي يصل إلى الصحابي الذي أخذ القراءة مباشرة من النبي، وعدد الصحابة الذين دارت عليهم أسانيد القراءات العشر هم ثمانية أخذوا القراءة من النبي دون واسطة، وهم: عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب، أبي بن كعب، عبد الله بن مسعود، زيد بن ثابت، أبو موسى الأشعري، أبو الدرداء، وعمر بن الخطاب. (انظر كتاب جمع القرآن في مراحله التاريخية 32)

وكان الإمام في القراءة يختار قراءة له من بين القراءات المختلفة لموضع معين من آية معينة، وبذلك يصبح للإمام قراءة مستقلة هى عبارة عن اختياراته، فجميع ما ورد في قراءته من أحرف هو مقروء من أئمة آخرين ووارد بأسانيد أخرى، فالقراءة تُنسب للإمام لأنه اختارها واشتهر بها وعُرف بإتقانها.
وليس من اللازم أن يكون لإمام اختيار واحد فقط، ولذلك تحصل اختلافات بين الرواة الذين يروون القراءة عن إمام واحد لأنه علم كل راو قراءته باختيارات مختلفة.
وليست كل قراءة تُنسب إلى أحد الأئمة العشرة هى قراءة صحيحة، فقد وُجدت أحرف شاذة لكل إمام ورُفضت، فهؤلاء الأئمة لشهرتهم وكثرة الصحيح في قراءاتهم تم اختيارهم على غيرهم. (انظر النشر 1/19)
أما الضابط الذي يميز من خلاله العلماء القراءة الصحيحة عن الشاذة فهو:
((كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً وصح سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم))اهـ (النشر1/19)
ولذلك تُرفض عدد من قراءات الصحابة الصحيحة السند، مثل ما ثبت في الصحيحين أن ابن مسعود وأبا الدرداء كانا يقرآن (والذكر والأنثى) بدلاً من (وما خلق الذكر والأنثى) الليل/3،(صحيح البخاري رقم4943 ) فهذه قراءة انطبق عليها الشرط الأول موافقة اللغة العربية، وانطبق عليها الشرط الثالث صحة السند، ولكنها خالفت الشرط الثاني وهو موافقة رسم المصاحف العثمانية، لأن رسم الآية في جميع المصاحف كان – بإزالة النقط والهمز- (وما خلق الذكر والأنثى).

تُصنَّف اختلافات القراءات إلى قسمين: الأصول، وفرش الحروف.
((يُقصد بالأصول: القواعد المطردة التي تنطبق على كل جزئيات القاعدة، والتي يكثر دورها ويتحد حكمها. مثالها: الاستعاذة، البسملة، الإدغام الكبير، هاء الكناية، المد والقصر، الهمزتين من كلمة ومن كلمتين، الإمالة، إلخ.
الفرش ( الكلمات الفرشية): هي الكلمات التي يقل دورها وتكرارها، ولا يتحد حكمها. وتسمى أيضاً: الفروع.)) اهـ (مدخل إلى علم القراءات ص26 بتصرف)
((ويقصدون بالخلاف الأصولي ما كان من جهة قواعد الأداء كقاعدة قالون في ضم الميمات وقاعدة، ورش في البدل، وقاعدة ابن كثير في قصر الممدود وغير ذلك.
فالخلاف الأصولي تضبطه قواعد مطردة، تتكرر في القرآن الكريم في كل موطن تحققت فيه شرائط الراوي لإعمال القاعدة.
وأما الخلاف الفرشي فهو ما جاء على غير مثال، لا تضبطه قاعدة مطردة، وإنما يعرف بالسماع لكل موضع بمفرده، ومحله رسم القرآن الكريم، حيث يكون للكلمة ذاتها أكثر من وجه في الأداء، ورد بالتواتر ويحتمله الرسم القرآني ويوافق وجهاً من وجوه العربية.))اهـ (القراءات المتواترة لمحمد حبش ص94 نسخة إلكترونية)
قلت: وكمثال على الأصول، يقرأ ورش بحذف الهمزة في أول الكلمة ونقل حركتها إلى ما قبلها إذا كان لام التعريف أو حرفاً ساكناً من آخر الكلمة السابقة. استمع إلى سورة الزلزلة بقراءة ورش ولاحظ كيف يقرأ "الأرض" ، "الإنسان"، و "ليُروا أعمالهم". واستمع أيضاً إلى سورة القدر ولاحظ "من ألف":
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?...p;audioid=13146
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?...p;audioid=13162
وكمثال آخر: بعض القراء يقرأ بعض الألفات بالإمالة إلى الكسر ، وتجده في كلمة "أدراك" في سورة القدر السابقة.
وقد قرأ حفص بالإمالة في موضع واحد فقط هو هود/41 {بسم الله مجريها ومرساها} ،
وفي أحد الوجوه الواردة عن حمزة فإنه يسكت على لام التعريف قبل الهمز، استمع إلى سورة الزلزلة بقراءة حمزة:
http://www.quantumgolf.us/browse.php?u=Oi8...yYXkvRHJtLmdpZg
والإمالة، مثلها مثل معظم الأصول، لها تفاصيل واستثناءات كثيرة لا مجال لذكرها في هذه العجالة، إن أردت مزيداً من التفاصيل راجع كتاب القراءات المتواترة لمحمد حبش.
http://www.tafsir.org/tafsir/index.php?a=b...view&id=151
فما سبق كان من الأصول، فهى قواعد تنطبق على جميع أجزائها الواردة في القرآن، أما فرش الحروف فمثاله البقرة/74 {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} {يَعْمَلُونَ} ابن كثير. فهذا تحول من الخطاب إلى الغيب، وجاء مثله كذلك في مواضع أخرى كثيرة من القرآن ولكن بشكل عشوائي لا تنطبق عليه أي قاعدة، ولذلك سميت مثل هذه الاختلافات بفرش الحروف، فهى مفروشة لا قاعدة ولا ضابط لها، وعدد القراءات المختلفة في فرش الحروف تصل إلى نحو ألفين.

الفقرة التالية نقلتها بتصرف من مقاطع من هذا البحث في موقع الشيخ محمد الأمين المتخصص في القراءات
http://www.ibnamin.com/recitations_current_places.htm
((إلى عصر الإمام ابن مجاهد الملقب بـ ( مُسبّع السبعة ) والذي ألف كتابه سنة 300 هـ كانت القراءات السبع يقرأ بها في الأمصار، فكان الغالب على أهل المدينة قراءة نافع، وعلى أهل مكة قراءة ابن كثير، وعلى أهل الشام قراءة ابن عامر، وعلى أهل البصرة قراءة أبي عمرو ويعقوب، وعلى أهل الكوفة قراءة حمزة، أما مصر فكانت على قراءة ورش عن نافع، ومنها انتشرت إلى أنحاء إفريقيا. بعد ذلك بعدة قرون، بدأ يُكتب الانتشار لقراءة أبي عمرو البصري شيئاً فشيئاً حتى غلبت على أهل العراق والحجاز واليمن والشام ومصر والسودان وشرق إفريقيا إلى القرن العاشر الهجري.وفي فترة ما من الحكم العثماني الذي ابتدأ عام 1516م، بدأت تنتشر قراءة حفص عن عاصم المفضلة عند الأتراك، وبدأت الدولة العثمانية تبسط سلطانها على معظم أرجاء العالم الإسلامي، فصارت ترسل أئمة وقضاة ومقرئين أتراك إلى أرجاء العالم العربي فانتشرت رواية حفص عن طريقهم وكذلك عن طريق المصاحف التي تنسخها الدولة العثمانية برواية حفص.
يقول الشيخ عبد الرشيد الصوفي (الصومالي الأصل القطري المنزل): ((رواية حفص عن عاصم لم يكتب لها الانتشار والذيوع في المشرق الإسلامي سوى في المئتي سنة الأخيرة، حيث كان أهل المشرق من مصر والشام والعراق والحجاز والجزيرة العربية واليمن والسودان وغيرها لا يعرفون ولا يقرؤون إلا بقراءة أبي عمرو البصري براوييه الدوري أو السوسي، بدليل أن معظم من ألف في علم التفسير كان النص القرآني في تفسيره بقراءة أبي عمرو البصري، مثل تفسير الجلالين. وأنا لديّ مصحف مخطوط في مصر قبل نحو 250 سنة يقول كاتبه في المقدمة: "وقد خُط هذا المصحف على ما يوافق قراءة أبي عمرو البصري، لأن أهل مصر لا يعرفون سواها ولا يقرؤون إلا بها" انتهى. ويقول عن سبب انتشار رواية حفص: عندما بدأت المطابع في زمن الخلافة العثمانية وأرادوا أن يطبعوا المصحف بالآلة الطابعة التي كانت بدائية جدا في ذلك الزمان، بحثوا عن أقرب الروايات تقاربا في اللفظ والكتابة، فوجدوا رواية حفص عن عاصم هي الأقرب للمطلوب. فاستقر رأيهم على أن تكون رواية حفص هي المعتمدة في الطباعة، حيث لا توجد فيها إمالات أو حروف مسهلة. ولذلك فإن البلاد التي ابتعدت عن السلطة العثمانية في هذا الزمن، ظلت على قراءة أبي عمرو مثل أهل السودان واليمن والصومال وغيرها، حتى أنهم لما كانت تأتيهم المصاحف برواية حفص كانوا يذهبون بها إلى المطوع ليصحح لهم ظنا منهم أن بها أخطاء.))اهـ
وبعد الحكم العثماني، انحسرت القراءات الأخرى إلى درجة الانقراض في كثير من البلدان وذلك بفضل الكميات الهائلة التي طُبع بها مصحف المدينة المنورة برواية حفص وتوزيعها في مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
وهكذا كُتب لقراءة حفص الذيوع والانتشار في العالم الإسلامي اليوم، بحيث لا يشذ عن ذلك إلا أهل المغرب العربي وخاصة المغرب وموريتانيا حيث القراءة عندهم برواية ورش عن نافع إلى يومنا هذا.

ما هى مصادر القراءات اليوم؟
جاء في مقدمة البسط ص71 بتصرف ((فالقراءات التي يصح أن يُقرأ بها اليوم هى ما وصل إلى عصرنا بالتواتر والاستفاضة وذلك محصور في ثلاثة كتب لا غير هى:
1- منظومة ((حرز الأماني ووجه التهاني)) في القراءات السبع، المعروفة بـ((الشاطبية)) للإمام الشاطبي (ت590هـ) ، وقد نظم فيها شعراً كتاب (التيسير في القراءات السبع) للإمام أبي عمرو الداني (ت44هـ).
2- منظومة (الدرة المضيّة في القراءات الثلاث المرضيّة) لابن الجزري (ت833هـ)، وقد نظم فيها شعراً قراءة أبي جعفر ويعقوب وخلف.
3- كتاب (النشر في القراءات العشر) لابن الجزري، وقد اعتمد في تأليفه على بضع وستين كتاباً من كتب القراءات قرأها على شيوخه.)) اهـ
وهناك عملان حديثان يعرضان القراءات بالشكل الأفضل والأسهل، الأول هو مصحف برواية حفص يتم فيه ذكر القراءات المختلفة عند كل موضع، بإمكانك تحميله من هذا الرابط
http://www.archive.org/download/msqammsqam/msqam.pdf
والعمل الثاني هو "البسط في القراءات العشر"، وهو مثل السابق ولكن يتميز برسم القراءات بدلاً من الوصف، ويشرح بشكل مختصر القراءات التي تحتاج إلى بيان لوجوهها ومعانيها. للتحميل:
http://www.alqeraat.com/vb/attachment.php?...mp;d=1211104063

انتهت المقدمة



دراسات نقدية في تاريخ القرآن وفي إعجاز القرآن البياني - وليد غالب - 12-17-2008

الأحرف السبعة والقراءة بالمعنى




المقصود بالقراءة بالمعنى هوإبدال كلمة أو أكثر من القرآن بحيث تؤدي ذات المعنى، وقد مارس النبي والصحابة ذلك، لأن النبي لم يهتم بالشكل بل بالمضمون. والقراءة بالمعنى هو المقصود من الأحرف السبعة، ولكن بسبب رفض علماء المسلمين المسبق للقراءة بالمعنى على الرغم من أنها المفهوم الصريح الظاهر من حديث الأحرف السبعة، بسبب ذلك تخبطوا أيما تخبط في تحديد المراد من الأحرف السبعة، بحيث وصلت أقوالهم إلى أربعين قولاً، بل وصل الحال ببعض العلماء كالسيوطي إلى إعلان الأحرف السبعة من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله.
إن الذي أدى بعلماء المسلمين إلى رفض القراءة بالمعنى، هو القدسية الخيالية الحرفية التي جعلوها لنص القرآن والتي لم تكن معروفة في عصر الإسلام الأول، وكذلك اعتقادهم بإعجاز القرآن اللغوي، والذي أيضاً لم يكن معروفاً في عهد النبي، فتحدي القرآن كان في الهدي والمضمون لا في اللغة والبلاغة، وهذا ما سيتم تناوله بالتفصيل في الدراسة عن الإعجاز البياني، ويكفيك أن تعلم الآن أن القراءة بالمعنى ستكون من أبرز الدلائل على ذلك.

نزول القرآن على سبعة أحرف هو خبر متواترورد عن 21 صحابياً، قال السيوطي في الإتقان 1/129:
((ورد حديث نزل القرآن على سبعة أحرف من رواية جمع من الصحابة أبي بن كعب وأنس وحذيفة بن اليمان وزيد بن أرقم وسمرة بن جندب وسليمان بن صرد وابن عباس وابن مسعود وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وعمر بن الخطاب وعمرو بن أبي سلمة وعمرو بن العاص ومعاذ بن جبل وهشام بن حكيم وأبي بكرة وأبي جهم وأبي سعيد الخدري وأبي طلحة الأنصاري وأبي هريرة وأبي أيوب فهؤلاء أحد وعشرون صحابيا وقد نص أبو عبيد على تواتره)) اهـ.
وانظر "تاريخ القرآن" لشاهين ص51 ملاحظات في أسانيد روايات الحديث، ومع الكتاب ملحق فيه كل روايات الأحرف السبعة.

نموذج من هذه الروايات من صحيح البخاري:
2419 - ... سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْرَأَنِيهَا ، وَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ إِنِّى سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا ، فَقَالَ لِى « أَرْسِلْهُ » . ثُمَّ قَالَ لَهُ « اقْرَأْ » . فَقَرَأَ . قَالَ « هَكَذَا أُنْزِلَتْ » . ثُمَّ قَالَ لِى « اقْرَأْ » . فَقَرَأْتُ فَقَالَ « هَكَذَا أُنْزِلَتْ . إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ » .وفي صحيح مسلم رقم 1941 يقول النبي لأبي بن كعب:
((يَا أُبَىُّ أُرْسِلَ إِلَىَّ أَنِ اقْرَإِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِى. فَرَدَّ إِلَىَّ الثَّانِيَةَ اقْرَأْهُ عَلَى حَرْفَيْنِ.
فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِى. فَرَدَّ إِلَىَّ الثَّالِثَةَ اقْرَأْهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَلَكَ بِكُلِّ رَدَّةٍ رَدَدْتُكَهَا مَسْأَلَةٌ تَسْأَلُنِيهَا. فَقُلْتُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأُمَّتِى. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأُمَّتِى. وَأَخَّرْتُ الثَّالِثَةَ لِيَوْمٍ يَرْغَبُ إِلَىَّ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ حَتَّى إِبْرَاهِيمُ -صلى الله عليه وسلم- )).اهـ

ما معنى سبعة أحرف؟، اختلفوا في ذلك حتى أوصلها السيوطي إلى أربعين قولاً، وقد سبق في المقدمة الإسلامية ذكر التأويل الذي حاز على الأكثرية، وسنعود إليه لاحقاً، أما الآن فسأتطرق إلى التأويل الثاني قبولاً بين العلماء، والذي يلخصه أبو شهبة في المدخل لدارسة القرآن، فيقول ص189:
((القول الخامس: أن المراد بالسبعة الأحرف: الوجوه التي يرجع إليها اختلاف القراءات، وقد ورد في هذا آراء متقاربة لأربعة من العلماء، وسنعرض هذه الآراء الأربعة ثم نناقشها بمرة، إذ جميعها تجمعها رابطة قوية، ووشيجة متشابكة.
قال ابن قتيبة في أول تفسير(مشكل القرآن) :
((وقد تدبر وجوه الاختلاف في القراءات فوجدتها سبعة:
الأول: ما تتغير حركته، ولا يزول معناه ولا صورته مثل (ولا يضار كاتب ولا شهيد) بفتح الراء وضمها.
الثاني: ما يتغير بتغير الفعل مثل قوله تعالى: (ربنا بعّد بين أسفارنا)، و(ربنا باعَد بين أسفارنا)، الأول بصيغة الطلب والثاني بصيغة الماضي.
الثالث: ما يتغير بنقط بعض الحروف المهملة مثل (ثم ننشرها.. ثم ننشزها) الأولى بالراء المهملة والثاني بالزاي.
الرابع: ما يتغير بإبدال حرف قريب المخرج من الآخر مثل (طلح منضود) و(طلع منضود).
الخامس: ما يتغير بالتقديم والتأخير مثل: (وجاءت سكرة الموت بالحق) (وجاءت سكرة الحق بالموت).
السادس: ما يتغير بالزيادة والنقصان مثل: (وما خلق الذكر والأنثى) (والذكر والأنثى).
السابع: ما يتغير بإبدال كلمة بكلمة ترادفها مثل (كالعهن المنفوش) (كالصوف المنفوش).
قال ابن قتيبة: وكل هذه الحروف كلام الله تعالى نزل به الروح الأمين على رسول الله.)) اهـ
ثم ينقل أبو شهبة أقوال الرازي والباقلاني وابن الجزري، أكتفي بنقل ما قاله الرازي فقط وبإمكانك الرجوع إلى الكتاب:
((القول السادس: ما قاله في بيان وجود الاختلاف الإمام أبو الفضل الرازي في كتاب "اللوائح". قال: الكلام لا يخرجع عن سبعة أوجه في الاختلاف.
الأول: اختلاف الأسماء من أفراد وتثنية وجمع، أو تذكير وتأنيث.
الثاني: اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر.
الثالث: وجوه الإعراب. الرابع: النقص والزيادة. الخامس: التقديم والتأخير. السادس: الإبدال. السابع: اختلاف اللغات كالفتح والإمالة والترقيق والتفخيم والإدغام والإظهار ونحو ذلك.)) اهـ
ثم يذكر أبو شهبة انتقاداته لهذه الآراء فيقول ص194:
((يمكننا إجمال النقد فيما يأتي:
1- إن القائلين بهذا الرأي – على اختلاف أقوالهم- لم يذكر واحد منهم دليلاً، إلا أنه تتبع وجوه الاختلاف في القراءة فوجدها لا تخرج عن سبع. وهذا التتبع لا يصلح أن يكون دليلاً على أن المراد بالأحرف السبعة الوجوه التي يرجع إليها اختلاف القراءات. ولا يقال: كيف لا يُعتبر التتبع وهو لا يخرج عن كونه استقراءاً؟، لأنا نقول: إنه استقراء ناقص، بدليل أن طريق تتبع ابن الجزري مخالف لطريق تتبع ابن قتيبة وابن الطيب والرازي. وليس أدل على ذلك من أن الرازي ذكر الوجه السابع، ولم يذكره واحد من الثلاثة الآخرين، بل برر ابن الجزري إهماله، مما يدل على أنه يمكن الزيادة على سبع، وأن الوجه الأول عند الرازي، والثاني والسادس ترجع ثلاثتها إلى الوجه الخامس عند ابن الجزري، مما يدل على أن هذه الوجوه يمكن أن يتداخل بعضها في بعض، وأن تعينها إنما هو بطريق الاتفاق لا الاستقراء الصحيح. وعلى هذا يكون الحصر في الوجوه السبعة غير مجزوم به،ولا متعين، فهو مبني على الظن والتخمين.
2- إن الغرض من الأحرف السبعة إنما هو رفع الحرج والمشقة عن الأمة والتيسير والتسهيل عليها، والمشقة غير ظاهرة في إبدال الفعل المبني للمعلوم بالفعل المبني للمجهول، أو العكس،ولا في إبدال فتحة بضمة، أو حرف بآخر، أو تقديم كلمة وتأخيرها، أو زيادة كلمة أو نقصانها، فإن القراءة بأحدهما دون الآخر لا توجب مشقة يسأل النبي منه المعافاة، وأن أمته لا تطيق ذلك، ويراجع جبريل مراراً، ويطلب التيسير فيُجاب بإبدال حركة بأخرى، أو تقديم كلمة وتأخيرها، فالحق: أنه مستبعد أن يكون هذا هو المراد بالأحرف السبعة.
3- إن أصحاب هذه الأقوال اشتبه عليهم القراءات بالأحرف، فالقراءات غير الأحرف لا محالة وإن كانت مندرجة تحتها وراجعة إليها.)) اهـ

والاختلاف في تأويل الأحرف السبعة بين القول السابق والقول الآخر صاحب "اللغات"، تنبني عليه قضية مهمة وهى هل المصحف العثماني يشتمل على الأحرف السبعة أم على واحد منها، يقول أبو شهبة ص217:
(( والتحقيق أن كون المصاحف مشتملة على الأحرف السبعة أو بعضها متوقفة على معرفة المراد بالأحرف السبعة، فمن قال أن المراد به سبع لغات في كلمة واحدة، تختلف فيها الألفاظ وتتفق فيها المعاني كابن جرير الطبري ومن وافقه، قال: إن ما بقي في المصاحف منها هو حرف قريش.
ومن قال: إن المراد بالأحرف السبعة الوجوه التي يرجع إليها اختلاف القراءات على ما ذهب إليه ابن قتيبة ومن لف لفه، قال: أن المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسم المصحف منها، بمعنى أنها اشتملت على كل واحد منها على ما وافق رسم المصحف منه، ولم تخل عن وجه منها بالكلية، وإن كان بعض هذه الوجوه قد نسخ بعضه.))اهـ

أما التأويل الذي حاز على تأييد الأكثرية من العلماء هو:
((أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتفقة بألفاظ مختلفة، وإن شئت فقل: سبع لغات من لغات العرب المشهورة في كلمة واحدة، تختلف فيها الألفاظ والمباني مع اتفاق المعاني، أو تقاربها، وعدم اختلافها وتناقضها، وذلك مثل: هلم، وأقبل، وتعال، وإليَّ، ونحوي، وقصدي، وقُربي، فإن هذه ألفاظ سبعة مختلفة يعبر بها عن معنى واحد، وهو طلب الإقبال. وليس معنى هذا أن كل كلمة كانت تقرأ بسبعة ألفاظ من سبع لغات، بل المراد: أن غاية ما ينتهي إليه الاختلاف في تأدية المعنى هو سبع، فالمعنى هو سبع، فالمعنى الذي تتفق فيه اللغات في التعبير عنه بلفظ واحد يُعبر عنه بهذا اللفظ فحسب، والذي يختلف التعبير عنه بلفظين، وتدعو الضرورة إلى التوسعة يعبر عنه بلفظين، وهكذا إلى سبع.
ومن أمثلة ذلك من القرآن قوله تعالى: ((إن كانت إلا صيحة واحدة))، وقد قرأ ابن مسعود ((إن كانت إلا زقية واحدة)) يس/29، وقوله: ((فاسعوا إلى ذكر الله)) ، فقد قرأ عمر بن الخطاب ((فامضوا إلى ذكر الله)). )) اهـ. أبو شهبة ص176
ثم يقول ص178: ((وإلى هذا الرأي ذهب الجماهير من سلف الأمة وخلفه. فذهب إليه الأئمة سفيان بن عيينة وابن جرير الطبري ودافع عنه دفاعاً حاراً في مقدمة تفسيره، والطحاوي وابن وهب وخلائق كثيرون، واختاره القرطبي، ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء، وهذا هو الرأي الذي أختاره وأميل إليه.)) اهـ.

ولكن هؤلاء العلماء الذين قالوا بذلك لم يقصدوا أن التغيير في اللفظ على ما يوافق المعنى هو من عند القاريء، بل الأوجه المختلفة كلها صادرة من النبي، يقول أبو شهبة ص172 ((هذه التوسعة والإباحة في القراءة بأي حرف من الحروف السبعة إنما كانت في حدود ما نزل به جبريل وما سمعوه من النبي، وذلك بدليل أن كلا من المختلفين كان يقول ((أقرأنيها رسول الله)) ،وأن النبي كان يعقب على قراءة كل من المختلفين بقوله ((هكذا أنزلت)) كما في حديث عمر وهشام وما يفيده لفظة الإنزال الذي جاءت به جميع روايات الحديث. وليس ذلك إلا التوقيف بالسماع من الرسول، وسماع الرسول من جبريل. ولا يتوهمن متوهم أن التوسعة إنما كانت باتباع الهوى والتشهي؛ فذلك ما لا يليق أ، يفهمه مسل، فضلاً عن عاقل؟ إذ الروايات الواردة ترده وتبطله؛ ولو كان لكل أحد أن يقرأ بما يتسهل له من غير تلق وسماع من النبي وأن يبدل ذلك من تلقاء نفسه لذهب إعجاز القرآن، ولكان عرضة أن يبدله كل من أراد حتى يصير غير الذي نزل من عند الله، ولما تحقق وعد الله سبحانه بحفظه، واللوازم كلها باطلة؛ فبطل ما أدى إليها، وثبت نقيضه وهو أن التوسعة كانت في حدود ما أنزل الله.)) اهـ.

وقد اتفق العلماء على أن الغاية من الأحرف السبعة التيسير ورفع المشقة عن الناس، يقول أبو شهبة ص171:
((لو نزل القرآن على حرف واحد لشق ذلك على الأمة العربية؛ فقد كانت متعددة اللغات واللهجات، وما يتسهل النطق به على البعض لا يسهل على البعض الآخر، وكانت تغلب عليها الأمية، فلا عجب أن حرص النبي على الاستزادة من الحروف حتى بلغت سبعة أحرف.)) اهـ
إذاً، التأويل الذي ذهب إليه أكثر العلماء خلاصته أن الرسول تيسيراً على الأمة المختلفة اللهجات، كان يقرأ العديد من الآيات بأشكال مختلفة توافق لهجات مختلفة من لهجات العرب، وغاية ما تنتهي إليه القراءات المختلفة للموضع الواحد هو سبعة أوجه.
وفي الحقيقة، فإن هذا التأويل بدوره تعرض لانتقادات كثيرة من علماء المسلمين، فعرض أبو شهبة لأهم هذه الانتقادات ورد عليها، ولكن كان التكلف واضحاً في بعض ردوده، فمن أهم ما يعترض هذا التأويل للأحرف السبعة هو أن المختلفين في القراءة في رواية البخاري هما عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم، وكلاهما قرشيان لسانهما واحد، فكيف يختلفان في اللغة؟. أجاب أبو شهبة على ذلك ص181:
((أن العبرة في القراءة بالحروف هو السماع من النبي لا أن يقرأ كل واحد بهواه على حسب ما يتسهل له من لغته، وإنكار بعضهم على الآخر لم تكن لأن المنكر سمع ما ليس من لغته فأنكره، وإنما كانت لأنه سمع خلاف ما أقرأه النبي، وجائز جداً أن يكون أحدهما سمع من النبي حرفاً بغير لغة قريش فحفظه، وسمع الآخر حرفاً بلغة قريش فحفظه، فمن ثم اختلفا مع كونهما قرشيين.))اهـ

ويقع هذا التأويل للأحرف السبعة في مأزق كبير حين نصل إلى ما ينتج عنه من اعتبار مصحف عثمان حرفاً واحداً فقط وهو حرف قريش، وأن بقية الأحرف أُسقطت، فإن كان الأمر كذلك، لماذا إذاً احتوى القرآن على كلمات غير قرشية؟، انظر مثلاً كتاب (لغات القبائل الواردة في القرآن) للقاسم بن سلام وفيه عدد كبير من الكلمات التي تنفرد بها قبائل بعينها من بين القبائل العربية الأخرى. كان جواب أبي شهبة ص182:
((الجواب عن هذا:
1- أن ما ورد من هذه الألفاظ، وإن كانت في الأصل من غير لغة قريش، لكن قريشاً أخذتها واستعملتها حتى صارت قرشية بالاستعمال. ومعروف أن مركز قريش هيأ لها أن تأخذ من اللغات الأخرى أعذبها وأسلسها.
2- أن هذه الكلمات التي ذكرتموها مما توافقت فيه لغة قريش وغيرها، إلا أنها عند غير قريش أشهر وأعرف، وتوافق اللغات في بعض الكلمات أم غير متسنكر ولا مستغرب، وأياً كان الحال فوجود هذه الكلمات في القرآن لا ينافي كون القرآن بلغة قريش.)) اهـ

ولأن أبا شهبة يعلم بأنه من غير المعقول أن تنطبق تخريجاته على كل ما ورد في القرآن من مفردات غير قرشية، أنهى كلامه بأن وجود هذه الكلمات لا ينافي كون القرآن بلغة قريش!. وبغض النظر عن ذلك، فإن الإشكال يتلقى دفعة قوية حين نستحضر وجود قراءات من القراءات العشر تختلف فيها اللهجات، أي نجد الكلمة بقراءة توافق لغة غير قرشية، وفي قراءة أخرى قرشية، وهذا كثير في القراءات، وكمثال عليه البقرة/265 (بِرَبْوَةٍ) حيث قرأها عاصم وابن عامر بالفتح وهى لغة بني تميم، بينما قرأها الباقون بضم الراء (رُبوة) وهى لغة قريش (حجة القراءات لابن زنجلة ص146) ، فهنا لدينا أن القرآن نزل أولاً بالقراءة الثانية، فإذا كانت القراءات العشر تعود كلها إلى حرف واحد وهو حرف قريش، فكيف يكون لكلمة قرشية قراءة أخرى غير قرشية داخل هذا الحرف؟. وقد أوقعهم تأويلهم في إشكالات وتناقضات أخرى، حيث نجد أن أبا شهبة في نقده لتأويل الأحرف السبعة بأنها الوجوه التي ترجع إليها اختلافات القراءات، نجد مما اعترض به أن الكثير من اختلافات القراءات لا يتبين منها وجه للرخصة والتيسير الذي بسببه نزل حديث الأحرف السبعة، ولكن هل يسلم تأويل أبي شبهة للأحرف السبعة من معضلة الغاية من اختلاف القراءات؟، بل الإشكال أعمق عندهم لأنهم فسروا الأحرف السبعة بأنها اختلاف في اللغات، وغالبية اختلافات القراءات لا علاقة لها باللغات – راجع "تصنيفات في القراءات"- ، فلم يجد أبو شهبة حلاً إلا التفريق بين اختلاف القراءات وبين الأحرف السبعة كما مر معنا في قوله رداً على أصحاب التأويل الآخر ((إن أصحاب هذه الأقوال اشتبه عليهم القراءات بالأحرف، فالقراءات غير الأحرف لا محالة وإن كانت مندرجة تحتها وراجعة إليها.)) اهـ .
فوقعوا في تناقض بجعلهم القراءات تابعة للأحرف السبعة، دون أن تنطبق عليها الغاية من الأحرف السبعة!.
أما ذهاب ستة أحرف مما نزل من الوحي فظل دائماً العقبة الأكبر أمام تأويلهم، حيث استنكر أصحاب التأويلات الأخرى أن تضيّع الأمة أحرفاً لم تُنسخ نزل بها الوحي وقد أُمرت بحفظ القرآن، وكان الجواب على ذلك عند الطبري أن الأمة خُيّرت في قراءته وحفظه بأي حرف ولم يوجب عليها. (تفسير الطبري1/58)، ولكن لنستمع إلى ما يقوله الزرقاني في (مناهل العرفان في علوم القرآن) ص123-125:
((ثانيها أن أصحاب هذا المذهب على جلالة قدرهم ونباهة شأنهم قد وضعوا أنفسهم في مأزق ضيق لأن ترويجهم لمذهبهم اضطرهم إلى أن يتورطوا في أمور خطرها عظيم إذ قالوا إن الباقي الآن حرف واحد من السبعة التي نزل عليها القرآن، أما الستة الأخرى فقد ذهبت ولم يعد لها وجود ألبتة، ونسوا أو تناسوا تلك الوجوه المتنوعة القائمة في القرآن على جبهة الدهر إلى اليوم، ثم حاولوا أن يؤيدوا ذلك فلم يستطيعوا أن يثبتوا للأحرف الستة التي يقولون بضياعها نسخا ولا رفعا وأسلمهم هذا العجز إلى ورطة أخرى هي دعوى إجماع الأمة على أن تثبت على حرف واحد وأن ترفض القراءة بجميع
ماعداه من الأحرف الستة
وأنى يكون لهم هذا الإجماع ولا دليل عليه هنالك احتالوا على إثباته بورطة ثالثة وهي القول بأن استنساخ المصاحف في زمن عثمان رضي الله عنه كان إجماعا من الأمة على ترك الحروف الستة والاقتصار على حرف واحد هو الذي نسخ عثمان المصاحف عليه مع أننا أثبتنا لك فيما مر بقاء الأحرف السبعة في المصاحف العثمانية حرفا حرفا ومثلنا لذلك
وقصارى ما استطاعوا أن يسوغوا به مذهبهم وتورطاتهم هذه أن الأمة على عهد عثمان رضي الله عنه قد اختلفت في قراءات القرآن إلى حد جعلهم يتنازعون ويترامون بتكفير بعضهم بعضا حتى خيفت الفتنة فرأى الصحابة بقيادة خليفتهم الحكيم عثمان رضي الله عنه أن يعالجوا المشكلة ويطفئوا الفتنة بهذه الطريقة من جمع الناس على حرف واحد ونسخ المصاحف على حرف واحد وإهمال كل ما عداه من الحروف والمصاحف المنسوخة عليها.
وهذا لعمرك استناد مائل واحتجاج باطل، فقد تنازع الناس على عهد الرسول أيضا في قراءات القرآن على حروف مختلفة كما رأيت في الروايات السابقة ومع ذلك أقرهم الرسول على هذه الحروف المختلفة وقررها فيهم وحملهم على التسليم بها في أساليب متنوعة، وجعل ذلك هو الحل الوحيد لمشكلتهم والعلاج الناجع لنزاعهم، وأفهمهم أن تعدد وجوه القراءة إنما هو رحمة من الله بهم بل بالأمة كلها، وقرر في صراحة وهو يسأل مولاه المزيد من عدد الحروف أن الأمة لا تطيق حصرها في مضيق حرف واحد وقال وإن أمتي لا تطيق ذلك إلى آخر ما عرفت، وأنت خبير بأن أمة محمد باقية إلى يوم القيامة، وهي لا تطيق ذلك كما قرر رسولها المعصوم الرحيم صلوات الله وسلامه عليه، كما نشاهد نحن الآن من أن بعض الألسنة في بعض الشعوب الإسلامية لا يتيسر لها أن تحسن النطق ببعض الحروف ولا ببعض اللهجات دون بعض فكيف يسوغ للصحابة وهم خير القرون أن يغلقوا باب الرحمة والتخفيف الذي فتحه الله لأمة الإسلام مخالفين في ذلك هدي الرسول عليه الصلاة و السلام في عمله للتخفيف بطلب تعدد الحروف وعلاجه للنزاع بين المختلفين بتقرير هذا التعدد للحروف ألا إن هذه ثغرة لا يمكن سدها وثلمة يصعب جبرها وإلا فكيف يوافق أصحاب رسول الله على ضياع ستة حروف نزل عليها القرآن دون أن يبقوا عليها مع أنها لم تنسخ ولم ترفع وعلى حين أن الرسول قرر بقوله وفعله أنه لا يجوز لأحد أيا كان أن يمنع أحدا أيا كان من القراءة بحرف من السبعة أيا كان، فقد صوب قراءة كل من المختلفين وقال لكل هكذا أنزلت وضرب في صدر أبي بن كعب حين استصعب عليه التسليم بهذا الإختلاف في القراءة، الى آخر ما شرحنا في الشاهدين الثالث والخامس من الشواهد الماضية. وقصارى القول أننا نربأ بأصحاب رسول الله أن يكونوا قد وافقوا أو فكروا فضلا عن أن يتآمروا على ضياع أحرف القرآن الستة دون نسخ لها.)) اهـ

ثم يذكر الزرقاني ملاحظة قوية جداً:
((ثم كيف يفعل عثمان ذلك وتوافقه الأمة ويتم الإجماع ثم يكون خلاف في معنى الأحرف السبعة مع قيام هذا الإجماع أي كيف تجمع الأمة على ترك ستة أحرف وإبقاء حرف واحد ثم يختلف العلماء في معنى الأحرف السبعة على أربعين قولا ويكادون يتفقون رغم خلافهم هذا على أن الأحرف السبعة باقية مع أن الإجماع حجة عند المسلمين وبه ينجلي ظلام الشك عن وجه اليقين.
ولنفرض جدلا أن نزاع المسلمين في أقطار الأرض أيام خلافة عثمان رضي الله عنه قضى عليه أن يجمع المسلمين على حرف واحد في القراءة فلماذا لم تسمح نفسه الكريمة بإبقاء الستة الأحرف الباقية للتاريخ لا للقراءة مع أن الضرورة تقدر بقدرها وهذه الستة الأحرف لم تنسخ لا تلاوة ولا حكما حتى تذهب بجرة قلم كذلك ثم يبخل عليها بالبقاء للتاريخ وحده في أعظم مرجع وأقدس كتاب وهو القرآن الكريم
على حين أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين حفظوا للتاريخ آيات نسخت تلاوتها ونسخت أحكامها جميعا، وعلى حين أنهم حفظوا قراءات شاذة في القرآن ثم نقلت إلينا وكتب لها الخلود إلى اليوم والى ما بعد اليوم
بل نقلوا إلينا أحاديث منسوخة وتناقل العلماء أحاديث موضوعة ونصوا على حكم كل منها وعلى إهمال العمل بها، ثم إن من عرف تحمس الصحابة لدينهم واستبسالهم في الدفاع عن حمى القرآن يستبعد كل البعد بل يحيل كل الإحالة أن يكونوا قد فعلوا ذلك أو أقل من ذلك، عاود ما قررناه في الشاهد السادس من شواهدنا الماضية وانظر إلى موقف عمر من هشام))اهـ
ثم يذكر الزرقاني اعتراضاً وجيهاً:
((أمر ثالث هو أن هؤلاء الذين شايعوا ذلك المذهب يلتزمون أن يقولوا إن اختلاف القراءات الحاصل اليوم يرجع كله إلى حرف واحد وهكذا شاء لهم رأيهم أن يجعلوا تلك الكثرة الغامرة القائمة الآن حرفا واحدا على ما بينها من اختلاف في الوجوه والأنواع وعلى رغم أن من القراءات الحاضرة ما يكون وجه الاختلاف فيه ناشئا عن وجود ألفاظ مترادفة في كلمة واحدة ومعنى واحد ومنها ما هو من لغات قبائل مختلفة كما نص على ذلك السيوطي في النوع السابع والثلاثين))اهـ
وملاحظة الزرقاني مهمة للغاية بل هى دليل قاطع على بطلان تأويلهم الاحرف السبعة، إذ لا يمكن أن تكون القراءات العشر منتمية إلى حرف واحد على الرغم من أنها تحقق معنى الاختلاف بين الأحرف السبعة وتحقق ما ضربوه من أمثلة لذلك: هلم وأقبل وتعال.
وإليك أمثلة على القراءات المتواترة التي حصل فيها مثل هذا الترادف:
البقرة/219 (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) (كَثِيرٌ) حمزة والكسائي.
البقرة/259 (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا) (نُنْشِرُهَا) نافع وأبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب.
نُنْشِزُهَا: نرفعها. نُنْشِرُهَا: نحييها.
النساء/ 94 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا) ومثله في الحجرات/6 (فَتَثَبَّتُوا) حمزة والكسائي وخلف.
يونس/22 (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) (يَنْشُرُكُمْ) ابن عامر وأبو جعفر.
العنكبوت/58 (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا) (لَنُثْوِيَنَّهُمْ) حمزة والكسائي وخلف.
الأحزاب/68 (رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَثِيرًا) (كَبِيرًا) عاصم.

وينتهي تأويلهم للأحرف السبعة تماماً حين نجد روايات متواترة تبين أنه مما يدخل في الأحرف السبعة تبديل النهايات التقليدية للآيات، على سبيل المثال جاء في سنن أبي داود:
1479 - ... عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « يَا أُبَىُّ إِنِّى أُقْرِئْتُ الْقُرْآنَ فَقِيلَ لِى عَلَى حَرْفٍ أَوْ حَرْفَيْنِ فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِى مَعِى قُلْ عَلَى حَرْفَيْنِ. قُلْتُ عَلَى حَرْفَيْنِ. فَقِيلَ لِى عَلَى حَرْفَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ. فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِى مَعِى قُلْ عَلَى ثَلاَثَةٍ. قُلْتُ عَلَى ثَلاَثَةٍ. حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ ثُمَّ قَالَ لَيْسَ مِنْهَا إِلاَّ شَافٍ كَافٍ إِنْ قُلْتَ سَمِيعًا عَلِيمًا عَزِيزًا حَكِيمًا مَا لَمْ تَخْتِمْ آيَةَ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ أَوْ آيَةَ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ ». صححه الألباني.اهـ
فالنبي هنا يجعل من الأحرف السبعة إبدال "سميع عليم " بـ "عزيز حكيم" وما شابهها، ومثل هذا ليس له أي علاقة باختلاف اللهجات والتيسير على الناس لاختلاف لغاتهم، كما أنه ليس فيه ترادف، فالمعنى هنا يختلف.

أما المثال الشهير الذي ضربوه على المراد من الأحرف السبعة، والذي يعود إلى ابن مسعود بل وجعلته بعض الروايات من قول النبي نفسه، وهو أن الأحرف السبعة كقولك: ((هلم، وأقبل، وتعال، وإليَّ، ونحوي، وقصدي، وقُربي))، فهذا لا يظهر منه اختلاف اللغات بل الظاهر أنها ترادفات قد تقع داخل اللغة الواحدة، وكإشارة على ذلك نجد أن القرآن الذي هو اليوم بحرف قريش فقط عند أصحاب التأويل محل النقاش، نجد القرآن قد استخدم الكلمتين (هلم) و (أقبل) لطلب المجيء، وذلك في القصص/31 (يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ) وفي الأحزاب/18 (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا).
ويتضح ذلك أكثر فيما سبق أن ذكره أبو شهبة كمثال على الأحرف السبعة وهو إبدال "فاسعوا" بـ "فامضوا" من قول القرآن (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) الجمعة/9 ، وهى قراءة ابن مسعود، فهنا ليس الأمر معنى واحداً بكلمتين مختلفتين لاختلاف اللغات، فالكلمة الأولى تفيد المشي السريع، ولكن الثانية لا تفيد ذلك، وقد صرح ابن مسعود بنفسه بمعرفته بالفرق بين اللفظين ولماذا يقرأ بالثانية حيث أنه قال: « لو كانت : ( فاسعوا ) لسعيت حتى يسقط ردائي » (هـ كتاب فضائل القرآن لأبي عبيد حديث رقم 562).

بعد كل ما سبق، فإن التأويل الذي ذهبت إليه الأكثرية بأن المراد من الأحرف السبعة هو سبع لغات في الكلمة الواحدة متفقة المعنى، هو تأويل غير صحيح، لأدلة ملخصها:
1- وردت روايات كثيرة بين فيها النبي أن تبديل (سميع عليم) بـ (عزيز حكيم) هو من الأحرف السبعة ، ما يناقض تأويلهم بأن التغير في الألفاظ مع اتفاق المعنى.
2- احتواء القرآن على كلمات غير قرشية على الرغم من زعمهم بأن القرآن اليوم على حرف قريش فقط.
3- وجود كلمات قرشية لها قراءة بلغة أخرى على الرغم من زعمهم انتماء القراءات العشر إلى حرف قريش فقط.
4- التناقض في جعل القراءات العشر منتمية إلى الأحرف السبعة دون أن تنطبق عليها الغاية من نزول الأحرف السبعة.
5- إجماع الأمة على إسقاط ستة أحرف من القرآن يتناقض مع واقع اختلاف المسلمين في معنى الأحرف السبعة.
6- القراءات العشر تحوي اختلافات ترادف على الرغم من انتماءها إلى حرف واحد، أي أنها تحوي وجوه اختلاف مطابقة لتأويلهم لوجوه اختلاف الأحرف السبعة.


إذاً رأينا فشل أبرز تأويلين للأحرف السبعة، ورأينا كيف ينقض التأويلات علماء المسلمين أنفسهم، فما هو التأويل الصحيح؟
لقد مر معنا في إحدى الروايات أن النبي قال لربه عن القراءة بحرف واحد "لا تطيقه أمتي"، فما معنى ذلك؟ لقد جاءت روايات أخرى بينت مراد النبي من ذلك وفصلته، إحدى هذه الروايات:
عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ لَقِىَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جِبْرِيلَ فَقَالَ « يَا جِبْرِيلُ إِنِّى بُعِثْتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمِّيِّينَ مِنْهُمُ الْعَجُوزُ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْغُلاَمُ وَالْجَارِيَةُ وَالرَّجُلُ الَّذِى لَمْ يَقْرَأْ كِتَابًا قَطُّ ». قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ. (الترمذي 3196 وقال: هذا حديث حسن صحيح وقد رُوي من غير وجه عن أبي بن كعب.)) اهـ (لمزيد من هذه الأحاديث راجع الملحق)
لو كان الداعي الأساسي إلى الأحرف السبعة هو التيسير لاختلاف لهجات العرب لقال النبي شيئاً يشير إلى ذلك، كأن يقول "إني بُعثت إلى أمة مختلفة الألسن"، ولكن، وبشكل بعيد عن ذلك نجد النبي يقول شيئاً مهماً للغاية، نجده يتحدث عن "الأمية" وعن الشيخ الذي لم يقرأ كتاباً في حياته، إن النبي بذلك يشير إلى واقع حال العرب حينها من الندرة الشديدة للقادرين على القراءة من المكتوب، وبأن التعويل عندهم في الحفظ على الذاكرة والتناقل الشفوي، وبذلك يتبين الوجه الحقيقي للتخفيف عن الناس ونزول الأحرف السبعة: فلأن القرآن يتلوه كل الناس ويصل ذلك إلى الوجوب في الصلوات، ولأن عامة الناس كانوا أميين غير قادرين على القراءة من المكتوب باستثناء فئة قليلة جداً، في بيئة كهذه فإن إلزام الجميع بشكل واحد متحجر للنص لا يحيدون عنه سيكون صعباً وثقيلاً عليهم، وسيصبح مدعاة إلى النفور من تلاوة القرآن، فأُسقطت هذه القيود عنهم، وسمح لهم النبي بألا يلتزموا بحرفية النص، فالمهم هو روح النص لا شكله ، فيجوز لهم أن يغيروا في الألفاظ والمعاني طالما أن ذلك لا ينال من روح النص ولا يصل إلى درجة التناقض، وهذا كان واضحاً في قول النبي ((إِنْ قُلْتَ سَمِيعًا عَلِيمًا عَزِيزًا حَكِيمًا مَا لَمْ تَخْتِمْ آيَةَ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ أَوْ آيَةَ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ)) فالنبي هنا يضرب مثالاً على تغيير النص بما يحافظ على روحه، فلا بأس أن يستبدل القاريء الخواتيم التقليدية للآيات فإن قلت (سميعاً عليماً) أو قلت (عزيزاً حكيماً) فالله كذلك، ولكن التغيير مشروط بألا يصل إلى التناقض وإفساد روح النص فيختم آية عذاب برحمة مثل "غفور رحيم" أو يختم آية رحمة بعذاب.
ومما يزيد كثيراً من المشقة في حمل الناس على نص واحد هو أن القرآن نثر وليس بشعر، فما يُقال عن حافظة العرب القوية وحفظهم للمعلقات الطوال يعود في جوهره إلى طبيعة الشعر المساعدة على الحفظ بسبب الوزن، ولذلك كان قليلاً جداً ما وصلنا من الأدب الجاهلي النثري على عكس ما حصل مع الشعر، والقرآن نثر ليس فيه وزن، لذلك لا ينطبق عليه ما يُقال عن إتقان العرب حينها لحفظ الشعر بكميات ضخمة، بل وحتى هذا الشعر له روايات كثيرة مختلفة تطال المعلقات نفسها، حيث كثيراً ما ترى فيها استبدال كلمات بكلمات أخرى على وزنها.
وسهولة نسيان القرآن يشهد لها النبي نفسه حين يقول كما ورد في البخاري ومسلم: « تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإِبِلِ فِى عُقُلِهَا » (مسلم رقم 1880 ، ورواه البخاري رقم 5032 بلفظ ((وَاسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ))
ويشهد لذلك أيضاً واقع النبي نفسه، حيث ثبت في البخاري ومسلم أن قراءة رجل ذكرته بآيات نسيها، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- يَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ رَجُلٍ فِى الْمَسْجِدِ. فَقَالَ « رَحِمَهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِى آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا ». (مسلم رقم 1874 والبخاري رقم 2655)
النبي الذي نزل عليه الوحي والذي هو أكثر الناس تلاوة للقرآن والذي كان يقوم ثلث الليل يقرأه، إذا كان مع ذلك ينسى آيات من القرآن، يتبين لك إذاً صحة ما قاله عن شدة تفلّت القرآن من الذاكرة، وما ذلك إلا لطبيعته النثرية. وبذلك يتبين لك أكثر لم خفف النبي عن الناس الالتزام بشكل واحد متحجر للنص، وهذا في الحقيقة مما يُحسب للنبي ودليل على إعراضه عن الشكليات والقشور، بخلاف حال المسلمين اليوم الذين لو رأى النبي حالهم وتشددهم في القرآن لتملكه الذهول.
ومما يؤكد ما ذهبنا إليه من تفسير الأحرف السبعة بأنها القراءة بالمعنى، ما قاله ابن مسعود:
((إني قد سمعت إلى القَرَأةِ، فوجدتُهم متقاربين فاقرأوا كما عُلِّمتم، وإياكم والتنطع، فإنما هو كقول أحدكم: هلم وتعال.)) اهـ (تفسير الطبري 1/50 فضائل القرآن لأبي عبيد رقم 617)
وقول محمد بن سيرين كما في تفسير الطبري 1/53:
... عن محمد، قال: نُبئت أن جبرائيل وميكائيل أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقال له جبرائيل: اقرأ القرآن على حرفين. فقال له ميكائيل: استزده. فقال: اقرإ القرآن على ثلاثة أحرف. فقال له ميكائيل: استزده. قال: حتى بلغ سبعة أحرف، قال محمد: لا تختلفُ في حلال ولا حرام، ولا أمرٍ ولا نهي، هو كقولك: تعال وهلم وأقبل، قال: وفي قراءتنا { إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً } [سورة يس: 29، 53]، في قراءة ابن مسعود (إن كانت إلا زقية واحدة). اهـ

يتبين من كل ما سبق المراد الصحيح بالأحرف السبعة، وهو: السماح بأن يغيّر القاريء في النص إلى أوجه مختلفة من المعاني أقصاها سبعة، بشرط ألا يحدث تناقض.
وهذا التأويل للأحرف السبعة يتميز بأنه المفهوم الأبسط والأوضح والأكثر توافقاً مع مختلف الروايات، على عكس تأويلات المسلمين المتخبطة والتي وصلت إلى أربعين قولاً، هم لم يقروا بصريح ما تفيده الروايات لتهربهم من الإقرار بالقراءة بالمعنى وأن النبي كان لا يكترث بشكل النص بل بمضمونه، وهذا عندهم ينافي ما يعتقدونه من إعجاز القرآن اللغوي، وينافي القدسية الحرفية التي يعتقدونها لنص القرآن.
يقول أبو شهبة ص201:
((وإن لنا لوقفة عند هذا الرأي الأخير، المجوّز لتبديل فواصل الآي بعضها ببعض مما هو من صفات الرب، فإن هذا خلاف الإجماع، ويؤدي إلى ذهاب بعض الإعجاز، فإن من إعجاز القرآن هذا التناسب والترابط القوي بين الآية وخاتمتها، فلو جاز إبدال خاتمة بأخرى لعاد بالخلل على إعجاز القرآن.))اهـ

ويقر الباقلاني في كتابه "الانتصار للقرآن"، وهو كتاب مرجعي في رد الإشكالات عن القرآن، يقر بأن التبديل بين خواتم الآي كان مسموحاً به، ولكنه مُنع ونُسخ بعد ذلك، يقول في الانتصار تعليقاً على روايات تبديل خواتم الآي 1/370:
((إن هذه الرواية إذا صحّت أو ثبتت؛ وجب أن يُحمل الأمر فيها على أن ذلك كان شائعاً مطلقاً ثم نُسخ ومُنع وأُخذ على الناس ألا يبدّلوا أسماء الله تعالى في آية وموضع من المواضع بغيره، مما هو بمعناه أو مخالف لمعناه، لأن ذلك مما قد اتفق المسلمون عليه، ولذلك لم يسغ أن يُقال قل أعوذ برب البشر مكان الناس، وقل أعوذ بخالق الناس مكان رب الناس، وتبارك الله أحسن المقدرين أو المخترعين أو المنشئين مكان قوله الخالقين، في أمثال ذلك مما قد اتُفق على منعه وحظره، فثبت أن هذا مما كان مطلقاً مباحاً، ونُسخ.
ويجوز أن يكون قد شُرع في صدر الإسلام أن يُجعل مكان الحرف الواحد مثل مكان عليم قدير، وأن يجعل مكانه مثله مثل مكان غفور رحيم، ثم نُسخ ذلك من بعد، فأما أن يُجعل مكانه ضده مثل مكان غفور شديد العقاب، فلم يكن ذلك جائزاً بالإجماع.)) اهـ
ويزيد الباقلاني الأمر وضوحاً حين يوسّع ذلك إلى دائرة التبديل إلى خارج خواتم الآي 371-372:
((... فقال بكير: وذُكر لي أنه قيل لسعيد بن المسيب: ما سبعة أحرف؟ فقال: كقولك هلم وتعال وأقبل، وكل ذلك سواء. وهذا التفسير وإن كان مما لا يلزمنا قوله والقطع على صحته لكونه مذهباً وقولاً لسعيد بن المسيب ولا سأل بكير عن ذلك سعيداً، وقوله: بلغنى أن سعيداً قيل له، ولم يذكر من بلّغه ذلك عن سعيد، فإنه يمكن أن يكون صحيحاً، وأن يكون الله سبحانه قد كان أباح للقاريء في صدر الإسلام أن يجعل مكان اسم الشيء المذكور في الآية غيره من أسمائه التي هى بمعنى ذلك الاسم، أو أباح ذلك في سبعة أسماء فقط، إما من أسماء الله تعالى أو من أسماء غيره، أو أباح ذلك في سبع كلمات ليس بأسماء له، معنى كل واحدة منها معنى الأخرى، وأطلق القراءة بأيها شاءوا وخيّرهم في إبدال الاسم والكلمة بما ه بمعناها في تلك السبع الكلمات أو الأسماء المخصوصة، ثم إنه سبحانه حظر ذلك بعد إباحته ومنع على بيّناه من قبل.)) اهـ
إذاً، لم يعد محل الخلاف هل أباح النبي القراءة بالمعنى أم لا، بل فقط هل استمر ذلك بعد وفاة النبي ولم يُنسخ، إذاً الباقلاني يتفق معنا في جوهر الموضوع.
أما إشارة الباقلاني إلى احتمال عدم صحة روايات تبديل خواتم الآي بقوله "إن هذه الرواية إن صحّت"، فأقول إن هذه الروايات متواترة حيث أنها وردت عن سبعة من الصحابة، وهم مع ذكر الرواة الذين نقلوا عنهم:
أبي بن كعب: سليمان بن صرد الخزاعي، وقتادة.
أبو هريرة: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، والمقبري.
أبو طلحة: ابنه عبد الله.
أبو بكرة: ابنه عبد الرحمن.
أنس بن مالك: عبد العزيز بن صهيب،وثابت، وحميد الطويل.
ابن عباس: مولاه عكرمة.
عبد الله بن مسعود: همام.
فهؤلاء سبعة من الصحابة روى عنهم 11 راوياً، وقد تأكدت من تواتر الطبقات الأخرى، إذاً فالخبر بتبديل خواتم الآي متواتر، ولا سبيل للتشكيك في صحته. راجع ملحق الأحاديث للإطلاع على الروايات التي جمعتها.

نصل الآن إلى حادثتين على قدر كبير من الأهمية، فبسبب ممارسة النبي للقراءة بالمعنى، ارتد صحابيان من كتبة القرآن:
المرتد الأول: لا توجد بيانات عن اسمه، كان نصرانياً من بني النجار، وأسلم، وكان شأنه في القرآن كبيراً عند الصحابة:
روى البخاري في صحيحه:
3617 - ... عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ مَا يَدْرِى مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ ، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ، لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا . فَأَلْقُوهُ فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ ، فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ . فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ ، وَأَعْمَقُوا لَهُ فِى الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا ، فَأَصْبَحَ قَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ .اهـ
قلت: بغض النظر عن الخرافة التي أضافها الرواة للنص للنيل من الرجل، فإن ما حصل مع هذا الصحابي المرتد توضحه روايات أخرى كثيرة، أصحها ما جاء في مسند أحمد:
12236 - ... عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ كَانَ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فِينَا - يَعْنِى عَظُمَ - فَكَانَ النَّبِىُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يُمْلِى عَلَيْهِ غَفُوراً رَحِيماً فَيَكْتُبُ عَلِيماً حَكِيماً فَيَقُولُ لَهُ النَّبِىُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ « اكْتُبْ كَذَا وَكَذَا اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ ». وَيُمْلِى عَلَيْهِ عَلِيماً حَكِيماً فَيَقُولُ اكْتُبْ سَمِيعاً بَصِيراً فَيَقُولُ اكْتُبِ اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ. فَارْتَدَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَنِ الإِسْلاَمِ فَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ وَقَالَ أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِمُحَمَّدٍ إِنْ كُنْتُ لأَكْتُبُ مَا شِئْتُ فَمَاتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ الأَرْضَ لَمْ تَقْبَلْهُ ».
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين اهـ (قلت: أي أن الشروط التي وضعها كل من البخاري ومسلم لقبول الروايات ووضعها في صحيحهما تنطبق على هذه الرواية)
قلت: وروى الأثر أيضاً كل من: مسلم في صحيحه، وابن حبان في صحيحه، وأبو يعلى في مسنده، وعبد بن حميد في مسنده، والبيهقي في سننه الصغرى ودلائل النبوة، وابن أبي داود في كتاب المصاحف، والطيالسي في مسنده، والهيثمي في موارد الظمآن.

المرتد الثاني: عبد الله بن أبي السرح، ارتد وعاد إلى مكة، ويوم الفتح كان من الذين أهدر دمهم النبي، فتوسط له عثمان عند النبي وتاب وأسلم.
نزلت فيه الآية التالية من سورة الأنعام:
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93)
(أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) نزلت في عبد الله بن أبي السرح، ذهب إلى ذلك عكرمة والسدي وقتادة ، ووافقهم الطبري ، انظر تفسيره للآية في ملحق الأحاديث.
وجاء في صحيح مسلم:
4086 - ... عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِى سُورَةِ النَّحْلِ (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ) إِلَى قَوْلِهِ (لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) فَنُسِخَ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ الَّذِى كَانَ عَلَى مِصْرَ كَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَزَلَّهُ الشَّيْطَانُ فَلَحِقَ بِالْكُفَّارِ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُقْتَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَاسْتَجَارَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَأَجَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. اهـ

ولكن لماذا ارتد؟ تخبرنا روايات أخرى بذلك، منها ما أورده الطبري في مقدمة تفسيره 1/54:
((حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: حدثنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيّب: أن الذي ذكر الله تعالى ذكره [أنه قال] { إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } [سورة النحل:103] إنما افتُتِن أنه كان يكتب الوحيَ، فكان يملي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: سميعٌ عليمٌ، أو عزيزٌ حكيمٌ، أو غير ذلك من خواتم الآي، ثم يشتغل عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو عَلى الوحي، فيستفهمُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فيقول: أعزيز حكيمٌ، أو سميعٌ عليم أو عزيز عليم؟ فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيّ ذلك كتبت فهو كذلك. ففتنه ذلك، فقال: إن محمدًا وكَلَ ذلك إليّ، فأكتبُ ما شئتُ. وهو الذي ذكر لي سعيد بن المسيب من الحروف السبعة .))اهـ

ومنها ما أورده ابن أبي حاتم في تفسيره:
7656 - ... سمعت أبا خلف الأعمى ، قال : كان ابن أبي سرح يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم الوحي ، فأتى أهل مكة فقالوا : يا ابن أبي السرح ، كيف كتبت لابن أبي كبشة القرآن ؟ قال : كنت أكتب كيف شئت ، فأنزل الله تعالى : ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا (1) ) اهـ

وفي طبقات ابن سعد 1/302
((وكان عبد الله بن سعد بن أبي سرح قد أسلم قديما ، وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي ، فربما أملى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سميع عليم (1) فكتب « عليم حكيم » فيقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : « كذلك الله » . ويقره . فافتتن عبد الله بن سعد وقال : ما يدري محمد ما يقول ، إني لأكتب له ما شئت ، هذا الذي كتبت يوحى إلي كما يوحى إلى محمد . وخرج هاربا من المدينة إلى مكة مرتدا))اهـ

ولكن يبرز هنا سؤال كبير: هل يعقل أن صحابيين من كتبة القرآن، وأحدهما كان شأنه كبيراً عند الصحابة، هل يعقل أنهما لم يكونا على علم بحديث الأحرف السبعة؟ ولم يعلما أن التغييرات التي كانوا يفعلونها تندرج داخل الأحرف السبعة؟ هذا مستبعد جداً، فإذا كان الذي يقوم بعمل بهذه الأهمية والخصوصية بالقرآن لا يعرف بحديث الأحرف السبعة، فمن هذا الذي سيعرف إذاً؟
هنا نصل إلى نقطة مهمة للغاية، وأدين بالفضل فيها إلى الدكتور عبد الصبور شاهين الذي ج


دراسات نقدية في تاريخ القرآن وفي إعجاز القرآن البياني - وليد غالب - 12-18-2008

ملحق الأحاديث


إني بعثت إلى أمة أميين

الترمذي
3196 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ لَقِىَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جِبْرِيلَ فَقَالَ « يَا جِبْرِيلُ إِنِّى بُعِثْتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمِّيِّينَ مِنْهُمُ الْعَجُوزُ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْغُلاَمُ وَالْجَارِيَةُ وَالرَّجُلُ الَّذِى لَمْ يَقْرَأْ كِتَابًا قَطُّ ». قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ. وَفِى الْبَابِ عَنْ عُمَرَ وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَأُمِّ أَيُّوبَ وَهِىَ امْرَأَةُ أَبِى أَيُّوبَ وَسَمُرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِى هُرَيْرَةَ وَأَبِى جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَبِى بَكْرَةَ. قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِىَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ.

تفسير الطبري
1/35
29- حدثنا أبو كريب قال حدثنا حسين بن علي، وأبو أسامة، عن زائدة، عن عاصم، عن زِرّ، عن أبيّ، قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المِرَاءِ فقال: إني بُعثتُ إلى أمة أمِّيِّين، منهم الغلامُ والخادمُ والشيخ العاسِي والعجوز، فقال جبريل: فليقرأوا القرآن على سبعة أحرف (2) . ولفظ الحديث لأبي أسامة.

مسند أحمد بن حنبل
21242 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن على الجعفي عن زائدة عن عاصم عن زر عن أبي قال : لقي رسول الله صلى الله عليه و سلم جبريل عليه السلام عند أحجار المرأى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لجبريل إني بعثت إلى أمة أميين فيهم الشيخ العاصي والعجوزة الكبيرة والغلام قال فمرهم فليقرؤوا القرآن على سبعة أحرف
تعليق شعيب الأرنؤوط : صحيح وهذا إسناد حسن من أجل عاصم
23446 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد يعنى بن سلمة عن عاصم عن زر عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لقيت جبريل عليه السلام عند أحجار المراء فقال يا جبريل إني أرسلت إلى أمة أمية الرجل والمرأة والغلام والجارية والشيخ الفاني الذي لا يقرأ كتابا قط قال إن القرآن نزل على سبعة أحرف
تعليق شعيب الأرنؤوط : صحيح لغيره وهذا إسناد حسن
23494 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا حماد عن عاصم عن زر عن حذيفة : أن جبريل عليه السلام لقي رسول الله صلى الله عليه و سلم عند حجارة المراء فقال يا جبريل إني أرسلت إلى أمة أمية إلى الشيخ والعجوز والغلام والجارية والشيخ الذي لم يقرأ كتابا قط فقال إن القرآن أنزل على سبعة أحرف
تعليق شعيب الأرنؤوط : صحيح لغيره

المسند للشاشي
1396 - حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، نا أبو النضر ، نا أبو معاوية ، عن عاصم ، عن زر ، عن أبي بن كعب ، قال : لقي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم جبريل عند أحجار المراء فقال : « يا جبريل إني بعثت إلى أمة أميين فيهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل العانس الذي لم يقرأ كتابا قط » . فقال : يا محمد القرآن أنزل على سبعة أحرف
1397 - حدثنا العباس ، نا عبيد الله ، نا شيبان ، عن عاصم ، عن زر ، عن أبي بن كعب ، قال : لقي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم جبريل عند أحجار المراء فقال : « يا جبريل إني بعثت إلى أمم فيهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل العانس الذي لم يقرأ كتابا قط » . فقال : يا محمد القرآن نزل على سبعة أحرف

المختارة للمقدسي
1168 أخبرنا محمود بن أحمد بن عبدالرحمن الثقفي بأصبهان أن سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي أخبرهم قراءة عليه أنا عبد الواحد البقال أنا عبيدالله أنا جدي إسحاق أنا أحمد بن منيع نا الحسن بن موسى نا شيبان عن عاصم عن زر عن أبي قال لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام فقال يا جبريل إني بعثت إلى أمة منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط فقال يا محمد إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ( إسناده صحيح )



النصراني من بني النجار

صحيح البخاري
3617 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ مَا يَدْرِى مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ ، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ ، لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا . فَأَلْقُوهُ فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ ، فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ . فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ ، وَأَعْمَقُوا لَهُ فِى الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا ، فَأَصْبَحَ قَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ .


صحيح مسلم
7217 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ - وَهُوَ ابْنُ الْمُغِيرَةِ - عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ مِنَّا رَجُلٌ مِنْ بَنِى النَّجَّارِ قَدْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَكَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى لَحِقَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ - قَالَ - فَرَفَعُوهُ قَالُوا هَذَا قَدْ كَانَ يَكْتُبُ لِمُحَمَّدٍ فَأُعْجِبُوا بِهِ فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللَّهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذًا.

صحيح ابن حبان
745 - أخبرنا عمر بن محمد الهمداني ، قال : حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا معتمر بن سليمان ، قال : سمعت حميدا ، قال : سمعت أنسا ، قال : كان رجل يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وكان قد قرأ البقرة ، وآل عمران عد فينا ذو شأن ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمل عليه : ( غفورا رحيما (1) ) ، فيكتب : « عفوا غفورا » ، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم : « اكتب » ، ويملي عليه : ( عليما حكيما (2) ) ، فيكتب « سميعا بصيرا » ، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم : « اكتب أيهما شئت » ، قال : فارتد عن الإسلام ، فلحق بالمشركين ، فقال : أنا أعلمكم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، إن كنت لأكتب ما شئت . فمات ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : « إن الأرض لن تقبله » ، قال : فقال أبو طلحة : فأتيت تلك الأرض التي مات فيها ، وقد علمت أن الذي ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال ، فوجدته منبوذا ، فقلت : ما شأن هذا ؟ فقالوا : دفناه فلم تقبله الأرض

مسند أحمد
13598 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ أَنْبَأَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَإِذَا أَمْلَى عَلَيْهِ سَمِيعاً يَقُولُ كَتَبْتُ سَمِيعاً بَصِيراً. قَالَ دَعْهُ وَإِذَا أَمْلَى عَلَيْهِ عَلِيماً حَكِيماً كَتَبَ عَلِيماً حَلِيماً. قَالَ حَمَّادٌ نَحْوَ ذَا. قَالَ وَكَانَ قَدْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَكَانَ مَنْ قَرَأَهُمَا قَدْ قَرَأَ قُرْآناً كَثِيراً فَذَهَبَ فَتَنَصَّرَ فَقَالَ لَقَدْ كُنْتُ أَكْتُبُ لِمُحَمَّدٍ مَا شِئْتُ فَيَقُولُ دَعْهُ.
فَمَاتَ فَدُفِنَ فَنَبَذَتْهُ الأَرْضُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً. قَالَ أَبُو طَلْحَةَ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ مَنْبُوذاً فَوْقَ الأَرْضِ. {3/246} تحفة 425 معتلى 326
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم
12236 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ كَانَ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فِينَا - يَعْنِى عَظُمَ - فَكَانَ النَّبِىُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يُمْلِى عَلَيْهِ غَفُوراً رَحِيماً فَيَكْتُبُ عَلِيماً حَكِيماً فَيَقُولُ لَهُ النَّبِىُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ « اكْتُبْ كَذَا وَكَذَا اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ ». وَيُمْلِى عَلَيْهِ عَلِيماً حَكِيماً فَيَقُولُ اكْتُبْ سَمِيعاً بَصِيراً فَيَقُولُ اكْتُبِ اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ. فَارْتَدَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَنِ الإِسْلاَمِ فَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ وَقَالَ أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِمُحَمَّدٍ إِنْ كُنْتُ لأَكْتُبُ مَا شِئْتُ فَمَاتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ الأَرْضَ لَمْ تَقْبَلْهُ ».
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين

السنن الصغرى للبيهقي
1028- أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمَشٍ الْفَقِيهُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَجُلا كَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَكَانَ قَدْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ ، وَآلَ عِمْرَانَ ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ ، وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فِيهِمَا ، فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُمْلِي عَلَيْهِ (غَفُورًا رَحِيمًا) ، فَيَقُولُ : أَكْتُبُ (عَلِيمًا حَكِيمًا) ، فَيَقُولُ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ وَيُمْلِي عَلَيْهِ (عَلِيمًا حَكِيمًا) ، فَيَقُولُ : أَكْتُبُ (سَمِيعًا بَصِيرًا) فَيَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ قَالَ : فَارْتَدَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَنِ الإِسْلامِ وَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ وَقَالَ : أَنَا أَعْلَمُكُمْ لِمُحَمَّدٍ ، إِنْ كُنْتُ لأَكْتُبُ كَيْفَ شِئْتُ فَمَاتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ الأَرْضَ لاَ تَقْبَلُهُ قَالَ أَنَسٌ : فَحَدَّثَنِي أَبُو طَلْحَةَ أَنَّهُ أَتَى الأَرْضَ الَّتِي مَاتَ فِيهَا فَوَجَدَهُ مَنْبُوذًا ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ : مَا شَأْنُ هَذَا الرَّجُلِ ؟ قَالُوا : دَفَنَّاهُ مِرَارًا فَلَمْ تَقْبَلْهُ الأَرْضُ
1029- ورواه أيضا ثابت ، عن أنس

مسند أبي يعلى
3813 - حدثنا جعفر ، حدثنا عبد الوارث ، عن عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس قال : كان رجل نصرانيا فأسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقرأ البقرة وآل عمران ، قال : فكان يكتب لنبي الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فعاد نصرانيا فكان يقول : « ما أرى يحسن محمد إلا ما كنت أكتب له » ، فأماته الله فأقبروه ، فأصبح قد لفظته الأرض ، قالوا : هذا عمل محمد وأصحابه ، إنما لم يرض دينهم ، نبشوا عن صاحبنا فأتوه ، قال : فحفروا له فأعمقوا ، فأصبح وقد لفظته الأرض ، فقالوا : هذا عمل محمد وأصحابه ، نبشوا عن صاحبنا فألقوه ، قال : فحفروا له فأعمقوا في الأرض ما استطاعوا ، فأصبح وقد لفظته الأرض ، فعلموا أنه ليس من الناس ، وأنه من الله عز وجل ، فألقوه


كتاب المصاحف لابن أبي داود
7- حدثنا عبد الله قال حدثنا يونس بن حبيب قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك ، « أن رجلا كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا أملى عليه : سميعا بصيرا (1) كتب سميعا عليما (2) وإذا أملى عليه : سميعا عليما كتب سميعا بصيرا وكان قد قرأ البقرة و آل عمران وكان من قرأهما قرأ قرآنا كثيرا فتنصر الرجل وقال : إنما كنت أكتب ما شئت عند محمد قال : فمات فدفن فلفظته الأرض ثم دفن فلفظته الأرض فقال أنس : قال أبو طلحة : فأنا رأيته منبوذا (3) على وجه الأرض »

دلائل النبوة للبيهقي
3050 - أخبرنا أبو عبد الله قال : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال : حدثنا أبو النصر قال : حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك قال : « كان منا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران ، وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق هاربا ، حتى لحق بأهل الكتاب قال : فرفعوه . قالوا : هذا كان يكتب لمحمد ، فأعجبوا به ، فما لبث أن قصم الله عنقه فحفروا له ، فواروه (1) ، فأصبحت الأرض قد نبذته (2) على وجهها ، فتركوه منبوذا » رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع عن أبي النضر زاد فيه غيره عن سليمان مرارا

مسند عبد حميد
1357 - حدثني سليمان بن حرب ، ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، أن رجلا ، كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ، فإذا أملى عليه سميعا عليما كتب سميعا بصيرا ، أو نحو هذا ، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم : « ما كتبت ؟ » فيقول : كذا وكذا قال : فيقول : « دعه » قال : وكان قرأ البقرة ، وآل عمران وكان من قرأهما قد قرأ قرآنا كثيرا ، فذهب بعد فقال : أنا أعلم الناس بمحمد قد كان يملي علي ، فأكتب غير ما يقول : فيقول لي : « ما كتبت ؟ » فأقول : كذا وكذا ، فيقول : « دعه » فمات فنبذته (1) الأرض ، ثم دفن فنبذته الأرض . قال أبو طلحة : « فذهبت حتى رأيته منبوذا »
1283 - وحدثني هاشم بن القاسم قال : ثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس قال : « كان منا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة ، وآل عمران وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق هاربا حتى لحق بأهل الكتاب قال : فرفعوه ، قالوا : هذا كان يكتب لمحمد وأعجبوا به فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم فحفروا له ، وواروه (1) فأصبحت الأرض قد نبذته (2) على وجهها ، ثم عادوا فحفروا له ، وواروه فأصبحت الأرض ، قد نبذته على وجهها ، فتركوه منبوذا (3) »
1357 - حدثني سليمان بن حرب ، ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، أن رجلا ، كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ، فإذا أملى عليه سميعا عليما كتب سميعا بصيرا ، أو نحو هذا ، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم : « ما كتبت ؟ » فيقول : كذا وكذا قال : فيقول : « دعه » قال : وكان قرأ البقرة ، وآل عمران وكان من قرأهما قد قرأ قرآنا كثيرا ، فذهب بعد فقال : أنا أعلم الناس بمحمد قد كان يملي علي ، فأكتب غير ما يقول : فيقول لي : « ما كتبت ؟ » فأقول : كذا وكذا ، فيقول : « دعه » فمات فنبذته (1) الأرض ، ثم دفن فنبذته الأرض . قال أبو طلحة : « فذهبت حتى رأيته منبوذا »

مسند الطيالسي
2120 - حدثنا يونس ، حدثنا أبو داود قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، « أن رجلا كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان إذا أملى عليه : ( سميعا بصيرا (1) ) ، كتب : ( سميعا عليما (2) ) ، فإذا كان : ( سميعا عليما ) كتب : ( سميعا بصيرا ) ، وكان قد قرأ البقرة وآل عمران ، وكان من قرأهما فقد قرأ قرآنا كثيرا ، قال : فتنصر الرجل ، وقال : إنما كنت أكتب ما شئت عند محمد ، قال : فمات فدفن فلفظته الأرض ثم دفن فلفظته الأرض قال أنس : قال أبو طلحة : » فأنا رأيته منبوذا على ظهر الأرض «

موارد الظمآن 1/365
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت حميدا قال سمعت أنسا قال كان رجل يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم وكان قرأ البقرة وآل عمران وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران عد فينا ذا شأن وكان النبي صلى الله عليه وسلم يملي عليه غفورا رحيما فيكتب عفوا غفورا فيقول النبي صلى الله عليه وسلم اكتب ويملي عليه عليما حكيما فيكتب سميعا بصيرا فيقول النبي صلى الله عليه وسلم اكتب أيهما شئت فارتد فلحق بالمشركين فقال أنا أعلمكم بمحمد إن كنت لأكتب ما شئت فمات فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الأرض لن تقبله قال أبو طلحة فأتيت تلك الأرض التي مات فيها وقد علمت أن الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم كما قال فوجدته منبوذا فقلت ما شأن هذا فقالوا دفناه فلم تقبله الأرض


عبد الله بن أبي السرح

صحيح مسلم
4086 - أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا عَلِىُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ أَخْبَرَنِى أَبِى عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِىِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِى سُورَةِ النَّحْلِ (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ) إِلَى قَوْلِهِ (لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) فَنُسِخَ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ الَّذِى كَانَ عَلَى مِصْرَ كَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَزَلَّهُ الشَّيْطَانُ فَلَحِقَ بِالْكُفَّارِ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُقْتَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَاسْتَجَارَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَأَجَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-.

المستدرك على الصحيحين للحاكم
3318 - أخبرنا أبو زكريا العنبري ، ثنا محمد بن عبد السلام ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، أنبأ علي بن الحسين بن واقد ، حدثني أبي ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، في قوله عز وجل « ( ما ننسخ من آية (1) ) الآية . وقال في سورة النحل ( وإذا بدلنا آية مكان آية (2) ) وقال في قوله عز وجل ( ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا (3) ) الآية . قال : هو عبد الله بن سعد أو غيره الذي كان واليا بمصر ، يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فزل فلحق بالكفار ، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل يوم الفتح فاستجار له عثمان بن عفان رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجاره رسول الله صلى الله عليه وسلم » « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه »
تعليق الذهبي في التلخيص : صحيح

السنن الكبرى للنسائي
(3532) أخبرنا زكريا بن يحيى قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أنبأنا علي بن الحسين بن واقد قال أخبرني أبي عن يزيد النحوي عن عكرمة عن بن عباس قال في سورة النحل من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره إلى قوله لهم عذاب عظيم فنسخ واستثنى من ذلك فقال ثم إن ربك للذين هاجروا من بعدما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم وهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح الذي كان على مصر كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار فأمر به أن يقتل يوم الفتح فاستجار له عثمان بن عفان فأجاره رسول الله صلى الله عليه وسلم

تفسير الطبري 1/54
حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أنبأنا ابن وهب، قال: حدثنا يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيّب: أن الذي ذكر الله تعالى ذكره [أنه قال] { إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } [سورة النحل:103] إنما افتُتِن أنه كان يكتب الوحيَ، فكان يملي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: سميعٌ عليمٌ، أو عزيزٌ حكيمٌ، أو غير ذلك من خواتم الآي، ثم يشتغل عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو عَلى الوحي، فيستفهمُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فيقول: أعزيز حكيمٌ، أو سميعٌ عليم أو عزيز عليم؟ فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيّ ذلك كتبت فهو كذلك. ففتنه ذلك، فقال: إن محمدًا وكَلَ ذلك إليّ، فأكتبُ ما شئتُ. وهو الذي ذكر لي سعيد بن المسيب من الحروف السبعة (2) .
(2) الحديث 57- هذا الحديث ذكره الطبري مرة أخرى بهذا اللفظ نفسه في تفسير سورة النحل: 103، بغير هذه الزيادة التي وضعناها بين القوسين. وهو بغير هذه الزيادة يوهم أن الذي نزل فيه "إنما يعلمه بشر"، هو كاتب الوحي الذي افتتن. مع أنه أراد إن الذي قال "إنما يعلمه بشر" هو كاتب الوحي الذي افتتن: وصدر كلام الطبري في تفسير سورة النحل يقطع بذلك قال: "وقيل إن الذي قال ذلك رجل كاتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد عن الإسلام. ذكر من قال ذلك.." ثم روى هذا الخبر، فنفى ما قدمه هذا الوهم الذي يشكل على قارئه في هذا المكان. وكاتب الوحي الذي ارتد هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري القرشي، وهو ليس بأعجمي، وإنما قالوا إنه هو الذي ذكره الله تعالى في قوله. "ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أو قال أوحى إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله" [سورة الأنعام: 93] وأما المعنى بقوله "إنما يعلمه بشر" فقد اختلفوا في تحقيقه، قالوا: قين بمكة نصراني يقال له بلعام، أو يعيش غلام لبني المغيرة، أو جبر النصراني غلام بني بياضة.
وقد ذكره السيوطي في الدر المنثور 4: 131 وقال في صدره: "إن الذي ذكر الله في كتابه أنه قال: إنما يعلمه..."، فأثبتنا الزيادة منه لذلك.

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93) الأنعام
تفسير الطبري
11/533-536
قال أبو جعفر: يعني جل ذكره بقوله:"ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا"، ومن أخطأ قولا وأجهل فعلا ="ممن افترى على الله كذبًا"، يعني: ممن اختلق على الله كذبًا، (1) فادعى عليه أنه بعثه نبيًّا وأرسله نذيرًا، وهو في دعواه مبطل، وفي قيله كاذب.
* * *
وهذا تسفيهٌ من الله لمشركي العرب، وتجهيلٌ منه لهم، في معارضة عبد الله بن سعد بن أبي سرح، والحنفيِّ مسيلمة، لنبي الله صلى الله عليه وسلم، بدعوى أحدهما النبوّة، ودعوى الآخر أنه قد جاء بمثل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم = ونفْيٌ منه عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم اختلاقَ الكذب عليه ودعوى الباطل.
* * *
وقد اختلف أهل التأويل في ذلك.
فقال بعضهم فيه نحو الذي قلنا فيه.
* ذكر من قال ذلك:
13555 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قوله:"ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أو قال أوحي إليّ ولم يوح إليه شيء"، قال: نزلت في مسيلمة أخي بني عدي بن حنيفة، فيما كان يسجع ويتكهن به ="ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله"، نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، أخي بني عامر بن لؤي، كان كتب للنبي صلى الله عليه وسلم، (2) وكان فيما يملي"عزيز حكيم"، فيكتب"غفور رحيم"، فيغيره، ثم يقرأ عليه"كذا وكذا"، لما حوَّل، فيقول:"نعم، سواءٌ". فرجع عن الإسلام ولحق بقريش وقال لهم: لقد كان ينزل عليه"عزيز حكيم" فأحوِّله، ثم أقرأ ما كتبت، (3) فيقول:"نعم سواء" ! ثم رجع إلى الإسلام قبل فتح مكة، إذ نزل النبي صلى الله عليه وسلم بمرّ. (1)
* * *
وقال بعضهم: بل نزل ذلك في عبد الله بن سعد خاصة .
* ذكر من قال ذلك:
13556 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط، عن السدي:"ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أو قال أوحي إليّ ولم يوحَ إليه شيء" إلى قوله:" تجزون عذاب الهون" . قال: نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، أسلم، وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أملى عليه:"سميعًا عليمًا"، كتب هو:"عليمًا حكيمًا"، وإذا قال:"عليمًا حكيمًا" كتب:"سميعًا عليمًا"، فشكّ وكفر، وقال: إن كان محمد يوحى إليه فقد أوحي إليّ، وإن كان الله ينزله فقد أنزلت مثل ما أنزل الله ! قال محمد:"سميعًا عليمًا" فقلت أنا:"عليمًا حكيمًا" ! فلحق بالمشركين، ووشى بعمار وجبير عند ابن الحضرمي، أو لبني عبد الدار. فأخذوهم فعُذِّبوا حتى كفروا، وجُدِعت أذن عمار يومئذ. (2) فانطلق عمار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما لقي، والذي أعطاهم من الكفر، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتولاه، فأنزل الله في شأن ابن أبي سرح وعمار وأصحابه: { مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا }
سورة النحل :106] ، فالذي أكره: عمار وأصحابه = والذي شرح بالكفر صدرًا، فهو ابن أبي سرح. (1)


تفسير ابن أبي حاتم
7656 - حدثنا أبي ، ثنا ابن نفيل الحراني ، ثنا مسكين بن بكير ، عن معان بن رفاعة ، قال : سمعت أبا خلف الأعمى ، قال : كان ابن أبي سرح يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم الوحي ، فأتى أهل مكة فقالوا : يا ابن أبي السرح ، كيف كتبت لابن أبي كبشة القرآن ؟ قال : كنت أكتب كيف شئت ، فأنزل الله تعالى : ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا (1) )
7658 - أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، فيما كتب إلي ، ثنا أحمد بن المفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي ، قوله : ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء (1) ) قال : نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي ، أسلم وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا أملى عليه ( سميعا عليما (2) ) كتب : ( عليما حكيما (3) ) ، وإذا قال : ( عليما حكيما ) كتب : ( سميعا عليما ) فشك وكفر : إن كان محمد يوحى إليه فقد أوحي إلي
7661 - أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي ، قال : ( ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله (1) ) قال : نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي السرح القرشي ، كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم ، قال : إن كان الله ينزله فقد أنزلت مثل ما أنزل الله ، قال محمد : ( سميعا عليما (2) ) فقلت أنا : ( عليما حكيما (3) )
10031 - حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون الإسكندراني ، ثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا محمد سعيد بن بشير ، عن قتادة ، قال : قال الله تبارك وتعالى : « ( وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم (1) ) ، قال : إن عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم الوحي فنافق فلحق بالمشركين بمكة وقال : والله أن كان محمد لا يكتب إلا ما شئت ، فسمع بذلك رجل من الأنصار حلف لإن أمكنه الله منه ليضربه ضربة بالسيف ، فلما كان يوم فتح مكة جاء به عثمان بن عفان ، فكانت بينهما رضاعة ، فقال : يا رسول الله هذا عبد الله قد أقبل نادما فأعرض عنه ، وأقبل الأنصاري معه سيف فأطاف به ثم مد رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ليبايعه ، وقال للأنصاري : لقد تلومت به اليوم ، فقال الأنصاري : فهلا أومضت (2) ؟ قال : لا ينبغي لنبي أن يومض »


طبقات ابن سعد 1/302
بد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ، وأمه مهانة بنت جابر ، من الأشعريين ، فولد عبد الله بن سعد : محمدا ، وأمه بنت حمزة بن السرح بن عبد كلال ، وعياضا ، لأم ولد ، وأم كلثوم ، وأمها من حمير ، ورملة ، وأمها أم سعيد بنت نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، وأم جميل ، ودعد ، وأم الفضل ، وأم عمرو ، لأمهات أولاد . قالوا : وكان عبد الله بن سعد بن أبي سرح قد أسلم قديما ، وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي ، فربما أملى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سميع عليم (1) فكتب « عليم حكيم » فيقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : « كذلك الله » . ويقره . فافتتن عبد الله بن سعد وقال : ما يدري محمد ما يقول ، إني لأكتب له ما شئت ، هذا الذي كتبت يوحى إلي كما يوحى إلى محمد . وخرج هاربا من المدينة إلى مكة مرتدا ، فأهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه يوم الفتح . فجاء إلى عثمان بن عفان ، وكان أخاه في الرضاعة ، فقال : « يا أخي ، إني والله قد اخترتك على غيرك ، فاحبسني هاهنا ، واذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه في ، فإن محمدا إن رآني ضرب الذي فيه عيناي ، إن جرمي أعظم الجرم ، وقد جئتك تائبا . فقال عثمان : بل اذهب معي . فقال عبد الله : والله لئن رآني ليضربن عنقي ولا يناظرني ، قد أهدر دمي ، وأصحابه يطلبونني في كل موضع . فقال عثمان : انطلق معي ، فلا يقتلك إن شاء الله . فلم يرع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعثمان آخذ بيد عبد الله بن سعد بن أبي سرح واقفين بين يديه . فأقبل عثمان على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن أمه كانت تحملني وتمشيه ، وكانت ترضعني وتفطمه ، وكانت تلطفني وتتركه ، فهبه لي . فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعل عثمان كلما أعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم بوجهه استقبله ، فيعيد عليه هذا الكلام ، وإنما أعرض النبي صلى الله عليه وسلم إرادة أن يقوم رجل فيضرب عنقه لأنه لم يؤمنه ، فلما رأى أن لا يقوم أحد ، وعثمان قد أكب على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ، وهو يقول : يا رسول الله ، تبايعه فداك أبي وأمي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » نعم « ، ثم التفت إلى أصحابه فقال : » ما منعكم أن يقوم رجل منكم إلى هذا الكلب فيقتله ، أو قال : « الفاسق » ؟ . فقال عباد بن بشر : ألا أومأت إلي يا رسول الله ؟ فوالذي بعثك بالحق ، إني لأتبع طرفك في كل ناحية ، رجاء أن تشير إلي فأضرب عنقه . ويقال : قال : هذا أبو اليسر ، ويقال : عمر بن الخطاب ، ولعلهم قالوه جميعا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إني لا أقتل بالإشارة » ، وقائل يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال يومئذ : « إن النبي لا تكون له خائنة الأعين » ، فبايعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام . وجعل عبد الله بعد ذلك كلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يفر منه ، فقال عثمان لرسول الله صلى الله عليه وسلم : بأبي أنت وأمي ، لو ترى ابن أم عبد الله يفر منك كلما رآك . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : « أولم أبايعه وأؤمنه » فقال : بلى ، أي رسول الله ، ولكنه يتذكر عظيم جرمه في الإسلام . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « الإسلام يجب ما كان قبله » ، فرجع عثمان إلى عبد الله بن سعد فأخبره ، فكان يأتي فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس بعد ذلك


تبديل خواتم الآي


سنن أبي داود
1479 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِىُّ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ الْخُزَاعِىِّ عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « يَا أُبَىُّ إِنِّى أُقْرِئْتُ الْقُرْآنَ فَقِيلَ لِى عَلَى حَرْفٍ أَوْ حَرْفَيْنِ فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِى مَعِى قُلْ عَلَى حَرْفَيْنِ. قُلْتُ عَلَى حَرْفَيْنِ. فَقِيلَ لِى عَلَى حَرْفَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ. فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِى مَعِى قُلْ عَلَى ثَلاَثَةٍ. قُلْتُ عَلَى ثَلاَثَةٍ. حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ ثُمَّ قَالَ لَيْسَ مِنْهَا إِلاَّ شَافٍ كَافٍ إِنْ قُلْتَ سَمِيعًا عَلِيمًا عَزِيزًا حَكِيمًا مَا لَمْ تَخْتِمْ آيَةَ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ أَوْ آيَةَ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ ».
قال الشيخ الألباني : صحيح

صحيح ابن حبان
744 - أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : أخبرنا عبدة بن سليمان ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : « أنزل القرآن على سبعة أحرف » . حكيما ، عليما ، غفورا ، رحيما . قول محمد بن عمرو ، أدرجه في الخبر ، والخبر إلى سبعة أحرف فقط

مسند أحمد
8372 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمرو ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنزل القرآن على سبعة أحرف عليما حكيما غفورا رحيما
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عمرو
9676 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بن نمير قال ثنا محمد يعني بن عمرو قال ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ان الله عز و جل أنزل القرآن على سبعة أحرف عليم حكيم غفور رحيم
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن
20441 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : أتاني جبريل وميكائيل عليهما السلام فقال جبريل عليه السلام اقرأ القرآن على حرف واحد فقال ميكائيل استزده قال اقرأه على سبعة أحرف كلها شاف كاف ما لم تختم آية رحمة بعذاب أو آية عذاب برحمة
تعليق شعيب الأرنؤوط : صحيح لغيره وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد : وهو ابن جدعان وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم
20533 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة : أن جبريل عليه السلام قال يا محمد اقرأ القرآن على حرف قال ميكائيل عليه السلام استزده فاستزاده قال اقرأه على حرفين قال ميكائيل استزده فاستزاده حتى بلغ سبعة أحرف قال كل شاف كاف ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب نحو قولك تعال وأقبل وهلم واذهب وأسرع واعجل
تعليق شعيب الأرنؤوط : صحيح لغيره دون قوله في آخره : " نحو قولك : تعال وأقبل وهلم ...إلخ " وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد
21187 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا همام عن قتادة عن يحيى بن يعمر عن سليمان بن صرد عن أبي بن كعب قال : قرأت آية وقرأ بن مسعود خلافها فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت ألم تقرئنى آية كذا وكذا قال بلى فقال بن مسعود ألم تقرئنيها كذا وكذا فقال بلى كلاكما محسن مجمل قال فقلت له فضرب صدري فقال يا أبي بن كعب انى أقرئت القرآن فقيل لي على حرف أو على حرفين قال فقال الملك الذي معي على حرفين فقلت على حرفين فقال على حرفين أو ثلاثة فقال الملك الذي معي على ثلاثة فقلت على ثلاثة حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها الا شاف كاف ان قلت غفورا رحيما أو قلت سميعا عليما أو عليما سميعا فالله كذلك ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين

تفسير الطبري 1/22
8- حدثني عبيد بن أسباط بن محمد، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزل القرآن على سبعة أحرف، عليمٌ حكيم، غفورٌ رحيم (2) .
(2) الحديث 8، 9- رواه أحمد في المسند (8372 ج2 ص 332 حلبي) عن محمد بن بشر، و (9676 ج 2 ص 440) عن ابن نمير، كلاهما عن محمد بن عمرو، وهو محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، وهو ابن عبد الرحمن بن عوف. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 151 جعله رواية أخرى للحديث الأول، ثم قال: "رواه كله أحمد بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح. ورواه البزار بنحوه". وسيأتي حديث آخر لأبي هريرة، برقم: 45.
1/26
16- حدثني أحمد بن منصور، قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثنا حرب بن ثابت من بني سُلَيم، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه، عن جده، قال: قرأ رجل عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فغيَّر عليه، فقال: لقد قرأتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يغيِّر عليَّ. قال: فاختصما عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال: بلى! قال: فوقع في صدر عمرَ شيء، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في وجهه، قال: فضربَ صدره وقال: ابعَدْ شيطانًا -قالها ثلاثًا- ثم قال: يا عمرُ، إن القرآن كلَّه صواب، ما لم تجعلْ رحمةً عذابًا أو عذابا رحمةً (1) .
(صححه شاكر، وله في ذلك كلام طويل)

1/43
40- حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا زيد بن الحُبَاب، عن حمّاد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال جبريل: اقرأوا القرآنَ على حرف. فقال ميكائيل: استزده. فقال: على حرفين. حتى بلغَ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شافٍ كافٍ، ما لم يختم آيةَ عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب. كقولك: هلمَّ وتعالَ (2) .
1/45
45- حدثنا عمرو بن عثمان العثماني، قال: حدثنا ابن أبي أويس، قال: حدثنا أخي، عن سليمان بن بلال، عن محمد بن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ولا حرَج، ولكن لا تختموا ذكرَ رحمة بعذابٍ، ولا ذكر عذابٍ برحمة (1) .
(1) الحديث 45- ابن أبي أويس: هو إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس المدني، ابن أخت مالك بن أنس ونسيبه. أخوه: هو أبو بكر عبد الرحمن بن عبد الله. والمقبري: هو سعيد بن أبي سعيد.
وهذا الحديث، بهذا الإسناد واللفظ، لم أجده في موضع آخر، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد مضى لأبي هريرة حديثان بثلاثة أسانيد، بالأرقام: 7-9.

مصنف ابن أبي شيبة
30119- حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نزل القرآن على سبعة أحرف " عليما حكيما غفورا رحيما ".
30122- حدثنا زيد بن حباب عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم : اقرأ القرآن على حرف ، فقال له ميكائيل : استزده ، فقال : حرفين ، ثم قال : استزده ، حتى بلغ سبعة أحرف ، كلها شاف كاف كقولك : هلم وتعال ، ما لم يختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب برحمة

مصنف عبد الرزاق
5985 - عبد الرزاق عن الثوري عن الاعمش عن إبراهيم قال : قال عبد الله : ليس الخطأ أن تقرأ بعض القرآن في بعض ، ولا [ أن ] تختم آية " غفور رحيم " بعليم حكيم " أو " بعزيز حكيم " ولكن الخطأ أن تقرأ ما ليس فيه ، أو تختم آية رحمة بآية عذاب.
(20371) - أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : قال لي أبي بن كعب اختلفت أنا ورجل من أصحابي في آية ، فترافعنا فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : اقرأ يا أبي ! فقرأت ، ثم قال للاخر : اقرأ ! فقرأ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كلاكما محسن مجمل ، فقلت : ما كلانا محسن مجمل ؟ قال : فدفع النبي صلى الله عليه وسلم في صدري فقال لي : إن القرآن أنزل علي ، فقيل لي : على حرف أو على حرفين ؟ قلت : بل على حرفين ، ثم قيل لي : على حرفين أو ثلاثة ؟ فقلت : بل على ثلاثة ، حتى انتهى إلى سبعة أحرف ، كلها شاف كاف ما لم تخلط آية
رحمة بآية عذاب ، أو آية عذاب بآية رحمة ، فإذا كانت (1) (عزيز حكيم) فقلت (سميع عليم) فإن (2) الله سميع عليم (3).

شعب الإيمان للبيهقي
2194 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو منصور النضروي ، حدثنا أحمد بن نجدة ، حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم عن همام ، قال : قال عبد الله : « ليس الخطأ أن يقرأ ( غفور رحيم (1) ) مكان ( عزيز حكيم (2) ) ولكن الخطأ أن يقرأ ما ليس منه أو يختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب بآية رحمة » قال البيهقي رحمه الله : « يعني والله أعلم ليس الخطأ المأثوم به مخطئه أن يقرأه هكذا لأن الذي قرأه من جملة ما نزل من القرآن وهو من أسماء الله عز وجل فلا يأثم بقراءته في غير موضعه ، والله أعلم »

السنن الصغرى للبيهقي
1024- وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ ، أَنْ يَقُولَ : (عَلِيمًا حَكِيمًا) ، (غَفُورًا رَحِيمًا) ، (سَمِيعًا بَصِيرًا) مَا هُوَ مِنْ أَسَامِي الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ ، فَلا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا بَدَلَ الآخَرِ مَا لَمْ يَخْتِمْ آيَةَ رَحْمَةٍ بِآيَةِ عَذَابٍ ، أَوْ آيَةَ عَذَابٍ بِآيَةِ رَحْمَةَ ، وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ هَذَا بِمَا
1025- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ عَلِيمًا حَكِيمًا غَفُورًا رَحِيمًا
10256- وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، حَدَّثَنِي أَخِي ، ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْمُؤَذِّنُ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَنْبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَؤُوا وَلا حَرَجَ وَلَكِنْ لاَ تَخْتِمُوا ذِكْرَ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ وَلا ذِكْرَ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ
1027- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ : قَرَأْتُ آيَةً وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ قِرَاءَةً خِلافَهَا ، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَقُلْتُ : أَلَمْ تُقْرِئْنِي آيَةَ كَذَا وَكَذَا ؟ قَالَ : بَلَى قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : أَلَمْ تُقْرِئْنِيهَا كَذَا وَكَذَا ؟ قَالَ : بَلَى ، كِلاكُمَا مُحْسِنٌ مُجْمِلٌ ، فَقُلْتُ : مَا كِلانَا أَحْسَنَ وَلا أَجْمَلَ ، قَالَ : فَضَرَبَ صَدْرِي وَقَالَ : يَا أُبَيُّ ، إِنِّي أُقْرِئْتُ الْقُرْآنَ فَقِيلَ لِي عَلَى حَرْفٍ أَمْ عَلَى حَرْفَيْنِ ؟ فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعِي عَلَى حَرْفَيْنِ ، فَقُلْتُ : عَلَى حَرْفَيْنِ ، فَقِيلَ لِي : عَلَى حَرْفَيْنِ أَمْ ثَلاثَةٍ ؟ ، فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي مَعِي : عَلَى ثَلاثَةٍ ، فَقُلْتُ : ثَلاثَةٌ حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ ، قَالَ : لَيْسَ فِيهَا إِلاَّ شَافٍ كَافٍ ، قُلْتُ : (غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، (عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ، (سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ، (عَزِيزٌ حَكِيمٌ) نَحْوَ هَذَا مَا لَمْ يَخْتِمْ آيَةَ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ أَوْ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ

سنن البيهقي الكبرى
3802 - وأنبأ أبو محمد بن يوسف أنبأ أبو سعيد بن الأعرابي ثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال ثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة حدثني يحيى بن يعمر عن سليمان بن صرد عن أبي بن كعب قال : قرأت آية وقرأ بن مسعود قراءة خلافها فأتينا النبي صلى الله عليه و سلم فقلت ألم تقرئني آية كذا وكذا قال بلى قال بن مسعود ألم تقرئنيها كذا وكذا قال بلى قال كلاكما محسن مجمل قلت ما كلانا أحسن ولا أجمل قال فضرب في صدري وقال يا أبي أقرئت القرآن فقيل لي على حرف أم على حرفين فقال الملك الذي معي على حرفين فقلت على حرفين فقيل لي على حرفين أم ثلاثة فقال لي الملك الذي معي على ثلاثة فقلت ثلاثة حتى بلغ سبعة أحرف قال ليس فيها إلا شاف كاف قلت غفور رحيم عليم حليم سميع عليم عزيز حكيم نحو هذا ما لم تختم آية عذاب برحمة أو رحمة بعذاب ورواه معمر عن قتادة فأرسله

موارد الظمآن 1/440
أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إب