حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
حتى نغفر لأنفسنا ميشال سورا - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3)
+--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57)
+--- الموضوع: حتى نغفر لأنفسنا ميشال سورا (/showthread.php?tid=19829)



حتى نغفر لأنفسنا ميشال سورا - Mr.Glory - 03-10-2006

حتى نغفر لأنفسنا ميشال سورا
بقلم سمير قصير :rose:


في النهاية سيجدونه. في "حرج القتيل" أو في مكان آخر قريب. لا همّ، سيثمر "البحث" أياً تكن المهلة المحددة له. سيجدون رفات ميشال سورا لأن علم رياضيات الاشلاء فخرنا الجديد بين الامم، لا يطرح على نفسه الا الاسئلة التي يعرف جوابها. سيجدونه. وسيشحنون الرفات في طائرة تأخذها الى باريس وبعد حفل تأبين رسمي تلقى فيه كلمات ديبلوماسية تراعي شعور الجميع ولا تعني شيئا. وسينتهي، او هكذا يأملون، الفصل الاخير من مسلسل العيب الذي بدأ ذات يوم من ايار 1985 عندما خطف ميشال سورا مع مواطنه الصحافي جان بول كوفمان على الطريق بين المطار ومدينة بيروت.

ولكن لا، لا يجوز. لن يكون مقبولا ولا مسموحا، في بلد رفض حتى الآن اخضاع نفسه لفحص ضمير، ان يمر هذا الحدث دون ان يُسال عنه احد، دون ان نسأل انفسنا عن مسؤولياتنا في ما اوصل اليه.

ليس المطلوب هنا محاسبة السجانين والقتلة جنائيا. ففلسفة العفو الذي اختارته الجمهورية الثانية سبيلا الى تمتين السلم الاهلي تستلزم طي الملفات القضائية كلها، وبخلاف ما نصت عليه حرفية قانون العفو نفسه. غير ان اغفال المحاسبة القانونية بسبب هذه الفلسفة المتيقظة الى مستلزمات الخروج من العنف الاهلي (او بسبب الانتماء السياسي للقتلة كما هي الحال في قضية سورا) لا يعني غياب المحاسبة السياسية والمواطنية.

واذا كان الوسط الاصولي المتماهي مع المصالح "الديبلوماسية" لايران الثمانينات ومع غيرها من الحسابات الاقليمية الضيقة يتحمل المسؤولية الاولى في مصير ميشال سورا، فانه ليس وحده في قفص الاتهام. اليه تنضم كل القوى السياسية اللبنانية، والعربية بشكل عام، التي لجأت يوما الى سلاح الخطف. (والى من سيتذاكى ويعيب علينا عدم ذكر اسرائيل في معرض هذه المحاسبة، نكتفي بالقول ان لا لوم على العدو، فهو العدو، ومقارعته واجبة لا المقارنة به).

في قفص الاتهام، اذن، كل من عزم على الا يرى في الآخر سوى آخر، قريبا كان أم بعيداً، كل من اغرق الفرد في عباءة الانتماءات المفروضة، كل من رفض وجود الآخر الا جسدا للتعذيب او المقايضة أو الاخفاء. في قفص الاتهام ممارسة يجب وضعها في مرتبة القتل الجماعي، حتى لو كانت تجري احيانا على قاعدة فردية. هي ممارسة الخطف التي سدلت الستار، سنة بعد سنة، على حياة الآلاف من اللبنانيين (والسوريين والفلسطينيين) قبل ان تحجب عددا من الاجانب في اقبية الابتزاز الاستراتيجي. وهي، كالقتل الجماعي والقصف العشوائي للأحياء المدنية، ممارسة يثور عليها العقل بقدر ما تشمئز منها النفس.

ألم يحصد الخطف مواطنين لبنانيين كانوا اقرب سياسيا الى الجهة الخاطفة منهم الى الجهة التي خطفوا بسببها؟ الم يفضِ سلاح خطف الاجانب الى هلاك "الاجنبي" الذي كان ربما الاكثر التصاقا ببيروت، وتحديدا "بيروت الغربية"، كما كان يقال، ناهيك بطرابلس، وحيفا غسان كنفاني، ودمشق، وحلب وحمص وحماه، وبنزرت التونسية حيث ولد؟

ثمة احراج كبير في التذكير بالمفارقة الاليمة التي جسدها ميشال سورا الرهينة، والتي ما زال يرمز اليها ميشال سورا الضحية بعد اثني عشر عاما ونيف على نهايته المأسوية في مكان ما من ضاحية بيروت، كما كانت تكتب الوكالات.

فميشال سورا لم يكن يستحق ان يعيش حرا في المدينة التي احب لانه صادق العرب ودافع عن فلسطين وترجم كنفاني وتواطأ مع فكر الاسلاميين. كان يستحق ان يعيش حرا بمجرد كونه انسانا. وما كان يجب ان يتغير شيء في انفعال من انفعل بيننا لو كان اجنبيا "عاديا". فموته في الاعتقال في ذاته دليل بين دلائل عدة على درجة الهمجية التي بلغتها مجتمعاتنا، بمعزل عما كان يفترض ان يجعل ميشال سورا في منأى عن هذه الهمجية. اي ان مقتله من جراء ظروف الاعتقال لا يستنكر لانه كان ابنا بالتبني والتثاقف والزواج لهذه المنطقة من العالم فحسب، فهو لم يكن يستحق الموت أقل من غيره. لكنه بالتأكيد لم يكن يستحق الموت أكثر من غيره.

بيد انه لا يمكن الهروب من المفارقة في حياة ميشال سورا وموته. فهي، ان لم تكن تضيف شيئا الى امتهان كرامة الانسان الذي تشكله ممارسة الخطف، تلفتنا على الاقل الى هذا الدرس اللاذع من حرب لبنان: ان الغاء الاخر ونفيه وقتله ما هو في النهاية الا انتقاص من الذات. لذا وجب طلب الغفران مرتين، مرة من ميشال سورا من خلال عائلته واصدقائه ورفاقه، فرنسيين كانوا ام عربا، ومرة من انفسنا.

("النهار" 24/7/1998)