نادي الفكر العربي
رغبــات- رياض الصالح الحســــــين - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: لغـــــــة وأدب (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=78)
+--- الموضوع: رغبــات- رياض الصالح الحســــــين (/showthread.php?tid=20005)

الصفحات: 1 2


رغبــات- رياض الصالح الحســــــين - skeptic - 03-06-2006

[CENTER]رغبات



أريد أن أذهب إلى القرية

لأقطف القطن و أشمّ الهواء

أريد أن أعود إلى المدينة

في شاحنة مليئة بالفلاحين و الخراف



أريد أن أغتسل في النهر

تحت ضوء القمر

أريد أن أرى قمرًا

في شارع أو كتاب أو متحف



أريد أن أبني غرفة

تتسع لألف صديق

أريد أن أكون صديقًا

للدوري و الهواء و الحجر



أريد أن أضع بحرًا

في الزنزانة

أريد أن أسرق الزنازين

و ألقيها في البحر



أريد أن أكون ساحرًا

فأضع سكينًا في القبعة

أريد أن أمدّ يدي إلى القبعة

و أخرج منها أغنية بيضاء



أريد أن أمتلك مسدسًا

لأطلق النار على الذئاب

أريد أن أكون ذئبًا

لأفترس مَنْ يطلقون النار



أريد أن أختبئ في زهرة

خوفًا من القاتل

أريد أن يموت القاتل

حينما يرى الأزهار



أريد أن أفتح نافذة

في كل جدار

أريد أن أضع جدارًا

في وجه من يغلقون النوافذ



أريد أن أكون زلزالاً

لأهزّ القلوب الكسولة

أريد أن أدس في كل قلب

زلزالاً من الحكمة



أريد أن أخطف غيمة

و أخبئها في سريري

أريد أن يخطف اللصوص سريري

و يخبئونه في غيمة



أريد أن تكون الكلمة

شجرة أو رغيفًا أو قبلة

أريد لمن لا يحب الشجر

و الرغيف

و القبلة

أن يمتنع عن الكلام



[/CENTER]


رياض الصالح الحسين



رغبــات- رياض الصالح الحســــــين - skeptic - 03-12-2006

[CENTER]كنجمة في السماء

كوعل في الغابة




أمامي الكثير لأعطيه

و خلفي الكثير للمقابر

أمامي النهر و رائحة الصباح و الأغاني

البشر الرائعون و السفر و العدالة

و خلفي الكثير الكثير

من الكهنة و التماثيل و المذابح

و ها أنذا أمشي و أمشي

بين هزائمي الصغيرة و انتصاراتي الكبرى

و ها أنذا أمشي و أمشي

متألقًا كنجمة في السماء

و حُرًّا كوعل في الغابة

لي وطن أحبه و أصدقاء طيّبون

بنطال و حذاء و كتب و رغبات

و وقت قليل للرقص و الجنون و القنبلة

لقد بدأت أتعلم كيف أبتسم و أقول وداعًا

و بدأت أتعلم كيف أتألم

بعيدًا عن الضجيج و العواصف

أما الكلمة الجميلة، الجميلة

التي تشبه طائرًا أبيض

و التي تشبه شجرة في صحراء

فلقد اكتشفتها متأخرًا قليلاً

مثلما تكتشف السفينة اتجاهها

و مثلما يكتشف الطفل أصابعه و عينيه

لذلك أمشي و أمشي و أمشي

فأمامي الكثير لأعطيه

و خلفي الكثير للمقابر

و لذلك أمشي و أمشي و أمشي

و لا أنتظر أن ينتهي طريقي

هذه صخرة و هاتان عينان

هذا قمر و تلك أوزة

و ثمة أشياء كثيرة لم أكن أراها:

أيدي الأمهات

أكياس الطحين

و طلاب المدارس

إنّني أفتح عيني كنبع صغير

و أتحرك برشاقة الرعاة

فلقد بدأت أعلم

-و ربما متأخرًا قليلاً-

أن آلاف الحروب و ملايين الجرائم

لم تستطع منع القطة من المواء عندما تجوع

و الوردة من أن تتفتح

و المطر من أن ينهمر بغزارة...

لذلك أمشي و أمشي و أمشي

متألقًا كنجمة في السماء

و حُرًّا كوعل في الغابة

و عندما أصل إلى البيت

وحيدًا أو عاشقًا

مرحًا أو حزينًا

أعترف لنفسي بأخطائي القليلة

و أنتظر:

عشب الطريق

هدير القطارات

و عمال المصانع

و لون السماء في الصباح الباكر

الباكر

الباكر

[/CENTER]


رغبــات- رياض الصالح الحســــــين - skeptic - 03-12-2006

[CENTER]اثنان



كانا اثنين

يمشيان معًا

في الشوارع المهجورة

منه تفوح رائحة التبغ

و منها تتساقط أوراق الليمون

و عند المنعطف

كنجمتين

سقطا

كانا اثنين



أحدهما يغني

و الآخر يحب الإصغاء

فجأة توقف عن هذا

و توقفت عن ذاك

عندما انكسر المزمار



كانا اثنين

أهدته قلمًا للكتابة

و أهداها حذاء خفيفًا للنزهات

بالقلم كتب لها: "وداعًا"

و بالحذاء الخفيف جاءت لتودعه



[/CENTER]


رغبــات- رياض الصالح الحســــــين - skeptic - 03-12-2006

[CENTER]من؟



من سيفتح لي صنبور الحياة لأشرب

إذا جفَّ قلبي تحت هذه السماء الخائنة؟

من سيغنِّي لي أغنية في المساء لأنام

إذا وضعوا بين جفني صخرة مدبَّبة؟

من سيخرجني من هذه البئر العريقة

لأرى أشجار الصفصاف تحت ضوء القمر؟

من سيحل لي هذه المسألة البسيطة:

(إذا كنَّا نرتدي النار

كيف نستطيع أن نخلعها؟)

من سيشتري كفنًا للشمس إذا ماتت؟

من سيفتح للقتيل الباب

إذا جاء لزيارة صديقه بعد منتصف الليل؟

من سيذهب معي إلى السينما

و من سيمشي معي في هذا السجن الطويل؟



رغبــات- رياض الصالح الحســــــين - skeptic - 03-12-2006

-[CENTER] الآنسة "س":



أنا صديق الآنسة "س"

ذات الشَعر الخرنوبي الخفيف

"س" التي يركض في شَعرها حصان هائج

و ساقية أنين

تبيع (الشيكلس) في المحطات حتى الغروب

و تعود إلى بيتها بصدر معبأ بالليل و النجوم

و الأحلام اليابسة و قصاصات الجرائد

و "س" التي اكتشفت قبل أيام أن فورستر

يفرم ألسنة الأطفال الافريقيين

و يصدّرها معلبة إلى القارات الخمس-

نامت في فراشي البارحة

بعد أن نفضتْ عن شعرها الخرنوبي الخفيف

ستَّ مدرعات محطمة

و حقلاً من الذرة الصفراء

"س" المملكة المفتوحة للجميع

بجسدها المتين و قلبها الطيب كالدراق-

سألتني مرة بخبث: ما الأرض؟

قلتُ: "الأرض جرح متوهج و دم غزير

و ألم مرتبك"

و عندما كان العمال الموسميون

يبنون بأعضائهم شاليهات لبورجوازيي المدن

سألتني مرة ثانية بخبث أشدّ و هي ترسم

بإصبعها الأنيق على الرمل تفاحة معطوبة:

ما الأرض؟

قلتُ: "الأرض سرير تنام فوقه امرأة ميتة

و بجانبها يبكي رجل بائس"

و في اللحظة التالية

و مثل أي شيء آخر

تنشقت "س" الغبار الأسود الذي تفرزه

سيارات تملكها ثيران بقرون ذهبية،

و أضافت: إذن، ما الفرق بين

السرير و الجرح!؟

(لقد دفعتُ ثمن السرير جرحًا

و ثمن الجراح حاضرًا قتيلاً

و لم أستطع أن أشتري لـ "س" زهرة لوتس

أو اسوارة بلاستيكية

بعملة عمري المحطم

فماذا يقول السيد كارتر الذي يتبرع كل يوم

بعشرة سنتمترات من دمه لأحد قرود حديقة حيوانات تكساس؟

و أنا صديق الآنسة "س"

ذات الشعر الخرنوبي الحفيف

التي تتعفن تحت لسانها ليمونة من الأسئلة

البسيطة و المخيفة

انتظرتها على السطح

فجاءت بقميص مطعون بالنجوم و الأحلام اليابسة

و كان عليّ أن أقبّلها

و أعتقد بأنني فعلت ذلك بشكل جيد
.

[/CENTER]


رغبــات- رياض الصالح الحســــــين - skeptic - 03-12-2006

[CENTER]حلم



دائمًا كان يحلم

بتفاحة الحب الناضجة

ليحتويها بين أصابعه العشرة



كان ذلك حلمًا و حسب

كالوصول إلى القمر

سنة 1920



و كما في الأحلام

لم يعد الحلم حلمًا

فها هو يقضم تفاحة الحب

و ها هو سكّرها يسيل على شفتيه



مرة استفاق

فوجد أنه يقضم قلبه



رغبــات- رياض الصالح الحســــــين - skeptic - 03-12-2006

[CENTER]نتفق أو لا نتفق



[COLOR=Red]نحن متفقان:

الحياة جميلة

و الناس رائعون

و الطريق لم تنته

و لكن انظر إلي قليلاً

فإنني أتألم

كوحش جريح في الفلاة



نحن متفقان إذًا

الربيع سيأتي طبعًا

و الشمس ستشرق كل صباح

و في الصيف سيجني الفلاحون القمح

الربيع يكفينا

و الشمس ايضًا

و القمح إذا أردت



و لكن قل لي:

لماذا يملأ الدم

غرفتي و سريري و مكتبتي؟

و لماذا أحلم دائمًا

بطفل متطاير الأشلاء

و دمية محطّمة

و رصاصة تئز؟




رغبــات- رياض الصالح الحســــــين - skeptic - 03-12-2006

[CENTER]دائمًا I



أنا الهواء في رئتيك

و الأزرار في قميصك

أينما كنتِ ستجدينني

براحتيَّ الدافئتين

و قامتي القصيرة

أنتظرك على الرصيف

أنتظرك في العمل

أنتظرك فوق السرير

واثقًا بأنك ستأتين

لأنني معك دائمًا

أخلط أيامك بالقُبل

و دمك بالأزهار

أنظر إليكِ من سمائي كإله

و أرفع يدي طالبًا مغفرتك

أنا صرخة الألم في حنجرتك

و الأغنية الجميلة التي ترددين

أنظر إليك من البعيد

و أخاف أن ألمسك

و حينما أمسك يدك

لا أستطيع أن أبتعد عنكِ

حيوانك المدلل أنا

و هوايتك المفضلة

بلادك النائية

و مستقبلك القريب

بقدميّ الحافيتين و قلبي المرتجف

أركض معك في الدروب الوعرة

أنا الغبار من حولك

و العرق الذي يسيل من مسام جسدك

أينما نظرتِ سترينني

على الطاولة و الكرسي و المدفأة

في المكتبة و الحمّام و الباص

في الحقول و المصانع و مظاهرات الطلبة

أنمو كالأعشاب في شرفتك المشمسة

و أتدلى من سقف غرفتك كالمصباح

بأصابعي العشرة أحتوي وجهك

و بأصابعي العشرة أدفع المتاعب عنكِ

بأصابعي العشرة أعدّ لك القهوة

و بأصابعي العشرة أسندك

إذ توشكين على السقوط

أنا الوردة في شَعرك الأسود

و الدبوس في عروة سترتك

عندما تنامين

أندس بين أحلامك و لا أنام

أضحك و أبكي و أتألم

و أحارب أعداءك القساة

و في الصباح

أتدحرج مع الماء على وجهك

و أجفّفه بشفتي

أنا التفاحة التي قطفت

و الأرض التي طردتِ إليها

أنا اللوحة التي تزينين بها

جدار حياتك الأسود

و الدم الذي يسيل منكِ

حينما يطلقون عليك الرصاص

يناديك النهار فألتفت

تبردين فيرتعش جسدي

بعيني تشاهدين الطيور

و بصوتك أطالب بالحرية

أما عندما تموتين

من الجوع أو الحب

فسأحاول ألاّ أموت معك

ذلك أن الموتى

بحاجة لمن يذكرهم

و لن يفعل ذلك أحد سواي



[/CENTER]


رغبــات- رياض الصالح الحســــــين - skeptic - 03-12-2006

[CENTER]سورية



يا سورية الجميلة السعيدة

كمدفأة في كانون

يا سورية التعيسة

كعظمة بين أسنان كلب

يا سورية القاسية

كمشرط في يد جرَّاح

نحن أبناؤك الطيِّبون

الذين أكلنا خبزك و زيتونك و سياطك

أبدًا سنقودك إلى الينابيع

أبدًا سنجفِّف دمك بأصابعنا الخضراء

و دموعك بشفاهنا اليابسة

أبدًا سنشقّ أمامك الدروب

و لن نتركك تضيعين يا سورية

كأغنية في صحراء



رغبــات- رياض الصالح الحســــــين - تموز المديني - 03-17-2006


مختارة جارحة كلما اقرأها منذ عشرات السنوات اشعر انها المرة الاولى التي ارى فيها ما نراه كل يوم ...
وهنا ايضا وبعد زمن اشعر انها طازجة و جديدة كرغيف ملوث بالدم الساخن


هكذا كان رياض كلما صادفته تظن انك تتعرف اليه للمرة الاولى رغم كل علاماته الفارقة...


سكيبتك جميل فتحك لهذا الجرح و انه ليسعدني


:wr:
















رياض الصالح الحسين ... اجمل الميتين على الاطلاق(f)