+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3)
+--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57)
+--- الموضوع: هل تذكرون القديس برنار ؟! (/showthread.php?tid=20467)
هل تذكرون القديس برنار ؟! - حسان المعري - 02-15-2006
حسان محمود الحسون
القديس برنار ، أو سان برنار المعني هنا.. ليس رجل دين مسيحي وليس مصلحاً دينياً بل هو نوع من الكلاب السويسرية الضخمة الحجم الكثيفة الشعر والذي اعتدنا – كعرب صغار – أن نراه في أفلام الرسوم المتحركة يحمل في عنقه برميلاً يحتوي على شراب مسكر يجوب الثلوج والمنحدرات الجبلية بحثاً عن تائهين أو عالقين بثلوج ووعورة جبال الألب ليقدم لهم خدماه ويعتصر لهم بعض خمره الذي ينشر الدفء في العروق المتجمدة .
قبل سنوات وفي غمرة زحف الأمراض الحيوانية التي قلصت قوائم الطعام الآسيوية بعد أن ضربت الطير وذوات الأظلاف ، إكتشف الصينيون – من جملة كشوفاتهم الغريبة – أن سان برنار هذا يتمتع بميزة أخرى غير الإنقاذ ، وهي أنه يحتوي على كميات وافرة من الدهون وأن لحمه طري ويمكن استبداله بلحم الخراف ريثما تمر العاصفة !!.
ورغم أن الأمر لم يعن للصينيين أكثر من وجبة دسمة والسلام ، ورغم عدم غرابة الأمر على الإطلاق في بلاد الغرائب والعجائب ، إلا أن الأغرب من الوقف ذاته كان ردة فعل السويسريين الذين اعتبروا الأمر " تعدياً على رمز وطني سويسري " كما عبروا في احتجاجاتهم على انتهاء هذا الرمز على موائد الصينيين !!.
أقول ، أنه يمكن لأي شعب في العالم أن يعبد الحجر .. الشجر .. الغيمة أو المطر ، ويمكن لأي شعب في العالم أن يختر ما يشاء رمزاً لثقافته وانتمائه ، لكن كيف يستطيع شعب ما أن يجبر الآخر على الإعتراف بهذا الرمز أو جعله يتعامل معه بذات الطريقة من القدسية والإحترام ؟!
يقيناً ، لم يدر في خلد أي صيني لحظة تحويل الكلب برنار إلى هوت دوج حقيقي بالإسم والمعنى أنه يمثل أي قيمة خاصة ما لأي إنسان على وجه الأرض ، وربما لو عرف أن واحداً من أكثر الشعوب غنىً وحضارية سيتعامل مع مجرد كلب مهما كانت سلالته بكل هذا الإحترام والتبجيل ، لسخر أكثر ولتمادى في إرساله إلى المطابخ أكثر ، أو لتوقف عن التهامه نهائياً تبعاً لنظرة الصيني للشعب السويسري ذاته وليس لرمزه الوطني .
ترى ، ما هي الصورة التي كان يحملها الرسامون الفايكنج الهواة لنبي ثلث البشرية ورمزهم المقدس والديني والوطني والقومي معاً ؟!
مع فارق التشبيه ، لا بل مع فساد التشبيه برمته ، إلا أننا نتحدث هنا عن (( رمز )) بغض النظر عن ماهيته وقيمته الحضارية والإنسانية والطوباوية أكان الرمز هنا بشراً أو حجراً ، كيف يمكن للآخر أن ينظر لرمزك بطريقتك أنت ، وكيف له أن يتعامل معه بذات طريقتك أنت ، ولماذا يحق للسويسري الذي لا يشكل كلبه قيمة حضارية تذكر لأي جنس بشري إلا هذه الخلطة العرقية بالغة الضآلة مالا يحق للمسلم بكل ثقله الإنساني والحضاري والتاريخي والقيمي ؟!
بغض النظر عن الطريقة التي تعامل بها المسلمون حول العالم مع القضية ، وبغض النظر عن الأسباب والدوافع الخفية التي حركت الثورة ضد الأبقار الدانماركية ومنتجاتها ، لكن ألا يحق للمسلم أن يثور لإهانة رمزه الأعلى حتى من منطلق عاطفي معزول عن أي دوافع أخرى ؟!
لا يمكن الركون لتبريرات الصحافة الغربية من أن الإهانة لم تكن مقصودة وأن الأمر لا يعدو كونه حرية رأي وتعبير إلا إذا افترضنا أن هذا الرسام الأشقر المثقف المتحضر المطلع على علوم الدنيا وحضاراتها لم يكن يعرف أن محمداً قيمة دينية وحضارية باسقة لدى ثلث البشرية ، وإلا فإننا نفترض أننا نتعامل مع شعوب بدائية همجية لا يوجد بينها وبين الحضارات الأخرى أي تواصل يذكر ، كما لا يمكن الركون إلى أن العالم الغربي يتعامل مع نبيه ورموزه المقدسة بذات الطريقة وربما بشكل مهين أكبر ، ذلك أن الغربي ذاته الذي يرسم المسيح مصلوباً إلى فرج امرأة تارة ، ويرسم محمد يتاجر بالنساء تارة أخرى هو ذاته من لا يجرؤ على انتقاد التوظيف الإعلامي اليهودي القذر للهولوكوست كما فعل الباحث اليهودي الأمريكي الدكتور نورمان فنكلستين في كتابه صناعة الهولوكوست ، أو أن يشكك بالهولوكوست ذاته كالأب بيير ، وإلا انتهى ممنوعاً محاصراً كفنكلستين ، أو منفياً كالأب بيير وأين ؟ في أمريكا وفرنسا كأهم رمزين حضاريين عالميين .
على أننا يجب ألا نجزئ مفهومنا للحرية بالطريقة التي تقوي وجهة نظرنا وموقفنا كمسلمين أو كمثقفين ننتمي إلى تلك الحضارة ، إلا أنه – أيضا – لا يمكننا أن نتعامل مع القضية من منطلقات مبتسرة قاصرة ونرمي الأمر برمته في رقبة حرية الرأي والتعبير تلك التي لا علاقة لها على الإطلاق بإهانة مقدسات الشعوب بغض النظر عن قيمتها أو طبيعتها .
في حقيقة الأمر ، ومع افتراض حسن النية المفرط في أن الصحيفة الدانماركية لم تقصد إهانة الرسول ( ص ) ، إلا أننا لا يمكن أن نغفل الجانب الآخر من المعادلة وهي أن الأديان إرثاً بشرياً عاماً وقيماً يستحيل المساس بها أو التعرض لها بنيوياً أو تفكيكياً ، هدماً أو بناءاً ، ولا يمكن الإدعاء بأن الأمر " حركة تصحيحية " لمسار أي معتقد ، تلك الحركة التي عجزت عن القيام بها القرون الطويلة ، ذلك أن الأديان في جوهرها مفهوم حجري ثابت من الصعب التأثير به أو محاولة تقويضه ، وإلا لما استمرت الديانة اليهودية قرابة 35 قرناً ولا المسيحية 20 قرناً رغم تقويض أسسهما بقرار إلهي حتى وإن لم يؤمن بهذا القرار سوى المسلمون لا غير .
على أننا – وفي الجانب الآخر – يجب ألا ننتقص من ثورة المسلمين لنبيهم حول العالم ونرميها بالألقاب والصفات وأن نحترم هذه الثورة ولو من حيث الشكل حتى وإن رأيناها قاصرة ومن باب النظر إلى الأمور بعينين اثنتين دون أن نتناسى سان برنار .. والهولوكوست .. ومقاطعة أعظم دولة في العالم لكل ما هو فرنسي – حتى الفرنش فرايد - بسبب موقف فرنسا من جريمة إنسانية ، لا من نبي مرسل أو كتاب منزل .
فضاءات
http://www.fdaat.com/art/publish/article_2807.shtml
هل تذكرون القديس برنار ؟! - العلماني - 02-16-2006
شكراً حسان ...
(f)
هل تذكرون القديس برنار ؟! - حسان المعري - 02-16-2006
الشكر لمرورك
(f)