حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
حركة لاروش تكشف خلفيات الإساءة للرسول محمد - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: حركة لاروش تكشف خلفيات الإساءة للرسول محمد (/showthread.php?tid=20538) |
حركة لاروش تكشف خلفيات الإساءة للرسول محمد - shahrazad - 02-13-2006 حركة لاروش تكشف خلفيات الإساءة للرسول محمد 8/02/2006 تعكف مجلة إكزكتف إنتلجنس ريفيو على كتابة تقرير يكشف حقائق نادرة وخطيرة حول علاقة الصحيفة الدنماركية يولاندس بوستن بزمرة المحافظين الجدد في الولايات المتحدة. وسينشر هذا التقرير خلال اليومين القادمين على موقعنا. لكن لمن يهمه الأمر يمكننا القول بأن محرر القسم الثقافي في الصحيفة الدنماركية يولاندس بوستن، فليمنج روس (Flemming Rose)، هو من معارف دانييل بايبس (Daniel Pipes) الذي يعتبر من أعتى المعادين للإسلام في زمرة المحافظين الجدد. كتب روس في أكتوبر عام 2004 سلسلة مقالات في مدح بايبس في نفس الصحيفة. عنوان السلسلة هو "التهديد الإسلامي". يمكن مطالعة النص الدنماركي هنا http://dk.danielpipes.org/article/2304 وقد كانت هذه الصحيفة في العامين الماضيين المصدر الرئيسي للإسلاموفوبيا في الدنمارك. كما أن الصحيفة الدنماركية يولاند بوستن ذاتها كان لها دور أساسي في تأسيس مركز بحث في الدنمارك يكون توأما لمراكز بحوث المحافظين الجدد مثل أميركان إنتربرايز إنستيتيوت. هذا المركز يسمى CEPOS , وعنوانه (www.cepos.dk) من الأعضاء الفخريين في إدارة هذا المركز هو نفس جورج شولتز الذي يدفع الإدارة الأمريكية إلى استهداف إيران. انظر المقال الموجود على موقعنا بعنوان: "استهداف إيران وسوريا، فتيل لانفجار عالمي". وننوه إلى أن حركة لاروش في الدنمارك قد أدانت الإساءة إلى رسول الإسلام محمد (ص) وأصدرت بيانا نشر في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن. في ذات الوقت تؤكد حركة لاروش على أن ردود الفعل غير العقلانية من قبل المسلمين مثل إحراق السفارات والتسبب في أذية المواطنين الدنماركيين ومصالح الأمة الدنماركية وإهانة رموز هذه الأمة لن يفيد إلا أولئك الذين يريدون تأجيج نار الحقد بين الغرب والمسلمين وخلق حرب دينية عالمية. لذلك تطالب الحركة المسلمين بالتزام الحكمة والتعقل والتعاون مع الأطراف المحبة للخير في الغرب لقطع الطريق على من يريدون التسبب في سفك دماء الابرياء لخدمة مصالحهم الوضيعة. ويمكن زيارة موقع حركة لاروش في الدنمارك على العنوان: http://www.schillerinstitut.dk حركة لاروش تكشف خلفيات الإساءة للرسول محمد - shahrazad - 02-15-2006 اتفاقية سايكس بيكو تلقي بظلالها على جنوب غرب آسيا بقلم: ميورييل ميراك وايسباخ ترجمة: مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية بدمشق http://www.dascsyriapress.net يظهر هذا المقال باللغة الانجليزية في العدد القادم من مجلة إكزكتف إنتلجنس ريفيو يوم 10 فبراير، 2006 ما الذي يدفع الرئيس الفرنسي جاك شيراك لشن حملة عنيفة تهدف إلى تغيير النظام في سورية بعد أن قاد بنجاح حملة دولية لإخراج القوات السورية من لبنان.. كما نجده يسعى جاهداً لإعادة رسم الصورة السياسية في بيروت؟.. هل يمكن أن نعزو ذلك إلى أساه العميق على مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في شباط من عام 2005 الذي طال ما كان رفيقه الحميم على مدى سنوات؟.. هل شيراك على قناعة تامة بأن دمشق متورطة في هذه الجريمة وبناء عليه يجب معاقبتها؟.. ما الذي إذن يدفع الرئيس الفرنسي لتهديد إيران؟.. أعلن شيراك في التاسع عشر من كانون الثاني أن فرنسا سوف تهيئ أسلحتها النووية ضد الدول الإرهابية وكل من تسول له نفسه الاعتداء على فرنسا.. وجاءت قراءة إعلان شيراك الساخط بشكلها الصحيح مع المصادقة على مبدأ تشيني في شن الحرب النووية الاجهاضية والتهديد المباشر لجمهورية إيران الإسلامية.. كان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في السابق هو الذي يتولى قيادة تصعيد التوترات ضد سورية وضد قضية برنامج إيران النووي.. لقد كان البريطانيون في طليعة أصحاب الجهود لوضع إيران في مواجهة مجلس الأمن في الأمم المتحدة كتمهيد لضربة عسكرية وقد انضمت إليها الآن فرنسا بهذا الشأن.. فلماذا؟.. أشار ليندون لاروش في السادس من كانون الثاني إلى التطورات الجديدة المتعلقة بالهجمات المتسارعة على سورية.. وتوصل إلى التقييم التالي "تتوالى المآسي المتبعثرة التي تحيق بإدارة بوش-تشيني لتضاعف من بروز التركيز على حكومة بلير في المملكة المتحدة.. وتتضح ظلال اتفاقية سايكس بيكو لوزارة الخارجية البريطانية التي تلفها فرنسا تحت جناحها لافتراض دور سيطرة تامة على تطورات المنطقة في جنوب غرب آسيا.." ويوضح لا روش ذلك بقوله "وتحت ضغط هذه التحولات في الوضع الاستراتيجي الإجمالي لا بد لنا من الأخذ بعين الاعتبار الخلاف الجوهري الذي اندلع في أوربا كلها مع تولي تاتشر في بريطانيا وميتران في فرنسا سدة الحكم في عام 1990 ومحاولة سحق ألمانيا الأمر الذي قاد إلى ما يسمى اتفاقيات Maastricht وما توالى عنها من محاولات محق الاقتصاد الألماني تحت هيمنة نظام عملة اليورو الموحدة.. ونجد الاتجاه الحالي نحو زيادة التعاون الروسي مع ألمانيا فيما يتعلق بتسويق الغاز الطبيعي وبهدف إضعاف النفوذ الأمريكي في العالم من خلال إلحاق الخزي المتواصل بحكومة بوش-تشيني.. تصور أن لندن الآن تعمل لإحكام سيطرتها على جنوب غرب آسيا وما يرتبط بها من تطورات أكثر مما يبدر من إدارة تشيني الأمريكية بشكل يعيد الحياة ثانية إلى أشكال الصراع القديمة التي تم هجرها في أوربا في بداية القرن العشرين.." ليس هنالك في الواقع من وسيلة لفهم مدلولات التوجه الجديد في سياسة فرنسا الخارجية منذ 2002-2003 دون إحالة ذلك إلى الخلفية التاريخية للصفقات الشائنة التي عقدتها فرنسا الاستعمارية في بداية القرن العشرين مع بريطانيا الاستعمارية لانتزاع وتقسيم مناطق كبيرة من الشرق الأوسط.. وكانت صفقة سايكس بيكو السرية في عام 1916 التي وقعها الفرنسيون والبريطانيون والتي أعادت رسم خارطة الشرق الأوسط فحددت مناطق تحت السيطرة المباشرة بالإضافة إلى مناطق نفوذ لكل من الدولتين المستعمرتين.. أما اتفاقية سايكس بيكو الحديثة فقد تلخصت في المبدأ الشائن Clean Break * والذي أعدت مسودته جهة خاصة تحت إشراف ديك تشيني وتبناه رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو وتم التنفيذ اعتبارا من بداية الحرب على العراق في عام 2003 .. تنادي هذه الخطة بتغيير النظام من خلال الحرب و/ أو الانقلابات في كل من العراق وسورية ولبنان وإيران.. اشتركت فرنسا في عام 1991 في عملية عاصفة الصحراء ولكنها لم تجنِ شيئا من جراء ذلك.. وفي عام 2002 - 2003 أظهرت فرنسا معارضتها لخطط الحرب الانجلو-أمريكية وبقيت خارج نطاق الحرب.. والآن تتربع الولايات المتحدة وبريطانيا على مخزون هائل من النفط في العراق المحتل وفرنسا تجلس جانبا صفر اليدين فثار الدافع الامبريالي لديها ليقول : وباريس تريد حصتها أيضا.. الحرب الجيوسياسية البريطانية: كانت الحرب العالمية الأولى الحرب الجيوسياسية لبريطانيا بقيادة أمير ويلز آنذاك (الذي أصبح فيما بعد الملك ادوارد السابع) لفض التعاون القائم بين ألمانيا ذات النفوذ الاقتصادي العظيم وروسيا.. لقد كانت ألمانيا بزعامة بسمارك وروسيا بزعامة الكسندر الثاني ودول أخرى كانت تتبنى النظام الأمريكي في التطور الاقتصادي تمثل تهديدا لسيطرة بريطانيا الامبريالية.. مما دفع البريطانيين للحرب في محاول للمحافظة على سيطرتهم على النظام المالي المعتمد على حكم القلة والإمبراطورية التي طال ما اعتمدت عليها.. وكان الرمز الذي يمثل هذا التهديد كما تفهمه بريطانيا يتمثل في مشروع الخط الحديدي ما بين برلين وبغداد.. وأثناء تلك العملية خططت بريطانيا لتحطيم الإمبراطورية العثمانية التي أصبحت تحوم في المدار الألماني وإنشاء أنظمة حكم تكون ألعوبة في يدها بزعامة ملوك عرب وذلك في سياق إعادة تنظيم إجمالي لجنوب غرب آسيا لتصبح جميعها تحت النفوذ الاستعماري.. وكان لا بد من أن تكون فرنسا شريكا في هذا المخطط رغم أن كل طرف يحاول خداع الآخر - كما هو الحال في جميع الاتفاقيات التي تتم بين قوى امبريالية متنافسة.. كانت فرنسا تتمتع بخبرة معينة فيما يتعلق بالتنافس الامبريالي مع بريطانيا العظمى وخصوصا في أفريقيا.. فلديها هناك عالم خاص بها من النفوذ الذي يجب أن تحميه وان توسعه إن أمكن.. بدءا من القرن السابع عشر استخدمت فرنسا المصالح الاقتصادية كوسيلة لترسيخ وضعها في شمال أفريقيا.. وأثناء القرن التاسع عشر تمكنت فرنسا من تثبيت وجودها في الجزائر وفي عام 1881 احتلت تونس.. وفي عام 1882 استولت انكلترا على مصر (التي كانت خاضعة لسيطرة نابليون التامة قبل ذلك بقرن كامل).. وفي عام 1897 تمكن اللورد كيتشنر من هزيمة الحركة الوطنية السودانية بزعامة المهدي.. وحكمت انكلترا مصر ومن خلالها السودان.. وفي عام 1898 وضعت بريطانيا حداً للغايات التوسعية الفرنسية في Fashoda. وعُقدت صفقة أخرى بين الدولتين المتنافستين في عام 1904 حيث منحت بريطانيا الحرية المطلقة للتصرف في مصر مقابل النفوذ الفرنسي المطلق في المغرب.. وعلى مشارف الحرب العالمية الأولى كانت يوراسيا تحت الهيمنة التامة من قبل الدولتين الامبرياليتين في حين حازت روسيا على ما يُطلق عليه اليوم اسم كازاخستان - تركستان - بخارى - طشقند - سمرقند - Khanates of Khiva - Merv وعدّت نصف أراضي فارس تحت سيطرتها.. في حين كان النصف الآخر من أراضي فارس لبريطانيا كنتيجة للاتفاقية الانجلو-روسية في عام 1907 كما فرضت نفوذها وسيطرتها التامة على المشايخ العرب في الخليج العربي وتولت إدارة شؤون مصر وقبرص وعدن والبحر الأحمر وأفغانستان.. وما تبقى كان للإمبراطورية العثمانية (باستثناء الصحراء العربية) وكان السلطان العثماني يحكم مجموعة متنوعة من السكان فيها السلافيين والعرب واليونانيين والأرمن واليهود.. وكانت روسيا الأرثوذكسية بين القوى الامبريالية التي طالبت بحقها في حماية الشعوب الأرثوذكسية في البلقان والشرق الأوسط .. في حين طالب الفرنسيون بحقهم في حماية الكاثوليكيين ومنهم المسيحيين المارونيين في الأقاليم السورية.. وبعد حروب البلقان ما بين عامي 1912 - 1913 اندلعت حرب شاملة جعلت الخطر الكامن يحدق بحلف فرنسا وروسيا وبريطانيا ضد ألمانيا والإمبراطورية العثمانية التي كانت آنذاك بزعامة Young Turkey Party والإمبراطورية النمساوية - الهنغارية.. خطط للدول العربية في مرحلة ما بعد الحرب: على الرغم من التشاحن الذي تم حول التفاصيل بين النخبة التي تدير عجلة الصراع كانت خطة الحرب البريطانية الرئيسية مباشرة وصريحة وهي تتلخص في تنظيم القوات العربية لتمثيل ما سيقدَم على انه ثورة تلقائية ذاتية ضد المضطهدين العثمانيين.. وفي القوت ذاته سحق الإمبراطورية العثمانية وتحويلها إلى دويلات وإعادة رسم خارطة المنطقة فيها دول عربية جديدة تماما يحكمها حكام بريطانيون يكونون ألعوبة في يد بريطانيا.. وسيكون للفرنسيين الذين صادقوا على هذه الخطة البريطانية دمى خاصة بهم أيضا يتم تعيينهم في مناطق النفوذ الفرنسي.. كان العقل المدبر لهذه العملية هربرت كيتشنر - جزار السودان - الذي منح لقب الشرف إيرل الخرطوم كيتشنر الذي كان القائم بالأعمال في مصر.. وفي آب 1914 أصبح وزيرا للحرب.. كانت مصر آنذاك تحت الوصاية البريطانية بعد أن كانت تحت سيطرة الخلافة العثمانية في عام 1914. ووقع اختيار كيتشنر للزعامة العربية على سليل الأسرة الهاشمية حسين بن علي حاكم مكة وهو الذي كان يُعرف بلقب أمير مكة أو شريف مكة وكان يحكم الحجاز (وهو ما يعرف اليوم بشمال غرب المملكة العربية السعودية على خليج العقبة والبحر الأحمر) التي كانت تحت سيطرة السلطان العثماني.. ولكن بعد استيلاء (حزب تركيا الفتاة) Young Turks Party على الحكم في عام 1908 خشي حسين من هذه القوة الناشئة ومن إمكانية أن تخترق حرمة ملكه وكذلك خشي اثنان من أبنائه وهما عبد الله وفيصل عضوان في البرلمان العثماني من أن تخلع هذه الحكومة التركية الفتية والدهما عن العرش.. فجاء نتيجة لهذا الخوف تقبلهما للعروض البريطانية.. كان جلبرت كلايتون أول من اقترح على كيتشنر اختيار عائلة شريف مكة.. كان كلايتون وكيل السير هنري ماكماهون في القاهرة وهو الذي استبدل كيتشنر كقائم بالأعمال في مصر.. كانت هناك اتصالات بين كلايتون وجماعات عربية متنوعة في المنفى وجمعيات سرية في القاهرة كانت تشير إلى ضرورة ثورة الزعماء العرب ضد السلطان في حال وجود الزعيم العربي المناسب.. وفي المذكرة الرسمية التي وجهها كلايتون في السادس من أيلول 1914 إلى كيتشنر اقترح كلايتون عليه أن يكون عبدا لله بن حسين المرشح الذي تدعمه بريطانيا.. وكان عبد الله قد التقى كيتشنر في عام 1912 أو 1913 ومرة ثانية في 1914 بالإضافة إلى لقائه رونالد ستورز الذي كان وزير كيتشنر لشؤون الشرق في القاهرة.. وقال كلايتون بأن الزعماء العرب الآخرين سوف يؤيدون اختياره لعبد الله.. لقد رغب كيتشنر في معرفة الموقع الذي سيشغله هذا القائد العربي في حال نشبت الحرب فأرسل برقية إلى ستورز تحمل في طياتها ما يتوجب على ستورز أن يقوله لعبد الله.. "إذا وقفت الأمة العربية في موقف الدعم والمساندة لانكلترا في هذه الحرب التي فُرضت علينا فرضا من جانب تركيا فسوف تضمن لكم انكلترا عدم التدخل في الشؤون الداخلية للملكة العربية السعودية وسوف تقدم للعرب أي مساعدة يحتاجونها لرد أي عدوان أجنبي".. وأتبع هذه البرقية برسالة إخبارية عاجلة من مكتب القاهرة مفادها انه سيمنح العرب في فلسطين وسورية وبلاد الرافدين الاستقلال بضمانة بريطانية في حال أنهم ثاروا ضد الإمبراطورية العثمانية.. كانت الفكرة العامة التي اعتنقها كيتشنر وجماعته هي انه يجب تشجيع العرب على الثورة ضد العثمانيين مقابل الحصول على استقلالهم مما يعني أشياء عديدة مختلفة بالنسبة لكل شخص.. فقد كان هذا يعني بالنسبة للعرب أصحاب القضية الاستقلال الفعلي في حين كان يعني بالنسبة للبريطانيين الذين قطعوا الوعود شيئا لا يتعدى الاستقلال الذاتي على الصعيد المحلي مع بقاء الدولة محمية بريطانية أو خاضعة بشكل مباشر للحكم البريطاني حتى.. كان الأمر بالنسبة لستورز يعني إقامة إمبراطورية مصرية حسب تسميته هو وتعيين شريف مكة خليفة عليها والى جانبه ملك مصر الذي سيحكم بالطبع تحت سيطرة كيتشنر.. أوضح حسين انه يطالب بالسيادة التامة على منطقة الحجاز التي ستتمتع باستقلال حقيقي.. وبعد أن درس وجهات نظر الجمعيات السرية العربية في دمشق وفي أماكن أخرى من خلال ابنه فيصل علم حسين بأنهم سيتبعونه في ثورته ضد تركيا فقط في حال ضمن لهم دعم بريطانيا لاستقلال العرب.. وأرسل حسين رسالة إلى المفوض السامي البريطاني بتاريخ الرابع من تموز 1915 لخص فيها مطالبه التي دمج فيها مطالب ما يسمى ببروتوكول دمشق وهي الوثيقة التي توصلت إليها القوات العربية في سورية.. ومقابل تعاونه مع البريطانيين الذي سيحظى لقاءه بالسيطرة التامة على منطقة الحجاز وبلاد الرافدين وسورية وفلسطين وجزء من قلقيلية.. أضاف الشريف حسين في صياغته للرسالة المطالب التالية: -استقلال العرب في أراضٍ تبدأ من الشمال بمرسينة وأضنة لغاية الخط 37 على الحدود الفارسية وشرقا لغاية خليج البصرة وجنوبا لغاية المحيط الهندي مع التخلي عن عدن وغربا لغاية البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وصولا إلى مرسينة. - يتوجب على بريطانيا العظمى الاعتراف بإقامة خلافة عربية وإلغاء الامتيازات الأجنبية.. ومقابل ذلك يعلن الشريف استعداده لمنح الأولوية لبريطانيا العظمى فيما يتعلق بجميع المشاريع الاقتصادية في البلاد العربية مع اعتبار جميع الدول الأخرى سواء. -يتم الاتفاق على تحالف عسكري دفاعي.. وفي حال خاض احد الطرفين حربا عدوانية يتوجب على الطرف الثاني الوقوف موقفا محايدا تاما. رد المفوض السامي البريطاني في مصر السير هنري ماكماهون على مطالب حسين فيما عرف لاحقا باسم رسائل ماكماهون.. وفي مذكرة أرفقت مع رسالة بتاريخ الرابع والعشرين من تشرين الأول 1915 جاء ما مفاده: لا يمكن اعتبار مرسينة والاسكندرونة والمناطق السورية الواقعة غرب دمشق، حمص، حماه وحلب عربية كلية ويجب بناء عليه استثناءها جميعا من تعيين الحدود المقترح.. وبعد إجراء هذا التعديل ودون أي إجحاف بالمعاهدات الموقعة بيننا وبين بعض الأشراف العرب نقبل تعيين الحدود المقترح.. وفيما يتعلق بالمناطق الواقعة ضمن الحدود المقترحة والتي يكون فيها لبريطانيا العظمى مطلق الحرية في التصرف دون المساس بمصالح حليفتها فرنسا.. اعتبر نفسي مخولا لمنحك الضمانات والمواثيق التالية بالنيابة عن حكومة بريطانيا العظمى والرد كالتالي على ما ذكرته: وفقا للتعديلات المذكورة أعلاه تعلن بريطانيا العظمى استعدادها للاعتراف وتأييد استقلال العرب في جميع المناطق الواقعة ضمن الحدود التي اقترحها شريف مكة.. وتضمن بريطانيا العظمى الحفاظ على المقدسات إزاء أي اعتداء خارجي وتقر بالشخصية الفردية لهم.. وفي حال سمحت الظروف سوف تعين بريطانيا العظمى المستشارين للعرب وسوف تقدم لهم العون لإقامة الحكومات التي ستلائم على النحو الأمثل كل منطقة على حدا.. ومن جانب آخر يكون مفهوما أن يقتصر العرب على طلب النصح والمشورة من بريطانيا العظمى حصرا وفي حال الحاجة لمستشارين وموظفين مسؤولين أوربيين لتنظيم شؤون الإدارة فلا بد أن يكون هؤلاء بريطانيين تحديدا.. وفيما يتعلق بالبصرة وبغداد فعلى العرب أن يدركوا حقيقة أن مصالح بريطانيا العظمى هناك تستلزم إقامة إجراءات إدارية خاصة في هاتين المنطقتين لحمايتها من أي عدوان أجنبي ولتعزيز رفاهية سكانها والحرص على مصالحنا المشتركة.." لقد كان التأكيد غامضا ولم يحصل حسين على التزام صريح بإقامة المملكة العربية المستقلة التي كان يطمح إليها.. الانشقاق في القيادة الامبريالية: إضافة إلى فكرة الخليفة و/أو الملك الذي سيترأس الإمبراطورية العربية التي تسيطر عليها بريطانيا كان هنالك مكتب خاص بالإمبراطورية البريطانية في الهند.. وكان هذا المكتب مسؤولا عن بلاد فارس والتيبت وأفغانستان والجزء الشرقي من البلاد العربية بالإضافة إلى الهند وكان هنالك اعتبار التفوق المميز في هذه المناطق وبلاد الرافدين.. وطرحت الهند فكرة أن المسلمين الخاضعين ضمن فلك نفوذها لن يرضوا بخليفة عربي وإنما يفضلون حاكما تركيا.. وفي حال تفضيلهم لأي عربي فسيكون هذا الشخص عبد العزيز بن سعود الذي كان في حالة نزاع تعصبي مع حسين.. وكانت الفكرة السائدة في مكتب الهند انه لا بد من تنظيم حملة اجتياح واحتلال لبلاد الرافدين.. وكانت هذه الرسالة الشفهية التي أوصلها نائب الملك في الهند تشارلز هاردنغ لسايكس أثناء قيام الثاني برحلة تقصي الوقائع في عام 1915.. وعبر هاردنغ عن وجهة نظر مكتب الهند من أن أي حديث عن استقلال العرب إنما يعد سخف حيث أن العرب - برأيه - غير قادرين على تولي الحكم الذاتي.. وجاء إنشاء المكتب العربي في عام 1916 للتنسيق بين السياسات ولمواجهة أية معارضة ممكنة - من الهند مثلا - وكانت فكرة إنشاء المكتب العربي وليدة أفكار السير مارك سايكس ، توري الشاب الذي تم انتخابه عضوا في مجلس العموم قبل أربع سنوات والذي تمت ذاع صيته ليكون الخبير بالشؤون الخاصة بالإمبراطورية العثمانية.. كان سايكس يخدم تحت إمرة كيتشنر مباشرة وكان ذراعه اليمنى.. كان مقر المكتب العربي في القاهرة وقد كان قسما من وزارة الاستخبارات وكان تحت توجيه وإدارة كيتشنر المباشرة.. كان رئيس المكتب الاسمي عالم الآثار دافيد ج. هوغارث وهو عميل استخباراتي يعمل لصالح كلايتون. وكان من أعضاء المكتب العربي ت. ي. لورنس المعروف جيدا باسم لورنس العرب والذي قاد بعض الحملات العسكرية للقادة العرب.. جاء نشوء المكتب العربي ليوسع من دائرة السيطرة البريطانية على منطقة الحجاز من مصر البريطانية.. فرنسا الامبريالية: كان حماس الفرنسيين ضئيلا تجاه سيناريوهات بريطانيا.. كانت النوايا الاستعمارية الفرنسية منصبة على لبنان وسورية على أنهما تنتميان ضمنيا إلى فرنسا.. اعتمدت فرنسا في ادعائها هذا على الوقائع التاريخية حول الفتوحات الفرنسية التي حققتها فرنسا في الحملات الصليبية بالإضافة إلى الوضع الراهن آنذاك من حيث أنها مكلفة بحماية السكان الكاثوليكيين في المنطقة وخصوصا في جبل لبنان قرب الساحل السوري. عارض البريطانيون منح فرنسا هذا القدر الكبير من التنازلات.. لقد طرح كلايتون رأيه وأقره سايكس على أن إشراك الجيوش العربية الضخمة في الحرب إلى جانب بريطانيا سيؤدي إلى نصر كاسح وحتمي.. إضافة إلى إسهام ذلك في تحقيق النصر السريع على الجبهة الغربية.. كان هنالك أمران إلزاميان لا مناص منهما يواجهان بريطانيا.. كان الأول أن نشر القوات البريطانية في الساحة الشرق أوسطية سيقلل من تواجدها في الغرب وبهذا يزداد العبء الملقى على عاتق فرنسا.. ولهذا لا بد من وعد فرنسا ببعض التنازلات. والأمر الثاني انه بهدف تجنيد الجيوش العربية المطلوبة من قوات حسين لا بد من تقديم التنازلات للهاشميين مما قد يتعارض مع طموحات فرنسا.. ومن هنا يتضح ما حدده ماكماهون في مراسلاته من وجوب أن يتخلى حسين نهائيا عن مطالبته بالمناطق السورية الواقعة إلى الغرب من دمشق وحمص وحماه وحلب.. أي المناطق الساحلية من فلسطين ولبنان وسورية التي طالب بها الفرنسيون.. كان حسين ما زال يطالب ببيروت وحلب وكرر رفضه القطعي لأي تواجد فرنسي في منطقة الحجاز. كان من الواضح انه لا بد من إشراك فرنسا في المفاوضات والمساومات البارعة والتنازلات المتبادلة بسبب ما كان يمكن أن ينشأ من صراعات.. وهكذا دعت وزارة الخارجية البريطانية فرنسا لإرسال وفدها إلى لندن لمناقشة إمكانية ما سيتم منحه لحسين أو عدم ذلك.. وكانت هذه لحظة ميلاد اتفاقية سايكس بيكو.. اتفاقية سايكس بيكو 1916: كان فرانسوا جورج بيكو المندوب الذي أرسلته فرنسا للتفاوض مع البريطانيين في الثالث والعشرين من تشرين الثاني 1915 .. ينحدر بيكو من عائلة استعمارية ويمثل النظرة السياسية للحزب السوري في فرنسا الذي يؤكد أن سورية وفلسطين وهما بلد واحد إنما هما من الممتلكات الخاصة بفرنسا وذلك لاعتبارات تاريخية واقتصادية وثقافية.. كان بيكو يفاوض من منطلق أن تتمتع فرنسا بالسيطرة المباشرة على المناطق الساحلية والسيطرة غير المباشرة على باقي المناطق السورية (من خلال حاكم ألعوبة) وعلى الأراضي الممتدة شرقا وصولا إلى الموصل.. تم التوقيع على بنود الاتفاقية في السادس عشر من أيار 1916 وفقا لما يحقق المطالب التالية: - لقد تم التفاهم بين الحكومتين البريطانية والفرنسية على أن كلا من فرنسا وبريطانيا العظمى مستعدتين لحماية والاعتراف بدولة عربية مستقلة أو اتحاد دول عربية حسب التسميتين أ و ب على الخارطة المرفقة في الملحق والتي ستكون خاضعة لسيادة رئيس عربي. - المناطق الواقعة تحت التسمية أ ستكون تابعة لفرنسا والمناطق تحت التسمية ب لبريطانيا العظمى وسيكون لهما الأولوية في المشاريع والقروض المحلية. ستقوم كلا الدولتين حصرا بتامين المستشارين أو الموظفين الأجانب الذين تطلبهم الدولة العربية أو اتحاد الدول العربية. - المناطق التي باللون الأزرق ستكون تابعة لفرنسا والتي باللون الأحمر تابعة لبريطانيا العظمى وسيكون لهما الحق بإقامة مراكز إدارة مباشرة أو غير مباشرة وفقا لرغبتهما وحسب ما يرون هم ملاءمة ترتيب ذلك مع الدولة العربية أو اتحاد الدول العربية.. - المناطق التي باللون البني ستكون بإدارة دولية الأمر الذي سيتم تقريره بعد التشاور مع روسيا وبعد ذلك بالتشاور مع باقي الحلفاء ومع مندوبي شريف مكة.. - تم الاتفاق على أن يكون مرفأي حيفا و Acre لبريطانيا العظمى وضمان وارد محدد من مياه دجلة والفرات من المنطقة أ لصالح المنطقة ب .. - تقطع حكومة جلالة الملك على نفسها عهداً بعدم المشاركة في مفاوضات للتنازل عن قبرص لصالح طرف ثالث دون موافقة مسبقة من الحكومة الفرنسية.. - تكون مدينة الإسكندرونة مرفأ حراً لتجارة الإمبراطورية البريطانية وان يكون هنالك حرية في النقل والعبور للبضائع البريطانية عبر هذا المرفأ وعن طريق السكة الحديدية المارة في الخط الأزرق أو المنطقة أ أو المنطقة ب وألا يكون هنالك أي تمييز مباشر أو غير مباشر ضد البضائع البريطانية على طريق السكة الحديدية أو السفن في أي مرفأ يخدم المناطق المذكورة آنفا.. - يكون مرفأ حيفا حرا لصالح التجارة الفرنسية ولصالح إقطاعياتها ومحمياتها وتتمتع البضائع الفرنسية بحرية العبور والنقل عبر حيفا وعلى طول السكة الحديدة البريطانية المارة في المنطقة البنية.. - ألا يمتد طريق بغداد للسكة الحديدية في المنطقة أ جنوبا إلى ما بعد الموصل وفي المنطقة ب إلى ما بعد سامراء لحين إكمال الخط الحديدي الذي سيصل بغداد وحلب عن طريق وادي الفرات باتفاق وتعاون كلا الحكومتين.. - تتمتع بريطانيا العظمى بكامل الحق في البناء والإدارة والملكية المنفردة للخط الحديدي الذي يصل حيفا بالمنطقة ب وتتمتع بحق دائم في نقل الجنود على طول هذا الخط في أي وقت كان.. ويكون واضحا ومفهوما لكلا الحكومتين أن هذا الخط هو بهدف تسهيل اتصال حيفا ببغداد عن طريق السكة الحديدية.. وإذا كانت الصعوبات الهندسية والنفقات تستلزم إبقاء هذا المشروع قائما كخط اتصال في المنطقة البنية فقط فيصبح هذا المشروع غير ملائم وغير عملي.. وان الحكومة الفرنسية على دراية بأن هذا الخط سيمر عبر خط بولون بانياس صلخد Keis Marib tell Otsda Mesmie قبل أن يصل إلى المنطقة ب.. - يتم الاتفاق على أن الحكومة الفرنسية لن تكون في أي وقت من الأوقات طرفا في مفاوضات تهدف إلى التقليل من حقوق البلدين وأنها لن تتخلى عن هذه الحقوق في المنطقة الزرقاء لصالح أي طرف ثالث باستثناء الدولة العربية أو اتحاد الدول العربية دون اتفاق مسبق مع حكومة جلالته الذي يتعهد بمثيل ذلك لحكومة فرنسا فيما يتعلق بالمنطقة الحمراء.. - تتفق الحكومتان البريطانية والفرنسية حاميتا الدولة العربية على ألا تكتسبا لنفسيهما وألا توافقا لسواهما الاستيلاء على أية أراض في منطقة الحجاز وعدم وضع قاعدة بحرية على الساحل الشرقي أو على الجزر في البحر الأحمر.. على ألا يمنع هذا تسوية حدود عدن وفق ما يلزم نتيجة للعدوان التركي.. - تستمر المفاوضات مع العرب حول حدود الدول العربية وفق ما كانت تتم بالنيابة عن الدولتين العظميين.. - يتم الاتفاق على إجراءات السيطرة على استيراد الأسلحة إلى الأراضي العربية وفق ما تراه كلا الحكومتين مناسباً.. - تنتهي الوثيقة بالتنويه إلى وجوب إعلام الحكومتين الروسية واليابانية ودراسة مطالب ايطاليا.. بقيت الوثيقة سرية للغاية بصورة مبدئية.. وسافر سايكس إلى بطرس غراد لإعلام الروس بالصفقة التي تمت طلبا لموافقتهم عليها.. ولم يكن على دراية بأن الفرنسيين بسرية تامة قد عقدوا صفقة منفصلة مع الروس فيما يتعلق بفلسطين.. نجح المفاوض آريستايد برياند في الحصول على مساندة الروس للسيطرة الفرنسية على فلسطين التي وفقا لاتفاقية سايكس بيكو يجب أن تكون تحت إشراف حكم دولي. بقيت اتفاقية سايكس بيكو سرية لغاية الثورة البلشفية عام 1917 حيث وُجدت الوثائق في روسيا في كانون الثاني 1918 فأُعلمت بشأنها الحكومة العثمانية.. الثورة العربية: تتلخص اتفاقية سايكس بيكو في كونها صفقة سرية بين قوتين امبرياليتين لتقسيم بقايا الإمبراطورية العثمانية حال تفككها.. أما هزيمة العثمانيين فكانت أمراً آخر.. ولتحقيق هذه الغاية اختارت بريطانيا الثورة العربية.. كان البريطانيون مقتنعون من التقارير الاستخباراتية التي كانت تردهم أن جحافل العرب ستسير وراء إمرة حسين .. وحينما اندلعت الثورة في الحجاز في بداية حزيران 1916 لم يحدث أن انضمت مئات الآلاف من الجيش العثماني إلى الثورة حسبما كان متوقعا.. وبدلا من ذلك انتشرت الطائرات والسفن البريطانية إلى جانب القوات العربية من مصر البريطانية وفي كل مكان آخر من أنحاء الإمبراطورية.. وحينما اتضح ضعف الثورة العسكرية مع تواصلها وبدا اليأس من نجاحها مهيمنا اقترح ت. ي. لورنس على أن يقوم رجال القبائل بشن حملات المغاوير بقيادة بريطانية.. كان هذا يتعارض مع الاقتراح الفرنسي الذي كان مفاده إرسال المسلمين من الإمبراطورية الفرنسية إلى الحجاز ليقوموا بدور المستشارين العسكريين.. قالت الأسرة البريطانية أن العرب لن يقبلوا وجود قوات مسيحية تقاتل إلى جانبهم أو من اجلهم.. كان هذا المظهر الخارجي للحكاية في حين كان الجوهر الحقيقي أن البريطانيين لا يرغبون بتدخل الفرنسيين فيما لا يعنيهم.. وفي السادس من تموز 1917 حشد ت. ي. لورنس (مع دفعات سخية من الذهب) اتحاداً من رؤساء القبائل البدوية للاستيلاء على ميناء العقبة.. كان لورنس الذي كان يشتري رجال القبائل العربية كجنود غير نظاميين يُعرف باسم رجل الذهب بعد الاستيلاء على ميناء العقبة مما اثبت براعة لورنس في التفكير والتخطيط.. وافق السير الجنرال إدموند آللنبي القائد الآمر الجديد على إمكانية نشر رجال القبائل إلى جانب القوات البريطانية في الحملات التي تمت في فلسطين وسورية.. وفي عام 1917 أمر وزير الحرب لويد جورج بقدوم الجنود من مصر البريطانية استعداداً لغزو فلسطين.. ارتاب الفرنسيون بالنوايا البريطانية وسرعان ما أرسلوا بيكو لمرافقة البعثة.. وبالمقابل أمر البريطانيون المرتابون أيضا بالفرنسيين سايكس للانضمام إلى البعثة كوسيط.. تمت ترقية سايكس ليترأس البعثة السياسية بصفة القائد العام للقوات المصرية الخاصة بالحملة.. وبناء على الصفقة السرية التي وقعها الفرنسيون مع الروس كان لهم مطالبهم الخاصة في فلسطين.. كانت نية الغزو المصري البريطاني حماية فلسطين لصالح بريطانيا وكانت الأوامر قد صدرت لهم بعدم قطع أية وعود للعرب.. تم اختيار الجنرال آللنبي قائدا عاما جديدا في حزيران 1917 وأُرسل إلى مصر لقيادة حملة غزو فلسطين.. عبر لويد جورج عن رغبته - كما لو أنها كانت موجهة لبابا نويل - بأن يتم الاستيلاء على القدس مع حلول عيد الميلاد.. ومن كرم الأقدار أن آللنبي دخل القدس في الحادي عشر من كانون الأول عبر بوابة يافا مع ضباطه وأعلن تطبيق الأحكام العرفية على المدينة.. وشرح آللنبي لبيكو أن المدينة ستبقى تحت إشراف الإدارة العسكرية البريطانية لبعض الوقت.. وعُين رونالد ستورز حاكما عسكريا .. وحصل لويد جورج على هديته في عيد الميلاد.. كانت القوات البريطانية التابعة لمكتب الهند قد حاولت في 1915 الاستيلاء على بغداد دون أن يُكتب لها النجاح.. فعُين بعد ذلك اللواء ستانلي مود قائدا عاما.. غزا مود بلاد الرافدين واستولى على بغداد في الحادي عشر من آذار 1917 .. وفي السادس عشر من آذار أُنشئت لجنة إدارية في بلاد الرافدين بإدارة اللورد كورزون الذي كان سابقا نائب الملك في الهند.. وكان في ذلك تقرير مصير البصرة وبغداد أو بلاد الرافدين فتقررت محافظة البصرة التي تضم أكثرية شيعية للبريطانيين في حين بقيت العاصمة بغداد القديمة عربية على شكل محمية بريطانية إلى حد ما.. وفي نص اقره مجلس الحرب دعا سايكس القادة العرب للانضمام لبريطانيا ووعدهم بالحرية والاستقلال.. وكان النص يقصد اتحاد عربي شرق-أوسطي يحكمه الملك السني حسين أو احد أبنائه.. وبعد فلسطين وبلاد الرافدين جاء اجتياح سورية فبعد معركة هرمجدون الكبرى في أيلول 1918 تحرك آللنبي إلى دمشق.. كان لا بد من الاستيلاء على هذه المدينة الهامة على أن تكون وفق اتفاقية سايكس بيكو تحت إدارة عربية نظريا وتحت السيطرة الفرنسية واقعيا على الرغم من استمرار السيطرة البريطانية العسكرية عليها.. حال الاستيلاء على المدينة تم رفع راية الملك حسين من منطلق التحسس بالواجب وقد صمم هذه الراية سايكس.. المناطق الوحيدة التي كانت تحت السيطرة الفرنسية المباشرة هي المناطق الساحلية في حين كانت المناطق الداخلية على أساس أنها مستقلة تحت الحكم الهاشمي والمستشارين الفرنسيين.. وصل فيصل وجنوده متأخرين عما كان مقررا لهم ولكنهم وصلوا على الأقل.. وقد كان هذا الأمر هاما لأنه سيتيح للويد جورج فرصة القول بأن قوات فيصل كانت مفيدة في الاستيلاء على سورية وبالتالي فله الحق بتدبير شؤون سورية تحت السيطرة البريطانية بالطبع.. وفي لقاء مع فيصل أعلن آللنبي شروط حكم فيصل: بما انه يمثل الحسين فسوف يتولى تدبير شؤون سورية باستثناء فلسطين ولبنان تحت حماية فرنسية ولهذا الغرض سيكون لديه ضابط فرنسي للاتصال المباشر.. اعترض فيصل على الدور الفرنسي ولكن انتصر عليه آللنبي الذي كان يمتاز برتبة عسكرية رفيعة.. وبعد أن قاد فيصل جيوشه إلى داخل دمشق تحرك فيصل إلى بيروت في الخامس من تشرين الأول.. فما كان من شأن هذا إلا أن حرض الفرنسيين الذين تنبهوا لذلك على نشر السفن الحربية والجنود وأُجبر فيصل على مغادرة بيروت حسب الأوامر التي صدرت عن آللنبي.. تم تعيين بيكو مندوبا سياسيا ومدنيا تحت إمرة آللنبي.. وعند هذا التوقيت بدأت الشخصيات البريطانية الهامة تتساءل فيما بينها عن جدوى الحفاظ على الوعود التي قطعوها على أنفسهم للفرنسيين وفقا لما تم الاتفاق عليه في اتفاقية سايكس بيكو.. فقال لويد جورج أن هذه الاتفاقية أصبحت غير قابلة للتطبيق حيث كان للبريطانيين حصة الأسد في الفتوحات العسكرية.. وقال كورزون أنها قد أصبحت ذات طراز قديم وحتى سايكس نفسه أبدى شكوكه حولها.. الأمر المهم في هذا كان أن البريطانيين يريدون إحكام قبضتهم على الشرق الأوسط وإن كان ممكناً تجريد الفرنسيين من أية مكانة باستثناء التواجد المحدود في لبنان.. هدنة وليس سلاماً بعد المؤشرات التي كانت تفيد استعداد الأتراك والألمان لالتماس السلام تم التنظيم لمؤتمر الهدنة على متن السفينة البريطانية آغاممنون في السابع والعشرين من تشرين الأول 1918 في ليمنوس في ظل غياب الفرنسيين!... وافقت تركيا على شروط الهدنة حيث نجا قادة "حزب تركيا الفتاة" بحياتهم بعدها وتم الترتيب لإجراءات الهدنة في الغرب في الحادي عشر من تشرين الثاني 1918.. أراد البريطانيون تعزيز مواقعهم واهم من ذلك كله إخراج فرنسا من سورية. وفي عام 1919 قال لويد جورج انه طالما كان لفيصل الدور الحاسم في فتح سورية بل وتحريرها بجنوده البالغ عددهم 100.000 (وفي هذا مبالغة شديدة) فلا بد لبريطانيا من أن تفي بوعودها لحلفائها العرب ممثلين بفيصل الذي يعارض أي دور فرنسي في البلاد.. كان هذا هو المسار الذي نهجه في مؤتمر السلام الذي انعقد في باريس عام 1919 محاولا الحصول على تأييد الرئيس وودرو ويلسون لوجهة نظره.. كان مراقب النفقات الموجه ت. ي. لورنس يرافق فيصل بشكل دائم وكان هذا الأخير مدعوما بدعم مالي بريطاني.. مارست بريطانيا السيطرة الفعلية على سورية التي كانت تدير شؤونها العائلات الحاكمة العربية.. ولكن الاستمرار بالاحتلال العسكري والحفاظ عليه كان يبدو باهظ الثمن اقتصاديا وسياسيا بالنسبة لبريطانيا.. وهكذا تخلت لندن أخيرا عن مطالبتها بسورية وتركتها لفيصل والفرنسيين.. وفي كانون الثاني 1920 توصل فيصل لعقد صفقة سرية مع رئيس الوزراء الفرنسي السابق جورج كليمنصو لمنح سورية الاستقلال الرسمي تحت وصاية فرنسية أي مع بقاء المستشارين الفرنسيين.. وتم التوصل إلى تسوية نهائية (على الأقل في الوقت الراهن) في بداية عام 1920 وفقا للشروط التي وردت في معاهدة Sevres .. وطالما أن الأمر يتعلق بالشرق الأوسط فقد اشترطت المعاهدة ما يلي: وهب سورية التي تتضمن لبنان وقلقيلية لفرنسا والتي من المفترض أن تستقل في النهاية.. واستولت بريطانيا على بلاد الرافدين (العراق) وفلسطين وحصلت على الوصاية على الحجاز مما يعني أن تكون مستقلة رسميا ولكن يحكمها ملوك بريطانيون (ألعوبة) ومُنحت بريطانيا النفوذ الرسمي على مصر وقبرص وساحل الخليج الفارسي في حين حصلت ايطاليا على رودس و جزر الدوديكانيز اليونانية Dodecanese وكذلك اضاليا في تركيا. نُصب فيصل ملكا في المؤتمر القومي السوري الذي درس الأمر مليا في عام 1919 وفقا لملكية دستورية.. على أن يكون فيصل ملك سورية الكبرى (التي تضم لبنان وحوض الأردن وفلسطين) في عام 1920 .. ولكن لم يمض وقت طويل حتى حقق الفرنسيون في تموز ما كانوا يطمحون إليه فتحركوا بقيادة الجنرال هنري يوجين غورو لاحتلال دمشق عسكريا.. وحدث صدام دامٍ ونفوا فيصل وأصبحت سورية تحت الانتداب الفرنسي بقيادة فرنسية بشكل كامل.. ولكن طموحات فيصل الملكية لم تندثر فقد أصبح ملك العراق تحت السيطرة البريطانية.. وفيما يتعلق بإيران(بلاد فارس آنذاك) فقد احكم البريطانيون قبضتهم عليها من خلال الاتفاقية الانجلو - فارسية المشؤومة في عام 1919 مع الشاه احمد.. وفي مؤتمر القاهرة عام 1922 وبعد أحداث الشغب المناوئة للبريطانيين في بداية عام 1919 منحت بريطانيا لمصر الاستقلال الرسمي وتخلت عنها كمحمية تابعة لبريطانيا.. ولكن بريطانيا حافظت على حقوق معينة من خلال إعلان الملكية الدستورية في مصر.. تولت بريطانيا مسؤولية الدفاع عن مصر (مما يعني حقها في حشد جنودها على الأراضي المصرية) لحماية منطقة قناة السويس وتدبر أمر القضية السودانية من خلال الحكم المدني والعسكري والسيطرة على الاتصالات الامبريالية وصياغة السياسة الخارجية.. وأصبح فؤاد الأول ملكا على مصر في الخامس عشر من آذار عام 1922 وفي عام 1928 قام النظام الدكتاتوري.. وفي مؤتمر القاهرة تم تعيين فيصل ملكا على العراق وتمت تسمية أخيه عبد الله أميرا لحوض الأردن .. وجاءت صياغة تولي فيصل الحكم بصورة بدا فيها بأنه جاء تبعا لاختيار الشعب له وتمت المصادقة على هذه الصورة من خلال استفتاء شعبي وما إلى ذلك.. وتولى عبد الله منصبه في عمان يحصنه في ذلك الخبير الاستخباراتي جون فيلبي كمستشار له ويسانده فيلق عربي بزعامة القائد البريطاني الكولونيل ف. ج. بيك و غلوب باشا. وفي عام 1923 تم فصل حوض الأردن عن فلسطين ليكون مخففا للصدمات القادمة من وسط الحجاز.. الموضوع الذي لم تتم مناقشته أو دراسته في هذه المعاهدات كان النفط فأصبحت المنافسة ضارية بين فرنسا وانجلترا على مخزون النفط الغني في منطقة الموصل.. وانتهى هذا رسميا في مؤتمر سان ريمو في عام 1920 حيث وقعتا اتفاقا سريا لتقسيم النفط بينهما.. فعلمت الولايات المتحدة بهذا فاعترضت على احتكار كهذا وطالبت بحصتها في هذا التقسيم.. وفي معاهدة الموصل عام 1926 حصلت العراق على سيطرة شكلية على مناطق النفط وتم تقسيم المصالح بين شركات النفط فكانت حصة بريطانيا 52.5% وحصة أمريكا 21.25% وحصة فرنسا 21.25% وطالما أن الأمر يتعلق بوسط الحجاز فقد طالب حسين بلقب الخليفة في عام 1924 الأمر الذي رفضه منافسه عبد العزيز بن سعود (وكان حسين قد سمى نفسه ملك كل العرب في أواخر عام 1916 ولكن بريطانيا وفرنسا وايطاليا اعتبرته ملكا على الحجاز فقط) فأعلن ابن سعود الوهابي الحرب على حسين وباستيلائه على الأماكن المقدسة في مكة والمدينة تمكن ابن سعود من هزيمة الهاشميين فتنازل حسين عن حقه في العرش وتخلى ابنه علي عن ولاية العرش وهكذا تمكن ابن سعود الرجل المفضل لدى مكتب الهند من تنصيب نفسه ملكا على الحجاز ونجد في عام 1926.. مصير فلسطين في خضم المصالح المتبادلة تم إعلان استقلال فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني .. وهذا الفصل هو الأكثر تعقيدا في تاريخ المنطقة ومعاملة الاستحقاق والمزايا التي لن نتمكن من الخوض في تفاصيلها في هذه المقالة وسنذكر رؤوس أقلام فقط.. في حين كان البريطانيون يعدون حسين وأبناءه الهاشميين بحكم عربي كانوا في الوقت ذاته يعدون اليهود بإقامة وطن لهم في فلسطين .. وجاء وعد بلفور في الثاني من تشرين الثاني عام 1917 (الذي حمل اسم آرثر جيمس بلفور الذي كان آنذاك وزيرا للخارجية) وجاء في الإعلان ما يلي: ترى حكومة جلالته كل المصلحة في إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل كل مسعى ممكن لتسهيل انجاز هذا المشروع ولا بد من الإدراك بوضوح انه لن يتم القيام بأي شيء من شأنه المساس بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية المتواجدة الآن في فلسطين أو بالحقوق والمكانة السياسية التي يتمتع بها اليهود في أي بلد آخر.. كانت اتفاقية سايكس بيكو تنص على أن تكون فلسطين تحت نظام حكم دولي .. ولكن إدارة الأماكن المقدسة لم تكن يوما شأنا إداريا .. ومنذ البداية سعت القوى العظمى من اجل التمتع بالنفوذ السياسي في القدس من خلال الهيئات الدينية.. وكان هنالك في فلسطين الألمان الذين رسخوا وجودهم الصليبي إضافة إلى الفرنسيين والروس من خلال الكنائس الأرثوذكسية الروسية والأرمن وبالطبع شعوب المنطقة الذين كانوا من المسيحيين والمسلمين واليهود.. كان للفرنسيين طموحاتهم الخاصة في فلسطين فانتابهم الخوف أن يتأتى عن الدعم البريطاني للصهيونية إحكام السيطرة البريطانية التامة في فلسطين.. وكذب البريطانيون على العرب بالادعاء بعدم وجود أية نية لديهم لإقامة دولة لليهود هناك وكذبوا على مندوبي الصهاينة من أنهم ينوون ذلك بشكل أكيد.. واندلعت أعمال العنف بين العرب واليهود في عام 1919 وكانت جميعها ذات برمجة بريطانية مسبقة التحضير لضمان عدم التحام القوات العربية واليهودية .. وانتدبت بريطانيا على فلسطين بفرار من عصبة الأمم في الرابع والعشرين من تموز عام 1922 لا بد من التنويه إلى أن أكثر الزعماء السياسيين البريطانيين تأييدا للصهيونية كان دستوريا أكثرهم عداءاً للسامية.. ويُقال أن سايكس كان متطرفا في عدائه لليهودية ولكنه يكن كراهية أكثر للشعب الارمني .. فقد كتب يقول "حتى اليهود لهم مزاياهم أما الأرمن فليس لديهم مزايا على الإطلاق".. لا يعني هذا أن سايكس كان مواليا للعرب بل يُذكر انه كتب يصف عرب المدن بأنهم جبناء ومتغطرسين ووقحين وخسيسين وفاسدين أخلاقيا وشحيحين تماماً كما توحي أجسادهم النحيلة بذلك.. في حين وصف البدو العرب بأنهم جشعين وطماعين وأشبه بالحيوانات.. خاتمة: واليوم هاهم البريطانيون مرة ثانية في البصرة يحرسون حقول النفط الغنية وشركاؤهم بوش وتشيني يصارعون للحفاظ على السيطرة على بغداد.. لقد وعد الانجلو - أمريكيون نظراءهم العراقيون بالاستقلال والسيادة والحرية والديمقراطية.. وهاهي ذي الوحدات العسكرية العربية المنظمة في ميليشيات أو جماعات قبلية تحارب إلى جانب جيوشهم تماما كما كان عليه الحال مع لورنس العرب.. وهذا ليس ضد إمبراطورية أخرى بل ضد الشعب العراقي الذي وجد نفسه تحت نير الاستعمار الامبريالي الجديد.. وهاهي ذي فلسطين تعاني من الآلام المبرحة في خضم الصراع العربي الإسرائيلي الذي فشلت جميع القوى العظمى في حله.. وتنهال الضمانات للفلسطينيين بإقامة دولة فلسطينية جنبا إلى جنب مع الالتزام بحق إسرائيل في الدفاع عن كيانها ووجودها.. ليس هنالك على أجندتهم من خيار قابل للتطبيق لتحقيق برنامج السلام في المنطقة.. إيران على خط النار تناضل بضراوة ما بين المصالح الروسية والمصالح الانجلو- أمريكية.. والفرنسيون وضعوا سورية ولبنان نصب أعينهم.. المصدر : EIR-ARABIC Executive Intelligence Review Shades of Sykes-Picot Are Cast Over Southwest Asia العودة إلى الصفحة الأولى http://www.nysol.se/arabic |