حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
نكات ما بعد فوز "حماس".. قراءة تحليلية بقلم: طارق مصطفى حميدة - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: نكات ما بعد فوز "حماس".. قراءة تحليلية بقلم: طارق مصطفى حميدة (/showthread.php?tid=20735) |
نكات ما بعد فوز "حماس".. قراءة تحليلية بقلم: طارق مصطفى حميدة - الطوفان الأخضر - 02-06-2006 بقلم: طارق مصطفى حميدة/ رام الله – فلسطين بعد فوز "حماس" في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، تناقل كثيرون في الشارع الفلسطيني، وخاصة عبر رسائل الجوال، نكات وتعليقات ساخرة، موضوعها الأساسي هو ما ستؤول إليه الأوضاع بعد تسلم "حماس" لمقاليد الأمور في الضفة الغربية وقطاع غزة. وتهدف هذه المقالة إلى تحليل الأبعاد النفسية والاجتماعية من وراء صدور هذه النكات من جهة، ثم رواجها وانتشارها من جهة أخرى. وبحسب الدكتور شريف كناعنة أستاذ علم الإنسان بجامعة بير زيت، وأحد أبرز الباحثين في النكتة، فإنه "لا يوجد نكتة بريئة في الغالب، وأن النكتة تحتوي بالضرورة قدراً من العدوانية الموجهة، والنكتة بهذا لها هدف سيء، فضلاً عن الفائدة التي يرجوها مطلقوها من ورائها". النكتة: شتيمة مغلفة بالضحك، ولذلك يغضب منها من توجه إليه، مما يضطر المتكلم للاستدراك والتأكيد أن يمزح فقط، ولا يقصد المعنى السيء الذي فهمه من وُجهت إليه النكتة، وذلك ما يظهر من قولنا مثلاً: (أنا فقط أمزح، أنا بس بهزر،I am just kidding, I am just joking). النكتة إذن إفراز لفظي غير نظيف، بالرغم من تغليفها بالضحك، والقيام بتحليلها شبيه بتحليل الدم والفضلات لاستكشاف الأمراض الكامنة وراءها، ولا يعني التحليل النفسي لها الموافقة على مضمونها، أو التلذذ بها، كما هو الحال تماما بمن يعمل في المختبرات الطبية. العدوانية الموجودة في النكتة كثيراً ما تكون رد فعل على الألم والقهر الذي وقع من أحد الأطراف على الآخرين، وهي تعويض لفظي حيال العجز والضعف والانهزام في الواقع، ومحاولة للتكيف مع الواقع الجديد من خلال الضحك عليه. إن عملية التحليل هذه تقتضي الإجابة عن سؤالين: لماذا تصدر النكتة؟ ولماذا تروج النكتة وتنتشر بين الجمهور؟ وهذا يعني أنه ينبغي التفريق بين الجهة أو الجهات، التي يُفترض أنها وراء إطلاق هذه النكات وهم الذين ساءهم فوز "حماس"، وبين الجمهور الفلسطيني العريض الذي تناقل النكات، بما فيهم أعضاء "حماس" وأنصارها أنفسهم. من الناحية النفسية/ السيكولوجية، فإن رواج الشائعات، وبضمنها النكات، يعتمد على عنصري الأهمية والغموض، ويتناسب معهما طردياً، أما الأهمية في حالتنا هذه فتتعلق بحياة الفلسطينيين بكل تفصيلاتها وكذا واقعهم ومصيرهم، والذي يكتنفه الغموض الشديد، بسبب الانقلاب الذي أحدثته الانتخابات وتحول السلطة إلى معارضة، وتوقع استلام المعارضة للسلطة، مع ما يرافق ذلك من أسئلة كثيرة حول إمكانية قبول الجانب الإسرائيلي والمجتمع الدولي لتسلم "حماس" للسلطة، فضلاً عن حركة فتح والمحيط الرسمي العربي، ثم إمكانية التعاطي الإيجابي مع السلطة الجديدة من قبل الأطراف المختلفة، هذا القلق الشعبي جراء الغموض الكبير للمصير الفلسطيني، يستغله البعض في إطلاق الشائعات المغرضة. وبالإمكان رصد عدد من الملامح والمحاور في هذه النكات على الشكل الآتي: 1) الشعور بالقلق على المصير من قبل مروجي هذه النكات، ثم محاولة إسقاط مخاوفهم على الآخرين لتخويفهم وتحريضهم على "حماس" حتى قبل تسلمها لمقاليد السلطة، والقلق الكبير ربما يشير إلى أن أصحابه هم الذين (على رؤوسهم بطحة)، حيث أكدت "حماس" أنه ليس في برنامجها الرغبة في الانتقام ولا قلب الأمور رأساً على عقب، وبالتالي فلا معنى للقلق والخوف الكبير الذي يبديه البعض. وقد لاحظنا عدداً من النكات التي تسعى لتخويف الجمهور، وبالذات النساء، وتحريضهم على "حماس" من خلال الزعم بأنها ستفرض زيا معيناً عليهم، والطريف أن غالبية أصوات النساء كانت من نصيب قوائم "حماس"، سواء في ذلك البلديات أو المجلس التشريعي ومن قبلهما الجامعات، وكذا تحريض الإخوة المسيحيين بدعوى أن "حماس" ستفرض عليهم الجزية، بل وستكرههم على الإسلام، وتقوم بحملة ختان إجباري لهم. وقد جرت محاولات عديدة لتخويف الأخوة المسيحيين من "حماس"، لكنها باءت بالفشل حيث تحالفت "حماس" مع المسيحيين في بلديتي بيت لحم ورام الله، ودعمت مرشحاًَ مسيحياً في غزة. 2) شبهت بعض النكات فوز "حماس" بفتح مكة، مثل النكتة التي تقول بأن إسماعيل هنية قد صرح بأن (من دخل المقاطعة فهو آمن، ومن دخل بيته فهو آمن، ومن دخل بيت أبي مازن فهو آمن)، وبالطبع فإن فتح مكة هو النصر الأبرز والحدث الأعظم في السيرة النبوية، وهذا يتلاقى مع وصف الفوز بالزلزال أو تسونامي، والنكتة تشبه الرئيس محمود عباس بأبي سفيان، ذلك أن أوساطا في فتح والسلطة كانت ترغب في تأجيل الانتخابات التشريعية أو حتى إلغائها، وهم يرون أن عباس هو السبب فيما جرى، ويلقون عليه باللائمة أن جعلهم ينهزمون أمام "حماس" بإصراره على إجراء الانتخابات في هذه المرحلة. والنكتة فيها قدر من التهكم التحريضي لأبناء فتح ألا يقبلوا التزام بيوتهم وعدم ترك الميدان لحماس. 3) الكثير من النكات وهي تتحدث عن عمق التغيير وشموله، تجمع بين الشعور بضخامة الحدث من جهة، والتحريض عليه من جهة أخرى؛ فرياح التغيير طالت اللواء الرجوب فأعلن انتماءه لحماس، والرئيس عباس الذي يتصل بإسماعيل هنية ليوقظه على صلاة الفجر بحيث يصبح حمساويا أكثر من قادة "حماس" أنفسهم، فضلاً عن حملة الإكراه في اللباس، وتغيير ألوان السيارات. 4) التأكيد على أن "حماس" ستفشل في تأمين المتطلبات المالية للمجتمع الفلسطيني، كما يظهر ذلك في النكتة التي تقول بأن "حماس" ستوزع التمر على الموظفين عوضا عن الرواتب، وأن وزير الصحة/ الدكتور الزهار سيوقف التحويلات والعلاج في الخارج ويقرر العلاج بالعيادات القرآنية، أو أن "حماس" ستلغي مراكز الشرطة لأن الشكوى لغير الله مذلة، في تحريض سافر على "حماس" حتى قبل تسلم مقاليد السلطة. والملاحظ أن حملات التخويف من أن فوز "حماس" سيوقف الدعم الخارجي، لم تتوقف منذ شهور طويلة ومع بدء الانتخابات للمجالس البلدية، لكن المؤكد أنها لم تفلح بل أدت إلى نتائج عكسية بدليل نتائج الانتخابات. 5) حاولت النكات الادعاء بأن "حماس" إذا استلمت السلطة، فلن تستطيع أن تغير شيئاً ذا بال، وستكون تغييراتها شكلية مضحكة، كتغيير لون السيارات العمومية إلى اللون الأخضر، وتغيير السلام الوطني إلى "طلع البدر علينا"، وتغيير اسم مدينة البيرة إلى زمزم. 6) وكذلك يسعى مروجو النكات إلى الادعاء بأن "حماس" ستكون مضطرة إلى أن تكرر تجربة فتح والسلطة، والتي كانت تعيبها "حماس" عليها، لأن السبب في إخفاق فتح هو الظروف الموضوعية، وحتى لو كانت المشكلة في فتح فإن "حماس"، كما تؤكد النكات، ليست أحسن حالاً، وستتخلى عن الثوابت وتترك المقاومة تحت ضغط الظروف المحيطة، وسيكون هناك تبادل للأدوار كما يقول المثل الشعبي: (جمل محل جمل برخ). كما يتضح من النكتة التي تقول بأن (كتائب الأقصى التابعة لفتح قصفت مستوطنة سديروت، حيث استنكرها الزهار فيما اعتقل دحلان من قبل محمد ضيف لأنه أشاد بالعملية). وهذه النكتة تتضمن أيضاً الأمور التالية: أ- إدراك فتح أن السبيل الوحيد لتدارك نفسها والقيام من عثرتها، هو بالعودة لخيار المقاومة، وهو ما يتضح أكثر من إشادة العقيد دحلان بالعملية، وليس فقط من خلال قصف كتائب الأقصى للمستوطنة، والذي يتكرر باستمرار. ب- محاولة إظهار العقيد دحلان بالبطل والمخلص والمنقذ لحركة فتح، المعبر عن ضميرها، من خلال دعمه لكتائب الأقصى، واستعداده لأن يُسجن في سبيل تأييدها، الأمر الذي يشير إلى أن أوساطاً قريبة من دحلان قد تكون هي التي تقف وراء هذه النكتة ونكات أخرى غيرها، وفي الوقت الذي صورت فيه النكات الرئيس عباس والرجوب بالاستسلام للواقع الجديد، فإن البطل الوحيد في السلطة والمستعد لقيادة فتح ومناكفة "حماس"، كما تصور النكات، هو دحلان. ت- توقعت هذه النكتة أن يكون محمد ضيف مسئولا أمنياً، ونكتة أخرى توقعته وزيراً للداخلية، فيما يبدو الزهار وكأنه رئيس للوزراء، أو وزير للصحة كما في نكتة أخرى، وتصورت نكتة ثالثة إسماعيل هنية رئيساً للوزراء، وذلك في محاولة للإجابة عن الأسئلة الكبيرة حول شكل الوضع القادم ومواقع الشخصيات البارزة فيه. 7) حاولت العديد من النكات اجترار الشبهات التي كانت تثار ضد الحكم الإسلامي منذ عشرات السنين، والتي لم تفلح في تنفير المسلمين ولا غيرهم، في بلادنا وفي الخارج، من الإسلام ودعاته وحكمه. ما يشير إلى الإفلاس الكبير الذي يعانيه مطلقو هذه الشائعات. ومن ذلك الموقف من المرأة، والمسيحيين، ونظام العقوبات الإسلامي، وادعاء أن حكم الإسلام هو عودة للخيمة ونخيل الصحراء، واستبدال البنادق بالسيوف والسيارات بالجمال. 8) استدعاء النموذج الطالباني وربط "حماس" به، من خلال الادعاء بأن "حماس" ستفرض الزي الأفغاني على الناس. والمضحك أن أعضاء "حماس" أنفسهم لا يلتزمون بهذا الزي. 9) كان واضحاً استهدف كثير من النكات للدين نفسه، وقد يرجع ذلك إلى أن البعض لشدة إحساسهم بالقهر، قد تعدى غضبهم من المتدينين الذين فازوا عليهم، إلى الدين الذي يحملونه، إذ لا يعقل أن يقوم مسلم بالسخرية والتهكم من شعائر الدين، وأحكام الشريعة. 10) بدأت بعض النكات بتقليد مقدمات الأحاديث النبوية الشريفة، مثل (عن أبي هنية رضي الله عنه، وعن ابن الزهار رضي الله عنه)، وذلك كما لو كان الزهار وهنية صحابيين، وكأن النكات تقول للفلسطينيين في صيغة تهكمية حانقة: لقد اخترتم "حماس" وعلى رأسها الزهار وهنية واعتبرتموهم من الصحابة وهم ليسوا كذلك، فيما نظرتم إلينا كشياطين، ففضلتموهم علينا وانتخبتموهم من دوننا، وفي الوقت الذي تنفي النكات كون قيادات "حماس" من الصحابة فإنها تريد الإيحاء بأنهم على النقيض تماماً. مؤكدة أن تدينهم غير حقيقي كما يتضح من النكتة التي تقول بأن الرئيس عباس قد اتصل فجراً بإسماعيل هنية ليوقظه على صلاة الفجر، فرد عليه الأخير: خلاص وصلنا. حيث يدعي مطلقو النكتة أن قيادات "حماس" كانت تتستر بالدين وتتخذه سلماً للوصول إلى السلطة، وهنا إقرار بأن التدين كان العنصر الأبرز في نجاح "حماس"، فيما كان عدم الالتزام بالدين السبب الرئيس في إخفاق غيرهم. وهذا النوع هو من قبيل التفكير الرغبوي الذي يتمنى أصحابه أن تترك "حماس" مبادئها فتترك الصلاة وتعتقل المناضلين حتى لا يعود لها فضل ولا ميزة على الذين فازت عليهم. 11) لاحظ الدكتور كناعنة، في حديث له مع كاتب هذه السطور، "أن كثيراً من هذه النكات لم تنضج بما فيه الكفاية لتصبح نكات حقيقية، وإذا كانت النكتة شتيمة مغلفة بالضحك، فإن هذه النكات أقرب إلى الشتائم المباشرة وفشة الخلق"، وبالكاد نلمح ضحكة صفراوية لم تفلح في إخفاء الوجوه العابسة، وهي تعكس الحالة النفسية لمطلقيها من جهة، كرد فعل سريع غاضب لم يمر بالعقل ولم يأخذ وقتاً للتفكير، وهو ما يفسر تهجم العديد من النكات على الدين نفسه، والذي لا يقوم به مسلم يعي ما يقول. وقد يكون من أسباب عدم نضوج هذه النكات أيضاً، أنها لم تجد البيئة الشعبية الموافقة لها والمتفاعلة معها، كما أن تناقلها بواسطة الهاتف النقال يحشرها في النص الأصلي ويضيق عليها فرص التطور. 12) ويتضح غياب الوعي والإضحاك من خلال النكات التي تتحدث عن اتهامات غير واقعية، أو التهكم على أمور هي بمثابة مزايا وحسنات، فالنكات التي تتحدث عن أن "حماس" ستستبدل البنادق بالسيوف، وأنها ستفرض الزي الأفغاني أو الدشاديش تتجاهل أن غالبية أبناء "حماس" لا ترتدي هذا الزي، وأن مجاهديها هم المهندسون وصانعو الصواريخ، وبالتالي فإن كثيراً من هذه النكات كانت موضوعاً للتنكيت على طريقة تفكير أصحابها. وبالمثل النكتة التي تقول (عن ابن الزهار رضي الله عنه أنه لن يستبدل بعيره بسيارة مرسيدس ولو كانت شبحاً)، هذه النكتة كما يبدو تشير إلى تصريح للزهار أو أحد إخوانه أنهم لن يقبلوا أخذ السيارات المخصصة لأعضاء التشريعي وسيستخدمون سياراتهم الخاصة، وهو أمر إذا صح فإنه يستدعي الاحترام والإكبار وليس التهكم، وقد يكون المزعج في الموضوع أنه يضيف مكرمة للفائزين تثير حفيظة راكبي الشبح. وكذلك فإن القول بأن قيادة "حماس" ستتمسك بالبعير هو محاولة للإيحاء بأن "حماس" ستعيدنا إلى عصر الجمل والخيمة، وفي النكتة دفاع عن النفس أن ركوب المرسيدس الشبح هو عنوان التقدم والحضارة، وليس من باب البذخ والتعالي على الناس، فيما الاحتفاظ بالسيارة الشخصية ليس تواضعا ولا زهدا وتقليدا للصحابة، وإنما هو تأخر وعدم مواكبة للحضارة والواقع. وفي الختام فإنه من غير المتوقع أن يكف البعض عن التهكم والتهجم على "حماس" وإطلاق الشائعات المغرضة ضدها، ومن المتوقع رواج هذه الشائعات ما دام الغموض سيد الموقف، وذلك حتى ينقشع الغمام وتتحدد معالم المرحلة المقبلة. (منقول طبعا) :) |