حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
قيم ، أخلاق ، و أوهام - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: عـــــــــلــــــــــوم (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=6) +--- المنتدى: فلسفة وعلم نفس (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=84) +--- الموضوع: قيم ، أخلاق ، و أوهام (/showthread.php?tid=2114) |
قيم ، أخلاق ، و أوهام - Awarfie - 11-30-2008 قيم ، أخلاق ، و أوهام يقول جان بول سارتر ، بأن الانسان خلق التقاء ، و يموت بالصدفة . و يقول كارل ماركس، الانسان منتوج حضاري . و تقول أحدث النظريات العلمية بشان أصل الانسان ، انه ككل كائن حي آخر، خلق من وحيد خلية ، و تطور مع بقية الكائنات الحية التي نعرفها اليوم، بعيدا عن أية سببية مقدسة ، او غاية محددة ! مع الزمن ، أدرك الانسان بانه يتمتع بموهبة اللغة ، فتتطورت طريقة التخاطب مع الآخر . ثم بدا الانسان يستخدم موهبة اللغة في علاقاته الانتاجية ، فتحولت الى أداة فعالة في ضبط الجماعات ، و توحيد الافكار ، و نشر العقائد . مع مرور الوقت ، و مع اتساع الهوة ما بين الحيوان و الانسان، عقليا . بدأ الانسان يحدد كل ما يفيده في الحياة ، من قيم نسبية . فكانت للعصا قيمة محددة ، بقدر ما تقدم من فائدة ، و قيمة معنوية يتم التحدث بشأنها اجتماعيا او أدبيا ! فنجد النبي موسى - كما تراه الديانات الشرق اوسطية – لما كلمه الله ، كي يعلمه ، بان لديه عصا، ستكون ذات فائدة كبيرة ، و ساله : -" وما تلك بيمينك يا موسى " ؟ = " هي عصاي أتوكا عليها ، و أهش بها على غنمي، و لي فيها مآرب اخرى " . و كان للسيف قيمته النسبية أيضا ، فنجد مثلا ، في التراث الديني المسيحي رؤيا حزقيال " واذا ارسلت عليكم الجوع والوحوش الرديئة فتثكلك ويعبر فيك الوبأ والدم واجلب عليك سيفا.انا الرب تكلمت " . و للكلمات قيم أيضا ، بغض النظر عن معناها او شكلها . فنجد في التراث المسيحي ، عبرانيين ، عن الكلمة أنها " حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين " . ولو نظرنا الى ما تحمل الصداقة من قيم ، لدى الشعوب، لوجدنا تعابير كثيرة جدا ، مثلا : - الصداقة كنز جميل . - وهي اغلى من الذهب . - و هي أغلى ما في الوجود .....الخ . اذا ، فقد حدد الانسان لكل ما حوله قيما مادية ،او قيما روحية . و تلك القيم اكتسبت محتواها، و احترامها، و مراتبها النسبية ، بمقدار ما تقدم من فوائد للانسان . فجلد دب قطبي ، اذا وقع في يد أحد أفراد قبيلة تعيش على خط الاستواء، لن تكون له القيمة التي يحملها، كما لو كان في يد أحد افراد قبائل الاسكيمو و الذي يعاني من برودة القطب الشمالي. لم يكتف الانسان بتحديد قيم للبيئة من حوله، او للأدوات التي يستعملها ، أو للكلمات و معانيها ، او للعلاقات مع البشر ، أصدقاء كانوا ، أم خصوم . فابتكر كلمات ذات قيم سلبية ، مثلا ، كلمة "الخيانة "، "العداء" ، "العمالة " ، " التواطؤ" ، " الشهادة "، وغيرها كثير، من الكلمات التي تعكس حالات يكرهها المجتمع . لكن تلك الكلمات المجازية ، لم تكن الا تعبيرات حقيقية عن قيم يحصل عليها الانسان في سياق علاقاته الانتاجية . فالناس تكره الخائن لانه يضر بمصالحهم ، و تكره العميل للسبب نفسه . لكن الناس تعظم ، بل و تقدس، من يضحي بروحه ، في سبيل مصالحها ، كما يفعل "الشهيد" فيقيم الحكام للشهداء الذين ماتنوا أثناء خدمتهم في الحروب ، تماثيل رمزية، و لم تشذ الدول التي كانت شيوعية عن هذا الامر ، و بالطريقة نفسها التي فعلتها دول فاشية ، او نازية ، او بعثية . و تعتبر كلمة "الشهيد" ، مثار جدل عميق ، لدى من لم تضللهم الأيديولوجيا . حيث نجد ان الشهيد في تراث الشعوب كافة يمثل " أكرم من في الدنيا ، وأنبل بني البشر" . مما يجعلك تسال نفسك ، هل حقا ان الشهيد له القيمة نفسها لدى كل الشعوب ، لكنك تصل الى ان ما هو" شهيد" لدى شعب معين ، ما هو الا "خصم معادي سقط مضرجا بدمه " بالنسبة للشعب المجاور الذي يعاديه ! اذا فالقيم نسبية ، و تحصل على مراتبها بقدر ما تقدم من خدمات مادية او معنوية لكل شعب على حدة ! ثم كانت الاخلاق ، و نلاحظ أن الاخلاق تكاد تكون موحدة لدى كل الشعوب تقريبا . فكل الشعوب تؤكد على مساعدة الضعيف ، و كلها تؤكد على اغاثة الملهوف ، و كلها تؤكد على تقدير فوق عادي للام ، و كلها تؤكد على احترام الشهادة في سبيل الله ، وهي ذات شرف رفيع لمن يقوم به – ألا يذكرنا هذا بما للارهاب من دور في عالمنا المعاصر !! اذا فما هي الاخلاق ؟ وهل هي تنفصل عن بقية القيم التي حددها المجتمع ؟ و هل الاخلاق تاتي من السماء ام تخرج من رحم العلاقات الانتاجية الاجتماعية لبني البشر ؟ فلو تناولنا مسالة تكريم الام كقضية اخلاقية عالمية ، لوجدنا انها تعود الى دور كانت فيه الام مصنع الحياة الأهم ، و سيدة المجتمع ، و صانعة الحضارة ، و مالكة المعابد ، و لها السيادة على المجتمع بكل مستوياته . يوم خرج للعلن عيد الام ، اذ كان عيد الالهة الام ، التي عبدتها الشعوب كافة ، تقريبا ، أثناء مرحلة الامومة ، و قبل ان تتغير التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية ، و يصبح الرجل مالكا للانتاج و سيد الموقف في المجتمع الانساني ، و خالقا لايديولوجيته الخاصة به . و لا يخلو شعب من وقت محدد يحتفل فيه بعيد الام ، اكان احتفالا ادبيا ، او مهرجانات كبيرة كما في عيد النوروز ، او غيره . ثم تطور مفهوم الام ليفقد قيمته الحقيقية و ليصبح مجرد عبارة تذكر في مناسبات ادبية و في طيات الكتب ، مثلا ، نجد في التراث الاسلامي حديث لقثم القرشي ، الملقب بمحمد، يقول فيه لرجل جاءه ، وهو (الرجل ) خجل ، لعدم قدرته على الذهاب الى المعركة لحاجة امه العجوز اليه . فقال له قثم ، ان الزم امك ، فالجنة تحت أقدام الامهات ". و خير مثال على فقدان الام للقيمة الكبيرة التي كانت تتمتع بها ، يوم اصدرت الام السيدة في الحضارات الامومية ، فرمانها القبلي ( من قبيلة ) بقيام عيد سنوي لتكريم الام ، هو وضع المراة الماصرة في أغلب دول العالم الثالث ، حيث لا تحصل المراة ، أمـاً ، كانت ، او مراهقة ، او أختاً ، أو موظفة ، على الحد الادنى من الحقوق التي منحتها اياها الدول المتقدمة . ولو أتينا الى "الصداقة " لوجودنا ان تلك القيم الكبيرة ، التي يضفيها الناس على الصداقة ، تعود الى ان الصداقة تؤمن لهم فوائد مادية ، اضافة الى فوائد معنوية ، او روحية ( لا علاقة للارواح بذلك ) نفسية ! و لكن الناس لا تنتبه الى مسالة القيمة المادية ، مع انها تعيشها يوميا ، لكنها تركز في الحديث عن الجانب الروحي في الصداقة . ولو ناقشنا قضية " احترام الصغير للكبير" ، كقيمة اخلاقية كانت على درجة عالية من الاهمية في العصور السابقة ، و ينبع ذلك التكريم من اهمية ما يحمل العجوز من معارف ، و مهارات، و خبرات ، ذات قيمة عالية للمجتمع ، مما يتطلب تكريم صاحبها كي يتم نقلها عبر الاجيال ، لتستفيد منها الناس . لكن مع تطور المجتمع ، و انتشار الثقافة افقيا و عاموديا ، اصبحنا نلاحظ ان فتى في الخامسة عشرة ، اصبح قادرات على امتلاك معارف و خبرات قد تزيد عن جده العجوز . اذ لم تعد الثقافة حكرات عهلى الكبار ، و لم يعد الخبر متداول بين الكبار ، فوسائل الاعلام لم توفر كبيرا او صغيرا في نقل المعلومة ، مهما كان نوعها ، اجتماعية او فنة او عسكرية او سياسية . و هكذا بدات العولمة ، بالتآزر مع الحرية الفردية ، تقلل من قيمة فكرة "احترام الكبير " ! و هكذا نجد اننا لو اخذنا أية فكرة ، ذات قيمة أخلاقية ، بعيدا عن المصلحة المادية ، او الروحية ، التي تكمن خلفها ، لأصبحت تلك الفكرة فارغة ، لا معنى لها ، بل هي مجرد وهم يحمله الناس ، و كأنه شيء مقدس . اما المقدسات نفسها ، فقد اكتسبت معانيها و قيمتها مما يحمل الناس لها من ذكرى ، بشان ما قدمت ذات يوم ، او ما يمكن ان تقدم آنيا ، للناس ، من فوائد، او خير، او بركة . فلا شيء ، في قرارة الناس ، يحمل بعدا قدسيا ، ما لم يكن ذي علاقة بتقديم فوائد لتلك الناس . من هنا تتحول المقدسات ، اذا ما عزلت عن معناها ، و طرحت من باب ما تقدم من فوائد حقيقية للناس ، لتصبح عبئا على الناس و أوهاما يجب التخلص منها . ماذا لو اخذنا فكرة الموت في سبيل قضية . بغض النظر عن تلك القضية ، اذ ليس في هذه الدنيا من لا قضية هامة لديه . فلو اخذنا قضية الجهاد في سبيل الله في التراث الاسلامي الشيعي ، لوجدنا في حديث للامام الخميني ، يتحدث عن الجهاد الاكبر ، و يقول " هي صراع جنود العقل ضد جنود الجهل . جنود العقل ، هي النفس الذاكيه ، الذكيه ، التي يحويها هذا الجسم الترابي، و جنود الجهل ، هي النفوس الامارة ، المتمرده ، على العقل ، المعبر عنها فعليا بالشيطانية ... " و الجهاد واجب . اما البخاري فقد روى عن حديث اقثم القرشي يقول فيه " ان في الجنه مائه درجة ،اعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ، ما بين الدرجتين كما بين السماء والارض " فحاجة قثم الشديدة لشهداء يموتون في سبيل قضيته جعلته يقدم للاحياء المقبلون على الموت ترضيات مجانية ، خيالية ، و وهمية ، تدفعهم للقبول بالتضحية في سبيل قضية الاسلام ! اما في المجتمع الشيوعي و مع قيام الثورة الروسية عام 1917 ، فقد كان الحديث عن المكوت في سبيل الوطن الشيوعي لا يختلف عن أي حديث حول الدفاع عن الوطن في اية دولة او دويلة عاديبة تتعرض لخطر من جارتها ! و نسأل ، ما هي قيمة القيم ؟ أوليست هي الحياة نفسها ؟ التي تقدم لنا ما يلزم لنتبقى على قيد الحياة ! اوليست كل القيم هي عصارة ما نرجوه من الحياة ، و بأشكال مختلفة ! فما هي القيمة التي تعادل التخلي عن الحياة ؟ الواقع ان لا قفيمة في الدنيا تعادل التخلي عن الحياة ! ولا يمكن ان تتواجد هناك قيمة ، او قيما متعددجة ، مهما كان مجموعها ، لتعادل قيمة الحياة . و كل ذلك الحديث عن القضية التي تستوجب الموت في سبيلها ما هو الا أيديولوجيا سرابية تنشرها فئة ، او شريحة ، او طبقة ، من الناس لوصول الى ما يحقق مصالحتها الجماعية في البقاء و الاستمرار . فالانسان يخلق تلقائيا ، حيث لا راي له ، فهل يحرم نفسه من حق الحياة ، بعد ان اصبح حرا . و ما هو المقابل لموت في سبيل الغير ؟ في التراث الاسلامي ، نجد ان الجنة هي البديل الافضل من الارض حيث يجد المؤمن الجنان و اللبن و العسل و العين الحور و الغلمان و كل ما يشتهي من رغبات . لكن ما هو المقابل الذي تطرحه الاشتراكية من قضايا، على الطريقة الستالينية ؟ انها تتحدث عن ضرورة موت الفرد في سبيل الطبقة ! و نسأل ، هل الطبقة تهمني كثيرا ! هل تهمني تلك الطبقة ، اكثر مما تهمني حيوات بقية بني البشر ، المعذبة في كل مكان على هذه الارض . و لماذا علي ان أموت في سبيل تلك الطبقة !!! ما دمت لن اتمتع بشيء ، مقابل موتي لصالح تلك الطبقة، او بالاحرى لصالح الفئة الحاكمة باسمك تلك الطبقة ! فليس هناك جنة اوعد بها، ولا اعادة احياء لأعيش حياة ثانية ، او اكثر من حياة ! اذً ،فموتي مجانيً ، ولا يبرره سوى اوهام اؤمن بها كاشتراكي يسعى الى تطبيق العدالة الاجتماعية على حساب ذاته ن أو كاسلامي يسعى للحصول على جنة وهمية ! قيم ، اخلاق ، و أوهام ، نعيشها يوميا ، و لحظويا . قلما نفكر فيها ، و اذا فعلنا فان عواطفنا ، و عقد نفسية نعانيها ، من شعور بالنقص ، أو شعور بالذنب ، أو حب الظهور ، او غير ذلك ، اضافة الى الأيديولوجية التي تربينا عليها ، تجعلنا نجهل التمييز بين القيم الحقيقية التي نحتاجها في حياتنا، و القيم التي يطلب منا احترامها، و الموت في سبيلها . أوهام كثيرة نقنع انفسنا بأهميتها ، او يتم اقناعنا بها ، كي يستمر النوع البشري في البقاء ! لكن ما اهمية استمرار النوع البشري ؟ أوليست هذه المسالة ، اهم من استمرار الطبقة بحد ذاتها ؟ من الذي يقرر أهمية موت الفرد في سبيل سبع مليارات فرد آخر . و ما قيمة تلك المليارات السبع مقابل قيمة حياتي ! و هل موتي أهون علي، من موت سبع مليارات كائن بشري آخر! انها ام القضايا ، فهذا الجنس الحي ، و الذي نتج عن تطور لا سبب اخلاقي له ، و لا غاية اخلاقية سوى البقاء ، يخترع لنفسه يوميا الاساطير و الاوهام ليستمر على قيد الحياة ، و ليجدد نموه يوميا . اننا نعيش في بحر من القيم النسبية ، و الاخلاق الوهمية ، و الأوهام التي لا تعد ولا تحصى . تحياتي . |