حدثت التحذيرات التالية: | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
مصادر التشريع الإسلامي (للفائدة) - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5) +--- المنتدى: الحوار الديني (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=58) +--- الموضوع: مصادر التشريع الإسلامي (للفائدة) (/showthread.php?tid=22245) الصفحات:
1
2
|
مصادر التشريع الإسلامي (للفائدة) - كمبيوترجي - 12-11-2005 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله العلي القدير، نحمده و نستعينه، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا؛ و صلى الله على سيدنا محمد النبي الأمّي العربي الأمين و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين... هذا الموضوع أنقله لكم من كتاب "نظام الإسلام" المدرس في كلية الشريعة و أصول الفقه في الجامعة الأردنية حيث أدرس، و قد أعجبني و أحببت أن أضعه لكم للفائدة. [CENTER]مصادر التشريع: مصادر التشريع الإسلامي هي أدلته التي يستند إليها، و يقوم عليها، و هذه الأدلة قسمان: أدلة متفق عليها بين جمهور العلماء، و هي الكتاب و السنة و الإجماع و القياس، و أدلة مختلف فيها، لم يتفق العلماء على الاستدلال بها، و اِهرها الاستحسان، و العرف و المصالح المرسلة، و سد الذرائع، و شرع من قبلنا، و مذهب الصحابي. و من المفيد قبل أن نتكلم عن كل دليل من الأدلة الشرعية، المتفق عليها و المختلف فيها أن نشير إلى الأمور التالية: الأول، و ما هذه الأدلة إلا مبينة أو كاشفة لأحكام الله تعالى، و ليست منشئة لها. الثاني. الثالث: أن الأدلة الشرعية نوعان: نقليّة و عقلية أما الأدلة النقلية فهي الكتاب و السنة، و يندرج تحت هذا النوع الإجماع و العرف و شرع من قبلنا، و رأي الصحابي، فكل منها راجع إلى العمل بأمر منقول لا دخل لعقل المجتهد فيه. و النوع الثاني الأدلة العقلية: و هي التي يصل إليها المجتهد بإعمال عقله كالقياس و المصالح المرسلة و سد الذرائع و الاستحسان في بعض وجوهه (أحمد الشافعي: "أصول الفقه الإسلامي"، ص26؛ زيدان: "الوجيز في أصول الفقه"، ص144). و هذا التقسيم هو بالنسبة إلى أصول الأدلة، و إلا فكل واحد من النوعين محتاج إلى الآخر، لأن الاستدلال بالمنقول لا بد فيه من التأمل و التدبر، كما أن الاستدلال بالمعقول لا يكون معتبرا شرعا إلا إذا كان مستندا إلى النقل (زيدان: "الوجيز في أصول الفقه"، ص145). و إليكم التعريف بهذه الأدلة: الدليل الأول: القرآن القرآن هو الأول من أصول التشريع الإسلامي، فأي راغب في الاهتداء إلى أي حكم شرعه الله تعالى في دين الإسلام يجب أن يتجه أول ما يتجه إلى القرآن الكريم قبل أن يتجه إلى أي مصدر آخر كسنة أو إجماع لأنه {لا يأتيهِ الباطِلُ من بينِ يديهِ و لا من خلفِهِ تنزيلٌ من حكيمٍ حميد} [فصلت:42] و لأن كل ما جاء فيه يقين لا شك فيه. و من أسماء القرآن الكريم الكتاب و الفرقان و الذكر و التنزيل، و قد روعي في تسميته قرآنا كونه متلوا بالألسن، كما روعي في تسميته كتابا كونه مدونا بالأقلام (انظر ابن نجيم: فتح الغفار، ج1، ص10، صبحي الصالح: مباحث في علوم القرآن، ص17). و مع أن القرآن الكريم غني عن التعريف، فإن العلماء عرفوه تعريفا علميا ليبنوا على هذا التعريف أمورا يجب أن يعرفها الدارسون. تعريف القرآن: هو كلام الله تعالى المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم باللفظ العربي المتعبد بتلاوته و المنقول إلينا بالتواتر، و المتحدى به للإعجاز(انظر: ابن نجيم، "فتح الغفار"، ج1، ص10، الغزالي: "المستصفى"، ج1، ص65، زكي الدين شعبان: "أصول الفقه"، ص33). أنواع الأحكام في القرآن الكريم: اشتمل القرآن الكريم على جميع الأحكام التي تهم البشرية في الحياة الدنيا، و في الآخرة، و يمكن تقسيم الأحكام إلى الأنواع الآتية: أولا: الأحكام الاعتقادية: و هي التي تتعلق بالعقيدة كالإيمان بالله و رسله و اليوم الآخر. ثانيا: الأحكام الأخلاقية: و هي التي تتعلق بتزكية النفوس، و بيان الأخلاق القويمة التي ينبغي على المسلم أن يتخلّقَ بها، و الأخلاق الرّديئة التي ينبغي على المسلم أن يتخلى عنها. ثالثا: الأحكام العملية و هي قسمان: القسم الاول: أحكام العبادات التي تنظم علاقة الإنسان بربه. القسم الثاني: أحكام المعاملات التي تنظم علاقة الناس ببعضهم البعض، و هذه الأحكام تضم أحكام الاحوال الشخصية، و الأحكام المالية، و الاحكام الجنائية، و الأحكام الاقتصادية و الأحكام الدولية و احكام المرافعات و غيرها. بيان القرآن للأحكام: جاء بيان القرآن للأحكام على ثلاثة أنواع: النوع الاول: بيان كلي، أي ذكر القواعد و المبادئ العامة مثلا أمر بالشورى و العدل و وجوب ا لوفاء بالالتزامات، و قاعدة الضرورات تبيح المحظورات. و الحكمة من وراء ذلك ان الشريعة جاءت خاتمة الشرائع، و حتى ترافق البشرية مع تقدمها و تطورها فقد اقتضى ذلك ان تتصف نصوصها بالمرونة و الشمول، فجاء النص القرآني يشير إلى المبدأ الأساسي الذي يجب الالتزام به، و ترك تفصيله و تطبيقه لعلماء الامة حسب مقتضيات الزمان و المكان. النوع الثاني: بيان إجمالي، أي ذكر الاحكام بصورة مجملة تحتاج إلى بيان و تفصيل، مثل وجوب الصلاة و الزكاة و حل البيع و حرمة الربا، و قد فصلت السنة النبوية ما كان مجملا. النوع الثالث: بيان تفصيلي، أي ذكر الأحكام بصورة تفصيلية لا إجمال فيها، مثل أنصبة الورثة، و المحرمات من النساء في النكاح، و الحدود كحد الزنا و السرقة و القذف و غير ذلك من الاحكام التفصيلية. و الحكمة من البيان التفصيلي أن هذه الاحكام إما تعبدية توقيفية لا يصح الاجتهاد فيها، و إما أنها احكام معقولة لمصالح ثابتة لا مجال لتغييرها بتغير الزمان أو اختلاف البيئات (الدواليبي: "المدخل إلى علم أصول الفقه"، ص28؛ محمد الزجيلي، "أصول الفقه الإسلامي"، ص130). يتبع (f) مصادر التشريع الإسلامي (للفائدة) - كمبيوترجي - 12-11-2005 الدليل الثاني: السنة و السنة النبوية اسم لما صدر عن النبي صلى الله عليه و سلم من قول او فعل أو تقرير. و معنى التقرير أن يقول أو يفعل الصحابة شيئا بمحضر الرسول فيسكت عنه أو يستحسنه. و ليس كل ما نقل عن الرسول من أقوال أو أفعال أو تقريرات يعتبر تشريعا للأمة بل منه ما يكون كذلك، و منه ما لا يكون. فالنبي صلى الله عليه و سلم إنسان كسائر الناس اختاره الله للرسالة. و لم تخرجه النبوة عن الصفة البشرية، فما صدر عنه بوصفه رسول الله و كان مقصودا به التشريع فهو حجة، و ما صدر عنه بصفته البشرية فليس بسنة و لا حجة، و من هذا النوع ما صدر عن النبي صلى الله عليه و سلم مقتضى الطبيعة البشرية من أكل و شرب و نوم و قيام و قعود، و كذلك ما صدر عنه بمقتضى خبرته البشرية في الحياة كالتجارة و الزراعة و قيادة الجيش، و منه أيضا ما كان خاصا بالنبي صلى الله عليه و سلم مثل وصاله في الصوم، و التزوج بأكثر من أربع زوجات، و اختصاصه بوجوب التهجد في الليل. و لم يختلف الفقهاء في كون السنة المصدر الثاني للتشريع بجانب القرآن الكريم، و انه يجب الأخذ بها و العمل بمقتضاها متى صحت، و ثبتت عن الرسول صلى الله عليه و سلم، كما يدل على ذلك قوله تعالى { و ما ءاتاكُمُ الرّسولُ فَخُذوهُ و ما نهاكُمْ عنهُ فانْتَهوا} [الحشر:7]. و قوله تعالى: {فلا و رَبِّكَ لا يُؤمنونَ حتى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بينهم ثُمّ لا يَجِدوا في أنفُسِهِمْ حَرَجاً ممّا قَضَيْتَ و يُسَلِّموا تَسْليما} [النساء: 65]. أنواع السنة بحسب روايتها: و السنة باعتبار الرواية ثلاثة أنواع هي: سنة متواترة و سنة مشهورة و سنة آحاد. أما السنة المتواترة فهي التي رويت في العصور الثلاثة الأولى بواسطة جمع يمتنع عادة تواطؤهم على الكذب، و هي كثيرة في السنن الفعلية لإطلاع جمهور المسملين على فعل الرسول الصادر عنه و بخاصة ما كان يتكرر كل يوم كالوضوء و الصلاة، و هذا متفق على وجوب العمل بها لثبوتها بطريق القطع. و أما السنة المشهورة فهي الأحاديث التي يرويها واحد أو عدد من الصحابة لا يبلغون حد التواتر ثم يرويها عن الصحابة جمع يبلغ حد التواتر من التابعين لا يتأتى تواطؤهم على الكذب، ثم يرويها عن التابعين جمع من تابعي التابعين يبلغ حد التواتر، و مثلها حديث "إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى" (حديث صحيح أخرجه الستة). و السنة المشهورة تفيد الرجحان أي الظن القريب من اليقين. و أما سنة الآحاد و هي ما رويت عن الرسول صلى الله عليه و سلم بواسطة عدد لا يبلغ حد التواتر، و لم تتواتر في أي عصر، و هي أكثر انواع السنة، و هي الاتفاق لا تفيد اليقين و إنما تفيد الظن، و لهذا يؤخذ بها في الأحكام العملية لا الاعتقادية، و قد أجمع الصحابة على العمل بأخبار الآحاد، كما أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يرسل الآحاد من الصحابة لتبليغ الأحكام (عبد الغني عبد الخالق: "حجية السنة"، ص410 و ما بعدها، مدكور: "أصول الفقه الإسلامي"، ص116). منزلة السنة من القرآن الكريم من جهة ما ورد فيها من الأحكام: و السنة النبوية قد تكون مقررة و مؤكدة حكما جاء به القرآن الكريم، و هو كثير في السنة النبوية مثل الأمر بإقامة الصلاة و إيتاء الزكاة و صوم رمضان و حج البيت، و الأمر بالجهاد، و النهي عن الشرك و موالاة الأعداء. و قد تكون السنة مبينة للمراد من الحكم الذي جاء به القرآن، لأن الله تعالى منح رسوله حق البينا بقوله: {و أَنْزَلنا إليكَ الذِّكرَ لتُبَيِّنَ للنّاسِ ما نُزِّلَ إليهِمْ} [النحل: 44]. و من بيان السنة للقرآن أن تكون مفسرة لحكم جاء في القرآن مجملا، أو أن تكون مقيدة لحكم جاء في القرآ مطلقا، أو أن تكون مخصصة لحكم عام في القرآن الكريم. و قد تكون السنة منشئة لحكم جديد لم يتعرض له القرآن الكريم مثل قضائه صلى الله عليه و سلم بالشاهد و اليمين، و تحريم الجمع بين المرأة و عمّتها، و بين المرأة و خالتها، و التحريم من الرضاع كل ما يحرم من النسب (زيدان: "الوجيز في أصول الفقه"، ص174. بدران أبو العنين: "الشريعة الإسلامية"، ص253. يتبع (f) مصادر التشريع الإسلامي (للفائدة) - كمبيوترجي - 12-11-2005 الدليل الثالث: الإجماع الإجماع في اصطلاح الأصوليين: ((اتفاق جميع المجتهدين من المسلمين في أي عصر من العصور بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم على حكم شرعي في واقعة. فإذا وقعت حادثة و عرضت على جميع المجتهدين من الأمة الإسلامية وقت حدوثها، اتفقوا على حكم فيها سمة اتفاقهم إجماعا، و اعتبر إجماعهم على حكم واحد فيها دليلا على أن هذا الحكم هو الحكم الشرعي في الواقعة (خلاف: "أصول الفقه"، ص45. و إنما قيل في التعريف بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم لأنه لا إجماع في حياة الرسول صلى الله عليه و سلم، حتى إن أجمعوا كلهم على رأي فإن وافقهم عليه كانت سنة تقريرية و إن خالفهم فلا عبرة به)) (الشافعي: "أصول الفقه"، ص89). و الأجماع نوعان: إجماع صريح و إجماع سكوتي أما الإجماع الصريح فيكون بالقول بأن يتفق المجتهدون على حكم شرعي يصلون إليه باجتهادهم في أمر من الأمور بأن يبدي كل منهم رأيه صريحا فيه، و يمكن أن نتصور حدوث ذلك بأن يجتمع المجتهدون في مجلس واحد كما يحدث في المؤتمرات، و تطرح عليهم مسألة و يطلب الحكم فيها، و بمناقشتها يصلون إلى حكم واحد يتفق عليه جميعهم. و قد يكون الإجماع الصريح بالعمل بأن يبدي مجتهد رأيه في مسألة من المسائل بفتوى أو قضاء فيوافق عليها المجتهدون في جميع الأقطار الإسلامية (فرغلي: "حجية الإجماع"، ص25 و ما بعدها؛ أحمد الشافهي: "أصول الفقه"، ص90). أما الإجماع السكوتي فهو أن يبدي بعض مجتدي العصر رأيهم صراحة في واقعة و يسكت باقي المجتهدين عن إبداء رأيهم فيها. و الإجماع الصريح يعتبر حجة قطعية غند جمهور العلماء و مصدرا من مصادر التشريع الإسلامي في ببيان الأحكام الشرعية، و أنه لا تجوز مخالفته و استدلوا على ذلك بالقرآن الكريم و السنة النبوية. أما الكتاب فمن آياته قوله تعالى: {و اعتَصِموا بِحَبْلِ اللهِ جميعاً و لا تَفَرَّقوا} [آل عمران: 103]. و أما السنة فمنها قوله صلى الله عليه و سلم: "لن تجتمع أمتي على ضلالة" (روي هذا الحديث بألفاظ متقاربة رواها الترمذي عن ابن عمر)، و قوله صلى الله عليه و سلم: "ألا من سره بحبحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الفذ و هو من الاثنين أبعد" (رواه أحمد في المسند و هو حديث صحيح). و أما الإجماع السكوتي فهو حجة ظنية عند أكثر العلماء. يتبع (f) مصادر التشريع الإسلامي (للفائدة) - كمبيوترجي - 12-11-2005 الدليل الرابع: القياس لا يمكن لأي تشريع في العالم أن تحيط نصوصه بجميع أحكام الحوادث و الجزئيات و المسائل الفرعية، و إنما يقتصر التشريع عادة على ذكر الأصول العامة الكلية، و يترك أمر التطبيق إلى القضاة و الحكام و الفقهاء، فهؤلاء هم الذين يجتهدون في أحكام المسائل الجزئية أو الخاصة و يحاولون إلحاق الحكم بما هو منصوص عليه. و بمقتضى هذا الواقع المألوف، أو المنطق الذي لا محيد عنه نجد أن الشريعة الإسلامية تتجاوب مع الواقع مراعاة لحكم التطوّر، و نزولا تحت مقتضيات الظروف و تجدُّد الحوادث و الوقائع، فهي تنص في مصدريها الأطليين، الكتاب و السنة، على القواعد العامة و أحكام الأصول التشريعية و المسائل الأساسية، تاركه التفاصيل لمجتهدي الامة و آراء العلماء فيها، و من هنا برزت الحاجة إلى الاجتهاد بالرأي الصحيح أو بما يسمونه القياس (وهبه الزحيلي: "أصول الفقه الإسلامي"، ج1، ص600). عرّف العلماء القياس فقالوا هو: إلحاق مسألة لا نص على حكمها بمسأل ةورد نص بحكمها، في الحكم لتساوي المسألتين في علّة الحكم (الشوكاني: "إرشاد الفحول"، ص198؛ الآمدي: "الإحكام في أصول الأحكام"، ج3، ص266؛ خلاف: "علم أصول الفقه"، ص52). فإذا وجدت مسألة ودل النص على حكمها و عرفت علة هذا الحكم، ثم وجدت مسألة أخرى لم ينص على حكمها و لكن تشترك مع المسألة الأولى في على الحكم فإن المسألة الثانية تأخذ حكم المسألة الأولى. حجية القياس يرى جمهور الفقهاء أن القياس أصل من أصول التشريع الإسلامي و مصدر لا يستغنى عنه، و قد أرشد الله إليه في مواضع كثيرة من كتابه، فقال تعالى: {فَاعْتَبِروا يا أولي الأَبصار} [الحشر: 2]، و الاعتبار هو القياس، و قال سبحانه: {قُلْ يُحييها الذي أنشَأَها أوَّلَ مرّةٍ و هو بِكُلِّ خَلْقٍ عَليمٌ} [يس: 79] و هذا قياس، حيث قاس جل جلاله إعادة المخلوقات بعد فنائها على بدء خلقها أول مرة. و في السنة النبوية أحاديث كثيرة تدل على ثبوت العمل بالقياس منها ما روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لمعاذ: "ماذا تصنعُ إن عُرضَ عليكَ قضاء؟، قال أقضي بما في كتاب الله، قال فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال فبسونة رسول الله صلى الله عليه و سلم، قال فإن لم يكن في سنة رسول الله؟، قال أجتهد رأيي و لا آلو، فضرب الرسول صلى الله عليه و سلم على صدر معاذا و أقرّهُ على هذا الترتيب"، فهذا يدل على إقرار الرسول صلى الله عليه و سلم العمل بالرأي، و القياس من الرأي، كما يدل على أن الترتيب في الإتيان بالأحكام يجب أن يكون أولا من القرآن الكريم الذي هو أصل التشريع في الإسلام فإن لم يجد المجتهد حكما صريحا فيه يأتي دور السنة النبوية الشريفة فإن لم يجد حكما صريحا فيها اعتمد على القياس. و من السنة أيضا ما روي أن رجلا من خُثعُم جاء إلى الرسول صلى الله عليه و سلم فقال: إن أبي أدركه الإسلام و هو شيخ كبير لا يستطيع ركوب الرحل، و الحج مكتوب عليه، أفأحج عنه؟، قال: أنت أكبرُ ولده؟، قال: نعم، قال: أرأيتَ لو كان على أبيك دين فقضيته عنه أكان يُجزِئُ عنه؟، قال: نعم، قال: فاحجُج عنه" (رواه الشيخان و غيرهما). فالرسول صلى الله عليه و سلم قاسَ هنا دَيْنَ الله على دَيْنِ العباد في وُجوبِ القضاء. ثم إن نُصوصَ الكتاب و السُّنّةِ مُتَناهِيَةٌ، و حوادث الناس غير متناهية، و المتناهي لا يحيط بغير المتناهي إلا إذا فهمت العلل التي لأجلها شرعت الأحكام المنصوصة و طبقت على ما يماثلها، و من ثم فإنه يجب القول بالقياس، و بهذا الطريق تكون الشريعة الإسلامية صالحة للتطبيق في كل زمان و مكان، وافية بحاجات الناس و مصالحهم إلى الأبد (وهبه الزحيلي: أصول الفقه الإسلامي"، ج1، ص631). يتبع (f) مصادر التشريع الإسلامي (للفائدة) - كمبيوترجي - 12-11-2005 الدليل الخامس: الاستحسان الاستحسان لغةً عدُّ الشيء حسناً، أقول: أنا أستحسن من الرياضة المشي، أي أراه حسنا لأن جميع أعضاء الجسم تنتفع به. و في اصطلاح العلماء: الاستحسان هو العدول بحكم المسألة عن نظائها لدليل خاص (السرخسي: "أصول السرخسي"، ج2، ص200؛ بدران أبو الدنين، "أصول الفقه الإسلامي"، ص198). و هذا الدليل قد يكون نصا أو إجماعا او ضرورة أو عرفا أو مصلحة أو غير ذلك. الدليل السادس: المصالح المرسلة المصالح المرسلة هي المصالح التي لم يشرع الشارع أحكاما لتحقيقها و لم يدل دليل شرعي على اعتبارها او إلغائها. و سميت مطلقة لأنها لم تقيد بدليل اعتبار أو دليل إلغاء، و مثال الأحكام التي شرعت بناء على المصلة جمع القرآن الكريم في مصحفٍ واحد من قبل أبي بكر، و تدوين الدواوين من قبل عمر، و اتخاذ الصحابة السجون، و غير ذلك من الأحكام. و المصالح من حيث اعتبار الشارع لها تنقسم إلى ثلاثة أنواع: النوع الأول: مصالح اعتبرها الشارع، و شرع الأحكام لتحقيقها مثل مصلحة حفظ النفس، فقد شرع لها القصاص، و مصلحة حفظ المال شرع لها عقوبة قطع يد السارق. النوع الثاني: مصالح ألغاه الشارع، و لم يعتبرها لأنها تفوت مصلحة أكبر، و مثال ذلك النوع الاستسلام للعدو لم يعتبره الشارع و إن كان فيه مصلحة حفظ نفوس المحاربين، لأن رعاية هذه المصلحة يفوت مصلحة أعظم هي حفظ البلاد من استعمار العدو لها و إهدار كرامة أبنائها، و لهذا شرع القتال و أوجب مدافعة العدو و قتاله. النوع الثالث: مصالح لم يقم دليل من الشارع على اعتبارها أو إلغائها و هذه هي المصالح المرسلة (الغزالي: "المستصفى"، ج1، ص139؛ الشاطبي: "الموافقات"، ج2، ص3). و قد ذكر العلماء شروطا ثلاثة للاحتجاج بالمصالح المرسلة: أولها: أن تكون مصلحة حقيقية و ليست مصلحة وهمية. ثانيها: أن تكون مصلحة عامة و ليست مصلحة شخصية. ثالثها: أن لا يعارض التشريع لهذه المصلحة حكما أو مبدأ ثبت بالنص أو الإجماع (البوطي: "ضوابط المصلحة"، ص115 و ما بعدها؛ الغزالي: "المستصفى"، ج1، ص143؛ زيدان: "المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية"، ص170). و المصالح المرسلة مصدر فقهي دل على اعتباره استقراء نصوص الشريعة و أحكامها في الكتاب و السنة، و عمل فقهاء الصحابة، و هذا المصدر يتسع للأحداث الجديدة و الوقائع المتطورة، و يجعل الفقه مرنا ناميا. و قد أخذ الفقهاء بهذا المصدر و استنبطوا الأحكام منه و إن كان منهم المكثر و منهم المقل (زيدان: "المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية"، ص170؛ الشوكاني: "إرشاد الفحول"، ص242). و المصالح المرسلة لا يعمل بها و لا تكون حجية في العبادات كلها لأن العبادات أمور تعبدية لا مجال للعقل و الرأي فيها، و إن كان العقل يدرك حكمتها إجمالا. و مثل العبادات المقدرات الشرعية كالحدود و الكفارات و فروض الوارثين في التركة و نحوها مما اختص الشارع الحكيم بعلم المصلحة فيها (أحمد الشافعي: "أصول الفقه الإسلامي"، ص172). يتبع (f) مصادر التشريع الإسلامي (للفائدة) - كمبيوترجي - 12-11-2005 الدليل السابع: سد الذرائع الذرائع معناها الوسائل التي يتوصل بها إلى الشيء سواء أكان هذا الشيء مفسدة ام مصلحة، و لكن غلب إطلاق اسم ذرائع على الوسائل المفضية إلى المفاسد. و الذرائع منها ما يكون إفضاؤه إلى المفسدة نادرا و قليلا فتكون مصلحته هي الراجحة و مفسدته هي المرجوحة كالنظر إلى المخطوبة، أو كحفر بئر بموضع لا يؤدي غالبا إلى وقوع أحد فيه، فهذه الأعال تعتبر مباحة شرعا لأن الشارع الحكيم أناط الأحكام بغلبة المصلحة و لم يعتبر ندورة المفسدة. و منها ما يكون إفضاؤه إلى المفسدة كثيرا لا نادرا، فتكون مفسدته أرجح من مصلحته كبيع السلاح في أوقات الفتن، و كبيع العنب لمن عرف عنه الاحتراف بعصره خمرا، و كإجارة العقار لمن يستعمله استعمالا محرما كاتخاذه محلا للقمار أو لبيع الخمر أو لإقامة الحفلات الماجنة فهذه الأفعال تعتبر محرمة شرعا و لا خلاف في ذلك بين العلماء لأن إجازة هذا النوع فيه تعاون على الإثم و العدوان المنهي عنه. و منها ما يؤدي إلى المفسدة لاستعمال المكلف هذا النوع لغير ما وضع له فتحصل المفسدة، كمن يتوسل بالنكاح لغرض تحليل المطلقة ثلاثا لمطلقها، و كمن يعقد عقد بيع يقصد به التوصل إلى الربا؛ و هذا النوع من الذرائع اختلف الفقهاء في اعتباره و بناء الحكم عليه، و الراجح هو المنع و الشد لأن المفسدة هنا لا تكون إلا راجحة (زيدان: "الوجيز في أصول الفقه"، ص246). و مبدأ سد الذرائع لا يتجه فيه إلى النيات و المقاصد فقط، بل إلى النتيجة المثمرة أيضا، فالأصل في اعتبار الذرائع هو النظر إلى مآلات الأفعال، فيأخذ الفعل حكما يتفق مع ما يؤول إليه، سواء قصده المكلف أم لم يقصده، فإذا كان الفعل يؤدي إلى مطلوب فهو مطلوب، و إن كان يؤدي إلى شر و مفسدة فهو ممنوع و إن كان الباعث حسنا. و سد الذرائع مصدر شرعي معتبر، تدل عليه نصوص من الكتاب و السنة و عمل الصحابة. فمن نصوص الكتاب قوله تعالى: {وَ لا تَسُبّوا الذين يَدْعونَ من دونِ اللهِ فَيَسُبّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108] فقد نهى الله تعالى المسلمين عن سب آلهة المشركين لئلا يكون ذلك ذريعة لسب الله عزّ و جلّ من قبل الكافرين. و من السنة نهي النبي صلى الله عليه و سلم عن الاحتكار سدا لذريعة التضييق على الناس، و نهي الرسول صلى الله عليه و سلم الدائن عن قبول الهدايا من مدينه سدا لذريعة الربا. و قد عمل فقهاء الصحابة بهذا الأصل فورثوا المطلقة بائنا إذا طلقها زوجها في مرض الموت سدا لذريعة حرمانها من الميراث (البغا: "الأدلة المختلف فيها"، ص566؛ بدران: "أصول الفقه الإسلامي"، ص244؛ وهبه الزحيلي: "أصول الفقه الإسلامي، ج2، ص892). يتبع (f) مصادر التشريع الإسلامي (للفائدة) - كمبيوترجي - 12-11-2005 الدليل الثامن: العرف العرف هو ما اعتاده الناس و ساروا عليه في أمور حياتهم و معاملاتهم من قول أو فعل أو ترك و هو عند الفقهاء بمعنى العادة، و بعضهم يجعل العادة أعم من العرف، فكل عرف عادة، و ليس كل عادة عرفا (السيد عوض: "أثر العرف في التشريع الإسلامي"، ص52-58). و العرف ينقسم إلى عرفٍ قولي و عرف عملي، فالعرف القولي مثل تعارف الناس إطلاق كلمة ولد على الذكر دون الأنثى، مع أنها في اللغة تطلق على الاثنين، و بهذا المعنى جاءت في القرآن الكريم في قوله تعالى: {يُوصيكُمُ اللهُ في أَولادِكُم للذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء: 11]. و من العرف العملي تعارف الناس البيع بالتعاطي دون استعمال الصيغة اللفظية في البيع. و ينقسم العرف من جهة عمومه إلى عرف عام و عرف خاص، فالعف العام هو الذي اتفق عليه الناس في كل الأمصار كالتعارف على عقد الاستصناع؛ و أما العرف الخاص فهو الذي يسود في بلد من البلدان دون أخرى أو طائفة من الناس كتعارف التجار على تسجيل المبيعات في دفتر خاص. و ينقسم العرف إلى عرف صحيح و عرف فاسد، فالصحيح هو الذي لا يخالف دليلا شرعيا، و لا يحل محرما، و لا يبطل واجبا، كتعارف الناس تقسيم المهر إلى مقدم و مؤخر و تعارفهم أن الزوجة لا تزف إلى زوجها إلا إذا قبضت جزءا من مهرها، و تعارفهم على ما يقدمه الخاطب إلى خطيبته من حلي و ثياب هو هدية لا من المهر؛ اما العرف الفاسد فهو ما يخالف الشرع أو يحل محرما أو يبطل واجبا، كتعارف الناس كثيرا من المنكرات في المآتم و الأفراح في هذه الأيام (السيد عوض: "أثر العرف في التشريع الإسلامي"، ص59؛ خلاف: "علم أصول الفقه"، ص89). و لا خلاف بين الفقهاء في اعتبار العرف و الاعتداد به في التشريع و القضاء، فهو في نظرهم يسترشد به الفقيه المجتهد في استنباط الأحكام الشرعية التي لا نص فيها، و كذلك عند تغير عقود الناس و تصرفاتهم. و قد راعته الشريعة الإسلامية في أحكامها، فالإسلام أقرّ ما كان عند العرب من عادات صحيحة كفرض الدية على العاقلة. و قد استدل بعض العلماء على حجية العرف بما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم: "ما رىهُ المُسلمون حسنا فهو عند الله حسن" (رواه أحمد و البزار في مسنديهما موقوفا على ابن مسعود). و الأحكام المبنية على العرف تتغير بتغيير تلك الأعراف، و هذا هو المراد من القاعدة الفقهية القائلة: "لا ينكر تغيير الأحكام بتغير الزمان" (ابن القيم: إعلام الموقعين"، ج3، ص27). لا يتبع :D عذرا للموضوع الطويل و أرجو أن تتحقق الفائدة للجميع و الموضوع مفتوح للتعليق أو الإضافة لكن لا تتقصدوني بأي تعليق فما أنا إلا ناقل و فاهم (f) مصادر التشريع الإسلامي (للفائدة) - خالد - 12-12-2005 سبقتني يا كمبيوترجي، وفتحت الباب على مصراعيه! هذا أمر كنت أعد له وأنتظر حتى افرغ من رسالتي. أما المصادر، فلا يكون المصدر مصدرا إلا إن دل الدليل القطعي على مصدريته، والمصدر هو الوحي لا غير، أو ما ارشد غليه الوحي بالقطع. أما مصدرية الوحي، وهي الأساس، فلقوله تعالى :(إنما أنذركم بالوحي) أما مصدرية غيره، فلا بد من إثباتها بدليل قطعي من الوحي، وإلا فلا قيمة لمصدريتها. والوحي هو الكتاب المنزل على قلب محمد، وهو السنة التي ألهم بها محمد، كلاهما وحي وكلاهما حجة بذاته، وكل منهما يدل على الآخر. وما عرفنا القرآن بغير السنة، وما عرفنا السنة دون القرآن. أما باقي مصادرك، ففيها اقوال، ويصح منها مصدران قد نعود لهما بعد تعديل وصف أحدهما! مصادر التشريع الإسلامي (للفائدة) - ضيف - 12-12-2005 عزيزي كومبيوترجى (f) موضوع قيم و مجهود مشكور اخى العزيز و اعتقد انك طرحت كل الاصول حتى التى لك انت شخصيا تحفظات عليها و فى انتظار ان نعلق نحن عليها و ننقدها انا ابدأ فاقول ان الاجماع هى كلمة واسعة فضفاضة و ان الناس فى تاريخ الاسلام لم تجمع على امر ما (و هذا من طبيعة الاشياء) و عليه فقد رأى البعض ان يكون تعريف الاجماع كما يلى "اتفاق جميع المجتهدين من اهل السنة و الجماعة في أي عصر من العصور بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم على حكم شرعي في واقعة". و ذلك طبعا للتخلص من اهل البدع كالجبرية و الرافضة اما سد الذرائع ..و آه من سد الذرائع ...فكم من الجرائم ترتكب فى حق ديننا الحنيف بحجة سد الذرائع ...فالمرأه يحرم عليها قيادة السيارة من باب سد الذرائع رغم انها على عهد رسول الله كانت تركب الجمل و البغل..و هذه هى سيارات و وسائل مواصلات ذلك العهد (انا الان امارس القياس) اكرر شكرى لكومبيوترجى و رجائى للأخوة بهدوء الاعصاب اثناء مناقشة هذا الموضوع مصادر التشريع الإسلامي (للفائدة) - مسلم سلفي - 12-12-2005 اقتباس: هي الاتفاق لا تفيد اليقين و إنما تفيد الظن، و لهذا يؤخذ بها في الأحكام العملية لا الاعتقادية، عفوا اخي الكريم من اين جئت بهذا الاتفاق؟!!! |