نادي الفكر العربي
حين تلفظ المعارضة البحرينية أنفاسها وتلوح برايتها البيضاء - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3)
+--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57)
+--- الموضوع: حين تلفظ المعارضة البحرينية أنفاسها وتلوح برايتها البيضاء (/showthread.php?tid=22692)



حين تلفظ المعارضة البحرينية أنفاسها وتلوح برايتها البيضاء - حسين البحراني - 11-24-2005


في الوقت الذي ما تزال فيه المعارضة البحرينية المقاطعة للانتخابات التشريعية السابقة تمارس حراكها السلمي الضاغط برزت على السطح توقعات نشرت في الصحف المحلية بأن القوى السياسية تسعى لعقد تحالفات انتخابية وتهندس حملاتها الانتخابية ولم يصدر حتى الآن أي تكذيب من هذه القوى للتخمينات والتوقعات التي يبدو أنها تستند على أرضية قوية مما يؤكد توقعات سياسيين كانوا قد استقالوا من بعض القوى السياسية بسبب قرارها بالانضواء تحت قانون الجمعيات السياسية الذي يكبلها ويخنق حراكها السياسي قد قرأوا أن الجمعيات السياسية في البحرين تسعى للتسجيل وتوفيق أوضاعها مع قانون الجمعيات السياسية من أجل أن تشارك في الانتخابات القادمة في العام القادم.

ويبدو أن هذه القراءة لها ما يعززها خصوصاً مع القيد الذي يفرضه قانون الجمعيات الذي يجبر الجمعيات التي سجلت تحته أن تعترف بدستور 2002م الذي كان السبب في مقاطعتها للانتخابات الفائتة والذي ما زالت ترفضه وتطالب بتصحيح الوضع الدستوري القائم، ولعمري فإن المفارقة الغريبة في جنوح القوى السياسية المقاطعة للتسجيل ورفضها لدستور 2002م تجعل المتابع للشأن البحريني في حيرة شديدة وتجعله يطرح أسئلة لها أول وليس لها آخر!

فهل يعني تسجيل الجمعيات تحت قانون يلزمها أن تدون في أنظمتها الأساسية أنها تعترف بدستور 2002م يعني أن الملف الدستوري ما زال من متبنيات الجمعيات السياسية؟ ثم ما هو المبرر من تبني الملف الدستوري بعد أن تحقق للسلطة ما كانت تصبو إليه من جر الجمعيات المقاطعة للمشاركة في مجلس تشريعي منتقص الصلاحيات أفرزه دستور ترفضه وقاطعت على أساسه الانتخابات السابقة؟

ثم ما الجدوى من عقد المؤتمر الدستوري القادم في فبراير 2006م وهو المؤتمر الثالث الذي تعقده الجمعيات السياسية من أجل تدارس الأزمة الدستورية التي تمخضت عن دستور 2002م؟

وهل يمكن أن تحصل الجمعيات المقاطعة على ثمن سياسي نظير مشاركتها وهي قد كشفت جميع أوراقها للسلطة وأرسلت رسائل مفادها أنها مقدمة بقوة على المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة؟

مما سبق من أسئلة ومثيلاتها يمكننا أن نستنتج أن المعارضة البحرينية قد أصبحت في مأزق حقيقي فلا هي قادرة على أن تواصل حراكها الدستوري بالصورة التي من شأنها أن تجعل النظام الحاكم يقدم لها تنازلات سياسية خصوصاً مع سعيها لتحقيق ما يصبو إليه النظام وسعيها لإنجاح مشروع الملك عن طريق الانخراط في مؤسساته القائمة التي يهيمن الملك فيها على كافة الصلاحيات التشريعية والقضائية والتنفيذية ولا هي قادرة عن التخلي عن إرثها السابق وموقفها التكتيكي المقاطع للانتخابات السابقة فإن شاركت فستخرج أصوات تلومها على تبنيها موقف المقاطعة في الانتخابات التي جرت في أكتوبر 2002م ما دامت تستطيع ان تغير من الداخل – بفرض صحة التوقعات بالمشاركة – وتركت المؤسسة التشريعية نهباً بأيدي الآخرين مما أفرز مؤسسة تشريعية مهلهلة وضعيفة.

ومن أجل أن تخرج المعارضة البحرينية من مأزقها الحقيقي فلا بد أن تكون صادقة مع نفسها أولاً ومع جماهيرها من باب أولى؛ فشعب البحرين الذي ما زالت البطالة والتمييز والتجنيس ومنغصات المعيشة من قلة السكن والدخل، والذي ما تزال ثرواته مقتسمة بين أفراد النخبة الحاكمة والذي قدم الكثير من التضحيات والشهداء هو الذي يجب على المعارضة أن تقنعه بجدوى مشاركتها في مؤسسات النظام مع بقاء الكثير من الملفات العالقة والمفتوحة على مصراعيها دون أن تتقدم فيها خطوة واحدة.

وهذا يحيلنا بطبيعة الحال إلى أن نتساءل هل المعارضة البحرينية قد بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة وأنها بدأت تلوح للنظام الحاكم بالراية البيضاء وأنها تنتظر من النظام أن يقدم لها – طوعياً – بعضاً من التنازلات التي ربما تحفظ ماء وجهها؟

وللإجابة على هذا السؤال لا بد لنا أن نؤكد على طبيعة تعاطي النظام الحاكم مع القوى السياسية الموالية له والتي ما تزال تراوح مكانها من حيث أدائها السياسي وما تزال عاجزة عن أن ترضي جماهيرها أو تحقق لهم مكاسب حقيقية على أرض الواقع، فماذا سيكون وضع القوى السياسية التي لعبت دوراً مناكفاً للنظام؟ أليس النظام بقادر حين يستخدم آلياته الدستورية والقانونية على أن يذيب المعارضة ويذروها في الهواء؟ علماً أن النظام لم يستخدم بعد أياً من آلياته الدستورية لكون المجلس النيابي بتركيبته الحالية غير قادر على إزعاج النظام أو تبني ملفات من شأنها أن تحرجه أو تظهر خواء مشروعه مما يجعل النظام غير مضطر لأن يستعملها في الوقت الراهن.

إن المعارضة البحرينية اليوم بحاجة إلى أن تلملم قواها وتخرج من واقعها المزري الذي جرها إليه النظام وساعدته على نفسها في تكريس حالة من الإحباط والتململ لدى قواعدها وأن تبلور واقعاً جديداً يقوم على معارضة حقيقية للنظام بدلاً من اللهث وراء المشاركة في مؤسسات النظام التي سوف تجهز على ما تبقى من روح المعارضة وتخمدها وتجرها إلى واد سحيق لا تكون فيه قوى المعارضة إلا كيانات محكومة بالفشل الذريع ومهددة بالانفصال عن قواعدها الشعبية التي تعتبر هي القوة الحقيقية في حركها السياسي خصوصاً بعد أن تتجرع كأس الإذلال والخنوع وتشربه غصة بعد غصة من أجل إرضاء نخبها التي تبحث عن استحقاقات مرحلية تجعلها تسابق الريح من أجل نيلها ولو على حساب التضحيات التي قدمها شعب البحرين.



* كاتب بحريني
husain_albahrani@hotmail.com