حدثت التحذيرات التالية:
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(958) : eval()'d code 24 errorHandler->error_callback
/global.php 958 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $unreadreports - Line: 25 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 25 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined variable $board_messages - Line: 28 - File: global.php(961) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(961) : eval()'d code 28 errorHandler->error_callback
/global.php 961 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined property: MyLanguage::$bottomlinks_returncontent - Line: 6 - File: global.php(1070) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/global.php(1070) : eval()'d code 6 errorHandler->error_callback
/global.php 1070 eval
/printthread.php 16 require_once
Warning [2] Undefined array key "time" - Line: 2 - File: printthread.php(211) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
File Line Function
/inc/class_error.php 153 errorHandler->error
/printthread.php(211) : eval()'d code 2 errorHandler->error_callback
/printthread.php 211 eval



نادي الفكر العربي
الحمله الصليبيه الجديده وكيفية مواجهتها - نسخة قابلة للطباعة

+- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com)
+-- المنتدى: الســـــــــاحات الاختصاصيـــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=5)
+--- المنتدى: قــــــرأت لـك (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=79)
+---- المنتدى: مواضيـع منقــولة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=25)
+---- الموضوع: الحمله الصليبيه الجديده وكيفية مواجهتها (/showthread.php?tid=22735)



الحمله الصليبيه الجديده وكيفية مواجهتها - امل فيصل - 11-22-2005

الحملة (الصهيو- صليبية) الجديدة وكيفية مواجهتها


ظلت منطقة الجزيرة العربية والخليج العربي بما فيها العراق بؤرة صراع دولي منذ أواخر أيام الخلافة العثمانية وقد نجحت بريطانيا في إخراج الدولة العثمانية من المنطقة والسيطرة عليها وترتيب أوضاعها منذ أواخر القرن التاسع عشر تقريبا إلى أواخر القرن العشرين أي مدة تزيد على قرن كامل وقد بدأ وجودها الاستعماري باتفاقيات معاهدات حماية مع بعض مشيخات الخلي ثم لم تزل تتوسع في مد نفوذها شيئا فشيئا وتبسط هيمنتها دون أي مقاومة حتى سيطرت على الجزيرة العربية كلها ما عدا صنعاء وعلى الخليج العربي كله باستثناء العراق الذي كان هو وسوريا آخر بلدين عربيين في آسيا وقعا تحت سيطرت الاستعمار الغربي بعد الحرب العالمية الأولى بحسب اتفاق سايس بيكو بين انجلترا وفرنسا وقد كانت مصر قد أصبحت تحت الحماية البريطانية قبل ذلك بربع قرن تقريبا ولم تستطع بريطانيا دخول العراق إلا بالحرب والاحتلال العسكري بخلاف المناطق الأخرى التي سيطرت عليها بالمعاهدات وفتحتها سلما دون أي حرب بما في ذلك مصر؟! ومن يطلع على مجموع وثائق الخارجية البريطانية لتلك الفترة يدرك بكل وضوح كيف نجح الاستعمار البريطاني في ضم المنطقة كلها إلى التاج البريطاني دون كبير عناء بما في ذلك مكة والمدينة ؟! وكيف كانت انجلترا تتعامل مع أمراء المنطقة على أنهم من رعاياها وتحت حكمها وهي التي كانت تصرف لهم رواتبهم الشهرية ومخصصاتهم السنوية بل بلغ نفوذها أنه لم يكن أحد منهم يستطيع أن يحج إلى مكة أو يسافر من بلد إلى بلد حتى يصدر له إذن من الخارجية البريطانية بالموافقة؟! وقد نجح الاستعمار البريطاني في التخلص من جميع الأمراء الذين رفضوا الدخول تحت الحماية البريطانية سواء عن طريق تدبير انقلابات داخلية أو عن طريق دعمه لمن كان تحت حمايته منهم لضم الأقاليم الرافضة للاستعمار البريطاني وقد كان للاستعمار اليد الطولى في رسم خريطة المنطقة على هذا النحو الحالي وبعد الحرب العالمية الثانية وبعد ضعف النفوذ البريطاني وازدياد النفوذ الأمريكي حلت أمريكا محل بريطانيا في المنطقة التي كانت تعدها منطقة استراتيجية حيوية بالنسبة لها وقد تزامن دخولها مع ازدياد موجة التحرر والاستقلال في العالم غير أنها استطاعت بالعمل الدبلوماسي والضغط السياسي والاقتصادي السيطرة على المنطقة من جديد وقد كانت اتفاقية كامب ديفد مع مصر أول خطوة على طريق عودة الاستعمار للمنطقة ثم كانت حرب الخليج الأولى ثم الثانية سببا رئيسا في لجوء دول المنطقة إلى عقد معاهدات الحماية مع أمريكا التي ظلت تتحين الفرص للسيطرة على العراق فلم تجد إلا اللجوء إلى الحرب والاحتلال العسكري المباشر تماما كما فعلت بريطانيا التي بدأت سيطرتها على المنطقة بمصر ثم بالخليج العربي عن طريق معاهدات الحماية وانتهت بالسيطرة على العراق بالقوة بعد عشرين سنة وهي تقريبا نفس المدة التي احتاجتها أمريكا لإكمال سيطرتها على المنطقة منذ كامب ديفد سنة 1978 إلى احتلال العراق سنة 2003 ؟! ومما لاشك فيه أن منطقة الجزيرة العربية والخليج العربي على وجه الخصوص قد باتت اليوم تحت سيطرة الاستعمار الأمريكي الجديد بشكل جلي ولعل أبز مظاهر هذا الاستعمار :
1) القواعد العسكرية التي تحيط بالخليج العربي وتوجد في جميع دول الخليج .
2) وعجز حكوماته عن الحيلولة دون استخدام هذه القواعد ضد الدول العربية والإسلامية كما في حرب أفغانستان والعراق حيث أصبحت هذه القواعد نقطة انطلاق أمريكا لتنفيذ مخططاتها الاستعمارية الصليبية الصهيونية في العالم العربي وقد اعترفت حكومات المنطقة بأنها لا تستطيع منع أمريكا من استخدام هذه القواعد وهو ما يعد إقرارا رسميا حكوميا بفقد دول المنطقة لقرارها السيادي و فقدها استقلالها وخضوعها للنفوذ الاستعماري الصليبي وهو ما كان يدعو إليه الرئيس الأمريكي نيكسون كما في كتابه (ما وراء السلام) من ضرورة اتخاذ الخليج العربي قاعدة عسكرية دائمة.
ولا يخفى خطورة هذا الوضع على شعوب المنطقة أمنيا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا كما لا يخفى الحكم الشرعي في هذه النازلة وكما قال شيخ الإسلام ابن تيميه : ( ليس أوجب بعد الإيمان بالله من دفع العدو الكافر عن أرض الإسلام ) ولا يخفى ما يترتب على هذا الوضع من أحكام شرعية تخص الدار وحكمها بعد ظهور شوكة النصارى فيها وأحكام تخص حكومات المنطقة وما لها من حقوق الطاعة بعد خضوعها لسيطرتهم وما سيترتب على ذلك من تداعيات خطيرة و تعاظم للمسؤولية على عاتق العلماء والمصلحين .
و إن مما يجب التنبيه عليه معرفة أسباب عودة المنطقة للخضوع للاستعمار من جديد لمعرفة طرق علاجها فمن تلك الأسباب :
1) الاستبداد السياسي الذي صادر حق الأمة في المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية وتهميش دور الشعوب في الرقابة على السلطة وممارساتها السياسية واتفاقياتها الدولية وتخلي الأمة عن القيام بما أوجب الله عليها في مجال اختيار السلطة ومشاركتها المسؤولية والرأي ومراقبتها ومحاسبتها في كل ما تأتي وتذر وهو أول وهن دخل على الأمة سهل للاستعمار التنفذ تدريجيا في شؤون المنطقة .
2) قابلية شعوب المنطقة للخضوع للاستبداد الداخلي جعلها أكثر قابلية للخضوع للاستعمار الخارجي وتأقلما معه ولهذا لم تعرف المنطقة حركة تحرر وطني من الاستعمار البريطاني الذي سيطر على المنطقة كلها مدة ستين سنة لم تجد الشعوب والحكومات خلالها مشكلة في وجوده والتعامل معه وخدمته كما تؤكد ذلك وثائق الخارجية البريطانية لقد أثبت تاريخ شعوب المنطقة السياسي أنها من أكثر الشعوب قابلية للاستعمار ولهذا لم تعرف المنطقة حركة تحرر وطني ضد الاستعمار الذي سيطر على الخليج والجزيرة العربية أكثر من نصف قرن تحت اسم الحماية دون أي مقامة وطنية أو شعبية تذكر على خلاف الوضع في أكثر دول العالم آنذاك التي رفضت شعوبها الاستعمار وتصدت له حتى تحررت وحصلت على استقلالها . لقد تأقلمت شعوب المنطقة سريعا مع الاستعمار البريطاني آنذاك نفسيا وثقافيا واستطاع المندوب البريطان أ ين يدير وحده شئون الخليج والجزيرة والعراق دون كبير عناء ؟ولعل أخطر ما في الأمر نجاح الاستعمار في توظيف بعض علماء الدين المسلمين في خدمته وخدمة مخططاته الاستعمارية وإضفاء الشرعية عليها والتعامل معه كمعاهد لا كمستعمر ؟ لقد كانت الروح القومية لا الإسلامية هي التي كان لها أكبر الأثر في استثارة الشعوب ضد الوجود الاستعماري في المنطقة في الوقت الذي استطاع الاستعمار والحكومات الحليفة له تدجين الدين وعلمائه وتحطيم الروح الإسلامية التي ترفض رفضا قاطعا الخضوع للأجنبي وترى الدخول تحت حكمه وسيطرته كفرا يخرج من الإسلام ويصطدم بأصوله القطعية ؟ لقد تحدث ديكسون في كتابه الكويت وجاراتها عن أثر المد القومي على شعوب المنطقة فقال: ( والمؤسف في ذلك كله أنه في الوقت الذي يتزايد فيه شعور الشبان المتطرفين القوميين ضد الأجانب وضد البريطانيين بصورة خاصة فان عرب الصحراء القدامى وكبار تجار المدينة النافذين الذين مازالوا يحبون ويحترمون الإنجليز بدءوا يتحولون ببطء ضد الغربيين لأسباب تختلف تماما فهؤلاء وهم مؤمنون متدينون يرون في التأثير الغربي بماديته خطرا يهدد عاداتهم وأخلاقهم وتقاليدهم وديانتهم.... وهكذا نجد أن العربي المرح ! الذي ينتمي للمدرسة القديمة أصبح ضد الأجنبي على الرغم من أن الأسباب الموجبة لهذا الشعور ليست مماثلة للأسباب الدافعة لأبناء الجيل الجديد ؟! ).
ويظهر جليا من كلام ديكسون قابلية المجتمعات الخليجية للاستعمار والخضوع للأجنبي التي تكنّ له مشاعر الحب والاحترام !! وأن تحول هذه المشاعر لم يكن بسبب رفضها للاستعمار أو تطلعها للحرية والاستقلال بل السبب خوفها من قيم الغرب المادية على عاداتها ودينها لكونها مجتمعات مؤمنة متدينة ؟! وأنه لولا المد القومي في العالم العربي آنذاك الذي ألقى بظلاله على المنطقة كلها ودفع الشباب في المجتمعات الخليجية للتطلع للحرية والاستقلال لما تغيرت أوضاع المنطقة عما هي عليه قبل ذلك إذ كان عرب الصحراء وكبار التجار المؤمنون المتدينون يكنون للمستعمر مشاعر الحب والاحترام ولم تحل ثقافتهم الإسلامية ولا تدينهم دون الخضوع للأجنبي واحترامه ومحبته مدة نصف قرن بعد تدجين الحكومات دين المجتمع وثقافته على يد بعض رجال الدين أنفسهم لتكون المجتمعات أكثر قابلية واستعدادا للخضوع للاستبداد من جهة والاستعمار من جهة أخرى وإضفاء الشرعية على ذلك الواقع باسم الدين ؟! وهذا يفسر لنا سبب تقبل المجتمعات الخليجية عودة الاستعمار وقواعده العسكرية وسيطرته السياسية من جديد على شؤون المنطقة كلها بعد ضعف التيار القومي وانحساره ونجاح الاستعمار مرة ثانية في توظيف الدين الإسلامي في خدمته بصدور الفتاوى التي تضفي الشرعية على وجوده وتحرم رفضه أو مقاومته ولو بالكلمة الحرة والوسائل السلمية؟!

3) عدم إدراك واقع أوضاع المنطقة بل عدم معرفة ماهية الاستعمار وعدم استشعار وجوده إذ لا تعد القواعد العسكرية دليلا عليه ولا يعد إعلان الحكومات عن عدم قدرتها على اتخاذ قرار سيادي بخصوصها فقدانا للاستقلال في ثقافة المجتمع الخليجي وعدم إدراك خطورة الاستعمار وحرمته ومصادمة وجوده لمحكمات الشريعة وقطعياتها وعدم معرفة ما يترتب على وجوده من أحكام شرعية خطيرة.

4) قدرة الاستعمار على توظيف الدين الإسلامي في خدمته بشكل مباشر أو من خلال توجيه الحكومات للمنابر العلمية والتعليمية بل وحتى المساجد نحو ما يريده الاستعمار وكما استطاع الاستعمار الفرنسي في الجزائر توظيف علماء الدين المسلمين والطرق الصوفية في خدمته وتحويل المنابر العلمية إلى منافذ للاستعمار الثقافي تحرم مقاومته وتجيز الخضوع له باسم الدين تارة بدعوى طاعة أولي الأمر وتارة بدعوى المصلحة وتارة بدعوى عدم القدرة على مواجهته ومن ثم سقوط الواجب بل وحرمة المقاومة بدعوى وقوع المفاسد...الخ كذلك استطاع الاستعمار الأمريكي الجديد في الخليج العربي توظيف الدين بل والحركات الإسلامية والمدارس السلفية في خدمته وإضفاء الشرعية على وجوده وتحريم مقاومته تارة بدعوى أنه في حكم أهل الأمان وتارة بدعوى طاعة ولي الأمر ؟! وقد استطاع الاستعمار أن يوظف الدين في كل خطوة يخطوها في المنطقة ابتداء من الإفتاء بمشروعية الصلح مع إسرائيل ثم الإفتاء بتحريم العمليات الإستشهادية ثم الإفتاء بمشروعية المنع من الدعاء على اليهود والنصارى في المساجد دون إدراك خطورة تدخل الاستعمار إلى هذا الحد في مساجد المسلمين وعباداتهم وتوجيه ثقافة المجتمع من خلال المساجد نحو ما يخدم وجوده ويزيل الحاجز النفسي الرافض له ثم تبرير تطوير المناهج التعليمية لحذف كل ما يعزز روح المقاومة للوجود الأجنبي ثم صدور الفتاوى في تجريم كل من يتعرض لهذا الوجود واتهامه بالإرهاب بينما لا يصدر في المقابل ما يدعو إلى إخراجه ولو بالطرق السلمية ولا ما يندد بجرائمه ضد المسلمين في كل مكان ثم في صدور الفتاوى التي تبرر مشروعية ضرب أفغانستان ثم الإفتاء بمشروعية إعانته على ضرب العراق وهكذا استطاع الاستعمار توظيف الإسلام ذاته في إضفاء الشرعية على وجوده وممارساته وتجريم مقاومته؟!

5 ) ضعف الحس القومي والوطني لدى شعوب المنطقة وهو ما أدى إلى قبول الوجود الأجنبي لضعف الروح القومية التي ترفض بطبيعتها أي وجود أجنبي على أرضها وكذا ضعف الحس الوطني الذي يربط الأفراد بأرض الوطن حيث لا يستشعر الخليجيون بارتباطهم بأوطانهم بسبب الثقافة القبلية الصحراوية من جهة وبسبب شعورهم باكتساب جنسياتهم وأن حصولهم عليها ونزعها من حق الحكومات التي لم يكن له وجود ولا حدود سياسية إلا في ظل الاستعمار البريطاني بينما وجود الشعوب على هذه الأرض يمتد إلى آلاف السنين وكلها تعود إلى أصل واحد فأصبحت بعد قيام الدول الحديثة لا تشعر بالمواطنة لها إذ لا تمثل هذه الدول قوميات محددة ولا تعبر عن هوية حقيقية لهذه القبائل التي توجد على هذه الجزيرة منذ آلاف السنين ولا يفصل بينها عوامل جغرافية تبرر الفصل بين هذا الشعب الواحد في أصله ولغته وتاريخه ودينه وثقافته وأرضه وقد أدى ذلك إلى تعامل حكومات هذه الدول الحديثة مع هذه الشعوب على أساس التبعية والرعية لا على أساس المواطنة التي يترتب عليها حق المشاركة في اختيار السلطة نفسها وحق نقدها ومحاسبتها وصارت الحكومات الأصل والشعوب هي الفرع ؟!ولم تستطع هذه الكيانات المصطنعة إيجاد هوية وطنية ومع ضعف الحس القومي والوطني لشعوب المنطقة لم يستطع الحس الديني أن يحول دون قبول الوجود الأجنبي بسبب إمكانية تأويل الدين وتوظيفه وهو ما لا يمكن مع الشعور القومي والوطني .

6) انعدام التاريخ الجهادي لشعوب المنطقة في العصر الحديث وعدم وجود القيادات التاريخية المعاصرة التي تلهم الأجيال الجديدة وتلهب حماسها وتكون نبراسا لها على طريق الحرية وعدم قيام حركات تحرر ضد الاستعمار البريطاني وهو ما يجعل ذاكرة المجتمع الخليجي خلوا من ثقافة المقاومة والرفض للاستعمار التي يمكن استثمارها لصالح حركة تحرر ضد الاستعمار الجديد. ففي الوقت الذي تحفظ فيه ذاكرة الشعب الجزائري والمصري والليبي والسوري مئات الرموز التي تصدت للاستعمار كعمر المختار و عبد القادر الجزائري وعبد الكريم الخطابي والعظم وعبد القادر الحسيني...الخ وعشرات المواقف البطولية والحروب الجهادية ضد الاستعمار تخلو ذاكرة شعوب الخليج والجزيرة العربية من كل ذلك ؟!

7) غياب الوعي السياسي وعدم معرفة المنطقة بالأحزاب السياسية والعمل الحزبي المنظم ورفض ثقافة المجتمع لها باسم الدين أيضا مع أنه لا يمكن أن تقوم حركة تحرر ضد الاستعمار ولو بالضغط السياسي السلمي إلا بأحزاب سياسية تجعل هدفها إخراج الاستعمار والعمل على استقلالها عن الوجود الأجنبي ولو عن طريق المقاومة السلمية.

8) تشرذم المنطقة وشعبها الواحد إلى سبع دويلات في الجزيرة العربية التي هي مهد العروبة ومهبط الإسلام وقد استطاع الاستعمار ترسيخ هذا الواقع ليسهل عليه السيطرة على المنطقة كلها وفق سياسة فرق تسد وزاد الوضع تعقيدا تقبل الشعوب هذا الواقع وتأقلمها معه مع عدم شرعيته ومع خطورته فلم يعد لشعوب المنطقة التي تمثل شعبا واحدا وأرضا واحدة منذ آلاف السنين أي قدرة على تغيير واقعها إلى الأفضل مع أن تعدادها بلغ أربعين مليون نسمة وتحولت الجزيرة كلها إلى قاعدة عسكرية تنطلق منها الحملات الصليبية على العالم العربي والإسلامي دون أن يكون لشعوبها أي ردة فعل ؟! فهذه الأسباب الثمانية ( الاستبداد السياسي ، قابلية الشعوب للخضوع للاستبداد والاستعمار ، عدم إدراك الواقع ، قدرة الاستعمار على توظيف الدين ورجاله في خدمته ، ضعف الحس القومي والوطني ، خلو ذاكرة المجتمع من ثقافة المقاومة وحركات التحرر وفقد القيادات التاريخية ، غياب الوعي والعمل السياسي المشترك ، تشرذم دول المنطقة وشعوبها ) كلها أدت إلى سقوط المنطقة مرة ثانية تحت سيطرة الاستعمار بشكل مباشرة بعد أن استطاعت أن تتخلص منه إلى حد كبير منذ السبعينات تأثرا منها بالأوضاع الخارجية كالمد القومي الذي اجتاح العالم العربي وحركة تحرر الشعوب واستقلال الدول بعد الحرب العالمية الثانية .

إن الاستعمار في حد ذاته ليس أشد خطرا على المنطقة من قابلية الشعوب نفسها للاستعمار وفقدانها الثقة بنفسها وقدراتها على تغيير واقعها وإن أول خطوات على طريق الحرية والاستقلال هي :

1) الإيمان الراسخ بخطورة هذا الوضع وبضرورة تغيير هذا الواقع وبإمكانية تحقق التغيير وبقدرتنا على تحقيق هذا الهدف فإذا فقد هذا الإيمان ــ القائم على الثقة بالله ثم الثقة بالنفس وعلى الأمل والطموح وعلى تجارب الأمة التي سبق لها أن واجهت مثل هذا الواقع وانتصرت ــ فلا سبيل إلى الخلاص من الاستعمار .

2) قيام مؤتمر منظم يضم قيادات علمية وسياسية وثقافية من جميع دول الخليج والجزيرة تعمل من أجل تحقيق هذا الهدف وفق خطة عمل ويتضمن البيان التأسيسي أهداف المؤتمر بكل وضوح .

3) أن تكون الأهداف هي ( الوحدة ـ الحرية ـ الاستقلال ) فالوحدة بين دول الجزيرة العربية مع كونها واجبا شرعيا فإنها الطريق إلى القوة ومن ثم الاستقلال عن النفوذ الأجنبي الذي استطاع بتقسيم المنطقة أن يتحكم بها كما فعل مع دويلات الطوائف في الأندلس وإذا كانت دول العالم على اختلاف أديانها وقومياتها تتجه نحو الاتحاد في عالم لا مكان فيه للضعفاء والدول الصغيرة فكيف لا تتجه شعوب ودول الجزيرة العربية بما فيها اليمن إلى الوحدة مع توافر جميع الدواعي خاصة وأن للجزيرة العربية التي هي مهد العروبة ومهبط الإسلام من الأحكام الشرعية والظروف الاجتماعية الخاصة بها ما يجعل من الوحدة أمرا حتميا ولعل في وجود مجلس التعاون ما يسهل تحقيق هذا الهدف إذا استطاع المؤتمر تحريك الشعوب للضغط على حكوماتها وتحويل هذا الهدف إلى مشروع تتبناه شعوب المنطقة وقواها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي باتت تدرك أهمية الوحدة للحفاظ على كيانها ومصالحها. كما أن الحرية السياسية التي تنافي الاستبداد السياسي مع كونها حقا شرعيا للأمة ــ كحقها في اختيار السلطة كما في قوله تعالى ( وأمرهم شورى بينهم) وقد جعل عمر رأس الأمر الإمارة فقال ( الإمارة شورى بين المسلمين) وحق الأمة في المشاركة في الرأي وإبدائه كما في الحديث الصحيح ( وأن نقول أو نقوم بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ) وحديث ( إن لصاحب الحق مقالا ) ــ فهي كذلك السبيل لقطع الطريق على التدخل الأجنبي في شؤون المنطقة والذي يجد مع الاستبداد والقرار الفردي من القدرة على تنفيذ مخططاته ما لا يجده مع القرار الشوري الجماعي الذي تقف الأمة معه كما أن الحرية السياسية هي السبيل إلى عودة الأمة إلى التحاكم إلى شريعتها بالطرق السلمية إذ نجح الاستعمار في إقصاء الشريعة في أكثر دول العالم الإسلامي في ظل الاستبداد السياسي وبعيدا عن رقابة الأمة ورأيها.وكما أن الاستقلال عن النفوذ والاستعمار الصليبي نتيجة حتمية للوحدة والحرية ــ مع كونه واجبا شرعيا بل أصلا من أصول الإسلام ــ فإنه الضمانة الوحيدة لحماية الوحدة وصيانة الحرية والحفاظ على الشريعة من التدخل الأجنبي الذي يعمل على تقسيم الأمة وتشرذمها والحيلولة دون رجوعها إلى شريعتها ويسعى للسيطرة على ثرواتها والتحكم في مصالحها.

3) أن يكون للمؤتمر بالإضافة إلى أمانته العامة وهيكله التنظيمي:

أ) لجنته الشرعية التي تحمل على عاتقها وضع الدراسات الشرعية التأصيلية لهذا المشروع وإصدار الفتوى في النوازل التي لها ارتباط به بعيدا عن الفتاوى الرسمية .

ب) لجنته السياسية التي تعمل على رصد الساحة السياسية الإقليمية والدولية ووضع الدراسات والخطط لتنفيذ هذا المشروع .

ج) لجنته الإعلامية التي تعمل على تسويق هذا المشروع وتبشر به وترصد ردود الأفعال ومدى تجاوب الشعوب معه من أجل تشكيل رأي عام يؤمن بضرورة هذا المشروع .

د) لجنته المالية التي تعمل على توفير الموارد المالية من أجل قيام المؤتمر بأعماله ونجاح مهمته التي تتطلب مصروفات كبيرة .

إن هذا المشروع الإصلاحي الذي سيعيد لشعوب المنطقة دورها في إحداث التغيير ــ بعد أن فشلت الحكومات في الحفاظ على استقلال المنطقة وحمايتها وبعد أن ألقت بمسؤليتها على القوى الاستعمارية الصليبية لتقوم بحمايتها على حساب سيادتها واستقلالها وعلى حساب مصالح شعوبها ودينها الذي يتعرض إلى غزو ثقافي صليبي تقوم به الدول التي أوكل إليها حماية المنطقة وشعوبها ــ يحتاج إلى تضافر جهود العلماء والمفكرين والسياسيين والمثقفين والوجهاء وإلى عمل دؤوب قد يدوم عشرين سنة أو يزيد غير أنه هو الطريق الوحيد للإصلاح الذي سيحقق للدول وحدتها وقوتها وللشعوب حريتها وسعادتها ويحفظ عليها ثقافتها وثروتها. إن منطقة الخليج والجزيرة العربية بما تتميز به من موقع استراتيجي وما تمتلكه من ثروات واحتياطي نفطي هو الأكبر في العالم ومن مساحة جغرافية كبيرة تبلغ ثلاثة ملايين ونصف كيلو متر مربع وعدد سكان يبلغ الأربعين مليون نسمة وسيتضاعف إلى ثمانين مليون نسمة بعد عشرين سنة ووحدة عرقية ودينية وثقافية نادرة الحدوث حيث لا توجد أثنية عرقية أو دينية أو ثقافية إذ عامة سكانها عرب مسلمون وما تمثله من مركز روحي لجميع المسلمين لوجود الحرمين الشريفين كل ذلك يجعلها مهيأة لدور قيادي وريادي مستقبلا إذا نجحت شعوبها في تجاوز هذه السلبية التي تعيشها منذ عقود خارج دائرة التأثير في مجريات أمورها مما أفضى إلى عودة الاستعمار من جديد لتتحول الجزيرة العربية التي هي مهبط الرسالة الإسلامية إلى قاعدة عسكرية لغزو العالم العربي والإسلامي في الحملة الصليبية الجديدة في غفلة من الشعوب وقياداتها الدينية والاجتماعية والسياسية .
د. حاكم المطيري