حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
رحلة في الحافلة - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: قضايا اجتماعيــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=60) +--- الموضوع: رحلة في الحافلة (/showthread.php?tid=23505) |
رحلة في الحافلة - كمبيوترجي - 10-21-2005 لطالما اعتقدت في داخلي أن الإنسان يرى العالم من حوله من خلال نظرته الخاصة لنفسه، فهو يفسر كل ما يجري من حوله بالرجوع إلى تجارب في الماضي أو الحاضر أو من خلال التوقعات و التأملات الخاصة. و الأجمل من ذلك ما أجده عند معظم الناس من حولي في مدينتي التي أعيش فيها، هي مدينة الزرقاء الأردنية، و هي مركز تجاري هام في الأردن و بالذات لذوي الدخل المتوسط و المحدود، و ما يزيد التجانس بين مكونات مجتمعها هو أن أصحاب الأعمال فيها هم في جلهم من ذوي الدخل المتوسط، يعني باختصار "الحال من بعضه".... كنت قبل أيام في طريقي من منزلي إلى عمان العاصمة متوجها لزيارة صديق لي، و أنا من عادتي أحاول التقليل من استخدام وسائل المواصلات و تحديدا سيارات الأجرة أو ما يسمى "التكسي" للوصول إلى وجهتي، و ذلك من باب التوفير أولا و من باب حبي لرؤية ما حولي بتمعن أكثر ... و أثناء تجوالي و تنزهي في الطريق إلى مجمع المواصلات أمر دائما بمشاهد لحياة مجتمعي اليومية، ثم و بعد ركوبي الحافلة متوجها إلى عمان أكون طول الوقت أشاهد و أطالع المشاهد التي تتراءى من خلال النافذة المحدودة التي أجلس بجانبها، و أحاول دائما أن أتوقع أحلام الناس و طموحاتهم من خلال التأمل في الأبنية و المحال المترامية على طول الطريق بين المدينتين ... و هذا هو الحال أيضا كلما ركبت المواصلات و أينما توجهت فيها... أحببت هنا أن أطلعكم على ما يدور في خلدي في مثل هذه الرحلات، و أن أريكم مدينتي كما أراها، ثم أنطلق بكم شيئا فشيئا إلى كل مكان وصلته راكبا حافلة أو سيارة أجرة أو حتى راجلا. أول ما يطالعني في طريق خروجي من المنزل و "الحارة" التي أقطنها هو محل "أبو أسامة لمواد البناء"، بصراحة لا أدري إن كان فعلا هذا هو الاسم بالرغم من وجوده أمامي طوال حياتي، إلا أن اسم صاحب المحل طغى على الاسم الأصلي شيئا فشيئا. هو محل بسيط متواضع تجد فيه الكثير الكثير مما قد يحتاجه أي شخص لتجهيز منزل متواضع من مستلزمات مواد البناء و أدوات الصرف الصحي، صاحبه رجل كبير السن، عنده من الأبناء ثلاثة، هم أسامة و محمد و سامح يتناوبون معه على إدارة المحل و تصريف أموره ... لعل العم أبا أسامة أراد في مرحلة من المراحل توسيع المحل و تكبيره ليشمل مخيطة "أبو مغلي" التي بجانبه، لكنه آثر الجيرة و الصحبة الطويلة على ذلك فاشترى سيارة تحميل صغيرة ساعدته على تصريف أموره و توسيع أعماله أكثر مما قد يكون فيه مصلحة أفضل من مجرد فتح باب جديد لمحل.... ثاني المحال التي لها منزلة في قلبي هو محل "بقالة أبو شنب" و الذي اعتدنا على تسميته محل "أبو علي" نسبة لصاحبه الرجل الفاضل، لا أظن أنه فكر يوما في تطوير تجارته المتواضع و أظن السبب هو اكتفائه بما يجده من رزق يكفيه هو زوجته و ابنهما الذي يساعده في المحل، لكن أجمل ما يحبه الناس فيه هو الطريقة التي يحدثك فيها عن المكسرات التي يبيعها، فما إن يبدأ بوصفها حتى "تشط ريالتك" على قولتنا!!!! ثم تجد نفسك و قد ملأت الأكياس بشتى صنوف المكسرات، و أكثر ما يشتهر به هو الفستق المحمص أو "فستق عبيد" فهو دائما طازج و سخن و يكاد يكون أفضل فستق عبيد في الأردن قاطبة. عند التقاطع أتجه يمينا حيث تقع وجهتي "مجمع الباصات" الذي لا يزال بيني و بينه حوالي الكيلو مترين، في الطريق هناك "مخيطة مفيد" التي طبعا ليست بهذا الاسم لكنها أيضا اشتهرت نسبة لابن صاحبها، الشاب مفيد و أخوه محمد الذي يناديه الناس "أبو صالح"، لا تتخيلوا مدى جمال هذه المخيطة الصغيرة جدا و المتواضعة جدا، و مدى طرافة الشابين الذين يعملان فيها ليل نهار، و أجمل الأوقات هي الأوقات التي تسبق الأعياد، فهناك يتجمع الشباب العاملون في مختلف محال الألبسة يعدلون هذا القميص و يقصرون أكمام هذا المعطف و هكذا، و مع جلسة حوارية رائعة و تنكيت لا ينتهي تطيب الجلسة مع هؤلاء الطيبين، هذا يصف الزبونة التي جاءت لتشتري بنطالا و بعد ساعة إلا ربع من المفاصلة تخرج ب"جوز جرابات" فقط!!!! و ذاك يتحدث عن الطفل الصغير الذي وجده تائها فأخذه و بدأ يدور في الشوارع باحثا عن أمه التي وجدها قابعة في زاوية تبكي صغيرها!!!! بعد السلام و الكلام مع مفيد، أكون قد وصلت إلى نقطة المواصلات الأولى في طريقي إلى المجمع، ألا و هي محطة باصات "أبو الشلن"!!! نسبة للأجرة الزهيدة (شلن = خمسة قروش) ... و ينطلق الباص يخترق مركز مخيم اللاجئين، و هناك تجد أروع و أبهج المناظر الشعبية و ربما أكثرها حزنا للبعض، تجد البائعين على البسطات، هذا يبيع الصحن بعشر قروش أو "بريزة" و ذاك يبيع كيس الحلو بنصف دينار و هكذا، ثم تمر بالقهوة القديمة على ناصية الطريق فتجد "الكبارية" جالسين يدخنون التمباك و يلعبون طاولة زهر!!! منظر خلاب صراحة لما فيه من بساطة و حميمية تكاد تختفي من غيرها من المدن... المهم و بعد رحلة جهيدة يصل الباص إلى مجمع عمان (كما نصفه) و قد كاد يطفح بالركاب الذين انتشلهم على طول الطريق القصيرة إلى هناك، فيقول ال"كنترول": "حمد لله على السلامة جميعا، تفضلوا!!" .... فننزل كلنا و يتشتت شملنا متجهين كل إلى وجهته التي يريد.... أول ما يلفت النظر هناك هي بسطات الدخان، و التي يديرها و يمتلكها إخوة عراقيون في معظم الحالات، أحزن لرؤياهم لأنني في ذلك الوقت أحس بأن الشقاء يلاحقهم على طول الخط، فهم جاؤوا بادئ الأمر هروبا من صدام، و الآن هم باقون هروبا من الإرهاب و القتل الذي يفتك بإخوانهم و أخواتهم في الوطن... أركب الباص الموسوم ب"الزرقاء-الأتستراد-الجامعة الأردنية" منتظرا امتلاءه بالركاب. أنظر من النافذة فيطالعني منظر "مطعم جبارة" و هو مطعم مشهور بالزرقاء لنظافته و جودة الحمص و الفول عنده، فأحلم قائلا في نفسي، لا بد و أنه يحلم الآن بالتوسع نحو عمان حتى يستطيع بيع ساندويتش الفلافل بنصف دينار بدل عشرة قروش هنا في الزرقاء!!! بعد حين ينطلق الباص متجها نحو عمان العاصمة ... أول ما يلفت انتباهي هو محل "العامودي" للمفروشات و الذي يعمل فيه صديقي مصطفى، و الذي تخرج قبل سنة بدرجة البكالوريوس في إدارة الأعمال و لكنه فضل العمل في "الكار" الذي أحبه، و فعلا استطاع النجاح و أصبح مديرا للمحل و الآن يخطط للبدء بمشروعه و محله الخاص.... ثم ينطلق الباص و لا جديد حتى آتيكم المرة القادمة... تحياتي الوردية (f) رحلة في الحافلة - Nils - 10-23-2005 كمبيوترجي بانتظار رحلتك القادمة :97: رحلة في الحافلة - كمبيوترجي - 10-24-2005 العزيز نيلز شكرا للمتابعة و لك أكمل بعضا من الرحلة هنا ... لكن تفضل هذه الهدية مني أولا :97: إستدراك نسيت في معرض حديثي ع الطريق المؤدية إلى "باصات أبو الشلن" ذكر محل الملبوسات النسائية المسمى Impression ... إسم معبر صراحة، و الأكثر تعبيرا هو صاحب هذا المحل "أمجد" صديقي العزيز و من أعتبره أخي الأكبر ... أمجد يحمل شهادة الدبلوم في الأدب الإنجليزي، لكن الحظ لم يحالفه بإكمال دراسته أو العمل في مجاله، فاتجه للعمل كبائع للملابس ... كلما نظرت في عيني أمجد أجد الرضى الممزوج بالحزن العميق على الشباب الذي يكاد أن يضيع بين حيطان ذلك المحل اصغير، و كلما قلبت التنانير و البناطيل أجد قطعا من ذكريات ذلك الشاب مرمية هنا و هناك تحكي عن آمال و أحلام صعبة المنال ... لكن تجده يأخذ الموضوع بكل روح رياضية كاتما ما في داخله من اختلاجات. أعود الآن للحافلة المتوجهة للعاصمة عمان بعد مرورنا بمحلات العامودي للمفروشات ... بعد أن نقطع بعض المسافة دون رؤية الكثير مما يلفت الانتباه تمر الحافلة بنا تحت جسر "الكلية العسكرية" التي لا تمت للمكان بصلة فهي بعيدة كل البعد عن هذا الجسر، لكن سبب التسمية هو أن الجسر يؤدي إليها ... عموما ليس هذا هو الملفت في الجسر، الملفت للنظر هو المساحات الصغيرة جدا من الأرض الجرداء حول هذا الجسر، حيث تجدها ممتلئة بالناس البسطاء جدا ممن لا يجدون من فراغ اليوم و الليلة سوى سويعات قليلة جدا يقضونها مع أحبابهم على قارعة الطريق السريع يأكلون الذرة المسلوقة و ال"بليلة" بكل استمتاع و أريحية... بعد المرور بهذا المنظر الرائع صراحة تصل الحافلة إلى ما يسمى ب"المنطقة الصناعية" و هي على مدخل مدينة الزرقاء من ناحية عمان، أتذكر منها محل "النديم لتصليح السيارات" الذي كان يمتلكه والد صديقي لعزيز "نديم" و المحل مسمى نسبة له ... كان حلمهم أن يؤسسوا أكثر محال تصليح السيارات تطورا في الزرقاء فاستوردوا أحدث التكنولوجيات ... لكن انتهى به الأمر مثقلا بالديون فباع المحل و عاد إلى وطنه "حلب" في سوريا.... بعد مناظرة أطلال ذكرى نديم تتجه الحافلة خارجة من الزرقاء مرورا بلافتى "الزرقاء تستودعكم السلامة" المهترئة... المرة القادمة أكمل مع الطريق إلى عمان إن شاء الله (f) |