حدثت التحذيرات التالية: | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Warning [2] Undefined variable $newpmmsg - Line: 24 - File: global.php(958) : eval()'d code PHP 8.1.2-1ubuntu2.19 (Linux)
|
المجتمع الاسرائيلي ... اكثر اصولية، اقل اخلاقية ... - نسخة قابلة للطباعة +- نادي الفكر العربي (http://www.nadyelfikr.com) +-- المنتدى: الســــــــاحات العامـــــــة (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=3) +--- المنتدى: فكـــر حــــر (http://www.nadyelfikr.com/forumdisplay.php?fid=57) +--- الموضوع: المجتمع الاسرائيلي ... اكثر اصولية، اقل اخلاقية ... (/showthread.php?tid=23580) |
المجتمع الاسرائيلي ... اكثر اصولية، اقل اخلاقية ... - عاشـور الناجي - 10-17-2005 عشية يوم الغفران تحدثت صحيفة (هآرتس) عن ازدياد بنسبة 50 في المئة في عدد السجناء التائبين. لا يتعلق الامر بندم المجرمين والعودة الي الصراط المستقيم وانما عملية تحوّل نحو الاصولية. قاموس ابن شوشان يُعرف عبارة التوبة : عاد الي الأفضل وندم علي أعماله . ولكن طبعة ابن شوشان تلك التي يُستند اليها في التفاسير لم تعد حديثة الآن. عندما يتحدثون في اسرائيل عن العام القادم باعتباره عام التوبة، فانهم يتحدثون فقط عن الانعطاف نحو الدين. كل من سنحت له الفرصة بالتواجد في المحاكم الاسرائيلية يعرف هذه الظاهرة: عدد معتمري القبعات المطرزة بين المجرمين آخذ في الازدياد. المغتصبون والقتلة واللصوص ـ من عامي بوبر وحتي الأخوة فرنيان ـ يسارعون الي تربية ذقونهم وتقبيل الوصايا العشر عند دخولهم من أي باب. في العقد الأخير تحدث يوفال أزولاي من (هآرتس) عن تعزيز قوة القاتل عامي بوبر: ليس واضحا اذا كان تعزيز قوته هذا يتضمن ايضا الندم عن عمله الخسيس عندما قتل العمال السبعة الأبرياء. هو دخل الي السجن كشخص علماني، إلا أنه يقضي عقوبته في الجناح الثامن، وهو جناح الملتزمين بالدين في سجن معسياهو. المنضمون الي هذا الجناح مطالبون بثماني قواعد سلوكية متشددة: الاستيقاظ علي صلاة الفجر، والحفاظ علي حرمة السبت، والتنازل عن التلفاز والصحف، ودراسة التوراة. ولكن الندم والتوبة الحقيقية ليسا موجودين بين هذه الشروط. طابور المنتظرين للدخول الي الجناح الثامن وأشباهه طويل. ثلاثون مدرسة دينية ظهرت خلف القضبان وفيها الآن 550 تلميذا، في مصلحة السجون يتحدثون عن تسارع دراماتيكي في التحول نحو الاصولية وعن الحاجة الي فتح جناح ديني اضافي. صحيح أن التوبة في صورتها الدينية تُستخدم في بعض الاحيان كسبب لتخفيف العقوبة أو اطلاق السراح المبكر ـ ولكن ذلك لا يوضح حجم الظاهرة واتساعها. التحول نحو الاصولية يُحول سجناء كثيرين دفعة واحدة الي اشخاص ذوي أخلاق وقيم في نظر أنفسهم ونظر المجتمع. ليس هناك أي شيء سييء في التوجه نحو الدين، ولكن هل تضمن هذه الظاهرة مستوي اخلاقيا أعلي؟ صحيح أن معطيات مصلحة السجون تتحدث عن أن نسبة العائدين الي السجن من أوساط السجناء المتدينين منخفضة (8.5 في المئة)، ولكن هذه المعطيات لا تتطرق بعد الي موجة التوبة الأخيرة. الزمن سيعلمنا اذا كان تقبيل الوصايا العشر علي الأبواب والتنازل عن التدخين يوم السبت سيؤديان بدورها الي حدوث تغير أخلاقي في الموجة الحالية ايضا. في مصلحة السجون يُفسرون هذه التوبة الجماعية في اوساط السجناء بأسباب منها أن السجناء يُعبرون عن مجريات تعزيز قوة المجتمع بصورة عامة. وبالفعل عشية يوم الغفران نُشرت معطيات مثيرة للفضول ايضا: استطلاع أبحاث الموجة الجديدة الذي نُشر في يديعوت احرونوت يظهر ان 70 في المئة من اليهود في اسرائيل يصومون في يوم الغفران. ولكن من الواجب ان نضيف الي هذه النسبة المثيرة معطيات اخري هامة: نسبة الصائمين ترتفع كلما انخفض عمر المستطلعين. 77 في المئة من أبناء الفئة العمرية 18 ـ 24 يصومون، هذا مقابل 49 في المئة فقط من أبناء 65 فما فوق. اسرائيل العلمانية تتحول ليوم واحد في السنة علي الأقل الي دولة شريعة يهودية. الي جانب الظواهر العلمانية والليبرالية الكثيرة مثل فتح المحلات التجارية الجارف في أيام السبت وانتهاء بالموقف الحضاري نسبيا من الشذوذ الجنسي، تجري في اسرائيل عملية معاكسة ايضا حيث يتم التوجه نحو الدين وتعزيز الصلة بين الدين والدولة. الحاخامات يتحولون الي قادة روحانيين مركزيين في المجتمع. التمتمة التي تصدر عن أي حاخام تعتبر في وسائل الاعلام أكثر أهمية من تصريحات أي مفكر علماني. وذلك المجتمع الذي أصبح أكثر صوما في السنـــــوات الأخيرة هو نفس المجتمع الذي يصبح أكثر عنفا من يوم الي آخر. في اوساط اولئك الشبان الذين يصوم عدد كبير منهم توجد ظواهر متزايدة لاستخدام السكاكين والاغتصاب واطلاق النار بلا تمييز والتنكيل بالفلسطينيين والعربدة في الشوارع والاساءة للضعفاء. كل عام يحمل لنا بشائر ارتفاع مستوي العنف. مع تزايد عدد القبعات المطرزة علي الرؤوس في يوم الغفران تصبح العلاقة مع المكان هنا أفضل وأحسن، إلا أن العلاقة بين الانسان وأخيه الانسان تتردي. القبعة ليست ضمانة لاخلاق أكثر. يكفينا في ذلك ان ننظر الي الوسط الأقل أخلاقية في المجتمع الاسرائيلي، ألا وهم المستوطنون الذين يرتدون مع قيادتهم واوساطهم المتطرفة القبعات المطرزة. ليس هناك جمهور آخر في المجتمع الاسرائيلي يقوم بدوس الحق والعدل بأقدامه أكثر منهم. ايضا حقيقة أن قادة الجمهور الديني لا يتحدثون بالمرة عن المسائل غير الدينية أو القومية ـ المساواة وحقوق الانسان لا يعتبران عندهم قيمة، واغلبيتهم تحديدا يُحرضون من اجل تجاوزها وخرقها ـ تثير أفكارا صعبة. منذ مدة بعيدة لم يقف هنا حاخام ليتحدث عن الاخلاق. المجتمع الاصولي يدوس حقوق النساء والمستوطنون يدوسون حقوق الفلسطينيين، وعند اولئك وهؤلاء تتفشي ظاهرة العنف. في اوساط الأوصياء علي صولجان الاخلاق الحقيقيين في المجتمع من نشطاء حقوق الانسان نجد وجودا دينيا شحيحا جدا. كان من الممكن أن يكون الامر بصورة مغايرة، وقد كان في السابق مغايرا كما نعلم. توم سيغف يتحدث في كتابه 1967 عن أن قادة الجمهور الديني ـ القومي كانوا الأكثر اعتدالا، وعليه كانوا الأكثر اخلاقية في وزراء الحكومة التي شنت حرب حزيران (يونيو). التدين اليوم هو اسم مرادف تقريبا للتطرف القومي، هذا اذا لم نقل العنصرية. المجتمع الذي يصوم في اليوم الذي يتوجب فيه التكفير عن الخطايا التي تُرتكب بين الانسان وأخيه الانسان لا يُبشر لشدة الأسف بقيام مجتمع اخلاقي أو أكثر عدلا حتي اذا قاموا في سجن معسياهو ببناء جناح آخر أو مظلة كبيرة في هذا الاسبوع. جدعون ليفي مراسل مختص في حقوق الانسان (هآرتس) 16/10/2005 |